Vous êtes sur la page 1sur 5

‫القصة الكاملة لوفاة الرئيس بومدين (الجزء الثاني)‬

‫الدولة الجزائرية‪ ...‬وزحف الطباء‬


‫انتهينا في الحلقة السابقة إلى سؤالٍ يمثل إشكاليةً بالنسبة للمهتمين بحياة بومدين‪ ،‬هي‪ :‬محاولة جادة لمعرفة إن‬
‫كان قد تعرض للغتيال عند معالجته من طرف الطباء؟ وهو سؤال لم يتبع بإجابةٍ ذات طابعٍ مؤامراتي‪ ،‬وإن كانت‬
‫تصريحات الطباء بعد وفاة بومدين بسنوات قد أشارت بوضوح إلى صراعٍ بين مدارس الطب الغربية والمدرسة‬
‫الروسية في ذلك الوقت‪.‬‬

‫•‬
‫•* المسؤولون الجزائريون والنابيب‪ ...‬والتعجيل بالموت‬
‫•* أسرار المرض وخوف السوفيات‪ ...‬وحسم الزعيم‬
‫•* حكومات وأطباء وخصومات في اللحظات الخيرة‬
‫•‬
‫• وبغض النظر عن تعليقات الطباء وتصريحاتهم‪ ،‬فإن الهتمام الذي أولته الدولة الجزائرية للحالة‬
‫الصحية للزعيم الراحل يمثل مفخرةً‪ ،‬مما يبعد الشك الذي ساد إلى حينٍ من الوقت وتركز حول قناعة‬
‫البعض من أن أطرافاً جزائرية ساهمت في اغتياله‪ ،‬إن لم يمكن بشكلٍ مباشر فبطريقةٍ غير مباشرة‪ ،‬من‬
‫ذلك عدم الهتمام بصحته‪.‬‬
‫•‬
‫•المتهمون الثلثة‬
‫بومدين وبراءة المسؤولين في الدولة‪ ،‬بل وخوفهم على حياة بومدين‪ ،‬ل ينفي‬ ‫• الرؤية السابقة لمرض‬
‫أقوالً أخرى رُوّجممت‪ ،‬قممد تكون صممحيحةً فممي مجملهمما وإن كانممت غيممر ذلك فممي التفصمميلت‪ ،‬مممن هذه‬
‫القوال‪:‬‬
‫•‪ -‬اضطر مسؤولون مؤثرون في صناعة القرار‪ ،‬وهم ثلثة‪ ،‬بعد أن دخل بومدين في غيبوبة طويلة‬
‫وصار ميئوسًا من شفائه إلى اتخاذ موقفٍ جريءٍ ربما لم يكونوا هم أنفسهم راضين عنه‪ ،‬وهو نزع‬
‫النابيب التي كانت تمد بومدين باستمرارية البقاء على قيد الحياة‪.‬‬
‫• إن صحت هذه القوال فإننا نجد أنفسنا اليوم أمام السؤال التالي‪ :‬ماذا يفعل المسؤول أو الراعي إذا‬
‫كان من مصلحة الدولة التعجيل بوفاة قائدٍ ما؟‪ ...‬ل شك أن للمسألة بعداً دينياً وهي متروكة لذوي‬
‫الختصاص‪ ،‬هذا إذا سلمنا أن المر في حالة بومدين مقصو ٌد به إنقاذ الدولة وليس التعجيل بالستيلء‬
‫على الحكم‪.‬‬
‫• ل تزال لحظة نزع النابيب مؤثرةً إلى أبعد حد ولدرجة البكاء لولئك الذين عاشوا اللحظات الخيرة‬
‫لوفاة بومدين‪ ،‬وعليّ أن أؤكد هنا أنّي لست طرفاً في هذا الموضوع لن راوي القصة شخص واحد‪،‬‬
‫ولم يتسنّ لي أن أقابل المعنيين بالمر أو حتى أطرح عليهم الموضوع لسببين رئيسيين‪ :‬الول‪ :‬أنني‬
‫تعهدت للشاهد بأن ل أذكر أسماءهم حسب طلبه‪ ،‬والثاني‪ :‬خوفًا عليه وأيضاً خوفاً على علقة السلطة‬
‫ونمطها في الدولة الجزائرية من أن نعود مرة أخرى لفتح ملفات باتت بحكم الواقع ماضٍ‪ ،‬والناس اليوم‬
‫في بلدنا يهمهم الحاضر كما أنهم يرفضون أن يظلوا تحت رحمة ذكريات الماضي‪.‬‬
‫• المهم أن السلطات الجزائرية وفي أعلى المستويات اهتمت بمرض بومدين لدرجة تبعد عنها أي اتهامٍ‬
‫بالتراخي أو التخاذل‪ ،‬ومع ذلك فإنها لم تستطع أن تكون بعيدة عن الصدام بين الغرب والشرق في‬
‫مجال الطب‪.‬‬
‫•‬
‫•شهادة »يافاجيني«‬
‫الرئيممس الروسممي السممابق »ميخائيممل جورباتشوف« قممد أثرت سمملباً على‬ ‫• وإذا كانممت »بروسممترويكا«‬
‫بلده‪ ،‬فإنهما ممن ناحيةٍ أخرى كشفمت عمن أسمرا ٍر تعلقمت بالعلقات الدوليمة‪ ،‬مما كان لنما أن نعرفهما لول‬
‫السمقوط المروّع لتلك المبراطوريمة‪ ،‬ممما سماعد على معرفمة كثيمر ممن السمرار وممن بينهما تلك المتعلقمة‬
‫بصحة الرؤساء والقادة‪ ،‬وهو ما يظهر جلياً في كتاب »شازوف يافاجيني« كبير أطباء الكريملن والذي‬
‫نشره تحمت عنوان »السملطة والصمحة«‪ ...‬يهمّنما هنما الجزء الخاص بمرض الرئيمس هواري بومديمن‪،‬‬
‫والذي نُشِر في صحيفة »النباء« الكويتية بتاريخ ‪ 25‬نوفمبر ‪ ،1992‬وقامت بترجمته الدكتورة »إيمان‬
‫يحيى«‪.‬‬
‫• فقد ذهبت الصحيفة »النباء« الكويتية‪ ،‬للقول إلى أن ما ذكره البروفيسور يافاجيني يعد إحدى‬
‫مفاجآته‪ ،‬ورأت أن ما تضمنه الكتاب عن وفاة بومدين فتح الباب واسعاً للملبسات السياسية التي‬
‫أطاحت بالزعيم الجزائري من تاريخ بلده والمنطقة العربية‪ ،‬ويضع أمام الجميع مسؤولية فتح ملفات‬
‫موت ومرض الرئيس الجزائري من جديد‪.‬‬
‫• بعد هذا التعليق تترك الصحيفة شازوف يتحدث عبر مقاطع ترجمتها من كتابه حيث يقول‪» :‬واجه‬
‫الدارة الرابعة التابعة لوزارة الصحة السوفياتية على الصعيد الداخلي إحباط‪ ،‬سعت دوائر معينة في‬
‫الشرق والغرب للستفادة منه لتحقيق أهدافها السياسية‪ ...‬ولقد سادت في الحداث غُربةٌ‪ ،‬رغم أنني‬
‫خبرت خلل عملي كافة النوازع النانية والشريرة للزعماء السياسيين ومراعاة المصالح القومية بين‬
‫الدول المتنازعة‪ ،‬وكانت قمة ما حدث لمرحلة علج الرئيس السبق هواري بومدين واحدة من هذه‬
‫الحباطات والحداث الغريبة التي تكشف عن اللّأخلقية التي تنطوي عليها الصراعات السياسية‬
‫أحياناً«‪.‬‬
‫ي كبير من‬‫• وأضاف شازوف‪» :‬كانت قمة المأساة في محاولة استغلل مرض واحتضار زعيمٍ عرب ٍ‬
‫أجل غاياتٍ سياسية خسيسة‪ ،‬ولزعزعة الثقة بيننا وبين الجزائر وبث الكراهية من خلل التشكيك في‬
‫الطب الروسي«‪.‬‬
‫• السؤال هنا ما هي اللّأخلقية التي يتحدث عنها الطبيب شازوف وكيف استغل مرض بومدين من‬
‫طرف الغرب‪ ،‬وهل فعلً زعزع مرضه الثقة بين السوفيات والجزائريين‪ ،‬وهل الصراع بين الشرق‬
‫والغرب يشمل كل المجالت بما في ذلك النسانية والتي منها المرض والعلج؟‪.‬‬
‫•‬
‫•»كوسيجين« وغيوم سبتمبر‬
‫• قد نجد إجابات السئلة السابقة‪ ،‬أو بعضًا منها‪ ،‬في أقوال وشهادات البروفيسور شازوف‪ ،‬الذي يواصل‬
‫حديثه قائلً‪:‬‬
‫•»تبدأ القصممة أيام شهممر سممبتمبر الملبّد بالغيوم عام ‪ ...1978‬اتصممل بممي »أليكسممي كوسمميجين« رئيممس‬
‫الوزراء السوفياتي آنذاك‪ ،‬وقال بينما جاء صوته مضطرباً عبر الهاتف‪:‬‬
‫•‪ -‬لقد وصلتني للتو برقية من الجزائر تخبرنا بأن الرئيس »هواري بومدين« قد استقلّ الطائرة صباح‬
‫اليوم متجهاً إلى موسكو للعلج‪.‬‬
‫•توقف لحظةً كوسيجين وأضاف وفي نبرة صوته الدهشة‪:‬‬
‫ج لبومدين‪.‬‬‫•‪ -‬الغريب أن هذا الطلب جاء مفاجئاً‪ ،‬إذ لم تطلب الجزائر من قبل تنظيم رحلة عل ٍ‬
‫•ثم سألني كوسيجين‪:‬‬
‫•‪ -‬ربما تعرف شيئًا عن هذا الموضوع‪...‬‬
‫•أجبته‪ :‬إنني مثله تماماً أسمع بالنبأ للمرة الولى‪.‬‬
‫• ثم يضيف شازوف قائلً‪:‬‬
‫•‪ -‬أتذكر أن كوسيجين أضاف قائلً في المكالمة الهاتفية ذاتها‪ :‬يبدو أن شيئًا غير طبيعي حدث!‬
‫•وأشار إلى أنه من غير المستبعد أن يكون بومدين مريضاً وأن المسؤولين في الجزائر يحاولون إخفاء‬
‫طبيعة مرض زعيمهم كما يحدث في البلد العربية عادة‪ ،‬وأن دبلوماسيين في الجزائر لم يتابعوا‬
‫الموقف جيداً ليعرفوا ماذا حدث‪.‬‬
‫• انتهت مكالمة كوسيجين بتكليف شازوف باستقبال بومدين لدى هبوطه في المطار ونقله للعلج فوراً‪،‬‬
‫واقترح أن يقيم بومدين في مستشفى شارع »ميننستورنسكي« في موسكو‪ ،‬حيث القليل من المرضى‬
‫مما يمكن السوفيات من الحفاظ على سرية رحلة الرئيس الجزائري وإخفاء شخصيته‪.‬‬
‫• يضيف شازوف‪ :‬لسوء حظ الطباء الروس بدا وكأن الرئيس بومدين ذهب إلى التحاد السوفياتي في‬
‫صحة طيبة أو على أسوإ تقدير مصاب بمرض ضعيف‪ ،‬وبعد شهرين عاد إلى بلده في حالةٍ خطيرة‬
‫تصحبه مجموعة من الطباء السوفيات‪ ،‬غير أن الذين روّجوا لهذا التصور لم يسألوا أنفسهم لماذا‬
‫اضطر بومدين لقطع آلف الميال بطائرة للعلج في التحاد السوفياتي؟ وهل كانت تلك الرحلة‬
‫المضنية لمجرد الستشفاء من مرضٍ بسيط كالزكام مثل؟ً‪ ...‬ألم يكن باستطاعة الرجل حينئذ أن يستريح‬
‫في منزله بضعة أيام؟!‬
‫• يواصل شازوف‪ :‬بعد إجراء الفحوص الولية لم يعد لدينا أي شك في أن الرئيس الجزائري يعاني من‬
‫ض شديد‪ ،‬قد يكون ذا طبيعية فيروسية‪ ،‬وتمثلت مضاعفات المرض في التهاب وتسمم الكبد‪.‬‬ ‫مر ٍ‬
‫• بدا للوهلة الولى وكأن المرض يتراجع نتيجةً للعلج‪ ،‬كما بدأت أمراض وعلمات التهاب الكبد في‬
‫الختفاء‪ ،‬ولكن قلقنا استمر لن جسد الرئيس الجزائري لم يتخلص بعد من هزاله ودرجة حرارته تعاود‬
‫تسجيل ارتفاعٍ خفيف‪ ،‬وكرات الدم البيضاء تتزايد هي الخرى وإن كان ذلك ليس تزايداً شديد‬
‫الرتفاع‪ ،‬كما لحظنا تغيرات مختلطة باختلل جهاز المناعة‪ ،‬وظهر ذلك الختلل بصورة واضحة‬
‫على مادة الجلوبيولين الطرفية‪.‬‬
‫•‬
‫•السوفيات ورهبة الموت‬
‫• لنتوقف قليلً هنا أمام ما قاله البروفيسور شازوف‪ ،‬حيث بدت حالة بومدين آخذة في التدهور بعد أن‬
‫بدأ علجه في موسكو‪ ،‬وقد أرجع الطباء ذلك إلى اختلل في جهاز المناعة‪ ،‬وهذ الختلل هو الذي‬
‫يرجح اغتياله بالسم كما سنرى لحقاً‪ ،‬لذا من الضروري أن نتساءل هنا‪ :‬لماذا يريد الطباء السوفيات‬
‫التأكيد على أن بومدين كان في حالةٍ خطيرة حين وصل إلى العلج لدرجة أن السلطات الجزائرية‬
‫أبلغتهم حضوره دون انتظار الرد؟‬
‫• يبدو أنهم إلى الن يشعرون بالذنب تجاه بومدين حين عجزوا عن إنقاذه‪ ،‬مع أن المر يتجاوزهم‪،‬‬
‫وأيضاً لشعورهم بعقدة نقصٍ أمام الطب الغربي‪ ،‬مع أن الطباء الغربيين حضروا للجزائر ولم‬
‫يستطيعوا فعل أي شيء‪.‬‬
‫• الحساس السابق نجده واضحاً في ما كتبه كبير أطباء الكريملن حول علج بومدين بقوله‪:‬‬
‫•»لقد شارك في التوصل إلى تشخيص حالة بومدين ووضع نظام العلج لها أفضل الطباء السوفيات‪،‬‬
‫وجرت جميع المداولت والمشاورات في حضور الزملء من الطباء الجزائريين‪ ،‬كما كانت زوجة‬
‫الرئيس الجزائري تتابع الموقف أولً بأول‪ ،‬حيث وصلت معه على الطائرة ذاتها‪ ...‬وأتذكر كذلك أننا‬
‫لجأنا إلى طريق ٍة حديثةٍ للعلج تدعى »بلزما فورسيس« كسلح لمواجهة تراكم المواد الضارة في الدم‬
‫بعد أن تجادلنا وتشاورنا باستفاضة‪ ،‬ولكن شبح رحيل بومدين في أي لحظةٍ بسبب نزيف المخ أو‬
‫احتشاء القلب أو تغيراتٍ خطيرة تصيب الرئتين كان ماثلً أمامنا بقوة‪.‬‬
‫• واضح من شهادة كبير أطباء الكريملن أن القيادة السوفياتية لم تكن تنظر إلى علج بومدين من ناحيةٍ‬
‫إنسانيةٍ فقط لجهة نجاحها أو فشلها‪ ،‬وإنما ربطتها بعلقتها المتميزة مع الجزائر‪ ،‬لذلك فضلت أن يتم‬
‫إكمال علج بومدين في بلده لدرجة جعلت شازوف يحذر قيادة بلده من وفاة بومدين في موسكو‪ ،‬وقد‬
‫أيده »أليكسي كوسيجين« بالرد السريع حين قال‪:‬‬
‫•»من الفضل الستمرار بالعلج في الجزائر‪ ،‬ويمكننا أن نبعث بأفضل الطباء والعقاقير والجهزة‬
‫اللزمة إلى هناك‪ ،‬لن رحيل بومدين وهو فوق أراضي التحاد السوفياتي من شأنه أن يحدث ردود‬
‫فعل سلبية في الجزائر والعالم العربي‪ ،‬وقد يضيف المزيد إلى أوضاعٍ غايةً في التعقيد بين موسكو‬
‫والدول العربية«‪.‬‬
‫•‬
‫•شجاعة »بومدين« ورغبة »أنيسة«‬
‫حيرةٍ من أمرها وتساءلت كيف لي أن أطلب من بومدين العودة‬ ‫• واضح أن القيادة السوفياتية كانت في‬
‫إلى بلده لتمام العلج‪ ،‬وما هو مستقبل العلقة بيننا وبين الجزائر في حالة وفاته في أي لحظة‪،‬‬
‫وأنقذها بومدين مما هي فيه وذلك حين تصرف وكأنه في كامل صحته‪ ،‬إذ قبل أن يبادر السوفيات إلى‬
‫هذا الطلب سارع هو إليه‪ ،‬حيث يقول شازوف‪:‬‬
‫•‪ ...‬لحسن الحظ كانت وجهة نظر الرئيس بومدين نفسه مطابقة لرأي الزعامة السوفياتية‪ ،‬فقد أدرك أن‬
‫غيابه عن وطنه وتزايد القاويل حول مرضه العضال داخل الجزائر قد يؤدي لعواقب غير مأمونةٍ‪...‬‬
‫كما أن زوجته أنيسة شجعت قراره بالعودة إلى الجزائر‪ ،‬واشترط بومدين علينا قبل العودة أن يصحبه‬
‫فريق من الخصائيين السوفيات‪ ،‬وأن يبقى الفريق في الجزائر لمواصلة العلج وهو ما وافقنا عليه‪.‬‬
‫• شهادة شازوف السابقة تطرح العديد من التساؤلت لعل أهمها‪:‬‬
‫•‪ -‬لماذا شجعت زوجته أنيسة قرار العودة؟ وهل باتت ومعها الدولة الجزائرية تشكان في العلج‬
‫الروسي؟‬
‫•‪ -‬وإذا كان المر كذلك فهل نسيت أنيسة أن بومدين هو الذي فضل العلج في التحاد السوفياتي؟‬
‫•‪ -‬هل أن بومدين حين طالب بالعودة أحسّ بقرب أجله ففضل أن يموت في بلده؟‬
‫•‪ -‬هل اشتراطه مرافقة الطباء الروس وبقائهم يكشف عن قناعته بقدرتهم؟‬
‫• بغض النظر عن الجابات فإن الواضح أن الدولة الجزائرية لحظت تدهور صحة الزعيم‪ ،‬فحاولت‬
‫إنقاذه مهما كانت التكلفة‪ ،‬وهذا يتطلب اتساع الحركة وسرعتها أيضاً‪.‬‬
‫• وتوضح لنا مقاومة بومدين للمرض اتخاذه للقرارات الصائبة حتى في لحظات اللم‪ ،‬فقد مهد لتخاذ‬
‫قرار العودة بإصراره‪ ،‬إبعادًا لدولته عن الحرج وإنقاذاً للتحاد السوفياتي من الخوف الذي انتاب قادته‪،‬‬
‫لذلك تأثر به الروس عند مغادرته لبلدهم‪ ،‬حتى أن شازوف يقول عن تلك اللحظات المؤلمة‪:‬‬
‫•‪ ...‬لن أنسى لحظات وداع بومدين لدى إقلع طائرته من التحاد السوفياتي‪ ،‬كان لتلك اللحظات تأثير‬
‫خاص في نفسي‪ ...‬كنت على استعداد لعمل كل شيء وأي شيء لجل هذا الرجل‪ ،‬الذي جمعتني به‬
‫أواصر صداقة وتعاطف مع آلمه تمت بقوة أثناء العلج‪ ،‬إل أنني في الوقت نفسه كنت على وعيٍ‬
‫بعجز الطب أمام حالته الخطيرة‪ ،‬وكان بومدين كذلك متعكر المزاج في تلك اللحظات‪ ...‬لحظات وداعه‬
‫للتحاد السوفياتي«‪.‬‬
‫• المهم أن بومدين عاد إلى الجزائر في صحبة مجموعة من كبار أساتذة الطب السوفيات‪ ،‬وبعدها بأيامٍ‬
‫قليلة وصلت من سفارة التحاد السوفياتي بالجزائر إلى موسكو أنباء مقلقة على الروح العدائية التي‬
‫تحيط بالطباء السوفيات قد تصل إلى حد تهديد حياتهم‪ ،‬المر الذي لم تؤكده أية وثائق جزائرية‪ ،‬كما‬
‫أبلغ السوفيات بأن الوضع الصحي لبومدين ازداد حرجًا مع ظهور أعراض اختلل الدورة الدموية في‬
‫المخ‪ ،‬التي بدأت عقب عودته إلى الجزائر‪ ،‬المر الذي دفع بالجزائر لستدعاء الطباء من كل مكان‪،‬‬
‫وهنا دخل الطب الغربي في تنافسٍ واضح مع الطب السوفياتي‪.‬‬
‫•‬
‫•للمريكيين حضو ٌر ونصيب‬
‫الموقف محرجا وصعبا للطباء السوفيات‪ ،‬خصوصًا بعد‬ ‫• بقدوم الطباء من كل حدبٍ وصوب أصبح‬
‫أن حاول ممثلو الطممب الغربممي وبالذات الفرنسمميون أن يسممفّهوا التشخيممص الذي توصممل إليممه الطباء‬
‫السوفيات‪.‬‬
‫• وكان للطباء المريكيين حضورٌ واسعٌ‪ ،‬ففي ‪ 21‬نوفمبر وصل إلى الجزائر خمسة أطباء عسكريين‬
‫أمريكيين تابعين للحلف الطلسي‪ ،‬ويقيمون في ألمانيا الغربية ومعهم أجهزة إنعاشٍ جديدة‪.‬‬
‫• في اليوم التالي حمل أربعة اختصاصيين من مستشفى »ماسومتوميتش« في بوسطن أجهزة أخرى‬
‫للنعاش معهم إلى الجزائر‪ ،‬وأتبع هؤلء بعد ذلك بعشرة اختصاصيين أمريكيين آخرين‪.‬‬
‫• بعد أيامٍ قليلة لحق بهؤلء اختصاصيان شهيران من تونس وآخر من لبنان‪ ،‬ثم لحق بهم أربعة أطباء‬
‫إنعاش بريطانيين وأربعة اختصاصيين يوغوسلف وسويديان وخمسة يابانيين وألمانيين وثمانية‬
‫اختصاصيين صينيين‪.‬‬
‫• وأرسلت ألمانيا الغربية جهاز كاميرا تعمل بأشعة جاما فضلً عن سكانير‪ ،‬وذهبت الوليات المتحدة‬
‫المريكية إلى أبعد حد عندما أرسلت طائرة شحن عسكرية عملقة تحمل مختبرًا نقالً مزوداً بجهاز‬
‫سكانير للمخ شديد التطور‪.‬‬
‫• ولم يكن هذا العدد من الطباء مفيدًا لبومدين لطبيعة الصراع الذي وقعت بين الطباء الغربيين‬
‫والطباء الروس‪ ،‬حتى أن »سورا«‪ ،‬الطبيب الروسي الشهير الذي كان ضمن الفريق الطبي ذهب إلى‬
‫القول‪:‬‬
‫•»‪"   ‬كانت المناقشات في الكونسلتو حامية الوطيس‪ ،‬لكن أحداً من الطباء لم يقترح أية إضافة جديدة‬
‫لنظام العلج الذي كنا قد وضعناه في موسكو«‪.‬‬
‫• بعد مداولت ومتابعة ومراقبة انتهى ذلك العدد الهائل من الطباء الذي كان ضمنه رجل متقدم في‬
‫السن من دولة السويد هو الطبيب الشهير »والدنستروم«‪ ،‬الذي سمي المرض باسمه في حالتٍ سابقة‪،‬‬
‫ولم يكن معه إل مرافق واحد وخبرته السابقة‪ ،‬الذي استطاع اكتشاف المرض‪ ،‬وكانت النتيجة معروفة‬
‫مسبقا حين يدخل المريض مرحلته الخيرة‪ ،‬وكان بومدين قد دخلها بالفعل‪.‬‬
‫• لقد وضع تفسير الطبيب السويدي حداً لجميع التفسيرات والتأويلت التي تضاربت بين الفرق الطبية‪،‬‬
‫فكيف تم له ذلك؟ وأين كان بوتفليقة في هذا الوقت؟ وما قصة رسالة ديستان لبومدين ورسالة بومدين‬
‫للملك الحسن الثاني؟‪ ...‬نتابع ذلك في الحلقة المقبلة‪.‬‬
‫•‬
‫•‬
‫•في الحلقة المقبلة‪:‬‬
‫•اغتيال بومدين‪ ...‬الشهادات والوقائع (‪)3-4‬‬
‫و»الحسن الثاني« ملكاً‬ ‫•يوم أن كان »بوتفليقة« وزيراً و»ديستان« رئيساً‬
‫• تصريحات بوتفليقة في زمن المرض‪.‬‬
‫• بومدين وديستان‪ :‬الرسالة واللغز‪.‬‬
‫• رسالة بومدين الخيرة للحسن الثاني‪.‬‬

Vous aimerez peut-être aussi