Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
فتش عن المرأة ..مصطلح جنائي تستخدمه جهات التحقيق في أي مكان في العالم من أجل الوصول للحقيقة ،فكثير
هي الجرائم التي اقترنت وقائعها بامرأة ،لكن هل يصدق أحد أن أكبر جريمة في التاريخ صنعت فصولها امرأة؟ ،هل
خطر ببال أحد أن جريمة اغتصاب فلسطين تمت على يد امرأة؟،
للسف هذه هي الحقيقة المرة والمخزية التي واراها المؤرخون وتجاهلتها المة ،فظل فتكها مستمر إلى يومنا هذا
وستظل قائمة طالما أن المرأة هي أهم السلحة الفتاكة التي يستخدمها الصهاينة ببراعة في حربهم الدائمة ضد
المسلمين.
نتوجه في هذه الحلقة للقاهرة ،إحدى أهم المحطات الرئيسية في قضية سقوط فلسطين ،حيث تحفظ متاحفها أدلة
تكشف عن أسباب هزيمة ،48النبش في التاريخ هنا ليس صعبا ،خاصة إذا تعلق المر بفترة الملكية وما قبل الثورة،
فقد حظيت فترة حكم الملك فاروق الذي عاصر النكبة بتركيز من قبل الباحثين والكتاب ،لما اتسمت به تلك المرحلة
من فساد شمل كافة جوانب الحياة وضرب البلد طولها وعرضها ،وامتد الفساد ليكون سببا مباشرا في هزيمة العرب
في حرب 48ومن ثم سقوط فلسطين ،فمصر تحديدا كانت قائدة الجيوش وصاحبة أكبر جيش نظامي في تلك الحرب،
إضافة إلى كونها أكبر كيان عربي آنذاك ،فترى كيف كانت سيرة الملك الذي شاءت القدار أن يوضع مصير المة
بين يديه؟ .
أجمع المؤرخون المصريون في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر على حقيقة واحدة وهي فساد الملك "فاروق"
وتعدد علقاته غير الشرعية ،فقد كان مولعا بالنساء ،ومن هنا خططت الوكالة الصهيونية لختراق القصر الملكي
المصري ،والسيطرة على ملك أكبر وأقوى دولة عربية قادرة على الوقوف في وجه المخطط الصهيوني في فلسطين،
لم تكن المهمة صعبة ،فنجحت الراقصة اليهودية "ليليان ليفي كوهين" الشهيرة بـ"كاميليا" بإيقاع الملك ،لكن هذه الفتاة
لم تكن مجرد عميلة صهيونية بل إحدى أهم الركائز التي قام عليها الكيان الصهيوني ،وكانت صاحبة الفضل الول في
قيام هذا الكيان باعتراف مؤسسي "إسرائيل" وفي مقدمتهم "ديفيد بن غوريون" الذي قال" :ليليان ليفي كوهين أعظم
امرأة في تاريخ الشعب السرائيلي" ،اعترافا من مؤسس الكيان بدور العاهرات الفاعل وفي مقدمتهم تلك الراقصة في
نشأة "إسرائيل" ،ونتوقف هنا عند حقيقة هذه المرأة.
إنها إحدى نجمات السينما المصرية ،اشتهرت باسم "كامليا" ،واسمها الحقيقي "ليليان ليفي كوهين" ،ولدت
بالسكندرية لم إيطالية وأب فرنسي ،كانت فائقة الجمال ،فقدمها المخرج المصري أحمد سالم للسينما ،1946ولقنها
اللغة العربية وقربها من نخاس الملك "أنطون بوللي" الذي قدمها بدوره لسيده عام 1947ليقع في غرامها ولتظل
المحظية الولى مدة ثلث سنوات ،حتى اقتربت من لقب ملكة مصر ،وعندها هلل رئيس الوكالة اليهودية آنذاك
"جيمس زارب" قائل مثلما ورد في مذكرات بن غوريون" :تحقق الحلم ..ستعود مملكة داوود ..ستعود إسرائيل"،
وكانت ليليان قبل التمثيل تعمل بالدعارة في إحدى ملهي السكندرية ،وفي تلك الفترة تحديدا تم تجنيدها لصالح
الوكالة اليهودية ،واستمرت في نقل الخبار لقادة الوكالة في فلسطين عبر العملء اليهود في مصر ،خاصة أن زبائنها
كانوا من الشخصيات المرموقة سياسيا واقتصاديا في المجتمع المصري ،ونظرا لنشاطها المتميز في مجال التجسس
وجمع المعلومات ،بدأ التخطيط للدفع بها لقصر عابدين ،كان أقصى طموح لدى الوكالة الصهيونية أن تكون قريبة من
دوائر صنع القرار في مصر ،لكن القدر شاء أن تصل لفراش الملك لتكون على دراية بأدق أسرار الدولة .يقول بن
غوريون" :تمكنت ليليان من إمداد تل أبيب بمعلومات هامة عن تعداد الجيش المصري وعتاده وميعاد تحركه صوب
فلسطين ،وكذلك كل كبيرة وصغيرة عن الجيوش العربية التي تأهبت للعدوان على إسرائيل" ،اعتراف خطير كهذا
وغيره من الوثائق تكشف بوضوح مدى الختراق الصهيوني الذي تم في صفوف العرب في تلك الحرب المصيرية.
لكن الشبهات أخذت تحوم حول كاميليا أثناء المعركة ،مما دفعها للعلن أنها لم تقم أبدا بزيارة القدس ،ومن أجل
التمويه قادت حملة كبيرة لجمع التبرعات للجيوش العربية على جبهات القتال ،حتى تم العلن عن وقف إطلق
النار ،فيما عرف بالهدنة الولى ،والتي توقف فيها القتال لصالح العرب الذين كانوا متقدمين في المعارك وأحرزوا
انتصارات محسوبة.
نحن الن في قصر "المنتزه" أهم قصور الملك فاروق ،والمكان الذي شهد غراميات الملك مع الجاسوسة الصهيونية
بشهادة معظم المؤرخين المصريون ،كل شيء في هذا القصر ينم عن البذخ والبهة الذي يكشف عن حياة الملوك
سابقا وربما الن ،الحوائط مطلية بماء الذهب ،اللوحات النادرة والتحف الثمينة والثاث الفاخر والرضيات الرخامية
كلها شواهد تؤدي إلى غرفة نوم الملك العاشق ،هذه الغرفة ليست كأي غرفة ،لنها ـ وللسف ـ كانت مسرحا لكبر
مصيبة ألمت بالمة ،كنت في أوج الشغف للوصول إلى ذلك المكان ،كنت أريد أن ألمس الحقيقة عن قرب ،تلك
الحقيقة التي يظن الباحثون أنها قابعة في المؤلفات والرشيف وجدتها حية بين قطع الثاث التي تحويها تلك الغرفة،
هنا ل مكان للجماد ول للسكون ،الريكة والسرير والفراش ،حتى الجدران والرضيات أنطقتها هول الخطيئة التي
اقترفت عليها ،هنا لبى الحاكم نداء الغريزة فألقى بأمته إلى الجحيم ،هنا دارت رحى المعركة بين رايات الجهاد
وأسلحة المرأة ،فكانت الغلبة للخيرة ،فبقت الحكمة خالدة والعظة ماثلة لكل الجيال .الكاتب المريكي "وليم ستادين"
زار هذه الغرفة عام ،1991فكتب قائل" :في هذا المكان ركع آخر ملوك مصر على وقع رقصة كاميليا وفي عنقها
نجمة داوود فكانت أشهر رقصة في تاريخ الشرق الوسط" ،الكاتب الذي تفنن على طريقته في الشادة بتلك
الجاسوسة ،و"النجازات" التي حققتها للكيان الصهيوني أسهب في تخيل تفاصيل الليلة الحمراء التي وقع فيها الملك
على عقد تسليم فلسطين .ويحكي الكاتب المصري "رشاد كامل" في كتابه "البحث عن السلم بالجنس اليهودي
الغامض في القاهرة" الصادر عام 1996عن تفاصيل العلقة الغرامية التي ربطت الملك بالراقصة الجاسوسة،
فيكشف عن الحصاد المر لتلك العلقة والذي ل يزال العرب يتجرعونه حتى اليوم.
يروي "رشاد كامل" قائل" :مع نهاية عام 1947جاءت كاميليا إلى الملك تشكو له خوفها من أن تعتقلها الشرطة
المصرية باعتبارها يهودية ،فقام فاروق بإعداد قصر "المنتزه" لخفائها فيه ،وكان يزورها سرا أثناء حرب فلسطين،
وبعد الهزيمة ثارت الدنيا عليه وصارحه رئيس وزرائه محمود فهمي النقراشي بأن الراقصة التي يأويها جاسوسة
وتنقل السرار للوكالة اليهودية ،فثار عليه فاروق ونهره" ،وإذا كان كثير من المؤرخين المصريين يتهمون كاميليا
بالجوسسة دون تقديم الدلة الكافية ،فان الكاتب المريكي "وليم ستادين" قدم كل الدلة التي تثبت تورط هذه المرأة
لصالح الوكالة اليهودية ،بل ودورها الخطير في هزيمة العرب عام ،48فيقول" :لم يكن بامكان إسرائيل الوليدة التي
كانت قواتها عبارة عن مجموعة عصابات أن تهزم جيوش ست أو سبع دول عربيه مجتمعة ومجهزة في تلك الحرب،
فقوام تلك الجيوش آنذاك اقترب من ربع مليون مقاتل ،في حين بلغ مجموع الجيوش العربية التي دخلت فلسطين في
15 ،14ماي 21 ،1948ألف مقاتل ،أي أقل من عشر تعداد تلك الجيوش ،فكانوا موزعين (مصر 10آلف مقاتل،
الردن 04آلف مقاتل ،سوريه والعراق 03آلف مقاتل ،لبنان ألف مقاتل) ،وعلى الجانب الخر كانت القوات
اليهودية ( 65ألف مقاتل و 20ألف مقاتل احتياطي) أضافه إلى قوات الرجون وقوات البولس اليهودي ومنظمة
شتيرن"،
ويضيف ستادين" :التساؤل هو :لماذا لم ترسل الدول العربية سوى هذا العدد الضئيل قياسا بامكانات جيوشها؟،
الجابة لها علقة بالدور الستخباري الكبير الذي لعبته استخبارات الوكالة اليهودية التي أصبحت النواة الولى
للموساد بعد قيام الدولة ،فقد كانت القاهرة المنسق العام والمشرف على تلك الحرب في جميع مراحلها ،وكان قرار
الحرب في يد الملك فاروق ،حتى الخطط القتالية وتحديد القوات ومهامها كانت كلها في يد الملك ،إلي كان بدوره في
يد كاميليا" ،ويضيف" :الغريب أن الملك كان يرتدي بذته العسكرية ويحضر الصحفيين لتصويره وهو يؤشر على
خرائط المعارك ،في حين أن تلك القرارات الخطيرة كانت تتم في غرفة نومه بمشاركة عشيقته المقربة كاميليا ،التي
تمكنت من إقناع الملك بتوجيه قوات تقل في قوامها عن ثلث القوات اليهودية في المرحلة الولى من الحرب".
ويضيف "ستادين"" :كاميليا نجحت في إقناع ملك مصر بقبول وقف إطلق النار والتوقيع على الهدنة في وقت كانت
فيه الجيوش العربية متقدمة بشكل مخيف ،فقد أصبحت القوات المصرية من الجنوب على بعد 20كلم ،والقوات
العراقية من الشرق على بعد 14كلم من العاصمة تل أبيب ،ولول هذه الهدنة لكانت نهاية إسرائيل ،وبذكاء النثى
كانت كاميليا تنمي في صدر عشيقها مشاعر الزهو كقائد عظيم منتصر ،وكان الخير يحاول التغلب على عجزه أمام
فتاته الصغيرة اليافعة ببطولته ،فكان يطلعها كل ليلة على مجريات القتال ،وفي الوقت الذي أخبرها الملك بأنه
سيضاعف من عدد القوات المحاربة عشر مرات دفعة واحدة ،نجحت كاميليا في إقناع الملك مرة أخرى بأن النصر
مضمون ،فلم يصل حجم القوات العربية إل لـ 56خمس ألف مقاتل ،في المقابل ضعف الجيش السرائيلي قواته
ليصل إلى مائة وعشرين ألف مقاتل ،فكانت الغلبة العددية دائما لصالح اليهود".
ولنترك مؤامرات السرير لنلقي الضوء على الجو العام في القاهرة في تلك الثناء ،فقد كانت المدينة تتأهب لن تكون
عاصمة الخلفة السلمية بعد الخلص من عملية إلقاء "إسرائيل" في البحر ،فقد كان الملك ينتفض من فراش العشق
كل صباح ليستمتع بلقبه الجديد "خليفة المسلمين ".وفي قصر "الجوهرة" بقلعة الجبل ،كان كرسي العرش الخاص
بخليفة المسلمين قد جهز ليعتليه فاروق ،حتى قاعة الحكم الجديدة وصور المعارك والبطولت عكف الرسامون على
إكمالها ،أما التماثيل فقد تفنن النحاتون في إظهار "خليفة المسلمين" فيها بصورة قوية وزارعة للرهبة في القلوب،
اقتربت من هذا الكرسي الذي لم يقدر لصاحبه بالجلوس عليه ،فوجدته مصمم من الذهب الخالص المطعم بالحجار
الكريمة.
الدكتورة والباحثة المصرية "لطيفة محمد سالم" ،أفضل من كتب عن فاروق ،فألفت كتب "فاروق وسقوط الملكية في
مصر" و"فاروق الول وعرش مصر" تقول" :أصدرت مشيخة الزهر أثناء الحرب فتوى تقول أن الملك فاروق من
الشراف ومن حقه أن ينصب نفسه خليفة للمسلمين ،وعقب صدور هذه الفتوى أطلق الملك العنان لنمو لحيته ،وظل
يسوق نفسه بوصفه الرجل الصالح والزعيم المؤهل للخلفة السلمية ،وأخذ يصاحب باستمرار الشيخ محمد
مصطفى المراغي ويصلي كل يوم جمعة في مسجد من المساجد ،وتزامن ذلك مع انتشار خبر هزلي مؤسف يقول أن
جللة الملك المعظم ينتسب من جهة والدته الملكة نازلي بنت عبد الرحيم صبري إلى الرسول محمد صلى ال عليه
وسلم ،وأعلنت الصحف أن هذا الكشف قد توصل إليه وزير الوقاف حسين الجندي باشا ،وأن الذي أرشده إلى هذا
الكتشاف وباركه هو السيد محمد الببلوي نقيب الشراف في مصر وخطيب مسجد المام الحسين ،والحقيقة ـ تقول
الباحثة ـ أن نازلي هي حفيدة الضابط الفرنسي الذي جاء مع حملة نابليون بونابرت على مصر ،قبل أن يسمي هذا
الضابط نفسه سليمان باشا الفرنساوي" ،الغريب أن هذه القصة المؤلمة تتكرر حتى اليوم ،فكم من رئيس أو ملك
عربي ينتزع دون حق شرف النتساب للبيت النبوي ،وهو إما ليس عربي بالمرة وإما بدوي وإما مجهول الصل.
ونواصل العيش في الجواء التي شهدتها القاهرة أثناء حرب ،48من خلل السفير المصري "جمال الدين منصور"
أحد أوائل وأبرز الضباط الحرار ،الذي يقول في كتابه "ثورة الجيش المصري ..وثائق العداد والتمهيد" :صباح يوم
دخول الجيوش العربية حرب فلسطين ،حملت الصحف المصرية مانشيتات تقول: