Vous êtes sur la page 1sur 70

2

3
4
‫ال مد ل الك يم ال بي ال سميع الب صي‪ ،‬الذي يعلم كل ما يتلج ف‬
‫الضميس‪ ،‬سسبحانه خلق فسسوى‪ ،‬وقدر فهدى‪ ،‬وله الخرة والول‪ ،‬أحده‬
‫تعال ب ا هو له أ هل من ال مد وأث ن عل يه‪ ،‬وأ ستغفره من ج يع الذنوب‬
‫وأتوب إليه‪ ،‬وأؤمن به وأتوكل عليه‪ ،‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل‬
‫فل هادي له‪ ،‬وأش هد أن ل إله إل ال وحده ل شر يك له‪ ،‬ال ي كل ال ي‬
‫ف طاع ته‪ ،‬وال شر كل ال شر ف مع صيته‪ ،‬وأش هد أن سيدنا ونبي نا وحبيب نا‬
‫ممد بن عبدال ورسوله‪ ،‬وصفيه وخليله‪ ،‬أرسله ال رحة للعالي‪ ،‬وسراجاً‬
‫للمهتدين‪ ،‬وإماماً للمتقي‪ ،‬اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك‬
‫سيدنا م مد الذي أر سلته إل خل قك بشياً ونذيراً‪ ،‬وداعياً إل يك بإذ نك‬
‫وسسراجاً منياً‪ ،‬وعلى آله وصسحبه العامليس بأمره‪ ،‬والهتد ين بديسه وعلى‬
‫تابعيهم بإحسان إل يوم الدين‪ ،‬أما بعد…‬

‫فسلم ال عليكم أيها الؤمنون ورحته وبركاته‪ ،‬وشكراً لكم على‬


‫هذا الجتماع‪ ،‬وشكراً للذين رتبوا هذا الجتماع ونظموه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الشباب معيار تقدم المم وتأخرها‬
‫إ نه م ا ل يفى على أحد أن شباب كل أ مة من ال مم هم مقياس‬
‫تقدمها وتأخرها ومعيار رقيها وانطاطها‪ ،‬فإن الشباب بالنسبة إل كل متمع‬
‫مسن الجتمعات هسم عماد الجتمسع‪ ،‬وهسم الذخية التس يعدهسا الجتمسع‬
‫ل ستقبله‪ ،‬و هم العدة فإن شباب اليوم هم كهول ال غد‪ ،‬و هم الذ ين سوف‬
‫يضطلعون بالسؤوليات التعددة‪ ،‬وهذا لن مرحلة الشباب من مراحل العمر‬
‫هسي الرحلة الذهبيسة(‪ ،)1‬فمرحلة الشباب هسي التس يبس على النسسان أن‬
‫يصسرها على التزود منهسا لاس بعدهسا‪ ،‬فالشباب هسم أصسلب الناس عوداً‪،‬‬
‫وأقواهم إرادة‪ ،‬وذلك لا منّ ال سبحانه وتعال عليهم ف هذا الشباب من‬
‫الفتوة والقوة واللَد والذكاء‪ ،‬وسائر الواهب الت امتّ ال با عليهم‪ ،‬ومن‬
‫ثّ فإننا نرى كل شاعر من الشعراء إنا يبكون على مرحلة الشباب‪ ،‬ول ند‬
‫أي شاعر يبكي على مرحلة الطفولة مع ما ف الطفولة من الباءة الت يبها‬
‫كل إن سان ولكن نظراً لا لذا الشباب من الصائص صار الشعراء كلهم‬
‫يبكون على مرحلة الشباب بعد انقضائها فلنسمع إل قول التهامي(‪:)2‬‬

‫() للشيخ ماضرة بعنوان (الرحلة الذهبية) وهي ماضرة مطبوعة ف كتيب من سلسلة (ماضرات‬ ‫‪1‬‬

‫من أجل فهم صحيح للسلم رقم ‪.)8‬‬


‫() التهامي‪( :‬أبو السن) (ت‪ )1026‬شاعر من تامة‪ ،‬صاحب القصيدة الشهورة الرائية ف رثاء‬ ‫‪2‬‬

‫ابنه‪ ،‬اتم بالتجسس على الدولة فاعتقل ف (خزانة البنود) وهو سجن ف القاهرة‪ ،‬قتل سرا ف‬
‫‪6‬‬
‫غصن الشباب الائن الغدار‬ ‫ل حبذا الشيب الوف وحبذا‬
‫فإذا مضى فقد انقضت أوطاري‬ ‫وطري من الدنيا الشباب وروقه‬
‫عندي ول آلئه بقصار‬ ‫قصرت مسافته وما حسناته‬

‫وهكذا إذا عدنسا إل التاريسخ نرى كسل دعوة مسن الدعوات سسبب‬
‫ناح ها أو إخفاق ها إقبال الشباب علي ها‪ ،‬أو إعراض هم عن ها‪ ،‬والناس الذ ين‬
‫يتلقون الدعوات با ستمرار ويضطلعون ب ا ويقومون بواجبات ا هم الشباب‪،‬‬
‫فال تبارك وتعال يقول ف م كم كتا به العز يز ف و صف أ هل الك هف‪:‬‬
‫حكا ية عن‬ ‫إِّنهُ مْ فِتَْي ٌة آمَنُوا ِبرَّبهِ مْ وَ ِزدْنَاهُ مْ هُدًى (‪ )1‬وقال ف إبراه يم‬
‫قومه قَالُوا َسمِعْنَا فَتًى يَ ْذ ُكرُهُ ْم يُقَا ُل َل ُه إِْبرَاهِي مُ (‪ )2‬ورسول ال عندما‬
‫جاء بالدعوة السسلمية كان إقبال الشباب عليهسا أكثسر مسن إقبال الشيوخ‪،‬‬
‫وكان ناح هذه الدعوة بالشباب أكثسر مسن ناحهسا بالشيوخ‪ ،‬ومسن ثس فإن‬
‫صلِح‬
‫كل داع ية م صلح إن ا يتم ن شباباً صالي لدعو ته‪ ،‬فلن ستمع إل الُ ْ‬

‫سجنه‪( .‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍194‬‬


‫() الكهف‪.13 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫() النبياء‪.60 /‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪7‬‬
‫ال كبي العل مة الجا هد سعيد بن خلفان الليلي(‪- )1‬رح ة ال تعال عل يه‪-‬‬
‫الذي يقول ف ق صيدته ال ت يتطلع في ها إل ال ستقبل الشرق‪ ،‬هذا ال ستقبل‬
‫الذي ينبلج بالشباب الصسالي‪ ،‬يقول شاكياً مسن المور التس يدهسا فس‬
‫زمانه‪ ،‬ومن ليل الهل والور الدامس ف زمانه‪:‬‬

‫كرام بمس قسد َردّ للعدل يوشسع‬ ‫أل تنجلي يا ل يل عن صبح فت ية‬

‫() هو العلمة الحقق الشيخ سعيد بن خلفان بن أحد بن صال الليلي الروصي‪ ،‬ينتهي نسبه إل‬ ‫‪1‬‬

‫المام الليل بن شاذان ابن المام الصلت بن مالك الروصي‪ ،‬وهو من علماء عمان ف القرن‬
‫الثالث عشر‪ ،‬وهو ثان الثلثة الذين يقال بأنم أعلم الشعراء وأشعر العلماء‪ ،‬لقبه العلماء بالحقق‬
‫لشهرته بتحقيق السائل وتأصيلها واقترانا بالدلة‪ ،‬كانت ولدته ببلد بوشر عام ‪1226‬ه‍‪ ،‬وكان‬
‫وطن آبائه بلد بُهل ث إزكي ث انتقلوا إل بوشر ث اتذ الشيخ بلد سائل وطنا‪ ،‬نشأ نشأة مباركة‬
‫فطلب العلوم والحامد ومعال المور فنالا‪ ،‬وكان كثي اللوة والتبتل إل ال والتلوة للساء‬
‫السن‪ ،‬حت صارت له اليد الطول ف علم السرار‪ ،‬ومنّ ال عليه باللام وذلك فضل ال يؤتيه‬
‫من يشاء وال ذو الفضل العظيم‪ ،‬كان قائماً بدولة المام عزان بن قيس وشادا عضده وبيده‬
‫الل والعقد‪ ،‬وله ف السلوك مناظيم تدل على طول باعه‪ ،‬وله أراجيز رائقة ونافعة فمنها أرجوزة‬
‫(القاليد) ومن مؤلفاته (الكرسي ف الولية والباءة)‪ ،‬و(النواميس الرحانية ف تسهيل الطرق إل‬
‫العلوم الربانية) و(السيف الذكر ف المر بالعروف والنهي عن النكر) وكانت وفاته رحة ال‬
‫عليه عام ‪1287‬ه‍( شقائق النعمان على سوط المان‪ ،‬الشيخ ممد بن راشد الصيب‪ ،‬ج‪ ،‍2‬ص‍‬
‫‪.)334‬‬
‫‪8‬‬
‫ويستمر يصف هؤلء الفتية إل أن يقول‪:‬‬

‫مزامي داود با قد تسجعوا‬ ‫كأن مثان ذكرهم ف تجد‬


‫تتوق لا يشروا حبيب منع‬ ‫كأن بم من نشوة عزن عاشق‬
‫وأوصالم من خيفة تتخلع‬ ‫كأن الثكال منهم ف نياحة‬
‫فهم عنه ف عليائهم قد ترفعوا‬ ‫كأن حطام الرض من لم ميتة‬
‫بربم يوماً والواد وأسرعوا‬ ‫كأن من الشهد الصفى لقائهم‬
‫فما كاد يسي القوم بالتف مصدع‬ ‫كأن النايا ميتة لقلوبم‬
‫كأنم ف جنة اللد تركع‬ ‫يوضون دماء النايا بواساً‬
‫لم هنا زكيات الناصب أدرع‬ ‫قد أطرحوا لبس الدروع لنم‬

‫صفات أهل الحق والستقامة‬


‫ولاس دخسل الدينسة النورة القائد الشهيس أبسو حزة الشاري ‪-‬رحهس ال‬
‫تعال‪ -‬وأخسذ أهسل الدينسة يقولون فس أصسحابه‪ :‬إنمس شباب أغمار سسفيهة‬
‫أحلم هم‪ ،‬ا نبى أ بو حزة ‪-‬رح ه ال‪ -‬يرد عن أ صحابه ويذ كر ما سنهم‪،‬‬
‫فقد جاء إل منب رسول ال وخطب خطبة طويلة‪ ،‬وقال فيها مثنياً على‬

‫‪9‬‬
‫أ صحابه(‪ « :)1‬يا أ هل الدي نة تعيون ن بأ صحاب‪ ،‬تزعمون أن م شباب‪ ،‬و هل‬
‫كان أصحاب رسول ال إل شباباً؟ نعم؛ شباب وال مكتهلون ف شبابم‬
‫غضيضة عن الرام أعينهم‪ ،‬بطيئة عن الشر أقدامهم‪ ،‬أنضاء عبادة وأطلح‬
‫سسهر‪ ،‬موصسول كللمس بكللمس‪ ،‬وقيام ليلهسم بصسيام نارهسم‪ ،‬قسد أكلت‬
‫الرض جباههم وأيديهم وركبهم من طول السجود‪ ،‬مصفرة ألوانم‪ ،‬ناحلة‬
‫أجسامهم من كثرة القيام وطول الصيام‪ ،‬لقد نظر ال إليهم ف جوف الليل‬
‫منحنية أصلبم على أجزاء القرآن‪ ،‬إذا م ّر أحدهم بآية فيها ذكر النة بكى‬
‫شوقاً إلي ها‪ ،‬وإذا م ّر بآ ية في ها ذ كر النار ش هق شه قة كأن زف ي جه نم ف‬
‫أذن يه‪ ،‬م ستقلون ذلك ف ج نب ال‪ ،‬م ستنجزون لو عد ال‪ ،‬ح ت إذا رأوا‬
‫سهام العدو قد ُفوّقت‪ ،‬ورماحه قد أشرعت‪ ،‬وسيوفه قد انتضيت‪ ،‬وأرعدت‬
‫الكتيبة بصواعق الوت وأبرقت‪ ،‬استهانوا وعيد الكتيبة بوعد ال‪ ،‬فلقوا شبا‬
‫ال سنة‪ ،‬وشائك ال سهام‪ ،‬و حد ال سيوف بوجوه هم و صدورهم ونور هم‪،‬‬
‫ومضسى الشاب هنالك قدماً‪ ،‬حتس اختلفست رجله على عنسق فرسسه‪ ،‬فخرّ‬
‫صسريعاً فس الثرى‪ ،‬ورملت ماسسن وجهسه بالدماء‪ ،‬وأسسرعت إليسه سسباع‬
‫الرض وان ط إل يه ط ي ال سماء‪ ،‬ف كم من ع ي ف منقار طائر طال ا ب كى‬
‫صاحبها ف جوف الليل من خشية ال‪ ،‬وكم من يد أبينت عن ساعدها طالا‬
‫() من أراد الطبة كاملة فهي موجودة ف (العقود الفضية ف أصول الباضية) الشيخ سال بن‬ ‫‪1‬‬

‫حد الارثي‪( ،‬ص‪.)208-‍207‬‬


‫‪10‬‬
‫اعت مد علي ها صاحبها ف سجوده ل‪ ،‬و كم من خد عت يق قد فلق بع مد‬
‫الديد‪ ،‬فرحم ال تلك البدان‪ ،‬وأدخل أرواحهم النان»‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إل شباب السلف الصال ند أولئك الشباب هم متصفي‬


‫بذه الصفات الميدة‪ ،‬فالسواعد الت فتحت المصار‪ ،‬والت نشرت أربابا‬
‫السلم ف الرض إنا كانت تلك السواعد سواعد فتية تربوا على القرآن‬
‫وعلى سسنة النسب ممسد عليسه وعلى آله وصسحبه أفضسل الصسلة والسسلم‪،‬‬
‫فالذ ين نشروا د ين ال ف الرض وفتحوا فارس والروم إن ا كانوا مت صفي‬
‫بذه ال صفات ال ت ي صف ب ا أ بو حزة أ صحابه‪ ،‬و قد جعلت هذه الفضائل‬
‫الت هم متصفون با من ألسنة أعدائهم وسائل إعلم فكانت ألسنة أعدائهم‬
‫تتنا قل مامد هم‪ ،‬وتنشر ها ف متلف الو ساط‪ ،‬وكا نت هذه الحا مد ال ت‬
‫يتلوها أعداء السلم هي الداعية إل اعتناق السلم‪ ،‬فلنسمع إل شيخ من‬
‫الروم حضر معركة من معارك السلمي‪ ،‬وشاهد أحوال السلمي‪ ،‬وما كانوا‬
‫عليه قال‪« :‬إنم يقومون الليل ويصومون النهار‪ ،‬ويوفون بالعهد‪ ،‬ويأمرون‬
‫بالعروف‪ ،‬ويتناهون عن النكر‪ ،‬ويتناصفون بينهم» وقال آخر ‪-‬من شيوخ‬
‫الروم أيضا‪ -‬يصف جنود السلمي ومعظم هؤلء النود من الشباب ‪-‬كما‬
‫قلت‪ -‬قال فيهم‪ « :‬هم فرسان بالنهار‪ ،‬رهبان بالليل‪ ،‬ل يأكلون ف ذمتهم‬
‫إل بثمن‪ ،‬ول يدخلون إل بسلم‪ ،‬يقضون على ما حاربوا حت يأتوا عليه»‬

‫‪11‬‬
‫ويقول آخر فيهم‪« :‬أ ما الل يل فرهبان‪ ،‬وأ ما النهار ففر سان‪ ،‬يريشون الن بل‬
‫ويروونا‪ ،‬ويثقفون القنا‪ ،‬لو حدّثت جليسك حديثاً ما سعه عنك لا عل من‬
‫أصواتم من القرآن والذكر»‪.‬‬

‫هذه هي صفات شباب السلمي السالفي‪ ،‬الذين كانوا على استقامة‬


‫من أمرهم‪ ،‬الذين صفت عقيدتم‪ ،‬والذين زكت أعمالم‪ ،‬والذين خلصت‬
‫نياتمس لوجسه ال سسبحانه وتعال‪ ،‬ومسا السسر فس وصسول الشباب إل هذا‬
‫ال ستوى الرف يع من ال ستقامة والف ضل؟ ال سر ف ذلك أن معلم هم الول‬
‫و هو ر سول ال إن ا ربا هم على القرآن الكر ي‪ ،‬ف قد كانوا يتلون كتاب‬
‫ال ويعملون بأمره ويزدجرون عن نيه‪ ،‬ويرصون على تطبيقه ف حياتم‪.‬‬

‫نزعة الستقلل تضعف هاجس الهزيمة‬


‫ولقد كان رسول ال يربيهم أيضاً على النسزعة إل الستقلل ف‬
‫كل ش يء ح ت ل يكونوا ف ش يء من الشياء م صابي بالزي ة النف سية‪،‬‬
‫متأثرين بسلوك أعدائهم‪ ،‬إنا كان رسول ال يرب الجتمع السلمي كله‬
‫على ال ستقلل التام‪ ،‬ح يث ل تكون هنالك صلة بي نه وب ي أعدائه‪ ،‬ل ف‬
‫العتقادات ول ف الخلق‪ ،‬ول ف السلوك‪ ،‬ول ف أية ناحية من النواحي‪،‬‬
‫فل ي صل ج سر ب ي الا نبي‪ ،‬ول يؤلف ف كر ب ي الطائفت ي‪ ،‬إن ا الؤمنون‬

‫‪12‬‬
‫كانوا مسستقلي اسستقللً تاماً‪ ،‬ويدل على ذلك أن رسسول ال كان‬
‫فس حالة دفسن ميست‪ ،‬وكانوا قياماً فمرّ يهودي وقال‪ :‬هكذا‬ ‫وأصسحابه‬
‫وأ مر أ صحابه بالقعود مال فة لليهود ح ت ل‬ ‫ت صنع أحبار نا‪ .‬فق عد ال نب‬
‫يتأ ثر ال سلمون بالزي ة النف سية‪ ،‬فلم ي كن موجوداً في هم ما ي سمى ع ند‬
‫علماء النفس بس(مركب النقص) إنا كانوا ينسزعون إل الستقلل ف كل‬
‫ش يء‪ ،‬ف العتقادات والت صورات‪ ،‬و ف ال سلوك والخلق‪ ،‬و ف الظا هر‬
‫والسمات‪ ،‬فكان الجتمع السلم متمعاً مستقلً من أية ناحية من النواحي‪.‬‬

‫واليوم إن ا نرى شباب ال سلمي على ال خص قد أ صيبوا مع ال سف‬


‫الشديد با يسمى بس(مركب النقص) وقد أثّر عليهم الغزو الفكري الطي‪،‬‬
‫فقد أصبحوا يرون أن تقليدهم لعدائهم إنا هو عنوان الرقي ورمز التقدم‪،‬‬
‫ياول كل واحد منهم أن يتشبه بأعداء السلم بظاهره وساته‪ ،‬ف أخلقه‬
‫و سلوكه‪ ،‬ف حال ته وعادا ته‪ ،‬ف كل ناح ية من نوا حي حيا ته‪ ،‬ون ن إذا‬
‫استقرينا التاريخ وتأملناه تأمل معن فإننا نرى أن الالة كانت على عكس ما‬
‫نرى اليوم‪ ،‬يوم أن كان صوت السلم يرجّ الرض رجّاً‪ ،‬وكان السلمون‬
‫من القوة والعزة والكانة بيث إذا تدث أحدهم صمت الدهر‪ ،‬وإذا حكم‬
‫أحدهم خضع الزمن‪ ،‬كان المر على عكس ذلك تاماً‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫جانب من تأثير المعتقدات السلمية‬
‫على غير المسلمين‬
‫ولقد تأثر أعداء السلم أنفسهم بكثي من عادات السلمي‪ ،‬بل تأثر‬
‫أعداء السسلم أنفسسهم بكثيس مسن العتقدات السسلمية‪ ،‬والدلة على هذا‬
‫الذي قلناه أدلة متضافرة‪ ،‬أدلة ظاهرة ل ينكرها إل من ل يقرأ التاريخ‪ ،‬فلقد‬
‫مرت فترة من الفترات ف أوروبا ياول فيها النصارى أن يتشبهوا بالسلمي‬
‫ف كث ي من العادات‪ ،‬و ف كث ي من الخلق؛ ف في مقاط عة فرن سية قدي ة‬
‫ت سمى ( سبتبانيا) ظ هر ف هذه القاط عة ف القرن الثا ن والثالث الجري ي‬
‫‪-‬أي نو القرن الثامن اليلدي‪ -‬إنكار للعتراف أمام القساوسة‪ ،‬فقد كان‬
‫الناس ينكرون كل النكار العتراف أمام القسيسي وجعلوا ذلك من عبادة‬
‫لغ ي ال سبحانه وتعال‪ ،‬و من العلوم أن الديا نة الن صرانية الختل طة كا نت‬
‫تفرض عليهسم العتراف أمام القسسيسي وهذا أمسر قسد وجسد عندهسم على‬
‫متلف مراحل التاريخ‪.‬‬

‫باذا تأ ثر هؤلء ح ت أنكروا هذا العتراف؟ تأثروا بأحوال ال سلمي؛‬


‫فقسد كانوا يرون العتراف والضوع للنسسان مسن باب عبادة غيس ال‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬وال سلمون عقيدت م سليمة تقت ضي أن العبادة ل سبحانه‪،‬‬
‫فكما يب أن يوحّد ال ف ربوبيته يب أيضاً أن يوحّد ف ألوهيته‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ول قد مرت فترة من الفترات الول أيضاً ف أوروبا وجد في ها إنكار‬
‫شديد لعبادة الصنام ونصب التماثيل‪ ،‬فقد وجد ف عهد المباطور (ِليُو‬
‫الثالث) هذا الع هد الذي كان مت صفاً بإنكار عبادة ال صنام‪ ،‬و جد ف ذلك‬
‫الوقت طائفة من الناس وعلى رأسهم هذا المباطور‪ ،‬ينهون كل النهي عن‬
‫الثول أمام التماثيسل‪ ،‬ولقسد أصسدر هذا المسباطور نفسسه أمراً فس عام (‬
‫‪726‬م) ينع فيه أي واحد من رعاياه أن يضع لتمثال من التماثيل‪ ،‬وأصدر‬
‫أمراً آخر ف عام (‪730‬م) يقتضي أن ذلك من الوثنية الت يب أن تارب‪،‬‬
‫و قد سيته ف ذلك (لِيُو الرا بع) و(ق سطنطي الا مس) و قد أدى ذلك إل‬
‫شقاق كبي بين هم وب ي طائ فة من الن صارى من هم (جرمانيوس)(‪ )1‬بطريرك‬
‫القسطنطينية ومنهم المباطورة (إيرين)(‪ )2‬ومنهم جاعات أخرى من رجال‬
‫ال سياسة‪ ،‬و من رجال الد ين الن صران‪ ،‬وإن ا يهم نا من هذا أن هذا الن هج‬
‫الشديسد عسن الضوع للتماثيسل إناس كان تأثراً بالسسلم يوم كانست قوة‬
‫السسلمي ضاربسة ِجرَاناس فس الرض‪ ،‬وكذلك ظهسر أحسد السساقفة وهسو‬

‫() جرمانيوس (القديس) بطريرك القسطنطينية (‪802-715‬م) دافع عن تكري اليقونات فعُزل‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫توف عام (‪( .)733‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍212‬‬


‫() إيرينا‪ ،‬إمباطورة بيزنطية (‪802-797‬م) ملكت بعد وفاة زوجها لون بالوصاية على ابنها‬ ‫‪2‬‬

‫قسطنطي السادس‪ ،‬دافعت عن اليقونات‪ ،‬وسعت لعقد ممع نيقية الثان (‪787‬م) دفعت الزية‬
‫لارون الرشيد‪ ،‬ماتت منفية ف لسبوس‪( .‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍100‬‬
‫‪15‬‬
‫السسقف (كلوبيوس) أسسقف توريسن فس القرن الثالث الجري‪ ،‬ظهسر هذا‬
‫ال سقف بأ مر جد يد و هو الن هي ف أ سقفيته عن عبادة ال صنام أيضاً‪ ،‬ث‬
‫أ صدر أمراً ب عد ذلك بتحطيم ها وإحراق ها‪ ،‬وهذا يدل على تأثره بال سلم‬
‫ول عجب ف ذلك فإنه قد ترب وولد ف الندلس يوم كانت الندلس عربية‬
‫مسلمة‪ ،‬وكانت مزدهرة بأحكام القرآن وأحكام سنة الصطفى صلوات ال‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬وكانت مركز إشعاع إسلمي فقد اعترف كثي من الكتاب‬
‫الغربي ي وغي هم أن ال مم كل ها قد تأثرت ف عقائد ها و ف أخلق ها و ف‬
‫أحوالاس بالسسلم‪ ،‬و من الذيسن سسجلوا هذا العتراف (لل َنهْرو) (‪ )1‬الذي‬
‫كان سابقاً رئ يس وزراء ال ند ف قد قال‪« :‬إن دخول ال سلم ف ال ند هو‬
‫الذي أ تى على كثي من مفاسد الناد كة واجتثها‪ ،‬وح صل احترام الن سان‬
‫للنسسان بعسد أن كان النظام الطبقسي الائر سسائداً فس النسد‪ ،‬ومسن الذيسن‬
‫اعترفوا بذلك أيضاً ب عض ال سياسيي النود‪ ،‬ف قد ك تب أحد هم أن عقيدة‬
‫النادكسة قسد تأثرت كثياً بعقيدة التوحيسد‪ ،‬فقسد كانوا يصسرحون أن الرب‬

‫() نرو (جواهر لل) (‪1964-1889‬م) سياسي هندي‪ ،‬من مؤسسي استقلل الند الديثة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫كان تلميذا لغاندي وساعده الين ف بناء الدولة الديدة‪ ،‬قضى تسع سنوات ف السجون‬
‫البيطانية مناضلً من أجل الستقلل‪ ،‬رئيس الوزارة ‪1964-1947‬م‪ ،‬له مؤلفات نالت شهرة‬
‫عالية أهها (لحات من تاريخ العال)‪( .‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍714‬‬
‫‪16‬‬
‫العبود إنا هو الرب الواحد‪ ،‬وهو الذي تطلب منه السعادة‪ ،‬وهو الذي تق‬
‫له العبادة‪ ،‬وإن كانوا يذكرون أرباباً أخرى»‪.‬‬

‫هذا التأثر ف الواقع إنا هو من ماسن السلم الذي طرق أبواب الند‬
‫ودخلها أيام قوة السلمي‪ ،‬ولقد كتب بعض الكتاب النود أن السلم قد‬
‫أثسر على النسد تأثياً فكرياً أكثسر منسه تأثياً سسياسياً‪ ،‬ولقسد كتسب بعسض‬
‫الكتاب الغربيي معترفاً بأنه ل توجد مدنية من الدنيات ف الرض إل وهي‬
‫مدينسة للسسلم فهسي متأثرة بسه‪ ،‬وقال أيضاً‪ :‬إن أوروبسا ل تُعِد إليهسا الياة‬
‫العلوم الطبيعية‪ ،‬وإنا أعاد إليها الياة السلم بأشعته الت بعثها إليها‪ ،‬وهذا‬
‫من اعتراف خصوم السلم‪.‬‬

‫ن ن إذا ا ستقرينا التار يخ إن ا ن د أن ذلك كان ف الو قت الذي كان‬


‫ف يه سلطان ال سلمي قاهراً ف الرض‪ ،‬فإن من سنة ال ف خل قه أن يتأ ثر‬
‫الغلوب بالغالب‪ ،‬وهكذا انع كس ال مر اليوم عند ما أ صبحنا مغلوب ي‪ ،‬ف قد‬
‫أ صبحنا ق بل كل ش يء مهزوم ي نف سياً‪ ،‬وأ صبحنا نر غب كل الرغ بة ف‬
‫تقليد أعدائنا ف مظاهر حياتم‪.‬‬

‫السلم كل ل يتجزأ‬
‫‪17‬‬
‫ولقد مرّت فترة ف أوروبا إذا وجد ف أي بلدة من بلدانا مسلم من‬
‫السسلمي تصسمت أجراس الكنائس احتراماً لذلك السسلم حتس يرج مسن‬
‫ذلك البلد‪.‬‬

‫وهذا ‪-‬كمسا قلت‪ -‬عندمسا كانست للمسسلمي قوة وعندمسا كانوا ل‬


‫يت ساهلون ف ذرة من إ سلمهم‪ ،‬وكانوا ل يفرطون ف جزئ ية من جزئيات‬
‫دينهم‪ ،‬ول يكونوا ف ذلك الوقت يُفرّقون بي أمر وأمر من أوامر ال تعال‪،‬‬
‫وأوامر رسوله إنا يتلون قول الق تبارك وتعال‪َ :‬ومَا كَا َن ِلمُ ْؤمِ نٍ وَلَا‬
‫ُمؤْمَِن ٍة ِإذَا قَضَى اللّ هُ َورَ سُوُل ُه أَ ْمرًا أَن َيكُو َن َلهُ مُ اْلخَِيرَ ُة مِ ْن َأ ْمرِهِ مْ وَمَن‬
‫ضلَالًا مّبِينًا (‪ )1‬ول يكونوا يرون شيئاً من أوامر‬
‫ضلّ َ‬
‫ص اللّهَ وَرَسُولَ ُه فَقَ ْد َ‬
‫يَعْ ِ‬
‫ال سلم من الشكليات ك ما ياول كث ي من الناس أن يقول ف وقت نا هذا‪،‬‬
‫يُفرّقون بيس أوامسر وأوامسر فيجعلون هذه مسن الوهريات وهذه مسن‬
‫الشكليات‪ ،‬ويقولون يبس على الناس فس هذا العصسر أن ل يتشددوا فس‬
‫الشكليات‪ ،‬والواقع أن كل أمر من أوامر ال تعال أو من أوامر رسوله‬
‫إن فرط فيه السلم فإنا ذلك يقدح ف إيانه إذِ الؤمن الذي يؤمن بال رباً‬
‫وبح مد ر سولً وبالقرآن د ستوراً ل ير ضى أن يفرط ف ش يء م ا يأمره‬

‫() الحزاب‪.36/‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪18‬‬
‫القس تبارك وتعال لنسه يقتنسع كسل القتناع أن ال سسبحانه وتعال ل يكسن‬
‫ليأمره إل لا فيه الي‪ ،‬ول يكن لينهاه إل عما فيه الشر‪.‬‬

‫أسباب الهزيمة النفسية عند المسلمين‬


‫اليوم‬
‫والسلمون ف هذه الفترة الت أصيبوا فيها بالزية النفسية وأصبحوا‬
‫يفرطون ف كثي من أوامر ربم ويتسابقون ف ميدان تقليد أعدائهم‪ ،‬يب‬
‫عليهسم أن يدرسسوا بدقسة وإمعان السسباب التس أوجدت فيهسم هذه الزيةس‬
‫النفسية‪.‬‬

‫ما هي هذه ال سباب؟ ح ت أ صبح شباب نا يتفاخرون بتقل يد الغربي ي‬


‫ويرون التمسك بالعادات السلمية والداب الشرعية شيئاً ملًً بتقدمهم‬
‫ف هذا العصر‪ ،‬ويتفاخرون بأن يصلوا إل أوروبا وأن َيطّلعوا على مفاسدها‪،‬‬
‫وأن يعيشوا ف الوسط النحل الساقط‪ ،‬يتفاخرون بذلك‪ ،‬ول ياول أحدهم‬
‫ف حيا ته أن يذ هب إل الب يت الرام‪ ،‬وي قف تلك الوا قف ويتذ كر تار يخ‬
‫سلف ال سلمي‪ ،‬ويتذ كر الع هد الذي انب ثق ف يه ال سلم من ذلك الكان‬
‫الطاهر القدس‪ ،‬وانتشرت من هناك دعوته ف الرض حت ملت الفاق‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ون ن إذا أمع نا الن ظر ف أ سباب الزي ة النف سية نرى أ سبابا كثية‬
‫متعددة ل ن ستطيع ح صرها‪ ،‬ول كن نذ كر من أ سبابا ض عف الوازع الدي ن‬
‫وقلة التوعيسة السسلمية‪ ،‬تلك التوعيسة التس تقود الشباب إل حضية العسز‬
‫وتأ خذ بأيدي هم إل ما ف يه سلمتهم ف حيات م و ف حيات م الخرى‪ ،‬و من‬
‫ضمسن السسباب التس سسببت ذلك تغلل السستعمار فس كثيس مسن البلد‬
‫ال سلمية وانتشار شره ف الرض‪ ،‬فإن ال ستعمار ل يلج بلداً إل وين فث‬
‫فيه سومه‪ ،‬وياول جهده أن يفتت العقيدة السلمية‪ ،‬وياول جهده أن ييع‬
‫أخلق السلمي‪ ،‬وأن يقطع صلتهم باضيهم‪ ،‬وأن يفقدهم ثقتهم بدينهم‪.‬‬

‫وإذا كان الستعمار ف عصرنا هذا قد خرج بعتاده العسكري وبقواته‬


‫السلحة من كثي من بلد السلم فإننا يب علينا أن نعلم أنه أخذ يوض‬
‫معركسة ل تقسل ضراوة عسن تلك العركسة الول‪ ،‬بسل نزل الن إل ميدان‬
‫الرب بوسائله الفكرية‪ ،‬ومع السف الشديد فإن هذه الرب الفية ل تل قَ‬
‫مقاومة من جانب السلمي‪ ،‬إذ ل يكن من جانبهم إل الستسلم التام وأخذ‬
‫كثي منهم يفتخرون بأن بلد هم قد تررت من سلطة ال ستعمار‪ ،‬والواقع‬
‫أن التحرر ي ب أن يكون للقلوب ق بل الرض‪ ،‬فأي قي مة لر ية الرض إذا‬
‫كانت القلوب مسترقة مستعبدة‪ ،‬وأي قيمة للستقلل السياسي إذا كانت‬
‫الفكار مسترقة مقيدة‪ ،‬إنا يب قبل كل شيء ترر الفكر عند السلمي‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫ي ب ترر القلوب ح ت ل يروا هنالك أ ية عزة ف صفوف أعدائ هم‪ ،‬وإن ا‬
‫العز كل العز ف التمسك بأهداب أمر ال سبحانه‪ ،‬وف اتباع ما ف كتابه‬
‫وسنة نبيه ‪.‬‬

‫هذه الرب الفيسة يبس أن تقابسل بنظيهسا‪ ،‬فالفكسر يبس أن يقابسل‬


‫بالف كر‪ ،‬ومقابلة الف كر بالف كر ف م ثل هذا الوضوع إن ا هو بن شر الو عي‬
‫السلمي ف أوساط السلمي‪.‬‬

‫منظمات الجاهلية الحديثة تتكاتف ضد‬


‫الخير‬
‫و من ال سباب ال ت د عت ال سلمي إل ال ستهانة بكث ي من أوا مر‬
‫دين هم‪ ،‬والبتعاد عن كث ي من عادات م ال ت كان علي ها أ سلفهم‪ ،‬تكا تف‬
‫النظمات العاليسة‪ ،‬النظمات الاهليسة الديثسة‪ ،‬وهذه النظمات بفروعهسا‬
‫التعددة أكثر من أن تصى‪ ،‬ولكن أمهاتا ثلث اليهودية العالية‪ ،‬والشيوعية‬
‫اللحدة‪ ،‬وال صليبية الاقدة‪ ،‬هذه هي منظمات الاهل ية الدي ثة و ما انب ثق‬
‫عنها من منظمات‪.‬‬

‫أمسا اليهوديسة فإناس تسسعى كسل السسعي لبعاد الناس عمسا ورثوه مسن‬
‫أ سلفهم من ق يم ومعتقدات وأخلق‪ ،‬وهذا وا ضح مفهوم ك ما تُنْبِئ ع نه‬

‫‪21‬‬
‫بروتوكولت حكماء صهيون الت نتج عنها الؤتر الصهيون(‪ )1‬الذي انعقد‬
‫ف سويسرا ف عام ‪1897‬م ف قد كان هذا الؤت ر من‬ ‫(‪)2‬‬
‫ف مدي نة (بال)‬
‫أخ طر الؤترات‪ ،‬نظ مت ف يه ال صهيونية(‪ )3‬العال ية خطط ها لتحو يل العال إل‬
‫ملكسة يهوديسة‪ ،‬ووضعوا الخططات لتحطيسم العال وبناء دولة يهوديسة على‬

‫() الؤتر الصهيون‪ :‬هو الؤسسة العليا للمنظمة الصهيونية العالية‪ ،‬من مهام الؤتر الرئيسية تلقي‬ ‫‪1‬‬

‫تقارير إدارة النظمة الصهيونية ومؤسسات الركة الصهيونية‪ ،‬ابتدع هذا الؤتر (هرتزل) فمنذ =‬
‫= نشاطه الصهيون أوجد فكرة عقد مؤتر صهيون مستهدفاً من ذلك إنشاء جعية وطنية يهودية‬
‫على نط الجالس التشريعية قبل قيام إسرائيل‪ ،‬كانت الؤترات الصهيونية تعقد ف مدن متلفة من‬
‫أوروبا ومنذ سنة ‪1951‬م أصبحت تعقد ف القدس‪ ،‬وف البداية كان الؤتر يعقد مرة ف السنة‪،‬‬
‫ث صار يعقد مرة كل سنتي‪ ،‬ومؤخراً مرة كل ثلث سنوات‪ ،‬للمؤتر رئاسة خاصة ولان‬
‫متلفة منها‪ :‬اللجنة الدائمة‪ ،‬ولنة التنظيم واللجنة السياسية‪( .‬موسوعة السياسة‪ ،‬عبد الوهاب‬
‫الكيال‪.‬‬
‫() بال (بازل) مدينة شال سويسرا على الرين‪ ،‬عقد فيها ممع مسكون‪ ،‬انتقل بعدئذ إل فلورنسا‬ ‫‪2‬‬

‫عام ‪1431‬م‪ ،‬ومعاهدة بي فرنسا وبروسيا‪ ،‬وبي فرنسا وإسبانيا ‪1795‬م‪ ،‬مركز صناعي‬
‫وتاري‪( .‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍109‬‬
‫() الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي إل إقامة دولة لليهود ف فلسطي تكم من‬ ‫‪3‬‬

‫خللا العال كله‪ ،‬واشتقت الصهيونية من اسم (صهيون) حيث تأمل وتطمع الصهيونية أن تشيد‬
‫فيه هيكلً لسليمان وتقيم ملكة لا وتكون عاصمتها القدس‪ ،‬وهي الواجهة السياسية لليهودية‬
‫العالية‪ ،‬ولا ف جل الجهزة الكومية ف العال يد مسيطرة موجهة تعمل لصلحتها‪ ،‬وهي الت‬
‫تقود إسرائيل وتطط لا‪ ،‬وللصهيونية مئات المعيات ف أوروبا وأمريكا ف متلف الجالت الت‬
‫تبدوا متناقضة ف الظاهر لكنها كلها ف الواقع تعمل لصلحة اليهودية العالية‪( .‬حركات هدامة‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫أنقاضه‪ ،‬تسود العال من أقصاه إل أقصاه‪ ،‬ومن الوسائل الت يعتمدون عليها‬
‫بروتوكولتمس‪ )1‬هسي إياد الشقاق بيس السسلمي‪ ،‬وإثارة‬
‫(‬
‫كمسا تنبسئ عنهسا‬
‫البلبسل بينهسم‪ ،‬وماولة إشاعسة الرذيلة بينهسم‪ ،‬وماولة طسي الفضيلة عنهسم‪،‬‬
‫واسستخدام كسل وسسيلة مسن وسسائل العلم كالفلم الليعسة النحطسة‬
‫والصحافة الاجنة‪.‬‬

‫هذه هي الو سائل ال ت ي ستخدمونا ف تقو يض صروح ال مم ح ت‬


‫تكون المم كلها أنقاضاً يبنون عليها دولة يهودية تسود العال؛ وقد انبثقت‬
‫منظمات عدة من هذه النظمة اليهودية الكبى‪ ،‬من هذه النظمات الاسونية‬
‫والبهائية ومنظمات أخرى‪.‬‬

‫أحد عبد الرحيم‪ ،‬ط‪/1‬ص‪‍158‬وما بعدها)‪.‬‬


‫() بروتوكولت حكماء صهيون أو على الصح (مقرراتم) معروفة‪ ،‬وقد نشرت ف عدة لغات‬ ‫‪1‬‬

‫وكان لنشرها ضجة عظيمة ف جيع الوساط العالية‪ :‬الدينية أو السياسية أو الجتماعية‪،‬‬
‫والبوتوكولت ليست خططاً تفصيلية يكن تغييها بال من الحوال‪ ،‬فهي بنـزلة الدستور‪،‬‬
‫وإن كانت ترسم الطوط العريضة إل أنه ينسب إليها كل عمل من أعمالم مهم صغر‪ ،‬ويوزن‬
‫بيزانا كل التصرف‪ ،‬وما يكن تغييه من هذه البوتوكولت هو مراحلها التكتيكية حسب‬
‫قدراتم على التنفيذ‪ ،‬والبوتوكولت (القررات) تستمد روحها من التعاليم اليهودية الواردة ف‬
‫التوراة (العهد القدي) والت جعها اليهود كتاريخ بعد موسى عليه السلم بئات السني تت اسم‬
‫(السفار)‪( .‬بروتوكولت حكماء صهيون وتعاليم التلمود‪ ،‬شوقي عبد الناصر‪ ،‬ط‪/5‬ص‪.)‍13‬‬
‫‪23‬‬
‫والنظمة الكبى الثانية هي الشيوعية وهي بنت اليهودية‪ ،‬لن الذين‬
‫قاموا با ونشروا الدعايات لا وأسسوها إنا هم من اليهود‪ ،‬فإمام الشيوعية‬
‫الكسبي (كارل ماركسس)(‪ )1‬هسو نفسسه مسن اليهود‪ ،‬والذيسن قاموا بالثورة‬

‫() ماركس‪ ،‬كارل (‪1883-1818‬م) فيلسوف اشتراكي ألان ومناضل ثوري‪ ،‬ولد ف مدينة‬ ‫‪1‬‬

‫ثرير بنطقة الراين‪ ،‬التحق بامعت بون وبرلي‪ ،‬حيث درس القانون ولكنه التحق أيضا بناهج‬
‫أخرى من بينها اليثولوجيا اليونانية‪ ،‬وتاريخ الفن‪ ،‬وخلل إقامته ف بون انضم إل نادي الشعراء‬
‫ونظم الكثي من الشعر‪ ،‬واستمر ف كتابة الشعر مضحيا بصحته ف سبيل العمل ليلً ونارا‪،‬‬
‫حصل ماركس على شهادة الدكتوراة من جامعة بيينا‪ ،‬وف عام ‪1842‬انتقل إل بون وبدأ يعمل‬
‫ف الصحافة الثورية كمجلة (إنيسن تسايتونغ) ث اشترى مع أصدقاء له جريدة (كولون‪ -‬فازيت)‬
‫وحولا إل جريدة اشتراكية ثورية تت اسم (راينيسن نازيت) عكف ماركس على دراسة مضنية‬
‫لعمال كبار لكتاب القتصاديي والسياسيي الثوريي ث اشترك مع انفلز ف تأليف كتاب‬
‫(اليدولوجية اللانية) الذي انتقد الفكار الثورية الرومانيكية‪ ،‬لكن الكتاب ل ينشر إل ف عام‬
‫‪1932‬م‪ ،‬وف بروكسل أت نظريته عن الادية التاريية ف الوقت الذي كان ينظم فيه (لان‬
‫مراسلة) تربط الشتراكيي والشيوعيي البلجيكيي واللان والفرنسيي والنكليز‪ ،‬كما حاضر‬
‫مهاجا الشيوعية العاظفية والرومانيكية الت كان يثلها بأسلوب قاسي‪ ،‬ساعد ف إنشاء التاد‬
‫الدول للعمال الذي سي فيما بعد باسم الهية الشتراكية‪ ،‬كان يعان كارل من أمراض عديدة‬
‫ألزمته أن يلزم الفراش إل أن توف ف ‪ 14‬مارس ‪1883‬م إثر إصابته براج ف الرئة‪.‬‬
‫لقد كان لاركس والاركسية تأثيها الفائق على الطبقة العاملة والركات‬
‫الثورية جيعا ف القرن العشرين‪ ،‬ما تدر الشارة إليه أن ماركس ل يعتب نفسه تابع للماركسية‬
‫فقد قال ذات مرة‪( :‬أيا كنت فلست ماركسيا) ومن أبرز أعمال كارل ماركس الرأسال (‬
‫‪24‬‬
‫البلشفية(‪ )1‬ف روسيا هم من أيضاً من اليهود‪ ،‬والذين روّجوا الشيوعية حت‬
‫فس البلد العربيسة هسم أيضاً مسن اليهود‪ ،‬وهذه الشيوعيسة هسي مسن أكسب‬
‫الخطار‪ ،‬فإناس تبتلع الطارف والتليسد‪ ،‬تقضسي على معتقدات الناس وعلى‬
‫قيمهم وأخلقهم واقتصادهم وتصادر حرياتم‪ ،‬وتبدلم بنعيم الياة جهنماً‬
‫حراء‪ ،‬و ما من دعا ية ينشر ها الشيوعيون إل وي تبيّن الناس ما وراء ها من‬
‫الفضائح الكبى‪ ،‬ولقد اعترف جاعة من الشيوعي أنفسهم بأنم قد فشلوا‬
‫فشلً كسبياً مسن الناحيسة القتصسادية‪ ،‬ولقسد كتسب ذلك غيس واحسد مسن‬
‫السياسيي الروس من أنفسهم‪.‬‬

‫والنظمة الثالثة الكبى هي النظمة الصليبية الت تتجلى ف التبشي‪.‬‬

‫‪ = = )1894-1867‬الصراع الطبقي ف فرنسا (‪ )1850‬بيان الزب الشيوعي (‪…)1848‬‬


‫إل‪( .‬موسوعة السياسة‪ ،‬الؤلف الرئيسي عبد الوهاب الكيال‪ ،‬ط‪.)3‬‬
‫() أصل التسمية (البلشفيكي) و(النشفيكي) والبلشفية ليست دعوة ثورية مستقلة بذاتا‪ ،‬ولكنها‬ ‫‪1‬‬

‫مظهر من مظاهر الدعوات الدامة العلنية‪ ،‬ويطلق على الذين التفوا حول (ليني) ف مؤتر حزب‬
‫العمال الروسي الذي عقد ف (لندرة) ف صيف ‪1903‬م‪ ،‬بالبلشفة وهم قادة الثورة الروسية‪،‬‬
‫وعرفت مبادئهم بالبلشفية على أنا ليست سوى الشيوعية الاركسية‪ ،‬ومن أشهر الزعماء البلشفة‬
‫(ليني) واسه (فلدمي التش أوليانوف) الذي غدا أول رئيس لمهورية السوفييت‪ ،‬و(تروتسكي)‬
‫أو (براونشتي) الذي غدا روح اليش الحر و(تسينوفييف) أو (إبفلباوم) الذي غدا رئيس الدولة‬
‫الشيوعية (حركات هدامة‪ ،‬أحد عبد الرحيم‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪ ‍60‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫اليهود والنصارى والشيوعيون بعضهم‬
‫أولياء بعض‬
‫وننس إذا رجعنسا إل إرشادات ال سسبحانه وتعال لنسا وتذيرنسا مسن‬
‫اليهود والن صارى والشرك ي‪ ،‬ن د أن تذ ير ال سبحانه وتعال يبدأ بأ هل‬
‫الكتاب قبل غيهم‪ ،‬وذلك لن دعايتهم السمومة إنا يغلفونا بغلف دين‪،‬‬
‫وإل فإن الدعوات التبشي ية ل تتلف عن الدعوات ال صهيونية والدعوات‬
‫الشيوعيسة‪ ،‬فهسم ياولون جهدهسم أن يشتتوا الشعوب ويقضوا على المسم‬
‫وهذا واضح جلي ف كثي من اعترافات البشرين أنفسهم‪ ،‬ولنسمع إل قول‬
‫ال سبحانه وتعال‪ :‬وَلَن َت ْرضَى عَنكَ اْلَيهُودُ َولَ النّصَارَى حَتّى تَتّبِعَ ِملَّتهُمْ‬
‫(‪ )1‬نرى أن ال سبحانه وتعال قد جع بي هاتي الطائفتي مع إخباره عنهما‬
‫ف آ ية أخرى أن ما يتعاديان ح ت أن اليهود يقولون‪ :‬لي ست الن صارى على‬
‫شيء‪ ،‬والنصارى كذلك يقولون‪ :‬ليست اليهود على شيء‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫جع ال سبحانه بينهما‪ ،‬وجعل ِملّتهما واحدة حَتّى تَتِّب عَ ِملَّتهُ مْ‬
‫وقال ال سبحانه وتعال ف مو ضع آ خر يَا أَيّهَا الّذِي َن آمَنُوْا لَ َتّتخِذُواْ‬
‫ضهُ ْم أَوْلِيَاء َبعْضٍ وَمَن يَتَوَّلهُم مّنكُمْ فَإِنّهُ ِم ْنهُمْ ِإنّ‬
‫الَْيهُودَ وَالنّصَارَى أَوْلِيَاء َبعْ ُ‬

‫() البقرة‪.120 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة‪.120 /‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪26‬‬
‫ف هذه الية أخبنا ال سبحانه وتعال أن‬ ‫(‪)1‬‬
‫اللّ َه َل َيهْدِي اْلقَوْ مَ الظّاِلمِيَ‬
‫بعضهسم أولياء بعسض‪ ،‬وإذا كان اليهود أولياء النصسارى والنصسارى أولياء‬
‫اليهود فل ع جب إذا وجد نا التعا طف ب ي اليهود والن صارى‪ ،‬وإذا وجد نا‬
‫أيضاً التعا طف ب ي هات ي الطائفت ي وب ي الشيوعي ي فإن الشيوعي ي ‪-‬ك ما‬
‫قلنا‪ -‬إنا هم منبثقون من اليهودية نفسها‪.‬‬

‫إذن الشيوعية بنت اليهودية‪ ،‬واليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض‪،‬‬


‫فل فارق بي اليهود والنصارى والشيوعيي‪ ،‬إنا هم ملة واحدة يمع بينهما‬
‫مبدآن عظيمان‪ :‬الكفسر بال سسبحانه وتعال أولً‪ ،‬وعداوتمس للسسلم‬
‫والسلمي ثانيا‪.‬‬

‫مخططات زويمر‬
‫ولذلك فإن اليهود والبشر ين ال صليبيي ي سعون جهد هم لن ينشروا‬
‫صرّح غ ي وا حد من ق ساوسة البشر ين بل و من‬
‫اللاد ف الرض‪ ،‬ول قد َ‬
‫أ ساتذتم الكبار أن مهمت هم ال كبى هي إخراج ال سلم من ال سلم‪ ،‬ول‬
‫يهمهسم بعسد ذلك كان يهودياً أو كان شيوعياً أو كان نصسرانياً‪ ،‬أو كان‬
‫وجودياً أو كان ماسونياً‪ ،‬إنا مهمتهم الكبى إخراج السلم من إسلمه‪.‬‬

‫() الائدة‪.51 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪27‬‬
‫و من الذ ين صرحوا بذلك الق سيس الشهور (زوي ر)(‪ )1‬الذي عُرف‬
‫بعدائه للسسسلم والسسسلمي‪ ،‬وعُرف بكائده التعددة‪ ،‬وعُرف بهوده‬
‫التواصلة لقصد إخراج السلي عن حضية السلم‪ ،‬فقد قضى ستي عاماً‬
‫ف البلد العرب ية‪ ،‬بل ف الزيرة العرب ية نف سها ال ت ي سميها نف سه «م هد‬
‫السسلم» قضاهسا جهداً متواصسلً وعملً دائباً لحاولة إخراج السسلمي‬
‫عسن السسلم‪ ،‬وهذا القسسيس نفسسه يقول‪« :‬إن مهمتنسا ليسست فس تويسل‬
‫السلم إل النصرانية‪ ،‬إنا مهمتنا ف إخراج السلم عن السلم»(‪.)2‬‬

‫ول قد د عا إل ع قد مؤت ر ف القاهرة ف عام (‪1906‬م) وح ظر هذا‬


‫الؤتر مندوبون من الطوائف التبشيية النتشرة ف البلد السلمية‪ ،‬ووضع‬
‫بي أيديهم خريطة لتنصي العال السلمي ف خسة وعشرين عاما (‪25‬عاما)‬
‫وقال‪« :‬يبس أن يُحارب السسلمون بأبنائهسم‪ ،‬يبس أن تُقطسع الشجرة‬
‫بأغصسانا»‪ ،‬وقال إنسه متفائل بأن العال السسلمي سسيندفع إل النصسرانية‬

‫() هو الدكتور صمويل زوير مستشرق أمريكي‪ ،‬كان بروتستانتيا‪ ،‬من أخطر البشرين الذين‬ ‫‪1‬‬

‫عملوا ف الساحة السلمية‪ ،‬مرر ملة (عال السلم) النكليزية‪ ،‬له مؤلفات عن السلم ف‬
‫العال وعن العلقات بي السيحية والسلم منها (يسوع ف إحياء الغزال) مات ف الامسة‬
‫والثماني من عمره‪ ،‬ولكنه أوصى أن يدفن ف مدافن اليهود‪( .‬العلمانيون والسلم‪ ،‬ممد قطب‪،‬‬
‫ص‪ )‍84‬و(النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍340‬‬
‫() العلمانيون والسلم‪ ،‬ممد قطب‪ ،‬ص‪‍84‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪28‬‬
‫تلقائياً ما دام يتقبل التعاليم الوروبية ويروّج الكثي من الفكار الوروبية‬
‫النتشرة كتحريسر الرأة ونوس هذه الفكرة التس ل يُراد باس إل الدسسائس‬
‫للمسلمي‪.‬‬

‫ث انعقد مؤتر آخر ف (لكَْنهُو) (‪ )1‬أيضاً وهي بلدة من بلد السلم‬


‫وح ضر ف هذا الؤت ر مندوبون من متلف البلد ال سلمية الذ ين يقومون‬
‫بالتبشي ف تلك البلد‪ ،‬وبلغ عدد الندوبون (‪ )262‬حاضراً ف هذا الؤتر‬
‫والراقبون بلغوا (‪ )213‬مراقباً‪ ،‬بينمسا الؤترس الول الذي كان فس القاهرة‬
‫حضره مسن الندوبيس (‪ )62‬وكانست التخطيطات أيضاً إناس توضسع فس هذا‬
‫الؤتر الثان كما فيه ف الؤتر الول لتنصي السلمي وإبعادهم عن حضية‬
‫السلم‪.‬‬

‫زويمر يفشل في تنصير المسلمين‬


‫ولكن يأب ال إل أن يتم نوره‪ ،‬فلقد شاء ال سبحانه وتعال أن يعيش‬
‫زوير نفسه حت تنقضي الدة الت ادّعى أنه يستطيع تنصي السلمي فيها‪،‬‬
‫وتويل العال السلمي إل عال نصران‪ ،‬واعترف نفسه بعد ذلك بالعجز عن‬
‫() لكنهو (لكناو) مدينة ف شال الند‪ ،‬على نر الغانج عاصمة ولية أُتربراديش‪ ،‬تأسست ف القرن‬ ‫‪1‬‬

‫السادس عشر على أنقاض مدينة (لخبور) امتازت بصفاء حضارتا السلمية‪ ،‬احتها النليز‬
‫‪1857‬م‪( .‬النجد‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍603‬‬
‫‪29‬‬
‫ذلك‪ ،‬ففي مؤتر انعقد ف فلسطي‪ ،‬وكان (زوير) نفسه رئيساً لذا الؤتر‬
‫قال فيسه‪« :‬إننسا قسد عجزنسا عسن تويسل السسلمي إل النصسرانية لن الديسن‬
‫السلمي دين قد خالط دماءهم‪ ،‬وقد جرى ف عروقهم ولذلك يب علينا‬
‫أن نُركّز جهدنا ف أن نرجهم من السلم أولً»‪.‬‬

‫أ ما من هذه الناح ية الثان ية و هي إخراج ال سلمي عن ال سلم ف قد‬


‫تظافرت جهود البشريسن وجهود اليهود والشيوعييس حتس اسستطاعوا أن‬
‫يشككوا كثياً من السلمي ف عقيدتم‪ ،‬والخططات التبشيية تقضي بأن‬
‫يش كل ال سلمون ف ال سلم كنظام ي صلح ل كل ع صر من الع صور‪ ،‬و من‬
‫هذه الناحية ي ستطيعون الطعن ف السلمي‪ ،‬الط عن ف عقيدة السلم‪ ،‬لن‬
‫ال سلم ال ق هو الذي يد ين بال سلم وي ستسلم بأ مر ال وينقاد لك مه‪،‬‬
‫ويذ عن لطاع ته‪ ،‬ويرى أن ال ي كله في ما أ مر ال سبحانه وتعال به وال شر‬
‫كله فيما نى ال سبحانه وتعال عنه‪.‬‬

‫و من المور ال ت د عت كثياً من أبناء ال سلمي أن يتهاونوا بتراث هم‬


‫وأن يت ساهلوا ف دين هم وأن ياولوا جهد هم تقل يد أعدائ هم ما يرو نه من‬
‫تقدم العال الغرب ف العلوم الطبيعية‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫العلوم الغربية المتقدمة أساسها‬
‫المسلمون‬
‫والوا قع أن هذه العلوم الطبيع ية ال ت تقدم في ها العال الغر ب؛ إن ا نال‬
‫العال الغربس نصسيبه الوفسر منهسا فس حال ركود السسلمي ونومهسم‪ ،‬وإل‬
‫فالف ضل كل الف ضل ف هذه العلوم نف سها للم سلمي‪ ،‬فالغربيون ل ت صل‬
‫إلي هم هذه العلوم إل بوا سطة ال سلمي‪ ،‬و قد اعترف جا عة كثيون من هم‬
‫بذلك‪ ،‬وما من منصف من كتّابم إل ويسجل هذه القيقة ف كتاباته‪ ،‬ولقد‬
‫عارضت الصليبية كل العارضة هذه العلوم بادئ المر‪.‬‬

‫سمّون برجال الد ين ع ند الوروبيون على‬


‫ول قد تظافرت جهود من يُ َ‬
‫ماربة رجال هذه العلوم‪ ،‬ول قد أعدم شنقاً وتريقاً كثي من الذ ين در سوا‬
‫هذه العلوم‪ ،‬ففي عام من العوام أعدم أكثر من ثلثائة ألف حسب الكم‬
‫الصليب ف الكنائس‪ ،‬واثنان وثلثون ألفاً منهم أعدموا حرقاً بالنار‪ ،‬لجل‬
‫اقتنائهم هذه العلوم الت وصلت إليهم من السلمي‪ ،‬وعندما ركد السلمون‬
‫س وصسلوا إل يه‪،‬‬
‫وناموا قام الوروبيون ونّوا هذه العلوم إل أن وصسلوا إل م ا‬
‫والذ نب ل يس لل سلم إن ا الذ نب ف ت ساهل ال سلمي و ف عدم قيام هم‬
‫بواجب هم و ف بُعد هم عن إرشاد دين هم ل م‪ ،‬فال سبحانه وتعال يأمر نا ف‬

‫‪31‬‬
‫كتابه العزيز بأن نعد العدة الكاملة لعدائنا وََأعِدّوْا َلهُم مّا ا سَْت َطعْتُم مّن‬
‫قُوّ ٍة (‪.)1‬‬

‫ول شك أن ال سلمي لن ي ستطيعوا مافظت هم على ا ستقللم ف أ ية‬


‫ناح ية من النوا حي إل إذا ح صل ل م ال ستقلل التام ف ج يع أمور هم‪ ،‬ف‬
‫اقتصسادهم و ف سياستهم‪ ،‬وفس إنتاج هم‪ ،‬و ف صسناعتهم‪ ،‬وال سلمون إناس‬
‫صاروا عالة على العال الغرب ف الصناعات وف كثي من المور لتفريطهم ف‬
‫دين هم أولً‪ ،‬وعدم مافظت هم على ا ستقللم الذي يأمر هم ال تبارك وتعال‬
‫أن يافظوا عليه‪.‬‬

‫العلوم الوروبية تنتج الدمار‬


‫ولنن ظر إل هذه العلوم ال ت بلغ في ها العال الغر ب إل ما بلغ إل يه‪ ،‬ما‬
‫الذي أنتج ته ف العال الغر ب؟ و ما الذي حقق ته؟ إذا نظر نا ف القض ية بع ي‬
‫العتبار نرى أن ا ل تن تج إل الدمار‪ ،‬ول قد اعترف بذلك كث ي من الكتاب‬
‫النصسفي مسن الغربييس‪ ،‬ل تنتسج إل الدمار‪ ،‬دمار العقيدة ودمار الخلق‪،‬‬
‫وتدمي حياة النسانية أيضاً‪.‬‬

‫() النفال‪60 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪32‬‬
‫وكمسا قلت كثيس مسن الكتاب يعترفون بذلك‪ ،‬فمسن الكتاب الذيسن‬
‫اعترفوا بذلك الدكتور (جود) الذي كان أ ستاذاً ف الفل سفة بام عة لندن‪،‬‬
‫ساب العقيدة‬
‫سا ينموان على حسس‬
‫سا قاله‪« :‬إن العلم والقوة فس زماننس‬
‫فممس‬
‫والخلق» وقال أيضا‪« :‬إننا قد استطعنا أن نتحدث من شرق الرض إل‬
‫من ف غربا‪ ،‬واستطعنا أيضاً أن نقطع السافات الطويلة ف أوقات قصية‪،‬‬
‫وا ستطعنا أيضا أن ن سب ما ف أج سادنا بالش عة‪ ،‬وا ستطعنا أيضا أن نق يس‬
‫السدم(‪ )1‬والجرات(‪ ،)2‬وأن نزن الجرام(‪ ،)3‬ولكننا ل نستطع أن نصنع شيئا‬
‫ما هو بي أيدينا وأرجلنا» ومن غريب ما سجله أنه قال‪« :‬كان يتحدث إل‬
‫فيل سوف هندي‪ ،‬ويذ كر له ما حقق ته أورو با من النتاج‪ ،‬وك يف ا ستطاع‬
‫() السدي ‪ :Nebula‬جسم غاز أو مموعة من النجوم تظهر كضباب ساطع ف ساء الليل‬ ‫‪1‬‬

‫الصافية‪ ،‬وهي أحد أجرام الجرة (النهاية‪ ،‬الكوارث الكونية وأثرها ف مسار الكون‪ ،‬تأليف‬
‫فرانك كلوز‪ /‬ترجة د‪ .‬مصطفى إبراهيم‪ ،‬سلسلة عال العرفة‪/191 ،‬ص‪.)‍353‬‬
‫() الجرات‪ :‬أو الزر الكونية‪ :‬هي وحدات الكون الساسية العظمى‪ ،‬وتتكون كل مرة من‬ ‫‪2‬‬

‫مليارات الجرام السماوية‪ :‬نوم‪ ،‬سدائم‪ ،‬كواكب‪ ،‬مذنبات‪ ،‬نيازك‪ ،‬غبار كون‪ ،‬غازات‪ .‬وكلها‬
‫تدور حول مركز الجرة‪ ،‬وترتبط أجزاء الجرات هذه بالاذبية‪ ،‬فتجعلها وحدة عظيمة‬
‫متماسكة‪( .‬الكون والرض والنسان ف القرآن العظيم‪ ،‬رجاء عبد الميد عراب‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪‍4‬‬
‫‪.)3‬‬
‫() الجرام‪ :‬هي الجسام الكونية الت يتكون منها الكون كالنجوم والسدائم والكواكب والذنبات‬ ‫‪3‬‬

‫والنيازك والغازات‪( ..‬الكون والرض والنسان ف القرآن العظيم‪ ،‬رجا عبد الميد عراب‪ ،‬ط‬
‫‪ ،1‬ص‪.)‍43‬‬
‫‪33‬‬
‫الغربيون أن يطيوا ف الفضاء‪ ،‬وكيف استطاعوا أن يسبحوا بالغواصات ف‬
‫ل له‪« :‬لقد استطعتم أن تطيوا ف الو كالطيور‪،‬‬
‫البحر» فأجابه الندي قائ ً‬
‫وقد استطعتم أن تسبحوا ف البحر كالساك‪ ،‬ولكنكم إل الن ل تستطيعوا‬
‫أن تعرفوا كيف تشون على الرض»‪.‬‬

‫ومن الذين اعترفوا با وصل إليه العلم الديث من تدمي النسانية ف‬


‫العال الغرب الستر (ايْدِن)(‪ )4‬رئيس وزراء بريطانيا سابقا‪ ،‬فإنه ذكر أن العال‬
‫الغربس مسع الفتوح العلميسة الطبيعيسة‪ ،‬ومسع مسا وصسل إليسه مسن النتاج‬
‫وال صناعات‪ ،‬أ خذ يتدرج ف المج ية ح ت و صل إل الدرك النازل‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫«إنن أفكر كيف لو زارنا زائر من كوكب آخر؟ ووصل إل هذه الرض‬

‫() إيدن‪ ،‬أنطون روبرت (‪1977-1897‬م) سياسي ورجل دولة بريطان استعماري‪ ،‬كان‬ ‫‪4‬‬

‫يعمل كضابط أركان حرب ف الرب العالية الول‪ ،‬بدأ حياته السياسية سنة (‪1923‬م) حي‬
‫انتخب عن الحافظي ف (لنجتون) مثل الكومة كنائب وزير الشؤون البلانية ف اجتماعات‬
‫عصبة المم وجنيف بي (‪1935-1925‬م) عي وزيرا للخارجية سنة (‪1935‬م) وواجه أزمة‬
‫احتلل هتلر لبيطانيا‪ ،‬استقال احتجاجاً على سياسة (تشمبلي) الهادِنة لتلر عام (‪1938‬م)‬
‫عينه تشرشل وزيراً للخارجية (‪1945-1940‬م) وحي استقال تشرشل أصبح رئيساً للوزراء‪،‬‬
‫كان له دور كبي ف تشجيع إنشاء جامعة الدول العربية سنة (‪1943‬م) اشترك ف العدوان‬
‫الثلثي على مصر= = وبفشل هذا العدوان انسحب من الياة السياسية تاما‪ ،‬وأصبح ‪-‬بعد‬
‫ذلك‪ -‬عضواً ف ملس اللوردات تت لقب (لورد أفون)‪( .‬موسوعة السياسة‪ ،‬الؤلف الرئيسي‬
‫د‪ .‬عبد الوهاب الكيّال‪ ،‬ط‪ ،3‬ج‪ ،‍1‬ص‪.)‍421‬‬
‫‪34‬‬
‫على أية حالة سيجدنا؟ إنه يدنا شبه الوحوش يُعِد كُل فريق منا العدة لقتال‬
‫الفر يق ال خر‪ ،‬وياول كل فر يق ه نا أن ي ستهي بالفر يق ال خر‪ ،‬وأن ي طأ‬
‫على كرامسة الفريسق الخسر» ولقسد علّق أحسد الفكريسن على كلمسه فقال‪:‬‬
‫«كيسف لو شاهسد السستر (ايْدِن) نفسسه مسا وصسل إليسه النتاج الصسناعي‬
‫للسلحة ف العال الغرب» بعد خطبته هذه الت ذكر فيها ما ذكر‪ ،‬وسجّل‬
‫فيها ما سجّله بسنوات‪ ،‬كيف لو شاهد ما وصل إليه العال الغرب من تدمي‬
‫حياة النسان بالقنبلة الذرية الت جربتها أمريكا أولً ف بعض الصحاري(‪،)1‬‬
‫ث جربت ها ثانياً على رؤوس الب شر ف (هيوشي ما)(‪ )2‬ح ت أن رئ يس بلدة‬

‫() كان ذلك ف صحراء ولية (نيومكسيكو) المريكية بالقرب من لوس الموس‪ ،‬حيث أجريت‬ ‫‪1‬‬

‫فيها أول تربة حية للقنبلة الذرية قبل أسبوع واحد من إلقائها على هيوشيما‪ ،‬وكان ناح‬
‫التجربة حافزاً للرئيس (هاري ترومان) على استخدامها ف الرب ضد اليابان (هيوشيما)‪.‬‬
‫(موسوعة السياسة‪ ،‬عبد الوهاب الكيال‪ ،‬ج‪ ،‍7‬ص‪.)‍223‬‬
‫() هيوشيما‪ :‬ميناء ومدينة يابانية تقع ف الطرف النوب لونشو‪ ،‬كبى الزر اليابانية تطل على‬ ‫‪2‬‬

‫خليج داخلي بالقرب من أحد النار الصغية‪ ،‬جعل منها مرفأ طبيعي‪ ،‬كما يطلق السم‬
‫(هيوشيما) على القاطعة الت با الدينة‪ ،‬كانت حت الرب العالية الثانية من الراكز القتصادية‬
‫الامة‪ ،‬وشل نشاطها عدة صناعات تقليدية وحديثة وهي على الط الديدي من (كوب) إل‬
‫(شيمونوسيكي) وعلى بعد ‪ 190‬متر عن الول‪ ،‬تقع أمامها جزيرة النور (أتسوكوش)‪ ،‬برز اسم‬
‫هيوشيما ف ‪6‬من أغسطس ‪1954‬م قبيل ناية الرب العالية الثانية‪ ،‬إذ كانت هدف أول قنبلة‬
‫ذرية ف التاريخ ألقتها طائرة حربية من طراز (سوبر فورترز) كانت تطي على ارتفاع كبي‬
‫بواسطة (باراشوت) على قلب الدينة الت تبلغ مساحتها (‪7‬م م) فشمل التدمي التام (‪4‬م م) من‬
‫‪35‬‬
‫(هيوشيما) سجّل عدد الذين أصيبوا بالقتل ف اليوم السادس من سبتمب ف‬
‫عام ‪1945‬م فقال‪( :‬كان عددهسم يتراوح بيس مائتس ألف وعشرة آلف‬
‫ومائ ت ألف وأربع ي ألفاً) هذا العدد الذي أب يد به هذه القنبلة الذر ية ال ت‬
‫ش قت أمري كا أو ًل الطر يق إلي ها‪ ،‬ف هل تُع تب هذه العلوم ال ت تقد مت ب ا‬
‫أوروبسا منتجسة للخيس ومسسببة للصسلح فس الرض‪ ،‬أو كانست وسسيلة مسن‬
‫و سائل التدم ي بدل أن تكون و سيلة من و سائل التعم ي؟ ن عم‪ ،‬لو كا نت‬
‫هنالك عقيدة صسالة وإيان راسسخ‪ ،‬وتذيسب للخلق‪ ،‬ومعرفسة بقوق‬
‫الن سان لكا نت هذه العلوم كل ها و سيلة للتعم ي‪ ،‬ولكا نت و سائل العلم‬
‫ال ت تد مر تدميا وتق ضي على الخلق‪ ،‬وال ت ت سبب انتشار الرذيلة ب ي‬
‫الناس‪ ،‬لو كا نت هنالك عقيدة صالة لكا نت هذه الو سائل و سائل لتعم ي‬
‫الخلق‪ ،‬وسائل لتنمية الفضائل‪ ،‬وسائل لسن التفاهم فيما بي الناس‪.‬‬

‫العلج الناجع من الهزيمة النفسية‬


‫وب عد هذا كله علي نا أن نر جع ب عض الو قت للن ظر ف علج متمع نا‬
‫الذي أصيب با أصيب به من الزية النفسية‪ ،‬إن العلج قبل كل شيء هو‬
‫عودة صحيحة إل هذا ال سلم وترب ية الن شء عل يه‪ ،‬وإياد الث قة ف أبناء‬

‫هذه الساحة وأصيبت الناطق الحيطة الجاورة بأضرار جسيمة‪( .‬موسوعة السياسة‪ ،‬عبد‬
‫الوهاب الكيال‪ ،‬ج‪ ،‍7‬ص‪.)‍223‬‬
‫‪36‬‬
‫السلمي ببادئهم‪ ،‬وبقيمهم‪ ،‬وبأخلقهم‪ ،‬وتعريفهم أن الي كل الي إنا‬
‫هسو فس التمسسك ببادئ السسلم‪ ،‬وهذا إناس يكون أولً بالتربيسة السسليمة‪،‬‬
‫والترب ية هي أو ًل على آباء البناء‪ ،‬فعلى الباء أن يتقوا ال ف أبنائ هم‪ ،‬وأن‬
‫ينشئوا أبناء ال سلمي تنشئة سليمة على ال ستقامة ف الد ين على طا عة ال‬
‫سبحانه وتعال‪ ،‬وطاعة رسوله وعلى المر بالعروف والنهي عن النكر‪،‬‬
‫وعلى الرص على تطبيق كل ما أمر ال سبحانه وتعال به‪ ،‬واجتناب كل ما‬
‫ن ى ال ع نه‪ ،‬وم سؤولية الترب ية ثانيا ت قع على وزارات الترب ية والتعل يم ف‬
‫البلد السلمية‪ ،‬فعلى وزارات التربية والتعليم ف كل البلد السلمية أن‬
‫تعل جيع التعليم دائرا ف فلك الدين‪ ،‬ول نستطيع أن نتوصل إل استثمار‬
‫ما سخره ال تعال ل نا و ما خل قه ل نا إل بذا الذي يو صلنا إل ذلك‪ ،‬ول كن‬
‫العلم ي ب أن يكون ‪-‬ك ما قلت‪ -‬دائرا ف فلك الد ين‪ ،‬ك ما ي ب أيضاً‬
‫على وزارات العلم فس كسل البلد السسلمية وتشجسع الفضيلة بوسسائلها‬
‫الختلفة وأجهزتا التعددة الت أصبحت تقتحم السوار‪ ،‬وتتخطى الدود‪،‬‬
‫وتلج كسل بيست مسن البيوت‪ ،‬فعلى السسؤولي عسن العلم فس كسل البلد‬
‫السسلمية أن يرعوا أمانتهسم وأن يرصسوا على أن يكون العلم فس كسل‬
‫البلد السلمية إعلماً إسلمياً ينشر الفضيلة ف الرض ويتعلم منه الناس‬
‫ما ي صلحهم ف أ مر دين هم ودنيا هم‪ ،‬ك ما ي ب أيضاً على ج يع الوزارات‬

‫‪37‬‬
‫ال ت ل ا عل قة بالوضوع كوزارات الشباب والشؤون ال سلمية والشؤون‬
‫الجتماعية أن تؤدي دورها ف ذلك‪ ،‬ويب على علماء السلمي الذين هم‬
‫أمناء ال ف أرضه والسؤولون عن دينه والذين هم خلفاء ال سبحانه وتعال‬
‫ف خليق ته؛ أن يؤدوا دور هم ف إرشاد شباب ال سلمي وتوعيت هم وإعادة‬
‫الث قة إل نفو سهم‪ ،‬وي ب على الشباب أنف سهم أن يعرفوا أن كل فرد من‬
‫أفرادهم جندي‪ ،‬فعلى كلٍ منهم أن يستشعر أنه جندي من جنود السلم‪،‬‬
‫وا قف ب سلحه على ثغرة من ثغرات ال سلم ي شى كل الش ية أن يؤ تى‬
‫السلم من قِبَله‪.‬‬

‫المستقبل للسلم‬
‫وف هذه اليام القريبة قرأت ف ملة من الجلت الت تصدر ف لبنان؛‬
‫أن الزائر يزور أورو با ف وقت نا هذا يل فت انتبا هه أن الوروبي ي يت ساءلون‬
‫كثياً عن ال سلم‪ ،‬ويطلبون ال صادر ال سلمية ح ت يدر سوا ال سلم من‬
‫خللا‪ ،‬وهذه فرصة من الفرص يب أن ل تضاع‪ ،‬ولكن يب علينا أو ًل أن‬
‫نكون م سلمي حقاً‪ ،‬فإن فا قد الش يء ل يعط يه‪ ،‬ي ب علي نا أن نعرف أن نا‬
‫مسؤولون عن إرشاد كل البشر؛ فال سبحانه وتعال قد جعلنا أمة دعوة‬

‫‪38‬‬
‫وَلَْتكُن مّنكُ ْم أُمّةٌ يَ ْدعُو َن إِلَى اْلخَ ْيرِ وَيَأْ ُمرُو َن بِاْلمَ ْعرُو فِ وَيَ ْنهَوْ نَ عَ نِ اْلمُن َكرِ‬
‫وَأُ ْولَسِئكَ هُمُ اْلمُ ْف ِلحُونَ (‪.)1‬‬

‫والسسلم باجسة إل الشباب الذيسن يتربون فس بيوت ال سسبحانه فس‬


‫ال ساجد‪ ،‬والذ ين يتمعون على حلقات العلم‪ ،‬والذ ين يتدار سون كتاب ال‬
‫تعال‪ ،‬ويتحفظونه‪ ،‬إن السلم ليس باجة إل الشباب الذي يريد أن يتأنث‪،‬‬
‫الذي يريسد أن يتشبسه بأعداء ال‪ ،‬الشباب الذي يتحلى بالذهسب‪ ،‬ويعلق‬
‫سناسل الذهب ف أعناقه‪ ،‬إن الجتمع السلم باجة إل الشاب الذي يُمسك‬
‫كتاب ال تعال بإحدى يديه‪ ،‬ويسك السلح باليد الخرى‪ ،‬ويتحدى بما‬
‫العال أجع‪ ،‬ويب على كل شاب من شباب السلمي أن يضع نصب عينيه‬
‫أن العزة كلها ف اتباع منهج ال سبحانه وتعال‪ ،‬الذي يفضي إل رضوانه‪،‬‬
‫وأن ال سلم هو م سؤول عن إرشاد غيه‪ ،‬ول يس له أن يت بع غيه‪ ،‬فال سلم‬
‫يب عليه أن يكون هو القائد‪ ،‬وما أحسن ما قاله ف ذلك الشاعر السلمي‬
‫ال كبي والفيل سوف الشهور ممد إقبال ف كلما ته الذهبية ال ت يقول فيها‪:‬‬
‫«إن ال سلم ل يلق ليند فع مع التيار ويسساير الركسب البشري حيسث ات ه‬
‫و سار‪ ،‬بل خلق ليو جه العال والجت مع والدن ية ويفرض على البشرية اتا هه‬
‫ويلي عليهسا إرادتسه لنسه صساحب الرسسالة وصساحب القس اليقيس‪ ،‬ولنسه‬

‫() آل عمران‪.104 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪39‬‬
‫السؤول عن هذا العال وسيه واتاهه فليس مقامه مقام التقليد والتباع‪ ،‬إن‬
‫مقامه مقام المامة والقيادة‪ ،‬مقام الرشاد والتوجيه‪ ،‬مقام المر الناهي‪ ،‬وإذا‬
‫تنكّرس له الزمان وعصساه الجتمسع وانرف عسن الادة ل يكسن له أن يضسع‬
‫ويضع أوزاره ويسال الدهر‪ ،‬بل عليه أن يثور عليه وينازله ويظل ف صراع‬
‫معسه وعراك‪ ،‬حتس يقضسي ال فس أمره‪ ،‬إن الضوع والسستكانة للحوال‬
‫القاسسرة والوضاع القاهرة‪ ،‬والعتذار بالقضاء والقدر مسن شأن الضعفاء‬
‫والقزام‪ ،‬أمسا الؤمسن القوي فهسو نفسسه قضاء ال الغالب‪ ،‬وقدره الذي ل‬
‫يرد»‪.‬‬

‫بذا سوف يتح قق للم سلمي الن صر والتأي يد ف الرض‪ ،‬وبالتم سك‬
‫بذه البادئ سوف يكون ل م ال سلطان ف الرض‪ ،‬ويكونوا أئ مة ويكونوا‬
‫الوارث ي لذه الرض‪ ،‬وي ستطيعون بذلك أن يهدوا القطعان الضالة من هذه‬
‫البشرية‪.‬‬

‫التمسك بالدين طريق النصر‬


‫فعندما كان السلمون ‪-‬كما سبق أن قلت‪ -‬ل يتساهلون ف ذرة من‬
‫إسلمهم ف ذلك الوقت حت ف أحرج الواقف‪ ،‬كان كثي من الذين هم‬
‫بادئ المر معادون للسلم أصدقاء للسلم ينتقلون ف لظات قصية من‬

‫‪40‬‬
‫العداء للسلم إل الصداقة له‪ ،‬بل إل اعتناقه‪ ،‬ولقد سجّل ذلك غي واحد‬
‫مسن كُتّاب الغربييس أنفسسهم‪ ،‬ومسن الذيسن سسجلوا أمثال هذه الوادث‬
‫ستشرق النليزي الشهور (توماس أرنولد)(‪ )1‬فس كتابسه (الدعوة إل‬
‫السس‬
‫ال سلم) ف قد قال عن حرب القائد ال سلم صلح الد ين اليو ب(‪« :)2‬إن‬
‫ن فس أخلق صلح الد ين كا نت هي الداع ية لكث ي من ال صليبيي الذ ين‬
‫كانوا يعادون السسلم والسسلمي إل اعتناق هذا السسلم‪ ،‬ومسن الذيسن‬
‫اعتنقوا السسلم أحسد فرسسان العبسد» ومسن العلوم أن فرسسان العبسد هسم‬
‫فدائيون صسليبيون‪ ،‬خرجوا متنكريسن للسسلم ياولون جهدهسم أن يقضوا‬

‫() توماس أرنولد‪ ،‬أكثر رجال الستشراق إنصافا للسلم وتقديرا للحضارة السلمية‪ ،‬وهو‬ ‫‪1‬‬

‫أستاذ الشاعر الٍسلمي ممد إقبال‪ ،‬نظم فيه الخي قصيدة بعنوان (نواح الفراق) أعرف فيها عن‬
‫حبه لستاذه‪( .‬معال الثقافة السلمية‪ ،‬ص‪ ‍462‬وما بعدها)‪.‬‬
‫() هو يوسف بن أيوب بن شاذي‪ ،‬نشأت أسرته ف قرية (دوين) إل الشرق من أذربيجان من‬ ‫‪2‬‬

‫قبيلة كردية اسها (الذانية) وف تكريت ولد صلح الدين بعد رحيل أسرته إليها واستقرارها‬
‫فيها‪ ،‬وقد عمل والده ف خدمة الدولة الزنكية‪ ،‬فأسندت إليه الناصب ف بغداد والوصل ودمشق‬
‫وكانت نشأة صلح الدين بدمشق‪ ،‬وقد عمل ف خدمة أمي الدولة الزنكية (نور الدين ممود بن‬
‫عماد الدين زنكي) الذي كان يقود صراع العرب والسلمي ضد الكيانات الصليبية‪ ،‬أصبح‬
‫صلح الدين بعد وفاة عمه أسد الدين (شيكوه) وزيراً للخليفة الفاطمي العاضد وقائدا للجيش‪،‬‬
‫وأصبح لقبه (اللك الناصر‪ ،‬أمي اليوش) أما مدة حكمه فقد بدأت بوزارته سنة ‪564‬ه‍‪،‬‬
‫واستمرت بعدما تول كل السلطات سنة ‪567‬ه‍‪ ،‬إل وفاته سنة ‪589‬ه‍‪) .‬موسوعة السياسة‪،‬‬
‫عبد الوهاب الكيال‪ ،‬ج‪ ،‍3‬ص‪ ‍64‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫عليه‪ ،‬ومن الذين اعتنقوا السلم أحد فرسان العبد يسمى (روبرت أوف)‬
‫فس عام‪1185‬م أي حوال عام ‪581‬ه‍ اعتنسق السسلم بسسبب تأثيس أخلق‬
‫صسلح الديسن عليسه‪ ،‬ولقوة شكيمسة السسلمي ومضاء عزيتهسم‪ ،‬وتسسكهم‬
‫بأهداب دين هم‪ ،‬و قد كان ذلك ق بل أن ي ستول صلح الد ين على القدس‬
‫ب سنتي وق بل ال ستيلء على القدس فرّ خ سة من فر سان الع بد عن ملك‬
‫القدس إل صفوف صلح الدين‪ ،‬ولقد استطاع صلح الدين بصبه وثباته‬
‫ت رم ته ف يه أورو با‬
‫وبإيا نه وعز مه أن ي قف أمام جيوش ال صليبيي ف وق ٍ‬
‫بأفلذ كبدها‪ ،‬فقد اجتمع على حربه كل الوروبيي؛ فالقيصر (فريدريك)‬
‫كان مسن الذيسن ياربون صسلح الديسن و(ريكارد)(‪ )1‬ملك بريطانيسا و(ليسو‬
‫بولد) النمساوي وآخرون من ملوك فرنسا‪ ،‬وسائر ملوك أوروبا قد اجتمعوا‬
‫تت قيادة (ريكارد) ملك إنلترا لرب صلح الدين‪ ،‬ولكنهم ل يستطيعوا‬
‫أن يثنوا من عزيته ول يستطيعوا أن يقهروه ف ذلك الوقت ‪-‬كما سبق أن‬
‫قلت وكررت‪ -‬ل ي كن ال سلمون يت ساهلون ف جزئ ية من جزئيات دين هم‬
‫فضلً عن كلياتا‪.‬‬

‫() ريكارد (قلب السد) ولد ف أكسفورد ملك إنلترا (‪1199-1189‬م) ساهم ف الملة‬ ‫‪1‬‬

‫الصليبية الثالثة‪( .‬النجد ف اللغة والعلم‪ ،‬ص‪.)‍316‬‬


‫‪42‬‬
‫بذلك سوف تكون الغل بة للم سلمي إن شاء ال ف الرض‪ ،‬وبذلك‬
‫سوف يكون لم السلطان‪ ،‬وسوف تكون لم القيادة والسيادة والمامة ف‬
‫الرض‪ ،‬وسوف يقودون القطعان الضالة من البشرية إل الي وإل الطريق‬
‫الستقيم‪.‬‬

‫خاتمة ودعاء‬
‫ول أريد أن أطيل عليكم فوق هذا‪ ،‬ولعل لقاءات تمعنا بكم إن شاء‬
‫ال سبحانه وتعال‪ ،‬سوف نتحدث في ها بض بط عن كث ي من عداوة أعداء‬
‫السلم‪ ،‬كمخاطر اليهودية العالية وماطر الشيوعيي وماطر البشرين‪ ،‬فإن‬
‫هذه الفرصسة القصسية ل تسسمح بأن أطيسل عليكسم فوق هذا‪ ،‬وأسسأل ال‬
‫سبحانه وتعال أن يعل لنا من أمرنا رشدا‪ ،‬اللهم أعز السلم والسلمي‪،‬‬
‫وأذل الشرك والشرك ي‪ ،‬واق طع دابر أعداء الد ين‪ ،‬وا ستأصل شأفت هم ول‬
‫تدع ل م من باق ية‪ ،‬الل هم اف عل ب م ك ما فعلت بثمود وعاد‪ ،‬وفرعون ذي‬
‫الوتاد‪ ،‬الذ ين طغوا ف البلد‪ ،‬فأكثروا في ها الف ساد‪ ،‬الل هم صب علي هم‬
‫صوط العذاب‪ ،‬اللهم استخلفنا ف أرضك كما استخلفت الذين من قبلنا‪،‬‬
‫ومكّن لنا ديننا الذي ارتضيته لنا‪ ،‬وأبدلنا بذلنا عزاً‪ ،‬وبفقرنا غنً‪ ،‬وبتشتتنا‬
‫وحدة‪ ،‬وبضعفنا قوة‪ ،‬يا رب العالي‪ ،‬وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك‬
‫ورسولك سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪..‬‬
‫‪43‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫فتاوى للشباب‬
‫العمر جوهرة غالية‬

‫•ال سائل يقول‪ :‬نرى كثيا من الناس ف مرحلة الشباب بد ًل من‬


‫أن يقضوها ف طاعة ال وعبادته‪ ،‬يسارعون إل ارتكاب العاصي‬
‫كشرب المر‪ ،‬والدخان‪ ،‬وحلق اللحى‪ ،‬وإ سبال الثياب‪ ،‬وإطالة‬
‫الشعر‪ ،‬فهل لك من نصيحة توجهها إل هؤلء الشباب؟‬

‫الواب‪ :‬أو ًل قبل كل شيء على الشباب أن يدرك أن مرحلة الشباب‬


‫مه ما طالت هي ق صية‪ ،‬فالع مر كله ق صي‪ ،‬الع مر وإن طال ف هو ق صي‪،‬‬
‫ولذلك جاء ف الديث عن رسول ال فيما يُسأل عنه العبد يوم القيامة‬
‫جاء أول شيء عن «عمره فيما أفناه»(‪ )1‬ث عن «شبابه فيما أبله» يُسأل‬
‫عسن العمسر فيمسا أفناه‪ ،‬لن العمسر جوهرة غاليسة فس حياة النسسان‪ ،‬فعندمسا‬
‫يت ساهل هذا الن سان ف عمره يفوّت أع ظم فر صة‪ ،‬إذ ل ي كن أن يعوّض‬
‫س يتنفسه‬
‫العمر‪ ،‬فكل ل ظة تنق ضي إنا هي على ح ساب العمر‪ ،‬و ُك ّل نَفَ ٍ‬

‫() (ل تزول قدم (عبد ‪ /‬ابن آدم) يوم القيامة من عند ربه حت يسأل عن أربع… الديث)‬ ‫‪1‬‬

‫الترمذي (‪ ،)2417 ،2416‬كنسز العمال (‪ ،)38983 ،38982‬العجم الكبي للطبان (‬


‫‪ ،)11/102‬الطبان ف الصغي (‪.)1/269‬‬
‫‪45‬‬
‫النسان إنا هو خطوة من خطواته إل الدار الخرة‪ ،‬ولو خُيّل للنسان أنه‬
‫سيعمّر عمرا طويلً فإنه ل ييل له أنه يُعمّر أكثر من مائة عام‪.‬‬

‫لنقدر أنه يعمّر مائة عام‪ ،‬لينظر ما مضى ولينظر ما بقي من هذه الائة‪،‬‬
‫كم هذا العمر؟ هو قصي جدا‪ ،‬إن كان ف مرحلة الشباب وهو ف العشرين‬
‫ل يتصوّر أنه بقي له ثانون عاما‪ ،‬ما هي الثمانون؟ إنا هي لظات‪ ،‬لينظر‬
‫مث ً‬
‫ل بي دخول شهر رمضان ف هذا العام‬
‫بي مناسبة حولية وأخرى‪ ،‬لينظر مث ً‬
‫ودخوله ف العام الا ضي‪ ،‬لين ظر ب ي دخول ش هر مرم الذي هو بدا ية العام‬
‫ودخوله ف العام القبل‪ ،‬ل يرى هذه السني إل مرد لظات‪:‬‬

‫تؤكسسد آمال البقسسا وتزيسسد‬ ‫ينقصس العمسر مرهسا‬


‫ُ‬ ‫على لظات‬

‫مع أنه ل يدري هل يعمّر أو ل يع ّمر‍‍! على أن الشباب نفسه لو قدرنا‬


‫أن مرحلته طويلة هي ل تتجاوز عشرين سنة‪ ،‬الشباب بعد العشرين يدخل‬
‫مرحلة الكهولة ثس بعسد ذلك تأتس مرحلة الشيخوخسة‪ ،‬ثس مرحلة الرم‪ ،‬إن‬
‫أُنسء له ف العمر‪ ،‬فإذا عليه أن يستغل الفرصة ف شبابه من أجل تقوى ال‬
‫والستمساك ببل ال‪ ،‬والقيام بدعوة الق الت أمر ال والت أمر با رسوله‬
‫ومن أجل إقامة دين ال سبحانه وتعال‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫للدعوة وسائل كثيرة‬

‫•سسؤال آخسر‪ :‬السسائل يقول‪ :‬أنسا واحسد مسن الشباب السستقيمي‬


‫وال مد ل‪ ،‬لي ست ل قدرة على إلقاء الحاضرات‪ ،‬ف هل لك أن‬
‫تذكر لنا بعض الوسائل الدعوية غي إلقاء الحاضرات؟‬

‫الواب‪ :‬الدعوة ل تنحصسر فس الحاضرات‪ ،‬فهناك وسسائل كثية‪،‬‬


‫اللوس مع الناس أو ًل النسان يبدأ بأسرته‪ ،‬يدعو أهل بيته إل الستقامة‪،‬‬
‫يدعسو قرابتسه‪ ،‬يدعسو جيانسه‪ ،‬يدعسو أصسحابه‪ ،‬فعندمسا يصساحب واحدا فس‬
‫الطر يق يدعوه إل ال ي‪ ،‬يعرّ فه بد ين ال‪ ،‬يعرّ فه بالواجبات ال ت عل يه في ما‬
‫بينه وب ي ال‪ ،‬ويعرّ فه بقيمة هذه الياة الدنيا‪ ،‬يذكّره بالوت‪ ،‬يذكّره بالدّار‬
‫الخرة‪ ،‬يدعوه إل الن صراف عن ال سترسال ف شهوات الن فس ورغبات ا‬
‫الام ة ل جل القبال على أ مر ال سبحانه‪ ،‬ف ذلك كله أ ثر كبي ف د فع‬
‫عجلة الدعوة إل المام‪.‬‬

‫تنقية القلب وضبط النفس سبيل‬


‫الهداية‬

‫•ال سائل يقول‪ :‬ك يف ي ستطيع الشاب ال سلم ف ع صرنا هذا أن‬
‫يقت في هدي القرآن ومبادئ ال سنة على ن فس الن هج الذي سار‬
‫‪47‬‬
‫عل يه ال صحابة‪ ،‬أو بع ن آ خر ك يف وبأي طري قة يف هم القرآن‬
‫والسنة بنفس فهم الصحابة؟‬

‫الواب‪ :‬نعسم؛ القرآن بمسد ال ل يزال قائماً مفوظاً يُتلى كمسا تُلي‬
‫ف عهد الصحابة ‪-‬رضوان ال عليهم‪ -‬ول يزال القرآن الكري تشع أنواره‬
‫على النسانية كما كانت تشع من قبل‪ ،‬بل ف كل عصر من العصور مع‬
‫التطورات ال ت تفرز ها هذه الع صور تتجدد إشعاعات القرآن الكري‪ ،‬إذ ف‬
‫كل عصر من الع صور يتجدد ظهور إعجاز القرآن الكري من وجوه ش ت‪،‬‬
‫فن حن ف هذا الع صر تدد عند نا ف هم إعجاز القرآن من عدة وجوه‪ ،‬من‬
‫بينها العجاز العلمي الذي بر حت غي السلمي واعترفوا بأن هذا القرآن‬
‫ل يكن إل أن يكون من عند ال سبحانه وأنه الكتاب الوحيد الذي ل تطله‬
‫أيدي التحريسف والتبديسل‪ ،‬فالقرآن الكريس موجود والسسنة النبويسة أيضاً‬
‫مفوظسة مدوّنسة‪ ،‬وقسد نفسي عنهسا مسا ألصسقه اللصسقون باس مسن الحاديسث‬
‫الوضوعسة غيس الثابتسة مسن خلل دراسسة مناهسج الروايسة ومعرفسة الرح‬
‫والتعديل ف الرجال والرواة‪ ،‬ذلك كله بمد ال متيسر وإنا قبل كل شيء‬
‫على النسسان أن يرص دائماً على ضبسط نفسسه وسسلمة قلبسه‪ ،‬فإن ال‬
‫سبحانه وتعال وعد بالدار الخرة من كان ذا قلب سليم َيوْ مَ لَا يَن َف عُ مَالٌ‬

‫‪48‬‬
‫وَلَا بَنُو نَ (‪ )88‬إِلّا َم ْن أَتَى اللّ َه بِ َقلْ ٍ‬
‫ب َسلِيمٍ (‪ )1‬وعند ما و صف إبراه يم‬
‫عليه السلم وصفه بأنه أتى ربه بقلب سليم‪ ،‬إذا قبل كل شيء تنقية القلب‬
‫وتطهيه مسن الكدار‪ ،‬وضبسط النفسس والسستيلء عليهسا‪ ،‬والرص على‬
‫ال ستهداء بدي القرآن وهدي ال سنة النبو ية على صاحبها أف ضل ال صلة‬
‫والسلم‪ ،‬عندما يتوفر ذلك عند النسان يهون كل شيء بمد ال‪.‬‬

‫التقوى أساس النصر‬

‫•السائل يسأل‪ :‬هل ترى إمكان انتصار السلمي ف هذا العصر مع‬
‫قوة أعدائهم؟‬

‫الواب‪ :‬نعسم‪ ،‬وألف نعسم‪ ،‬السسلمون اليوم فس هذا العصسر ل يُغلبوا‬


‫بالقوة الادية‪ ،‬وإنا غُلبوا بسبب انسار القوة العنوية الت ف نفوسهم‪ ،‬فهو‬
‫يقول‪« :‬يوشسك أن‬ ‫الذي غلّب عليهسم أعدائهسم‪ ،‬فالديسث عسن النسب‬
‫تتدا عى علي كم ال مم ك ما تتدا عى الكلة على ق صعتها‪ ،‬قالوا‪ :‬أ من قل ٍة يا‬
‫رسول ال؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬إنكم كثي ولكنهم غثاء كغثاء السيل‪ ،‬ولينسزعن ال‬

‫() الشعراء‪.89-88 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪49‬‬
‫الهابة من قلوب أعدائكم‪ ،‬وليقذفن الوهن ف صدوركم‪ ،‬قيل له‪ :‬وما الوهن‬
‫يا رسول ال؟ قال‪ :‬حبّ الدنيا وكراهة الوت»(‪.)2‬‬

‫س كان السسلمون مسستمسكي ببسل القرآن‪،‬‬


‫فس العصسر الاضسي عندم ا‬
‫سسالكي نجسه‪ ،‬غيس مفرطيس فس أوامره ونواهيسه‪ ،‬فس ذلك العصسر قووا‬
‫بالقرآن‪ ،‬قووا باليان‪ ،‬قووا بعدم التفر يط ف أ مر ال‪ ،‬قووا بال صلة القو ية‬
‫التس تصسلهم بال سسبحانه وتعال‪ ،‬السسلمون ل يقووا فس ذلك العصسر بقوّة‬
‫ماد ية‪ ،‬ف ما كا نت ‪-‬ك ما علم تم‪ -‬القوّة الاد ية متوفرة ع ند ال سلمي ك ما‬
‫كانت عند أعدائهم‪ ،‬ولكن عندما سار جيش عمر إل افتتاح فارس‪ ،‬ما‬
‫هي القوة الت زودهم إياها عمر؟ هل زودهم دبابات؟ هل زودهم طائرات؟‬
‫هل زودهم قنابل؟ هذه ما كانت موجودة؟ لكن هل كان حريصاً على أن‬
‫يشتري لمس سسيوفا جديدة‪ ،‬ونبالً جديدة‪ ،‬ورماحاً جديدة؟ ل‪ ،‬مسا كان‬
‫ذلك كله وإناس حرص كسل الرص على تزويدهسم القوة العنويسة‪ ،‬فكانست‬
‫هذه؛ قال له‪« :‬أوصيك ومن معك‬ ‫وصيته لقائد جنده سعد بن أب وقاص‬
‫من الجناد بتقوى ال على كل حال‪ ،‬فإن تقوى ال أفضل العدة ف الرب‬

‫() التاريخ الكبي للبخاري (‪ ،)34004‬تذيب تاريخ دمشق لبن عساكر (‪ ،)6/370‬كنسز‬ ‫‪2‬‬

‫العمال (‪ ،)30916‬حلية الولياء (‪ ،)18211‬مشكاة الصابيح (‪ ،)5369‬أحد بن حنبل (‬


‫‪.)5/278‬‬
‫‪50‬‬
‫وأقوى الكيدة على العدو‪ ،‬وأوصسيك ومسن معسك مسن الجناد بأن تكونوا‬
‫أشد احتراساً من العاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب الند أخوف عليهم‬
‫من عدو هم‪ ،‬وإن ا ين صر ال سلمون بع صية عدو هم ل‪ ،‬فإن عدد نا ل يس‬
‫كعددهم ول عدتنا كعدتم‪ ،‬فإن استوينا ف العصية كان لم الفضل علينا ف‬
‫القوة‪ ،‬وإل ننت صر علي هم بفضل نا‪ ،‬ل نغلب هم بقوّت نا‪ ،‬واعلموا أن ف سيكم‬
‫عليكم من ال حفظة يعلمون ما تفعلون‪ ،‬فاستحيوا منهم ول تعملوا بعاصي‬
‫ال وأنتم ف سبيل ال‪ ،‬ول تقولوا إن عدونا شرّ منا فلن يسلط علينا‪ ،‬فرب‬
‫قو ٍم ُسلّط عليهم من هو شرّ منهم كما سلط على بن إسرائيل‪ ،‬إذ عملوا‬
‫بعاصي ال كفار الجوس فجاسوا خلل الديار وكان وعدا مفعولً‪ ،‬واسألوا‬
‫ال العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم‪ ،‬أسأل ال ذلك ل‬
‫ولكم»(‪.)1‬‬

‫هذه الوصسية هسي القوة الفاعلة الؤثرة‪ ،‬فمسا ضاق ذرعا (يزدجرد)‬
‫(‪)2‬‬

‫حتس هرب مسن سسيوف السسلمي وحتس كتسب أولً إل إمسباطور الصسي‬

‫() جواهر الدب ف أدبيات وإنشاء لغة العرب‪ ،‬أحد الاشي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() يزدجرد‪ :‬حفيد كسرى‪ ،‬وأمه من أهل (يادوريا) حكم ف فترة فوضى‪ ،‬اعتلى العرش وهو ابن‬ ‫‪2‬‬

‫إحدى وعشرين سنة‪ ،‬انتصر على العرب (‪633‬م) غي أن الفاتي –سعد بن أب وقاص‪ -‬أعادوا‬
‫الكرة فانتصروا على جيشه ف معركت القادسية (‪635‬م)‪ ،‬وناوند (‪642‬م) وهو آخر‬
‫الكاسرة‪( .‬النجد ف اللغة والعلم‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪ ،‍749‬الطريق إل الدائن‪ ،‬ص‪.)‍468‬‬
‫‪51‬‬
‫يستنجده على السلمي‪ ،‬وأجابه المباطور الصين با أجابه إل بتأثي هذه‬
‫الوصية البالغة ف نفوس الند‪ ،‬فإن عمر عندما جند هؤلء الجناد وكان‬
‫سعد قائد الند‪ ،‬أمر سعدا أن يكون له مستشار عيّسنه له عمر نفسه وأمره‬
‫أل يُقدِم على شيء وأل يُحجِم عن شيء إل بشورة مستشاره ذلك‪ ،‬من هو‬
‫مع أن البلد‪ ،‬بلد فارس الت تفتتح‪ ،‬لكن ما‬ ‫الستشار؟ سلمان الفارسي‬
‫كانست هناك نزعسة قوميسة‪ ،‬وإناس كان ذلك كله مسن أجسل ال‪ ،‬سسلمان‬
‫الفارسسي(‪ )1‬يرج فس جنسد السسلمي مسن أجسل القضاء على المباطوريسة‬
‫الفارسسية‪ ،‬وبناءً على هذه الوصسية عندمسا أراد سسعد أن يقدم اسستشار‬
‫سلمان ف ذلك‪ ،‬فقال له سلمان‪ :‬أمهلن الليلة حت أجيبك غدا إن شاء ال‬
‫ول تقدم إل بعد أن أجيبك‪ ،‬فأمهله‪ ،‬وف اليوم الثان جاء إليه وقال له‪ :‬أقدم‬
‫على بركات ال‪ ،‬فإ ن ط فت الليلة بال ند فوجدت م ب ي را كع و ساجد‪ ،‬ول‬
‫تنصروا إل بذلك‪ ،‬بذا انتصر السلمون‪.‬‬

‫السلم المنقذ‬
‫() سلمان الفارسي‪ :‬من خواص الصحابة‪ ،‬كان رقيقا‪ ،‬أسلم بعد الجرة‪ ،‬قال الرسول عنه‬ ‫‪1‬‬

‫(سلمان منا آل البيت)‪ ،‬أشار على النب بفر الندق ف غزوة الحزاب‪ ،‬وله عمر بن الطاب‬
‫عاملً على الدائن‪ ،‬كان يأكل من كد يينه‪ ،‬ويتصدق بالفائض‪ ،‬روى الديث عنه ابن العباس‬
‫وأبو هريرة‪ ،‬توف سنة (‪35‬ه‍‪655/‬م)‪( .‬النجد ف اللغة والعلم‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍362‬‬
‫‪52‬‬
‫والن العال مته يئ أك ثر من أي ع صر من الع صور ِلقَبُول ال سلم لو‬
‫أن السلمي استمسكوا بالعروة الوثقى‪ ،‬وأصلحوا ذات بينهم‪ ،‬العال بأسره‬
‫مته يئ لن العال الن وا قف على حا فة النتحار‪ ،‬فإ ما أن يهوي والعياذ بال‬
‫فس نار تسستعر وإمسا أن ينقذه السسلم‪ ،‬ل مناص مسن ذلك‪ ،‬وقسد أدرك‬
‫الدركون لذه القيقة فقبل فترة غي قصية ‪-‬قبل سنتي وقليل من الشهور‬
‫أو اليام‪ -‬جاء إل بلد الشام رجسل أمريكسي كان أولً على غيس السسلم‪،‬‬
‫ولكنه اقتنع بالسلم فأسلم وليس هو بالرجل اليّن فقد تقلّد عدة مناصب‬
‫ف الوليات التحدة المريك ية و هي مناصب سياسية ذات أه ية‪ ،‬و من ب ي‬
‫هذه الناصسب أنسه كان فس عهسد الرئيسس (نكسسون) (‪ )1‬كسبي مسستشاريه‬
‫لل سياسة المريكية الارجية‪ ،‬جاء إل بلد الشام وأل قى هناك ماضرة و هي‬
‫بعنوان (القيادة ال سلمية ف القرن الادي والعشر ين) وذ كر الوضاع ف‬
‫البلد المريكيسة بأناس سسائرة بطسى حثيثسة إل الدمار‪ ،‬وأنسه ل منقسذ إل‬
‫السسلم‪ ،‬وهذا الكلم ل يسستغرب أن يقوله رج ٌل أسسلم وتذوق طعسم‬
‫السسلم‪ ،‬وعرف قيمسة السسلم وأدرك سسّر السسلم‪ ،‬ولكسن إذا عجبنسا‬
‫فلنعجسب أن هذا النطسق منطسق رجسل بعي ٍد عسن السسلم جدا وهسو مسن‬

‫() نكسون‪ ،‬ريشارد ميلهو‪ :‬ولد عام (‪1913‬م) سياسي أمريكي‪ ،‬تعامل مع الخابرات المريكية‬ ‫‪1‬‬

‫وكان اسها (‪ )FB1‬عام (‪1947‬م)‪ .‬رئيس جهورية الوليات التحدة المريكية (‪1969‬م)‪.‬‬
‫(النجد ف اللغة والعلم‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪ ،‍721‬الخابرات والعال‪ ،‬ص‪.)‍125‬‬
‫‪53‬‬
‫الشخصيات الهمة ف الوليات التحدة المريكية‪ ،‬وهو (برجنسكي) الذي‬
‫بل هو ‪-‬ك ما‬ ‫(‪)1‬‬
‫كان م ستشارا لل من القو مي ف ع هد الرئ يس (كار تر)‬
‫يقال‪ -‬مهندس السياسة المريكية‪ ،‬مع أنه رجل يهودي‪( ،‬برجنسكي) هذا‬
‫يتحدث ع نه هذا الحا ضر ف ماضر ته هذه بأ نه تدث ق بل ن و عق ٍد من‬
‫ال سني عن النيار الذي سيصيب التاد ال سوفيت‪ ،‬ث و قع ذلك‪ ،‬والن‬
‫يقول هو نفسه بأن الوليات التحدة المريك ية تسي بطى حثي ثة إل ن فس‬
‫الصسي‪ ،‬إل أن يكون هنالك النقسذ‪ ،‬ويشيس مسن خلل كلمسه إل أن النقسذ‬
‫السلم‪.‬‬

‫() كارتر‪ ،‬جيمي ايرل (‪ ) -1924‬الرئيس التاسع والثلثون للوليات التحدة المريكية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫تول مهامه ف ‪ 20‬يناير ‪1977‬م‪ ،‬ولد ف ولية جورجيا‪ ،‬وترج ف الكاديية البحرية‪ ،‬وعمل‬
‫ف سلح البحرية حت عام (‪1953‬م) ث امتهن الزراعة وانتخب شيخا ف ملس شيوخ الولية (‬
‫‪1966-1962‬م) وأصبح حاكما لولية جورجيا عام (‪1970‬م) خاض معركة الرئاسة أواخر‬
‫(‪1976‬م) ضد (فورد) مرشح الزب المهوري واستطاع أن يتذب تأييد نقابات العمال‬
‫والقليات‪ ،‬فقد تكن من اجتذاب نسبة ملحوظة من أصوات اليهود نتيجة لوقفه التطرف ف‬
‫تأييد إسرائيل‪ ،‬حاول جيمي كارتر طيلة مدة رئاسته إظهار سياسته الارجية بظهر أخلقي =‬
‫= ديقراطي‪ ،‬ولكنه أمام الزائم التعددة الت جابته ف (السلفادور‪ ،‬نيكاراغوا‪ ،‬إيران‪ ،‬أنغول‪،‬‬
‫أفغانستان…) عاد إل اتباع سياسة استعمارية متشددة‪ ،‬ولكن بعد فوات الوان‪ ،‬ولقد أدى هذا‬
‫إل هزيته أمام (رونالد) بسبب عجزه عن ترير الرهائن المريكيي الحتجزين ف السفارة‬
‫المريكية ف طهران (‪1980‬م)‪( .‬موسوعة السياسة‪ ،‬الؤلف الرئيسي د‪ .‬عبد الوهاب الكيال‪،‬‬
‫ط‪ ،3‬ج‍ ‪،5‬ص‍ ‪.)122‬‬
‫‪54‬‬
‫وند ما يدل على هذا ف كلم الرئيس (جورباتشوف) (‪ )2‬آخر رئيس‬
‫للتاد ال سوفيت الذي انار‪ ،‬فق بل ن و ثلث سنوات كا نت م عه مقابلة ف‬
‫إحدى القنوات التلفزيون ية ف بريطان يا‪ ،‬و سئل عن الشيوع ية هل ي كن أن‬
‫تسستمر كنظام فس الصسي وفس فيتنام؟ فأجاب‪ :‬كل! إن الشيوعيسة مي تة ول‬
‫يكن للميت الستمرار‪ ،‬فسئل عن البديل‪ ،‬ما هو البديل؟ فقال‪ :‬ل أعتقد‬
‫أن البديل يكمن ف الرأسالية ول ف الشتراكية ول ف الديقراطية‪ ،‬وإنا هو‬
‫ف نظام آخر‪ ،‬فعلينا أن نتكيف وفق حضارة جديدة‪.‬‬

‫السلم كبديل‬

‫() غورباتشوف‪ ،‬ميخائيل‪ ) -1931( ،‬رجل دولة سوفيت‪ ،‬وزعيم الزب الشيوعي بعد وفاة‬ ‫‪2‬‬

‫(تشينينكو)‪ ،‬درس القوق ف جامعة موسكو التحق بالزب الشيوعي السوفيت عام (‪1952‬م)‪،‬‬
‫وف عام (‪1962‬م) تول مسؤوليات ف قيادة فرع الزب –الشيوعي‪ -‬ف النطقة‪ ،‬وف عام (‬
‫‪1970‬م) صار سكرتيا أول للحزب ف مقاطعة (ستافروبول) إل أن استدعي إل موسكو ليتول‬
‫إدارة الشؤون الزراعية سكرتاريا‪ ،‬وكان يعتب آنذاك (حارس العقيدة) و(صانع اللوك) وف عهد=‬
‫= (تشينينكو) ظهر غورباتشوف ف موقع الليفة الرجح حظا فتول رئاسة الشؤون الارجية‬
‫ف السوفييت التادي‪ .‬وعند وفاة (تشينينكو) ل يستغرق انتخابه بضع ساعات‪( .‬موسوعة‬
‫السياسة‪ ،‬الؤلف الرئيسي د‪ .‬عبد الوهاب الكيال‪ ،‬ط‪ ،3‬ج‪ ،‍4‬ص‪.)‍372‬‬
‫‪55‬‬
‫ما هي الضارة الديدة؟ إنا هي حضارة السلم! ل يكن أن تفسر‬
‫الضارة الديدة إل حضارة السسلم‪ ،‬هسل يكسن أن يقال بأن للديانسة‬
‫الندوكيسة حضارة يكسن أن تلس مشكلت البشريسة وأن (جورباتشوف)‬
‫يتطلع إل تلك الضارة؟ هسل يكسن أن يقال بأن للديانسة البوذيسة(‪ )1‬حضارة‬
‫يكسن أن تلس مشكلت النسسانية؟ ل‪ ،‬إناس هذه الضارة هسي حضارة‬
‫السلم‪ ،‬دين ال تعال الق‪ ،‬إن كانت الشكلة الت جعلوها نصب أعينهم‬
‫‪-‬وهذه لي ست هي الشكلة ال ساسية‪ -‬هي مشكلة القت صاد‪ ،‬فلنن ظر إل‬
‫حلّ السسلم لذه الشكلة‪ ،‬ففسي آيسة واحدة حلّ السسلم هذه الشكلة‪،‬‬
‫سن الشكلت‬
‫س مس‬
‫سي مشكلة العقيدة‪ ،‬ولكثيس‬
‫ساسية وهس‬
‫وللمشكلة السس‬
‫الجتماع ية‪ ،‬وغي ها ف هذه ال ية الواحدة لّيْ سَ الِْبرّ أَن ُتوَلّواْ ُوجُو َهكُ مْ‬

‫() هي ديانة ظهرت ف الند بعد الديانة البهية ف القرن الامس قبل اليلد‪ ،‬كانت ف بدايتها‬ ‫‪1‬‬

‫متوجهة إل العناية بالنسان وتدعو إل التصوف والشونة والناداة بالحبة والتسامح وفعل الي‪،‬‬
‫لكنها تولت بعد موت مؤسسها (سدهارتا جوتاما) اللقب ب‍)بوذا) (‪ 480 -560‬ق‪.‬م)‬
‫ويلقب أيضا بسكيا موين (العتكف) إل معتقدات ذات طابع وثن‪ ،‬ولقد غال أتباعها ف =‬
‫=مؤسسها حت ألوه‪ ،‬وينقسم البوذيون إل قسمي‪ :‬أ) البوذيون التدينون‪ .‬ب) البوذيون‬
‫الدنيون‪ .‬وللبوذية مذهبان كبيان‪ :‬الذهب الشمال وكتبه مدونة باللغة السنسكريتية وهو سائد‬
‫ف الصي واليابان والتبت ونيبال وسومطره‪ ،‬والذهب النوب وكتبه القدسة مدونة باللغة البالية‬
‫وهو سائد ف بورما وسيلن (سييلنكا) وسيام‪( .‬حركات هدامة‪ ،‬أحد عبد الرحيم‪ ،‬ط‪/1‬ص‪‍7‬‬
‫‪ 3‬وما بعدها)‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫شرِ قِ وَاْلمَ ْغرِ بِ وَلَسكِنّ الِْبرّ مَ ْن آ َم نَ بِالّل هِ وَالَْيوْ ِم الخِرِ وَاْلمَلِئكَةِ‬
‫قَِبلَ اْلمَ ْ‬
‫وَاْلكِتَا بِ وَالنّبِيّيَ وَآتَى اْلمَالَ َعلَى حُبّ هِ ذَوِي اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَاْلمَ سَاكِيَ‬
‫وَابْ َن ال سّبِيلِ وَال سّآِئلِيَ َوفِي الرّقَا بِ وََأقَا مَ ال صّلةَ وَآتَى ال ّزكَاةَ وَاْلمُوفُو نَ‬
‫س ِإذَا عَاهَدُواْ (‪ )1‬القوق الول الذكورة لذوي القربس واليتامسى‬
‫بِ َعهْدِهِم ْ‬
‫وال ساكي وا بن ال سبيل هي من غ ي الزكاة بدل يل قوله‪ :‬وَأَقَا مَ ال صّلةَ‬
‫ضرّاء‬
‫وَآتَى ال ّزكَاةَ وَاْلمُوفُو َن بِ َعهْ ِدهِ ْم ِإذَا عَاهَدُواْ وَال صّاِبرِينَ فِي الْبَأْ سَاء وال ّ‬
‫س أُولَسِئكَ الّذِي َن صَدَقُوا وَأُولَسِئكَ هُ مُ اْلمُتّقُو نَ (‪ )2‬فإذا الل‬
‫َوحِيَ الْبَأْ ِ‬
‫الذي تتطلع إليسه النسسانية حلّ عام‪ ،‬يتناول الانسب العقدي‪ ،‬والانسب‬
‫اللقي‪ ،‬والانب القتصادي‪.‬‬

‫أ نا بنف سي شاهدت الع جب العجاب ف حياة الناس‪ ،‬وأ نا ذا هب إل‬


‫الصسي وإل (هونسج كونسج) (‪ ،)3‬هذه الشياء أتدث عنهسا لرؤيتس إياهسا‬
‫ومشاهد ت ل ا ك ما هي‪ ،‬فق بل حوال ستة ع شر عا ما من الن‪ ،‬زرت بلد‬
‫الصي‪ ،‬ث سافرت من (شنجهاي)(‪ )4‬ف الصي إل (هونج كونج) والسافة ل‬

‫() البقرة‪.177 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة‪.177 /‬‬ ‫‪2‬‬

‫() هونج كونج‪ :‬مرفأ وجزيرة ف جنوب الصي (خليج كانتون) عاصمتها فكتوريا‪ ،‬خضعت‬ ‫‪3‬‬

‫للنفوذ النليزي (‪1842‬م)‪( .‬النجد ف اللغة والعلم‪ ،‬ط‪ ،21‬ص‪.)‍734‬‬


‫() أكب الدن الصينية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫تتجاوز سساعة واحدة بالطائرة مسن (شنجهاي) إل (هونسج كونسج) ورأيست‬
‫العجب عند هؤلء وهؤلء‪ ،‬رأيت من التناقضات أمرا عجبا‪.‬‬

‫أ ما ف ال صي فرأ يت الناس يرّكون ك ما ترّك الد مى بالزرار‪ ،‬كأن ا‬


‫الزب الذي يسك بناصية المر هناك يضغط على أزرار فتتحرك الماهي‪،‬‬
‫يتحرك ألف مليون مسن البشسر بالضغسط على الزرار‪ ،‬ل إرادة للنسسان‪،‬‬
‫فالناس هناك ك يف يعيشون؟ من غرائب المور أن م ل يعرفون ح ت ط عم‬
‫الاء البارد‪ ،‬وعندما سُئل بعض القادة ‪-‬سأله بعض الوفد الذي كان معنا‪-‬‬
‫لاذا ل تشربون الاء البارد؟ قال‪ :‬لو عوّدنسا الناس شرب الاء البارد لحتاج‬
‫كسل عشرة منهسم على ال قل ثل جة واحدة‪ ،‬معنس ذلك أننسا نتاج إل مائة‬
‫مليون ثلجة‪ ،‬وأيضاً ل يعرفون شرب الشاي بالسكر‪ ،‬وكان الواب أيضاً‬
‫عن هذا الل غز بأن م لو عوّدوا أن يشربوا الشاي بال سكر فعلى ال قل يتاج‬
‫الواحد ف اليوم إل جرامي من السكر‪ ،‬ومعن ذلك أن ألف مليون يتاجون‬
‫إل مليونس كيلو مسن السسكر وهكذا!‪ ..‬إذا الناس عودوا عادة غريبسة‪،‬‬
‫حركات الناس كلها حركات عسكرية‪ ،‬عليهم أن يستيقظوا ف ساعة معينة‪،‬‬
‫وأن يارسسوا بعسد ذلك الرياضسة‪ ،‬وأن يرجوا فس سساعة معينسة إل العمسل‪،‬‬
‫ويبقون ف العمل عشر ساعات تتخلل هذه العشر ساعات وجبة غداء لدة‬
‫ن صف ساعة‪ ،‬هذه الوج بة مفرو ضة على كل أ حد‪ ،‬ل يأ كل أح ٌد عند ما‬

‫‪58‬‬
‫يشتهي الطعام‪ ،‬بل عندما يُراد له أن يأكل‪ ،‬ول يأكل ما يريده بنفسه بل ما‬
‫يُراد له أن يأكله‪ ،‬وكل شيء عند هم ب سب إرادة الزب‪ ،‬ل ب سب إرادة‬
‫الن سان فالوا طن الفرد ل يس له حر ية‪ ،‬الن سان ذائب‪ ،‬ف هو ل ي ستطيع أن‬
‫ينتقل من مكان إل آخر إل بإرادة الزب‪ ،‬لو حاول أن ينتقل إل أي مكان‬
‫ما أمكنه ذلك‪ ،‬إن الوسيلة ل يلكها‪ ،‬ل تسخر له الوسيلة ولو استطاع أن‬
‫يذ هب إل هناك أ ين يأوي؟ ل مأوى له‪ ،‬لو قدر نا أ نه و جد مأوى‪ ،‬من أ ين‬
‫يأكل؟ بطاقة الكل موجودة هنا‪ ،‬وليس مفوضاً أن يأكل من هناك‪ ،‬الناس‬
‫يوجهون توجيهاً غريباً‪ ،‬حت السوق الذي يأت إليه الواطن ل يدخله أحد‬
‫مسن غيس الواطنيس‪ ،‬العضاء الدبلوماسسيون مثلً هناك لمس سسوق خاصسة‪،‬‬
‫بلف سوق الواطن ي‪ ،‬العملة متل فة‪( ،‬ف‍‍اليَن) الذي ع ند الوا طن ل يمله‬
‫الجنب‪ ،‬والذي عند الجنب ل يمله الواطن‪.‬‬

‫هكذا كانت الوضاع ف ذلك الوقت‪ ،‬لعلها تغيت الن‪ ،‬كما يقول‬
‫(جورباتشوف)‪ :‬ل ي كن للشيوع ية أن تب قى ف ال صي ول ف فيتنام‪ ،‬الناس‬
‫يركون تريكاً عجيباً‪ :‬النوم ف ساعة معي نة‪ ،‬ال ستيقاظ ف ساعة معي نة‪،‬‬
‫الركة ف ساعة معينة‪.‬‬

‫عندمسا انتقلت مسن مدينسة (شنجهاي) فس الصسي إل (هونسج كونسج)‬


‫رأيت هناك الشياء العجيبة أيضاً‪ ،‬هناك عمارات شاهقة ‪-‬كما يقال‪ -‬هذه‬
‫‪59‬‬
‫العمارات حسسب عُرف العرب هسي ناطحات السسحاب‪ ،‬سسألت عسن إيار‬
‫ش قة من ها قالوا‪ :‬ب عض العمارات تؤ جر الش قة الواحدة من ها ب ا ي ساوي ف‬
‫ذلك الوقت أربعة آلف ريال عمان‪.‬‬

‫هذه العمارات قد تكون عمارة شاه قة من ها ملك ل حد‪ ،‬و قد تكون‬


‫لنسسان واحسد عمارات ل عمارة واحدة فحسسب‪ ،‬هذا النظام الرأسسال‬
‫بانسب هذه العمارات الشاهقسة رأيست قطعانا مسن البشسر ل مأوى لمس‪ ،‬ل‬
‫مأوى لماعات؛ حت أنن وجدت جاعة من الناس يأوون ف هيكل سيارة‬
‫متحطمة قدية ألقي هيكلها هكذا‪ ،‬فهم يستظلون بذا اليكل القدي البال‪،‬‬
‫وفس نفسس الوقست وجدت جاعسة مسن الناس يأوون إل قوارب الصسيد فس‬
‫البحر‪ ،‬فإذا هذا الفارق!‪.‬‬

‫السلم ل هذا ول ذاك‪ ،‬السلم ل يسلب الفرد حريته ويذوّبه‪ ،‬بل‬


‫له حريسة التملك وله حريسة الرادة‪ ،‬ل تقهسر حريتسه ولكسن بانسب ذلك ل‬
‫يطلق له العنان‪ ،‬حت تكون راحته على حساب غيه‪ ،‬بل َيضْبِط هذه الرية‬
‫بضوابط ل يتعداها النسان‪ ،‬فإذا السلم هو أمل النسانية بأسرها ولكن‬
‫متس يكون ذلك؟ إناس يكون عندمسا يسستمسك السسلمون بذا الديسن ول‬
‫يفرطون ف شيء من أوامره ونواهيه‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫مسك الختام‬
‫ه نا كلمات قال ا أ حد الفكر ين ال سلميي العا صرين و هو الشا عر‬
‫ال سلمي الباك ستان م مد إقبال(‪ ..)1‬هذه الكلمات ‪-‬قلت أك ثر من مرة‪-‬‬
‫هي َحرِيّ ة بأن تك تب باء الذ هب‪ ،‬وينبغي للم سلم أن يعلها ن صب عين يه‪،‬‬

‫‪ )( 1‬ممد إقبال‪ :‬ولد سنة (‪1289‬ه‍‪1873/‬م) لبوين صالي تقيي ينتسبان إل أسرة ذات أصل‬
‫كشميي‪ ،‬هاجرت إل سيالكوت ف البنجاب‪ ،‬ابتدأ العلم على والده‪ ،‬ث انتسب إل كـتّـاب‬
‫حفظ فيه قسما وافرا من القرآن الكري‪ ،‬ما أدى إل الستشهاد به ف شعره ونثره‪ ،‬ث دخل‬
‫مدرسة تابعة لبعثة أجنبية‪ ،‬حيث اهتم به صديق والده (مي حسن) الذي كشف الخي عن‬
‫مواهبه‪ ،‬وبعد ترجه من مدرسة البعثة الجنبية انتقل إل لهور حيث كانت آنذاك من أعظم‬
‫مدن الند حضارة وعلما وفنا‪ ،‬فنال منها درجة الجازة ث الستاذية بتفوق‪ ،‬وكان تلميذا‬
‫لـ‍)توماس أرنولد) الستشرق البيطان العروف صاحب كتاب (الدعوة إل السلم)‪ ،‬عي بعد‬
‫الدراسة لتدريس التاريخ والفلسفة بامعة كمبدج فنال أعلى الجازات ف الفلسفة والقانون‪،‬‬
‫وبعدها عاد إل وطنه فعمل ف الحاماة‪.‬‬
‫كما عمل ف اليدان السياسي فدخل النتخابات‪ ،‬وشارك ف إنشاء حزب واشترك‬
‫ف مؤتر الطاولة الستديرة‪ ،‬على أن أعظم عمل سياسي هو إنشاء دولة تضم مسلمي الند هي‬
‫باكستان ف سنة (‪1930‬م) حيث رأس الجتماع السنوي للرابطة السلمية‪ ،‬خلف ممد إقبال‬
‫شعرا غزيرا ينضح بالفكر والكمة‪ ،‬وماضرات كثية‪ ،‬وف عام (‪1357‬ه‍‪1938/‬م) وافاه‬
‫الجل الحتوم وكان ينشد شعره‪:‬‬
‫نفحات مضي ل هل تعود‬
‫آذنت عيشت بوسك رحيل‬
‫أنسيم من الجاز يعود‬
‫‪61‬‬
‫يقول فس كلمسه فس وضسع السسلم‪« :‬إن السسلم ل يلق ليندفسع مسع التيار‬
‫وي ساير الر كب البشري ح يث ات ه و سار‪ ،‬بل خلق ليو جه العال والجت مع‬
‫والدنية ويفرض على البشرية اتاهه ويلي عليها إرادته لنه صاحب الرسالة‬
‫و صاحب ال ق اليق ي‪ ،‬ول نه ال سؤول عن هذا العال و سيه واتا هه فل يس‬
‫مقامه مقام التقليد‪ ،‬إن مقامه مقام المامة والقيادة‪ ،‬مقام الرشاد والتوجيه‪،‬‬
‫مقام المر والناهي‪ ،‬وإذا تنكّر له الزمان وعصاه الجتمع وانرف عن الادة‬
‫ل يكسن له أن ي ضع وي ضع أوزاره وي سال الدهسر‪ ،‬بسل عل يه أن يثور عل يه‬
‫وينازله‪ ،‬ويظل ف صراع معه وعراك‪ ،‬حت يقضي ال ف أمره‪ ،‬إن الضوع‬
‫والستكانة للحوال القاسرة والوضاع القاهرة‪ ،‬والعتذار بالقضاء والقدر‬
‫من شأن الضعفاء والقزام‪ ،‬أ ما الؤ من القوي ف هو بنف سه قضاء ال الغالب‬
‫وقدره الذي ل يرد»(‪.)1‬‬

‫ونعل هذا مسك التام ‪-‬إن شاء ال‪ -‬ونسأل ال سبحانه وتعال أن‬
‫يلهمنسا الصسواب وأن يأخسذ بأيدينسا إل جادة القس‪ ،‬وأن يعسز السسلم‬
‫والسلمي وأن يذل الشرك والشركي‪ ،‬وأن يقطع دابر أعداء الدين‪ ،‬اللهم‬
‫ربنا استخلفنا ف أرضك كما استخلفت من قبلنا من عبادك الؤمني‪ ،‬ومكّن‬
‫هل لعلم السرار قلب جديد‬

‫() ماذا خسر العال بانطاط السلمي؟ أبو السن الندوي‪ ،‬ط‪/8‬ص‪.‍9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪62‬‬
‫ل نا دين نا الذي ارتضي ته ل نا‪ ،‬وأبدل نا بوف نا أمناً وبذل نا عزاً‪ ،‬وبفقر نا غ ن‪،‬‬
‫وبتشتتنا وحده‪ ،‬واجعنا على كلمتك وألف بي قلوبنا بطاعتك‪ ،‬يا حي يا‬
‫قيوم يا ذا اللل والكرام‪ ،‬وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك‬
‫سيدنا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون‬
‫وسلم على الرسلي والمد ل رب العالي‪..‬‬

‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الخاتمة‬

‫وأخيا‪ ..‬فإن (خل صة الكلم لشباب ال سلم) هو ف التم سك‬


‫بالد ين القو ي‪ ،‬والتخلّق بالقرآن الكر ي‪ ،‬والتعا مل ب سنة الر سول الكر ي‪،‬‬
‫والتفاهسم بروح السسلم العظيسم‪ ،‬فإن هذه البشريسة ‪-‬كمسا قال الشيسخ فس‬
‫ماضرتيسه‪ -‬فس حاجسة إل رسسالة متوازنسة‪ ،‬خالدة شاملة لن تدهسا إل فس‬
‫السلم‪ ،‬ولن يد العال سكينته وسعادته الروحية وتوازنه إل ف رسالة ممد‬
‫‪.‬‬

‫ول شسك أن هذه البشريسة العذبسة والريضسة فس حاجسة إل دواء‬


‫يشفيهسا ماس تشكسو إليسه مسن هذا الريسق‪ ،‬وهذا السسعار الادي الذي يأكسل‬
‫باطنها‪ ،‬ولن تد الطفاء إل ف السلم فهو قارورة الدواء‪ ،‬ومضخة الطفاء‬
‫ل ا تعان يه البشر ية من تل طم ف ب ر الاديات وتنا فر عن م يط الخلقيات‪،‬‬
‫ولن يكون ذلك الشفاء للبشر ية إل إذا رج عت إل بر ال سلم‪ ،‬بر ال سلم‬
‫والمان‪ ،‬عندها فقط تكون البشرية قد وصلت إل درجة الهتداء بدي ال‬
‫القو ي‪ ،‬وهذا ل تأ تى إل إذا قام الشباب ال سلم بدور هم الم ثل ف هدا ية‬

‫‪64‬‬
‫البشر ية إل ما ف يه خي ها‪ ،‬ونات ا دن يا وأخرى بالرجوع إل هذا الد ين ف‬
‫سلوك النسان مع ربه‪ ،‬وسلوكه مع نفسه‪ ،‬وسلوكه مع أسرته وسلوكه مع‬
‫الؤمني من أمثاله وسلوكه مع الخرين من يالفون ف معتقده‪.‬‬

‫ودور الشباب أي ضا ف تب صي ال مة ال سلمية بدور ها من ح يث‬


‫أنا خي أمة أخرجت للناس تأمر بالعروف وتنهى عن النكر‪ ،‬فإن مع هذه‬
‫المة ما ليس ف العال‪ ،‬فعلى الشباب الذين يسدون الصحوة السلمية ف‬
‫هذا العصسر أن يتقدموا بذا السسلم إل العال‪ ..‬السسلم الصسحيح غيس‬
‫الحرف‪ ..‬السسلم التوازن‪ ..‬إسسلم القرآن والسسنة‪ ..‬إسسلم الرسسول‬
‫وال صحابة‪ ..‬هذا الذي ينب غي على الشباب أن يد عو العال إل يه بال ستعداد‬
‫الروحسي والفكري‪ ،‬والسستعداد الصسناعي والربس والسستقلل التعليمسي‪،‬‬
‫فبهمة الشباب ينهض العال السلمي من غفوته ويصحو من غفلته فيؤدي‬
‫رسالته وينقذ العال من النيار الذي يهدده‪ ..‬فليست القيادة بالزل‪ ،‬إنا هي‬
‫جد الد‪ ،‬فتحتاج إل جد واجتهاد وكفاح وجهاد‪ ،‬واستعداد أي استعداد‪..‬‬
‫فكما قال الشاعر‪..‬‬

‫يوم الياج باسسس اسسسستعدا‬ ‫كسسسسسسسل امرئ يري إل‬

‫‪65‬‬
‫وف السلم تد البشرية خلصتها وسلمتها من كل ما تعانيه‪ ..‬ففي‬
‫السلم يد النسان راحة نفسية وغذاء لروحه‪ ،‬ولذة لوجدانه‪ ،‬وبالسلم‬
‫يُنتشسل النسسان مسن لةس الياة التس يغرق فيهسا الناس‪ ،‬هذه الياة الاديسة‪،‬‬
‫ويقسف النسسان فس هذه الصسلوات بيس يدي ال سسبحانه وتعال بطمأنينسة‬
‫القلب‪ ،‬وسعادة الروح‪ ..‬ومن السلم يأخذ النسان العلج الروحي الذي‬
‫يغسل النفس النسانية من أدرانا‪ ،‬لترجع إل فطرتا الت فطرها ال عليه‪،‬‬
‫فتر جع الن فس الطمئ نة إل رب ا راض ية مرض ية فتد خل ف عباده وتد خل‬
‫جن ته‪ ..‬هذا و صلى ال و سلم على سيدنا م مد وعلى آله و صحبه أجع ي‪،‬‬
‫ول حول ول قوة إل بال العلي العظيسم‪ ..‬والسسلم عليكسم ورحةس ال‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫المراجع‬
‫‪-1‬القرآن الكري‪.‬‬
‫‪-2‬بروتوكولت حكماء صسهيون‪ ،‬شوقسي عبسد الناصسر‪ ،‬الطبعسة‬
‫الامسة‪.‬‬
‫‪-3‬جواهسر الدب فس أدبيات وإنشاء لغسة العرب‪ ،‬أحدس الاشيس‪،‬‬
‫مؤسسة العارف‪.‬‬
‫‪-4‬شقائق النعمان على سوط المان‪ ،‬ممد بن راشد الصيب‪.‬‬
‫‪-5‬طبقات الشا يخ بالغرب (الزء الول والثا ن) الش يخ أ ب العباس‬
‫أحد بن سعيد الدرجين‪ ،‬تقيق وطبع‪ :‬إبراهيم طلي‪.‬‬
‫‪-6‬العقود الفضية ف أصول الباضية‪ ،‬الشيخ أب عبدال سال بن حد‬
‫الارثي‪ ،‬بل تاريخ‪.‬‬
‫‪-7‬العلمانيون والسلم‪ ،‬ممد قطب‪ ،‬دار الشروق (‪1994‬م)‪.‬‬
‫‪-8‬القادة‪.‬‬
‫‪-9‬الكون والرض والنسسان فس القرآن العظيسم‪ ،‬رجسا عبسد الميسد‬
‫عرا ب‪ ،‬تقد ي وتقر يظ الستاذ علي عبد الم يد أبو ال ي‪ ،‬الطب عة‬
‫الول (‪1415‬ه‍‪1994/‬م)‪ ،‬دار الي‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪-10‬ماذا خسر العال بانطاط السلمي‪ ،‬الشيخ أب السن علي السين‬
‫الندوي‪ ،‬الطبعسة الثامنسة (‪1404‬ه‍‪1984/‬م) دار الكتاب العربس‬
‫(بيوت‪/‬لبنان)‪.‬‬
‫‪-11‬الخابرات والعال‪.‬‬
‫‪-12‬معال الثقافسة السسلمية‪ ،‬الدكتور عبسد الرحيسم عثمان‪ ،‬مؤسسسة‬
‫الرسالة‪1402( ،‬ه‍‪1982/‬م)‪.‬‬
‫‪-13‬العجسم الفهرس للفاظ القرآن الكريس‪ ،‬وضعسه‪ :‬ممسد فؤاد عبسد‬
‫الباقي‪ ،‬الكتبة السلمية (استانبول‪ /‬تركيا) ‪1982‬م‪.‬‬
‫‪-14‬الن جد فس الل غة والعلم‪ ،‬ممو عة من الؤلف ي‪ ،‬الطب عة الاديسة‬
‫والعشرون‪ ،‬دار الشرق (بيوت)‪.‬‬
‫‪-15‬النها ية؛ الكوارث الكون ية وأثر ها ف م سار الكون‪ ،‬سلسلة عال‬
‫العرفسة (‪ )191‬تأليسف‪ :‬فرانسك كلوز‪ ،‬ترجةس‪ :‬الدكتور مصسطفى‬
‫إبراهيم فهمي (جادى الول ‪1415‬ه‍‪ /‬نوفمب ‪1994‬م)‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫الوضوع‬ ‫م‬
‫‪5‬‬ ‫مقدمة‬ ‫‪1‬‬
‫‪6‬‬ ‫الشباب ثروة المم‬ ‫‪2‬‬
‫‪9‬‬ ‫صفات أهل الق والستقامة‬ ‫‪3‬‬
‫‪12‬‬ ‫نزعة الستقلل تضعف هاجس الزية النفسية‬ ‫‪4‬‬
‫‪14‬‬ ‫جانب من تأثي العتقدات السلمية على غي السلمي‬ ‫‪5‬‬
‫‪18‬‬ ‫السلم كل ل يتجزأ‬ ‫‪6‬‬
‫‪19‬‬ ‫أسباب الزية النفسية عند السلمي اليوم‬ ‫‪7‬‬
‫‪21‬‬ ‫منظمات الاهلية الديثة تتكاتف ضد الي‬ ‫‪8‬‬
‫‪26‬‬ ‫اليهود والنصارى والشيوعيون بعضهم أولياء بعض‬ ‫‪9‬‬
‫‪27‬‬ ‫مططات زوير‬ ‫‪10‬‬
‫‪29‬‬ ‫زوير يفشل ف تنصي السلمي‬ ‫‪11‬‬
‫‪31‬‬ ‫العلوم الغربية التقدمة أساسها السلمون‬ ‫‪12‬‬
‫‪32‬‬ ‫العلوم الوروبية تنتج الدماء‬ ‫‪13‬‬

‫الصفحة‬ ‫الوضوع‬ ‫م‬

‫‪69‬‬
‫‪36‬‬ ‫‪ 14‬العلج الناجع من الزية النفسية‬
‫‪38‬‬ ‫‪ 15‬الستقبل للسلم‬
‫‪40‬‬ ‫‪ 16‬التمسك بالدين طريق النصر‬
‫‪43‬‬ ‫‪ 17‬خاتة ودعاء‬
‫‪44‬‬ ‫‪ 18‬فتاوى للشباب‬
‫‪44‬‬ ‫‪ 19‬العمر جوهرة غالية‬
‫‪46‬‬ ‫‪ 20‬للدعوة وسائل كثية‬
‫‪46‬‬ ‫‪ 21‬تنقية القلب وضبط النفس سبيل الداية‬
‫‪48‬‬ ‫‪ 22‬التقوى أساس النصر‬
‫‪52‬‬ ‫‪ 23‬السلم النقذ‬
‫‪55‬‬ ‫‪ 24‬السلم كبديل‬
‫‪60‬‬ ‫‪ 25‬مسك التام‬
‫‪63‬‬ ‫‪ 26‬الاتة‬
‫‪66‬‬ ‫‪ 27‬الراجع‬
‫‪68‬‬ ‫الفهارس‬

‫‪70‬‬

Vous aimerez peut-être aussi