Vous êtes sur la page 1sur 18

‫‪????????? ??? ??????? ??? ????????? ?? ???? ??????? ??????? ?? ?????? ?? ????

:‬‬

‫موقع ومنتديات النواصرة‬


‫‪www.nawasreh.com‬‬

‫صــــــلة الستخــارة‬
‫وتطوير وتحقيق‬
‫الذات‬
‫سند بن علي البيضاني‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمـــد لله رب العالميـــن والصـــلة والســـلم على أكرم‬
‫المرسلين وصحبه الطاهرين ‪ .‬أما بعد ‪.‬‬
‫تمهيد وتنبيه مهمان‪:‬‬
‫‪ )1‬كنت قد كتبت من سابق في هذا الموضوع ضمن سلسلة‬
‫مسائل مهمة في صلة الستخارة ‪ ،‬والذي قام موقع‬
‫صـــيد الفوائد مشكورا بنشرها وبسرعة وهي لزالت‬
‫سلسلة واحدة ‪ ،‬بل أكثر من ذلك حينما أخبروني بنشرها‬
‫على عكس بـقية المواقع السلمية التي راسلتها بهذه‬
‫الخصوص فلم تتكرم حتى بأي رد ‪ ،‬والله المستعان ‪ ،‬فل‬
‫يشكر الله من ل يشكر الناس ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ )2‬ثم لما رأيت إقبال كبيرا في تحميلها وتجولت في‬
‫الموقع ‪ ،‬شـد انتباهي وجود قسم خاص بكتب تطوير الذات‬
‫والنجاح ؛ فاستخرت على تنقيحها من خلل بعض الضافات‬
‫التي رأيت أنها مهمة والتي ينبغي تسليط الضوء عليها‪،‬‬
‫وبذلك يسهل على الزائر إلى هذا القسم معرفة ما كتب‬
‫في هذا الباب بعد أن كانت مخفية في باب آخر لتكون بإذن‬
‫الله رسالة مهمة ومستقلة لمن أراد تطوير وتحقيق ذاته‬
‫والنجاح في الدنيا والخرة ‪ -‬بفضله ومنه سبحانه –‪.‬‬

‫‪ )3‬بلغني أن اليات التي في السلسل الربع تظهر على‬


‫شكل رموز بعد تحميلها ‪ ،‬وسبب ذلك أنها كتبت بخط يوجد‬
‫على برنامج خاص (( المصحف العثماني )) ولنه قد يكون‬
‫غير متوفر لدى كثير ممن قاموا بتحميلها‪ ،‬فسوف اجتهد‬
‫بإذن الله في إرسال نسخة أخرى قريبا بـخط يكون‬
‫مـتوفرا على الوورد ‪.‬فقد كان معدا لدور النشر كما هو‬
‫موضح في السلسلة الولى ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬أهميتــــــها وفضلـــــــــها‬
‫بما أن الكتاب والسنة قد اشتمل على كل معاني‬
‫ومقتضيات التوحيد والعبودية والسكينة وصلح البال‬
‫والسعادة في الدارين ‪ ، ...‬فإن صلة الستخارة قد‬
‫اشتملت على كل ذلك بما تمثله من برهان عملي لهذه‬
‫المعاني والمقتضيات ‪ ،‬ويمكن تلخيص ذلك من خلل‬
‫معرفة أهميتها والمتمثلة فـــي ‪:‬‬
‫معرفة أسماء وصفات المعبود ‪ I‬ووجوب العمل بمقتضاهما‬
‫‪ ،‬وأقرب مثال على ذلك قد يصعب على أي مسلم أن‬
‫يعلم مدى توكله إل إذا كان مكثرا ً منها‪ ،‬لنها مبنية عليه‬
‫‪ (.‬انظر السلسلة الولى )‬

‫معرفة حقيقة وصفات النفس البشرية ‪ ،‬فالنسان مخلوق‪:‬‬


‫كفور‪ ،‬يئوس‪ ،‬قنوط ‪ ،‬معرض ‪ ،‬ظلوم ‪ ،‬جهول ‪ ،‬خصيم ‪،‬‬
‫فرح ‪ ،‬مغرور ‪ ،‬هلوع ‪ ،‬قتور ‪ ،‬ول حول له ول قوة إل به‬
‫سبحانه ولكن أكثر الناس ل يعلمون ول يؤمنون ‪ ،‬وإن‬
‫آمنوا فل يعملون لتعويض هذا النقص بالوسائل التي‬
‫شرعها المولى ‪ ، I‬إل من رحم الله ‪.‬‬
‫أنها وحي هذه المة ـ اللهام ـ ولكل مسلم ومتى شاء !‪.‬‬
‫وهذا ما يجعل هذه المة أفضل من المم السابقة حتى‬
‫في هذه الجزئية أيضا‪ ،‬فمن هذا الذي ل يحب أن يكون‬
‫ملهما ً ومسددا ً ؟! بفضل من الله ومنّـه ‪ (.‬انظر المبحث الول‬
‫الستخارة وحي هذه المة )‬
‫ثمارها العظيمة والكثيرة التي ل تعد ول تحصى ‪ ,‬فأهـمها‬
‫لهل التقـوى والورع الطمئنان على إخلص النية عند‬
‫أي عمل ‪ ،‬وأهمها لهل الدنيا النجاح ‪.‬‬
‫النصوص الشرعية التي دلت على أهميتها ومكانتها‪،‬‬
‫فالمسلم اليوم بحاجة إلى طمأنينة القلب في كل ما‬
‫يحتاجه من تفاصيل الحياة وما استجد فيها من تعقيدات‬
‫وكثرت معها التكاليف الشرعية ‪.‬‬
‫‪ )6‬فهم السلف ‪ y‬لها واعتناؤهم بـها من خلل فقه‬
‫أقوالهم وتعاملهم معهــــــا ‪.‬‬
‫‪ )7‬أنـها ليست مجرد ركعتـين بدعاء مخـصوص بل تحـتاج‬
‫ل‬‫إلى إخـلص النية وتـعلم لتـقانـها كالقرآن ‪ ،‬وقد د ّ‬
‫حديث الستخارة على ذلك ‪ (.‬انظر السلسلة الثانية والثالثة ) ‪.‬‬
‫‪ )8‬النسان بفطرته يحب أن يرى الثمار العاجلة ؛ لهذا‬
‫فـثمارها تعد من أعظم الحوافز للكثار منها مما تجعله‬
‫يعض عليها بالنواجذ ‪ ،‬فاستخارة واحدة تكفي ليحرص‬
‫المسلم بعد ذلك مـن الكـثار منهـا‪ ( .‬انظر السلسة الثانية )‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشباب وضـرورة نقاء منهاج تطوير الذات ‪:‬‬


‫مـــن الجميـــل أن نرى اليوم كثيرا ً مـــن شباب المســـلمين‬
‫يســعى بجــد إلى تطويــر وتحقيــق ذاتــه وســط هذا الركام‬
‫الفاسـد والمفسـد معاً‪ ،‬فهـم عماد مسـتقبل هذه المـة لي‬
‫إصــلح أو تغييــر‪ ،‬ومــن كان يظــن أن الخلفــة التــي على‬
‫منهاج النبوة أو خروج المهدي المنتظــــر قــــد اقتربــــا ؛‬
‫فليعتقـــد جازمـــا بأن ذلك لن يكون إل والمـــة قـــد أعدت‬
‫نفســها إيمانيــا وماديـــا‪ ،‬ولن تجــد لســنة الله تبديل ول‬
‫‪3‬‬
‫تحويل‪ ،‬ولكن أجمـل منه‬

‫وواجب أن يكون ذلك نابعا ً من نية خالصة لله حتى تؤتي‬


‫أكلهـا(‪ )1‬بدون آثار وأعراض سـلبية ‪ ،‬فهذا العلم هـو حصـيلة‬
‫اجتهاد وتجارب إنســانية طويلة مــن حيــث الزمــن وكثيرة‬
‫من حيث العدد في العالم الغربي ثم حصل البداع عندهم‬
‫ثم انتقل إلينا‪ ،‬فلهذا تجد معظم الك تب التي تحد ثت في‬
‫هذا المـر مترجــمة أو مسـتندة إلى مراجـع أجنبيـة ؛ ولعـل‬
‫من يتف حص ما نقل وترجم ؛ يجده ل يهتم كثيرا بالجانب‬
‫اليمانـي مثـل ضرورة إخلص النيـة ومراقبتــها لي عمـل‬
‫صـــغر أم كـــبر وهذا ولشـــك ســـيؤثر ســـلبا على النتائج‬
‫المرجوة ‪،‬وهذا الذي ســـوف نحاول توضيحـــه فـــي هذه‬
‫الرسالة إن شاء الله تعالى ‪.‬‬

‫‪ )2‬ومـــع مـــا بلغوا إليـــه مـــن تأصـــيل وتفصـــيل لجزئيات‬


‫الجزئيات‪ ،‬والتــي تزيــد مــن فرص تطويــر وتحقيــق الذات‬
‫والنجاح ‪ ،‬إل أنهـــم ل يزالون يشكون مـــن مشاكـــل أخرى‬
‫كثيرة ومهمة تتلخص في عدم القدرة على تحقيق الموازنة‬
‫(‪ )2‬بيـن تطويـر وتحقيـق الذات والنجاح ومـا تحتاج إليـه الروح‬
‫من تغذ ية إيمانية مستمرة للمحافظة على هذا التوازن بعد‬
‫الوصول إليه ‪.‬‬

‫‪ )3‬فلهذا على المسـلم أن يسـعى بجـد لتطويـر وتحقيـق ذاتـه‬


‫وفقا للمنهج الرباني الذي ليس فيه سلبيات أو انحراف عن‬
‫الفطرة‪ ،‬وليـس معنـى ذلك أن نترك مـا هـو مفيـد مـن الغرب‬
‫وإنمـا اقصـد البحـث عنهـا مـن فهـم الكتاب والسـنة والسـلف‬
‫الصالح ‪ y‬والتوازن في تغـذية القلب والعقل ‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬ما هو تطوير الذات ؟ ‪:‬‬


‫من خلل بحث سريع لم أقـف على كتاب يعالج هذه‬
‫المسألة بكل عناصرها وتفصيلتها ‪ ،‬بحيث تجمع شتات‬
‫‪ )(1‬سيأتي معنا أهمية هذه الجزئية في– صيحـــــة إيــمانيــة ‪.-‬‬
‫‪ )(2‬وأقرب مثال على ذلك انتحار ألمريكي الشهير ـ ديـل كارينغـي ـ صاحب الكتاب المشهور((كـيف تكسب الصدقاء‬
‫وتؤثر في الناس ))‪.‬‬
‫المسألة‪ ،‬ولكن في معظم الحيان كنت أجدها تتحدث عن‬
‫عنصر عام من عناصرها بتفصيلته‪ ،‬وهذا بالطبع ل يحقق‬
‫تطويرا ً حقيقيا ً للذات‪ ،‬لن تطوير الذات للنجاح منظومة‬
‫متكاملة من المهارات التي ينبغي اكتسابها‪ ،‬وقد يكون له‬
‫في بعض الحيان أثرا ً سلبياً‪ ،‬مما لو لم يتعلم عنصر من‬
‫العناصر؛ لن كثيرا من الناس عندهم عادة سيئة وهي أن‬
‫ينظر إلى ما عنده فيستكثره‪،‬وينظر إلى ما عند غيره‬
‫فيستقلله ‪،‬فينشأ بعد ذلك مراهـقة علمية وصدام أخلقي‬
‫وغير ذلك ‪ ،‬فتحدث ردة فعل سلبية قوية فل‬

‫يستطيع تحملها لنه غير مؤهل تأهيل عام كاف‪ .‬وهذا ل‬


‫ينطبق على هذا العلم وحده ؛ ولهذا قدمنا النية الخالصة‪.‬‬
‫وإليـك أهـم عناصـره وجزئياتـه والتـي عبارة عـن اكتسـاب‬
‫قدرات ومهارات فـي ‪:‬‬
‫تنظيم وإدارة الوقت ‪.‬‬
‫التفكير المثالي والتعلم وتنمية وتنشيط الذاكرة ‪.‬‬
‫اتخاذ القرار السليم وحل المشاكل‪.‬‬
‫وضوح الرؤية وتحديد الهدف وكسب الجهد ‪.‬‬
‫التحليل وربط السباب بالنتائج ‪.‬‬
‫القدرة على التواصـل وكسـب الخريـن ووضـع الولويات‬
‫والبدائل‪.‬‬
‫التحرر من الجمود والقيود المعوقة والثقة بالنفس‪.‬‬
‫البرمجة العصبية واللغوية‪.‬‬
‫الخلصة‪:‬‬
‫إن تطويــر الذات عبارة عــن اكتســاب القدرات والمهارات‬
‫لتلك العناصر ليكون متميزا ً وناجحا‪.‬‬
‫رابعـاً‪ :‬ويحـــق لــــك أن تتساءل !‬
‫بعد الذي تقدم قد يقول قائـل ‪:‬‬
‫ه ـل يم كن ح صول توازن كا مل ب ين تطو ير الذات المتكا مل‬
‫مـع المحافظـة على نــقاوة المنهاج الربانـي فـي الدعوة ؟‬
‫وأن تكون الخرة أكبر همه ؟‬
‫الجابة ‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫حصـول ذلك إل بمراعاة عدة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫نعـم ‪ .‬ولكـن يصـعب تصـور‬
‫أمـور ‪:‬‬
‫أ ) النسان مفطور على حب العاجلة فكلما أشبع حاجة‬
‫من احتياجاته انتقل إلى الخرى وهكذا ‪ .‬ويؤكد ذلك‬
‫النصوص الشرعية والمشاهدة والنظريات الغربية ‪.‬مثـل‪:‬‬
‫نظرية الحتياجات النسانية لـ (( ماسلو ))(‪ )2‬وتقول ‪ (( :‬إن‬
‫النسان يتحرك لشباع خمس حاجات رئيسية لديه هي ‪:‬‬
‫تحقيق الذات‪ ،‬التقدير‪ ،‬الحتياجات الجتماعية ‪ ،‬المن‬
‫والسـلمة‪،‬والحتياجات الفيزيولوجية‪.‬‬

‫ويتــم إشباع هـذه الحاجات على مراحل بحيث يندفع‬


‫الفرد لشباع إحداها فإذا فرغ منها وأشبعها انصرف إلى‬
‫الثانية وهكذا ))‪.‬‬
‫ب) المسـلم مهمـا بلغ مـن العلم الشرعـي والورع والتميـز‬
‫فــي تطويــر وتحقيــق ذاتـــه ســوف يقابــل أمورا دقيقــة أو‬
‫محيرة(‪ )3‬قـــد تقدح أو تؤثـــر على درجـــة تمســـكه بالمنهاج‬
‫الرباني الذي ينبغي أن يسلكه للدعوة من وجهة نظر غيره‬
‫أو نفسـه ولكـن عادة مـا يبررهـا تحـت مسـميات كثيرة مثـل‬
‫المصـــالح والمفاســـد وخيـــر الخيريـــن وأهون الشريـــن‬
‫والوسـائل والمقاصـد ونحـو ذلك مـن المور التـي يعرفــها‬
‫طلبـة العلم ‪ .‬وكـل ذلك ينتـج مـن التأويـل والقياس للنصـوص‬
‫الشرعيـة ولذلك قال المام أحــمد عبارة تسـتحق أن تكتـب‬
‫بماء الذهـب مـن دقتــها فـي تشخيـص أسـباب خطـأ المجتهـد‬
‫وهــي ‪ (( :‬أكثـر مـا يخطــئ الناس فـي التأويـل والقياس ))‬
‫ولول أن المقام ل يسـمح بالطالة ــ لنهـا تحتاج إلى تحقيـق‬
‫ـ لذكرت بعض المثلة ‪ .‬ولعل الله ييسرها في رسالة خاصة‬
‫لموضوع مـا يكون الناس بحاجة إليه ‪.‬‬
‫ج ) إتقان صــلة الســتخارة والكثار منهــا يمثــل الضمان‬
‫النجـع والسـلم لكـل مـا ورد مـن محاذيـر قـد ترافـق المسـلم‬
‫أثناء عمليـة تطويـر الذات بـل ترقـى بـه إلى أكثـر مـن ذلك‬
‫‪ )(1‬التصور يبنى على ثلث ‪ :‬المشاهدة – شاهدة النظير‪ -‬الخبر الصادق‪.‬‬
‫‪ )(2‬عن مقال بعنوان ( كيف تحفز التباع) للدكتور طارق السويدان في موقعـه‪.‬‬
‫‪ ) 3‬راجع السلسة الثالثة‪ :‬كيف تتقنها ؟ باب (( نوعية المسألة ))‬
‫وهــو تحقيــق الذات والنجاح فــي الدنيــا قبــل الخرة – بإذن‬
‫الله‪ -‬وذلك من خلل معرفة ثمارهـا ‪.‬‬

‫علمـــــــــات و ثمــــار إتـــقانها ( وسائل عامة‬


‫في تطوير الذات )‬
‫من نعم المولى سبحانه أن جعل للشياء علمات ليطمئن‬
‫بها القلب أذا عصفت به العواصف أو غيرهـا من المور ‪،‬‬
‫ومن علمات إتقان الستخارة أن يذوق العبد ثمارها في‬
‫الدنيا قبل الخرة ‪ ،‬وهذه الثمار قد تفسر حرص الرسول ‪r‬‬
‫على العتناء بتعليمها ‪ ،‬ومنها ما هو متداخل ومترابط مع‬
‫بعضها البعض ‪ ،‬ومنها ما يتفرع عنها ثمار أخرى فهي‬
‫شجرة لنهاية لثمارها ؛ فلهذا ينبغي استحضار ثمار هذه‬
‫العبادة ؛ ليزداد اليقين بأهميتها ‪ ،‬ومن يتأمل الثمار التالية‬
‫سيجد معظمها من ثمار التوكل ويمكن تلخيصها كالتالي ‪:‬‬
‫السعادة في الدنيا‪:‬‬
‫غاية تطوير الذات السعادة التي ل تشترى بالمال أو‬
‫ن‬
‫الجاه أو السلطان أو غير ذلك ‪ ،‬بل هي نعمة ربانية يَم ّ‬
‫بها سبحانه على من يشاء ‪ ،‬وتُـعرف من خلل سكون‬
‫النفس وطمأنينة القلب والرضا بمقدوره وصلح البال‬
‫وكل هذه السمات ملزمة للستخارة وإل فل يعد صاحبها‬
‫مستخيراً ‪ (.‬انظر مبحث أعمال قلبية ملزمة لها) ‪.‬‬

‫قال المام ابن القيم ‪( :‬زاد المعاد ‪. )444 /2 /‬‬


‫((والمقصود أن الستخارة توكل على الله وتفويض إليه‬
‫واستقسام بقدرته وعلمه وحسن اختياره لعبده ‪ ،‬وهي‬
‫من لوازم الرضى به ربا ‪ ،‬الذي ل يذوق طعم اليمان من‬
‫لم يكن كذلك وإن رضي بالمقدور بعدها فذلك علمة‬
‫سعادته )) ‪.‬‬
‫وهذا مما ينبغي أن يجعل الباحث عن تطوير ذاته أحرص‬
‫الناس على التمسك بها والكثار منها ‪.‬‬
‫‪ )2‬تجــــــديد اليمـــــان ‪:‬‬
‫جاء في الحديث الصحيح‪(( :‬إن اليمان ليخلق في جوف‬
‫أحدكم كما يخلق الثوب ‪ ،‬فاسألوا الله أن يجدد اليمان‬

‫‪7‬‬
‫في قلوبكم ))(‪ )1‬؛ فلهذا فإن التجديد يبدأ من القلب ‪،‬‬
‫وعلقة ذلك بالستخارة أن فيها من التوكل والطمأنينة‬
‫والرضا وصلح البال ما يجعل العبد مستحضرا ً صفات‬
‫الخالق والمخلوق ‪ ،‬ومن ثم تكون أعماله بمقتضى هذه‬
‫المعرفة‪ ،‬فكلما ذاق هذه الثمار أكثر من الستخارة وكلما‬
‫أكثر من الستخارة ذاق حلوة اليمان وحينئذ يبقى‬
‫اليمان متجددا ً ‪.‬‬
‫‪ )3‬الطمأنينة على إخــــــــــــــــــلص النية ‪:‬‬
‫لما كان استدامة إخلص النية ومراقبتها شي عزيز ‪ ،‬فإن‬
‫مجاهدة النفس لهذا المطلب شيء أعــز ؛ لن العبد كلما‬
‫أغلق بابا ً على الشيطان جاء من باب آخر ‪ ،‬فإذا لم‬
‫يستطع إغواءه سعى جاهدا ً ليلبس عليه أمر إخلصه في‬
‫نيته حتى يجعله في حيرة من أمره خوفا ً من الرياء أو‬
‫السمعة ونحو ذلك ‪ ،‬فلهذا تعتبر الستخارة لمثل هذه‬
‫الحالت من أحسن الوسائل للوقاية من ذلك ‪.‬‬
‫في الحديث السالف الذكر دليل على أن اليمان يبلى‬
‫في قلوب المؤمنين ول يبلى في قلبه ‪ ، r‬فإذا تأملنا هذه‬
‫الحقيقة مع عدم استخارته وعصمته لخرجنا باستنتاج أن‬
‫كثرة الستخارة تجدد اليمان وتزيد من أسباب التسديد‬
‫من الله للمستخير ؛فلهذا لم يكن يستخير مع شدة حرصه‬
‫على تعليمها ‪.‬‬
‫صيحـــــة إيمانية فهل من مذكــــــــر؟!‬
‫معلوم أن العنصر البشري أساس أي تغـير أو تغـيـير أو‬
‫إصلح ‪،‬وما الوسائل إل عوامل مساعدة ليس إل ‪ ،‬ولطالما‬
‫كان الهم الكبر عند الصالحين من أهل الورع والتقوى‬
‫الطمئنان على إخلص النية لما لهـا من بركة وأثر عظيم‬
‫ومتعد في الدنيا قبل الخرة ‪ ،‬ولقد سئل حـمدون بن‬
‫أحـمد ‪ (( :‬ما بال كلم السلف أنفع من كلمنا ؟ )) فقال‪:‬‬
‫(( لنـهم تكلموا لعز الله ونجاة النفوس ورضا الرحمن ‪،‬‬

‫ونحن نتكلم لعز النفوس وطرب الدنيا ورضا الخلق ))‬


‫‪.‬وهذا يجب أن يقودنا إلى تأمل واقع ثمار الدعوة اليوم‬
‫التي لها قرابة ( ‪ )70‬عاما‪ ،‬فلو عملنا مقارنـة سريعة بين‬

‫) ) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج ‪/1‬ص ‪/45‬حديث ‪ )5‬وصححه ‪ ،‬وصححه اللباني في ((السلسلة الصحيحة ‪. ))1585‬‬ ‫‪1‬‬
‫المدخلت(‪ )2‬والمخرجات الدعوية اليوم وبين المدخلت‬
‫والمخرجات للسلف ‪ y‬لوجدنـا العجب العجاب ولتفطر‬
‫القلب حزنا وألمـا مما يراه ‪،‬‬
‫فالمدخلت قديـما كانت متواضعة جدا مقارنة مع مدخلت‬
‫اليوم ‪ ،‬ولكن مخرجاتـها كانت عظيمة ‪ ،‬وهنا يبرز سؤال‬
‫مهم أيـــــــــــــــــــــــن الخلل ‪ :‬هل في المعلـــــم ؟ أو‬
‫المتعلم ؟ أم كليهما ؟ أم ‪ ، ..‬فالمولى سبحانه ل يبارك‬
‫بعمل الخرة من أجل الدنيا‪ ،‬ول بعمل الخرة باسم الخرة‬
‫ولكن يبارك بعمل الخرة لجل الخرة ‪ ،‬وقد يبارك بعمل‬
‫الدنيا لجل الدنيا لنه صــــدق‪ ،‬ولن تجد لسنة الله تبديل‪.‬‬
‫فهذه علمة مهمة من علمات الخلص الكثيرة التي يجب‬
‫أن ل تغيب طرفــة عــين عن كـل داعية عند كل عمل وقد‬
‫تـم التطرق إلى ذلك في المكاشفة السلسلة الولى‬
‫والثانية ‪.‬‬
‫‪ )4‬تقــوية وزيادة اليمــان ‪:‬‬
‫اليمان يزيـد بالطاعـة وتقويتـه تكون بالتوكـل عليـه ‪. I‬وهذه‬
‫تمنـح الباحـث عـن تطويـر ذاتـه قوة وتحمل فيزداد خـبرة‬
‫وتجربـة وحكمـة فـي إدارة نفسـه وغيره ‪ ،‬ول ينكـس كمـا‬
‫حصل لـ (( ديل كارينجي ))‪.‬‬
‫‪ )5‬تقوية التوكل‪:‬‬
‫لما كانت الستخارة مبنية على التوكل‪ ،‬فبالتالي سيقوى‬
‫كلما أكثر منها لنه سيرى ثمار التوكل وسيزداد يقينه ‪،‬‬
‫وقد ل يشعر بذلك إل بعد حين ‪،‬وهذه واحدة من‬
‫مزاياها ؛حتى ل يضعف أمام كيد الشيطان من مهابة‬
‫النفس في التوكل على الله سبحانه عندما كثرة وقوة‬
‫الباطل‪ .‬وما أحوج كل باحث عن تطوير ذاته لهذه الميزة‬
‫وخصوصا في مجتمعنا العربي والسلمي ‪.‬‬
‫‪ )6‬الطـــــــمأنينـــــة‪:‬‬
‫وهي ثمرة ملزمة في كل استخارة وسوف يأتي الحديث عن‬
‫ذلك في مبحث أعمال وثمار قلبية ملزمة للستخارة ‪.‬وهذه‬
‫ميزة أخرى ل توجد في قاموس تطوير الذات على المنهاج‬
‫الغربي بل صراع وقلق من أجل البقاء وغير ذلك ‪.‬‬
‫‪ ) 2‬ويقصد بالمدخلت‪ :‬كثرة انـتشار الوسائل الدعوية من جامعات وكليات ومعاهد‬
‫ومحاضرات ودروس وغيرها من المور الكثيرة المعروفة التي ل تعـد ول تحصى ‪.‬‬
‫والمخرجات ‪ :‬النـتائج والثمار التـي ينبغي ويتوقع جنيها من هـذه المدخلت ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ )7‬الرضـــــــــــا‪:‬‬
‫ثمرة ملزمة في كل استخارة وسوف يأتي الحديث عن‬
‫ذلك في مبحث أعمال وثمار قلبية ملزمة للستخارة ‪.‬‬

‫‪ )8‬سكـــــــون النفس وصـــــــــلح‬


‫البــــــــــــــــال‪:‬‬
‫ثمرتان ملزمتان لكل استخارة وسوف يأتي الحديث عن ذلك‬
‫في مبحث أعمال وثمار قلبية ملزمة للستخارة‪.‬‬
‫‪ )9‬تمنـــــع تسلط الشيطــــــــان ‪:‬‬
‫بما أن الستخارة مبنية على التوكل‪ ،‬فإنها من خير‬
‫الوسائل للوقاية والعلج من تسلط الشيطان ‪ ،‬قال ‪ ] :I‬إِن َّ ُ‬
‫ه‬
‫علَى ربهم يت َ‬ ‫َ‬
‫وك ّلُو َ‬
‫ن [ [ النحل ‪:‬‬ ‫َ ِّ ِ ْ َ َ َ‬ ‫منُوا ْ َ‬
‫و َ‬ ‫نآ َ‬ ‫علَى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سلْطَا ٌ‬
‫ن َ‬ ‫س لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫لَي ْ َ‬
‫‪. ]99‬‬
‫ن تَذَكَُّروا ْ َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫ن ات َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫فإِذَا‬ ‫شيْطَا ِـ‬ ‫م َـ‬ ‫م طَائ ِـ ٌ‬
‫ف ِّ‬ ‫ه ْ‬
‫س ُ‬ ‫قوا ْ إِذَا َ‬
‫م َّـ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َـ‬ ‫] إ ِـ ّ‬
‫ن [[العراف ‪.]201 :‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫هم ُّ‬
‫ُ‬
‫وهذه أيضـا ل توجـد فـي قاموسـهم جملة وتفصـيل ول نسـمع لهـا‬
‫ذكرا في نقل أو ترجمة ‪.‬‬
‫الوقاية والعلج من التطير ‪:‬‬
‫جاء في الحديث الصحيح‪ ((:‬الطيرة شرك وما منا إل‪، ...‬‬
‫ولكن يذهبه الله بالتوكل))(‪.)1‬‬
‫قال المام ابن القيم ‪:‬‬
‫(( أحكام أهل الذمة ‪. ))1239 /3 /‬‬
‫(( فعوض عبادة المؤمنين بالذان عن الناقوس والطنبور‬
‫كما عوضهم دعاء الستخارة عن الستقسام بالزلم‪)).‬‬
‫‪ )11‬إزالة الشك(‪ )2‬وسو ء الظن والوسواس ‪:‬‬
‫تعتبر الستخارة خير وسيلة للوقاية والعلج من كل ذلك‬
‫إذا كان ذلك ناتجاً عـن الجهـل بحقيقـة الشيـء ‪ ،‬ومثاله قـد‬
‫تخشـى إن أقدمـت على أمـر معيـن أن يفسـر بوجهـة ل‬
‫ترضيــك ‪،‬فحينئذ إن تــم هذا المــر بعــد الســتخارة فقــد‬
‫أيقنت أن الله قد اختار لك الخير وإن لم يتم فقد أيقنت‬
‫أن الله صرف عنك شرا ً ‪ .‬أمـا إذا كان الشك وسوء الظن‬
‫ناتجاً عــن غيــر الجهــل بالشيــء كالغيرة والحســد ونحــو‬

‫‪ ) )1‬أخرجه ابن ماجه وأحمد وغيرهما وصححه اللباني والرناؤوط ‪.‬‬


‫‪ ) (2‬الشك ‪ :‬هو التردد بين النقيضين بل ترجيح لحدهما على الخر (التعريفات‪ )1/168 ،‬الجرجاني‪.‬‬
‫ذلك ‪ ،‬فقد يصعب علجه أو الوقاية منه بالستخارة نتيجة‬
‫لختلف السـبب ؛ فلهذا يجـب عليـه أن يبحـث عـن السـبب‬
‫الحقيقـي وذلك مـن خلل مكاشفـة النفـس وقـد تقدم فـي‬
‫السلسلة الولى والثانية ‪.‬‬
‫وأمـا الوسـواس فالوقايـة والعلج منـه بمـا تقدم مهمـا كان‬
‫ســببه لن الشيطان ليــس له ســلطان على الذيــن آمنوا‬
‫وعلى ربهم يتوكلون ‪.‬‬

‫إزالة الحيرة(‪:)1‬‬
‫منشأ الحيرة الجهل بالشيء على حقيقته ‪ ،‬فكل حائر‬
‫بشيء جاهل به‪ ،‬وليس كل جاهل بشيء حائرا ً به وعادة‬
‫ما تكون عند الخواص في المسائل الدقيقة التي قد بذل‬
‫فيها كل ما في وسعه ومثاله ما كان يفعله السلف ‪ y‬في‬
‫الترجيح والتجريح وسوف تأتي بعض المثلة – في‬
‫الكتاب‪ ،-‬وقد تكون الحيرة عند غير الخواص في غير‬
‫المسائل الدقيقة ومن غير بذل كل ما في وسعه ‪.‬‬
‫والســـتخارة تزيـــل هذا النوع مـــن الحيرة ‪ ،‬ول يلزم مـــن‬
‫الستخارة الصابة(‪ .)2‬ولكن يلزم المستخير اعتقاد الصابة‬
‫إذا بذل كل ما في وسعه ‪.‬‬
‫اعتقاد الصابة ‪:‬‬
‫اعتقاد الصابة ثمرة ملزمة _في حقه ل غيره_ في كل‬
‫استخارة ول يصح اعتقاد الصابة إل بعد بذل كل جهد‬
‫مستطاع مثل البحث والمشاورة والسؤال‪ ،‬والستخارة‬
‫تحفظ العبد من الزلل وتمنحه ثقة بنفسه بإذن الله ؛ لن‬
‫التسديد بالتيسير أو الصرف من العليم القدير سبحانه‪،‬‬
‫وتعتبر وسيلة نفيسة من وسائل الصابة والترجيح‪ ،‬وقد‬
‫كان السلف ‪ y‬يعتمدون على ذلك في كثير من المور‬
‫كالجرح والتعديل والتأليف والفتوى والتحديث وكذلك‬
‫في المسائل التي ليس فيها أمر شرعي واضح ‪ ،‬قال‬
‫‪ ) (1‬الحيرة ‪ :‬حالة الحيران وهو الذي ل يهتدي إلى الصواب لشكال المر عليه‪( .‬التعاريف ‪ )1/302‬المناوي‪.‬‬
‫‪ ) (2‬لن الجزم بالصابة أمر غيبي قد تثبت التجربة أو الواقع أو الدليل عكس ذلك ومثاله من السلف من جرّح وعدّل ورجّح‬
‫بالستخارة ومع ذلك فقد يرى مجتهد آخر عكس ذلك‪ ،‬وعادة ما تكون هذا المور في المسائل الدقيقة المحيرة‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫شيخ السلم ‪(( :‬مجموع الفتاوى ‪(( ))10/471‬ومن يرجح في‬
‫مثل هذه الحال باستخارة الله كما كان النبي ‪ r‬يعلم‬
‫أصحابه الستخارة في المور كلها كما يعلمهم السورة‬
‫من القرآن فقد أصاب))‪.‬‬
‫ازدياد الشعور بالمسئولية‪:‬‬
‫الشعور بالمسئولية سمة يجب أن تكون في كل مسلم ‪،‬‬
‫ويجب أن يزداد هذا الشعور في المستخير لنه يعتقد بأنه‬
‫مسدد من المولى سبحانه وتعالى وبالتالي يلزمه الخذ بكل‬
‫أسباب الصابة كالبحث والمشاورة والسؤال ‪ ،‬وعادة ما‬
‫يظهر هذا بجلء في المسائل التي يعتقد المستخير أنها‬
‫دقيقة ومحيــــرة‪.‬‬
‫البـركة في الشيء المستخار ‪:‬‬
‫ما أحوج الناس إليها وما أغفلهم عنها‪ ،‬فأمر اختاره الله‬
‫ورضيه لك ورضيت به ‪ ،‬أليس من حسن الظن بالله أن‬
‫تعتقد اعتقادا ً جازما ً بأن الله سيبارك لك فيه ؟ ومن‬
‫أمثله ذلك ما سيأتي في باب اعتناء السلف كالتأليف‬
‫وغيره ‪.‬‬

‫تنبـيهـــان ‪:‬‬
‫قد يستخير عبد في زواج فيتزوج ثم يطلق باستخارة ‪،‬‬
‫فهذا ل يخل بالستخارة ‪ ،‬لنه ل يعلم الغيب ‪ ،‬فلعله إن‬
‫لم يتزوج في حينها لوقع في الحرام ‪ ،‬أو تكون البركة‬
‫في الذرية التي جاءت‪ ،‬وأما إذا تزوج باستخارة وطلق‬
‫بدونـها ‪ ،‬فهذا ليس من التقوى ويشمله مفهوم‬
‫حيْثُ‬ ‫المخالفة من قوله تعالى‪َ ] :‬ومَن َيتّقِ الّل َه يَجْعَل ّلهُ مَ ْ‬
‫خرَجا َويَ ْرزُ ْقهُ مِنْ َ‬
‫َل يَ ْح َتسِبُ [ [الطلق‪ ،]3-2:‬وكذلك قد تتزوج فتـاه من شاب‬
‫باستخارة ثم يطلقها باستخارة أو بدونـها فالجواب كما‬
‫تقدم ‪.‬‬
‫أي أمر يتحقق باستخارة فل تتخلى عنه إل باستخارة ؛ لنك‬
‫قد تضيع البركة التي فيه دون أن تشعر بعد أن كانت بين‬
‫يديك ‪ ،‬ومثاله ‪ :‬شراء سيارة باستخارة وأفادته ثم وجد‬
‫مشتريا ً دفع بها ثمنا ً أكثر فباعها دون استخارة‪.‬‬
‫المحافظة على النوافـل‪:‬‬
‫قد يطرأ على العبد التهاون أو الكسل نتيجة لضعف‬
‫عزْما [ [طه‪:‬‬
‫عهِ ْدنَآ إِلَى ءَادَ َم مِن َق ْبلُ َف َنسِيَ وَ َل ْم نَجِدْ َلهُ َ‬
‫عزيمته قال ‪َ ] :I‬ولَقَدْ َ‬
‫‪ ،]115‬ولكن احتياجه الدائم للستخارة سيعينه على‬
‫المحافظة عليها أو الكثار منها ‪.‬‬
‫الفراسـة والمهابـة والقبــول ‪:‬‬
‫لن الستخارة مبنية على التوكل والله يحب المتوكلين ‪،‬‬
‫لهذا فالكثار منها تجعل العبد يستحق هذه الصفة شعر‬
‫أم لم يشعر ‪ ،‬فإذا أحبه الله كان سمعه الذي يسمع به‬
‫وبصره الذي يبصر به ورجله التي يمشي بها ويده التي‬
‫يبطش بها وجعل له القبول ‪.‬‬
‫تصحيح وتوجيه المسار واتضـاح الرؤيــة ‪:‬‬
‫وفقا ً للمعاير الدنيوية القاصرة فإن من أسباب النجاح‬
‫وتطوير الذات تحديد المسار ووضوح الرؤية والهدف‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإن أدى ذلك إلى نجاح في الدنيا فقد يؤدي إلى‬
‫خسارة الخرة‪ ،‬فكم من أناس كانوا على استقامة؛‬
‫فطلبوا الدنيا دون العتماد على علم الله وقدرته‬
‫وتيسيره وصرفه‪ ،‬فنجحوا بشيء من حطام الدنيا‬
‫وخسروا دينهم ‪.‬‬
‫ولكن المستخير بتوكله على الله وتسليم المر له من‬
‫قبل ومن بعد‪ ،‬جدير به أن يسدده الله إلى المسار الصحيح‬
‫الذي يتناسب مع ما هو ميسر له ‪ ،‬فإذا توافقت هذه‬
‫السباب مع تيسير المولى سبحانه لها‪ ،‬ازداد طمأنينة‬
‫وهدى وبصيرة‪ ،‬وإذا لم تتوافق هذه السباب مع ما هو‬
‫سر له المولى سبحانه سبيل ً آخر يكون‬ ‫ميسر له‪ ،‬فسيي ّ‬
‫فيه الخير في الدنيا والخرة ‪ ،‬وهذا من سداد ورحمة الله‬
‫سبحانه‬

‫وتعالى للمستخير‪ ،‬وقد تقدم الشارة إلى ذلك في‬


‫المبحث التمهيدي‪.‬‬
‫وكذلك إذا جاءه صارف آخر بعد انقضاء المر‪ ،‬تذكر أنه قد‬
‫استخار الله فيه‪ ،‬وهذا سيحفظه بإذن من أن تتشعب به‬
‫السبل أو أن تتشتت أفكاره نتيجة لزحمة ومشاغل الحياة‬
‫وتعقيداتها الكثيرة‪.‬‬
‫تساعد على تنقيح المسائل ونضوجها‪:‬‬
‫قد يستخير العبد في مسألة ثم يلحظ أن الحتمالت‬
‫والفكار تتوارد إلى ذهنه بعد أن كان في غفلة عنها ‪،‬‬
‫فينبغي أن ل يهملها ؛ لنها من ثمار الستخارة الولى ‪،‬‬
‫وعليه أن يصفيها واحدة تلو الخرى من خلل الستخارة‬
‫‪13‬‬
‫إلى أن يصل إلى نقطة النهاية ‪ ،‬وهذه كثيرا ً ما قابلتني‬
‫ومنها هذا الكتاب‪ ،‬أسأل الله أن يبارك فيه وأن يجعله‬
‫خالصا ً لوجه الكريم‪ .‬اللهم آمين ‪.‬‬
‫تساعد على التعلم وزيادة الخبرة ‪:‬‬
‫ويتضح ذلك من خلل فهم العلقة التلزمية التي بين‬
‫الستخارة والمشاورة أو السؤال‪ ،‬فقد يقابل المستخير‬
‫في كثير من الحيان صعوبة في تمييز الصرف أو‬
‫التيسير‪ ،‬فحينئذ يلزمه المشاورة أو السؤال ‪ ،‬مما يزيد‬
‫من خبرته حسب نوعية المسائل التي يستخير فيها ‪.‬‬
‫تساعد على تقويم الذات والقدرات وكسب الوقت و‬
‫الجهد ‪:‬‬
‫نجد اليوم كثيرا ً من الناس يتنقلون من مشروع إلى‬
‫مشروع ومن علم إلى علم أو نحو ذلك ‪ ،‬ثم يتبين‬
‫لحدهم أنها ل تناسبه بعد أن أهدر كثيرا ً من الوقت‬
‫والجهد والمال ثم ينعكس ذلك سلبا ً على المجتمع ‪ ،‬ولو‬
‫أنه استخار الله في كل ذلك لعانه الله على معرفة‬
‫قدراته في وقت مبكر ‪ ،‬لنه إن تيسر له أمر؛ فسوف‬
‫يبارك الله له فيه ‪ ،‬وإن تعسر فلشك سيجد ما هو ميسر‬
‫له في بديل آخر ‪ ،‬فكل إنسان ميسر لما خلق له ولكن‬
‫عليه أن يبحث ذلك من خلل الخذ بالسباب الشرعية‬
‫ومنها الستخارة ‪.‬‬
‫التحرر من الخوف وخوف الفشل ‪:‬‬
‫الخوف أكبر عـــــدو للنسان ‪ ،‬فهو يؤدي إلى عبادة ما‬
‫دون الله بعلم أو بغير علم ‪ ،‬ومنه ما هو جبلي ومشروع‬
‫وهذا من سعة رحمة أرحم الراحمين لخلقه ‪ ،‬ولكن إتقان‬
‫الستخارة والكثار منها تساعد العبد على التحرر من كل‬
‫النوعين ‪ -‬بإذن الله‪ -‬لنك ستستحضر(‪ )1‬أنك متوكل على‬
‫الله في هذا المر وما من دابة إل هو آخذ بناصيتها ‪.‬‬

‫وقد ينشأ المرء في بيئة ‪ -‬أو لي سبب‪ -‬تؤدي به إلى أن‬


‫ن أو يشكو الخــوف من الفشل ‪،‬‬ ‫يصبح أسيرا ً أو حيرا َ‬
‫فالستخارة هي أحسن وسيلة للوقاية والعلج ‪.‬‬
‫التحرر من الجمود والقيود‪:‬‬

‫‪ ) (1‬للستحضار شأن عظيم في نجاح عمل القلب ‪ ،‬وهو من المراقبة والمراقبة شطر الحسان ‪.‬‬
‫هناك مثل شائع فاسد يقول‪( :‬النسان أسير بيئته)‪ ،‬وهذا‬
‫ة وتفصيلً‪ ،‬فالمستخير بتوكله‬ ‫المر ترفضه الشريعة جمل ً‬
‫على الله سبحانه سيتحرر من الجمود والقيود والضغوط‬
‫التي تفرضها المجتمعات‬
‫الجاهلية اليوم أو العرف أو المناهج التعليمية(‪ )1‬أو‬
‫ظروف الزمان والمكان وغيرها من المور المعوقة‪،‬‬
‫وبالتالي سيساعده ذلك على زيادة خبراته وقدراته‬
‫وثقته بنفسه‪.‬‬
‫تعليم العبد ما لم يعلم ‪:‬‬
‫شيْءٍ مّنْ عِ ْل ِمهِ إِلّ بِمَا شَآءَ [ [البقرة ‪:‬‬
‫ن ِب َ‬
‫قال تعالى ‪ ] :‬وَ َل يُحِيطُو َ‬
‫‪ ، ]255‬وفي دعائها ((أستخيرك بعلمك)) وهذا التعليم‬
‫يتضح للمستخير عندما تظهر له حكمة الصرف أو‬
‫التيسير ‪،‬ومثاله قد يستخير العبد في شراء شيء‬
‫فيصرفه الله عنه ‪ ،‬ثم يجد شيئا آخرا يؤدي نفس الغرض‬
‫بمواصفات وسعر أفضل ‪ ،‬وما كان ليعلم ذلك لول أن‬
‫وفقه الله للستخارة بعلمه وكذلك إذا استخار في علم‬
‫أو غيره ويسره له فسيعلّمه منه مال يحاط به‪ ،‬إذا كان‬
‫يرجح بالستخارة‪ ،‬كل فكرة تخطر على باله‪ ،‬ثم اجتهد‬
‫وصبر‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ‪ ( :‬مجموع الفتاوى ‪))330 /8 /‬‬
‫((وكذا دعاء الستخارة فإنه طلب تعليم العبد ما لم‬
‫يعلمه وتيسيره له))‪.‬‬
‫وقال ‪(( :‬مجموع الفتاوى ‪.))142 /4 /‬‬
‫(( فعلمنا ‪ r‬أن نستخير الله بعلمه ما نعلم به الخير‬
‫ونستقدره بقدرته)) ‪.‬‬

‫التقان والبداع‪:‬‬
‫من نِعم المولى سبحانه وتعالى على المؤمنين أن حبب‬
‫إليهم اليمان وزينه في قلوبهم ‪ ،‬والتقان والبداع إذا‬
‫كان بضوابطه الشرعية‪ ،‬فهو مطلب شرعي ومن‬
‫اليمان ‪ ،‬وقد تقدم أن الستخارة تساعد على وضوح‬
‫الرؤية وتوجيه وتصحيح المسار وتقويم الذات وكشف‬
‫القدرات وزيادة الخبرة والثقــة‬
‫بالنفس والتحرر من خوف الفشل والتحرر من الجمود‬
‫والقيود والضغوط‪ ،‬وكل ذلك يساعد فيما بعد على ملك‬
‫‪ ) (1‬أنظر فرائد الفوائد‪ /‬الجزء الول‪ /‬باب العلم‪( /‬أيهما أعظم ثمرة البحث الذاتي أم اللزامي) ‪( ،‬ما مدى صحة هذا القول ؟ )‬
‫‪15‬‬
‫العناصر العامة(‪ )1‬للتقان والبداع ومن ثم القدرة على‬
‫الستفادة من المعطيات المتوفرة‬

‫من خلل الفهم الدقيق في تفصيل وتحليل المور وربط‬


‫السباب بالنتائج‪ ،‬فكيف إذا كان مع ذلك تسديد من الله‬
‫وتوفيقه ؟‬
‫منع المجتهد من الستبداد بالرأي ‪:‬‬
‫الستبداد بالرأي قد يكون علمة على العجب ‪ ،‬وقد يكون‬
‫على شكل هــضــم النفس كقول بعضهم ((لست لها))‬
‫وقد ل يشعر بذلك إذا كان ناتجاً عن اجتهاد وتأول ‪ ،‬وقد‬
‫قال المام أحمد‪(( :‬أكثر ما يخطئ الناس من جهة‬
‫التأويل والقياس)) ‪ ،‬فلهذا تعتبر الستخارة وسيلة‬
‫مفيدة للوقاية والعلج منه إذا كان ناتجاً عن اجتهاد أو‬
‫عن أمر ل يعلم سببه إما إذا كان ناتجاً عن محرم فيجب‬
‫تركه وقد قيل‪ ((:‬الحمق من قطعه العجب بنفسه عن‬
‫الستشارة والستبداد عن الستخارة)) (‪. )2‬‬
‫إن كيد الله متين وهو خير الماكرين‪:‬‬
‫المكر والكيد إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي(‪،)3‬‬
‫ومكر وكيد الخالق سبحانه ليس كمكر وكيد المخلوق‪،‬‬
‫وليس كمثله شيء‪ ،‬ومنه سبحانه ما هو استدراج‬
‫للنتقام والعقوبة ومنه ما هو إلهام للتوفيق إلى نعمة‪،‬‬
‫قال شيخ السلم(‪:)4‬‬
‫((وكيد الله سبحانه وتعالى ل يخرج عن نوعين‪ :‬أحدهما‪:‬‬
‫وهو الغلب أن يفعل سبحانه فعل ً خارجا ً عن قدرة العبد‬
‫الذي كاد له‪ ،‬فيكون الفعل قدرا ً محضا ً ليس من باب‬
‫الشرع ؛ كما كاد الذين كفروا بأن انتقم منهم بأنواع من‬
‫العقوبات‪ ،‬وكذلك قصة يوسف‪ ....‬ثم قال‪ :‬فإذا كان‬
‫المراد بالكيد فعل ً من الله سبحانه بأن ييسر لعبده‬
‫المؤمن المظلوم المتوكل أمورا ً يحصل بها مقصوده‬
‫بالنتقام من الظالم وغير ذلك‪ ،‬فإن هذا خارج عن الحيل‬
‫الفقهية‪ ،‬فإنما تكلمنا في حيل يفعلها العبد ل فيما‬
‫‪ ) (1‬أي العلم والعمل والجتهاد وما يلزم من ذلك ‪.‬‬
‫‪ ) )2‬فيض القدير ‪ /772 /1‬المناوي ‪.‬‬
‫‪(( ) (3‬الفتاوى الكبرى‪ ))3/214/‬ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ ) (4‬المصدر السابق‪.‬‬
‫يفعلها سبحانه‪ ،‬بل في قصة يوسف تنبيه على من كاد‬
‫كيدا ً حراماً؛ فإن الله يكيده‪ ،‬وهذه سنة الله في مرتكب‬
‫الحيل المحرمة‪ ،‬فإنه ل يبارك له في هذه الحيل كما هو‬
‫الواقع‪ ،‬وفيها تنبيه على أن المؤمن المتوكل على الله إذا‬
‫كاده الخلق؛ فإن الله يكيد له وينتصر له بغير حول منه‬
‫ول قوة‪...‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬من كيده لعبده هو أن يلهمه سبحانه أمراً‬
‫مباحا ً أو مستحبا ً أو واجبا ً يوصله به إلى المقصود الحسن‬
‫‪ ،‬فيكون هذا على إلهامه ليوسف أن يفعل ما فعل هو‬
‫من كيده سبحانه أيضا ً ‪ ،‬وقد‬

‫ت مّن ّنشَآءُ [ [النعام‪]83:‬؛ فإن فيه‬


‫دل على قوله ‪َ ] :‬نرْفَعُ َدرَجَا ٍ‬
‫تنبيها ً على أن العلم الدقيق الموصل إلى المقصود‬
‫الشرعي صفة مدح كما أن العلم الذي يخصم به المبطل‬
‫صفة مدح)) أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫وعلقة ذلك بالستخارة أن النتائج مرتبطة بالسباب‪،‬‬


‫والخذ بالسباب الشرعية مطلب شرعي‪ ،‬فالمستخير‬
‫إنما يأخذ بأعلـــــــــــى السباب وهو التوكل على الله‬
‫سبحانه وفيها من العلم الدقيق الموصل إلى المقصود‬
‫الشرعي لنها بعلمه وقدرته سبحانه ومن يتأمل كلم‬
‫شيخ السلم يجده حريصا ً على بيان هذه المسألة لما لها‬
‫من أثر عظيم فلهذا أحببت أن أنقله بنصه‪.‬‬

‫ويمكن القول أن الستخارة من مكر الله اللطيف للهام‬


‫هذه المة إلى التوفيق والسداد من حيث العموم‪ ،‬وللمستخير‬
‫من حيث الخصوص؛ لنها عبادة سهلة عظيمة الثمار وتجدد‬
‫اليمان بصورة قد ل يشعر معها العبد بتكلف أو بمتانة هذا‬
‫الدين‪ ،‬بل هي من الوغول في هذا الدين برفق‪ ،‬وهذا ل‬
‫يعني أنها ل تحتاج إلى إتقان فهي مثل القرآن ‪.‬‬

‫دعـــوة‪:‬‬
‫أخي المسلم ‪ ، :‬الدال على الخير كفاعله فما هــي اليوم‬
‫إل ضغطة زر أو نسخها‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ول تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح الدعـــــــــــــــــاء‬
‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‬

‫موقع ومنتديات النواصرة‬


‫‪www.nawasreh.com‬‬

Vous aimerez peut-être aussi