Vous êtes sur la page 1sur 428

Male and female circumcision

among Jews, Christians and Muslims


Religious, medical, social and legal debate
Study and documents
(in Arabic)

by
Dr. Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh

Foreword by
Dr. Nawal Al-Saadawi

‫ختان الذكور والناث‬


‫عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‬
‫الجدل الديني والطّبي والجتماعي والقانوني‬
‫دراسة ووثائق‬

‫ سامي عوض الذيب آبو ساحلية‬.‫د‬


‫مسؤول عن القسم العربي والسلمي‬
‫المعهد السويسري للقانون المقارن‬

1
‫تقديم الدكتورة نوال السعداوي‬
www.sami-aldeeb.com
saldeeb@bluewin.ch

2
‫تحذير للقّراء‬
‫أخي القارئ وأختي القارئة‪:‬‬

‫يستعرض هذا الكتاب جميع جوانب ختققان الققذكور والنققاث فققي مجققال الققدين والطققب والجتمققاع والقققانون‪ .‬وقققد‬
‫ل ما ل يقل عن ‪ 600‬مصدر في عّدة لغات‪ .‬ورغم أن الهدف مققن ورائه هققو إلغققاء‬ ‫قضيت عليه سبع سنين مستعم ً‬
‫ل أنه يقّدم الراء المعارضة والموافقة‪ .‬ومن ل يّتسع صدره للرأي الحر الناقققد عليققه عققدم‬ ‫ختان الذكور والناث‘ إ ّ‬
‫قراءته‪ .‬وقد أعذر من أنذر‪ .‬كما أرجو من يهّمه نشر هذا الرأي إبلغ الغير به لقراءته‪.‬‬

‫هذا وقد نشرت دار رياض الرّيس في بيروت عام ‪ 2000‬الجزء الول والثاني من هذا الكتاب تحت عنقوان ختقان‬
‫الذكور والناث عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‪ :‬الجدل الديني‪ .‬ومن يهّمه المر يمكنه الحصول عليه مققن تلققك‬
‫طي من جانبها‪ ،‬رفضت هذه الدار‪ ،‬لسباب غير واضحة‪ ،‬نشققر الجققزاء الباقيققة مققن الكتققاب‬ ‫الدار‪ .‬ورغم تعّهد خ ّ‬
‫التي تتكّلم عن الجدل الطّبي والجتماعي والقانوني‪ ،‬بعققدما إحتجققزت تلققك الجققزاء لكققثر مققن سققنة‪ .‬وهكققذا بقققي‬
‫جانققا‪،‬‬
‫ل وأضفت إلى الملحق ملحقًا جديدًا وقّررت وضعه علققى مققوقعي م ّ‬ ‫الكتاب ناقصّا‪ .‬فقمت بتنقيح الكتاب كام ً‬
‫لوجه ال وخدمة للطفال‪ ،‬للحصول على ملحظات القّراء عليه إلى أن أجد ناشرًا يعيد نشققره‪ .‬فمققن يريققد التعليققق‬
‫على الكتاب أو نشره‪ ،‬أرجوه الّتصال بي على عنواني التالي‪:‬‬

‫‪Dr. Sami Aldeeb‬‬

‫‪Ochettaz 17‬‬

‫‪1025 St-Sulpice, Switzerland‬‬

‫‪saldeeb@bluewin.ch‬‬

‫‪www.sami-aldeeb.com‬‬

‫ل‪ ،‬دون الملحق‪ ،‬باللغة الفرنسّية والنكليزّية‪:‬‬


‫وأشير هنا إلى أن الكتاب قد صدر كام ً‬

‫‪-‬‬ ‫‪- Circoncision masculine – circoncision féminine: débat religieux, médical, social et‬‬
‫‪juridique, L'Harmattan, Paris, 2001, 537 pages.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪- Male and female circumcision among Jews, Christians and Muslims: religious,‬‬
‫‪medical, social and legal debate, Shangri-La Publications, Warren Center, PA 19951,‬‬
‫‪USA, 2001, 400 pages.‬‬

‫‪3‬‬
‫نبذة عن المؤّلف وأعماله‬
‫سامي عوض الذيب أبو ساحلية‪ ،‬مسيحي من أصققل فلسققطيني وحامققل الجنسقّية السويسققرّية‪ .‬ولققد عققام ‪ 1994‬فققي‬
‫الزبابدة‪ ،‬فلسطين‪.‬‬

‫أتم دراسته الجامعّية في سويسرا حيث حصل على ليسانس ودكتوراه في القانون من جامعة فريبورغ‪ ،‬ودبلوم فققي‬
‫العلوم السياسّية من معهد الدراسات الجامعّية العليا في جنيف‪ .‬يعمل فقي المعهققد السويسققري للققانون المققارن فققي‬
‫لوزان كمستشار قانوني مسؤول عن القسم العربي والسلمي منذ عام ‪.1980‬‬

‫صدر له أكثر من ‪ 180‬ما بين كتاب ومقالة علمّية في الشريعة والقانون العربي والسياسة فققي ع قّدة لغققات‪ .‬وألقققى‬
‫محاضرات عّدة في جامعات ومراكز عربّية وغربّية‪.‬‬

‫أنظر قائمة منشوراته وبعض مقالته على موقعه على النترنيت ‪http://go.to/samipage‬‬

‫من بين كتبه بالتسلسل التاريخي‪:‬‬

‫‪ -‬أثر الدين على النظام القانوني في مصر‪ :‬غير المسلمين في بلد السلم‪) 1997 ،‬بالفرنسّية(‪.‬‬

‫‪ -‬التمييز ضد غير اليهود مسيحّيين ومسلمين في إسرائيل‪)1992 ،‬بالفرنسّية(‪.‬‬

‫‪ -‬المسلمون وحقوق النسان‪ :‬الدين والقانون والسياسة‪ ،‬دراسة ووثائق‪) 1994 ،‬بالفرنسّية(‪.‬‬

‫‪ -‬الحركات السلمّية وحقوق النسان‪) 1998 ،‬بالفرنسّية(‪.‬‬

‫‪ -‬حقوق النسان عند المسيحّيين والمسلمين واليهود‪) 1998 ،‬بالعربّية(‪.‬‬

‫‪ -‬ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‪) 2001 ،‬بالفرنسّية والنكليزّية(‪.‬‬

‫‪ -‬المقبرة السلمّية في الغرب‪ :‬النظم اليهودّية والمسيحّية والسلمّية‪) 2002 ،‬بالفرنسّية(‪.‬‬

‫‪ -‬المسلمون في الغرب بين الحقوق والواجبات‪) 2002 ،‬بالفرنسّية والنكليزّية(‪.‬‬

‫‪ -‬الزواج المختلط بين السويسريين والمسلمين‪) 2002 ،‬أربع طبعات بالفرنسّية واللمانّية(‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫إهداء‬

‫أهدي هذا الكتاب‬


‫إلى جميع ضحايا ختان الذكور والناث‬
‫وإلى جميع المناضلين والمناضلت للقضاء على هذه العادة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫تقديم الدكتورة نوال السعداوي‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫لّذة المعرفة‬

‫منحني هذا الكتاب لّذة المعرفة‪ .‬أدركت منذ الطفولة أنها أكثر أهّمية من لّذة الحلوى فققي العيققد أو الفسققتان الجديققد‪،‬‬
‫رغم أنها لم ترد في كتب ال الثلثة ضمن ملّذات الدنيا والخرة‪ .‬كنت أتساءل دائمًا لماذا تغيب في جّنققة عققدن‪ .‬لققم‬
‫أنبهر كثيرًا بالجّنة وما فيها من لبن وعسل وخمر وحور وغلمان‪ .‬كانت لّذة المعرفة تبدو لي أكققثر أهّميققة مققن كققل‬
‫ل أن اللقّذة كققان يصققاحبها الثققم دائمقًا‪ .‬رّبمققا‬
‫ذلك‪ .‬منذ تعّلمت القراءة إنفتح عالم الكلمات أمامي على نحو مبهققر‪ .‬إ ّ‬
‫بسبب خطيئة حّواء )كما شرحها لنا المدّرسون( لنها أكلت الثمرة المحّرمة‪ .‬لم يذكر ال إسم الشجرة فققي القققرآن‪،‬‬
‫لكّنه ذكر إسمها في كتابه الّول التقوراة‪ ،‬وققال إنهقا شقجرة المعرفقة‪ .‬عرفقت منقذ المدرسقة البتدائّيقة أن التقوراة‬
‫والنجيل أنزلهما ال نورًا وهدى للناس كما أنققزل كتققابه الثققالث القققرآن‪ .‬إقققترن اليمققان بققالثم منققذ قققرأت الكتققب‬
‫السماوّية‪ .‬يتزايد الثم في أعماقي مع تزايد المعرفة‪ ،‬حّتى قّررت في مرحلة المراهقة الولى أن أكف عن القراءة‪.‬‬

‫كنت في مدرسة تجمع التلميذات من الديان الثلثة المسلمات والقبطّيات واليهودّيققات‪ ،‬وكققم تصققارعنا حققول أيهققا‬
‫الدين الصحيح‪ ،‬وكم تنافسنا في إصطياد اليات غير المنطقّية في الكتاب الذي ل نؤمن به‪ .‬عانيت كثيرًا لني كنت‬
‫مسلمة ورثت السلم عن أبي الذي قال لي إنني يجب أن أومن بكتققب الق الثلثققة‪ .‬عققانيت وحققدي وأنققا أقققرأ هققذه‬
‫ل أن أحدَا لم يكن يرد على تساؤلتي‪.‬‬ ‫الكتب‪ .‬أتوّقف عند آيات ل يقبلها عقلي‪ .‬وأسأل أبي وأمي والمدّرسين إ ّ‬

‫ل زلت حّتى اليوم وبعد أن تجاوزت السّتين عامًا أحاول الجابة على كثير مققن السققئلة الطفولّيققة الققتي دارت فققي‬
‫رأسي وأنا في العاشرة من العمر دون أن أجد لها جوابًا‪ .‬إن النشاط الهرموني المتزايقد فقي سقن المراهققة الولقى‬
‫يزيد نشاط الخليا العقلّية‪ ،‬ويصاحب رغبقة السقتطلع الجنسقّية رغبقة إسقتطلع فكرّيقة‪ .‬وفقي هقذا العمقر تزيقد‬
‫الضغوط العائلّية والجتماعّية على المراهقين والمراهقات تحت إسم الحماية أو العّفة‪ .‬وتسعى السققلطة فققي الدولققة‬
‫أو العائلة لمصادرة الكتب‪ .‬هكذا يصاحب التعّفف الجنسي تعّفف فكري‪ ،‬ويتم تحريم الفكار الخرى بمثققل مققا يتققم‬
‫تحريم الفكار الخرى بمثل ما يتم تحريم الختلط بالجنس أو الجناس الخرى‪.‬‬

‫في بلدنا العربّية ل أظن أننا تخّلصنا من داء مصادرة الكتب التي تفتح عقول الشبان والشاّبات على أفكار مختلفققة‬
‫لم ترد للسلف من الجققداد أو الجققداد أو النبيققاء‪ .‬منققذ أّيققام قليلققة )خلل شققهر أبريققل ‪ /‬مققارس ‪ (1999‬منعققت‬
‫الجامعة المريكّية بالقاهرة عددًا من الكتب‪ ،‬ومنهققا سققيرتي الذاتّيققة المترجمققة إلققى النكليزّيققة‪ ،‬رغققم أنهققا نشققرت‬
‫بالعربّية منذ عامين‪ .‬وهذا يدلنا على أن الرقابة على الكتب أو على المعرفة ل تزال موجققودة فققي بلدنققا‪ ،‬بققل إنهققا‬
‫تشتد تحت إسم حماية الشباب من الفكار التي قد تهز إيمانهم الديني! فهل اليمان قشققة يمكققن أن يققذروها الهققواء؟‬
‫هل ل بد من غلق النوافذ حّتى تظل هذه القشة ملتصقة بقشرة المخ؟ وإن انفتحت نافذة واحدة طارت القشرة ومعها‬
‫القشة؟!‬

‫في العاشرة من عمري في قريتي في مصر كنت ألتهم أي كتاب يقع في يدي‪ ،‬وأقرأ القراطيس التي يلف فيها اللب‬
‫أو الفول السوداني‪ .‬كانت صفحات من كتب قديمة يبيعها المفّكرون الفقراء بالقة لصحاب الدكاكين‪ .‬تخّيلققت وأنققا‬
‫ي السنين الطققوال الققتي أنفقتهققا فققي البحققث‬
‫أقرأ هذا الكتاب لو أنه وقع في يدي منذ أربعين عامًا‪ ،‬هل كان يوّفر عل ّ‬
‫والتنقيب عن الحقيقة؟ التي كانت تتسّرب كالماء من بين أصققابعي‪ ،‬مققا أن أمسققكها حّتققى تفلققت مّنققي كالسققمكة فققي‬
‫البحر‪ ،‬وأعود أدراجي إلى الصلة والتوبة عن الثم‪.‬‬

‫هذا الكتاب من الكتب الضرورّية للمكتبة العربّية‪ .‬لهذا أود أن ُينشر هذا الكتاب في بلدنا العربّيققة‪ ،‬وأن يكققون فققي‬
‫متناول الشبان والشاّبات والتلميذ والتلميذات في المدارس والجامعات‪.‬‬

‫كتبت الدكتورة نوال السعداوي هذا التقديم للكتاب الذي صدر عن دار رياض الرّيس في بيروت عام ‪ 2000‬والذي‬ ‫‪1‬‬

‫عنوانه‪» :‬ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‪ :‬الجدل الديني«‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫أحد السلحة في مجال الثقافة العاّمة‪ ،‬حيث تحّرم الغلبّية الساحقة من الثقافة الحقيقّية‪ ،‬حيث يفشل نظام التعليم في‬
‫تدريب الشبان والشاّبات على تشغيل عقولهم‪ .‬تؤّدي الهزيمة العقلّية إلى هزيمة سياسّية وعسققكرّية واقتصققادّية‪ .‬إن‬
‫جه اليد التي تمسك السيف أو البندقّية‪.‬‬
‫الثقافة غير منفصلة عن السياسة أو الدين أو الحرب‪ ،‬والعقل هو الذي يو ّ‬

‫ل أظن أن بلدنا يمكن أن تنهض من كبوتها أو هزائمها المتتاليققة أمققام الغققزو الخققارجي أو البطققش الققداخلي دون‬
‫نهضة عقلّية‪ ،‬دون حّرية فكرّية بحيث يكون الشك هو خادم المعرفة كما يقول مؤّلف هذا الكتاب‪ ،‬الحقيقة إذا كانت‬
‫حقيقة فإنها تقوى أمام كل إمتحان‪.‬‬

‫الشك أّول الخطوات نحو المعرفة وليس اليمان‪ .‬فاليمان موروث يطمس العقل ويمنعه من التفكير بحّريققة‪ .‬حّتققى‬
‫في كّليات الطب لم تكن المعرفة واردة‪ ،‬بل التدريب علققى إجققراء عملّيققات موروثققة عققن البققاء والجققداد‪ .‬أود أن‬
‫ُيدّرس هذا الكتاب للطّباء والطبيبات في بلدنا حّتى يكفوا عن إجراء عملّيات الختققان للققذكور والنققاث علققى حققد‬
‫سواء‪.‬‬

‫ل يصرخ من شقّدة اللققم أثنققاء عملّيققة ختققان‪ .‬بقققي هققذا‬


‫يبدأ الدكتور سامي أبو ساحلية كتابه بأنه تأّلم حين سمع طف ً‬
‫الصراخ يدوي في أعماقه رغم أنه هو نفسه لم يتعّرض لعملّية الختان‪ .‬فلماذا ل يسمع الطّباء هققذا الصققراخ أثنققاء‬
‫إجرائهم هذه العملّية؟ أليس للطّباء آذان وقلوب تتأّلم مثل البشر؟ أليس للبققاء والّمهققات الققذين يسققمعون صققراخ‬
‫أطفالهم آذان وقلوب؟!‬

‫الجهل يطمس القلوب والذان فل تسمع ول تحس‪ .‬الجهل يقلب المور رأسًا على عقب فيصبح اللم فرح قًا وسققفك‬
‫الدم مبعث السرور والبهجة‪ .‬ألم يبتهج إله موسى في التوراة حين رأى الدم يسققيل مققن إبنققه حيققن أمسققكت زوجتققه‬
‫صّفورة حجر صّوان وقطعت غرلته؟! إذا كان الله )الذي هو المثل العلى للبشر( يبتهج لمنظر الدم فمققاذا يفعققل‬
‫البشر؟!‬

‫لحة الفقيرة‪» :‬رّبنا هو العققدل عرفققوه بالعقققل« هققي عبارتهققا‪ .‬رسققخت فققي‬
‫عرفت من جّدتي الف ّ‬
‫ال هو العدل كما َ‬
‫ذهني منذ السادسة من عمري‪ ،‬مع اللم الذي أشعر به إثر عملّية الختان‪ ،‬وصراخ أخققتي ل يققزال فققي أذنققي رغققم‬
‫مرور سّتين عامًا‪ .‬وقد توالى الصراخ في بيتنا إثر ختان تسعة من الطفال الققذكور والنقاث‪ .‬آلمنققي صقراخ أخقي‬
‫الصغير بمثل ما آلمني صراخ أختي الصغرى‪ ،‬وبعد كقل صقرخة تتزايقد شقكوكي فقي عدالقة الق‪ ،‬ويتزايقد معهقا‬
‫الحساس بالثم‪.‬‬

‫فرحت بهذا الكتاب‪ ،‬لنه قد يحّرر الناس من الحساس بالثم الدفين منذ طفولتهم‪ ،‬ولنه قد يلعققب دورًا كققبيرًا فققي‬
‫إقناع الكثيرين بالمتناع عن ختان أطفالهم الذكور والناث‪ .‬لقد بذل المؤّلف الدكتور أبقو سقاحلية جهقدًا كقبيرًا فقي‬
‫المقارنة بين الديان السماوّية الثلثة إزاء موقفها من الختققان‪ ،‬ومتابعققة الراء المعارضققة والمؤّيققدة بققروح علمّيقة‬
‫وإنسانّية‪ .‬وهناك نقص كبير في الدراسات المقارنة بين الديان في معظققم الجامعققات فققي العققالم‪ .‬وقققد إكتشققفت أن‬
‫القسام التي تدرس الدين في الجامعات المريكّية والوروبّية ل تهتم بالدراسات المقارنة بين السققلم والمسققيحّية‬
‫واليهودّية‪ ،‬بل إنها تدّرس السلم فققط لمقن يختقص فقي السقلم‪ ،‬ويصقبح أسقتاذًا فقي القدين السقلمي‪ ،‬دون أن‬
‫يعرف التشابه أو الختلف بين السلم والمسيحّية واليهودّية‪ .‬قابلت كثيرًا من السققاتذة المريكّييققن والوروبييققن‬
‫صصوا في السلم‪ ،‬والذين يعتقدون أن حجاب المرأة وختانها يرتبط بالسلم فقققط وليققس لقه وجقود فققي‬ ‫الذين تخ ّ‬
‫المسيحّية واليهودّية‪.‬‬

‫هذا الكتاب يكشف عن هذه الفكار الخاطئة والشائعة في الغرب‪ .‬فإن عملّيات الختققان للققذكور كققانت تمققارس قبققل‬
‫ظهور الديان السماوّية‪ .‬وقد مورست في ظل هذه الديان الثلثة‪ .‬ويتمّيز القرآن عن التوراة في أنه صققمت تمامقًا‬
‫عن ختان الذكور‪ ،‬كما أن القرآن لم يققذكر شققيئًا عققن ختققان النققاث‪ .‬فلمققاذا هققذه الشققائعات السياسقّية الغربّيققة عققن‬
‫السلم وحده دون الديان الخرى؟ أذكر أنني في إحدى المحاضرات في بداية الثمانينات فققي مققؤتمر بمونتريققال‬
‫بكندا‪ ،‬تعّرضت للديان الثلثة فيما يخص الحجاب وختان الذكور والناث‪ .‬وتقّبل الحاضرون من النساء والرجال‬
‫ل أن الغضب الشققديد إسققتولى‬ ‫صة وأنني قرأت بعض اليات من التوراة والنجيل والقرآن‪ .‬إ ّ‬ ‫كلمي بفهم كبير‪ ،‬خا ّ‬
‫على بعض النساء اليهودّيات المريكيات والسرائيلّيات على حققد سققواء‪ .‬أصققابهن هسققتيريا الغضققب ولجققأن إلققى‬
‫‪7‬‬
‫ل أننققي واجهققت هقذا الغضققب بققّوة المنطقق‪ ،‬لن‬ ‫الصراخ والشققتائم والّتهامققات أقّلهقا الّتهقام بالعققداء للسققامّية‪ .‬إ ّ‬
‫الغضب كثيرًا ما يكون غطاءًا للزيف وبطلن المنطق‪ .‬وقلت إننا العققرب مققن أهققل سققام وليققس اليهققود فقققط‪ .‬وأن‬
‫جة الواهية )العداء للسامّية(‪ .‬ثم أثبقت بحقققائق‬
‫العداء للسامّية هو عداء للعرب أيضًا‪ .‬لذلك ل يمكن تخويفنا بهذه الح ّ‬
‫التاريخ أن اليهودّية والمسيحّية فرضتا الحجاب على النساء‪ .‬ول يختلف زي الراهبات في الكنائس عن زي النساء‬
‫المسلمات اللتي يرتدين الحجاب‪ .‬وفي يومنا هذا ل يمكن لمرأة مسيحّية )وإن كققانت زوجققة الرئيققس المريكققي(‬
‫طي رأسها بحجاب‪ .‬ثم قرأت بعض ما يكتبققه التّيققار اليهققودي الصققولي‬ ‫أن تقف أمام البابا في الفاتيكان دون أن تغ ّ‬
‫في إسرائيل عن عزل النساء من الحياة العاّمة مّما هو أشد قهرًا للنساء مّما يكتبققه التّيققار السققلمي الصققولي فققي‬
‫مصر أو الباكستان‪.‬‬

‫تققأتي أهّميققة هققذا الكتققاب مققن الدراسققة المقارنققة بيققن الديققان الثلثققة‪ .‬وهققي تكشققف عققن الصققراعات السياس قّية‬
‫والقتصادّية بين الفرق المختلفة تحت إسم ال‪.‬‬

‫ل فلمققاذا‬
‫يقول المؤّلف عن العهد القديم بين ال والنبي إبراهيم‪ ،‬إنققه »تسققييس عملّيققة جراحّيققة«‪ .‬وهققذا صققحيح‪ .‬وإ ّ‬
‫وعد ال شعبه المختار بأرض كنعان‪ ،‬وما علقة الستيلء على أرض الغير بختان الذكور؟‬

‫في مقال لي بمجّلة روز اليوسف فققي ‪ 21/12/1998‬تحققت عنققوان‪» :‬أوقفققوا ختققان الققذكور«‪ ،‬تسققاءلت عققن سققر‬
‫العلقة بين الستيلء بالقّوة عن أرض فلسققطين وبيقن قطققع غرلقة الطفقال القذكور؟! الغريققب أن غضقب بعققض‬
‫ي لم يكن أقل من غضب النساء اليهودّيات في مؤتمر مونتريال منذ خمسققة عشققر عام قًا‪ .‬مّمققا‬
‫الرجال المسلمين عل ّ‬
‫ضح لنا هذا الكتاب‪.‬‬
‫يدل على أن السرائيلّيات قد تسّربت إلى السلم فيما يخص ختان الذكور‪ ،‬كما و ّ‬

‫لقد تم إستخدام القّوة لخفاء الحق منققذ نشققوء العبودّيققة أو النظققام الطبقققي البققوي فققي التاريققخ البشققري‪ ،‬ولخفققاء‬
‫السلطة السياسّية تحت غطاء السلطة الدينّية‪ .‬كان الله الحاكم يجلس على عرش الرض والسماء ويقّدم لققه العبيققد‬
‫القرابين من الفراخ والحمام واللحم البشري فيأكل ويشرب ويغسل قدميه ويطالب عبيده بأن يبنوا له بيتًا يعيش فيققه‬
‫يسّمونه المعبد المقّدس‪.‬‬

‫رغم مرور آلف السنين منذ نشوء النظام الطبقي البوي لقم تنفصقل السقلطة السياسقّية عقن السقلطة الدينّيقة حّتقى‬
‫يومنا‪ ،‬في الشرق والغرب والشمال والجنوب‪ .‬إن الرأسمالّية العالمّية أو النظام الطبقي البوي الدولي ل يمكققن أن‬
‫يستمر في الوجود دون الرتكاز على قّوة غامضة غير مرئّية‪ ،‬يستطيع بإسمها أن يخقدع النقاس ويقهرهقم ويحتقل‬
‫أراضيهم ويقطع في أجسادهم وعقولهم كما يشاء تحت إسم المقّدس‪.‬‬

‫يكشف هذا الكتاب عن دور السياسة في موضوع الختان‪ .‬حدثت عام ‪ 1781‬قفزة إلى المققام بسققبب مققا كققان ينتققج‬
‫ل أن‬‫عن الختان من وفّيات ونزيف وقّرر المجمع اليهودي أن ختان القذكور ليقس واجبقًا مفروضقًا علقى اليهقود‪ .‬إ ّ‬
‫الرّدة السياسّية والثقافّية حدثت مع تزايقد ققّوة السققتعمار وبعققد إنشققاء دولقة إسقرائيل‪ .‬تضققاعفت الققوى السياسقّية‬
‫والدينّية المحافظة‪ ،‬إلى أن جاء قرار الجمعّية العمومّية لحاخامات اليهود عام ‪ 1979‬بفرض ختان الذكور‪.‬‬

‫ضح الكتاب أن الختان عملّية عبودّية أو علمة العبيد كما يقول المؤّلف‪ .‬هناك آية في الدين اليهودي تؤّكد ذلققك‪،‬‬‫يو ّ‬
‫ضح الصراع الذي دار علققى الققدوام حّتققى عصققرنا هققذا‬‫ضتك( كما يو ّ‬‫وهي‪) :‬يختن المولود في بيتك والمشترى بف ّ‬
‫سكون بحرفّية كتاب ال )من أجل مصالح ماّدية في الدنيا( وبين الذين ينشدون جوهر الدين الصققحيح‬ ‫بين الذين يتم ّ‬
‫ضح التشابه بين عملّيات الختان وعملّيات إخصاء العبيد‪ ،‬حّتققى‬ ‫وهو العدل واحترام كرامة النسان وجسده‪ .‬كما يو ّ‬
‫يتفرغوا للخدمة في البيوت أو للغناء في الملهي مثل النساء‪.‬‬

‫ل تختلف عملّيات الختقان عقن عملّيقات القتققل الجمقاعي فقي حققروب السققتعمار القققديم والجديققد‪ ،‬ول تكقف اللقة‬
‫العسكرّية الرأسمالّية الستعمارّية عن قتل اللف والمليين من الشعوب البريئة حّتققى يومنققا هققذا‪ ،‬دون رحمققة أو‬
‫شفقة‪ .‬بل إنهم يقتلون تحت إسم ال أو العدل أو الحّرية أو الديموقراطّية أو السلم‪ ،‬كما يختنون المليين ويقطعون‬
‫في أجسامهم بإسم ال‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ل أنها ل تستطيع أبققدًا التخّلققي عققن الققدين‪ ،‬لنهققا ل‬
‫الدول‪ ،‬وإن أعلنت أنها علمانّية )تفصل بين الدين والسياسة(‪ ،‬إ ّ‬
‫تستطيع تحّمل مسؤولّية القتل أو الختان‪ ،‬ول بققد لهققا مققن إلقققاء المسققؤولّية علققى القق‪ .‬ويكشققف الكتققاب عققن ختققان‬
‫الذكور‪ .‬هو بقايا الضحايا الدموّية في اليهودّية القديمة‪ .‬ول بد من إسققالة نقطققة دم وإن أصققبح الختققان رمزيقًا فقققط‬
‫)دون قطع الغرلة(‪ ،‬لن الدم علمة العبودّية )دم العهد( وتصاحب عملّية الختان صلوات رجال الدين لدخققال الق‬
‫رمزيًا في العملّية‪ ،‬وإذا تم بعيدًا عن رجال الدين ل يعترفون به‪ ،‬ول بد من وجودهم ليكون ختانًا شرعّيا‪.‬‬

‫ل بحضور المأذون أو رجل الدين‪ .‬وهذا يؤّكد سلطة رجال‬ ‫أل يشبه ذلك عقد الزواج؟ إن الزواج ل يكون شرعّيا إ ّ‬
‫الدين الجتماعّية‪ ،‬رغم إضمحلل قّوتهم في المجال السياسي والقتصادي والعسكري‪ .‬لقد أصبحت جميع القوانين‬
‫في بلدنا مدنّية ما عدا قققانون الققزواج والطلق فهققو ل يققزال قانونقًا دينّيققا يسققيطر عليققه رجققال الققدين‪ ،‬يمسققكونه‬
‫بالمخققالب والنيققاب كأنمققا هققو آخققر قلعهققم أو معققاقلهم‪ ،‬ولن قققانون الققزواج مثققل الختققان يمققس حيققاة الشققرائح‬
‫الضعف في المجتمع‪ ،‬وهم الطفال والنساء‪.‬‬

‫صل كثير مققن اليهقود اليقوم مقن عملّيقات ختققان القذكور‪ ،‬يحققاولون إلصقاقها بالمصقرّيين‬‫ويكشف الكتاب كيف يتن ّ‬
‫القدماء‪ ،‬كما حاولوا إلصاق عملّيات ختققان النققاث بققالعرب والسققلم لسققباب سياسقّية‪ ،‬ولثبققات أن العققرب أّمققة‬
‫بربرّية متخّلفة تقطع بظور النساء‪.‬‬

‫حة في مصر يرّدد أن ختان الناث عادة أفريقّية‪ .‬وسمعت بعض الطّباء يققرّددون‬ ‫دهشت عندما سمعت وزير الص ّ‬
‫ضققح هققذه‬
‫هذه العبارة ذاتها‪ ،‬في محاولة لبعاد العار عققن مصققر وإلصققاقه بالفارقققة السققود‪ .‬لكققن هققذا الكتققاب يو ّ‬
‫النظرة الخاطئة‪ ،‬ويشرح كيقف إنتشقرت عملّيقات ختقان القذكور والنقاث فقي المجتمعقات المختلفقة منهقا‪ :‬اليهقود‬
‫والمسيحّيين والمسلمين والسود والبيض في الشرق والغرب‪.‬‬

‫إن تقّدم البشرّية وتخّلصها من هذه العادات العبودّية يرتبط بالنظم السياسّية والقتصادّية‪ .‬أّما الديققان فهققي خادمققة‬
‫لهذه النظم‪ ،‬ويمكن للدين أن يتطّور ويتقّدم مع التقّدم السياسي والقتصادي والجتماعي والثقافي للنسققاء والرجققال‬
‫والشاب والطفال‪.‬‬

‫يتخفى الحّكام في عصرنا هذا تحت إسم ال كما يتخفى الكهنة في الزمنة القديمة‪ .‬تذّكرت وأنا أقرأ في هذا الكتاب‬
‫عن بطرس وكيف بّرر قبوله لدعوة قرنيليوس برؤيا رآها قبل أن يصله المبعوث بالدعوة‪ ،‬وأصبح ذهاب بطققرس‬
‫إلى قرنيليوس )الغلف‪ .‬النجس‪ .‬العدو( ليس خيانققة لعهققد الق بققل طاعققة للققروح القققدس الققتي جققاءته فققي الرؤيققا‪.‬‬
‫تذّكرت كيف بّرر الرئيس المصري )أنور السادات( ذهابه إلى إسرائيل عام ‪ 1979‬بققأنه رأى ال ق فققي المنققام وأن‬
‫ال قال له إذهب إلى إسرائيل‪ .‬هكذا أصبحت رحلة السادات إلى تل أبيب شرعّية‪.‬‬

‫كذلك وجدت تشابهًا كبيرًا بين أقوال »إتيوس« الطبيب في البلط البيزنطي )في القرن السققادس الميلدي( بققأقوال‬
‫الشيخ متوّلي الشعراوي في مصر عام ‪ .1977‬كلهما كان يؤّيد ختان النققاث لن »بظققر المققرأة يحتققك بملبسققها‬
‫ويثير شهوتها«‪.‬‬

‫صة البعثة الطّبية الكاثوليكّية إلى مصر في القرن السابع عشر التي عققادت‬ ‫ومن أطرف الحكايات في هذا الكتاب ق ّ‬
‫إلى روما وفي جعبتها تقرير عن بظر المرأة المصرّية‪ ،‬فحواه أن هققذا البظققر أكققبر مققن بظققور النسققاء فققي العققالم‬
‫أجمع ول بد من قطعه لنه يمنع ما لجله شّرع الزواج‪.‬‬

‫صب لدين دون الققدين الخققر‪ ،‬وتعققرض الراء علققى‬ ‫لّعل أهم ما في الكتاب هو النظرة العلمّية المحايدة التي ل تتع ّ‬
‫صققة فققي‬
‫نحو عادل‪ .‬يترك للقراء والقارئات أن يحكموا بأنفسققهم علققى المققور‪ .‬رأينققا كيققف أن الديققان تتشققابه خا ّ‬
‫نظرتها إلى العضاء الجنسّية وفرض الطاعة على العبيد والجواري‪ ،‬ونجاسة المرأة التي تظهر في التوراة أكققثر‬
‫من أي كتاب آخر‪ ،‬وكيف ُمنعت المرأة في المسيحّية من الترانيم الروحّية بالكنيسة بمثل ما منعت في السققلم مقن‬
‫الذان للصلة‪ .‬وهناك كثير من المشايخ في السلم فققي يومنققا هققذا يققرّددون عبققارة بققولس الشققهيرة‪» :‬ولتصققمت‬
‫النساء في الجماعات شأنها في جميع كنائس القّديسين فإنه ل يؤذن لهن بالتكّلم«‪ .‬أصبح صوت المققرأة عققورة عنققد‬
‫الكثيرين من المسيحّيين والمسلمين‪ ،‬بمثل ما أصبح شعر المققرأة عققورة منققذ أن جققاءت هققذه العبققارة الشققهيرة فققي‬
‫‪9‬‬
‫التلمود‪» :‬شعر المققرأة العققاري مثققل جسققدها العققاري«‪ .‬وتشققمل صققلة اليهققودي كققل يقوم هققذه العبققارة الشققهيرة‪:‬‬
‫»أشكرك يا رب لنك لم تخلقني إمرأة«‪.‬‬

‫ومن أهم الجزاء في الكتاب تلك التي تكشف عققن صققمت المققم المّتحققدة عققن ختققان الققذكور وعققدم تحريمققه كمققا‬
‫حّرمت ختان الناث‪ ،‬بسبب الخوف من اللوبي اليهودي السياسي في أمريكا وأوروبا‪ .‬وسوف يتناول المؤّلف هققذا‬
‫الجانب السياسي في كتابه القادم مع الجوانب الطّبية والنفسّية والجتماعّية والقانونّية لمسققألة الختققان‪ .‬وكققم أتشققوق‬
‫لقراءة الجزء الثاني من هذا الكتاب الذي أرجو أن يصدر فور صدور هذا الجزء الّول‪ ،‬لن معركة ختان الققذكور‬
‫بدأت العام الماضي بعد أن حّققنا نجاحًا ضد ختان الناث‪ ،‬وأعلن شيخ الزهر في مصققر أن ختققان النققاث مسققألة‬
‫جع الكثيرون من الطّباء ورجال الدين للحديث عن ختان الناث‪ .‬لكن ختان الققذكور ل‬ ‫طّبية وليست فقهّية‪ ،‬وقد تش ّ‬
‫يزال موضوعًا شائكًا‪.‬‬

‫أّتفق تمامًا مع الدكتور سامي أبو ساحلية مؤّلف هققذا الكتققاب فققي أن الحملققة ضققد الختققان يجققب أن تشققمل الققذكور‬
‫والناث ول تقتصر فقط على الناث‪ ،‬ذلك أن الجريمة واحدة وإن إختلفت درجتها أو شكلها‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المقّدمة‬

‫»لقد خلقنا النسان في أحسن تقويم« )التين ‪.(4:90‬‬

‫»أل إن ال حّرم عليكم دمققاءكم وأمقوالكم كحرمقة يقومكم هقذا فققي‬


‫بلدكم هذا في شهركم هذا‪ ،‬أل هل بّلغت؟« قالوا نعققم‪ .‬قققال‪» :‬اللهققم‬
‫فاشهد« )رواه البخاري‪ ،‬حديث ‪.(3044‬‬

‫من خلف جدار دار الجيران يرتفع صريخ أطفال يتأّلمون ممزوج بزغاريد النساء مع أغاني فرح مققا زلققت أحفققظ‬
‫منها جملة تقول‪َ» :‬زيُنه يا شلبي وسلُمه لُمه«‪.‬‬

‫كان الجيران يحتفلون بختان أطفالهم وبهذه المناسبة إجتمعوا مع القارب في ساحة الققبيت وفققي الشققارع المجققاور‬
‫ووّزعوا الحلوى على المارة‪ .‬وكانت عملّية الختان تتم داخل البيت‪ ،‬يقوم بها »الشلبي«‪ .1‬ولصغر سققني حيققن ذاك‬
‫ولكوني من عائلة مسيحّية ل تمارس الختان لم أستوعب ما هو الختان ولماذا يصيح الطفال من اللم بينما الجمققع‬
‫من حولهم يفرحون ويمرحون‪.‬‬

‫لقد بقي هذا الحدث الغريب المتناقض عالقًا بذاكرتي بعد أكثر من أربعين عامًا مققن إنقضققائه ورغققم المسققافة الققتي‬
‫تفصلني عن مكان حدوثه‪ .‬ففي عام ‪ 1970‬تركت القرية واستقّريت في سويسرا حيققث أتممققت دراسققتي الجامعّيققة‬
‫وحصلت على ليسانس ودكتوراه في الحقوق من جامعاتها‪ .‬وكانت الدكتوراه عن أثر الققدين علققى النظققام القققانوني‬
‫ل عن القسم العربي والسلمي‪ ،‬فققي المعهققد السويسققري‬ ‫في مصر‪ .‬وفي عام ‪ 1980‬عّينت مستشارًا قانونّيا مسؤو ً‬
‫للقانون المقارن حيث ما زلت أعمل حّتى الن‪.‬‬

‫في عام ‪ ،1992‬بينما كنت في جولة في مصر‪ ،‬وقع نظري على كتاب عنوانه »ختان القذكر وخفقاض النقثى مقن‬
‫منظور إسلمي«‪ ،‬لمؤّلفه الدكتور عبد السلم عبققد الرحيققم السقّكري‪ ،‬أسققتاذ بكّليققة الشققريعة والقققانون فققي جامعققة‬
‫الزهر قسم دمنهور‪ .‬ترّددت كثيرًا َقبل أن أشتريه فعنوانه يعيد إلى ذاكرتي صراخ أطفال الجيران‪ .‬وعلى الغلف‬
‫سّكينا حاّدا أحمر اللون يمر بين طفل وطفلة يزيل الستار عّما كنت أجهله من أسباب هذا الصراخ‪ .‬ولكنققي تجلققدت‬
‫ل من قراءته خبأته في إحدى زوايا مكتبي بعيدًا عن أنظاري‪.‬‬ ‫واشتريته‪ .‬وبد ً‬

‫ظمة )شمال جنوب ‪ (21‬في جنيف أن أقّدم محاضرة في مؤتمرها عن حقوق الطفل‬ ‫في عام ‪ ،1993‬طلبت مّني من ّ‬
‫‪2‬‬
‫الذي عقدته في جامعة جنيف يومي ‪ 30‬و ‪ 31‬يناير عام ‪ . 1993‬فاقترحت عليها موضققوعين مققن بينهمققا الختققان‪.‬‬
‫ظمة على هذا الموضوع الذي كنت أتخّوف منه وأجهله كل الجهل‪ .‬وها هو الكتاب الذي خبأته‬ ‫وقد وقع إختيار المن ّ‬
‫في إحدى زوايا المكتب يقفز أمام عيناي‪ .‬وكان ل مفر مققن قراءتققه والتمّعققن فققي محتققواه‪ .‬فاكتشققفت أن الختققان ل‬
‫يمارس في مصر على الذكور فقط بل أيضًا على الناث‪ .‬ثم إنتقلت منه إلى مقالت وكتب بالعربّية وبلغات أخرى‬
‫أبحث فيها عّما كنت أجهل‪ .‬وقّررت وضع ثمرة أبحاثي ضمن مقال قّدمته للمؤتمر بكققل بققراءة‪ .‬وقققد دفعنققي الجققو‬
‫الجامعي الذي ُنظم فيه المؤتمر إلى تجاهل أن هذا الموضوع يمس صميم المعتقدات الدينّية كما إنققي لققم أكققن أعلققم‬
‫ظمققي‬‫ظمة ليبّية‪ .‬وما إن إنتهيت من إلقاء المحاضرة حّتى إنهالت علي النتقادات مققن من ّ‬ ‫ظمة الداعية هي من ّ‬‫أن المن ّ‬
‫المؤتمر‪ ،‬وكان بينهم مسلمون وصفوني باللحاد‪ .‬أّما الحاضرون فقد صفقوا لي واسققتغربوا الّتهققام‪ .‬فققدافعت عققن‬
‫جما على الديانات بل دفاعًا عن الطفال البرياء‪ .‬وتبّين لقي حيقن‬ ‫ضحا أن ما جاء في محاضرتي ليس ته ّ‬ ‫نفسي مو ّ‬
‫ظمين عندما تعارضت هذه الحقوق مع مبادئ يظّنوهققا‬ ‫ذاك أن الدفاع عن حقوق الطفال قد نسي تمامًا من ِقَبل المن ّ‬
‫لق أو المطّهر‪،‬‬
‫»الشلبي« كلمة في اللغة الدارجة في قريتنا الفلسطينية تعني من يقوم بعملّية تجميل وتطلق عادة على الح ّ‬ ‫‪1‬‬

‫أي من يقوم بعملّية ختان أو ما يسّمى طهور أو تطهير‪.‬‬


‫صدرت أعمال هذا المؤتمر مختصرة في مجّلة ‪Nord-Sud XXI, no 3, 1993, p. 63-182‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪11‬‬
‫جعتني تلك النتقادات لكي أستمر في بحثي بخصوص الختققان دفاع قًا عققن حققق‬ ‫من صلب معتقداتهم الدينّية‪ .‬وقد ش ّ‬
‫الطفال‪ .‬وأحسست في ضميري بأني مسؤول عنهم وكأني أحملهم على كتفي‪ .‬فقمت بنشر مقققالي بالفرنسقّية الققذي‬
‫ما لبث أن ُنشر بالنكليزّية‪ 1‬والسبانّية واللمانّية والفنلندّية في أكثر مققن عشققر مج ّ‬
‫لت علمّيققة‪ .‬وقققد إكتشققفت ومققا‬
‫صقّنفت بطبيعققة الحققال بيققن معارضققي‬‫زلت أكتشف يوميًا أن هناك معارضين ومؤّيدين جدد لموضققوع الختققان‪ .‬و ُ‬
‫الختان‪ .‬ل بل إن اليهود إّتهموني بمعققاداة السققامّية حّتققى علققى شققبكة »النققترنيت«‪ .‬ولكنققي ل أعيققر كققبير إهتمققام‬
‫للّتهامات ما دام قصدي هو البحث عن الحقيقة‪.‬‬

‫في شهر مايو من عام ‪ُ ،1994‬دعيت للقاء محاضرة في المؤتمر الدولي الثالث الذي أقامته في ماريلند بالوليققات‬
‫المّتحدة‪ ،‬هيئة أمريكّية معارضة للختان‪ .‬وقد إستفدت من هذا المؤتمر أكثر مّما أفدت إذ ُألِقَيت فيه أكثر من أربعين‬
‫صين في مجالت الطب وعلم النفس والدين‪.‬‬ ‫محاضرة حول الختان من ِقَبل مخت ّ‬

‫في ‪ 7‬سبتمبر ‪ ،1994‬عندما كانت تنعقد فققي القققاهرة أعمققال المقؤتمر العققالمي للسقّكان والتنميقة‪ ،‬عرضقت شقبكة‬
‫التلفزيون المريكّية »سي إن إن« فيلمًا وثائقيًا عن ختان طفلة مصرّية إسققمها نجل فققي العاشققرة مققن عمرهققا فققي‬
‫لق‪ .‬وكانت الطفلة تصرخ من اللم‪ .‬فاهتزت على أثر هذا الفيلم كل الوساط المصققرّية‪،‬‬ ‫العاصمة المصرّية بيد ح ّ‬
‫الرسمّية والشعبّية‪ .‬هناك من إعتبر الفيلم إهانة لمصر وللسلم وهناك من إغتنم هققذا الفيلققم للتصقّدي لعققادة ختققان‬
‫خل رجال الدين السلمي فأعلنوا رأيهم في هققذا الخصققوص‪ ،‬فتعارضققت الراء بيققن مفققتي‬ ‫البنات في مصر‪ .‬وتد ّ‬
‫‪2‬‬
‫جته وأتباعه ‪ .‬وهذا التباين جعلني أتسقاءل مققا هققي السققباب الققتي‬ ‫الجمهورّية وشيخ الزهر‪ ،‬ولكل منهما سنده وح ّ‬
‫من أجلها عرضت الشبكة المذكورة فلمها؟ هل كان ذلك دفاعًا عن حقققوق النسققان أم تشققهيرًا بمصققر وبالسققلم؟‬
‫وإن كان ذلك دفاعًا عن حقوق النسان‪ ،‬فلماذا تسكت هذه الشبكة عّمققا يجققري فققي الوليققات المّتحققدة حيققث يختققن‬
‫يوميًا ما يناهز ‪ 3300‬طفل أمريكي في المستشققفيات المريكّيققة يصققيحون مققن اللققم؟ ولمققاذا ينتقققد الغققرب ختققان‬
‫البنقات وُيصقدر ضقد فقاعليه الحكقام القضقائّية القاسقّية بينمقا ختقان الصقبيان يمقر مقرور الكقرام دون سقؤال أو‬
‫صلت إلى أن أحد السقباب‪ ،‬إن لقم يكقن أهّمهقا‪ ،‬هقو الخقوف مقن اليهقود القذين يمارسقون ختقان‬ ‫إستفسار؟ وقد تو ّ‬
‫الذكور‪.‬‬

‫في شهر أغسققطس مققن عقام ‪ ،1996‬نجحققت فققي تنظيققم المققؤتمر الققدولي الرابققع عققن الختققان فققي جامعققة لقوزان‬
‫بسويسرا‪ ،‬والذي ضم ثلثين خبيرًا في مجال الطب والقانون وعلم النفس جاؤوا من القارات الخمس‪ .3‬وقققد ق قّدمت‬
‫فيه محاضرة عن موقف اليهود والمسلمين من التشويه الجنسي‪ .4‬وفي الشهر ذاته مققن عققام ‪ ،1998‬إشققتركت فققي‬
‫المؤتمر الدولي الخامس عن الختان الذي عقد في جامعة أكسفورد بإنكلترا‪ ،5‬وألقيققت فيقه محاضققرة عقن السققباب‬
‫عقد المؤتمر القدولي السققادس حقول الختقان فققي ديسقمبر مقن عقام‬ ‫الدينّية لختان الذكور والناث عند المسلمين‪ .6‬و ُ‬
‫‪ 2000‬في جامعة سيدني بأستراليا‪ ،7‬والمققؤتمر السققابع فقي إبريقل مقن عققام ‪ 2002‬فققي جامعقة جقورج تقاون فقي‬
‫واشنطن‪.‬‬

‫صصققون‬ ‫هكذا تتوالى المؤتمرات ويتسع عدد المهتمين من القارات الخمس‪ ،‬من ضمنهم أطّبققاء وممّرضققات ومتخ ّ‬
‫في الدين والقانون وعلم النفس وعلم الجتماع وعلم النسان )النثروبولوجية( يجمعهم هدف واحد هققو إلغققاء كققل‬
‫من ختان الذكور والناث‪.‬‬

‫ظمققات الحكومّيققة والهلّيققة والدولّيققة الققتي تعمققل ضققمن‬


‫وفي مواجهة هذا التّيار الرائد‪ ،‬هناك رهط كققبير مققن المن ّ‬
‫ظمة المم المّتحدة والدول الغربّية بقصد إلغاء ختان الناث دون التعّرض لختان الذكور حّتى أنهققا غّيققرت إسققم‬ ‫من ّ‬
‫ختان الناث فجعلته »البتر الجنسي للناث« لتفادي الخلط بيقن الختققانين‪ ،‬ولكققن دون تققديم حجققج مقنعقة للتفريقق‬

‫أنظر بالنكليزّية ‪Aldeeb Abu-Sahlieh: To mutilate in the name of Jehovah or Allah‬‬ ‫‪1‬‬

‫صة الملحق ‪ 6‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬في آخر الكتاب‪.‬‬


‫أنظر خا ّ‬ ‫‪2‬‬

‫ُنشرت أعمال هذا المؤتمر‪Denniston and Milos: Sexual mutilations a human tragedy :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Aldeeb Abu-Sahlieh: Jehovah, his cousin Allah, and sexual mutilations‬‬ ‫‪4‬‬

‫ُنشرت أعمال هذا المؤتمر‪Denniston, Hodges and Milos: Male and female circumcision :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Aldeeb Abu-Sahlieh: Muslims' genitalia in the hands of the clergy‬‬ ‫‪6‬‬

‫ُنشرت أعمال هذا المؤتمر‪Denniston, Hodges and Milos: Understanding circumcision :‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪12‬‬
‫بينهما إذ إن كل منهما هو بتر لعضو جنسي سليم يققع علقى شقخص بريققء دون مقوافقته ودون سقبب طّبقي – إ ّ‬
‫ل‬
‫نادرًا‪.‬‬

‫وكتابنا هذا يتعّرض لكل من ختان الذكور والناث دون تفريق‪ .‬وينقسم إلى خمسة أجزاء‪ .‬الجزء الّول ُيعّرف كل‬
‫من ختان الذكور وُيبّين مدى إنتشارهما في العالم والمجموعات الققتي تمارسققهما‪ .‬وأّمققا الجققزاء الربعققة الخققرى‬
‫فتتكّلم عن الجدل الديني والطّبي والجتماعي والقانوني الذي يدور حولهما‪ .‬وهذا الترتيب يمليه التطقّور التققاريخي‬
‫لهذا الجدل‪.‬‬

‫بدأ الجدل حول الختان بالعتبارات الدينّية‪ .‬فقققد كققان ومققا زال المققؤمن يققرى أن المبققادئ الدينّيقة هقي الققتي تحكققم‬
‫ل بقققدر تأييققدها لتلققك المبققادئ‪.‬‬
‫تصّرفاته‪ .‬فمهما قّدم علماء الطب والجتماع والقانون من أدّلة‪ ،‬فإنه ل يستمع لهققا إ ّ‬
‫وعليققه‪ ،‬فقققد كّرسققنا الجققزء الثققاني مققن كتابنققا لعققرض الجققدل الققديني حققول ختققان الققذكور والنققاث عنققد اليهققود‬
‫والمسيحّيين والمسلمين وفقًا للترتيب التاريخي لظهور معتقداتهم‪.‬‬

‫وقد تم إدخال الجدل الطب في موضوع الختان إّما لتأييده أو لتفنيده‪ .‬فققالمؤمن يققرى أن وراء الختققان حكمققة إلهّيققة‬
‫تكشف عنها فوائده الطّبية‪ .‬أّما المعارضون‪ ،‬فققإنهم يققرون أن رجققال الققدين والطققب قققد تكققاتفوا لخدمققة مصققالحهم‬
‫فاختلقوا أسبابًا القصد منها مد سيطرتهم على الشعب وكسب المال‪ .‬وقد بدأ عدد من الطّباء يتحّولون عن مققواقفهم‬
‫السابقة معترفين بأن ليس للختان أّية فائدة طّبية وأن ممارسته هو خرق للقواعد الطّبية التي تفرض عليهم معالجققة‬
‫المريض وليس التعّدي على جسم سليم‪ .‬وهذا هو موضوع الجزء الثالث من كتابنا‪.‬‬

‫صققائّيو علققم النسققان )النثروبولوجيققة( ليققروا مققا هققي‬


‫خل علمققاء الجتمققاع وعلمققاء النفققس وأخ ّ‬
‫وبعد الطّباء تققد ّ‬
‫السباب الخفّية التي تحكم بتر النسان لعضائه الجنسّية وأعضاء غيره‪ .‬وقد تبّين لهم أن هناك أسباب خفّية وراء‬
‫الوامر الدينّية والحجج الطّبية‪ .‬فهناك أمققراض نفسقّية واعتبققارات إجتماعّيققة ومالّيققة وسياسقّية تتحّكققم بتصقّرفات‬
‫النسان‪ .‬وقد قام أحد المعارضين للختان بجمع تلك السباب فوجد أكثر من ‪ 260‬سببًا وراء تلققك العققادة‪ .1‬وسققوف‬
‫نقوم بعرض منهجي لهم تلك السباب في الجزء الرابع من كتابنا‪.‬‬

‫خل في موضوع الختان هم رجال القانون‪ :‬المشّرعون والقضاة والمحامون‪ .‬غيققر أن مققوقفهم لققم يكققن‬ ‫وآخر من تد ّ‬
‫دائمًا مّتفقا مع المبادئ التي تحكم مهنتهم‪ .‬فرغم أن الختان تعّد على سلمة الجسققد وعلققى العققرض وعلققى الحّريققة‬
‫الفردّية‪ ،‬فإن رجال القانون قّلما إهتّمققوا بمكققافحته‪ .‬وإن أصققبحوا الن أكققثر تعاطفقًا مققع النسققاء ويرفضققون ختققان‬
‫ل أنهم ما زالوا في بداية الطريق فيما يخققص ختققان الققذكور‪ .‬وهققذا مققا سققوف نققراه فققي الجققزء الخققامس‬ ‫الناث‪ ،‬إ ّ‬
‫والخير من كتابنا‪.‬‬

‫وقد ألحقنا بكتابنا عددًا من النصوص الُمهّمة القديمة والحديثة‪ ،‬بعضها لم ينشر سابقًا‪ ،‬لفسح المجققال للقققارئ حّتققى‬
‫طلع بنفسه على الجدل الذي يثيره هذا الموضوع من خلل نصوص كاملة دون تحريف أو حذف‪.‬‬ ‫يّ‬

‫لقد كتبت هذا الكتاب لنفسي بحثًا عن الحقيقة‪ .‬وقد سهرت عليه الّيام والليالي وقرأت لجله آلف الصققفحات‪ .‬وهققا‬
‫حّكموا عقولهم وضمائرهم على ضوء المعلومات التي جمعتها لعّلهم يقلعون‬ ‫أنا أقّدمه لخوتي وأبناء جلدتي حّتى ُي َ‬
‫يومًا عن هذه العادة‪ .‬وأكون قد بّلغت الرسالة إن تساءل القارئ معي لماذا أهمل أكثر سّكان الرض قققديمًا وحققديثًا‬
‫عادة ختقان القذكور والنقاث بينمقا أكثرّيقة المختقونين والمختونقات فقي العقالم يقدينون بالسقلم‪ .‬فهقل هلقك غيقر‬
‫عّلة من عدم الختان؟ وإذا لم يكن هناك سبب مقنع لهذه العادة‪ ،‬فلمققاذا ل نتركهققا رحمققة مّنققا‬
‫المختونين أو أصابتهم ِ‬
‫لبنائنا وبناتنا ومجتمعنا؟ أليس الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل؟‬

‫وعلى كل حال‪ ،‬ل أدعي العصمة أو الكمال‪ ،‬كما ل أرغب في فرض آرائي على أحد‪ ،‬مّتبعا في ذلققك قققول المققام‬
‫الكبر أبو حنيفة )توّفى عام ‪» :(767‬علمنا هذا رأي‪ ،‬فمن جققاء بأحسققن منققه َقبلنققاه منققه«‪ .‬ويحضققرني هنققا نققص‬
‫لقاضي القضاة أبو يوسف )توّفى عام ‪ (798‬في كتاب »الخراج« يقول فيه‪:‬‬

‫‪www.circumstitions.com/Stitions&refs.html‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪13‬‬
‫ل قققال لعمققر بققن‬
‫»حّدثني أبو بكر بن عبد ال الهذلي عن الحسن البصري )تققوّفى عققام ‪ (728‬أن رج ً‬
‫طاب )توّفى عام ‪ :(644‬إتق ال يا عمر وأكثر عليه‪ .‬فقال له قائل‪ :‬أسكت فقققد أكققثرت علققى أميقر‬ ‫الخ ّ‬
‫‪2‬‬
‫المؤمنين‪ .‬فقال له عمر‪ :‬دعه‪ ،‬ل خير فيهم إن لم يقولوها لنا‪ ،‬ول خير فينا إن لم نقبل« ‪.‬‬

‫ُكّلي أمل أن يتسع صدر القارئ‪ ،‬مهما كانت ديانته أو جنسيته‪ ،‬كما أتسع صدر الخليفة عمققر‪ .‬ومققن جهققتي‪ ،‬أرجققو‬
‫القارئ الكريم عدم البخل بتقديم ملحظاته البناءة على هذا الكتاب لكي أستفيد منها في الطبعات القادمققة‪ .‬كمققا أنققي‬
‫مستعد لوضع كل ما تمّكنت من جمعه من كتب ووثائق حول هذا الموضوع تحت تصّرف كل بققاحث يققود دراسققة‬
‫ل من ختان الققذكور والنققاث دون تمييققز‪ .‬وأشققير هنققا إلققى أن هققذا‬
‫هذا الموضوع على شرط أن يكون بحثه عن ك ٍ‬
‫الكتاب قد صدر باللغة الفرنسّية والنكليزّية بصورة مختصرة لتعميم الفائدة‪.‬‬

‫جعني لكتابقة هقذه الدراسقة‪ .‬كمقا أشقكر كققل مقن قققام‬


‫وبعد شكري للمقولى علققى فضققله‪ ،‬أود أن أشققكر كققل مقن شق ّ‬
‫بمراجعتها وأبدى ملحظاته علقى الشقكل والمحتقوى‪ .‬وأخقص بالقذكر أخقي الب رائد عقوض ذيقب أبقو سقاحلية‬
‫والدكتورة سهام عبد السلم‪ .‬ولكني وحدي الذي أتحّمل تبعة ما يحتويه هذا الكتاب من آراء أو أغلط‪.‬‬

‫أرجو القارئ الكتابة لي على عنواني التالي لبداء آرائه وملحظاته البناءة‪:‬‬

‫‪Dr. Sami Aldeeb‬‬

‫‪Ochettaz 17‬‬

‫‪St-Sulpice, Switzerland 1025‬‬

‫عنواني اللكتروني ‪Sami.Aldeeb@isdc-dfjp.unil.ch‬‬

‫أبو يوسف‪ :‬كتاب الخراج‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫تنبيه‬
‫يتع قّرض هققذا الكتققاب للجققدل الققديني والطّبققي والجتمققاعي والقققانوني‪ .‬ولكققل مققن هققذه المجققالت مصققطلحاتها‬
‫صصة التي يصعب إستيعابها جميعها من ِقَبل القارئ الواحد‪ .‬وحّتى ل يتحّول هذا الكتاب إلى حققرز يصققعب‬ ‫المتخ ّ‬
‫فك معانيه‪ ،‬وحّتى ل يمتد إلى عدد كبير من الصفحات ل يمكن قراءتها‪ ،‬توخينا التبسيط في عققرض الموضققوعات‬
‫على قدر المكان دون الخلل بالمانة العلمّية‪ .‬ولهذا السبب تفادينا إستعمال الكلمات الفّنية باللغات الغربّيققة‪ ،‬ولققم‬
‫ندخل في التفاصيل المملة التي قد ل تهم القارئ‪ ،‬ورّكزنا على المصادر الرئيسّية‪ .‬ومن يريد الحصول على مزيققد‬
‫من المعلومات عليه أن يرجع للمصادر التي إعتمدنا عليها‪.‬‬

‫وقد إعتمدنا علققى القققرآن الكريققم طبعققة دار الكتققاب المصققري ودار الكتققاب اللبنققاني )دون تاريققخ( المعتمققدة مققن‬
‫الزهر والتي تأخذ بترقيم آيات القرآن كما في مصحف الملك فؤاد الّول‪.‬‬

‫وفيما يخص الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية‪ ،‬إعتمدنا على »الكتاب المقّدس«‪ ،‬الطبعة الثالثة للترجمققة العربّيققة‬
‫الصادرة عن دار المشرق في بيروت عام ‪ .1986‬وهذه الترجمة تّمت تحت إشراف البققاء اليسققوعيين اللبنققانيين‪.‬‬
‫وإذا جاء نص من هذه الكتب المقّدسة ضمن فقققرة نقلناهققا عققن مؤّلققف بالعربّيققة بترجمققة غيققر الققتي بيققن أيققدينا أو‬
‫ل أننا أبقينققا علققى مققا جققاء‬
‫مرقمة بغير أرقامنا الحالّية‪ ،‬إستبدلنا تلك الترجمة والرقام بالترجمة والرقام الحالّية‪ .‬إ ّ‬
‫في ملحق الكتاب دون تغيير‪.‬‬

‫وقد وضعنا أرقام اليات في بدايتها بين قوسين )‪ (...‬لتسهيل عملّية الرجوع لهذه النصوص‪ .‬وعند ترك آيققة داخققل‬
‫النص ل علقة لها بموضوعنا نشير إلى ذلك بعلمة ]‪ .[...‬كمقا أننقا نسقتعمل نفقس الشقارة عنقدما نضقيف كلمقة‬
‫لتوضيح النص‪.‬‬

‫بخصوص المراجع في هوامش الكتاب‪ ،‬نكتفي بذكر إسم المؤّلققف وعنققوان الكتققاب أو المقققال بصققورة مختصققرة‪.‬‬
‫ل عليه الرجوع إلى قائمة المراجع في آخر الكتاب‪ .‬هذا وقد أشرنا إلى تاريخ‬ ‫ومن يريد معرفة السم والعنوان كام ً‬
‫صققة علققى كتققاب الجققابي‪:‬‬
‫صة القدامى منهم‪ ،‬بعد ذكر إسققمهم لّول مقّرة‪ ،‬معتمققدين فققي ذلققك خا ّ‬
‫وفاة المؤّلفين‪ ،‬خا ّ‬
‫»معجم العلم« فيما يخص المؤّلفين العرب والمسققلمين‪ .‬والتواريققخ المققذكورة هنققا كمققا فققي الكتققاب هققي حسققب‬
‫التقويم الميلدي )م = بعد المسيح؛ ق‪.‬م = َقبل المسيح(‪ ،‬ما عدا حالت شاّذة حيث أتبعنا التاريخ بق)هق( إشارة إلققى‬
‫السنة الهجرّية‪ .‬وقد أخذنا بالختصارات التية فيما يخص أسفار الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية‪:‬‬

‫الكتب المقّدسة اليهودّية وعددها ‪ 46‬كتابًا‬

‫التكوين‪ :‬سفر التكوين‬

‫الخروج‪ :‬سفر الخروج‬

‫الحبار‪ :‬سفر الحبار‬

‫العدد‪ :‬سفر العدد‬

‫تثنية‪ :‬سفر تثنية الشتراع )هذه الكتب الخمسة تسّمى التوراة‪ ،‬أو كتب موسى(‬

‫يشوع‪ :‬سفر يشوع‬

‫‪15‬‬
‫القضاة‪ :‬سفر القضاة‬

‫راعوت‪ :‬سفر راعوت‬

‫‪ 1‬صموئيل‪ :‬سفر صموئيل الّول‬

‫‪ 2‬صموئيل‪ :‬سفر صموئيل الثاني‬

‫‪ 1‬ملوك‪ :‬سفر الملوك الّول‬

‫‪ 2‬ملوك‪ :‬سفر الملوك الثاني‬

‫‪ 1‬أخبار‪ :‬سفر الخبار الّول‬

‫‪ 2‬أخبار‪ :‬سفر الخبار الثاني‬

‫عزرا‪ :‬سفر عزرا‬

‫نحميا‪ :‬سفر نحميا‬

‫* طوبيا‪ :‬سفر طوبيا‬

‫* يهوديت‪ :‬سفر يهوديت‬

‫أستير‪ :‬سفر أستير‬

‫* ‪ 1‬المكابيين‪ :‬سفر المكابيين الّول‬

‫* ‪ 2‬المكابيين‪ :‬سفر المكابيين الثاني )هذه الكتب السّتة عشر تسّمى كتب التاريخ(‬

‫أّيوب‪ :‬سفر أّيوب‬

‫المزامير‪ :‬سفر المزامير‬

‫المثال‪ :‬سفر المثال‬

‫الجامعة‪ :‬سفر الجامعة‬

‫الناشيد‪ :‬سفر نشيد الناشيد‬

‫حكمة‬
‫حكمة‪ :‬سفر ال ِ‬
‫* ال ِ‬

‫حكمة والشعار(‬
‫* إبن سيراخ‪ :‬سفر يشوع بن سيراخ )هذه الكتب السبعة تسّمى كتب ال ِ‬

‫أشعيا‪ :‬سفر أشعيا‬

‫أرميا‪ :‬سفر أرميا‬

‫‪16‬‬
‫المراثي‪ :‬سفر مراثي أرميا‬

‫* باروك‪ :‬سفر باروك‬

‫حزقيال‪ :‬سفر حزقيال‬

‫دانيال‪ :‬سفر دانيال‬

‫هوشع‪ :‬سفر هوشع‬

‫يوئيل‪ :‬سفر يوئيل‬

‫عاموس‪ :‬سفر عاموس‬

‫عوبديا‪ :‬سفر عوبديا‬

‫يونان‪ :‬سفر يونان‬

‫ميخا‪ :‬سفر ميخا‬

‫نحوم‪ :‬سفر نحوم‬

‫حبقوق‪ :‬سفر حبقوق‬

‫صفنيا‪ :‬سفر صفنيا‬

‫جاي‬
‫جاي‪ :‬سفر ح ّ‬
‫حّ‬

‫زكرّيا‪ :‬سفر زكرّيا‬

‫ملخي‪ :‬سفر ملخي )هذه الكتب الثمانية عشر تسّمى كتب النبياء(‬

‫الكتب المقّدسة المسيحّية وعددها ‪ 27‬كتابًا‬

‫مّتى‪ :‬النجيل كما رواه مّتى‬

‫مرقس‪ :‬النجيل كما رواه مرقس‬

‫لوقا‪ :‬النجيل كما رواه لوقا‬

‫يوحّنا‪ :‬النجيل كما رواه يوحّنا )هذه الكتب الربعة تسّمى كتب الناجيل(‬

‫أعمال‪ :‬سفر أعمال الرسل‬

‫رومية‪ :‬رسالة بولس إلى أهل رومية‬

‫‪17‬‬
‫‪ 1‬قورنتس‪ :‬رسالة بولس الولى إلى أهل قورنتس‬

‫‪ 2‬قورنتس‪ :‬رسالة بولس الثانية إلى أهل قورنتس‬

‫غلطية‪ :‬رسالة بولس إلى أهل غلطية‬

‫أفسس‪ :‬رسالة بولس إلى أهل أفسس‬

‫فيليبي‪ :‬رسالة بولس إلى أهل فيليبي‬

‫قولسي‪ :‬رسالة بولس إلى أهل قولسي‬

‫‪ 1‬تسالونيقي‪ :‬رسالة بولس الولى إلى أهل تسالونيقي‬

‫‪ 2‬تسالونيقي‪ :‬رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيقي‬

‫‪ 1‬طيموتاوس‪ :‬رسالة بولس الولى إلى طيموتاوس‬

‫‪ 2‬طيموتاوس‪ :‬رسالة بولس الثانية إلى طيموتاوس‬

‫طيطوس‪ :‬رسالة بولس إلى طيطوس‬

‫فيلمون‪ :‬رسالة بولس إلى فيلمون‬

‫عبرانيين‪ :‬رسالة بولس إلى العبرانيين‬

‫يعقوب‪ :‬رسالة يعقوب‬

‫‪ 1‬بطرس‪ :‬رسالة بطرس الولى‬

‫‪ 2‬بطرس‪ :‬رسالة بطرس الثانية‬

‫‪ 1‬يوحّنا‪ :‬رسالة يوحّنا الولى‬

‫‪ 2‬يوحّنا‪ :‬رسالة يوحّنا الثانية‬

‫‪ 3‬يوحّنا‪ :‬رسالة يوحّنا الثالثة‬

‫يهوذا‪ :‬رسالة يهوذا‬

‫الرؤيا‪ :‬سفر رؤيا يوحّنا‬

‫ملحظة على هذه القائمة‪ :‬الكتب اليهودّية السققبعة المشققار إليهققا بهققذه العلمققة )*( مققع أجققزاء مققن سققفري أسققتير‬
‫ودانيال ل يعترف بها اليهود والبروتستانت ويعتبرونها محّرفققة‪ ،‬علققى عكققس الكاثوليققك والرثققوذكس )بمققا فيهققم‬
‫القباط( الذين يعتبرونها جزءًا ل يتجزأ من الكتاب المقّدس ويطلقققون عليهققا إسققم »الكتققب التعليمّيققة« أو »الكتققب‬
‫القانونّية الثانية« خلفًا للكتب الخرى التي يطلقون عليها إسم »الكتب القانونّية الولى«‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫ول يعترف اليهود بالكتب المقّدسة المسيحّية‪ ،‬بينمققا يعققترف المسققيحّيون بققالكتب المقّدسققة اليهودّيققة‪ .‬والمسققيحّيون‬
‫صققة بهققم لقققب‬
‫يطلقون على الكتب المقّدسة اليهودّية لقب »العهد القققديم« بينمققا يطلقققون علققى كتبهققم المقّدسققة الخا ّ‬
‫»العهد الجديقد« أو »النجيقل«‪ .‬وعاّمقة ينشقر المسقيحّيون الكتقب المقّدسقة اليهودّيقة والمسقيحّية فقي مجّلقد واحقد‬
‫يطلقون عليه إسم »الكتاب المقّدس«‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الجزء الّول‪ :‬تعريف الختان وأهّميته العددّية وتوزيعه‬

‫الفصل الّول‪ :‬تعريف الختان‬


‫‪ (1‬الختان أحد أساليب التصّرف بالجسد‬
‫منذ قديم العصور حّتى يومنا هذا‪ ،‬حاول ويحاول النسان التصّرف بأعضاء جسده وجسد غيره‪ ،‬من أعلققى رأسققه‬
‫حّتى أصابع رجليه مرورًا بأعضائه الجنسّية‪ ،‬مّدا أو ضغطًا أو وشققمًا أو كّيققا أو شقّقا أو ثقبقًا أو بققترًا‪ .‬بعققض تلققك‬
‫التصّرفات تؤّثر بصورة مؤّقتة مثل قص الظافر وقص الشعر التي تطققول مققع الققوقت‪ .‬ومنهققا مققا يققؤّثر بصققورة‬
‫سعا لكل أنواع البتر‬ ‫دائمة مثل الوشم وثقب الذن والنف والكي‪ .‬وقد قّدم عالم الطب النفسي »فافاتزا« عرضًا مو ّ‬
‫الجنونّية الفردّية والجماعّية القتي تمقس الجسقد يمكقن أن يرجقع إليقه مقن يرغقب فقي مزيقد مقن غقرائب العقادات‬
‫والتصّرفات النسانّية‪.1‬‬

‫وقد حظيت العضاء الجنسّية بنصيب كبير من نكد النسان على نفسه‪ .‬ل بل إن هناك من يققرى فققي كققل عملّيققات‬
‫البتر والتشويه الخرى علقة رمزية بالجنس‪ .2‬وبالضافة إلى الختان‪ ،‬نجد بين بعققض القبققائل فققي أّيامنققا عققادات‬
‫مختلفة مّتصلة بالعضاء الجنسّية للذكر والنثى‪ .‬فهناك من يثقب حشفة الذكر ويمّرر بها ريشققة أو خشقبة‪ .‬ومنهققم‬
‫من يضع فوق ذكره غمدًا كغمد السيف يصل إلى خصره‪ .‬ومنهم مققن يعقققد غلفتققه فققوق الحشققفة حّتققى يرجققع هققذه‬
‫الخيرة إلى كيس الصفن )جلد الخصيتين(‪ .‬ومنهم من يشق مجرى البول عند الذكر ويعمل فيققه فتحققة تشققبه فتحققة‬
‫الرحم‪ .‬ومنهم من يطيل شفري الرحم حّتى سبعة سنتمترات‪ .‬ومنهم من يشق غشاء البكارة بشرش نبات المنيهوت‬
‫أو بقرن كبش‪ .‬ومنهم من ُيوِكل لجيش من النمل ُمهّمة قرض البظر والشفرين‪.3‬‬

‫والسباب وراء تلك التصّرفات مختلفة ومتناقضقة‪ .‬فبعقض تلقك التصقّرفات تقدخل ضقمن أسقاليب التجميقل بينمقا‬
‫يعتبرها الخرون غاية في التبشيع‪ .‬وبعض التصّرفات تقع ضمن أنواع القصاص كما نرى في بعض الققدول الققتي‬
‫تبتر اليد أو الرجل في حال السرقة‪ .‬وهناك من يرى في بعض تلك التصقّرفات أسققلوبًا لمعالجققة بعققض المققراض‬
‫الجسدّية‪ ،‬مثل الكي أو فصد الذن‪ .‬ويرجع بعض علماء النفس تلك العادات إلى خلل عقلي عند شخص قققد يتحقّول‬
‫إلى عدوى جماعّية إذا كان لذاك الشخص هيبة‪ .‬والخصي كقان يسققتعمل لحرمقان العققداء أو العبيققد مقن التناسقل‪.‬‬
‫وهناك من كان يعتبره وسيلة للتقّرب من ال‪ ،‬وغيرهم إعتبره أسلوبًا للحفاظ على أصوات عالية لجوقات الكنيسة‪.‬‬

‫وفي كتابنا هذا سوف نتوّقف عند نوع واحد من أنواع التعّدي على العضاء الجنسّية وهو ختققان القذكور والنقاث‬
‫الذي يعتبر من ظواهر المساس بسلمة الجسد الكثر غموضًا والوسع إنتشارًا‪.‬‬

‫‪ (2‬الكلمة ومدلولها الجتماعي والسياسي‬


‫أصل الختان عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين هو التوراة‪ .‬ويستعمل اليهود في العبرّية كلمة »ميل« الققتي تعنققي‬
‫القطع‪ .‬وهذه الكلمة تستعمل ضمن عبارة »بريت ميل« أي »عهققد القطققع« الققتي ُتقَذّكرنا بالعبققارة العربّيققة »قطققع‬
‫عي أن ال ق قطققع عهققدًا‬ ‫عهدًا«‪ .‬وهذه العبارة كما سنرى لحقًا إشارة للفصل السابع عشر من سفر التكوين الذي َيّد ِ‬
‫لبراهيم بأن يعطيه ونسله الرض الموعودة‪ ،‬أي »أرض كنعان«‪ .‬ومقابل ذلك العهد‪ ،‬أمر ال إبراهيم بققأن يقطققع‬
‫غلفته وغلفة كل ذكر من نسله وعبيده‪ .‬هناك إذًا تلعب بالكلمات وتسييس لعملّية جراحّية‪ .‬وتستعمل التوراة أيضًا‬
‫كلمة »تبر« )الخروج ‪ ،(4:25‬ونفس الكلمققة فققي العربّيققة تعنققي هلققك أو أهلققك‪ ،‬وُتقَذّكرنا بكلمققة »بققتر« مققع قلققب‬

‫‪Favazza, p. 85-224‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Favazza, p. 115-117‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Maertens, p. 9-11‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫الحقرف الققتي تعنققي قطقع‪ .‬والجقزء القذي يقطقع يسقّمى فقي العبرّيققة »غرلقة«‪ .‬والغيقر مختقون يسقّمى بالعبرّيقة‬
‫»أغرل«‪ .‬ول يوجد في التوراة ذكر لختان الناث كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫يستعمل علماء اللغة العربّية كلمات عّدة للشارة إلى الختان مثل الخفض والخفاض والعذار‪ .‬والعاّمققة هققي كلمققة‬
‫ختان أو طهور أو طهار أو طهارة للذكر والنثى‪ .‬وهذه الكلمة الخيرة تبّين أن الختان في فكقر النقاس ُيطّهقر مقن‬
‫ُتماَرس عليه هذه العادة‪ .‬والقطعة التي تقطع عند الذكر تسّمى »الغرلة« كما في العبرّية‪ ،‬أو »الغلفة« أو »القلفة«‪.‬‬
‫وغير المختون يسّمى »أغرل« أو »أغلف« أو »أقلف«‪.‬‬

‫وكلمة »الختان« التي تشير إلى عملّية القطع لها معان ذات صلة بالزواج‪ .‬يقول إبن منظور )توّفى عام ‪:(1131‬‬
‫»الختن أبو إمرأة الرجل وأخو إمرأته وكل من كان من ِقَبل إمرأته‪ ،‬والجمققع أختققان‪ ،‬والنققثى ختنققة‪.‬‬
‫ل إذا تزّوج إليه‪ .‬وفي الحديث‪ :‬علي ختن رسول ال )ص( أي زوج إبنته‪ .‬والسم‬ ‫ل الرج َ‬
‫وخاتن الرج ُ‬
‫الختونة ]‪ [...‬والختن‪ :‬زوج فتاة القوم‪ ،‬ومن كان من ِقَبله من رجل أو إمققرأة فهققم كّلهققم أختققان لهققل‬
‫المرأة‪ .‬وأم المرأة وأبوها‪ :‬ختنان للزوج«‪.1‬‬

‫وسوف نرى لحقًا كيف أن الختان كان يسبق الزواج وشرط له في بعض المجتمعات‪ .‬وقققد يكققون لكلمققة »ختققن«‬
‫صلة بكلمة »ختم« مع إنقلب الميم نونًا كما هو معرف في اللغات السامّية‪ .‬فيكون معناها وضققع علمققة للتع قّرف‬
‫على العبد البق‪ .‬يقول إبن قّيم الجوزّية )توّفى عام ‪ (1351‬في كتابه »تحفة المودود بأحكام المولود«‪:‬‬
‫علمًا على العبودّية‪ .‬فإنك تجد قطع طرف الذن وكققي الجبهققة‬ ‫»إنه ل ينكر أن يكون قطع هذه الجلدة َ‬
‫‪2‬‬
‫ونحو ذلك في كثير من الرقيق علمة لرّقهم وعبودّيتهم‪ .‬حّتى إذا أبق رد إلى مالكه بتلك العلمة« ‪.‬‬

‫وما زال اليهود والمسلمون يعتبرون الختان علمة تمّيز المؤمن من الكافر‪.‬‬

‫صة على ختققان النققاث )ولكققن أيضقًا علققى ختققان الققذكور( تعنققي تشققريحيًا إزالققة‬‫وكلمة »خفاض« التي تطلق خا ّ‬
‫تركيب مرتفع للهبوط إلى مستوى أكققثر إنخفاضقًا‪ .‬أّمققا لغويقًا فيتضقّمن أيضقًا معنققى الهانققة والذلل‪ .‬يقققول إبققن‬
‫منظور‪» :‬خفض‪ :‬في أسماء ال تعالى الخقافض‪ :‬هقو القذي يخفقض الجّبقارين والفراعنقة أي يضقعهم ويهينهقم«‪.3‬‬
‫وسوف نرى أن خفاض النثى يقصد منه خفض شهوة المرأة لحكام سيطرة الرجل عليهققا ومنعهققا مققن النققزلق‬
‫في الرذيلة‪.‬‬

‫وفققي اللغققات الوروبّيققة يمكققن إسققتعمال كلمققة واحققدة للدللققة علققى ختققان الققذكور والنققاث وهققي بالنكليزّيققة‬
‫‪ .circumcision‬وهذه الكلمة من أصل لتيني وتعني »القطع دائريًا«‪ .‬ولكن بعض الكتققاب يسققتعمل هققذه الكلمققة‬
‫فقط لختان الذكور‪ .‬وأّما ختان الناث فإنهم يسققتعملون لهققا كلمققة ‪ excision‬وهققي كلمققة أيضقًا مققن أصققل لتينققي‬
‫وتعني »إستئصال«‪.‬‬

‫حة العالمّية عام ‪ 1995‬في جنيقف لقوحظ أن المصقطلحات‬ ‫ظمة الص ّ‬ ‫وفي مؤتمر لعلماء الجتماع والطب عقدته من ّ‬
‫صة بختان الناث تنقصها الدّقة ول تدل على الطابع الفعلي الضار لعملّيققة ختققان النققاث‪ .‬فمصققطلح‬ ‫المذكورة الخا ّ‬
‫سخ مفهقوم ضقرورة إقتطقاع جقزء مققن جسقد المقرأة لتصققبح صققالحة للققزواج والقدخول فققي علقققة‬ ‫»الختان« ُير ّ‬
‫مصاهرة‪ .‬وهذا يؤّكد مفهومًا مغلوطًا لحقيقة الطبيعة الجنسّية والجتماعّيققة للمققرأة‪ .‬ومصققطلح »الطهققارة« ُيرسققخ‬
‫حكققم تكققوينه‪.‬‬
‫مفهومًا مغلوطقًا آخققر عققن طبيعققة المققرأة بوصققفها كائنقًا ل يتمّتققع بالفضققيلة بفطرتققه ول بالنظافققة ب ُ‬
‫ومصطلح »الخفاض« ينبع من العتقاد بأن أعضاء التأنيث الخارجّية عبارة عن زوائد مرتفعة ل بد من التخّلققص‬
‫منها أو خفضها‪ .‬وكل هذه المصطلحات تصف الفعل من وجهة نظققر مؤّيققدي إجققراء هققذه العملّيققة دون أن تصققف‬
‫آثارها الضاّرة على النساء‪ .‬ولذلك تم الّتفاق على إستخدام مصطلح آخر يصف أثر هذه العملّية على جسققم المققرأة‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مجّلد ‪ ،13‬ص ‪ .139-138‬وفي نفس المعنى‪ :‬الزبيدي‪ :‬شرح تاج العروس‪ ،‬جزء ‪ ،9‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.190-189‬‬
‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مجّلد ‪ ،7‬ص ‪.146-145‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪21‬‬
‫وهو ‪ .1female genital mutilations‬وقد ُترجم هذا المصطلح بالعربّية »التشويه الجنسي للناث« كمققا نجققد‬
‫أيضًا في بعض الكتابات العربّية مصطلح »النتهاك البدني للناث« و»بققتر العضققاء الجنسقّية للنققاث«‪ .‬وكلمققة‬
‫ل«‪ .‬يقول إبن منظور‬ ‫‪ mutilation‬المأخوذة من الفعل اللتيني ‪ mutilare‬قد تكون ذات صلة بالفعل العربي »َمَث َ‬
‫في لسان العرب‪:‬‬
‫»َمَثْلققت بققالحيوان ]‪ [...‬إذا قطعققت أطرافققه وشقّوهت بققه‪ ،‬وَمَثْلققت بالقتيققل إذا جققدعت أنفققه وأذنققه أو‬
‫مذاكيره أو شيء من أطرافه«‪.2‬‬

‫ظمات الدولّية للعملّيققة‬


‫ول بد من الشارة إلى أن تفادي إستعمال إصطلح ‪» circumcision‬الختان« من ِقَبل المن ّ‬
‫التي ُتجرى على الناث يقصد منه في حقيقة المر عدم الخلط بين ختان الذكور وختان الناث‪ .‬فهذا الخلط يعتققبره‬
‫اليهود إهانة لهم‪ .‬ففي نظرهم ختان الذكور كما تأمر به التوراة جزء هام جّدا من إعتقادهم القديني‪ ،‬ول يمكقن بقأي‬
‫ظمقات الدولّيقة كققالمم‬ ‫حال من الحوال مقارنته بختقان النقاث‪ .‬وسقوف نقرى فققي الجققزء القققانوني كيقف أن المن ّ‬
‫حة العالمّية تدين ختان الناث بينما ترفض أخذ موقف بخصوص ختققان الققذكور‪ .‬وفققي نظققر‬ ‫ظمة الص ّ‬ ‫المّتحدة ومن ّ‬
‫ظمات‪ ،‬يجب أن يطلق إصطلح »بقتر« ‪ mutilation‬فقققط علققى مقا ُيجقرى للنققاث‪ ،‬دون الققذكور‪ .‬فهقذا‬ ‫هذه المن ّ‬
‫ل أن معارضي ختان الققذكور فققي الوليققات‬ ‫الصطلح يعّبر عن عملّية مشينة ل يجوز إستعمالها لختان الذكور‪ .‬إ ّ‬
‫حة العالمّية وحّوروه لصالحهم فسّموا ختان الققذكور »البققتر الجنسققي للققذكور«‬ ‫ظمة الص ّ‬
‫المّتحدة أخذوا مصطلح من ّ‬
‫ضلون إستعمال مصطلح ‪ genital mutilation‬للشارة لختان الذكور‬ ‫‪ .Male genital mutilations‬وهم يف ّ‬
‫والناث لنقه أدق تعققبيرًا عّمققا ُيفعققل بالطفققال مققن كلمقة ‪ circumcision‬الققتي أصققبحت كلمققة محايققدة ل تمققس‬
‫مشاعرنا‪.3‬‬

‫ونلحظ في هذا المجال أن المؤتمرات الدولّية الثلثة الولى حققول الختققان الققتي عقققدت عققام ‪ ،1989‬و ‪ ،1991‬و‬
‫‪ 1994‬إستعملت مصطلح »الختان« في عنوانها‪ .‬ولكقن المقؤتمران الرابقع )‪ (1996‬والخقامس )‪ (1998‬إسقتعمل‬
‫مصطلح »البتر الجنسي« ‪ sexual mutilations‬دون تحديد ما إذا كان عن الذكور أو الناث‪ .‬والسبب الحقيقققي‬
‫سققر بققأنه عمققل‬
‫وراء ذلك هو أن مؤجري قاعات المؤتمرات كانوا يتخّوفون من مؤتمر يعقد حول »الختان« قققد يف ّ‬
‫معاد لليهود‪ .‬بينما عقد مؤتمر عن »بقتر العضقاء الجنسقّية« دون تحديقد فقإنه يفهقم عاّمقة بقأنه مقؤتمر ضقد بقتر‬
‫العضاء الجنسّية للناث‪ .‬ومثل هذا المؤتمر في نظر مؤجري قاعات المؤتمرات عمققل إنسققاني‪ .‬كققان تغييققر إسققم‬
‫المؤتمر إذًا حيلة ناجحة للحصول على قاعة‪.‬‬

‫بما إننا نسخر من إّتهامات اليهود ومن يدور في فلكهم‪ ،‬سوف نستعمل في كتابنا هذا مصطلح »الختققان« لكققل مققن‬
‫ختان الذكور وختان الناث‪ .‬فهو المصطلح الكثر شيوعًا عند الفقهاء المسلمين وفي اللغة العامّية‪ ،‬وهو المصطلح‬
‫الذي تستعمله جميع القواميس العربّية والموسقوعة الفقهّيققة الكويتيققة ودائرة المعقارف الشقيعّية العاّمققة‪ .‬ومصقطلح‬
‫»الختان« يعني في كل الحوال بتر جزء من العضو التناسلي للذكر أو النققثى‪ ،‬طققالت أم قصققرت‪ .‬وهقو فققي كققل‬
‫الحوال تشويه لتلك العضاء وامتهان بدني يقع على أطفال أبرياء‪ .‬ولنا عودة في الجققزء الجتمققاعي إلققى قضقّية‬
‫ظمات الدولّية في مجال ختان الذكور‪.‬‬ ‫الخوف من اليهود وتأثيره على موقف الغرب والمن ّ‬

‫‪ (3‬عرض للعضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور والناث‬


‫ختان الذكور والناث في نظر مؤّيديه عملّيققة ليسققت ذات شققأن ول تسققتحق أن يهتققم بهققا البققاحث‪ .‬فإّمققا الجهققل أو‬
‫التحريم يحيطان بكل أمر متعّلق بالجنس‪ .‬ليس فقط عند العاّمة‪ ،‬بل أيضًا عند أهل الطب‪.‬‬

‫لب الطب في الوليات المّتحدة‬‫فقد أوضح أحد المحاضرين في المؤتمر الدولي الثالث عن الختان )‪ (1994‬بأن ط ّ‬
‫ما زالوا يتعّلمون على رسومات تشريح الجسم لفّنانين إيطاليين من القرن الخامس عشققر‪ .‬وأوضققح محاضققر آخققر‬

‫عبد السلم‪ :‬التشويه الجنسي للناث‪ ،‬ص ‪10-9‬؛ أنظر أيضًا ‪Female genital mutilation: report, p. 4-5‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن منظور‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مجّلد ‪ ،11‬ص ‪.615‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ .Denniston & Milos: Sexual mutilations, preface, p. V‬أنظر أيضًا عن الجدل حول إستعمال كلمة الختان‬ ‫‪3‬‬

‫‪Boyd: Circumcision, p. 13-14‬‬


‫‪22‬‬
‫أن المكان الذي تحتله دراسة الختان في التعليم الطّبي المريكي ل يتعّدى سطر ونصف رغم أن عملّية الختان هي‬
‫العملّية الكثر ممارسة في ذلك البلد‪.‬‬

‫وقد أجرت الدكتورة نوال السعداوي بين عام ‪ 1973‬و ‪ 1974‬بحثًا على ‪ 160‬بنتًا وسّيدة مصققرّية‪ .‬وكققانت إحققدى‬
‫تلك البنات طالبة في السنة الخيرة في الطب‪ .‬وكانت إجاباتها مشابهة تمامًا لجابات البنات الّميات‪ .‬وقد شققرحت‬
‫لها بأنها لم تتعّلم بتاتًا خلل دراستها تركيب البظر ووظيفته‪ ،‬ل من أساتذتها ول من الكتب التي تدرسققها‪ .‬وعنققدما‬
‫سأل أحد الطلبة أستاذه عن البظققر‪ ،‬إحمققر وجقه هققذا الخيققر وأجققابه بقأنه لقن يسققأله أحقد فقي المتحققان عقن هقذا‬
‫الموضوع حيث إنه غير مهم‪ .1‬وتطالب نوال السعداوي‬
‫»إعادة النظر في التعليم الطّبي وأنه ل بد أن تشتمل الدراسة على أعضققاء المققرأة مكتملققة )بمققا فيهققا‬
‫عضو البظر(‪ .‬فقد درسنا التشريح من كتاب إنكليزي إسمه »كانينجهام«‪ .‬هذا الكتاب يستأصل عضو‬
‫المرأة من علم التشريح باعتباره بل فائدة مثل الزائدة الدودّية‪ .‬وقد ورثنققا هققذا الّتجققاه المتخّلققف فققي‬
‫التعليم الطّبي من النكليز‪ .‬مّما يدل على أن هذه النظرة العدوانّية )الدونّية( لعضو المرأة عاّمة تشمل‬
‫النكليز البيض َقبل أن تشمل السود‪ .‬إن الطب مثل العلوم الخرى يعكقس القيقم الجتماعّيقة السقائدة‪.‬‬
‫ذلك أن الطّباء تاريخيًا هم ورثة الكهنة في العصور السابقة«‪.2‬‬

‫وحّتى نفهم ماهّية ختان الذكور والناث نبدأ بعرض مختصر للجهاز التناسلي الظاهري للذكور والناث الذي يقققع‬
‫عليه الختان‪.‬‬

‫أ( العضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور‬

‫طى بجلد به شعر غزير يظهر في سن البلوغ‪.‬‬


‫‪ -‬العانة‪ :‬وهو إرتفاع شحمي مغ ّ‬

‫‪ -‬كيس الصفن‪ :‬وهو أسفل القضيب يحتوي على الخصيتين‪.‬‬

‫‪ -‬الحشفة‪ :‬وهي إنتفاخ مخروطي أملس فققي نهايققة القضققيب‪ ،‬ذروتققه فققي المققام مثقوبققة بفوهققة تسقّمى »الصققماخ‬
‫البولي« أو »فتحة البول«‪ ،‬وقاعدته في الخلف وتسّمى »إكليل الحشفة«‪ .‬والحشفة تفترق عقن جسققم القضققيب بثلققم‬
‫يسّمى »الثلم الحشفي«‪ .‬هذا الثلم يحيط بالحشفة ثم يمتد في أسفلها إلى المام حّتى ينتهققي بالصققماخ البققولي محققدثًا‬
‫ميزابة في الحشفة يسكنها لجام جلدي يقال له »لجام القضيب«‪.‬‬

‫‪ -‬قصبة القضيب‪ :‬له ثلث حواف مدّورة إثنتان جانبيتان يسّميان »الجسمين الكهفيين«‪ .‬وثالثة سفلّية توافق الجسققم‬
‫السفنجي‪ .‬ويحيط بقصبة القضيب غلف جلدي حّتى الحشفة‪ .‬وعندها يبتعد عن الحشفة مؤّلفا حولها غمقدًا ناقصقًا‬
‫يحيط بقاعدة الحشفة وينزلق عليها فيقال له »الغلفة«‪ .‬وتّتصل قصبة القضيب في السفل بالحشفة بواسققطة »لجققام‬
‫القضيب«‪.‬‬

‫‪ -‬الغلفة )أو القلفة أو الغرلة(‪ :‬هي الجزء العلوي من غلف القضيب‪ ،‬وهي التي يقع عليها الختان‪ .‬وترتبققط الغلفققة‬
‫من السفل بالحشفة بق»لجام القضيب«‪ .‬وتتكّون مقن ثلث طبققات‪» :‬الجلقد« و»البطانقة« )وهقي الطبققة الداخلّيقة‬
‫مكّونة من ألياف عضلّية ملساء بعضها طولي وبعضققها دائري تبطققن الجلققد( و»الطبقققة الخلوّيققة« الواقعققة بينهمققا‬
‫طبققة‬
‫)وهي نسيج ضام رخو به عققروق وأعصقاب وهققي تسقّهل إنققزلق الغلفقة علققى الحشققفة(‪ .‬وبطانقة الغلفقة مر ّ‬
‫بإفرازات دهنّية تدعى »اللخن« تسّهل عملّية اليلج‪ .‬وإذا مققا تققم بققتر الغلفقة والقضققاء علققى تلققك الغققدد‪ ،‬يضققطر‬
‫الرجل إلى تعويض هذه المواد الدهنّية الطبيعّية بمواد دهنّية إصطناعّية لتخفيف اللققم الققذي قققد ينتققج عنققد اليلج‬
‫والحتكاك‪ .‬وتحتوي الغلفة على »خليا عصبّية« تعتبر أكققثر خليققا الجسققم تهّيجقا‪ .‬والغلفقة تغطّققي عقادة الحشققفة‬
‫طققي الجفقن العيقن ويحميهقا‪ .‬أّمققا إذا كققان‬ ‫وتحميها في حالة إسترخاء القضيب إذا كان الققذكر غيققر مختونقًا كمققا يغ ّ‬
‫مختونًا‪ ،‬فإن الجلد يصل حّتى الثلم الحشققفي‪ .‬مّمققا يعنققي أن الثلققم الحشققفي والحشققفة وفتحتهققا تكققون مكشققوفة عنققد‬
‫المختون فتصبح الحشفة أكثر خشونة وأقل حساسّية‪.‬‬
‫‪El-Saadawi: The hidden face of Eve, p. 35‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعداوي‪ :‬حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪ ،‬الهرام ‪.18/5/1995‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪23‬‬
‫ل ما يتققم إنفصققالها تمامقًا عقن الحشققفة َقبققل‬
‫والغلفة تكون مّتصلة بالحشفة في أّول تكوينها ثم تنفصل تدريجّيا‪ .‬وقلي ً‬
‫الولدة‪ ،‬مّما يجعل شد الغلفة إلى الخلف غير ممكن في البداية‪ .‬وهذا أمر طبيعي‪ .‬وقققد وجققد أن ‪ %4‬مققن الطفققال‬
‫المولودين يمكن شد غلفتهم عند ولدتهم وارتفعت هذه النسبة إلى ‪ %90‬في عمر ثلث سنين‪ .‬ويجب تققرك الغلفققة‬
‫تتطّور حّتى تنفصل طبيعّيا عن الغلفة عند بلوغ الطفل‪.1‬‬

‫ونشير أيضًا أن هناك من يولد مع عيب خلقي فتكون غلفته قصيرة‪ .‬وما زال الناس في أّيامنا يعتقققدون أن مققن يلققد‬
‫كذلك تّمت طهارته داخل الرحم بواسطة الملئكة‪ .‬ولذلك يسّمونه »طهارة الملئكة«‪ .2‬ويذكر إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬
‫»كانت العرب تزعم أنه إذا ولد في القمر تقّلصت غلفته وتجّمعت‪ .‬ولهذا يقولققون ختنققه القمققر‪ ،‬وهققذا‬
‫غير مطرد ول هو أمر مستمر‪ ،‬فلم يزل الناس يولدون في القمر والذي يولد بل غلفة نادر جّدا«‪.3‬‬

‫وسوف نرى لحقًا أن اليهود والمسلمون يعتقدون أن عددًا من النبياء قد ولدوا مختقونين‪ ،‬مقن بينهقم النقبي محّمقد‬
‫حسب إحدى الروايات‪ ،‬كما أن الشيعة تعتقققد أن أئّمتهققم قققد ولققدوا مختققونين‪ .‬أي أن الق طّهرهققم مققن بطققن أّمهققم‪،‬‬
‫باعتبار أن الغلفة هو عضو نجس في نظرهم‪.‬‬

‫ب( العضاء التناسلّية الظاهرّية للناث‬

‫طى بجلد به شعر غزير يظهر في سن البلوغ‪.‬‬


‫‪ -‬العانة‪ :‬وهو إرتفاع شحمي مغ ّ‬

‫‪ -‬الشفران الكبيران‪ :‬وهما ثنيتان من الجلد تشتملن على نسيج دهني وتمتدان على جانبي الفرج‪ .‬ويبدأ كققل منهمققا‬
‫طيا بقّيقة العضققاء‬‫جان«‪ .‬ويتلمس الشفران الكبيران ليغ ّ‬ ‫من »جبل الزهرة« أمامًا ثم يتحدان خلفًا فيّتصلن بق»الع ّ‬
‫طي الشفرين الكبيرين جلققد رقيققق يحتققوي علقى كققثير مقن‬ ‫والفتحات البولّية والتناسلّية ويحميانها من الصابة‪ .‬ويغ ّ‬
‫الغدد الدهنّية‪ .‬ويحتوي النسيج الدهني للشفرين الكبيرين على أوعية دموّية وأعصاب‪ .‬وفي الطفال يكون الشفران‬
‫الكبيران أملسين وبدون شعر‪ .‬ويققبرز بينهمققا الشققفرين الصققغيرين‪ .‬وفققي سققن البلققوغ )بيققن ‪ 18-16‬سققنة( يكتمققل‬
‫نمّوهما وينبت الشعر على سطحهما الظاهري‪.‬‬

‫‪ -‬الشفران الصغيران‪ :‬هما ثنيتقان مقن جلقد رقيقق داخقل الشقفرين الكقبيرين محاذيتقان لهمقا تقريبقًا‪ .‬وهمقا غنيقان‬
‫بالوعية الدموّية والعصاب بينهما طبقة رقيقة من نسيج إسفنجي قابل للنتصاب‪ .‬ويتحدان معًا من الخلف فيكونا‬
‫»الشوكة الفرجّية«‪ ،‬ويتحدان من المام ليكّونان »الغلفة«‪ .‬يعمققل الشققفران الصققغيران علققى حمايققة بقّيققة مكّونققات‬
‫الفرج ومدخل المهبل‪ ،‬ويساعدان على توجيه تّيار البول إلى الخارج وبعيدًا عن الجسم‪.‬‬

‫سققاس يتك قّون‬‫‪ -‬الغلفة‪ :‬يسّمى إّتحاد الشفرين الصغيرين المامي بإسم »الغلفة« )أو غطاء البظر( وهققي تركيققب ح ّ‬
‫من ثلث طبقات‪» :‬الجلد« و»البطانة« و»الطبقة الخلوّية«‪ .‬ووظيفة الغلفة حماية البظر من اللمققس المباشققر إثنققاء‬
‫طبة بإفرازات دهنّية تققدعى‬ ‫المباشرة الجنسّية لن اللمس المباشر للبظر عندئذ يسّبب ألمًا وضيقًا‪ .‬وبطانة الغلفة مر ّ‬
‫»اللخن«‪.‬‬

‫‪ -‬البظر‪ :‬يقع البظر عند إلتقاء الشفرين الصغيرين من المام بيققن طّيققات الجققزء العلقوي مقن مقّدمققة الفققرج‪ .‬وهقو‬
‫طى بق»الغلفة« يتكّون من نسيج إسفنجي قابل للنتصاب مثل القضققيب ولكققن ل يتصققلب فيققزداد‬ ‫ساس مغ ّ‬
‫عضو ح ّ‬
‫ل حوالي ‪ .%20‬ثم يتراجع مختفيًا تحت غلفته في اللحظات التي تسققبق الوصققول إلققى الققذروة مباشققرة‪،‬‬ ‫حجمه قلي ً‬
‫لتصل المرأة إلى الشباع الجنسي دون عناء‪ .‬ثم تعود كل العضاء الجنسّية الظاهرة إلى الحالة التي كققانت عليهققا‬
‫طى ‪ 7,5‬سققم‪ .‬ولقه رأس ناعمقة‬ ‫سط ‪ 2‬سم‪ ،‬ونادرًا جّدا ما يتخ ّ‬‫َقبل البدء في ممارسة الجنس‪ .‬وطول البظر في المتو ّ‬
‫سط نصف سنتمتر‪ .‬والبظر غني بالعصاب الحساسة والوعية الدموّية يغذيه‬ ‫مثل قضيب الرجل حجمها في المتو ّ‬
‫سققر النزيققف الققذي يحققدث‬
‫أساسًا »الشريان البظري«‪ .‬وهو شريان كبير يسري فيه الدم تحت ضغط شديد‪ .‬وهذا يف ّ‬
‫عند قطع هذا الشقريان واللقم الشقديد المصققاحب لي إصقابة لقه‪ .‬ويعتققبر البظقر أهققم عضقو جنسققي عنقد المققرأة‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 62-66‬‬ ‫‪1‬‬

‫كامل‪ :‬أوهام الجنس‪ ،‬ص ‪.148‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪24‬‬
‫للوصول إلى اللّذة‪ .‬وهناك فرق بين الشهوة الجنسّية التي مركزها المخ‪ ،‬واللّذة الجنسّية‪ .‬فيمكن وجود الشققهوة دون‬
‫اللّذة‪ُ ،‬قطع البظر أو لم ُيقطع‪.‬‬

‫‪ -‬الصماخ البولي )أو فتحة البول(‪ :‬يقع الصماخ البولي أمام فتحة المهبل‪ .‬ويتحّكم فققي فتحققة البققول عضققلة إرادّيققة‬
‫قوّية ترتخي نتيجة لمتلء المثانة والحساس بالرغبة في التبّول‪.‬‬

‫‪ -‬فتحة المهبل‪ :‬توجد بين الشفرين الصغيرين خلف فتحة البول في الجزء الخلفققي مققن »الققدهليز«‪ .‬وفققي العققذارى‬
‫طى بق»غشاء البكارة«‪ .‬وعلى الجانبين من فتحة المهبل توجد فتحة قناة »غقّدة بققارثولين«‪ .‬وغشققاء البكقارة هقو‬ ‫تغ ّ‬
‫طي فتحة المهبل‪ .‬وهو مثقوب في الوسققط وتختلققف أشققكاله مققن‬ ‫الفاصل بين أعضاء التناسل الظاهرة والباطنة ويغ ّ‬
‫أنثى إلى أخرى‪ .‬فقد يكون حلقي أو غربققالي أو هللققي‪ .‬ونققادرًا مققا يكققون غيققر مثقققوب‪ .‬وفققي هققذه الحالققة يحتققاج‬
‫لجراء جراحة بسيطة لنزول »دم الحيض«‪ .‬ويتمّزق هققذا الغشققاء عنققد أّول لقققاء جنسققي‪ .‬ويسقّبب تمقّزق الغشققاء‬
‫طاطي ل يتمّزق عنققد الجمققاع‪ .‬وهنققاك نسققبة مققن الفتيققات يولققدن بققدون‬ ‫نزيف بسيط‪ .‬وبعض الحالت بها غشاء م ّ‬
‫غشاء بكارة‪.‬‬

‫‪ -‬المهبل‪ :‬هو الممر العضلي الذي يصل العضاء الخارجّية للفرج بالرحم‪ .‬وهو عبققارة عققن قنققاة عضققلّية مبطنققة‬
‫بغشاء مخاطي به ثنّيات عديدة تسمح بتمّدده واسققتطالته أثنققاء المعاشققرة الزوجّيققة وأثنققاء الققولدة‪ .‬وللمهبققل جققدار‬
‫خلفي ول يّتصل بفتحة البول‪ .‬فهو مستقل عنه‪.‬‬

‫‪ -‬غّدتا بارثولين‪ :‬توجد كل منهما تحت الثلث الوسط للشفرين الكقبيرين‪ .‬وهمقا تتقأّثران بقالمراكز العليقا فتفقرزان‬
‫ماّدة مخاطّية تسّهل العملّية الجنسّية‪ .‬ولكل غّدة قناة طولها ‪ 2‬سم تفتح في الفرج على جانبي المهبل فققي المنخفققض‬
‫ل في حالت التكّيس واللتهابات‪.‬‬ ‫بجوار غشاء البكارة‪ .‬ول تشعر النثى بوجود هذه الغّدة إ ّ‬

‫ج( مقارنة بين العضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور والناث‬

‫إذا أردنا مقارنة العضاء التناسلّية الظاهرة عند الرجل والعضققاء التناسققلّية عنققد المققرأة نجققد أن »البظققر« عنققد‬
‫المرأة يشبه »القضيب« عند الذكر‪ .‬فهو مكّون من ساق وحشفة‪ .‬وبظر المرأة في بداية تكوينه ل يختلف عن بدايققة‬
‫تكوين القضيب‪ .‬وهو يحتوي على نفس الخليا ونفس الشرايين‪ .‬وللبظر غلفة توازي مع الشفرين الصغيرين غلفة‬
‫القضيب‪ .‬وفي حالة التهّيج الجنسي‪ ،‬فإن البظر يثخن مثل القضققيب‪ .‬وبخلف القضققيب الققذي يثخققن عموديقًا‪ ،‬فققإن‬
‫البظر يثخن باّتجاه مجرى البول‪ .‬وهناك إختلفان بين قضيب الرجل وبظر المرأة وهو أن القضيب يحتققوي علققى‬
‫مجرى البول‪ ،‬بينما عند المرأة يوجد مجرى البول خارج البظر‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن غلفة البظر ل تدور حققوله‬
‫كما هو المر في غلفة القضيب‪ .‬فغلفة البظر تشبه مثّلث متساوي الساقين قمته في قاعدة البظر وطرفققاه ملتصقققان‬
‫بالشفرين الصغيرين‪ .‬وغلفة البظر ناعمة وقابلة للثني تشبه غطاء الرأس‪ ،‬مّما يسمح للبظققر بققالبروز عنهققا عنققدما‬
‫يتهّيج‪ ،‬كما يمكن إرجاعها للخلف لتنظيف البظر تمامًا كما هو المر بخصوص غلفة القضيب‪.‬‬

‫وخلفًا لما يّدعيه مؤّيدو ختان الذكور والناث‪ ،‬جميع العضاء التناسلّية التي تخلق مع الذكر والنثى تلعب دورًا‪.‬‬
‫فكل جزء أو كل خلّية حّية في جسم النسان له وظيفة‪ .‬وسوف نعود في الجقزء الطّبققي إلقى مضقار ختققان القذكور‬
‫حية والنفسّية ونفّند مزاعم من يّدعي أن له فوائد‪ .‬ونكتفي هنا باستعراض عملّيققة الختققان مققن الناحيققة‬
‫والناث الص ّ‬
‫الجراحّية‪.‬‬

‫‪ (4‬عملّية ختان الذكور‬


‫يمكن تصنيف أنواع ختان الذكور كما يلي‪:‬‬

‫الدرجة الولى‪ :‬يتم في هذه العملّية بتر غلفة القضيب‪ ،‬جزئّيا أو كّليا‪ .‬وقد تصل نسققبة الجلققدة المقطوعققة مققن ربققع‬
‫إلى أكثر من نصف جلد الذكر حسب مهارة الخاتن وعادات الختان‪ .‬مّما يعني أن جلد ساق القضيب يكون مشدودًا‬
‫عند النتصاب إلى درجة التواء الساق في حالت القطع الكققبير‪ .‬وسققنرى أن عنققد اليهقود والمسقلمين نققاش حققول‬
‫‪25‬‬
‫الكّمية التي يجب أن تقطع حّتى يكون الختان مستوفيًا شروطه الدينّيققة‪ .‬كمققا كيققف أن كققثير مققن المختققونين أخققذوا‬
‫يمّدون جلد القضيب لسترجاع القدر المقطوع منه لتفادي المشاكل التي تنتج عن الختان‪.‬‬

‫الدرجة الثانية‪ :‬يتم في هذه العملّية بتر غلفة القضيب وسلخ بطانتها وهي تجرى عند اليهود‪ .‬ويطلق على المرحلققة‬
‫الولى إسم »ميل« وعلى المرحلة الثانية إسم »بيريا«‪ .‬ويتبع هذه المرحلة‪ ،‬حسب التعاليم اليهودّية التقليدّية‪ ،‬مص‬
‫الخاتن قضيب الطفل )بالعبرّية‪ :‬مزيزا(‪ .1‬وسوف نعود إلى تفاصيل هذه العملّية عند تكّلمنا عن تنفيققذ الختققان عنققد‬
‫اليهود‪.2‬‬

‫الدرجة الثالثة‪ :‬يتم في هذه العملّية سلخ جلد الذكر حّتى كيس الصفن أو حّتى الساق‪ .‬وقد أعطى »فيلفرد تيسققيجر«‬
‫وصفًا لمثل هذه العملّية في منطقة تهامة مضيفًا أن إبن سعود قد منعها لنها مققن عققوائد الوثنّيققة‪ .3‬وأشققار الققدكتور‬
‫صالح صبحي في كتابه عن الحج إلى مّكة والمدينة الصادر بالفرنسقّية عقام ‪ 1894‬أن بعقض فققروع قبيلقة قريققش‬
‫التي تعيش شرقي مّكة في داخل منطقة نجد كانت تمارسها‪ .‬فبعد قطع الغلفة‪ ،‬يتم قطع جلدة عرضها قرابة الربققع‬
‫سنتمترات تمتد من الحشفة حّتى السّرة‪ .‬وتتم هقذه العملّيقة علقى الولد فقي عمقر ‪ 10‬إلقى ‪ 12‬سقنة‪ .‬ويبققى الولقد‬
‫طريح الفراش مّدة أربعين يومًا متأّلما مققن هققذه العملّيققة‪ .‬وقققد أّكققد لقه بعضققهم أن ‪ %70‬مققن الولد يموتقون مققن‬
‫جرائها‪ .‬ويضيف المؤّلف أن هذا الختان يتم تحققت سقتار القدين ولكّنقه بعيقد عقن تعقاليم السققلم‪ .4‬وقققد إسققتعرض‬
‫»هينينجر« ما جاء فققي هققذه الروايققات علققى مققدى ‪ 200‬عققام وشقّكك فققي حقيقتهققا إذ إن كققل مققن كتبققوا عقن هققذا‬
‫الموضوع لم يشاهدوا بأعينهم هذه العملّية بل ذكروها عن رواة‪ .5‬ولكن هناك شهادات أخرى تبّين أن هققذه العملّيققة‬
‫ل‪ ،‬مدعومة بالصور‪ .6‬وقد تعّرضت لهذا النوع من الختان فتوى سعودّية لبن باز نقتطف منها مققا‬ ‫كانت تجرى فع ً‬
‫يلي‪:‬‬
‫»والختان الشرعي هو قطع الغلفة الساترة لحشفة الذكر فقط‪ .‬أّما من يسلخ الجلد الذي يحيققط بالققذكر‪،‬‬
‫ل منهققم أن هققذا هققو الختققان‬ ‫حشققة ويزعمققون جه ً‬
‫أو يسققلخ الققذكر كّلققه كمققا فققي بعققض البلققدان المتو ّ‬
‫س قّنة المحّمدّيققة‬
‫ل تشريع من الشيطان زّينه للجّهال‪ ،‬وتعذيب للمختون‪ ،‬ومخالفة لل ُ‬ ‫المشروع‪ ،‬فما هو إ ّ‬
‫‪7‬‬
‫والشريعة السلمّية التي جاءت باليسر والسهولة والمحافظة على النفس« ‪.‬‬

‫ونشير هنا إلى أنه هناك عملّية ختان سلخ مماثلة تتم عند قبائل »النمشي« شققمال الكمققرون فققي جققو مققن الصققخب‬
‫والسكر‪.8‬‬

‫الدرجة الرابعة‪ :‬شق مجرى البول الخلفي لجعله يشبه فرج المرأة‪ ،‬كما يتم عند القبائل البدائّية في أستراليا‪.9‬‬

‫ويضاف إلى هذه الدرجات أصناف أخرى من التشويه للعضاء التناسلّية للذكور مثل بققتر القضققيب والخصققوتين‬
‫وثقب الغلفة وشبكها فوق الحشفة بمشبك من معدن‪.‬‬

‫بخصوص سن ختان الذكور‪ ،‬سنرى أن القاعدة عند اليهود هو أن يتم الختان في اليققوم الثققامن لميلد الطفققل علققى‬
‫أساس نص التوراة‪ .‬ولكن رجال الدين أوجدوا إستثناءات على هذه القاعدة‪ .‬وأّما بخصوص المسلمين‪ ،‬فليس هناك‬
‫سن محّدد مثل اليهود‪ ،‬ولكن يجب أن يتم الختان َقبل البلوغ‪ .‬وهنققا أيضقًا بعققض السققتثناءات سققنعود إليهققا لحققًا‪.‬‬
‫وفي المستشفيات المريكّية يتم الختان عاّمة في اليوم الثاني أو الثالث بعد الميلد‪َ ،‬قبل خروج الم من المستشفى‪.‬‬

‫أنظر ‪http://www.sexuallymutilatedchild.org/mohel.htm‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬الفصل الرابع‪ ،‬الفرع الول‪ ،‬الرقم ‪ ،(3‬حرف ج(‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Thesiger: Arabian Sands, p. 91-92‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Soubhy: Pèlerinage, p. 129‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Henninger, p. 393-433‬‬ ‫‪5‬‬

‫ل ‪Chabukswar: A barbaric method; Bissada: Post-circumcision carcinoma; Koriech:‬‬ ‫أنظر مث ً‬ ‫‪6‬‬

‫‪Penile shaft carcinoma‬‬


‫إبن باز‪ :‬مجموع فتاوى‪ ،‬مجّلد ‪ ،4‬ص ‪.30‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Lantier, p. 90-96‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Bryk, p. 128-134; Annand: Aborigènes: la loi du sexe‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪26‬‬
‫وعملّية الختقان عنققد اليهقود تتققم عاّمقة مققن ِقَبقل شقخص متمقّرن يقدعى »الموهيققل«‪ .‬وكققثيرَا مقا يتققم الختقان فققي‬
‫حة رغم أن المؤّلفين المسلمين يحثون على أن تجرى هذه العملّية على يد‬ ‫لق الص ّ‬ ‫المجتمعات السلمّية على يد ح ّ‬
‫طبيب ماهر‪ .‬وحّتى في المستشفيات المريكّية هناك كثير من العملّيات التي تجرى على يد مبتدئين‪ .‬وقد حكققى لنققا‬
‫أحد المحاضرين في المؤتمر الدولي الثالث عن الختان )عام ‪ (1994‬كيف أجققرى أّول عملّيققة فققي المستشققفى بعققد‬
‫إلتحاقه بمستشفى عند إنتهاء دراسته الجامعّية‪ .‬فقد أخبره الطبيب المشرف عليه أن ذاك اليققوم سققيكون يققوم ختققان‪.‬‬
‫فقال الطبيب الجديد للمشرف‪ :‬لم أتدّرب على هذه العملّية بتاتًا في دراستي‪ .‬فقال له الطبيب المشققرف‪ :‬سققوف أبققدأ‬
‫بختان أّول طفل أمام عينيك ثم تستمر أنت بختان الطفال الخرين‪.‬‬

‫والختان قد يتم بوسائل بدائّية‪ .‬وسوف نرى أن صّفورة‪ ،‬زوجة موسى‪ ،‬ختنت أبنهقا بصقّوان‪ ،‬وكقذلك ختقن يشقوع‬
‫اليهود بصّوان‪ .‬وإحقدى الروايقات السقلمّية تقذكر أن إبراهيقم ققد ختقن نفسقه »بققدوم«‪ ،‬أي بآلقة النجقارة‪ .‬وفقي‬
‫الروايات اليهودّية‪ ،‬تم ختان إبراهيم بسيفه أو بقرصة عقرب‪ .‬ونجد في كتاب الطبيب العربي أبو القاسم خلف إبققن‬
‫عّباس الزهراوي )توّفى عام ‪ (1036‬ذكرًا لساليب ختان الذكر في عصره‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫جققامين يسققتعملون التطهيققر بالموسققى والمقققص ويسققتعملون‬ ‫»إني وجدت الجمهور من الصناع والح ّ‬
‫الفلكة والرباط بالخيط والقطع بالظفر وقد جّربققت جميققع هققذه الوجققوه فلققم أجققد أفضققل مققن التطهيققر‬
‫بالمقص والرباط بالخيط لن التطهير بالموسى كثيرًا ما تلوذ له الجلدة‪ .‬لن جلدة الغلفة طبقتان فرّبما‬
‫قطعت الجلدة العليا وبقيت الطبقة السفلى فيضطر إلى قطع آخر وألققم مسققتأنف‪ .‬والتطهيققر بالفلكققة ل‬
‫يؤمن معها قطع الحليل لنه رّبما دخل في ثقبهققا‪ .‬وأّمققا التطهيققر بققالظفر فرّبمققا فلتققت الجلققدة وفسققد‬
‫عملك أو كانت جلدة الصبي قصيرة بالطبع فكققثيرًا مققا يولققدون كققذلك ل يحتققاجون إلققى تطهيققر وقققد‬
‫رأيت ذلك‪ .‬وأّما التطهير بالمقص والرباط بالخيط فالتجربة كشققفت لققي فضققله لن المقققص متناسققب‬
‫القطع من أجل أن الشفرة التي من فوق كالشفرة التي من أسفل فمتى عصرت يدك ساسققب الشققفرتين‬
‫قطعت على قياس واحد وفقي زمقن واحقد فتصقير زمققام الخيقط شقبه حققائط لجلقدة الحليققل مقن كققل‬
‫النواحي ل يقع معه خطأ البّتة‪.‬‬
‫ل انك تربط الخيقط فقي إحليلقه فققط‬ ‫ووجه العمل أّول أن توهم الصبي ول سيما أن كان مّمن يفهم قلي ً‬
‫وتدعه إلى يوم آخر ثم فرحه وسّره بكل وجه يمكنك ذلك منه ومققا يقبلققه بعقلققه‪ .‬ثققم تققوقفه بيققن يققديك‬
‫منتصب القامة ول يكون جالسًا‪ .‬وأخبأ المقص في كمك أو تحت قدمك ل تقع عين الصبي عليها البّتة‬
‫ول على شيء من اللت‪ .‬ثم تدخل يدك إلى إحليله وتنفخ في الجلدة وتشيلها إلققى فققوق حّتققى يخققرج‬
‫رأس الحليل ثم تنقيه مّما يجتمع فيه من الوسخ‪ .‬ثم اربط الموضع المعّلم بخيط مثنى ثققم اربققط أسققفل‬
‫ل رباطًا ثانيًا‪ .‬ثم تمسقك بإبهامقك والسقّبابة موضقع الربقط السققفل إمسقاكًا جّيققدا وتقطقع بيقن‬ ‫منه قلي ً‬
‫ل فهو أفضل‬ ‫الرباطين‪ .‬ثم إرفع الجلدة إلى فوق بسرعة وأخرج رأس الحليل ثم اترك الدم يجري قلي ً‬
‫وأقل لورم الحليل ثم تنشفه بخرقة رطبة ثم ذر عليه من رماد القرع اليابس المحرق فهو أفضققل مققا‬
‫جّربته أو دقيق الحّوارى فهو أيضًا فاضل ثم تحمقل علقى القذرور مقن فقوق فقي خرققة فقص بيضقة‬
‫مطبوخة في ماء الورد مضروبة بدهن الورد الطري الطّيقب تقتركه عليقه إلقى يقوم آخقر ثقم تعقالجه‬
‫بسائر العلج إلى أن يبرأ«‪.1‬‬

‫وننقل هنا عملّية الختان بالجراحة كما يقترحها الدكتور عبققد الرحمققن القققادري المققدّرس فققي كّليققة الطققب بجامعققة‬
‫دمشق‪:‬‬
‫نجري تطهير لساحة العملّية التي تتمّثل بالعضو التناسلي وذلك َقبل القيام بعملّيققة الختققان حيققث نقققوم‬
‫بغسل كل من كيس الغلفة ورأسها والقضيب بمحلول مطّهر مثل صبغة اليود‪ .‬ثم نزيل اللون الصفر‬
‫لليود بالكحول‪ .‬وبعققد ذلققك نقققوم بققإجراء تخققدير جققذري للعضققو التناسققلي والققذي يتققم بحقققن جققانبي‬
‫وعميق‪ ،‬حّتى نصل إلى الجسم الكهافي‪ ،‬في منطقة جذر القضيب‪ .‬ثم يضاف إلى الحقن السابق حقققن‬
‫المخّدر بشكل حلقي تحت جذر القضيب‪ .‬وبعد النتظققار فققترة بسققيطة حّتققى يتققم تققأثير المخقّدر نقققوم‬
‫بالختان‪.‬‬
‫وإضافة لوجود العديد من الطرق والجهزة المتنوعة التي يمكن الستعانة بها للقيقام بالختقان‪ ،‬لكّننقي‬
‫سأقوم بشرح الطريقة الجراحّية البسيطة التي يمكن أن تجرى بسهولة من ِقَبل الطبيب والتي تقوم‪:‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis: On surgery and instruments, p. 397-401‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ (1‬على شطر أو قص المنطقة الظهرّية لخرطوم الغلفة بدءًا من نهايتها حّتى نصل إلى ما َقبققل الثلققم‬
‫الكليلي للحشفة بمقدار ‪ 5‬ملم‪.‬‬
‫‪ (2‬ثم نقوم بإجراء شق بطني أيضًا للغلفة يمتد من نهايتها‪ ،‬مرورًا بجانب اللجيم وحّتى نصل إلى مققا‬
‫َقبل الثلم الكليلي بمقدار ‪ 5‬ملم أيضًا‪.‬‬
‫‪ (3‬نضع خيوط قابضة ظهرّية وبطنّية في نهاية كل من الشّقين‪.‬‬
‫‪ (4‬وبعدها نقوم بقص كل كم وريقتي الغلفة الخارجّية والداخلّية لكل من قطعتي الغلفققة اللققتين تكّونتققا‬
‫بعد إجراء الشقوق‪ ،‬وذلك ما بين النقطتين الواقعتين في نهاية الشّقين والمقبوضين بققالخيوط القابضققة‬
‫لتلك النقاط وذلك بعد أن نقوم بشد وتوتير تلك القطع أو الصفائح الغلفّية بمسك كل صققفيحة بملقطيققن‬
‫صة في منطقة اللجيم بمناقيش مرقئة‪.‬‬ ‫قابضين‪ ،‬ثم نقوم بالرقاء وذلك بقطع النزيف خا ّ‬
‫‪ (5‬ثم نبدأ بخياطة كل من الوريقة الخارجّية والداخلّية للغلفة بخيوط من الحمشة )وهي خيوط تصققنع‬
‫من أمعاء الحمل‪ ،‬وتنحل وتتفّكك بعد فترة من الخياطة بها‪ ،‬لذا فإنه ليس هناك حاجة إلى إبعادها(‪.‬‬
‫‪ (6‬توضع قطعة من الغزي )الشاش( علقى السققطح المختققون وتثبقت تلقك القطعققة علققى شققكل إكليققل‬
‫بخيوط الحمشة التي أجرينا بها الخياطة‪.‬‬
‫‪ (7‬يزال الضماد الكليلي الشكل بعد ثمانية أّيام من تطبيقه‪.‬‬
‫ومّما يجدر ذكره بهذا الصدد أنه قد تم في السنوات الخيققرة إكتشققاف مخقّدر موضققوعي علققى شققكل‬
‫رهيم يدعى ‪ emla‬ويترّكب من ‪ lidocain - 25‬ملغ و ‪ prilocain - 25‬ملغ في مستحلب زيققت‬
‫بالماء‪.‬‬
‫وقد ثبتت فعالّية هذا المخّدر في إزالة اللم عندما طّبق َقبل القيام بالعملّيات الجراحّيققة الصققغرى‪ .‬لققذا‬
‫فإنني انصح بتطبيق هقذا الرهيقم الموضقوعي َقبقل القيقام بالختقان وذلقك قياسقًا علقى نتقائج تقأثيراته‬
‫السابقة المزيلة لللم‪.1‬‬

‫وقد تفّنن المخترعون في تصميم آلت عّدة لجراء عملّية الختان بحيث يتم ضغط الغلفة ضمنها لمنع نزول الدم ما‬
‫أمكن‪ .‬وبعدها يتم قطع ما زاد عن حلقة المكبس‪ .‬ومن تلك اللت‪:‬‬

‫‪ -‬ملزم جومكو ‪ :Gomco Clamp‬طّور هذه اللة الطبيب اليهودي »ارون جولدستاين« عام ‪ ،1934‬وقد خلفت‬
‫سابقتها التي صّممها في نهاية الثمانينات من القرن الثامن عشر طبيب يهودي آخر إسمه »هيرام يلين«‪.‬‬

‫‪ -‬ملزم موجن ‪ :Mogen Clamp‬هذه اللة من إختراع الحاخام »هاري برونستاين«‪.‬‬

‫‪ -‬ملزم بلستيبل ‪ ،Plastibell‬أي الجرس الجراحي‪.‬‬

‫صنعت في ماليزيا تدعى »تققارا‬ ‫وآخر ما ظهر في السواق آلة من البلستيك تشبه السحابة التي تزيل فلينة القّنينة ُ‬
‫كلمب« ‪ .Tara Klamp‬وقد منح معرض جنيف الدولي للختراعات مخترعهققا الميداليققة الذهبّيققة لعققام ‪.1996‬‬
‫وهذا الجهاز متوّفر بمقاسات مختلفة حسب حجم القضيب‪ .‬ويقققول ملققف الدعايققة بققأن الختققان بهققذا الجهققاز‪ ،‬علققى‬
‫خلف غيره من الجهزة‪ ،‬يتم بسهولة وأمان ودون اللم‪ .‬ويعطي الملف ممّيزات هذا الجهاز‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫‪ -‬يحمي من قطع حشفة قضيب الذكر بطريق الخطأ ويحول دون حدوث جروح أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن إستعماله في أي مكان مثل المنزل أو على جققانب الطريققق أو فققي الغابققة بققدون الخققوف مققن‬
‫إنتقال عدوى من الماكن غير النظيفة‪.‬‬
‫‪ -‬ل داعي للكي أو إستخدام آلت أخرى ضاّرة‪.‬‬
‫‪ -‬ل يحدث نزيف للدم أثناء الجراحة أو بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬ل توجد حاجة للخياطة الجراحّية أو لستعمال أربطة للوعية الدموّية‪.‬‬
‫‪ -‬ل توجد حاجة لستخدام ضمادات بسبب عدم وجود نزيف دم أو نضح بعد الجراحة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن إستعماله للطفال والشخاص البالغين‪.‬‬
‫‪ -‬يحمي المريض من الصابة بالعدوى من البيئة الخارجّية لعدم حدوث جرح مفتوح‪.‬‬

‫القادري‪ ،‬ص ‪.105-102‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬يحمي الشخص من الصابة بأي عققدوى عارضققة أثنققاء الجراحققة مثققل فيققروس مققرض اليققدز أو‬
‫اللتهاب الكبدي وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -‬تجّنبا لحدوث مخاطر بالصابة بعدوى عارضة بأمراض مثل فيروس مققرض اليققدز أو اللتهققاب‬
‫الكبدي وغيرهما فإن هذا الجهاز يتم تعقيمه جّيدا ويستخدم مّرة واحدة لكل عملّية‪.‬‬
‫‪ -‬بعد الختان مباشرة يمكن للمريض أن يتحّرك ويعود للعمل فورًا‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للمريض أن يستحم بعد إجراء عملّية الختان مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬بعد اندمال الجرح يظهر الختان في شكل منتظم وجميل وحسن المظهر‪.‬‬
‫‪ -‬فوائد للفرد‪ :‬توفير النفقات وتجّنب عدم الرتياح‪.‬‬
‫‪ -‬تقليل التكاليف القومّية‪ :‬تتحسن العتبارات القتصادّية القومّية الجمالّية بشكل كققبير لتكلفققة عملّيققة‬
‫الختان‪.‬‬

‫وفي الملف شرح موجز بالعربّية حول طريقة الختان بهذا الجهاز‪ .‬وشققروح أوفققى بالنكليزّيققة والفرنسقّية‪ .‬ونحققن‬
‫نعتمد هنا على النص العربي الذي نكّمله بالنص النكليزي والفرنسي‪:‬‬
‫‪ -‬يجب تنظيف وتعقيم الذكر‪ .‬ثم توضع علمة بقلم طّبي على جلدة الغلفة الققتي سققتقطع والققتي عليهققا‬
‫ستوضع اللة وذلك لتفادي قطع جلد أكثر من الضروري )هذه الفقرة غير موجودة بالعربّية(‪.‬‬
‫‪ -‬سحب الغلفة إلى الخلف بحيث تنكشف الحشفة وإبعاد كل ما هو عالق بها )هذه الفقرة غير موجودة‬
‫بالعربّية(‪.‬‬
‫‪ -‬ضع مرهم »الفازلين« ‪ vaseline‬على الجزاء الداخلّية والخارجّيقة للنبوبقة والحلققة حّتقى يمنقع‬
‫إلتصاق الجلد باللة في الّيام التي تتبع العملّية )هذه الفقرة غير موجودة بالعربّية(‪.‬‬
‫طيها‪.‬‬
‫‪ -‬ضع الجزء النبوبي للجهاز فوق حشفة قضيب الذكر حّتى يغ ّ‬
‫‪ -‬اجذب جلد الغلفة حّتى تصبح فوق حاّفة الجزء النبوبي للجهاز واضبطها حّتى يكققون الخققط الققذي‬
‫تم رسمه مسبقًا على الغلفة محاذيًا لحاّفة الجزء النبوبي للجهاز‪.‬‬
‫‪ -‬بعد تحديد مستوى الغلفة‪ ،‬امسك الغلفة بشّدة بأصابعك )هذه الفقرة غير موجودة بالعربّية(‪.‬‬
‫‪ -‬اضغط ذراعي المشد ثم زد الضغط تققدريجّيا حّتققى يقققترب الققذراعان مققن بعضققهما ويصققلن إلققى‬
‫وضع الغلق‪.‬‬
‫‪ -‬ستشعر بالمقاومة عند قيامك بزيادة ضغط ذراعي المشد حّتى يصل إلى وضع الغلق ومققع ذلققك‬
‫زد الضغط على ذراعي المشد حّتقى تسقمع وتشقعر بحقدوث صقوت طققتين وهقذا يعنقي أن ذراعقي‬
‫المشد قد تم إغلقهما وبالتالي يحدث القفال المطلوب للجهاز‪.‬‬
‫‪ -‬اقطع بالسّكين الذي مع اللة الطرف العلوي الظاهر للغلفة )هذه الفقرة غير موجودة بالعربّية(‪.‬‬
‫‪ -‬ورغم أنه ل نزيف للدم‪ ،‬فإنه من الضروري تنظيف النبوب بالشاش والمرهم بعض المّرات يوميًا‬
‫خلل الّيام اللحقة‪ .‬وهذا الجهاز يجب أن يبقى عّدة أّيام ممسكًا بقضيب الذكر َقبل فكه‪ .‬وأّما البققول‪،‬‬
‫فإنه يخرج من فتحة اللة )هذه الفقرة غير موجودة بالعربّية(‪.‬‬

‫نلحظ مّما سبق أن عّدة فقرات ُمهّمة قد أهملت باللغة العربّية‪ .‬فهل الطفل العربي أقل شأن من غيره مققن الطفققال‬
‫في نظر منتجي هذه اللة؟ وهناك ظاهرة مماثلة فيمققا يخققص الدويققة‪ .‬فالدويققة فققي الغققرب تصققاحبها شققروحات‬
‫مستوفية بعّدة لغات‪ .‬ولكن عندما يتققم تصققديرها للعققالم العربققي‪ ،‬فققإن تلققك الشققروحات تكققون بصققورة مختصققرة‪،‬‬
‫وعاّمة ل تذكر الثار السلبّية المحتملة للدوية‪.1‬‬

‫‪ (5‬عملّية ختان الناث‬


‫هو إستئصال جزئي أو كّلي لعضاء التأنيث الرئيسّية الظاهرة للفتاة‪ .‬وقد صّنفت المجموعققة العلمّيققة الستشققارّية‬
‫حة العالمّية المجتمعة في جنيف في يوليو ‪ 1995‬ختان الناث إلى ثلث درجات‪ 2‬وهي‪:‬‬ ‫ظمة الص ّ‬
‫لمن ّ‬

‫أنظر هذه اللت في ‪http://www.noharmm.org/instruments.htm‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Female genital mutilation: report, p. 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪29‬‬
‫الدرجة الولى‪ :‬في هذه العلمّية يتم إزالة غلفة البظر أو جزء منها‪ .‬وهذه العملّية توازي ختان غلفققة الققذكر جزئّيققا‪.‬‬
‫وأّما ختان الذكر كّليا فيوازي عند النثى بتر كل من غلفة البظر والشفرين الصغيرين‪.‬‬

‫الدرجة الثانية‪ :‬تشمل قطع البظر وغلفته‪ ،‬مع الشفرين الصغيرين أو جزء منهما‪.‬‬

‫الدرجة الثالثة‪ :‬في هذه العملّية يتم قطع البظر وغلفته والشفرين الصغيرين‪ .‬ثققم يلققي ذلققك شققق الشققفرين الكققبيرين‬
‫طقي‬‫ويتم إخاطتهما معًا أو إبقائهما متماسين عن طريق ربط الرجلين معًا حّتى يلتئما مكقّونين غطقاء مقن الجلقد يغ ّ‬
‫فتحة البول والجانب الكبر من المهبل‪ .‬وتترك فتحققة صقغيرة فققي حجققم رأس عقود الثققاب أو طقرف إصقبع اليقد‬
‫الصغير لتسمح بنزول البول ودم الحيض‪ .‬وتسّمى هذه العملّية بققالتكميم أو الرتققق أو غلققق الفققرج ‪.infibulation‬‬
‫وهذه الكلمة النكليزّية تأتي من ‪ fibula‬أي المشبك‪ ،‬وقد كان يستعمل في روما قققديمًا لمنققع العلقققة الجنسقّية بيققن‬
‫العبيد بإغلق شفري المرأة أو غلفة الذكر‪ .‬ويطلق عليها في مصر إسم »الطهارة السودانّية«‪ ،‬وفي السودان‪ ،‬إسققم‬
‫»الطهارة الفرعونّية« أو »الخفاض الفرعوني«‪ .‬وللجماع يتم عادة فتح المرأة بخنجر‪ .‬كما أنقه يتققم توسقيع الفتحقة‬
‫للولدة‪ .‬وقد يعقاد إخاطتهقا بعقد القولدة أو فقي حالقة سقفر القزوج أو الطلق‪ .‬وعملّيقة فقك الخياطقة يطلقق عليهقا‬
‫بالنكليزّية إسم ‪.defibulation‬‬

‫وتقّدر نسبة النساء اللتي يتعّرضن للدرجة الولى والثانية بين ‪ % 80‬و ‪ %85‬مققن بيققن كققل النسققاء المختونققات‪،‬‬
‫وللدرجة الثالثة بين ‪ %15‬إلى ‪ .%20‬وأكثر النساء في الصومال وجيبوتي مختونات حسب الدرجة الثالثة‪.‬‬

‫واعتمادًا على حديث نبوي يقول‪» :‬أخفضي ول ُتنِهكي« سوف نعود له لحقًا‪ ،‬يرى الفقهاء المسققلمون القققدامى أن‬
‫ختان الناث هو »قطع جلدة تكون في أعلى فرجها فققوق مققدخل الققذكر كققالنواة أو كعقرف القديك‪ .‬والقواجب قطققع‬
‫الجلدة المستعلية منه دون إستئصاله«‪ .‬وهذا كلم غير دقيق إذ إنه ل يسمح بالتفريق بين غلفة البظر والبظققر‪ .‬وإذا‬
‫تم ختان الناث في سن الطفولة‪ ،‬فل يمكن فصل الغلفة عن حشفة البظر‪ ،‬لذلك يقطعققان معقًا‪ .‬وهقذا الختققان يسقّمى‬
‫سّنية« أو »الخفاض«‪.‬‬‫سّنة«‪ ،‬أو »الطهارة ال ُ‬
‫في بعض البلدان »ختان ال ُ‬

‫وبالضافة إلى درجات الختان هذه هناك أصناف أخرى من التشويه الجنسي‪:‬‬

‫‪ -‬شق الجدار الخلفي للمهبل‬

‫‪ -‬كي البظر والنسجة المحيطة به بواسطة أداة صلبة محماة‪.‬‬

‫‪ -‬وخز البظر أو الشفرين الصغيرين أو شّقهما‪.‬‬

‫‪ -‬كحت بطانة المهبل أو عمل شقوق بها‪.‬‬

‫‪ -‬مط البظر أو الشفرين الصغيرين‪.‬‬

‫‪ -‬وضع مواد أو أعشاب كاوية في المهبل‪.‬‬

‫صققة‬
‫‪ -‬فض بكارة العروس ليلة الزفاف بإصبع داية تطيل ظفرها من أجل هذه المناسققبة‪ .‬وهقذه العقادة معروفقة خا ّ‬
‫في الريف المصري‪.1‬‬

‫بخصوص سن ختان الناث‪ ،‬ل يوجد حد معّين‪ ،‬فقد تمتد من الصغر إلى سن الثالثة عشر أو حّتى بعد ذلك‪ .‬وتذكر‬
‫»راس ورك« أن ختان الناث في الحبشة يجرى في عمر سبعة أّيام فققي المنققاطق المرتفعققة‪ ،‬وفققي عمققر سققت أو‬
‫سبع سنين في المناطق المنخفضة قرب الحدود الصومالّية‪ .‬وفي الدول الفريقّية الغربّية‪ ،‬يجرى ختققان النققاث مققا‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬ص ‪74-73‬؛ السعداوي‪ :‬المرأة والجنس‪ ،‬ص ‪.36-35‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪30‬‬
‫بين سن الثالثة عشر وَقبل الزواج‪ .‬وقبائل »اليبوس« النيجيرّية تجريه َقبققل الققزواج‪ ،‬أّمققا قبققائل »البققوهس« فققي‬
‫وسط غرب نيجيريا‪ ،‬فتجريه َقبل ولدة الطفل الّول‪.1‬‬

‫ل أن‬‫وإن كان بعض المؤّلفين المسلمين يحثون على إجراء هذه العملّيققة علققى يققد طّبيققة أو طققبيب مسققلم متمقّرن‪ ،‬إ ّ‬
‫حة‪ .‬وسوف نقرى فقي الجقزء الققانوني كيقف أن ققرارًا وزاريقًا‬ ‫لق الص ّ‬
‫أكثر هذه العملّيات تتم على يد الداية أو ح ّ‬
‫مصريًا قد جّرم هذه العملّية وحّذر الطّباء من إجرائهققا‪ .‬وكمققا هققو المققر مققع ختققان الققذكور‪ ،‬هنققاك عقّدة وسققائل‬
‫لجراء ختان الناث‪ ،‬منها البدائّية ومنها المتقّدمة‪ .‬وقد إبتكر طبيب أمريكي يهودي إسققمه »راثمققان« عققام ‪1959‬‬
‫آلة مثل الكّماشة لبتر غلفة بظر المرأة‪ .‬يوضقع الطقرف الدنقى منهقا بيقن البظقر والغلفقة وطرفهقا العلقى يحيقط‬
‫بالغلفة‪ .‬وعند الكبس على ذراعي اللة‪ ،‬تنفصل الغلفة بعد خمس دقائق من الضغط الشديد عليها‪ .‬وللسققيطرة علققى‬
‫نزيف الدم يقطب القطع‪.2‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الهّمية العددّية والتوزيع الجغرافي‬


‫‪ (1‬إحصائّيات ختان الذكور‬
‫ل توجد إحصائّيات أكيدة تبّين مدى إنتشار ختان الذكور‪ .‬وفي المؤتمر الرابع لبتر العضاء الجنس قّية الققذي إنعقققد‬
‫عام ‪ 1996‬في سويسرا تم توزيع الرقام التية‪ :‬يتم في العالم ختان قرابة ‪ 13.300.000‬طفل سققنويًا‪ ،‬أي بمع قّدل‬
‫‪ 1.100.000‬طفل شهريًا‪ ،‬و ‪ 36.438‬طفل يوميًا‪ ،‬و ‪ 1.518‬كل سقاعة‪ ،‬و ‪ 25‬طفققل كقل دقيقققة‪ .3‬ويشققير مصقدر‬
‫آخر أن نسبة المختونين من الذكور في العالم تبلغ ‪ ،%23‬أي بمجموع ‪ 650‬مليون ذكر‪.4‬‬

‫ُيمارس ختان الذكور عادة في أّيامنا على جميع ذكور اليهود مع بعققض السققتثناءت القليلققة إذ يوجققد تّيققار يهققودي‬
‫يحاول ترك ختان الذكور كما سنرى في الجزء القادم‪ .‬ونفققس المققر يمكققن تعميمققه علققى المسققلمين الققذين ل يكققاد‬
‫ل أن‬‫يستثنى منهم أحد‪ .‬وقد إّتصل بي إيراني مسلم يدرس الطب في جامعة جنيف وأخبرني بأنه غيققر مختققون قققائ ً‬
‫الناس في بلده يفتخرون بانتمائهم اليراني الذي يعلو على إنتمائهم للسلم‪ .‬ولذا‪ ،‬حسب ققوله‪ ،‬فققإن ختققان القذكور‬
‫كما يفرضه السلم ليس له في إيران تلك الهّمية التي نجققدها عنققد المسققلمين العققرب‪ .‬ولكّنققه لققم يسققتطع إجققابتي‬
‫بخصوص نسبة غير المختونين بين اليرانيين‪ .‬وكل ظّني أن صاحبنا يعّبققر عققن شققعوره الخققاص وأن عققدد غيققر‬
‫المختونين في إيران قليل جّدا‪ .‬ومن الملحظ أن المسلمين المغتربين في أوروبا يمارسون الختان كما في بلدهققم‪،‬‬
‫سكون بهذه العادة حّتى وإن كققانت زوجققاتهم غيققر مسققلمات‪ .‬وهققذا المققر ل يخلققو مققن خلققق مشققاكل بيققن‬ ‫وهم يتم ّ‬
‫الزوجين إذ إن نسبة المختونين في أوروبقا قليلقة‪ .‬وقققد تفسقخت بعقض العققائلت لهققذا السققبب‪ .‬ولتفققادي مثقل تلققك‬
‫المشاكل‪ ،‬أنصح في كتّيب نشرته عن الزواج المختلط أن يّتفققق الزوجققان َقبققل الققزواج علققى أن يبقققى الطفققل دون‬
‫ختان حّتى عمر الثامنة عشر فيقّرر بذاته ما إذا أراد الختان أم ل‪.5‬‬

‫إضافة إلى الطائفة اليهودّيققة والمسققلمة‪ ،‬هنققاك عققدد مققن المسققيحّيين الققذين يختنققون أطفققالهم‪ .‬فالقبققاط فققي مصققر‬
‫ل يمارسون ختان الذكور بصورة تكققاد تكقون شققاملة‪ ،‬علققى خلف إخققوتهم المسققيحّيين فققي‬ ‫والسودان والحبشة مث ً‬
‫دول المشرق العربي حيث ختان الذكور نادر‪ .‬ولكن ل توجد إحصائّيات بهذا الخصققوص‪ .‬وهنققاك مؤشققرات تفيققد‬
‫بأن ختان الذكور في تزايد في تلك الققدول‪ .‬وقققد يكققون السققبب هققو إنتشققار الثقافققة الطّبيققة المريكّيققة وزيققادة عققدد‬
‫الولدات في المستشفيات حيث يمارس الطّباء سلطتهم في إقناع الهل لجراء تلققك العملّيققة‪ .‬وقققد يكققون للمحيققط‬
‫السياسي دور في ذلك النتشار‪ .‬فمسيحّيو فلسطين المحتلة أصبحوا يمارسون ختان الققذكور رّبمققا بسققبب تواجققدهم‬
‫بين اليهود والمسلمين الذين يمارسون عملّية الختان‪ .‬وقد يكون الختان وسيلة للتخفي في ذلك المحيط‪.‬‬

‫‪Ras-Work: Female genital mutilation, p. 140‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Rathmann, p. 115-120‬‬ ‫‪2‬‬

‫هذه الرقام صادرة عن ‪Ad hoc working group‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪http://www.noharmm.org/HGMstats.htm: Statistics on human genital mutilations‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Aldeeb: Mariages, p. 28 et 36‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪31‬‬
‫وهناك ظاهرة غريبة وهي إنتشار ختان الذكور في الققدول الغربّيققة الناطقققة بالنكليزّيققة‪ :‬إنكلققترا وكنققدا وأسققتراليا‬
‫ونيوزيلندا والوليات المّتحدة‪ .‬وهناك صعوبة كبيرة للحصول على إحصققائّيات فققي هققذا الخصققوص ولكققن توجققد‬
‫بعض التقديرات‪:‬‬

‫لحين في إنكلترا أن نسبة الختان كانت كما يلي‪:‬‬


‫فقد بّينت دراسة حول معّدل الختان بين الم ّ‬

‫‪%19‬‬ ‫عام ‪1914‬‬

‫‪%22‬‬ ‫عام ‪1924‬‬

‫‪%30‬‬ ‫عام ‪1930‬‬

‫وانخفضت نسبة الختان في إنكلققترا فققي الخمسققينات‪ .‬وقققد وصققلت إلققى أقققل مققن ‪ %0.5‬عققام ‪ .11972‬وقققد بقيققت‬
‫ممارسة الختان في هذا المعّدل بين مسيحّيي هذا البلد‪.‬‬

‫ونسبة المختونين في أستراليا تقّدر كما يلي‪:‬‬

‫‪%49.6‬‬ ‫عام ‪1974-73‬‬

‫‪%48.6‬‬ ‫عام ‪1975-74‬‬

‫‪%43.7‬‬ ‫عام ‪1976-75‬‬

‫واليوم نسبة الختان في هذا البلد تقّدر بق ‪ %10‬دون حساب الختان الديني الذي ل يتم إحصاؤه‪.2‬‬

‫ونسبة المختونين في كندا تقّدر كما يلي‪:‬‬

‫‪%46.3‬‬ ‫عام ‪1972‬‬

‫‪%44.8‬‬ ‫عام ‪1973‬‬

‫‪%44.3‬‬ ‫عام ‪1974‬‬

‫واليوم نسبة الختان في هذا البلد تقّدر بق ‪%25‬‬

‫صة‪ .‬ففقي هقذه الدولقة نجقد أعلقى معقّدل لختقان القذكور بيقن القدول المسقيحّية‬
‫وُتعتبر الوليات المّتحدة ظاهرة خا ّ‬
‫الغربّية‪ .‬وحسب بعض التقديرات‪ 3‬هذه هي الرقام منذ ‪:1870‬‬

‫‪%5‬‬ ‫عام ‪1870‬‬

‫‪%10‬‬ ‫عام ‪1880‬‬

‫‪%15‬‬ ‫عام ‪1890‬‬

‫‪%25‬‬ ‫عام ‪1900‬‬


‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 27-28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Williams: Nocirc of Australia, p. 192; Darby: A source of serious mischief, p. 157‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 217‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪32‬‬
‫‪%35‬‬ ‫عام ‪1910‬‬

‫‪%50‬‬ ‫عام ‪1920‬‬

‫‪%55‬‬ ‫عام ‪1930‬‬

‫‪%60‬‬ ‫عام ‪1940‬‬

‫‪%70‬‬ ‫عام ‪1950‬‬

‫‪%75‬‬ ‫عام ‪1960‬‬

‫‪%80‬‬ ‫عام ‪1970‬‬

‫‪%85‬‬ ‫عام ‪1979‬‬

‫وقد إنخفضت نسبة الختان في هذا البلقد فقي العققدين الخيريققن حّتقى أصقبحت تقوازي اليقوم ‪ %60‬بسقبب تزايقد‬
‫معارضي الختان‪ .‬ولكن هذه النسبة تصل إلى ‪ %95‬في بعض المستشفيات المريكّية‪ .‬وسقوف ننققاقش فققي الجققزء‬
‫الطّبي السباب التي أّدت إلى إنتشار هذه العادة وتراجعها الحالي في ذاك البلد وفي الدول الناطقة بالنكليزّية‪ .‬أّمققا‬
‫في الدول الغربّية الوروبّية الخرى‪ ،‬فنسبة ختان الذكور ضئيلة قد ل تزيد عن ‪ .%2‬وهنققا تنقصققنا الحصققائّيات‬
‫الموثوقة‪.‬‬

‫‪ (2‬إحصائّيات ختان الناث‬


‫سّنة في ختان الذكر إظهاره وفي ختان النساء إخفققاؤه«‪.1‬‬ ‫هناك قول بليغ للفقيه إبن الحاج )توّفى عام ‪» :(1336‬وال ُ‬
‫ل فقي العققدين الخيريقن‪.‬‬ ‫هذا القول يصّور الواقع حّتى في أّيامنا‪ .‬لذلك لم تنكشف حقيققة ممارسقة ختقان النقاث إ ّ‬
‫وحّتى الن ما زال الكثير من الناس يجهل حّتى معنى ختقان النقاث ويسقتغربون وجقوده فقي دولقة إسقلمّية مثقل‬
‫مصر‪ .‬والحصائّيات المتوّفرة في هذا الخصوص غير وافية ول ُتعرف بصورة مؤّكدة الدول التي تنتشر بها هققذه‬
‫العادة‪ .‬والحملة الحالّية ضد ختان الناث قد يساعد على كشف هذه الدول‪ ،‬ولكن قققد يكققون أيضقًا عائققًا خوف قًا مققن‬
‫الدعاية السّيئة التي تنتج عن ذلك‪ .‬ونحن هنا سوف نعطي الحصائّيات المتوّفرة‪.‬‬

‫في المؤتمر الرابع لبتر العضاء الجنسّية الذي إنعقد عام ‪ 1996‬فققي سويسققرا تققم توزيققع الرقققام التيققة‪ :‬يتققم فققي‬
‫العالم ختان قرابة ‪ 2.000.000‬طفلة سنويًا‪ .‬أي بمعقّدل ‪ 166.666‬طفلققة شققهريًا‪ ،‬و ‪ 5.480‬طفلققة يوميقًا‪ ،‬و ‪228‬‬
‫طفلة كل ساعة‪ ،‬و ‪ 3.8‬طفلة كل دقيقة‪ .2‬ويشير مصدر آخر أن نسبة المختونات من النققاث فققي العققالم تبلققغ ‪،%5‬‬
‫أي بمجموع ‪ 100‬مليون أنثى‪.3‬‬

‫حة العالمّية عام ‪ 1994‬و ‪ 1996‬و ‪ 1998‬أرقامًا متباينة بخصوص النساء المختونققات فققي‬
‫ظمة الص ّ‬
‫وقد نشرت من ّ‬
‫الدول التي تمارس ختان الناث‪:‬‬

‫‪Country‬‬ ‫‪1994‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫الدولة‬

‫‪*Benin‬‬ ‫)‪1.200.000 (50%‬‬ ‫)‪1.370.000 (50%‬‬ ‫)‪1.365.000 (50%‬‬ ‫بينين *‬

‫‪*Burkina Faso‬‬ ‫)‪3.290.000 (70%‬‬ ‫)‪3.650.000 (70%‬‬ ‫بوركينا فاسو * )‪3.656.800 (70%‬‬
‫إبن الحاج‪ :‬المدخل‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.296‬‬ ‫‪1‬‬

‫هذه الرقام صادرة عن ‪Ad hoc working group‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪http://www.noharmm.org/HGMstats.htm: Statistics on human genital mutilations‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪33‬‬
*Cameroon (unknown) 1.330.000 (20%) 1.336.800 (20%) * ‫كميرون‬

*Djibouti 196.000 (98%) 290.000 (98%) 248.920 (98%) * ‫جيبوتي‬

*Egypt 3.625.000 (50%) 24.710.000 (80%) 27.905.930 (97%) * ‫مصر‬

*Gambia 270.000 (60%) 450.000 (80%) 396.800 (80%) * ‫جامبيا‬

*Guinea 1.875.000 (50%) 1.670.000 (50%) 1.999.800 (60%) * ‫غينيا‬

*Guinea-Bissau 250.000 (50%) 270.000 (50%) 272.500 (50%) * ‫غينيا بيساو‬

*Mali 3.112.500 (50%) 4.110.000 (75%) 5.155.900 (94%) * ‫مالي‬

*Mauritania 262.500 (25%) 290.000 (25%) 295.250 (25%) * ‫موريتانيا‬

*Niger 800.000 (20%) 930.000 (20%) 921.200 (20%) * ‫نيجر‬

*Nigeria 30.625.000 (50%) 28.170.000 (50%) 25.601.200 (40%) * ‫نيجيريا‬

*Senegal 750.000 (20%) 830.000 (20%) 838.000 (20%) * ‫سينغال‬

*Sierra Leone 1.935.000 (90%) 2.070.000 (90%) 2.167.200 (90%) * ‫سيراليون‬

*Somalia 3.773.000 (98%) 4.580.000 (98%) 5.038.260 (98%) * ‫الصومال‬

*Sudan 9.220.000 (89%) 12.450.000 (89%) 12.816.000 (89%) * ‫السودان‬

*Uganda 467.000 (5%) 540.000 (5%) 513.000 (5%) * ‫اوغندا‬

Center-Africa 750.000 (50%) 740.000 (43%) 759.810 (43%) ‫وسط إفريقيا‬

Chad 1.530.000 (60%) 1.930.000 (60%) 1.932.000 (60%) ‫تشاد‬

Eritrea ((‫مع الحبشة‬ (%90) 1.600.000 (%90) 1.599.300 ‫أرتريا‬

Ethiopia 23.940.000 (90%) 23.240.000 (85%) 24.723.950 (85%) ‫الحبشة‬

Ghana 2.325.000 (30%) 2.640.000 (30%) 2.635.200 (30%) ‫غانا‬

Ivory Coast 3.750.000 (60%) 3.020.000 (43%) 3.048.270 (43%) ‫ساحل العاج‬

Kenya 6.300.000 (50%) 7.050.000 (50%) 6.967.000 (50%) ‫كينيا‬

Liberia 810.000 (60%) 900.000 (60%) 902.400 (60%) ‫ليبيريا‬

Tanzania 1.345.000 (10%) 1.500.000 (10%) 1.552.000 (10%) ‫تنزاني‬

34
‫‪Togo‬‬ ‫)‪950.000 (50%‬‬ ‫)‪1.050.000 (50%‬‬ ‫)‪1.044.500 (50%‬‬ ‫توغو‬

‫‪Zaire‬‬ ‫)‪945.000 (5%‬‬ ‫)‪1.110.000 (5%‬‬ ‫)‪1.107.900 (50%‬‬ ‫زائير‬

‫‪Total‬‬ ‫‪114.296.900‬‬ ‫‪132.490.000‬‬ ‫‪136.797.440‬‬ ‫المجموع‬

‫حة العالمّية أن ‪ %15‬إلى ‪ %20‬من عدد النساء المختونات ختن حسب الدرجققة الثالثققة‬ ‫ظمة الص ّ‬
‫وتشير مصادر من ّ‬
‫‪1‬‬
‫)الختان الفرعوني(‪ .‬وأن كل سنة يتم ختان مليوني فتاة ‪ .‬ولنا هنا عّدة ملحظات على هذه القائمة‪:‬‬

‫‪ (1‬كل الدول المذكورة موجودة في إفريقيا وأكثرّيتها يدين سّكانها بالسلم‪ .‬فمن بين الق ق ‪ 28‬دولققة الققتي تض قّمنتها‬
‫ظمة المؤتمر السلمي‪ .‬وتبّين هذه القائمققة أن عققددًا مققن الققدول‬‫هذه القائمة‪ 17 ،‬دولة )معّلمة بنجمة( تنتمي إلى من ّ‬
‫السلمّية ل تعرف ختان الناث مثل المغرب والجزائر وليبيا وتونس والردن ولبنان وسوريا والعراق والكققويت‬
‫والسعودّية وتركيا وإيران‪ .‬وقد تكون هناك بعض حالت ختان الناث في هذه الدول ولكن البحققاث غيققر متققوّفرة‬
‫صة أميرة سعودّية أسمتها »سلطانة« تبّين فيها أن عملّية ختان الناث‬ ‫عنها‪ .‬فالكاتبة المريكّية »ساسون« تحكي ق ّ‬
‫‪2‬‬
‫خل طبيب أجنبي ‪ .‬وإن‬ ‫كانت تمارس حّتى في العائلة المالكة وأن ثلثة من أخواتها قد ختن وسّتة نجين منها بعد تد ّ‬
‫ل أنقه يجقب الشقارة إلقى أن ختقان‬ ‫كان المسلمون الفارقة يمّثلون الكثرّية العددّية فقي ممارسقة ختقان النقاث‪ ،‬إ ّ‬
‫الناث منتشر أيضًا بين المسيحّيين في تلك الدول كما هو المر بخصوص مسيحي مصر والحبشة‪ .‬وفي هذا البلققد‬
‫الخير‪ ،‬يمارس أيضًا اليهود الفلشة ختان الناث‪.‬‬

‫ل تمارس ختان الناث مثل إندونيسيا وماليزيا والباكستان ومسققلمي الهنققد )الفققرع الققذي‬ ‫‪ (2‬هذه القائمة ل تذكر دو ً‬
‫عمان واليمن والبحرين والمققارات العربّيققة المّتحققدة وعققرب »النقققب« فققي فلسققطين‪.‬‬ ‫يدعى ‪ (Daudi Bohra‬و ُ‬
‫فبخصوص المارات العربّية المّتحدة‪ ،‬أوضحت دراسة أن ختان الناث يتم »في سّرية تاّمة على القل في الققوقت‬
‫الحالي‪ ،‬وأنها تتم بعيدًا عن عالم الرجال‪ ،‬وقّلما يعلمون بها«‪ .‬وقد أفادت نسبة عالية من إجابات الخباريات )نحققو‬
‫‪ (%85‬أن هذا الطقس ما زال ممارسًا هناك‪ .‬وفي الماضققي كققانت الدايققة هققي الققتي تقققوم بققه‪ ،‬أّمققا الن‪ ،‬فيتققم فققي‬
‫سقّنة عققن النققبي«‪ .3‬وقققد أوضققحت لققي عقّدة‬ ‫المستشفيات أو تقوم به طبيبة‪ .‬ويعتبر ختققان النققاث فققي ذلققك البلققد » ُ‬
‫عمان مختونات‪ .‬وهناك أيضًا معلومات تفيد بأن عّدة قبائل مققن عققرب »النقققب« فققي‬ ‫شهادات بأن ‪ %99‬من نساء ُ‬
‫فلسطين تمارس ختان الناث‪ .4‬ول ندري ما إذا هناك إنتشار لتلك العادة بين بدو الردن حالّيا‪ .‬أّمققا فققي الماضققي‪،‬‬
‫فقد ذكر الب »جوسان« أنها كانت منتشرة بصورة واسعة بيققن عققرب منطقققة مققوآب فققي الردن‪ ،‬وهققم يطلقققون‬
‫عليها إسم »سر« أي أنها تمارس في السر‪ ،‬عندما تشرف البنت على الزواج‪.5‬‬

‫حة العالمّية عام ‪ 1994‬أن نسقبة المختونقات‬ ‫ظمة الص ّ‬ ‫‪ (3‬فيما يخص مصر‪ ،‬ذكرت الحصائّيات التي أصدرتها من ّ‬
‫هناك تبلغ ‪ %50‬أي مققا يققوازي ‪ 13.625.000‬إمققرأة‪ .‬ثققم قققدرت نسققبة المختونققات عققام ‪ 1996‬بقق ‪ %80‬أي مققا‬
‫يوازي ‪ 24.710.000‬إمرأة‪ .‬ثم قدرت نسبة المختونات عام ‪ 1998‬بق ‪ %97‬أي ما يوازي ‪ 27.905.930‬إمققرأة‪.‬‬
‫هذا الختلف بين الحصاء الّول والثالث ل يعني أن ختققان النققاث قققد إرتفققع فققي مصققر خلل السققنين الربعققة‬
‫الخيرة بمعّدل ‪ ،%47‬بل إن المعلومات أصبحت أكثر دّقة بخصوصه‪ .‬وهذا يبّين مدى التعتيم الذي يسققيطر علققى‬
‫موضوع ختان الناث وصعوبة الحصول على معلومات أكيدة بخصوصه‪.‬‬

‫ولهّمية هذه البلد على المستوى الثقافي والديني والسياسي في العالم العربي والسلمي‪ ،‬ل بد لنا من كلمة قصيرة‬
‫حول مدى إنتشار ختان الناث في هذا البلد‪.‬‬

‫المصادر‪Mutilations sexuelles féminines, dossier d'information, 1994; Female genital :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪mutilation: prevalence and distribution, 1996; Female genital mutilation, an overview, 1998‬‬
‫‪Sasson: Sultana, p. 155-158‬‬ ‫‪2‬‬

‫حريز ومنصور‪ :‬دور الحياة البشرّية في مجتمع المارات‪ ،‬ص ‪.127-126‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Asali; Markuze‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Jaussen: Coutumes des arabes, p. 35 et 364‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪35‬‬
‫لم ُيعطى ختان الناث في السابق كبير إهتمام في مصر‪ .‬فل نجد له أي ذكقر فقي كتقب رفاعقة الطهطقاوي )تقوّفى‬
‫عام ‪ (1873‬أو قاسم أمين )توّفى ‪ (1908‬رغم أنهما من كبار المدافعين عن حقوق المرأة‪ .‬حّتى أن رئيسقة جمعّيقة‬
‫ل بعد أن إستلمت عّدة رسققائل‬ ‫تنظيم السرة بالقاهرة كانت تعتقد أن هذه العادة قد أبطلت ولم تكتشف حقيقة المر إ ّ‬
‫‪1‬‬
‫من الخارج بمناسبة السنة العالمّية للمرأة عام ‪ 1978‬تدعوها إلى القيام بدورها في حماية إناث بلدها ‪.‬‬

‫في الحلقة الدراسّية التي أقيمت عام ‪ 1979‬بخصوص ختان الناث قال الدكتور مققاهر مهققران إنققه فحققص ‪2000‬‬
‫من السّيدات المترّددات على عيادة أمراض النساء بكّلية طب جامعة عين شمس فوجد أن ‪ %95‬من الس قّيدات فققي‬
‫ل ختقان‬
‫عمر النجاب في مصر قد أجريت لهقن عملّيقة الختقان‪ .‬وهقي أكقثر الجراحقات حقدوثًا ولعّلقه ل يفوقهقا إ ّ‬
‫الذكور‪ .‬وعندما بدأ في هذا البحث سأل الكثيرين عن أهّمية الموضوع‪ .‬فكانوا يعتقدون أن ختان الناث فققي مصققر‬
‫إّما غير موجود أو رّبما نادر الوجود‪ ،‬لذا فل يستدعي كل هذا الهتمام من ِقَبل الباحث‪.2‬‬

‫ل وبعيدًا عن الساحة العلمّية إلى أن عرضت شققبكة التلفزيققون المريكّيققة )سققي إن‬ ‫وقد بقي هذا الموضوع مهم ً‬
‫إن( في ‪ 7‬سققبتمبر ‪ 1994‬فيلمقًا عققن ختققان طفلققة مصققرّية إسققمها نجلء فققي العاشققرة مققن عمرهققا فققي العاصققمة‬
‫حة‪ .‬فتبّين أن الذين يختنون والذين ل يختنون يتجاهلون بعضهم‪ .‬تقول الققدكتورة سققهام‬ ‫لق ص ّ‬ ‫المصرّية من ِقَبل ح ّ‬
‫عبد السلم‪:‬‬
‫ل‪ .‬فمقن َتخّلقوا عقن ممارسقة‬‫»بلغ المر حد جهل أصقحاب المقوقفين بوجقود بعضقهما البعقض أصق ً‬
‫التشويه الجنسي للناث صاروا يعتقدون أن مصر كّلها قد حذت حذوهم ولم يعد فيها من يمارس هذه‬
‫سكون به يعتقدون أن هذه هي طبائع المور‪ ،‬وأنه ل توجد في مصر كّلهققا‬ ‫العادات‪ .‬ومن ما زالوا يتم ّ‬
‫‪3‬‬
‫إمرأة لم تجر لها هذه العملّية« ‪.‬‬

‫وقد ُأجِبر المشّرع والقضاء على قول كلمته في الموضوع‪ ،‬كما سققنرى فققي الجققزء القققانوني‪ .‬وقققد زاد الطيققن بلققة‬
‫صة شقيخ الزهقر جقاد الحقق علقي جقاد الحقق‬ ‫الموقف المؤّيد لختان الناث الذي أخذه كثير من رجال الدين‪ ،‬وخا ّ‬
‫)توّفى عام ‪ (1996‬الذي رّدد مقولة فقيه قديم‪» :‬لو إجتمع أهل مصر )بلد( على ترك الختان قاتلهم المام‪ ،‬لنه من‬
‫شعائر السلم وخصائصه«‪.4‬‬

‫حي الققذي قققامت بققه‬ ‫هناك إذًا عودة للهتمام بموضوع ختان الناث‪ .‬وقد ُكتبت عّدة دراسات‪ .‬من بينها المسح الص ّ‬
‫حة برئاسة الدكتورة فاطمة الزناتي بكّلية السياسة والقتصقاد جامعقة الققاهرة والقذي تقم إجقراؤه علقى‬ ‫وزارة الص ّ‬
‫‪5‬‬
‫‪ 14.799‬سّيدة من محافظات الجمهورّية وأستمر لمّدة عامين متتاليين ‪ .‬وقد بّينت هذه الدراسة أن نسبة المختونات‬
‫في مصر تصل إلى ‪ .%97‬وهذه النسبة هي ‪ %99.5‬في الريف‪ ،‬و ‪ %94‬في المدن‪ .‬وأن قرابة ‪ %82‬من النسققاء‬
‫ما زلن يؤّيدن ختان الناث‪ %91 :‬في الريف‪ ،‬مقابل ‪ %70‬في المققدن‪ .‬وقققد بّينققت النتيجققة أيضقًا أن نسققبة النسققاء‬
‫الغير متعّلمات اللتي يؤّيدن ختان الناث هي ‪ .%93‬وهذه النسبة تنخفض إلى ‪ %57‬بين النساء الحاصلت علققى‬
‫شهادة الثانوّية أو درجة أعلى‪.‬‬

‫وكانت السباب التي ذكرت تأييدًا لختان الناث كما يلي‪:‬‬

‫عادة حسنة‬ ‫‪58.3%‬‬

‫مطلب ديني‬ ‫‪30.8%‬‬

‫النظافة‬ ‫‪36.1%‬‬

‫الممارسات التقليدّية‪ ،‬ص ‪6‬؛ الحلقة الدراسّية‪ ،‬ص ‪.10-9‬‬ ‫‪1‬‬

‫مهران‪ :‬الضرار الطّبية‪ ،‬ص ‪.56-55‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد السلم‪ :‬التشويه الجنسي للناث‪ ،‬ص ‪.25-24‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الملحقين ‪ 5‬و ‪ 6‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Egypt demographic and health survey, p. 171-183‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪36‬‬
‫إمكانّيات أكبر للزواج‬ ‫‪8.9%‬‬

‫زيادة لّذة الرجل‬ ‫‪3.8%‬‬

‫تحافظ على البكارة‬ ‫‪9.1%‬‬

‫تحمي من الزنا‬ ‫‪5.6%‬‬

‫أسباب أخرى‬ ‫‪5.9%‬‬

‫وكانت السباب التي ذكرت ضد ختان الناث كما يلي‪:‬‬

‫عادة سّيئة‬ ‫‪37.8%‬‬

‫مخالفة للدين‬ ‫‪29.8%‬‬

‫تؤّدي إلى تعقيدات طّبية كثيرة‬ ‫‪45.7%‬‬

‫تجربة ذاتّية مؤلمة‬ ‫‪27.3%‬‬

‫ضد كرامة المرأة‬ ‫‪12.1%‬‬

‫تمنع اللّذة الجنسّية‬ ‫‪19.6%‬‬

‫أسباب أخرى‬ ‫‪5.9%‬‬

‫ضلون المرأة المختونة‪ ،‬وأن ‪ %72‬من النساء تعتقد أن‬‫كما أثبتت الدراسة أن ‪ %74‬من النساء تعتقد أن الرجال يف ّ‬
‫الختان جزء مهم من التقاليد الدينّية‪ ،‬وأن ‪ %41‬من النساء يعتقدن أن الختان يحمي من الوقوع في الزنا‪.‬‬

‫وقد أثبتت الدراسة أن نوع الختان الذي تم على عّينة من ‪ 1.249‬سّيدة هو كما يلي‪:‬‬

‫بتر البظر كّليا أو جزئّيا‬ ‫‪18.7%‬‬

‫بتر الشفرين الصغيرين كّليا أو جزئّيا‬ ‫‪7.8%‬‬

‫بتر كل من البظر والشفرين الصغيرين كّليا أو جزئّيا‬ ‫‪64%‬‬

‫بتر الشفرين الكبيرين مع البظر والشفرين الصغيرين‬ ‫‪9.4%‬‬

‫صة بمكان معّيققن‪ .‬فهقي تنتقققل مقع إنتقققال الفققراد وتتقأّثر بتطقّور الفكققار‪ .‬فقققد أّدت‬
‫‪ (4‬ختان الناث ليس عادة خا ّ‬
‫الهجرة إلى إنتقال عادة الختان إلى الدول الغربّية مع من هاجر هناك من الدول الفريقّية‪ .‬وبما أن الغققرب يسققتنكر‬
‫ختان الناث ويعاقب عليه‪ ،‬فإنه يتم في الخفاء‪ .‬ولكن من وقت إلى آخققر ُيكشققف عققن حققالت مضققاعفات طّبيققة أو‬
‫وفاة‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يحاول التّيار الديني السلمي المتزّمت نشر ختقان النقاث بيقن مقواطني دول إسقلمّية ل‬
‫تعرف هذه العادة كما هو المر في تققونس والجققزائر‪ .‬وقققد أشققارت معلومققات أن بعققض أتبققاع الجبهققة السققلمّية‬
‫الجزائرّية في ألمانيا يختنون فتياتهم هناك رغم أن الجققزائر ليققس فيققه ختققان إنققاث‪ .1‬كمققا أعلمنققي بعققض المثّقفيققن‬
‫التونسققيين أن التّيققار السققلمي طققالب بممارسققة ختققان النققاث فققي تققونس‪ .‬ومقن المعققروف أن التّيققار السققلمي‬

‫نشرة مجموعة العمل المعنّية بمكافحة ختان الناث‪ ،‬العدد التجريبي الثاني‪ 15 ،‬إبريل ‪ ،1997‬ص ‪.2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫الجزائري والتونسي متأّثر بالتّيار السلمي المصري‪ .‬وهناك أيضقًا تققأّثر بالحتكققاك‪ .‬فبعققض الفلسققطينيين الققذين‬
‫ذهبوا إلى مصر أصبحوا حالّيا يمارسون ختان الناث حسب بعض الشهادات‪.‬‬

‫‪ (5‬ختان الناث يصاحبه دائمًا ختان الذكور‪ .‬فكل العائلت التي تختن إناثها تختن أيضًا ذكورهقا‪ .‬وهققذا يعنققي أنقه‬
‫من غير الممكن القضاء على عادة ختان الناث دون مكافحة ختان الذكور في نفس الوقت‪ .‬فليققس مققن الممكققن أن‬
‫ُتقنع الهل بأن يكفوا عن ختان بناتهم بينما تسمح لهم في الستمرار بختان ذكورهم‪ .‬فكلتا العملّيققتين تحملن عققادة‬
‫نفس السم وهو »الطهارة«‪.‬‬

‫‪ (6‬ختان الناث ليس حكرًا على القاّرة الفريقّية‪ .‬فقد مارست تلك العادة شعوب تنتمي إلى معتقدات دينّيققة مختلفققة‬
‫في جميع القارات‪ .‬وسوف نرى لحقًا أن ختان الناث قد عرف في أوروبا وفي الوليققات المّتحققدة‪ ،‬بيققن الققبيض‪،‬‬
‫وما زال ُيمارس هناك ولقو بأعقداد ضقئيلة‪ .‬وققد تعّرفقت علقى سقّيدة أسقترالّية فقي الثلثينقات مقن عمرهقا ختنهقا‬
‫»موهيل« )ختان ديني يهودي( عندما كان عمرها ‪ 21‬سنة بعققدما أن إكتشققف والققدها‪ ،‬وهققو طققبيب يهققودي‪ ،‬أنهققا‬
‫تمارس العادة السّرية‪ .‬وترفض نوال السقعداوي بشقّدة المقولقة بقأن ختقان النقاث عقادة فرعونّيقة أو إفريقّيقة‪ .‬فققد‬
‫مارست إندونيسيا ختان الناث َقبل أن ُيمارس في مصر القديمة‪ .‬وتضيف‪» :‬لقد أثبت علم التاريخ والنتروبولجية‬
‫]علم النسان[ أن هذه العملّيات‪ ،‬الختان والخصي وغيرها‪ ،‬ل علقققة لهققا بالمصققرّيين أو العققرب أو المسققلمين أو‬
‫اليهود أو المسيحّيين أو البوذيين أو غيرهم‪ .‬إنها ترتبط بنوع النظام الجتمقاعي والقتصقادي السقائد فقي المجتمقع‬
‫وليس نوع البشر أو دينهم أو لونهم أو جنسهم أو عرقهم أو لغتهم«‪ .1‬وفي مقال آخر تقول‪» :‬إن القاّرة الفريقّية أو‬
‫ل أنهققا بقايققا‬
‫ل عن هذه الجريمة وإّنما هي إحدى جرائم العبودّيققة فققي التاريققخ البشققري‪ .‬إ ّ‬
‫اللون السود ليس مسؤو ً‬
‫النظرة العنصرّية التي تتصّور أن مشاكل الدنيا )بما فيها اليدز( أصلها إفريقي‪ ،‬أو على القل بدأت في إفريقيا ثم‬
‫إنتقلت بالعدوى فقط إلى الجنس البيض«‪.2‬‬

‫هذا وسوف نرى في الفصول اللحقققة كيققف أن الققدين لعققب دورًا هاّمققا فققي ترسققيخ كققل مققن عققادة ختققان الققذكور‬
‫والناث‪ ،‬ولكّنه لم يكن السبب الوحيد وراءهما‪.‬‬

‫‪ (3‬أسباب زيادة عدد المختونين على المختونات‬


‫نلحظ مّما سبق بأن عدد الذكور المختونين في العالم يزيد على عققدد المختونققات‪ .‬ول توجققد دراسققة شققاملة حققول‬
‫أسباب هذه الظاهرة‪ .‬ونحن سنحاول هنا إقتراح بعض تلك السباب‪:‬‬

‫‪ -‬ظهور العضاء الجنسّية عند الذكور مع إختفاء العضاء الجنسّية عند المرأة‪.‬‬

‫‪ -‬أكثر الشعوب تضع العضاء التناسلّية للذكر والنثى ضمن مضمون الحياء‪ .‬ولكن جسم المرأة يلقى تحّفظا أكبر‬
‫صة أن الختان يتم في كثير من الحيان على يد رجل غريب عن العائلة‪.‬‬
‫من جسم الرجل خا ّ‬

‫صة عندما يمتد الختان إلققى الشققفرين الكققبيرين‬


‫حية أكبر من ختان الرجل‪ ،‬خا ّ‬
‫‪ -‬ختان المرأة يؤّدي إلى تعقيدات ص ّ‬
‫والصغيرين‪.‬‬

‫‪ -‬أكثر عملّيات ختان الذكور تتم في مرحلة الطفولة مّما يسقّهل السققيطرة علققى المختققون‪ ،‬بينمققا ختققان النققاث يتققم‬
‫عاّمة في سن متقّدمة مّما يجعل السيطرة على البنت أكثر صعوبة‪.‬‬

‫‪ -‬قرار ختان الذكور يتم عادة من ِقَبل الرجال‪ ،‬بينما ختان الناث يتم بقرار من المرأة )مققع موافقققة الرجققل(‪ .‬وبمققا‬
‫صققة أن ختقان‬‫أن البنات تعار أقل أهّمية من الصبيان‪ ،‬ساعد هذا الوضع الم من إبداء تحّفقظ علققى ختققان بنتهقا خا ّ‬
‫سها الم في جسدها‪.‬‬‫الناث يترك آثارًا أشد من آثار ختان الرجل‪ ،‬آثارًا تح ّ‬

‫السعداوي‪ :‬مّرة أخرى حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعداوي‪ :‬رسالة إلى الطبيبة الشاّبة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪38‬‬
‫ل مقا إعتققبر صقبغة جمالّيققة للمققرأة علققى العكققس مقن‬
‫‪ -‬ختان الرجل أقل تشويهًا من ختان المرأة‪ ،‬وهذا الخير قلي ً‬
‫ختان الرجل‪.‬‬

‫‪ -‬ختان الذكور قد يكون عملّية موازية لعملّية أخرى تحدث للمرأة بصورة طبيعّية‪ ،‬وهي العققادة الشققهرّية‪ .‬فققإنزال‬
‫ل خلق تشابه بين الرجققل والمققرأة‪ .‬وهنققاك شققعوبًا مققا زالققت حّتققى يومنققا هققذا‬‫دم الذكر قد يكون المقصود منه أص ً‬
‫تحدث شرخًا في المنطقة السفلى من الذكر يشبه رحم المرأة‪ .‬ويتم إبقاء هذا الشرخ داميا‪ .‬وقد تكون هذه العملّية قد‬
‫تطّورت لحقًا إلى عملّية ختان الذكور‪.‬‬

‫‪ -‬قد يكون ختان الذكور عملّية متطّورة عن عملّية الخصي التي كان يستعملها الب حّتى ل يلقي منافسة من ِقَبققل‬
‫الذكور الخرين وحّتى يتم له إحتكار النساء‪.‬‬

‫ضققل الققذكر‬‫‪ -‬قد يكون ختان الذكور عملّية متطّورة عن عملّية التضحية لللهة‪ .‬فقد كان النسان يظن أن اللهققة تف ّ‬
‫على النثى‪ ،‬والزعيم على العاّمة‪ .‬والتوراة تأمر تكفيرًا عن خطيئة الزعيم بتقديم »تيسقًا مققن المعققز ذكققرًا تاّمققا«‪،‬‬
‫بينما عن خطيئة أحد العاّمة‪ ،‬فيكفي تقديم »عنزة من المعز تاّمة« )الحبار ‪ .(53-4:22‬ونحن نجد شرط الققذكورة‬
‫والتمام )أي غير مخصّيين( في ضحّية التكفير في مواضع كثرّية أخرى من التققوراة‪ .1‬والققذكورة مفروضققة عاّمققة‬
‫سكون بأن ل يؤّمهم أو يصققّلي‬ ‫فيمن يقّدم الضحّية‪ .‬وحّتى الن نرى أن أتباع الديانات السماوّية الثلث ما زالوا يتم ّ‬
‫ل رجل‪ .‬ومحاولت النساء في التصّدي لهذا التمييز هي في أّول مراحلها‪.‬‬ ‫بهم إ ّ‬

‫صة عند اليهود‪ .‬ولققم ُتعتققبر المققرأة مسققتحّقة فققي حمققل تلققك‬
‫‪ -‬الختان علمة ميزة وافتخار عند بعض الشعوب‪ ،‬خا ّ‬
‫العلمة‪.‬‬

‫‪ -‬من يرتكز على شعوره الديني في تصّرفاته يمكنه أن يجد في الكتب الدينّية الساسّية نصوصًا تؤّيد ختان الذكور‬
‫بينما ل ذكر في هذه الكتب لختان الناث‪.‬‬

‫‪ -‬حملت التشهير بختان الناث أقوى من حملت التشهير بختان الذكور‪ .‬ومن المعروف أن الغرب هو الذي يقود‬
‫هذه الحملت‪ .‬وبما أن اليهود يمارسون ختان الذكور‪ ،‬فإن الغرب يتخّوف مققن التعقّرض لختققان الققذكور الققذي قققد‬
‫يؤّدي إلى إّتهامه بمعاداة السامّية‪ .‬أضف إلى ذلك أن اليهود لهم سيطرة كبيرة على وسائل العلم وعلققى صققانعي‬
‫القرار وعلى مصادر المال الذي هو‪ ،‬كما يققول الغقرب‪ ،‬عصققب الحقرب‪ .‬كمقا أن بعققض تلقك الحملت المعاديقة‬
‫لختان الناث يقودها يهود مشهورون عالميًا نذكر منهم »ادمون كيزر«‪ .2‬وهققذا الشققخص كققان مققن أوائل منتقققدي‬
‫ختان الناث ولكّنه يرفض رفضًا قاطعًا التعّرض لختان الذكور‪ .‬وقد تبّنى الغرب قوانينًا رادعة ضد ختان النققاث‬
‫وفتح باب اللجوء السياسي للنساء التي تتخّوف من إجراء العملّية لهن أو لبناتهن إذا ما رجعن إلققى بلدهققن‪ .‬وهققذا‬
‫المر من غير المتصّور في الغرب فيما يخص ختان الذكور لن ذلك يعني فتح معركة ضارية مع اليهود‪.‬‬

‫ل الحبار ‪2:9‬؛ ‪27-5:16‬؛ ‪19-18:23‬؛ العدد ‪ 9-1:7‬و ‪16‬؛ ‪24:15‬؛ ‪.19:28‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪1‬‬

‫سس جمعّية ‪ Terre des Hommes‬وجمعّية ‪.Sentinelles‬‬ ‫‪ Edmond Kaiser‬مؤ ّ‬ ‫‪2‬‬

‫‪39‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬الختان والجدل الديني‬

‫»إن ال ل يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمققون« )يققونس‬


‫‪.(43:10‬‬

‫»إّتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون ال« )التوبة ‪.(30.9‬‬

‫»أتأمرون الناس بققالبر وتنسققون أنفسققكم وأنتققم تتلققون الكتققاب أفل‬


‫تعقلون؟« )البقرة ‪.(44.2‬‬

‫ظققم علقققة النسققان بققأخيه وبققال‪ ،‬وأن هققذه‬‫يعتقد اليهود والمسيحّيون والمسلمون أن ال قد أنزل للبشرّية قواعد تن ّ‬
‫ن عليهقا النبيقاء والمرسقلون وتقم توثيقهققا فققي »الكتققب المقّدسققة« أو »الكتققب‬‫القواعد جاءت ضمن رسالت أؤتم ّ‬
‫السماوّية«‪ .‬وحسب إعتقادهم‪ ،‬تختلف هذه الكتب عن الكتب الخرى التي يكتبها أبو العلء المعققري أو الجققاحظ أو‬
‫شكسبير أو دانتي‪ ،‬كما أن القواعد التي جاءت فيها تختلف عن القواعد التي يسّنها المشّرع السويسري أو الفرنسي‬
‫صققة‪ .‬فالقواعققد‬
‫أو المريكي بناء علققى قققرار برلمققاني‪ ،‬أو يفرضققها سققتالين أو ماوتسققيتونج أو هتلققر بققإرادته الخا ّ‬
‫السماوّية‪ ،‬في رأي أتباعها‪ ،‬هي من صنع ال وليس من صنع البشر‪ ،‬وهي قواعد نهائّية ل تقبل التبديل‪ ،‬وإن أمكن‬
‫تفسيرها في بعض الحيان‪.‬‬

‫سم رجال الدين عاّمة التصّرفات البشرّية إلققى خمسققة أقسققام رئيسقّية‪ :‬واجققب‪ ،‬ومسققتحب )أو منققدوب( ومبققاح‬
‫ويق ّ‬
‫ومكروه ومحّرم‪:‬‬

‫‪ -‬التصّرف الواجب‪ :‬هو الفعل الذي فرضه الشارع على العباد ولم يرخص لهم في تركه‪ .‬كالصيام ووفاء الدين‪.‬‬

‫جح فيه عمل شيء بدل تركه كالتصّدق على الفقراء‪.‬‬


‫‪ -‬التصّرف المستحب‪ :‬وهو الفعل الذي ير ّ‬

‫‪ -‬التصّرف المباح‪ :‬وهو الفعل الذي يساوى فيه العمل أو الترك كالكل والشرب‪.‬‬

‫جح فيه ترك شيء بدل عمله رغم الترخيص به مثل الطلق‪.‬‬
‫‪ -‬التصّرف المكروه‪ :‬وهو الفعل الذي ير ّ‬

‫‪ -‬التصّرف المحّرم‪ :‬وهو ما يلزم الشارع تركه ولم يرخص به كالسرقة والزنى‪.1‬‬

‫وفيما يخص موضوعنا‪ ،‬فإن الهم الرئيسي لليهود والمسيحّيين والمسلمين هو معرفة موقع الختان من هذه القسققام‬
‫صة بهم ثم على كتب ثانوّيققة أخققرى‬ ‫الخمسة‪ .‬ولتحديد ذلك‪ ،‬يعتمدون أّول على ما يسّمونه بق»الكتب المقّدسة« الخا ّ‬
‫تراكمت عبر العصور تضّمنت آراء رجال الدين الذين لعبوا دورًا مهما في تفسققير وتطققبيق القواعققد الدينّيققة الققتي‬
‫صة فيما يتعّلق بأساليب إجراء عملّية الختان‪.‬‬
‫جاءت في الكتب المقّدسة‪ ،‬خا ّ‬

‫سوف نستعرض في القسم الّول من هذا الجزء الجدل الديني عند اليهود‪ ،‬ويلحقه الجدل الديني عند المسيحّيين ثققم‬
‫عند المسلمين‪ .‬وهذا الترتيب نابع من كون هذه الطوائف الثلث قد تلحقت وأن كل طائفة تفاعلت مع سابقتها كمققا‬
‫صصققنا الفصققل الّول مققن كققل قسققم‬ ‫سنرى‪ .‬وحّتى نفّرق بين ما جاء في الكتب المقّدسة وبين آراء رجال الدين‪ ،‬خ ّ‬
‫للتعريف بق»الكتب المقّدسة« المعتمدة عند كل طائفة ونقل ما جاء بها حرفّيا عن الختققان حّتققى يتمّكققن القققارئ مققن‬

‫حسب ال‪ :‬أصول التشريع السلمي‪ ،‬ص ‪.380-374‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪40‬‬
‫ل من البحث عنها في صفحات الكتب المقّدسققة‪ ،‬وهكققذا يمكنققه أن يحكققم بققذاته علققى محتققوى تلققك‬ ‫الرجوع إليها بد ً‬
‫صة أن الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية ليست دائمًا متوّفرة للقارئ المسلم‪.‬‬‫الكتب‪ ،‬خا ّ‬

‫هذا وتفاديًا للتكرار‪ ،‬نشير هنا إلى أن الكتب المقّدسة للطوائف الثلث لم تذكر بتاتًا ختان الناث‪ ،‬فكل ما جاء فيهققا‬
‫يخص ختان الذكور‪.‬‬

‫القسم الّول‪ :‬الختان في الفكر الديني اليهودي‬

‫جعلنا هذا القسم في خمس فصول‪ .‬الفصل الّول يستعرض نصوص »الكتب المقّدسققة« عنققد اليهققود عققن الختققان‪.‬‬
‫والفصل الثاني يتكّلم عن موقف الكثرّية السققاحقة مققن اليهققود قققديمًا وحققديثًا بخصققوص ختققان الققذكور‪ .‬والفصققل‬
‫الثالث يستعرض فكر التّيار الناقد لختان الذكور‪ .‬والفصل الرابع يشرح كيفّية إجققراء عملّيققة الختققان التقليدّيققة عنققد‬
‫اليهود وكذلك طقس الختان الرمزي كما يقترحه معارضوه‪ .‬وسقوف نكقّرس الفصقل الخقامس لختقان النقاث عنقد‬
‫اليهود‪.‬‬

‫الفصل الّول‪ :‬الختان في نصوص الكتب المقّدسة اليهودّية‬


‫‪ (1‬التعريف بالكتب المقّدسة اليهودّية‬
‫هناك »كتب مقّدسة« يهودّية يعترف بها كققل مققن اليهققود والمسققيحّيين دون الّتفققاق علققى تحديققدها‪ .‬وفققي تعققدادها‬
‫الوسع حسب الكنيسة الكاثوليكّيقة والرثوذكسقّية تضقم هقذه الكتقب المقّدسقة ‪ 46‬سقفرًا تنقسقم إلقى النقواة الولقى‬
‫المسماة التوراة أو أسفار موسى الخمسة )التكوين‪ ،‬والخروج‪ ،‬والحبار‪ ،‬والعققدد‪ ،‬وتثنيققة الشققتراع(‪ ،‬يتبعهققا سقّتة‬
‫حكمة‪ ،‬وثمانية عشر سفرًا نبويًا‪ .‬ونعيد القارئ إلى قائمة هذه الكتققب فققي‬ ‫عشر سفرًا تاريخيًا‪ ،‬وسبعة أسفار شعر و ِ‬
‫التنبيه الذي وضعناه في أّول الكتاب‪.‬‬

‫ل الكتققب‬ ‫وقد ُكتبت هذه الكتب المقّدسة جميعها َقبل المسيح ولكن لم يّتفق المؤّرخون في تحديد تاريخ كل منها‪ .‬فمث ً‬
‫الخمسة الولى التي تكّون التوراة كانت ُتنسب إلى موسى الذي ُيظن أنه عاش في القرن الثالث عشر َقبل المسققيح‪.‬‬
‫ولكن يرى المؤّرخون أن هذه الكتب قد تم تجميعها وتدوينها في القرن التاسع َقبل المسيح‪ ،‬وهققي تحكققي أحققداثًا ل‬
‫ُيعرف ما إذا كانت أسطورّية أم تاريخّية‪ .‬وتضم قوانين أقتبست مققن الحضققارات المختلفققة الققتي عاشققرها اليهققود‪.‬‬
‫حة وتاريخ »الكتققب المقّدسققة« الخققرى‪ .‬ولكققن اليهققود المتققدّينون يققرون أن هققذه‬
‫وهناك أيضًا جدل حول مدى ص ّ‬
‫»الكتب المقّدسة« جميعها موحاة من ال مفروضة على الشعب اليهودي‪ .‬وسوف نعود لحقًا إلى نتائج مخالفة هذه‬
‫صة ترك فريضة الختان التي جاءت فيها‪.‬‬
‫الكتب‪ ،‬وخا ّ‬

‫صة للمشنا والتلمود الذين نعّرف بهما باختصار‪.‬‬


‫وبالضافة إلى الكتب المقّدسة اليهودّية‪ ،‬يعير اليهود مكانة خا ّ‬

‫»المشنا« كلمة تعني ما يحفظ عن ظهر قلب‪ .‬وُتطلق على مجموعقة ققوانين اليهقود السياسقّية والحقوقّيقة والمدنّيقة‬
‫والدينّية مأخوذة من تقاليد يهودّية قديمققة تعتمققد إعتمققادًا كققبيرًا علققى نصققوص الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة‪ .‬وقققد بققدأ‬
‫بجمعها شمعون بن جملئيل أحد فقهاء اليهود في طبرّيا سققنة ‪ 166‬بعققد المسققيح وأتّمهققا يهققوذا هاناسققي وتلمققذته‬
‫حوالي سنة ‪.216‬‬

‫حكمققاء اليهققود وفقهققائهم‪ ،‬وهققو يطلققق علققى‬


‫و »التلمود« كلمة تعني التعليم‪ .‬وهو إمتداد وتفسير للمشنا من تققأليف ُ‬
‫مجموعتين‪:‬‬

‫‪ -‬التلمود الورشليمي‪ :‬نسبة إلى أورشليم‪ ،‬ويسّمى أيضًا في أّيامنا »تلمققود أرض إسققرائيل«‪ ،‬وقققد تققم إنجققازه فققي‬
‫طبرّيا‪ .‬وكان الفراغ من تهذيبه في أواخر القرن الرابع الميلدي‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫‪ -‬التلمود البابلي‪ :‬وقد تم إنجازه في بغداد نحو أواخر القرن الخامس الميلدي‪ .‬وهقو نحقو أربعققة أضقعاف التلمقود‬
‫الورشليمي‪.‬‬

‫ول ندري ما إذا كان هناك ترجمة عربّية للمشنا والتلمودين‪ .‬لذلك إعتمدنا فققي كتابنققا هققذا علققى ترجمققات قققام بهققا‬
‫علماء يهود‪.‬‬

‫ويعتبر اليهود المشنا »نصف التوراة التي أنزلت على موسى في سيناء«‪ .1‬وقد أضفت المشنا أهّميققة للتلمققود لنققه‬
‫تعليق عليها‪ .‬فقد أحاط اليهود هذين الكتابين بقدسّية تكاد تضاهي قداسة الكتب المقّدسة ذاتهققا‪ .‬وإذا مققا أردنققا عمققل‬
‫مقارنة بين اليهود والمسلمين‪ ،‬يمكن القول إن الكتب المقّدسققة اليهودّيققة هققي بمنزلققة القققرآن الققذي يعتققبر المصققدر‬
‫سقّنة الصققحيحة الققتي تعتققبر المصققدر الثققاني‬‫الّول للتشريع عند المسلمين‪ ،‬والمشنا والتلمققود همققا بمنزلققة كتققب ال ُ‬
‫سست في القرن الثامن فققي بغقداد تققدعى »القّرائيقن« ترفضقهما تمامقًا‬ ‫للتشريع عند المسلمين‪ .‬ولكن فرقة يهودّية أ ّ‬
‫وتكتفي بالكتب المقّدسة دون تفسير‪ .‬وتجققدر الشققارة هنققا إلققى أن المشققنا والتلمققود قققد تعّرضققا لموضققوع الختققان‬
‫صة في الفصل المتعّلق بالقواعد التي تحكم السبت وذلك لمعرفة ما إذا كان ممكنًا القيام بالختان في ذاك اليوم أم‬ ‫خا ّ‬
‫ل‪.‬‬

‫سوف نترك موقف المشنا والتلمود من الختان إلقى الفصققول القادمقة ضققمن تحاليلنقا‪ .‬ونكتفققي هنقا بنققل نصققوص‬
‫الكتب المقّدسة اليهودّية ذاتها التي تتكّلم عن الختان‪.‬‬

‫‪ (2‬نصوص الكتب المقّدسة اليهودّية عن الختان‬


‫التكوين‪ :‬الفصل ‪17‬‬

‫ل‪(2) .‬‬ ‫سققر أمققامي وكققن كققام ً‬ ‫)‪ (1‬ولّما كان أبرام إبن تسع وتسعين سنة‪ ،‬تراءى له الرب وقال له‪ :‬أنا ال القدير‪ ،‬ف ِ‬
‫ل‪ (4) :‬هققا أنققا أجعققل‬ ‫سأجعل عهدي بيني وبينك وسأكثرك جّدا جّدا‪ (3) .‬فسقط أبرام على وجهه‪ .‬وخاطبه ال قققائ ً‬
‫عهدي معك فتصير أبا عدد كبير من المم )‪ (5‬ول يكون إسمك أبرام بعد اليوم‪ ،‬بققل يكققون إسققمك إبراهيققم‪ ،‬لنققي‬
‫جعلتك أبا عدد كبير من المم‪ (6) .‬وسأنميك جّدا جّدا وأجعلك أممًا‪ ،‬وملوك منك يخرجون‪ (7) .‬وأقيم عهدي بيني‬
‫وبينك وبين نسلك من بعدك مدى أجيالهم‪ ،‬عهدًا أبدّيا‪ ،‬لكون لققك إلهقًا ولنسققلك مققن بعققدك‪ (8) .‬وأعطيققك الرض‬
‫التي أنت نازل فيها‪ ،‬لك ولنسلك من بعدك‪ ،‬كل أرض كنعان‪ ،‬ملكًا مؤّبدا‪ ،‬وأكون لهم إلهًا‪ (9) .‬وقال ال لبراهيققم‪:‬‬
‫وأنت فاحفظ عهدي‪ ،‬أنت ونسلك من بعدك مدى أجيالهم‪ (10) .‬هذا هو عهدي القذي تحفظققونه بينققي وبينكققم وبيقن‬
‫نسلك من بعدك‪ :‬يختتن كل ذكر منكم‪ (11) .‬فتختنون في لحم غلفتكم‪ ،‬ويكون ذلك علمة عهد بيني وبينكققم‪(12) .‬‬
‫ضققة مققن كققل‬ ‫وابن ثمانية أّيام يختن كل ذكر منكم من جيل إلى جيل‪ ،‬سواء أكان مولودًا فققي الققبيت أم مشققترى بالف ّ‬
‫ضتك‪ ،‬فيكون عهدي في أجسادكم عهققدًا أبققدّيا‪) .‬‬ ‫غريب ليس من نسلك‪ (13) .‬يختن المولود في بيتك والمشترى بف ّ‬
‫‪ (14‬وأي أغلف من الذكور لم يختن في لحم غلفته‪ ،‬تفصل تلك النفس من ذويها‪ ،‬لنه قد نقض عهدي‪ (15 ) .‬وقال‬
‫ال لبراهيم‪ :‬ساراي إمرأتك ل تسمها ساراي‪ ،‬بل سقمها سقارة‪ (16) .‬وأنقا أباركهقا وأرزققك منهقا إبنقًا وأباركهقا‬
‫فتصير أممًا‪ ،‬وملوك شعوب منها يخرجون ]‪ (22) [...‬فلّما فرغ من مخاطبته إرتفع ال عن إبراهيققم‪ (23) .‬فأخققذ‬
‫ضته‪ ،‬كل ذكر من أهل بيتققه‪ ،‬فختققن لحققم غلفتهققم فققي‬ ‫إبراهيم إسماعيل إبنه وجميع مواليد بيته وجميع المشترين بف ّ‬
‫ذلك اليوم عينه‪ ،‬بحسب ما أمره ال به‪ (24) .‬وكان إبراهيم إبن تسع وتسعين سققنة عنققدما ختققن لحققم غلفتققه‪(25) .‬‬
‫ختققن إبراهيققم وإسققماعيل‬ ‫وكان إسماعيل إبنه إبن ثلث عشرة سنة حين ختن لحم غلفته‪ (26) .‬في ذلك اليوم عينه ُ‬
‫ختنوا معه‪.‬‬ ‫ضة من الغريب‪ُ ،‬‬ ‫إبنه )‪ (27‬وجميع رجال بيته‪ ،‬سواء أكانوا مواليد بيته أم مشترين بالف ّ‬

‫التكوين‪ :‬الفصل ‪21‬‬

‫)‪ (1‬وافتقد الرب سارة كما قال‪ ،‬وصنع الرب إلقى سقارة كمقا ققال‪ (2) .‬فحملقت سقارة وولقدت لبراهيقم إبنقًا فقي‬
‫شيخوخته في الوقت الذي وعد ال به‪ (3) .‬فسّمى إبراهيققم إبنققه المولققود لققه‪ ،‬الققذي ولققدته لققه سققارة‪ ،‬إسققحاق‪(3) .‬‬

‫حول أهّمية المشنا عند اليهود‪ ،‬أنظر المقّدمة التي كتبها ‪ Jacob Neusner‬لترجمته ‪The Mishnah, p. XIV‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫وختن إبراهيم إسحاق إبنه‪ ،‬وهو إبن ثمانية أّيام‪ ،‬بحسب ما أمره ال به‪ (4) .‬وكان إبراهيم إبن مائة سنة حيققن ولققد‬
‫له إسحاق إبنه‪.‬‬

‫التكوين‪ :‬الفصل ‪34‬‬

‫)‪ (1‬وخرجت دينة بنت ليئة التي ولدتها ليعقوب‪ ،‬لترى بنات البلد‪ (2) .‬فرآهققا شققكيم بققن حمققور الحمققوي‪ ،‬رئيققس‬
‫البلد‪ ،‬فأخذها وضاجعها واغتصبها ]‪ (5) [...‬وسمع يعقوب أن شكيم قد دّنس دينة إبنته‪ ،‬وكان بنوه مع ماشيته فققي‬
‫ل‪ :‬إن شكيم إبني قد تعّلقت نفسه بابنتكم‪ ،‬فأعطوه إّياهققا‬‫البّرية‪ ،‬فسكت حّتى رجعوا ]‪ (8) [...‬فتكّلم حمور معهم قائ ً‬
‫زوجة )‪ (9‬وصاهرونا‪ :‬أعطونا بناتكم واّتخذوا بناتنا ]‪ (13) [...‬فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمققور أبققاه وكّلموهمققا‬
‫بمكر لن شكيم دّنس دينة أختهم‪ (14) ،‬وقالوا لهما‪ :‬ل نستطيع أن نصنع هذا‪ :‬أن نعطي أختنا لرجل أغلققف‪ ،‬لنققه‬
‫ل إذا صرتم مثلنا بأن يختتن كل ذكر منكقم‪ (16) ،‬فنعطيكقم بناتنقا ونتخقذ‬ ‫عار عندنا‪ (15) .‬ول نوافقكم على ذلك إ ّ‬
‫بناتكم ونقيم عندكم ونصير شعبًا واحدًا‪ (17) .‬وإن لم تسمعوا لنا ولم تختتنوا‪ ،‬نأخققذ إبنتنققا ونمضققي‪ (18) .‬فحسققن‬
‫كلمهم في عيني حمور وشكيم إبنه )‪ (19‬ولم يلبث الفتى أن صنع ذلك‪ ،‬لنه كان مشغوفًا بابنة يعقوب‪ ،‬وكان هققو‬
‫أوجه أهل بيت أبيه كّلهم‪ (20) .‬فلّما دخل حمور وشكيم إبنه باب مدينتهما‪ ،‬خاطبا أهلها ]‪ (24) [...‬فسققمع لحمققور‬
‫وشكيم إبنه كل من خرج من باب مدينته واختتن كل ذكر منهم‪ ،‬كل الخققارجين مققن بققاب مققدينته‪ (25) .‬وكققان فققي‬
‫اليوم الثالث وهم متأّلمون أن إبني يعقوب‪ ،‬شمعون ولوي‪ ،‬أخوي دينة‪ ،‬أخذا كل واحد سيفه ودخل المدينة آمنين‪،‬‬
‫فقتل كل ذكر‪ (26) ،‬وحمور وشكيم إبنه قتلهما بحد السيف‪ ،‬وأخذا دينة من بيققت شققكيم وخرجققا‪ (27) .‬ثققم دخققل‬
‫بنو يعقوب على القتلى وسلبوا ما في المدينة بسبب تدنيس أختهم ]‪ (29) [...‬وسققبوا كققل ثروتهققم وجميققع أطفققالهم‬
‫ونسائهم‪ ،‬وسلبوا كل ما في البيت‪.‬‬

‫الخروج‪ :‬الفصل ‪4‬‬

‫)‪ (19‬وقال الرب لموسى بمدين‪ :‬إذهب فارجع إلى مصر‪ ،‬فإنه قد مات جميقع النقاس القذين يطلبقون نفسقك‪(20) .‬‬
‫فأخذ موسى إمرأته وبنيه واركبهما على الحمار ورجع إلى أرض مصر‪ ،‬وأخذ عصا ال بيققده‪ (21) .‬وقققال الققرب‬
‫لموسى ]‪ (22) [...‬تقول لفرعون‪ :‬كذا قال الرب‪ :‬إسرائيل هو إبني البكققر‪ (23) .‬قلققت لققك‪ :‬أطلققق إبنققي ليعبققدني‪،‬‬
‫وإن أبيت أن تطلقه فهاءنذا قاتل إبنك البكر‪ (24) .‬ولّما كان في الطريق في المبيت لقيقه القرب فطلقب قتلقه‪(25) .‬‬
‫ست بها رجلي موسى وقالت‪ :‬إنك لي عروس دم‪) .‬‬ ‫فأخذت صّفورة ]زوجة موسى[ صّوانة وقطعت غلفة إبنها وم ّ‬
‫‪ (26‬فانصرف عنه‪ .‬كانت قد قالت‪ :‬عروس دم‪ ،‬من أجل الختان‪.‬‬

‫الخروج‪ :‬فصل ‪12‬‬

‫ضققة‬
‫)‪ (42‬وقال الرب لموسى وهارون‪ :‬هذه فريضة الفصح‪ .‬كل أجنبي ل يأكل منه‪ (44) ،‬وكققل عبققد مشققترى بف ّ‬
‫تختنه‪ ،‬ثم يأكل منه‪ (45) .‬والضيف والجير ل يأكلن منه ]‪ (48) [...‬وإذا نزل بكققم نزيققل وأراد أن يقيققم فصققحًا‬
‫للرب‪ ،‬فليختتن كل ذكر له‪ ،‬ثم يتقّدم فيقيمه ويصير كابن البلد‪ ،‬وكل أغلف ل يأكل منه‪.‬‬

‫الحبار‪ :‬الفصل ‪12‬‬

‫ل‪ (2) :‬كّلم بني إسرائيل وقل لهم‪ :‬أّية إمرأة حبلت فولدت ذكققرًا تكققون نجسققة سققبعة‬
‫)‪ (1‬وخاطب الرب موسى قائ ً‬
‫أّيام‪ ،‬كأّيام طمثها تكون أّيام نجاستها‪ (3) .‬وفي اليوم الثامن تختن غلفة المولود‪ (4) .‬وثلثة وثلثين يومًا تظل فققي‬
‫تطهير دمها‪ .‬ل تلمس شيئًا من القداس ول تدخل المقدس‪ ،‬حّتى تتم أّيام تطهيرهققا‪ (5) .‬فققإن ولققدت أنققثى‪ ،‬تكققون‬
‫نجسة أسبوعين كما في طمثها‪ ،‬وسّتة وسّتين يومًا تظل في تطهير دمها‪ (6) .‬وعند إكمال أّيام طهرها‪ ،‬لققذكر كققان‬
‫أو لنثى‪ ،‬تأتي بحمل حولي محرقة‪ ،‬وبفرخ حمام أو بيمامة ذبيحة خطيئة‪ ،‬إلى باب خيمة الموعقد‪ ،‬إلققى الكققاهن‪) .‬‬
‫‪ (7‬فيقّربهما أمام الرب ويكّفر عن المرأة‪ ،‬فتطهر من سيلن دمها‪ .‬هذه شققريعة الققولدة ذكققرًا وأنققثى‪ (8) .‬فققإن لققم‬
‫يكن في يدها ثمن حمل‪ ،‬فلتأخذ زوجي يمام أو فرخي حمام‪ :‬أحدهما محرقققة والخققر ذبيحققة خطيئة‪ ،‬فليكّفققر عنهققا‬
‫الكاهن فتطهر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الحبار‪ :‬الفصل ‪19‬‬

‫)‪ (23‬وإذا دخلتم الرض وغرستم كل شجر يؤكل‪ ،‬فاصنعوا بثمره صنيعكم بغلفته‪ :‬ثلث سنين يكققون لكققم أغلققف‬
‫ل يؤكل منه‪ (24) .‬وفي السنة الرابعة يكون ثمره قققدس إبتهققاج للققرب‪ (25) .‬وفققي السققنة الخامسققة تققأكلون ثمققره‬
‫لتزداد لكم غلته‪.‬‬

‫الحبار‪ :‬الفصل ‪26‬‬

‫)‪ (38‬وتهلكون بين المم وتأكلكم أرض أعدائكم‪ (39) .‬والباقون منكم يتعّفنون بإثمهم في أراضي أعدائكم‪ ،‬وبآثققام‬
‫آبائهم معهم أيضًا يتعّفنون‪ (40) ،‬حّتى يعترفوا بإثمهم وبإثم آبائهم في خيانتهم لي وأيضًا في معاداتهم فققي سققيرهم‬
‫معي‪ (41) .‬لذلك أنا أيضًا أعاديهم في سيري معهم وأدخلهم أرض أعدائهم‪ ،‬وتتققذلل قلققوبهم الغلققف ويفققون عنققدئذ‬
‫عن إثمهم‪.‬‬

‫تثنية‪ :‬الفصل ‪10‬‬

‫ل أن تتقي الرب إلهك سائرًا في جميع طرقه ومحبًا إّيققاه‪،‬‬ ‫)‪ (12‬والن يا إسرائيل‪ ،‬ما الذي يطلبه منك الرب إلهك إ ّ‬
‫سوا رقابكم بعد اليوم‪.‬‬
‫وعابدًا الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك ]‪ (16) [...‬فاختنوا غلف قلوبكم‪ ،‬ول تق ّ‬

‫تثنية‪ :‬الفصل ‪30‬‬

‫)‪ (5‬ويأتي بك الرب إلهك إلى الرض التي ورثها آباؤك فترثها‪ ،‬ويحسن إليك وينميك أكثر من آبائك‪ (6) .‬ويختن‬
‫الرب إلهك قلبك وقلب نسلك‪ .‬لتحب الرب إلهك بكل قلبك وبكل نفسك‪ ،‬لكي تحيا‪.‬‬

‫يشوع‪ :‬الفصل ‪5‬‬

‫)‪ (2‬في ذلك الزمان‪ ،‬قال الرب ليشوع‪ :‬إصنع لك سكاكين من صّوان وعد إلى ختن بني إسرائيل مّرة أخرى‪(3 ) .‬‬
‫فصنع يشوع سكاكين من صّوان وختن بني إسرائيل على تل الغلف‪ (4) .‬وهققذا سققبب ختققن يشققوع لهققم‪ :‬كققان كققل‬
‫الشعب الذين خرج من مصر‪ ،‬كل ذكر منه‪ ،‬رجل حققرب‪ ،‬قققد مققات فققي البّريققة علققى الطريققق‪ ،‬بعققد خروجققه مققن‬
‫مصر‪ (5) .‬وكان كل الشعب الذي خرج من مصر قد إختتن‪ .‬وأّما كل الشعب الذي ولد في البّرية في الطريق‪ ،‬بعد‬
‫خروجه من مصر‪ ،‬فلم يختتن‪ (6) ،‬لن بني إسرائيل ساروا أربعين سنة في البّرية‪ ،‬إلى أن انقرضت الّمققة كّلهققا‪،‬‬
‫رجال الحرب الخارجين من مصر‪ ،‬الذين لم يطيعوا أمر الرب‪ ،‬الذي قسم الققرب أن ل يريهققم الرض الققتي أقسققم‬
‫ل‪ (7) .‬وبنقوهم القذين أققامهم مكقانهم هقم القذين ختنهقم يشقوع‪،‬‬ ‫لبائهم أن يعطينا إّياها‪ ،‬أرضًا تدر لبنًا حليبًا وعس ً‬
‫لنهم كانوا غلفًا‪ ،‬إذ لم يختتنوا في الطريق‪ (8) .‬ولّما إنتهت الّمة كّلها من الختتان‪ ،‬أقاموا مكانهم في المخّيم إلققى‬
‫أن برئوا‪ (9) .‬فقال الرب ليشوع‪» :‬اليوم رفعت عار المصرّيين عنكم« فدعي ذلك المكان الجلجال إلى هذا اليوم‪.‬‬

‫القضاة‪ :‬الفصل ‪14‬‬

‫)‪ (1‬ونزل شمشون إلى تمنة‪ ،‬فرأى في تمنة إمرأة من بنات فلسطين‪ (2) .‬فصعد وأخبر أباه وأّمه وقال‪ :‬رأيت فققي‬
‫تمنة إمرأة من بنات الفلسطينيين‪ ،‬فاّتخذاها الن لي زوجة‪ (3) .‬فقال له أبقوه وأّمققه‪ :‬أليققس فققي بنققات إخوتققك وفققي‬
‫شعبي كّله إمرأة‪ ،‬حّتى تذهب وتأخذ إمرأة من الفلسطينيين الغلف؟ فقال شمشون لبيققه‪ :‬بققل إّياهققا تأخققذ لققي‪ ،‬لنهققا‬
‫حسنت في عيني‪.‬‬

‫‪ 1‬صموئيل‪ :‬الفصل ‪14‬‬

‫)‪ (6‬فقال يوناتان للخادم الحامل سلحه‪ :‬هل تعبر إلى مفرزة أولئك الغلف‪ ،‬لّعل الرب يعمل لجلنا‪ ،‬لنققه ل يعسققر‬
‫على الرب أن يخّلص بالعدد الكثير أو القليل‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ 1‬صموئيل‪ :‬الفصل ‪18‬‬

‫)‪ (6‬وكان‪ ،‬عند وصولهم حين رجع داود من قتل الفلسطينيين‪ ،‬أن خرجت النساء من جميققع مققدن إسققرائيل‪ ،‬وهققن‬
‫يغنين ويرقصن بدفوف وهتافات إبتهاج ومثّلثات في إستقبال شاول الملك‪ (7) .‬فأنشدت النسققاء الراقصققات وقلققن‪:‬‬
‫قتل شاول ألوفه وداود ربواته‪ (6) .‬فغضب شققاول ]‪ (20) [...‬وأحّبققت ميكققال‪ ،‬إبنققة شققاول‪ ،‬داود‪ ،‬فقُأخبر شققاول‪،‬‬
‫فحسن المر في عينيه‪ (21) .‬وقال شاول في نفسه‪ :‬أعطيه إّياها‪ ،‬فتكون له فخًا‪ ،‬وتكون يد الفلسطينيين عليققه ]‪[...‬‬
‫)‪ (25‬فقال شاول ]لحاشيته[‪ :‬هذا ما تقولقونه لقداود‪ :‬ليسقت رغبقة الملقك فقي المهقر‪ ،‬ولكّنقه يريقد مقائة غلفقة مقن‬
‫الفلسطينيين إنتقامًا من أعداء الملك‪ .‬وكان شاول قد أضمر أن يوقع داود في يد الفلسطينيين‪ (26) .‬فأخبرت حاشية‬
‫شاول داود بهذا الكلم‪ ،‬فحسن المر في عيني داود أن يصاهر الملك‪ (27) .‬فلم تتم الّيام حّتى قام داود وذهب هو‬
‫ورجاله وقتل من الفلسطينيين مائتي رجل وجاء بغلفهم‪ ،‬فسلمت بتمامها إلى الملك ليصاهره‪ .‬فزوجه شاول ميكققال‬
‫إبنته‪ (28) .‬ورأى شاول وعلم أن الرب مع داود‪.‬‬

‫‪ 1‬ملوك‪ :‬الفصل ‪19‬‬

‫)‪ (9‬ودخل إيلّيا المغارة هناك وبات فيها‪ .‬فإذا بكلم الرب إليه يقول‪ :‬ما بالك ههنا يا إيلّيا؟ )‪ (10‬فقال‪ :‬إنققي غققرت‬
‫طموا مذابحك وقتلققوا أنبيققاءك بالسققيف‪ ،‬وبقيققت أنققا‬
‫غيرة للرب‪ ،‬إله القوات‪ ،‬لن بني إسرائيل قد تركوا عهدك وح ّ‬
‫وحدي‪ ،‬وقد طلبوا نفسي ليأخذوها‪.‬‬

‫يهوديت‪ :‬الفصل ‪14‬‬

‫)‪ (10‬ورأى أحيور كل ما فعل إله إسرائيل فآمن بال إيمانًا راسخًا وختن لحم غلفته فضقم إلقى بيققت إسققرائيل إلقى‬
‫اليوم‪.‬‬

‫أشعيا‪ :‬الفصل ‪52‬‬

‫)‪ (1‬إستيقظي إستيقظي‪ ،‬إلبسي عّزك يا صهيون‪ ،‬إلبسي ثياب فخرك يققا أورشققليم يققا مدينققة القققدس‪ ،‬فققإنه ل يعققود‬
‫يدخلك أغلف ول نجس‪.‬‬

‫أشعيا‪ :‬الفصل ‪56‬‬

‫)‪ (1‬هكذا قال الرب‪ :‬حافظوا على الحق وأجروا البر فقد إقترب خلصي أن يجيء وِبقّري أن يتجلققى‪ (2) .‬طققوبى‬
‫سك به الذي يحافظ على السبت فل ينتهكه ويحفظ يده من فعققل كققل شققر‪(3) .‬‬ ‫للنسان العامل بذلك ولبن آدم المتم ّ‬
‫ل يقل إبن الغريب الذي إنضم إلققى الققرب‪» :‬إن الققرب يفصققلني عققن شققعبه«‪ .‬ول يقققل الخصققي‪» :‬هققا أنققا شققجرة‬
‫سقكون‬ ‫يابسة«‪ (4) .‬فإنه هكذا قال الرب للخصيان‪ :‬الققذين يحقافظون علقى سققبوتي ويقؤثرون مقا رضقيت بقه ويتم ّ‬
‫بعهدي )‪ (5‬أعطيهم في بيتي وداخل أسواري نصبًا واسمًا خيرًا من البنين والبنات وأعطي كققل واحققد منهققم إسققمًا‬
‫أبدّيا ل ينقرض‪ (6) .‬وبنو الغريب المنضّمون إلى الرب ليخدموه ويحّبققوا إسققم الققرب ويكونققوا لققه عبيققدًا كققل مققن‬
‫سك بعهدي )‪ (7‬آتققي بهققم إلققى جبققل قدسققي وُأفّرحهققم فققي بيققت صققلتي وتكققون‬ ‫حافظ على السبت ولم ينتهكه وتم ّ‬
‫محرقاتهم وذبائحهم مرضّية على مذبحي لن بيتي بيت صلة يدعى لجميع الشعوب‪.‬‬

‫أشعيا‪ :‬الفصل ‪59‬‬

‫)‪ (21‬وأنا فهذا عهدي معهم‪ ،‬قال الرب‪ :‬روحي الذي عليك وكلمي الذي جعلته في فمققك ل يققزول مققن فمققك‪ ،‬ول‬
‫من فم نسلك‪ ،‬ول من فم نسل نسلك‪ ،‬قال الرب‪ ،‬من الن وللبد‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫أرميا‪ :‬الفصل ‪4‬‬

‫)‪ (1‬إن رجعت‪ ،‬يا إسرائيل‪ ،‬يقول الرب‪ ،‬إن رجعت إلي ونزعت أقذارك من أمققام وجهققي ولققم تشققرد‪ (2) .‬وكققان‬
‫حكم والبر‪ ،‬تباركت المم به وبه إفتخرت )‪ (3‬لنه هكذا يقول الققرب لرجققال يهققوذا‬ ‫حلُفك ‪ -‬حي الرب ‪ -‬بالحق وال ُ‬ ‫ٌ‬
‫ولورشليم‪ :‬أحرثوا لكم بورًا ول تزرعوا بين الشوك‪ (4) .‬إختتنققوا للققرب وأزيلققوا غلققف قلققوبكم يققا رجققال يهقوذا‬
‫ل يخرج غضبي كالنار فيحرق وليس من مطفئ بسبب شر أعمالكم‪.‬‬ ‫وسّكان أورشليم لئ ّ‬

‫أرميا‪ :‬الفصل ‪6‬‬

‫)‪ (10‬من ذا أكّلم ومن أشهد عليه فيسمعوا‪ .‬ها إن آذانهم غلف فل يستطيعون الصغاء‪ .‬ها إن كلمة الرب صققارت‬
‫لهم عارًا ل يهوونها‪.‬‬

‫أرميا‪ :‬الفصل ‪9‬‬

‫)‪ (24‬ها إنها تأتي أّيام‪ ،‬يقول الرب‪ ،‬أعاقب فيها كققل المختقونين فققي أجسققادهم‪ (52) .‬مصققر ويهقوذا وادوم وبنققي‬
‫عمون وموآب‪ ،‬وكل مقصوصي السوالف الساكنين فقي البّريقة‪ ،‬لن كقل المقم غلقف‪ ،‬وكقل بيقت إسقرائيل غلقف‬
‫القلوب‪.‬‬

‫حزقيال‪ :‬الفصل ‪28‬‬

‫ل‪ (2) :‬يا إبن النسان‪ ،‬قل لرئيققس صققور هكققذا قققال السقّيد الققرب ]‪ (10) [...‬إنققك‬
‫)‪ (1‬وكانت إلي كلمة الرب قائ ً‬
‫تموت موت الغلف بيد الغرباء‪.‬‬

‫حزقيال‪ :‬الفصل ‪31‬‬

‫ل‪ (2) :‬يققا إبققن‬


‫)‪ (1‬وفي السنة الحادية عشرة‪ ،‬في الشهر الثالث‪ ،‬في الّول من الشهر‪ ،‬كانت إلققي كلمققة الققرب قققائ ً‬
‫النسان‪ ،‬قل لفرعون‪ ،‬ملك مصر‪ ،‬ولجمهوره‪ :‬من شابهت في عظمتك؟ ]‪ (18) [...‬من شابهت هذه المشققابهة فققي‬
‫المجد والعظمة بين أشجار عدن؟ فها إنك قد ُأهبطت مع أشجار عدن إلى الرض السفلى‪ ،‬فتضجع بين الغلققف مققع‬
‫قتلى السيف‪.‬‬

‫حزقيال‪ :‬الفصل ‪32‬‬

‫)‪ (18‬يا إبن النسقان‪ ،‬ولقول علقى جمهقور مصقر وأهبطقه‪ ،‬هقو وبنقات المقم الجليلقة‪ ،‬إلقى الرض السقفلى مقع‬
‫الهابطين في الجب‪ (19) .‬من الذي فقته ظرفًا؟ أهبط وأضجع مع الغلف‪ (20) .‬إنهم سقققطوا بيققن القتلققى بالسققيف‪.‬‬
‫ُأسلمت إلى السيف فانزعوها هي وكل جمهورها‪ُ (21) .‬يكّلمه من وسط مثوى الموات أقويققاء الجبققابرة الققذين قققد‬
‫هبطوا مع أنصاره وأضجعوا وهم غلف قتلى بالسيف‪.‬‬

‫حزقيال‪ :‬الفصل ‪44‬‬

‫)‪ (6‬وقل للمتمّردين‪ ،‬لبيت إسرائيل‪ :‬هكذا قال السّيد الرب‪ :‬كفاكم جميع قبائحكم‪ ،‬يققا بيققت إسققرائيل )‪ ،(7‬وإدخققالكم‬
‫بني الغرباء الغلف القلوب‪ ،‬الغلف الجساد‪ ،‬ليكونوا في مقدسي ويدّنسوا بيققتي‪ ،‬وتقريبكققم طعققامي‪ ،‬الشققحم والققدم‪،‬‬
‫ونقضكم عهدي بجميع قبائحكم‪ (8) ،‬ولم تقوموا بخدمة أقداسي‪ ،‬بل أقمتم من يقومون بالخدمة عنكم في مقدسققي‪) .‬‬
‫‪ (9‬هكذا قال السّيد الرب‪ :‬ل يدخل مقدسي إبن غريب أغلف القلب أغلف الجسد من جميع بني الغربققاء الققذين بيققن‬
‫بني إسرائيل‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫حبقوق‪ :‬الفصل ‪2‬‬

‫)‪ (15‬ويل لمن يسقي قريبه مازجًا مسكرك حّتى يسققكره لينظققر إلققى عققورته‪ (16) .‬قققد شققبعت هوانقًا بققدل المجققد‬
‫فاشرب أنت أيضًا واكشف عن غلفتك فإن كأس يمين الرب تنقلب عليك وينقلب العار على مجدك‪.‬‬

‫‪ 1‬المكابيين‪ :‬الفصل ‪1‬‬

‫)‪ (11‬وفي تلك الّيام خرج من إسرائيل أبناء ل خير فيهم فأغروا كثيرين بقولهم‪ :‬هلموا نعقد عهدًا مع المققم الققتي‬
‫حولنا‪ ،‬فإّننا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة‪ (12) .‬فحسن الكلم في عيونهم )‪ (13‬وبادر بعض مققن الشققعب‬
‫سسة رياضّية بدنّيققة فققي أورشققليم علققى حسققب‬ ‫وذهبوا إلى الملك‪ ،‬فأذن لهم أن يعملوا بأحكام المم‪ (14) .‬فبنوا مؤ ّ‬
‫سَنن المم )‪ (15‬وعملوا لنفسهم غلفًا وارتدوا عن العهد المقّدس واقترنوا بالمم‪ ،‬وباعوا أنفسهم لعمل الشققر ]‪[...‬‬ ‫ُ‬
‫سقَننه‪،‬‬
‫)‪ (41‬وكتب الملك أنطيوخس إلى مملكته كّلهققا بققأن يكونققوا جميعقًا شققعبًا واحققدًا )‪ (42‬ويققتركوا كققل واحققد ُ‬
‫حبوا بعبادته فذبحوا للصققنام واسققتباحوا حرمققة‬ ‫فأذعنت المم بأسرها لكلم الملك‪ (43) .‬وكثيرون من إسرائيل ر ّ‬
‫سَننًا غريبة عن أرضققهم ]‪) [...‬‬ ‫السبت‪ (44) .‬وانفذ الملك كتبًا عن أيدي رسل إلى أورشليم ومدن يهوذا أن يّتبعوا ُ‬
‫جسوا أنفسهم بكل نجاسة وقبيحة )‪ (49‬كي ينسوا الشريعة ويغّيققروا جميققع الحكققام‪) .‬‬ ‫‪ (48‬ويتركوا بينهم غلفًا وين ّ‬
‫‪ (50‬ومن ل يعمل بمقتضى كلم الملك ُيقتل‪ (53) .‬وكتب بمثل هذا الكلم كّله إلى مملكته بأسققرها وأقققام مراقققبين‬
‫على كل الشعب ]‪ (60) [...‬وكانوا‪ ،‬بمقتضى المر الصادر‪ ،‬يقتلون النساء اللواتي ختن أولدهن‪ (61) ،‬ويعّلقققون‬
‫أطفالهن في أعناقهن‪ ،‬ويقتلون أيضًا أقاربهن والذين ختنوهم‪ (62) .‬غير أن كثيرين في إسرائيل صمدوا وصّمموا‬
‫جسققوا بالطعمققة ول يدّنسققوا العهققد المققّدس‪،‬‬ ‫ل يتن ّ‬‫في أنفسهم على أن ل يأكلوا نجسًا‪ (63) ،‬وارتضققوا بققالموت لئ ّ‬
‫فماتوا‪ (64) .‬وحل على إسرائيل غضب شديد جّدا‪.‬‬

‫‪ 1‬المكابيين‪ :‬الفصل ‪2‬‬

‫)‪ (1‬في تلك الّيام‪ ،‬قام متتيا بن يوحّنا بن سمعان‪ ،‬وهو كاهن من بنققي يويققاريب‪ ،‬وخققرج مققن أورشققليم وأقققام فققي‬
‫مودين )‪ (2‬وكان له خمسة بنين ]‪ (6) [...‬ولّما رأى ما ُيصنع من المنكرات فققي يهققوذا وأورشققليم )‪ (7‬قققال‪ :‬ويققل‬
‫لي! أولدت لرى تحطيم شعبي وتحطيم المدينة المقّدسة‪ ،‬وأبقى ههنا جالسًا والمدينة تسّلم إلى أيدي العداء ويس قّلم‬
‫المقدس إلى أيدي الجانب؟ ]‪ (42) [...‬حينئذ إجتمعت إليهم جماعة الحسيديين‪ ،‬وهم ذوو البأس في إسرائيل وكققل‬
‫من تطّوع في سبيل الشريعة ]‪ (45) [...‬ثم جققال متتيققا وأصققحابه وهققدموا المذابققح )‪ (46‬وختنققوا بققالقّوة كققل مققن‬
‫وجدوه في بلد إسرائيل من الولد الغلف‪.‬‬

‫‪ 2‬المكابيين‪ :‬الفصل ‪6‬‬

‫)‪ (1‬وبعد ذلك بقليل‪ ،‬أرسل الملك جيرون الثيني ليكره اليهود على الرتداد عن شريعة آبققائهم ول يّتبعققوا شققرائع‬
‫سقَنن اليونانّيققة‪ ،‬فكقان فقي إمكققانهم أن يتوّقعققوا دنقو الكارثققة‪ (10) .‬فققإن‬
‫ال ]‪ (9) [...‬وأن ُيذبح من أبى أن يّتخذ ال ُ‬
‫إمرأتين أحضرتا لنهما ختنتا ولديهما‪ .‬فعّلقوا طفليهما على أثديهما وطافوا بهما في المدينة علنية‪ ،‬ثم القوهما عن‬
‫السور‪.‬‬

‫هذه هي نصوص الكتب المقّدسة اليهودّية الققتي تتكّلققم عققن الختققان بوضققوح‪ .‬ولكققن يجققب أن نشققير إلققى أن كلمققة‬
‫»الختان« أستبِدلت بكلمة »العهد« في الفصل ‪ 17‬من سفر التكوين وفي الفصل ‪ 56‬من سققفر أشققعيا وفققي الفصققل‬
‫الّول والثاني من سفر المكابيين الّول‪ .‬ونحن نجد كلمة »العهد« ‪ 307‬مّرات فققي الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة‪ .‬وقققد‬
‫سرت هذه الكلمة في بعض اليات دون أي برهان أكيد بأنها ترمز للختان كما هو المر في الفصل ‪ 59‬مققن سققفر‬ ‫فّ‬
‫‪1‬‬
‫أشعيا ول داعي هنا لذكرها جميعها ‪.‬‬

‫ل للعتماد على هذا النص الخير عند كاتب يهودي حديث ‪Klein: A guide to Jewish religious‬‬
‫أنظر مثا ً‬ ‫‪1‬‬

‫‪.practice, p. 421‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬وجوب ختان الذكور عند اليهود‬
‫ينقسم هذا الفصل إلى فرعين‪ .‬نستعرض في الفرع الّول مفهوم الختققان عنققد اليهققود‪ .‬وفققي الفققرع الثققاني‪ ،‬النتققائج‬
‫المترّتبة على عدم الختان‪.‬‬

‫الفرع الّول‪ :‬مفهوم الختان عند اليهود‬


‫قبل أن نخوض في مفهوم الختان عند اليهود‪ ،‬نققود أن نلقققي نظققرة تاريخّيققة سققريعة علققى تلققك العققادة فققي الشققرق‬
‫الوسط وهو المحيط الجغرافي الذي عاش فيه اليهود لنرى مدى تأثير ذلك المحيط على الفكر اليهودي‪.‬‬

‫‪ (1‬ختان الذكور في الشرق الوسط قديمًا‬


‫يرى السّكري أن الختان بدأ مع آدم‪:‬‬
‫»قال بعض المؤّرخين إن أّول من فعله آدم عليه السلم عقب معصيته بأكله من الشجرة التي نهاه ال‬
‫سقّنة الختققان مققن جيققل إلققى‬
‫عن الكل منها أّول المر وبعد أن تاب ال عليه‪ .‬ومنذ هذا الوقت تسّللت ُ‬
‫سّنة من بعده حّتى أمر ال تعالى بها إبراهيم عليه السققلم بإحيائهققا لمققا‬
‫جيل ولّعل أولده تركوا هذه ال ُ‬
‫فيها من النظافة والطهارة ولنها من شعار السلم«‪.‬‬

‫ويضيف السّكري‪:‬‬
‫»نحن ل نستبعد أن يكون الختان بدأ مع بداية آدم عليه السلم ل بوصققفه أبقًا للبشققرّية وإّنمققا بوصققفه‬
‫سّنة‬
‫سّنة القديمة التي إّتفقت عليها جميع الشرائع وهي ُ‬ ‫ل‪ .‬ذلك أن الختان من الفطرة‪ ،‬وهي ال ُ‬ ‫نبيًا مرس ً‬
‫‪1‬‬
‫جبلوا عليها« ‪.‬‬
‫النبياء التي ُ‬

‫والسقّكري وغيققره مققن المققؤّلفين المسققلمين‪ 2‬يعتمققدون علققى روايققة إنجيققل برنابققا الققذي سققننقلها كاملققة فققي القسققم‬
‫السلمي‪.‬‬

‫ولكن هناك أيضًا روايات يهودّية وإسلمّية تقول بأن آدم ولد مختونًا كرامة من ال كغيره من النبياء كمققا سققنرى‬
‫لحقًا‪ .‬والكلم عن ختان آدم ينبع من إعتقاد ديني ل يمكن التحّقق منه تاريخيًا لعدم وجققود نققص أو نقققش مقن ذلققك‬
‫التاريخ نرجع إليه‪ .‬وهذه الرواية تناقض التوراة وحديثًا منسوبًا للنبي محّمد اللذين يعتبران أن أّول مققن إختتققن هقو‬
‫إبراهيم‪ .‬وهذه الرواية الخيرة تناقضها روايات إسلمّية أخرى تقول بأن إبراهيم قد ولد مختونًا‪ .‬وسوف نعود إلى‬
‫هذه الروايات المتناقضة لحقًا‪.‬‬

‫وإذا ما تركنا روايات اليهود والمسلمين جانبًا‪ ،‬نرى أن هناك شقواهد علقى أن الختققان ققد ُمقورس فقي مصقر َقبققل‬
‫ظفي‬ ‫التاريخ المفترض لوجود إبراهيم‪ .‬فهناك مسّلة من القرن الثالث والعشرين َقبققل المسققيح كتققب عليهققا أحققد مققو ّ‬
‫الملك أنه ختن ضمن ‪ 120‬رجل‪ .‬وفي القرن العشرين َقبل المسيح ذكر الملك سينوسققيرت الّول أن اللققه الشققمس‬
‫ل لم يفقد غلفته بعققد‪ .‬وتقريبقًا فققي القققرن التاسققع عشققر يققول الحققاكم خنوبهققوتيم‬
‫قد عينه سّيد البشر عندما كان طف ً‬
‫عّين حاكمًا قبل أن يختن‪ .‬وهناك بعض النقوش والصور التي تبّين إجراء عملّية الختققان منققذ‬ ‫الثاني أن أباه كان قد ُ‬
‫زمن قديم في مصر‪ .‬ففي إحدى صور من قبر يرجع للسللة السادسة )‪ 2000-2350‬ق‪.‬م( نرى شاّبا يختن‪ .‬وفققي‬
‫منظر في هيكل الكرنك يرجع إلى القرن الخامس عشر َقبل المسيح نرى صبيين مققا بيققن السادسققة والثامنققة وهمققا‬
‫يختنان‪ .‬ففي نقش نرى شخصًا واقفًا وقد جلس على الرض أمامه الجقّراح ممسققكًا بيققده اليمنققى آلقة مسققتطيلة فققي‬
‫وضع عمودي على العضو وفي إّتجاه طوله‪ .‬ونلحظ أنه ل تبدوا على أسارير وجه المختتن ما ينم عن تأّلمه‪ .‬أّمققا‬
‫الجزء اليسر فيظهر فيه الجّراح ممسكًا بآلة أو بشيء آخر بيضوي الشكل )قققد يكققون صقّوانا( يلمققس بققه العضققو‬
‫التناسلي الذي يسنده بيده اليسرى‪ .‬وفي هذا الجزء تدل ملمح المريض على شعوره باللم‪ .‬ونلحققظ كققذلك وجققود‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر أيضًا عبد الرازق‪ :‬الختان‪ ،‬صفحة ‪.16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪48‬‬
‫مساعد الجّراح خلف المريض وقد امسك بذراعيه على إرتفاع وجهه في عنف ونقرأ ققول الطقبيب‪» :‬امسقكه كيل‬
‫يقع«‪ ،‬والجابة‪» :‬سأفعل وفق إشارتك«‪ .‬وفي معبد الكرنك بالقصر نقشًا لعملّيققة ختققان يظهققر فيققه الجقّراح وهققو‬
‫يضع اللة القاطعة بيده اليمنى على عضققو الققذكورة فققي مسققتوى الكمققرة‪ ،‬بعققد ربققط العضققو بربققاط دائري علققى‬
‫قاعدته‪ ،‬ويفتح فتحة الغلفة بأصابع يده اليسرى‪ .‬ويبدو أنه يفعل هذا حّتى يتجّنب جقرح العضققو عنقد القطققع‪ .‬ولكقن‬
‫اللة القاطعة في هذا النقش تختلف في شكلها عن النقش الّول‪ ،‬فهي هنا أشبه بمشرط أو سّكين مكشوط الحد‪ .‬وقققد‬
‫حفظ لنا متحف الثار المصرّية بالقاهرة عددًا من التماثيل الحجرّية والخشبّية لرجال عراة مختونين يرجع زمنهققم‬
‫إلى عصر الدولة القديمة‪ .‬فالختان كان يمارس في مصققر‪ ،‬إّمققا بقطققع كامققل للغلفققة أو بشققق الغلفققة علققى شققكل ‪V‬‬
‫لظهار الحشفة‪ .‬وقد أوضح الكشف عن الموميات أن الختان بشكليه كان يمارس ولكن ليققس بصققورة عاّمققة علققى‬
‫الجميع‪.1‬‬

‫وهناك مسّلة تخّلد إنتصار الملك النوبي »بيي« عام ‪ 728‬ق‪.‬م على تحالف من أمراء الدلتا وارتقائه عرش مصققر‪.‬‬
‫ُكتب على هذه المسّلة أن حكامًا ذهبوا إلى الملك ليعربوا عن ولئهم له ولكّنهم لم يدخلوا القصر لنهققم كققانوا غيققر‬
‫مختونين وأكلة سمك‪ ،‬عدا »نمرود« لنه كان طاهرًا ول يأكل السمك‪ .‬وكان للقصر في ذاك الزمققن صققبغة دينّيققة‬
‫إذ إن الملك يمّثل اللهة على الرض‪ .‬وقد ُكتب على هيكل اللهة إيزيس في جزيرة »فيلي« تعليمات تحّرم دخول‬
‫الهيكل على غير المختون ومن يأكل السمك‪ .‬وقد يكون لِذكر السمك مع الختان في هاتين الكتابتين صلة بأسققطورة‬
‫»إيزيس« و»أوزيريس« كما يرويها المؤّلف اليوناني »بليتارك« )توّفى حوالي عققام ‪ .(125‬تقققول السققطورة أن‬
‫اللهة »إيزيس« حاولت أن تجمع جسم الله »أوزيريس« الذي قطعه »سيث« ولكّنها لم تجد قضيبه القذي إبتلعتقه‬
‫ثلث سمكات تمّثل قوى الشر‪.2‬‬

‫جل في كتابه إشارة‬ ‫وقد زار هيرودوت )توّفى عام ‪ 424‬ق‪.‬م(‪ ،‬المعروف بأبي التاريخ‪ ،‬منطقة الشرق الوسط وس ّ‬
‫إلى عادة الختان في مصر‪ .‬فهو يقول‪» :‬بينما كقل شققعوب الرض ُتبقققي علقى العضققاء التناسققلّية كمققا هققي‪ ،‬فقإن‬
‫المصرّيين ومن تعّلم منهم يمارسون عادة الختان«‪ .‬ويضيف »بأنهم يمارسون الختان حفظًا للنظافققة‪ ،‬لن النظافققة‬
‫عندهم أولى من الجمال«‪ .‬ثم يشرح كيف أنهقم كقانوا مثقابرين علقى النظافقة‪ .‬فهقم يشقربون بقأكواب مقن النحقاس‬
‫يغسلونها جميعهم كل يوم ويلبسون ثيابًا من الكّتان نظيفة‪ .‬والكهنة منهم كانوا يحلقون أجسادهم كل يومين حّتققى ل‬
‫يبقى عليهم قمل أو نجاسات أخرى‪.3‬‬

‫ثم ذكر هيرودوت في مكان آخر أن عادة الختان تمارس لدى شعب يعيش في منطقة شققرق البحققر السققود جنققوب‬
‫القوقاز يشبه شعرهم شعر المصرّيين ولهم عادات تشبه عادات المصققرّيين قققد يكونققون مسققتعمرة أقامهققا فرعققون‬
‫مصري يسّمى سيزوسترس )سنوسرت(‪ .‬ثم يقول إن عادة الختان قديمة جّدا عنققد المصققرّيين والثيققوبيين لدرجققة‬
‫جح أن يكون الثيوبيون قد أخذوها عن المصرّيين‪.4‬‬ ‫عدم تمّكنه معرفة من أخذ عن الخر عادة الختان‪ .‬ولكّنه ُير ّ‬

‫وعندما يتكّلم سترابو‪ ،‬عالم الجغرافيا والمؤّرخ اليوناني الذي زار مصر بين ‪ 23-25‬ق‪.‬م‪ ،‬عن الختان في مصققر‪،‬‬
‫يربط بين هذه العادة عند المصرين والعادة عند اليهود‪ ،‬وهو ُيرجع اليهود إلى أصل مصري‪ .‬فهققو يقققول‪» :‬هنققاك‬
‫عادة يلحظها النسان في دهشة بين المصرّيين‪ ،‬ذلك أنهم ُيرّبون باهتمام كل طفل يولد لهم وانهم يختنققون الولد‬
‫ويخفضون البنات‪ ،‬كما هي العادة أيضًا بين اليهود‪ ،‬الذين هم من أصل مصري«‪.5‬‬

‫أنظر أسعد‪ :‬الصل السطوري لختان الناث‪ ،‬ص ‪55‬؛ الهّواري‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪ 01‬و ‪18‬؛ق ‪Barth (editor): Berit‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Mila, p. 93-94; Feucht: Das Kind im alten Ägypten, p. 245-251‬‬


‫أنظر هذه السطورة في ‪ .Plutarque: Oeuvres morales, tome V, 2ème partie, p. 192-193‬وعن تحريم‬ ‫‪2‬‬

‫دخول الهيكل لكل السمك وغير المختون أنظر ‪Galpaz-Feller, p. 507-521‬‬


‫‪Erodoto: Le storie, vol. 1, p. 179-180‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Erodoto: Le storie, vol. 1, p. 213-214‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Strabon, vol. 3, p. 465‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪49‬‬
‫ويؤّكد المؤّلف اليهودي »فيلون« )توّفى عام ‪ (54‬أن المصرّيين كانوا يمارسون الختان‪ .1‬فيختنون كققل مققن الققذكر‬
‫والنثى عندما يبلغون سن الرابعة عشر‪ ،‬أي عندما يبدأ »الخطيب« بالمناء و»الخطيبة« بالعادة الشققهرّية‪ .2‬وهنققا‬
‫نرى إرتباط الختان بالزواج‪.‬‬

‫وقد أصدر المبراطور الروماني »هادريان« )توّفى عام ‪ (138‬قانونًا يمنع الختان ولكّنه إستثنى مققن المنققع كهنققة‬
‫الديانة الفرعونّية‪ ،‬مّما يدل على أن الختان كان من شروط الكهنوت عنقد المصقرّيين الققدامى‪ .‬فكقان الشقاب القذي‬
‫يرغب في بلوغ درجة الكهنوت يحصل على ترخيص من السلطات بختن نفسه بعد أن يثبت أنه إبققن كققاهن وأهققل‬
‫للكهنوت‪ .3‬وبعد إستعراض الكتابات والنقوش المصرّية القديمة‪ ،‬يخلص كتاب عن الطفل المصري القققديم إلققى مققا‬
‫يلي‪:‬‬
‫»إن الدلئل تثبت إنتشار الختان في العهود القديمة‪ .‬وإنه كان إجبارّيا على الفتى وشققرطًا للعققتراف‬
‫ببلوغه من الهيئة الجتماعّية‪ .‬ويقّوي هذا الستنتاج تصوير عضو الذكورة الهيروغليفي مختونقًا‪ .‬ثققم‬
‫ل لفئات معّينققة يتحّتققم فيهققا الختققان مثققل الفتيققان الققذي‬
‫أصبح الختان إختيارّيا فققي العصققور التاليققة‪ ،‬إ ّ‬
‫يلتحقون بالخدمة الكهنوتية‪ .‬وقد يكون الختان من المور الجبارّية أيضًا في الدولة الوسطى لكل من‬
‫يلتحق بوظيفة حكومّية‪ .‬والحقيقة أن معظم الرجقال القذين دّلقت تمقاثيلهم أو نصوصقهم علقى ختقانهم‬
‫كانوا من الطبقات الرفيعة في المجتمع‪ .‬ومع ذلك فقد ثبت أن فرعونًا أو إثنين لم يختتنا«‪.4‬‬

‫هذا ويزعم رجال الدين اليهود أن يوسف هو الذي أدخل الختان إلى مصر‪ .‬ففي رواية لهم أنه بعد أن أقام فرعققون‬
‫يوسف على مصر وخزن القمح لسني المجاعة‪ ،‬بدأ المصرّيون يأتون يوسف ليطلبوا منه خبزًا‪ .‬فكان جوابه‪ :‬أنا ل‬
‫ل أن‬
‫أعطي خبزًا لغير المختونين‪ .‬إذهبوا واختنوا أنفسكم وارجعوا لي‪ .‬فتذّمر المصرّيون واشتكوا إلققى فرعققون‪ .‬إ ّ‬
‫ل‪ :‬إعملوا كما يأمركم‪.5‬‬
‫فرعون أرجعهم إلى يوسف قائ ً‬

‫بالضافة إلى مصر‪ ،‬هناك شواهد على ممارسة الختان في مناطق أخرى من الشرق الوسط‪ .‬فقد ُوجد في سققوريا‬
‫ثلثة تماثيل معدنّية صغيرة لرجال عراة ترجع إلى القرن الثامن والعشرين َقبل المسيح‪ .‬ويظهر علققى إثنيققن منهققم‬
‫ل‪ ،‬والثالث ختن ختانًا جزئّيا‪ .6‬ويذكر هيققرودوت أن الفينيقّييققن والفلسققطينيين قققد أخققذوا عققادة‬
‫انهما ختنا ختانًا كام ً‬
‫‪7‬‬
‫الختان عن المصرّيين وأن الفينيقّيين قد ألغوا عادة الختان منذ أن تاجروا مع الغريقّيين ‪ .‬وتعتبر التققوراة العققرب‬
‫شعبًا غير مختون‪ .8‬وكذلك المر بخصوص الفلسطينيين‪ .9‬ويذكر المؤّرخ اليهودي »يوسيفوس« )توّفى قرابة عام‬
‫ختققن فققي هققذا العمققر‪ ،‬بينمققا‬
‫‪ (100‬أن العرب كانوا يختنون أطفالهم عندما يبلغون سن الثالثة عشققر لن إسققماعيل ُ‬
‫اليهود يختنون في اليوم الثامن لن إسحاق ختن في اليوم الثامن‪ .10‬ولكّنه يضيف أن اليهود كانوا السّكان الوحيدين‬
‫الذين يمارسون الختان في فلسطين‪.11‬‬

‫‪ (2‬الختان وأسطورة العهد بين ال واليهود‬


‫ل يمكن إجماله كما يلي‪:‬‬
‫إذا رجعنا إلى نصوص الكتب المقّدسة اليهودّية التي ذكرناها في الفصل الّول نجد تسلس ً‬

‫التكوين فصل ‪ :17‬أمر ال بختان إبراهيم وإسماعيل وذّريته‬


‫‪Philon: De specialibus legibus, I-II, p. 13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 107‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Mantovani: Circoncisi ed incirconcisi, p. 55‬‬ ‫‪3‬‬

‫روزاليند وجاك يانس‪ ،‬ص ‪.95-94‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ .Ginzberg: The legends of the Jews, vol. II, p. 78-79‬وهناك رواية ثانية تقول إنه هو الذي علم الحباش‬ ‫‪5‬‬

‫الختان أيضًا ‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 407‬‬


‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 95‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Erodoto: Le storie, vol. 1, p. 214‬‬ ‫‪7‬‬

‫أنظر أرميا ‪.25:9‬‬ ‫‪8‬‬

‫ل التكوين ‪ 14:24‬والقضاة ‪.3:14‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪9‬‬

‫‪Josephus: Jewish antiquities, I (vol. IV), par. 214, p. 107‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪Josephus: Against Apion I, (vol. I), par. 171, p. 231‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪50‬‬
‫التكوين فصل ‪ :21‬ختان إسحاق‬

‫الخروج فصل ‪ :4‬ختان إبن موسى من ِقَبل أّمه صّفورة‬

‫الخروج فصل ‪ :12‬أمر ال موسى بالختان كشرط لقامة الفصح‬

‫الحبار فصل ‪ :12‬أمر ال موسى بختان كل ذكر في اليوم الثامن‬

‫يشوع فصل ‪ :5‬ختان يشوع لليهود في البّرية‬

‫وهكذا توحي لنا الكتب المقّدسة اليهودّية أن الختان بدأ بأمر أعطاه ال لبراهيم الب السطوري للعرب واليهققود‪.‬‬
‫ولكن هناك شاهد في التوراة ذاتها يبّين أن الختان كان يمارس منذ عهققود قديمققة قققد تعققود إلققى العصققر الحجققري‪.‬‬
‫ويثبت هذا إستعمال الصّوان كآلة للختققان )الخققروج ‪25:4‬؛ يشققوع ‪ .1(3-2:5‬والمؤّرخققون‪ ،‬يهققودًا كققانوا أو غيققر‬
‫صة ختان إبققن موسققى مققن‬ ‫يهود‪ ،‬يشّكون في تاريخ تصنيف هذه النصوص ودمجها في التوراة‪ .‬فهناك من يعتبر ق ّ‬
‫ِقَبل أّمه صّفورة هو أقدم نص ُكتب عن الختان وقد تّمقت صقياغته وإضقافته إلقى التقوراة فقي الققرن العاشققر َقبققل‬
‫المسيح‪ .‬ثم يأتي نص ختان يشوع لليهود في البّرية الذي تّمت صياغته وإضافته إلى التوراة في القرن السققابع َقبققل‬
‫المسيح‪ .‬أّما النص المتعّلق بأمر الختان الذي تلّقاه إبراهيم فهو نص يرجع إلى ما بعد القرن السادس َقبل المسققيح‪.2‬‬
‫وقد تكون الية التي تنص على أمر ال لموسى بختان كل ذكر )أحبار ‪ (12‬قد أضيفت إلى التوراة أيضًا فققي نفققس‬
‫الوقت‪.‬‬

‫وحّتى إن َقبلنا بأن الفصل السابع عشر من سفر التكوين الخاص بأمر ال بختان إبراهيم هو أقدم نص فققي التققوراة‬
‫ل أن هذا النص يطرح عّدة أسئلة‪.‬‬
‫حول الختان إ ّ‬

‫فالمؤّرخون لم يّتفقوا على تاريخ ميلد إبراهيم‪ .‬وبعضهم يرى أن إبراهيم قققد عققاش فقي الققرن التاسققع عشققر َقبققل‬
‫المسيح‪ ،‬أي أن إبراهيم عاش عشرة قرون َقبل صياغة سفر التكوين في صققورته الحالّيققة‪ ،‬إذا إفترضققنا أن النققص‬
‫ل‪ .‬ومن بين المشّككين المسلمين نققذكر‬ ‫صيغ في القرن التاسع َقبل المسيح‪ .‬وهناك من يشّكك في وجود إبراهيم أص ً‬
‫هنا طه حسين )توّفى عام ‪ (1973‬إذ يقول‪:‬‬
‫»للتققوراة أن تحقّدثنا عققن إبراهيققم وإسققماعيل‪ ،‬وللقققرآن أن يح قّدثنا عنهمققا أيض قًا‪ ،‬لكققن ورود هققذين‬
‫السمين في التوراة والقرآن ل يكفي لثبات وجودهما التاريخي ]‪ [...‬ونحن مضطرون إلى أن نققرى‬
‫صققة نوعقًا مققن الحيلققة فققي إثبققات الصققلة بيققن اليهققود والعققرب مقن جهققة‪ ،‬وبيقن السققلم‬
‫في هذه الق ّ‬
‫‪3‬‬
‫واليهودّية‪ ،‬والقرآن والتوراة من جهة أخرى« ‪.‬‬

‫صة إبراهيم التي تحكيها التوراة شخصّيتين‬


‫ومن المشّككين المسيحّيين العرب نذكر كمال الصليبي الذي يرى في ق ّ‬
‫مختلفتين‪ :‬إبراهيم العبراني وإبراهيم الرامي‪.4‬‬

‫صققة بالختققان فققي الفصققل‬


‫كما أن المؤّرخين يرون أن سفر التكوين في صققورته الحالّيققة‪ ،‬بمققا فيققه النصققوص الخا ّ‬
‫السابع عشر‪ ،‬هو تجميع لروايات وحكايات وأساطير تنتمي إلى عصور متباعدة لمجتمع مققر بققأطوار مختلفققة مققن‬
‫حكم ملك‪ .‬فالية ‪ 6‬تقول‪» :‬وسأنميك جّدا جّدا وأجعلك أممًا‪ ،‬وملوك منك يخرجون« وهذه‬ ‫البداوة إلى الزراعة إلى ُ‬
‫حكمققه‬
‫الية والية ‪ 16‬من نفس الفصل تبّينان أن كاتب هذه الرواية هو كاهن مجهول الهوّية كان يعيش في عصر َ‬
‫صة توحي وكأنها متجانسة تحكققي‬ ‫ملك حوالي القرن التاسع َقبل المسيح‪ .‬وقد حاول فيها تنسيق هذه الساطير في ق ّ‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 95‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Larue: Religious traditions and circumcision‬‬ ‫‪2‬‬

‫حسين‪ :‬في الشعر الجاهلي‪ ،‬ص ‪ 399‬في مجّلة »القاهرة«‪ .‬أنظر أيضًا كتاب القمني‪ :‬النبي إبراهيم والتاريخ المجهول‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫الصليبي‪ :‬خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل‪ ،‬ص ‪ 89‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪51‬‬
‫ختان رئيس قبيلة إسمه إبراهيم الذي ولد إسقماعيل وإسقحاق‪ ،‬وهقذا الخيقر ولقد عيسقو ويعققوب‪ .‬وبينمقا نبقذ الق‬
‫عيسو‪ ،‬إختار يعقوب الذي سّماه ال إسرائيل فأصبح أبًا لسباط اليهود الثني عشر المعروفين‪.1‬‬

‫صة فحواها أن ال ظهر لبراهيققم‬ ‫وإذا عدنا إلى محتوى الفصل السابع عشر من سفر التكوين‪ ،‬نجد أنه يحكي لنا ق ّ‬
‫عندما كان عمره ‪ 99‬سنة وعمر إبنه إسماعيل ‪ 13‬سنة‪ ،‬فسقط على وجهه‪ ،‬أي أغمي عليه‪ .‬وكان ذلققك َقبققل ميلد‬
‫إبنه إسحاق بسنة‪ .‬وقد يظن البعض أن عمر ‪ 99‬سنة لم يكن ذو أهّمية إذ إن التوراة تحكي أن إبراهيم مات وعمره‬
‫شققره الق بميلد إسققحاق »شققيخًا طاعنقًا«‬ ‫ل أن التوراة تقول إن إبراهيم كان عنققدما ب ّ‬ ‫‪ 175‬سنة )التكوين ‪ .(5:25‬إ ّ‬
‫خرة‪ .‬فهققو يعنققي لهققم أن‬ ‫)التكوين ‪ .(11:18‬ويرى رجال الدين اليهود علمة في ختان إبراهيم في هذا السققن المتققأ ّ‬
‫إبراهيم هو مثال لكل شخص يتحّول لليهودّية‪ .‬فكما أن إبراهيم تحّمل ألم الختان في هذا السن‪ ،‬فعلى مققن يته قّود أن‬
‫خرة‪ .‬وهذا يعني أيضًا بأنه يجب عدم صد الباب أمام كققل مققن يريققد‬ ‫جج بسّنه المتأ ّ‬‫يختن أسوة بإبراهيم دون أن يتح ّ‬
‫‪2‬‬
‫خر بصققورة‬ ‫أن يتحّول لليهودّية مهما كانت سّنه ‪ .‬والمؤّلف اليهققودي »فيلققون« حققاول تفسققير عمققر إبراهيققم المتققأ ّ‬
‫رمزية‪ .‬فيقول إن العدد ‪ 99‬يقترب من العدد ‪ ،100‬الذي ُيقسم على ‪ .10‬وهذا العدد الخير هو الُعشققر الققذي يحققق‬
‫لخَدمة المعبد أخذه‪ .‬والعدد ‪ 99‬يتكّون من العدد ‪ 50‬ومققن العققدد ‪ .49‬والعققدد ‪ 49‬يتكقّون مققن سققبعة سققبعات وهققي‬
‫إشارة إلى السنة السابعة التي يستريح فيها الجسم والنفس‪ .‬وهذا إشققارة إلققى نقص التققوراة‪» :‬وفقي السققنة السقابعة‪،‬‬
‫يكون للرض سبت راحة‪ ،‬سقبت للققرب‪ ،‬فل تققزرع حقلقك ول تقضققب كرمققك‪ [...] .‬لنهقا سقنة راحققة للرض«‬
‫)الحبار ‪ .(5-4:25‬إلى غير ذلك من الكلم الذي يقرب من الهوس‪.3‬‬

‫يقول الفصل ‪ 17‬من سفر التكوين إن ال قطع عهدًا على نفسه لبراهيققم وذّريتققه بققأن يكققثر ذّريتققه ويعطيققه أرض‬
‫الميعاد‪ ،‬أي »أرض كنعان«‪ ،‬ويطالب إبراهيم مقابققل ذلققك أن يختتققن وأن يجققرى هققذه العملّيققة علققى جميققع أفققراد‬
‫عائلته وعلى عبيده الذكور‪ .‬وهذا الفصل أساس لثلثة مبادئ يهودّيققة مترابطققة مققا زالققت حّتققى يومنققا هققذا تطققرح‬
‫مشاكل سياسّية وأخلقّية جّمة‪:‬‬

‫‪ -‬مبدأ »شعب ال المختار«‪ ،‬وهي فكرة عنصرّية‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ »أرض الميعاد« التي يرتكز عليها اليهود في مطالبتهم بأرض فلسققطين وحرمققان أهلهققا منهققا‪ .‬وهنققاك مققن‬
‫يرى أن ختان يشوع اليهود بعد خروجهم من مصققر وَقبققل دخققولهم فلسققطين )يشققوع فصققل ‪ (5‬ناتققج عقن إرتبققاط‬
‫إعطاء الرض بالختان‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ وجوب ختان الذكور طاعة لمر ال‪ .‬وهذا يطرح مشكلة التعّدي على سلمة جسم طفل غير بالغ‪.‬‬

‫وقد ذكرنا في القسم الّول أن اليهود يستعملون كلمتي »بريت ميل« للتعبير عن الختان‪ .‬وهذه تعني حرفّيققا »عهققد‬
‫القطع«‪ .‬وهي إشارة واضحة إلى العهد بين ال وإبراهيم كما يرويه نص الفصل السققابع عشققر فققي سققفر التكققوين‪.‬‬
‫ل بين ال ق وإبراهيققم فققي‬‫والعرب يستعملون عبارة »قطع عهدًا« لتعني أخذ عهدًا على نفسه‪ .‬ونحن نجد عهدًا مماث ً‬
‫الفصل ‪ 15‬من سفر التكوين الذي يروي أن إبراهيم تذّمر بأن ل نسل له‪ .‬فأراه الق السققماء وقققال لقه‪» :‬أنظققر إلققى‬
‫السماء وأحص الكواكب إن إستطعت أن تحصيها« وقال له‪» :‬هكذا يكون نسلك ]‪ [...‬أنا الرب الققذي أخرجققك مققن‬
‫اور الكلدانيين لعطيك هذه الرض ميراثًا لك«‪ .‬فقال إبراهيم للرب‪» :‬أيها السّيد الرب‪ ،‬بماذا أعلم أنققي ارثهققا؟«‪.‬‬
‫ل وأن يشققطرها ويجعققل كققل شققطر قبالققة الخققر إ ّ‬
‫ل‬ ‫فأشار إليه الرب بأن يأخذ عجلة وعنزة وكبشًا ويمامة وجققوز ً‬
‫الطائران فلم يشطرهما‪ .‬فلّما غابت الشمس وخّيم الظلم‪ ،‬إذا بتنور دخققان ومشققعل نققار يسققيران بيققن تلققك القطققع‪.‬‬
‫ل‪ :‬لنسقلك أعطقي هقذه الرض مقن نهقر مصقر‬ ‫وتضيف التوراة بأنه في ذلك اليوم »قطع الرب مع أبرام عهدًا قائ ً‬
‫إلى النهر الكبير‪ ،‬نهر الفرات«‪ .‬فهناك علقة بين شطر الحيوانات من ِقَبل إبراهيم وقطع العهد من ِقَبققل القق‪ .‬وفققي‬
‫ل من شطر الحيوانات طلب ال مقن إبراهيقم شقطر غلفتقه‪ .‬فالختقان‬ ‫الفصل ‪ 17‬أعاد ال العهد مع إبراهيم ولكن بد ً‬
‫‪4‬‬
‫هو علمة )اوت بالعبرّية‪ :‬آية بالعربّية( لظهار العهد‪ :‬عهد ال مع إبراهيم بتكثير نسله وإعطائه أرض الميعاد ‪.‬‬
‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 28-29 ; Barth (editor): Berit Mila, p. 97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 109-110‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 87-89‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 10-11‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪52‬‬
‫وقد جاء في الفصل ‪ 17‬من سفر التكوين أمر الختان )القطع( الذي يجب أن يجرى للققذكور‪ .‬ولكققن هققذا النققص لققم‬
‫ل أن العلماء اليهود إعتققبروا أن القطققع‬ ‫ُيعرف العضو الذي يجب أن يتم عليه هذا القطع ول كيفيته ول آلة القطع‪ .‬إ ّ‬
‫يتم على غرلة العضو التناسلي‪ .‬وقد إعتمدوا في ذلك على نص الفصل ‪ 17‬الذي يقول‪» :‬وابن ثمانية أّيام يختن كل‬
‫ذكر منكم«‪ .1‬وسوف نرى في القسققم القققادم كيققف أن بعققض رجققال الققدين المسققيحّيين قققد ف ّ‬
‫سققروا الختققان بققالمعنى‬
‫الرمزي‪ ،‬أي المتناع عن إرتكاب الفواحش بالعضو التناسلي‪ ،‬وليس قطعه‪.‬‬

‫وهناك روايات مختلفة عند اليهود حول ختان إبراهيم‪ .‬إحدى هذه الروايات تقول إن ال لم يققذكر الختققان لبراهيققم‬
‫بل أشار إلى ذكر إبراهيم ففهم إبراهيم بالشارة فختن نفسه‪ .2‬ورواية أخرى تقول إن إبراهيم كان فققي بدايققة أمققره‬
‫معارضًا لمر ال خوفًا من أن يكون الختان حاجزًا بينه وبين باقي الناس‪ .‬فكان رد ال‪ :‬يكفيك إني إلهققك‪ .‬فتشققاور‬
‫ل بأنه قد قارب المائة فكيققف يفّكققر فققي إيقققاع هققذا اللققم بنفسققه‪.‬‬
‫إبراهيم مع ثلثة من أصدقائه‪ .‬فعارضه الّول قائ ً‬
‫ل‪ :‬كيف يمكنققك أن‬ ‫وعارضه الثاني لن الختان سيكون علمة يسّهل على أعدائه تمييزه بها‪ .‬وأّما الثالث فوافقه قائ ً‬
‫تترّدد بينما ال نجاك من النار‪ ،‬وساعدك ضد أعدائك‪ ،‬وحرص عليققك فققي زمققن الجققوع‪ .‬عنققد ذلققك ققّرر إبراهيققم‬
‫ختان نفسه‪ ،‬وذلك في وضح النهار لكي يتحّدى الكل فل يقول أحد إنه لو رآه لكان منعه من فعلققه‪ .‬وتقققول الروايققة‬
‫أن ختان إبراهيم كان في اليوم العاشر من تشقرين‪ ،‬يقوم الغفقران‪ ،‬فقي نفقس المكقان القذي بنقي فيقه المذبقح داخقل‬
‫الهيكل‪ ،‬حّتى يكون ختان إبراهيم تكفيرًا دائمًا عن إسرائيل‪.3‬‬

‫وهناك رواية يهودّية تقول إن إبراهيم قد ختن نفسه بسيفه‪ .‬وهنقاك روايقة ثانيقة تققول إن عقربقًا ققد قرصقه فقطقع‬
‫غلفته‪ .4‬وقد تكرم أحد معارفي اليهود بإرسال ترجمة هذه الرواية الخيرة كما جاءت ضمن مؤّلف مدراشي ُيدعى‬
‫»تنهوما«‪:‬‬
‫ل« )التكققوين ‪ .(1:17‬كمققا جققاء فققي الكتققاب‪» :‬الق طريقققه كامققل« )مزاميققر‬ ‫»سر أمامي وكقن كققام ً‬
‫‪ .(31:18‬ماذا تعني كلمة »كامل« في هذا النص؟ إنها تعني الختان‪ .‬قال رابي إشماعيل‪ :‬عظيمة هي‬
‫وصّية الختان‪ ،‬لن ثلثة عشر عهدًا بني عليها كما هو واضح من تفسققير اليققات‪ .‬لقققد كققان إبراهيققم‬
‫جالسًا ومتحّيرا كيف يختتققن‪ ،‬لن الققّدوس‪ ،‬ليكققن مباركقًا‪ ،‬قققال لقه‪» :‬سققأجعل عهققدي بينققي وبينققك«‬
‫)التكوين ‪ .(1:17‬وماذا هو مكتوب بعد ذلقك؟ »فسققط أبقرام علقى وجهقه« )التكقوين ‪ .(3:17‬ولنقه‬
‫سقط على وجهه‪ ،‬أشار القّدوس‪ ،‬ليكن مباركًا‪ ،‬علققى ذاك الموضققع فلسققعه عقققرب وهكققذا تققم ختققانه‪.‬‬
‫ل‪ :‬ها أنا أجعل عهدي معققك« )التكققوين‬ ‫ولكن كيف نعرف هذا المر؟ لنه مكتوب‪» :‬وخاطبه ال قائ ً‬
‫ختققن إبراهيققم«‬ ‫‪ .(4-3:17‬مّما يعني »ها أنت مختونًا«‪ .‬وقد جاء في الكتاب‪» :‬فققي ذلققك اليققوم عينقه ُ‬
‫ختن«‪ .‬كيققف يمكققن أن نشقّبه ذلققك؟‬ ‫)التكوين ‪ .(26:17‬فلم يقل النص »إن إبراهيم ختن نفسه«‪ ،‬بل » ُ‬
‫نشّبهه بأحد أصدقاء الملك الذي كان يرغب الزواج من إبنة الملك ولكن كان مرتبكقًا ل يعققرف كيققف‬
‫يفاتحه‪ ،‬مباشرة أو بواسطة غيره‪ .‬وفهم الملك ما كان في قلب الرجل فقال له‪» :‬أنا أعققرف مققا تريققد‪،‬‬
‫ها هي إبنتي في بيتك«‪ .‬وهذا ما حققدث مققع إبراهيققم‪ .‬فعنققدما قققال لققه الققّدوس‪ ،‬ليكققن إسققمه مباركقًا‪:‬‬
‫»سأجعل عهدي بيني وبينك«‪ ،‬كان إبراهيم مرتبكًا فسقط على وجهه‪ ،‬وبسقوطه وجد نفسققه مختون قًا‪.‬‬
‫وهكذا قال له القّدوس‪» :‬ها أنا أجعل عهدي معك«‪ .‬وهذا معنى الكلمات »قول الرب نقي« )المزمور‬
‫‪ .(31:18‬فقد نّقى ال نسل إبراهيم بالختان«‪.‬‬

‫‪ (3‬الختان علمة إنتماء وتمييز وخلص‬


‫يعتبر الختان عند اليهود علمة إنتماء‪ .‬فكل من يريد النضمام إليهم كان عليه أّول أن يختتققن‪ .‬فيققروي لنققا الفصققل‬
‫صة إغتصاب دينة إبنة يعقوب من رجل غير يهودي‪ .‬وقققد طلققب المغتصققب الققزواج منهققا‪.‬‬ ‫‪ 34‬من سفر التكوين ق ّ‬
‫ل من دينة بعد الختققان‪ .‬ولكققن‬ ‫فوضع أبناء يعقوب شرط الختان‪ ،‬عليه وعلى كل ذكر من مدينته‪ .‬وقد تم الزواج فع ً‬
‫ل حيلة‪ .‬فبعد الختان‪ ،‬لم يكن باستطاعة رجال المدينة المدافعة عن أنفسققهم بسققبب اللققم‪ .‬فققدخل إخققوة‬
‫ذلك لم يكن إ ّ‬

‫‪Barth (editor): Barth (editor): Berit Mila, p. 109‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 233‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. I, p. 240‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 233‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪53‬‬
‫دينة عليهم وأخذوا أختهم وقتلوا كل ذكر بحد السيف وسبوا كل ثروتهم وجميع أطفالهم ونسائهم‪ ،‬وسلبوا كل ما في‬
‫البيت‪.‬‬

‫ويروي الفصل ‪ 14‬من سفر القضاة أن شمشون وقع في حققب فلسققطينّية‪ .‬ولكققن أبققوه وأّمققه كانققا معارضققين لققذاك‬
‫الزواج‪» :‬أليس في بنات إخوتك وفي شعبي كّله إمرأة‪ ،‬حّتى تذهب وتأخذ إمرأة من الفلسققطينيين الغلققف؟«‪ .‬وهققذا‬
‫يبّين أن الفلسطينيين لم يكونوا يختنون أولدهم‪.‬‬

‫وفي الفصل ‪ 18‬من سفر صموئيل الّول إشارة إلى زواج داود من ميكال إبنة الملك شققاول مقابققل مهققر مققن نققوع‬
‫غريب‪ .‬فقد طلب الملك من داود أن يقّدم له »مائة غلفة مققن الفلسققطينيين إنتقامقًا مققن أعققداء الملققك«‪ .‬وكققان قصققد‬
‫ل أن داود نجققى »وقتققل مققن الفلسققطينيين مققأتي رجققل وجققاء‬ ‫شاول أن ُيقتل داود فققي غزوتقه ضققد الفلسققطينيين‪ .‬إ ّ‬
‫بغلفهم‪ ،‬فسلمت بتمامها إلى الملك ليصاهره«‪ .‬فزوجه شاول ميكال إبنته‪ .‬وهكذا »رأى شققاول وعلققم أن الققرب مققع‬
‫داود«‪ .‬والظن هنا أن داود لم يحضر فقط الغلفة بل العضو التناسلي بأكمله للملك‪ .‬والغلفة هنا إثبات بأن القتلى من‬
‫الفلسطينيين لنهم غير مختونين‪.‬‬

‫وفي الفصل ‪ 9‬من سفر أرميا نقرأ‪» :‬ها إنها تأتى أّيام‪ ،‬يقول الرب‪ ،‬أعاقب فيها كل المختونين في أجسادهم‪ .‬مصر‬
‫ويهوذا وادوم وبني عمون وموآب‪ ،‬وكل مقصوصي السوالف الساكنين في البّرية‪ ،‬لن كل المم غلف‪ ،‬وكل بيققت‬
‫صة في قص الشققعر‬‫إسرائيل غلف القلوب«‪ .‬وكلمة »مقصوصي السوالف« تعني العرب الذين كان لهم عادات خا ّ‬
‫حّرمتها الشريعة‪» :‬ول تحلقققوا رؤوسققكم حلقققا مسققتديرا‪ ،‬ول تقققص أطققراف لحيتققك« )الحبققار ‪ .(27:19‬وكلمققة‬
‫»المم« )بالعبرّية‪ :‬غوييم(‪ ،‬تعني الشعوب غير اليهودّية‪ ،‬وهي كلمة إحتقار‪.‬‬

‫وفي الفصل ‪ 4‬من سفر يهوديت نقرأ‪» :‬ورأى أحيور كل ما فعل إله إسرائيل فآمن بققال إيمانقًا راسقخًا وختقن لحققم‬
‫ضم إلى بيت إسرائيل إلى اليوم«‪ .‬كما في الفصل ‪ 56‬من سفر أشعيا إشارة إلى أن الغرباء الذين يحققترمون‬ ‫غلفته ف ُ‬
‫السبت والختان يصبحون ضمن الشعب‪.‬‬

‫ضح هذه النصوص أن الختان كان علمة إنتماء للشعب اليهودي‪ ،‬وأن الختان كان شرطًا للزواج وأن الشققعوب‬ ‫تو ّ‬
‫التي كانت تحيط باليهود لم يكونوا مختونين‪.‬‬

‫ويربط اليهود بين الختان وبين مصيرهم الجماعي‪ .‬فتقول رواية إن اليهقود ققد نجقوا مقن مصققر لنهقم لققم ُيغّيققروا‬
‫أسمائهم ولم يتركوا لغتهم ولم يبوحوا بسرهم ولم يتركوا الختان‪ .‬والسر الذي تتكّلم عنه هذه الرواية هو أن موسققى‬
‫قال لهم بأنهم سيغنمون ممتلكات كثيرة من المصرّيين‪ .1‬ورواية أخرى تقول إن الق غّيققر حققب المصققرّيين لليهقود‬
‫إلى بغض لن اليهود تركوا الختان بعد موت يوسف‪ .2‬وقد عّلق كاتب أمريكي بأن هذه الروايات نابعة مققن إعتقققاد‬
‫اليهود أن عدم الختان يذكي حنق إلههم المنتقم فينكل بهم جميعًا‪ ،‬إذ إنقه ‪ -‬فقي رأيهقم ‪ -‬يعقد القبيلقة متضقامنة علقى‬
‫الخير والشر ويقتص من الناس أممًا ل أفرادًا‪ .‬وهذا ما جعل اليهود يختنون خدمهم أيضًا من غيققر اليهققود حّتققى ل‬
‫يتغلغل الشر في وسط القبيلة‪.3‬‬

‫عقد الق أن‬‫الختان إذًا علمة يتعّرف بها ال على »شعبه«‪ .‬ونحن نجد علمة مشابهة لذلك في سقفر الخقروج إذ تو ّ‬
‫طخوا قائمتي الباب وعارضته‬ ‫يقتل كل بكر في أرض مصر‪ .‬وحّتى ينجوا اليهود من هذه الضربة كان عليهم أن يل ّ‬
‫بدم ذبيحة الفصح‪ .‬فعند مرور ال يرى الدم فيعرف أن في داخل ذاك البيت يهودًا فيعققبر مققن فققوقهم ول تحققل بهققم‬
‫ل بعلمققة خارجّيققة‬‫ضربة مهلكة )الخروج ‪ 13-7:12‬و ‪ .(23-22‬فهققذا يعنققي أن الق ل يسققتطيع تمييققز الفققراد إ ّ‬
‫فينزل ال بمنزلة الراعي البسيط الذي يحتاج لعلمة لتمييز غنمه من غنم غيره‪.‬‬

‫ويرى موسى إبن ميمون )توّفى عام ‪ (1204‬في الختان علمة تماسك وتعاون بين اليهود‪ .‬فبعد أن ذكر أن الهدف‬
‫الّول من الختان هو إضعاف الشهوة الجنسّية‪ ،‬أضاف يقول‪:‬‬

‫‪The book of legends, p. 71‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪The book of legends, p. 58‬‬ ‫‪2‬‬

‫جوزيف‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪54‬‬
‫»وفي الختان أيضًا عندي معنى آخر وكيد جّدا وهو أن يكون أهل هققذا الققرأي كّلهققم‪ ،‬أعنققي معتقققدي‬
‫توحيد ال‪ ،‬لهم علمة واحدة جسمانّية تجمعهم‪ ،‬فل يقدر من ليققس هققو منهققم يقّدعي أنققه منهققم‪ ،‬وهققو‬
‫أجنبي‪ ،‬لنه قد يفعل ذلك كي ينال فائدة‪ ،‬أو يغتال أهل هذا الدين‪ .‬وهذا الفعل ل يفعله النسان بنفسققه‪،‬‬
‫ل عن إعتقاد صحيح‪ .‬لن ما ذلك شرطة ساق أو كّية في ذراع‪ ،‬بل أمر كان مستصعبًا جّدا‬ ‫أو بولده إ ّ‬
‫جّدا‪ .‬معلوم أيضًا قدر التحابب والتعاون الحاصل بين أقوام كّلهم بعلمة واحقدة وهقي بصققورة العهققد‬
‫والميثاق‪ .‬وكذلك هذه الختانة هي العهد الذي عهد إبراهيم أبونا على إعتقاد توحيد ال‪ .‬وكذلك كل من‬
‫ُيختن إّنما يدخل في عهد إبراهيم والتزام عهده لعتقاد التوحيد‪ :‬لكون لك إله قًا ولنسققلك مققن بعققدك«‬
‫)سفر التكوين ‪.1«(7:17‬‬

‫ونحن نجد ممارسة الختان كعلمة إنتماء للشعب اليهودي عند كثير من اليهود الذين ل يمارسقون شقعائر ديققانتهم‪،‬‬
‫وحّتى بين الملحدين منهم‪ .‬وما زال المؤّلفون اليهود في يومنا يعتبرون الختان »علمققة ل تمحققى« لليهققودي وأنققه‬
‫واحد من أقوى المساعدين للبقاء اليهودي‪ .2‬وموسوعة المعارف اليهودّية تعتمد هنا على قققول الفيلسققوف اليهققودي‬
‫»سبينوزا« )توّفى عام ‪ (1677‬الذي ننقله هنا‪:‬‬
‫»ليس لليهود ما يعزونه لنفسهم مّما هو خليق بأن يضعهم فوق سائر المم‪ .‬أّما عن حيققاتهم الطويلققة‬
‫كأّمة ضاعت دولتها‪ ،‬فليس فيها ما يدعو إلى الدهشة إذ إن اليهود قد عاشوا بمعزل عققن جميققع المققم‬
‫حّتى جلبوا على أنفسهم كراهّية الجميع‪ .‬ولم يكن ذلك عققن طريققق مراعققاة الطقققوس الخارجّيققة الققتي‬
‫سققكين بهققا‬ ‫تعارض طقوس المم الخرى فحسب‪ ،‬بل أيضًا عن طريق علمة الختان الققتي ظلققوا متم ّ‬
‫دينّيا‪ .‬وقد أثبتت التجربة أن كراهّية المم عامل قوي إلى أبعد حد في البقاء علققى اليهققود ]‪ .[...‬وأنققا‬
‫أعزو إلى طقس الختان بدوره من القيمة والهّمية في هذا الصدد ما يجعلني أعتقد أنه وحده يسققتطيع‬
‫أن يضمن لهذه الّمة اليهودّية وجودًا أزليا‪ .‬فإذا لم تضعف مبادئ دينهم ذاتها قلوبهم‪ ،‬فقإني أعتققد بل‬
‫أدنى تحّفظ‪ ،‬عالمًا بتقلبات المور النسانّية‪ ،‬بأن اليهود سيعيدون بنققاء إمققبراطوريتهم فققي وقققت مققا‪،‬‬
‫ل رائعا عند الصققينيين للهّميققة الققتي يمكققن أن تكققون لهققم‬
‫وإن ال سيختارهم من جديد‪ .‬وإننا نجد مث ً‬
‫صفة ممّيزة كالختان إذ يحتفظ الصينيون بدورهم بخصققلة مققن الشققعر علققى شققكل ذيققل فققوق الققرأس‬
‫ليتمّيزوا بها عن سائر الناس‪ ،‬وبذلك ابقوا على أنفسققهم عققبر آلف مققن السققنين‪ ،‬تجققاوزوا فققي الِقققدم‬
‫سائر المم بكثير‪ .‬صحيح أنهم لم يبقوا على إمبراطوريتهم دون فترات إنقطاع‪ ،‬ولكّنهققم كققانوا دائم قًا‬
‫يعيدون بناءها عندما تنهار‪ ،‬وسيقيمونها من جديد حتمًا عندما يضققعف التتققار بسققبب الحيققاة الناعمققة‬
‫سك بأن اليهود قد تم إختيارهم من ال إلى البققد لهققذا السققبب أو‬ ‫المترفة‪ .‬وأخيرًا‪ ،‬فلو شاء أحد أن يتم ّ‬
‫ذاك‪ ،‬فإني لن أعارض في ذلك‪ ،‬بشرط أن يكون مفهومًا أن إختيارهم الزمني أو البدي‪ ،‬بقدر ما هققو‬
‫وقف عليهم‪ ،‬يتعّلق فقط بالدولة وبالمزايا الماّدية )إذ ل يوجد أي فرق غير ذلك بين أّمة وأخرى(‪ .‬أّما‬
‫بالنسبة إلى الذهن وإلى الفضيلة الحّقة فلم تخلق أّمة متمّيزة عن الخرى في هذا الصدد‪ ،‬وعلققى ذلققك‬
‫ضل إّياها في هذه الناحية على المم الخرى«‪.3‬‬ ‫لم يختر ال أّمة بعينها‪ ،‬مف ّ‬

‫صة باستعادة بناء إمبراطورّية اليهود واختيققار الق لهققم مققن جديققد‪،‬‬
‫وقد عّلق الدكتور حسن حنفي على الجملة الخا ّ‬
‫حكم اللهي الذي كان ممّيزا‬ ‫ل‪» :‬هذه سخرية من »سبينوزا« لنه ل يعتقد أن اليهود شعب ال المختار أو بأن ال ُ‬ ‫قائ ً‬
‫‪4‬‬
‫حكم للطبيعة البشرّية« ‪ .‬وعلى خلف ما جققاء فققي موسققوعة المعققارف اليهودّيققة‪ ،‬نققرى أن‬ ‫لهم هو أنسب أنظمة ال ُ‬
‫مقارنة »سبينوزا« ختان اليهود بخصلة الشعر على شكل ذيل فوق الرأس عند الصينيين تعبير تهّكمي‪ .‬فليست تلك‬
‫الخصلة هي التي أبقت على الشعب الصيني عبر آلف من السنين‪.‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 421; Circumcision, Encyclopaedia judaica,‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪col. 575‬‬
‫‪Spinosa: Traité théologico-politique, p. 81-82‬؛ سبينوزا‪ :‬رسالة في اللهوت والسياسة‪ ،‬ص ‪.189-188‬‬ ‫‪3‬‬

‫سبينوزا‪ :‬رسالة في اللهوت والسياسة‪ ،‬ص ‪ ،189‬هامش ‪.56‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪55‬‬
‫وسوف نرى لحقًا أن القول بأهّمية الختان للحفاظ على الهوّية اليهودّية محل نقاش من ِقَبل اليهود الذين يرفضققون‬
‫الختققان‪ .‬ومققن المعققروف أن الختققان قققد أس قُتعِمل كوسققيلة للتع قّرف علققى اليهققود خلل الحققرب العالمّيققة الثانيققة‬
‫ولعتقالهم‪.5‬‬

‫‪ (4‬علقة الختان بالقرابين والغلة والزواج‬


‫لقد حاول البعض تفسير الختان اليهودي من خلل ربطه بمفاهيم توراتّية وعادات يهودّية أخرى‪ .‬فالعادات قد تحل‬
‫ل على النسان مع تطّور الفكر البشري ومتطّلبات الحياة الجتماعّية‪ .‬ولكن تبقى‬‫محل عادات سابقة أكثر عنفًا وثق ً‬
‫بعض الثار للعادات القديمة نسي سببها وعلقتها بالعادات المستحدثة‪.‬‬

‫وأّول تلك المفاهيم التي تفرض نفسها هي تلك المتعّلقة بالقرابين‪ .‬فهناك من يرى في الختان اليهققودي عملّيققة بديلققة‬
‫للتضحية البشرّية وموازية للتضحية الحيوانّية‪ .‬فمن المعققروف أن الشققعوب الشققرقّية مارسققت تضققحّية أحققد أبنققاء‬
‫صة أمر ال لبراهيم بتضحية إبنه البكققر‪ .‬فأعققد‬ ‫العائلة لللهة‪ .‬وقد إحتفظت لنا التوراة بآثار هذه العادة من خلل ق ّ‬
‫إبراهيم حطب المحرقة وربط إبنه فوق الحطب هاّما ذبحه وحرقه ل‪ .‬ولكن تم إستبدال البن بكبش بأمر من ملك‬
‫)التكوين ‪ .(13-1:22‬فتحّولت هكذا القرابين البشرّية إلى قرابين حيوانّيققة‪ .‬ووازى هققذا التحقّول تقققديم ألبققوا كيققر‪:‬‬
‫»فائض بيدرك ل تبطئ في تقريبه‪ ،‬وبكر بنيك تعطيني إّياه‪ .‬وكذلك تصنع ببقققرك وغنمققك‪ .‬سققبعة أّيققام يكققون مققع‬
‫أّمه‪ ،‬وفي اليوم الثامن تعطيني إّياه« )الخروج ‪ .2(29-28:22‬ونحن نلحظ أن اليوم الثامن هو أيض قًا يققوم الختققان‬
‫عند اليهود‪.‬‬

‫ل عن باقي الشققعب‪ ،‬فكقان علققى اليهقودي أن‬ ‫وفيما يخص أبكار النسان‪ ،‬تقول التوراة إن ال قد إختار اللويين بد ً‬
‫ضة فداء لبكارهم ‪ .3‬وهذه العادة ما زالت تمارس بين اليهود حسب طقس خاص‬ ‫يدفع للويين خمسة مثاقيل من الف ّ‬
‫يدعى طقس الفداء‪ .4‬فالفداء حل محل الذبائح البشرّية التي كانت تمارسها الشعوب الخرى والتي منعتهققا التققوراة‪:‬‬
‫»ل تصنع هكذا نحو الرب إلهك‪ ،‬فإنها صنعت للهتها كل قبيحة يكرههققا القق‪ ،‬حّتققى أحرقققت بنيهققا وبناتهققا بالنققار‬
‫للهتها« )تثنية ‪ .5(13:12‬ولكن اليهود إستمّروا على تلك العادة‪ .‬فقد أحرق الملك اليهودي آحاز إبنه »بالنار‪ ،‬على‬
‫حسب قبائح المم« )‪ 2‬ملوك ‪ .(3:16‬وكان في القدس محرقة تققدعى » ُتقوَفت« بقوادي إبققن هنقوم‪ ،‬يحققرق عليهققا‬
‫اليهود بنيهم وبناتهم بالنار )أرميا ‪ .(31:7‬وقد وّبخ على ذلك النبي حزقيال‪» :‬وأخذت أبناءك وبناتك القذين ولقدتهم‬
‫لي فذبحتهم لها ]للتماثيل[ طعامًا‪ .‬أفكانت فواحشك أمرًا يسيرًا؟ انك ذبحت بني وسّلمتهم ليمّروا في النققار لجلهققا«‬
‫)حزقيال ‪.6(21-20:16‬‬

‫ورّبما قد تكون عملّية تضحية الطفال قد تحّولت أيضًا إلى تضققحية العضققاء الجنسقّية مققن خلل الخصققي الققذي‬
‫حّرمته التوراة فيما يخص رجال الدين‪» :‬ل يدخل مرضوض الخصيتين ول مجبوب فققي جماعققة الققرب« ) تثنيققة‬
‫‪ .(32:1‬وكلمة مجبوب تعني الرجل الذي قطع ذكره‪ .‬وعملّية الخصي تحّولت بدورها إلى ختان‪.‬‬

‫ويقول مؤّلف يهودي حديث إن الختان عبققارة عققن ضققحّية يققّدمها الب لق لخلص نفسققه‪ .‬وبهققذا تشققبه مققا عققزم‬
‫إبراهيم عمله طاعة لمر ال عندما عزم تضحية إبنه إسحاق كما سبق ذكره‪ .‬وقد تبع طاعة إبراهيققم لق وعققد مققن‬
‫ال‪» :‬بما أنك فعلت هذا المر ولم تمسك عني إبنك وحيدك‪ ،‬لباركنك وأكثرن نسلك كنجوم السماء وكالرمل علققي‬
‫شاطئ البحقر‪ ،‬ويقرث نسقلك مقدن أعقدائه‪ ،‬ويتبقارك بنسقلك جميقع أمقم الرض‪ ،‬لنقك سقمعت ققولي« )التكقوين‬
‫‪ .7(18-16:22‬ونحن نجد علقة بين فكرة تكثير النسل وتكثير الغلة بعد إستئصققال جققزء منققه فققي سققفر الحبققار‪:‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 48-49‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر أيضًا الخروج ‪ 2:13‬و ‪13‬؛ ‪20:34‬؛ أنظر في هذا الخصوص ‪Barth (editor): Berit Mila, p. 102‬‬ ‫‪2‬‬

‫العدد ‪ .50-44 ،13-11:3‬أنظر أيضًا العدد ‪18-16:8‬؛ ‪.16:18‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر هذا الطقس في ‪Cohen: Guide, p. 105-124‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر أيضًا الحبار ‪12:18‬؛ تثنية ‪.10:18‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر أيضًا أرميا ‪ 6-4:19‬و ‪35:32‬؛ ‪ 2‬ملوك ‪10:23‬؛ أنظر في هذا الخصوص أيضًا كتاب الزغبي‪ :‬القرابين البشرّية‬ ‫‪6‬‬

‫والذبائح التلمودية‪.‬‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 61‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪56‬‬
‫»وإذا دخلتم الرض وغرستم كل شجر يؤكل‪ ،‬فاصنعوا بثمره صققنيعكم بغلفتققه‪ :‬ثلث سققنين يكققون لكققم أغلققف ل‬
‫يؤكل منه‪ .‬وفي السنة الرابعة يكون ثمره قدس إبتهاج للرب‪ .‬وفي السنة الخامسة تأكلون ثمره لتزداد لكم غلتققه« )‬
‫سرون في فهم هذه الية‪.‬‬
‫‪ .(25-23:19‬وقد إحتار المف ّ‬

‫هذا ويرى البعض أن الختان كان يجرى في الصل على البالغين كما تققبّينه بعققض نصققوص التققوراة فيمققا يخققص‬
‫ختان إسقماعيل )التكققوين ‪ (25:17‬وختققان إبققن موسققى )الخققروج ‪ (26-25:4‬وختقان مقن ولقدوا فقي البّريققة بعققد‬
‫سر‬ ‫الخروج من مصر )يشوع فصل ‪ .(5‬فتكون عملّية الختان عتبة لدخول مرحلة الرجولة والزواج‪ .‬وهذا ما قد يف ّ‬
‫ما جاء بخصوص ختان صّفورة‪ ،‬زوجة موسى‪ ،‬لبنققه البكققر وقولهققا‪» :‬انققك لققي عققروس دم« )الخققروج ‪.(25:4‬‬
‫و»عروس دم« هي في الصل العبري »ختققن دميققم«‪ ،‬وقققد ُفِهمققت كلمققة »ختققن« بأنهققا تعنققي »عققروس« وذلققك‬
‫بالرجوع إلى تلك الكلمة في اللغة العربّية لعدم وجودها في اللغة العبرّية‪ .1‬وذلققك يعنققي أن زوجققة موسققى لققم تكققن‬
‫ل لعملّيققة‬‫يهودّية‪ .‬واليهود يمارسون طقسًا دينّيا في سن الصبا يطلقون عليه طقس التثبيت )بار متسفا( قد يكون بدي ً‬
‫الختان التي كانت تجرى في ذاك العمر قديمًا‪ .2‬وسوف نرى لحقًا أن الختان يتم عند المسلمين في بعض المنققاطق‬
‫في الجزيرة العربّية َقبل الزواج‪.‬‬

‫وُيظن أيضًا أن الختان الذي يجرى على الرجل َقبل الزواج وإنققزال دم مققن ذكققره هققو عملّيققة موازيققة لعملّيققة فققك‬
‫البكارة وإنزال الدم من الزوجة ليلة الزواج في العلقة الجنسّية الولى والذي يتم إثبقاته بواسقطة منقديل مبلقل بقدم‬
‫الزوجة )تثنية ‪ .(19-13:22‬ومن هنا جاءت كلمة الختان والختن بالعربّية تعبيرًا عققن عملّيققة الختققان والققزواج أو‬
‫حّتى الزوج أو الحمو )أب الزوج أو أب الزوجة( كما ذكرنا في الجزء الّول‪.‬‬

‫صة ختققان يشققوع لليهققود فققي البّريققة )يشققوع‬ ‫صة صّفورة وفي ق ّ‬‫كما ُيظن أن إستعمال الصّوان لتمام الختان في ق ّ‬
‫فصل ‪ (5‬هو إشارة واضحة إلى محاكاة لعملّية الختان التي تصقّورها لنققا النقققوش المصققرّية والققتي ُيسققتعمل فيهققا‬
‫صة صّفورة في التوراة تعتبر أقدم نص توراتي يذكر الختان‪ .‬ويرجع تاريخ‬ ‫الصّوان للختان‪ .‬وقد ذكرنا سابقًا أن ق ّ‬
‫صة ختان إبراهيم التي أضقيفت إلقى التقوراة‬ ‫صة تسبق ق ّ‬‫إدخاله في التوراة إلى القرن العاشر َقبل المسيح‪ .‬وهذه الق ّ‬
‫بعد القرن السادس َقبل المسيح‪ .‬وُيظن أن الختان قد تحّول في زمن سقيطرة رجقال القدين اليهقود مقن إشقارة قبلّيقة‬
‫ومراسيم تسبق الزواج إلى أمر ديني جاء من ال يجعل منه علمة عهد بين الق والقبيلققة المققذكورة‪ .‬ولهققذه الغايققة‬
‫صة أمر ال بختان إبراهيم لتبرير كل هذا التحّول الذي أرادوا فرضه على المجتمع‪.3‬‬ ‫إخترعوا ق ّ‬

‫ويقول حاخام يهودي حديث إن رجال الدين اليهود فهموا أن العضو التناسلي هو خالق الحياة‪ .‬وقد دمققغ ال ق عهققده‬
‫على الذكر حّتى يتذّكر النسان أن العضو الجنسي هو هبة من الق ويجققب التققّرب منققه كهبققة إلهّيققة‪ .‬ويضققيف أن‬
‫حية‪.4‬‬
‫حة الجسدّية رغم أنه ل شك ‪ -‬حسب رأيه‪ -‬أن فيه بعض الفوائد الص ّ‬ ‫الختان ل علقة له بالص ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النتائج المترّتبة على عدم الختان‬


‫‪ (1‬عقاب مخالفة الشريعة‬
‫يرى رجال الدين اليهود أن الكتب المقّدسة هي التي تقّرر مقا هقو شقر ومقا هقو خيققر وهقي القتي يجقب أن يّتبعهققا‬
‫النسان‪ .‬فال هو المشّرع الذي يسن ما يجب على المرء عمله أو تفاديه‪ .‬وأحكام التققوراة كّلهققا بققارة ومققن يخالفهققا‬
‫يتعّرض لعواقب خطيرة‪ .‬فسفر تثنية الشتراع يقول‪:‬‬
‫»والن يا إسرائيل‪ ،‬إسمع الفرائض والحكققام الققتي أعّلمكققم إّياهققا لتعملققوا بهققا‪ ،‬لكققي تحيققوا وترثققوا‬
‫الرض التي يعطيكم الرب إلقه آبقائكم إّياهقا‪ .‬ل تزيقدوا كلمقة علقى مقا آمركقم بقه ول تنقصقوا منقه‪،‬‬
‫حافظين وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها‪ .‬إن عيونكم قد رأت ما صنع الرب ببعل فغور‪ ،‬فققإن‬

‫‪Circumcision, Encyclopaedia judaica, col. 568‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 39-40‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Larue: Religious traditions and circumcision‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪?Burrington: Just a little off the top‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫كل من سار وراء بعل فغور أباده الرب من وسطكم‪ .‬وأّما أنتم المتعّلقون بالرب إلهكققم‪ ،‬فكلكققم أحيققاء‬
‫اليوم‪ .‬أنظر‪ :‬إني قد علمتكم فرائض وأحكامًا كما أمرني الرب إلهي‪ ،‬لتعملققوا بهققا فققي وسققط الرض‬
‫حكمتكققم وفهمكققم أمققام عيققون الشققعوب‬ ‫التي أنتم داخلون إليها لترثوها‪ .‬فاحفظوها وأعملوا بها‪ ،‬فإنها ِ‬
‫التي‪ ،‬إذا سمعت بهذه الفرائض‪ ،‬تقول‪ :‬ل شك أن هذه الّمة العظيمة هي شعب حكيققم فهيقم‪ .‬لنققه أّيقة‬
‫أّمة عظيمة لها آلهة قريبة منها كالرب إلهنا في كل ما ندعوه؟ وأّية أّمة عظيمة لهققا فققرائض وأحكققام‬
‫بارة ككل هذه الشريعة التي أضعها اليوم أمامك؟« )تثنية ‪.(8-1:4‬‬

‫معتمدًا على هذا النص‪ ،‬يرى إبن ميمون‪ ،‬أكبر لهوتي وفيلسوف يهودي‪ ،‬أن أوامر الكتب المقّدسة اليهودّية أوامر‬
‫سرت بققه سققابقًا‬
‫سرها بخلف ما ف ّ‬ ‫أبدّية ول يحق لحد أن يغّيرها وكل من تخّول له نفسه أن يغّيرها أو يلغيها أو يف ّ‬
‫يجب قتله خنقًا لنه كّذب ال الذي يقول في آياته‪» :‬بكل مققا أنققا آمركققم بققه تحرسققون أن تعملققوه‪ ،‬ل تققزد عليقه ول‬
‫تنقص منه« )تثنيققة ‪(1:13‬؛ »الخفايققا للققرب إلهنققا‪ ،‬والمعلنققات لنققا ولبنينققا للبققد‪ ،‬لكققي نعمققل بجميققع كلمققات هققذه‬
‫الشريعة« )تثنية ‪(28:29‬؛ »فريضة أبدّية مدى أجيالكم في جميع مساكنكم« )الحبار ‪.1(24:23‬‬

‫‪ (2‬الغلف يقطع من الشعب اليهودي‬


‫يقول الفصل ‪ 17‬من سفر التكوين‪» :‬أي أغلف من الذكور لم يختن في لحم غلفته‪ ،‬تفصققل تلققك النفققس مققن ذويهققا‪،‬‬
‫لنه قد نقض عهققدي« )‪ .(14:17‬وفققي الطبعققة العربّيققة السققابقة للكتققاب المققّدس‪ ،‬نقققرأ‪» :‬تقطققع تلققك النفققس مققن‬
‫شعبها«‪.‬‬

‫هناك من يربط بين هذا الجزاء وبين ما حدث لموسى الذي أهمل ختان إبنه وهو في طريقه إلققى مصققر‪ .‬فقققد لقققاه‬
‫الرب وهّم قتله‪ ،‬فأنقذته زوجته صّفورة بقيامها بتلك الُمهّمة )الخروج ‪ .(26-20:4‬أي أن عدم الختان يعّرض غير‬
‫ل علقى البقن‬ ‫المختون للموت‪ .‬ويبّين هذا النص أن موسى لم يكن قد ختن إبنه في يومه الثامن وأن الختان لم يتقم إ ّ‬
‫البكر‪ .‬ويعني أيضًا أن موسى نفسه لم ُيختن وقد اكتفت زوجته بمس رجليققه )وهققذا رّبمققا تعققبير مققؤّدب عققن مققس‬
‫طختين بدم إبنها البكر‪ .‬وهناك رواية يهودّية تقول إن الذي لقققى موسققى ليققس الق بققل‬ ‫عضوه التناسلي( بيديها المل ّ‬
‫‪2‬‬
‫الملك‪ ،‬وفي رواية ثالثة هو الشيطان ‪.‬‬

‫وعقوبققة القطققع مققن الشققعب بالعبرّيققة‪ :‬قريطققوت )وتققذّكرنا بالكلمققة العربّيققة‪ :‬قققرط‪ ،‬وقققد ترجمققت بالنكليزّيققة‪:‬‬
‫‪ (extirpation‬تقع في التوراة حسب المشنا على ‪ 36‬جريمة منها ‪ 15‬جريمة ذات صلة بالعلقققات الجنسقّية غيققر‬
‫المشروعة واستباحة السبت الخ‪ .‬وقد ذكرت المشنا ترك الختان آخر قائمة تلك الجرائم‪ .3‬ومن غير الواضح معنققى‬
‫هذه العقوبة‪ .‬فسفر الخروج يقول صراحة إن إستباحة السبت تعاقب بالقتل‪» :‬فاحفظوا السبت‪ ،‬فإنه مقّدس لكم‪ ،‬من‬
‫ل تفصققل تلققك النفققس مققن وسققط شققعبها« )الخققروج ‪ .(14:13‬وفققي حالققة‬ ‫ل‪ .‬كل من يعمل فيه عم ً‬ ‫إستباحه يقتل قت ً‬
‫إقتراف إحدى تلك الجرائم سهوًا‪ ،‬فإنه يجب عليه أن يقّدم للكاهن ذبيحة تضحية‪ ،‬كبش تام مققن الغنققم يق قّدر بمقققدار‬
‫الثم )الحبار ‪ .4(18-17:5‬وأّما بخصوص الختان‪ ،‬فمنهم من رأى أن القطع الذي يتعّرض له من ل يختققن يعنققي‬
‫القتل‪ ،‬ومنهم من إعتبره حرمان الشخص من عضوّية المجتمع اليهقودي أو نفيقه‪ ،‬وهقو مصقير أشقر مقن المقوت‪.‬‬
‫ومنهم من إعتبر أن الجزاء الوحيد لعدم الختان هو الجزاء بعد الحياة الدنيا‪ .‬ومهما يكن‪ ،‬فإن للختان عواقب ُمهّمة‪.‬‬
‫فالغلف يعتبر نجسًا‪ ،‬فل يحق له المشاركة بالعيقاد ول يقدخل الهيكقل ول الققدس‪ ،‬كمقا ل يحقق لقه القزواج مقن‬
‫يهودّية ول ُيناسب‪ ،‬ول يحق معاشرته ل في الحياة ول في الموت‪ ،‬ول نصيب له في الخرة‪ .‬وهو مققا سققنراه فققي‬
‫النقاط اللحقة‪.‬‬

‫ويتساءل »فيلون« لماذا فرضت التوراة عقوبة القطع على الطفل غيققر المختققون رغققم أن ل ذنققب لققه‪ .‬فيجيققب أن‬
‫سر هذه العقوبة بأنها تقع على الهل وليس علققى الطفققل‪ .‬وغيرهققم رأى فيهققا أسققلوبًا لمعاقبققة الهققل مققن‬
‫البعض ف ّ‬
‫خلل وقوعها على الطفل‪ .‬وللخروج من هذه الزمة‪ ،‬يحاول »فيلون« تقققديم تفسققيرًا رمزيقًا‪ .‬فهققو يققرى أن ختققان‬
‫أنظر في ذلك ‪Maïmonide: Le livre de la connaissance, p. 97-98‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 423‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪The Mishnah, (keritot 1:1), p. 836‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪The Mishnah, (keritot 1:2), p. 837‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪58‬‬
‫الذكر يعني ختان العقل‪ ،‬أي بالتخّلص من الرذائل والشهوات‪ .‬والقطع الققذي يتققم بسققبب عققدم الختققان يخققص ليققس‬
‫موت الجسد‪ ،‬بل موت النفس‪ .‬ولذلك جاء في النص »تفصل تلك النفس من ذويها«‪ .‬فلم يقل النص إنه يجب فصققل‬
‫الجسد‪ ،‬بل فصل النفس‪.1‬‬

‫‪ (3‬الغلف نجس‬
‫ل من يد رجقل غيقر مختقون أو حّتقى يأكقل‬ ‫تعتبر الشعوب السترالّية البدائّية غير المختون نجسًا‪ .‬فل أحد يأخذ أك ً‬
‫في حضرته‪ .‬وفي كل المجتمعات البدائّية التي تمارس ختان الناث‪ ،‬ل يمكن لمرأة مختونة أن تتزّوج مققن رجققل‬
‫غير مختون ول رجل مختققون أن يققتزّوج مققن إمققرأة غيققر مختونققة‪ .‬فعققدم الختققان يعتققبر علمقة نجاسققة فققي تلققك‬
‫المجتمعات‪ .2‬ونحن نجد مثل هذه القواعد بخصوص النجاسة في النصوص اليهودّية المقّدسة‪.‬‬

‫وإذا كان الختان في سفر التكوين هو علمة عهد‪ ،‬فإنه في الفصقل ‪ 21‬مقن سقفر الحبقار ققد جقاء ضقمن القواعقد‬
‫صة بتطهير المرأة من نجاستها بعد ولدتها‪ .‬فل يحق للم أن »تلمس شيئًا مققن القققداس ول تققدخل المقققدس‪،‬‬ ‫الخا ّ‬
‫حّتى تتم أّيام تطهيرها«‪ .‬ومّدة تطهير الم تختلف حسب المولود‪ .‬فإن كان ذكرًا‪ ،‬تكون نجسة لمّدة سبعة أّيققام ومققن‬
‫بعدها تختن غلفة المولود وتظل ‪ 33‬يومًا في تطهير دمها‪ .‬أّما إذا ولدت أنثى‪ ،‬فققإن الم تكققون نجسققة أسققبوعين‪ ،‬و‬
‫‪ 66‬يومًا تظل في تطهير دمها‪ .‬وفي الية الثالثة من هذا النص‪ ،‬هناك أمر بختان المولود الذكر تقققول‪» :‬فققي اليققوم‬
‫الثامن تختن غلفة المولود«‪ .‬ووجود أمر الختان في هذا الفصل الخاص بنجاسة الم وسبل تطهيرها طققرح مشققكلة‬
‫سرين‪ .‬فمنهم من إعتقد أن الطفل أعتبر نجسًا بسبب ملمسته أّمه النجسة بسبب الولدة‪ ،‬فيكون الختققان أسققلوبًا‬ ‫للمف ّ‬
‫سرين إختصر الطريق معتبرًا تلك الية قد دست دسًا في النص مقن ِقَبقل‬ ‫ل أن بعض المف ّ‬ ‫لتطهيره من نجاسة أّمه‪ .‬إ ّ‬
‫‪3‬‬
‫ل للموقف اليهودي‬ ‫جامع سفر الحبار المجهول السم ‪ .‬وتجدر الشارة هنا إلى أنه يوجد عند المسلمين موقفًا مماث ً‬
‫بخصوص عدم طهارة الم التي تلد‪ ،‬وقد يكون هذا إمتدادًا للفكر اليهودي‪.‬‬

‫ومهما يكن‪ ،‬فإن نصوص التوراة تعتبر الغلف )أي غير المختون( نجسقًا‪ .‬فهققي تطلقق كلمقة الغلققف علقى غيققر‬
‫اليهودي وهي تعني الرجل غير الطاهر الذي ل يحمل علمة النتماء لشعب ال المختققار‪ .4‬كمققا أن سققفر الحبققار‬
‫يطلق كلمة الغلف على ثمار الشجر في السنين الثلث الولى والتي ل يحق أكلهققا لنهققا غيققر طققاهرة )‪-23:19‬‬
‫‪ .(25‬وفي سفر يشوع نقرأ أن يشوع ختن اليهود َقبققل دخققولهم أرض الميعققاد‪ .‬وهكققذا رفققع عققار المصققرّيين عققن‬
‫سر هذا النص بأن عدم ختان المصرّيين هو عار على المصرّيين‪ .‬كما أنه يمكن‬ ‫اليهود )يشوع ‪ .(9:5‬ويمكن أن يف ّ‬
‫سر أن المصرّيين كانوا يعّيرون اليهود بعدم ختانهم‪ .‬فبختان اليهققود رفققع تعييققر المصققرّيين عنهققم‪ .‬وفققي كل‬
‫أن يف ّ‬
‫التفسيرين‪ ،‬يعتبر عدم الختان عارًا‪.‬‬

‫وتعيد علينا المشنا أن الغلفة نجسة لن الكتاب المقّدس اليهودي يعيب على الوثنّيين عدم ختانهم‪ ،‬معتمققدة فققي ذلققك‬
‫على آية أرميا ‪» :25:9‬مصر ويهوذا وادوم وبني عمون وموآب‪ ،‬وكل مقصوصي السوالف الساكنين في البّريققة‪،‬‬
‫لن كل المم غلف‪ ،‬وكل بيت إسرائيل غلف القلوب«‪.5‬‬

‫وفي رواية يهودّية طرحت ملكة سبا على سليمان إعجازًا‪ .‬فقد جمعت عددًا من الرجال‪ ،‬بعضهم مختون والبعققض‬
‫الخر غير مختون‪ ،‬وطلبت من سليمان أن يفّرق بين المختون وغير المختون‪ .‬فأشار سليمان علققى كققاهن الهيكققل‬
‫أن يفتح تابوت العهد الذي يحتوي نص التوراة‪ .‬عندها إنحنى المختونون نحو التابوت مملوئين إشعاعًا مققن وجققود‬
‫ال‪ .‬أّما غير المختونين فقد سقطوا على وجههم لنهم لم يتحّملوا وجود ال‪.6‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 123-125‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Montagu: Mutilated humanity‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 97‬‬ ‫‪3‬‬

‫ل ‪ 1‬صموئيل ‪ 6:14‬و ‪ 26:17‬و ‪36‬؛ ‪ 1‬الخبار ‪4:10‬؛ حزقيال ‪.10:28‬‬‫أنظر مث ً‬ ‫‪4‬‬

‫‪The Mishnah, (Nedarim 3:11), p. 412‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪The book of legends, p. 129‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ (4‬الغلف ل يشارك بالعياد ول يدخل الهيكل ول القدس‬
‫نجد إمتدادًا لفكرة عدم طهارة غير المختون في الفصل ‪ 12‬من سفر الخروج الذي يمنع الغلف من إقامة فريضققة‬
‫صص للكهنة‪ ،‬ولكّنه‬ ‫الفصح أو الكل من ذبيحة الفصح‪ .‬والتلمود يمنع من هو غير مختون أن يأكل من الكل المخ ّ‬
‫‪1‬‬
‫يحق له أن يساعد في تحضير رماد البقرة الحمراء التي تذبح تقدمة للرب وأن يأكل من الُعشر المقّدم للهيكل ‪.‬‬

‫وسوف نرى أن الطفل الذي مات بعض إخوته يعفققى مقن الختققان‪ .‬وهقذا اليهققودي أيضقًا ل يسقمح لقه أكققل ذبيحققة‬
‫ل أو عبيدًا له كان عليه ختانهم‪ .‬وكذلك المر بخصققوص‬ ‫الفصح‪ .‬وكذلك المر بخصوص الب الذي ل يختن أطفا ً‬
‫الطفل الذي يولد مختونًا‪ ،‬فل يحق له أن يأكققل مققن ضققحّية الفصققح حّتققى تنققزل نقطققة دم منققه‪ .‬وإذا ذبحققت ذبيحققة‬
‫جل الختان لن الطفل مريض‬ ‫الفصح لمثل أولئك فإن المعنى الديني لهذه الذبيحة يفسد‪ .‬وهناك إعفاء من المنع إذا ُأ ّ‬
‫أو كان الطفل خنثى أو كان والديه في السجن ولم يتمّكنوا من ختانه‪.2‬‬

‫وحزقيال يمنع الغلف دخول الهيكل )‪ .(9:44‬وأشعيا يمد هذا المنع لكققل مدينققة أورشققليم )‪ .(1:52‬وقققد كققان فققي‬
‫زمن السّيد المسيح كتابة باليونانّية في هيكل هيرودوس )توّفى عام ‪ 4‬ق‪.‬م( تمنع الغرباء مقن دخقول الهيكقل تحقت‬
‫طائلة الموت‪ .3‬وهناك من يرى أن منع الغلف من دخول الهيكل والمدينة المقّدسة عند اليهققود مققأخوذ مققن مصققر‬
‫القديمة حيث كان مكتوبًا على باب هيكل اللهققة إيزيقس منقع مشقابه كمقا ذكرنقا سققابقًا‪ .4‬وسقوف نقرى فقي القسققم‬
‫السلمي أن هذا المنع قد طّبقه القرآن على المشركين الذين أعتبرهم نجسًا‪ ،‬ولكن دون ذكر للختان‪.‬‬

‫‪ (5‬الغلف ل ُيقبل زواجه من يهودّية ول يناسب‬


‫صققة‬
‫والختان في التوراة يعتققبر شققرطًا للققزواج‪ .‬فل يحققق أن يققتزّوج الغلققف مققن يهودّيققة‪ .‬وقققد رأينققا ذلققك مققن ق ّ‬
‫إغتصاب دينة من ِقَبل غير يهودي )التكوين ‪ .(16-14:34‬كما أنه ل يحق لليهودي أن يأخذ إمرأة من جماعة غير‬
‫مختونة كما هو واضح من إعتراض أهل شمشون على زواجه من فلسطينّية )القضاة ‪ .(3:14‬ويرى أحد المؤّلفين‬
‫صة ققد ُكتبقت بعقد رجقوع اليهقود مقن المنفقى وهقي مقن وضقع رجقال القدين القذين كقانوا‬ ‫اليهود اليوم أن هذه الق ّ‬
‫‪5‬‬
‫يرفضون التزاوج بين اليهود وغير اليهود ‪.‬‬

‫ومنع الزواج بين اليهود وغير اليهود هو إمتداد لفكرة شعب ال المختار التي تضّمنها النص الخقاص بالختقان‪ .‬فل‬
‫يحق لليهودي أن يختلط بالشعوب الخرى لفساد صفاء الدم اليهودي‪ .‬ونجققد هققذا الفكققر العنصققري اليهققودي فققي‬
‫أجلى صوره في سفر عزرا الكاهن‪ .‬فهذا الكاهن يهيج غضبًا ضد اليهود الذين إّتخذوا زوجات من خققارج الشققعب‬
‫اليهودي »فاختلط النسل المقّدس بشعوب البلد« )‪ .(2:9‬ويحكي لنا سفر عزرا كيف أنه مّزق ثيققابه ونتققف شققعره‬
‫ولحيته غيظًا )‪ (3:9‬وطلب من جميع الشعب الجتماع في ساحة الهيكل »وأن كل من ل يأتي في ثلثة أّيام تحققّرم‬
‫كل أمواله« )‪ .(7:10‬فاجتمعوا هناك في يوم ممطر فقال لهم‪» :‬إنكم خالفتم واّتخذتم نساء غريبات‪ ،‬لتزيدوا في إثم‬
‫إسرائيل‪ .‬فاحمدوا الن الرب إله آبائكم وأعملوا بما يرضيه‪ ،‬وانفصلوا عن شعوب الرض والنسققاء الغريبققات« )‬
‫‪ .(11:10‬وهذا الجزء من الكتاب المقّدس اليهودي كان قد ألهم القوانين العنصرّية الهتلرّية فققي عصققرنا ومققا زال‬
‫يلهم رجال الدين اليهود في موقفهم المعادي من الزواج المختلط لسباب عنصرّية مقيتة‪.6‬‬

‫ويذكر التاريخ كيف أن »سّلومة« إبنة الملك »هيرودوس« كققانت ترغققب فققي الققزواج مقن »سققيل« وزيققر الملققك‬
‫العربي »عبادا« فوافق الملك »هيرودوس« على شرط أن يقبل »سيل« بأن يختتن‪ .‬و»أغريبققا« أعُتققبر كفققؤًا بققأن‬

‫‪The Talmud of Babylonia, (Yebahot 72A), vol. XIII.C, p. 57‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 168-169‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪La Bible de Jérusalem, p. 1292, note c‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Galpaz-Feller, p. 517‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 31‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Aldeeb Abu-Sahlieh: Les musulmans face aux droits de l'homme, p. 128-129‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪60‬‬
‫يرأس اليهققود لنقه زّوج إبنتققه بملقك غيققر يهققودي علقى شقرط أن يختتن‪ .7‬وفققي أّيامنققا مققا زال اليهقود يحتفظققون‬
‫طخة بدم الختان لكي تعرض يوم تثبيت الطفل اليهودي وزواجه كبرهان لختانه‪.‬‬ ‫بالملبس المل ّ‬

‫‪ (6‬الغلف ل يعاشر‬
‫ل نجسًا‪ .‬ولذلك ل يحق معاشرته في مققأكله أو مشققربه أو دخققول بيتققه أو أكققل‬‫يعتبر الغلف في نظر اليهودي رج ً‬
‫ذبائحه‪ .‬كما أنه ل يحق دفن الغلف في مقابر اليهود‪ .‬ولذا يتم ختان اليهودي غير المختون َقبل دفنه‪.‬‬

‫طسققوا فققي الحّمققام الطقسققي‪ .‬فهققل يدّنسققون‬


‫وقد دار جدل في التلمود حول أطفال إمرأة عبدة تم ختانهم ولكن لققم يغ ّ‬
‫سوه؟ وكان الجواب نفيًا لن الطفل ل يمّيز طبيعة الوثن‪ .‬أّما إذا كان من مس الخمققر بالغقًا فققإن الخمققر‬ ‫الخمر إذا م ّ‬
‫‪1‬‬
‫يفسد‪ ،‬فل يحق شربه ‪.‬‬

‫ويذكر »موشي مينوهين«‪ ،‬والد عازف الكمان »يهودي مينوهين«‪ ،‬أن جّده المتدّين الذي كان يسكن في مسققتعمرة‬
‫في فلسطين كان يسكب في المجاري قناني الخمر التي تبقى على مائدته بعد رحيل ضققيوفه غيققر اليهققود‪ .‬وعنققدما‬
‫سأله حفيده عن سبب ذلك‪ ،‬كان جوابه بأن الخمر الذي في القناني المفتوحة من ِقَبل غير اليهققود )الجققوييم( تصققبح‬
‫فاسدة وممنوعة من الشرب حسب القواعد اليهودّية‪.2‬‬

‫وهذه النظرة اليهودّية للغلف نجدها في بداية المسيحّية‪ .‬فققد عقاتب مسقيحّيون مقن أصقل يهقودي بطقرس لقبقوله‬
‫دعوة قرنيليوس‪ ،‬قائد مائة من الكتيبة التي تدعى الكتيبة اليطالّية‪ .‬فقالوا له‪» :‬لقد دخلققت إلقى أنقاس غلققف وأكلقت‬
‫معهم« )أعمال ‪ .(3-1:11‬وبطرس يعرف هذا المنع ويعرف أن الوثنّيين على علم به‪ .‬ففي مخاطبته لداعيه يقول‪:‬‬
‫»تعلمون أنه حرام علققى اليهققودي أن يعاشققر أجنبيقًا أو يققدخل منزلققه« )أعمققال ‪ .(28:10‬وفققي رسققالته إلققى أهققل‬
‫غلطية‪ ،‬يعلمنا بولس كيف أن بطرس‪» ،‬قبل أن يقّدم قوم من عند يعقوب‪ ،‬كان يؤاكققل الققوثنّيين‪ .‬فلّمققا قققدموا أخققذ‬
‫حى خوفًا من أهل الختان« )غلطية ‪.(12:2‬‬ ‫يتوارى ويتن ّ‬

‫شار‪ ،‬تققذّمر اليهققود قققائلين‪:‬‬


‫والغلف في نظر اليهودي هم في نفس منزلة الخطأة‪ .‬فالمسيح‪ ،‬عندما دخل بيت زكا الع ّ‬
‫»دخل منزل رجل خاطئ ليبيت عنده« )لوقا ‪ .(7:19‬وقد كانت الفكار المتداولة عند اليهود أن معاشرة الخاطئين‬
‫تؤّدي إلى النجاسة )إبن سيراخ ‪ .3(26-25:50‬وهم أيضًا في منزلة المنشّقين مثل السامريين‪ .‬يقول سفر يشوع بن‬
‫سيراخ‪» :‬أّمتان مقتتهما نفسي والثالثة ليست بأّمة‪ :‬الساكنون في جبل سعير‪ ،‬الفلسطينيون والشعب الحمق الساكن‬
‫صة مرور يسوع ببئر يعقوب فطلققب مققن إمققرأة سققامرّية‬ ‫في شكيم« )بن سيراخ ‪ .(26-25:50‬وفي إنجيل يوحّنا ق ّ‬
‫أن تسقيه ماءًا‪ .‬فكان جوابها‪» :‬كيف تسألني أن أسقيك وأنت يهودي وأنا إمرأة سامرّية؟« )يوحّنا ‪.(9:4‬‬

‫هذا وسوف نرى لحقًا كيف أن معارضي الختان يجدون عنتًا كبيرًا من ِقَبل أهلهم ومن ِقَبل المجتمع اليهودي فققي‬
‫أّيامنا‪.‬‬

‫‪ (7‬الغلف ل نصيب له في الخرة‬


‫هناك »مدراش« يهودي يقول بأن الق سققيخّلص نسققل اليهققود مققن الجحيققم بسققبب الختققان‪ ،‬بينمققا غيققر المختققونين‬
‫سيرمون فيها‪ .‬وقد كان إعتقاد سائد بين اليهود أن ل نصيب لغير المختونين فققي الخققرة‪ .‬وقققد تققرك هققذا العتقققاد‬
‫أثره في الكتابات اليهودّية في العصور الوسطى‪.4‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 9-10‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 171‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Menuhin: La saga des Menuhin, p. 34-35‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر أيضًا لوقا ‪52:9‬؛ ‪33 :10‬؛ ‪2-1:15‬؛ مّتى ‪.5:10‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Trachtenberg: Jewish magic and superstition, p. 48‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪61‬‬
‫وهناك رواية يهودّية تقول إن إبراهيم يقققف يققوم الدينونققة علققى بققاب الجحيققم فل يسققمح أن يققدخل فققي الجحيققم أي‬
‫شخص يحمل علمة الختان‪ .1‬ورواية أخرى تقول إن ال يغفر لليهود خطايا كثيرة بسققبب الختققان‪ .‬وإنققه سققوف ل‬
‫يحاكمهم في نفس الوقت الذي يحاكم فيه غيرهم من المم‪ .‬فالمم تحاكم في ظلمة الليل‪ ،‬واليهود في وضح النهققار‪،‬‬
‫وهؤلء يتمّتعون بنعقم ل يحصققل عليهقا غيرهقم‪ .‬وهققم وحقدهم الققذين سقيتمّتعون بققالفراح والسقعادة عنققد مجيقء‬
‫المسيح‪ .2‬وهناك قول لرابي يهودي‪ :‬إن الدم الذي نزل من الطفل عنقد الختقان ُيحفققظ أمققام القق‪ .‬وعنققدما يققأتي يقوم‬
‫الدينونة فإن ال ينظر للدم فيخّلص العالم‪.3‬‬

‫ولكن ماذا عن الطفال الذين يموتون َقبل يومهم الثامن دون ختان؟ قال بعض رجال الدين اليهود بأن الطفقل حّتقى‬
‫ختن أم لم يختن‪ .‬وأنكققر ذلققك غيرهققم معتققبرين‬
‫وإن بقي في الحياة لحظة واحدة فإن له نصيب في الحياة الخرى‪ُ ،‬‬
‫ل إذا ماتوا وهم قادرون على الكلم‪ .‬وغيرهم جعل الختان هو أساس الخلص لهؤلء الطفققال‪:‬‬ ‫أن ل نصيب لهم إ ّ‬
‫ختن يخلص‪ ،‬ومن لم ُيختن ل يخلص‪ .‬وهذا هو السبب الذي من أجله قّرر التلمود ضرورة ختان الطفل الققذي‬ ‫فمن ُ‬
‫‪4‬‬
‫يموت َقبل اليوم الثامن إذ إن المختونين فقط لهم نصيب في الحياة الخرى ‪ .‬ولنا عودة إلى ختان المّيت لحقًا‪.‬‬

‫وقد طرحت فكرة ابتداء الختان بإبراهيم حسب التوراة مشكلة عنققد اليهققود أنفسققهم الققذين يعتققبرون الختققان شققرطاً‬
‫للخلص البدي‪ .‬فإن كان الختان بتلك الهّمية‪ ،‬فهل هذا يعني أن كل الصالحين الذين سبقوا إبراهيم قد هلكوا؟ هل‬
‫هؤلء جميعهم في الجحيم؟ هذا ما أثاره القّديس يوستينوس في حواره مع تريفون )كما سققنرى فققي الفصققل الثققاني‬
‫من القسم الثاني عن الختان في الفكر الديني المسيحي(‪ .‬وحّتى يحّلوا هقذه المشقكلة‪ ،‬لجقأ رجقال القدين اليهقود إلقى‬
‫القول بأن أولئك الصالحين قد ولدوا مختونين من أّمهاتهم‪ ،‬دون غلفة‪ ،‬حاملين علمة العهد‪ .5‬وهم يرون أن ال قققد‬
‫أنعم على عدد آخر من الذين ولدوا بعد إبراهيم‪ ،‬فولدوا مختونين‪ ،‬معتبرين ميلدهم هكذا إشققارة علققى إختيققار ال ق‬
‫لهم وتطهيرهم منذ بداية حياتهم‪ .‬وتقول إحدى الروايات اليهودّية أن عدد المختونين يبلققغ ‪ 13‬شخصقًا‪ ،‬ولكققن هققذه‬
‫القائمة غير ثابتة ونجد في الروايات اليهودّية السماء التية‪ :‬آدم وشيت )إبقن آدم الثقالث(‪ ،‬وانقوخ‪ ،‬ونقوح‪ ،‬وشقم‪،‬‬
‫وتيره‪ ،‬وملكصادق‪ ،‬ويعقوب‪ ،‬وجاد‪ ،‬ويوسف‪ ،‬وموسى )حسب إحدى الروايات‪ ،‬بينما تقول رواية أخرى إن أبويه‬
‫ختناه في اليوم الثامن(‪ ،‬وبلعام‪ ،‬وصققموئيل وداود وأشققعيا وأرميققا وزروبابققل وعوبيققد‪ .6‬ل بققل أضققافوا أن بعققض‬
‫ل‪ :‬ملعونقة الرض‬ ‫خلقوا مختققونين‪ .7‬وإحقدى الروايقات اليهودّيققة تققول إن الق كّلققم آدم بعقد سققوطه ققائ ً‬
‫الملئكة ُ‬
‫ل ل يحتاج للختان«‪ .‬وقد تم ذلك مع نوح الذي كان‬ ‫بسببك‪ .‬فسأله آدم‪ :‬والى متى؟ وكان جواب ال‪» :‬حّتى يولد طف ً‬
‫مختونًا من بطن أّمه‪.8‬‬

‫‪ (8‬المبالغة في أهّمية الختان‬


‫إذا كانت التوراة قد سّنت الختان‪ ،‬فإن اليات التي جققاءت بخصوصققه قليلققة وبسققيطة‪ .‬وقققد إكتسققب الختققان أهّميققة‬
‫سعا في القواعد التي تحكمه في ما يدعى العصر التلمودي‪ ،‬أي ما بين القرن الثاني والسابع الميلديين‪.‬‬ ‫صة وتو ّ‬
‫خا ّ‬
‫ضح سبب أهّمية الختان‪ :‬إن الختان مهم لنه يحق إباحة السققبت مققن أجلققه‪ ،‬ولن موسققى بكققل‬ ‫وفي التلمود فقرة تو ّ‬
‫ل بعققد‬
‫لإّ‬ ‫عظمته لم يعفى منه ساعة واحدة )إشارة إلى سفر الخروج الفصل الرابع(‪ ،‬ولن إبراهيم لققم يققدعى كققام ً‬
‫أن أتم الختان )إشارة إلى سفر التكوين ‪ ،(1:17‬ولن لول الختان لم يكن ال قد خلق العالم‪ .‬وهذا إشارة إلققى أرميققا‬
‫‪» :26-25:33‬هكذا قال الرب‪ :‬إن لم يكن هناك عهدي مع النهار والليل‪ ،‬ولم أجعل فرائض للسققماوات والرض‪،‬‬
‫فإني أنبذ أيضًا ذّرية يعقوب وداود عبدي«‪ .‬وهم يترجمون هذا النص كما يلي‪ » :‬هكذا قال الرب‪ :‬إن لم يكن هناك‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. I, p. 306‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. III, p. 375‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Tishby: The wisdom of the zohar, vol. III, p. 1181‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. VI, p. 341‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 268-269‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. I, p. 121, 146-147, 315, 365; vol. II, p. 4; vol. IV, p.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪294; vol. V, p. 100, 226, 268, 273, 297, 399; vol. VI, p. 194, 248‬‬
‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 22, 66, 268-269‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. I, p. 146-147‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪62‬‬
‫ل‪ ،‬لم أكن لجعل فرائض للسماوات والرض«‪ .‬ويضيف التلمود أن الختان يساوي في قيمته كققل‬
‫عهدي نهارًا ولي ً‬
‫أوامر التوراة‪.1‬‬

‫وما زال المؤّلفون اليهود المعاصرون يرّددون على مسامعنا هذا الكلم‪ .‬و»كوهين« يضققيف إليققه كلم قًا للحاخققام‬
‫»جوزيف سوليفيتشيك« يقول فيه عن الختان‪» :‬إنه عهد أبدي ل يمكن أبدًا حذفه‪ .‬إن الشعب اليهودي وال ينتميققان‬
‫إلى تجربة واحدة ]‪ .[...‬إن النسان دون عهد الختان يشقبه حّبققة رمقل تطيقش علققى ميققاه المحيقط مقّرة هنقا ومقّرة‬
‫هناك«‪ .‬كما يذكر كلمًا للحاخام »آريه كابلن«‪» :‬إن الختان قد أعاد إبراهيم وذّريته إلى وضققع آدم َقبققل الخطيئة‪.‬‬
‫وقد إستطاعت ذّرية إبراهيم أن تكون إناءًا للتوراة بسبب الختان‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإنه من خلل وصّية الختان أمكققن إتمققام‬
‫هدف الخلق«‪ .2‬ويرى اليهود أن إتمام الختان له الولوّية على دفن قريب‪.3‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬التّيار اليهودي الناقد لختان الذكور‬


‫سكة بالختان‪ ،‬فإن موقققف اليهققود منققه لققم يكققن أبققدًا موقفقًا ثابتقًا‪.‬‬
‫رغم أن الكثرّية الساحقة من اليهود ما زالت متم ّ‬
‫فهناك تحّول في الفكر اليهودي يتأرجققح بيققن فقرض الختققان جقبرًا‪ ،‬وبيقن إهمققاله وبيققن رفضقه وإدانتقه‪ .‬وبمقا أن‬
‫الكتابات العربّية ل تتعّرض بتاتًا لهذا الموضوع وأكثر الناس حّتى في الغرب يجهلون وجقود نققاش فققي الوسققاط‬
‫صة‪.‬‬
‫اليهودّية حول الختان‪ ،‬قّررنا أن نعطي هذا الموضوع أهّمية خا ّ‬

‫‪ (1‬هل مارس اليهود دائمًا الختان؟‬


‫توحي لنا نصوص التوراة أن الختان قد بدأ بإبراهيم الذي ُيظن أنه عاش في القرن التاسع عشر َقبل المسيح‪ .‬ولكن‬
‫هناك شواهد تبّين أن يهود مصر لم يكونوا يمارسققون الختققان بصققورة شققاملة‪ .‬فسققفر الخققروج يخبرنققا أن موسققى‬
‫هرب من مصر واّتجه إلى مدين حيقث تققزّوج بصقّفورة إبنقة كاهنهققا فقأنجب منهققا ولقدين‪ ،‬همقا جرشقوم واليعقاز‬
‫)خروج ‪ 22-15:2‬و ‪ .(3:18‬ثم رجع مع زوجته وابنيه إلى مصر‪ .‬وفي طريقه إلى مصر ظهر له ال فطلب قتله‪.‬‬
‫ست به رجلي موسى وقالت‪» :‬إنققك لققي عريققس دم‪ .‬فانصققرف عنققه‬ ‫فأخذت صّفورة صّوانة وقطعت غلفة إبنها وم ّ‬
‫)خروج ‪ .(26-19:4‬وهذا النص يبّين أن موسى لم يكن مختونًا‪ ،‬وأن ولققديه لققم يكونققا مختققونين فققي الققوقت الققذي‬
‫حّددته التوراة )اليوم الثامن(‪ ،‬وأن صّفورة ذات الصل غير اليهودي ختنت فقط واحدًا مققن ولققديها بصقّوانة‪ ،‬وقققد‬
‫يكون البن البكر‪ .‬فالنص يتكّلم عن رجوع موسى مع إبنيه بصيغة المثنى )خروج ‪ ،(20:4‬بينما يتكّلققم عققن ختققان‬
‫صّفورة لبنها بصورة المفرد )خروج ‪ .(25:4‬وهناك رواية يهودّية تقول إن اليهود َقبل خروجهققم مققن مصققر قققد‬
‫ل سققبط لوي‪ .‬وتققرك اليهققود عققادة‬ ‫تركوا ممارسة الختان واختلطوا بغير اليهود‪ .‬ولم يبقققى ممارسقًا لهققذه العققادة إ ّ‬
‫الختان أغضب ال فغّير حب المصرّيين لليهود إلى بغض‪.4‬‬

‫ويروي لنا سفر يشوع أن اليهود الذين ولدوا في البّرية بعد خروجهم من مصر لم يختنوا فققي صققغرهم‪ .‬وقققد جققاء‬
‫أمر ال ليشوع بختانهم في البّرية )يشوع ‪ .(9-2:5‬ويعتمد المؤّلفون اليهود في أّيامنا علققى التلمقود لشقرح أن عققدم‬
‫الختان هذا كان بسبب المناخ الصحراوي القاسي الذي ل يسمح بعمل الختان على الطفال دون تعّرضققهم لضققرر‬
‫حتهم‪ ،‬ولنهم لم يكونوا يعرفون متى يجب عليهم أن يكّملوا مسيرتهم في الصققحراء‪ .5‬وقققد أعيققد أمققر ختققان‬ ‫في ص ّ‬
‫الذكور في سفر الحبار‪» :‬وفي اليوم الثامن تختن غلفة المولود« )الحبار ‪ ،(3:12‬وهي آية تعتبر مدسوسة علققى‬
‫النص الصلي أدخلها الكهنة في عصور لحقة بعد المنفى لتأييد شريعة الختان‪.‬‬

‫ل مجازيقًا للختقان‪ .‬ففقي سقفر التكقوين يرتبقط وعقد أرض الميعقاد‬ ‫ونحن نجد في بعض نصقوص التقوراة إسقتعما ً‬
‫لبراهيم ونسله بختان الذكر‪ ،‬بينما في سفر تثنية الشتراع يرتبط هذا العهققد بختققان القلققب )تثنيققة ‪ .(6-5:30‬وفققي‬
‫ل أن تتقي الرب إلهك سائرًا في جميع طرقه‬ ‫فصل آخر نقرأ‪» :‬والن يا إسرائيل‪ ،‬ما الذي يطلبه منك الرب إلهك إ ّ‬
‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VIII, p. 186; The book of legends, p. 455‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 5-6‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 171‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. II, p. 259‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 3; Circumcision, Encyclopaedia judaica, col. 568‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪63‬‬
‫سقوا رقققابكم بعققد اليقوم«‬
‫ومحبًا إّياه‪ ،‬وعابدًا الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسققك ]‪ .[...‬فققاختنوا غلققف قلققوبكم‪ ،‬ول تق ّ‬
‫عد بإهلك وإذلل قلوب اليهود الغلف بسبب إثمهم )الحبار ‪-38:26‬‬ ‫)تثنية ‪ 12:10‬و ‪ .(16‬وفي سفر الحبار يتو ّ‬
‫‪ .(41‬وسفر أرميا يقول إن ال يعاقب على السواء غير المختققونين فققي الجسققد مققن المققم واليهققود المختققونين فققي‬
‫الجسد ذوي القلوب الغلف )عرلي لب(‪» :‬ها إنها تأتي أّيام‪ ،‬يقول الرب‪ ،‬أعاقب فيها كل المختونين فققي أجسققادهم‪.‬‬
‫مصر ويهوذا وادوم وبني عمون وموآب‪ ،‬وكل مقصوصي السوالف السققاكنين فققي البّريققة‪ ،‬لن كققل المققم غلققف‪،‬‬
‫وكل بيت إسرائيل غلف القلوب« )أرميا ‪.1(25-24:9‬‬

‫وقد إستعملت التوراة كلمة »غرلة« مّتصلة مع كلمققة الشققفاه‪ .‬فموسققى يقققول عقن نفسققه إنقه »عققرل شققفتيم«‪ ،‬وقققد‬
‫ُترجمت بثقيل اللسان‪ ،‬أي يتعثر بكلمه )الخروج ‪ 12:6‬و ‪.(30‬‬

‫وأرميا يستعمل كلمة »غرلة« مّتصلة بكلمة الذان‪» :‬من ذا أكّلم ومن أشهد عليه فيسمعوا‪ .‬ها إن آذانهققم غلققف فل‬
‫يستطيعون الصغاء‪ .‬ها إن كلمة الرب صارت لهم عارًا ل يهوونها« )أرميا ‪.(10:6‬‬

‫والمؤّلف اليهودي »فيلون« يرى أن الختان يقع على أمرين‪ :‬أّول ختان الجسد وختان الذكر‪ .‬ختان الجسد يتم بقطع‬
‫الغرلة‪ ،‬وختان الذكر‪ ،‬يتم على مستوى الفكر‪ .‬فالذكر الحقيقي هو العقل الذي فينا والققذي يجققب تهققذيبه ببققتر مققا ل‬
‫فائدة فيه فيتطّهر من كل شر وكل شهوة فيتمّكن هكذا مققن ممارسققة الكهنققوت اللهققي‪ .‬وهققذا مققا تشققير إليققه اليققة‪:‬‬
‫»أزيلوا غلف قلوبكم« )أرميا ‪.2(4:4‬‬

‫هناك إذًا بجانب ختان غلفة الذكر ختان الشفتين وختان القلب وختان الذان‪ .‬وهو تعبير عققن تطهيققر النفققس وعققدم‬
‫إقتراف الثم بتلك العضاء‪ .‬وقد يكون هذا تطّورا لحقًا للختان الجسدي‪ ،‬أو سابقًا لققه‪ ،‬أو تّيققارا فكرّيققا موازيقًا لققه‬
‫طققت ختققان الجسققد‬ ‫يرفض النظر إلى المظاهر الخارجّية‪ .‬وسوف نرى لحققًا أن الكتققب المقّدسققة المسققيحّية قققد تخ ّ‬
‫واستبدلته بختان القلب‪.‬‬

‫ل بعد الرجوع من المنفققى أي فققي‬ ‫هذا ويرى المؤّلف اليهودي »هوفمان« أن الختان لم يصبح إجبارّيا عند اليهود إ ّ‬
‫ل فققي‬
‫القرن السادس َقبل المسيح‪ .‬وهو يعتمد علققى عققدم وجققود أثققر للختققان فققي سققفر أشققعيا الققذي سققبق المنفققى إ ّ‬
‫الفصلين ‪ 25‬و ‪ 56‬وهما فصلن أضيفا إلى سفر أشعيا بعد المنفى‪ .‬والختان قققد تققم فرضققه مققن ِقَبققل الكهنققة الققذين‬
‫صققة بالختققان بصققيغة المققر‪ ،‬منهقا النققص الخقاص بختققان إبراهيقم‬ ‫سيطروا علققى الشققعب فكتبقوا النصقوص الخا ّ‬
‫)التكوين فصل ‪ (17‬والنص الخاص بالزواج )التكوين‪ :‬الفصل ‪ (34‬والنص الخاص بالطهققارة )الحبققار‪ :‬الفصققل‬
‫‪.3(12‬‬

‫ل‪ .‬فهناك من رفض ممارسققته‪ .‬وتققذكر روايققة يهودّيققة‬ ‫ل كام ً‬


‫ق قبو ً‬
‫وفرض الختان على الشعب من ِقَبل الكهنة لم يل َ‬
‫أن أقدم محاولة لرفض ختان الذكور هي تلك التي قام بها عيسو إبن إسققحاق بإلغققاء ختققانه بشققد الغلفققة لطالتهققا )‬
‫‪ .(epispasm‬وعيسو هو في نظر الكتاب المقّدس )التكوين فصل ‪ 25‬و ‪ 27‬و ‪ (28‬وفي نظر الروايققات اليهودّيققة‬
‫الرجل المرذول من ال‪ .‬ورواية أخرى تقول إن أولد عيسو إستخّفوا بالختان بعد موت أبيهم‪.4‬‬

‫وتذكر التوراة أن الختان قد منع من ِقَبل ملك إسرائيل آحاب )‪ 853-875‬ق‪.‬م( وزوجتقه إيزابيقل‪ ،‬إبنقة كقاهن مقن‬
‫كهنة عشتاروت الذي توّلى السلطة في صور‪ .‬وفي هذا الطار نقرأ قول إيلّيا في سفر الملوك الّول‪» :‬إني غققرت‬
‫طموا مذابحك وقتلققوا أنبيققاءك بالسققيف‪ ،‬وبقيققت أنققا‬
‫غيرة للرب‪ ،‬إله القوات‪ ،‬لن بني إسرائيل قد تركوا عهدك وح ّ‬
‫وحدي‪ ،‬وقد طلبوا نفسي ليأخذوها« )‪ 1‬ملوك ‪ .5(10-9:19‬وإشارة إلققى هققذا الققول‪ ،‬يققوم اليهققود بوضقع كرسقي‬
‫ليلّيا كشاهد للختان‪ ،‬كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫أنظر أيضًا حزقيال ‪ 7:44‬و ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 87-89‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 31-38‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 273‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪64‬‬
‫ويروي لنا سفر المكابيين الّول أنه »خرج من إسرائيل أبناء ل خير فيهم فأغروا كثيرين بقولهم‪ :‬هلّموا نعقد عهداً‬
‫مع المم التي حولنا‪ ،‬فإّننا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة« )‪ 1‬المكابيين ‪ .(11:1‬وبناء على طلبهم‪ ،‬تم منققع‬
‫الختان من ِقَبل الملك أنطيوخس )توّفى عام ‪ 164‬ق‪.‬م(‪ .‬فترك اليهود الختان ومنهقم مقن ألغققى علمقة الختقان بمقد‬
‫جلد الذكر لسترجاع الغلفة )‪ 1‬المكابيين ‪ 15:1‬و ‪ .(48‬وقد قاد رجال الدين ثورة على القوانين التي تمنققع الختققان‬
‫وختنوا »بالقّوة كل من وجدوه في بلد إسرائيل من الولد الغلققف« )‪ 1‬المكققابيين ‪ .(46:2‬وهكققذا لققم يكققن رجققال‬
‫الدين اليهود أكثر تسامحًا من القوانين التي تمنع الختان‪.‬‬

‫ل في القرنين اللحقين للميلد مّما جعل رجال الققدين اليهقود يتشقّددون فققي الختققان ويتمقادون فققي‬
‫ونجد تّيارا مماث ً‬
‫القطع حّتى يمنعوا إسترجاع الغلفة وإخفاء الختان كما سنرى لحقًا‪ .‬وتقول رواية يهودّية إنه لو لم تكن هناك عقادة‬
‫خل عند ال لمنع خققراب الهيكققل‬ ‫إستعادة الغلفة لما كان الهيكل قد خرب‪ .‬وتروي هذه الرواية أن إبراهيم حاول التد ّ‬
‫ولكن ال رفض وساطته لن علمة العهد قد ألغيت‪ .1‬وسوف نعود لعملّية إسترجاع الغلفة هذه في الجزء الطّبي‪.‬‬

‫ويرى المؤّلفون اليهود والمتعاطفون معهم أنهم وقعوا في الماضققي ضققحّية إضققطهادات وقققوانين جققائرة مققن ِقَبققل‬
‫المم الخرى وأن التعّدي على الختان شكل من أشكال التعّدي على اليهود )وهو ما يطلقون عليه معاداة السامّية(‪.‬‬
‫حصة للموقف اليهودي تجاه تلك المم التي إضطهدتهم لمعرفققة مققا‬ ‫وعبثًا تبحث عند هؤلء المؤّلفين عن نظرة متف ّ‬
‫إذا كان هذا العداء لليهود يقابله عداء من اليهود نحو تلك المم‪ .‬ويكفي هنا النظر في الكتب اليهودّية للبرهنقة علقى‬
‫أن اليهود لم يكونوا بحد ذاتهم أبرياء‪ ،‬وأنهم ل يختلفون عن غيرهم‪ .‬فهذه كتبهم المقّدسة تققبّين أن اليهققود ينظققرون‬
‫إلى غير اليهودي نظرة إحتقار ويِكّنون له العداء‪ .‬وهؤلء المؤّلفون يصّورون لنا أن اليهققود إذا مققا تركققوا الختققان‬
‫سققكوا بالختققان‬‫ل أولئك الققذين تم ّ‬ ‫في ماضيهم‪ ،‬فإن ذلك كان نتيجة الضطهاد والقوانين الجائرة‪ .‬وهم يعتبرون أبطا ً‬
‫حوا بحياتهم في سبيله‪ .‬ولكّنهم ل يطرحون السؤال الخر‪ ،‬وهو ما إذا كققان الختقان الققذي مارسققه اليهققود كققان‬ ‫وض ّ‬
‫ل إختيارّيا أم كان مفروضًا عليهم من ِقَبل رجال الدين الذين سيطروا عليهققم‪ .‬وقققد رأينققا أن اليهققود قققد فرضققوا‬ ‫فع ً‬
‫الختان على الطفال والعبيد ومن يصاهرهم‪ .‬واعتبروا غيققر المختققونين نجسقًا واحتقروهقم‪ ،‬كمققا أن بعقض الققذين‬
‫خضعوا للسيطرة اليهودّية تم ختانهم جبرًا أو خوفًا من سطوة اليهود‪ .‬ولققم يكققن رجققال الققدين اليهققود‪ ،‬كّلمققا كققانت‬
‫السلطة بين أيديهم‪ ،‬يتسامحون مع اليهود الذين يريدون ترك الختان‪.‬‬

‫وفي عصرنا هذا ما زال المؤّلفون اليهود ينظرون لليهود الذين ُمنعوا من ممارسة الختققان فققي الّتحققاد السققوفييتي‬
‫كضحايا وأن أّول مطلب لهم بعد خروجهم من بلدهم هو ختانهم وختان أطفالهم‪ .2‬ولكن هل إختار اليهود السوفييت‬
‫عند خروجهم بكل حّرية ممارسة الختان عليهم وعلققى أطفققالهم؟ فمققن المعققروف أن رجقال القدين اليهققود فرضققوا‬
‫صة داخل إسققرائيل‬ ‫الختان عليهم كشرط لحصولهم على القامة في إسرائيل والستفادة من المعونات اليهودّية‪ ،‬خا ّ‬
‫جها‪ .3‬ومن المعروف أيضًا أن من يرفض ختققان إبنققه مققن اليهققود يلقققى معارضققة‬ ‫حيث سيطرة رجال الدين في أو ّ‬
‫‪4‬‬
‫شديدة من ِقَبل محيطه العائلي‪ ،‬حّتى في دولة متحّررة مثل الوليات المّتحدة ‪ .‬ولققذلك يمكننققا أن نقققول إن القققوانين‬
‫»الجائرة« التي كانت تمنع اليهود من الختان يقابلها في حقيقة المر قوانين يهودّية ل تقققل جققورًا تفققرض الختققان‪.‬‬
‫فهناك إذًا صراع بين سلطتين‪ :‬سلطة الدولة الحاكمة التي كانت ترى في الختان تعبيرًا عن ترفع اليهود على الغير‬
‫وشكل من أشكال التعّدي على سلمة الجسد‪ ،‬وسلطة رجال الدين اليهود الذين كانوا يريققدون أن ينفققردوا بالشققعب‬
‫معتبرين غير المختونين نجسًا‪ ،‬يهودًا كانوا أو غير يهود‪.‬‬

‫‪ (2‬الجدل ضد الختان قديمًا‬


‫لقد صّور لنا رجال الدين اليهود في كتبهم المقّدسة أن الختان فريضة إلهّية‪ .‬وإن ذكروا بين الحيققن والخققر إهمققال‬
‫أو رفض بعض اليهود للختان‪ ،‬فإنهم تناسوا ذكر آرائهم‪ ،‬ل بل نعتوا معارضي الختان بأبشع الوصاف كما ذكرنا‬
‫ل أننا نجد بعض الثار للجدل ضد الختان ليس بين اليهود أنفسهم‪ ،‬بل بين اليهود وغيققر اليهققود‪ .‬فقققد نقلققت‬
‫سابقًا‪ .‬إ ّ‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 172, and footnote 24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 4, 5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Aldeeb: Discriminations, p. 29-31‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 75‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪65‬‬
‫لنا بعض الكتب اليهودّية ذلك الجدل الذي ينتهي دائمًا‪ ،‬حسب روايتهم‪ ،‬إلى إفحام معارضيهم‪ .‬ونحققن نققذكر بعققض‬
‫ما عثرنا عليه مع المل أن يقوم غيرنا من الباحثين بإكمال هذا البحث‪.‬‬

‫سأل الملك »أجريّبا« »رابي اليعازر« لماذا لم يذكر ال الختان ضمن الوصايا العشر إذا كققان الختققان ُمهّمققا ج قّدا‪.‬‬
‫فأجابه أن الختان ُأعطي َقبل الوصايا العشر‪ .‬وقققد إعتمققد فققي ذلققك علققى اليققة التيققة‪» :‬والن‪ ،‬إن سققمعتم سققماعًا‬
‫صة من بين جميع الشعوب‪ ،‬لن الرض كّلها لي‪ .‬وأنتم تكونون لققي‬ ‫لصوتي وحفظتم عهدي‪ ،‬فإنكم تكونون لي خا ّ‬
‫مملكة من الكهنة وأّمة مقّدسة« )الخروج ‪ .(6-5:19‬والعهد هنا يعني عهد الختان وهذا النققص جققاء قبققل أن تنققزل‬
‫الوصايا العشر التي ذكرت في الفصل ‪ 20‬من سفر الخروج‪.1‬‬

‫ل بين رابي عكيفا ومن تسّميه »روفس الطاغية«‪ .‬فقد سأل هذا الخيققر رابققي عكيفققا‪:‬‬ ‫وتروي لنا رواية يهودّية جد ً‬
‫ما هو أفضل‪ :‬عمل ال أم عمل النسان؟ فقال رابي عكيفققا‪ :‬عمققل النسققان‪ .‬فقققال لققه الطاغيقة‪ :‬أنظققر إلققى السققماء‬
‫والرض‪ ،‬هل يمكن لحد أن يصنع مثلهما؟ فقال رابي عكيفا‪ :‬ل تتكّلم عن أمور هي أعلى من النسان الفققاني ول‬
‫قدرة له عليها‪ ،‬بل إسأل عن أمور يقدر عليها النسان‪ .‬فقال له الطاغية‪ :‬لماذا تختن نفسك؟ فقال رابي عكيفا‪ :‬كنققت‬
‫أعرف بأنك ستسألني هذا السؤال‪ .‬ولذلك أجبتك بأن عمل النسان هو أفضل من عمل ال‪ .‬فأخذ رابي عكيفا سققنبلة‬
‫قمح ورغيف خبز وقال‪ :‬هذه السنابل هي من عمل ال‪ ،‬وهذا الخبز هققو مققن عمققل النسققان‪ .‬أليققس رغيققف الخققبز‬
‫أفضل من سنابل القمح؟ ثم احضر ساقا من الكّتان وثوبًا صنع في بيسان وقال‪ :‬ساق الكّتان هذا هو من صنع القق‪،‬‬
‫وهذا الثوب من الكّتان هو من صنع النسان‪ .‬أليس ثوب الكّتان يستحق تقديرًا أكبر من ساق الكّتان؟ فقال عند ذلك‬
‫الطاغية‪ :‬إذا كان ال يريد الختان‪ ،‬فلماذا لم يخلق الطفل من بطن أّمقه مختونقًا؟ فأجقاب رابقي عكيفقا‪ :‬لمقاذا الحبقل‬
‫سري يخرج متعّلقا مع الطفل؟ ألم يكن مققن الفضققل أن يولققد الطفققل وحبلققه السققري مقطوعقًا؟ وأّمققا بخصققوص‬ ‫ال ُ‬
‫‪2‬‬
‫سؤالك لماذا ل يولد الطفل مختونًا‪ ،‬فالجواب هو لن ال أعطى المر للسرائيليين لكي يتطّهروا ‪.‬‬

‫ونحن نجد فكرة إكمال خلق ال في رواية أخرى ترويها لنا »بريشيت راّبا«‪ ،‬وهي »مدراش« فلسطيني من القرن‬
‫الخامس الميلدي‪ .‬ففي تعليق على سفر التكوين‪ ،‬يقول »رابققي يهققوذا«‪ :‬إن عيققب ثمققرة الققتين فققي قمعهققا‪ .‬إفصققل‬
‫قمعها منها فتصبح كاملة‪ .‬وهكذا فإن ال قد قال لبراهيم‪ :‬عيبك فققي غرلتققك‪ .‬إقطعهققا فيققزال عيبققك‪» .‬سققر أمققامي‬
‫ل« )التكوين ‪ .(1:17‬وقال »رابي ليفققي«‪ :‬يمكققن أن نشقّبه المققر بسقّيدة شققريفة قققال لهققا الملققك‪ :‬سققيري‬
‫وكن كام ً‬
‫ل ظفققر‬
‫أمامي‪ .‬وبينما هي تمر‪ ،‬إصفر وجهها خجل ظانة أنققه هنققاك عيققب فيهققا‪ .‬فقققال لهققا الملققك‪ :‬ل عيققب فيققك إ ّ‬
‫إصبعك الصغير فهو طويل‪ .‬قصيه فيزال عيبك‪ .‬وهكذا فإن ال قد قال لبراهيم‪ :‬عيبك في غرلتك‪ .‬اقطعها فيققزول‬
‫ل«‪.3‬‬
‫عيبك‪» .‬سر أمامي وكن كام ً‬

‫سر الختان وكأنه عملّية تجميلّية الغاية منها تكميل خلق ال‪ .‬ولكن هذا يتناقض مققع‬ ‫في هاتين الروايتين الخيرتين ف ّ‬
‫موقف الكتاب المقّدس اليهودي الذي يعتبر قطع جزء من الجسم إنقاص له‪ .‬فالذبيحة التي تقّدم محرقة لق يجققب أن‬
‫تكون تاّمة‪» :‬لكي يرضى عنكم يجب أن يكون ذكرًا تاّما من البقر أو الضققأن أو المعققز‪ .‬ول تقّربققوا مققا بققه عيققب‪،‬‬
‫فإنه ل يرضى به عنكم« )الحبار ‪ .(19:22‬كما أن الكتققاب المققّدس اليهققودي يمنققع خققدش الجلققد والوشققم عاّمققة‪:‬‬
‫»وخدشًا من أجل مّيت ل تضعوا في أبدانكم‪ ،‬وكتابة وسم ل تضعوا فيكقم« )الحبقار ‪ .(28:19‬وفقي مكقان آخققر‪:‬‬
‫»أنتم أبناء للرب‪ ،‬فل تصنعوا شقوقًا في أبدانكم« )تثنية ‪ .(1:14‬وقد تشّدد الكتاب المقّدس بخصوص الكهنة‪» :‬أي‬
‫رجل من نسلك مدى أجيالهم كان به عيب‪ ،‬فل يتقّدم ليقّرب طعام إلهه‪ .‬فإن كان رجل بققه عيققب ل يتق قّدم‪ :‬العمققى‬
‫والعرج والمشّوه وسقيم البنية‪ ،‬والذي به كسر رجل أو كسر يد‪ ،‬والحققدب والضققامر والققذي فققي عينيققه بيققاض‪،‬‬
‫والجرب ومن به القوباء ومرضوض الخصية‪ .‬كل رجل به عيب من نسل هارون الكاهن ل يتقّدم ليقّرب الققذبائح‬
‫بالنار للرب‪ :‬إنه به عيب‪ .‬فل يتقّدم ليقّرب طعام إلهه« )الحبققار ‪ (21-17:21‬أنظققر أيضقًا الحبققار ‪ 5:21‬وتثنيققة‬
‫صة تقول إن أحد الكهنة قد أبعد عن خدمة يوم الغفران لن أحد خصومه عضه في أذنه‪.4‬‬ ‫‪ .2:23‬وهناك ق ّ‬

‫‪Cohen: Guide, p. 49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪The book of legends, p. 577‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 105-106‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 104-106‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪66‬‬
‫وقد حاول »رابي اشماعيل« تبرير عدم تأثير قطع الغرلة على كمال الشخص‪ :‬إن إبراهيم كان كاهنًا أكققبر حسققب‬
‫قول سفر المزامير‪» :‬أقسم الرب ولن يندم‪ :‬أن أنت كاهن للبد على رتبققة ملكيصققادق« )المزاميققر ‪ (4:110‬وفققي‬
‫مكان آخر تقول التوراة‪» :‬فتختنون في لحم غلفتكم« )التكوين ‪ .(11:17‬ولققو ختققن إبراهيققم فققي أذنققه أو فققي فمققه‪،‬‬
‫لكان ذاك عيب يمنعه من تقديم الذبيحة‪ .‬أّما ختانه في غرلته فهذا ل يمنعه من تقديم الذبيحة‪ .‬وأضاف رابققي عكيفققا‬
‫أن كلمة الغرلة تنطبق على غلفة العضو التناسلي‪ ،‬والشفتين والذان والقلب‪ .‬ولكن ال قال لبراهيم‪» :‬سققر أمققامي‬
‫ل‪.‬‬‫ل«‪ .‬فلو قطع إبراهيم فمه أو أذنيه أو قلبه لكان غير كامل‪ .‬ولكن بقطعه غرلققة ذكققره فققإنه أصققبح كققام ً‬
‫وكن كام ً‬
‫‪1‬‬
‫مّما يعني أنه هناك إختلف بين قطع غرلة الذكر وبتر عضو آخر من جسم النسان ‪.‬‬

‫ونظرّية كمال خلق ال هي أحد السباب التي من أجلهققا ُيرَفققض الختققان فققي أّيامنققا‪ .‬ونحقن نجققد تأكيققدًا علققى هققذه‬
‫النظرّية عند المؤّلف اليهودي »فيلون« في تعليقه على الية »وإن صنعت لي مذبحًا من حجارة‪ ،‬فل تبنيه بالحجر‬
‫المنحوت‪ ،‬فإنك إن رفعت حديدك عليها دّنستها« )خروج ‪» :(25:20‬إن الذين يريدون أن يغّيروا ويشقّكلوا أعمقال‬
‫الطبيعة يدّنسون ما ل يحق تدنيسه‪ .‬فإن أمور الطبيعة كاملة وسوّية‪ ،‬ول تحتاج إلى بتر أو إضققافة بققأي شققكل مققن‬
‫صل إلى نقد الختان‪ ،‬وهققو مققا ل يريققد الوصققول‬ ‫ل لكان تو ّ‬ ‫الشكال«‪ .2‬ولكن »فيلون« لم يستطع متابعة فكرته‪ ،‬وإ ّ‬
‫إليه‪ .‬فكتبه هي مجّرد تبرير للتوراة بحيل كلمّية‪.‬‬

‫وقد رفض موسى إبن ميمون تفسير رجال الدين اليهود القدامى في أن الختان يكّمل خلق ال‪ .‬فهو يققرى أن القصققد‬
‫من الختان هو تأذية وإضعاف العضو التناسلي لنققاص الشقهوة الجنسقّية عنقد الرجقل‪ ،‬أو حسقب تعقبيره »نققص‬
‫الَكَلب والشره الزائد على ما يحتاج«‪ ،‬وفي نفس الوقت إنقاص لّذة المرأة في العلقة الجنسّية مع الرجل المختققون‪.‬‬
‫حكماء »أنققه مققن الصققعب أن تفققارق المققرأة الغلققف الققذي جامعهققا«‪.‬‬
‫ويذكر برهانًا على إنقاص لّذة المرأة قول ال ُ‬
‫‪3‬‬
‫خلق« ‪.‬‬‫خلقة‪ ،‬بل لتكميل نقص ال ُ‬ ‫وهكذا يكون الختان ليس » لتكميل نقص ال ِ‬

‫حكمققة خفّيققة‪ .‬فهققو يقققول‪» :‬كققل أمققر أو نهققي شققرعي‬


‫عّلة و ِ‬
‫وقصد إبن ميمون هو إثبات أن كل أمر في التوراة له ِ‬
‫عّلته إّنما هو طب مرض من تلك المراض التي ما بقينا اليوم نعلمها‪ ،‬والحمد لق علققى ذلققك‪ .‬هققذا هققو‬ ‫تخفى عنك ِ‬
‫‪4‬‬
‫الذي يعتقده من له كمال ويحّقق قوله تعالى‪ :‬ولم أقل لذّرية يعقوب إلتمسوني عبثقًا« )أشققعيا ‪ . (19:45‬ولنققا عققودة‬
‫لعلقة الختان باللّذة الجنسّية في الجزء الطّبي‪.‬‬

‫سئل رجل دين محافظ‪» :‬لمققاذا لققم‬ ‫وموضوع مخالفة الختان لمبدأ كمال خلق ال ما زال ُيطرح حّتى في أّيامنا‪ .‬فقد ُ‬
‫يخلق ال ذكر النسان دون غلفة إذا لم يكن يرغب في إبقاء هذه الغلفة عليه؟«‪ .‬فأجاب‪» :‬إن هذا تخميققن‪ .‬لمققاذا لققم‬
‫يخلق ال كل الناس كاملين رغم أنه كان بإمكانه خلقهم كذلك إذ إنه قادر على كل شيء؟ لماذا بعض الفراد عندهم‬
‫حاء من البداية‪ .‬قد يقول لك البعض إن ال خلق الذكر في تلك‬ ‫حدبة ثم نصلحهم؟ لقد كان من الممكن أن يكونوا أص ّ‬
‫الصورة لنه كان يريد أن يمتحن اليهود أنفسهم ويأخذوا على عاتقهم بعض الواجبققات والتضققحيات‪ .‬ليققس بمعنققى‬
‫أننا نقّدم الغلفة قربانًا‪ ،‬بل نقّدم اللم وعقدم الرفاهّيقة‪ .‬وسقؤالك هقو كمقن يسقأل لمقاذا لقم يخلقق الق النسقان بقارع‬
‫ل ثم ينمو؟«‪ .5‬وهذا الجواب ينقصه المنطق‪ .‬فمن جهة يعتبر وجققود الغلفققة )الققتي‬ ‫ومتطّور؟ لماذا عليه أن يولد طف ً‬
‫هي عاّمة في كل ذكر( مثل تشويه الحدب )وهو أمر شاذ(‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإنه يضع اليهود فققي موقققع متعققال‬
‫بإعطائهم واجبًا إلهيا فرض عليهم دون غيرهم‪ .‬ومن جهة ثالثة‪ ،‬يتغاضى هذا الجواب عن دور الغلفة الوظيفي في‬
‫الجسم‪ .‬أضف إلى ذلك أنه ل يأخذ بالعتبار قضّية التعّدي على سلمة جسم شخص قاصر دون سبب طّبققي‪ .‬وفققي‬
‫نفس المقابلة يرى رجل الدين هذا في الختان أمرًا يسيرًا يشّبهه بضربة على خد الطفل بعد ميلده‪.‬‬

‫ونشير أخيرًا إلى حوار جاء في مدراش »بريشيت راّبا« من القرن الخامس الميلدي بين إبراهيم والقق‪ .‬فقققد سققأل‬
‫إبراهيم ال‪ :‬إذا كان الختان بتلك الهّمية‪ ،‬لماذا لم تعطه لدم؟ وأضاف‪ :‬قبل أن أختن تبعني أناس‪ .‬فهل تظن بققأنهم‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 106-107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Exodum, I et II, p. 109‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر النص في الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن ميمون‪ :‬دللة الحائرين‪ ،‬ص ‪.707‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 71‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪67‬‬
‫سيستمّرون بإّتباعي بعد ختاني؟ وكان رد ال عليه‪» :‬يكفيك أني إلهك«‪ .‬وهذا الحوار الققذي تص قّوره رجققال الققدين‬
‫اليهودي هو تعبير عن الشكوك التي أحاطت الختان في عصرهم‪.1‬‬

‫‪ (3‬الجدل ضد الختان عند المجّددين اليهود اللمان‬


‫بعد الثورة الفرنسّية عام ‪ ،1789‬كان في أوروبا تققوجه عققام يهققدف إلققى خلققق مجتمققع مققدني ُتلغققى فيققه الحققواجز‬
‫الطائفّية وتجعل من الفراد مواطنين متساوين في الحقوق‪ .‬فقد أبدت الحكومققات إسققتعدادًا لدمققج الطققوائف الدينّيققة‬
‫كاليهود‪ .‬وكان مطلوبًا من تلك الطوائف الدينّية الخروج من تقوقعها لكي يستفيد أفرادهققا مققن الحقققوق الققتي تهبهققا‬
‫الحكومات‪ .‬وكان نابليون شخصيًا معاديًا لهذا التقوقع الطائفي إذ فرض على اليهود كسر الغيتو اليهققودي للنفتققاح‬
‫على الخارج في المناطق التي وقعت تحت سيطرته‪.2‬‬

‫وضمن هذا الّتجاه كان ميلد التّيار المجّدد اليهودي الذي كان يدعو إلى القبول المتبادل بين اليهود وغير اليهققود‪.‬‬
‫ففي خطاب إفتتاح أّول »هيكل يهودي مجّدد« فققي عققام ‪ 1810‬فققي مدينققة »سيسققين« اللمانّيققة الققتي كققانت تحققت‬
‫سيطرة الجيش النابليوني‪ ،‬إعتبر »إسرائيل جاكوبسون« أن الطقوس والعادات الدينّية اليهودّية معادية للعقل وهققي‬
‫إهانة للنسان العاقل‪ .‬وطققالب طققائفته بالتجديققد الققديني وبققث مبققادئ أكققثر سققلمة‪ .‬وطققالب فققي نفققس الققوقت مققن‬
‫المسيحّيين أن يتقّبلوا اليهود في مجتمعهم وفي أعمالهم المهنّية‪.3‬‬

‫ل في مجال الطقوس أن أدخل الرغن ضققمن الطقققس الققديني بينمققا كققان رجققال‬ ‫وكان من بين إشارات النفتاح مث ً‬
‫الدين اليهود يرفضون إدخال أّية آلة موسققيقّية فققي طقوسققهم حّتققى يعققودون إلققى أرض الميعققاد ويعققاد بنققاء هيكققل‬
‫سليمان من جديد‪ .‬وإدخال الرغن يعني أن على اليهودي أن يعتبر البلد الذي يقوم فيه كبلده ول ينتظر عودته إلققى‬
‫أرض الميعاد‪ .‬وهذه النظرة اليهودّية الجديدة لمكان القامة نجده في تسمية المعبد‪ .‬فهو عند المجّددين ليس الكنيققس‬
‫بل الهيكل‪ ،‬وهو السم الذي كان يطلق حصرًا على هيكل سليمان‪ .‬مّما يعني أن كل مكان يسكن فيققه اليهققودي هققو‬
‫بمثابة القدس له‪ .‬وهكذا حاول اليهود الندماج في المحيط الجتماعي الجديد الققذي خّلَفتققه مبققادئ الثققورة الفرنسقّية‬
‫ومبادئ فلسفة التنوير‪.4‬‬

‫ويرى اليهود المجّددون أن طائفتهم مكّونة من قشرة ونواة‪ .‬فالقشرة تحمي النواة ضد العاهات الخارجّية‪ .‬وإذا كان‬
‫الجو مناسبًا‪ ،‬فإن على القشرة أن تنشق لتسمح للنواة بالنمو مستغنية عن القشرة‪ .‬وتلققك القشققرة كققانت فققي نظرهققم‬
‫النظام الطائفي اليهودي المتقوقع المتوارث عن العصور الوسطى‪ .‬ومنهم من أضاف إليه التلمود‪ .‬فهم يعتبرون أن‬
‫لليهودّية ثلث مراحل‪ :‬العصر التوراتي‪ ،‬تبعه عصر التلمود القذي تبقع خقراب الهيكقل والقذي حمقى اليهقود ضقد‬
‫الخارج‪ .‬ثم جاء حالّيا العصر الحديث الذي ل يحتاج للتلمود لنه يعيق نمو اليهودّية وتطّورها‪.5‬‬

‫وقد قاد هذا الفكر التجديدي عند اليهود إلى التصّدي لتقاليد طائفتهم الدينّية معتبرين أن كل تقليد ل يّتفقق مقع العققل‬
‫والتقّدم العلمي يجب إبعاده‪ .‬ومن بين تلك التقاليد الختان‪ .‬وكققانت هققذه العققادة ممارسققة بصققورة عاّمققة بيققن اليهققود‬
‫لسببين‪ :‬الّول هو إعتقادهم أن الختان أمر إلهي موحى وُملِزم‪ ،‬والثاني خضققوعهم لنظققام الطققوائف الققذي يسققيطر‬
‫عليه رجال الدين‪ .‬وكان هؤلء يفرضون الختان فرضًا‪ ،‬وكل من تساوره نفسه بعققدم ختققان إبنققه كققان يسققتبعد مققن‬
‫الطائفة‪ .‬ومع تزعزع سلطة رجال الدين اليهود‪ ،‬أتيحت الفرصة لبعض اليهود طرح تساؤلت حول معنى الققوحي‬
‫ل عققام ‪ 1842‬فققي مدينققة‬ ‫ولزوم تطبيقه‪ ،‬بمققا فققي ذلققك المققر اللهققي بالختققان‪ .‬وقققد ُفتققح النقققاش حقول الختققان فع ً‬
‫فرانكفورت اللمانّية من ِقَبل مجموعة يهودّية علمانّية أطلقت على نفسها »أصدقاء التجديد«‪ ،‬وهققو تعققبير يققوازي‬
‫تعبير »أصدقاء النور« الذي كان يأخذ به مناصرو التّيار الحر البروتستانتي ذو الصبغة العالمّيققة‪ .‬وكققان مققن بيققن‬
‫مطالب »أصدقاء التجديد« حذف الختان كعلمة تمييز بين الناس‪ .‬فوضعوا في برنامجهم إعتبار الختان أمققر غيققر‬
‫ل أنهم حذفوا هذه النقطة لحقًا تحت ضغط رجال الدين اليهود‪ .‬وقد إقققترح هققؤلء المجقّددون فققي‬ ‫ُملِزم لليهودي‪ .‬إ ّ‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 110-111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Aldeeb Abu-Sahlieh: L'impact de la religion sur l'ordre juridique, p. 32-33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 129-136‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 136-137‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 137-138‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪68‬‬
‫منشور دون ذكر إسم المؤّلف بأن ُيسَتبَدل الختان الققدموي بطقققس دينققي للققذكر والنققثى أطلققق عليققه تقققديس اليققوم‬
‫الثامن‪ ،‬الهدف منه إدخال كل من الذكر والنثى في العهد وإعطاؤه إسمًا يهودّيا‪ .‬وكان بعض المج قّددين ل يخفققون‬
‫بأن قصدهم كان إلغاء العتقاد بديانة ذات وحي وإلغاء الفروق بين الديان‪.‬‬

‫حة فققي مدينققة فرانكفققورت‬ ‫وبعد هذا بقليل‪ ،‬وعلى أثر حوادث موت أطفال يهود نتيجققة للختققان‪ ،‬قققامت إدارة الصق ّ‬
‫بنشر تعليمات بأنه على »اليهود المحّليين الذين يريدون ختان أطفالهم« اللجوء إلى أشخاص مؤّهلين طّبيا وإداريًا‪.‬‬
‫خقَذت تحققت تققأثير‬ ‫حية للختان‪ ،‬ولكققن فققي حقيقتهققا أ ِ‬ ‫وقد كان القصد من هذه التعليمات ظاهريًا تفادي المشاكل الص ّ‬
‫ل من ِقَبققل هققذا التّيققار بققأن الختققان‬
‫سَرت فع ً‬‫التّيار المجّدد المعادي للختان بقصد إضعاف سلطة رجال الدين‪ .‬وقد ُف ّ‬
‫أمر متروك لرادة أهل الطفال وليس لرادة السلطة الدينّية اليهودّية‪ ،‬مّمققا أّدى إلققى تققرك بعققض اليهقود أولدهققم‬
‫دون ختان‪ .‬وقد حاول الحاخققام »سققلمون ابراهققام تريققر« الحصققول مققن حكومقة مدينققة فرانكفققورت علققى تعققديل‬
‫ل أن الحكومققة أجققابت بققأن القصققد مققن تلققك‬ ‫سر بالمعني الققذي يريققده المجقّددون‪ .‬إ ّ‬
‫للتعليمات المذكورة بحيث ل ُتف ّ‬
‫خل فققي موضققوع يخققص الحّريققة الفردّيققة‪ .‬وبعققد أن رفققض بعققض‬ ‫التعليمات لم يكن إلغاء أمر إلهي‪ ،‬رافضة التققد ّ‬
‫اليهود ختان أبنائهم‪ ،‬رجع الحاخام للحكومة طالبًا الحق في فصلهم من الطائفققة اليهودّيققة‪ ،‬مبّينققا أن اليهققودي الققذي‬
‫يرفض ختان إبنه يعاقب حسب القوانين اليهودّية بالموت‪ .‬ولكن الحكومة أجابت بأنها تأسف أن يقوم بعض الفراد‬
‫اليهود في الساءة للطائفة اليهودّية‪ ،‬ولكّنها في الوقت نفسه تأسف لعدم إمكانّية أخذ الجراء الققذي يطلبققه الحاخققام‪.‬‬
‫عندها‪ ،‬أرسل الحاخام المذكور رسالة إلى ‪ 80‬حاخامًا يهودّيا أوروبيًا طالبًا أخذ موقف ضد حركة المجّددين‪ .‬وقققد‬
‫جاءت أكثر الجوبة مؤّيدة لموقف هذا الحاخام‪ ،‬معتبرة اليهود الذين يرفضون الختان مرتّدين يجب إقصققائهم عققن‬
‫الطائفة اليهودّية وقطع كل علقة معهم ورفض زواجهم أو دفنهم في المقابر اليهودّية‪ .‬وهكققذا بقققي الختققان شققرطًا‬
‫أساسيًا للنتماء للطائفة اليهودّية‪ .‬ولكن ذلك أّدى إلى انشقاق الطائفة اليهودّية‪.1‬‬

‫وفي هذا الجو المشحون داخل الطائفة اليهودّية تم بلورة أفكار رافضة للختان‪ .‬فحّتى بعض رجققال الققدين إعتققبروا‬
‫أن الختان »عملّية وحشّية وممارسة دموّية تقلققق الب وتضقع الم فققي كآبقة«‪ ،‬كمقا أققر بققذلك الحاخققام »ابراهقام‬
‫جايجر« في رسالة شخصّية‪ ،‬متمّنيققا أن ُيسقتبدل الختققان القدموي بققالطقس الققديني القذي إققترحه المجقّددون‪ .‬وفقي‬
‫إجتماع رجال الدين اليهود المجّددين اللمان عام ‪ ،1844‬كققان موضققوع إلغققاء الختققان هقو حققديث السققاعة وأثققار‬
‫كثيرًا من العصبّية‪ .‬وبينما كان الحاخام »منديل هيس« يحققاول أن يققّدم بيانقًا يسققتنكر تققرك الختققان ولكققن يرفققض‬
‫مجازاة تاركيه‪ ،‬ققّررت الجمعّيققة أن تققترك الموضققوع دون بيققان واكتفقت بقالطلب مقن رجققال الققدين أن يحتفظقوا‬
‫بسجلت للختان كل في طائفته‪ .‬وفي إجتماعهم الثاني في عام ‪ ،1845‬لم يتمّكن رجال الدين اليهود إّتخاذ قرار في‬
‫موضوع لزوم الختان‪ .‬ولّما إشقتكى أحقد الطّبقاء مقن إنتققال المقراض المعديقة بسقبب الختقان‪ ،‬نقاقش الجتمقاع‬
‫ل بأن غيره من الطّباء ل يوافق على إّدعائه وأن السلطات المدنّية‬ ‫الموضوع في جلسة مغلقة ورفض الشكوى قائ ً‬
‫تحاول أن تستبعد من ل خبرة له من إجراء تلك العلمّية‪ .‬وفي إجتماعهم الثالث والخيققر عققام ‪ 1846‬تفققادى أيض قًا‬
‫رجال الدين اليهود المجّددون أخذ قرار بخصوص لزوم الختان‪ .‬وقد أثار أحد الطّباء موضوعًا شخصيًا حيققث أن‬
‫أحد أبنائه قد أصيب بنزيف دم بعد ختان إبنه الّول لم يشفى منه بعققد‪ ،‬وأن إبنققه الثققاني مققات بسققبب الختققان‪ .‬فهققل‬
‫يسمح له رجال الدين أن ل يختن إبنه الثالث وأن يكتفي بإعطائه إسمًا يهودّيا في المعبد؟ عندها ققّرر رجققال الققدين‬
‫ل مققن مققوت‬‫ل في حالققة مققوت ولققدين بسققبب الختققان‪ .‬فبققد ً‬
‫التخفيف من القاعدة التلمودّية التي ل تعفي من الختان إ ّ‬
‫طفلين‪ ،‬إكتفوا بموت طفل واحد لعفاء الطفل الثاني من الختان‪ .‬كما قّررت الجمعّية أن ل يمص الخاتن دم الطفققل‬
‫بعد ختانه‪ .2‬وسوف نرى أن المص بالفم ما زال يمارس عند اليهود رغم أن بعضقهم ققد إختقار المقص بقإنبوب أو‬
‫قطن‪.‬‬

‫وقد إمتد نقد الختان من ألمانيا إلى فينا حيث قام ما ل يقققل عققن ‪ 66‬طبيبقًا يهودّيققا فققي عققام ‪ 1866‬برفققع عريضققة‬
‫لمجمع الطائفة اليهودّية هناك يعارضون فيها ممارسة الختان‪ .‬ولكن رجال الدين اليهود إختلفوا فيمققا بينهققم بسققبب‬
‫عواقب إلغاء الختان إذ منهم من يعارض تزويج إمرأة يهودّية لرجل غير مختققون‪ .‬وفققي عققام ‪ 1871‬جققاء القققرار‬
‫التي من المجمع اليهودي المنعقد في مدينة »اوجسبورج«‪» :‬إذ يقر المجمع أنه ل شك في المعنى السقامي والهقام‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 141-144; Philipson: The reform movement in Judaism, p. 131-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪137; Liberles: Religious conflict in social context, p. 52-61‬‬


‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 145; Hoffman: Covenant of blood, p. 3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪69‬‬
‫ل أنه يقر أيضًا بأن الطفل الذي يولد من أم يهودّية ولم يختن لي سبب كان هو طفل يهقودي‬ ‫للختان في اليهودّية‪ ،‬إ ّ‬
‫ويجب أن يعامل كذلك في كل المواضيع المتعّلقة بالطقوس الدينّية«‪ .‬وقد جققاء هققذا الموقققف ردًا علققى تزايققد عققدد‬
‫الطفال اليهود غير المختونين في ألمانيا والنمسا‪.1‬‬

‫صققل إلققى قققرار مشققابه‬


‫وقد إنتقل هذا التّيار المجّدد من ألمانيا مع المهاجرين اليهود إلى الوليات المّتحققدة‪ .‬وقققد تو ّ‬
‫رجال الدين اليهود المجّددين في فيليديلفيا عققام ‪ .1869‬وقققد أثيققر هنققاك أيضقًا موضققوع ختققان الققذي يتحقّول إلققى‬
‫ل أن القققرار كققان‬
‫اليهودّية‪ .‬وقد إختلف رجال الدين اليهود فيما بينهم‪ .‬فبينما رأي البعض عققدم ضققرورة الختققان‪ ،‬إ ّ‬
‫بضرورة ختان من يتحّول لليهودّية لنه »ُيدخل فققي اليهودّيققة أمققورًا كققثيرة غيققر طققاهرة« ولن الختققان »يحمققي‬
‫اليهودّية من تلك النجاسات«‪ .‬وقد إنقلب الوضع عام ‪ 1892‬حيث قّرر رجال الدين اليهققود المج قّددين عققدم فققرض‬
‫الختان على من يتحّول إلى اليهودّية‪.2‬‬

‫والسباب التي من أجلها طالب المجّددون ترك الختان والتي من أجلها أهمققل بعققض اليهققود ختققان أطفققالهم يمكققن‬
‫إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫جه إلى إبراهيم‪ ،‬أّما موسى فلم يؤمر بالختان وهو لم يختن إبنه البكر‪.‬‬
‫‪ (1‬إن المر اللهي بالختان مو ّ‬

‫‪ (2‬إن جيل التيه الذي عاش في الصحراء لم يختتن‪.‬‬

‫‪ (3‬إن الختان لم يعد عادة تمّيز اليهود‪ ،‬إذ يمارسه أيضًا المسلمون‪.‬‬

‫ل مّرة واحدة في قوانين موسى ولم يتم ذكره في سفر تثنية الشتراع‪.‬‬
‫‪ (4‬لم يذكر الختان إ ّ‬

‫‪ (5‬ل يوجد ختان مماثل للنساء‪.‬‬

‫‪ (6‬إن اليهودي هو من يولد من أم يهودّية وليس من يختن‪.‬‬

‫‪ (7‬المخاطر الطّبية لعملّية الختان‪.‬‬

‫‪ (8‬مساس الختان بالعضو التناسلي‪ :‬إعتبر المجّددون أنهم يّتبعون اليهودّية ذات الطابع النبققوي‪ .‬وأرميققا تكّلققم عققن‬
‫ختان القلب ذات التطبيق العام‪ .‬أّما الختان فإنه كان يمارس من قبائل بدائّية مختلفة‪ .‬وهم يرون أن الديانة يجققب أن‬
‫تهتم بأمور روحّية تسمو على قطع العضو التناسلي‪.‬‬

‫‪ (9‬الختان علمة تمّيز اليهودي عن المسيحي وتبقيه في حالة التقوقع التي يعيشققها اليهققود فققي المجتمققع المسققيحي‬
‫الذي كان يريد إدماج الفراد وكسر التقوقع الطائفي‪.3‬‬

‫‪ (4‬تراجع نقد الختان عند المجّددين اليهود المريكّيين‬


‫سوف نرى في الفصل الذي نكّرسه عن موقف المسيحّيين المريكّيين من الختان كيف أن هذه الممارسة أصققبحت‬
‫عادة واسعة النتشار بينهم تمارس بصورة روتينّية على الطفال حديثي الولدة َقبل خروج الم مققن قسققم الققولدة‬
‫ختن اليهود بين من ختن هنالك‪ .‬وتدريجّيا لم يعد سبب للجدل الذي أوجده المج قّددون اللمققان‬ ‫في المستشفيات‪ .‬وقد ُ‬
‫ضد الختان ضمن خطتهم في الندماج مع محيطهم‪ .‬فقد إختلف المر في الوليققات المّتحققدة إذ أصققبح الختققان هققو‬
‫العادة وعدم الختان هقو الشققذوذ‪ .4‬والن الكثرّيققة السققاحقة مقن اليهققود المجقّددين يختنققون أولدهققم فققي الوليققات‬
‫المّتحدة وخارجها‪.‬‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 146‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 146-147‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 143‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 146-147‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪70‬‬
‫بطبيعة الحال‪ ،‬هذا الختان الطّبي في المستشفيات إعتبره رجال الدين اليهود حّتى المجّددون مسققخًا للختققان الققديني‬
‫واعترضوا عليه‪ .‬وحاولوا الستفادة من تمّكن عادة الختان الطّبققي لدخقال الختقان الققديني‪ .‬فققاموا بتأهيققل خقاتنين‬
‫صة لعطاء الختان الطابع الديني مّما يساعد على إستعادة مركزهم ودورهم الذي فقدوه فققي‬ ‫دينيين في مدارس خا ّ‬
‫القرن الماضي‪ .‬وقد ساعد على ذلك كون أن الوليات المّتحدة تعترف بالزواج الديني‪ .‬فجعل رجققال الققدين اليهققود‬
‫عقد زواج أعضائهم مرتبطًا بالختان‪.1‬‬

‫وقد أّدت الحداث المفجعة التي ألّمت باليهود في الحققرب العالمّيققة الثانيققة فققي ألمانيققا وخلققق دولققة إسققرائيل علققى‬
‫إنتعاش الختان‪ .‬فهناك من يرى فيه رباط مع اليهودّية‪ .‬وقد قّررت الجمعّية العمومّية لحاخامات أمريكا عام ‪1979‬‬
‫بأن الختان هو وصقّية واجبقة لدخقال الطفقل فقي العهقد‪ ،‬وأن الختقان وحقده ل يكفقي لقدخول العهقد بقل يجقب أن‬
‫صص عنده معرفة دينّية وطّبية‪ ،‬أي‬ ‫يصاحبه الصلوات الطقسّية وأن تجرى على قدر المكان من ِقَبل شخص متخ ّ‬
‫الموهيل‪.2‬‬

‫صة يرويها »هوفمان« في كتابه‪ .‬فقققد إّتصققلت بققه‬ ‫وهناك تأرجح بين الختان الديني والختان غير الديني كما تبّين ق ّ‬
‫سّيدة طالبة منه أن تستأجره لمّدة ساعة لحضور عملّية ختان حفيدها في المستشفى من ِقَبققل طققبيب‪ .‬ولكّنققه رفققض‬
‫ذلك‪ .‬ويضيف المؤّلف أن السّيدة المذكورة رغم ضعف إنتمائها الديني التقليدي‪ ،‬بقيت متعّلققة بالختققان الققديني ولققو‬
‫تحت صورة مختلفة‪ .‬فقد بقي الختان معتبرًا ضرورّيا للنتماء اليهودي بالتمام كما هو المققر بالنسققبة للعّمققاد عنققد‬
‫المسيحّيين‪.3‬‬

‫ويلحظ أن محاولة رجققال الققدين اليهققود إسققترجاع نفققوذهم السققابق وإعطققاء الختققان دوره التقليققدي يصققطدم فققي‬
‫الوليققات المّتحققدة بمشققكلة ضققعف النتمققاء الطققائفي بيققن اليهققود إذ إن فقققط ‪ %30‬منهققم ينتمققون إلققى طققوائف )‬
‫‪ .(congregations‬مّما يعني أن رجال الدين اليهود بقوا على علقة فقط بأعضققاء طققوائفهم ويقومققون بزيققارتهم‬
‫في المستشفيات حيث يولد الطفل فيؤّثرون عليهم سلبًا أو إيجابقًا فققي موضققوع الختققان‪ .‬أّمققا البققاقون‪ ،‬فققإنهم‪ ،‬رغققم‬
‫شعورهم بالنتماء لليهودّية‪ ،‬أقل تعّرضا للضغوطات الجتماعّيققة ولهققم إمكانّيققة قبققول أو رفققض الختققان التقليققدي‬
‫بقرار ذاتي‪ ،‬يساعدهم في ذلك إمكانّية القيام بالختان في المستشفى من ِقَبققل طققبيب تخّلصققا مققن طقققس الختققان فققي‬
‫اليوم الثامن ومن حضور الخاتن الديني ومن تكاليف حفلة الختان‪.‬‬

‫‪ (5‬تجّدد نقد الختان بين اليهود المريكّيين‬


‫لقد كان الجدل حول الختان في ألمانيا مقتصرًا في القرن الماضي على اليهود الذين يمارسققونه‪ .‬ولكققن مققع إنتشققار‬
‫الختان بين مسيحّيي الوليات المّتحدة‪ ،‬أخذ المسيحّيون يشاركون في الجققدل حققول الختققان بسققبب مضققاّره الطّبيققة‬
‫والنفسّية‪ ،‬ولحق بهم بعض اليهود‪.‬‬

‫ل‪ ،‬فإن تققوجيه النقققد للختققان علققى أسققاس‬ ‫ل قلي ً‬


‫فرغم عدم تعّرض المسيحّيين في جدلهم حول الختان للفكر الديني إ ّ‬
‫المضار الطّبية والنفسّية يؤّثر أيضًا على ممارسة الختان الديني بين اليهود ذاتهم‪ .‬فإذا ما فقد الختان أهّميتققه كعققادة‬
‫طيققة تكققاليف العملّيققة الطّبيققة‪ ،‬فققإن عققدد غيققر‬
‫إجتماعّية‪ ،‬ولم يعد له سبب طّبي يبّرره‪ ،‬ولم تعد شركات التققأمين تغ ّ‬
‫جع للختان بين اليهود إذ لن يعققود هنققاك‬ ‫المختونين بين غير اليهود سينقص‪ .‬وهذا يؤّدي إلى إنخفاض المحيط المش ّ‬
‫ختان لسباب طّبية بل فقط ختان لسباب دينّية‪ .‬وهذا يعني أن اليهود الذين كانوا يختنون أطفالهم لسباب طّبيققة أو‬
‫إجتماعّية أكثر مّما لسباب دينّية سوف يفقدون السبب الققذي مققن أجلققه سققيختنون أطفققالهم‪ .4‬وإذا مققا أغلقققت نافققذة‬
‫الختان الطّبي في الوليات المّتحدة‪ ،‬فإن ذلك يعني أن رجال الدين سوف يفقدون القاعدة التي كانوا يراهنون عليها‬
‫كما أنه يعني تجّدد الجدل حول الختان بين اليهود كما كان عليه في بدايققة عصقر المجقّددين اليهقود اللمققان‪ .‬وهققذا‬
‫ل ما بدأ يحصل في الوليات المّتحدة‪ .‬فهناك عدد غير قليل من اليهود الذين يشاركون في هققذا الجققدل‪ .‬وقققد زاد‬ ‫فع ً‬
‫هذا النقد ضد الختان حّدة دخول النساء ساحة المعركة ومطالبتهن بالمساواة مع الرجال‪ .‬ثقم جقاء تققّدم علقم النفقس‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 146-147‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 147-148‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 211-212‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 148-149‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪71‬‬
‫ليدعم موقف التّيار المعادي‪ .1‬وقد أجمل »هوفمان« في ثلث نقاط الجدل حققول الختققان بيققن اليهققود فققي الوليققات‬
‫المّتحدة‪:‬‬

‫‪ -‬على المستوى الطقسي‪ُ ،‬يعتبر الختان مخالفًا لمبدأ المساواة بين الذكر والنثى‪ .‬فالختققان هققو أحققد الطقققوس الققتي‬
‫تؤهل الطفل الذكر في دخققول حلققة الرجققال المسققيطرين علققى المجتمققع‪ .‬وفققي عصققرنا الققذي يطققالب بالمسققاواة‪،‬‬
‫أصبحت النظرة إلى ختان الذكور نظرة سلبّية‪ .‬مّما جعل البعض يحقاول إيجقاد مخقرج لهقذه المشقكلة بخلقق نظقام‬
‫ختان رمزي للبنت‪.‬‬

‫حية له فإنه ل‬
‫‪ -‬على المستوى الطّبي‪ ،‬لم َيعد للختان تلك الهّمية الطّبية التي كانت تظن سابقًا‪ .‬وبما أنه ل فائدة ص ّ‬
‫حاجة له‪.‬‬

‫‪ -‬على المستوى الخلقي‪ُ ،‬ينظر حالّيققا للختققان كعملّيققة تشققويه جسققديه تجققرى علققى العضققاء الجنسقّية لطفققل ل‬
‫ل منافيًا للخلق‪.2‬‬‫يستطيع الدفاع عن نفسه‪ .‬مّما يعني أن الختان أصبح عم ً‬

‫ويمكننا أن نجمل مواقف اليهود الحالّية من الختان الديني كما يلي‪:‬‬

‫‪ (1‬هناك تّيار يطالب بالبقاء على الختان التقليدي‪ :‬هذا التّيار يفهم النص الديني ويطّبقه بحرفّيته كنص منققزل مققن‬
‫جه إلى إبراهيم وسققللته مققن بعققده كعلمققة عهققد بيققن الق‬
‫عند ال وُملِزم لليهودي‪ ،‬ويعتبر أن الختان أمر إلهي مو ّ‬
‫وبينهم كشعب مختار من ِقَبل ال‪.‬‬

‫ن يطالب بإدخال بعض الصلحات على الختان التقليدي‪ :‬هذا التّيار يحاول تفسير الكتاب المقّدس‬ ‫‪ (2‬هناك تّيار ثا ٍ‬
‫تاريخيًا واجتماعيًا وفلسفّيا مع البقاء على صبغته الدينّية والمحافظة على ضرورة إجراء الختان مع إدخال بعض‬
‫التعديلت عليه مثل عدم اللتزام بضرورة أن يكون الطفل من أم يهودّية لجققراء الختققان عليقه‪ ،‬وإجققراء مراسققيم‬
‫دينّية للناث تشبه تلك التي تجرى للذكور ولكن دون قطع‪.‬‬

‫‪ (3‬هناك تّيار ثالث يطالب بإلغاء الختان والمحافظة على مراسقيمه‪ :‬هقذا تّيقار متقدّين يضقيف إلقى مقا سقبق حلققة‬
‫جديدة ملغيًا عملّية القطع في مراسيم ختان الذكور ومبقيًا على المراسيم الدينّية يتم فيها إعطاء الطفل إسمًا يهودّيققا‪.‬‬
‫وهذا التّيار يحاول أن يواكب التطّور العلمي ويعطي أهّمية للعهد‪ ،‬أي دخققول الققذكر والنققثى فققي حظيققرة الشققعب‬
‫ل من قطع غلفة ذكر الطفل قطع رأس جققزرة‪ .‬ومنهققم يكتفققي بققإنزال نقطققة دم مققن‬ ‫اليهودي‪ .‬وقد حاول البعض بد ً‬
‫ل من قطع الغلفة‪.3‬‬‫ذكر الطفل بد ً‬

‫‪ (4‬تّيار رابقع يلغقي المراسقيم مقع المحافظقة علقى الختقان‪ :‬لققد تطقّور هقذا التّيقار مقع حركقة ولدة الطفقال فقي‬
‫المستشفيات‪ ،‬إذ تتم عملّية الختان بصورة روتينّية للطفال من ِقَبل الطّبققاء‪ ،‬مهمققا كققانت ديانققة الطفققل‪ .‬وفققي هققذا‬
‫ل مقا يطلبقون مقن رجققل الققدين‬ ‫الختان ل يلتزم اليهود باليوم الثقامن الققذي فرضققه الكتقاب المققّدس اليهقودي‪ ،‬وقلي ً‬
‫اليهودي الحضور لجراء بعض الصلوات‪ .‬فالختان هو عملّية طّبية مثل غيرها وقد تعني عند البعض منهم عملّية‬
‫إنتماء إلى الشعب اليهودي‪.‬‬

‫‪ (5‬تّيار خامس يلغي المراسيم والختان معًا‪ :‬هناك يهود يرفضون كلّ من الختان والمراسيم‪ .‬فهم ل يجرون الختان‬
‫بتاتًا على الطفال‪.‬‬

‫نضيف أن بعض رافضي الختان بيققن هققذه التّيققارات المختلفققة يحققاول مققد جلققد الققذكر للغققاء علمققة الختققان مققن‬
‫جسدهم‪ .‬وسوف نعود إلى هذه العملّية في الجزء الطّبي‪.‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 148-149‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 213; Barth (editor): Berit Mila, p. XIX-XX‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 62‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪72‬‬
‫ول بد من ملحظة أن هذا التطّور الذي نشهده بين اليهود نشهده أيضًا بين المسيحّيين الغربّيين بخصوص العّمققاد‪.‬‬
‫فالعّماد في سن مبّكر خوفًا من وفاة الطفل دون أن يعّمد‪ ،‬مّما يعني عدم خلصه البققدي‪ ،‬لققم يعققد لققه تلققك الهّميققة‬
‫التي كانت له سابقًا‪ .‬فكثير من العائلت المسيحّية الغربّية تقّرر عدم اللجوء إلى العّماد إّما لنها ل ترى فيه المعنى‬
‫ل أن الختان يختلف عن العّماد بسققبب عققواقبه‬ ‫الروحي‪ ،‬أو لنها تريد أن تبقي للطفل حّرية الختيار عندما يكبر‪ .‬إ ّ‬
‫حية والنفسّية‪ .‬ففي الختان قد يموت الطفل أو يصاب بتشّوه دائم‪ ،‬وقد يحتفظ بآثار نفس قّية خطيققرة بسققبب اللققم‬ ‫الص ّ‬
‫الذي ينتج عنه‪ .‬ونجد حالّيا كثيرًا من اليهود الذين يبدون بشهادات تبّين مدى الثر المؤلم الققذي أبقققاه فققي ذاكرتهققم‬
‫ختان أطفالهم‪.1‬‬

‫ل إلى القضاء عليه ل محالة مهما تش قّبث‬ ‫ل أو آج ً‬‫هناك إذًا تصّدع عميق أصاب الختان وهذا التصّدع سينتهي عاج ً‬
‫به مؤّيدوه‪ .‬ففقدان رجال الدين اليهودي السيطرة على مجتمعهم يعني ترك قرار الختان في يد العلمانيين اليهود‪ .‬ل‬
‫بل إننا نجد رجال دين يهود يدخلون في صفوف المعارضين ويرفضون إجراء الختان على أولدهم‪ .‬وهنققاك الن‬
‫ل‪ .‬وهققذا مققا سققنراه مققن خلل بعققض الكتابققات‬
‫عدد من المؤّلفين اليهود الققذين يغققذون هققذه المعارضققة فكققرًا وعم ً‬
‫اليهودّية التي إخترناها‪ .‬وهذا قليل من كثير بين أيدينا‪.‬‬

‫أ( رأي رولند جولدمان‬

‫تحت يدي كتّيب صغير لدكتور يهودي في علم النفس إسمه »رولند جولدمان« يحققاول فيققه تشققجيع تققرك الختققان‬
‫صصا في مناهضة الختان‪ .2‬ول بد مققن الشققارة‬ ‫سس هذا المؤّلف مركزًا متخ ّ‬ ‫بين أفراد طائفته وغير طائفته‪ .‬وقد أ ّ‬
‫إلى أن كاتبنا هذا أصدر كتابًا كبيرًا عرض فيه الثققار السققلبّية الققتي يبقيهققا الختققان علققى الطفققل والمجتمققع‪ ،‬هققدفه‬
‫الواضح منه أن يبّين ضرورة ترك الختان‪ .‬وسوف نعود لهذا الكتاب في كتابنا القادم‪.‬‬

‫يبّين هذا المؤّلف تطّور الفكر الديني عند المؤّلفين اليهود وأثر ذلك على الختان‪ .‬فبموازاة الفكققر التقليققدي اليهققودي‬
‫الذي يرى في التوراة كلم ال وفي الختان طاعة لوامر ال‪ ،‬هناك فكر يهودي يرى ضرورة الصغاء ليققس فقققط‬
‫لكلم ال‪ ،‬بل أيضقًا للكلم الققذي يققأتي مققن داخققل النسققان‪ .‬ول تضققارب بيققن الصققوت الخققارجي )كلم التققوراة(‬
‫والصوت الداخلي )صوت الضمير(‪ .‬فإذا كان النسان على صورة ال‪ ،‬فهناك إذًا وحققدة بيققن طبيعققة ال ق وطبيعققة‬
‫النسان‪ .‬وبطبيعة الحال‪ ،‬هذا الفكر ل يعطي للتوراة المعنى التقليدي‪ ،‬أي كتاب منزل من عند القق‪ .‬ففققي إسققتطلع‬
‫للرأي لعام ‪ ،1990‬إعتبر ‪ %13‬فقط من التّيار المجّدد أن التوراة كلم ال‪ .‬ويضيف المؤّلف أن الختان قد كاد يفقد‬
‫معناه عند المؤّلفين اليهود المجّددين الذين أدخلوا تفاسير جديدة للختان‪ .‬فهم يرون بقأن شقعوبًا أخقرى غيقر اليهقود‬
‫مارست الختان َقبلهم‪ .‬وهو تضحية ل حّلت محل تضحية البن البكر التي نرى أثرًا لها في كتققاب الخققروج حيققث‬
‫نقرأ‪» :‬فائض بيدرك ومعصرتك ل تبطئ في تقريبه‪ .‬وبكر بنيك تعطيني إّياه‪ .‬وكذلك تصنع ببقرك وغنمك‪ .‬سققبعة‬
‫أّيام يكون مع أّمه‪ ،‬وفي اليوم الثامن تعطيني إّياه« )الخروج ‪ .(29-28:22‬ومنهم من يرى أن الختققان هققو طريقققة‬
‫كانت تّتبع لتهدئة اللهة لضمان الخصب كما هو المر حالّيا بين القبائل الفريقّية البدائّية‪ .‬فيهب النسان ال جزءًا‬
‫من الذكر لضمان حماية الباقي‪ .‬ومنهم من يعتبر الختان علمققة العبيققد وبرهققان ذلققك مققا جققاء فققي سققفر التكققوين‪:‬‬
‫ضتك« )‪ .(13:17‬وقد ورثها اليهود عن المصرّيين عنققدما كققانوا عبيققدًا فققي‬ ‫»ُيختن المولود في بيتك والمشترى بف ّ‬
‫مصر‪ .‬فبعد خروجهم من مصر‪ ،‬إستمر الباء بختان أبنائهم حّتققى يتققم الشققبه بينهققم وبيققن أبنققائهم‪ .‬ولكققي يسققتريح‬
‫الباء من توبيخ ضمائرهم بسبب ما يفعلوه بأطفالهم‪ ،‬فقد ربطوا الختان بوصّية دينّية إلهّيققة‪ .‬أو كمققا يققول أحققدهم‪:‬‬
‫»بما أني ل أستطيع تحّمل كل المسؤولّية بنفسي‪ ،‬لذا فإني بحاجة إلى أمر إلهي«‪ .‬وهكذا القوا التبعّية على ال‪.3‬‬

‫ويرد المؤّلف على من يحاول تثبيت الختان بإثارة مشاعر النتماء للشعب اليهودي وتاريخه وذكر من صمد منهققم‬
‫أمام إضطهاد الذين أرادوا منعهم من ختان أولدهم‪ .‬يقول مؤّلفنا بأن شجاعة السلف للحفاظ علققى إيمققانهم تسققتحق‬
‫ل أن السلف كانوا يجهلون ما نعرفه نحن حول الختان‪ .‬أضف إلى ذلك أن ليس كل اليهود يشاركوهم‬ ‫كل التقدير‪ ،‬إ ّ‬
‫إيمانهم ذاك‪ .‬كما أن الختان ل يمكن إعتباره إشارة إنتماء للشعب اليهودي لن اليهققودي حسققب الشققريعة اليهودّيققة‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, p. 31-41‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, p. 4-7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪73‬‬
‫هو من يولد من أم يهودّية وليس من ُيختن‪ ،‬والبقاء على الغلفة ل ينقص من يهودّية اليهققودي‪ .‬وقققد يكققون رفققض‬
‫الختان تأكيدًا أكبر للنتماء اليهودي من الختان ذاته إذ يتطّلب إثبات الذات‪.1‬‬

‫هناك من يعتبر رفض الختان نوع من اللحاد والتحّلل من القيم اليهودّية‪ .‬يرد المؤّلف علققى هققذا القققول‪ :‬إذا كققانت‬
‫اليهودّية مرتبطة بقطع غلفة الطفل‪ ،‬فهذا يعني إهمققال المبققادئ والفكققار اليهودّيققة الساسقّية‪ .‬فالشققخص المختققون‬
‫ل سّيئة ل يمكن إعتباره أعلى درجة من الشخص الغلف الذي يعيققش حيققاة أخلقّيققة رفيعققة‪ .‬هققل‬ ‫الذي يعمل أعما ً‬
‫يهودي كافر مختون هو أكثر إعتبارًا من يهودي أغلف يؤمن بال؟ فقطع الغلفة ل يضمن أن يكون الشخص مؤمنًا‬
‫أو غير مؤمن‪.2‬‬

‫ل أن هققذا الموققف‬ ‫ويبّين هذا المؤّلف أنه بالرغم من صلبة موقف الرافضين علققى المسققتوى الفكقري والعلمقي‪ ،‬إ ّ‬
‫صة لمواجهققة الضققغوط مققن ِقَبققل العائلققة والطائفققة‪ .‬وهنققاك يهققود يرفضققون الختققان ولكّنهققم ل‬
‫يتطّلب شجاعة خا ّ‬
‫يستطيعون مواجهة محيطهم‪ ،‬فيتمّنون أن يكون المولود أنثى حّتققى ل يجقبرون علقى ختققانه‪ .‬وهقذا الخققوف ُيحقّول‬
‫حمل بعض الّمهات إلى جحيم‪ .‬وهذه الّمهات تتنّفس الصعداء عندما تولد لها بنت‪.3‬‬

‫وفي مقال عنوانه »الختان مصدر ألم يهودي«‪ ،‬يشرح هذا المؤّلقف مققوقفه الناقققد للختقان‪ .‬يققول المؤّلققف صقدرت‬
‫خلل القرون كتابات لليهود تبّين أهّمية الختان‪ .‬والتأييد للختان منتشر في الطائفة اليهودّية فل جققدل مفتققوح يوجققد‬
‫داخل هذه الطائفة حول الختان‪ .‬ولكن هناك نظرة أخرى تم تجاهلها‪ .‬فخلفًا للعتقاد السائد‪ ،‬لم يكن الختان معمولً‬
‫به دائمًا‪ .‬فموسى لم يختن إبنه )الخروج ‪ .(25:4‬كما أن الختان تم تركه خلل الربعين سنة الققتي قضققاها الشققعب‬
‫اليهودي في الصحراء )يشوع ‪ .(5:5‬وبعض اليهققود تركققوا الختققان فققي العصققر الهيلينققي مققا بيققن عقام ‪َ 300‬قبققل‬
‫شيا مع المجتمع الذي يعيشون فيه‪ .‬وفي ألمانيا‪ ،‬خلل مرحلة التجديققد فققي القققرن‬ ‫المسيح وعام ‪ 100‬بعد المسيح تم ّ‬
‫الماضي ترك بعض الهل ختان أولدهم‪ .‬وهرتسل نفسه لم يختن إبنه الذي ولققد عققام ‪ .1891‬والختققان ل ُيمققارس‬
‫بصورة عاّمة بين اليهود داخل أو خارج الوليات المّتحقدة‪ .‬حّتقى فقي إسقرائيل هنقاك مقن ل يختقن أولده‪ .‬فهنقاك‬
‫ظمة تكافح ضد الختان‪.‬‬
‫من ّ‬

‫ثم يعرض المؤّلف السباب التي من أجلها ترك هؤلء اليهود الختان‪.‬‬

‫‪ -‬في مسح لعام ‪ ،1990‬تبّين أن ‪ %90‬مققن اليهقود يعتققبرون إنتمققاءهم لليهودّيققة إنتمققاءًا عرقيقًا وثقافيقًا‪ ،‬وأن فقققط‬
‫ل لحاخام يهققودي مج قّدد بققأن اليهققود المج قّددين‬ ‫‪ %13‬يعتقدون أن التوراة هي كلمة ال الحقيقّية‪ .‬وينقل المؤّلف قو ً‬
‫يؤمنون بقأنهم يعبقدون الق بصقورة أفضقل إذا مقا كقانوا صقادقين مقع عققولهم وضقمائرهم حّتقى وإن إصقطدموا‬
‫بمواضيع ُمهّمة من تراثهم‪ .‬وهذا القول يّتفق مع رأي الكثرّية اليهودّية في أمريكا‪.‬‬

‫‪ -‬أكثرّية اليهود يقومون بالختان لسققباب ثقافّيققة وليققس لسققباب دينّيققة لنققه ينقصققهم المعنققى الققديني للختققان‪ .‬فهققم‬
‫يختنون لنهم يرون فيه رباط مع الشعب اليهودي والثقافة اليهودّية ووسيلة للبقاء عليهما‪ ،‬وليس لسباب دينّية أو‬
‫حية‪ .‬وبطبيعة الحال غريققزة البقققاء ُمهّمققة أمققام الخطققر الكققبر الققذي يتهقّدد اليهققود اليققوم وهققو انخراطهققم فققي‬
‫صّ‬
‫مجتمعاتهم )‪ .(assimilation‬فأكثر من نصف اليهود يختارون اليوم زوج أو زوجة غير يهوديين‪ .‬ولققذلك يعتققبر‬
‫الختان وسيلة للحفاظ على هوّيتهم‪ .‬ولكن هذه الفكرة مغلوطة‪ .‬فاليهودي هو من يولد من أم يهودّية وليققس مققن هققو‬
‫مختون‪ .‬وعدم الختان ل يعني تخّلي اليهودي عن هوّيته‪.‬‬

‫صلت إلى ما‬ ‫‪ -‬إن الشكوك المتزايدة حول الختان اليهودي تعتمد على كون الختان يؤّدي إلى أذى‪ .‬إن الدراسات تو ّ‬
‫تشعر به الم وهو أن الطفل يتأّلم‪ .‬فالطفل ينفعل مع اللم مثل الكبير إن لم يكن أكثر‪ .‬وهذا ُمعققترف بققه مققن جميققع‬
‫الوساط الطّبية‪ .‬والختان هو من أشد العملّيات ألمًا بين تلك التي يتعّرض لها الطفل‪ .‬وإذا لققم يصققرخ الطفققل خلل‬
‫الختان‪ ،‬فهذا سببه المخّدرات الققتي أعطيققت للم خلل عملّيقة القولدة والقتي مقّرت فقي جسققمه‪ .‬وبعققض الطفقال‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, p. 10-11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, p. 42‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, p. 33; see also Romberg: Circumcision, p. 56-57, 73-‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪85‬‬
‫‪74‬‬
‫يمّرون في مرحلة نصف غيبوبة وصدمة بسبب ألم الختان‪ .‬ورغم عدم صراخه‪ ،‬فققإن مسققتوى هرمونققات الضققيق‬
‫يرتفع في الدم‪ ،‬وهذا أكبر دليل على أن الطفل يتأّلم‪ .‬مّمققا يعنققي أن عقدم الصققراخ ل يعنققي بحققد ذاتققه أن الطفققل ل‬
‫يتأّلم‪.‬‬

‫‪ -‬يترك الختان في ذاكرة الطفل أثرًا قد يحد من قدرته على التأقلم بمحيطه على المدى القصققير ويخلققق تققوّترا فققي‬
‫صققة بالختققان فققي‬‫علقته مع أهله‪ .‬فالختان يفسد العلقة بيققن الم والطفققل‪ .‬وقققد أوضققحت مجموعققة الدراسققة الخا ّ‬
‫الكاديمّية المريكّية لطب الطفال بأن الطفل بعد الختان يصبح أكثر تهّيجا ويتغّير نظام نققومه وعلقتققه مققع أّمققه‪.‬‬
‫والطفال المختونون يصرخون ويتأّلمون أكثر من غير المختونين عند تطعيمهم مققا بيققن أربعققة وسقّتة أشققهر مققن‬
‫عمرهم‪.‬‬

‫‪ -‬مهما كان مكان الختان‪ ،‬في المستشفى أو من ِقَبل الموهيل في البيت‪ ،‬هناك ما ل يقل عن ‪ 20‬خطرًا يتعّرض لها‬
‫الطفل أثناء الختان‪ ،‬منها النزيف واللتهاب‪ ،‬وقد يؤّدي الختان إلى الموت في بعض الحالت النادرة‪ .‬ولهذا السبب‬
‫تمنع الشريعة اليهودّية إجراء العملّية على أطفال مات إخوتهم بسبب الختان‪.‬‬

‫‪ -‬الختان يضعف الجنس حسب قول إبققن ميمققون‪ .‬وهققذا مققا تثبتققه الدراسققات الحديثققة‪ .‬فالغلفققة تحمققي الحشققفة مققن‬
‫شن وتقليل حساسّيتها‪ .‬والغلفة بحد ذاتها تحتوي على شرايين مهّيجة جنسّيا‪ ،‬وإذا ما ُفِقَدت فإن التهّيج‬ ‫الجفاف والتخ ّ‬
‫الجنسي يضعف‪ .‬وهي تلعقب دورًا فقي تشققحيم العضقو التناسققلي‪ ،‬فقإذا مققا ُقطَِعقت يلققزم اللجقوء إلقى مقواد دهنّيقة‬
‫إصطناعّية‪ .‬وقد تبّين من أشخاص تم ختانهم كبارًا بأن الختان أضعف حساسّيتهم الجنسّية‪ .‬وكثيرًا من الذين ختنققوا‬
‫كبارًا يتنّدمون على ذلك‪ .‬والمختونون أكثر لجوءًا من غيققر المختققونين لوسققائل التهّيققج غيققر العادّيققة مثققل العلقققة‬
‫الجنسّية بالفم أو العادة السّرية‪.‬‬

‫ل ما يطرح‪ ،‬مّما يسّبب شعور بعدم‬ ‫‪ -‬قد يخلق الختان توّترا في العلقة بين اليهودي وطائفته‪ .‬فموضوع الختان قلي ً‬
‫إرتياح وبالوحدة أمام المشكلة التي تعيشها الم‪ .‬وكثيرًا من المشاكل الناتجة عن الختان يتققم التكّتققم عنهققا‪ .‬وشققعور‬
‫حب به في الطائفة ل يؤخذ بالحسبان‪.‬‬ ‫الطفل الذي ير ّ‬

‫‪ -‬بعض الّمهات تتمّنى أن يكون المولود بنتًا حّتى تحل المشكلة من أساسها‪ .‬وبعض العائلت التي عاشت الختققان‬
‫صة عند الم‪ .‬وإذا كانت بعض العائلت لم تشعر بهذا المر فهققذا ناتققج‬
‫ست بألم الطفل مّرت بتجربة أليمة‪ ،‬خا ّ‬‫وأح ّ‬
‫إّما لن عدم مساندة المحيط لها في ألمها يجبرها على إخفائه‪ ،‬وإّما لن الطفل في حالة إغماء وصققدمة تمنعققه مققن‬
‫الصراخ‪.‬‬

‫‪ -‬الختان مخالف للخلقّيققات اليهودّيققة‪ .‬فالشققريعة اليهودّيققة ترفققض إيلم أي مخلققوق حققي‪ .‬كققم واحققد مّنققا سققيقبل‬
‫بالختان لو تم عليه كبيرًا؟ وبأي حق نمارس الختان على الغير؟ إن هذا مخالف للقاعدة التي تقول‪» :‬ما كان بغيضًا‬
‫لك ل تفعله للغير«‪ .‬كل ما ُكِتب عقن الختقان يتجاهقل تمامقًا شقعور الطفقل‪ .‬فالطفقل ُيربقط وُيقطقع وهقو يتصقارع‬
‫للهروب من الهجوم الواقع عليه‪ .‬حاِول أن تضع نفسك محل هذا الطفل‪ .‬وهذا مخالف لتعاليم التوراة الققتي تفققرض‬
‫دفع تعويض عن الضرر الذي يصيب الغير )الخروج ‪ .(27-18:21‬والطفل هو شققخص حسققب هققذه التعققاليم‪ .‬إن‬
‫الختان يتجاهل إنسانّية الطفل وشعوره‪ .‬وفي هققذا الموضققوع يجققب التسققاؤل‪ :‬لمققن الغلفققة الققتي تقطققع؟ إنهققا غلفققة‬
‫حقّرم السققرقة )الخققروج‬ ‫الطفل‪ .‬إن بترها يؤّدي إلى خسارة من جانبه‪ .‬وهذا هققو بحققد ذاتققه مخققالف للقاعققدة الققتي ُت َ‬
‫‪ .(13:20‬من جهة أخقرى اليهقودي ُملقَزم بمسقاعدة الضقعيف‪ .‬والطفقل يتطّلقب الحمايقة مقن اللقم والخسقارة‪ .‬إن‬
‫التعاطف مع الغير يسّهل في حل هذه المشكلة‪ ،‬ولكن بعض الناس ل يقدرون على ذلققك وهققم فاقققدون كققل شققعور‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى الختان مخالف للتوراة التي تمنع وسم الجسم )الحبار ‪.(28:19‬‬

‫‪ -‬إذا َقبل شخص أن الختان أمر إلهي‪ ،‬فإن الشخص كطرف في العلقة مع ال يحتفظ بحّقه في طرح السؤال علققى‬
‫ال كند له‪ ،‬دون سيطرة طرف على الخر‪ .‬ولكققل طقرف الحقق فقي أن يققول »ل« للخقر‪ .‬وققد تغّيقرت القواعقد‬
‫اليهودّية عبر التاريخ كما هو المر بخصوص الزنى )الحبار ‪ ،10:20‬وتثنية ‪ (21:22‬والعلقات الجنسّية الشاّذة‬
‫)الحبار ‪ (13:20‬والتجذيف )الحبار ‪ (21:12‬وسب الهل )الخروج ‪ (17:21‬والتمقّرد علققى أمققر الهققل )تثنيققة‬
‫‪ (21-18:21‬التي كان عقابها الموت‪ .‬وهذه القواعد لم تعد ُتَنّفذ من ِقَبل المحافظين على الدين‪ .‬ومن جهققة أخققرى‪،‬‬
‫‪75‬‬
‫غّيَرت هذه القاعققدة للسققماح للزوجققة بإنهققاء الققزواج‪.‬‬
‫تسمح التوراة فقط للزوج أن يطّلق إمرأته )تثنية ‪ (1:24‬وقد ُ‬
‫ل للبنيققن دون البنققات )تثنيققة ‪ .(17-15:21‬والن تققم تغييققر هققذه القاعققدة‬
‫والتوراة ل ُتعطي نصققيبًا فققي الميققراث إ ّ‬
‫للسماح للبنات بالميراث‪ .‬وهذه التغييرات تسمح لنا أن نطرح مشكلة الختان‪.‬‬

‫‪ -‬رغم الضغوطات التي ُتَمارس لفرض الختان‪ ،‬فإن هناك عققددًا مققن الهققل اليهققود الققذين يقولقون ل للختققان‪ .‬لقققد‬
‫سمعوا لصوتهم الداخلي‪ ،‬هذا الصوت الذي ل يخالف حتمًا صوت الق‪ .‬وكمقا يققول الحاخقام »لقورنس كيشقنير«‪:‬‬
‫»إذا كان الصوت حقًا صوت ال فإنه ينطق من الداخل والخارج‪ .‬وهو نفس الصوت«‪ .‬وإذا تم خلق النسان علققى‬
‫صورة ال‪ ،‬وال هو روح‪ ،‬فنحن إذًا نشترك بصورة ال الروحّية‪ .‬ول يمكن أن نثق بال ونفقققد الثقققة بأنفسققنا‪ .‬وإذا‬
‫تصّرفنا حسب شعورنا العميق‪ ،‬فإن ال يتصّرف من خلل تصّرفنا‪.‬‬

‫شققيا‬‫‪ -‬بإمكان اليهود الذي يرغبون البقاء على المراسيم الدينّية البقاء عليها مع إلغاء عملّية القطع لتكون أكققثر تم ّ‬
‫ل مققن »بريققت‬ ‫مع إحساس الطفل والطائفة اليهودّية‪ .‬وهذه المراسيم تققدعى »بريققت شققلوم« )أي عهققد السققلم( بققد ً‬
‫ميل« )أي عهد القطع الذي يطلق على الختان(‪ .‬وهذه المراسيم لهققا نفققس بهجققة مراسققيم الختققان ولكققن دون إيلم‬
‫ل إذا‬ ‫الطفل‪ .‬وهذه المراسيم لها فائدة إضافّية‪ .‬فالحاخام »جوئيل روت« يقول لنا بأن الطقققس الققديني ل معنققى لققه إ ّ‬
‫صقة مقن ِقَبقل الم‪ .‬وفقي‬ ‫صاحبه إستعداد عقلي إرادي‪ .‬والختان عاّمقة يتقم بصقورة جبرّيقة مقع خصقام داخلقي خا ّ‬
‫طع فيهقا يمكققن إضقفاء السققتعداد العقلققي الرادي لهققا فتصقبح أكققثر قيمقة دينّيققا‪.‬‬ ‫المراسيم الدينّية البديلة التي ل ُيق َ‬
‫ل من عمل عملّية جراحّية على البنقات‪ ،‬وهقو‬ ‫ويمكن اللجوء إليها للذكر كما للنثى فيكون هناك مساواة بينهما‪ .‬فبد ً‬
‫أمر يرفضه جميع اليهود‪ ،‬يمكن عمل مراسيم دينّية لهن دون تلك العملّية الجراحّية‪.‬‬

‫يضيف المؤّلف بأن على الذين يريدون رغم ذلك القيام بختان أولدهم أن يتذّكروا ما يلي‪:‬‬

‫‪ (1‬إن مصلحة الطفل يجب أن تكون فوق كل إعتبار‪.‬‬

‫‪ (2‬إذا كان الب ل يحس بأي ضرر للختان فل يعني ذلك أن الختان ل أثر له أو أنه لققن يققؤّثر علققى إبنققه‪ .‬فالثققار‬
‫الجنسّية والنفسّية للختان تحدث على المدى البعيققد‪ ،‬وقققد تققم عمققل تقريققر عنهققا لققدى مئات الرجققال علققى مسققتوى‬
‫الوليات المّتحدة‪.‬‬

‫‪ (3‬إن عملّية الختان ل رجوع فيها‪ ،‬أّما غير المختون فيبقى له إمكانّية ممارسة الختان في كبره إذا أراد ذلك‪ .‬وفي‬
‫حالة الشك عليك أن تختار عدم الختان‪.‬‬

‫‪ (4‬هل سوف تختن إبنك لو أن أكثر اليهود ل يختنون أطفالهم؟‬

‫‪ (5‬إحضر عملّية ختان وضع نفسك محل الطفل واشعر بشعوره‪ .‬إبقى على مقربة منه وعققاين العملّيققة عققن كثققب‪.‬‬
‫وإذا أحسست بنفور من ذلك‪ ،‬فما هو سبب نفورك منه؟‬

‫ل إن طرح موضوع الختقان ل يعنقي تعريقض اليهودّيقة للخطققر‪ .‬ولكّنققه فققط إلغقاء لثققار‬
‫ويختم المؤّلف مقاله قائ ً‬
‫‪1‬‬
‫الختان المؤلمة‪ .‬إن التساؤل الشريف حول الختان سيقّوي اليهودّية ويعطي وسيلة لتعميق العلقة بين اليهود ‪.‬‬

‫وفي رسالة‪ ،‬يقول هذا الكاتب اليهودي إن نّية الهل قد تكون طّيبة عنققدما يختنققون أطفققالهم‪ ،‬ولكققن عملّيققة الختققان‬
‫بذاتها ليست طّيبة لنها تؤّدي إلى ألم شديد وتحذف الحماية ومنطقة حساسة جنسّيا وتؤّدي إلققى مضققاعفات طّبيققة‪.‬‬
‫وعلى من يقول إنه ليس من المؤّكد أن يرفض الطفل إذا كبر عملّية الختان‪ُ ،‬يَرد بأن المنطق السليم في هذه الحالققة‬
‫يفرض أن ُيترك المر للشخص عندما يكبر إذ إن الطفل بصراخه يرفض مثل تلققك العملّيققة‪ .‬وعلققى مققن يقققول إن‬
‫الختان عملّية دينّية‪ُ ،‬يَرد بأن ذلك ل ُيحّول تلك العملّية إلى عملّية طّيبة‪ .‬فختان النققاث أيض قًا يجققري عنققد البعققض‬
‫لسبب ديني‪ ،‬كما أن تضحية الطفال كانت أيضًا عملّية دينّية‪ .‬ويرفض المؤّلققف تتفيققه الختققان بمقققارنته بالوشققم أو‬
‫تخديش الجسم‪ .‬وعلى كقل حقال‪ ،‬فقإن هقاتين العملّيقتين إذا فرضقتا علقى شقخص فإنهمقا تعتقبران خرققا للخلق‪.‬‬

‫‪Goldman: Circumcision: a source of Jewish pain‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪76‬‬
‫ويضيف أنه ل يمكققن إسقتثناء اليهققود مقن نققد الختقان بسققبب مققا عقانوه فقي الماضقي لن ذلققك يعنققي أن القواعقد‬
‫الخلقّية مزدوجة‪ ،‬وهو ما يخالف عمومّية المبادئ الخلقّية‪ .‬والختان هو في حد ذاتققه عملّيققة بققتر ‪mutilation‬‬
‫حسب تعريف هذه الكلمة في مختلف القواميس اللغوّية‪.1‬‬

‫ب( رأي ليزا برافر موس‬

‫شرحت هذه السّيدة اليهودّية المريكّية في مقالين السباب الدينّيقة القتي مقن أجلهقا ترفقض الختقان نختصقرها فقي‬
‫النقاط التية‪:‬‬

‫‪ -‬الختان عملّية مؤلمة للطفل‪ :‬لقد كققان ُيظقن سققابقًا أن الطفقل ل يحقس بقاللم كالكبقار‪ .‬ولكقن هققذا ليققس صقحيحًا‪.‬‬
‫سقون بقاللم تمامقًا كالكبقار‬ ‫فالكاديمّيقة المريكّيقة لطقب الطفقال ققالت فقي تقريرهقا لعقام ‪ 1987‬إن الطفقال يح ّ‬
‫ويتأّلمون على المدى القصير والبعيد من الثار السلبّية للختان‪ .‬ورغم ذلك ما زال البعض يقول بأن الطفل ل يتأّلم‬
‫مبرهنين على ذلك بأن الطفل ل يبكي خلل عملّية الختققان‪ .‬والحقيقققة أن الطفققال فققي هققذه الحالققة هققم فققي وضققع‬
‫صدمة عصبّية بسبب اللم الشديد‪ .‬والبعض يقول إن اللم ل يدوم أكثر من دقيقة وإن الخمر الذي يعطققى لهققم بعققد‬
‫الختان يهدئهم‪ .‬ولكن هذا المنطق ل يقبل به الكبار إذا ما خلع لهم سن‪ .‬وهذا مخالف للشققريعة اليهودّيققة الققتي تمنققع‬
‫إيذاء حي‪ .‬وتمنع الشريعة أن تحرث على حيوان صغير وحيوان كبير لن في ذلك ضقيق لهمقا‪ .‬وهقذا إشقارة إلقى‬
‫الية‪» :‬ل تحرث على ثور وحمار معًا« )تثنية ‪.(10:22‬‬

‫‪ -‬الختان تشويه لعضو سليم خلقه ال‪ :‬وهذا مخالف للشريعة اليهودّية التي تمنع تخديش الجسققم وعمققل وشققم عليققه‬
‫)الحبار ‪.(28:19‬‬

‫ل بسققبب الختققان‪ .‬وعاّمققة‬


‫‪ -‬للختان مخاطر ويمكن أن يؤّدي للموت‪ .‬ففي عام ‪ 1982‬توّفى ما ل يقل عققن ‪ 225‬طف ً‬
‫يتم السكوت عن المضاعفات الناتجة عقن ختققان الطفققال‪ .‬ولكققن هنقاك مقن يققّدرها بيققن ‪ 1250‬و ‪ 12.500‬حالققة‬
‫سنوّية من جّراء الختان الجراحي‪ .‬أّما مخاطر الختان الذي يجريه الموهيلون‪ ،‬فليس هنققاك أي إحصققاء لهققا‪ .‬وهققذا‬
‫مخالف للشريعة اليهودّية التي تقّدس الحياة وتعتبرها أهم من أي شققيء آخققر‪ .‬ولققذلك ترفققض كققل عملّيققة جراحّيققة‬
‫تعّرض النسان لخطر الموت‪ .‬ول يمكن القبول بالرأي القائل أن مثل هذه المخاطر والمضاعفات ناتجة عققن عققدم‬
‫خبرة الموهيلين‪.‬‬

‫‪ -‬الختان عادة روتينّية وليست روحّية‪ :‬هناك قواعد شرعّية تطلب تبدية الفعال على اليمققان‪ ،‬ولكققن هنققاك أيض قاً‬
‫قواعد تطلب تنفيذ الوامر الدينّية من كل القلب‪ .‬فإذا لم تكن هناك نّيققة دينّيققة وراء الختققان‪ ،‬فمققا الفققرق بينققه وبيققن‬
‫ل مقن عبقادة القق‪ .‬وهكقذا يكققون الختققان الروتينقي‬ ‫الوثنّية العمياء؟ لقد أصبح الختان محل عبادة وغاية بحد ذاته بد ً‬
‫مخالف للشريعة اليهودّية‪ .‬وتتكّلم المؤّلفة عن ختان طفليها فتقول إن القصققد مققن الختققان كققان تفققادي المشققاكل مققع‬
‫زوجها ومع محيطها اليهودي ورغبة في أن يكون الطفل مشابها لبيه ولغيققره‪ .‬ولكّنهقا فقي صققميم نفسقها لقم تكقن‬
‫مقتنعة بما تعمل‪ ،‬ولم تتمّكن من مناقشة شكوكها مع غيرها من اليهود‪ .‬وهكذا أّدى طقس ديني ُيقصققد منققه الّتحققاد‬
‫مع الشعب اليهودي إلى شعورها بالضياع‪ .‬فقرارها لم يكن له أي أساس ديني‪ ،‬فهو ليس إدخال في عهد مع ال‪ .‬ل‬
‫ل لخاتن يهودي بأن أقل من ‪ %10‬من الهل الققذين يطلبققون‬ ‫بل العكس‪ :‬فالختان ل يعّبر عن روحانيتها‪ .‬وتذكر قو ً‬
‫خدماته يختنون لسباب دينّية‪.‬‬

‫ل الهل فيه ضققعف الطفققل‪ :‬وهققذا مخققالف للشققريعة اليهودّيققة الققتي تطلققب حمايققة الضققعيف‬‫‪ -‬الختان إجراء يستغ ّ‬
‫وتطالب أن تعامل الغير كما تريد أن يعاملك الغير‪.‬‬

‫صر ل ُيَعّبرون عن إرادتهم‪ .‬هناك من يقول إن إرادة الب تحققل محققل إرادة الطفققل‪.‬‬
‫‪ -‬الختان يجري على أطفال ُق ّ‬
‫ولكن هل العهد الذي يفرض بالقّوة هو عهد شرعي؟ لقد رفض بعض الحاخامات تخدير الطفققل خلل الختققان لن‬
‫ذلك يجعل منه حجرًا جامدًا‪ ،‬ول يمكن أن نقيم عهدًا مع حجر‪ .‬وهنقاك مقن يرفققض عمققل ختقان لطفققل نقائم لنفقس‬
‫السبب‪.‬‬
‫‪Goldman: Fax to Tim Hammond‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬الختان يتم على أطفال في سن مبّكرة معتبرين بأن الطفال ل يتأّلمون في هذا العمر أو هم أقل تأّلما مققن الكبققار‪،‬‬
‫ولن تعّلق الهل بهم أقل من تعّلقهم بالكبر سّنا حسب قول إبن ميمون‪ .‬ولكن هذا مخالف للشريعة اليهودّيققة الققتي‬
‫خرة بينمققا‬ ‫تطلب أن تعامل الغريب بمحّبة وتمنع ظلمه في ‪ 36‬آية من التوراة‪ .‬فرفض ختان الطفققال فققي سققن متققأ ّ‬
‫نقبل ختانهم في سن مبّكرة مخالف لمبادئ الشريعة اليهودّية‪.‬‬

‫‪ -‬رغم أن الختان يخالف عددًا من المبادئ اليهودّية الثابتة‪ ،‬فإن الختان ما زال يعتبر أساسًا للعهققد بيققن الق وشققعبه‬
‫وشعارًا للشخصّية اليهودّية‪ .‬ولكن قرار عدم الختان هو قرار يّتفق مققع المبققادئ اليهودّيققة‪ .‬وكققل سققنة هنققاك ثلثققة‬
‫آلف إّتصال هاتفي من ِقَبل أهالي يهود مع حاخاماتهم بخصوص المشكلة التي تطرح لهم بالختققان طققالبين إجققراء‬
‫بديل للختان وأن ل يتم العهد بين ال وشعبه مققن خلل تفسققير حرفققي للتققوراة‪ .‬وهققم بققذلك يعّبققرون عققن تفكيرهققم‬
‫اليهودي‪ .‬وهناك عدد آخر من اليهود الذين يقّررون عدم الختقان دون الّتصقال بالحاخامققات‪ .‬وبعققض الحاخامقات‬
‫بدأوا بعمل مراسيم دينّية رمزية توازي الختان للبنات ولكققن دون الفصققاح عققن هققوّيتهم‪ .‬وهنققاك يهقود يوّزعققون‬
‫دعاية للختان الرمزي وُيقّدمون العون للعائلت التي تختار مثققل هقذا الختقان الرمققزي‪ .‬والمؤّلفقة تقرى أن الختقان‬
‫الرمزي يمكن أن يكون له أثر ديني أكثر من الختان الحرفي لنه يعني أن الهل ل يمارسون هذا الطقس بصققورة‬
‫روتينّية وانهم يتعّهدون بتربية أطفالهم تربية دينّيقة يهودّيققة‪ .‬ويبقققى السققؤال‪ :‬هققل ُنعقّرض الطفقل لنبققذ اليهقود لقه؟‬
‫والجواب هو أن يترك للطفل أخذ القرار بختان نفسه عندما يكبر إذا شاء ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬هناك من يقول بأنه ل يحق طرح موضوع الختان في وقت يزداد فيه الزواج المختلط والنققدماج‪ ،‬لن فققي ذلققك‬
‫إغراق لليهودّية‪ .‬وتجيب المؤّلفة بأن إعتبار الختان موضوعًا ل نقاش فيه يجعلنا نفقد مناسبة جلب اليهود للهتمققام‬
‫ل مقن أن نعبقد الق ونقترك اليهقود يجقدون حلً لمشقكلتهم مقن‬
‫بديانتهم‪ .‬وهكذا فإننا نجعل من الختان محل تعّبد بقد ً‬
‫خارج ديانتهم‪ .‬إن إنكار وجود مشكلة في الختان ل يعني أن المشكلة غير موجودة‪.‬‬

‫صلت إلى هذا الموقف الرافض للختان بسبب شعورها بالذنب بعد ختانها لولديها‪ .‬وقد كانت‬ ‫وتقول المؤّلفة بأنها تو ّ‬
‫سقرت‬ ‫في بداية أمرها شديدة الهجوم ضد الختقان حّتقى تجعقل النقاس يفّكقرون‪ .‬ولكقن ذلقك أّدى إلقى إغضقابهم‪ .‬فف ّ‬
‫غضبهم بأنه تعبير عن عدم عقلنيتهم‪ .‬ثققم تحقّولت إلققى أسققلوب كلمققي تعّبققر فيققه عققن شققعورها دون إغضققابهم‪.‬‬
‫فأخذت في التفكير ضمن الفكر اليهودي لتجد وسققيلة للقنققاع مققن خلل دراسققتها للشققريعة اليهودّيققة‪ .‬فكققان هنققاك‬
‫حوار بينها وبين رجال الدين وبين الهل الذين كانت تجتمع بهم وتسألهم عن رأيهم في مقالتها‪ .‬وقد سققاعدها هققذا‬
‫في تثبيت معتقدها الديني وارتباطها بالشريعة والطائفة اليهودّية‪ .‬فبدأت تدرس العبرّية والطقوس اليهودّيققة وتققداوم‬
‫على العبادات‪ .‬وأصبحت تعطي لمعتقدها وتراثها اليهودّية أهّمية أكثر مّما كان عليه المر عند بداية هجومها ضققد‬
‫الختان‪.‬‬

‫ل إذا كققانوا هققم أنفسققهم‬


‫وترى الكاتبة بأن ممارسي المهن الطّبية يجب أن ل يناقشوا موضوع الختان مققع اليهققود إ ّ‬
‫طلعين تمامًا على الدراسات اليهودّية‪ .‬فيكاد يكون من غيققر الممكققن مققن الخققارج تفّهققم تعقيققد‬
‫يهودًا أو أن يكونوا م ّ‬
‫الموضوع والضغوطات التي يتعّرض لها الهل في موضوع الختان‪ ،‬حّتى وإن كان اليهققود غيققر مواظققبين علققى‬
‫العبادات الدينّية‪ .‬وفي بعض الوقات يجب عدم الباحة بكل ما يشعر بققه النسققان‪ ،‬إحترام قًا لليهودّيققة‪ .‬صققحيح أن‬
‫حية مثققل تلققك المعلومققات‬ ‫الهل اليهود يريدون معلومات طّبية عن الختان‪ ،‬ويجب أن يعطي ممارسو المهققن الصق ّ‬
‫لهم‪ .‬كما يجب عليهم أن يبّينوا أن الختان مغلوط طّبيا إذا إقتنعوا بذلك‪ ،‬ولكن دون الخوض في النقاش الديني حقول‬
‫ل إذا كان ممارسو المهن الطّبية يهودًا ذوي إهتمام باليهودّية‪ .‬فهذا النقاش نقاش يهودي‪ .‬فيجب إيجاد الحل‬ ‫الختان إ ّ‬
‫للختان الديني من داخل الفكر الديني‪.‬‬

‫خل فققي هققذا القققرار‬


‫ولكن ما العمل إذا ما أراد الهل إجراء الختان لسباب دينّية؟ تقول المؤّلفة بأنه يجب عدم التد ّ‬
‫ل إذا كان الموضوع يخص معرفة إذا ما كان يجب عمل الختان في اليوم الثامن أو كعملّية طّبيققة فققي المستشققفى‪.‬‬ ‫إّ‬
‫وفي هذه الحالة يجب عرض عمل الختان في اليوم الثامن لن غيققر ذلققك ليققس معققترف بققه فققي اليهودّيققة كختققان‪.‬‬
‫والختان الديني له أكثر معنى من الختان الطّبي‪.‬‬

‫وتضيف الكاتبة بأنه يجب أخذ أكبر قدر ممكن من الحيطة في مناقشة الختققان الققديني مققع اليهققود‪ .‬فيجققب الشققارة‬
‫عليهم في حال إهتمامهم في الموضوع بأن يتكّلموا مع رجل ديققن يهققودي‪ .‬وهكققذا يتققم نقققل تسققاؤلهم إليهققم‪ .‬ولكققن‬
‫‪78‬‬
‫للسف فإن رجال الدين اليهود كثيرًا ما يرّدون عليهم بالسلوب التقليدي‪ .‬وهي ترى بأن رجال الدين يجب عليهققم‬
‫أن ل يتغاضوا عن تساؤل الهل حول الختان ويجب إيجاد أسققلوب لققدخول العهققد دون ختققان‪ .‬وهنققاك أهققل يهققود‬
‫يريدون أن يجدوا جوابًا حول الختان فقط في المجال الطّبي دون مناقشة للمحتوى الديني كأن الشريعة اليهودّيققة ل‬
‫يمكنها الرد على تساؤلهم‪ .‬ولكن هذه ليست صورة صحيحة لليهودّية الحالّيققة‪ .‬فجمققال اليهودّيققة يكمققن فققي إمكانّيققة‬
‫صا من كتاب صلة يهودّية‬ ‫تفّهمها التغييرات‪ .‬فاليهودّية عضو حي يمكن أن يتغّير‪ .‬وتذكر الكاتبة في هذا المجال ن ّ‬
‫حول موضوع الشك يقول‪:‬‬
‫عز الشكوك لن الشك هو خادم الحقيقة وهو مفتاح باب المعرفة وخادم الكتشاف‪ .‬فاليمققان الققذي‬ ‫»أ ِ‬
‫ل يمكن أن يناقش يقودنا إلى الخطأ‪ ،‬لن هناك نقص وعيب في كل إيمان‪ .‬والشك هو محك الحقيقققة‪.‬‬
‫وهو كالحامض يأكل كل ما هو غلط‪ .‬ل تخف من أن يقتل الشك الحقيقة‪ ،‬فالشك هو إمتحان لليمققان‪.‬‬
‫والحقيقة إن كانت حقيقة فإنها تقوى أمام كل إمتحان‪ .‬وكل من يريدون أن يسكتوا الشك هم أشققخاص‬
‫مليئين بالخوف‪ .‬فبيت روحهم مبني على رمال متحّركة‪ .‬والذين ل يخققافون الشققك بيتهققم مبنققي علققى‬
‫الصخر وسوف يسيرون في ضوء المعرفة المتناميققة‪ .‬وسققوف تققدوم أعمققال أيققديهم‪ .‬لققذلك دعونققا ل‬
‫نخاف من الشك بل لنفرح بمساعدته‪ .‬فالشك كعصا للعمى‪ .‬وهو خادم الحقيقة«‪.‬‬

‫وتنهي المؤّلفة مقالها بأنها ترغب أن ترى الهل اليهود يتساءلون حول الختان بصققورة علنّيققة مققن داخققل الطائفققة‬
‫ل مقن داخققل‬ ‫اليهودّية حّتى يتمّكنوا من إختيار الختان التقليدي أو الختان الرمقزي لقدخول العهقد‪ .‬وهققذا لقن يققأتي إ ّ‬
‫الطائفة اليهودّية عندما يصبح إهتمام اليهود حقول الختققان إهتمامقًا يهودّيققا‪ .‬ويجقب تشققجيع مشقاركة اليهقود الققذين‬
‫يلجققأون للمهققن الطّبيققة فققي هققذا النقققاش‪ ،‬إن كققانوا مؤّيققدين أو شققاّكين أو رافضققين للختققان‪ .‬فاليهودّيققة فققي حاجققة‬
‫لصوتهم‪.1‬‬

‫ج( رأي ناتالي بيفاس‬

‫بعثت هذه السّيدة اليهودّية المريكّية رسالة إلى أهلها مؤّرخة في ‪ 20‬مايو ‪ 1986‬تخققبرهم فيهققا أنهققا ققّررت عققدم‬
‫ختان طفلها الذي سيولد قريبًا وتبّين السباب لذلك‪ .‬ونحن ننقل نص هذه الرسالة‪:‬‬
‫آبي وأمي العزيزين‬
‫ل‪ ،‬كان علينا أن نأخققذ قققرارًا قاسققيًا وحزينقًا جقّدا‪ ،‬قققرارًا‬
‫بما أننا على علم أن ولدنا القادم سيكون طف ً‬
‫يجب أن ُنخِبر به الهل‪ .‬إننا لن نختن إبننا‪ .‬لقد حضرنا عددًا من عملّيققات الختققان )عهققد القطققع( قققام‬
‫بإجرائها أطّباء وموهيلين ورأينا أن الطفل يتأّلم حقًا‪ .‬وفي أحشائنا شققعرنا بققأنه مققن غيققر الممكققن أن‬
‫نسمح ممارسة هذا المر على طفلنا‪ .‬لقد أخذنا بالعتبار شعورنا فققي أحشققائنا وتحّرينققا أشققهرًا حّتققى‬
‫يكون قرارنا موضوعيًا وواضحًا‪ .‬وقد قرأنا ثلثة كتب من بينها كتاب كتبه يهودي وآخر كتبته إمرأة‬
‫متزّوجة مع يهودي‪ ،‬واّتصلنا بمؤّلفي هذه الكتب شخصيًا‪ ،‬وتكّلمنا مع الطّباء والحاخامات‪ ،‬وجمعنققا‬
‫عددًا ضخمًا من المقالت حول الختان‪ ،‬وتكّلمنا مع أهل يهود من جميع جهات البلد لم يختنوا أطفالهم‬
‫واشتركنا في حلقات لخبراء في هذا الموضوع‪.‬‬
‫وأخيرًا فقد أخذنا قرارنا للسباب التالية‪ .‬فمن الواضح أن العملّية مؤلمة ومؤذية للطفل )وكثيرًا أيضًا‬
‫للهل(‪ .‬ولذلك ما هو السبب الذي من أجله علينا أن نعمل هذه العملّية؟‬
‫‪ (1‬إن السبب الّول والهم لعمل الختان هو العتقاد الديني العميققق بقأن هنققاك إلقه ينتظققر دم وغلفقة‬
‫ل عققن إعتقققاد صققحيح«‪.‬‬ ‫إبننا كعلمة لعهد‪ .‬يقول إبن ميمون إن »هذا الفعل ل يفعلققه النسققان ]‪ [...‬إ ّ‬
‫وهذا ل ينطبق علينا‪ .‬فنحن نعتبر إبراهيم كنمققوذج رمققزي وأمققر ختققان جميققع أهققل بيتققه كأسققطورة‬
‫لتبرير عملّية كقانت موجقودة مقن َقبلقه‪ .‬وإذا كّنقا نقؤمن بكقل أوامقر التقوراة‪ ،‬فعلينقا المحافظقة علقى‬
‫صة بالطعام والسبت‪ .‬ولكّننا حقيقة علمانيين نّتبع المذهب النساني‪ .‬فما معنى المحافظققة‬ ‫الوامر الخا ّ‬
‫على الختان بينما نأكل الوجبة الصينّية التي تحتوي على لحققم الخنزيققر وسققمك الروبيققان الممنققوعين‬
‫في الشريعة اليهودّية؟ وإذا قمنا بالختان ونحن ل نؤمن‪ ،‬فإننا قد قمنا برجس كبير‪.‬‬
‫وبقراءة الفصل السابع عشر من سفر التكوين الذي فيه أمر ال إبراهيقم بختقن كقل ذكقور أهقل بيتقه‪،‬‬
‫إّتضح لنققا أن هققذه كققانت ضققحّية دموّيققة لضققمان أرض إسققرائيل وتكققثير نسققله‪ .‬وبمققا أننققا ل نققؤمن‬

‫‪Moss: The Jewish roots of anti-circumcision arguments; Moss: A Jewish Inquiry‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪79‬‬
‫بالتفسير الحرفي للتوراة‪ ،‬نرى أن هذا التبقادل مهيققن‪ .‬نحقن ل نقؤمن بأننققا نضققمن إسققرائيل أو نكّثققر‬
‫الشعب بتضحية جزء من طفلنا‪ .‬فعندما كان جيراننا َقبل ‪ 3000‬عام يقومون بتضحية أولدهققم‪ ،‬كققان‬
‫طلب الشريعة تقّدميا عندما طلبت تضحية جققزء مققن الققدم وجققزء مقن العضققو التناسققلي الققذي يمكققن‬
‫العيش من دونه‪ .‬وأّما في أّيامنا‪ ،‬فإننا ل نجد أي تقّدم في مثل هذه التضحية الثرّية عام ‪.1986‬‬
‫‪ (2‬هل نختن لن اليهود يختنققون؟ وبسققبب مظهققر اليهققود؟ هققذا السققبب هققو الكققثر إنتقققادًا‪ .‬وعلمققاء‬
‫النسان ينظرون إلى هذا المر كعلمة قبلّية‪ .‬والنصققوص التوراتّيققة تققبّين أن الختققان كققان مسققتعم ً‬
‫ل‬
‫كعلمة قبلّية للتفريق بين جنودنا وجنققود أعققدائنا‪ .‬ونحققن نعتققبر عملّيققة قبلّيققة وبققترًا مرّوعققا تخققديش‬
‫الجسد طقسّيا‪ ،‬وعمل الوشم‪ ،‬ومد شحمة الذن والعنق‪ ،‬وتربيققط القققدم وبققرد أنيققاب الطفققال وختققان‬
‫الناث )تلك العملّية التي يقوم بها أكثر الشعوب الذين يختنون الققذكور ومققن بينهققم الفلشققة(‪ .‬وختققان‬
‫ل لننا تعّلمنا قبوله‪ .‬وإذا كّنا موضوعيين‪ ،‬علينا أن نققترّوع مققن‬ ‫الذكور ل يختلف عن تلك العلمات إ ّ‬
‫العملّية التي ُتجرى على الطفل والتي تجعل منه عضوًا من قبيلة‪ .‬وللغرابة‪ ،‬فإن اليهودّية ترفض كققل‬
‫أنواع الوشم أو البتر التجميلي ما عدا الختان‪.‬‬
‫كان بإمكاننا أن نقول إن علينا أن نختن طفلنا كغيرنا من اليهود لن اليهود مختونين‪ .‬وإذا عملنا ذلققك‬
‫رغم عدم إيماننا بالتوراة ككتاب مقّدس‪ ،‬فإننا نجعل من الختان علمقة قبلّيققة‪ .‬فهققل نقبققل بقأن الشققعب‬
‫اليهودي شعب بدائي إلققى درجققة عمققل علمققة فققي أطفققالهم؟ والققذي يظهققر أن هرتسققل )تقوّفى عققام‬
‫‪ (1904‬لم يكن يرى في الختان علمة إنتماء للشعب اليهودي فهو لم يختن إبنه‪.‬‬
‫حية؟ ليس هنققاك أي سققبب لققذلك‪ .‬ففققي‬ ‫‪ (3‬ولكن هل علينا أن نعمل عملّية الختان لسباب طّبية أو ص ّ‬
‫حية لققه البّتققة‬
‫عام ‪ 1971‬قّررت الكاديمّية المريكّية لطب الطفال بأن الختققان ل قيمققة طّبيققة أو صق ّ‬
‫ويجب عدم إجرائه بصورة روتينّية‪ .‬وقد أّكدت ذلك أيضًا الكّليققة المريكّيققة للموّلققدات وطققب النسققاء‬
‫والجمعّية المريكّية لطب المسققالك البولّيققة للطفققال عققام ‪ .1978‬وعلينققا أن نتسققاءل لمققاذا إذًا علينققا‬
‫إجراء الختان؟ وشركتا التأمين )‪ (Medical and Blue Shield‬في مقاطعقة بنسققلفانيا لقم تعقودا‬
‫طط لحذف مثل هذه التغطية‪.‬‬ ‫طيان مصاريف هذه العملّية‪ ،‬وعدد من شركات التأمين تخ ّ‬ ‫تغ ّ‬
‫حة‬ ‫صققة بسققرطان العنققق والققذكر والبروسققتاتة تققبّين أن ل أسققاس لهققا مققن الصق ّ‬ ‫كققل الدراسققات الخا ّ‬
‫وُرِفضت من الوساط الطّبية‪ .‬والمريكّيون هم الرجال الوحيدون في العالم الذين يختنققون بالضققافة‬
‫إلى العرب وبعض القبائل الفريقّية والسترالّية وبعض هنود جنوب أمريكققا واليهققود‪ .‬وبققاقي العققالم‬
‫يعيشققون بصققورة طبيعّيققة مققع غلفهققم‪ .‬فهققم ل يموتققون مثققل الققذباب مققن السققرطان أو اللتهابققات‬
‫والمراض التناسلّية‪ .‬وقد وعينا من خلل حياتنا في كندا وفرنسا أن الختان خاص بالوليات المّتحدة‬
‫وأن تلك العملّية تعتبر وحشّية من ِقَبل الخرين‪.‬‬
‫صة بطققب الطفققال أن الختققان ل فققائدة فيققه وأنققه مققؤلم وأن ل سققبب البّتققة‬ ‫وقد أخبرتنا طبيبتنا المخت ّ‬
‫لجرائه )رغم أن زوجها يهودي وابنها مختون(‪ .‬وقد قالت لنا بأنها تجد مشاكل أكثر مققع المختققونين‬
‫مّما مع غير المختونين‪.‬‬
‫وقد إّتصل بنا طبيب آخر‪ ،‬إسمه »دين اديل«‪ ،‬وهو المّعلق الطّبي في التلفزيون والراديو ]‪ [...‬عندما‬
‫سمع بورطتنا‪ .‬وقد تكّلمنا معه لمّدة ‪ 45‬دقيقة‪ .‬وهو يهودي ولققم يختققن إبنيققه‪ .‬وهققو يّتفققق بققأن الختققان‬
‫جب لماذا يرفض اليهود الرضققوخ‬ ‫عملّية ل ضرورة لها ومؤذية وخطرة‪ ،‬مبّينا ذلك بوثائق‪ .‬وهو يتع ّ‬
‫صة بالطعام والسبوت بينما ل يجدون أن الختان يجب أن يكون أّول ما ُيلغققى‪ .‬وقققد أثنققى‬ ‫للقواعد الخا ّ‬
‫سكنا بتحّدي العادات وهو يعتقد أن هذه العادات ل معنى لها‪.‬‬ ‫على تم ّ‬
‫إن الختان‪ ،‬ككل عملّية جراحّية له مخاطره‪ .‬ورغم أنه العملّية الكثر رواجًا في الوليات المّتحدة‪ ،‬ل‬
‫توجد أّية دراسة عن هذه المخاطر مّما يجعل كل الحصائّيات موضع شك‪ .‬والدراسات في بريطانيققا‬
‫وفي كندا تبّين أن خطر التعقيققدات يصققل إلققى ‪ %22‬إلققى ‪ .%42‬وحسققب تجربتنققا )مققن خلل أولد‬
‫وإخوة أصدقائنا( رأينا عددًا من اللتهابات تطّلبت اللجوء إلى المضاّدات الحيوّيقة علقى طفقل حقديث‬
‫الولدة‪ ،‬ونزيف دم تطّلب خياطة الجرح‪ ،‬وتسّمم حاد بالققدم أّدى إلققى عطققب دائم فققي المققخ )وقققد تققم‬
‫وضع طفل في مصح أمراض عقلّية( والى الموت‪ .‬حّتى وإن كانت هذه الحوادث نققادرة )اللتهابققات‬
‫والنزيف الدموي ليسا نادرين(‪ ،‬لماذا نعّرض الطفل للخطر دون سبب؟ وقد يكون معقّدل الختققان فققي‬
‫تناقص في بعض الماكن‪ ،‬ولكن نسبة الختان هنا هي ‪ .%50‬وبعض الجهات الطّبية تقول بققأن نسققبة‬
‫الختان أعلى وبعضها يقول بأنها أقل‪ .‬ومهما يكن‪ ،‬فإن طفلنا لن يكون من الشواذ في عالم علماني‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫ويمكن النظر إلى ما إذا كان الشواذ ضمن العالم اليهودي سوف يؤّدي إلققى نتققائج سققلبّية للطفققل‪ .‬لقققد‬
‫تكّلمت مع عدد من اليهود حول العالم لم يختنوا أطفالهم وهم حالّيا فوق سن الثالثة عشرة‪ .‬وقد تكّلمت‬
‫مع شخص عمره فوق الثلثين لم ُيختن‪ .‬وزوجته يهودّية وُيعّلم في مركز يهققودي‪ .‬وكّلهققم أّكققدوا لققي‬
‫بأن عدم ختان الطفل ل يخلق أّية مشكلة البّتة مع رفققاقه أو أهلققه‪ .‬فالطفققال خجولققون مققن أعضققائهم‬
‫ل خرافققة‪ .‬وأحققد هققؤلء الطفققال سققوف‬ ‫الجنسّية فل يظهرونها للغير‪ .‬و»غرفة المناظرة« مققا هققي إ ّ‬
‫يتخّرج قريبًا من مدرسة يهودّية‪ ،‬والخر سوف يتثّبت‪ .‬ليس هناك أي ضمان بأن طفلنا سققوف يحققس‬
‫بأن كل شيء على ما يرام إذا ما بقي دون ختان كيهودي‪ ،‬ولكن ل شيء يثبت لنا عكس ذلك‪.‬‬
‫إنني أعتقد أن عدم الختان سوف يصبح أمرًا إعتيادّيا بين اليهود‪ .‬وعندما ألغي التأمين الطّبي للختققان‬
‫في إنكلترا‪ ،‬هبط معّدل الختان من ‪ %30‬و ‪ %40‬إلى أقل من ‪ %1‬في مّدة ثلث سنوات‪ .‬وإذا قققامت‬
‫شركات التأمين في الوليات المّتحدة بإلغاء التأمين على الختان‪ ،‬فققإن معقّدل الختققان سققوف ينخفققض‬
‫أيضًا هنا كنتيجة لذلك‪ .‬إني أعتقد أن أكثر اليهود علمانيون مّمققا يعنققي أنققه إذا أصققبح تمييققز أطفققالهم‬
‫ل بواسطة علمة الختان‪ ،‬فإنهم سوف يلغون الختان أيضًا‪ .‬فمزاولة الختان مققن ِقَبققل غيققر اليهققود‬ ‫سه ً‬
‫تبقي على فكرة أن الختان جّيد في عقل اليهودي‪ .‬ولكن هذا بدأ في التغيير‪ .‬وعلى كل حال فإن طفلنققا‬
‫ختن أو لم ُيختن لنه ولد مّني كأم يهودّية‪ .‬فالختان ل يجعل من الطفل يهودّيا‪.‬‬ ‫سيبقى يهودّيا‪ُ ،‬‬
‫وقد وجدنا أربعة حاخامات يقبلون عمل مراسيم العهد دون ختققان‪ .‬إثنققان منهققم مجقّددان أصققدقاء لنققا‬
‫وإثنان متدّربان كيهود حاسديم‪ .‬ورغم أنهم ليسوا ضد الختان‪ ،‬فإنهم يتفّهمققون بققأن يعيققش الغيققر دون‬
‫إّتباع التوراة‪ .‬وقد قام الثنان الحاسديم بمزاولة مثققل هققذه المراسققيم الدينّيققة أكققثر مققن عشققر مقّرات‪.‬‬
‫حب بالطفل في الطائفة اليهودّية‪ .‬وسيكون هناك‬ ‫ططنا بعمل مراسيم دخول العهد لكي نر ّ‬ ‫ولذلك فقد خ ّ‬
‫حفلة فرح وخمر وأكل‪ .‬وسوف يقيم الحاخامان المجّددان المراسيم وسوف نشرح قرارنققا للحضققور‪.‬‬
‫وإذا وافق الرجلن الحاسديم فسوف يقومان بالترانيم لنهما معروفان بترانيمهما )وبالصدفة هما مققن‬
‫نسل حاخامات ل شك فيهم من القدس(‪.‬‬
‫إننا نأمل بتقّبلكما قرارنا الصادر من قلبنا‪ .‬وهناك أمر أكيد‪ ،‬وهو أننققا إذا تركنققا طفلنققا يربققط ويقطققع‬
‫حة جّيدة ول‬ ‫بسّكين‪ ،‬فإننا سوف نموت ألف موت في قلبنا وفي روحنا‪ .‬إننا نأمل أن يكون بخير وبص ّ‬
‫نريد أن نراه يتأّلم حّتى نحمققي حيققاته‪ .‬ومققن المؤّكققد بققأنه غيققر الممكققن النظققر إليققه يتققأّلم دون سققبب‬
‫معقول‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫مع المحّبة ‪.‬‬

‫وتقوم هذه الم بدعاية ضد ختان الذكور في الوساط اليهودّية لدى النساء‪ .‬وهي تشرح فققي رسققالة توّزعهققا سققبب‬
‫رفضها للختان حّتى تساعد اليهود في اّتباع طريقها‪ .‬تقول في رسالتها‪:‬‬
‫ك لخذ قرار بخصوص ختققان إبنققك‬ ‫ك هذه المعلومات التي طلبتها والتي آمل أن تساعد ِ‬ ‫إني أرسل إلي ِ‬
‫ِاليهودي‪.‬‬
‫أنا يهودّية غربّية )اشكنازية( ترّبيت في مجتمع محافظ‪ ،‬وزوجي يهودي شرقي نفي مققن مصققر إلققى‬
‫فرنسا وترّبى في طائفة أرثوذكسقّية‪ .‬ونحقن نعتققبر أنفسقنا ُمتعّمقيقن فقي اليهودّيقة وكنقا نشقيطين فقي‬
‫الطائفة اليهودّية هنا وفي كل مكان عشنا فيه سابقًا‪ .‬وقد عّلمت في مدرسة يهودّية لمّدة خمققس سققنين‪.‬‬
‫وهذه المعلومات تبّين أننا لسنا يهودًا منحرفين‪.‬‬
‫صة طويلة مققن‬ ‫إن القرار الصعب الذي أخذناه بعدم ختان إبننا المولود في ‪ 18/9/1986‬جاء نتيجة ق ّ‬
‫الكتشافات بأن الختان أمر مزعج‪ .‬فبعد أن حضققرنا حفلققة ختققان فققي مونتريققال‪ ،‬أعربققت عققن عققدم‬
‫إرتياحي لزميلتي السرائيلّية‪ .‬فأخبرتني أن أخاها قققد مققات بسقبب تقّيقح الققدم الناتققج عقن ختققانه عقام‬
‫‪ .1939‬وقد كانت هذه أّول مّرة أسمع فيها أن هناك مخاطر للختان‪ .‬ومنذ ذلك الوقت سمعت قصص قًا‬
‫كثيرة صدمتني ل ُتذَكر للمدعّوين إلى حفلة ختققان‪ .‬وقققد سققمعت أّمهققات يبحققن كققم هققن تعيسققات مققع‬
‫إحساس بالذنب لنهن سمحن بختان أولدهن ولكن لم يكن أمامهن أي مفر من ذلك‪.‬‬
‫وآخر دفعة جاءت بعد أن حضرت حفلة ختان َقبققل ميلد بنققتي بثلثققة أسققابيع عققام ‪ .1983‬لقققد كققان‬
‫الطفل شاحبًا وظل يصرخ لمّدة عشقرين دقيققة بينمققا كقان الطققبيب يختنققه‪ .‬وققد أغمققي علقى زوجققي‬
‫وبكيت دون إمكانّية السيطرة على نفسي‪ .‬عندها قّررت بأنني لن أسمح أبدًا بختان إبني‪.‬‬
‫‪Bivas: Private letter‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪81‬‬
‫وقد كان ميلد إبنتي تثبيتا لقناعتي‪ .‬لقد كانت صلتي بها شديدة بعد أسبوع مققن ولدتهققا حّتققى إنققي لققم‬
‫أكن أتصّور السماح لحد بإيلمها‪ .‬وعندما حملت ثانية بّينت الفحوصات بأنه ذكر‪ .‬وعندها أحسسققت‬
‫بخيبة المل لني لم أكن أعرف كيف يمكنني أن أستمر في الحياة دون ختان إبني اليهودي‪ .‬وأنا أفهم‬
‫ك‪ .‬لقد قضيت كل أوقات حملي وأنا أبكي وأراجع وأفّكر وأقرأ عن الختان‪.‬‬ ‫أن القرار صعب جّدا ل ِ‬
‫صلنا إلى تبرير بسيط‪ .‬نحن ل نّتبققع القواعققد اليهودّيققة ول نقبققل التعّهققد‬ ‫وبعد كل قراءاتنا ونقاشاتنا تو ّ‬
‫صقة بالطعقام أو‬ ‫بإّتباع كل أوامقر الق‪ .‬فققد تفاوضقنا فقي كقل المقور‪ .‬فنحقن ل نحقترم القواعقد الخا ّ‬
‫السبوت‪ .‬والختان هو أمر مقّدس صادر عن إيمان ولكّنه ل يّتفق مع إيماننققا‪ .‬فنحققن ل نققؤمن بحرفّيققة‬
‫أوامر ال ول نحترم الوامر الخرى كغيرنا من اليهود المريكّيين‪ .‬وقد شققعرنا بققأن إتمامنققا الختققان‬
‫رغم عدم إّتباعنا القواعد اليهودّية هو عبث بالمقّدسات‪.‬‬
‫إننا مقتنعون أن أكثر اليهود ل يقومون بالختان عن إيمان بل إحترامًا للعادات‪ ،‬معتبرين إّياه ممارسة‬
‫ثقافّية وليس دينّية‪ ،‬تشّبها بغيرهم من اليهود‪ .‬وقد أحسسنا أن الختان كممارسة ثقافّية هو عمققل بققدائي‬
‫جّدا‪ .‬فهو من العصر الحجري ثم أصبح بالمر القذي أعطقي لبراهيقم طقسقًا للخصقب‪ .‬وكقان بقدي ً‬
‫ل‬
‫ضرا لعادة الخصي الذي كان يمارسه جيراننا الفلسطينيون في ذاك الوقت‪.‬‬ ‫متح ّ‬
‫وقد بّررنا قرارنا بعدم الختقان علقى أسقاس أن الختقان مقن متبّقيقات الضقحايا الدموّيقة فقي اليهودّيقة‬
‫القديمة‪ .‬ونحن اليهود العلمانيون ل يمكننا أن نقبل إستعمال أولدنا كضحّية‪ .‬فالدم هو أمر أساسي في‬
‫طقس الختان‪ .‬حّتى أن الذي يتحّول لليهودّية مختونًا يهرق دم من حشفته‪ .‬كما أن الختان فققي المحيققط‬
‫الرثوذكسي يتضّمن مص دم الذكر إّما بالفم أو بأنبوب‪ .‬ومراسيم الختان عند اليهود الشرقّيين تطلب‬
‫من ال أن يتقّبل دم المختون كدم الضحّية في الماضي‪ .‬وكل هذا مخالف للذوق في نظرنا‪.‬‬
‫ك الرد عليها‪.‬‬ ‫ك وكيف يمكن ِ‬ ‫سوف أناقش بعض النقاط التي ستطرح علي ِ‬
‫ل من إجباره على أخذ هذا القرار لحققًا‪ .‬ولكققن العيققب فققي هققذا‬ ‫‪ (1‬من الفضل ختان الطفل اليوم بد ً‬
‫المر هو أن الختان ل رجعة فيه‪ ،‬بينما من بقي سليمًا يمكققن أن يرجققع عققن سققلمة جسققده‪ .‬وبمققا أن‬
‫الختان بدأ بالنحدار في الوليات المّتحدة‪ ،‬فققإنه سققوف يقققارن نفسققه مققع أصققدقائه غيققر المختققونين‪.‬‬
‫ختققن لنققه يهققودي‪ ،‬فسققوف يّتهمققك‬ ‫ت لققه أنققه ُ‬
‫وعندها ل وسيلة له ليققتراجع عققن الختققان‪ .‬وإذا شققرح ِ‬
‫بالمراءاة إذا كنت ل تعيشين حياة دينّية أرثوذكسّية‪ .‬وسوف يكون من حّقه أن يغضب‪.‬‬
‫‪ (2‬إن الطفل ل يحس باللم لن أعصابه ليست نامية‪ ،‬أّما لحقًا‪ ،‬فسوف يتحّتم إسققتعمال المخ قّدرات‪.‬‬
‫سقون‬ ‫غير أن الكاديمّية المريكّية لطب الطفال قّررت في سقبتمبر مقن عقام ‪ 1987‬أن الطفقال يح ّ‬
‫باللم وأن ل إثبات علمي بأن عدم نمو أعصابهم يمنع إحساسهم باللم‪ .‬وقققد ققّررت بققأنه يجققب عققدم‬
‫إجراء أّية عملّية دون تخدير‪ .‬والبالغ يمكنه أن يعي ما يجري عليه ويمكققن إجققراء التخققدير موضققعيًا‬
‫عليه ويمكن أن يعطى المهّدئات بخلف الطفل‪.‬‬
‫‪ (3‬سيكون الطفقل غيقر المختقون ولققدًا أحمققًا بيقن اليهققود‪ ،‬وسقوف يسقتحي مقن نفسقه ولقن يقتزّوج‬
‫بيهودّية‪ .‬ورغم أن معطياتي في المر قليلة )ثلثة يهود بالغين وسّتة يهود مراهقين(‪ ،‬فققإنني لققم أجققد‬
‫أي أساس لهذا القول‪ .‬وقد تزّوج البالغون نساءًا يهودّيات وكان لهم هوّية يهودّية أقوى من المعتاد‪.‬‬
‫ساسققا جقّدا مققن جسققمه‪.‬‬ ‫‪ (4‬يقول الرجل‪ :‬لقد تم ذلك وأنا مسرور بذلك‪ .‬ولكّنه في الحقيقة فقد جزءًا ح ّ‬
‫طققي الحشققفة وتحميهققا‪ .‬والحشققفة هققي جسققم نققاعم‬ ‫فالغلفة ليست عضوًا جانبيًا كما يعّلموننققا‪ .‬فهققي تغ ّ‬
‫ومخاطي مثل داخل الخد‪ .‬وحشفة المختون تصبح ست مّرات أكثر تصلبًا من حشفة غير المختون‪.‬‬
‫ك‪ .‬وهققا أنققا‬‫إني آمل أن تكون هذه المعلومات مفيدة للتعاطي مع نقققاط النقققاش الهققم الققتي سققتثار معق ِ‬
‫ك الوثائق التي أرسلها لك‪ .‬هناك مقالت مققن مصققادر يهودّيققة تققبّين أن التشققكيك بالختققان لققه‬ ‫اشرح ل ِ‬
‫سوابق‪ ،‬وأن الختان عملّية بدائّية ولها معنى التضحية‪ ،‬وأن الهقل تنقّدموا علقى إجقراء الختقان‪ .‬كمقا‬
‫ك قائمة بأهالي يهود إّتصلوا بي وعدد من الطقوس الدينّية البديلة لدخول العهد وتسمية الطفل‬ ‫أرسل ل ِ‬
‫وقائمة بطوائف اليهودّية النسانّية‪ .‬وهؤلء ل يساندون الختققان‪ ،‬وقققد تجققدين بينهققم مققن يقبققل بالقيققام‬
‫صققة بعلققم النسققان‪.‬‬ ‫بمراسيم تسمية الطفل‪ .‬كما أرفق طّيه عددًا من المقالت الطّبيققة والقانونّيققة والخا ّ‬
‫وهناك مقال عنوانه‪» :‬الختان إسققاءة معاملققة للطفققال‪ :‬وجهققة نظققر قانونّيققة ودسققتورّية« ]‪ .[...‬كمققا‬
‫ك لكي تشرحي‬ ‫ك الرسالة التي َبعثُتها لهلي‪ .‬وأنصحك بأن تتكّلمي مع أهلك مبّكرا خلل حمل ِ‬ ‫أرسل ل ِ‬
‫ك مع الوثائق لن عدم ختان الطفل يحدث صدمة لديهم‪.‬‬ ‫لهم موقف ِ‬

‫‪82‬‬
‫أعطيك أيضًا نصيحة كيف يمكنك أن تعملي دخول العهد دون ختان‪ .‬إلتجئي إلى حاخام مسؤول عققن‬
‫مجموعة دينّية »خفورة« ولكن ليس له رعّية‪ .‬فهو ليققس لقه مققا يخسققره إذا مققا قققام بمثققل هققذا العمققل‬
‫الشاذ‪ .‬وقد كانت تجربتنا مع الحاخامات العتياديين‪ ،‬حّتى المتحّررين جّدا‪ ،‬لنهم كانوا غيققر لطيفيققن‬
‫بتاتًا‪ .‬فقد طلب زوجان من أحد رجال الدين المجقّددين إقامقة حفلقة تسققمية الطفققل بعقد صقلة السققبت‬
‫تل‬ ‫ك محاولققة ذلققك إذا كنق ِ‬ ‫فسكت تمامًا عن الختان‪ .‬ورّبما كان هققذا يعتقققد أن الختققان قققد تققم‪ .‬فيمكنق ِ‬
‫ك أن تطلقبي مقن صقديق أو أب أو جققد بققأن يققوم بققدور رئيقس الطقققس‪.‬‬ ‫تظّنين أنه خداع‪ .‬كمققا يمكنق ِ‬
‫ك أن تحصققلي علققى‬ ‫ك الّتصال بطائفة اليهود النسقانيين فققي منطقتقك‪ .‬وعلقى كقل حققال يمكنق ِ‬ ‫ويمكن ِ‬
‫شهادة تسمية للطفل رسمّية جّدا مقابل نصف دولر من مكتبهم الرئيسي في »ميتشيجان«‪.‬‬
‫وقد عملنا لطفلنا دخول العهد دون ختان‪ .‬فقد كان لنا صديق وهو رجل دين مجقّدد ويققرأس مجموعققة‬
‫دينّية‪ .‬وقد أتم المراسيم حسب طقس حّورناه‪ .‬وقد كان لطيفًا جّدا‪ .‬وهنققاك أيضقًا أخققوان متققدّينان مققن‬
‫الحاسديم من تّيار الجيل الجديد‪ .‬وقد حضر أحدهما وقام بالتراتيل‪ .‬وقد أرسل لي المعّلققق الطّبققي فققي‬
‫التلفزيون في »سان فرانسيسكو« طاقم تصوير‪ .‬وهو طبيب يهودي لققم يختققن إبنققه الصققغر‪ .‬وهكققذا‬
‫كان عندنا شريط فيديو ممتاز عن حفلة دخول العهد‪ .‬وإذا أردت إسققتعارته‪ ،‬اّتصققلي بققي هاتفيقًا‪ .‬وقققد‬
‫كان الحظ بجانبنا إذ وافق أهلنا وأخواتنا على قرارنا بسهولة‪ .‬إني أتفّهم أن الخققوف مققن فقققدان محّبققة‬
‫واحترام العائلة ُيصّعبان أخذ القرار‪ .‬ونحن قد فقدنا كثيرًا مققن أصققدقائنا وكققان هققذا أمققرًا قاسققيًا جقّدا‬
‫علينا‪.‬‬
‫ل‪ .‬فاعتبري نفسك رائدة تعطي المثال الطّيققب للغيققر‬ ‫ظا سعيدًا وميلدًا موّفقا إن كنت حام ً‬ ‫كح ّ‬ ‫أتمّنى ل ِ‬
‫حّتى وإن كان القرار صعبًا‪ .‬إني أعتقد أن إبني سيكون عارفًا للجميل لني تركته سليمًا‪.‬‬
‫إني اقّدر جّدا أي تعليق على الوثائق التي أرسلها لك حّتقى أتمّكقن مققن إضقافة أو حققذف البعقض فققي‬
‫ك أن ترسلي لي خمسة جنيهات مقابل تصققوير الوراق إن كققان‬ ‫مراسلتي القادمة‪ .‬كما اقّدر إن أمكن ِ‬
‫‪1‬‬
‫ك أن تقرئي الكتب التالية لمؤّلفين يهود ‪.‬‬ ‫ذلك في إمكانك‪ .‬وإني أنصح ِ‬
‫بكل إخلص‬

‫وفي رسالة أرسلها حاخام يهودي إليها عام ‪ 1992‬نقرأ‬


‫عزيزتي ناتالي‬
‫أشكرك على إرسالك النصوص المطبوعة‪ .‬أرفق طّيه شيك بمبلغ ‪ 36‬دولرًا‪ .‬هل يمكنقك أن ترسققلي‬
‫إلى أمي نسخة من هذه الوثائق بأسرع وقت ممكن؟‬
‫إعتمادًا على أبحاث قمت بها‪ ،‬أجد أنه ل يوجد تقبرير للختقان مقن نظقرة العلقم والطقب وعلقم النفقس‬
‫وعلم العصاب‪ .‬إنها عملّية طّبية تبحث عن سبب‪ .‬ومن الجهة السلبّية‪ ،‬فققإن الختققان يحققرم الشققخص‬
‫حي دون موافقققة مسققتنيرة‪ .‬ومققن‬ ‫من وظيفته الجنسّية الطبيعّية‪ .‬وهققي أيضقًا قضققاء علققى عضققو صق ّ‬
‫حة الطفققال فققي أّيقة وليققة مقن‬‫الوجهة القانونّية‪ ،‬الختان هو جريمققة يمكققن عقققابه حسققب قققانون صق ّ‬
‫حّرم القسوة والبتر‪.‬‬‫الوليات المّتحدة وهو خرق للقانون الدولي الذي ُي َ‬
‫هل يمكن تبرير الختان من النظرة الروحّية؟ هذا المر لم يتم البرهنة عليه بصورة ترضققيني‪ .‬هنققاك‬
‫كثير من الناس المتطّورين روحّيا الذين ليسوا مختونين‪ ،‬وهناك كثير من المتخّلفين روحّيا رغم أنهم‬
‫مختونون‪.‬‬
‫هل يمكن تبرير الختان من منظور الثقافة اليهودّية؟ رّبما يكون هققذا السققبب الوحيققد‪ .‬بطبيعققة الحققال‪،‬‬
‫الختان ليس ضرورّيا لكي يكققون النسققان يهودّيقا )إذ إن الشققرط الوحيقد هقو القولدة مقن أم يهودّيقة‬
‫والنساء لسن مختونات(‪ ،‬ولكّنها عادة ترجع لعّدة آلف من السنين‪ .‬إني أرى أن ضرورة هذه العملّية‬
‫أمر شخصي وقرار شخصي كما هو المر بخصوص العادات اليهودّية الخرى‪ .‬وكحاخققام‪ ،‬ل أرى‬
‫أن موافقتي لزالة غلفة إبني تجعل مّني شخصًا أفضل‪ .‬وإذا أحس إبني أن الختان يجعل منه شخص قًا‬
‫أفضل‪ ،‬فيمكنه أن يقّرر بذاته عندما يصبح بالغًا‪ .‬إني ل أعتقد أن لي الحق فققي أن أزعققج أو أغّيققر أو‬
‫حته والمحافظة عليها‪.‬‬ ‫أضعف جسده‪ .‬ل بل من واجبي حماية وتحسين ص ّ‬

‫‪Circumcision: an American Health Fallacy, by Edward Wallerstein; Symbolic Wounds, by‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bruno Bettelheim; Moses and Monotheism, by Sigmund Freud‬‬


‫‪83‬‬
‫إن إلهي هو إله محّبة‪ ،‬ل يفرض ألمًا ووجعًا ل داعي لهمققا‪ ،‬ول يطلقب تضقحية وعقابقًا للقذات‪ ،‬وققد‬
‫طط َقَدَرنا‪ ،‬وزرع في نفس النسانّية الرحمققة والفهققم‪ ،‬وخلققق‬
‫حكمة لكي نخ ّ‬
‫زرع في عقل النسانّية ال ِ‬
‫جسدنا باهتمام وحلم كبيرين‪.‬‬
‫صقر داخققل‬
‫وحّتى إن إقتنعت أن الختان أمر جّيد لبني‪ ،‬فإني لن أوافق على ختانه‪ .‬إني ل أريد أن ُأح َ‬
‫علبة الخرافات والخوف والجهل‪.1‬‬

‫د( رأي مريم بولك‬

‫في مقال تشرح فيه نظرتها للختان كامرأة‪ ،‬تقول هذه السقّيدة اليهودّيققة المريكّيققة إن الختققان هققو فققي صققميم عققدم‬
‫المساواة بين الذكور والناث فققي اليهودّيققة‪ .‬فهققو للققذكور علمققة إنتمققاء للشققعب أو اليمققان اليهققودي‪ .‬أّمققا للمققرأة‬
‫اليهودّية فإنه قد يكون له معنى إلى أن تحمل‪ .‬وعندها ترتجف في أحاسيسها الداخلّية آملة بأن يكون المولود أنققثى‪.‬‬
‫فكثير من الّمهات اليهودّيات أحسسن بهذه المشكلة بخجققل‪ .‬نحققن ل نخجققل مققن إنتقققاد الختققان‪ ،‬ولكققن نخجققل مققن‬
‫التعبير عن شعورنا لن في ذلك تصّد لعادات أجيال كثيرة سبقتنا ومس بالهوّية اليهودّية وتعريضها للخطر وخلققق‬
‫مشاكل مع الهل ودخول منطقة يسيطر عليها الرجال والتصادم معهم‪ .‬فالثمن الذي تدفعه الم اليهودّيققة إن أرادت‬
‫التصارع في هذا الموضوع باهظ جّدا‪ .‬وكل مّنا تعرف أنها إذا رفضت ختان إبنها فقد ُتنبذ من شعبها‪ .‬وقققد ختنققت‬
‫أبنائي لهذا السبب وصراخهم ما زال عالق في ذهني‪.‬‬

‫حية التي أّدت دون أساس علمققي إلققى إنتشققار الختققان فققي الوليققات المّتحققدة‬ ‫وتشرح المؤّلفة السباب الطّبية والص ّ‬
‫ساسا من جسمه‪ .‬والوظائف الطبيعّية إذا مققا تققم تعكيرهققا فققإن العقققل والققروح‬ ‫وكيف أن الختان يفقد الذكر جزءًا ح ّ‬
‫يتعّكران أيضًا‪ .‬وأمام بتر إبنها‪ ،‬تتأّلم الم وتتحّرق‪ ،‬وَمن حولها يحققاولون إقناعهققا بأنهققا تنفعققل أكققثر مققن اللققزوم‪،‬‬
‫متجاهلين شعورها وشعور إبنها‪ .‬والبناء الذين ل يصرخون تحت الختان قد يكونوا تحت التخدير بسققبب المخ قّدر‬
‫صة بسبب فقدان الثقة التي تنتققج عققن فصققله‬ ‫الذي أعطي لّمهم خلل الولدة‪ .‬والختان يترك عندهم أثرًا نفسّيا‪ ،‬خا ّ‬
‫خل للدفاع عنه‪.‬‬ ‫عن أّمه وقطعه دون أن تتد ّ‬

‫وتشرح المؤّلفة كيف أن الختان كان موجودًا َقبل اليهودّية وكيف أن الرجل هو الذي كان مسققيطرًا علققى المجتمققع‬
‫صققة لسققارة أّمققه‪ .‬فقققد تققم‬
‫اليهودي‪ .‬فقد طلب ال من إبراهيم أن يقّدم إبنه إسققحاق ذبيحققة لققه‪ ،‬ول ِذكققر فققي هققذه الق ّ‬
‫تجاهلها تمامًا‪ .‬والنص التوراتي يتكّلم عن إسحاق وكأنه إبن إبراهيم وحده بينما لبراهيم أيضًا إسماعيل‪ .‬فإسققحاق‬
‫هو البن الوحيد لسارة ورغم ذلك فقد تجاهلها النص تمامًا في قرار تقديم الذبيحة‪ .‬وقد نجح إبراهيم ليس فقققط فققي‬
‫حكققم المّيتققة وأصققبح إبراهيققم أبقًا‬ ‫إمتحان قبوله تضحية إبنه بل أيضًا في تجاهل إمرأته‪ .‬وهكذا أصبحت سارة فققي ُ‬
‫للمم‪ .‬ولكن بقي أثر لدور المرأة إذ ُيعتبر اليهودي من ولد من أم يهودّيقة‪ .‬وقققد جققاء الختقان لكققي ينققافس ققّوة الم‬
‫ويربط الطفل بقومه من خلل قضيبه‪ .‬وقد تم التشديد في أسلوب عمل الختان لتثبيت الهوّية اليهودّية رغققم أن هققذه‬
‫ضلوا البقققاء علققى الختققان حّتققى ل يققذوبوا بالشققعوب الخققرى‪.‬‬ ‫العلمة سّببت إضطهاد الشعوب لليهود‪ .‬فاليهود ف ّ‬
‫وانتقاد الختان يعتبر اليوم تصّديا للهوّية اليهودّية وتعريضها للخطقر‪ ،‬وكقل نققد للختقان أصقبح يقدخل تحقت خانقة‬
‫معاداة السامّية‪ .‬وبقي الختان أسلوبًا لفصل الطفل عن أّمه والتعّدي على سققلطتها ورباطهققا مققع إبنهققا‪» :‬أيتهققا الم‪،‬‬
‫ليس في إمكانك حماية إبنك«‪ .‬فتجبر الم على التخّلي عن شعورها كأم وتترك إبنها للذكور‪ .‬والم كمققا فققي ختققان‬
‫الناث‪ ،‬تتخّلى عن إبنها وبنتها وتقبل قطعها حماية لقبيلتها‪ .‬ومن الغلط إستعمال كلمة ختان الذكور والنققاث‪ .‬فهققذه‬
‫سف واقع على الطفال‪.‬‬ ‫كلمة ل معنى لها‪ .‬إن ما يجرى هو في حقيقة المر بتر أعضاء جنسّية وتع ّ‬

‫وتحاول المؤّلفة التحايل على القواعد الدينّية اليهودّية المرة بالختان مبرهنة بأن ما يجرى مخالف للقواعد الدينّيققة‬
‫اليهودّية مثل إحترام حياة وجسم النسان‪ .‬حّتى السبت يمكققن أن ُيققتَرك لهققذا الهققدف‪ .‬والتققوراة والتلمققود يفرضققان‬
‫الرحمة حّتى للحيوان‪ .‬وكذلك يجققب عقدم تخريقب ثمقار الرض حّتقى فقي زمققن الحقرب‪ .‬والختققان مخقالف لهققذه‬
‫الوصّية‪.‬‬

‫ل‪ .‬ولذلك يجب إعادة النظققر فققي‬


‫ل للتكميل وليس دينًا كام ً‬
‫وتضيف المؤّلفة بأنه يجب إعتبار الدين اليهودي دينًا قاب ً‬
‫الختان وفي مركز المرأة في اليهودّية‪ .‬فيجب عمل مراسيم دينّية غير عنيفة تتم على الذكور والناث على السواء‪،‬‬
‫‪Singer: Private letter‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪84‬‬
‫وعمل عهد دون قطع )بالعبرّية‪ :‬بريققت بل ميل(‪ ،‬ويجققب أن نسققاعد الرجققل فققي كفققاحه لمراجعققة فكققرة الققذكورة‬
‫المبنّية على الخوف من النساء‪.1‬‬

‫وتذكر المؤّلفة في مقال آخر أن الختان كما ُيمارس اليوم يختلف تمامًا عن الختققان كمققا كققان يمققارس َقبققل العصققر‬
‫الغريقي والروماني‪ .‬فقد كان الختان يتم ببتر الجزء الذي يزيد عن الحشفة‪ ،‬مّما يعني تققرك جققزء كققبير مققن جلققد‬
‫الذكر سليمًا‪ .‬وهذا كان يسمح لليهود أن يمّدوا جلد القذكر لتغطيقة الحشقفة فققي اللعققاب الولمبّيقة وتفقادي سققخرية‬
‫الغريقيين والرومان منهم واضطهادهم‪ .‬وعند ذلك قّرر رجال الدين اليهود ممارسققة الختققان بأسققلوب أكققثر ش قّدة‬
‫ببتر أكبر كّمية ممكنة من جلد الذكر لمنع مد الجلد‪ .‬وكان هذا تحّدي للضطهاد ولموقف العداء ضد اليهود وتثبيت قًا‬
‫لهوّيتهم خوفًا من الندماج في المجتمعات التي تحيط بهم‪ .‬ولذلك ُأعتِبر كل تعّدي على الختققان تعقّديا علققى الشققعب‬
‫اليهودي‪.2‬‬

‫وُتنكر المؤّلفة أن الختان هو تثبيت للهوّية اليهودّية‪ .‬فهناك يهود مختونقون ل صققلة لهقم باليهودّيقة‪ .‬كمققا أن النسقاء‬
‫اليهودّيات حافظن على هوّيتهن اليهودّية عبر القرون رغم أنهن غير مختونات‪ .‬ولذلك للختان معنققى غيققر الهوّيققة‬
‫القومّية أو الروحّية‪ .‬إنه مرتبط بسيطرة الرجل على المرأة‪ .‬فهو يبطل سلطة الم بفصل الطفل عنهققا وإيققذائه دون‬
‫تمّكنها من الدفاع عنه في أشد الوقات تعّلقا بطفلها‪ ،‬أي بعد ميلده‪ .‬فالسقّكين المصقّوب إلققى ذكققر الطفققل هققو فققي‬
‫حقيقته مصّوب إلى قلب ونفس الم‪ .‬والختان هو جرح للم وإخضاع لها‪ .‬فبالختان يتم توجيه خطققاب للم فحققواه‪:‬‬
‫»إن سلطتك على الذكور محدودة وهذا الطفل ينتمي إلى الرجال«‪ .‬وهكذا يتم تشويش العلقة بين الرجققل والمققرأة‬
‫وبين الطفل وأّمه‪ .‬وفصل الطفل عن أّمه هو مقّدمة لفصله عنها ثانية عندما ُيجَبر على اللتحاق بالجيش‪.3‬‬

‫وتعيد المؤّلفة أن الختان وسيلة لضعاف اللّذة الجنسّية كما يقول إبن ميمققون‪ .‬فالختققان إذًا هققو عملّيققة ضققد أمريققن‬
‫يخاف منهما اليهودي‪ :‬المرأة والجنس‪ .‬فالختان هو ضققرورة للمجتمققع الققذكوري‪ ،‬ولكّنققه ليققس أمققرًا مقّدسققا‪ .‬وهققو‬
‫مخالف لمبادئ إحترام الحياة وعدم إيذاء الحي الذي تقول به الشريعة اليهودّية‪.4‬‬

‫وتطالب الكاتبة اليهود بأن يطرحوا موضوع قدسّية الختان‪ .‬وتقول للذين يّدعون أن الختان هو تعققبير عققن بقققائهم‪،‬‬
‫إن اليهودّية بقيت رغم الوقات العصيبة خلل ‪ 4000‬سنة بسبب مقدرتها على التطقّور‪ .‬وقققد تققم حققذف التضققحية‬
‫طرد اليهود من وطنهم فإنهم حافظوا على هققوّيتهم دون أرض ودون هيكققل‪ .‬وقققد‬ ‫الحيوانّية‪ .‬وبعد أن ُهِدم الهيكل و ُ‬
‫ل في عقولهم وليققس فققي قضققيبهم‪ .‬تضققيف بققأنه‬ ‫حمل اليهود معهم ثقافتهم ولغتهم وموسيقاهم‪ .‬فأصبح دينهم محمو ً‬
‫جه ضقد العضقاء‬ ‫خل لنمنقع السقّكين المقو ّ‬
‫كما أن الملك أوقف يد إبراهيم لكي ل يذبقح إبنقه‪ ،‬علينقا أيضقًا أن نتقد ّ‬
‫الجنسّية لطفالنا البرياء‪ .‬وهكذا نقّرر ما هو مقّدس في عاداتنا‪.5‬‬

‫هـ( رأي نلي كارسنتي‬

‫ل حقول موقفهققا المعققارض للختقان بعققد أن تقم ختقان‬


‫كتبت هذه الم اليهودّية المريكّية وزوجة لحاخام يهودي مقا ً‬
‫إبنها غصبًا عنها‪.‬‬

‫تقول هذه الم بأنها لم تكن تتوّقع أن يثير رفضها للختان معارضة شديدة‪ .‬فكققأم يهودّيققة‪ ،‬كققان عليهققا أن تقبققل تلققك‬
‫ل مقن‬ ‫الممارسة دون أي سؤال‪ .‬وكل من يتعّرض للختان ُيسّكت بعنف‪ .‬فقد مارس اليهود الختان وَقبلوا المقوت بقد ً‬
‫تركه‪ .‬وكل رفض للختان هو تدنيس لموقف اليهود‪ .‬وعنققدما يتكّلققم اليهققودي عققن الختققان‪ ،‬يققذكر بققأنه أمققر سققعيد‪،‬‬
‫وسريع ودون ألم‪ .‬وكل كلم عن عملّية جراحّيقة تتقم دون تخقدير وتسقّبب اللقم يقثير الغضقب عنقد اليهقود‪ .‬ومقن‬
‫المحّرمات التكّلم عن المشاكل الطّبية التي يسّببها الختان‪ .‬وحقيقققة المققر أن أكققثر النققاس الققذين يحضققرون عملّيققة‬
‫الختان يتفادون النظر إلى العضاء الجنسّية للطفل عندما ُتقطع‪.‬‬

‫‪Pollack: Circumcision: a jewish feminist perspective‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Pollack: Redefining the sacred, p. 166‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Pollack: Redefining the sacred, p. 167‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Pollack: Redefining the sacred, p. 169‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Pollack: Redefining the sacred, p. 172‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪85‬‬
‫ضققح أنهققا‬
‫وتذكر هذه الم أنه بعد إبداء رفضها للختان إستلمت عددًا كققبيرًا مققن الرسققائل والّتصققالت الهاتفّيقة تو ّ‬
‫ليست وحدها التي ترفض عملّية الختان‪ .‬فكثير من الققذين إّتصققلوا بهققا إعتققبروا أن أحاسيسققهم ل تؤخققذ بالحسققبان‬
‫وأنهم يّتهمون في إنتمائهم لليهودّية وأن ل معين لهم في محنتهم هذه‪ .‬وتذكر هذه السقّيدة السققباب الققتي مققن أجلهققا‬
‫ترفض الختان‪:‬‬

‫‪ (1‬اللم‪ :‬يحلو لليهود إعتبار الختان الذي يجري في المستشققفيات عملّيققة مؤلمققة‪ ،‬بخلف الختققان الققذي يتققم دينّيققا‪.‬‬
‫ولكن في الحقيقة أن كل ختان مؤلم‪ .‬فالغلفة ملتصقة بالحشفة في السنين الولى ويجب فصلها بقّوة عن الحشفة‪ .‬ثققم‬
‫يتم قطعها دون اللجوء إلى مخّدر رغم أن هذه الجلدة مققن أكققثر أعضققاء الجسققد حساسقّية‪ .‬والطفققل يتققأّلم مققن هققذه‬
‫العملّية كما هو واضح من خفقان قلبه ومن تنّفسه ومن تغّير تصّرفاته في الكل والنوم‪ .‬ويرد اليهود على ذلك بققأن‬
‫ألم الطفل يأتي من ربطه أو من الضاءة في الغرفققة أو مققن برودتهققا أو حرارتهققا‪ .‬وهنققاك مققن يضققيف أن الق ل‬
‫ل بالنسبة للفوائد‬ ‫يمكنه أن يقبل بألم الطفل‪ ،‬وعليه فالطفل ل يتأّلم‪ .‬والبعض يعترف بوجود ألم ولكن يعتبرونه ضئي ً‬
‫حية الناتجة عن الختان‪ ،‬وأن اللم الناتج عن الختان هو مقّدمة لللققم الققذي يحيققط بالطفقل فقي حيققاته‪ .‬واليهققود‬‫الص ّ‬
‫يبذلون جهدًا كبيرًا لنكار وجود ألم في الختان رغم حدوث وفاة أطفال بسببه‪.‬‬

‫علمًا بأن الختققان لققم‬


‫حية ِ‬‫‪ (2‬عملّية الختان عملّية جراحّية غير ضرورّية‪ :‬ليس هناك حاجة لتبيين فوائد الختان الص ّ‬
‫حة أبدًا بل العهد بين ال وبين الشعب اليهودي‪ .‬ورغم ذلك فهناك يهود يختنون أطفققالهم فققي‬ ‫يكن مقصودًا منه الص ّ‬
‫حية ناسين أن هذا الختان ل قيمة دينّية له‪ ،‬وناسين أيضًا أن الطفل يهودي لنه ولد من‬ ‫جة الفائدة الص ّ‬
‫المستشفى بح ّ‬
‫أم يهودّية وليس لنه مختون‪ .‬فهناك خلف بين المعمودّية التي تجعقل مقن الطفقل مسقيحّيّا‪ ،‬وبيقن الختقان القذي ل‬
‫ل‪ .‬ولكققن الوليققات‬ ‫حية هو لجعل الختان أكققثر مدنّيققة وأكققثر قبققو ً‬‫يجعل من الطفل يهودّيا‪ .‬وتذّرعهم بالسباب الص ّ‬
‫حية بينما الدول الخرى ترفض ذلك تمام قًا وتسققتهجنه‪.‬‬ ‫المّتحدة هي الدولة الوحيدة التي تمارس الختان لسباب ص ّ‬
‫‪ %80‬من ذكور العالم غير مختونين وقد بققدأت نسققبة الختققان بققالهبوط‪ .‬وقققد تققذّرعت أمريكققا بحجققج كققثيرة كّلهققا‬
‫حية‪ .‬والختققان ليققس فقققط ل فققائدة‬ ‫خل طّبي والغلفة لها فوائدها الص ّ‬ ‫ُرفضت‪ .‬فالعضو الجنسي سليم ل يحتاج إلى تد ّ‬
‫حية له‪ ،‬ل بل ُيعّرض الطفل إلى عدد من المخاطر المرتبطة بكل عملّية جراحّية‪.‬‬ ‫صّ‬

‫خذ رأيه ول نعققرف مققا إذا كققان يريققد أن‬ ‫‪ (3‬عدم موافقة الطفل‪ُ :‬يمسك الطفل وُيَعّرى وُيقطع أمام جمع دون أن ُيؤ َ‬
‫يشارك في مراسيم دينّية تجعل منه طرفًا في عهد مع ال وعضوًا في الشعب اليهودي‪ .‬وهنققاك يهققود يقولققون بققأن‬
‫شققى حقول‬ ‫الهل يفرضون عّدة أمورًا على الطفل دون موافقته مثل الققذهاب بقه إلققى المدرسققة‪ .‬كمققا أن الطفققل يتم ّ‬
‫المسبح عاريًا أمام الغير‪ .‬ولكن هل يمكن مقارنة هذين المرين بالختان؟ ولمققاذا يطلققب اليهققود مققن أطفققالهم مققا ل‬
‫يفرضونه على أنفسهم في مجال الممارسات الدينّية والمحافظة على الشرائع اليهودّية؟ لماذا هذه المراءاة؟ فهقؤلء‬
‫اليهود غير متدّينين‪ ،‬لذا يجب تذكيرهم بقول إبن ميمون بأنه يجب عدم عمل مثل هذه الممارسة إلّ لسباب دينّية‪.‬‬

‫‪ (4‬بتر العضاء الجنسّية‪ :‬إن اليهود ل يعتبرون الختان نوع من البتر‪ ،‬ولكن في حقيققة المقر هقو بقتر للعضقاء‬
‫الجنسّية مثله مثل بتر العضاء الجنسّية للفتاة والتي يرفضها المجتمع اليهودي والغربي‪ .‬والختان هو عملّية بدائّية‬
‫تتطّلب إنزال دم من الذكر وله رمز ديني قوي‪ .‬وهو صورة للعصر البدائي الذي بدأ فيققه‪ .‬حّتققى وإن إعتققبر تق قّدما‬
‫ل أنه مخالف للحساس النساني في عصرنا‪.‬‬‫بالنسبة للذبائح البشرّية إ ّ‬

‫‪ (5‬الختان عملّية ذكورّية‪ :‬إن الذكر له مكانة كبيرة فققي الفكققر اليهققودي‪ .‬وعمققل الختققان للققذكر يعنققي إبعققاد البنققت‬
‫والحط من مكانتها في مجتمع ذكوري‪ .‬وهذا المجتمع القذكوري يبعقد المقرأة اليهودّيقة عقن الحيقاة الدينّيقة بققوانين‬
‫خلقها الرجال‪ .‬والرجل اليهودي يشكر ال كل يوم لنه لم يخلقه إمرأة‪ .‬والمققرأة مققا زالققت فققي كققثير مققن الحققوال‬
‫جة حساسّيتها بعد عملّية الولدة‪ .‬ولكن إذا‬ ‫خادمة تقّدم الشاي والكعك‪ .‬والم عاّمة مستبعدة عن حفلة الختان تحت ح ّ‬
‫أعُتِبر الختان مؤّثرا على الم لماذا ل ُيعَتَبر الختان مؤّثرا على الطفل ذاته؟ وعاّمة ل يؤخققذ بالعتبققار شققعور الم‬
‫ساس ويستبعدونه‪ .‬وكققل رفققض للختققان ُيعَتَبققر‬ ‫في هذا المجال‪ .‬ورجال الدين ينسبون هذا الشعور إلى قلب الم الح ّ‬
‫مخالفًا لليهودّية‪ .‬وتذكر الكاتبة أن إحدى المدارس الدينّية )يشيفا( التي تبعتها في إسرائيل تقققول بققأن المققرأة ولققدت‬
‫مختونة‪ .‬ويقوم اليهود المتحّررون بمراسيم تسمية للبنت لموازاة عملّية ختان الذكور‪ .‬وهناك أيضاً من حققاول شققق‬
‫ل من المطالبة بعملّية توازي ختان الققذكور أن تنّمققي شققعورها وتحمققي‬ ‫غشاء بكارة البنت‪ .‬وعلى الم اليهودّية‪ ،‬بد ً‬
‫طفلها من الختان حّتى يتم تطوير مراسيم دينّية أكثر إنسانّية‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫سك اليهود بهذه العادة رغم أنهم يتركون الوامر الدينّية اليهودّية الخرى‪ .‬وتجيب على هذا‬
‫وتسأل الكاتبة لماذا يتم ّ‬
‫التساؤل بما يلي‪:‬‬

‫‪ (1‬عدم فصل الدين عن الجنسّية‪ :‬فاليهود‪ ،‬حّتى العلمانيون منهم‪ ،‬يرون ضرورة اللجوء إلى شققعائر دينّيققة لبققراز‬
‫الهوّية اليهودّية‪ .‬فاليهودي الذي ل يؤمن بال ُيخضع طفله للختان حسب أمر من ال الذي يرفضه‪.‬‬

‫‪ (2‬حاجة النسان إلى مراسيم في مراحل الحياة‪ :‬فاليهودي قد ل يضع رجله في الكنيس اليهودي ولكّنه يختن إبنه‪.‬‬
‫وقد ل ُيتم هذا الختان لسباب دينّية ورغم ذلك ُيتمه في اليوم الثامن‪.‬‬

‫‪ (3‬الختان علمة إنتماء لليهودّية أخف من المحافظة على الوامر الدينّية الخقرى كالقيقام بالصقلوات اليهودّيقة أو‬
‫صة بالطعام‪.‬‬
‫المحافظة على الوامر الخا ّ‬

‫ساسون أمام كل إضطهاد ومعادة للسامّية‪ .‬وبما أن الختان قد ُمنع وكان أحد أسباب العداء الذي لقققوه‪،‬‬ ‫‪ (4‬اليهود ح ّ‬
‫ضلوا المقوت علققى تقرك الختققان‪.‬‬
‫سك منهم بهوّيتهم‪ .‬فهم يعيدون عليك أن أجدادهم ف ّ‬ ‫فهم يعتبرون الختان علمة تم ّ‬
‫وترك الختان هو تدنيس لذكرى موتاهم‪ .‬ومعاداة الختان هو نوع من معاداة الهوّية اليهودّية‪ .‬والتساؤل حققول تققرك‬
‫الختان هو إعطاء النصر لهتلر بعد وفاته‪.‬‬

‫حية الناتجة عن الختان‪ .‬فكققثير مققن اليهققود يظّنققون أنققه بختققان أطفققالهم‬
‫‪ (5‬هناك خلط كبير بخصوص الفوائد الص ّ‬
‫ينجونهم من السرطان‪.‬‬

‫‪ (6‬الختان هو وسيلة للختلف عن المسيحّيين‪ .‬ورفض الختان يعني النتماء إلى المسيحّية‪.‬‬

‫تقول هذه الم اليهودّية إن هذه السباب لها جذور عميقة في النفسّية اليهودّية‪ .‬ورغم ذلك يمكن التغّلب عليها‪ .‬فعدم‬
‫الختان ل يعني رفض النتماء لليهودّية أو رفض العهد مع ال‪ .‬فالنساء ل ُتختن ورغم ذلك هن يهودّيققات‪ .‬وقققد تققم‬
‫وضع مراسيم دينّية جديدة دون قطع‪ .‬وهناك بعض رجال الدين اليهود الذين يقبلون المشاركة بمثل هذه المراسققيم‪.‬‬
‫فهناك كثير من الوسائل للحساس بالنتماء لليهودّية غير الختان‪ .‬واليهودّية إستمّرت عبر العصور رغم التغّيرات‬
‫ولن ُيؤّثر إلغاء الختان عليها‪ .‬ويمكن إعادة تفسير الختان كما تم تفسير أمور كثيرة في اليهودّية‪.1‬‬

‫و( رأي جيني جودمان‬

‫صصة بالمراض العقلّية إنها حضرت عّدة مّرات مراسيم ختان أطفال‬ ‫تقول هذه الطبيبة اليهودّية البريطانّية المتخ ّ‬
‫ل من أن تنظر إلى تكريم الخرين لهذه المراسيم الدينّية‪ ،‬كانت تنظر إلى الطفال الذين يتققأّلمون‪ .‬وهققي‬ ‫يهود‪ ،‬وبد ً‬
‫ترى في هذه المراسيم بقايا زيغ في قلب دين يؤّكد على الحياة‪ .‬وكل من تتكّلم معهم حول الختان من اليهود يظّنون‬
‫حة أو أمقر دينققي ل يقترك أّيقة مخّلفققات فقي الطفققل أو فققي الم‪ .‬وهقم يعتقققدون أن‬ ‫أن الختان قطع بسيط مفيد للصق ّ‬
‫صققة بهققم رغققم أن المسققلمين وكققثيرًا مققن‬ ‫اليهودّيققة سققوف تنهققار إذا مققا ألغينققا الختققان الققذي يعتققبرونه علمققة خا ّ‬
‫المسيحّيين والقبائل البدائّية السترالّية يمارسونه‪ .‬وإذا كان الختان هو المفتاح للهوّيققة اليهودّيققة‪ ،‬فمققا القققول إذًا فققي‬
‫‪ %52‬من النساء اليهودّيات التي ل ُتختن؟‬

‫حية ونفسقّية‬ ‫وتقول هذه الطبيبة إنها تشرح لمستمعيها عدم وجققود أّيققة فققوائد طّبيققة للختققان ل بققل فيققه مخققاطر صق ّ‬
‫وجنسّية للطفل‪ ،‬ويخلق توّتر فققي العلقققة بيققن الم وابنهققا‪ .‬وردود اليهققود والمسققلمين فققي هققذا الخصققوص يمكققن‬
‫سققون أنفسققهم فققي خطققر‬ ‫إختصارها بكلمة‪ :‬الخوف‪ .‬والمتزّمتون دينّيا يقولققون‪» :‬إنققه أمققر إلهققي وكفققى«‪ .‬وهققم يح ّ‬
‫ويققرّددون عليقك الققول بققأن الختققان ُمقوِرس خلل آلف السققنين ول يمكقن إلغققاؤه الن‪ ،‬وهقو جققزء مقن هوّيتنقا‪.‬‬
‫والجواب على ذلك أن آلف السنين ل تبّرر إيلم طفل وأن العادات الدينّية تتطّور‪ .‬ورغم إقتنققاع الغيققر بمققا تقققول‬

‫‪Karsenty: A mother questions Brit Milla‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪87‬‬
‫ل أنهم يبقون على قرارهم بأن يختنوا أولدهم لنه هناك إرهاب ثقافي ضققد مققن يريققد إيقققاف الختققان‪ .‬ولكققن بققدأ‬‫إّ‬
‫‪1‬‬
‫تحّول من الولء نحو القبيلة إلى الولء نحو الطفل ‪.‬‬

‫تضيف هذه الطبيبة أن الختان ُيبقي مخّلفات نفسّية في الطفل‪ .‬ولكن حّتى وإن لم يبق مثل تلققك المخّلفققات وإن كققان‬
‫ل أنه ل يحق لحد أن يعّرض الغير لللم‪ .‬هناك نوع من تكرار إنكققار اللققم فققي الختققان‪» :‬لققم‬ ‫اللم قصير المد‪ ،‬إ ّ‬
‫أتأّلم من الختان والختان لن يؤلمه«‪ .‬ولكن قليل من النققاس عنققده الشققجاعة ليعققترفوا بققأن أمققرًا مققا ينقصققهم وأنهققم‬
‫يتأّلمون‪ .‬فهناك ضغط جماعي عليهم‪.2‬‬

‫وتقول كيف أنه بعد عرض فيلم »فيكتور شونفيلد« الُمَعنون »إنققه صققبي« علققى شاشققة التلفزيققون البريطققاني فققي‬
‫سبتمبر ‪ 1995‬بدأت بعض السّيدات اليهودّيات يتكّلمن عن ألمهن وكأن الغطاء قد أزيل من فوق طنجققرة الضققغط‪.‬‬
‫وتذكر أن إحدى السّيدات لم تعد تقوى على إنجاب طفل آخر بعد أن كاد إبنها الّول يموت من النزيقف الناتقج عقن‬
‫الختان‪ .‬وتذكر أن البعض يلومونها لهجومها على الختان بينما اليهود حّتى في المعتقلت الجماعّيققة وتحققت خطققر‬
‫الموت كانوا يختنون أطفالهم تكريمًا للمر اللهي‪ .‬فتجيب بأن ألم اليهقود عقبر التاريققخ ل يمحققو ألققم طفلنققا اليققوم‪.‬‬
‫وأولئك كانوا قد قّرروا ختان أولدهم لعتقادهم بأنهم يقومون بما هو الفضل لهم‪ ،‬وهذا ل يمنع من أن نقوم نحققن‬
‫بعمل ما نظّنه الفضل أخلقّيا بتركنا أطفالنا سالمين‪.3‬‬

‫وتشرح كيف أن الختان كان قد ُمنع في المبراطورّية الرومانّية من ِقَبل أعداء اليهققود‪ .‬ولققذلك مققن يطققالب بإلغققاء‬
‫الختان في أّيامنا ينظر إليه وكأنه معاد للسامّية حّتى وإن كان هو نفسه يهودّيا‪ .‬ويعتبر البقاء علققى الختققان تعققبيرًا‬
‫عن بقاء اليهود عبر التاريخ‪ .‬ولذلك ُيعتبر نقد الختان تهديدًا لبقاء اليهود‪ .‬وتتساءل مقا هقي أهّميققة أمقر فقي العقلّيقة‬
‫‪4‬‬
‫اليهودّية الجماعّية يعود بألم على الطفل المختون؟‬

‫وتضيف بأنه تم تعليم الناس بأن ال تكّلم مع إبراهيم طالبًا منه ختان إبنه‪ .‬وهققي ل تريققد أن تنكققر أن الق تكّلققم مققع‬
‫إبراهيم‪ .‬ولكّنها تسمع صوتًا آخر ل يكّلمها ويجب عليها أن تتبع ضميرها في سقماع هققذا الصقوت يققول لهققا‪» :‬ل‬
‫تمد يدك إلى الصبي ول تفعل به شيئًا« )التكوين ‪ .(11:22‬وأرميا النبي يتكّلم عققن ختققان القلققب‪ .‬وهققذا هققو المققر‬
‫الوحيد الذي له معنى في أّيامنا‪ :‬بأن نذيب الصقدفة القتي تحيقط بقلوبنقا حّتقى نسقمع صققراخ أطفالنققا ونتوّققف عقن‬
‫إيلمهم‪ .‬واليوم نقوم نحن بختان أطفالنا بينما ل نفعل ذلققك مققع البققالغين لننققا ل نعتققبر الطفققال إنسققانًا‪ .‬وهققذا فققي‬
‫حقيقته تعّد على الطفل الذي له نفس حساسّية البالغ والذي هو إنسان كامل‪ .‬وكثيرًا ما يتم التعقّدي علققى الطفققل فققي‬
‫المستشفى الذي يضج باللت الحديثة‪ .‬وبعد أن تم إدخال أساليب ولدة بديلة أكثر إحترامقًا للم وللطفققل‪ ،‬فقإن الم‬
‫أصبحت أكثر إحساسًا بطفلها وأكثر مناعة أمام سطوة المستشفيات عليها‪ ،‬مّما يسمح لها برفض الختان‪.‬‬

‫ل‪ .‬فهو يتعّلق بتوعية البالغين حّتى يقروا فقي الطفقل‬


‫وتختتم الطبيبة قولها بأن مكافحة الختان ليس موضوعًا منفص ً‬
‫ل‪ .‬وهققذا الكفققاح‬
‫ضققر فع ً‬
‫ل يستحق كل الحترام والتكريم‪ ،‬وهذا نوع من التقّدم التاريخي في مجتمع متح ّ‬‫إنسانًا كام ً‬
‫‪5‬‬
‫ضرا ‪.‬‬
‫ضد الختان هو جزء من الكفاح لجعل العالم أكثر تح ّ‬

‫‪ (6‬إنتقال نقد الختان إلى إسرائيل‬


‫بالضافة إلى عدد من اليهود غير المختونين القادمين من الّتحاد السوفييتي‪ ،‬هناك في إسرائيل عشرات من أهالي‬
‫الطفال اليهود الذين يرفضون ختانهم‪ .‬فهم يعتقدون بأنه ليس من الضروري بتر غلفة الطفل حّتققى يصققبح يهودّيققا‬
‫سس بعض نشطاء حقوق النسققان فققي إسققرائيل جمعّيققة تققدعى‬ ‫إذ إن اليهودي هو كل من يولد من أم يهودّية‪ .‬وقد أ ّ‬
‫»جمعّية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم«‪.6‬‬

‫‪Goodman: Challenging circumcision, p. 175-176‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goodman: Challenging circumcision, p. 176-177‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goodman: Challenging circumcision, p. 177‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goodman: Challenging circumcision, p. 177‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Goodman: Challenging circumcision, p. 177-178‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪88‬‬
‫هذه الجمعّية تعتبر الختقان عملّيقة بدائّيققة وهمجّيقة‪ .‬وقققد رد عليهققم طققبيب ولدة إسقرائيلي فقي مستشقفى »شقآري‬
‫تصيديق« في القدس بأن الختان يحمي من المققراض ومفيققد للنظافققة‪ .‬وتجيققب الجمعّيققة بققأن عققدد الطفققال الققذين‬
‫يموتون بسبب الختان أكبر من عدد الطفال الذين ققد ينجقون مقن المقوت بسقبب المقراض القتي ققد يحمقي منهقا‬
‫الختان‪ .‬والختان ليس ضرورّيا للمحافظة على النظافة‪ ،‬فيكفي غسل الجسم للوصول إلى هذه الغاية‪ .‬وتضققيف بققأن‬
‫موسى إبن ميمون يرى في الختان وسيلة لضعاف اللّذة الجنسقّية‪ .‬كمققا أن الختققان عملّيققة مؤلمققة للطفققال تجققرى‬
‫عليهم دون موافقتهم وتسّبب لهم إضطرابات عقلّية‪ .‬والذين يقومون بالختان يحتفلققون ويفرحققون مققن حققول الطفققل‬
‫المختون دون أن يعيروا أي إهتمام للمه‪.‬‬

‫ومعارضة الختان في إسرائيل ليس بالمر البسيط إذ إن غير المختون ل ُيدفن في المقابر اليهودّية‪ .‬والهالي الذين‬
‫يرفضون ختان أطفالهم يلقون عنتًا كبيرًا مققن ِقَبققل أقققاربهم وأصققدقائهم الققذين يقطعققون العلقققات معهققم‪ .‬وهققؤلء‬
‫الهالي يلتقون مّرة كل أسبوعين لدراسة كيفّية تكثيف كفاحهم ضققد الختققان‪ .‬هققذا وقققد إنضققم لهققذه الحملققة المغنققي‬
‫والناقد الدبي السرائيلي »مناحيم بن« الذي يقول بأنه ختن إبنه على طريقتققه وذلققك مققن خلل ختققان القلققب كمققا‬
‫جاء في التوراة‪.‬‬

‫وقد تصّدى لهذه الحملة رئيس الحاخامات السرائيلي »الياهو باكشققي دورون« الققذي قققال بققأنه كققان يعلققم أن هققذا‬
‫سوف يحدث في آخر المر‪ .‬فقد إستولى بغض الذات على الشعب‪ .‬وفكرة أن كل ما هو يهودي هققو شققيء بغيققض‬
‫إمتد حّتى إلى الختان علمة العهد‪ .‬ويضيف أن ضرر الطفل الققذي يقّدعيه معارضققو الختققان ل يسققمح بالشققك فققي‬
‫عادة قديمة‪ .‬ويتساءل‪» :‬من هو الذي يقّرر بأن أمرًا ما بدائي وقديم ومؤلم؟ فالحمد ل أن الشعب اليهودي قد عققاش‬
‫على هذه الوتيرة منذ أجيال‪ .‬وحّتى أن كان صحيحًا أن الختان ينقص اللّذة الجنسّية‪ ،‬فهذا ليس مصيبة كبرى«‪.‬‬

‫وقد كتب لي أمين عام هذه الجمعّية رسالة بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1997‬يقول فيها إن جمعّيته »تأخققذ موقف قًا مشققمئزاً‬
‫من عادة الختان البغيضة التي ُتفرض فرضًا في إسرائيل‪ ،‬وإنها تقوم بحملقة عاّمقة نشقيطة لقنقاع النقاس بقالتخّلي‬
‫عنها‪ .‬وهذا الموقف نابع ليس فقط من الشعور الخلقي لكل صاحب ضقمير مثّققف‪ ،‬بقل أيضقًا مقن إكتشقافي بقأن‬
‫ناموس الختان الذي سّنه ال قد تم إلغققاؤه تمامقًا ]‪ [...‬وبمققا أن المسققيحّيين والمسققلمين يعتمققدون علققى التققوراة فققي‬
‫ممارسة الختان‪ ،‬فإن هذا الكتشاف قد يساعد في نجاح إلغاء الختان بصورة كبيرة«‪ .‬هذا وقد أرفق برسققالته نققداءًا‬
‫باللغة النكليزّية يشرح فيه هذا الكتشاف نترجمه هنا‪:‬‬
‫نداء للرجل اليهودي والمرأة اليهودّية‬
‫حول الختان وتدهور ثقافة إسرائيل والجنس البشري‬
‫أيها الرجل اليهودي‬
‫إذا كنت غير مختون‪ ،‬فل توافق على إجراء الختان عليك‪ .‬وإذا َقبلت أن تختن‪ ،‬فلن يكون بإمكانك أن‬
‫تكون »إسرائيلي« ]أي منتميًا إلى اليهودّية[‪ ،‬لن السرائيليين الحقيقيين لهم جسد سليم وكامققل‪ ،‬دون‬
‫أي بتر ديني‪ ،‬مّما يعني بأنهم على صورة ال‪ .‬وهذا لن ال قد ألغى الختان‪ .‬وبرهقان ذلقك يقأتي مقن‬
‫كلمة »إسرائيل« ذاتها والتي تعني الشخص الذي يتصارع مع ال ويتغّلب عليققه‪ .‬وهققذا الرمققز يعنققي‬
‫ل تمامًا وأن يسيطر على القضققاء والقققدر‪ .‬وهققذه القققدرة‬ ‫أن للنسان القدرة على أن يكون حرًا ومستق ً‬
‫تتمّثل أيضًا في إلغاء هذا الطقس الديني التعيس الذي يتمّثل في الختان‪.‬‬
‫أيها الرجل اليهودي وأيتها المرأة اليهودّية‬
‫صة إلغاء الختان يحكيها لنا نص طويل في التوراة وقد تم ِذكققر هققذا اللغققاء بوضققوح فققي اليققة‬ ‫إن ق ّ‬
‫حق الورك إلى هذا اليوم« )التكوين‬ ‫عرق الّنسا الذي في ُ‬ ‫التالية »ولذلك ل يأكل )ياخلو( بنو إسرائيل ِ‬
‫‪.(33:32‬‬
‫إن إلغاء الختان ُيفهم اليققوم علققى خلف للقصققد الصققلي‪ .‬فققإن حركققات أحققرف كلمققة »يققاخلو« فققي‬
‫سقَيت‪،‬‬‫العبرّية الصلّية )والتي تحتمل عّدة معاني منها »يمّزقون« أو »يهلكون« أو »يققأكلون«( قققد ُن ِ‬
‫عرق الّنسا« الصلي بسبب جهل تاريخ الشعب اليهودي وصعوبة فهمه‪ .‬ولكققن‬ ‫فضاع معنى عبارة » ِ‬
‫استقينا معلوماتنا عن هذه الجمعّية من خلل ما جاء في »لوندون ديلي تلغراف« بتاريخ ‪ 5‬مايو ‪ 1997‬وما تم نشره في‬ ‫‪6‬‬

‫شبكة »النترنت« ومن اتصالتي الشخصّية بهذه الجمعّية ‪Message sur internet du 30 mai 1997 provenant‬‬
‫‪d'Ari Zighelboim, akp@communique.net 1997; Message sur internet du 29 août 1997‬‬
‫‪provenant de bryce@cruzio.com‬‬
‫‪89‬‬
‫ك أيتها المرأة اليهودّية أن تتنّبها بذاتكما وسقوف تجققدان الحقيققة‬ ‫الن عليك أيها الرجل اليهودي وعلي ِ‬
‫صققي‪ .‬وتلققك الحقيقققة هققي أن الحركققات الصققحيحة للكلمققة المققذكورة هققي‬ ‫من خلل تقّدم علم النقد الن ّ‬
‫»َياخلو« بمعنى »ُيمّزقون« و»ُيهِلكون« وليس »ُيوخلو« بمعنى »يققأكلون«‪ .‬كمققا أنكمققا سققتجدان أن‬
‫ضققحه المصققادر‬ ‫عرق الّنسا« هي تعبير بياني منّمق عن العضو التناسققلي الققذكوري كمققا تو ّ‬ ‫عبارة » ِ‬
‫الرابينّية والطقسّية‪.‬‬
‫صققة عنققدما يتققم علققى طفققل صققغير‬
‫إن الختان الذي ُيفَرض قسرًا هو أمر مقيققت أخلقّيققا وثقافيقًا‪ ،‬خا ّ‬
‫ينقصه الفهم والقدرة لكي يوافق بصورة حّرة وواعية‪ .‬إن فرض الختان هو عار على من يقومون به‬
‫كما أنه مخالفة لناموس التوراة ولرادة إله إسرائيل‪ ،‬الذي هو إله كل الجسد‪ ،‬والققه كققل الرض‪ ،‬إلققه‬
‫المحّبة والرحمة والحّرية‪ ،‬إله كرامة النسان‪.‬‬
‫وبسبب عادة الختان الرذيلة‪ ،‬فإن شعب إسرائيل غير قادر على إتمام رسالته لكي يكققون نققورًا للمققم‬
‫وخلصًا لقاصي الرض‪ .‬وبسبب هذه العادة‪ ،‬ليس في إمكان القدس أن تفي بقدرها وبرسالتها حّتى‬
‫حد‪.‬‬
‫تصبح عاصمة العالم المو ّ‬
‫»ل يمّزقون« )التكوين ‪] (33:32‬بالنكليزّية والعبرّية[‬
‫جمعّية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم‬
‫صلة لجميع أنحاء العالم بمجّرد الطلب‬ ‫نرسل معلومات مف ّ‬
‫‪Tel./Fax 972-3-5375633; P.O.Box 32320; Jerusalem 31322‬‬

‫صة صراع يعقوب مع الق كمققا يرويهققا الفصققل ‪ 23‬مققن سققفر‬ ‫ونشير هنا إلى أن الية محل النزاع جاءت ضمن ق ّ‬
‫صة‪:‬‬
‫التكوين‪ .‬ونحن ننقل هنا هذه الق ّ‬
‫»وقام ]يعقوب[ في تلك الليلة فأخذ إمرأتيه وخادمتيه وبنيه الحد عشر فعبر مخاضققة يّبققوق‪ .‬أخققذهم‬
‫وعّبرهم الوادي وعّبر ما كان له‪ .‬وبقي يعقوب وحده‪ .‬فصارعه رجل إلى طلوع الفجر‪ .‬ورأى أنققه ل‬
‫ق ورك يعقوب في مصارعته له‪ .‬وقال‪» :‬إصققرفني‪ ،‬لنققه قققد‬ ‫حّ‬‫ق وركه‪ ،‬فأنخلع ُ‬‫حّ‬‫يقدر عليه‪ .‬فلمس ُ‬
‫طلع الفجر«‪ .‬فقال يعقوب‪» :‬ل أصرفك أو تباركني«‪ .‬فقال له‪» :‬وما إسمك؟«‪ .‬قال‪» :‬يعقوب«‪ .‬قال‪:‬‬
‫»ل يكون إسمك يعقوب فيما بعد‪ ،‬بل إسرائيل‪ ،‬لنك صارعت الق والنققاس فغلبققت«‪ .‬وسققأله يعقققوب‬
‫قال‪» :‬عّرفني إسمك؟«‪ .‬فقال‪ِ» :‬لَم سؤالك عن إسمي؟«‪ .‬وباركه هناك‪ .‬وسّمى يعقوب المكان فنوئيققل‬
‫ل‪» :‬إني رأيت ال وجهًا إلى وجه‪ ،‬ونجت نفسي«‪ .‬وأشرقت له الشمس عند عبوره فنوئيققل‪ ،‬وهققو‬ ‫قائ ً‬
‫حقق القورك إلقى هقذا اليقوم‪ ،‬لنقه‬‫عرق الّنسا الذي فقي ُ‬
‫يعرج من وركه‪ .‬ولذلك ل يأكل بنو إسرائيل ِ‬
‫ق ورك يعقوب على عرق الّنسا« )التكوين ‪.(33-23:32‬‬ ‫حّ‬‫لمس ُ‬

‫صة صراع يعقوب في سفر هوشع ‪» :5-3:12‬للرب دعوى على يهوذا وعقاب على يعقققوب بحسققب‬ ‫ونجد ذكر لق ّ‬
‫طرقه‪ .‬فعلى حسب أعماله ُيرد عليه‪ .‬من البطن أخذ مكان أخيه‪ ،‬وفي رجولته صارع ال‪ .‬صارع ملك قًا وغلبققه«‪.‬‬
‫صين‪.‬‬
‫سرت بأنها تعني »صارع ال« على أساس هذين الن ّ‬ ‫وكلمة إسرائيل ف ّ‬

‫ل عنقونه »إلغقاء الختقان فقي‬ ‫وقد نشر أمين عام »جمعّية مكافحة الختان في إسقرائيل وفقي العقالم« المقذكورة مققا ً‬
‫حققق القورك إلققى هققذا‬ ‫إسرائيل«‪ .1‬وقد شرح فيه مشكلة الية‪» :‬ولذلك ل يأكل بنو إسرائيل ِ‬
‫عقرق الّنسققا الققذي فققي ُ‬
‫اليوم« )التكوين ‪.(33:32‬‬

‫عرق الّنسا؟ لقد صارع يعقوب ال وغلبققه‪ ،‬فكيققف‬ ‫يتساءل مؤّلف المقال ما علقة صراع يعقوب مع ال ومنع أكل ِ‬
‫صة أن القوانين بخصوص موانع الطعام لم تكن قققد نزلققت بعققد؟‬ ‫يمكن للغالب أن يخضع لنهي بأكل قطعة لحم‪ ،‬خا ّ‬
‫عققرق الّنسققا هققو البركققة؟ وهنققا تطققرح مشققكلة فهققم‬
‫وقد طلب يعقوب من مصارعه بركة‪ ،‬فهل يكون عدم »أكل« ِ‬
‫النص التوراتي‪ .‬فالكلمات العبرّية‪ ،‬كالعربّية‪ ،‬تحتمل عّدة قراءات إذا لم تكتب الحركات على أحرفها‪ .‬فالكلمة ذاتها‬
‫يمكن قراءتها بمعان مختلفة‪ .‬وهذا ما حصل مع كلمة »أكل«‪ .‬وعرق الّنسا هو فققي جسققم يعقققوب‪ ،‬فلمققاذا ل يأكققل‬
‫النسان عرق النسا للحيوان؟ هل عرق الّنسا له معنى آخر؟‬

‫‪The abolition of circumcision by Israel, p. 6-9‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬‬
‫ولحل مشكلة فهم النص العبري‪ ،‬يقترح مؤّلف المقال قققراءة كلمققة »أكققل« بققأن ل علقققة لهققا بالطعققام‪ ،‬بققل تعنققي‬
‫»يمّزق«‪ ،‬وكلمة »عرق الّنسا« تعني قضيب النسان‪ .‬وهنا توضح الصورة فيكون معنى النص‪» :‬ولذلك ل يمّزق‬
‫حق الورك إلى هذا اليوم«‪ .‬وهو إشارة إلى ترك الختققان القذي كقان الق ققد فرضققه‬ ‫بنو إسرائيل القضيب الذي في ُ‬
‫على إبراهيم ونسله‪ .‬أي أن يعقوب بانتصاره على ال طلب منه بركة أن ُتلغى عملّية الختان‪ ،‬ثمنًا لنتصاره‪.‬‬

‫ل تلعب بالكلمات‪ .‬فل يمكن قبول تفسير جديد وإلغاء أمققر الختققان مققن خلل فهققم‬ ‫وقد يرى البعض أن هذا ليس إ ّ‬
‫جملة من التوراة‪ .‬ويرد المؤّلف بأن هذا التفسير تؤّكققده النصققوص اللحققة فققي التققوراة‪ .‬فققإن اليهققود لققم يمارسققوا‬
‫الختان نتيجة لهذا اللغاء‪ .‬فسفر الخروج )‪ (25:4‬يبّين لنا أن موسى لم يختن إبنه‪ .‬كما أن سفر يشققوع يققبّين لنققا أن‬
‫اليهود الذين ولدوا في سينا لم يختنوا )‪ .(5:5‬ودون إلغاء الختان‪ ،‬ل يمكن فهم سبب ترك موسى ختان إبنققه وتققرك‬
‫اليهود الختان في سينا‪ .‬وهناك في التلمود نص يبّين أن اليهود تم ختانهم ليلققة خروجهققم مققن مصققر‪ .‬مّمققا يعنققي أن‬
‫صة في التوراة تقول إن إبنة فرعون وجدت موسى في‬ ‫اليهود عاشوا مّدة ‪ 400‬سنة في مصر دون ختان‪ .‬وهناك ق ّ‬
‫سّلة بين القصب على حاّفة النهر فعرفت أن »هذا من أولد العققبريين« )خققروج ‪ .(6:2‬وتعّرفهققا علققى أصققله هققو‬
‫لنه لم يكن مختونًا بخلف المصرّيين الذين كانوا يختنون أولدهم‪.‬‬

‫ولكن إذا ُألغيت فريضة الختان‪ ،‬فلماذا إذًا تم ختان اليهود ليلة خروجهم مققن مصققر وَقبققل دخققولهم أرض الميعققاد؟‬
‫يجيب المؤّلف أن السبب في ذلك هو أن اليهود كانوا مزمعين أن يسيلوا دم شعوب أخرى بالحرب‪ .‬والتوراة تقول‪:‬‬
‫»من سفك دم النسان سفك دمه من يد النسان« )التكوين ‪ .(6:9‬فحّتى يشعر اليهود بألم الغير‪ ،‬تم إخضاعهم لللم‬
‫أنفسهم فل يتصّرفوا بصورة وحشّية مع غيرهم‪ .‬والختان في هاتين الحالتين تم لوضع خققاص وليققس رجوعقًا إلققى‬
‫ل‪» :‬عد إلى ختن بني إسرائيل مّرة أخرى« )يشقوع ‪ .(2:5‬ولقم يققل لقه كمقا‬ ‫فريضة الختان‪ .‬فقد أمر ال يشوع قائ ً‬
‫قال لبراهيم‪» :‬إبن ثمانية أّيام يختن كل ذكر منكم من جيل إلى جيل« )التكوين ‪.(12:17‬‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬لماذا إذًا إستمر اليهود في الختان رغم إلغائه في زمن يعقققوب؟ ويجيققب المؤّلققف علققى‬
‫ذلك بأنه بعد موت يشوع »نشأ من بعده جيل آخر ل يعرف الرب ول ما صنع إلى إسققرائيل‪ .‬فصققنع بنقو إسققرائيل‬
‫الشر في عيني الرب وعبدوا البعل وتركوا الرب‪ ،‬إله آبائهم« )القضاة ‪ .(12-10:2‬وقد تم في عصر الملك يوشققيا‬
‫العثور على سفر الشريعة في بيت الرب‪ .‬فعرف أن الشعب قد ترك أوامر ال ) ‪ 2‬أخبار ‪ (21-14:32‬إذ رجع إلى‬
‫عادة الختقان الوحشقّية‪» :‬فسقد القذين ولقدهم بل عيقب‪ ،‬جيقل شقّرير ُمعقوج« )تثنيقة ‪ .(5:32‬فقأعطى الملقك أمقرًا‬
‫بالمحافظة على ما جاء في سفر الشريعة من جديد »ليعملوا بكلم العهد المكتوب في هذا السققفر‪ ،‬وألققزم بققه جميققع‬
‫الذين كانوا في أورشليم وبنيامين‪ ،‬ففعل سّكان أورشليم بحسب عهد ال‪ ،‬إله آبققائهم‪ .‬وأزال يوشققيا كققل القبققائح مققن‬
‫جميع بلد بني إسرائيل« )‪ 2‬أخبار ‪ .(33-31:34‬وحّتى يثني الشعب مقن ممارسققة الختققان أقققام عيققد الفصققح مققن‬
‫جديد )‪ 2‬أخبار ‪ .(53:1‬وهكذا تم إلغاء الختان‪ .‬وعندما ُنفي اليهقود إلققى بابقل‪ ،‬نسقوا مجقّددا عهققد الق فعقادوا إلقى‬
‫الختان بسبب عادات الشعوب المحيطة بهم‪ .‬وبعد رجوعهم من المنفى نسوا نص التوراة كمققا نسققوا اللغققة العبرّيققة‬
‫وخصائصها التي تكّلمنا عنها‪ .‬وهكذا إستمر اليهود في ممارسة عادة الختان البذيئة حّتى يومنا هذا‪.‬‬

‫ينتهي هنا مقال أمين عام »جمعّية مكافحة الختان في إسرائيل وفي العالم«‪ .‬وهو يعتمد على تأويل جديد لنصوص‬
‫سك بصورة شقديدة بحقرف التقوراة‪ .‬وقققد يشقّكك بعققض اليهقود والصققولّيين‬ ‫التوراة كوسيلة لقناع قومه الذي يتم ّ‬
‫المسيحّيين في هذا التفسير ولكن ل ندري مدى تأثيره علقى الكثرّيقة اليهودّيقة السققاحقة القتي تمقارس الختقان فقي‬
‫صة أمر ال لبراهيققم بالختققان‪.‬‬‫إسرائيل وخارجها‪ .‬وفي كلمي معه أخبرته بأن هذه النظرة تتطّلب أّول اليمان بق ّ‬
‫صة مصارعة ال ليعقوب وتغّلب هققذا الخيققر عليققه‪.‬‬ ‫صة الغريبة التي يستهجنها العقل ل تقل غرابة عن ق ّ‬
‫وهذه الق ّ‬
‫فلماذا إذًا ل نسدل الستار على كل هذه الخرافات من بدايتها ونرفض النصياع لها؟‬

‫وقد حاولت في يناير ‪ 1998‬جمعّية يهودّية أخرى معارضة للختان في إسرائيل إسمها »الجمعّيققة المعارضققة لبققتر‬
‫العضاء الجنسّية للطفال« الحصول على قرار من المحكمة السرائيلّية العليققا يجعققل مققن ختققان الققذكور مخالفقًا‬
‫للقانون الخاص بكرامة النسان وحّريته‪ ،‬ويفرض إجراءه في المستشفيات مثله مثل العملّيققات الجراحّيققة الخققرى‬
‫طية من الهققل‪ .‬وتطلققب الجمعّيققة مققن المحكمققة أن تفققرض مناقشققة هققذا المققر علققى‬
‫بعد الحصول على موافقة خ ّ‬

‫‪91‬‬
‫صة بمراقبة الموهيلين‪ .1‬وقد َقبلققت المحكمققة دعققوى‬ ‫حة والشؤون الدينّية‪ ،‬والمّدعي العام والهيئة الخا ّ‬
‫وزارتي الص ّ‬
‫الجمعّية‪ ،‬مّما أزعج المّدعي العام الذي إعتبر بأنه من غير المعقول أن تكققون إسققرائيل هققي الدولققة والوحيققدة فققي‬
‫العالم التي تمنع ختان الذكور‪ .2‬غير أن المحكمة عادت ورفضت القضّية في مايو ‪ 1999‬دون تقققديم أسققباب لققذلك‬
‫الرفض‪ ،‬مكتفية برد الحكومة‪.3‬‬

‫وقد أوضح مقال صادر في إحدى الصحف السرائيلّية‪ 4‬المشاكل التي يلقيها رافضو الختان في إسرائيل‪ .‬فهققذه أم‬
‫يهودّية رفضت أن يختن إبنها‪ .‬فهّددها أبوها بحرمانها من الميراث وقد قطع والدا الم كل علقة لهما مققع إبنتهمققا‪.‬‬
‫وصديق للعائلة شّبه الزوجين بهتلر واّتهمهما بمحاولة هدم اليهودّية‪ .‬ويذكر المقال إن هققذين الزوجيققن لهمققا صققلة‬
‫مع قرابة ‪ 30‬عائلة يهودّية في إسرائيل ترفض ختان أطفالها‪ .‬ورغم أنها تعتبر نفسققها علمانّيققة‪ ،‬فهققي ليسققت ضققد‬
‫مراسيم الختان إن توّقفت هذه المراسيم عند حد الكلم ولم تتعّداه إلى قطع قضيب الطفققل‪ .‬وهققذه العققائلت تحققاول‬
‫التضامن مع عائلت أخرى وتعطي لها النصائح في مواجهة ضغط الهل‪ .‬وقد ذكرت عائلة أخرى أن جد الطفققل‬
‫رفض مس الطفل أو النظر إليه وقد قطع كل علقة مع العائلة‪ .‬وقققد أوضققحت أم الطفققل بققأن فققي إسققرائيل أطفققال‬
‫ينتمون إلى أجناس مختلفة ول سبب لجعل شكل ذكرهم علمة الوحدة بينهم‪ .‬ويقذكر أب الطفقل أن رفضقه للختقان‬
‫بدأ بعد معاينته يهودّيا يصرخ فعندها عادت به الذكريات إلققى ختققانه‪ .‬مّمققا يعنققي لققه أن الختققان يققترك فققي أعمققاق‬
‫عمت رفضه للختان معاينته صورة له وهو يصرخ من اللم في عملّية ختانه بينما الكل‬ ‫الشخص أثرًا مؤلمًا‪ ،‬وقد د ّ‬
‫من حوله ل يعير صراخه أي إهتمام‪ .‬ثم أحس بالشمئزاز كل مّرة حضر فيها ختققان طفققل‪ .‬وأّمققا الم‪ ،‬فهققي تقرى‬
‫في الختان مخالفة لكمال خلق الطبيعة وكسرًا لعلقة الثقة بين الطفقل والم القتي ترفقض حمقايته مقن اللقم‪ .‬وهقي‬
‫تستشهد بقول أّمهات لحظت إختلفًا في علقتهن مع أطفالهن بعد الختان‪ .‬ومن الواضح أن آراء هذا التّيار متققأّثر‬
‫بآراء الجمعّيات المريكّية المعادية للختان التي تبث دعايتها من خلل شبكة النترنيت والتي هي باّتصال مع هققذا‬
‫التّيار السرائيلي وتدعمه‪.‬‬

‫ويشير المقال إلى أن موضوع الختان في إسرائيل يدخل ضمن المحّرمات خوفًا من رجال الدين اليهققود‪ .‬فالطّبققاء‬
‫يتفادون التكّلم في هذا الموضوع‪ .‬وعندما حاول طبيب في مستشققفى مدينققة »العفّولققة« القيققام ببحققث لمعرفققة آثققار‬
‫الختان على اللّذة الجنسّية رفض أحد المستشفيات إعطاء قائمة بأسماء الشخاص الذين تققم ختققانهم كبققارًا رغققم أن‬
‫مثل تلك القائمة ُتقّدم بصورة روتينّية لغيرها من العملّيات للقيام بالبحوث‪ .‬وأضاف أحد أعضاء الجمعّية المققذكورة‬
‫أنه لم يتمّكن من الحصول على أّية مساعدة من جمعّيات حماية حقوق النسان في إسرائيل أو من جمعّيات اليهققود‬
‫المجّددين‪.‬‬

‫ضح المقال أن عدم الختان يخلق مشكلة لغير المختونين في إسرائيل‪ .‬فققاليهود الققذين لققم يختنققوا أطفققالهم خلل‬ ‫ويو ّ‬
‫الحرب العالمّية الثانية ختنوهم عندما جاؤوا إلى إسرائيل‪ .‬وكذلك المر بالنسققبة لليهققود السققوفييت‪ .‬وقققد ذكققر أحققد‬
‫الشباب بأنه يخفي عدم ختانه معتبرًا ذلك سّرا‪ .‬والختان يتم في إسرائيل لعّدة أسباب‪ :‬هناك الضققغوط الجتماعّيققة‪،‬‬
‫وهناك الرأي القائل بأنه إذا كان مفيدًا للوليات المّتحدة فهو مفيد لنا‪ .‬وهناك أيضًا عدم وجود قانون يفرض الختان‬
‫يتمّرد النسان ضّده‪ .‬فلو كان هناك قانون يفرض الختان في إسرائيل‪ ،‬فإن عددًا كبيرًا من اليهود العلمانيين سققوف‬
‫يتمّرد عليه ويرفض الختان‪.‬‬

‫‪ (7‬محاولة رجال الدين اليهود تخليص سفينة الختان من الغرق‬


‫مّما سبق ذكره نرى أن الجدل حول الختان قد واكبه جدل حول الكتاب المقّدس اليهودي بالققذات‪ ،‬أّثققر عليققه وتققأّثر‬
‫به‪ .‬فالختان هو مختبر صغير يتعّرف المرء من خلله على نقاط الضعف في الكتققاب المق قّدس وعلققى الراء الققتي‬
‫أثيرت من حوله‪ .‬وتطّور مفهوم الختان هو صقورة لتطقّور مفهقوم الكتقاب المققّدس كمقا هقو تطقّور للفكقر القديني‬
‫والفلسفي والجتماعي اليهودي عبر العصور‪ .‬وهناك رغبة من ِقَبل بعض اليهود فققي جعققل الختققان أكققثر ملءمققة‬

‫‪Zoossmann-Diskin; Blustein, p. 345-349‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Jerusalem Post, 17.2.1999, on internet‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Zoossmann-Diskin; Blustein, p. 345-349‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Hecht: The cutting edge‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪92‬‬
‫لهذا التطّور‪ .1‬ورجققال الققدين اليهققود يققدركون أن السققهام المو ّ‬
‫جهققة للختققان سققوف تصققيب بنيققان الكتققاب المققّدس‬
‫ونظرّياتهم الدينّية‪ .‬فهم يرون فيه بداية المخاض لميلد عصيب ل يعرفون مققاذا يخفققي‪ .‬وهققذا مققا يجعلهققم شققديدي‬
‫النفعال كّلما أثير موضوع الختان‪ .‬وزوال الختان هو زوال بعض من سلطة رجال الدين علققى المجتمققع‪ .‬فهققم مققا‬
‫زالوا يرون في الختان »أحد أهم أوامر التوراة وأكبر المحافظين على اليهودّية«‪ .2‬لققذا ل يتوّرعققون مققن مواجهققة‬
‫معارضي الختان القديني باّتهقامهم بمعقاداة السقامّية‪ .3‬ولنقا عقودة إلقى هقذه الّتهامقات عنقدما سقنتكّلم عقن الختقان‬
‫والسياسة‪.‬‬

‫في كتاب عن الختان صادر من اليهود المجّددين في الوليات المّتحدة نقرأ النص التي‪» :‬رغققم المققؤّثرات القوّيققة‬
‫الحالّية ضد الختان‪ ،‬يظهر أن الختان الديني سيبقى ينعم بمركزه الحالي المهم الذي ل مثيل له بين المجّددين اليهود‬
‫المريكّيين‪ .‬ويظهر أن بهجة الحتفال بالحياة والرغبة في التأكيققد علققى التجققارب اليهودّيققة المحسوسققة مققا زالققت‬
‫متوّهجة‪ .‬إن الختان الذي كان موضع جدل ونقد أصبح حالّيا طقسًا ذا معنى عميق«‪.4‬‬

‫يستشف من هذا النص خوف رجال الدين اليهود من عدم إمكانّية صمود الختان أمام التّيار اليهودي المعارض فقي‬
‫المستقبل‪ .‬ويقر »هوفمان« في كتاب صدر حديثًا أن هذا التّيار ل مثيل له في العصور الماضّية لنه يلقققي مزيققدًا‬
‫من القبول بين رجال الدين اليهود أنفسهم‪ .‬ويذكر كيف أنه دار حديث بينه وبين مجموعة من رجققال الققدين اليهققود‬
‫ل إحتمال إلغاء الختان‪ .‬فسألهم‪» :‬ولكن هل هناك أحد منكم لم يمقارس الختقان علقى إبنقه؟« فخّيقم‬ ‫الذين طرحوا فع ً‬
‫خل‪ .‬فأنت رجل عجوز أنجبققت‬ ‫سكون على القاعة ثم تحّول إلى غضب‪ .‬فقد أجابه أحد الحاضرين‪» :‬ل حق لك للتد ّ‬
‫أولدك وكققبروا وانتهيققت مققن مشققكلة الختققان‪ ،‬أّمققا نحققن فنعيققش فققي مرحلققة الشققباب وعلينققا أن نققواجه المشققكلة‬
‫بخصوص أطفالنا«‪ .‬وأضقاف »هوفمقان«‪» :‬إنقه مقن السقهل علقي أن اطقرح أفكقاري بصقورة أكاديمّيقة دون أي‬
‫سون بها كّلما يولد لهم طفل«‪.‬‬ ‫إهتمام‪ .‬أّما رجال الدين الشباب أولئك فهم يعيشون المشكلة على الطبيعة ويح ّ‬

‫ولكن هذا المؤّلف يعّزي نفسه بذكر مقال للحاخام »ميخائيل هيرتسبرين«‪ .‬فهذا الحاخام يحكي كيف أنه بينمقا كقان‬
‫ينظر إلى دمع إبنه المختون‪ ،‬رأى نفسه يتساءل‪» :‬ولكن ماذا عن حاجة إبني؟ عندما كان يكافح في ألم‪ ،‬هل تخّليت‬
‫ل‪» :‬كققل شقيء علققى مققا‬ ‫عنه لجل طقس الختان؟« لقد كان شعوره بأنه خققان إبنقه‪ .‬وبينمقا كقان ينظققر للجمقع ققائ ً‬
‫ل‪» :‬رغم قطع اللحم واللققم الناتققج‬ ‫يرام«‪ ،‬كان في صميم نفسه يقول‪» :‬هذا ليس صحيحًا«‪ .‬ومع ذلك ختم مقاله قائ ً‬
‫عن عملّية الختان‪ ،‬فإن عهد القطع يظهر وكأنه قّدر له أن يبقى دون مساس«‪ .‬وهذا المؤّلف وضع هذه الحكاية في‬
‫بداية كتابه ثم عاد في خاتمته إليها‪.5‬‬

‫وأمام شّدة التّيار المعارض للختان‪ ،‬يحاول رجال الدين اليهود تخليص سفينة الختان من الغرق أو إخراج ما أمكن‬
‫إخراجه منها‪ .‬فقاموا بتمرين الطّباء وتثقيفهم فققي مجققال الطقققس الققديني‪ ،‬حّتققى يقومققوا بققدور الخققاتن الققديني‪ .‬ثققم‬
‫تنازلوا عن معارضتهم لستعمال التخدير في الختان لكي يخّففوا من اللم‪ .‬ثم فتحوا الباب للنساء لممارسقة الختقان‬
‫للرد على نقد الحركات النسائّية‪ .‬ويقترح »هوفمان« إدخال تجديدات في طقس الختان بحيث تشارك المرأة بفعالّية‬
‫ل من أن تكون الصلة حكرًا على الب‪ ،‬يمكن أن تصبح شققراكة بيققن الب والم‪ .‬كمققا‬ ‫أكبر في عملّية الختان‪ .‬فبد ً‬
‫أنه يقترح أن ُتقام للبنات طقوسًا مماثلة للتي تقام للبناء‪ .‬ففي اليققوم الثققامن بعققد ولدة البنققت‪ ،‬يمكققن إجققراء طقققس‬
‫ل من »طقس أبينا إبراهيم«‪ .‬كما أنه يقترح أن يقام ختان الطفل ليس ضمن طقققس‬ ‫يسّميه »عهد شعبنا إسرائيل« بد ً‬
‫الختان بل خارجه‪ ،‬ويستعمل فيه التخدير لتهدئة اللققم‪ .‬وهكققذا تعطققى الهّميققة ليققس للختققان كعملّيققة جراحّيققة‪ ،‬بققل‬
‫للطقس الديني في معناه اللهوتي الذي هو دخول العهد‪ .6‬وهذا العالم اليهودي هو صاحب النظرّية التي تقققول بققأن‬
‫العهد بين ال وإبراهيم لم يكن عهد ختان )بريت ميل( بل عهد دم الختان )بريت دم ميله(‪ .‬فققالمهم فققي هققذا العهققد‪،‬‬
‫حسب رأيه‪ ،‬ليس القطع بل إنزال الدم من حشفة الذكر‪ .‬فيكون الختان في زمققن إبراهيققم مختلفقًا تمامقًا عّمققا نفهمققه‬
‫نحن في أّيامنا‪ .‬ولنا عودة إلى هذه النظرّية في فصلنا القادم‪.‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. XVII-XVIII‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 162‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 148‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 149‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 2 and 218-219‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 219‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪93‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬عملّية الختان عند اليهود‬
‫صة تنتج عن تركه عقواقب وخيمقة فقي الحيقاة‬‫ن مختلفة وله أهّمية خا ّ‬
‫رأينا سابقًا أن الختان عند اليهود يرتبط بمعا ٍ‬
‫ضقح الشقخص القذي يتقم الختقان عليقه‪،‬‬
‫الدنيا وفي الخرة‪ .‬وعملّية في هذه الهّمية كان ل بد أن تحقاط بقواعقد تو ّ‬
‫والقائمين به وسبل تنفيذه والصلوات التي تصاحبه‪.‬‬

‫في الفرع الّول من هذا الفصل نقّدم عرضًا لعملّية الختان التقليدي‪ ،‬ثم نتكّلم فقي الفقرع الثقاني عقن طققس الختقان‬
‫الرمزي كما يقترحه معارضو عملّية الختان التقليدي‪.‬‬

‫الفرع الّول‪ :‬الختان التقليدي‬


‫‪ (1‬الشخص الذي يتم الختان عليه‬
‫أ( كل مولود يهودي؛ سن الختان‬

‫القاعدة الساسّية في التوراة هي أن يتم ختان كل مولود ذكر يهودي في يقومه الثقامن‪ .1‬وققد طرحقت هقذه القاعقدة‬
‫البسيطة عّدة مشاكل‪ ،‬أّولها من هو اليهودي؟ وهل يختن الذكر إذا وقع موعد الختان يوم سبت؟ وهل هناك إمكانّية‬
‫لتأخير أو ترك الختان في حالة المرض وخطر الموت؟ هذا ما سنراه في النقاط التالية‪.‬‬

‫من هو اليهودي‬

‫الختان علمة إنتماء للشعب اليهودي وعلمة عهد بين ال وهذا الشعب‪ .‬لذا كان لزامًا تعريف من هو اليهودي‪.‬‬

‫حسب التعاليم اليهودّية‪ ،‬اليهودي هو من ولد من أم يهودّية مهمققا كققان ديققن والققده‪ .‬وإذا أصققبحت الم يهودّيققة َقبققل‬
‫ميلد الطفل‪ ،‬حّتى وإن كان في زمن الحبل‪ ،‬فإن طفلها يصبح يهودّيا بالتبعّية‪ .‬أّما إذا أصبحت يهودّية بعد ولدتققه‪،‬‬
‫فيجب أن يحّول الطفل يهودّيا قبل أن يختن‪ .‬والشريعة اليهودّية‪ ،‬مثلها مثل الشريعة السلمّية‪ ،‬ل تعترف بققالتبّني‪.‬‬
‫ل غيقر‬ ‫ولكن في إسرائيل هناك قانون يسمح بالتبّني‪ .‬وكذلك المقر فققي دول أخققرى‪ .‬فققإذا تبّنقت عائلققة يهودّيققة طف ً‬
‫يهودي‪ ،‬فإنه يصبح يهودّيا بالتبعّية ويختن‪.2‬‬

‫وقد كان هناك جدل عام ‪ 1864‬في »نيو اورليانز« حول ختان أطفال من أب يهودي وأم غيققر يهودّيققة‪ .‬وقققد ققّرر‬
‫ل أن الحاخقام‬ ‫أحد الحاخامات اليهود بأن ذلك غير مسموح به‪ .‬وقد أّيده في ذلك الحاخامقات اليهقود الوروبيققون‪ .‬إ ّ‬
‫صققة لن التققوراة فققي‬ ‫»تسفي هيرش كاليشر« أّيد ختان الطفال غير اليهود عمومًا‪ ،‬والطفال مققن أب يهققودي خا ّ‬
‫رأيه لجميع البشرّية‪ .‬وقد خص بها اليهود قديمًا بسبب حالة الشعوب في ذاك الققوقت‪ .‬وعليققه يجققب إجققراء كققل مققا‬
‫جع الخرين لقبول التوراة‪ .‬وبمققا أن الخققوف مققن الختققان علققى كققبر قققد يكققون مانعقًا لتحقّول البققالغين‬ ‫يمكن أن يش ّ‬
‫لليهودّية‪ ،‬لذلك ينصح بإجراء الختان على الطفال الذين هم من أب يهودي‪ ،‬إذ إنهم من بذر يهودي‪ .‬وهكذا يسققّهل‬
‫عليهم التحّول إلى اليهودّية عندما يكبرون‪.3‬‬

‫وطرح تزايد الزواج المختلط بين اليهود مشكلة فيما يخققص الختققان‪ .4‬وقققد ققّرر »المققؤتمر المركققزي للحاخامققات‬
‫المريكّيين« في عام ‪ 1983‬المنعقد في مدينة »لوس انجيليس« بأن اليهودي هو كل من كان أحققد والققديه يهودّيققا‪،‬‬
‫ل فرق بين الب والم‪ .‬وإن على هذا الشخص أن يقّرر إنتماءه لليمان والشعب اليهودي من خلل تصّرف علني‬
‫وشكلي‪ .‬وهكذا ربطوا بين حّرية الختيار والنتماء الديني‪ .‬فل ينتمي إبن اليهققودي أو اليهودّيققة لليمققان والشققعب‬
‫ل إذا قّرر ذلك‪ .‬وقد أثار هذا الموقف مققن المجقّددين غضققب رجققال الققدين الرثققوذكس معتققبرينه نقضقًا‬
‫اليهودي إ ّ‬
‫أنظر التكوين ‪12:17‬؛ الحبار ‪.21:3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 25-27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 184-185‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 86-87‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪94‬‬
‫لمبادئ الديانة اليهودّية‪ .‬وقرار اليهود المجّددين يفتح الباب لعدد كققبير مققن الشققخاص الققذين يعتققبرون يهققودًا فققي‬
‫أعين المجّددين‪ ،‬بينما هم غير يهود في أعين الرثوذكسيين‪ .‬ورغم إنفتاح التّيار المجّدد‪ ،‬فإننا قد نجد حققالت يقبققل‬
‫فيها الرثوذكس ختان طفل بينما يرفضه المجّددون‪ .‬هذا ما حصل لم يهودّية تؤمن بيسقوع الناصقري بقأنه السقّيد‬
‫المسيح أرادت ختان طفلها‪ .‬فرفض الخاتن اليهودي المجّدد ختان طفلها بينما َقبل الخاتن الرثوذكسي ذلققك‪ .‬ويمتققد‬
‫هذا المر للزواج‪ .‬فبينما رفض الحاخام اليهودي المجّدد تزويققج يهققودي مققن سقّيدة ولققدت مققن أم يهودّيققة ورّبيققت‬
‫تربية مسيحّية‪َ ،‬قبققل الحاخققام الرثوذكسقي عمقل هقذا القزواج‪ .1‬وموققف الرثققوذكس هقذا نققابع مققن إعتقققادهم أن‬
‫اليهودي يبقى يهودي مدى الحياة‪.‬‬

‫يرى خاتن وطبيب يهودي أرثوذكسي أن الموهيقل اليهقودي يجقب أن ل يشقارك فقي أي إجقراء ل يكقون ‪%100‬‬
‫شيا مع القواعد اليهودّية‪ .2‬فل يمكن لحد أن يكون نصف يهقودي‪ .‬فهققو إّمققا يهقودي أو غيققر يهقودي‪ .‬والقققرار‬ ‫متم ّ‬
‫يرجع للشريعة اليهودّية‪ .‬فاليهودي هو الذي يقول عنه ال إنه يهودي‪ .‬وهقو يرفققض ختقان طفققل إذا كققانت أّمقه قققد‬
‫تحّولت لليهودّية على يد رجل دين يهودي مجّدد أو محافظ‪ .‬فالتحّول إلى اليهودّية يجب أن يتم على يققد رجققل ديققن‬
‫ل فالطفل ليس يهودّيا حّتقى وإن رّبقي تربيققة يهودّيقة‪ .3‬ويتسقاءل المؤّلققف مققا إذا كققان الجقر الققذي‬
‫أرثوذكسي‪ ،‬وإ ّ‬
‫يتقاضاه الخاتن هو أحد أسباب ترك القواعد اليهودّية في هذا المجال‪ .‬فإذا كان الختان يتم لتمققام أمققر دينققي وليققس‬
‫للمال‪ ،‬فإنه لن يكون من الصعب رفض إجراء الختان إذا كان هناك أي مانع مثل كون الطفل غير يهودي‪.4‬‬

‫ولكن هل يحق للخاتن الديني اليهودي ختان غير اليهود؟ هنققاك خلف فققي ذلققك‪ .‬فمنهققم مققن يرفققض ذلققك لنققه ل‬
‫صققص الجّراحيققن وممارسققته مققن ِقَبققل الخققاتن‬ ‫يدخل في الختان الديني بل في الختان الطّبي وهققذا الختققان مققن تخ ّ‬
‫‪5‬‬
‫الديني يعتبر تعّديا على قوانين الدولة التي تخص العملّيات الجراحّية بالطّباء ‪ .‬ونشير هنا أنه في فرنسققا‪َ ،‬قبققل أن‬
‫طيقة مققن الب لتفقادي أي إعقتراض‬ ‫يتم ختان طفل من أم يهودّية وأب غير يهودي‪ ،‬يقوم الموهيل بأخقذ موافقققة خ ّ‬
‫لحق‪.6‬‬

‫سن الختان ويوم السبت‬

‫ل مققن اليققوم الثققامن ل يعتققبر هققذا الختققان‬ ‫تفرض التوراة الختان في اليوم الثامن‪ .‬فإذا تم الختان في اليوم السابع بد ً‬
‫ختانًا بل جرحًا كغيره من الجروح والخاتن يأثم‪ .7‬وقد ناقشت المشنا حالة ختقان طفليقن لب‪ :‬واحقد كقان يجقب أن‬
‫ل أن الب غلط فختن الثاني في التاريخ المحّدد للثققاني‪ ،‬والثققاني فققي‬ ‫يختن في السبت‪ ،‬والثاني بعد أو َقبل السبت‪ .‬إ ّ‬
‫‪8‬‬
‫صة في أّيامنا فققي‬ ‫طرح هذا الموضوع خا ّ‬ ‫التاريخ المحّدد للّول‪ .‬يأثم الب في هذه الحالة وعليه تقديم كّفارة ‪ .‬وقد ُ‬
‫الوليات المّتحدة إذ إن كثيرًا من اليهود يقومون بختان أولدهم قبقل أن يققتركوا المستشققفى إّمقا لسقباب إقتصقادّية‬
‫طي مثل هذه المصاريف بعكس الختان الذي يتم من ِقَبققل موهيققل‪ ،‬وإّمققا تهربقًا مققن الطقققس‬ ‫لن شركات التأمين تغ ّ‬
‫ل إذا تققم‬
‫الديني الذي فقد معناه عند كثير من اليهود‪ .‬يؤّكد المؤّلفون اليهود أن مثققل هققذا الختققان ل قيمققة دينّيققة لققه إ ّ‬
‫إنزال نقطة دم من حشفة الذكر لحقًا‪ .9‬ولكن هناك حالة يختن فيها الطفل يوم ولدته إذا مققا ولققدت إمققرأة طف ً‬
‫ل ثققم‬
‫أصبحت يهودّية في نفس اليوم‪ .‬حين ذاك يختن الطفل في يوم ولدته‪ .‬أّما إذا تحقّولت الم إلققى اليهودّيققة ثققم ولققدت‬
‫إبنها‪ ،‬فإن ختان الطفل يتم في يومه الثامن كالطفال اليهود‪.10‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 69-77; 186‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 139-140‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 134-136‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 140‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 145; Romberg: Circumcision, p. 72‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 53‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 167‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:4), p. 202-203; The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:4),‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪vol. 11, p. 464‬‬


‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 425; Cohen: Guide, p. 9‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:5), vol. 11, p. 472‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪95‬‬
‫وقد ذكرنا سابقًا أن الكتب المقّدسة اليهودّية تتشّدد في ضرورة إحترام السبت وتعاقب على إستباحته بالقتل‪ .‬ولكققن‬
‫رجال الدين إعتبروا الختان أكثر أهّمية من السبت باعتبار أن الوامر اليجابّية )يجب أن يختتن( تمققر َقبققل المققر‬
‫السلبي )ل تعمل يوم السبت(‪ .1‬فإذا وقع موعد الختان يوم السبت‪ ،‬يحققق لليهققودي إجققراء عملّيققة الختققان فيققه‪ ،‬كمققا‬
‫ل قطع الخشب لعمل الفحم الضروري لصياغة سّكين‬ ‫يحق له أن يجري كل التحضيرات اللزمة للختان‪ .‬فيحق مث ً‬
‫‪2‬‬
‫الختان‪ .‬كما أنه يحق غسل الطفل في اليوم الثامن إذا وقع هذا اليوم يوم سبت ‪ .‬ويتم الختان أيضًا في اليققوم الثققامن‬
‫حّتى وإن وقع في يوم الغفران أو غيره من الّيام المقّدسة‪ .‬ولكن ماذا لو وقع اليوم الثققامن للختققان فققي يققوم سققبت‪،‬‬
‫خر الختققان ليقوم لحققق حّتقى ل‬ ‫ولكن حّتى يتمّكن الحاخام من المجيء لبيت الطفل عليه أن يسوق سّيارته‪ .‬فهل يؤ ّ‬
‫تخرق حرمة السبت أم نعتبر أمر الختان أهم من السبت ونختن فيه؟ هناك مققن طلققب مققن الخققاتن أن يحضققر َقبققل‬
‫السبت‪ ،‬ولكن هناك أيضًا من يسمح للحاخام أن يسققوق فققي يققوم السققبت وذلققك لن كققثيرًا مققن اليهققود زاغققوا عققن‬
‫إحترام أمر الختان في اليوم الثامن‪.3‬‬

‫ل أن رجال الدين اليهود دخلوا في‬ ‫ورغم وضوح نص الكتب المقّدسة اليهودّية بضرورة الختان في اليوم الثامن‪ ،‬إ ّ‬
‫متاهات حسابّية غريبة‪ .‬فالمشنا تقول إن الختان يتم في اليوم الثامن أو التاسع أو العاشر أو الحادي عشر أو الثققاني‬
‫عشر بعد الولدة‪ .‬فالختان في اليوم الثامن هو الوقت العتيادي‪ .‬أّما إذا ولد الطفل عند الشفق‪ ،‬فإنه يختن في اليققوم‬
‫التاسع‪ .‬وإذا ولد عند الشفق مساء السبت‪ ،‬فإنه يختن في اليوم العاشر )أي يوم الحد(‪ .‬وإذا وقققع عيققد بعققد السققبت‪،‬‬
‫فإنه يختن في اليوم الحادي عشر )أي يوم الثنين(‪ .‬وإذا وقع يومي عيققد رأس السققنة بعققد السققبت‪ ،‬فققإنه يختققن فققي‬
‫اليوم الثاني عشر )أي يوم الثلثاء(‪ .4‬وسبب تلك الحسابات المعّقدة هو لنه ل يحق خرق حرمققة السققبت والعيققاد‬
‫ل إذا وقع اليوم الثامن بصورة أكيدة في تلك الّيام‪ .5‬ولمعرفة متى يكون الطفققل فققي يققومه الثققامن ينصققح موهيققل‬ ‫إّ‬
‫يهودي تسجيل وقت الميلد والوقت الرسمي لغروب الشمس في المكان الذي ولد فيه الطفل بدّقققة وعققرض المققر‬
‫على رجل الدين اليهودي لكي يقّرر ذلك‪ .6‬وإذا ولد طفل نتيجة عملّية قيصرّية‪ ،‬فإن الختان يجرى في اليوم الثققامن‬
‫خر لبعد السبت أو العيد‪.7‬‬ ‫من ولدته‪ .‬أّما إذا وقع هذا اليوم يوم سبت أو عيد‪ ،‬فإن الختان يؤ ّ‬

‫ل مققن تسققعة‪ .‬فهققذا الطفققل يعتققبره رجققال الققدين اليهققود‬


‫والتلمود ينقل لنا جدل حول طفل ولد بعد ثمانيققة أشققهر بققد ً‬
‫كالحجر‪ ،‬فل يحق تحريكه في يوم السبت لرضاعه‪ .‬ولكن لّمه الحق أن تميققل عليققه لترضققعه‪ .‬فهققل يحققق ختققان‬
‫مثل ذاك الطفل في يوم السبت إذا كان السبت هو اليوم الثامن؟ هناك من سمح بذلك‪ ،‬وهناك من إعتبر الختققان فققي‬
‫هذه الحالة دون فائدة كقطع قطعة من اللحم‪.8‬‬

‫ونشير هنا إلى أن عملّية الختان تتم في ساعات النهار على أساس قققول التققوراة‪» :‬وفققي اليققوم الثققامن تختققن غلفققة‬
‫المولود« )الحبار ‪ .(4:12‬وُينصح عاّمة أن يتم طقس الختان في الصباح البققاكر بعققد مراسققيم الصققلة الصققباحّية‬
‫كتعبير عن حماس العائلة في تنفيذ أوامر ال في أسرع وقت ممكن‪ ،‬محاكاة لبراهيم فققي تلّهفققه علققى تنفيققذ المققر‬
‫ل فققإن علققى‬
‫اللهي‪ .‬وإذا كان الحاضرون يلبسون أدوات الصلة‪ ،‬فيجققب أن يبقققوا عليهققا خلل طقققس الختققان‪ .‬وإ ّ‬
‫ل من الب والم بأن يلبساها‪.9‬‬ ‫جع ك ّ‬
‫الخاتن والعّراب أن يلبساها‪ .‬كما أن التّيار المجّدد يش ّ‬

‫جققل ختققانه بعققد اليقوم‬


‫ل علققى الطفققل الققذي أ ّ‬
‫وهناك جدل بين رجال الدين ما إذا كان ممكنًا إجراء عملّية الختققان لي ً‬
‫ل عليققه أن‬‫ختققن لي ً‬
‫الثامن وعلى من إستعاد غلفته وعلى من تحّول لليهودّيققة‪ .‬غيققر أن رابققي اليعققازر رأى أن مققن ُ‬
‫يختن ثانية نهارًا‪ .‬وهنا الختان ثانية يعني إنزال نقطة دم من حشفة الذكر تدعى »دم العهد«‪.10‬‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 165‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:1-3), p. 202; The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:1),‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪vol. 11, p. 449 sv; (Shabbat 19:3), p. 461‬‬


‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 425-426‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:5), p. 203‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 425‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 162‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 20; Romberg: Bris Milah, p. 161-162‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VII, p. 166‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 6‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 170; Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 425‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪96‬‬
‫يجادل اليهود حول سبب الختان في اليوم الثامن‪ .‬والسبب الّول القذي يقذكرونه هقو أن الق أمقر بقذلك كمقا رأينقا‪.‬‬
‫وتذكر كتب المدراش أسبابًا أخرى‪ .‬منها وجود سبت ضمن هذه الّيام‪ ،‬فيعيش الطفققل سققبتًا قبققل أن يمققر بالختققان‪.‬‬
‫ويعتبر اليهود السبت رمزًا للملكة التي تسبق مجيء الملك‪ .‬فقبل أن تقابل الملك أي ال ق مققن خلل عملّيققة الختققان‪،‬‬
‫عليك أن تمر بالملكة لتسّلم عليها‪.1‬‬

‫وقد حاول »فيلون« تقديم عّدة أسباب‪ .‬والسبب الّول هققو أن تققرك الختققان إلققى عمققر أكققبر قققد يققؤّدي إلققى رفققض‬
‫الختان بسبب الخوف ولنه أكثر حّرية فققي تصقّرفاته‪ .‬أّمققا الصققغير فل يمكنققه أن يقققاوم‪ .‬والسققبب الثققاني لطهققارة‬
‫القرابين التي تقّدم في الماكن المقّدسة‪ .2‬ثم يعطينا »فيلون« أسبابًا رمزيققة مققن خلل العققداد‪ .‬فهققو يقققول مث ً‬
‫ل إن‬
‫سَمت أصقبحت‪،4 :‬ق ‪،2‬ق ‪ ،1‬والقتي‬ ‫ل كبيرًا لنه يعّبر عن المكّعب بزواياه الثمانية‪ .‬والثمانية إذا ُق ّ‬
‫العدد ‪ 8‬يمّثل جما ً‬
‫مجموعها ‪ ،7‬وهو عدد رمزي عند اليهود‪ .‬ثم يدخل في متاهات هندسّية وحسابّية إن دّلت على شيء إّنما تدل على‬
‫الهوس العقلي‪.3‬‬

‫وقد حاول موسى بن ميمون إعطاء أسباب أكثر عقلنّية‪:‬‬

‫‪ -‬لو ترك الصغير حّتى يكبر‪ ،‬قد ل يفعل‪.‬‬

‫‪ -‬الطفل ل يتأّلم كتأّلم الكبير للين جلده‪ ،‬ولضعف خياله‪ ،‬لن الكبير يستهول ويستصعب المر الذي يتخّيل وقققوعه‬
‫قبل أن يقع‪.‬‬

‫‪ -‬إن الصغير يتهاون والده بأمره عند ولدته لنه لم تتمّكن إلى الن الصورة الخيالّية الموجبة لمحّبته عند والققديه‪.‬‬
‫فلو ترك سنتين‪ ،‬أو ثلث‪ ،‬لكان ذلك يوجب تعطيل الختان لشفقة الوالد ومحّبته له‪.‬‬

‫‪ -‬كل حيوان عندما يولد ضعيف جّدا وكأنه إلى الن في البطن إلى إنقضاء سبعة أّيام‪ .‬وكذلك المر في النسان‪.4‬‬

‫وسوف نرى في القسم الثاني كيف أن بعض الوساط الصولّية المسيحّية قد حاولت الترويج لفكرة أن ِذكققر اليققوم‬
‫حكمة إلهّية طّبية‪.‬‬
‫الثامن كان ل ِ‬

‫تأخير وإلغاء الختان في حالة المرض وخوف الموت‬

‫تفرض التوراة الختان في اليوم الثامن‪ ،‬ولكن رجال الدين اليهود يسمحون في حالت مرض الطفل بتأخير الختققان‬
‫خر إلققى يققومه‬
‫ضح التلمود بأنه حّتى وإن كان على الطفققل حققرارة لحظققة‪ ،‬فققإن ختققان الطفققل يققؤ ّ‬ ‫حّتى يشفى‪ .5‬ويو ّ‬
‫الثلثين‪ .‬وخلل مّدة بقائه غير مختون ل يحق للطفل أن يأكل من فريضة الفصح أو يمسققح بزيققت الفصققح‪ .‬ولكققن‬
‫ل يجققب أن يجققرى‬ ‫هناك من حسب هذا المنع بداية من اليوم الثامن‪ .6‬وهناك مققن يققرى أنققه إذا كققان المققرض شققام ً‬
‫الختان سبعة أّيام بعد شفائه‪ .‬أّما إذا كان المرض بسيطًا‪ ،‬فيجرى حالً بعد شفائه‪.7‬‬

‫ويذكر طبيب وموهيل يهودي أنه يجب تأخير الختان في حالة إصابة الطفل بمرض الصققفار أو كققان عليققه بعققض‬
‫الحرارة أو تغّير نظامه الغذائي حّتققى وإن رأى طققبيب الطفققال بققأن الختققان لققن يضقّره‪ .‬فحيققاة النسققان ل يمكققن‬
‫خر في هذه الحققالت حّتققى وإن‬ ‫إرجاؤها بينما يمكن إرجاء الختان‪ .‬ويجب تنبيه الهل َقبل الختان بأن الختان قد ُيؤ ّ‬
‫علمًا بأن الختان يتم عادة بحضور مدعّوين جاؤوا من أماكن بعيدة وتكّلفوا‬ ‫كان هذا التأخير سيخلق مشاكل عائلّية‪ِ ،‬‬
‫مصققاريف طائلققة‪ .‬ولكققن كققثير مققن اليهققود الرثوذكسققيين المريكّييققن ل يحققترمون هققذه القاعققدة ويختنققون رغققم‬
‫‪Cohen: Guide, p. 49-50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 113‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 117-121‬‬ ‫‪3‬‬

‫ل في الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬


‫أنظر النص كام ً‬ ‫‪4‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:5), p. 203‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat 19:5), vol. 11, p. 473‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 11-12‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪97‬‬
‫ف لتحضير حفلققة الختققان أو لكققي‬‫جج بمرض طفلها إّما لكي يتاح لها وقت كا ٍ‬ ‫المخاطر‪ .1‬وهناك أيضًا عائلت تتح ّ‬
‫خرت‬ ‫يتم الختان يوم الحد فيسّهل دعوة القارب والمعارف‪ .‬فتقوم العائلة بتقديم شهادة مرضّية للمققوهيل‪ .2‬وإذا تققأ ّ‬
‫عملّية الختان‪ ،‬فإنه ل يمكن إجراؤها في أّيام السبوت والعياد الدينّية‪.‬‬

‫ويعتمد الخاتن في تحديد حالة الطفل على خبرته الشخصّية أو على فحوصات الطّباء‪ .‬وفي تققونس‪ ،‬يقققوم الخققاتن‬
‫بالكبس بشّدة على الصبع الكبير لرجل الطفل بين البهام والسّبابة‪ .‬فإذا صرخ الطفل بصوت عال‪ ،‬أعتققبر الطفققل‬
‫حته‪.‬‬
‫حة جّيدة ومؤّهل لجراء عملّية الختان عليه‪ .‬ولكن إذا كققان صقراخه هافتقًا‪ ،‬فهقذا دليققل علقى ضقعف صق ّ‬ ‫بص ّ‬
‫‪3‬‬
‫حته يتم َقبل عملّية الختان ‪.‬‬
‫ل عملّية شكلّية لن الكشف عن ص ّ‬
‫وعملّية الكبس هذه ليست إ ّ‬

‫وهناك جدل بين رجال الدين اليهود حول ضرورة ختان طفققل تققوّفى أخققوه بسققبب الختققان‪ .‬فالمشققنا تنقققل لنققا آراء‬
‫رجال دين يرون بأنه إذا توّفى أخوان‪ ،‬فإن الخ الثالث ل يختن‪ .‬وبعضهم يرفع هذا العدد إلى ثلثة‪ .‬وكذلك المققر‬
‫إذا مات أبناء خالة الطفل‪ .4‬ويذكر تلمود أورشليم حادثة موت ثلثة إخوة متلحقين‪ .‬وعندها نصح رابي ناتان بققأن‬
‫خر ختان الطفل الرابع ثم تم ختانه فبقي على قيد الحياة فسّمي بإسمه‪.5‬‬
‫يؤ ّ‬

‫خرة كما هو المر مع اليهود الققذين هققاجروا مققن الّتحققاد السققوفييتي‪ .‬وقققد‬
‫ونشير إلى أن الختان قد يتم في سن متأ ّ‬
‫قامت الطائفة اليهودّية في الوليات المّتحدة بتأمين ختانهم متحّملة في ذلك تكاليف بالغة في بعض الحالت إذ كققان‬
‫صص‪.6‬‬ ‫ُيرسل الشخاص إلى أماكن بعيدة في حالة عدم توّفر موهيل متخ ّ‬

‫ب( العبيد ومن يعتنق اليهودّية والعدو‬

‫تفرض التوراة على اليهودي أن يختن عبيده‪ .7‬وكانت العادة أن يتم ختان العبيد حا ً‬
‫ل بعققد شققرائهم‪ .‬ولكققن ل يمكققن‬
‫ل لختان طفل يكون يومه الثامن يوم سبت‪.8‬‬ ‫ختانهم يوم السبت إذ إن خرق السبت ل يسمح به إ ّ‬

‫كما أن من يريد التحّول إلى اليهودّية‪ ،‬عليه أن يختتققن‪ .‬نقققرأ فققي سققفر يهققوديت‪» :‬ورأى أحيققور كققل مققا فعققل إلققه‬
‫إسرائيل فآمن بال إيمانًا راسخًا وختن لحم غلفته فضم إلى بيت إسرائيل إلققى اليققوم« )يهققوديت ‪ .(10:14‬ويشققرح‬
‫ل كان أو إمقرأة‪ ،‬عليقه أن يتعّلقم مبقادئ الشقريعة اليهودّيقة‬ ‫مؤّلف يهودي حديث أن من يريد التحّول لليهودّية‪ ،‬رج ً‬
‫طقس فقي‬ ‫وبعض اللغة العبرّية حّتى يتمّكن من إتمام شعائر العبادة مع غيره في الكنيس‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يتقم ختقانه ويغ ّ‬
‫طس في حّمام طقسي ول تختن‪ .9‬هققذا ويجققب أن‬ ‫ل‪ .‬أّما إذا كانت إمرأة‪ ،‬فإنها تغ ّ‬
‫حّمام طقسي )مكفاه(‪ ،‬إذا كان رج ً‬
‫‪10‬‬
‫يشهد على تحّول الشخص لليهودّية وعلى ختانه )إن كان ذكققرًا( ثلثققة رجققال ‪ .‬وهنققاك تطقّور فققي هققذا المجققال‪.‬‬
‫فالرثوذكس يفرضون الختان‪ ،‬بينما المجّددون ل يفرضونه‪ .‬أّما المحافظون‪ ،‬فإنهم يعتبرون الختان عملّيققة مؤلمققة‬
‫يمكن التغاضي عنها‪ .‬ولذلك يقوم بعضهم بختان الرجل المتهّود بعد وفاته‪.11‬‬

‫صة طلب غاصب دينة الزواج منهققا )التكققوين ‪-15:34‬‬ ‫وقد سبق أن ذكرنا أن الختان هو شرط للزواج كما تبّينه ق ّ‬
‫‪ .(16‬وما زال اليهود الرثوذكس يعتبرون أنه محّرم على اليهود الزواج من غير اليهود‪ .‬وهذا الققزواج ليققس فقققط‬
‫ل قيمة له في نظر القانون اليهودي‪ ،‬بل أيضقًا يقققترف فقاعله إثمقًا كقبيرًا‪ .‬ولكقن الطفققال الققذين يولققدون مقن هققذا‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 91-92,126-132‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 51-52‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Loir: La circoncision, p. 60‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 164; Romberg: Circumcision, p. 68‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VII, p. 95‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 19-20‬‬ ‫‪6‬‬

‫جاء ذلك في سفر التكوين ‪ 13-12:17‬وفي سفر الخروج ‪.44:12‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 171‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 33-35‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 170‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 71‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪98‬‬
‫الزواج يّتبعون ديانة أّمهم‪ .‬وإذا كانت الم غير يهودّية‪ ،‬يمكن تحّولها لليهودّية حسب القواعد اليهودّية‪ .‬وهكققذا يتققم‬
‫ختانهم‪.1‬‬

‫وقد فرض اليهود الختان على الشعوب التي إستطاعوا أن يسيطروا عليها‪ .‬ففققي سققفر أسققتير نقققرأ أنققه بعققد تتويققج‬
‫أستير ملكة في فارس تحّول عدد كبير من الناس إلى اليهودّية خوفًا من سطوة اليهود )أستير ‪ (17:8‬الذين إنتقمققوا‬
‫ل إن كقثيرًا مقن‬ ‫من أعدائهم بحقد السقيف )أسقتير ‪ .(5:9‬ويقذكر المقؤّرخ اليهقودي »يوسقيفوس« هقذا الحقدث ققائ ً‬
‫الشعوب ختنوا أنفسهم خوفًا من اليهود وهكذا إستطاعوا النجاة‪ .2‬كما يذكر بققأن الكققاهن الكققبر »هيركققانوس« قققد‬
‫فرض على الدوميين بعد إخضاعهم الختان واحترام القوانين اليهودّية كشرط لبقائهم في ديارهم‪ .‬وبما أنهققم كققانوا‬
‫سكين بأرضهم وافقوا على ختانهم‪ .3‬وفي سياق مشابه يذكر بأن »اريستوبولوس« قد فرض نفس الشقرط علقى‬ ‫متم ّ‬
‫‪4‬‬
‫اليطوريين ‪ .‬ويسرد هذا المؤّرخ كيف أن نبيلين من رعايا الملك »اغريبا« طلبا اللجققوء إلققى صققف اليهققود‪ .‬وقققد‬
‫ل أن »يوسققيفوس« ذو الميققول الرومانّيققة رفققض إخضققاعهم‬ ‫إشترط عليهما اليهود لمنحهم حق القامة أن يختنققا‪ .‬إ ّ‬
‫‪5‬‬
‫للختان مبديًا رأيه بأن لكل شخص الحق في أن يعبد ال حسب ضميره ‪ .‬هذا ويزعم رجال الدين اليهود أن يوسققف‬
‫هو الذي أدخل الختان إلى مصر‪ .‬ففي رواية لهم أنه بعد أن أقام فرعون يوسققف علققى مصققر وخققزن القمقح لسقني‬
‫المجاعة‪ ،‬بدأ المصرّيون يأتونه لطلب الخبز‪ .‬فكان جقوابه‪ :‬أنقا ل أعطقي خقبزًا لغيقر المختقونين‪ .‬إذهبقوا واختنقوا‬
‫ل‪ :‬إعملوا كما‬ ‫ل أن فرعون أرجعهم إلى يوسف قائ ً‬ ‫أنفسكم وارجعوا لي‪ .‬فتذّمر المصرّيون واشتكوا إلى فرعون‪ .‬إ ّ‬
‫يأمركم‪.6‬‬

‫ج( من ولد أو تهّود مختونًا‬

‫يرى التلمود أن من ولد مختونًا‪ ،‬أي من دون غلفة‪ ،‬يجب أن ينزل منه نقطة دم من حشفته كعلمة عهد ‪ .7‬ولكن في‬
‫هذه الحالة ل يحق التعّدي على السبت‪ .8‬ويقول كاتب يهودي حديث إن ولدة طفل مختونًا من بطن أّمقه أمقر نقادر‬
‫جّدا فقد تكون الغلفة ملتصقة بالحشفة‪ .‬ففي هذه الحالة ينتظر الخاتن أن يكبر الطفل حّتى تتطّور الغلفققة‪ .‬ثققم يجققري‬
‫له الختان‪ .‬وإذا لم تتطّور الغلفة كالعادة يسلخ الخاتن ما وجد منها‪ .‬وإذا لم يجد شققيئًا‪ ،‬أنققزل مققن الحشققفة نقطققة دم‪.‬‬
‫وعلى كل حال ل يمكن إجراء مثل تلك العملّيات يوم السبت‪.9‬‬

‫وإنزال نقطة دم من حشفة الذكر تتم أيضًا على من تهّود مختونًا‪ ،‬أو من تم ختانه في المستشفى َقبل موعققد الختققان‬
‫المحّدد في الشريعة‪ ،‬أو بأسلوب غير مقبول مثل الختان بآلة ل تسمح بإنزال الدم‪ ،‬أو من يتم ختانه من ِقَبل شخص‬
‫ل الرثوذكس ل يعترفون بختان جرى على يد موهيل غير أرثوذكسي أو غير متققدّين‪ .10‬ويقققول‬ ‫ل ُيعترف به‪ .‬فمث ً‬
‫طبيب وموهيل يهودي أرثوذكسي إن عددًا من الطفال من أوساط غير أرثوذكسّية تم إرسالهم له بعد تحّولهم إلققى‬
‫التّيار الرثوذكسي حّتى يتحّقق من أن ختانهم كان مستوفيًا الشروط الدينّية‪ .‬وكان هذا الطبيب يثقب طرف الحشفة‬
‫صققة بالختققان بسققبب القاعققدة الققتي‬
‫بإبرة حاّدة لنزال نقطة دم منها‪ .‬وفي هذه الحالة ل داعي لعادة الصلوات الخا ّ‬
‫تقول إنه ل داعي لجراء الصلة إذا كان هناك شك في ضرورتها‪.11‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 167-168‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Josephus: Jewish antiquities, XI (vol. VI), par. 285, p. 451‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Ibid., XIII, 257-258‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ibid., XIII, 317-318‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Josephus: The life, (vol. I), par. 113, p. 45‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ .Ginzberg: The legends of the Jews, vol. II, p. 78-79‬وهناك رواية ثانية تقول إنه هو الذي عّلم الحباش‬ ‫‪6‬‬

‫الختان أيضًا ‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. V, p. 407‬‬


‫‪The Talmud of Babylonia, (Yebahot 75B), vol. XIII.C, p. 65-66; The Talmud of the Land of‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Israel, (Shabbat19:2), vol. 11, p. 459-460‬‬


‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VII, p. 114; Barth (editor): Berit Mila, p. 167‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 18‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 425, 427; Cohen: Guide, p. 9, 16, 143‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 59-61‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪99‬‬
‫ولكن قد يكون هناك تشّدد‪ .‬فقد جاء في خبر حول يهودي هنغاري هاجر إلى إسققرائيل أن رجققال الققدين قققد كشققفوا‬
‫عليه وقّرروا أن ما ُقطع منه في ختانه ل يكفي وأن عليه أن يختن من جديد‪.1‬‬

‫د( ختان الخنثى ومن له غلفتين‬

‫لقد تكّلمت المشنا عن إجراء الختان يوم السبت على من كانت معالم عضوه التناسققلي ذات شققك أو مققن كققان عنققده‬
‫عضو تناسلي ذكر وعضو تناسلي أنثى‪ .‬فهناك قول بأنه ل يحق إستباحة السبت من أجققل ختققان مثققل هققذا الطفققل‪.‬‬
‫وهناك قول آخر يسمح بذلك‪ .2‬وقد إعتمققد رافضققو ختققان الخنققثى يققوم السققبت علققى سققفر التكققوين ‪» :14:17‬وأي‬
‫أغلف من الذكور‪ ،‬لم يختن في لحم غلفته« وهذا العبارة تعني في نظرهم من هو كامل الذكورة‪.3‬‬

‫ونجد في التلمود ذكرًا لمقن عنقده غلفتقان‪ .‬وهقذه العبقارة غيقر الواضقحة ققد تكقون أصقل العبقارة )مولقد شقخص‬
‫بذكرين( التي جاء ذكرها في الفقه السلمي والتي سنعود إليها لحقًا‪ .‬يقول التلمود إن مققن لققه غلفتققان يختققن فقققط‬
‫في النهار وفي الوقت المحّدد خلل النهار‪ .‬أّما إذا فات وقته‪ ،‬فإنه يختن في النهار أو في الليل‪.4‬‬

‫هـ( ختان المّيت‬

‫رأينا أن اليهود يعتبرون غير المختون نجسقًا وأن الختققان وسققيلة للخلص فققي الحيققاة الخققرى‪ .‬لققذا فهققم يختنققون‬
‫الطفل الذي يتوّفى َقبل ختانه‪ .‬وفي هذه الحالت ل ُتقرأ البركة على الطفل‪ .‬ويعطى الطفل إسمًا حّتى يحصققى بيققن‬
‫الخالصين يوم قيامة الموتى‪ .‬وأّما إذا كان الطفل قد ولد مّيتا دون نمو أظافره وشعره‪ ،‬فإنه ل ُيختن‪.5‬‬

‫ويرى حاخام محافظ ضرورة ختان الطفل الذي يموت دون ختان بعد أن عققاش ثلثيققن يومقًا‪ ،‬وأنققه ل ضققرر فققي‬
‫ختانه »لدخاله العهد« إذا لم ُيِتم الثلثين يومًا‪ .‬وهذا الحاخام يقققول إن رجققال الققدين اليهققود يتغاضققون عققن ختققان‬
‫الذي يتهّود كبيرًا لن تلك العملّية مؤلمة فيقومون بختانه بعد وفاته‪َ ،‬قبل دفنه‪.6‬‬

‫ويقول موهيل أرثوذكسي إن القواعد اليهودّية واضحة بأن من يولد حّيا ويموت دون ختان يجققب ختققانه َقبققل دفنققه‬
‫لستئصال الغلفة التي تعتبر عارًا‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬ل تقرأ البركة عليققه ول تقققام المراسققيم الدينّيققة‪ .‬ولكققن ُيعطققى‬
‫إسمًا يهودّيا حّتى تبقى ِذكراه وحّتى تصله الرحمة ويحسب في قيامة الموتى وحّتى َيَتَعقّرف علققى أهلقه فققي الحيققاة‬
‫الخرى‪ .‬وإذا ُدفن المّيت دون ختانه ولم يتحّلل الجسم كثيرًا‪ ،‬فإنه يجققب نبققش القققبر وحققذف الغلفققة‪ .‬وفيمققا يخققص‬
‫الولد الذي ُيجهض أو يولد مّيتا‪ ،‬فالعادة أيضًا أن يتم ختانه ضمن مراسيم الققدفن‪ .‬وفققي هققذه الحالققة يجققرى الختققان‬
‫صة بالختان بل آلة جراحّيققة‪ .‬ول حاجققة فققي‬ ‫دون أخذ المحاذير الطّبية على الطفل الحي‪ .‬فل تستعمل الدوات الخا ّ‬
‫هذه العملّية للمرحلة الثانية والثالثة في الختان )سلخ بطانققة الغلفققة ومققص الققدم(‪ .‬وهنققا أيضقًا يعطققى الطفققل إسققمًا‬
‫يهودّيا‪ .‬وقد يسحب الجنين قطعة قطعة من بطن أّمه‪ .‬وفي هذه الحالة يجققب أيضقًا الكشققف عققن القضققيب وختققانه‪.‬‬
‫وكذلك المر إذا كان الجنين في أّول مراحله إذا ما تمّكن الموهيل من رؤية القضيب‪.7‬‬

‫وقد تم ختان اليهود البالغين َقبل دفنهم إذا وجدوا غير مختققونين كمققا حققدث مققع الققذين هققاجروا إلققى إسققرائيل مققن‬
‫الّتحاد السوفييتي وماتوا في إسرائيل‪ .‬وقد نشرت جريدة »جيروزليم بوسققت« عققام ‪ 1993‬خققبرًا يقققول إن وزارة‬
‫الشؤون الدينّية قد كشفت أن جمعّيات الدفن في كل إسرائيل تختن الموات َقبققل دفنهققم دون إذن أهققل المّيققت‪ .‬وقققد‬
‫دافعت جمعّيات الدفن ورئيس الحاخامات الشرقّيين الحاخام مردخاي الياهو عن هذا التصّرف‪ .‬بينما أصدر رئيس‬

‫‪Tribune de Genève, 14 avril 1997‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:3), p. 202‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:3), vol. 11, p. 463; Barth (editor): Berit Mila,‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪p. 167‬‬
‫‪The Talmud of Babylonia, (Yebahot 72A), vol. XIII.C, p. 50‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 22‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 71-72‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 148-151‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪100‬‬
‫الحاخامات الغربّيين »إسرائيل لو« تصريحًا يقول فيه إن الحاخامات ل يفرضققون الختققان ل علققى حققي ول علققى‬
‫مّيت‪.1‬‬

‫وقد دار جدل ساخن في البرلمان السرائيلي في يوليو ‪ 1998‬حول هذا الموضوع حيث ص قّرح »يوسققي سققريد«‪:‬‬
‫»أنا وحدي المسؤول عن أعضائي الجنسّية وليس أحد سواي‪ .‬إن السلطات الدينّية ل تكتفي بالسيطرة علققى حياتنققا‬
‫بل تراقب أيضًا موتنا«‪ .‬ووصف »عوفير بينس« ختان الموتى بأنه »إنحراف جنسي مرضي«‪ .‬وقققد رّدت وزارة‬
‫الشؤون الدينّية بأن هناك حالت قليلة يتم فيها ختان المّيت دون موافقة أهله‪ ،‬ولكن يجققب الخققذ بالعتبققار أن مققن‬
‫هو غير مختون ل يمكن دفنه في المقابر اليهودّية‪.2‬‬

‫‪ (2‬القائمون بالختان ومن يحضره‬


‫الختققان عملّيقة ذات مغققزى جمققاعي يققوم بهققا خققاتن يحيققط بققه عققدد مققن الشققخاص هققم أهقل الطفققل والعّرابققون‬
‫والصدقاء‪ .‬كما أنه هناك شخص حاضر غائب يعتقد اليهود أنه يحضر كل ختان وهو النبي إيلّيا‪.‬‬

‫أ( الخاتن‬

‫يرى التلمود أن على الب مسؤولّية ققرار ختقان إبنقه إعتمقادًا علقى النقص التقوراتي القذي يققول »فأخقذ إبراهيقم‬
‫إسماعيل إبنه وجميع مواليد بيته ]‪ [...‬فختن لحم غلفتهم في ذلك اليققوم عينقه‪ ،‬بحسققب مققا أمققره الق بقه« )التكققوين‬
‫جه لبراهيم وليس لم الطفل‪ .‬وإذا ل يريد الب أخذ قرار ختان إبنه‪ ،‬فللم أن تقّرر ذلك‪ .‬وإذا‬ ‫‪ .(23:17‬فالمر مو ّ‬
‫لم يقم الب والم بواجبهما‪ ،‬فإن المحكمة الحاخامّية هي التي تقّرر ذلك‪ .‬وإذا لم يكن هناك أحد‪ ،‬فمسققؤولّية الختققان‬
‫تعود لي فرد من جماعة اليهود‪.3‬‬

‫وللب ذاته أن يقوم بإجراء العملّية‪ .‬ولكن بإمكانه أن يوّكل أحدًا بختان إبنه إذا كققان ل يعققرف كيققف يختققن‪ .‬فيقققوم‬
‫ضققحوا لققه أن‬‫بالختان خاتن يطلق عليه إسم »موهيل«‪ .‬وبعض الموهيلين يسّلمون السّكين إلى أب الطفققل حّتققى يو ّ‬
‫ضققح‬
‫الختان من مسؤولّيته‪ ،‬ثم يرجع الب السّكين إلى الموهيل تعبيرًا عن توكيله بالختان‪ .‬ولكن البعض الخققر يو ّ‬
‫المر للب شفهيًا َقبل قيامه بالختان‪ .‬وهناك أيضًا من يسّلم السّكين للم لكي تضعها تحت مخقّدتها فققي الليلققة القتي‬
‫تسبق الختان‪ .‬ومن غير الواضح السبب الذي من أجله يتم هذا‪.4‬‬

‫هل يحق للمرأة إجراء عملّية الختان؟ يذكر سفر الخروج أن صّفورة‪ ،‬زوجة موسى‪ ،‬أخذت صّوانة وقطعت غلفققة‬
‫سروا هذا النص بأن صقّفورة لققم تقققم بعملّيقة الختقان بققل جعلقت‬ ‫إبنها )الخروج ‪ .(25:4‬ولكن رجال الدين اليهود ف ّ‬
‫غيرها يستعمل الصّوانة للختان‪ .5‬وفي أّيامنا يسمح اليهود المجّددون للنساء بإجراء العملّية‪ .‬أّما اليهود الرثوذكس‬
‫ل في حالة عدم وجود أي رجل مؤّهل ومستعد لجراء العملّية‪ .‬ويقول كاتب يهققودي إنققه يحققق‬ ‫فل يسمحون بذلك إ ّ‬
‫نظرّيا للمرأة أن تقوم بالختان‪ ،‬ولكن جرت العققادة فققي أن يوّكققل الرجققال بققذلك‪ .‬وفققي أّيامنققا هنققاك نسققاء كققثيرات‬
‫يمارسن مهنة الطب ولذلك ل يوجد مانع من أن تمارس المرأة الختان مثلها مثل الطبيب‪.6‬‬

‫جع علمقاء القدين تعّلقم مهنقة الختقان‪.‬‬‫ويظهر أن وظيفة الموهيل قد وجدت منذ قديم الزمان عنقد اليهقود‪ .‬هقذا ويشق ّ‬
‫فيقول رابي يهوذا بأن على عالم الدين أن يتعّلم أشياء ثلثة‪ :‬الكتابة والذبح حسب النظام اليهودي والختان‪ .‬وإذا لققم‬
‫يكن بذاته خاتنًا فإنه ل يحق له أن يسكن في مكان ل يوجد فيه خاتن‪ .7‬واليوم ُيققدّرب الموهيققل علققى يققد مققرب لققه‪،‬‬
‫ويخضع لدراسات دينّية وطّبية‪ .‬ويقوم بأّول عملّيات الختان تحت إشراف مرّبيه‪ .‬وعنقدما يقتنقع المرّبقي بمققدرته‪،‬‬
‫‪ .The Jerusalem Report, 9 September 1993, p. 8‬أنظر أيضًا خبرًا حول ختان اليهود بعد وفاتهم في إسرائيل‬ ‫‪1‬‬

‫صدر في ‪Circoncision posthume, Le Soir, 17 août 1993‬‬


‫‪Jerusalem Post, July 16, 1998‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 6‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 48-49, 110‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 169‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 427‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 169‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪101‬‬
‫يوصيه لهيئة الموهيلين التي تضقم رجقال ديقن وأطّبقاء فيمتحنقونه‪ .‬وتقبقل المستشقفيات عاّمقة المقوهيلين ليقومقوا‬
‫بالختان فيها‪ .‬وهناك بعض المدارس في الوليات المّتحققدة لتخريققج المققوهيلين يحصققلون علققى شققهادة بعققد إنتهققاء‬
‫دراستهم‪.‬‬

‫ل عليققه أن ل‬ ‫ويرى طبيب وموهيل أنه ُيشترط في الخاتن أن يكون متدّينا يخاف القق‪ ،‬محافظقًا علققى وصققاياه‪ .‬فمث ً‬
‫يحلق لحيته بشفرة‪ ،‬أو يسوق سّيارته يوم السبت أو أن يأكل في مطعم ل يحترم قواعد الطعام اليهودّية‪ .‬فعنققدئذ قققد‬
‫خل حكققومي‬ ‫يكون الختان الذي يجريه ليس شرعّيا‪ .1‬ويضيف بأن على الطائفة اليهودّية تنظيم مهنة الخاتن دون تد ّ‬
‫لن ذلك سيكون حيلة لمحو القواعد التقليدّية وتحويل الختان إلى عملّية طّبية‪ ،‬خالية من كل معنى ديني‪ .‬مّما يؤّدي‬
‫إلى فرض عمل الختان من ِقَبل الطبيب يصاحبه الحاخام أو المرّنم الذي يتلّفظ ببعض الصققلوات‪ ،‬وهققذا مرفققوض‬
‫من ِقَبل القانون اليهودي‪ .‬وقد يؤّدي ذلك لحقًا إلى حذف الختان تمامًا‪.2‬‬

‫وفي مدينة تونس‪ ،‬كان يقوم بالختان في بدايقة الققرن العشقرين عقدد مقن الشقخاص يمارسقون مهنقًا مختلفقة‪ .‬ول‬
‫ل دينّيا يعّبر عققن التقققوى‪ .‬ولكققن تعطققي‬ ‫يحصل الخاتن على مقابل مالي لجراء الختان‪ .‬فهو يعتبر تلك العملّية عم ً‬
‫العائلت الغنّية مبلغًا من المال كهبة‪ .‬ويتسابق الخاتنون فققي الحصققول علققى شققرف إجققراء تلققك العملّيققة للطفققال‬
‫اليهود‪ .‬فمنذ ظهور علمة الحمل عند المرأة اليهودّية‪ ،‬يطلبون منهققا أن يختنققوا وليققدها إن كققان ذكققرًا‪ .‬وإذا كققانت‬
‫العائلة فقيرة‪ ،‬يقوم الخاتن بتقديم مبلغ للكنيس اليهودي عنها كما يدفع مبلغقًا للحاخققام الققذي يقققوم بققترنيم الصققلوات‬
‫خلل الختان وبعد الختان بخمسة أّيام كما ويقومون بدفع تكاليف حفلة الختان‪ .3‬ويرافق الخققاتن فققي تققونس خمسققة‬
‫أشخاص مارسوا الختان من َقبل‪ .4‬ويقول كاتب يهودي حديث إنه من المستحسن وجققود موهيققل ثققاني علققى القققل‬
‫بجانب الموهيل الّول حّتى يتشاورا في حالة حققدوث أّيققة مشققكلة‪ .‬وهققذا أيضقًا يجققبر الخققاتن الققديني علققى إجققراء‬
‫ل وبصورة عادّية دون إستعجال أو إنتقاص‪.5‬‬ ‫الطقس الديني كام ً‬

‫ليس إذًا من الضروري أن يكون الموهيل رجل دين‪ .‬فهناك أطّباء يهود تدّربوا علي الختان القديني‪ .‬وقققد دار جققدل‬
‫حيا تسليم الطفل إلى طبيب أم إلى موهيل‪ .‬فقد يكون للموهيل اليهودي خبرة ولكققن‬ ‫ضل ص ّ‬ ‫حول ما إذا كان من المف ّ‬
‫تنقصه المعرفة الطّبية في حالة حدوث مضاعفات‪ .‬ولكن هناك أيضًا من يرى أن الطبيب قّلما يعير الختققان أهّميققة‬
‫كبيرة كما يعيرها الموهيل‪ .‬فالطبيب يقوم بالختان عاّمة في الوليات المّتحدة فققي آخققر عملققه‪ ،‬فيختققن عقّدة أطفققال‬
‫بالتوالي في غرفة مغلقققة بقصققد إضققافة ربققح إلققى ربحققه‪ .‬بينمققا الموهيققل يقققوم بتلققك العملّيققة فققي حضققور الهققل‬
‫والمدعّوين مّما يجعله أكثر حرصًا في عمله‪ .6‬ويقول مؤّلف يهودي بأنه في حالة عدم وجقود موهيقل‪ ،‬فقإنه يسقمح‬
‫باللجوء إلى طبيب لجراء الختان‪ .‬ولكن يجب أن يكون الطبيب يهودّيا وعلى علم بعملّية الختان الديني والصلوات‬
‫المرافقة وعليه أن يتصّرف بالحترام اللئق بهذا الطقس الديني‪ .‬والعادة أن يصاحب الطبيب حاخام يشققرف علققى‬
‫إجراء العملّية ولكن إذا ُوجد موهيل‪ ،‬فعلى الحاخام أن يؤّكد على ضرورة إجراء الختان من ِقَبل الموهيل‪.7‬‬

‫ويشرح طبيب يهودي كيف أنه قبل أن يتعّلم مهنة الختان الديني إلتجأ إلى حاخام طققائفته لطلققب نصققيحته‪ ،‬معتققبراً‬
‫أن رأي الحاخام أقرب إلى الصواب بسبب قربه من المصدر الديني‪ ،‬وأن اليهودي ل يقوم بأي عمقل مهقم كقزواج‬
‫أو شراء بيت أو تجارة دون أن يطلب نصيحة رجل الدين‪ .‬وكان عليه بعد ذلك أن يلجققأ إلققى موهيققل متمقّرس فققي‬
‫مهنته لتعّلم فن الختان الديني حسب القواعد الدينّية رغم أنه كان قد أجرى عدد من عملّيات الختان كطققبيب ج قّراح‬
‫من َقبل‪ .‬ويذكر هذا الطبيب أن بعض الموهيلين يرفضون رفضًا قاطعًا تدريب رجال الطب علقى مهنتهقم حّتقى ل‬
‫ُينظر للختان بأنه عملّية جراحّية وليس عملّية دينّية‪ .‬وحّتى تختفي هذه النظرة إلى الختان فإن هذا الطبيب الموهيل‬
‫يلبس ملبس دينّية خلل عملّية الختان الديني بالضافة إلى فرضه وجققود عقّراب وإتمققام الصققلوات الدينّيققة حّتققى‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 89-90‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 37-39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Loir: La circoncision, p. 58‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Loir: La circoncision, p. 59‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 77‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 52-53‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 427‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪102‬‬
‫وإن تّمت عملّية الختان في المستشفى‪ .1‬وهو يرى أن أحد أسققباب نظققرة بعققض اليهققود إلققى الختققان وكققأنه عملّيققة‬
‫جراحّية يرجع إلى تصّرفات بعققض المققوهيلين الققذي يتصقّرفون وكققأنهم رجققال طققب‪ ،‬فيلبسققون الملبققس الطّبيققة‬
‫ويستعملون في كلمهم التعابير الطّبية‪ .‬ويضيف أن قيام الطبيب بُمهّمة الموهيل قد يساعد بعققض العققائلت لتمققام‬
‫ل في نفس القوقت للجقأ كقثير مقن اليهقود فققط إلقى طقبيب جقّراح لعمقل‬ ‫الختان الديني‪ .‬فلول أنه كان طبيبًا وموهي ً‬
‫‪2‬‬
‫الختان دون أي إعتبار للشروط الدينّية‪ .‬فالبعض يرى أن كون الموهيل طبيبًا يطمئنهم أكثر ‪.‬‬

‫ل إذا كان هو مختونًا‪ .‬وهققذا‬ ‫لإّ‬ ‫هل يحق لغير اليهودي ختان اليهودي؟ يجيب التلمود أنه ل يحق لحد أن يختن طف ً‬
‫ينطبق على اليهودي وغير اليهودي‪ .‬ويضيف بأن لليهودي الحق في ختقان السقامري‪ ،‬أّمقا السقامري فل يحقق لقه‬
‫ختان اليهودي‪ .3‬ويقول مؤّلف يهودي حديث إنه ل يحق لغير اليهققودي أو لليهققودي غيققر المتققدّين أن يقققوم بختققان‬
‫ضل أن ُيترك الطفل دون ختان مّما أن ُيختن مققن ِقَبققل شققخص كهققذا‪ .‬وإذا تققم الختققان مققن ِقَبلهققم‪،‬‬
‫الطفل‪ ،‬ومن المف ّ‬
‫‪4‬‬
‫فيجب تصحيح الختان بإنزال نقطة دم من ذكر الطفل ‪.‬‬

‫ول يعتبر ختانًا دينّيا الختان الذي يتم في المستشفيات من ِقَبل طبيب في الّيام الولى من حياة الطفل تحت صققورة‬
‫عملّية جراحّية‪ .‬فهذا الختان يخالف الوامر الدينّية اليهودّية لنه ل يتم في اليوم المحّدد له )اليوم الثققامن(‪ ،‬ول يتققم‬
‫القطع بالسلوب الديني‪ ،‬ول تصاحبه المراسيم الدينّية‪ .‬ولكن هذا الختان يمكن تصحيحه بإنزال نقطة دم من حشفة‬
‫الذكر وإقامة المراسيم الدينّية‪ .‬وتذكر »روزماري رومبيرج« حالة ختان طفل يهققودي فققي مستشققفى دون موافقققة‬
‫الهل فرفض الخاتن اليهودي إجراء المراسيم الدينّية للختان بعدما أن إكتشف أن الطفل مختون طّبيا‪ .‬فرفع الهققل‬
‫دعوة على المستشفى‪ .5‬وفي عام ‪ 1958‬هّددت أم يهودّية أمريكّية بالنتحار عندما علمت أن إبنها قد تم ختققانه بيققد‬
‫جّراح في المستشفى وليس من ِقَبل موهيل‪.6‬‬

‫وبما أنه من غير الممكن صد الطّباء قانونّيا عققن ممارسققة ختققان الطفققال اليهققود كعملّيققة طّبيققة‪ ،‬إقققترح الطققبيب‬
‫الموهيل السابق الذكر أن يرسل اليهود إلى جميع الطّباء اليهود وغير اليهققود فققي مققدينتهم رسققالة يققبّينوا فيهققا أن‬
‫الختان اليهودي هو طقس مارسه اليهود كعلمة عهد وجزء أساسي من تراثهم عبر العصور رغققم الضققطهادات‬
‫صة بالكققل أو بققاحترام السققبت‪ ،‬إ ّ‬
‫ل‬ ‫ورغم إندماجهم في الثقافات التي عاشوا بينها‪ .‬فقد يترك اليهودي القوانين الخا ّ‬
‫أنه يستمر في ممارسة الختان‪ .‬وهذا الختان اليهودي يختلف عن الختان الطّبي لنه ل يتم َقبل اليوم الثامن‪ ،‬ويجققب‬
‫أن يقوم به موهيل‪ .‬وتطلب الرسالة من الطّباء أن يشيروا على اليهود الققذين يلجققأون إليهققم بققأن يمارسققوا الختققان‬
‫الققديني‪ ،‬وُتصققحب الرسققالة ببعققض الكتابققات حققول هققذا الموضققوع تققم إعققدادها مققن ِقَبققل مستشققفى يهققودي فققي‬
‫»كليفيلند«‪.7‬‬

‫ب( السندك والعّرابين‬

‫الختان في الكتاب المقّدس اليهودي هو حدث عائلي يقوم به الب بحضور أفراد العائلققة بمققا فيهققم الم‪ .‬ثققم أصققبح‬
‫حدثًا جماعيا يتم ضمن »الخفروت«‪ ،‬وهي إجتماعات للكل والشققرب للحتفققاء بالسققبت أو بالعيققاد والمناسققبات‬
‫الخرى كالزواج والولدة والوفاة على غرار المآدب في المجتمع الوثني اليوناني والروماني‪ .‬وهققذه الجتماعققات‬
‫كانت مفتوحة للجميع‪ ،‬رجال الدين والعلمانيين على السواء‪ ،‬ولكّنها ممنوعة »للنساء والعبيد والصغار«‪.8‬‬

‫وانتقل بعد ذلك الختان إلى الكنيس )أي المجمع(‪ .‬ولم يكن هذا المكان يلعب دورًا دينّيا‪ .‬مّما سمح بحضور المققرأة‪.‬‬
‫سسة دينّية سققارعوا باسققتبعاد المققرأة مققن الختققان‪.‬‬
‫سسة الكنيس وتحويلها إلى مؤ ّ‬
‫وبعد سيطرة رجال الدين على مؤ ّ‬
‫وهناك نص لرجل دين يهودي ألماني توّفى حوالي عام ‪ 1285‬يقول فيه إن على كل شخص يخاف ال ق أن يخققرج‬
‫‪Romberg: Bris Milah, p. 20-26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 26-27, 33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:2), vol. 11, p. 459‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ Cohen: Guide, p. 16 and 143‬أنظر أيضًا ‪Klein: A guide to Jewish religious practice, p. 427‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 118‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 156‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 154-155‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 58-63, 136-144, 195‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪103‬‬
‫من المعبد إذا حضر ختان طفل على حضن أّمققه‪ ،‬حّتققى وإن كققان الخققاتن هققو أب الطفققل‪ .‬وهققو يعتمققد علققى قققول‬
‫للتلمود‪ :‬من الفضل أن تسير خلف أسد مّما أن تسير خلف إمرأة‪ .‬كما يذكر قول للنبي صموئيل‪» :‬إن الطاعة خير‬
‫من الذبيحة« )‪ 1‬صموئيل ‪ .(22:15‬ويشير أن النساء كانت تجلس في الهيكل فققي مكققان منفصققل حّتققى ل تشققوش‬
‫فكر الكهنة باستثارتهم جنسّيا‪.‬‬

‫وقد سن رجال الدين اليهود في العصور الوسطى إنه ل يحق للم حّتى إيصال الطفل إلى الكنيس‪ ،‬بل توّكل إمققرأة‬
‫بذلك‪ ،‬أطلق عليها إسم »بعلة بريت« )أي خادمة العهد(‪ .‬وهذه ل تدخل الكنيس بل تسّلمه إلققى »بعققل بريققت«‪ ،‬أي‬
‫»خادم العهد«‪ .‬ويتم الختان على حضن هذا الرجل في حققال غيققاب أبيققه عققن الختققان‪ .‬وقققد تحقّول السققم وأصققبح‬
‫السققندك‪ ،‬وُيظققن أن هققذه الكلمققة تحققوير للكلمققة اليونانّيققة ‪ anadekomenos‬الققتي تعنققي الضققامن أو مققا يس قّميه‬
‫المسيحّيون »العّراب« أو »الشبين«‪ .‬وقد أخذ اليهود هذا النظام من طقس العّماد عند المسيحّيين‪ .‬فالمسيحّيون منققذ‬
‫القرن الرابع أدخلوا هذا الشخص في طقس العّماد‪ .‬وهناك من يظن أن كلمة السندك تأتي من كلمققة يونانّيققة أخققرى‬
‫‪ sunteknos‬والتي تعني المساعد‪ .‬وقد أسُتعِملت كلمقة السققندك لّول مقّرة فقي القققرن الحقادي عشقر‪ .‬وققد أعُتققبر‬
‫العّراب بدرجة أعلى من الخاتن إذ شّبهت ركبتيه التي يجلس عليها الطفل بالهيكل الذي ُيقّدم عليققه البخققور لقق‪ .‬ثققم‬
‫أعُتبر وكأنه كاهن في المعبد‪.‬‬

‫هكذا أضيف العّراب لطقس الختان في القرون الوسطى بهدف إبعاد الم‪ .‬ولم تققدخل المققرأة فققي الكنيققس لحضققور‬
‫ل في القرن السادس عشر بجانب زوجها‪ .‬ولكن دون أن يكون لهققا الحققق فققي إجلس الطفقل فققي حضقنها‬ ‫الختان إ ّ‬
‫‪1‬‬
‫كعّرابة للطفل‪ .‬فبقي الختان في يد الرجال ‪.‬‬

‫هذا ول بد من الشقارة هنقا إلقى أن المقرأة مسقتبعدة مقن الطققوس الدينّيقة اليهودّيقة‪ .‬والرجقل فقي صقلته يقذكر‪:‬‬
‫»أحمدك اللهم لنك لم تجعلني إمرأة«‪ .‬أّما المرأة‪ ،‬فهي تقول‪» :‬أحمدك اللهققم لنققك جعلتنققي حسققب إرادتققك«‪ .‬ول‬
‫ل في عصرنا في الوساط اليهودّية المجّددة‪ .‬وقد أصبح لهققا الن‬ ‫يحق للمرأة أن تصبح رجل دين‪ .‬وهذا لم يتغّير إ ّ‬
‫الحق في أن تعمل كموهيل‪ .2‬كما أن العّراب عند التّيار المجّدد يمكققن أن يكققون إمققرأة ‪ .‬وفققي زمننققا ُيختققار رجققل‬
‫‪3‬‬

‫وامرأة يدعيان ‪ kvatter‬وهي كلمة من أصل ألماني تعني أيضًا العّراب يحضران الختان بالضققافة إلققى الع قّراب‬
‫الذي يحمل الطفل في حضنه وقت الختان‪.‬‬

‫صة فققي المستشققفى‪ .‬والختققان فققي الققبيت يطققرح‬ ‫وفي أّيامنا كثيرًا ما يتم الختان في بيت أهل الطفل أو في قاعة خا ّ‬
‫‪4‬‬
‫مشكلة المكان للمدعّوين‪ .‬ولذلك يقترح بعضهم أن يجرى الختان ضمن الكنيس ‪ .‬ورغم هذا التحّول في المكان من‬
‫الكنيس إلى البيت‪ ،‬بقيت الحكام اليهودّية التي ُتَهّمش دور الم سارية المفعول‪ .‬فل يحق لها أن تحمل الطفققل عنققد‬
‫ضح طبيب يهودي يمارس الختقان القديني أن فقي الختقان دور لسقبعة أشقخاص بالضقافة إلقى‬ ‫إجراء الختان‪ .‬ويو ّ‬
‫الخاتن‪ (1 :‬العّرابة؛ ‪ (2‬العّراب؛ ‪ (3‬الشخص الذي يضع الطفل على كرسي إيلّيا؛ ‪ (4‬الشخص الققذي يأخققذ الطفققل‬
‫من كرسي إيلّيا ليسّلمه لبيققه القذي يسقّلمه بقدوره إلققى السقندك؛ ‪ (5‬السقندك الققذي يحمققل الطفققل عنقد الختققان؛ ‪(6‬‬
‫الشخص الواقف للبركة أو السندك الثاني؛ ‪ (7‬الشخص الذي يقققول البركققة‪ .‬وهققذه الدوار‪ ،‬مققا عققدا الققدور الّول‪،‬‬
‫ترجع إلى الرجال‪ .‬وواضح أنه ليس للم دور يذكر في هذا المنطق‪ .‬وإذا لم يكققن الب يهودّيققا‪ ،‬فققإن الققذي يتنققاول‬
‫الطفل من كرسي إيلّيا ليسّلمه إلى السندك هو جد الطفل من أّمه )أب الم(‪.5‬‬

‫ج( الجمع‬

‫ضل أن يكون هناك العّراب والب وعدد من‬ ‫ل وجود الخاتن‪ ،‬ولكن من المف ّ‬
‫ل يتطّلب الختان حّتى يكون صحيحًا إ ّ‬
‫ضقل وجقود عشقرة أشقخاص أعمقارهم فقوق سقن الثالثقة عشقرة‪ ،‬أي النصقب‬ ‫الحضور‪ .‬ومنهم مقن يققول بقأنه يف ّ‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 136-144, 190-207‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 136-144‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 6-7‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 99-101‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪104‬‬
‫الضروري لقامة الصلة الجماعّية إكرامًا لوجود النبي إيلّيا الذي يزعم اليهود إنه يحضقر كققل ختقان كمقا سقنرى‬
‫في النقطة التالية‪ .1‬وفي التّيار اليهودي المجّدد يمكن أن يكون هذا النصب من عشرة رجال أو نساء‪.2‬‬

‫وهناك إعتقاد بأن حضور ختان طفل هو وسيلة ضد العقم‪ .‬ففي بعض الحققالت يحضققر الموهيققل معققه زوجيققن ل‬
‫ينجبان إلى حفل الختان دون إعلم أهل الطفل بذلك‪ .‬مّما يسّبب حرجًا‪.3‬‬

‫د( إيلّيا الغائب الحاضر‬

‫لجراء عملّية الختان يؤتى بكرسيين بجانب بعضهما أو كرسي مع مقعققدين‪ :‬واحققد للسققندك الققذي سققيحمل الطفققل‬
‫خلل الختان والخر للنبي إيلّيا‪ .‬ولذا يدعى هقذا الكرسقي »كرسقي النقبي إيلّيقا«‪ .‬وققد يكقون هقذا الكرسقي مزّيقن‬
‫بعبارة مثل »هذا كرسي النبي إيلّيا‪ ،‬يذكره ال بالخير«‪ .‬وقد يكون كرسي عادي‪ .‬وهو تقليد يهودي نجده فققي كتققب‬
‫المدراش من القرن التاسع الميلدي مبني على إعتقاد أن النبي إيلّيا موجود في كل ختان‪.4‬‬

‫هذا العتقاد ذو علقة بسفر الملوك الّول )الفصل ‪ (19‬الذي يحكي كيف أن إيلّيا إشتكى لق تققرك اليهققود للختققان‪.‬‬
‫ل‪» :‬أحلف بحياتي أنك ستكون حاضرًا فققي كققل مكققان يضققع أبنققائي هققذه‬ ‫تقول الرواية إن ال غضب على إيلّيا قائ ً‬
‫العلمة المقّدسة على جسدهم‪ .‬والفم الذي إّدعى أن إسرائيل قد نسي هذا العهد سيشهد في المستقبل أن إسققرائيل قققد‬
‫أتّمه«‪ .‬وتضيف الرواية إنه عندما يأخذ رجل إبنه للختان‪ ،‬فإن ال يقققول لحاشققيته‪» :‬أنظققروا مققاذا يفعققل إبنققي فققي‬
‫العالم«‪ .‬حينذاك ُيدعى إيلّيا فيطير ليحضر الختان ثم يصعد ويققّدم شققهادة عققن الختققان ل‪ .5‬ونقققرأ فققي سققفر النققبي‬
‫ملخي‪» :‬هاءنذا مرسل رسولي فيعد الطريق أمامي‪ ،‬ويأتي فجأة إلى هيكله الس قّيد الققذي تلتمسققونه‪ ،‬وملك العهققد‬
‫الذي ترتضون به‪ .‬ها إنه آت‪ .‬قال رب القوات« )ملخي ‪ .(1:3‬ويظن اليهود أن عبارة »ملك العهد« تعني النبي‬
‫إيلّيا الذي يكون سابقًا لمجيء السّيد المسيح‪ .‬وكلمة العهد تعنققي الختققان‪ .‬وإيلّيققا يعتققبر المحققامي الخققاص للطفققال‪.‬‬
‫وهذا تلميح إلى ما ورد في سفر الملوك الّول )‪ (24-17:17‬الذي يحكي كيف أعققاد إيلّيققا الحيققاة بققأمر الققرب إلققى‬
‫طفل أرملة مات في حضرته‪.‬‬

‫ويذكر موهيل إنه بعد الختان يضع ورقة علقى الكرسققي يكتققب عليهقا بقأن تبققى هقذه الكرسققي فقي مكانهققا وأن ل‬
‫تستعمل في الّيام الثلثة التي تتبع الختان‪ .6‬وبين الجالية اليهودّية الجزائرّية في فرنسا عادة وضع زجاجة مملقوءة‬
‫ل بناتًا‪.7‬‬
‫بالماء تحت كرسي إيلّيا تسقى للنساء العواقر أو لمن ل يرزقن إ ّ‬

‫‪ (3‬تنفيذ الختان‬
‫أ( العداد الروحي والماّدي للختان‬

‫الختان في إعتقاد اليهود هو أمر إلهي وعلمة عهد بين ال وبينهم‪ .‬لققذا فهققو ل يقتصققر علققى عملّيققة جراحّيققة‪ ،‬بققل‬
‫تصاحبه إستعدادات روحّية دخلت فيها عّدة عادات وأساطير‪.‬‬

‫ومن بين تلك العادات حفلة تدعى »سلم للِذكر« )شلوم زكققور( تتققم يققوم الجمعققة الققتي تسققبق الختققان أو فققي أّول‬
‫جمعة بعد مولد الطفل‪ .‬فاليهود يعتقدون أن ملكًا يعّلم الطفل كل التوراة داخل بطن أّمه ولكّنققه ينسققى التققوراة عنققد‬
‫صة طفل ولد في إسرائيل وهو حافظ كل التوراة‪ .‬فلجأ أهله إلى حاخققام‪ ،‬فصقّلى هققذا‬ ‫مولده‪ .‬ويذكر طبيب موهيل ق ّ‬
‫حّتى ينسى الطفل التوراة ويتعّلققم التققوراة بالسققلوب الطققبيعي مققن خلل الجهققد والعمققل‪ .‬واليهققود الققذين يتعّلمققون‬
‫ل بتذّكر ما كانوا يعلموه في بطن أّمهم ونسوه عند خروجهم منه‪ .‬وبناء على هققذا‬ ‫التوراة يعتقدون أنهم ل يقومون إ ّ‬
‫‪Cohen: Guide, p. 39-40‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 6-7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 77-78‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 73‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Tishby: The wisdom of the zohar, vol. III, p. 1178‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 117‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 83‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪105‬‬
‫العتقاد‪ ،‬يقوم اليهود في حفلة »سلم للِذكر« بأكل طعام خاص من حب البازيل‪ ،‬وهو الطعام الذي ُيقّدم أيضًا عند‬
‫الرجوع من المقبرة بعد دفن المّيت‪ .‬فحب البازيل ل فتحة فيه شبيهة في ذلك بققالموت الصققامت‪ ،‬بخلف الحبققوب‬
‫الخرى التي لها فتحة‪ .‬فيكون أكل البازيل في حفلة تحّية الذكر تعبيرًا عن الحداد علققى نسققيان الولققد التققوراة عنققد‬
‫ولدته‪.1‬‬

‫وهناك إعتقاد سائد بين اليهود بوجود أرواح شّريرة أهّمها زوجة آدم الولى والتي يطلقققون عليهققا إسققم »ليليققت«‪.‬‬
‫وهذه الرواح تحوم حول النسان لتطيح به‪ .‬وهي تحاول إضاعة مني الرجل وخنق الطفال الققذكور خلل الّيققام‬
‫الثمانية الولى حّتى ختانهم‪ ،‬والطفال الناث خلل العشرين يومًا الولى‪ .‬فيكون الختققان أسققلوبًا لتخليققص الطفققل‬
‫من شرور تلك الرواح التي تختفي أمام منظر الدم‪ .‬ويقيم اليهود في الّيققام السققابقة للختققان سققهرات حققول الطفققل‬
‫صة لليلة السققابقة للختققان‬ ‫لحمايته من تلك الرواح يتم فيها قراءة الكتب المقّدسة وإقامة الصلوات‪ .‬وهناك أهّمية خا ّ‬
‫لنهم يعتقدون أن تلك الرواح تحاول منع الطفل من الختان الذي به ينجو من الجحيم‪ .‬ويطلق اليهود اللمان علققى‬
‫هذه الليلة إسم »ليلة اليقظة«‪ .‬وهم يستعملون لنفس الهدف الطلسم‪ .‬ومنهم من ينصب مائدة عليها مققأكولت حّتققى‬
‫تلتهي بها الرواح وتبعققد عققن الطفققل‪ .‬ويهققود اليمققن ل يققتركون الطفققل والم وحققدهما فققي الليلققة السققابقة للختققان‬
‫ويحرقون البخور داخل الغرفة حماية من الرواح الشّريرة‪ .‬ونجد عند اليهقود اللمققان منققذ القققرن الخققامس عشققر‬
‫عادة رمي الطفل بعد الختان ثلثة مّرات في الهواء حّتى ينجو من سحر عجوز قبيحة‪ .2‬ويعّلققق اليهققود فققي مدينققة‬
‫تونس عدد من الشياء التي تحمي الطفل من العين مثل يد فاطمة وذنب السمك‪ .‬وحّتى ل يكون هنقاك شقك فقي أن‬
‫إحدى الزائرات قد أصابت الطفل المختون بالعين‪ ،‬تقوم هذه بتبليل خد الطفل بلعابها‪ ،‬وهناك أيضًا من تبصققق فققي‬
‫فم الطفل‪.3‬‬

‫ل بقول التوراة‪» :‬هذا إلهي فيه اعجب‪ ،‬إله أبي فيققه أشققيد«‬‫ويحاول اليهود إحاطة الختان بمظاهر البهجة وذلك عم ً‬
‫‪4‬‬
‫)الخروج ‪ .(2:15‬وهذا البتهاج يعّبر عنه في عّدة الختان وثياب الطفل والوجبة التي تعد لذلك ‪ .‬وتضاء في حفلققة‬
‫الختان الشموع‪ .‬ويرى البعض أن ذلك إشارة لنص التوراة‪» :‬إن الوصّية مصباح والتعليم نققور« )المثققال ‪(23:6‬‬
‫أو رمز البتهاج‪ ،‬أو علمة لشعار الماّرة بأنه في ذاك البيت ُيعد لجراء الختان في زمن كان الختان ممنوعًا فيتم‬
‫بالسّرية‪ .‬ومنهم من يضيء ثلث عشرة شمعة بعدد المّرات التي ُذكرت فيها كلمة ختان في الفصققل ‪ 17‬مققن سققفر‬
‫التكوين‪ ،‬أو إشارة إلى أولد يعقوب الثني عشر يضاف إليهم الطفل‪ .‬ومنهم من يرى أن الغايققة مققن تلققك الشققموع‬
‫إبعاد الرواح الشّريرة عن الطفل‪.5‬‬

‫والخاتن اليهودي يشارك في الستعداد الروحي والماّدي للختان‪ .‬يقول كتاب يهودي عن الختان أن على الخاتن أن‬
‫يعتبر نفسه وسيطًا بين ال والعائلة لتنفيذ وصّية إلهّية‪ .‬فعليه أن يلتقي مع الهل لفهامهم معنققى الختققان وإعققدادهم‬
‫ضر معهم النص الذي سوف يقرأه في تلك المناسبة‪ ،‬ويغتنم مناسبة الختققان لتثقيققف العائلققة‬ ‫ح ّ‬ ‫روحّيا لهذا الحدث وُي َ‬
‫‪6‬‬
‫والمدعّوين دينّيا حّتى يثّبت فيهم المبادئ اليهودّية ‪.‬‬

‫وينصح طبيب موهيل الهل الّتصال به بعد ولدة الطفل بيوم أو يومين حّتى يعد نفسققه ويحجققز الموعققد المحقّدد‪.‬‬
‫فيقوم عاّمة بزيارة الطفل َقبل الختان بيوم أو يومين ليفحصه ويرى ما إذا كان هنققاك أي مققانع مققن إجققراء الختققان‬
‫حة الطفل أو كون أّمه غير يهودّية‪ .‬ويعطي في هذه المناسبة الهل النصائح بخصوص الستعدادت للختان‬ ‫مثل ص ّ‬
‫ومكانه وترتيب الشخاص الذين سيتوالون في حمل الطفل منذ دخققوله إلققى إنتهققاء العملّيققة والسققم العققبري الققذي‬
‫سيعطى للطفل‪ .‬ويسأل أيضًا الخاتن عن الدوية واللّفافات وقّنينة الخمر التي يسققتعملها فققي الختققان والمأدبققة الققتي‬
‫تقام بعد الختان‪.‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 96-97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Trachtenberg: Jewish magic and superstition, p. 37, 42, 48, 106, 157, 166, 170-172; Lewis:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪In the name of humanity, p. 61-63; Circumcision, Encyclopaedia judaica, col. 576; Lilith,‬‬
‫‪Encyclopaedia judaica; Romberg: Circumcision, p. 37-38‬‬
‫‪Loi: La circoncision, p. 61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 16‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Trachtenberg: Jewish magic and superstition, p. 170-171‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 5, 35-46‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪106‬‬
‫ويبّين هذا الموهيل بأنه في يوم الختان‪ ،‬يستيقظ مبّكرا ويذهب إلى المغطس الديني القذي تقديره طقائفته‪ .‬ثققم يققذهب‬
‫إلى الصلة الجماعّية مع الذين سيحضرون الختان‪ .‬وعاّمة ل يأكل إفطاره َقبل الختان بققل يقذهب مباشققرة لجقراء‬
‫ل إذا كان الختان في وقت غير الصباح‪.‬‬ ‫الختان‪ ،‬إ ّ‬

‫وَقبل الختان بدقائق يكشف هذا الموهيل عن غلفة الطفل ويمّرر قضيبًا فضيًا بيققن غلفتققه وحشققفته لفصققلهما وذلققك‬
‫أمام والده وأّمه‪ .‬ثم يقوم باسترجاع الصلوات الققتي سققيقولها الب‪ .‬وفققي الققوقت المحقّدد يّتجققه إلققى الغرفققة المعقّدة‬
‫للختان حيث الجمع فيشرح لهم المعني الديني للختان ثم يلبس ثيابه الدينّية ويضع علققى جققبينه ويلققف علققى ذراعققه‬
‫أدوات الصلة ويقترح على الحضور وضعها خلل الختان حّتى يحيط هذه العملّيقة بجقو دينقي‪ .‬وكقثيرًا مقا يكقون‬
‫لبس هذه الدوات لّول مّرة من ِقَبل الحاضرين‪ .‬وهكذا يتم زرع الشعور الديني عندهم‪ .‬ثم يغسل يديه ويطلب مققن‬
‫ضر الطفل من أّمه وتسّلمه للعّراب‪ .‬وعند دخول الطفل يقول الجمع‪ :‬مبارك التققي‪ .‬ثققم يأخققذ الطفققل‬ ‫العّرابة أن ُتح ِ‬
‫‪1‬‬
‫شخص آخر ليضعه على كرسي إيلّيا ‪.‬‬

‫ف لكل حركة يقوم بها ويرد على أسقئلة الحاضققرين فيمقا يخققص الختقان‪.‬‬ ‫وهذا الموهيل يصاحب الختان بشرح وا ٍ‬
‫وهو ينتقد زملءه الذين يتّمون العملّية بسرعة بعيدًا عن أعيققن النققاس ودون شققرح لعملهققم‪ .‬فيقققول‪» :‬دعونققا نققبّين‬
‫للناس ماذا يجري ولنتركهم يقارنون الوضع َقبل وبعد الختان فسيقّدرون حين ذاك حققق قققدره رمققز العهققد البققدي‬
‫هذا بين الشعب اليهودي والخالق«‪.2‬‬

‫ب( عّدة الختان‬

‫ل تذكر لنا التوراة اللة التي ختن إبراهيم نفسه بها‪ .‬وروايات يهودّية تقول بأنه قد ختن نفسه بسيف أو بصّوانة أو‬
‫قرصه عقرب فقطع غلفته كما ذكرنا سابقًا‪ .‬وتروي التوراة أن صّفورة إمققرأة موسققى ختنققت إبنققه البكققر بصقّوانة‬
‫)الخروج ‪ .(25:4‬وكذلك فعل يشوع مع اليهود في البّريققة )يشققوع ‪ .(3-2:5‬وقققد يكققون لسققتعمال الصقّوانة عقّدة‬
‫أسباب‪ :‬عدم تواجد آلة معدنّية‪ ،‬مّما يعني أن الختان عادة كانت تمقارس َقبقل إكتشقاف المعقادن‪ ،‬أو محاكقاة لعملّيقة‬
‫الختان التي تصّورها لنا النقوش المصققرّية والققتي ُيسققتعمل فيهققا الصقّوان للختققان‪ ،‬أو لن الحديققد كمعققدن لللت‬
‫الحاّدة كان معتبرًا نجسًا في النصوص التوراتّية‪ .‬ففي سفر الخروج نقرأ‪» :‬وإن صنعت لي مذبحًا من حجققارة‪ ،‬فل‬
‫تبنه بالحجر المنحوت‪ .‬فإنك إن رفعت حديدك عليها دّنستها« )‪ .(25:20‬وفي سفر تثنية الشتراع‪» :‬وتبنققي هنققاك‬
‫مذبحًا للرب إلهك‪ ،‬مذبحًا من الحجارة لم ترفع عليها حديدًا« )‪ (5:27‬وفي سقفر يشقوع نقققرأ‪» :‬كمققا أمققر موسقى‪،‬‬
‫عبد الرب‪ ،‬بنى إسرائيل‪ ،‬على ما هو مكتوب في سفر توراة موسى‪ ،‬مذبحًا مققن حجققارة منحوتققة‪ ،‬لققم يرفققع عليهققا‬
‫حديد« )‪ .(31:8‬ونشير هنا إلى أن خادمي وخادمات اللهة »سيبيل« كانوا يبترون أعضاءهم أيضًا بصّوانة‪.‬‬

‫وفي أّيامنا ُيسمح باستعمال آلة من أّية ماّدة كانت على شرط أن ل تترك شققظية فققي جققرح الختققان‪ ،‬مثققل القصققبة‪.‬‬
‫ل أن العادة المّتبعة عاّمة هو إستعمال سّكين حققاد يققدعى »إزميققل«‪ .‬وتكققون الس قّكين‬
‫ورغم أن المقص يسمح به‪ ،‬إ ّ‬
‫ممضّية من حّديها إعتمادًا على نص المزمور »يبتهج الصفياء بالمجققد‪ ،‬يهللققون علققى أسقّرتهم‪ .‬تعظيققم الق ملققء‬
‫حلوقهم وسيف ذو حقّدين بأيقديهم« )المزاميقر ‪ .(6-4:149‬وبعقض المقوهيلين يسقتعملون شقفرة مشقرط جراحقي‬
‫عادي ترمى بعد كل إستعمال لنهم يجدون صعوبة في إبقاء السّكين حاّدا‪.3‬‬

‫وبعض الموهيلين يلجأون إلى آلت أخرى‪ .‬فهناك الترس‪ ،‬وهو صفيحة فضّية رقيقة تشبه آلة الكمان مشقققوقة مققن‬
‫وسطها شّقا ضّيقا تحشر الغلفة داخله بعد مّدها فقوق الحشقفة كقالملقط‪ ،‬ويتققم القطققع مققا بيقن أصققابع الخقاتن وبيقن‬
‫الترس لحماية الحشفة من السّكين ولجعل القطع مستقيمًا‪ .‬وعاّمة يكون مع الخاتن عدد مقن تلققك اللقة ذات فتحققات‬
‫مختلفة حسب الحاجة‪.‬‬

‫ضة مدّبب الرأس لفصل الغلفة عن الحشققفة َقبققل إجققراء‬‫ويستعمل بعض الخاتنين مجس‪ ،‬وهو قضيب رقيق من الف ّ‬
‫عملّية الختان‪ .‬ويقوم بعض الموهيلين بفصل الغلفة عن الحشفة في اليوم السابق للختان إذا وقع الختان يققوم سققبت‪،‬‬
‫‪Romberg: Bris Milah, p. 81-84‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 87-88‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 46-47, 50‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪107‬‬
‫مّما قد يسّبب إنتفاخ في الذكر ومضاعفات في عملّية الختان‪ .‬ولكن البعض يرى أن عملّية الفصل هذه مسموح بهققا‬
‫في السبت باعتبارها جزءًا من الختان‪.1‬‬

‫وبالضافة إلى السّكين والققترس والمجققس والققتي ل يققثير إسققتعمالها مشققاكل فققي الوسققاط اليهودّيققة‪ ،‬قققد يسققتعمل‬
‫الموهيل ملزم مختلفة ذكرناها في القسم الّول‪ .‬كما تفرض بعض المستشفيات إستعمال إحقدى تلقك الملزم علقى‬
‫الموهيل الديني‪ .‬ولكن إّتحاد الحاخامات الرثوذكسيين والسلطات الدينّية اليهودّية في إسققرائيل لققم ُيِققّروا إسققتعمال‬
‫هذه الملزم لنها ل تنزل كّمية كافية من الدم‪ ،‬وهو أمر مهم في الختان اليهققودي‪ .2‬ويققرد عليهققم مؤّيققدو إسققتعمال‬
‫هذه اللة أن جرح الغلفة َقبل إستعمال الملزم كفيل بأن ينزل دم من الطفل‪.3‬‬

‫وبالضافة إلى موضوع إنزال الدم‪ ،‬يطرح إستعمال الملزم مشكلة دينّية أخرى‪ .‬فالختان يجققب أن يتققم علققى لحققم‬
‫ست الغلفة بالملزم‪ ،‬فإن الجلد يموت‪ ،‬فيتم عند ذلك الختان عبر لحم مّيت وتكون البركة الققتي ُتققذَكر‬ ‫حي‪ .‬وإذا ما ُكِب َ‬
‫في الختان على أمر ل فائدة فيه‪ ،‬وهذا ممنوع في الشريعة اليهودّية‪ .‬ويرى طبيب موهيل بأنه يجب تفققادي اللجققوء‬
‫ل في الحالت النادرة كما هو الحال إذا كققان الموهيققل الوحيققد الموجققود ليققس لققه خققبرة لجققراء‬
‫إلى تلك الملزم إ ّ‬
‫ل بواسطة هذه الملزم‪ ،‬على أن يتم الختان بعد إستشارة السلطات الدينّية الرثوذكسّية وعلى أن يتم خلل‬ ‫الختان إ ّ‬
‫الختان إنزال بعض الدم حّتى تكون بركة الختان لها فائدة‪ .‬وهو يرى أن إسقتعمال الملزم ليقس ضقرورّيا ويقؤّدي‬
‫إلى ألم ل داع له وقد تكون له مضاعفات خطيرة بالضافة إلى مخالفته للقواعد الدينّية اليهودّية‪.4‬‬

‫ويستعمل الموهيل أيضًا مقص حققاد لقطققع بطانققة الغلفقة إذا لققم يتمّكققن مقن سققلخ تلقك البطانققة عقن القذكر بققإظفره‬
‫المدّبب‪ .5‬كما يستعمل رباطًا من الجلد لتثبيت الطفل ومنعققه مققن الحركققة خلل الختققان‪ .‬ولكققن عنققد بعضققهم يقققوم‬
‫السندك بمنع الطفل من الحركة إّما بيديه أو بربطه بقطة من القماش‪ .‬وهناك لوحة من البلستيك مجّوفة على شكل‬
‫طفل يربط عليها الطفل ُمزّودة بأقشطة لصقة للرجل واليدي تضع على حضن السندك أو على المائدة‪ .6‬ويطلق‬
‫على هذه اللوحة إسم ‪.circumstraint‬‬

‫وعلى الموهيل أن يكون معه أنواع من الدوية والمطّهرات والمراهم والعصابات وإبرة وخيط لتخييط الجققرح إذا‬
‫إستلزم المر عند النزيف‪ .‬ونجد في الكتب اليهودّية في أّيامنا تشديدًا على إستعمال المطّهرات وعلى النظافة حّتققى‬
‫ل تكون هناك مضاعفات طّبية‪ .7‬وهناك نقاش طويل بين اليهود حول إستعمال البنج لتخفيققف ألققم الطفققل‪ .‬وسققوف‬
‫نعود إلى ذلك عند عرضنا للجدل الطّبي‪.‬‬

‫ج( القطع‬

‫ضح الكتب المقّدسة اليهودّية مقدار الجلدة التي يجققب قطعهققا‪ .‬وهنققاك عققالم يهققودي يعتقققد أن العهققد بيققن الق‬‫ل تو ّ‬
‫وإبراهيم لم يكن عهد ختان )بريت ميل( بل عهد دم الختان )بريت دم ميل(‪ .‬وهذا هو عنوان كتققابه »عهققد الققدم«‪.‬‬
‫فالمهم في هذا العهد ليس القطع بل إنزال الدم من غلفة الذكر‪ .‬فيكون الختان في زمققن إبراهيققم مختلف قًا تمام قًا عّمققا‬
‫نفهمه نحن في أّيامنا‪.‬‬

‫صة عند اليهود‪ .‬فهو تعبير عن الخلص‪ .‬وهذا هو السبب الذي مققن أجلققه ينققزل‬ ‫يشرح هذا العالم أن للدم أهّمية خا ّ‬
‫حّتى في أّيامنا نقطة دم من الطفل إذا ولد مختونًا أو أصبح يهودّيا وهو مختون‪ .‬ونحققن نجققد دورًا للققدم فققي روايققة‬
‫عد ال أن يقتل كل بكر في أرض مصر‪ .‬ولكي ينجو اليهود من هذه الضققربة كققان‬ ‫خروج اليهود من مصر‪ .‬فقد تو ّ‬
‫طخوا قائمتي الباب وعارضته بدم ذبيحة الفصح‪ .‬فعند مرور ال يرى الققدم فيعققرف أن فققي داخققل ذاك‬ ‫عليهم أن يل ّ‬
‫البيت يهودًا فيعبر من فوقهم ول تحل بهم ضربة مهلكة )الخروج ‪ 13-7:12‬و ‪.(23-22‬‬
‫‪Romberg: Bris Milah, p. 52-53‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 130‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 52-53‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 59-61‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 57-58‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 199-200‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 127-128‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪108‬‬
‫ختنققوا جميع قاً‬‫وتقول رواية يهودّية إن اليهود كانوا قد ُمنعوا من الختان في مصر‪ .‬ولكن َقبل خروجهم مققن مصققر ُ‬
‫طخوا بها قائمتي الباب وعارضته‪ .‬وتعتمد هذه الرواية علقى اليققة »وكققان‬ ‫وخلطوا دماءهم بدماء ذبيحة الفصح ول ّ‬
‫كل الشعب الذي خرج من مصر قققد إختتققن« )يشقوع ‪ .(5:5‬فعنققدما مققر الق مقن أمققام أبققواب اليهقود تحّنققن علققى‬
‫ك فققي دمقكِ‬ ‫ك متخّبطة بدمك‪ ،‬فقلققت لق ِ‬ ‫ك ]يا أورشليم[ ورأيت ِ‬ ‫إسرائيل كما هو مكتوب في سفر حزقيال‪» :‬فمررت ب ِ‬
‫ك عيشقي«‪ ،‬أي أن دم‬ ‫ك عيشقي« غّيقرت فقي هقذه الروايقة إلقى »بقدم ِ‬ ‫عيشي« )حزقيال ‪ .(6:16‬وعبارة »في دمق ِ‬
‫الختان إعُتبر سببًا للحياة والنجاة‪ .‬وسوف نرى لحقًا أن هذه الية دخلت في طقس الختان‪ .‬ويقروي سقفر الخقروج‬
‫ل‪:‬‬
‫شققه علققى الشققعب قققائ ً‬
‫أن موسى تل على مسامع الشعب كلم ال ثم أخذ دم العجول الققتي ذبحهققا محرقققة لق ور ّ‬
‫»هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه القوال« )الخروج ‪ .(8:24‬وتضيف رواية يهودّية أن القق‬
‫في يوم الغفران ينظر إلى دم إبراهيم الذي يكّفر عن آثام اليهود‪.1‬‬

‫هذه النظرّية حول طبيعة الختان قققد تكققون صققدى للحركققة المعارضققة لختققان الققذكور الققتي تتنققامى فققي الوليققات‬
‫المّتحدة حّتى بين اليهود‪ .‬وسوف نرى لحقًا كيف أن بعضققهم إقققترح إقامققة ختققان رمققزي دون قطققع معتققبرين أن‬
‫ل أنققه‬
‫الختان كما هو عليه منذ أكثر من ألفي عام يخالف عّدة مبادئ يهودّية وهو تعّدي على سلمة جسققم الطفققل‪ .‬إ ّ‬
‫ل أحد يدري كيف تحّول الختان من »عهد الدم« كما يراه هذا العالم‪ ،‬إلى »عهد القطع«‪ .‬ولكققن المعققروف هققو أن‬
‫طي الحشفة لسباب مختلفة‪،‬‬ ‫بعض اليهود عبر التاريخ قد حاولوا إلغاء نتيجة »عهد القطع« بمد جلد الذكر حّتى يغ ّ‬
‫منها تفادي تعيير الغير لهم أو الرغبة في الندماج بغيرهم من الشعوب‪ .‬وقققد لقققوا عنتقًا كققبيرًا مققن رجققال الققدين‬
‫اليهود‪ .‬فسفر المكابيين الّول يسّميهم »أبناء ل خير فيهقم ]‪ [...‬عملقوا لنفسقهم غلفقًا وارتقدوا عقن العهقد المققّدس‬
‫واقترنوا بالمم«‪ .‬وهناك إشارة أخرى لهذا المد في رسالة القّديس بولس الولقى إلقى أهقل ققورنتس )‪.(20-17:7‬‬
‫وسوف نعود إلى ذلك لحقًا‪.‬‬

‫وقد تشّدد رجال الدين اليهود في ضرورة إبقاء علمة الختان ظاهرة‪ .‬ونجد هققذا التشقّدد واضققحًا فققي المشققنا الققتي‬
‫طي الجزء الكبر من الحشقفة‪ .2‬وهقذا يعنقي بقأنه يجقب إعقادة‬ ‫ل إذا بقيت قطعة من لحم الغلفة تغ ّ‬ ‫تعتبر الختان باط ً‬
‫ل حول نفس الموضوع‪ .‬فقد رأى بعقض رجقال القدين عقدم ضقرورة‬ ‫عملّية الختان مّرة ثانية‪ .‬وينقل لنا التلمود جد ً‬
‫إعادة الختان خوفًا من تعريض الشخص للخطر‪ ،‬بينما رأى الخرون أن ُيعاد باعتبار أنه قد سبق وأعيققدت عملّيققة‬
‫الختان ولم يؤّثر ذلك على من أعيدت عليهم‪ .‬وهناك أخيرًا من رأى ضرورة إسققالة نقطققة دم منهققم علمققة للعهققد‪.‬‬
‫ويضيف التلمود أنه إذا كان الشخص سمينًا وبان ذكره وكأنه غيقر مختقون‪ ،‬فيجققب شقد الحشقفة إلقى المقام حّتققى‬
‫تظهر‪.3‬‬

‫وهناك أيضًا جدل في التلمود حول شكل القطع في الختان حّتى يكون صحيحًا فيكون للمختون الحققق فققي أن يأكققل‬
‫ل حول كل الذكر‪ ،‬أم حول أكبر جزء منققه‪ ،‬أم‬ ‫من الكل المقّدم لكهنة الهيكل‪ .‬فهل يجب أن ُيقطع إطار الحشفة كام ً‬
‫يكفي أن يقطع كقلم القصب أو كالمزراب؟ وهل يجب أن يكون القطع تحققت إطققار الحشققفة أم فوقهققا عنققدما يكققون‬
‫ثقب الذكر تحت إطار الحشفة في حالة تشويه الذكر؟ وقد إقترح التلمود في هذه الحالة الخيرة أن ُينظر في كيفّيققة‬
‫قذف المني‪ .‬فيوضع رغيف سقاخن مقن الشقعير علققى الشقرج فيققذف‪ .‬فقإذا كقان القققذف مققن فقوق الحشققفة‪ ،‬يحققق‬
‫للشخص أن يأكل من الكل المقّدم للكهنة‪ .‬أّما إذا كان القذف من تحت إطار الحشفة‪ ،‬فإنه ل يحق لققه أن يأكققل مققن‬
‫ذاك الكل‪ .4‬وهناك ِذكر في التلمود لمن شد غلفته إلى المام‪ .‬فإذا ُ‬
‫ختققن فققي القوقت المحقّدد‪ ،‬فققإنه ُيعققاد ختققانه فققي‬
‫النهار‪ .‬أّما إذا فات وقته‪ ،‬فإنه يختن في النهار أو في الليل‪.5‬‬

‫وقد حاول التلمود تبرير هذا التشّدد في الختان معتمدًا علققى سققفر التكققوين )‪ (13:17‬حيققث تكققرار لكلمققة الختققان‪:‬‬
‫سقرت بمعنققى الختقان‪ ،‬والكلمقة الثانيقة‬
‫ختانًا ُيختن المولود«‪ .‬فالكلمة الولى ف ّ‬
‫بالعربّية »يختن المولود« وحرفّيا‪ِ » :‬‬
‫‪6‬‬
‫سرت بمعنى كشف الحشفة بقطع بطانة الغلفة ‪ .‬وقد أعتمققد أيضقًا علققى صققيغة الجمققع )مولققوت( فققي نققص سققفر‬ ‫فّ‬

‫‪Hoffman: covenant of blood, p. 100-104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪The Mishnah, (Shabbat 19:6), p. 203‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:2), vol. 11, p. 459‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪The Talmud of Babylonia, (Yebahot 75B), vol. XIII.C, p. 65-66‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪The Talmud of Babylonia, (Yebahot 72A), vol. XIII.C, p. 50‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪The Talmud of the Land of Israel, (Shabbat19:2), vol. 11, p. 458‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪109‬‬
‫ست بها رجلي موسققى وقققالت‪ :‬إنققك لققي‬
‫الخروج‪» :‬فأخذت صّفورة ]زوجة موسى[ صّوانة وقطعت غلفة إبنها وم ّ‬
‫‪1‬‬
‫عروس دم‪ .‬فانصرف عنه‪ .‬كانت قد قالت‪ :‬عروس دم‪ ،‬من أجل الختان ]ختن دميم لمولوت[« )‪. (26-25:4‬‬

‫هذا الجدل جعل البعض يقول إن الختان في بدايته كان يقتصر على قطع جزء من غلفة الققذكر‪ ،‬وأن تطقّورا حقدث‬
‫في العصر الذي يطلق عليه عصر المشنا )‪ .(200-70‬فقد أضيف حوالي عام ‪ 140‬بعد المسققيح إلققى القطققع سققلخ‬
‫بطانة الغلفة بظفر حاد لجعل عملّية إخفاء علمة الختان بمد الجلد أكثر صققعوبة‪ .2‬وهققذا التطقّور الخطيققر مققا زال‬
‫حكم عملّية ختان اليهود في أّيامنا‪ .‬وهذه العملّية تتم في ثلث مراحل تعتبر ضرورّية حّتى يكون الختققان شققرعّيا‪.‬‬‫يُ‬
‫‪3‬‬
‫وكل موهيل يترك إحدى هذه المراحل يجب إبعاده عن الختان ‪.‬‬

‫‪ -‬مرحلة قطع الغلفة ويطلق عليها إسم »شيتوخ«‪ :‬يمسك الخاتن الغلفة بإبهام يققده اليسققرى وس قّبابتها ويش قّدها شققداً‬
‫ويضع الترس الواقي أمام الحشفة تمامًا‪ ،‬ثم يأخذ السّكين ويستأصل الغلفة بضربة واحدة سريعة على طول الترس‬
‫الواقي‪ ،‬فيقع الترس عن الذكر‪ .‬وقد ذكرنا سابقًا أن الوساط الرثوذكسّية اليهودّية ترفض عملّية قطع الغلفققة الققتي‬
‫صة‪.‬‬
‫تتم الن بواسطة ملزم خا ّ‬

‫‪ -‬مرحلة سلخ بطانة الغلفة ويطلق عليها إسم »بيريه«‪ :‬بعد إستئصال الغلفة يمسك الخاتن بالبطانة الداخلّية للغلفققة‪،‬‬
‫طي الحشفة‪ ،‬بظفري البهام والسّبابة من كلتا يديه‪ ،‬ويمّزقها حّتى يتسقّنى لققه إزاحتهققا تمامقًا عققن‬ ‫وهي ما زالت تغ ّ‬
‫الحشفة وتعرية الحشفة تعرية تاّمة‪ .‬ويعد الخقاتن ظفققر إبهققاميه إعقدادًا ملئمقًا لهققذا الغقرض‪ ،‬بحيققث يجعلققه حقاّدا‬
‫سا‬‫ومدّببّا كالسهم‪ .‬وكثيرًا ما تكون البطانة الداخلّية للغلفة ملتصقة بالحشفة في سن الصغر‪ .‬ولذلك يمّرر الختان مج ّ‬
‫بين الحشفة والغلفة لفصلهما َقبل إجراء عملّية الختان‪ .‬وإذا إستعمل الموهيل ملزم »جومكو« لجراء الختان‪ ،‬فققإنه‬
‫يقطع في نفس الوقت الغلفة ويزيل بطانتها‪ ،‬مّما يعني أن العملّيتين تتمان في عملّية واحدة‪ .‬وهذا أحد أسباب رفض‬
‫هذا الملزم من ِقَبل اليهود الرثوذكس‪ .‬ويرد مؤّيدو هذا الملزم بأنه أكثر نظافة من اللجوء إلققى سققلخ بطانققة الغلفققة‬
‫ل أن المعارضين يؤّكدون أن إستعمال الظفر أكثر حساسّية‪ ،‬فيعرف الخاتن متى عليه أن يتوّقف‪.4‬‬ ‫بالظفر‪ .‬إ ّ‬

‫‪ -‬مرحلة المص ويطلق عليها إسم »مزيزا«‪ :‬يضع الخاتن في فمه شيئًا مققن الخمقر ثقم يحتقوي بفمقه الجقزء القذي‬
‫صه ثم يمج مزيج الخمر والدم في وعاء معد لذلك وُيكّرر المص عّدة مّرات‪ .‬وكان سققابقًا‬ ‫ُأجِرَيت فيه الجراحة ويم ّ‬
‫‪5‬‬
‫شقي أمقراض شقّتى كقالزهري‬ ‫ُيظن أن عملّية المص هذه تساعد على الشفاء ‪ .‬ولكّنه تبّين أن هقذه العملّيقة سقبب تف ّ‬
‫والدفتيريا التي تنتقل جراثيمها من فم الخققاتن إلققى المختققون وقققد يكققون فيققه حتفققه‪ .‬وقققد حظققرت الجمعّيققة الطّبيققة‬
‫بباريس في عام ‪ 1843‬هذه العملّية مّما أّدى إلى معارضة شديدة من ِقَبل الموهيلين‪ .6‬وما زال كثير من المققوهيلين‬
‫صون الدم بفمهم‪ .‬وُيقترح عليهم تفادي مثل هذا التصّرف أو على القققل أن‬ ‫في الوساط التقليدّية حّتى يومنا هذا يم ّ‬
‫ل وسققطًا باسققتعمال شققافطة مقن الزجقاج يثّبقت طرفهقا علقى‬ ‫ظفوا فمهم بالكحول َقبل ذلك‪ .7‬وقد أوجد بعضهم ح ً‬ ‫ين ّ‬
‫طاطّية‪ .‬وهناك من يستعمل فقط قطعة‬ ‫الذكر ويقوم الموهيل بشفط الدم من الطرف الخر إّما بفمه أو بواسطة آلة م ّ‬
‫‪8‬‬
‫صة لهذه العملّية وكل موهيل يقوم بها كما يشققاء ‪.‬‬ ‫من القطن لمص الدم‪ .‬وعند اليهود المجّددين ل توجد شروط خا ّ‬
‫ويرى طبيب موهيل أرثوذكسي أمريكي أنه يجب النظر إلى عملّية المص بالفم نظرة إحترام لن الكتققب اليهودّيققة‬
‫القديمة تتكّلم عنها بصورة إيجابّية جّدا كجزء من عملّية الختان وكوسيلة للوقاية من المراضق‪ .9‬وهقذا يقبّين مققدى‬
‫تزّمت الوساط الدينّية وابتعادها عن منطق العقل‪.‬‬

‫بعد الختان ُيلف مكان القطع بلّفافة‪ .‬وهناك من يضع فوق الجرح ماّدة لقطع الدم‪ .‬ثم يلّبس الطفل ويعطى للشققخص‬
‫المعّين لحمله إستعدادًا لعطائه السم العبري‪ .‬وهذا شرف كققبير للشققخص الققذي يحمققل الطفققل‪ ،‬يققأتي بعققد شققرف‬
‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VIII, p. 188‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bigelow, p. 55-56‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 111‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 55-56; Romberg: Circumcision, p. 44‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Circumcision, Encyclopaedia judaica, col. 572‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 28‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 91-92; Cohen: Guide, p. 130‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 201‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 57-58‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪110‬‬
‫السندك‪ ،‬ولذلك يطلق عليه السندك الثاني‪ .‬وإذا كان حاخام العائلة موجودًا‪ ،‬فهققو الققذي يعطققي الطفققل السققم‪ ،‬وإل‪،‬‬
‫فالخاتن هو الذي يقوم بذلك‪ .‬وبعد تبادل التهاني تبدأ المأدبة‪ .1‬ويعتقبر اليهقود أن مقن ُيقدعى للمأدبقة عليقه أن يلقبي‬
‫الدعوة‪.2‬‬

‫وبعد مأدبة الختان‪ ،‬يقوم الموهيل بالكشققف عقن الطفققل وتغييققر لّفققافته المبّللقه بالققدماء ووضققع لّفافققة جديققدة وعنققد‬
‫الضرورة بعض الدواء ليقاف النزيف وتسريع الشفاء‪ .‬ويجب أن يكون طرفا اللحم متوازيين حّتى يلتحما بسرعة‬
‫كما يجب المحافظة على النظافة حّتى ل يكون هناك تعقيدات طّبية‪ .‬ثم يشرح الموهيل للهل كيفّية العناية بالجرح‬
‫وضرورة تغيير اللّفافة كّلما تم تغيير الملبس ودهن الذكر بمضاّدات حيوّية لتفادي العدوى‪ .‬ويبقى الموهيققل أربققع‬
‫ساعات بعد الختان لكي يتابع تطّور العملّية إذا مققا كققان هنققاك نزيققف خققاص لتغييققر اللّفافققة ثققم يطلققب مققن الهققل‬
‫ل في حالة حصول أّية مشكلة‪ .‬ويعود الموهيل للطفل فققي اليقوم‬ ‫الّتصال به في أي وقت يحتاجونه فيه‪ ،‬نهارًا أو لي ً‬
‫سققكا بمعتقققداتهم الدينّيققة ويشققاركوا بالحيققاة‬
‫الثاني ويغّير للطفل ويقّدم النصائح الدينّية للهل حّتققى يكونققوا أكققثر تم ّ‬
‫الدينّية الجماعّية‪.3‬‬

‫هذا وختان الطفل ليس كختان البالغ‪ .‬فإذا أصبح اليهودي بالغًا ولم يكن مختونًا‪ ،‬يدخل الموهيل مع الطبيب الجّراح‬
‫في غرفة العملّيات‪ ،‬ويبدأ هو بالقطع ويدعو الطبيب لكمال العلمّية على أن يترك آخققر قطققع للخققاتن‪ .‬وبعققد شققفاء‬
‫طس الشخص في حّمام‪ .4‬وفي حالة تشّوه للذكر مثل عارضة المبال التحتققاني )أي أن ثقققب البققول ليققس‬ ‫الختان‪ ،‬يغ ّ‬
‫في رأس الذكر ( أو إعوجاج الذكر‪ ،‬يقوم الطبيب بعملّية تصليح للذكر‪ .‬وقد يحتاج الطبيب عندها إلى جلققدة الغلفققة‬
‫للترقيع‪ .‬فينتظر الخاتن موعد العملّية الجراحّية ثم يدخل مع الطبيب الجّراح في غرفة العملّيققات ويجققري شقّقا فققي‬
‫الذكر ويرّدد بركة الختان ثم يتبعه الجّراح في تصليح التشويه‪ .5‬ونذكر هنا بمققا قلنققاه سققابقًا بققأن مققن ولققد أو تهقّود‬
‫مختونًا ينزل دم من حشفته )دم العهد(‪.‬‬

‫د( مصير الغلفة‬

‫بعد قطع الغلفة‪ ،‬توضع على رمال أو رماد كعلمة على العهد بين ال وإسرائيل‪ .‬ويقصد بذلك التمّنقي بقأن يصققبح‬
‫الطرف الخير )إسرائيل( وافر العدد كحبات الرمال على شاطئ البحققر )التكققوين ‪ .(17:22‬ويققذكر كتققاب طقققس‬
‫طقر ثققم يغسققل جميقع الحاضقرين أيققديهم‬‫يهودي بابلي من القرن التاسقع الميلدي بقأن الطفققل يختقن فققوق مققاء مع ّ‬
‫ووجههم في هذا الخليط من الماء والدم إعتقادًا منهم بأن ذلك يجلب بركقة الق ونعمقه‪ .‬والختقان علقى المقاء يعتمقد‬
‫ظفت دمك الذي عليك« )حزقيال ‪ .(9:16‬أّما في فلسطين فققإن الختققان‬ ‫على نص للنبي حزقيال‪» :‬فغسلتك بالماء ون ّ‬
‫كان يجري فوق التراب وذلك إعتمادًا على نص للنبي زكرّيا‪» :‬وبدم عهدك أنققت أيضقًا أطلققق أسققراك مققن الجققب‬
‫الذي ل ماء فيه« )زكرّيا ‪.6(11:9‬‬

‫وفي بعض الوساط اليهودّية يجّفف الخاتن غلف الطفال الذين ختنهم ويحتفظ بها حّتققى ممققاته فتقققبر معققه لتققؤّمن‬
‫خلصه البدي وتبعد عنه الشياطين‪ .‬وهناك إعتقاد أن العفن والدود ل يمس فم الخاتن‪ .‬وعند يهود منطقة طرابلس‬
‫في ليبيا تضع الغلفة في بيضة تشربها إمرأة عاقر تيمنًا بها‪ .‬كما أن بعضهم يأخذ تلك الغلفة ويضعها فققي فققم طفققل‬
‫لم يختن بعد لكي تبعد عنه الرواح الشّريرة‪ .‬ومنهم من يقوم بحرق الغلفة معتبرين أنها قربانًا ل‪ .‬وحرق القرابيققن‬
‫عادة معروفة في التوراة‪ .‬ويكفي هنا ذكر عزم إبراهيم ذبح إبنه وحرقه بأمر من ال قبل أن ُيستبدل البن بكبش‪.7‬‬

‫وسققوف نققرى فققي الجققدل الجتمققاعي أن الغلفققة أصققبحت فققي أّيامنققا سققلعة تجارّيققة تبققاع وتشققترى‪ .‬فتققدخل فققي‬
‫سع فتستعمل لترقيع الحروق‪.‬‬ ‫مستحضرات التجميل والختبارات الطّبية أو تو ّ‬
‫‪Romberg: Bris Milah, p. 81-82‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 70‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 117-121‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 34‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 19‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 106; Trachtenberg: Jewish magic and superstition, p. 170‬‬ ‫‪6‬‬

‫;‪Trachtenberg: Jewish magic and superstition, p. 154, 170; Romberg: Circumcision, p. 45‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Lewis: In the name of humanity, p. 63; Maertens, p. 58-59‬‬


‫‪111‬‬
‫‪ (4‬طقس الختان‬
‫أ( مقّدمة‬

‫ترّكز الكتب اليهودّية الحديثة على أن الختان اليهودي ليس عملّية جراحّية بحتة‪ ،‬بل هو تنفيققذ لمققر إلهققي كعلمققة‬
‫عهد بين ال والشعب اليهودي‪ .‬ولذلك ل بد أن يكققون هنققاك نّيققة تنفيققذ تلققك الوصقّية الدينّيققة وأن تصققاحب الختققان‬
‫صة لدخال ال في العملّية‪ .1‬وإذا تم الختان في المستشفى من ِقَبققل طققبيب دون مراسققيم الصققلة‪ ،‬فهققذا‬ ‫صلوات خا ّ‬
‫‪2‬‬
‫مخالف للشرائع اليهودّية ورجال الدين اليهود ل يعترفون به ويطالبون بإنزال نقطة دم لكي يصبح شرعّيا ‪.‬‬

‫عبثًا نبحث في الكتب المقّدسة اليهودّية عن طقس ديني واحتفالت ترافق عملّية الختان‪ .‬والطقس الققذي بيققن أيققدينا‬
‫اليوم والذي سنترجمه لحقًا وضعه رجال الدين اليهود بعد القرن الّول‪ .‬وهو خليط من رموز وصلوات تراكمققت‬
‫عبر العصور مّما جعل من الصعب فهمها‪ ،‬حسب إعتراف الكّتاب اليهود أنفسهم‪ .‬وهذا الطقس يتم باللغققة العبرّيققة‬
‫التي تخفى على كثير من اليهود في عصرنا‪ .‬ونشققير هنققا إلققى أن الصققلوات فققي المعابققد تتققم بالعبرّيققة مققع بعققض‬
‫التداخلت باللغة المحّلية تتضّمنها كتب توّزع على الحاضرين لمتابعة الصلة‪ .‬ولكن فققي طقققس الختققان ل يققوّزع‬
‫ل أن بعققض الكتققب حققول الختققان تضققم الطقققس‬ ‫على الحاضرين كتابًا يحتوي النص والترجمة لمتابعة مققا يقققال‪ .‬إ ّ‬
‫الديني بالعبرّية مع »ترجمة لمعانيه«‪ .3‬وللعلم فإن اليهود يقّدسون اللغة العبرّية إذ يعتبرونها اللغة التي كّلم ال بهققا‬
‫موسى‪ .4‬وارتباط الصلة بلغة معّينة نجده أيضًا عند المسلمين حيث تتققم الصققلة باللغققة العربّيققة حّتققى بيققن مققن ل‬
‫يفهمونها‪.‬‬

‫ونشير هنا أنه إذا تم ختان توأمين‪ ،‬فهناك من يرى ضققرورة عمقل طقسققين منفصققلين للختقان بينمققا يضقم البعققض‬
‫التوأمين في طقس واحد مع تغيير المفرد إلى المثّنى في الصلوات التي تقرأ‪ .‬ويققول كققاتب يهقودي بقأن علقى كقل‬
‫ضل إقامة طقسي ختان منفصلين‪.5‬‬ ‫طائفة دينّية أن تّتبع عاداتها في ذلك‪ .‬وإذا لم يكن هناك عادة مّتبعة‪ ،‬فمن المف ّ‬

‫ول ندري إذا كان هناك نص عربي لطقققس الختققان عنققد اليهققود‪ .‬لققذلك قمنققا نحققن بققترجمته مققع بعققض التعليقققات‬
‫معتمدين على كتابين يهوديين عن الختققان‪ .6‬وهققذا الطقققس يضققم نصوصقًا مققأخوذة مققن الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة‬
‫وضعناها بين قوسين‪.‬‬

‫ب( ترجمة الطقس‬

‫عندما يحضر الطفل ليختتن‪ ،‬يقف الجميع ويقولون‪» :‬بروخ هابا« )مبارك التي(‪.‬‬

‫ل ليحضققر حفققل الختققان كمققا ذكرنققا‬ ‫والترحيب هذا ليس للطفل بل لمجيء النبي إيلّيا الذي يتخّيله الحاضققرون داخ ً‬
‫سابقًا‪ .‬وقد تفّنن اليهود في تفسيرهم لهذا الدعاء الذي أخذوه من سفر المزامير )‪ .(26:118‬فمنهم مقن إعتققبر كلمققة‬
‫)هابا( إختصارًا لجملة )هنا با إيلّياهو( بما معناه‪ :‬هنا يأتي إيلّيا‪ .‬ومنهم من إعتققبر هققذه الكلمققة تعنققي اليققوم الثققامن‬
‫على طريقة حساب الحرف‪.‬‬

‫ويبقى الحاضرون واقفون كل مّدة الطقس‪ .‬وقد يكون هذا تطبيقًا لما جاء في سفر الملققوك الثققاني بققأن الشققعب كّلققه‬
‫كان واقفًا عندما قرأ عليهم الملك يوشيا كتاب العهد )‪ 2‬ملوك ‪.(3:23‬‬

‫إذا كان الخاتن غير الب‪ ،‬فإن هذا الخير يمكن له أن يصّرح بأنه وّكل الخاتن في إجراء الختان‪ ،‬ويسّلمه السّكين‪.‬‬
‫وهذا التصريح في التّيار المجّدد يمكن أن يصدر عن الب والم سويًا‪.‬‬
‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 70-71‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 68-69‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ginzberg: The legends of the Jews, vol. III, p. 87‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 43‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 69-74; Barth (editor): Berit Mila, p. 6-9‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪112‬‬
‫يأخذ الخاتن الطفل من الشخص الذي يحضره ويقول بفرح‪» :‬إن القّدوس‪ ،‬ليكن مباركًا‪ ،‬قال لبراهيم‪ :‬سققر أمققامي‬
‫ل )التكوين ‪ .(1:17‬إني مستعد وراغب في إتمام الوصّية التي أمرنا بها الخققالق‪ ،‬ليكققن مباركقًا‪ ،‬بققأن ُنِتققم‬
‫وكن كام ً‬
‫الختان«‪.‬‬

‫وإذا كان الب الذي يقوم بالختان يقول‪» :‬إني مسققتعد وراغققب فققي إتمققام الوصقّية الققتي أمرنققا بهققا الخققالق‪ ،‬ليكققن‬
‫مباركًا‪ ،‬بأن أختن إبني كما هو مكتوب فققي التققوراة‪ :‬إبققن ثمانيقة أّيققام يختقن كققل ذكقر منكققم مققن جيقل إلققى جيققل«‬
‫)التكوين ‪ .(12:17‬وفي التّيار المجّدد يمكن للب وللم قراءة هذا النص سويًا‪.‬‬

‫يضع الخاتن الطفل على كرسي النبي إيلّيا ويرّدد‪» :‬هذا كرسي إيلّيا‪ ،‬ليذكره ال بالخير‪ .‬خلصك إنتظرت يققا رب‬
‫)التكوين ‪ .(18:49‬إنتظرت يا رب خلصك وعملت بوصاياك )المزامير ‪ .(166:119‬إنتظرت يققا رب خلصققك‬
‫)المزاميققر ‪ ،(166:119‬سقررت بقولققك كمققن أصقاب غنيمققة وافققرة )المزاميقر ‪ .(162:119‬سقلم وافقر لمحّبققي‬
‫شريعتك وليس لهم حجر عثار )مزمور ‪ .(165:119‬طوبى لمن تختاره وتقّربه فيسكن في قدس هيكلك )المزامير‬
‫‪ .(5:64‬مثل هذا يسكن فققي قققدس هيكلققك«‪ .‬ويققرد الحاضققرون‪» :‬فنشققبع مققن خيققرات بيتققك ومققن قققدس هيكلققك«‬
‫)المزامير ‪.(5:64‬‬

‫يضع الخاتن الطفل في حضن العّراب ويقول هذه البركققة َقبققل إجققراء العملّيققة‪» :‬مبققارك أنققت يققا رب إلهنققا‪ ،‬ملققك‬
‫العالم‪ ،‬الذي قّدستنا بوصاياك وأمرتنا بخصوص الختان«‪.‬‬

‫يقوم حين ذلك الخاتن بإجراء عملّية الختان‪ .‬فيبدأ بقطع الغلفة ثم يسلخ بطانتها حّتققى تنكشققف الحشققفة‪ .‬وبيققن قطققع‬
‫الغلفة وسلخ بطانتها يقول الب )أو العّراب في حالة عدم وجود الب( هققذه البركققة‪» :‬مبققارك أنققت يققا رب إلهنققا‪،‬‬
‫ملك العالم‪ ،‬الذي قّدستنا بوصاياك وأمرتنا بإدخال هذا الطفل فققي عهققد إبراهيققم أبينققا«‪ .‬ويققرد الحاضققرون‪» :‬كمققا‬
‫دخل العهد‪ ،‬كذلك ليدخل التوراة والزواج والعمال الصالحة«‪.‬‬

‫وبعد كشف الحشفة‪ ،‬يأخذ الخاتن كأسًا من الخمر ويقول‪» :‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العققالم‪ ،‬الققذي تخلققق ثمققر‬
‫هذا الخمر‪ .‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العالم‪ ،‬الذي قّدست خليلك ]إبراهيم[ من البطن ووضعت شققريعتك علققى‬
‫لحمه وختمت نسله بعلمة العهد المقّدس‪ .‬ولذلك‪ ،‬أيها الحي‪ ،‬نصيبنا وصخرتنا‪ ،‬أؤمر أن ينجو خليل لحمنا هذا من‬
‫الجب‪ ،‬لجل عهده ]عهد إبراهيم[ الذي ُوضع في لحمنا‪ .‬مبارك أنت يا رب الذي قطعت عهققدًا‪ .‬إلهنققا والققه آبائنققا‪،‬‬
‫إحفظ هذا الطفل لبيه ولّمه وليكن إسمه في إسققرائيل )فلن إبققن فلن‪ ،‬أبيققه(‪ .‬إجعققل الب يفقرح بمقا إنحقدر مقن‬
‫صلبه‪ ،‬واجعل الم تسر بثمر بطنها‪ ،‬كما هو مكتوب‪ :‬فليفرح أبوك وأّمك ولتبتهج والدتك )المثال ‪ .(25:23‬وكمقا‬
‫ك عيشي )حزقيال ‪.«(6:16‬‬ ‫ك‪ ،‬فقلت لك في دم ِ‬
‫ك متخّبطة بدم ِ‬
‫ك )يا أورشليم( ورأيت ِ‬
‫هو مكتوب‪ :‬مررت ب ِ‬

‫في التقليد اليهودي يمص الخاتن ذكر الطفل وبفمه الخمر وقد رأينققا أن هققذه العققادة قققد كققادت تنتهققي لنهققا معديققة‬
‫واستبِدلت بوسائل أخرى لشفط الدم‪ .1‬ويضع الخاتن بعض الخمر على فم الطفل بإصبعه ويقّدم كأس الخمر لوالققدة‬
‫الطفل لتشربه‪ .‬وفي التّيار اليهودي المجّدد يشرب الخمر كل من الم والب‪ .‬هذا ول يعرف متى أدخل الخمر فققي‬
‫طقس الختان‪ .‬والخمر يستعمل في الطقوس الدينّية اليهودّية والمسيحّية والوثنّية كرمز للدم‪ .‬فالدم يخققرج مققن ذكققر‬
‫الطفل ويعاد بالخمر إلى فمه‪ .‬ويعتققبر أن فققي الققدم حيققاة علققى أسققاس نققص حزقيققال‪» :‬فققي دمققك عيشققي«‪ .2‬ومققن‬
‫صققة بالطعمققة )كوشققير(‪.‬‬‫المعروف أن الخمر يجب أن يكون مباحًا شرعًا‪ ،‬أي مصّنعا حسب القواعد الدينّيققة الخا ّ‬
‫ل بالماء ومجففًا حسب القواعد الدينّية أيضًا‪.3‬‬
‫ويجب أن يكون الكأس مغسو ً‬

‫ويقول الخاتن بعد وضع بعض الخمر على فم الطفل‪» :‬يتذّكر للبد عهده‪ ،‬الكلمة التي أوصى بها إلققى ألققف جيققل‪،‬‬
‫العهد الذي قطعه مع إبراهيم‪ ،‬والقسم الذي أقسمه لسحاق )المزامير ‪ .(9-8:105‬وقد قيل‪ :‬وختن إبراهيققم إسقحاق‬
‫إبنه‪ ،‬وهو إبن ثمانية أّيام‪ ،‬بحسب ما أمره ال به )التكوين ‪ .(4:21‬احمققدوا الققرب لنققه صققالح‪ ،‬لن للبققد رحمتققه‬
‫)المزامير ‪ .(1:18‬ليكبر هذا الطفل )فلن(‪ .‬وكما دخل العهد فليدخل التوراة والزواج والعمال الصالحة«‪.‬‬
‫أنظر ‪http://www.sexuallymutilatedchild.org/mohel.htm‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 91-92‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 81-82, 95‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪113‬‬
‫وبعد ذلك يقف الخاتن ويقول‪» :‬يا سّيد العالم‪ ،‬لتكن إرادتك بأن تنظر إلى هققذا وتقبلققه حسققب إرادتققك كمققا لققو أنققي‬
‫قّدمته ضحّية أمام عرش مجدك‪ .‬برحمتك العظيمة إبعث مع ملئكتك المقّدسة روحًا مقّدسة وطاهرة لق)فلن( الذي‬
‫خِتن الن بإسمك العظيم‪ ،‬واجعل قلبه مفتوحًا واسعًا كوسع القاعة التي تؤّدي إلى داخققل هيكلققك‪ ،‬مفتوحقًا لتوراتققك‬ ‫ُ‬
‫المقّدسة‪ ،‬ليتعّلم وليعّلم‪ ،‬ليحفظ وليعمل«‪.‬‬

‫ثم يقول صلة للطفل‪» :‬من بارك إبراهيم وإسحاق ويعقوب فليبارك هذا الطفل الغض الذي ختن‪ ،‬وليشققفه‪ ،‬وليكققن‬
‫أبوه مستحّقا لشرف إدخاله في التوراة والزواج والعمال الصالحة‪ .‬ولنقل آمين«‪ .‬ويرد الحاضرون‪» :‬علينا«‪.‬‬

‫ويمكن هنا ترديد هذا الدعاء قبل أن يودع الطفل في مهده‪» :‬يباركك الرب ويحفظك ويضيء الرب بققوجهه عليققك‬
‫ويرحمك‪ ،‬ويرفع الرب وجهه نحوك ويمنحك السلم« )العدد ‪ .(26-24:6‬كما أنه يمكن أن تقرأ فقرة من المزمور‬
‫سم إلى فقرات مرّقمة حسب أحقرف البجدّيقة‪ .‬وعاّمقة يلققي الهقل‬
‫‪ 119‬تتناسب مع إسم الطفل‪ .‬وهذا المزمور مق ّ‬
‫سرون خللها معنى السم الذي أعطي للطفل‪.‬‬ ‫كلمة للحضور يف ّ‬

‫ويشير طبيب موهيل أنه إذا تم الختان على بالغ ُترّدد الصلوات المرافقة للختققان بعققد تغطيققة عققورته لنققه ل يليققق‬
‫حسب القواعد الدينّية ذكر تلك الصلوات أو ِذكر إسم ال والعورة مكشوفة‪.1‬‬

‫صققة‬
‫ينتهي هنا طقس الختان الذي تتبعه عادة وجبة تقّدم للحضور‪ .‬ويسبق الكل غسل اليدي ُترّدد عندها بركة خا ّ‬
‫بهذا الجراء كما أن بركة أخرى ُترّدد للكل‪.‬‬

‫ج( ملحظتان على الطقس‬

‫لن ندخل في تفاصيل طقس الختان الذي يحتوي على رموز عّدة ذكرنا بعضها في التعليقات‪ ،‬ونكتفي بالشارة إلى‬
‫نقطتين‪:‬‬

‫تسمية الطفل‬

‫يعطى الطفل عند اليهود يوم الختان إسمًا عبرّيا‪ ،‬وذلك أسوة بإبراهيم الذي كان إسمه أبرام َقبل الختان ثم سّماه ال‬
‫إبراهيم بعد الختان )التكوين ‪ .(5:17‬ونحن نجد ِذكر لعادة تسمية الطفل يوم ختانه في إنجيل لوقا عندما يتكّلقم عقن‬
‫يوحّنا المعمدان‪» :‬وجاؤوا في اليوم الثامن ليختنوا الطفل وأرادوا أن يسّموه زكرّيا بإسم أبيه‪ .‬فتكّلمت أّمققه وقققالت‪:‬‬
‫ل بل يسّمى يوحّنا« )لوقا ‪ .(60-59:1‬ونفس المر عندما يتكّلم عن السّيد المسيح‪» :‬ولّما إنقضت ثمانية أّيام فحان‬
‫ل أننا نجد أيضًا فققي العهققد القققديم‬
‫للطفل أن يختن‪ ،‬سّمي يسوع‪ ،‬كما سّماه الملك قبل أن يحبل به« )لوقا ‪ .(21:2‬إ ّ‬
‫‪3‬‬
‫حية‪ ،‬فإن الطفل يعطى إسمًا عبرّيا َقبل الختان ‪ .‬وإذا مققات‬ ‫خر الختان لسباب ص ّ‬ ‫تسمية الطفل يوم ولدته‪ .2‬وإذا تأ ّ‬
‫الطفل َقبل اليوم الثامن‪ ،‬يختن ويعطى إسمًا عبرّيا َقبل دفنه‪.4‬‬

‫وكثيرًا ما يحمل اليهودي إسمين‪ :‬إسم للستعمال الخارجي ويدخل في السجل المدني‪ ،‬وأسم عبري يعطققى لققه يققوم‬
‫ل‬
‫الختان للستعمال الديني وبين القرباء‪ .‬وفي الختان يحمل الطفل إسمه العبري مضافًا إليه إسم أبيققه العققبري‪ :‬مث ً‬
‫ل‪ :‬يوسف إبن رفقة‪.‬‬ ‫ي‪ ،‬فالطفل يحمل إسمه واسم أّمه‪ :‬مث ً‬
‫يوسف إبن إبراهيم‪ .‬وإذا كان الب غير يهود ً‬

‫ويعطي اليهود أهّمية كبيرة للسم العققبري‪ .‬فيقققول طققبيب موهيققل بققأن السققم العققبري يحمققي ثقافققة الشققخص مققن‬
‫المحيط المعادي‪ .‬وبعض السماء ل يمكن بأي حققال حملهققا مثققل الشققخاص الققذين إضققطهدوا اليهققود‪ :‬ادولققف أو‬
‫طيطس أو هامان‪ .‬ويجب على اليهودي أن يبدأ بداية حسنة بإعطاء الطفل إسمًا عبرّيا‪ .‬والبنت تعطى إسققمًا عبرّيققا‬
‫بعد أسبوع من ولدتها ضمن إحتفال يقيمه أهلها بعد الصلة في الكنيس‪.5‬‬
‫‪Romberg: Bris Milah, p. 63‬‬ ‫‪1‬‬

‫ل‪ :‬التكوين ‪1:4‬؛ ‪3:21‬؛ ‪.26-25:25‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪2‬‬

‫‪Cohen: Guide, p. 7-9‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 149‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 143-147‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪114‬‬
‫أمنية دخول التوراة والزواج والعمال الصالحة‬

‫هناك ثلثة تمّنيات للطفل تعاد ثلث مّرات في طقققس الختققان عنققد اليهققود‪ :‬أن يققدخل التققوراة والققزواج والعمققال‬
‫الصالحة‪ .‬وهذا ليس مجّرد تمّني‪ ،‬بل إعادة للواجبات التي يجب أن يقوم بهققا الب نحققو إبنققه‪ .‬فبعققد أن أتققم واجققب‬
‫الختان‪ ،‬بقي عليه أن يعّلمه التوراة ثم يزّوجه‪ .‬وهناك رأي ديني يقول‪ :‬واجبات الب نحققو إبنققه هققي سقّتة‪ :‬ختققانه‪،‬‬
‫وشراؤه من الكاهن )إذا كان بكرًا(‪ ،‬وتعليمه التوراة‪ ،‬وتعليمه تجارة‪ ،‬وتزويجه‪ ،‬وتعليمه السباحة‪.1‬‬

‫وعبارة العمال الصالحة أضيفت على طقس الختان لحقًا ردًا على جققدل دار بيققن المسققيحّيين واليهققود‪ .‬فالققّديس‬
‫بولس ألغى ضرورة العمل بشريعة الختان التي حل محّلها اليمان بالمسيح‪ .‬فهو يقول‪» :‬فنحن نعلم أن النسققان ل‬
‫يبّرر بالعمل بأحكام الشريعة‪ ،‬بل باليمان بيسوع المسيح ]‪ .[...‬فإذا كان البر ينال بالشققريعة فالمسققيح إذًا قققد مققات‬
‫خّلص ليس بالختان بققل بإيمققانه بققال )روميققة ‪.(13:4‬‬ ‫سدى« )غلطية ‪ 16:2‬و ‪ .(21‬وإبراهيم حسب رأي بولس ُ‬
‫ولذلك أضاف اليهود إلى طقس الختققان عبقارة »العمققال الصقالحة« ردًا علقى بقولس‪ .‬وققد رأينقا بققأن اليهققود قققد‬
‫سن شريعة الختان إذ إعتبروهم مختونين من بطن أّمهم‪.2‬‬ ‫ل لمشكلة التقياء الذين ولدوا َقبل َ‬
‫وضعوا ح ً‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طقس الختان الرمزي‬


‫‪ (1‬المحافظة على طقس الختان وإلغاء القطع‬
‫رأينا أن الختان في التوراة هي علمة عهد دموّية بين ال وشققعبه المختققار‪ .‬وإذا كققان الختققان عملّيققة همجّيققة عنققد‬
‫معارضيه‪ ،‬فإنه أيضًا يوم إحتفال عائلي وأكقل وشققرب وتبققادل الهققدايا‪ ،‬وهقو أيضقًا تجديققد ذكقرى النتمققاء لققوم‪.‬‬
‫فبجانب سلبّيات الختان التي يتعّرض لها الطفل‪ ،‬هناك إيجابّيات إجتماعّية‪ .‬وهذه اليجابّيات هققي أحققد أسققباب دوام‬
‫عملّية الختان‪ .‬وقد فهم معارضو ختان الققذكور هققذين الجققانبين فحققاولوا إلغققاء السققلبّيات دون اليجابّيققات حّتققى ل‬
‫يحس المرء بفراغ إجتماعي‪ .‬فحذفوا عملّية القطع واستبقوا مراسيم الختققان واحتفققالته‪ .‬وبهققذا السققلوب يتجّنبققون‬
‫تعريض الطفل لللم‪ ،‬وفي نفس الوقت يحافظون على الشعور الديني عند اليهقود وانتمقائهم الققومي‪ .‬ولكقي يحّلقوا‬
‫مشكلة عدم المساواة بين الذكر والنثى‪ ،‬كما في الختان التقليققدي‪ ،‬أبققاحوا بققأن تتققم مراسققيم الختققان الرمققزي علققى‬
‫الذكور كما على الناث‪.‬‬

‫نحن هنا في مرحلة إنتقال هاّمة جّدا من عهد الختان الدموي إلى العهد الرمزي‪ .‬وهو يشبه إلى حد كبير ما تقوم به‬
‫بعض معارضات ختان الناث في دول إفريقّية والتي تستبدل قطع العضو التناسلي بإنزال نقطققة دم منققه بواسققطة‬
‫دّبوس مع الحفاظ على مراسيم الختان الجتماعّية‪ .‬ولكن ل بد من التنّبقه أن محاولقة إيجقاد بقديل للختقان ققد يعنقي‬
‫أيضًا محاولة لسترجاع رجال الدين سلطتهم على الشعب‪ .‬ورغم ذلك يجب النظر لهذا التحّول إيجابّيققا لنققه يققوّفر‬
‫على الطفل آلمًا وتعّديا على سلمته الجسدّية ل داعي لها‪.‬‬

‫ل‪ ،‬دون‬ ‫صة بالختان الرمزي حيث يدخل الطفل فققي عهققد مققع القق‪ ،‬كققام ً‬ ‫وقد وضع مؤّيدو الختان البديل طقوسًا خا ّ‬
‫قطع‪ ،‬إخترنا منها نموذجين‪ .‬وهذه الطقوس تلقى رفضًا من ِقَبل الوساط الدينّية اليهودّية‪ .‬ولكققن مؤّيققدوها يققرّدون‬
‫بأن ‪ %80‬من عملّيات الختان التي تجرى لليهود في الوليات المّتحدة ل تفي بشققروط الختققان الققديني إذ إن كققثيرًا‬
‫من اليهود يختنون في المستشفى وليس من ِقَبل الموهيل‪ .‬ويضيفون أن المهم في الختان هو المعنققى وليققس عملّيققة‬
‫الختان بالذات‪ .‬وطقس الختان الرمزي أكثر مسقاواة إذ مقن الممكقن أن يجقرى علقى البنقات أيضقًا بعكقس الختقان‬
‫التقليدي الدموي الذي يجرى فقط على الولد‪.‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 79-83‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hoffman: Covenant of blood, p. 111-118‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ (2‬نموذج أّول لطقس الختان الرمزي‬
‫جاء هذا الطقس في كتاب معارض يهودي للختان الدموي عرضنا رأيه سابقًا‪ .1‬وهو يقترح الصلة التاليققة يقرأهققا‬
‫الشخص الذي يقود الشعائر الدينّية ضمن حفل يقام لدخول الطفل العهد ويتم فيه تسميته‪:‬‬
‫ل« )التكوين ‪ .(1:17‬إننا نعيش في‬ ‫»إن القّدوس‪ ،‬له المجد‪ ،‬قال لبينا إبراهيم‪» :‬سر أمامي وكن كام ً‬
‫حكم علقة النسان مقع الق والطبيعقة‪ .‬نشقكرك اللهقم لنقك‬ ‫عصر جديد‪ ،‬عصر حيث قوانين جديدة ت ُ‬
‫وهبتنا فهم هذه القوانين الجديدة ولنك سمحت لنا النمو الذي حصل لنا بفهم هذه القوانين وبوجققودك‪.‬‬
‫وبصلتنا الوثيقة بك كسبنا ثقة كاملة بكلمتك وإيمانًا بكمال خليقتك‪ .‬لقد أريتنا عجبًا على عجب ونحققن‬
‫على إستعداد لقبول أعمالك في كل كمالها‪ .‬هذا الطفل‪ ،‬مخلوق على صققورتك‪ ،‬كامققل‪ ،‬دون نقصققان‪.‬‬
‫إنه إبن ال‪ ،.‬إبن الجديد‪ ،‬إبن النور‪ .‬نقبله كما جاء لنا وهو يدخل في عهققدك كمققا يققدخل اليققوم الجديققد‬
‫الفجر«‪.‬‬

‫وقد تضّمن هذا الطقس إعلن يقرأه الهل‪ .‬ويقترح على الهل إختيققار أحققد النصققوص الققتي تتكّلققم عققن الطفققال‪.‬‬
‫وأّول هذه النصوص نص جبران خليل جبران )توّفى عام ‪ (1931‬مأخود من كتابه »النبي« يقول فيه‪:‬‬
‫»إن أولدكم ليسوا أولدًا لكم‪ .‬إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها‪ ،‬بكم يأتون إلى العالم ولكن‬
‫ليس منكم‪ .‬ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكًا لكم‪.‬‬
‫أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محّبتكقم‪ ،‬ولكنكققم ل تققدرون أن تغرسقوا فيهقم بققذور أفكققاركم‪ ،‬لن لهقم‬
‫صة بهم‪.‬‬
‫أفكارًا خا ّ‬
‫وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لجسادهم‪ ،‬ولكن نفوسققهم ل تقطققن فققي مسققاكنكم‪ .‬فهققي تقطققن فققي‬
‫مساكن الغد‪ ،‬التي ل تستطيعون أن تزوروها ول في أحلمكم‪.‬‬
‫وأن لكم أن تجاهدوا لكي تصققيروا مثلهققم‪ .‬ولكنكققم عبثقًا تحققاولون أن تجعلققوهم مثلكققم‪ .‬لن الحيققاة ل‬
‫ترجع إلى الوراء‪ ،‬ول تلذ لها القامة في منزل المس‪.‬‬
‫أنتم القواس وأولدكم سهام حّية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم‪ .‬فققإن رامققي السققهام ينظققر العلمققة‬
‫المنصوبة على طريق اللنهاية‪ ،‬فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيققدة المققدى‪ .‬لققذلك فليكققن‬
‫التواؤم بين يدي رامي السهام الحكيم لجل المسّرة والغبطة‪ .‬لنه كمققا يحققب السققهم الققذي يطيققر مققن‬
‫قوسه‪ ،‬هكذا يحب القوس التي تثبت بين يديه«‪.2‬‬

‫ن لطقس الختان الرمزي‬


‫‪ (3‬نموذج ثا ٍ‬
‫صل مبني على نسق الطقس التقليدي أّلفه إبن حاخقام أمريكقي إسقمه »نقورم كقوهين« ووّزعقه فقي‬ ‫هناك طقس مف ّ‬
‫شبكة النترنيت‪ .‬وقد أطلق عليه إسم »بريت بل ميل )أي عهد بل قطع(‪ ،‬طقس بديل لدخول العهققد للهققل اليهققود‬
‫الذين يهّمهم المر«‪ .‬وهذا الشخص هقو رئيققس مركققز »نوسققيرك« فققي مقاطعققة »ميتشققيجان« الققذي يكافققح ضققد‬
‫الختان‪ .‬وقد بدأ طقسه بنص المزمور‪» :‬يهّلل قلبي وجسمي للله الحي« )مزامير ‪.(3:84‬‬

‫يقول المؤّلف في مقّدمة الطقس إن الّمهات والبققاء اليهققود إعققترفوا منققذ زمققن طويققل بالثققار المؤلمقة والضققاّرة‬
‫ل لهققذا الطقققس ل يققؤذي أطفققالهم عنققد‬ ‫والخطيرة للختان )عهد القطع( على أطفالهم‪ .‬وقد رغب الكثيرون منهم بدي ً‬
‫إدخالهم عهد إبراهيم‪ .‬وخلفًا للق»بار متزفا« )طقس التثبيت عند اليهود(‪ ،‬فإن الطفققل ل يحققس بالتجربققة الروحّيققة‬
‫للختان‪ ،‬ل بل إن الختان هو عملّية جراحّية مؤلمة لها مخاطرها الطّبية وهي خرق لسلمة جسم الطفل‪ .‬واسققتجابة‬
‫لهذه المطلب تم وضع عدد من الطقققوس الدينّيققة البديلققة لتحققل محققل طقققس الختققان الققدموي وتققؤّدي دوره الققديني‬
‫والواجب الطائفي الجماعي‪ .‬دون إيذاء للطفققل أو خققرق للحقققوق‪ .‬بهققذه الطقققوس يتققم إسققتقبال الطفققل فققي الطائفققة‬
‫بأسلوب المحّبة مع البقاء على سلمة جسمه وحقوقه النسانّية‪ .‬والطقس الذي يقترحه يأخذ طقس الختان الققدموي‬
‫حكمته‪ .‬وهو يمكققن أن يتققم علققى الققذكور كمققا علققى‬ ‫كأساس له ويبقي على روحه بينما يشارك العصر الحديث في ِ‬
‫الناث‪.‬‬

‫‪Goldman: Questioning circumcision, appendix, sample alternative rituals‬‬ ‫‪1‬‬

‫جبران‪ :‬النبي‪ ،‬ص ‪.13-12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪116‬‬
‫حية للختان تم تفنيدها‪ ،‬ولم يعد بعد أي مبّرر لستمرار الختان بين الطفال‬ ‫ويشرح المؤّلف أن الفوائد الطّبية والص ّ‬
‫اليهود‪ .‬فالختان ل يمكنه أن يعتبر شعارًا للهوّية اليهودّية إذ إن اليهودي هو من ولد لم يهودّيققة‪ ،‬والديانققة اليهودّيقة‬
‫لم تخترع الختان‪ ،‬فقد تم ممارسة الختان منذ ما ل يقل عن ‪ 6000‬سنة في مصر القديمة‪ .‬والمسلمون يختنون كمققا‬
‫أن أكثر من ‪ %65‬من غير اليهود في الوليات المّتحدة مختونون‪ .‬فكيف يمكن إعتبار الختققان تعققبيرًا عققن الهوّيققة‬
‫اليهودّية أو تقوية لها؟ ول يمكن لليهود اللجوء إلى التبريرات الطّبية للبقاء على الختان‪ .‬فالختان‪ ،‬حسب الشققريعة‬
‫ل كعمل إيمان‪ .‬وعملّية الختان التي تتم في المستشفيات ل يمكن إعتبارها ملّبية للشققروط‬ ‫اليهودّية ل يمكن تبريره إ ّ‬
‫التي تضعها الشريعة اليهودّية لنها ليست مصحوبة بطقس ديني‪ ،‬وعليه فهي ليست ختانًا شرعّيا‪.‬‬

‫ويضيف المؤّلف أن الغلفة تدعى بالعبرّية »غرلة«‪ ،‬وهققذه الكلمققة أسقُتعِملت بمعنققى الحققاجز الققذي يمنققع حصققول‬
‫فائدة‪ .‬وهكذا تتكّلم التوراة عن غلفة القلب‪ .‬فالغرلة هي الحاجز الذي يمنع القداسققة‪ .‬وعلققى اليهقود أن يعققترفوا بققأن‬
‫الحواجز الحقيقّية هي تلك التي افتعلوهقا بأنفسقهم‪ .‬وققد غّيقر اليهقود تلقك الحقواجز عقبر التاريقخ‪ ،‬ومقن بيقن تلقك‬
‫الحواجز حاجز الختان الذي بدأ تغييره منذ ‪ 150‬سنة‪ .‬والعهد بين اليهود وبين ال سوف يستمر بعققد حققذف الرمققز‬
‫وبعد إبطال بتر الجسد‪ .‬فلن يقوى أحد أن يقف أمام العمق الروحي للديانة اليهودّية‪ .‬ويقول موجهًا كلمه لليهودي‪:‬‬
‫»كن مرتاحًا جّدا لن الديانة اليهودّية سوف تبقى رغم حذف الختان‪ .‬ول يحق لي يهودي أن يلومققك لنققك تبعققت‬
‫أوامر ضميرك التي تمنعك من عمل طقس دموي يمس بطفلققك‪ .‬فكققن مرتاحقًا وتمّتققع بميلد إبنققك الققرائع«‪ .‬وهققذه‬
‫ترجمة لهذا الطقس كما يقترحه‪.‬‬

‫يجتمع المدعّوون من العائلة والصدقاء في بيت أهل الطفل بمناسبة طقس العهد‪ .‬ويكون ترتيب الشققخاص الققذين‬
‫يوّكل لهم بعض الدوار التشريفّية بالضافة إلى الطفل كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الرئيس الديني )الخّزان( الذي يقود الطقس‬

‫‪ -‬السندك‪ ،‬وهو إّما الجد أو الب‪.‬‬

‫‪ -‬راعي الطفل‬

‫‪ -‬أب وأم الطفل‬

‫‪ -‬العّراب‪ :‬ينقل الطفل من العّرابة إلى السندك‬

‫‪ -‬العّرابة‪ :‬تحمل الطفل إلى داخل الغرفة‬

‫يبقى الحاضرون في غرفة منفصلة بينما العائلة والصدقاء المدعّوون ينتظرون دخولهم الغرفة الرئيسّية‪.‬‬

‫يدخل الرئيس الديني الغرفة الرئيسّية ويبدأ بقراءة النص التي‪:‬‬


‫»وربط إبراهيم إبنه إسحاق وجعله على المذبح فوق الحطققب ومققد إبراهيققم يققده فأخققذ السقّكين ليذبققح‬
‫ل‪ :‬إبراهيم! قال‪ :‬هاءنذا‪ .‬قال‪ :‬ل تمد يدك إلى الصبي ول تفعققل‬ ‫إبنه‪ .‬فناداه ملك الرب من السماء قائ ً‬
‫به شيئًا« )التكوين ‪.(11:22‬‬

‫يبدأ الحضور دورة ويحضر الطفل مع آخرهم‪ .‬فيقف الجميع ويقولون‪» :‬بروخ هابا‪ ،‬مبارك التي!«‬

‫الرئيس‪» :‬بروخ هابا‪ ،‬مبارك التي لعهد إبراهيم في اليقوم الثقامن‪ .‬مبقارك أنقت يقا رب إلهنقا‪ ،‬ملقك العقالم‪ ،‬القذي‬
‫حب بهذا المولود الجديد في عهدك وفي جماعة إسرائيل«‪.‬‬ ‫قّدستنا بوصاياك‪ .‬لقد إجتمعنا الن لنر ّ‬

‫الب والم‪» :‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العالم‪ ،‬الذي وهبتنا الحياة وعضققدتنا وسققمحت لنققا الوصققول إلققى هققذا‬
‫الموسم‪ .‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العالم‪ ،‬الذي أمرتنا بالترحيب بابننا فقي عهقدك‪ .‬إن هقذا الطفقل القذي خلقتقه‬
‫على صورتك كامل وسوي وتام‪ .‬ونحن نعطيه عهد سلمك‪ .‬آمين«‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫السندك مشيرًا إلى كرسي إيلّيا‪» :‬هذا كرسي النبي إيلّيا الذي ُيذكر كمحامي عن الطفال«‪.‬‬

‫ويمّرر الطفل من العّرابة إلى العّراب ومنه إلى السندك الذي يجلس مع الطفل على كرسي إيلّيا ويقققول‪» :‬لقققد قققال‬
‫الرب‪ :‬وخدشًا من أجل مّيت ل تضعوا في أبدانكم‪ ،‬وكتابة وسم ل تضعوا فيكم« )الحبار ‪«(28:19‬‬

‫الحضور‪» :‬إجعل اللهم هذا الطفل سعيدًا في الدنيا‪ ،‬في قداسة هذا البيت وفي قداسة هذا المكان«‪.‬‬

‫الب والم‪» :‬إنها بركة أن نكون مقّدسققين بققالوامر ومقوّكلين للحفققاظ علققى العهققد‪ .‬إنهققا بركققة أن نكققون مقّدسققين‬
‫بالوامر وموّكلين للترحيب بطفلنا في عهد سارة وإبراهيم«‪.‬‬

‫الجميع‪» :‬كما دخل العهد‪ ،‬كذلك ليدخل التوراة والمحّبة والسعادة«‪.‬‬

‫يمسك الرئيس كأسّا من الخمر ويقول‪» :‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العالم‪ ،‬الذي تخلق ثمر هذا الخمر«‪.‬‬

‫الجميع‪» :‬مبارك أنت يا رب إلهنا‪ ،‬ملك العالم‪ ،‬الذي تخلق ثمر هذا الخمر«‪.‬‬

‫ويمّرر الرئيس كأس الخمر إلى العّرابين اللذين يشربان منه ويقّدمانه إلى الب والم ليشربا منه أيضًا‪.‬‬

‫ويقول الرئيس‪ » :‬مبارك طريق العالم‪ ،‬الذي قّدس الطفال ووهبهم المحّبة مقن البطقن ووضقع ققانون القدنيا علقى‬
‫لحمنا وختم نسلنا بعلمة العهد المقّدس«‪.‬‬

‫الب والم‪» :‬إننا نصّلي بأن يكبر طفلنا في عالم خال من العنف مليء بالفرح والسلم«‪.‬‬

‫الجميع‪» :‬مقّدسون أنتم الذين إجتمعتم هنا للمشاركة في هذا العهد المقّدس«‪.‬‬

‫يمسك السندك الطفل ويقول‪» :‬احمدوا الرب لنه صالح‪ ،‬لن للبد رحمته )مزاميققر ‪ .(1:18‬ليكققبر هققذا الصققغير‪.‬‬
‫هيا بك إلى المام‪ ،‬انك كامل«‪.‬‬

‫يعطي السندك الطفل إلى الب والم ويقول العّرابان‪» :‬لينمو هذا الطفل مع أّمه وأبيه‪ .‬وليكققن إسققمه معروفقًا بيننققا‬
‫ل(‪.‬‬‫كفلن إبن فلن )يعطى الطفل إسمًا عبرّيا كام ً‬

‫الجميع‪» :‬كما دخل العهد‪ ،‬كذلك ليدخل التوراة والمحّبة والسعادة«‪.‬‬

‫الرئيس‪» :‬يباركنا الرب ويحفظنا ويضيء الرب بوجهه علينا ويرحمنا‪ ،‬ويرفع الرب وجهه نحونا ويمنحنا السلم‪.‬‬
‫آمين«‪.‬‬

‫الجميع‪» :‬عمل مبرور«‪.‬‬

‫ثم تقام حفلة فرح وتقّدم المأكولت والمشروبات‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬ختان الناث عند اليهود‬


‫‪ (1‬ختان الناث في الشرق الوسط قديمًا‬
‫هناك إشارات بأن المصرّيين كانوا يمارسون ختان الناث‪ .‬وحّتى يومنا هذا ما زال يطلق على ختققان النققاث فققي‬
‫السودان إصطلح الخفاض الفرعوني‪ .‬ولكن ل توجد نقوش واضحة لختان الناث على جدران المعابققد والمقققابر‪.‬‬
‫وقد يكون سبب ذلك هو أن المصرّيين القدامى ل يصّورون أبدًا إمرأة عارية‪ .‬وهناك مظهر واحد في معبد خنسققو‬
‫‪118‬‬
‫الصغير في معبد الكرنك بالقصر يقول الباحثون إنه قد يكون ختققان لنققثى‪ .‬فعلققى الجققانب اليمققن مققن التصققوير‬
‫عضو الذكر واضحًا ويقوم الخاتن بعملّية الختان‪ .‬وعلى الجانب اليسر نشاهد ذراع الشخص المختون وقققد أخفققى‬
‫العضاء التناسلّية الخارجّية للطفل الثاني‪ .‬ويقول العلماء إن ختان الفتاة لققدى المصققرّيين القققدماء كققان يتققم بإزالققة‬
‫البظر والشفرين الصغيرين‪ .1‬وهنقاك بردّيقة كتبهقا باليونانّيقة كقاهن مصقري يرجقع تاريخهقا إلقى عقام ‪َ 163‬قبقل‬
‫المسيح جاء فيها ذكر لختان الناث‪ .‬وتتضّمن البردّية شكوى قّدمها شحاذ معتزل وقع ضحّية إحتيال‪ .‬فقققد أودعققت‬
‫عنده فتاة مبلغ ‪ 1300‬درهم‪ .‬وجاءت أم الفتققاة وطققالبته بالوديعققة لن إبنتهققا بلغققت عمققر يتققم فيققه ختانهققا وبحاجققة‬
‫لملبس ومهر لزواج محتمل‪ .‬وقد وعدته بأنها سوف تعيد المبلغ له إذا لم تجِر للفتاة عملّية الختان‪ .‬وقققد نكثققت الم‬
‫بوعدها فطالبت الفتاة بوديعتها‪ .2‬وتذكر »فران هوسكن« أن بعض الثرييققن قققد شققاهدوا موميققات مصققرّية قديمققة‬
‫لناث مختونات‪ .3‬لكن هناك مراجع أخرى تقول بوجود موميات إناث غير مختونات‪.‬‬

‫ل عن الدكتور أنور أحمد حلواني من كّلية الطب بجامعة الخرطوم‪:‬‬ ‫ويقول الدكتور المين داوود‪ ،‬نق ً‬
‫»الخفاض الفرعوني قديم جّدا في السودان‪ .‬ولقد إنحدرت هذه العادة مققع الفتققح الفرعققوني ول زالققت‬
‫تمارس إلى الن«‪.4‬‬

‫وفي مكان آخر يقول‪:‬‬


‫»كانت عادة الخفاض الفرعوني عند الفراعنة القققدماء‪ ،‬وبققالخص فققي عصققر رمسققيس َقبققل الميلد‬
‫بأكثر من ألف سنة‪ ،‬ودخلت على السودان من طريق الفتوحات الفرعونّية علققى بلد النوبققة‪ .‬كمققا إن‬
‫ملوك بلد النوبة قد إستولوا على مصر‪ ،‬فانتشرت عادة الخفاض الفرعوني في وادي النيل«‪.5‬‬

‫ويرى الدكتور محّمد فّياض أن القول بوجود ختان الناث في مصر القديمققة هققو أكذوبققة تفققتري علققى المصققرّيين‬
‫الفراعنة‪ .‬ويضيف‪:‬‬
‫ضققرهم‬‫»إن ختان النثى لم يكن معروفًا لدى الفراعنققة المصققرّيين‪ ،‬الققذين حرصققت حضققارتهم وتح ّ‬
‫على تكريم المرأة وتبجيلها‪ .‬ليس فقط كملكة َتحُكقم وإّنمقا كإلهقة ُتعَبقد‪ .‬وققد قضقيت عشقرات السقنين‬
‫أدرس مئات الكتب والمراجع عن الفراعنة‪ ،‬وأفحص البرديات الطّبية التي تعّرضت لكققل مققا يخققص‬
‫المرأة من أمراض وأعراض وعلجات‪ ،‬فلم أجد إشارة واحدة إلى ختان النثى في أّية أدبيققات ]‪.[...‬‬
‫يبقى أن أقول إن هذا الربط الزائف بين الفراعنة وبين ختان النثى‪ ،‬رّبما يرجع إلى فققترة النحطققاط‬
‫التي وقعت فيها مصر تحت إحتلل الجانب الوافدين من إفريقيققا‪ .‬وكققان طبيعّيققا أن تنتقققل إليهققا فققي‬
‫عهدهم بعض عاداتهم وممارساتهم‪ ،‬ومنها الختان«‪.6‬‬

‫‪ (2‬ممارسة اليهود لختان الناث وإنكارهم ذلك‬


‫ولكن ماذا عن ختان النقاث عنققد اليهققود؟ ل يوجقد أي ذكقر فققي الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة لختقان النققاث‪ .‬ويقرى‬
‫جوزيف لويس أن ختان الذكور كان علمة تطهير للطفل الذكر من دنس أّمه بعد الولدة‪ .‬وقققد كققان الختققان أيض قًا‬
‫ل أن ختان الناث قد قّلت ممارسة القبائل البدائّية له لما ينطققوي عليققه مققن مشققاق قققد‬ ‫يمارس على الطفل النثى‪ .‬إ ّ‬
‫تسّبب الموت إذا قامت به يد غير درّية‪ .‬ولهذا إستعاضت التوراة عن خفاض الطفلة النثى بمضاعفة م قّدة التكفيققر‬
‫التي تكون الم فيها نجسة ومضاعفة الزمن الذي تقيم فيه في دم تطهيرها )أنظر الحبار فصل ‪.7(12‬‬

‫أسعد‪ :‬الصل السطوري لختان الناث‪ ،‬ص ‪.56-55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Greek papyri, vol. I, p. 31-33‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hosken: The Hosken Report, p. 74‬‬ ‫‪3‬‬

‫داوود‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪4‬‬

‫داوود‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪5‬‬

‫حة النجابّية‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫مؤتمر الص ّ‬ ‫‪6‬‬

‫لويس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪119‬‬
‫وعدم وجود نص في التوراة عن ختان الناث ل يعني بحد ذاته أن اليهود لم يمارسوه‪ .‬يقول »سترابو« الققذي زار‬
‫مصر عامي ‪َ 23-25‬قبل المسيح بأن ختان الذكور والناث كان يمقارس علقى السقواء عنقد المصقرّيين واليهقود‪.1‬‬
‫ضققحا بققأنه‬
‫وفي مكان آخر‪ ،‬يعيد علينا القول إن عند اليهود عادة يحرسون عليها جّدا وهي عادة ختان النققاث‪ ،‬مو ّ‬
‫يتم في هذه العملّية قطع الشفرين الصغيرين‪.2‬‬

‫ل أن الكّتاب اليهود في أّيامنا يرفضون ما قاله »سترابو« متعّللين بنص لق»فيلون«‪ 3‬يقول فيه إن المصرّيين كانوا‬ ‫إّ‬
‫‪4‬‬
‫ل ختققان الققذكور ‪ .‬ولكققن وجققود أمققر إلهققي فقققط بختققان‬
‫يختنون الذكور والناث‪ .‬ولكن ال لم يفرض على اليهود إ ّ‬
‫الذكور ل يعني بحد ذاته أن اليهود لم يمارسوا ختان الناث على أساس العادة‪ .‬والتوراة ل يوجد فيها ما يمنع ذلك‪.‬‬
‫وليست كل العادات اليهودّية جاء فيها نص توراتي‪.‬‬

‫وفي نفس المنهج‪ ،‬كتب أستاذ قانون إسققرائيلي‪» :‬إن اليهودّيققة لققم تمققارس أبققدًا ختققان النققاث«‪ .5‬وواضققح أن هققذا‬
‫ل أن اليهقود كمجموعقة‬‫الستاذ يتلعب بالكلم‪ .‬فإن كان صحيحًا أن اليهودّية كشققريعة لقم تققأمر بختقان النقاث‪ ،‬إ ّ‬
‫بشرّية مارسوا هذه العادة‪.‬‬

‫تقول المؤّلفة »اليزابيت جولد ديفس« أن اليهود ينكرون أنهم مارسوا الختان على بناتهم‪ ،‬ولكن هناك براهين تثبت‬
‫العكس‪ .‬وهي تستند إلى ما كتبه »ريتشارد بيرتون« في القرن الماضي بأن ختان النققاث كققان جاريقًا بيققن اليهققود‬
‫ل مخزيقًا‪ .‬وققد أضقاف‬ ‫اللمقان حّتقى أّيقام »رابقي جيرشقون« )تقوّفى عقام ‪ (1028‬القذي إنتققده معتقبرًا ذلقك عم ً‬
‫»بيرتون« بأن تلك العادة ما زالت سارية في بعض القبائل اليهودّية في زمنه‪.6‬‬

‫ونلحظ هنا أن اليهود الفلشة من أصل حبشي يمارسون حّتى يومنا هذا ختققان النققاث‪ .7‬وقققد نقققل عنهققم الر ّ‬
‫حالققة‬
‫السكتلندي »جيمس بروس« في القرن الثامن عشر قولهم بأن ختان النققاث كققان منتشققرًا فققي القققدس علققى زمققن‬
‫شرين الكاثوليك قققد‬ ‫الملك سليمان وأنهم كانوا يمارسونه هناك َقبل مجيئهم إلى الحبشة‪ .8‬ويذكر هذا الر ّ‬
‫حالة أن المب ّ‬
‫منعوا ختان الناث في مصر بين أتباعهم لعتقادهم أنها عادة يهودّية‪ .‬ولنا عودة إلى هذا الحدث في القسققم القققادم‪.‬‬
‫وقد سألت من خلل شبكة النترنيت ما إذا كان اليهود الفلشة ما زالوا على تلك العادة بعد ترحيلهم إلى إسقرائيل‪،‬‬
‫وإذا كان غيرهم من اليهود يمارسها‪ .‬فكان رد الفعل من ِقَبل اليهود هستيريًا‪ .‬فمنهم من أنكر تماماً أن يكون اليهود‬
‫قد مارسوا ختان البنات في أي عصقر مقن العصقور ورفضقوا المصقدر القذي ذكرتقه لهقم وهقو مصقدر يهقودي‪.‬‬
‫وبعضهم قال بأن الفلشة على كل حال ليسوا يهودًا‪.‬‬

‫من جهة أخرى شارك الطّباء اليهود مع غيرهم من الطّباء الغربّيين في بريطانيا والوليات المّتحدة فققي الدعايققة‬
‫صة تحت شعار مكافحة العققادة السقّرية الققتي كققان الفكققر‬ ‫لختان الناث وممارسته بداية من القرن التاسع عشر‪ ،‬خا ّ‬
‫اليهودي أحد دعائمها كما سنرى في الجدل الطبي‪ .‬وقد رأينا في الفصل الّول كيف أن طبيبًا أمريكيًا يهودّيا إسققمه‬
‫»راثمان« إبتكر عام ‪ 1959‬آلة مثل الكّماشة لبتر غلفة بظر المققرأة‪ .9‬وقققد تعّرّفققت شخصققيًا علققى سقّيدة أسققترالّية‬
‫عمرها ‪ 23‬سنة تم ختانها من ِقَبل موهيل يهودي عندما كان عمرها ‪ 12‬سنة بعققدما إكتشققف والققدها‪ ،‬وهققو طققبيب‬
‫يهودي‪ ،‬أنها تمارس العادة السّرية‪.‬‬

‫وهنققاك خققبر صققدر فققي جريققدة الوفققد القاهرّيققة تحققت عنققوان »إسققرائيل تنظّققم رحلت لجققراء عملّيققات الختققان‬
‫والطهارة« يقول‪:‬‬

‫‪Strabon, vol. 3, p. 465‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Strabon, vol. 3, p. 367‬؛ أسعد‪ :‬الصل السطوري لختان الناث‪ ،‬ص ‪.58-57‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: Questiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 107‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Shaye & Cohe, p. 564-565‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Rabello: The ban on circumcision, p. 178‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Davis: The first sex, p. 156, quoting Burton: Love, war and fancy, p. 107‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Leslau: Coutumes et croyances des Falachas, p. 93‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Bruce, tome 8, p. 152‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Rathmann, p. 115-120‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪120‬‬
‫»في إسرائيل هناك نوع من الرحلت السياحّية تسقّمى رحلت الطهققور وتتققم تحققت شققعار »طهققور‬
‫الولد وختان البنات«‪ .‬وطرحت إسرائيل عددًا من برامجها السياحّية في السققوق المريكّيققة لليهققود‬
‫المريكّيين لتمام عملّية طهارة الولد وختان البنات في إسرائيل على الطريقققة اليهودّيققة‪ .‬إسققرائيل‬
‫ظمت رحلت من هذا النوع لكثر من ألف أسرة بأطفالها«‪.1‬‬ ‫نّ‬

‫حته‪ .‬وقد وضعته على شبكة النترنيت لمعرفة رأي اليهققود فيققه فكققانت رّدة‬‫وهذا الخبر لم أتمّكن من التأّكد من ص ّ‬
‫الفعل هستيرّية أيضًا رغم أنه كان يكفي أن يجيب القارئ بكلمة ل أو نعم أو ل أعرف‪ .‬ومن بين الذين أجابوا رأوا‬
‫في مجّرد السؤال إّتهام لليهود بممارسة ختققان النقاث وهقو‪ ،‬كمقا سقبق وذكرنقا‪ ،‬ينكققره أكقثرهم‪ .‬ولكقن رد الفعقل‬
‫حة جققزئه الخققاص‬ ‫الهستيري ل يعني بحد ذاته أن الخبر الصادر في جريدة الوفد صحيح‪ .‬ل بل نحن نشك في ص ق ّ‬
‫بختان الناث‪.‬‬

‫‪ (3‬إشراك الناث في طقس الختان الرمزي‬


‫وإذا تركنا جانبًا محاولت اليهود إنكار ممارستهم ختان الناث في الماضي والحاضققر‪ ،‬نجققد أن معارضققي ختققان‬
‫الذكور قد إستبدلوا الختان الدموي الذي يجري على الذكور بختان رمزي يجرى على كل من الذكر والناث أخققذًا‬
‫بمبدأ المساواة‪ ،‬كما رأينا في النقطة السابقة‪.‬‬

‫ولتفقادي الّتهقام بعقدم المسقاواة‪ ،‬يققترح أيضقًا مؤّيقدو ختقان القذكور القدموي إقامقة مراسقيم دينّيقة للنقاث أسقوة‬
‫بالمراسيم الدينّية التي تقام للذكور‪ ،‬ولكن دون أن يتم قطع أعضائها الجنسّية‪ .‬وقد بقّرروا إقققتراحهم بققالرجوع إلققى‬
‫التوراة‪ .‬فالفصل السابع عشر من سفر التكوين الذي سن الختان للذكور يذكر أن ال غّيققر إسققم أبققرام إلققى إبراهيققم‬
‫)التكوين ‪ (5:17‬واسم ساراي إلى سارة )التكوين ‪ (15:17‬ولكن دون أن يسققن الختققان عليهققا‪ .‬وعليققه فققإن بعققض‬
‫اليهود يقترحون أن يشارك الخققاتن فققي اليققوم الثقامن مققن ميلد الطفلققة بمراسقيم دينّيقة يتققم خللهقا تسقمية الطفلققة‬
‫طيققس البنققت كّليققا‬
‫وإدخالها العهد واعتبار دم حيضها كبديل لدم الطفل الذي يسال عند الختان‪ .‬ومنهم من يقققترح تغ ّ‬
‫سقر بقأن سقارة ققد غسقلت نفسقها بعقد‬ ‫أو جزئّيا في الماء كعلمة ميلد جديد وذلك رجوعًا إلى نص مقن التلمقود ُف ّ‬
‫حصولها على إسمها الجديد‪ .‬وهناك أيضًا من يقترح أن تغسل أرجل البنت تعبيرًا عّمققا فعلققه إبراهيققم مققع ضققيوفه‬
‫عندما غسل أرجلهم )التكوين ‪ .(4:18‬ومنهم من يقترح أن يوضع حوض في وسط الرض ويطلب من الحضققور‬
‫سكب كاس من الماء في هذا الحوض وغسل أرجل الطفلة فيققه بينمققا يرّتققل الجمققع كلم النققبي أشققعيا‪» :‬وتسققتقون‬
‫المياه من ينابيع الخلص مبتهجين« )أشعيا ‪ .(13:12‬وفي هققذه المناسققبة‪ ،‬يمكققن لهققل الطفلققة أن يققذكروا للجمققع‬
‫معنى السم العبري الذي أعطي للطفلة كما هو المر عند ختان الطفل‪.2‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬الختان في الفكر الديني المسيحي‬

‫هذا القسم ينقسم إلى خمسة فصول‪ .‬الفصل الّول يستعرض نصوص الكتب المقّدسة لقدى المسقيحّيين حقول ختقان‬
‫الذكور وموقف السّيد المسيح ورسله منققه مققن خلل تلققك النصققوص‪ .‬والفصققل الثققاني يققبّين موقققف آبققاء الكنيسققة‬
‫واللهوتّيين المسيحّيين أيضًا من ختان الذكور‪ .‬وأّما الفصلن الثالث والرابع‪ ،‬فنكّرسهما للجققدل الققديني حققول كققل‬
‫من ختان الذكور والناث بين مسيحّيي مصر والوليات المّتحدة‪ .‬ونتكّلم في الفصل الخامس عن ظققواهر مسققيحّية‬
‫غريبة لها علقة بالختان منها تكريم ختان المسيح وطائفة الخصققيان فققي روسققيا واسققتعمال الخصققيان فققي ترانيققم‬
‫الكنيسة‪.‬‬

‫الوفد‪ 23 ،‬أكتوبر ‪ ،1994‬ص ‪.3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 14-15‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪121‬‬
‫الفصل الّول‪ :‬الختان في نصوص الكتب المقّدسة المسيحّية‬
‫‪ (1‬التعريف بالكتب المقّدسة المسيحّية‬
‫يعترف المسيحّيون بالكتب المقّدسة اليهودّية التي يطلقون عليها إسم »كتاب العهد القديم« وهققم غيققر مّتفقيققن علققى‬
‫تعدادها‪ .‬فبينما تنشر الكنيسققة الكاثوليكّيققة والرثوذكسقّية ‪ 46‬سققفرًا يهودّيققا‪ ،‬نجققد أن نشققرات الكتققب المقّدسققة فققي‬
‫صققة عنققد البروتسققتنت الققذين‪ ،‬مثلهققم مثققل اليهققود‪ ،‬ل يعققترفون بأسققفار طوبيققا‬
‫الكنققائس الخققرى أقققل عققددًا‪ ،‬وخا ّ‬
‫حكمة ويشوع بن سيراخ‪ ،‬وباروك‪.‬‬ ‫ويهوديت والمكابيين الّول والثاني وال ِ‬

‫صة بهم يطلقون عليهققا إسققم »كتققاب العهققد الجديققد تضققم سققبعة وعشققرين سققفرًا هققي‪:‬‬
‫وللمسيحّيين كتب مقّدسة خا ّ‬
‫الناجيل الربعة )إنجيل مّتى وإنجيل مرقص وإنجيل لوقا وإنجيقل يوحّنقا( وأعمقال الرسقل وأربقع عشقرة رسقالة‬
‫للقّديس بولس ورسالة للقّديس يعقوب‪ ،‬ورسالتين للقّديس بطققرس‪ ،‬وثلث رسققائل للققّديس يوحّنققا ورسققالة للققّديس‬
‫يهوذا ورؤيا يوحّنا‪ .‬والناجيل الربعة المسيحّية تختلف عن القرآن لكونهققا سققيرة المسققيح وأقققواله وليسققت كلمقًا‬
‫ل بالمعنى السلمي‪ .‬ونعيد القارئ إلى قائمة الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية في التنبيه الذي وضققعناه فققي‬ ‫منز ً‬
‫أّول الكتاب‪.‬‬

‫وكما فعلنا في القسم الخاص باليهود‪ ،‬سوف نذكر هنا نصوص الكتب المقّدسة المسيحّية التي تتكّلم عن الختان قبققل‬
‫أن نستعرض الجدل الذي دار حوله بين المسيحّيين في الماضي والحاضر‪.‬‬

‫‪ (2‬نصوص الكتب المقّدسة المسيحّية عن الختان‬


‫لوقا‪ :‬الفصل ‪1‬‬

‫)‪ (57‬أّما اليصابات‪ ،‬فلّما حان وقت ولدتها وضعت إبنًا‪ (58) .‬فسمع جيرانها وأقاربها بأن الققرب رحمهققا رحمققة‬
‫عظيمة‪ ،‬ففرحوا معها‪ (59) .‬وجاؤوا في اليوم الثامن ليختنققوا الطفققل وأرادوا أن يسقّموه زكرّيققا بإسققم أبيققه‪(60) .‬‬
‫فتكّلمت أّمه وقالت‪ :‬ل بل يسّمى يوحّنا‪.‬‬

‫لوقا‪ :‬الفصل ‪2‬‬

‫)‪ (21‬ولّما إنقضت ثمانية أّيام فحان للطفل أن يختن‪ ،‬سّمي يسوع‪ ،‬كما سّماه الملك قبققل أن يحبققل بققه‪ (22) .‬ولّمققا‬
‫حان يوم طهورهما بحسب شريعة موسى‪ ،‬صعدا به إلى أورشليم ليقّدماه للرب‪ (23) ،‬كما ُكتب في شققريعة الققرب‬
‫من أن كل بكر ذكر ينذر للرب‪ (24) .‬وليقّربا كما ورد في شريعة الرب‪ :‬زوجي يمام أو فرخي حمام‪.‬‬

‫يوحّنا‪ :‬الفصل ‪7‬‬

‫)‪ (19‬لماذا تريدون قتلي؟ )‪ (20‬أجاب الجمع‪ :‬بك مققس مققن الشققيطان‪ ،‬فمققن يريققد قتلققك؟ )‪ (21‬أجققاب يسققوع‪ :‬مققا‬
‫جبتم كلكم‪ (22) .‬سن موسى فيكم الختان )ولم يكن الختققان مققن موسققى‪ ،‬بققل مققن البققاء(‬ ‫ل واحدًا فتع ّ‬
‫ل عم ً‬
‫عملت إ ّ‬
‫ل تخالف شريعة موسى‪ ،‬أفتحنقون‬ ‫فتختنون النسان يوم السبت‪ (23) .‬فإذا كان النسان يتلّقى الختان يوم السبت لئ ّ‬
‫علي لني أبرأت يوم السبت إنسانًا بكل ما فيه؟ )‪ (24‬ل تحكموا على الظاهر‪ ،‬بل احكموا بالعدل‪.‬‬

‫أعمال الرسل‪ :‬الفصل ‪7‬‬

‫)‪] (51‬فقال استفانس لليهود‪ [:‬يا صلب القلوب‪ ،‬ويققا غلققف القلققوب والذان‪ ،‬إنكققم تقققاومون الققروح القققدس دائمقًا‬
‫وأبدًا‪ ،‬وكما كان آباؤكم فكذلك أنتم‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫أعمال‪ :‬الفصل ‪01‬‬

‫)‪ (1‬كان في قيصرّية رجل إسمه قرنيليوس‪ ،‬قائد مائة مققن الكتيبققة الققتي تققدعى الكتيبققة اليطالّيققة‪ (2) .‬وكققان تقيقاً‬
‫يخاف ال هو وجميع أهل بيته‪ ،‬ويتصّدق على الشعب صدقات كققثيرة‪ ،‬ويققواظب علققى ذكققر القق‪ (3) .‬فققرأى نحققو‬
‫الساعة الثالثة بعد الظهر في رؤيا واضحة ملك ال يدخل عليه ويقول له‪ :‬يا قرنيليوس )‪ (4‬فحّدق إليققه‪ ،‬فاسققتولى‬
‫عليه الخوف فقال‪ :‬ما الخبر سّيدي؟ فقال له‪ :‬إن صلواتك وصدقاتك قققد صققعدت ِذكققرًا عنققد القق‪ (5) .‬فأرسققل الن‬
‫ع سمعان الذي يلّقب بطرس )‪ (6‬فهو نازل عند دّباغ إسمه سمعان‪ .‬وبيته على شققاطئ البحققر‪) .‬‬ ‫ل إلى يافا واد ُ‬
‫رجا ً‬
‫‪ (7‬فلّما إنصرف الملك الذي كّلمه‪ ،‬دعا إثنين من خدمه وجنديًا تقيًا مّمن كانوا يلزمققونه‪ (8) ،‬وروى لهققم الخققبر‬
‫كّله وأرسلهم إلى يافا‪ (9) .‬فبينما هم سائرون في الغد وققد إققتربوا مقن المدينققة‪ ،‬صقعد بطققرس إلقى السققطح نحققو‬
‫الظهر ليصّلي‪ (10) ،‬فجاع فأراد أن يتناول شيئًا من الطعام‪ .‬وبينمققا هققم يِعقّدون لقه الطعققام‪ ،‬أصققابه جققذب‪(11) .‬‬
‫ل يتدّلى إلى الرض بأطرافه الربعة‪ (12) .‬وكان فيه مققن جميققع‬ ‫فرأى السماء مفتوحة‪ ،‬ووعاء كسماط عظيم ناز ً‬
‫حافات الرض وطيور السماء‪ (13) .‬وإذا صوت يقول له‪ :‬قم يا بطرس فاذبح وكققل‪ (14) .‬فقققال‬ ‫ذوات الربع وز ّ‬
‫جسقه‬ ‫بطرس‪ :‬حاشى لي يا رب‪ ،‬لم آكل قط نجسًا أو دنسًا‪ (15) .‬فعاد إليه صوت فقال له ثانيًا‪ :‬مققا طّهقره الق ل تن ّ‬
‫أنت‪ (16) .‬وحدث ذلك ثلث مّرات‪ .‬ثم ُرفع الوعاء من وقته إلى السماء‪ (17) .‬فتحّير بطرس وأخققذ يسققائل نفسققه‬
‫ما تعبير الرؤيا التي رآها‪ .‬وإذا الرجال الذين أرسلهم قرنيليوس‪ ،‬وكانوا قد سألوا عن بيت سمعان‪ ،‬وقفوا بالبققاب )‬
‫‪ (18‬ونادوا مستخبرين أنازل بالمكان سمعان الملّقب بطرس‪ (19 ) .‬وبينما بطرس يفّكر في الرؤيا‪ ،‬قال له الروح‪:‬‬
‫هناك ثلثة رجال يطلبونك‪ (20) .‬فقم فانزل إليهم واذهب معهم غير مترّدد‪ ،‬فإني أنا أرسلتهم‪ (23) [...] .‬فدعاهم‬
‫وأضافهم وفي الغد قام فمضى معهم‪ ،‬ورافقهم بعض الخوة من يافا‪ (24) ،‬فدخل قيصرّية في اليوم الثققاني‪ .‬وكققان‬
‫قرنيليوس ينتظرهم وقد دعا أقاربه وأخص أصدقائه‪ (25) .‬فلّمققا دخققل بطققرس إسققتقبله قرنيليققوس وارتمققى علققى‬
‫قدميه ساجدًا له‪ (26) .‬فأنهضه بطرس وقال‪ :‬قم‪ ،‬فإني نفسي أيضًا بشر‪ (27) .‬ودخل وهو يحادثه‪ ،‬فوجققد جماعققة‬
‫من الناس كثيرة‪ (28) .‬فقال لهم‪ :‬تعلمون أنه حرام على اليهودي أن يعاشر أجنبيًا أو يدخل منزله‪ .‬أّما أنقا فققد بّيقن‬
‫ال لي أنه ل ينبغي أن أدعو أحدًا من الناس نجسًا أو دنسًا‪ (29) .‬فلّما دعيت جئت ولم أعترض‪ .‬فأسققألكم مققا الققذي‬
‫حملكم على أن تدعوني‪ (30) .‬فقال له قرنيليوس‪ :‬كنت َقبل أربعة أّيام في مثققل هققذا الققوقت أصقّلي فققي بيققتي عنققد‬
‫سمعت صققلواتك‬ ‫الساعة الثالثة بعد الظهر‪ ،‬وإذا رجل عليه ثياب بّراقة قد حضر أمامي )‪ (31‬وقال‪ :‬يا قرنيليوس‪ُ ،‬‬
‫ع سمعان الملّقب بطرس‪ ،‬فهو نازل في بيققت سققمعان الققدّباغ‬ ‫وُذكرت لدى ال صدقاتك‪ (32) ،‬فارسل إلى يافا‪ ،‬واد ُ‬
‫على شاطئ البحر‪ (33) .‬فأرسلت إليك لوقتي‪ ،‬وأنت أحسنت صنعًا في مجيئك‪ .‬ونحن الن جميعاً أمام ال ق لنسققمع‬
‫ما أمرك به الرب‪ (34) .‬فشرع بطرس يقول‪ :‬أدركت حقًا أن ال ل ُيراعي ظاهر الناس )‪ (35‬فمققن إّتقققاه مقن أّيققة‬
‫أّمة كانت وعمل البر كان عنده مرضقّيا ]‪ (44) [...‬وكققان بطققرس ل يققزال يققروي هققذه المققور‪ ،‬إذ نققزل الققروح‬
‫القدس على جميع الذين سمعوا كلمة ال‪ (45) .‬فدهش المؤمنون المختونون الذين رافقوا بطققرس‪ ،‬ذلققك أن موهبققة‬
‫ظمقون الق‪ .‬فققال‬ ‫الروح القدس قد أفيضت على الوثنّيين أيضًا‪ (46) .‬فقد سمعوهم يتكّلمون بلغات غيقر لغتهقم ويع ّ‬
‫بطرس‪ (47) :‬أيستطيع أحد أن يمنع هؤلء من ماء المعمودّيققة وقققد نققالوا الققروح القققدس مثلنققا؟ )‪ (48‬ثققم أمققر أن‬
‫يعتمدوا بإسم يسوع المسيح‪ .‬فسألوه أن يقيم عندهم بضعة أّيام‪.‬‬

‫أعمال‪ :‬الفصل ‪11‬‬

‫)‪ (1‬وسمع الرسل والخوة في اليهودّية أن الوثنّيين أيضًا َقبلوا كلمة ال )‪ (2‬فلّما صعد بطرس إلى أورشققليم‪ ،‬أخققذ‬
‫المختونون يخاصمونه‪ (3) .‬قالوا‪ :‬لقد دخلت إلى أناس غلف وأكلت معهم‪ (4) .‬فشرع بطرس يعققرض لهققم المققر‬
‫صل قال‪ (5) :‬كنت أصّلي في مدينة يافا‪ .‬فأصابني جذب فرأيت رؤيا‪ ،‬فإذا وعققاء هققابط كسققماط عظيققم‬ ‫عرضًا مف ّ‬
‫يتدّلى من السماء بأطرافه الربعة حّتى إنتهى إلي‪ (6) .‬وحّدقت إليه وأمعنت النظر فيه فرأيقت ذوات الربقع القتي‬
‫حافات وطيور السماء‪ (7) .‬وسمعت صوتًا يقول لي‪ :‬قققم يققا بطققرس فاذبققح وكققل‪(8) .‬‬ ‫في الرض والوحوش والز ّ‬
‫فقلت‪ :‬حاش لي يا رب‪ ،‬لم يدخل فمي قط نجس أو دنس )‪ (9‬فعاد صوت من السققماء فقققال ثانيقًا‪ :‬مققا طّهققره الق ل‬
‫جسه أنت‪ (10) .‬وحدث ذلك ثلث مّرات‪ ،‬ثم رفع كّله إلى السماء‪ (11) .‬وإذا ثلثة رجقال ققد وقفقوا فقي القوقت‬ ‫تن ّ‬
‫نفسه بباب البيت الذي كّنا فيه‪ .‬وكانوا مرسلين إلي من قيصرّية )‪ (12‬فأمرني الروح أن أذهب معهم غيققر مققترّدد‪.‬‬
‫فرافقني هؤلء الخوة السّتة‪ .‬فققدخلنا بيققت الرجققل ]قرنيليققوس[‪ (13) .‬فأخبرنققا كيققف رأى الملك يمّثققل فققي بيتققه‬
‫ع سمعان الملّقب بطرس‪ (41) .‬فهو يروي لك أمورًا تنال بهقا الخلص أنقت وجميقع‬ ‫ويقول له‪ :‬أرسل إلى يافا واد ُ‬

‫‪123‬‬
‫أهل بيتك‪ (15) .‬فما شرعت أتكّلم حّتى نزل الروح القدس عليهم كما نققزل علينققا فققي البققدء‪ (16) .‬فتققذّكرت كلمققة‬
‫الرب إذ قال‪ :‬إن يوحّنا عّمد بالماء وأّما أنتم فستعّمدون في الروح القدس‪ (17) .‬فإن كان ال قد وهب لهققم مثققل مققا‬
‫وهب لنا‪ ،‬لننا آمّنا بالرب يسوع المسيح‪ ،‬هل كققان فققي إمكققاني أنققا أن امنققع القق‪ (18) .‬فلّمققا سققمعوا ذلققك‪ ،‬هققدأوا‬
‫جدوا ال وقالوا‪ :‬قد وهب ال إذا للوثنّيين أيضًا التوبة التي تؤّدي إلى الحياة‪.‬‬ ‫وم ّ‬

‫أعمال‪ :‬الفصل ‪15‬‬

‫سقّنة موسققى‪ ،‬ل تسققتطيعون أن‬ ‫)‪ (1‬ونزل أناس من اليهودّية وأخذوا يلّقنون الخوة فيقولون‪ :‬إذا لققم تختتنققوا علققى ُ‬
‫تنالوا الخلص‪ (2) .‬فوقع بينهم وبين بولس وبرنابا خلف وجدال شققديد‪ .‬فعزمققوا علققى أن يصققعد بققولس وبرنابققا‬
‫وأناس آخرون إلى أورشليم حيث الرسل والشيوخ للنظر في هذا الخلف‪ (3) .‬فشّيعتهم الكنيسة‪ .‬فاجتققازوا فينيقّيققة‬
‫حبققت‬ ‫والسامرة يروون خبر إهتداء الوثنّيين‪ ،‬فُيفرحون الخوة كّلهم فرحًا عظيمًا‪ (4) .‬فلّما وصلوا إلى أورشققليم ر ّ‬
‫بهم الكنيسة والرسل والشيوخ‪ ،‬فأخبروهم بكل ما أجرى ال معهققم‪ (5) .‬فقققام أنققاس مققن الققذين كققانوا علققى مققذهب‬
‫الفّريسيين ثم آمنقوا‪ ،‬فققالوا‪ :‬يجقب ختقن القوثنّيين وتوصقيتهم بالحفقاظ علقى شقريعة موسقى‪ (6) .‬فقاجتمع الرسقل‬
‫والشيوخ لينظروا في هذه المسألة‪ (7) .‬وبعد جدال طويل قام بطرس وقال لهم‪ :‬أيها الخوة‪ ،‬تعلمون أن ال إختققار‬
‫عندكم منذ الّيام الولى أن َيسمع الوثنّيون من فمي كلمة البشارة ويؤمنوا‪ (8) .‬وال العليم بما في القلوب قققد شققهد‬
‫لهم فوهب لهم الروح القدس كما وهبه لنا‪ (9) .‬فلم يفّرق بيننا وبينهم في شيء‪ ،‬وقققد طّهقر قلققوبهم باليمقان‪(10) .‬‬
‫فلماذا تجّربون ال الن بأن تجعلوا على أعناق التلميذ نيرًا لم يقَو آباؤنا ول نحن قوينققا علققى حملققه؟ )‪ (11‬فنحققن‬
‫نؤمن أننا بنعمة الرب يسوع ننال الخلص كما ينال الخلص هؤلء أيضقًا‪ (12) .‬فسققكت الجماعققة كّلهققم وأخققذوا‬
‫يستمعون إلى برنابا وبولس يرويان لهم ما أجرى ال عن أيديهما من اليات والعاجيب بين الققوثنّيين‪ (13) .‬فلّمققا‬
‫إنتهيا تكّلم يعقوب فقال‪ :‬أيها الخوة‪ ،‬إستمعوا لي‪ (14) .‬روى لكم سمعان كيف عني ال أّول المر بأن يّتخذ شققعبًا‬
‫لسمه من بين الققوثنّيين‪ (15) .‬وهققذا يوافققق كلم النبيققاء كمققا ورد فققي الكتققاب ]‪ (19) [...‬ولققذلك فققإني أرى ألّ‬
‫ضّيق على الذين يهتدون إلى ال من الوثنّيين‪ (20) ،‬بل يكتب إليهم أن يجتنبققوا نجاسققة الصققنام والزنققى والمّيتققة‬ ‫ُي َ‬
‫والدم‪ (21) .‬فإن لموسى منذ الجيال القديمة دعاة في كل مدينة‪ ،‬فهو ُيقرأ كل سبت في المجامع‪ (22) .‬فحسن لدى‬
‫الرسل والشيوخ‪ ،‬ومعهم الكنيسة كّلها‪ ،‬أن يختاروا أناسًا منهم‪ ،‬فيوفدوهم إلى إنطاكية مع بولس وبرنابققا‪ .‬فاختققاروا‬
‫يهوذا الذي يقال له برسقابا‪ ،‬وسققيل‪ ،‬وهمققا رجلن وجيهققان بيقن الخقوة‪ (23) .‬وسقّلموا إليهققم هقذه الرسقالة‪ :‬مقن‬
‫إخوتكم الرسل والشيوخ إلى الخوة المهتدّين مقن القوثنّيين فقي إنطاكيقة وسقورّية وقيليقيقة‪ ،‬سقلم‪ (24) .‬بلغنقا أن‬
‫سن لققدينا‬ ‫حُ‬‫أناسًا مّنا أتوكم فالقوا بينكم الضطراب بكلمهم وبعثوا القلق في نفوسكم‪ ،‬على غير توكيل مّنا‪ (25) .‬ف َ‬
‫بالجماع أن نختار رجلين نوفدهما إليكم مع الحبيبين برنابا وبولس‪ (26) ،‬هما رجلن بذل حياتهما من أجققل إسققم‬
‫سن لدى الروح القققدس‬ ‫حُ‬
‫رّبنا يسوع المسيح‪ (27) .‬فأرسلنا يهوذا وسيل ليبلغانكم المور نفسها مشافهة‪ (28) .‬فقد َ‬
‫ل يلقى عليكم من العباء سوى ما ل بد منه‪ (29) ،‬وهو اجتناب ذبائح الصنام والدم والمّيتة والزنى‪ .‬فققإذا‬ ‫ولدينا أ ّ‬
‫ل‪ .‬عافاكم ال‪.‬‬‫احترستم منها تحسنون عم ً‬

‫أعمال‪ :‬الفصل ‪16‬‬

‫)‪ (1‬وقدم ]بولس[ دربة ثم لسترة‪ ،‬وكان فيها تلميذ إسققمه طموتققاوس‪ ،‬وهققو إبققن يهودّيققة مؤمنققة وأب يونققاني )‪(2‬‬
‫وكان الخوة في لسترة وايقونية يشهدون له شققهادة حسققنة‪ (3) .‬فرغققب بققولس أن يمضققي معقه فققذهب بققه وختنققه‬
‫بسبب اليهود الذين في تلك الماكن‪ ،‬فقد كانوا يعلمون أن أباه يوناني‪.‬‬

‫أعمال الرسل‪ :‬الفصل ‪21‬‬

‫)‪ (18‬وفي الغد دخل بولس معنا إلى يعقوب‪ ،‬وكان الشيوخ كّلهم حاضققرين‪ (19) .‬فسقّلم عليهققم وأخققذ يققروي لهققم‬
‫جققدوا الق وقققالوا لققه‪ :‬أنققت تققرى‪ ،‬أيهققا‬
‫صلة جميع ما أجرى ال بخدمته بين الوثنّيين‪ (20) .‬فلّما سمعوا م ّ‬
‫رواية مف ّ‬
‫الخ‪ ،‬كم ألف من اليهود قد آمنوا وكّلهم ذو غيرة على الشريعة )‪ (21‬وقد بلغهم ما يشاع عنك من أنك ُتَعّلققم جميققع‬
‫سقّنة‪ (22) .‬فمققا‬ ‫ل يختنققوا أولدهققم ول يّتبعققوا ال ُ‬
‫اليهود المنتشرين بين الوثنّيين أن يتخّلوا عن موسى‪ ،‬وتوصيهم بأ ّ‬
‫سققر بهققم‬
‫العمل؟ ل شك أنهم سيسمعون بقدومك‪ (23) .‬فافعل بما نقققول لققك‪ .‬فينققا أربققع رجققال عليهققم نققذر )‪ (24‬ف ِ‬
‫واطّهر معهم‪ ،‬وانفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم‪ ،‬فيعرف جميع الناس أن ما يشققاع عنققك باطققل‪ ،‬فققي حيققن أنققك سققالك‬
‫‪124‬‬
‫مثلهم طريق الحفاظ على الشريعة‪ (25) .‬أّما الذين آمنوا من الوثنّيين فقد كتبنا إليهم ما قّررناه‪ :‬بأن يجتنبققوا ذبققائح‬
‫الصنام والدم والمّيتة والزنى‪.‬‬

‫رومية‪ :‬الفصل ‪2‬‬

‫)‪ (25‬ل شك أن في الختان فائدة إن عملت بالشريعة‪ ،‬ولكن إذا خالفت الشريعة فقد صققار ختانققك غلف قًا‪ (26) .‬وإن‬
‫كان الغلف يراعي أحكام الشريعة‪ ،‬أفما يعد غلفه ختانًا؟ )‪ (27‬فأغلف الجسد الذي يعمققل بالشققريعة سققيدينك أنققت‬
‫الذي يخالف الشريعة ومعه حروف الشريعة والختان‪ (28) .‬فليس اليهودي بما يبدو فققي الظققاهر‪ ،‬ول الختققان بمققا‬
‫يبدو في ظاهر الجسد )‪ (29‬بل اليهودي هو بما في الباطن‪ ،‬والختان ختان القلب العائد إلى الققروح‪ ،‬ل إلققى حققرف‬
‫الشريعة‪ .‬ذلك هو الرجل الذي ينال الثناء من ال‪ ،‬ل من الناس‪.‬‬

‫رومية‪ :‬الفصل ‪3‬‬

‫)‪ (1‬فما فضل اليهودي إذًا؟ وما الفائدة من الختان؟ )‪ (2‬هي كبيرة من كل وجه‪ .‬وأّولها أنهم ائتمنوا علققى كلم ال ق‬
‫)‪ (3‬فماذا يكون؟ إن خان بعضهم أفتبطل خيانتهم أمانة ال؟ ]‪ (27) [...‬فأين السققبيل إلققى الفتخققار؟ ل مجققال لققه‪.‬‬
‫وبأي شريعة؟ أبشريعة العمال؟ ل‪ ،‬بل بشريعة اليمان )‪ (28‬ونحن نرى أن النسان يبّرر باليمققان بمعققزل عققن‬
‫أعمال الشريعة‪ (29) .‬أو يكون ال إله اليهود وحدهم؟ أما هو إله الوثنّيين أيضقًا؟ بلققى‪ ،‬هققو إلقه الققوثنّيين أيضقًا‪) .‬‬
‫‪ (30‬لن ال أحد‪ ،‬باليمان يبّرر المختون وباليمان يبّرر الغلف‪.‬‬

‫رومية‪ :‬الفصل ‪4‬‬

‫)‪ (1‬فماذا نقول في جّدنا إبراهيم؟ ماذا نال من جهة الجسد؟ )‪ (2‬فلو نال إبراهيم البر بالعمال لكان لققه سققبيل إلققى‬
‫الفتخار بذلك‪ ،‬ولكن ليس عند ال‪ (3) .‬فماذا يقول الكتاب؟ »إن إبراهيم آمن بال فحسقب لقه ذلقك بقرًا« )التكقوين‬
‫‪ (4) .(51:6‬فمن قام بعمل‪ ،‬ل تحسب أجرته نعمة بل حقًا‪ (5) ،‬في حين أن الذي ل يقققوم بعمققل‪ ،‬بققل يققؤمن بمققن‬
‫يبّرر الكافر‪ ،‬فإيمانه يحسب برًا‪ (6) .‬وهكققذا يشققيد داود بسققعادة النسققان الققذي ينسققب الق إليققه الققبر بمعققزل عققن‬
‫عفي عن آثامهم وغفققرت لهقم خطايقاهم! )‪ (8‬طقوبى للرجقل القذي ل يحاسققبه الققرب‬ ‫العمال‪» (7) :‬طوبى للذين ُ‬
‫بخطيئة« )مزامير ‪ (9) .(2-1:32‬أفهذه الطوبى للمختونين فقط أم للغلققف أيضقًا؟ فإننققا نققول‪ :‬إن اليمققان حسققب‬
‫لبراهيم برًا‪ (10) .‬ولكن كيف حسب له؟ أفي الختان أم في الغلف؟ ل في الختان‪ ،‬بل في الغلقف‪ (11) .‬وقققد تلّقققى‬
‫سمة الختان خاتمًا للبر الذي يأتي من اليمان وهو أغلف‪ ،‬فأصبح أبًا لجميع المؤمنين الذين في الغلف‪ ،‬لكي ينسققب‬
‫إليهم البر‪ (12) ،‬وأبًا لهل الختان الذين ليسوا من أهل الختان فحسب‪ ،‬بل يقتفققون أيضقًا آثققار اليمققان الققذي كققان‬
‫عده إبراهيم أو نسله بأن يرث العالم ل يعود إلى الشريعة‪،‬‬ ‫عليه أبونا إبراهيم وهو في الغلف‪ (13) .‬فالوعد الذي ُو ِ‬
‫بل إلى بر اليمان‪.‬‬

‫رومية‪ :‬الفصل ‪15‬‬

‫)‪ (1‬فعلينا نحن القوياء أن نحمل ضعف الذين ليسوا بأقوياء ول نسع إلى ما يطيب لنفسنا‪ (2) .‬وليسع كققل واحققد‬
‫مّنا إلى ما يطيب للقريب في سبيل الخير من أجل البنيان‪ (3) .‬فالمسيح لم يطلققب مققا يطيققب لققه‪ ،‬بققل كمققا ورد فققي‬
‫ل إّنمققا كتققب لتعليمنققا حّتققى‬
‫الكتاب‪» :‬تعييرات معّيريك وقعت علي« )المزامير ‪ (4) .(10:69‬فإن كل ما كتققب َقب ً‬
‫نحصل على الرجاء‪ ،‬بفضل ما تأتينا به الكتب من الثبات والتشديد‪ (5) .‬فليعّلمكم إله الثبات والتشققديد إّتفققاق الراء‬
‫جدوا ال أبا رّبنا يسوع المسيح بقلب واحد ولسان واحد‪ (7) .‬فتقّبلوا إذًا‬ ‫فيما بينكم كما يشاء المسيح يسوع‪ (6) ،‬لتم ّ‬
‫بعضكم بعضًا‪ ،‬كما تقّبلكم المسيح‪ ،‬لمجد ال‪ (8) .‬وإني أقول إن المسيح صار خادم أهقل الختقان ليفقي بصقدق الق‬
‫جدون ال على رحمته كمققا ورد فققي الكتققاب‪» :‬مققن أجققل‬ ‫ويثبت المواعد التي وعد بها الباء‪ (9) .‬أّما الوثنّيون فيم ّ‬
‫ذلك سأحمدك بين الوثنّيين وأرّتل لسمك« )‪ 2‬صموئيل ‪.(50:22‬‬

‫‪125‬‬
‫‪ 1‬قورنتس‪ :‬الفصل ‪7‬‬

‫)‪ (17‬فليسر كل واحد في حياته على ما قسم له الرب كما كان عليه إذ دعاه ال‪ .‬وهذا ما أفرضه في الكنائس كّلها‪.‬‬
‫)‪ (18‬أدعي أحد وهو مختون؟ فل يحاولن إزالة ختققانه‪ .‬أدعققي أحققد وهققو أغلققف؟ فل يطلبققن الختققان‪ (19) .‬ليققس‬
‫الختان بشيء ول الغلف بشيء‪ .‬بل الشيء هو حفظ وصايا ال‪ (20) .‬فليبق كل واحد علققى الحققال الققتي كققان فيهققا‬
‫حين دعي‪.‬‬

‫غلطية‪ :‬الفصل ‪2‬‬

‫)‪ (1‬ثم إني بعد أربع عشرة سنة صقعدت ثانيققة إلقى أورشققليم مقع برنابقا واستصقحبت طيطققس أيضقًا‪ (2) .‬وكقان‬
‫صعودي إليها بوحي‪ .‬وعرضت عليهم البشققارة الققتي أعلنهققا بيققن الققوثنّيين‪ ،‬وعرضققتها فققي إجتمققاع خققاص علققى‬
‫العيان‪ ،‬مخافة أن أسعى أو أكون قد سعيت عبثًا‪ (3) .‬على أن رفيقي طيطس نفسه‪ ،‬وهو يوناني‪ ،‬لم ُيلزم الختان‪.‬‬
‫سسوا حّريتنا التي نحن عليهقا فقي‬ ‫سوا أنفسهم بيننا ليتج ّ‬
‫ل لكان ذلك بسبب الخوة الكّذابين المتطّفلين الذين د ّ‬ ‫)‪ (4‬وإ ّ‬
‫المسيح يسوع فيستعبدونا‪ (5) .‬ولم نذعن لهم خاضعين ولو حينًا لتبقى لكم حقيققة البشقارة‪ (6) .‬أّمقا العيقان ‪ -‬ول‬
‫يهّمني ما كان شأنهم‪ :‬إن ال ل يحابي أحدًا من الناس ‪ -‬فإن العيان لم يفرضوا علي شيئًا آخققر‪ (7) .‬بققل رأوا أنققه‬
‫عهد إلي في تبشير الُغلف كما عهد إلققى بطققرس فققي تبشققير المختققونين‪ (8) .‬لن الققذي أّيققد بطققرس للرسققالة لققدى‬ ‫ُ‬
‫المختونين أّيدنى أنقا أيضقًا فقي أمقر القوثنّيين‪ (9) .‬ولّمقا عقرف يعققوب وبطقرس ويوحّنقا‪ ،‬وهقم يحسقبون أعمقدة‬
‫الكنيسقة‪ ،‬مقا أعطيقت مقن نعمقة‪ ،‬مقّدوا إلقي والقى برنابقا ُيمنقى المشقاركة‪ ،‬فنقذهب نحقن إلقى القوثنّيين وهقم إلقى‬
‫المختونين‪ (10) ،‬بشرط واحد وهو أن نتذّكر الفقراء‪ ،‬وهذا ما إجتهدت أن أقوم بققه‪ (11) .‬ولكققن لّمققا قققدم بطققرس‬
‫إلى إنطاكية‪ ،‬قاومته وجهًا لوجه لنه كان يستحق اللوم‪ (12) :‬ذلك أنه‪ ،‬قبققل أن يقققدم قققوم مققن عنققد يعقققوب‪ ،‬كققان‬
‫حى خوفًا من أهل الختان‪.‬‬ ‫يؤاكل الوثنّيين‪ .‬فلّما قدموا أخذ يتوارى ويتن ّ‬

‫غلطية‪ :‬الفصل ‪3‬‬

‫)‪ (23‬فقبل أن يأتي اليمان‪ ،‬كّنا بحراسة الشريعة مغلققًا علينققا مققن أجققل اليمققان المنتظققر تجّليققه‪ (24) .‬فصققارت‬
‫حكقم الحقارس‪(26) .‬‬ ‫الشريعة لنا حارسًا يقودنا إلى المسيح لنبّرر باليمان‪ (25) .‬فلّما جققاء اليمقان‪ ،‬لققم نبققق فققي ُ‬
‫لنكم جميعًا أبناء ال باليمان بالمسيح يسوع‪ (27) .‬فإنكم جميعًا‪ ،‬وقد إعتمدتم في المسيح‪ ،‬قد لبستم المسيح‪(28) :‬‬
‫فليس هناك يهودي ول يوناني‪ ،‬وليس هناك عبد أو حر‪ ،‬وليس هناك ذكر وأنثى‪ ،‬لنكققم جميعقًا واحققد فققي المسققيح‬
‫يسوع‪ (29) .‬فإذا كنتم للمسيح فأنتم إذا نسل إبراهيم وأنتم الورثة وفقًا للوعد‪.‬‬

‫غلطية‪ :‬الفصل ‪5‬‬

‫)‪ (1‬إن المسيح قد حّررنا تحريرًا‪ .‬فاثبتوا إذًا ول تدعوا أحدًا يعود بكم إلى نير العبودّية‪ (2) .‬فهاءنققذا بققولس أقققول‬
‫لكم‪ :‬إذا إختتنتم‪ ،‬فلن يفيدكم المسيح شيئًا‪ (3) .‬وأشهد مّرة أخرى لكل مختتن بأنه ملزم بعمل الشريعة جمعققاء‪(4) .‬‬
‫لقد إنقطعتم عن المسيح‪ ،‬أنتم الذين يلتمسون البر من الشريعة‪ ،‬وسقطتم عن النعمة‪ (5) .‬فنحققن بققالروح ننتظققر مققا‬
‫نرجوه من البر التي من اليمان‪ (6) .‬ففي المسيح يسوع ل قيمة للختان ول للغلف‪ ،‬وإّنما القيمققة لليمققان العامققل‬
‫بالمحّبة ]‪ (12) [...‬ليت الذين يثيرون الضطرابات بينكم يجّبون أنفسهم‪.‬‬

‫غلطية‪ :‬الفصل ‪6‬‬

‫ل ليققأمنوا‬
‫)‪ (12‬إن أولئك الذين يريدون تبييض وجوههم في المور البشرّية هم الذين يلزمونكم الختان‪ ،‬وما ذلك إ ّ‬
‫الضطهاد في سبيل صليب المسيح )‪ (13‬فإن المختتنين أنفسهم ل يحفظون الشريعة‪ ،‬ولكّنهققم يريققدون أن تختتنققوا‬
‫ل بصليب رّبنققا يسققوع المسققيح! وفيققه أصققبح العققالم مصققلوبًا‬
‫ليفاخروا بجسدكم‪ (14) .‬أّما أنا فمعاذ ال أن أفتخر إ ّ‬
‫عندي‪ .‬وأصبحت أنا مصلوبًا عند العالم‪ (15) .‬فما الختان بشيء ول الغلف بشيء‪ ،‬بل الشيء هو الخلق الجديد‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫فيلّبي‪ :‬الفصل ‪3‬‬

‫)‪ (2‬إحذروا الكلب‪ .‬إحققذروا العملقة الشققرار‪ .‬إحققذروا ذوي الختققان‪ (3) .‬فإّنمقا نحقن ذوو الختققان القذين يقؤّدون‬
‫العبادة بروح ال ويفتخرون بالمسيح يسوع‪ ،‬ول يعتمدون على المور البشرّية‪ (4) .‬مع أنه من حّقي أنققا أيض قًا أن‬
‫أعتمد عليها أيضًا‪ .‬فإن ظن غيري أن من حّقه العتماد على المور البشرّية‪ ،‬فأنا أحق منه بذلك‪ (5) :‬إني مختون‬
‫في اليوم الثامن‪ ،‬وأني من بني إسرائيل‪ ،‬من سبط بنيامين‪.‬‬

‫سي‪ :‬الفصل ‪2‬‬


‫قوُل ّ‬

‫)‪ (11‬وفي ]المسيح[ ختنتم ختانًا لم يكن فعل اليادي‪ ،‬بل بخلع الجسد البشري‪ ،‬وهو ختان المسيح‪ (12) .‬ذلك أنكم‬
‫دفنتم معه بالمعمودّية وبها أيضًا أقمتم معه‪ ،‬لنكم آمنتم بقدرة ال الذي أقامه من بيققن المققوات‪ (13) .‬كنتققم أمواتقًا‬
‫لتنا‪.‬‬
‫لتكم وغلف أجسادكم فأحياكم ال معه وصفح لنا عن جميع ز ّ‬ ‫أنتم أيضًا بز ّ‬

‫سي‪ :‬الفصل ‪3‬‬


‫قوُل ّ‬

‫)‪ (8‬القوا عنكم أنتم أيضًا كل ما فيه غضب وسخط وخبث وشتيمة‪ ،‬ل تنطقوا بقبيح الكلم )‪ (9‬ول يكقّذب بعضققكم‬
‫بعضًا‪ ،‬فقد خلعتم النسان القديم وخلعتم معه أعماله‪ (10) ،‬ولبستم النسان الجديققد‪ ،‬ذاك القذي ُيجقّدد علقى صقورة‬
‫خالقه ليصل إلى المعرفة‪ (11) .‬فلم يبق هناك يوناني أو يهققودي‪ ،‬ول ختققان أو غلققف‪ ،‬ول أعجمققي ول أسققكوتي‪،‬‬
‫ول عبد أو حر‪ ،‬بل المسيح الذي هو كل شيء وفي كل شيء‪.‬‬

‫طيطس‪ :‬الفصل ‪1‬‬

‫)‪ (10‬هناك كثير من العصاة الثرثارين المخادعين‪ ،‬وخصوصًا من المختونين‪ (11) .‬فعليك أن تكم أفواههم لنهققم‬
‫يهدمون أسرًا بجملتها‪ ،‬إذ ُيعّلمون ما ل يجوز تعليمه‪ ،‬من أجل مكسب خسيس‪ [...] (13) [...].‬فلذلك وّبخهم بشقّدة‬
‫حاء اليمان )‪ (14‬ول ُيعنوا بخرافات يهودّية ووصايا قوم يعرضون عن الحق‪ (15) .‬كل شيء طاهر‬ ‫ليكونوا أص ّ‬
‫للطهار‪ ،‬وأّما النجاس وغير المؤمنين فما لهم من شيء طاهر‪ ،‬بل إن أذهانهم وضمائرهم نجسة‪.‬‬

‫هذه هي إذًا النصوص التي جاءت في الكتب المقّدسة المسيحّية حول ختان الققذكور‪ .‬ول ذكققر فيهققا لختققان النققاث‪.‬‬
‫والن سوف نستعرض الجدل الديني الذي دار وما زال يدور بين المسيحّيين حول الختان‪ .‬ونبدأ بموقف المسيح‪.‬‬

‫‪ (3‬موقف المسيح من الختان‬


‫لقد إنفرد لوقا بذكر خبر ختان يوحّنا المعمدان )النبي يحيى حسققب القققرآن( وختققان المسققيح )النققبي عيسققى حسققب‬
‫ت ذكققره فققي الناجيققل الثلثققة‬
‫القرآن( كما سّنت عليه التوراة )أنظر أعله لوقا الفصل ‪ 1‬و ‪ .(2‬وهذا الخققبر لققم يققأ ِ‬
‫الخرى‪.‬‬

‫ل نجد موقفًا واضحًا للمسيح حول الختان ولكن يمكن إستشفاف موقفه مققن خلل نظرتققه للشققريعة اليهودّيققة‪ .‬فهققو‬
‫يقول‪» :‬ول تظّنوا إني جئت لبطل الشريعة أو النبياء‪ :‬ما جئت لبطل بل لكّمل« )مّتى ‪ .(17:5‬ورغم ذلك فققإنه‬
‫قد ألغى شريعة العين بالعين والسن بالسن )مّتى ‪ (39-38:5‬ورفض تطبيق حد الرجم علققى الزانيققة )يوحّنققا ‪-3:8‬‬
‫‪ .(11‬ولم يحترم حرمة السبت )مّتى ‪ (2-1:12‬معتققبرًا أن الق يريققد »الرحمققة ل الذبيحققة« )مّتققى ‪ ،(7:12‬مققرّددا‬
‫بذلك مقولة النبي هوشع )‪ (6:6‬ومعتبرًا أن »إبن النسان سقّيد السققبت« )مّتققى ‪ .(8:12‬وهققدم نظققام التعققالي الققذي‬
‫رافق الختان‪ .‬فبدأ بالتمّرد على رجال الدين الذين وصفهم بق»العميان الجّهال« )مّتى ‪ ،(17:23‬طالبًا مققن تلميققذه‪:‬‬
‫»ل تَدعوا أحدًا يدعوكم رابي ]‪ .[...‬وليكن أكبركم خادمًا لكم« )مّتى ‪ .(11-8:23‬وأكل مققع الخطققاة )مّتققى ‪-10:9‬‬
‫شار )لوقا ‪ ،(7:19‬وتحّدث مع السققامرّية )يوحّنققا ‪ ،(9:4‬ومققدح شققكر الجنققبي لققه )لوقققا‬
‫‪ ،(11‬ودخل بيت زكا الع ّ‬

‫‪127‬‬
‫ظم إيمان المرأة الكنعانّية وإيمان قائد المائة الروماني )مّتى ‪10:8‬؛ق ‪ .(28:15‬وقد وصققل بققه المققر‬ ‫‪ ،(18:17‬وع ّ‬
‫إلى سن محّبة العداء )مّتى ‪ .(44:5‬كما أنه غّير مفهوم الطهارة في الطعام‪» :‬ما من شيء خارج من النسققان إذا‬
‫جسه« )مرقس ‪ ،(15:7‬أي مققا يقققوله ومققا يسققيء بققه‬ ‫جسه‪ ،‬ولكن ما يخرج من النسان هو الذي ين ّ‬ ‫دخل النسان ين ّ‬
‫إلى قريبه )مرقص ‪ .(22-20:7‬وعّلق مرقس علقى هققذا الققول‪» :‬وفققي ققوله ذلقك جعققل الطعمققة كّلهققا طققاهرة«‬
‫)مرقس ‪ .(19:7‬فالنجاسة‪ ،‬حسب قوله‪ ،‬ليست ما يدخل الفم بل ما يخقرج منقه وينبعقث مقن القلقب‪ ،‬أي »المقاصقد‬
‫جققس النسققان‪ .‬أّمققا الكققل‬ ‫السّيئة والقتل والزنى والفحش والسرقة وشهادة الزور والشتائم‪ .‬تلك هي الشياء التي تن ّ‬
‫جس النسان« )مّتى ‪.(20-18 :15‬‬ ‫بأيد غير مغسولة فل ين ّ‬

‫هذا الموقف من الشريعة اليهودّية ورجال الدين اليهود قد يساعدنا في تفسير رد المسيح على مققن إعترضققوا علققى‬
‫حكمهم ليققس بحسققب الظققاهر )أنظققر‬‫إبرائه مريضًا يوم السبت بأن اليهود تختن يوم السبت‪ ،‬وطلبه منهم أن يكون ُ‬
‫حكم على أحد‪ .‬ونحن نجد نفس التعققبير لرفققض الختققان‬‫أعله يوحّنا الفصل ‪ .(7‬فالظاهر ل يمكن أن يرتكز عليه لل ُ‬
‫في أعمال الرسل على لسان بطرس عندما دعي إلى بيت قرنيليوس )أنظر أعله أعمال الرسل ‪ (35-34:10‬وفي‬
‫إحدى رسائل بولس )أنظر أعله رومية ‪.(28:2‬‬

‫ل للسّيد المسيح في إنجيل توما يؤّكد على رفض المسيح للختان‪» :‬فسأله تلميذه‪ :‬هققل الختققان مفيققد أم‬ ‫هذا ونجد قو ً‬
‫ل؟ فأجابهم‪ :‬لو كان مفيدًا لكان خلقهم أباهم مختونين من أّمهاتهم‪ .‬ولكن الختان الحقيقققي الققذي فيققه كقل الفققائدة هقو‬
‫ختان الروح«‪ .1‬وإنجيل توما هذا مكتوب باللغة القبطّية تم إكتشافه في نجع حمققادي )مصققر(‪ .‬وهققو أحققد الناجيققل‬
‫التي لم تعترف بها الكنيسة الرسمّية‪ .‬ويعتبره بعض الباحثين أحد أصول الناجيل الحالّية والبعققض الخققر يعتققبره‬
‫من وضع تّيار ديني مسيحي منشق‪.‬‬

‫وإذا إستثنينا ما جاء في إنجيل توما من رفض قاطع للختان‪ ،‬يمكننا القول إن المسيح لم يتعّرض للختان مباشققرة إذ‬
‫لم يطرح المر عليه‪ .‬ولكّنه مّهد الطريق لرسله لكي يلغوا الختان عندما أخذوا بتبشير غير اليهققود حسققب وصققيته‬
‫لهم )مّتى ‪ .(19:28‬فعالمّية تعاليم المسيح لم تكن تتماشى مع قبلّية شريعة موسى ومققع تسقّلط رجققال الققدين اليهقود‬
‫جهققة لخققرط جميققع الشققعوب فققي بوتقققة‬
‫في مواجهة مجتمع تغلغلت فيه الفلسققفة اليونانّيققة والثقافققة الرومانّيققة المتو ّ‬
‫واحدة‪ .‬وهذا ما سنراه في النقطة اللحقة‪.‬‬

‫‪ (4‬موقف رسل المسيح من الختان‬


‫نشر رسقل المسقيح تعقاليمه بيقن اليهقود وبيقن القوثنّيين‪ .‬وققد أطلقق أتبقاع المسقيح مقن اليهقود علقى أنفسقهم لققب‬
‫»النصارى« نسبة إلى المسيح الذي كان يلّققب بالناصقري لنقه مقن مدينقة الناصقرة‪ .‬وهقم رغقم إّتبقاعهم المسقيح‬
‫صة شريعة الختان‪ .‬أّما أتباع المسيح من الوثنّيين‪ ،‬فقد أطلقوا علققى أنفسققهم‬ ‫يحافظون أيضًا على شرائع موسى‪ ،‬خا ّ‬
‫صقة أن الققوانين الرومانّيقة كقانت تعقاقب غيقر اليهقود علقى‬ ‫لقب »المسيحّيين«‪ .‬وهذه الطائفة ترفض الختقان‪ ،‬خا ّ‬
‫ممارسة هذه العادة كما سنرى فققي الجققزء القققانوني‪ .‬وقققد بقيققت الطائفتققان منفصققلتين ومتخاصققمتين حّتققى تغّلبققت‬
‫الطائفة المسيحّية بتحّول المبراطورّية الرومانّية من الوثنّية إلى المسيحّية في القرن الرابع‪.‬‬

‫وقد إصطدم رسل المسيح بموضوع الختان في بداية تبشقيرهم كمقا يقبّينه لنقا سقفر أعمقال الرسقل مقن خلل عقّدة‬
‫أحداث نذكرها بالتسلسل‪:‬‬

‫الحدث الّول )الفصل ‪ (7‬يعرض لنا إستشهاد اسطفانس رجمًا من ِقَبل مجلس الكهنة اليهققود بعققد أن إّتهمهققم بققأنهم‬
‫»صلب القلوب«‪ ،‬و»غلف القلوب والذان« وانهم خونة وقتلة النبياء مثل آبققائهم‪ .‬وكققان بيققن الحاضققرين شققاب‬
‫إسمه شاول )أعمققال ‪ ،(58:7‬معققروف عنققه غيرتققه علققى شققريعة موسققى واضققطهاده اليهققود الققذين تبعققوا تعققاليم‬
‫المسيح‪ .2‬وبينما كان في طريقه إلى دمشق لضطهاد أتبققاع المسققيح مققن اليهققود هنققاك بتفقويض مققن رئيققس كهنققة‬
‫اليهود‪ ،‬حدث له حدث غريب‪ .‬فقد رأى نورًا ساطعًا وسمع صوت المسيح يسأله‪» :‬لماذا تضققطهدني«؟ وبعققد هققذه‬

‫‪(Kasser: L'Evangile selon Thomas, p. 81, verset 53 (811‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر أعمال ‪ 20-19:22‬و ‪.12-9:26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪128‬‬
‫صر شاول )أعمال ‪ (18-1:9‬وغّير إسمه فدعي بولس وقام بدور رئيسي فققي نشققر تعققاليم المسققيح بيققن‬ ‫الحادثة‪ ،‬تن ّ‬
‫الوثنّيين وفي إلغاء الختان‪.‬‬

‫جهها إلى بطرس رجل روماني‪ ،‬وثني‪ ،‬إسققمه قرنيليققوس‪،‬‬ ‫الحدث الثاني )الفصلن ‪ 10‬و ‪ (11‬يتعّلق بتلبية دعوة و ّ‬
‫قائد مائة من الكتيبة اليطالّية المتمركزة في مدينة قيصرّية في فلسطين‪ ،‬فعّمده هو وأهل بيته‪ .‬ولكن أتباع المسققيح‬
‫من اليهود عاتبوا بطرس لنه دخل في بيت أناس غلف وأكل معهم رغم أنققه يعلققم بققأنه »حققرام علققى اليهققودي أن‬
‫يعاشر أجنبيًا أو يدخل منزله«‪ .‬وقد بّرر بطرس قبققوله دعقوة قرنيليققوس بسققرد رؤيققا رآهققا َقبققل وصققول مبعققوثي‬
‫قرنيليوس إليه‪ .‬فقد رأى وعاءًا هابطقًا كسققماط عظيققم يتققدّلى مققن السققماء بققأطرافه الربعققة فيققه مققن جميققع أنققواع‬
‫الحيوانات وقد سمع صوتًا يقول له‪ :‬قم يا بطرس فاذبح وكل‪ .‬فأجاب‪ :‬حاش لي يا رب‪ ،‬لم يدخل فمي قط نجققس أو‬
‫دنس‪ .‬فجاء رد من السماء‪ :‬ما طّهره ال ل تنجسه أنت‪ .‬وقد تكّرر هذا المر ثلث مّرات‪ .‬ثم أضاف أن ذهابه إلققى‬
‫قرنيليوس كان بأمر من الروح القدس‪ ،‬وأن من دعاه قققد نققال موهبقة الققروح القققدس‪ ،‬وأنققه‪ ،‬أي بطققرس‪ ،‬قققد سققأل‬
‫مرافقيه مقن المختقونين‪ :‬أيسقتطيع أحقد أن يمنقع هقؤلء مقن مقاء المعمودّيقة وققد نقالوا القروح الققدس مثلنقا؟ فلقم‬
‫يعارضوه‪ .‬وقد تعّلم بطرس من هذا الحدث مبدأين يختلفان تمامًا عن المبادئ اليهودية التي نشأ عليها‪:‬‬
‫‪» -‬قد بّين ال لي أنه ل ينبغي أن أدعو أحدًا من الناس نجسًا أو دنسًا« )‪(28:10‬‬
‫‪» -‬أدركت حقًا أن ال ل ُيراعي ظاهر الناس‪ .‬فمن إّتققاه مقن أّيقة أّمقة كققانت وعمققل القبر كقان عنققده‬
‫مرضّيا« )‪.(35-34:10‬‬

‫ويذكر سفر أعمال الرسل أن قرنيليوس قد إعتمد دون أّية إشارة إلى ختققانه‪ .‬ومققن فحققوى الكلم يمكققن أن نسققتنتج‬
‫بأنه لم يختن‪ ،‬خصوصًا أنه قائد روماني تعاقب قوانين دولته ختان غير اليهقود‪ .‬ويضققيف سققفر أعمققال الرسققل أن‬
‫جدوا ال وقالوا‪ :‬قد وهب ال إذا للوثنّيين أيضًا التوبة التي تققؤّدي‬
‫معارضي بطرس‪ ،‬لّما سمعوا حججه‪» ،‬هدأوا وم ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫إلى الحياة« )‪ .(18:11‬ولكن هدوءهم لم يدم طوي ً‬

‫الحدث الثالث )الفصل ‪ (15‬يدور حول »خلف وجدال شديد« دار بيققن »النصققارى« و»المسققيحّيين«‪ .‬فقققد ذهققب‬
‫»أناس من اليهودّية« إلى »المسيحّيين« من أصل وثنققي فققي »إنطاكيققة وسققورّية وقيليقيققة« يقولققون لهققم‪» :‬إذا لققم‬
‫سّنة موسى‪ ،‬ل تستطيعون أن تنققالوا الخلص«‪ .‬وعلققى أثققر هققذا الخلف إجتمققع بققولس وبرنابققا مققع‬ ‫تختتنوا على ُ‬
‫الرسل والشيوخ في أورشليم وتباحثوا في المر‪ .‬فانقسققموا فيمققا بينهققم‪ .‬فقققام »النصققارى« مققن مققذهب الفّريسققيين‬
‫وقالوا‪» :‬يجب ختن الوثنّيين وتوصيتهم بالحفاظ على شريعة موسى«‪ .‬وأّما بطرس‪ ،‬فقد إقترح عدم فرض الختققان‬
‫على الوثنّيين لن ال قد »طّهر قلققوبهم باليمققان«‪ .‬وتسققاءل‪» :‬لمققاذا تجّربققون الق الن بققأن تجعلققوا علققى أعنققاق‬
‫التلميذ نيرًا لم يقَو آباؤنا ول نحن قوينا على حمله؟«‪ .‬وكان الحل النهائي للقّديس يعقوب الذي قّرر ما يلي‪» :‬إنققي‬
‫ل يضّيق على الذين يهتدون إلى ال من الوثنّيين‪ ،‬بل يكتب إليهم أن يجتنبوا نجاسة الصنام والزنققى والمّيتققة‬ ‫أرى أ ّ‬
‫والدم«‪ .‬لم يعد إذًا هناك حاجة للختان‪ .‬وقد تم إبلغ القرار إلى الخوة المهتدين من الوثنّيين فققي إنطاكيققة وسققورّية‬
‫وقيليقية‪.‬‬

‫سكين بضرورة الختان لليهققودي الققذي يّتبققع المسققيح‪ ،‬معتققبرين‬ ‫ورغم قرار الرسل هذا‪ ،‬فإن »النصارى« بقوا متم ّ‬
‫قرار عدم فرض الختان خاص بالوثنّيين الذين يققدخلون الققدين الجديققد‪ .‬وقققد تقاسققم الرسققل ُمهّمققة التبشققير‪ :‬فبققولس‬
‫جها إلى تبشير الوثنّيين‪ ،‬أّما يعقوب وبطرس ويوحّنا‪ ،‬فقد قاموا بتبشير اليهود ‪ .1‬وكان على كل مجموعة‬ ‫وبرنابا تو ّ‬
‫إّتخاذ الحيطة لتفادي تشكيك الناس خارج محيط تبشيره‪ .‬فالفصققل ‪ 61‬مققن سققفر أعمققال الرسققل يققبّين لنققا كيققف أن‬
‫بولس قام بختان طموتاوس وهو إبن يهودّية مؤمنة من أب يوناني قبل أن يستصحبه معه‪ .‬كما يبّين لنا الفصققل ‪21‬‬
‫أن »النصارى« من أصل يهودي لم يكونوا راضين عن بولس بسبب إشاعات تقول إنه يوصي اليهققود المنتشققرين‬
‫بين الوثنّيين بعدم ختان أولدهم‪ .‬فعند مجيئه إلى أورشليم نصحه الشيوخ بققأن يتظققاهر أمققامهم بققاحترام الشققريعة‪:‬‬
‫سر بهم واطّهر معهم‪ ،‬وانفق عليهم ليحلقوا رؤوسققهم‪ ،‬فيعققرف جميققع النققاس أن مققا‬ ‫»فينا أربع رجال عليهم نذر‪ ،‬ف ِ‬
‫ل‪ .‬فعنققد زيققارة‬
‫يشاع عنك باطل‪ ،‬في حين انك سالك مثلهم طريق الحفاظ على الشريعة«‪ .‬ولكن المر لم يكققن سققه ً‬
‫بطرس إلى إنطاكية كان هذا الخير يؤاكل الوثنّيين هنققاك‪ .‬وعنققدما قققدم قققوم مققن أورشققليم مققن عنققد يعقققوب أخققذ‬

‫أنظر أعله غلطية‪ :‬الفصل ‪.2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪129‬‬
‫حققى خوفقًا مققن »أهققل الختققان«‪ .‬فلمققه بققولس علققى فعلققه هققذا لن ذلققك يشقّكك الجماعققة الققتي يقققوم‬
‫يتققوارى ويتن ّ‬
‫بتبشيرها‪.2‬‬

‫ونتيجة لتقاسم التبشير بين الرسل‪ ،‬فإننا ل نجد أي ذكر للختان في رسالة يعقوب ورسالتي بطرس‪ ،‬ورسائل يوحّنا‬
‫الثلث ورسالة يهوذا ورؤيا يوحّنا‪ .‬بينما نجد فقرات طويلة حول الختان في سّتة رسائل للقّديس بققولس الققذي كققان‬
‫من نصيبه تبشير الوثنّيين الذين لم يفرض عليهم الختان‪ .‬ويمكننا هنا أن نختصر فكققر بققولس فققي الفقققرات الربققع‬
‫التية دون دخول في الجدل اللهوتي العويص التي تحتويها بعض فقرات رسائله‪:‬‬
‫‪» -‬ليس اليهودي بما يبدو في الظاهر‪ ،‬ول الختان بما يبدو في ظاهر الجسد‪ .‬بل اليهودي هو بمققا فققي‬
‫الباطن‪ ،‬والختان ختان القلب العائد إلى الروح‪ ،‬ل إلى حرف الشريعة« )رومية ‪.(29-28:2‬‬
‫‪» -‬ليسر كل واحد في حياته على ما قسم له الرب كما كان عليقه إذ دعقاه الق‪ .‬وهقذا مقا أفرضقه فقي‬
‫الكنائس كّلها‪ .‬أدعي أحد وهو مختون؟ فل يحاولن إزالة ختانه‪ .‬أدعققي أحققد وهققو أغلققف؟ فل يطلبققن‬
‫الختان‪ .‬ليس الختان بشيء ول الغلف بشيء‪ .‬بل الشيء هو حفظ وصقايا الق‪ .‬فليبقق كقل واحقد علقى‬
‫الحال التي كان فيها حين دعي« )‪ 1‬قورنتس ‪.(20-17:7‬‬
‫‪» -‬في المسيح يسوع ل قيمققة للختققان ول للغلققف‪ ،‬وإّنمقا القيمققة لليمقان العامققل بالمحّبققة« )غلطيققة‬
‫‪.(6:5‬‬
‫‪» -‬في ]المسيح[ ختننم ختانًا لم يكن فعل اليادي‪ ،‬بل بخلع الجسد البشري‪ ،‬وهو ختان المسققيح‪ .‬ذلققك‬
‫أنكم دفنتم معه بالمعمودّية وبها أيضًا أقمتم معه‪ ،‬لنكم آمنتم بقدرة ال الذي أقامه مققن بيققن المققوات‪.‬‬
‫سققي‬‫لتنا« )قوُل ّ‬
‫لتكم وغلف أجسادكم فأحياكم ال معه وصفح لنا عن جميع ز ّ‬ ‫كنتم أمواتًا أنتم أيضًا بز ّ‬
‫‪.(13-11:2‬‬

‫هذا ونجد في رسائل بولس هجومًا لذعًا ضد أتباع المسققيح مققن أصققل يهقودي )النصققارى( الققذين كققانوا يريققدون‬
‫فرض الختان على أتباع المسيح من أصل وثني )المسيحّيين(‪» :‬إحذروا الكلب‪ .‬إحذروا العملة الشرار‪ .‬إحققذروا‬
‫ذوي الختان« )فيلّبي ‪» .(2:3‬هناك كثير من العصاة الثرثارين المخادعين‪ ،‬وخصوصًا مققن المختققونين‪ .‬فعليققك أن‬
‫تكم أفواههم لنهم يهدمون أسرًا بجملتها‪ ،‬إذ يعّلمون ما ل يجوز تعليمه‪ ،‬من أجل مكسب خسيس]‪ [...‬فلذلك وّبخهم‬
‫حاء اليمان ول ُيعنوا بخرافات يهودّية ووصايا قوم يعرضون عن الحق« )طيطققس ‪.(14-10:1‬‬ ‫بشّدة ليكونوا أص ّ‬
‫»ليت الذين يثيرون الضطرابات بينكم يجّبقون أنفسقهم« )غلطيقة ‪ .(12:5‬وهقذه اليقة الخيقرة تققارن بيقن مقن‬
‫يدعون للختان وبين كهنة الوثان الذين كانوا يخصون أنفسهم تعّبدا للهتهم كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫وباختصار شديد‪ ،‬يمكننا أن نقول إن أتباع المسيح إنقسموا من اللحظة الولى إلققى قسققمين‪ :‬هنققاك مققن كققان يعتققبر‬
‫خر‪ .‬ولم يكن يجمققع بينهققم‬ ‫الختان فريضة واجبة‪ ،‬بينما الخرون كانوا يعتبرون الختان مجّرد إباحة‪ ،‬ل يقّدم ول يؤ ّ‬
‫ل المعمودّية التي كانت تمارس ليس فقط على الرجال كما في الختققان‪ ،‬بققل أيضقًا علققى النسققاء‪ .‬وقققد تققم تققدريجّيا‬ ‫إّ‬
‫ل أن هققذا الهققدف أّدى إلققى‬ ‫صل من فريضة الختان‪ .‬وإن كان الهدف الّول هو اجتذاب الوثنّيين إلى المسيحّية إ ّ‬ ‫التن ّ‬
‫حكققم علققى النسققان مققن خلل الظققاهر‪ .‬فققالمهم ليققس »ختققان‬ ‫تبّني قاعدة أخلقّية ذات أهّميققة كققبرى وهققي عققدم ال ُ‬
‫الجسد«‪ ،‬بل »ختان القلب واليمان العامل بالمحّبة«‪ .‬وعليه فقد تم رفض إّتهام الخرين بالنجاسة أو الترفع عليهققم‬
‫لنهم غير مختونين‪ .‬وهذا هو التّيار الذي إنتصر في النهاية عند المسيحّيين رغم أن بعضهم مققا زال يمارسققه كمققا‬
‫سنرى لحقًا‪.‬‬

‫ضح أن الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية لم تعالج موضققوع الختققان مققن منظققور حرمققة جسققد‬
‫ولكن علينا أن نو ّ‬
‫ل بإذنه أو بإذن ولّيه فققي‬
‫النسان كما نفعل نحن في عصرنا‪ .‬فنحن اليوم نعتبر أنه ل يحق المساس بجسد النسان إ ّ‬
‫حالة الضرورة الطّبية‪ .‬وخارج هذا الطار الضّيق‪ ،‬نعتبر التعّدي على سلمة الجسد حرامًا وجرمًا‪.‬‬

‫أنظر أعله غلطية‪ :‬الفصل ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪130‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬موقف آباء الكنيسة واللهوتّيين من الختان‬
‫‪ (1‬إنتصار التّيار الرافض للختان‬
‫ذكرنا سابقًا كيف أن أتباع المسيح قد إنقسموا فيما بينهم إلى »نصارى« من أصل يهودي و»مسيحّيين« من أصققل‬
‫وثني‪.‬‬

‫كانت طائفة »النصارى« تتكّلم اللغة السريانّية وتحقافظ علققى نقواميس موسققى كممارسققة الختقان وعقدم أكققل لحققم‬
‫صة بها وكهنتها‪ .‬وكان اليهود يلحقون هذه الطائفققة ويطلقققون علققى أتباعهققا لقققب‬ ‫الخنزير‪ ،‬وكان لها كنائسها الخا ّ‬
‫»مينيم«‪ ،‬أي الهراطقة‪ ،‬أو المرتّدين حسب التعبير السلمي‪ .‬وكان هنققاك أيضقًا تنققاحر بيققن طائفققة »النصققارى«‬
‫وطائفة »المسيحّيين« حّتى داخل مدينة القدس‪ .‬ويروي أحد الكّتقاب الققدامى كيقف أن رجقل ديقن »مسقيحي« مقن‬
‫أصل وثني في زمن المققبراطور قسققطنطين )تققوّفى عققام ‪ (337‬كققان يعققرض علققى النققاس فققي القققدس أكققل لحققم‬
‫الخنزير عند خروجهم من الكنيسة يوم الفصح‪ .‬فمن كان يرفض أكل الخنزيققر أعُتِبققر »ناصققري« فيقتل‪ .1‬وكققانت‬
‫طائفة »النصارى« تبغض القّديس بولس‪ ،‬فل تعققترف بققه كرسققول ول تقبققل رسققائله كجققزء مققن الكتققاب المققّدس‬
‫لرفضه النصياع لنواميس موسى ورفضققه للختققان‪ .2‬ولطائفققة »النصققارى« أناجيققل خا ّ‬
‫صققة بهققا رفضققتها طائفققة‬
‫»المسيحّيين« واعتبرتها نصوصًا محّرفة‪ ،‬وكثير من تلك النصوص ُفِقد‪ ،‬وقد تم إكتشاف بعض تلك النصوص في‬
‫مصر‪.3‬‬

‫وقد تم تذويب طائفة »النصارى« تدريجّيا والسيطرة عليها من ِقَبل طائفة »المسيحّيين« بعد تحقّول المبراطورّيقة‬
‫الرومانّية إلى »المسيحّية« وانحسار الوثنّية‪ .‬ففققي عققام ‪ ،325‬إلققتئام مجمققع نيقيققة‪ ،‬فققي آسققيا الصققغرى‪ ،‬بحضققور‬
‫المبراطور الروماني قسطنطين الذي تبّنى قراراته كقانون روماني‪ .4‬وقد شارك في هذا المجمققع ‪ 318‬أسقققفًا مققن‬
‫ع لهققذا المجمققع أسقققف مدينققة طبرّيققا الققذي كققان مققن أصققل‬
‫بينهم ‪ 18‬أسقفًا فلسطينيًا أسماؤهم كّلها يونانّية‪ .‬ولم ُيققد َ‬
‫يهودي وله نشاط تبشيري كبير بين اليهود‪.5‬‬

‫ورغم إندماج طائفة »النصارى« بطائفققة »المسققيحّيين« فققي نهايققة القققرن الرابققع الميلدي‪ ،‬إسققتمر الجققدل حققول‬
‫الختان عبر العصور‪ .‬فقد حاول دائمًا اليهود الذين تحّولوا إلى المسيحّية لحقًا في البقاء على عادة الختان‪ .‬ويققبّين‬
‫لنا مجمع اللتران الرابع المنعقد عقام ‪ 1215‬أن بعققض اليهقود ققد أصقبحوا مسقيحّيين ولكققن دون أن يتخّلقوا عقن‬
‫عاداتهم اليهودّية كالختان‪» .‬فهم‪ ،‬حسب قرارات هذا المجمع‪ ،‬لم يخلعوا النسان العققتيق ليلبسققوا النسققان الجديققد«‬
‫كما يقول القّديس بولس في رسالته إلى أهل قولسي )‪ .(9:3‬وهم بذلك يعّكققرون صققفاء الققدين المسققيحي‪ .‬وبمققا أنققه‬
‫مكتوب‪» :‬ويل للخاطئ الذي يمشي في طريقين« )إبن سيراخ ‪ (12:2‬وكذلك‪» :‬ل تلبس ثوبًا مختلطقًا مققن صققوف‬
‫وكّتان معًا« )تثنية ‪ ،(11:22‬فقد قّرر المجمع بأنه يجب إجبار أولئك اليهود لكي ل يعودوا إلى شعائرهم القديمة‪.6‬‬

‫ل حول موضوع الختان في كتابات آبققاء الكنيسققة واللهققوتّيين المسققيحّيين عققبر العصققور‪.‬‬ ‫ل متواص ً‬‫هذا ونجد جد ً‬
‫ولكن هذا الجدل لم يلقى إهتمامًا كبيرًا عند الباحثين الغربّيين أو الشرقّيين‪ .‬ونحن نحث هؤلء البققاحثين علققى تتّبققع‬
‫هذا الجدل لفهم تطّور الفكر البشري حول مبدأ سلمة الجسد واحترام الغير‪ .‬وبانتظار مثل تلك الدراسة المتعّمقققة‪،‬‬
‫إخترنققا خمسققة مصققادر يمكققن إعتبارهققا مققن أهققم المصققادر عنققد المسققيحّيين‪ ،‬ثلثققة شققرقّيين هققم »يوسققتينوس«‬
‫و»أوريجين« و»كيرلوس«‪ ،‬وغربّيين هما »توما الكققويني« و»مققارتن لققوثر«‪ .‬وفققي الفصققلين اللحقيققن سققوف‬
‫نستعرض هذا الجدل الديني في عصرنا بين مسيحّيي مصر ومسيحّيي الوليات المّتحدة‪.‬‬

‫‪Bagatti: L'Eglise de la circoncision, p. 11-12, 78, 85‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bagatti: L'Eglise de la circoncision, p. 30‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Bagatti: L'Eglise de la circoncision, p. 36-39‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Les conciles oecuméniques, Tome II,1, p. 31‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Bagatti: L'Eglise de la circoncision, p. 70-71‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Les conciles oecuméniques, Tome II, 1, p. 569‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ (2‬رأي يوستينوس )توّفى حوالي عام ‪(165‬‬
‫القّديس الشهيد »يوستينوس« فلسطيني المولد‪ ،‬من مدينة نابلس‪ ،‬مققن عائلققة رومانّيققة ولكّنققه كتققب باليونانّيققة‪ .‬فهققو‬
‫ينتمي إلى طائفة »المسيحّيين«‪ .‬وهو من أوائل من كتققب دفاعقًا عققن المعتقققد المسققيحي فققي مواجهققة اليهققود وفققي‬
‫ل دار بينققه وبيققن‬ ‫مواجهة الدولة الرومانّية الحاكمة‪ .‬وكان له مدرسة لهوتّية رائدة‪ .‬وقد أّلف كتابًا يعرض فيه جققد ً‬
‫يهودي إسمه »تريفون«‪ ،‬إحتل فيه الختان مكانًا كبيرًا إذ لمه اليهودي في بداية حديثه بأنه غير مختون كما أنققه ل‬
‫صة بالسبت والقرابين والصيام والطعام‪ .‬وقد قّدم يوستينوس عددًا مققن الراء فققي رّده‬ ‫يحترم الوامر الخرى الخا ّ‬
‫على اليهودي نختصرها في النقاط التية‪:‬‬

‫‪ -‬إن أشعيا )‪ (5 ،3:55‬وأرميا )‪ (32-31:31‬تكّلما عن عهد جديد‪ .‬وهذا العهد هو المسيح‪ .‬فمن بعد مجيء المسيح‬
‫سققوا‬
‫يجب ختان جديد وهو ختان القلب بالبتعاد عن الفحشاء كما جاء في التققوراة‪» :‬فققاختنوا غلققف قلققوبكم‪ ،‬ول تق ّ‬
‫طالين دون عمل بققل بققالكف عققن السققرقة‪.‬‬ ‫رقابكم بعد اليوم« )تثنية ‪ .(16:10‬والمحافظة على السبت ليس بالبقاء ب ّ‬
‫‪1‬‬
‫والمحافظة على الصيام‪ ،‬ليس بالحرمان من الكل بل بالصوم عن الشرور كما يقول أشعيا )‪. (11-1:58‬‬

‫‪ -‬فرض ال على اليهود الختان كعلمة لتمّيزهم عن غيرهم من المم وعن المسيحّيين حّتى يذوقوا وحدهم العذاب‬
‫الذي يتعّرضون له الن بكل عدل‪ .‬فال كان يعرف الحداث المستقبلّية فُيَبّيت لكل واحد حسب إسققتحقاقه‪ .‬فكققل مققا‬
‫يحصل لليهود من عققذاب ينققالونه بعققدل لنهققم قتلققوا المسققيح والنبيققاء مققن َقبلققه‪ ،‬ورفضققوا اليمققان بققه‪ ،‬ورفعققوا‬
‫صلواتهم في مجامعهم ضد من يؤمن بالمسيح‪ .‬وإن كانوا ل يستطيعون أن يرفعوا أياديهم على المسققيحّيين بفضققل‬
‫ل أنهم يفعلون كّلما تمّكنوا من ذلك‪.2‬‬‫الحّكام‪ ،‬إ ّ‬

‫‪ -‬الختان ليس ضرورّيا للخلص‪ .‬ولو كان كذلك‪ ،‬لما كان خلق الق آدم غيققر مختققون‪ ،‬ولمققا َقبققل محرقققات هابيققل‬
‫جى ال لوطًا من صدوم‪ ،‬ودخل نوح‬ ‫الذي لم يختن‪ ،‬ول رضي عن أخنوخ الذي رفعه إليه وهو غير مختون‪ .‬وقد ن ّ‬
‫وأولده سفينته عند الطوفان ولم يكونوا مختونين‪ .‬وكذلك المر لملكيصادق الذي على صورته أوحى ال لداؤد أنه‬
‫سيقيم الكاهن البدي‪ .‬ولم يحفظ أي منهم يوم السبت رغم أن ال كان راضيًا عنهم جميعًا‪ .‬كما أن إبراهيققم لققم يكققن‬
‫مختونًا عندما آمن بال فرضي ال عنه )التكوين ‪ (6:15‬ولم يكن في زمن إبراهيم أمققر بققاحترام السققبت والوامققر‬
‫صققة بالطعققام فرضققها الق علققى‬ ‫صة بالطعام‪ .‬فالختان واحترام السبوت وتقديم القرابين والوامر الخا ّ‬‫الخرى الخا ّ‬
‫اليهود لحقًا بسبب شرورهم وقساوة قلوبهم‪ .‬ففرض ال السبت عليهم حّتى يتذّكروه في ذاك اليوم‪ .‬وفققرض عليهققم‬
‫صة بالطعام لنهم كانوا ينسون ال في أكلهم‪ .‬فقققد‬ ‫تقديم القرابين له لنهم عبدوا العجل‪ .‬وفرض عليهم الوامر الخا ّ‬
‫‪3‬‬
‫ذكرت التوراة أن يعقوب أكل فشبع وسمن فرفس فنبققذ اللققه الققذي صققنعه )تثنيققة ‪ . (15:32‬هققذا ونحقن نقققرأ فققي‬
‫ل لقول يوستينوس‪» :‬فبظلم من الذين هادوا حّرمنا عليهم طّيبات أحّلت لهققم وبصقّدهم عققن‬ ‫ل مماث ً‬
‫القرآن الكريم قو ً‬
‫سبيل ال كثيرًا« )النساء ‪ .(160:4‬وهذا قد يكون من تأثير فكر يوستينوس الذي تناقله المسيحّيون الشرقّيون‪.‬‬

‫‪ -‬الختان مجقّرد رمققز وليققس وسققيلة للخلص‪ .‬وبرهققان ذلققك أن النسققاء ل تختققن‪ ،‬ورغققم عققدم ختققانهن‪ ،‬يمكنهققن‬
‫ن صالحات‪ .‬فليس الختان الذي يمّيز النسان‪ ،‬بل التقوى والصلح‪.4‬‬ ‫ممارسة الفضائل وأن تك ّ‬

‫‪ -‬على اليهودي أن ل يلومه بسبب الغلفة‪ ،‬فالغلفة قققد عملهققا القق‪ ،‬وأن ل يلققومه لنققه يشققرب مشققروبًا سققاخنًا يققوم‬
‫السبت‪ ،‬فال يقود العالم يوم السبت كغيره من الّيام‪ .5‬وهذا إشارة إلى أن اليهود ل يستطيعون حّتققى تسققخين أكلهققم‬
‫في يوم السبت‪.‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 137-149‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 149‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 152-154, 161‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 161‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 170‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ -‬إن أمر الختان الذي يجب أن يجرى في اليوم الثامن هو رمز للمسيح الذي قام في اليوم الثامن والققذي بققه يختتققن‬
‫المسيحي من الثم والشر‪.1‬‬

‫صها ال باليهود بسبب قساوتهم تم إلغاؤههققا بميلد‬ ‫‪ -‬الختان والوامر التوراتّية الخرى كالسبت والقرابين التي خ ّ‬
‫شر به كناموس أبدي وعهد جديد للعالم أجمع‪ .‬وقد حل محل الختققان الجسققدي ختققان‬ ‫المسيح من نسل إبراهيم‪ .‬فقد ُب ّ‬
‫‪2‬‬
‫الروح الذي مارسه أخنوخ وأمثاله‪ .‬وبخلف الختان الذي يخص فقط اليهود‪ ،‬فإن المعمودّية مفتوحة للجميع ‪.‬‬

‫‪ -‬جاء في التوراة أن يشوع قد أمر بختان اليهود في سيناء مّرة ثانية بس قّكين مققن حجققارة )يشققوع ‪ .(2:5‬والمسققيح‬
‫يشار إليه في النبياء بأنه حجر وصخرة‪ .‬وهذه إشارة إلى ختان الروح الذي أتى به المسققيح‪ .‬فهققو حجققر الزاويققة‪،‬‬
‫وهو ختان يقي من عبادة الوثان ومن عمل الشر‪ .‬فقلوب المسيحّيين قد تم ختانها بصورة مثالّيققة إلققى درجققة أنهققم‬
‫يفرحون أمام الموت لجل الحجر الجميل الذي هو المسيح والذي تجري منه مياه حّية لمن يريد أن يشرب‪.3‬‬

‫هذا وقد أثار »يوستينوس« موضوع »النصارى« من أصل يهودي الققذي كققانوا يريققدون المحافظققة علققى الختققان‬
‫وأوامر موسى مع إيمانهم بالمسيح‪ .‬وهو يرى بأنه يحق لهققم ذلققك علققى شققرط أن ل يفرضققوا الختققان علققى الغيققر‬
‫كوسيلة للخلص‪.4‬‬

‫‪ (3‬رأي أوريجين )توّفى عام ‪(254‬‬


‫ولد »أوريجين« في مصر ورحل بعدها إلى فلسطين حيقث إسققتقر فققي مدينقة قيصققرّية‪ .‬وهقو مقن أغقزر وأعمقق‬
‫الكّتاب المسيحّيين الوائل‪ ،‬وكل كتبه باللغة اليونانّية‪ .‬وقققد خصققى نفسققه عنققدما كققان فققي أّول شققبابه بسققبب فهمققه‬
‫الخاص لقول من أقوال المسيح‪ ،‬وكان هذا أحد أسباب حرمانه من الكنيسة‪ .‬وسوف نعققود إلققى هققذا الحققدث لحققًا‪.‬‬
‫ورغم حرمانه‪ ،‬فقد بقيت كتاباته مصدرًا لكل من أتى بعده من الكّتاب المسيحّيين‪.‬‬

‫تعّرض »أوريجين« لموضوع الختان في خطبه الدينّيققة حقول سققفر التكقوين الققتي هققاجم فيهققا اليهقود والنصقارى‬
‫)المسيحّيين من أصل يهودي( الذين كانوا يدافعون عن فريضة الختان‪.5‬‬

‫حاول »أوريجين« حل مشكلة فريضة الختان بتفسيرها تفسيرًا رمزيًا‪ .‬فهو يرى أن ختان إبراهيققم فققي الجسققد هققو‬
‫صورة للختان الروحي‪ ،‬معتمدًا على قول بولس‪» :‬وقد جرى لهم ذلك ليكون صورة وُكِتققب تنبيهققا لنققا نحققن الققذين‬
‫بلغوا منتهى الزمنقة« )‪ 1‬ققورنتس ‪ .(11:10‬ثقم يستشقهد بققول بقولس‪» :‬إحقذروا ذوي الختقان‪ .‬فإّنمقا نحقن ذوو‬
‫الختان الذين يؤّدون العبادة بروح ال ويفتخرون بالمسيح يسوع‪ ،‬ول يعتمدون على المور البشرّية« )فيلّبي ‪-2:3‬‬
‫‪(3‬؛ »فليس اليهودي بما يبدو في الظاهر‪ ،‬ول الختان بما يبدو في ظاهر الجسد‪ ،‬بل اليهودي هو بمققا فققي البققاطن‪،‬‬
‫والختان ختان القلب العائد إلى الروح‪ ،‬ل إلى حرف الشريعة« )رومية ‪ .(29-28:2‬ويضيف‪» :‬أل يظهر لك بققأنه‬
‫ل من بتر جزء من الجسد؟«‪.6‬‬ ‫من الفضل التكّلم عن ختان الروح عند القّديسين وأصدقاء ال بد ً‬

‫ثم يذكر »أوريجين« قول حزقيال‪» :‬هكذا قال السّيد الرب‪ :‬ل يدخل مقدسي إبن غريب أغلف القلب أغلققف الجسققد‬
‫من جميع بني الغرباء الذين بين بني إسرائيل« )‪ (9:44‬وققول أرميقا‪» :‬إن كقل المقم غلقف‪ ،‬وكقل بيقت إسقرائيل‬
‫غلف القلوب« )‪ .(25:9‬مّما يعني أن غلف الجسد وغلف القلب لن يدخلوا مقدس الرب‪ .‬ويتساءل أوريجيققن مققا إذا‬
‫كان ختان الجسد وختان القلب ضرورّيين كلهما للخلص؟‪ .7‬ويرد على ذلك بأن أرميا يقول‪» :‬ها إن آذانهم غلف‬
‫فل يستطيعون الصغاء« )‪ .(10:6‬فإن كان المعنى المقصود من الختان هو المعنى الحرفققي لكققان علققى اليهققودي‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 192‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 193-194‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 308-309‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Justin: Dialogue avec Tryphon, p. 201‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 129‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 125-127‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 127‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪133‬‬
‫سققرنا الغلققف بققالمعنى‬
‫ل إذا ف ّ‬
‫أن يقطع أذنيه التي خلقها ال للسمع ولجمال النسققان‪ .‬ول يمكققن حققل هققذه المشققكلة إ ّ‬
‫الرمزي‪.1‬‬

‫وعلى هذا الساس يرى »أوريجين« أن النسان مطالب بختان الذان‪ ،‬والشفتين والقلب والغلفققة وكققل جققزء آخققر‬
‫من جسم النسان‪ ،‬ليس بالمعنى الحرفي‪ ،‬أي ببتره‪ ،‬بل بالمعنى الرمزي‪ ،‬أي بالمتناع عن إستعماله لمعصية القق‪.‬‬
‫فختان الذان يعني عدم الصغاء إلى النميمة‪ ،‬وختان الشفتين يعني عدم التلّفققظ بكلم بققذيء‪ ،‬وختققان الغلفققة يعنققي‬
‫عدم إقتراف الزنا‪ ،‬وختان القلب يعني البتعاد عن الشهوات ‪ .2‬وبعد أن فّرق »أوريجين« بين ختان الجسد والختان‬
‫الروحي يسأل معارضيه‪:‬‬
‫»أل يظهر لك أن ختانًا بهذا المعنى هو أفضل لقامة عهد ال؟ قارن بين فهمنا للختان وبين خرافاتك‬
‫اليهودّية وأحاديثك المخزية وتساءل إن كان الختان يطّبق بصورة أفضققل مققن خلل تعاليمققك أم مققن‬
‫خلل تعاليم المسيح؟ أل يظهر لك أن ختان الكنيسة هو عمل شريف‪ ،‬مقّدس يليققق بققال بينمققا ختانققك‬
‫مقّزز ومعيب‪ ،‬وهو في أسلوبه ومظهره الخارجي مشين؟«‪.3‬‬

‫‪ (4‬رأي كيريّلوس الكبير )توّفى عام ‪(444‬‬


‫شغل القّديس »كيريّلوس« منصب بطريرك السكندرّية‪ .‬ويلّقب بعمود الكنيسة‪ .‬وقد أّلف كتبًا باللغة اليونانّية‪.‬‬

‫كما فعل من َقبله »أوريجين«‪ ،‬يرى »كيريّلوس« أن الختان المقصود في التوراة هو ختان الروح‪ ،‬أي الكققف عققن‬
‫الثام‪ ،‬وليس ختان الجسد‪ ،‬أي قطع غلفة الذكر‪ .‬وهو يعتمد في ذلك على قول بولس‪» :‬والختان ختان القلب العققائد‬
‫إلى الروح‪ ،‬ل إلى حرف الشريعة« )رومية ‪ ،(29:2‬وما جاء في سفر النبي أرميا‪» :‬إختتنوا للرب وأزيلققوا غلققف‬
‫قلوبكم يا رجال يهوذا وسّكان أورشليم« )‪ .(4:4‬ويضيف كيريّلوس‪» :‬إن الختان الحقيقي ليس ما يمس الجسد‪ ،‬بققل‬
‫هو في الرغبة بإتمام ما أمر به ال‪ .‬فاستمع إلى ما يقوله بولس بوضوح‪» :‬ليس الختققان بشققيء ول الغلققف بشققيء‪.‬‬
‫بل الشيء هو حفظ وصايا ال« )‪ 1‬قورنتس ‪.4(19:7‬‬

‫ويعتبر »كيريّلوس« أن الفهم الحرفي لنصوص التوراة يؤّدي إلى نتائج ل يقبلها العققل‪ .‬إضققافة إلققى كونهقا تعقّدي‬
‫على كمال خلق ال‪ .‬ففي أحد خطبه عن سفر التكوين‪ ،‬يقول مخاطبًا اليهود والنصارى من أصل يهودي‪:‬‬
‫»إنك تعتبر الختان حسب الجسد عمل مهم وأنه أفضل وسيلة للتعّبد ]‪ .[...‬دعنا إذًا نرى فائدة الختققان‬
‫والفضل الذي يريد المشّرع أن يعود علينا منه‪ .‬إن ممارسة الختان المؤلمققة علققى أجققزاء مققن الجسققم‬
‫صتها الطبيعة بالتناسل‪ ،‬إن لم تكن هناك أسباب واهية جّدا لتلك الممارسة‪ ،‬هي أمر سخيف‪ ،‬ل بققل‬ ‫خ ّ‬
‫إّتهام لعمل الخالق‪ ،‬كأننا نّتهمه بإضافة نواتئ ل فائدة منها إلى مظهر النسان‪ .‬وإن كان المر كذلك‪،‬‬
‫حكمة اللهّية بأنها غلطت فيما يليقق؟ وققل لققي‪ :‬إذا مققا إّدعقى أحقد أن‬ ‫حكم على ال ِ‬ ‫فكيف ل يكون هذا ُ‬
‫الطبيعة المعصومة عن الغلط قد غلطت‪ ،‬ألن يقول عنققه الجميققع بققأن ذاك المقّدعي قققد أصققبح مختققل‬
‫العقل؟‬
‫إن ال الذي يعلو على كل شيء قد خلق آلف الجنققاس الحّيققة الققتي ل عقققل لهققا‪ .‬وهققي فققي تكوينهققا‬
‫المّتجه نحو الكمال ل يوجققد فيهققا شققيء عبققث وغيققر كامققل ]‪ [...‬فكيققف إذًا يمكققن لقق‪ ،‬وهققو المبققدع‬
‫العظيم‪ ،‬والذي يهتم في كل المور الصغيرة‪ ،‬أن يغلط في أعققز مخلوقققاته كّلهققا؟ وبعققد أن أدخققل فققي‬
‫ل مقن المخلوققات القتي ل عققل لهقا إذا مقا‬ ‫العالم من إعتبره على صورته هل جعله بصورة أقل جما ً‬
‫‪5‬‬
‫إعتبرنا أن ل عيب في تلك المخلوقات بينما هناك عيب في النسان؟«‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 129‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 129-135‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Origène: Homélie sur la Genèse, p. 139‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Cyrille d'Alexandrie: Lettres festales, p. 373-375‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cyrille d'Alexandrie: Lettres festales, p. 365-367‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪134‬‬
‫ونحن نجد فكرة كمال الخليقة في نص مختصر وبليغ لق»ترتليانوس« )توّفى حوالي عام ‪ (220‬وهو من المدافعين‬
‫عن العقائد المسيحّية‪ .‬يقول ترتليانوس‪» :‬إننا بالمسيح عدنا لبدء الخلق‪ ،‬فقد أعادنقا اليمقان مقن الختقان إلقى كمقال‬
‫ل حيث كان في البداية«‪.1‬‬ ‫الخلق ]‪ [...‬والنسان ُيدعى إلى الجّنة كام ً‬

‫‪ (5‬رأي توما الكويني )توّفى عام ‪(1274‬‬


‫كان »توما الكويني« راهبًا دومينيكاني‪ ،‬له عدد كبير من المؤّلفات اللهوتّية والفلسفّية باللغة اللتينّية‪ .‬ويعتبر من‬
‫أكبر علماء اللهوت والفلسفة الكاثوليك في العصور الوسطى وما زال يؤّثر على الفكر الديني والفلسفي المسيحي‬
‫الغربي في عصرنا‪.‬‬

‫في كتابه المشهور »الخلصة اللهوتّية«‪ ،‬يورد »توما الكويني« العتراضات التي يمكن توجيهها للختان‪ .‬هناك‬
‫أّول صعوبة تقديم سبب مقبول لوامر التوراة‪ .‬فالطقوس اللهّية يجب أن ل تشابه ممارسات الوثنّيين كما جاء في‬
‫التوراة‪» :‬ل تصنع هكذا نحو الرب إلهك‪ ،‬فإنها قد صنعت للهتها كققل قبيحققة يكرههققا الققرب‪ ،‬حّتققى حرقققت بنيهققا‬
‫وبناتها بالنار للهتها« )تثنية ‪ .(31:12‬كما تذكر التوراة أن كهنة بعل كققانوا يسققيلون دمققاءهم‪» :‬وخدشققوا أنفسققهم‬
‫على حسب عاداتهم بالسيف والرماح حّتى سالت دماؤهم عليهم« )‪ 1‬ملوك ‪ .(28:18‬وهققي تمنققع تجريققح الجسققد‪:‬‬
‫»فل تصنعوا شقوقًا في أبدانكم ول تحلقوا ما بين عيونكم من أجل مّيت« )تثنية ‪ .(1:14‬وعلى هذا السققاس كيققف‬
‫يمكن تبرير الختان؟‬

‫ل أن الختان تعبير عن اليمان باله واحققد وعلمققة دائمققة فققي‬ ‫وقد رد »توما الكويني« على هذه العتراضات قائ ً‬
‫جسد اليهودي حّتى ل ينسى ال‪ .‬وهو أيضًا وسققيلة لضققعاف الشققهوة الجنسقّية فققي العضققو التناسققلي )وهققذا قققول‬
‫مأخوذ عن موسى بن ميمون(‪ .‬وأخيرًا هو وسيلة للسخرية من عبدة الصنام الذين كانوا يكّرمون هذا العضو‪ .‬ول‬
‫يمكن في هذا المجال مقارنة الختان بتجريح كهنة الصنام أجسادهم الذي ترفضققه التققوراة‪ .‬ويقققول تومققا إن سققبب‬
‫فرض الختان في اليوم الثامن هو لن الطفل َقبل ذاك الوقت يكقون ضقعيفًا والتقوراة ل تسقمح أن ُيفصقل الحيقوان‬
‫خر الختان عققن ذلققك العمققر‪ ،‬حّتققى ل يتهقّرب‬ ‫عن أّمه َقبل اليوم الثامن لتقديمه قربانًا ل )الحبار ‪ .(27:22‬ولم يؤ ّ‬
‫البعض من عمله بسبب اللم وحّتى ل يتقاعس الهل في تعريضهم لهذا اللم بسبب تعاظم حّبهم لطفلهم مع مققرور‬
‫الوقت ومعاشرتهم )وهذا قول مأخوذ أيضًا عن موسى بن ميمون(‪ .‬ويضيف الكويني أن الختان في اليققوم الثققامن‬
‫له معنى رمزي‪ .‬فهو يرمز إلى أن المسيح سيلغي كل فساد في الرض في اليوم الثامن‪ ،‬أي في يوم قيامته الذي تم‬
‫أّول السبوع‪ .‬وبما أن الفساد يأتي عن طريق الجسد‪ ،‬من خطيئة أبينا الّول آدم‪ ،‬فكان ل بد مققن عمققل الختققان فققي‬
‫عضو التناسل‪.2‬‬

‫ويورد »توما الكويني« إعتراضًا على حذف فريضة الختان عند المسيحّيين‪ .‬فققالنبي بققاروك يقققول‪» :‬هققي كتققاب‬
‫أوامر ال والشريعة القائمة للبد« )باروك ‪ .(1:4‬وققد أمقر المسقيح للبقرص القذي شقفاه أن يققّرب »مقا أمقر بقه‬
‫موسى من قربقان« )مّتقى ‪ .(4:8‬وققد فقرض الختقان ليعنققي إيمقان إبراهيققم‪ .‬وكقذلك المققر بخصقوص الفققرائض‬
‫التوراتّية الخرى‪ .‬فيجب لذلك المحافظة على الختان بعد مجيء المسيح‪.‬‬

‫ويجيب توما على هذا العتراض بذكر قول بولس‪» :‬فل يحكم عليكم أحد في المأكول والمشققروب أو فققي العيققاد‬
‫ل ظل المور المستقبلة« )قولسي ‪ .(17-16:2‬وبولس الذي يققذكر قققول أرميققا أن الق‬ ‫والهّلة والسبوت‪ .‬فما هذه إ ّ‬
‫أقام عهدًا جديدًا )‪ (13:13‬يضيف‪» :‬فإنه إذ يقول عهدًا جديدًا‪ ،‬فقد جعل العهد الّول قديمًا‪ ،‬وكل شققيء قققدم وشققاخ‬
‫صققة‬
‫يصبح قريبًا من الفناء« )عبرانيين ‪ .(13:8‬ويرى توما أن الوامر الخلقّيققة تققدوم أبققدًا‪ ،‬ولكققن الوامققر الخا ّ‬
‫بالشعائر الخارجّية فهي تفنى مع تحقيق ما ترمز إليه‪ .‬فقد قال المسيح في آخر لحظة من حياته َقبل موته‪» :‬تم كققل‬
‫شق حجاب الهيكل إلى شطرين )مّتى ‪ .(51:27‬وعنققدها‪ ،‬إنتهققت الشققعائر اليهودّيققة‪.‬‬ ‫شيء« )يوحّنا ‪ .(30:19‬وقد ُ‬
‫ل يبارك به كل المم‪ ،‬وهققذا النسققل هققو المسققيح‪ .‬فبعققد مجيققء المسققيح تحّقققق‬
‫وقد وعد ال إبراهيم أن يجعل له نس ً‬
‫الوعد ول حاجة بعد ذلك للختان الذي كان علمة للعهد القديم‪ .‬وحّلت محل علمة العهد القديم علمة العهد الجديققد‬
‫وهي المعمودّية‪ .‬كما حل الحد محل السبت‪ ،‬وحل محل عيد فصح اليهود عيد فصح المسيح وقيققامته‪ .‬وإن إسققتمر‬
‫‪Tertullien: Le mariage unique (de monogamia), p. 151‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Thomas d'Aquin, vol. 2, p. 673-675‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪135‬‬
‫بعض التلميذ في ختان المسيحّيين من أصل يهودي في بداية إنتشار المسيحّية‪ ،‬فالهققدف منققه كققان عققدم تشققكيكهم‬
‫حّتى تبليغ النجيل لهم‪ .‬أّما وقد ُبّلُغوا النجيل‪ ،‬فلم يعققد بعققد لفريضققة الختققان مكققان‪ .‬فمققن يمققارس الختققان يقققترف‬
‫خطيئة كبيرة لن ذلك يعني التصميم على الخطأ‪.1‬‬

‫ويورد »توما الكويني« إعتراضًا آخر‪ .‬يقول المسيح‪» :‬قققد جعلققت لكققم مققن نفسققي قققدوة لتصققنعوا أنتققم أيضقًا مققا‬
‫صنعت إليكم« )يوحّنا ‪ .(15:13‬ولكقن يققول الققّديس بقولس‪» :‬إذا إختتنتقم‪ ،‬فلققن يفيقدكم المسققيح شقيئًا« )غلطيقة‬
‫‪ .(5:2‬فلماذا ختن المسيح؟ ويرى »توما الكويني« أن ذلك قد تم لسباب كثيرة‪:‬‬

‫‪ -‬ليثبت أن له جسد حقيقي‪ ،‬وذلك ردًا على من كان يرى فيه جسدًا غير حقيقي‪.‬‬

‫‪ -‬ليؤّكد على الختان الذي أمر به ال سابقًا‪.‬‬

‫‪ -‬ليثبت أنه من نسل إبراهيم الذي أمر بالختان‪.‬‬

‫‪ -‬لكي ل يرفضه اليهود بسبب عدم ختانه‪.‬‬

‫‪ -‬حّتى يعّلمنا فضيلة الطاعة‪.‬‬

‫حكم الشريعة ليفتققدي‬


‫‪ -‬حّتى يريح الخرين من حمل الناموس بحمله هو ذاك الناموس‪» :‬أرسل ال إبنه مولودًا في ُ‬
‫حكم الشريعة« )غلطية ‪.(4:4‬‬
‫الذين هم في ُ‬

‫ويضيف »توما الكويني« ثلثة إيضاحات‪:‬‬

‫عّرينا بآلم المسيح‪ .‬ولم يتققم ذلققك بمولققد‬


‫‪ (1‬إن الختان‪ ،‬بتعريته عضو التناسل‪ ،‬كان يعني تعرية الجيل القديم‪ .‬وقد ُ‬
‫المسيح‪ ،‬بل بموته‪ .‬فَقبل ذلك كان للختان كل فاعلّيته‪ .‬ولذلك كان ل بد للمسيح من أن ُيختن‪.‬‬

‫‪ (2‬لقد َقِبل المسيح الختان كقانون ساري المفعول في زمنه‪ ،‬وعلينا أن نقبل نحن القانون الذي يسري في عصققرنا‪.‬‬
‫فسفر الجامعة يقول‪» :‬إذ لكل غرض زمان ثم قضاء« )‪ .(6:8‬ويقول أوريجيققن‪» :‬إننققا إذ متنققا مققع المسققيح وقمنققا‬
‫خِتنُتققم ختان قًا لققم يكققن‬
‫خِتّنا روحّيا بختانه فل حاجة لنا لختان الجسد«‪ .‬ويقول بولس‪» :‬في ]المسققيح[ ُ‬
‫بقيامته فكذلك ُ‬
‫فعل اليادي‪ ،‬بل بخلع الجسد البشري‪ ،‬وهو ختان المسيح« )قولسي ‪.(11:2‬‬

‫‪ (3‬إن الموت هو عقاب الخطيئة‪ .‬والمسيح َقِبل أن يموت مثلنا رغققم أنققه ل خطيئة فيققه حّتققى يخّلصققنا مققن المققوت‬
‫باماتتنا روحّيا عن الخطيئة‪ .‬وكذلك‪َ ،‬قِبل ختان الجسد الذي هو دواء ضد الخطيئة الصلّية حّتى يخّلصققنا مققن نيققر‬
‫الناموس ويختننا روحّيا ‪ .‬أي أنه َقِبل الرمز حّتى يحّقق ما يرمز إليه من واقع‪.2‬‬

‫يرى »توما الكويني« أن الختان يشبه المعمودّية في أثرها الروحي‪ .‬فكما أن الختان ينزع جزء من جسمه‪ ،‬كققذلك‬
‫المعمودّية تنزع عن النسققان نزعققاته وميققوله الجسققدّية‪ .‬وكمققا أن اليهققودي كققان بالختققان يتعّهققد بالمحافظققة علققى‬
‫الناموس‪ ،‬كذلك بالمعمودّية يتعّهد المسيحي بالمحافظة على النققاموس الجديققد‪ .‬فكققان الختققان رمققزًا للمعمودّيققة مققع‬
‫إختلف في أن المعمودّية دعوة للجميع كما جاء في مّتى ‪.19:28‬‬

‫ل مققن‬‫ويتساءل »توما الكويني« إذا كان الختان علمة اليمان‪ ،‬فلماذا وضعها ال علمة في العضو التناسققلي بققد ً‬
‫وضعها على رأس النسان حيث المقدرة الذهنّية التي ينبع منها اليمان‪ .‬ويرد بأن وضع علمة الختان في العضو‬
‫التناسلي يشير إلى إيمان إبراهيم أن المسيح سققيأتي مقن نسققله‪ ،‬وأن الختقان هقو دواء ضقد الخطيئة الصققلّية الققتي‬
‫صة في العضاء التناسلّية بسققبب‬ ‫تتوارث بالتناسل‪ ،‬وأخيرًا أن الهدف هو إنقاص الشهوة الجسدّية التي تتمركز خا ّ‬
‫شّدة اللّذة الجنسّية‪.‬‬
‫‪Thomas d'Aquin, vol. 2, p. 692-695‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Thomas d'Aquin, vol. 4, p. 278-279‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫سر »توما الكويني« إستعمال الحجر في ختان إبن موسى )الخروج ‪ (25:4‬وفي ختان اليهققود فققي سققيناء مققن‬ ‫ويف ّ‬
‫ِقَبل يشوع )الخروج ‪ (2:5‬بأنه رمقز للختقان الروحقي القذي تقم بالمسقيح القذي يققول عنقه الققّديس بقولس »وهقذه‬
‫سر الختان في اليوم الثقامن بقأنه رمقز لقيامقة المسقيح فقي اليقوم‬
‫الصخرة هو المسيح« )‪ 1‬قورنتس ‪ .(4:10‬كما ُيف ّ‬
‫الثامن‪.1‬‬

‫وختاما يمكننا أن نأخذ على »توما الكويني« تناقضه مع ما قاله في فصققل آخققر مققن كتققابه‪ .‬فهققو يرفققض مقارنققة‬
‫الختان بتجريح كهنة الصنام أجسادهم )أنظر أعله(‪ .‬ولكن في الفصل الققذي كّرسققه لدراسققة العنققف الواقققع علققى‬
‫الشخاص يذكر قول يوحّنا الدمشقي الذي يعتبر خطيئة »تغيير ما هو مطابق للطبيعة لعمل ما هقو مخققالف لهققا«‪،‬‬
‫ل للسقلطات عقابقًا علقى‬ ‫مّما يعني أنه ل يحق لحد أن يبتر عضو شخص آخر‪ .‬وتوما ل يسمح بالقيام بذلك البقتر إ ّ‬
‫إثم أقترف‪ .2‬والختان يعتبر هنا بترًا لعضو حسب تعريف يوحّنا الدمشقي إذ هو »تغيير ما هققو مطققابق للطبيعققة«‪،‬‬
‫ولكن الطفل الذي يختن ل يقترف إثمًا لبتر أحد أعضائه‪ .‬فكيف يمكن في هذه الحالققة تققبرير الختققان كمققا جققاء فققي‬
‫التوراة؟ هذا ما ل يجيب عليه »توما الكويني«‪.‬‬

‫‪ (6‬رأي مارتن لوثر )توّفى عام ‪(1546‬‬


‫كان »مارتن لوثر« في بداية أمره راهبًا من رهبنة الغسطينيين‪ .‬قاد حملة إصلحّية ضد الكنيسة الكاثوليكّية التي‬
‫حرمته عام ‪ .1520‬وقد أّدى ذلك إلى انشقاق داخل هذه الكنيسة مقا زال لقه أثقره حّتقى اليقوم مقن خلل الحركقات‬
‫البروتستنتّية العديدة التي ل تعترف بسلطة بابا روما‪ .‬وقد كتب »مارتن لققوثر« عقّدة كتققب لهوتّيققة وقققام بترجمققة‬
‫الكتب المقّدسة إلى اللغة اللمانّية حّتى يتمّكن الشعب من فهمها‪ .‬وقد إعتمدنا هنا على الترجمة الفرنسّية لمجموعققة‬
‫أعماله التي تم نشرها في جنيف في ‪ 17‬مجّلدّا‪.‬‬

‫صة المريكّية‪ ،‬ترى في الختان فريضققة علققى جميققع البشققر‬


‫سوف نرى لحقًا أن بعض الوساط البروتستنتّية‪ ،‬خا ّ‬
‫حكمة طّبية خفّية إذ تقي من المراض‪ .‬وقد رجعنا إلى مؤّلفات »مارتن لوثر« الضخمة فلم نجد فيها ما يققبّرر‬ ‫فيها ِ‬
‫هذا التفسير‪ .‬وكان هم »مارتن لوثر« الّول في تعّرضقه للختقان كمظهققر خققارجي فرضققته التقوراة هقو التصقّدي‬
‫للسلطة البابوّية والكنسّية في زمنه التي كانت تعطي الشعائر الدينّية وصكوك الغفران ققدرة علقى غفقران الخطايقا‬
‫مستعملة ذلك للسيطرة على الشعب ولبتزاز الموال‪ .‬ولكن ل يخلو نقاشه حقول الختقان مقن نققاط لهوتّيقة حقول‬
‫علقة الخلص باليمان والعمال‪.‬‬

‫يرى »مارتن لوثر« أن الختان هو خاتمًا للبر الذي هو نتيجة إيمان إبراهيم بوعد الق‪ .‬فهقو ليققس بقر اليمقان‪ ،‬بققل‬
‫ل تروي لنا التققوراة أن جققدعون أراد مققن‬ ‫الشارة لذاك البر مثله مثل عّدة إشارات خارجّية نجدها في التوراة‪ .‬فمث ً‬
‫ال أن يبّين له أنه سينتصر في حربه مع أعدائه فوضع جزاز صوف في البيدر وقال ل‪» :‬فققإذا سقققط النققدى علققى‬
‫الجزاز وحده‪ ،‬وعلى سائر الرض جفاف‪ ،‬علمت انك تخّلص إسرائيل عققن يققدي« )القضققاة ‪ .(36:6‬فالختققان هققو‬
‫إشارة لليمان‪ ،‬وليس اليمان كما أن سقوط الندى على الجزاز هو إشارة للنصر وليس النصر‪ .‬ويضيف »مققارتن‬
‫لوثر« أن المر هو نفسه عند المسقيحّيين فيمقا يخقص شقعائر المعمودّيقة وغيرهقا مقن الشقعائر المسقيحّية‪ .‬فليقس‬
‫المظهر الخارجي الذي يهم‪ ،‬بل مقا تحتقويه مقن معنقى داخلقي‪ .‬فالكنيسقة الرسقمّية ولهوتّيوهقا يهتّمقون بقالمظهر‬
‫وينسون اليمان الذي هو أهم من المظهر‪ .‬فل يكفي أن تغمس النسان في الماء‪ ،‬بققل يجققب أن يكققون اليمققان مققن‬
‫وراء الغمس في الماء‪.3‬‬

‫ويرى »مارتن لوثر« أن إيمان إبراهيم بال وبوعوده هو ختان الروح‪ .‬وقد أضققيف ختققان الجسققد كإشققارة للختققان‬
‫الروحي‪ .‬فل يكفي أن يختن النسان نفسه‪ ،‬بل يجب أن يسبق الختان إيمانًا بال‪ .‬ونفس المر فيمققا يخققص الشققعائر‬
‫المسيحّية أو الملبس الدينّية التي يرتديها رجال الدين والرهبان‪ .‬فملبس الراهب ل تجعل منه راهبًا‪ ،‬بققل اليمققان‬
‫الداخلي الذي يعيشه‪ .4‬وهو يرى أن المعمودّية قد حّلت محل الختان كإشارة خارجّية فرضها المسيح علققى أتبققاعه‪.‬‬
‫‪Thomas d'Aquin, vol. 4, p. 523-525‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Thomas d'Aquin, vol. 3, p. 432-433‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. II, p. 189-190‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. II, p. 208‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪137‬‬
‫فال يستعمل إشارات خارجّية مختلفة حسب إختلف الزمان ‪ ،1‬ميسرًا المور عليهم‪ .‬فبينمققا كققان مفروضقًا علققى‬
‫طس فيه مققع التلّفقظ ببعقض‬ ‫اليهود الختان وتقديم القرابين إكتفى ال بقليل من الماء ُيسكب على رأس النسان أو يغ ّ‬
‫ل مققن تقققديم‬
‫الكلمات‪ .‬وهكذا المر فيما يخص شعائر القّداس التي فيها طلب المسيح أن نأكل ونشرب ِذكرًا له‪ ،‬بققد ً‬
‫ذبائح دموّية‪.2‬‬

‫ويرى »مارتن لوثر« أن الشعائر التي جاءت في التوراة قد ألغيت بمعنى أنه لم يُعد واجب للنسان أن يّتبعها‪ .‬فهو‬
‫حر في إّتباعها أو في تركها‪ .‬فلم يعد ترك الختان إثمًا كما يظن اليهود‪ ،‬وكذلك ممارسة الختان ليس إثمقًا كمققا كققان‬
‫يظن الوثنّيون‪ .‬فترك الختان أو ممارسته مباح على شرط أن ل يظن من يقوم به أنه سيخلص بممارسققته‪ .‬فالختققان‬
‫ل يؤّدي إلى الخلص‪ .‬وهو يعتمد في ذلك على قول بولس‪» :‬فما الختان بشيء ول الغلف بشيء‪ ،‬بققل الشققيء هققو‬
‫الخلق الجديد« )غلطية ‪» ،(15:6‬ليس الختان بشققيء ول الغلققف بشققيء‪ .‬بققل الشققيء هققو حفققظ وصققايا القق« )‪1‬‬
‫قرنتس ‪ .(19:7‬فبولس ل يفرض الختان على أحد ولم يمنع أحدًا بالقّوة من أن يختتن‪.3‬‬

‫ويضيف »مارتن لوثر« أن الختان أو عدمه أمر تافه بحد ذاته‪ .‬ولكن إذا أضيف إليه معنى أنه يجققب الخضققوع لققه‬
‫للخلص‪ ،‬فهنا الجحيم وهنا إنكار لنعمة ال‪ .‬وهكذا المر فيما يخص البابا وشعائره‪ .‬فإن أراد البابقا فقققط إحترامنققا‬
‫له‪ ،‬فذلك ليس بشيء‪ ،‬أّما إذا فرض علينا إحترامه واحترام شعائره كوسققيلة للخلص‪ ،‬فهنققا الخطققر الكققبير‪ .‬كققذلك‬
‫فإن عمل تمثال لقّديس من خشب أمر ل شيء‪ ،‬أّما إعتبار التمثال أمققر مققّدس وأنققه يحتققوي إلهقًا‪ ،‬فهققذا أمققر غيققر‬
‫مقبول‪ .‬لذلك يجب أن ل نعطي للختان أو للتمثال أو لثوب الراهقب أّيقة أهّميقة‪ .4‬وهققذا ل يعنققي فقي نظقر »مققارتن‬
‫لوثر« أنه يجب ترك كل المظاهر الخارجّية‪ ،‬ولكققن يجققب عققدم عبققادة هققذه المظققاهر الخارجّيققة‪ .‬فققإذا إعتبرنققا أن‬
‫الختان أو عدم الختان ضرورة للخلص‪ ،‬جعلناهما محل عبادة‪ ،‬وهذا أمر ملعون‪ .‬أّما إذا لم نجعل للختان أو عدمه‬
‫أهّمية‪ ،‬عند ذلك يكون الختان وعدمه أمر حسن‪ .5‬فق»مارتن لوثر« يرى أن الخلص يتم باليمان بالمسققيح‪ ،‬وليققس‬
‫بالمظاهر الخارجّية‪ .‬وهذه المظاهر الخارجّيققة تحققذف تققدريجّيا مققن خلل القنققاع وليققس مققن خلل التصقّدي لهققا‬
‫بالقّوة‪ .‬وهو يقارن هنا بين الختان وبين الذين أرادوا التصّدي للبابوّيققة والشققعائر الكنسقّية والصققور فققي الكنققائس‪،‬‬
‫ل من أن يقضوا عليها زادوها قّوة‪ .‬فكذلك المر فيما يخص اليهققود الققذين كققانوا يريققدون فققرض الختققان علققى‬ ‫فبد ً‬
‫‪6‬‬
‫الوثنّيين‪ ،‬لم يكسبوا شيئًا ‪.‬‬

‫ل بأن إبراهيم لم يعتبر بارًا لنه ترك وطنه أو أراد ذبح‬ ‫سر »مارتن لوثر« مقولته أن الخلص يتم باليمان قائ ً‬ ‫ويف ّ‬
‫إبنه أو ختن نفسه‪ ،‬بل لنه آمن بال‪ .‬وهذا إشارة إلى قققول التقوراة‪» :‬إن إبراهيققم آمقن بققال فحسققب لقه ذلققك بققرًا«‬
‫)التكوين ‪ .(6:15‬وقد جاء تقرير التوراة هذا َقبل ختان إبراهيم وَقبل مجيء موسى وقوانينه‪ .‬فقققد آمققن إبراهيققم أن‬
‫من نسله سيأتي المخّلص‪ ،‬أي المسيح‪ ،‬ونحن المسيحّيون نؤمن بأن المسيح قد جاء وإيماننا هذا هو سبب خلصنا‪.‬‬
‫فقد مات المسيح لثام إبراهيم كما مات لثامنا نحن‪ .7‬وقد جاء الختان كعلمة خارجّيققة‪ ،‬وتبعتهققا الفققرائض الدينّيققة‬
‫الخرى كما يوضع الختم في نهاية كتاب الوصّية ليثبتهققا‪ .8‬ونحققن أبنققاء الق ليققس لننققا مختونققون‪ ،‬بققل لننققا آمّنققا‬
‫بالمسيح‪ .9‬وإذا إعتبرنا الخلص في الختان‪ ،‬ألغينا إيماننا بالمسيح المخّلص حسب قققول بققولس‪» :‬إذا إختتنتققم‪ ،‬فلققن‬
‫يفيدكم المسيح شقيئًا« )غلطيقة ‪ ،(2:5‬أي أن المسقيح جقاء عبثقًا مقا دام الخلص فقي الختقان‪ .‬ويضقيف »مقارتن‬
‫لوثر«‪» :‬إن إّتباع البابا أو اليهود أو التراك ]يعني السلم[ أو أهل الشيع الذين يققرون أنققه هنققاك أمققر ضققروري‬
‫ل أو عبققادة أو إحققترام قاعققدة أو عققادة أو شققعائرًا‪ ،‬مهمققا كققانت‪،‬‬ ‫للخلص غيققر إنجيققل المسققيح‪ ،‬أو يفرضققون عم ً‬
‫حكققم الققروح القققدس مققن خلل رسققالة‬ ‫للحصول على غفران الخطايا والبر والحياة الخرى‪ ،‬كققل أولئك يصققغون ل ُ‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. II, p. 234‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. IX, p. 312‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ Luther: Oeuvres, vol. IV, p. 24-25‬أنظر أيضًا ‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 98-99; vol. XVI, p.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪321-322‬‬
‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 105-107‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 109‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 230-231‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 243, 248-249‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XVI, p. 10‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 61‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪138‬‬
‫حكققم علقى ققانون وعلققى ختققان جقاء فققي‬ ‫بولس‪ :‬إنهم بذلك يعتبرون أن المسيح ل فائدة منه‪ .‬وإذا تجّرأ بولس في ال ُ‬
‫‪1‬‬
‫حكم على القش من عادات البشققر ‪» .‬إن تصققريح بققولس‬ ‫تعاليم إلهّية‪ ،‬وهو أمر غريب حقًا‪ ،‬فكيف ل يجرؤ على ال ُ‬
‫‪2‬‬
‫يعني أنه ل فائدة لمجيء المسيح بالنسبة لمن يختن‪ ،‬أي من يضع ثقته في الختان‪ ،‬أي أن المسيح ولد وتأّلم عبثًا« ‪.‬‬
‫واليمان بالمسيح ليس مجّرد شعور‪ ،‬بل هو كما يقول بولس‪» :‬ففي المسيح يسوع ل قيمة للختان ول للغلف‪ ،‬وإّنما‬
‫القيمة لليمان العامل بالمحّبة« )غلطية ‪ .(6:5‬إن الذي يريد أن يققؤمن بالمسققيح عليققه أن يكققون مؤمن قًا حققًا‪ ،‬ول‬
‫يعتبر مؤمنًا من ل تكون أعماله موازية ليمانه‪ .‬فبققولس يسققتنكر إعتقققاد اليهققود بالمظققاهر‪ ،‬كمققا يسققتنكر الكتفققاء‬
‫ل‪ .‬فاليمان يجب أن يكّيف حياة المسيحي بأكملها‪ ،‬وهو ليس مجّرد مظاهر وشعائر‬ ‫باليمان مع تكتيف اليدي كس ً‬
‫خارجّية‪.3‬‬

‫ويسترجع لنا »مارتن لوثر« ما جرى عليه المر في بداية المسيحّية إذ إن الرسل لم يلغوا الختققان بيققن المسققيحّيين‬
‫الذين من أصل يهودي وذلك حّتى ل ينّفروهم في بداية إيمانهم‪ ،‬بينما رفضققوا أن يفرضقوا الختقان علققى القوثنّيين‪.‬‬
‫فل يحق للنسان أن يشّكك ضعاف النفوس بل عليه أن يعققاملهم بمحّبققة‪ .‬فبققولس ختققن طموتققاوس )أعمققال ‪(1:16‬‬
‫الذي كان من أم يهودّية‪ .‬بينما وّبخ بطرس على تصّرفه المتلعب الذي كاد أن يشّكك الققوثنّيين بابتعققاده عنهققم فققي‬
‫إنطاكية عندما حضر يهود من القدس )غلطية ‪ .(14:2‬ويستخلص »مارتن لوثر« من هذه الحادثة درسًا هققو أنققه‬
‫يجب عدم إستعمال الحّرية الفردّية )في الختان أو عدمه( لتشكيك الغيققر‪ .4‬وقققد رفققض بقولس فققرض الختقان علقى‬
‫طيطس‪ ،‬وهو يوناني‪ ،‬حّتى ل يظن البعض أن الختان فريضة على الوثنّيين للخلص ويكون فرضه الختققان عليققه‬
‫مصادرة لحّريته في الختيار )غلطية ‪.5(4-3:2‬‬

‫ويعيد »مارتن لوثر« مرارًا‪ ،‬معّلقا على تعققاليم الققّديس بققولس‪ ،‬بققأن المظققاهر الخارجّيققة ليسققت ذات فققائدة إذا لققم‬
‫يسبقها إيمان وتقوى‪ ،‬رافضًا بذلك العتقققاد اليهققودي الققذي يققرى فقي الختققان الخلص البقدي‪ .‬فققالمهم هقو ختقان‬
‫سققكون بققالظواهر‪ ،‬تققاركين الجققوهر كمققا جققاء فققي أقققوال‬ ‫الروح وليس ختان الجسد‪ .‬فرجال الدين اليهود كانوا يتم ّ‬
‫ل‪،‬‬
‫المسيح عنهم‪» :‬الويل لكم أيها الكتبة والفّريسيون المراؤون‪ ،‬فققإنكم أشققبه بققالقبور المكّلسققة‪ ،‬يبققدو ظاهرهققا جمي ً‬
‫وأّما داخلها فممتلئ من عظام الموتى وكل نجاسققة‪ .‬وكققذلك أنتققم تبققدون فققي ظققاهركم للنققاس أبققرارًا وأّمققا بققاطنكم‬
‫فممتلئ رياءًا وإثمًا« )مّتى ‪ .6(27:23‬ويرى »مارتن لوثر« أن اليهود يتفاخرون بانتمائهم إلى إبراهيققم‪ ،‬بينمققا هققم‬
‫ليسوا أبناء إبراهيم‪ ،‬بل أبناء الختان بتعّلقهققم بالمظققاهر‪ .7‬وهققم يبغققون التفققاخر بتلققك المظققاهر الخارجّيققة كالختققان‬
‫ل مققن القق‪ .‬وينطبققق عليهققم فققي ذلققك قققول المسققيح‪:‬‬ ‫جدهم الناس‪ ،‬بينما المهم ليس تمجيد الناس بل إن يلقوا قبققو ً‬ ‫ليم ّ‬
‫‪8‬‬
‫»وجميع أعمالهم يعملونها لينظر الناس إليهم« )مّتى ‪. (5:23‬‬

‫ورغم أن »مارتن لوثر« جعل الختان من المباحات وأّكد على حّرية الفرد في الختان أو عققدمه مققع تفريققغ الختققان‬
‫ل أنه لم يتكّلم عن موضوع مدى ملءمة الختققان لمبققدأ سققلمة الجسققد ول مققا إذا كققان للب‬ ‫من منافعه الروحّية‪ ،‬إ ّ‬
‫إمكانّية فرض الختان على إبنه القاصققر أم ل‪ .‬ونحقن نجققد هققذا النقققص فققي كتابققات »يوسققتينوس« و»أوريجيققن«‬
‫و»كيريّلوس« و»توما الكويني« و»مارتن لوثر« التي ذكرناهققا سققابقًا‪ .‬فقققد إهتّمققوا جميعقًا بالجقدل الققديني حققول‬
‫الختان ولم يتعّرضوا بتاتًا لملءمة الختان للمبادئ الخلقّية‪ .‬وسققكوتهم عققن هققذه المبققادئ يعنققي أنهققم ل يعيققرون‬
‫إحترام النسان كبير إهتمام‪ .‬والن علينا أن ننظر في الجدل الديني الذي يثيره الختان اليققوم عنققد مسققيحّيي مصققر‬
‫وعند مسيحّيي الوليات المّتحدة‪.‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 184-185‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 185‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 207-208‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. IX, p. 87‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XV, p. 100‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XI, p. 45-48‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XI, p. 66‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Luther: Oeuvres, vol. XI, p. 280‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪139‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الجدل الديني حول الختان عند مسيحّيي مصر‬
‫رأينا في الفصلين السابقين كيف أنه تم في الكتب المقّدسة المسيحّية وكتابات آباء الكنيسة ورجال الدين المسققيحّيين‬
‫التأكيد على إلغاء فريضة ختان الذكور كعلمة دخول عهقد بيقن الق والشققعب اليهقودي‪ ،‬وعلقى إحلل المعمودّيقة‬
‫محّلها كعلمة دخول في عهد جديد مفتوح لجميع الناس دون تفريق بين ذكر وأنثى وبين يهودي وغير يهودي‪.‬‬

‫صة أقبقاط مصققر‪ ،‬فقي ممارسقة ختققان القذكور‪ ،‬الققذي أضققافوا لقه ختقان‬
‫ورغم ذلك‪ ،‬إستمر بعض المسيحّيين‪ ،‬خا ّ‬
‫الناث‪ .‬كما أن بعض مسيحّيي الغرب قد عادوا في القرن التاسقع عشقر إلقى ختقان القذكور القذي مقا زال منتشقرًا‬
‫صة بين مسيحّيي الوليات المّتحدة‪ ،‬وأضافوا له ختان الناث‪ .‬وسوف نستعرض في هذا الفصل‬ ‫بصورة واسعة خا ّ‬
‫وفي الفصل الذي يليه الجدل الديني القائم بين هاتين المجموعتين حول هذا الموضوع‪.‬‬

‫‪ (1‬ختان الذكور عند مسيحي مصر‬


‫رأينا سابقًا أن اليهود والنصارى )المسيحّيين من أصل يهودي( قد حاولوا إدخال الختان في المجتمع الققوثني الققذي‬
‫أصبح تدريجّيا مسيحّيّا‪ .‬وقد تصّدى آباء الكنيسة لهذه المحاولة القتي إسقتمّرت مقّدة طويلقة‪ .‬وققد سقاعدت الققوانين‬
‫الرومانّية في الحد من ممارسة الختان‪ .‬فقد أصدرت السلطات الرومانّية قوانين تعاقب بالموت أو النفي ومصققادرة‬
‫أموال الطبيب الذي يجري عملّية الختققان علققى غيقر اليهقودي كمقا سقنرى فققي الجقدل القققانوني‪ .‬وإن تركققت هققذه‬
‫ل أنها منعتهم من ممارسة الختققان تحققت طائلققة العقوبققات‬
‫القوانين الحّرية لغير اليهود في التحّول للدين اليهودي‪ ،‬إ ّ‬
‫السابقة الذكر‪.‬‬

‫حكم الروماني ولكن القوانين الرومانّية لم تكن تطّبق فيها بكل صقرامة فيمقا يخقص الختقان‬ ‫كانت مصر خاضعة لل ُ‬
‫الذي كان يمارسه ليس فقط اليهود بل أيضًا رجال القدين الوثنّيقون‪ ،‬إن صقح هققذا التعققبير علققى ديانققة أهقل مصققر‬
‫القديمة‪ .‬فقد سمحت لهم القوانين الرومانّية الستمرار في الختان على شرط تقديم وثيقة ميلد تثبت إنتماء الشخص‬
‫لطبقة رجال الدين‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬كانت مصر بلد بعيدة عن سققيطرة الرومققان‪ ،‬مثلهققا مثققل الحبشققة والجزيققرة‬
‫العربّية‪ .‬مّما سمح لليهود في هذه البلد أن يستمّروا في نشاطهم لتهويد غير اليهود وختانهم‪ .‬كما أنهم كققانوا أيض قًا‬
‫يفرضون الختان على عبيدهم‪ .1‬وكما هو المر في فلسطين‪ ،‬تحّول بعض اليهود المصرّيين إلى المسيحّية وكّونققوا‬
‫صقة منفصقلة عقن الطائفقة المسققيحّية مققن أصقل وثنققي واسقتمّروا فقي ممارسققة الختققان حسقب الشقعائر‬ ‫طائفة خا ّ‬
‫اليهودّية‪ .2‬وبرهان ذلك موقف كيريّلوس الذي ذكرناه في الفصل السابق ضد الختان والذي ما كان ليحدث لول أنه‬
‫كان يمارس في زمنه بصورة كبيرة‪.‬‬

‫وفي الجزيرة العربّية إستمر اليهود في ممارسة الختان‪ .‬وعندما جاء محّمد‪ ،‬أسلم عدد من اليهود الذين لعبققوا دوراً‬
‫مهما في بلورة الفكر الديني السلمي‪ ،‬كما سنرى في القسم القادم‪ .‬فأدخلوا فيه ما يطلق عليه اليوم بالسرائيلّيات‪،‬‬
‫ومققن بينهققا الختققان‪ .‬وقققد نجحققوا فققي ذلققك علققى عكققس مققا حققدث فققي المبراطورّيققة الرومانّيققة عنققدما أصققبحوا‬
‫»نصارى«‪ .‬وبعد أن فتح المسلمون مصر وتحّول عدد من المصرّيين للسلم‪ ،‬ثّبتوا فيها عادة الختان الققتي كققانت‬
‫تمارس هناك‪.‬‬

‫ل يسمح المجال هنا في إستعراض موقف مسيحّيي مصر من الختان منذ الفتح السلمي‪ .‬ويكفينقا هنقا عقرض مقا‬
‫جاء حول الختان في كتاب القوانين المعروف بق»المجموع الصفوي« الذي أّلفقه الشقيخ الصقفي أبقي الفضقائل بقن‬
‫ل إذا أشقرنا إلقى‬‫سال )توّفى حوالي عام ‪ .(1265‬وقد إستبدلنا هنا ترجمته للكتقاب المققّدس بالترجمقة الحديثقة إ ّ‬ ‫الع ّ‬
‫سال‪:‬‬
‫عكس ذلك‪ .‬يقول إبن الع ّ‬
‫»وأّما الختان فهو من الفرائض العتيقة ُفِرض لتمييز شعب ال من بققاقي المقم علققى سققبيل مققا توسقم‬
‫ل بعد الختان‪ .‬ويدل على هذا قول لوقا في النجيل عن‬ ‫الشياء لمالكها‪ .‬ولذلك لم تكن التسمية تجوز إ ّ‬
‫جعققل‬
‫يوحّنا والسّيد ]المسيح[ ولّما أتوا بالطفل ليختنوه دعي إسمه‪ .‬فلّما عّمت المسققيحّية سققائر المققم ُ‬

‫‪Dictonnaire d'archéologie chrétienne, tome 3, partie 2, col. 1712-1715‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bagatti: L'Eglise de la circoncision, p. 25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪140‬‬
‫للنسان لنه مرّكب من جسم ونفس سمة روحّية وهي المعمودّية الققتي بهققا يفققارق المسققيحي غيققره‪.‬‬
‫وجعلت له التسمية وقت المعمودّية كما تضع الموالي أسماءًا لعبيدهم‪ .‬ولهذه الحال أحضرت الشققياء‬
‫لدم النسان الّول ليسّميها دللة على تمليكه إّياها وسيادته عليها‪.‬‬
‫وأّما في ]الفرائض[ الحديثة ]عند المسيحّيين[‪ ،‬فالختانققة عنققد مققن يختتققن مققن أصققحابها علققى سققبيل‬
‫العادة ل من الفرائض الشرعّية‪ .‬وذلك أنه فرض عملها في التوراة في ثامن يوم من ولدة المختققون‪.‬‬
‫فهي في غير اليوم الثامن ل تعد ختانة شرعّية‪ .‬والذين يعملونها من أصحاب الحديثة ]المسيحّيين[ ل‬
‫يعملونها في اليوم الثامن ول يجيزون ذلك‪.‬‬
‫ل غير شققرعي‪ .‬والققدليل علققى ذلققك قققول الرسققول‬ ‫والختانة عندنا مّما يجوز تركها ويجوز عملها عم ً‬
‫]بولس[ في الفصل السابع من رسالته إلى أهل قورنتس‪» :‬ليس الختان بشيء ول الغلققف بشققيء‪ .‬بققل‬
‫الشيء هو حفظ وصايا ال« )‪ .(19:7‬وقوله أيضًا لهل غلطية في الفصل الخامس‪» :‬ففققي المسققيح‬
‫يسوع ل قيمة للختان ول للغلف‪ ،‬وإّنما القيمة لليمان العامل بالمحّبة« )‪ .(6:5‬وكّرر هققذا الققول فقي‬
‫الفصل السادس منها فقال‪» :‬فما الختان بشيء ول الغلققف بشققيء‪ ،‬بققل الشققيء هققو الخلققق الجديققد« )‬
‫‪ ،(15:6‬يعني المعمودّية‪.‬‬
‫فأّما أقواله ]أي بولس[ التي يظهر من ظاهر لفظها المنع من الختان‪ ،‬فإّنما كان قصده بهققا المنققع مققن‬
‫سك بشريعة التوراة التي مبقدئها فريضقة الختقان‪ .‬فسقّمى ]بقولس[ الشقريعة بمبقدأها كمقا سقّميت‬ ‫التم ّ‬
‫السفار بمبادئها أعني سفر التكوين وسفر العدد‪ .‬فعلى هذا المنهاج سّمى شريعة التوراة بالختانققة فققي‬
‫الماكن المذكورة وسّمى ما سواها بالغرلة‪ .‬ودليل ذلك قوله في الفصل السابع إلى أهل قورنتس »إن‬
‫سققال[‪ .‬وظققاهر مققن‬ ‫دعي إنسان إلى اليمان وهو مختون فل يعد إلى الغرلة« )‪] (18:7‬نص إبققن الع ّ‬
‫هذا القول إنه لو أشار بالختان إلى فريضة الختان المخصوصة أعني قطع اللحم لما قال فل يعققد إلققى‬
‫الغرلة لن من الممتنع أن يعود المختون غير مختون«‪.‬‬

‫سال ليس على علم بعملّية شد جلد الققذكر لمسققح آثققار الختققان كمققا كققانت‬ ‫في هذه الفقرة الخيرة‪ ،‬واضح أن إبن الع ّ‬
‫تجرى فققي العصققر القققديم‪ .‬فققالعودة »إلققى الغرلققة« فققي نظققره تعنققي العققودة إلققى »شققريعة الختققان«‪ ،‬أي وجققوب‬
‫سال‪:‬‬
‫ممارستها‪ .‬ويضيف إبن الع ّ‬
‫»نعم ل يجوز الختتان بعد التعّمد ودليل ذلك ما كّمل به ]بققولس[ قققوله فققي الختققان لهققل قققورنتس‪:‬‬
‫»فليبق كل واحد على الحال التي كان فيها حين دعي« )‪ 1‬قورنتس ‪.(20:7‬‬
‫ل لما كان بولس الرسول يستجيز عمله فققي طموتققاوس السقققف‬ ‫وأيضًا فلو كان الختان ل يجوز أص ً‬
‫تلميذه الشاهد كتاب أعمال الرسل أنه ختنه‪ .‬فإن قيل إن الضرورة دعتققه إلققى ختنققه كققان الجققواب أن‬
‫المور الشرعّية تنقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫أحدهما الفروض التي يجب عملها وما يجوز تركها على كل حال وفي كل زمان في ما أمر به وُنِهي‬
‫عنه‪ .‬أّما في المر فكالمعمودّية التي بغيرها ل ُينال ملكققوت السققماء وكاعتقققاد توحيققد الققذات اللهّيققة‬
‫وتثليث أقانيمها ]‪ [...‬وأّما في النهي فكقالنهي عقن القتقل والزنقا فقإنه ]بقولس[ ققال إن أصقحاب هقذه‬
‫الكبائر ل يرثون ملكوت ال‪.‬‬
‫والثاني يجوز عمله وتركه كالصلوات والصوام النوافل والختان المستشهد فققي جققواز المريققن فيققه‬
‫بما تقّدم ذكره وما يجري مجراه من المور العتيادّية‪.‬‬
‫وباقي الطوائف عند كل منها من العادات ما هي لققه مستحسققنة ويقّبحققه عليهققا مققن سققواها كتشققطيب‬
‫الوجه عند الحبشة والنوبة وكحلق الذقن عند الفرنج وكحلق كهنة الروم أوساط رؤوسققهم‪ .‬فققإن قققالت‬
‫الطائفتان إن بطاركتهم أمرتهم بذلك قيل لهما وكذلك القبط المختتنون جّوزت لهم بطاركتهم الختان‪.‬‬
‫ولقائل أن يقول وكما فعل الرسول ]بققولس[ الختققان لضققرورة ومنفعققة كققذلك فعلققه القبققط للضققرورة‬
‫والمنفعة‪ .‬أّما الضرورة فلكونهم ذّمة بين من يختتنون فقد يميل صبيانهم لسباب ردّية أن يختتنوا بعد‬
‫العّماد وهذا محذور فعله‪ ،‬وضرورات أخر قد ذكرت فقي غيقر هقذا الكتقاب‪ .‬وأّمقا المنفعقة فققد ذكقر‬
‫بعض الطب المتفلسفين المصّنفين أن الختان يضعف آلة الشهوة فتقل وهذا بالّتفاق مستحب«‪.1‬‬

‫سال‪ :‬المجموع الصفوي‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.421-418‬‬


‫إبن الع ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪141‬‬
‫من هذه الفقرة الخيرة يظهر واضحًا أثر المسلمين في مصر على إبقاء عملّية الختان بين المسيحّيين »لكونهم ذّمة‬
‫سال ينقققل عققن الطققبيب والفيلسققوف اليهققودي إبققن‬‫بين من يختتنون«‪ .‬كما يظهر أيضًا أثر الفكر اليهودي‪ .‬فأبن الع ّ‬
‫ميمون الذي توّفى في القاهرة عام ‪ ،1204‬دون أن يذكر إسمه‪ ،‬بأن الختان يضعف آلة الشهوة وأن ذلك مستحسن‪.‬‬
‫سال على أن ل تجرى عملّية الختان بعد العّماد في مكان آخر من كتابه إذ يقول‪» :‬والحققذر مققن‬ ‫هذا وقد أّكد إبن الع ّ‬
‫‪1‬‬
‫الختان بعد المعمودّية‪ .‬فإنه يقطع من درجته وعليه في ذلك إثم وخطيئة« ‪ .‬ويرى أن المعمودّية حّلت محل الختان‪:‬‬
‫»ولّما كانت المعمودّية سّرا من أسرار العهد الجديد يغسل النفس من أدناسها مجّددا كل مققن إقتبلقه بإيمققان وممّيققزا‬
‫ل في العهد القديم عند السرائيليين يمّيزهم عن بقّية المم«‪.2‬‬ ‫إّياه عن الكّفار والوثنّيين كما كان الختان مستعم ً‬

‫سققال‪» :‬وإذ كققان مققن الضققروري لكققل مسققيحي أن يتقّبققل‬ ‫وبخصققوص ضققرورة العّمققاد للخلص‪ ،‬يقققول إبققن الع ّ‬
‫المعمودّية إذا أراد الدخول إلى ملكوت ال كققان لزمقًا أن تمنققح أيضقًا للطفققال لنهققم مشققتركين مثققل الكبققار فققي‬
‫الخطيئة الجّدية ]أي خطيئة آدم وحّواء[‪ .‬ليس فقط قياسقًا علقى مقا كقان عنقد السقرائيليين مقن ختققان الطفققل وهقو‬
‫صغير إبن ثمانية أّيام ولكن ِلما كان السّيد المسيح نفسه قد قققال‪» :‬دعققوا الطفققال‪ ،‬ل تمنعققوهم أن يققأتوا إلققي‪ ،‬فققإن‬
‫ت ليخّلص الكبار والشققيوخ فقققط تارك قًا أمققر الصققغار‬‫لمثال هؤلء ملكوت السماوات« )مّتى ‪ (14:19‬ولنه لم يأ ِ‬
‫والشبان كان عّماد الطفال أيضًا ضرورّيا«‪.3‬‬

‫سقال يعتقبر الختقان مقن المباحقات‪ ،‬ولكّنقه ل دور لقه فقي الخلص‪ .‬فققد حّلقت‬
‫باختصقار يمكقن الققول إن إبقن الع ّ‬
‫المعمودّية محّله‪ .‬ولذا ل يمكن إجراء الختان بعد المعمودّية لن ذلك حط من قدرها‪ .‬والختان يمارس كعققادة مفيققدة‬
‫إجتماعّيا سمح بها رجال الدين المسيحّيين في مصر بسبب تواجدهم كذّمة بين المسلمين‪ ،‬كما أن الختان مفيققد لنققه‬
‫»يضعف آلة الشهوة فتقل«‪.‬‬

‫وموضوع ختان الذكور كان سبب خلف بين الكنيسة الغربّية والكنيسة القبطّية والحبشقّية‪ .‬ونحققن نجققد صققداه فققي‬
‫المجمع الكنسي الذي عقد في ثلث مدن إيطالّية متوالية هي مدينة فّراري‪ ،‬فلورنسققا ورومققا بيققن عققامي ‪ 1438‬و‬
‫‪ 1445‬والذي كان الهدف منه ردم الصدع الذي أصاب الكنيستين‪ .‬فصدر عن هذا المجمع في فلورنسا إّتفاق إّتحاد‬
‫مع أقباط ويعاقبة مصر وإثيوبيا مؤّرخ في ‪ 4‬فبراير ‪ .1442‬وقد حضر هققذا المجمققع الراهققب القبطققي انققدراوس‪،‬‬
‫سققرة‬
‫ل من ِقَبل بطريرك اليعاقبة يوحّنا‪ .‬ونص هذا الّتفققاق بلغققة عربّيققة مك ّ‬
‫رئيس دير انطونيوس في مصر‪ ،‬مرس ً‬
‫تكاد ل تفهم‪ .‬ونحن نقّدم للقارئ هنا فحوى هذا الّتفاق من خلل النص اللتيني والنص العربي‪.‬‬

‫ذكر هذا الّتفاق بنود اليمان المسيحي والكتب المقّدسة التي يجب تقّبلها تحت طائلة الحرمان كما حدث مققع كققثير‬
‫من الشيع المسيحّية التي يذكرها إّتفاق الّتحاد‪ .‬ثم تعّرض هذا الّتفاق إلى موضوع الختان فيقول إن الكنيسة تعتققد‬
‫وتعترف وتعلم جميع الشياء المتعّلقة بناموس موسى والتي حّلت محّلها القرابين الحديثة‪ .‬فتلك الشياء التي كققانوا‬
‫يصنعوها في القديم مثل الذبائح والقرابين المحروقة وغيرها سّنها ال كدللة لشيء آخر وكانت موافقة لخدمقة الق‬
‫ل على جميع هذا« إنتهققى وقتهققا‪ .‬فبعققد آلم المسققيح‪ ،‬مققن‬ ‫في ذلك الزمان‪ .‬ولكن بعد مجيء المسيح »الذي كان دلي ً‬
‫يرى في الناموس القديم ضققرورة للخلص يرتكققب خطيئة مميتققة لنققه بققذلك يعنققي أن اليمققان بالمسققيح ل يكفققي‬
‫للخلص دون طاعة الناموس القديم‪ .‬وقد كانت هققذه النقواميس مّتبعققة مؤّقتققا بعققد آلم المسققيح‪ ،‬ولكققن بعققد إنتشققار‬
‫النجيل قّررت الكنيسة عدم تطبيق هذه النواميس‪ .‬فالذين يختتنون ويطّبقون النقواميس القديمققة يعتقبرون خققارجين‬
‫عن اليمان بالمسيح ول نصققيب لهققم فققي الخلص البققدي إن لققم يققتركوا تلققك الممارسققات َقبققل مققوتهم‪ .‬فتوصققي‬
‫الكنيسة لجميع الذين يفتخرون بإسم المسيح أن يمنعوا ويبطلوا الختان في كققل زمققان‪َ ،‬قبققل أو بعققد المعمودّيققة‪ .‬فل‬
‫ل بترك الختان‪ ،‬إن كان وضع رجاءه في الختان أو لم يضع‪.4‬‬ ‫يمكن الحصول على الخلص البدي إ ّ‬

‫هذا وقد أرسل بابا روما عام ‪ 1637‬للسقف الكاثوليكي الحبشي طلبًا بقالتخّلي عقن الختقان وحرمققان مقن يرفققض‬
‫ذلك‪ .‬وفي عام ‪ 1839‬و ‪ 1866‬حاول بعض المرسلين الكاثوليك في الحبشة تبرير الختققان بققأنه طقققس غيققر دينققي‬
‫ول يتم في الكنيسة ول على يد رجال دين‪ .‬وقد رفضت روما هذا التبرير لن الحبشيين يعتققبرون أن دخققول غيققر‬
‫سال‪ :‬المجموع الصفوي‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.17‬‬
‫إبن الع ّ‬ ‫‪1‬‬

‫سال‪ :‬المجموع الصفوي‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.18-17‬‬


‫إبن الع ّ‬ ‫‪2‬‬

‫سال‪ :‬المجموع الصفوي‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.18‬‬


‫إبن الع ّ‬ ‫‪3‬‬

‫‪Les conciles oecuméniques, Tome II, 1, p. 1166-1181‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪142‬‬
‫المختونين في كنائسهم يدّنسها ويعتبرون الختان أّول علمات المسيحّية‪ .‬وقد ذّكققر بابققا رومققا بنققص إّتفققاق مجمققع‬
‫ل إذا تاب عن هذه الممارسة‪.1‬‬ ‫فلورنسا بأن من يختتن ل نصيب له في الخلص البدي إ ّ‬

‫ورغم الّتفاق الصادر عن هذا المجمع فإن الختان ما زال يمارس بين مسيحّيي مصر على نطاق واسققع بنسققبة قققد‬
‫تصل ‪ %100‬ولكن الحصائّيات تنقصنا في هذا المجال‪ .‬وفي جدلي مع عاّمة القباط‪ ،‬وجدت أنهققم يعيققدون نفققس‬
‫ختققن‪.‬‬‫السباب الققتي يققذكرها المسققلمون هنققاك‪ .‬فهققم يققرون أن الختققان ُفققرض علققى إبراهيققم‪ ،‬كمققا أن المسققيح قققد ُ‬
‫ويضيفون بعد ذلك أن الختان يحافظ على نظافة العضو‪ .‬وهم عاّمة يجهلققون مققا دار بيققن الرسققل حققول الختققان أو‬
‫موقف القّديس بولس وكيريّلوس الكبير بطريرك السكندرّية من ختان الققذكور‪ .‬أّمققا عنققد رجققال الققدين منهققم‪ ،‬فقققد‬
‫وجدنا ثلثة مواقف بخصوصه‪.‬‬

‫فقد كتب النبا غريغوريوس‪ ،‬وهو أعلى سلطة دينّية قبطّية في مصر بعد البابا شنودة‪ ،‬كتّيبقا عنقوانه »الختقان فقي‬
‫المسيحّية«‪ .‬وبعد أن عرض موقف الكتب المقّدسة اليهودّية من ختان الذكور قال‪:‬‬
‫»العهد القديم ]‪ [...‬كان تحضيرًا للمسيح التي‪ ،‬وكانت أكثر طقوسه تشققير إلققى الفققادي الققذي سققوف‬
‫يأتي‪ ،‬وهو الحمل الذي سيحمل خطيئة العالم‪ ،‬وبموته عّنا ذبيحًا يرفع عّنا خطايانا‪ .‬لذلك كان الدم في‬
‫العهد القديم يشير إلى دم المسيح الفادي التي‪ .‬وكان ل بد للدخول فققي العهققد القققديم مققن الققدم علمققة‬
‫العهد‪ .‬فالختان كان علمققة بالققدم فققي لحققم البققدن تققذكيرًا للنسققان بحققاجته إلققى الفققادي التققي‪ ،‬وهققو‬
‫المسيح«‪.2‬‬

‫ويضيف أنه بعد مجيء المسيح‪» ،‬لم يعد للختان بقطع جلّيدة من لحم البدن كعلمة دم‪ ،‬ذات الهّميققة الروحّيققة فققي‬
‫العهد الجديد‪ .‬فقققد صققارت الهّميققة بققالحرى للمعمودّيققة‪ .‬فهققي المققدخل الحقيقققي للعهققد الجديققد«‪ .3‬ثققم يسققتعرض‬
‫نصوص الكتاب المقّدس عند المسيحّيين ويستنتج أن »المعمودّيقة إذًا هقي ختقان المسقيح فقي العهقد الجديقد«‪ 4‬وأن‬
‫المختونين »بالروح والقلب هم المختونون علققى الحقيقققة‪ .‬أّمققا المختونققون فققي الجسققد‪ ،‬فل ُيعققد ختققانهم بشققيء« ‪.5‬‬
‫ويضيف‪:‬‬
‫»الختان في الجسد ]‪ [...‬أصبح في المسيحّية نظافققة ل طهققارة‪ ،‬أمققرًا منققدوبًا إليققه لمققا لققه مققن فققوائد‬
‫حية‪ ،‬مثلققه فققي ذلققك مثققل تقليققم أظققافر اليققدين والرجليققن حّتققى ل تققتراكم فيهققا الوسققاخ وبالتققالي‬
‫صّ‬
‫الميكروبات الضاّرة‪ .‬وإذًا فالختان للذكور حسن ومفيد‪ ،‬ولكّنققه لققم يعققد شققريعة فققي الققدين المسققيحي‪،‬‬
‫بحيث يعاقب النسان على تركه« ‪.6‬‬

‫وقد شّدد النبا غريغوريوس على عدم إجراء الختان بعد المعمودّية‪:‬‬
‫حية‪،‬‬‫ل بمبدأ ضرورة المعمودّيققة للخلص‪ ،‬وتهققافت القيمققة الروحّيققة للختققان مققع فققائدته الصق ّ‬
‫»وعم ً‬
‫أمرت الكنيسة بأن يسبق الختان العّماد‪ ،‬وحّذرت من الختققان بعققد العّمققاد‪ ،‬حرصقًا علققى توكيققد قيمققة‬
‫المعمودّية وبيانًا لسمّوها‪ ،‬وأنها المرموز إليه بالختان القديم‪ .‬وإذا جاء المرموز إليه بطل الرمز«‪.‬‬

‫سال‪:‬‬
‫ويذكر هنا قول إبن الع ّ‬
‫»وأّما الختان فهو من الفرائض العتيقة ]‪ [...‬وأّما في الحديثة‪ ،‬فالختانة عند من يختتققن مققن أصققحابها‬
‫على سبيل العادة ل من الفرائض الشرعّية ]‪ .[...‬والختانة عنققدنا مّمققا يجققوز تركهققا‪ ،‬ويجققوز عملهققا‬
‫ل غير شرعي ]‪ .[...‬ول يجوز الختتان بعد التعميد«‪.‬‬ ‫عم ً‬

‫‪Maertens, p. 145-150‬‬ ‫‪1‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪2‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪3‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪4‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪5‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪27‬؛ أنظر أيضًا كتابه‪ :‬القيم الروحّية في سر المعمودّية‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.58-47‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪143‬‬
‫لمة النبا أثناسيوس أسقققف قققوص فققي أواخققر القققرن الثققالث عشققر »والحققذر مققن الختققان بعققد‬ ‫كما يذكر قول الع ّ‬
‫‪1‬‬
‫جهققه لققه مطققران الققروم الكاثوليققك فققي‬ ‫المعمودّية فإنه ]‪ [...‬عليه في ذلك إثم وخطيئة« ‪ .‬وفققي رّده علققى سققؤال و ّ‬
‫أمريكا الشمالّية حول الختان‪ ،‬يقول النبا غريغوريوس‪:‬‬
‫»الختان عند القباط عادة قديمة ترجع جذورها إلققى مصققر القديمققة الفرعونّيققة‪ ،‬فهققو عققادة موروثققة‬
‫ومحترمة‪ .‬وحيث إنها في العهد القديم كانت رمزًا إلى المعمودّيققة‪ ،‬وقققد حّلققت المعمودّيققة محّلهققا فققي‬
‫حية ومفيققدة لنظافققة البققدن‬
‫العهد الجديد‪ ،‬لذلك فقَد الختان عند القباط معنققاه الققديني وصققار عققادة صق ّ‬
‫ووقاية من المراض الناتجة عن قذارة الغلفة إذا تجّمعت حولهققا الوسققاخ والميكروبققات‪ .‬ولّمققا كققان‬
‫رمققزًا إلققى المعمودّيققة‪ ،‬فالكنيسققة تحققرص علققى تنققبيه المققؤمنين إلققى وجققوب ممارسققة الختققان َقبققل‬
‫جه نظرهم إلى قوانين الكنيسة التي تأمر بذلك«‪.2‬‬ ‫المعمودّية‪ ،‬وتو ّ‬

‫صققلنا إليققه مقن دراسقة‬


‫وفي كتّيب حول ختان البنات‪ ،‬يؤّكد موريس أسعد‪ ،‬مدير مجلس الكنائس في الشرق‪ ،‬مقا تو ّ‬
‫الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية بأن ختان الذكور في العهد القديم هو »إتمام بعهد ال تعالى مع أبينقا إبراهيقم«‪،‬‬
‫أّما في المسيحّية‪ ،‬فإنه »لم يعد فرضًا وقد حسم الرسل في القرن الّول للميلد هذا المر في مجمققع أورشققليم‪ .‬فلققم‬
‫يعد مفروضًا على المسيحّيين من غير اليهود أن يمارسوا ختان الذكور«‪.3‬‬

‫وفي التقنين الكنسي الذي أّلفه عوني برسوم ونشر عام ‪ ،1994‬تقققول المققاّدة ‪» :23‬نحققن نققؤمن أن بنّوتنققا للمسققيح‬
‫رّبنا هي بقبولنا نعمة الروح القدس التي حّلت علينا بالمعمودّية المقّدسة« )يوحّنققا ‪ .(8-6:1‬ويعّلققق عققوني برسققوم‬
‫على هذه الماّدة بقوله‪:‬‬
‫»نحن نؤمن أن ختاننا المقّدس ليس نزع غلفة جسدنا ختانًا لحميقًا لفققرز الجنققاس‪ ،‬بققل ختققان الققروح‬
‫بالمعمودّية المقّدسة كنص الكتاب‪» :‬وفي ]المسيح[ ختنتم ختانًا لم يكن فعل اليادي‪ ،‬بل بخلققع الجسقد‬
‫البشري‪ ،‬وهو ختان المسيح‪ .‬ذلك أنكم دفنتم معه بالمعمودّية وبها أيضًا أقمتم معه‪ ،‬لنكم آمنتققم بقققدرة‬
‫سي ‪ .(12-11:2‬إن صورة ختان الرجققل هققي مققن العمققال‬ ‫ال الذي أقامه من بين الموات« )‪ 1‬قوُل ّ‬
‫حي إذ كققانت بققالمفهوم‬ ‫حية الققتي تجققرى طّبيققا بمفهققوم فسققيولوجي أي قطققع الغلفققة كققأجراء صق ّ‬
‫الص ّ‬
‫‪4‬‬
‫الناموسي القديم علمة فرز لرجال ال في العهد القديم« ‪.‬‬

‫وتقول الماّدة ‪» :51‬المعمودّية المقّدسة هي بالتغطيس الكامل داخل ماء جرن المعمودّية ثلث مّرات بإسم الثقالوث‬
‫ل‪:‬‬
‫القدس نخلص بها من الخطّية ونولد من ال بختان القلب والروح«‪ .‬ويعّلق برسوم على هذه الماّدة قائ ً‬
‫»والمعمودّية صارت ختان الروح للنسان ليس كما في ختان العهد القديم بنزع غلفة الجسد بل ختان‬
‫القلب والروح )رومية ‪ .(29:2‬فالنسان بالمعمودّية خلع النسان العتيق الفاسقد ولبقس المسقيح‪» :‬ققد‬
‫خلعتم النسان القديم وخلعتم معه أعماله‪ ،‬ولبستم النسان الجديد‪ ،‬ذاك الذي ُيجّدد على صققورة خققالقه‬
‫سي‪ :‬الفصل ‪» .(10-9:3‬فُدِفّنا معه في موته بالمعمودّية لنحيققا نحققن أيض قًا‬
‫ليصل إلى المعرفة« )كوُل ّ‬
‫حياة جديدة كما أقيم المسقيح مقن بيقن المقوات بمجقد الب‪ .‬فقإذا إّتحقدنا بقه فصقرنا علقى مثقاله فقي‬
‫الموت‪ ،‬فسنكون على مثاله في القيامة أيضًا« )رومية ‪.5(5-4:6‬‬

‫وفي مكان آخر‪ ،‬يقول برسوم‪» :‬إن عملّية الختان أو الطهارة جاءت في الكتاب المقّدس بالنسبة للذكور فقققط وهققي‬
‫علمة أراد ال بها أن يمّيز شعبه وأن يكون ذلك عهدًا إلتزم به وتسّلَمه أبينا إبراهيم«‪ .‬ثم يذكر المؤّلف النصققوص‬
‫التي جاءت في سفر التكوين )‪ 9:17‬و ‪ (11‬وسفر الخروج )‪ (48:12‬وسفر الحبققار )‪ .(2-1:12‬كمققا يققذكر قققول‬
‫المسيح )يوحّنا ‪ (22:7‬ويضيف‪» :‬وصار ختان الذكر أمرًا مستقرًا دينّيا بل أظهرت الحداث طّبيا أن نققزع غرلققة‬
‫حية للذكر منعًا لتراكم أّية مواد أو إفرازات خلقف الغرلقة فتكقون سقببًا للذى‪ .‬ومقن ثقم تعقارف‬
‫الذكر لها فائدة ص ّ‬
‫‪6‬‬
‫حية للذكر على مدى العصور« ‪.‬‬ ‫الناس إيمانًا أو عرفًا على الختان كظاهرة ص ّ‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.31-30‬‬ ‫‪2‬‬

‫أسعد‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.4‬‬ ‫‪3‬‬

‫برسوم‪ :‬التقنين الكنسي‪ ،‬ص ‪.45‬‬ ‫‪4‬‬

‫برسوم‪ :‬التقنين الكنسي‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪5‬‬

‫برسوم‪ :‬التقنين الكنسي‪ ،‬ص ‪.287‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ (2‬ختان الناث عند مسيحّيي مصر‬
‫لقد سبق وذكرنا في نهاية القسم الثاني عند عرضنا لختان الناث عند اليهود أن عادة ختان النققاث كققانت معروفققة‬
‫في مصر َقبل المسيح‪ .‬وقد إستمّرت بعد ذلك‪ .‬ففي القرن السادس بعققد المسققيح‪ ،‬يسققتعرض لنققا »أيتققوس«‪ ،‬عملّيققة‬
‫ختان الناث في مصر‪ ،‬وقد كان طبيبًا في البلط البيزنطي‪:‬‬
‫»فبالضافة إلى أن بعض النساء يكبر لديهن البظر في الحجم أكثر مّما يجب‪ ،‬ويصبح بشع المنظققر‪،‬‬
‫وهذا شيء مخجل‪ ،‬فإنه إلى جانب ذلك يحتك بملبسهن طققول الققوقت‪ ،‬ويسقّبب لققديهن تهّيجققا ويققثير‬
‫لديهن شهوة المضاجعة‪ .‬فبسبب كبر حجمه عزم المصرّيون على إستئصاله‪ ،‬وعلققى الخصققوص فققي‬
‫الوقت الذي تستعد فيه الفتاة للزواج‪ .‬ويتم إجراء هذه الجراحقة علقى النحقو التققالي‪ :‬يحضققرون الفتقاة‬
‫ويجلسونها على مقعققد بققدون ظهققر‪ .‬ويقققف خلفهققا شققاب قققوي ويضققع يققديه وذراعيققه تحققت فخققذيها‬
‫وعجزها‪ ،‬ويمسك برجليها وكل جسدها بقّوة‪ .‬ويقف أمامها الشققخص الققذي يجققري العملّيققة‪ .‬ويمسققك‬
‫ببظرها فقي يقده اليمنقى‪ ،‬ويشقّده إلقى الخقارج بيقده اليسقرى‪ ،‬وبيقده اليمنقى يبقتره بأسقنان أداة تشقبه‬
‫الكّماشة«‪.1‬‬

‫وقد سئل النبا أثناسيوس أسقف قوص في أواخر القرن الثالث عشر‪ :‬هل يجوز ختان البنات؟ فكان جوابه واضحًا‬
‫قاطعًا‪» :‬ل رخصة لهن في ذلك‪ ،‬ل بعد عّمادهن ول َقبل«‪.2‬‬

‫شققرين‬‫حالققة السققكتلندي »جيمققس بققروس« إلققى محاولققة المب ّ‬ ‫ل أن ختان البنات إستمر في مصققر‪ .‬وقققد أشققار الر ّ‬ ‫إّ‬
‫حية‪ ،‬ولكققن لنهققم كققانوا‬‫الكاثوليك في بداية القرن السابع عشر مكافحة هققذه العققادة‪ ،‬ليققس لسققباب أخلقّيققة أو صق ّ‬
‫ضلوا الزواج‬ ‫ل أن الرجال الكاثوليك ف ّ‬ ‫يرون فيها عادة يهودّية‪ .‬وقد بدأت العادة تتراجع بين من أصبحوا كاثوليك‪ .‬إ ّ‬
‫من المختونققات غيققر الكاثوليققك علققى غيققر المختونققات مققن طققائفتهم‪ .‬مّمققا يعنققي إرتققداد الكاثوليققك وضققياع جهققد‬
‫شرون القضّية إلى سلطاتهم الدينّية في روما التي أرسلت بعثققة طّبيققة‪ .‬وقققد ق قّررت‬ ‫شرين‪ .‬وعند ذلك‪ ،‬رفع المب ّ‬ ‫المب ّ‬
‫هذه البعثة أن العضو الجنسي عند المرأة في مصر يختلف عّما هو في بلد أخرى‪ ،‬مّما يجعل هقذا العضقو مققّززا‬
‫لدرجة أنه يمنع ما لجله يتم الزواج‪ .‬وهكذا سمحت السلطات الدينّية باستمرار تلك العادة على شرط أن تعلن الفتاة‬
‫وأهلها بأن هذه العملّية ل تجرى بنّية تنفيذ عادة يهودّية بل لن عدم الختان يمنع الزواج‪.3‬‬

‫والقول إن العضو الجنسي عند المرأة في مصر يختلف عّما هو في بلد أخققرى مجقّرد هققراء وجهققل بققالواقع‪ .‬فل‬
‫يوجد أي إثبات طّبي يثبت مثل هذا التعميم‪ .4‬وفي أّيامنا يحاول القباط محاربة ختان الناث لسققببين‪ :‬أّول لنققه لققم‬
‫يذكر في الكتب المقّدسة‪ ،‬وثانيًا لنه ضار‪ .‬فيرى النبا غريغوريوس فققي رسققالته السققالفة الققذكر أن ختققان النققاث‬
‫»خطأ‪ ،‬لنه قتل لجزء حيوي من جسم البنت‪ ،‬ونحن ُنَعّلم شعبنا أن الختان الذي أمر به ال ق فققي العهققد القققديم كققان‬
‫للذكور وحدهم‪ .‬أّما البنات فل ختان لهن‪ .‬ولذلك نكرز للشقعب أن ختقان النقاث خطقأ«‪ .5‬وفقي مكقان آخقر يققول‪:‬‬
‫»الشريعة المسيحّية ل تجيز ختان الناث‪ ،‬وكل مصادرنا الكنسّية مجمعة على ذلك«‪ .‬ويعيد علينا هنا جواب النبا‬
‫أثناسيوس أسقف قوص في أواخر القرن الثالث عشققر الققذي ذكرنققاه أعله‪ .6‬ثققم يضققيف‪» :‬إن ختققان البنققات خطققأ‬
‫حيا‪ ،‬وهو يمّثل بالنسققبة للمققرأة جريمققة تشققبه مققن بعققض الوجققوه جريمققة‬‫وخطيئة‪ .‬وهو ممنوع دينّيا وإنسانّيا وص ّ‬
‫خصاء الذكور من الرجال«‪ .7‬ويسوق النبا غريغوريوس عددًا مققن شققهادات الطّبققاء المسققلمين وغيققر المسققلمين‬
‫الذين يؤّكدون على ضرر ختان الناث‪.8‬‬

‫‪Meinardus: Christian Egypt, p. 325‬؛ أنظر أيضًا أسعد‪ :‬الصل السطوري لختان الناث‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Bruce, tome 8, p. 164-166; Meinardus: Christian Egypt, p. 328-329‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Davis: The first sex, p. 154-155‬‬ ‫‪4‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪5‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪6‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪7‬‬

‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.19-10‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪145‬‬
‫ويؤّكد موريس أسعد‪ ،‬مدير مجلس الكنائس في الشرق‪ ،‬أنققه ل يوجققد أّيققة إشققارة إلققى ختققان النققاث ل فققي الكتققب‬
‫المقّدسة اليهودّية ول في الكتب المقّدسة المسيحّية‪ .‬وإنه عادة فرعونّية تناقلتها الجيققال عققبر القققرون »واسققتمّرت‬
‫الّمهات في ممارستها مع بناتهن‪ ،‬وحّبذ كثير من الباء ممارستها مع بناتهم ظّنا منهققم أن فققي ذلققك صققونًا لعفققاف‬
‫البنت«‪.1‬‬

‫ورغم عدم وجود مصدر ديني يبّرر ختان الذكور أو الناث في المسيحّية‪ ،‬فإن مقوريس أسقعد يفقّرق بينهمققا‪ .‬فهقو‬
‫يرفض عادة ختان الناث‬
‫»ليس فقط من حيث إنها لم يرد لها أي ذكر في الكتاب المقّدس بعهققديه القققديم والجديققد‪ ،‬وإّنمققا لنهققا‬
‫عملّية بشعة غير إنسانّية‪ ،‬يتم فيها إستئصال بعض أجزاء من العضاء التناسققلّية للمققرأة‪ .‬ومثققل هققذا‬
‫البتر لجزاء من جسد الفتاة تحّرمه المسيحّية التي تحّرم على النسان أن يعبث بخلقة القق‪ .‬فقققد خلققق‬
‫ال النسان ‪-‬الرجل والمرأة‪ -‬على هذه الصورة الكريمة وليس من حق النسان أن يستأصل أي جزء‬
‫من أجزاء جسده‪ .‬فختان البنت يختلف عققن ختققان الولققد إذ إن ختققان الققذكر ليققس فيققه إستئصققال لي‬
‫عضو من جسم النسان‪ ،‬وإّنما فقط إزالة غشاء سطحي دون المسقاس بالعضقو التناسقلي للققذكر‪ .‬أّمقا‬
‫ختان النثى ففيه إستئصال لبعض أجزاء من العضاء التناسلّية للفتاة قد تكققون جققزءًا مققن البظققر أو‬
‫البظر كّله ورّبما أيضًا الشققفران الكققبيران‪ ،‬وعلققى الخصققوص فققي اقاصققي الصققعيد وفققي السقودان‪.‬‬
‫ويروي لنا الطّباء ما يحدث من مضاعفات نتيجة لختان البنات«‪.2‬‬

‫ويضيف موريس أسعد أن‬


‫»المسيحّيين في أوروبا وأمريكا ومعظم بقاع آسيا لم يعرفوا هذه العادة علققى الطلق‪ .‬وفققي الشققرق‬
‫الوسط على وجه التحديد لم ُتعرف هذه العادة بين المسيحّيين العقرب فقي أي مققن سقوريا أو الردن‬
‫أو العراق أو لبنان أو فلسطين«‪.3‬‬

‫وهو يرى ضرورة التصّدي لتلك العادة‪:‬‬


‫سك باليمان المسيحي يلزم القادة المسققيحّيين أن يواصققلوا المشققاركة فققي الهتمققام الققوطني‬ ‫»إن التم ّ‬
‫والقومي لمحاربة عادة ختان الناث وذلك إنطلقًا من إلتزام الكنيسة بالمشاركة فققي الجهققود القومّيققة‬
‫لتبصير المقواطنين لمواجهقة سقائر مشقكلت النسقان والمجتمقع‪ .‬وهكقذا فقي إطقار الهتمقام بحيقاة‬
‫السرة والتربية السرّية والنمو بحياة المرأة والطفل تقوم الكنائس المسيحّية في مصر بالتصّدي لهذه‬
‫العادة السّيئة والعمل على القضاء عليها في مجتمعنا المصري جنبًا إلى جنب مع جهودنققا فققي مجققال‬
‫تنظيم السرة«‪.4‬‬

‫ونقرأ في الماّدة ‪ 335‬من التقنيققن الكنسققي الققذي أّلفققه عققوني برسققوم ونشققر عققام ‪» :1994‬إن الشققريعة المسققيحّية‬
‫حيا‪ ،‬عّلقق‬ ‫تشجب ختان البنات ول تقر أي مساس بطبيعة جسد المرأة«‪ .‬وبعد أن أّيد عملّية ختان الذكور دينّيا وصق ّ‬
‫ل‪:‬‬
‫على هذه الماّدة قائ ً‬
‫»الختان هو إهدار لطبيعة النثى إذ هقو قطققع ونققزع لعضقاء أساسقّية مقن جسققدها وهقو إستئصققال‬
‫سققة طبيعّيققة لهققا‬
‫لنسجة مليئة بالوعية الدموّية وهي شديدة الحساسّية يترّتب عليها حرمانهققا مققن حا ّ‬
‫سي والعاطفي في‬ ‫دورها الفّعال في نجاح العلقة الجنسّية والتحضير للوصول إلى ذروة الرتياح الح ّ‬
‫العلقة‪ ،‬التي هي من حّقها كشريك مع زوجها أن تحصل على هذا الشبع والرتياح‪.‬‬
‫ومن ثم فإن ختان المرأة هو إهدار ومساس بطبيعققة جسققدها وهققو أمققر مققؤثم وضققد حقققوق النسققان‬
‫الطبيعّية‪ ،‬وإن الهدف منه عند ممارسته يشبه العمل التأديبي لغير جرم إرتكبته النثى‪ .‬إن هذا العمققل‬
‫معارضة واحتجاج جاهل على الطبيعة الحقيقّية التي أراد ال أن يجعل عليها النثى‪ .‬فهذا العمققل مققن‬
‫العنصرّية في التفكير‪.‬‬

‫أسعد‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪1‬‬

‫أسعد‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.8‬‬ ‫‪2‬‬

‫أسعد‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪3‬‬

‫أسعد‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪146‬‬
‫ضرة إذ إن هذا عبارة عن جرح عمققد‬ ‫بل إن المر يدخل تحت طائلة التجريم العقابي في الدول المتح ّ‬
‫مجرم يمكن أن يصل إلى حد إعتباره عاهة شبه مستديمة يكون في نظر الشريعة إثمًا‪ .‬إن كققل خليقققة‬
‫طوع شكل هذه الخليقة بإرادتنققا‪ .‬فل يجققوز‬ ‫ال طاهرة ومقبولة فل يجوز أن نعارض هذه الخليقة أو ن ّ‬
‫ل حرمان المرأة من شعرها ونعمة الجمال الذي أعطاه ال لهققا بغيققر عققثرة للخريققن‪ .‬كمققا ينققص‬ ‫مث ً‬
‫الكتاب‪» :‬من الفخر للمرأة أن تعفي شعرها لن الشعر جعل غطاءًا لرأسها« )‪ 1‬قققورينتس ‪.(15:11‬‬
‫وهكذا ننظر خليقة ال باحترام وأن نحفظ هذه الخليقة بالوقار والعّفة وكققل مظققاهر اللياقققة الققتي ليققس‬
‫فيها حجب أو إهدار لكرامة ونعمة خليقة ال«‪.1‬‬

‫هذا ونجد في كتاب الممارسات التقليدّية محاولة لرفض ختان الناث من وجهة الدين المسيحي‪:‬‬
‫»ترفض المسيحّية عادة ختان الناث لما فيها تشويه لما خلق ال‪ .‬إذ تحّرم المسيحّية قطققع أي عضققو‬
‫أو أي جزء مّما خلقه ال على أبهى صورة‪» :‬فقد وضع ال العضاء كل منها في الجسد كمققا أراده«‬
‫)‪ 1‬قورنتس ‪ .(18:12‬وتدعو المسيحّية إلى القلع عن عادة ختان الناث لمققا تسقّببه للفتققاة مققن آلم‬
‫نفسّية وبدنّية‪ ،‬ولما تتركه من أضرار في حياتها الحاضرة‪ ،‬وفي مستقبل حياتهققا الزوجّيققة‪ ،‬ولمققا فققي‬
‫هذه العادة من عدوان على حقوق الفتققاة فققي الحفققاظ علققى بققدنها دون السققاءة إليققه بقطققع جققزء مققن‬
‫أعضائها »فخلققق النسققان علققى صققورته‪ ،‬علققى صققورة الق خلقققه‪ ،‬ذكققرًا وأنققثى خلقهققم« )التكققوين‬
‫‪.2(17:1‬‬

‫يظهر من هذه المصادر القبطّية الحديثة أن القباط المصرّيين فققي أّيامنققا يققبيحون ختققان الققذكور للعققادة ولسققباب‬
‫حية‪ ،‬على أن يسبق العّماد‪ .‬ولكن الخلفّية الدينّية لم تختفي تمامًا من ممارسققتهم لققه‪ .‬أّمققا ختققان النققاث‪ ،‬فققإنهم ل‬
‫صّ‬
‫يجدون مبّررا له‪ ،‬ل بل يرفضونه لنه مسققاس بطبيعققة المققرأة ولنققه ضققار‪ .‬ورغققم ذلققك فققإن كققثيرًا مققن القبققاط‬
‫يمارسونه »ظّنا منهم أن في ذلك صونًا لعفاف البنت«‪.‬‬

‫صققة فيمققا يتعّلققق بتغييققر‬


‫ول بد من ملحظة أن تفريق المصادر القبطّية الحديثة بين ختان الذكر وختان النثى‪ ،‬خا ّ‬
‫الطبيعة البشرّية‪ ،‬غير منطقي‪ ،‬فختان الذكر هو تغيير للطبيعة البشرّية تمامًا كما هو المر في ختان النثى‪ .‬وهققذه‬
‫المصادر القبطّية تجهل أو تتناسى موقققف كيريّلققوس الكققبير بطريققرك السققكندرّية الرافققض لختققان الققذكور الققذي‬
‫صققة تناسققيه‬
‫يعتبره »إّتهام لعمل الخالق« بأنه خلق عضوًا في جسم النسققان عبثقًا‪ .‬ونحققن نعيققب علققى برسققوم خا ّ‬
‫القاعدة ‪ 311‬التي وضعها في كتابه والتي تقول‪:‬‬
‫»أ( المبدأ العام أن كل خليقة ال حسنة وليس فيها شيء مرذول وكل ما يؤخذ منها حسب ناموس ال ق‬
‫مقبول‪.‬‬
‫ل على الجمال الذي أعطاه لك ال منذ ولدتك«‪.‬‬ ‫ب( ل تضف جما ً‬

‫ل‪:‬‬
‫ويعّلق برسوم على هذه الماّدة قائ ً‬
‫»أ( بمعنى أنه ل يوجد شيء غير مقبول أو مرفوض من عطايققا الق أو خلقققه لتبغضققه لن الق »قققد‬
‫خلق كل شيء حسنًا« )التكوين ‪ .(31:1‬ويحّدثنا الكتاب‪» :‬إني عالم علم اليقين في الرب يسوع أن ل‬
‫شيء نجس في حد ذاته‪ .‬ولكن من عد شيئًا نجسًا كان له نجسًا« )روميققة ‪ (14:14‬وكققذلك أيضقًا كققل‬
‫جسققه أنققت«‬‫الشياء طاهرة لكّنه شر للنسان أن يأكل بعثرة ) )رومية ‪» .(14:14‬ما طّهره الق ل تن ّ‬
‫)أعمال ‪[...] (15:10‬‬
‫ب( المبدأ واحد مع الشق أ( إن خليقة ال تقبلها كما هي ل كما يجب أن تكون في تقديرك الشخصققي‪.‬‬
‫فإذا كانت الخليقة كمأكل ومشرب فأقبله كما هو بشكر وطلبك أن يديمه ال عليك ل تغّير من طققبيعته‬
‫أو أوصافه‪ .‬كذلك كل صفات الوجه والجسد الذي خلق عليه النسان حسققن ومقبققول مققن يققد القق‪ .‬فل‬
‫تحاول المزايدة على ال في هذا المر فل تزّوقققي وجهققك الققذي خلققه القق‪ ،‬فليقس فيقه شققيء ينقصققه‬
‫زينة‪ ،‬لن كل ما خلقه ال هو حسن جّدا‪ .‬فنص الكتققاب هقو أن الزينققة ليسققت الزينققة الخارجّيققة »بققل‬

‫برسوم‪ :‬التقنين الكنسي‪ ،‬ص ‪.288-287‬‬ ‫‪1‬‬

‫الممارسات التقليدّية‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪147‬‬
‫الخفي من قلب النسان‪ ،‬أي زينة بريئة من الفساد لنفس وادعة مطمئّنة‪ ،‬ذلك هو الثمين عند القق« )‪1‬‬
‫بطرس ‪.1(4:3‬‬

‫حية التي تقدافع عنهقا المصقادر القبطّيققة الحديثققة فقي تققبرير ختققان‬
‫وسوف نرى في الجزء الطّبي أن السباب الص ّ‬
‫حة بتاتًا‪ .‬هناك إذًا قصور أخلقي وعلمي كبير بين الوساط الدينّية والمثّقفققة المسققيحّية‬ ‫الذكر ل أساس لها من الص ّ‬
‫القبطّية في معالجة موضوع ختان الذكور‪ .‬وسوف نرى في النقطة التالية أن الجدل الديني والخلقي الققذي يققدور‬
‫بين مسيحّيي الوليات المّتحدة أكثر عمقًا مّما يدور بين أقباط مصر‪.‬‬

‫الفصل الربع‪ :‬الجدل الديني حول الختان عند المسيحّيين المريكّيين‬


‫تعتبر الوليات المّتحدة اليوم أكبر دولة مسيحّية في العالم مارست وما زالت تمققارس ختققان الققذكور علققى أطفالهققا‬
‫على نطاق واسع لسباب مختلفة غير ثابتة كان أهّمها في البداية الحد من العادة السّرية التي كانت تعتبر سببًا لعدد‬
‫كبير من المققراض‪ ،‬كمققا سققنرى فققي الجققزء الطّبققي‪ .‬ولكققن لعققب ومققا زال يلعققب التفسققير الحرفققي للتققوراة عنققد‬
‫الصولّيين المسيحّيين دورًا هاّما في تثبيت ختان الذكور في هذا البلد‪.‬‬

‫ومثلها مثل بريطانيا‪ ،‬مارست الوليات المّتحدة منذ القرن التاسع عشر ختان الناث على نطاق واسع‪ ،‬ومققا زالققت‬
‫ل دينّيا عند مسيحّيي‬
‫تمارسه ولو على نطاق ضّيق‪ .‬وكان القصد من ذلك أيضًا الحد من العادة السّرية‪ .‬ولم نجد جد ً‬
‫الوليات المّتحدة مؤّيدا أو رافضًا لختان الناث كما هو المر فيما يخص ختان الذكور‪ .‬لذا نقتصر هنا على الجدل‬
‫الديني المسيحي حول ختان الذكور‪.‬‬

‫‪ (1‬التفسير الحرفي للتوراة عند الصولّيين المسيحّيين‬


‫دخل ختان الناث في الوليات المّتحدة عام ‪ 1860‬أخذًا عن الشعوب القديمة والقبائل الفريقّية من خلل دراسات‬
‫علم النسان )النتروبلوجية( التي أوضحت أن ختان الناث يحققد مققن النشققاط الجنسققي عنققدهن‪ .‬وإذ أعتققبر ختققان‬
‫صة للحد من العادة السّرية‪ ،‬رأى مؤّيدوه بأن تلك الفائدة يمكن أن تنتج أيض قًا عققن‬ ‫الناث مفيدًا في هذا المجال‪ ،‬خا ّ‬
‫ختان الذكور‪ .‬وهكذا تم إدخال ختان الذكور في الوليات المّتحدة عام ‪ ،1870‬أي عشر سققنين بعققد ختققان النققاث‪.‬‬
‫ل في حالت نادرة‪.2‬‬ ‫فلم يكن ختان الذكور ممارسًا في ذلك البلد َقبل ذلك التاريخ إ ّ‬

‫وفي أّيامنا‪ ،‬أصبحت السباب وراء ختان الذكور في الوليات المّتحدة كثيرة ومتشابكة بين بعضها‪ .‬فإذا مققا سققألت‬
‫أهالي الطفال حول سبب الختان‪ ،‬نجد أن منهم من يظن أن المستشقفى أو الققانون يفرضقه‪ .‬ومنهققم مققن يقرى فيقه‬
‫عادة إجتماعّية تمارس من الكثرّية ل يمكن تركها دون الوقوع تحت ضغط إجتماعي‪ .‬وهناك من يريققد أن يشققابه‬
‫الطفل أباه أو إخوته أو رفاقه في الصف‪ .‬ومنهم من يظن أن الختان يعطي صبغة جمالّية للذكر‪ .‬وهنققاك كققثير مققن‬
‫الهل والطّباء الذين يحاولون ربط قرار الختان بأسباب طّبية‪.3‬‬

‫هذا ويلعب الدين دورًا في قرار الختان في الوليات المّتحقدة‪ .‬وققد نجقد هقذا السقبب إّمقا عنقد أهقل الطفقل أو عنقد‬
‫ل في حالة ختان طفل يهودي من ِقَبل رجل دين يهودي نجد السبب‬ ‫الشخص الذي يقوم بالعملّية أو عند إثنيهما‪ .‬فمث ً‬
‫الديني مهيمن عند أهل الطفل وعند الخاتن‪ .‬وإذا تم ختان طفل مسلم من ِقَبل طبيب مسيحي‪ ،‬فإن الهل يققرون فققي‬
‫حية بحتة‪ .‬وعندما يقوم طققبيب مسققيحي بختققان طفققل‬ ‫الختان ممارسة دينّية‪ ،‬بينما يرى الطبيب في ذلك ممارسة ص ّ‬
‫مسيحي في المستشفى‪ ،‬فإن السبب الديني يكاد يكون مفقودًا عند الهل وعند الطبيب وعاّمققة يظققن كققل مققن الهققل‬
‫حية‪ .‬وهناك من يرى أن اليهود يقفون وراء إنتشار الختان فققي الوليققات المّتحققدة‬ ‫والطبيب أن الختان له أسباب ص ّ‬
‫لغايات سنعود إليها في كتابنا القادم‪.‬‬

‫برسوم‪ :‬التقنين الكنسي‪ ،‬ص ‪.270-269‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 13, 14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪148‬‬
‫حية‬ ‫حية‪ .‬فالسباب الص ّ‬ ‫ل أنه ل يمكن إستبعاد أثر الدين حّتى عندما يتم الختان لسباب ص ّ‬ ‫ورغم تشّعب السباب‪ ،‬إ ّ‬
‫تخفي من ورائها تبريرات دينّية دخلت في تركيبة الفكر المريكي وأصبحت أحققد مكّونققاته اللشققعورّية‪ .‬وإضققافة‬
‫إلى هذا التأثير غير المباشر‪ ،‬هناك تّيار مسيحي بروتستنتي يساند الختان بين المسقيحّيين بصقورة صققريحة تنفيقذًا‬
‫ل بالحق‪ .‬وعلى هذا الساس‪ ،‬يرى هذا التّيار أن ال لم يأمر‬ ‫لمبادئ التوراة التي يعتبرها هذا التّيار كتابًا ل ينطق إ ّ‬
‫عبثًا إبراهيم بختن نفسه‪ ،‬ول بد من حقيقة علمّية وفائدة طّبية وراء هذا المققر‪ .‬وهققذا التّيققار المسققيحي يؤّيققد عاّمققة‬
‫اليهود حّتى في مجال السياسة ونجد بينهم من يدافع عن إسققرائيل حّتققى أكققثر مققن اليهققود أنفسققهم‪ .‬ولقققد رأينققا فققي‬
‫سس البروتستنتّية أنه ل أثر في كتبه لمثل هذه الراء‪ .‬فكيف نشأ هذا الفكر فققي‬ ‫عرضنا موقف »مارتن لوثر«‪ ،‬مؤ ّ‬
‫الوليات المّتحدة؟‬

‫يشرح »جيم بيجيلو«‪ ،‬وهو قس وعالم نفس أمريكي معارض للختان‪ ،‬بأن المر بدأ في شققكل منافسققة بيققن رجققال‬
‫الدين ورجال الطب‪ .‬فمع تقّدم علم الطققب ومقققدرة الطّبققاء فققي شققفاء عقدد متزايققد مققن المققراض‪ ،‬أخققذت منزلققة‬
‫الطّباء تعلو على منزلة رجال الدين في أعين الناس‪ .‬وعندما بدأ الطّبققاء يلجققأون إلققى الختققان كوسققيلة للحققد مققن‬
‫العادة السّرية التي كانوا يظّنوها سببًا لكثير من المراض‪ ،‬وجد رجال الدين في هذه المناسبة وسيلة لتأكيد دورهققم‬
‫ولسان حالهم يقول‪» :‬ألم نقل لكم ذلك َقبل رجال الطب؟ أنظروا كيف أن ال كان علقى حققق عنققدما فققرض الختققان‬
‫على إبراهيم ونسله«‪ .‬ولم يكتفوا بذلك‪ ،‬بل حاولوا البحث في التوراة عن وصفات طّبية يمكن إستغللها لثبات أن‬
‫التوراة كتاب مقّدس منزل من عند ال وهو احق بالّتباع والتقدير من الطّباء‪.1‬‬

‫جه‬
‫وقد إنضم إلى رجال الدين أطّباء حاولوا بناء شهرتهم على صرحين‪ :‬صققرح العلققم وصققرح الققدين‪ .‬وهققذا التققو ّ‬
‫المريكي المسيحي ل يختلف بتاتًا عّما نجده عند بعض اليهود والمسلمين‪ .‬ويكفي هنا التذكير بكتاب الطب النبققوي‬
‫والكتب الكثيرة المشابهة له التي تغزو السوق يوميًا في العالم العربي والسلمي‪ .‬وسوف نسقتعرض هنققا مققا جققاء‬
‫في أربعة كتب من هذا التّيار المسيحي المريكي‪.‬‬

‫أ( موقف ماكميلن‬

‫نبدأ بكتاب الطبيب المسيحي »ماكميلن« والذي صدر عققام ‪ 1963‬وقققد أعققاد طبعققه عققام ‪ 1995‬للمقّرة الخامسققة‬
‫عشرة حفيده الطبيب »ستيرن« بعد أن أدخل عليه ما إستجد من معلومات طّبية مثل مرض اليدز‪ .‬وقد ذكر علققى‬
‫غلفه أنه بيع منه أكثر من مليون نسخة‪ .‬وعنوان الكتاب )لن أنزل بك أي مققن تلققك المققراض( مقتبققس مققن سققفر‬
‫الخروج‪» :‬إن سمعت لصوت الرب إلهك‪ ،‬وصنعت ما هو مستقيم فققي عينيققه‪ ،‬وأصققغيت إلققى وصققاياه‪ ،‬وحفظققت‬
‫جميع فرائضه‪ ،‬لن أنزل بك أي من تلك المراض التي أنزلتها بالمصققرّيين‪ ،‬لنققي أنققا الققرب معافيققك« )الخققروج‬
‫‪ .(26:15‬ويسأل مؤّلف الكتاب إن كان هذا الوعد ما زال ثابتًا حّتى قرننا هذا؟ ويجيب بأن العلققوم الطّبيققة تكتشققف‬
‫دومًا كيف أن طاعة الوامر القديمة خّلصت اليهود من المراض وأنها الوسيلة المثل للخلص من ويلت كققثيرة‬
‫تصيب الجنس البشري‪.2‬‬

‫ويكّرس الكتاب في كل طبعة فصل عن الختان‪ .‬وفي الطبعققة الخيققرة الققتي بيققن أيققدينا‪ ،3‬يققروي لنققا الكتققاب حالققة‬
‫سرطان ذكر أّدى بصاحبه إلى الموت‪ ،‬ويقول‪» :‬إن ما يجعل هذا الموت فاجعة كبيرة هو أن علققم الطققب قققد أثبققت‬
‫أن مثل هذا السرطان يمكن تفاديه من خلل إّتباع الوصّية التي أعطاها الق لبراهيققم َقبققل أربعققة آلف سققنة«‪ .‬ثققم‬
‫ل ما يصابون بمثل هذا الداء بسبب الختان‪ .‬ففي عام ‪ 1932‬لم يكن يهققودي واحققد بيققن‬ ‫يّدعي المؤّلف أن اليهود قلي ً‬
‫ل ست حالت من هذا السرطان‪ .‬ولنا عودة‬ ‫‪ 1103‬إصابة بسرطان الذكر‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت لم يكتشف بين اليهود إ ّ‬
‫إلى هذا الموضوع في الجزء القادم عند مناقشة السباب الطّبية وراء الختان لنبّين مققدى المغالطققات العلمّيققة الققتي‬
‫يقع فيها مؤّيدو كل من ختان الذكور والناث‪.‬‬

‫‪Bigelow, p. 83-84‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪McMillen: None of these diseases, p. 15‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪McMillen, p. 87-96‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪149‬‬
‫ويرفض الكتاب ما يقوله بعض اليهود بأن الختان هو علمة عهد بين ال وبين شعبه وليس وصفة طّبية‪ .‬فقد يكون‬
‫حيا بطاعتهم أوامر ال‪ .‬فحّتققى لققو أننققا‬
‫حية‪ ،‬ولكن الواقع أن اليهود إستفادوا من الختان ص ّ‬
‫ل قصد غير الفائدة الص ّ‬
‫ل نعرف السباب الحقيقّية وراء أوامر ال‪ ،‬فإننا نستفيد من إطاعتها في الحياة وفي الخرة‪.‬‬

‫ويرى الكتاب أنه يجب إجراء عملّية الختان في اليوم الثامن كما جاء في التوراة وهذا مققا أثبتققه العلققم بسققبب بلققوغ‬
‫فيتامين »ك« أعلى كّمية في هذا اليوم‪ .‬فإذا أجريت هذه العملّية َقبل هذا العمر‪ ،‬هناك خطر النزيققف الققدموي‪ ،‬وإذا‬
‫خرة‪ ،‬فإن هذه العملّية تؤّدي إلى مضاعفات نفسّية لن الطفل يعتبرها تعّد على جسده‪ .‬ويضيف الكتاب‪:‬‬ ‫أجريت متأ ّ‬
‫صلوا بعد سنين طويلة بأن أفضل يوم هو اليقوم الثقامن‬ ‫»إنه يجب أن نحترم مئات العاملين في المختبرات الذين تو ّ‬
‫لجراء تلك العملّية‪ .‬ولكن في نفس الوقت الذي نهنئ به علم الطب‪ ،‬فإننا نستمع إلققى صققفحات التقوراة الققتي تؤّكقد‬
‫على ضرورة الختان في اليوم الثامن‪ .‬وهذا اليوم الثامن لم يختققاره عبقققري فققي علققم الحصققاء بققل إختققاره خققالق‬
‫الفيتامين »ك«‪ .‬وهنا المؤّلف يقّدم معلومات طّبية مغلوطة إذ إن فيتامين »ك« ل يظهر في جسققم الطفققل َقبققل سققن‬
‫‪ 15‬يوم وليس َقبل ‪ 8‬أّيام‪ .‬كما أن الختان في هذا العمر يمّثل خطرًا إضافّيا بسبب إلتساق الغلفة بالحشفة عاّمة‪ ،‬مّما‬
‫ضقل إجقراء الختقان بعقد‬ ‫يتطّلب سلخها مع ما ينتج عن ذلك من نزيف كما سنرى في الجدل الطّبي‪ .‬ولذلك من المف ّ‬
‫سن الثالثة أو الرابعة عندما تكون الغلفة منفصلة عن الحشفة طبيعّيا‪ .1‬ونحن نرى بأّنه يجب ترك الولد دون ختققان‬
‫إل في الحالت المرضّية النادرة جّدا عندما يصعب مداواتها‪.‬‬

‫ب( موقف دان جيمان‬

‫وهناك كتّيب نشره القس »دان جيمان« تحت عنوان‪» :‬أنظروا‪ ،‬أيها البناء‪ ،‬أن ميراثنا من ال« وهقو مقأخوذ مقن‬
‫سفر المزامير‪» :‬ها إن البنين ميراث من الرب وثمرة البطن ثواب منه‪ .‬كالسهام فققي يققد الجّبققار هكققذا يكققون أبنققاء‬
‫سن الشباب‪ .‬طققوبى للرجققل الققذي مل جعبتققه منهققم! فققإنهم ل يخققزون إذا رافعقوا ضقد أعقدائهم عنقد البققواب« )‬
‫‪.2(5-3:127‬‬

‫حية بل أيضًا الخلقّية‪ .‬وعليه فكل نسل إبراهيم يجب‬ ‫يعتبر هذا الكتّيب الختان بأنه أمر إلهي ليس فقط للفائدة الص ّ‬
‫أن يتّمه‪ ،‬بما فيهم المسيحّيون‪ .‬ول يمكن إعتبار المعمودّية بديل عنه كما ل يمكن الّتكال على ما جققاء فققي الفصققل‬
‫الخامس عشر من سفر أعمال الرسل للغائه إذ أن القّديس بققولس قققد ختققن طموتققاوس كمققا جققاء فققي نفققس السققفر‬
‫)أعمال ‪ .(61:3‬وإن كان بولس لم يختن طيطس )غلطية ‪ (2:3‬فذلك حّتى ل ُيظن أن الختان ضروري للخلص‪.‬‬
‫ونحن ل نختن للخلص بل لكي نثبت أننا من نسل إبراهيم ولننا نريد أن نؤّكد على طاعتنا ل‪.3‬‬

‫ويضيف هذا الكتّيب أن الختان يحافظ على الطهارة‪ .‬فعدم الختان تعّبققر عنقه التقوراة بالنجاسققة )حزقيققا ‪.(9-7:44‬‬
‫فالختان يهقدف إلققى إضقعاف الشقهوة الجنسقّية‪ .‬والرجقال غيقر المختقونين أكققثر شققهوة مققن المختقونين ونسقاؤهم‬
‫معّرضات لسرطان الرحم بدرجة أكبر‪ .‬والطفال غير المختونين يرّكزون إهتمققامهم فققي أعضققائهم الجنسقّية مّمققا‬
‫يؤّدي للعادة السّرية والنشاط الجنسي‪ .‬والحقيقة أن ال عندما أمر إبراهيم ونسله بالختان‪ ،‬فإنه كققان يعلققم مققا يفعققل‪.‬‬
‫ومن المؤّكد بأننا سنستفيد روحّيا وطّبيا من ممارسة الختان عندما نطيع أوامر ال‪ .‬فنحن ل يمكننا أن نتعّرف على‬
‫ل إذا احترمنا وصاياه )‪1‬يوحّنا ‪ .(3:2‬إن العقل البشري قاصر عن أن يعي أن ال عندما يأمر فإنه يعطققي‬ ‫المسيح إ ّ‬
‫‪4‬‬
‫بركات كثيرة لمن يطيع أوامره وإن من يعصي تلققك الوامققر عليققه أن يتحّمققل نتققائج عصققيانه ‪ .‬هققذا ويسققتعرض‬
‫حية والخلقّية التي يجنيها الفرد من ممارسة الختان التي يجب أن تتقم فقي اليقوم الثقامن تمامقًا‬ ‫الكتّيب الفوائد الص ّ‬
‫‪5‬‬
‫كما أمر ال بها‪ ،‬ول يمكن في أي حال تعديل هذا التاريخ‪ ،‬وهكذا نجلب لطفالنا بركات طاعة ال وقوانينه ‪.‬‬

‫القادري ‪.98-97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Gayman: Lo, children... our heritage from God‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Gayman, p. 14-15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Gayman, p. 15‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Gayman, p. 18‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪150‬‬
‫ج( موقف ليندسي‬

‫في كتّيبه المعنون »الموافقة بين العلم والكتب المقّدسة«‪ ،‬يقول ليندسي بققأنه مققن الضققروري إجققراء الختققان لنققه‬
‫خضوع لرغبة ال‪ ،‬فال لم يكن ليأمر اليهود بالختان لو كان ضاّرا بهققم‪ .‬وحّتققى إن ل يققؤمن النققاس بالحصققائّيات‬
‫التي تبّين ضرورة الختان للنظافة‪ ،‬فإن هذه العملّية يمكن إعتبارها حيادّيققة مققن وجهققة النظققر الطّبيققة‪ .‬والمهققم فققي‬
‫المر هو ال‪ .1‬وإن كان الطّباء يرفضون الختان فلّنهم ضد ال‪ .‬فغير المسيحّيين يبغضون كل عمل مرتبققط بققإله‬
‫التوراة‪ ،‬والختان يذّكرهم بالعهد بين ال والنسان‪ .2‬والختان هو تشابه مع شعب ال وشرط لنيل بركات ال‪.3‬‬

‫د( موقف أرمسترونج‬

‫في كتّيبه المعنون »البعد المفقود للجنس«‪ ،‬يقول أرمسترونج بأن ال جعل الختان إجبارّيا في العهد القديم‪ .‬وقققد تققم‬
‫إلغائه جسدّيا ولكن ليس روحّيا‪ .‬ويطالب القّديس بولس بإجرائه في القلب وليس في الجسد‪ .‬ولكن بالتأكيققد مسققموح‬
‫جع أرمسققترونج بشقّدة إجققراءه علققى الطفققال الققذكور‪ .‬فققالم‬
‫حية‪ .‬ولققذلك يشق ّ‬
‫بإجراء الختان لسباب جسققدّية وصق ّ‬
‫تضطر لسحب غلفة الطفل إن كان غير مختون لتنظيفه ويجب تعليم الطفل عندما يكبر سحب غلفتققه‪ .‬وهققذا يققؤّدي‬
‫إلى ممارسة العادة السّرية‪ .‬وبما أن ال أمر إبراهيقم ونسقله بقإجراء الختقان فل يمكقن أن يكقون ضقاّرا‪ .‬ويضقيف‬
‫حية وأخلقّيققة‪ .‬وهقو‬ ‫أرمسترونج بأنه متأّكد من حصوله على موافقة ال بتشجيعه على إجراء الختققان لسقباب صق ّ‬
‫يرى بأنه يجب إجراء الختان في اليوم الثامن كما أمر ال‪ .‬ويجب رفض إجرائه قبل ذلك التاريققخ لراحققة الطّبققاء‪.‬‬
‫فهم ل يريدون أن يزعجوا مّرة ثانية في اليوم الثامن‪ .‬ويجب قطع جزء بسيط لن القطع الكبير يققؤّدي إلققى التهّيققج‬
‫الجنسي‪.4‬‬

‫وقد أصبحت هذه الراء عملة متداولة في المجتمع المريكي‪ .‬وبرهان ذلك قول للداعية النجيلي )كما يلّقب نفسه(‬
‫شقح نفسقه لرئاسقة الوليقات المّتحقدة عقام‬ ‫»بات روبيرتسون« الذي يعتمد في دعايته على التلفزيون‪ ،‬وكقان ققد ر ّ‬
‫حكمتققه‬
‫‪» :1988‬إن كان ال قد أعطى أمرًا لشعبه بأن يختن‪ ،‬فمن المؤّكد أن ذلك أمققر حسققن إذ إن الق كامققل فققي ِ‬
‫وعلمه«‪.5‬‬

‫‪ (2‬رفض معارضي ختان الذكور للتفسير الحرفي‬


‫أ( موقف جيم بيجيلو‬

‫تصّدى لهذه الراء المسيحّية المتزّمتة القس وعالم النفس المريكي »جيم بيجيلو« الققذي يرفققض التفسققير الحرفققي‬
‫للتوراة‪ .‬فهو يقول بأنه إذا كان من الضروري إجراء عملّية الختان طاعققة لمققر إلهققي تققوراتي‪ ،‬فل بققد أيضقًا مققن‬
‫طاعة جميع أوامر ال التي جاءت في التوراة كالتي تخققص الكققل والققتي يخالفهققا جميققع المسققيحّيين فققي الغققرب‪.‬‬
‫والتوراة تقول‪» :‬ول تأكلوا شيئًا من الجيف‪ ،‬وإّنما تعطيها للنزيل الذي في مدينتك‪ ،‬فيأكلها أو تبيعها للغريب‪ ،‬لنك‬
‫شعب مقّدس للرب إلهك« )تثنية ‪ .(21:14‬ويتساءل‪ :‬كيف يمكن أن يمنع ال »شعبه« من أكل الجيف‪ ،‬بينما يسمح‬
‫به للنزيل والغريب؟ أضف إلى ذلك كل قواعد الطهارة بخصقوص الم وابنهقا‪ 6‬والقتي تعتقبر اليقوم منافيقة للقذوق‬
‫والخلق ولقاعدة المساواة بين الرجل والمرأة‪.‬‬

‫ضح أن قواعد التوراة مرتكققزة علققى إعتبققارات‬ ‫ويشّدد المؤّلف على أنه ل يريد الستهزاء بالتوراة‪ ،‬بل يريد أن يو ّ‬
‫حكم على شيء أنققه نجققس أو‬ ‫رمزية وإطاعة‪ .‬فليس فيها أي إعتبار طّبي يتماشى مع المعلومات الطّبية الحديثة‪ .‬فال ُ‬
‫‪7‬‬
‫طاهر من ِقَبل ال يقصد منه تعليم درس في الطاعة الرمزية من ِقَبل شعب معّين وفريد لوامر ال ‪.‬‬
‫‪Lindsey, p. 120-121‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Lindsey, p. 122‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Lindsey, p. 123‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Armstrong, p. 157-159‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Bigelow, p. 84‬‬ ‫‪5‬‬

‫ل الحبار‪ :‬الفصل ‪.12‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪6‬‬

‫‪Bigelow, p. 87‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪151‬‬
‫ويشير المؤّلف إلى أن الختان كما جاء في التوراة هو ختان رمزي ول يمكن بققأي حققال أن نقققارنه مققع مققا يجققري‬
‫اليوم‪ .‬ولذلك ل يمكن أن نستخلص منه أّية فائدة علمّية كما يّدعي البعض في أّيامنا‪ .‬وإن كان من الضروري إّتبققاع‬
‫وصايا ال كما جاءت في التوراة‪ ،‬فيجب بالحرى عدم إجراء الختان كما يقوم به رجال الدين اليهود اليققوم والققذي‬
‫ل يّتفق مع تعاليم التوراة‪.1‬‬

‫ثم يتساءل المؤّلف لماذا ترك ال شعبه مّدة أربعين سنة في الصحراء دون ختان )أنظر سققفر يشققوع‪ :‬الفصققل ‪(5‬؟‬
‫حية‪ ،‬لما كان ال قد عقّرض شقعبه فقي الصقحراء لهققذا الوضقع ولكققان فقرض عليهققم‬ ‫فإن كان الختان ضرورة ص ّ‬
‫الختان هناك‪ .2‬ثم كيف يمكن أن يترك ال الشعب المسيحي لمّدة عشرين قرنا دون ختان معتبرًا هذه الممارسة »ل‬
‫شيء« حسب قول القّديس بولس )‪ 1‬قورنتس ‪(19:7‬؟ هل يمكن أن يعّرض ال المؤمنين كل هققذه الم قّدة للمخققاطر‬
‫حية لعدم الختان بينما نعتبر نحن أن الكتب المقّدسة موحاة من الروح القدس؟‪ 3‬ويختم المؤّلف قوله‪» :‬منطقيققًا‪،‬‬
‫الص ّ‬
‫ل يمكنك أن تنتقي حسب رغبتك‪ .‬فعليك أن تعتبر أن قوانين الكتاب المقّدس اليهودي الذي أنزل من إله حكيققم هققي‬
‫كّلها قوانين طّبية أو أنها شيء آخر‪ .‬وإذا ما نظرنا لتلك الوامر التي ناقشناها سابقًا‪ ،‬يظهر أنه بالمكان إعتبار أن‬
‫غاية ال لم تكن إيحاء معلومات طّبية من خلل قوانينه‪ ،‬بل لتشكيل شعب خاص على الرض«‪.4‬‬

‫ونحن إذ نّتفق مع المؤّلف بأن التوراة ليست كتاب طب‪ ،‬نختلف معه في إعتبققار الشققعب اليهققودي »شققعب خققاص‬
‫على الرض«‪ .‬ونحن نرى أن التوراة هو كتاب كغيره من الكتب يحتوي على الغث والسمين في كل ما هب ودب‬
‫وعلى تعليمات مخالفة للخلق ول تّتفق ل مع المعطيات العلمّيققة فققي زمننققا ول مققع مبققادئ حقققوق النسققان‪ .‬فل‬
‫داعي في نظرنا لكل هذا الدوران واللف في تبرير التوراة‪.‬‬

‫ب( موقف رومبيرج‬

‫قامت الممّرضة المريكّية المسيحّية »روزماري رومبيرج«‪ ،‬وهي متزّوجة من يهودي‪ ،‬بتأليف كتاب ضد ختققان‬
‫الذكور والناث‪ .5‬ثم نشرت مذّكرة من ست صفحات عنوانها »الختان والعائلت المسيحّية« الغاية منها إقناع هققذه‬
‫العائلت بأن الختان مرفوض من وجهة النظر المسيحّية‪.6‬‬

‫تقول هذه المؤّلفة إن العائلت المسيحّية تختن أطفالها رغم معرفتها أن ل فائدة طّبية للختان‪ .‬والسبب من ذلققك هققو‬
‫ل أن التوراة تحتوي على أمور ل يمكن تقّبلها فققي‬ ‫شعور بأنه قد يكون للختان فائدة ما دام أنه مذكور في التوراة‪ .‬إ ّ‬
‫زمننا مثل حرق الحيوانات‪ .‬إن المسيح‪ ،‬بالنسبة للمسيحي‪ ،‬قد أصبح علمة العهد التي ألغت كققل ممارسققات العهققد‬
‫القديم‪ ،‬بما فيها الختان‪ .‬وُتذّكر بما دار من جدل بين الرسل الذين ألغوا فريضة الختان واعتبروه »ل شققيء«‪ ،‬وأن‬
‫ل نادرًا خلل الفي عام‪ .‬كما أن كثير من الثقافات ل تعرف الختان‪.‬‬ ‫المسيحّيين لم يختنوا إ ّ‬

‫وتتساءل المؤّلفة إن كانت التوراة قد أمرت بالختان لسباب طّبية‪ .‬وتجيب بأن التققوراة لققم تققذكر ذلققك‪ ،‬ل بققل إنهققا‬
‫تتكّلم في بعض فقراتها عن ختان رمزي مثل ختان القلب وختان الذنيققن‪ .‬ولكققن مققاذا عققن ختققان المسققيح؟ تجيققب‬
‫سققر آبققاء الكنيسققة هققذا‬
‫المؤّلفة أن مريم ويوسف كانا يهوديين ل خيار لهما في ختان طفلهما في ذاك الوقت‪ .‬وقققد ف ّ‬
‫صة‪ .‬فيقول القّديس أمبروسيوس‪» :‬ما دام أن المسيح قد دفع الثمققن بققآلمه‪ ،‬لققم يعققد هنققاك سققبب‬ ‫الختان بصورة خا ّ‬
‫لنزال دم كل فرد بالختان«‪ .‬وكثير من الناس يتساءلون عن مدى أخلقّية تعريض الطفل لصدمة الختققان ليققس إ ّ‬
‫ل‬
‫صققة ختققان المسققيح لتققبرير‬ ‫لن المسيح أو شخصّية أخرى قد تم ختانهما‪ .‬وتقول المؤّلفة إن الذين يعتمققدون علققى ق ّ‬
‫صة صلب المسيح‪ .‬فكل المرين تعذيب لشخص بريء‪.‬‬ ‫ختان الطفال‪ ،‬عليهم أيضًا أن يتذّكروا ق ّ‬

‫‪Bigelow, p. 86‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bigelow, p. 86‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Bigelow, p. 87‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Bigelow, p. 87‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Circumcision‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ .Romberg: Circumcision and the Christian Parent‬أنظر أيضًا في نفس المعنى كتابها ‪Romberg:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Circumcision, p. 86-95‬‬
‫‪152‬‬
‫وبخصوص فوائد الختان الطّبية‪ ،‬ترى المؤّلفة أنه قد تم إدخال الختان في القرن الثامن عشر لسباب خرافّيققة مثققل‬
‫حة‪ .‬ويتققم الختققان‬
‫الوقاية من العادة السّرية أو من المراض‪ .‬وقد أثبت العلم بأن هذه السباب ل أساس لها من الص ّ‬
‫في أّيامنا في المستشفى كطقس إكتسب قدسّيته ككل العملّيات التي تقام فققي المستشققفى‪ .‬والمسققيحي مطققالب بققأن ل‬
‫ل ال‪ .‬فكل عبادة لغير ال مرفوضة وتخالف المعتقد المسيحي‪.‬‬ ‫يقّدس دين مغلوط أو أي شيء آخر‪ ،‬وأن ل يعبد إ ّ‬

‫وتضيف المؤّلفة أن كل من يرفض الجهاض‪ ،‬لنه تعّدي على طفل َقبققل ولدتققه‪ ،‬يجققب عليققه أن يرفققض الختققان‬
‫لنه تعّدي على الطفل بعد ولدته‪ .‬فالختان يتم دون إذنه ويعّرضه للم غير ضروري‪ .‬والقيام بختان الطفل يخالف‬
‫مبدأين من المبادئ الدينّية المسيحّية‪ :‬المبدأ الّول ما جاء في رسالة الققّديس بققولس‪» :‬إن ثمققر الققروح هققو المحّبققة‬
‫والفرح والسققلم والصققبر واللطققف وكققرم الخلق واليمققان والوداعققة والعفققاف‪ .‬وهققذه الشققياء مققا مققن شققريعة‬
‫تتعّرض لها« )غلطية ‪ .(23-22:5‬والمبدأ الثاني‪ ،‬والذي يدعى القاعدة الذهبّية‪ ،‬جققاء فققي إنجيققل مّتققى‪» :‬كققل مققا‬
‫أردتم أن يفعل الناس لكم‪ ،‬إفعلوه أنتم لهم‪ :‬هذه هي الشريعة والنبياء« )‪ .(12:7‬فالختان يعّرض الطفل لللم‪ .‬وقد‬
‫تكّونت جمعّيات مكافحة الختان على مبدأ الرحمة نحو الطفل الققذي يفصققل عققن أّمققه ويقطققع‪ ،‬وهققذا مخققالف لثمققر‬
‫الروح‪ .‬فعلى المسيحي أن يكون مليًء بالمحّبة نحو الخرين ويعطي المثل الصقالح فقي هقذا المجقال‪ .‬ولكقن القذي‬
‫نراه أن كثيرًا من غير المسيحّيين أكققثر رأفققة علققى الطفققال مقن المسققيحّيين‪ .‬علققى المسققيحي أن يّتسققم بالشققجاعة‬
‫ويرفض أن يسير وراء الذين يمارسون الختان كمن يتبع قطيع من الخراف‪.‬‬

‫هذا وتتذّمر المؤّلفة من عدم سماع صوت مسيحي منتظم يرتفع لبطال تلك العادة‪ ،‬وتطالب الكنائس المسيحّية أخذ‬
‫موقف ضد ختان الطفال‪ .‬وتتساءل كيققف يمكققن للمسققيحّيين أن يتعققاملوا مققع الغيققر علققى أسققاس القاعققدة الذهبّيققة‬
‫وبمحّبة ورفق إن كانوا هم أنفسهم ل يحترمون أطفالهم ول يشفقون عليهم؟‬

‫الفصل الخامس‪ :‬ظواهر مسيحّية غريبة حول الختان‬


‫سوف نكّرس هذا الفصل لظواهر مسيحّية غريبة لها علقة بالختان‪ :‬تكريم ختان السّيد المسققيح وطائفققة الخصققيان‬
‫الروس واستعمال الخصيان في ترانيم الكنيسة‪.‬‬

‫‪ (1‬تكريم ختان المسيح وغلفته‬


‫رغم أن التّيار العام عند المسيحّيين قد سار وراء حذف فريضة الختان‪ ،‬أقامت الكنيسة عيدًا لختان المسيح ولم ُيلغَ‬
‫ل بعد الصلح الليتورجي في عام ‪ 1971‬علقى أسقاس ققرارات مجمقع الفاتيكقان الثقاني‬ ‫هذا العيد عند الكاثوليك إ ّ‬
‫ولكن دون توضيح السباب‪.‬‬

‫كان اليوم الّول من السنة مكّرسا لذكرى اليوم الثامن من ميلد المسيح ولتكريم العققذراء مريققم‪ .‬وقققد أضققيف إليققه‬
‫ذكرى ختان المسيح‪ .‬ول يعرف تمامًا متى تم إدخال هقذا الحقدث فقي الشقعائر المسقيحّية‪ .‬فمنهقم مقن يرجعقه إلقى‬
‫الرسل‪ .‬وأّول ذكر له نجده في المجمع الذي عقد في مدينة »تورز« الفرنسّية عام ‪ .567‬وهققذا المجمققع يتكّلققم عنققه‬
‫وكأنه عادة قديمة يتم الحتفال بها في أّول يوم من السنة‪ .‬وهذا اليوم كان يصادف في روما ومدن رومانّية أخققرى‬
‫عيدًا وثنّيا شهيرًا لتكريم الله »يانوس«‪ ،‬ومن هنا جاء إسم الشهر »يناير«‪ ،‬وهو يوم عبث وفواحش‪ .‬والقصد من‬
‫وضع العيد المسيحي في هذا اليقوم هقو تجنيققب المسققيحّيين المشققاركة فقي العيقد القوثني وكققذلك للتكفيققر بالصققلة‬
‫والصوم عن الثام التي تقترف في هذا اليوم‪.1‬‬

‫بالضافة إلى عيد ختان المسيح‪ ،‬هناك هوس ديني حول غلفة المسيح‪ .‬وقد جاء ذكر لهذه الغلفة في روايققة يحكيهققا‬
‫»النجيل العربي للطفولة« الذي ُينسب إلى القرن السادس الميلدي‪ ،‬وهو من الناجيل المنحولققة الققتي ل تعققترف‬
‫صها العربي‪:‬‬‫بها الكنيسة‪ .‬تقول الرواية في ن ّ‬
‫سقّنة ختانققة الصققبي فختنققوه فققي المغققارة أيضقًا‪.‬‬
‫»ولّما كانت أّيام الختانة وهو اليوم الثامن أوجبققت ال ُ‬
‫طقار فوضقعتها عنققده فققي ققارورة‬ ‫وأخذت العجوز العبرّية تلك الجلدة المقطوعة‪ .‬وقد كان لها إبققن ع ّ‬

‫‪Dictionnaire d'archéologie chrétienne et de liturgie, col. 1717-1721‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪153‬‬
‫دهن الناردين الفايق وتقّدمت إليه وقالت إّياك أن تبع هذه القارورة الناردين ولو دفع إليك بهققا ثلثمققائة‬
‫دينار‪ .‬وهذه القارورة هي التي إبتاعتها مريم الخاطئة وسكبتها على رأس يسوع«‪.1‬‬

‫صة هذه القارورة دون ذكر لغلفة المسيح جاءت في ثلثة أناجيل‪ .2‬ومها يكققن مققن مصققير هققذه الغلفققة‪ ،‬إ ّ‬
‫ل أنهققا‬ ‫وق ّ‬
‫أصبحت موضع تعّبد في القرون الوسققطى‪ .‬وهنققاك عققدد مققن الكنققائس الوروبّيققة الققتي تتنققافس فققي إمتلك غلفققة‬
‫المسيح‪ .3‬وقد طرح أمر تكاثر غلفة المسيح على البابا انوسينسوس الثالث )‪ (1216-1160‬فحكم بأنه من الفضققل‬
‫ل من البت فيها دون تيّقن‪ .‬وهكذا تجّنب غضب مالكي الذخيرة‪ .‬فاستمّرت الكنققائس بعققرض‬ ‫ترك المر لعلم ال بد ً‬
‫ذخيرتها المقّدسة‪ .‬ولكل ذخيرة أساطيرها وأعاجيبها‪.‬‬

‫ل غلفة المسيح التي في ‪ Abbaye de Couloumbs‬عندها مقدرة في شفاء العقم وتساعد الحبالى فقي ولدة‬ ‫فمث ً‬
‫أولدهن‪ .‬وفي عام ‪ ،1422‬طلب الملك هنري الخامس من رئيس الدير أن يعيره تلك الققذخيرة بعققد إحتللققه لجققزء‬
‫ل‪ .‬وما لمست تلك الذخيرة‪ ،‬حّتى وضعت إبنًا ذكرًا‬ ‫من فرنسا لكي يأخذها لزوجته كاترينا في لندن التي كانت حام ً‬
‫ل أنققه خوفقًا مققن أخطققار الحققرب علققى‬
‫هو الذي أصبح الملك هنري السادس‪ .‬وبعد ذلك أعادها الملك إلى فرنسا‪ .‬إ ّ‬
‫الدير التي أتت منه‪ ،‬وضع الغلفة مؤّقتا في باريس في ‪ .Sainte-Chapelle de Paris‬وعند تذّمر الدير صاحب‬
‫الغلفة‪ ،‬قّرر وضعها في دير آخر ينتمي إلى نفس الجمعّية فقي بقاريس علقى أن ل ُتخقَرج مقن هقذه المدينقة‪ .‬ولكقن‬
‫رهبان الدير الصلي إستطاعوا الحصول على قرار ملكي عام ‪ 1447‬بعودة الذخيرة إليهم‪ .‬وقد قققدم الملققك لققويس‬
‫الحادي عشر عام ‪ 1464‬إلى الدير ليكّرمها‪.‬‬

‫وقد رأى القّديس واللهوتي »بونافتورا« )توّفى عام ‪ (1274‬أن المسيح قام مع غلفته والتي قد تكون قد نمققت مققع‬
‫التغذية تاركًا غلفته التي قطعت منه للتعّبد‪ .‬أّما اللهققوتي اليسققوعي »سققواريز« )تقوّفى عققام ‪ (1617‬فقققد تعقّرض‬
‫لسؤال مشابه حول الذخيرة المحفوظة في ‪ Saint-Jean de Latran‬في روما‪ .‬فأجاب أن جسققد المسققيح قققد قققام‬
‫ل فيما يخص أجزاءه المتماسكة‪ :‬لحمه وعظمه ورأسه ويديه ورجليققه الققخ‪ .‬وكققذلك المققر فيمققا يخققص شققعره‬ ‫كام ً‬
‫ولحيته وأسنانه وأظافره الخ‪ .‬أّما غلفته فلم تقم معقه‪ .‬وققد ذكقر »روجقي بيرفيقت« فقي روايتقه المعنونقة »مفاتيقح‬
‫القّديس بطرس«‪ 4‬أن الكنيسة الكاثوليكّية قد منعت التكّلم عن غلفة كنيسة اللتران بقرار صققادر عققام ‪ 1900‬تحققت‬
‫طائلة الحرمان بعد أن نشر بروتستنت ألمان مقالت عن هذه الغلفة تستهزئ بالكنيسة‪ .‬وقد أّكدت الكنيسة على هذا‬
‫المنع عام ‪ .1954‬وقد كتب المؤّلف وصفًا مطّول للجلسة التي عقدت في الفاتيكان في هذا الخصققوص‪ .‬ول نققدري‬
‫صة هذه الغلفة تاريخّية‪.‬‬‫ل أن المعلومات التي عرضها حول ق ّ‬ ‫إن كانت هذه الجلسة حقيقّية أم من نسج خياله‪ .‬إ ّ‬

‫وبخصوص غلفة المسيح الموجودة في ‪ Charroux‬تذكر السطورة أن »شارلمان« )توّفى عام ‪ (814‬قققد حصققل‬
‫عليها من المبراطورة »إيرين« كهدّية بمناسبة خطوبته‪ .‬ثم أهداها »شارلمان« إلى دير ‪ Charroux‬عند تأسيسه‬
‫صة لمن يحضر عرض هذه الذخيرة في إحتفال دينققي‪ .‬وقققد إختفققت هققذه‬ ‫له‪ .‬وقد منح عدد من الباباوات بركات خا ّ‬
‫الذخيرة من الدير خلل إحتلله من ِقَبل البروتستنت )‪ (Huguenots‬في القرن السادس عشر‪ .‬ثم عققادت للظهققور‬
‫عام ‪ 1856‬في علبة إكتشفها عامل كان يهدم حائط‪ .‬فقّرر السقف أن ما بداخل العلبة هقو غلفقة المسقيح المختفيققة‪.‬‬
‫فأعادها إلى دير الراهبات الصلي مع التكريم وأعاد عرض الغلفة في الحتفالت الدينّية‪.5‬‬

‫وهناك قصص دينّية كثيرة تدور حول غلفة المسيح‪ .‬فالراهبة »أغنيس بلنبيكان« )توّفت عققام ‪ (1315‬كققانت منققذ‬
‫صغرها تتأّلم ألمًا كبيرًا كل أّول يناير )يوم ذكرى ختان المسيح( وكان لها رؤيا متكّررة وهي تبتلع تلققك الغلفقة ثققم‬
‫النجيل العربي للطفولة‪ ،‬الفصل السابع‪ ،‬النص العربي في ‪Provera: Il vangelo arabo dell'infanzia‬‬ ‫‪1‬‬

‫مّتى ‪ ،8-7:26‬مرقص ‪ ،4-3:14‬يوحّنا ‪.4-2:12‬‬ ‫‪2‬‬

‫نذكر منها ‪Charroux, diocèse de Poitiers; Abbaye de Couloumbs, près Nogent-le-Roi, diocèse‬‬ ‫‪3‬‬

‫;‪de Chartres; Puy; Châtolons-sur-Marne (église Notre-Dame-en-Vaux); Metz; Anvers‬‬


‫‪Hildesheim; Saint-Jean de Latran, Rome; Saint-Jacques de Compostelle; Abbaye de Saint-‬‬
‫‪Corneille, Campiège; Clermont Fécamp; Caraca; Avit, Auvergne; Langres; Monastère de‬‬
‫‪Sainte-Foi, Conques Calcata‬‬
‫‪Peyrefitte: Les clés de Saint Pierre, p. 307-328‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ Saintyves, p. 169-184.‬أنظر أيضًا ‪Dictionnaire d'archéologie chrétienne et de liturgie, col.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪1715-1716‬‬
‫‪154‬‬
‫تشعر بها على لسانها بلّذة كبيرة‪ .1‬والقّديسة »بريجيت« )توّفت عام ‪ (1375‬تروي أن العذراء مريم قد ظهرت لها‬
‫وأوحت لها أمورًا قامت بتسجيلها‪ .‬من بينها ما يلي‪:‬‬
‫»عندما ختن إبني‪ ،‬إحتفظت بغلفته بكل تبجيل حيثما ذهبت‪ .‬كيف يمكنني أن أضّيع ما كّون في بطني‬
‫دون خطيئة أصلّية؟ وعندما نمت نومي الخير‪ ،‬سّلمت هذه الغلفة إلى القّديس يوحّنققا النجيلققي الققذي‬
‫كان حارسي‪ .‬وبعد ذلك أخفيت حّتى تجّنب خبث الناس فبقيت مجهولقة مقّدة طويلققة‪ .‬ولكققن ملك الق‬
‫ت‪ ،‬لن فيك كنققزًا عزيققزًا‬ ‫ت‪ ،‬أو لبكي ِ‬
‫ت لبتهج ِ‬ ‫أوحى بوجودها إلى النفوس التقّية‪ .‬آه يا روما‪ ،‬لو عرف ِ‬
‫جدينه«‪.‬‬
‫علي ولكنك ل تم ّ‬

‫وكانت القّديسة »كاترين دي سيين« )توّفت عام ‪ (1380‬تّدعي أنها عروس المسيح وأنها تحمقل بخنصقرها خاتمقًا‬
‫ل يراه غيرها هو غلفة المسيح‪.2‬‬

‫‪ (2‬الكنيسة بين الختان والخصيان‬


‫لقد رأينقا سققابقًا كيققف أن المسققيحّيين رفضققوا فريضقة الختققان كمقا جقاءت عنققد اليهقود رغققم أن بعضقهم مقا زال‬
‫يمارسها‪ .‬ولكن هذا الموقف لم يكن ناتجًا عن منطق إنساني )إحترام سلمة الجسد وحّرية الخرين( بل عن منطق‬
‫لهوتي وسياسي )إستبدال عهققد الختققان بعهققد المعمودّيققة‪ ،‬وجققذب الققوثنّيين لققدخول الققدين الجديققد(‪ .‬وعققدم الخققذ‬
‫بالعتبار إحترام الجسد وحّرية الخرين أّدى إلى تناقض غريب‪ .‬فمن جهة رفض المسيحّيون الختان‪ ،‬بينمققا َقبلققوا‬
‫ما هو أبشع منه‪ ،‬وهقو نظقام الخصقي‪ .‬وسقوف نقتصقر هنقا علقى ظقاهرة طائفقة الخصقيان فقي روسقيا وظقاهرة‬
‫الخصيان في ترانيم الكنسّية‪ .‬وما كققانت هاتققان الظاهرتققان لتوجققدا لققو أن المسققيحّيين أخققذوا بمبققدأ سققلمة الجسققد‬
‫ل من العتبارات اللهوتّية والسياسّية‪.‬‬ ‫واحترام الغير بد ً‬

‫أ( طائفة الخصيان في روسيا‬

‫مارست كل الحضقارات فققي العقالم نظقام الخصققي‪ .‬وُيظقن أن أّول مقن قققام بتلقك العملّيقة هققم الفقرس وأن الكلمقة‬
‫‪) castration‬الخصي( قد جاءت من كلمققة ‪ sastram‬الققتي تعنققي »السقّكين« فققي اللغققة السنسققكريتية‪ ،‬أم اللغققات‬
‫الهندوأوروبّية‪ .‬وكان الرومان واليونانيون يتاجرون بالخصيان الذين يجلبونهم من إفريقيا وآسيا‪ .‬فكققانوا يققرون أن‬
‫الحيوان الخصي أكثر سهولة للتدجين والقيام بالعمال مققن الحيققوان غيققر الخصققي‪ .‬وعلققى أسققاس ذلققك إسققتعملوا‬
‫الخصيان عبيدًا في المنازل‪.‬‬

‫وأس قُتعِمل الخصققي فققي العصققور الوسققطى فققي أوروبققا كوسققيلة لتعققذيب السققرى أو كعقققاب علققى جققرائم مثققل‬
‫الغتصاب‪ .‬كما أن كّليات الطب لجأت للخصي لسباب وقائّية أو علجّية مثل البرص والجنون والصرع وانتفاخ‬
‫الخصية وداء المفاصل والفتق وأمراض أخرى‪ .‬ويذكر في هذا السبيل أن جمعّية الطب الملكّية قامت بإحصققائّيات‬
‫عام ‪ 1676‬في إحدى مقاطعات فرنسا تبّين منها أن أكثر من ‪ 500‬طفل تم خصاؤهم بسبب الفتق‪.3‬‬

‫وللخصي علقة بالدين‪ .‬فقد كان شرطًا لللتحاق بخدمة بعض اللهققة كإلهققة الخصققب »سققيبيل« الققتي إنتقلققت مققن‬
‫منطقة فريجيا إلى بلد اليونان والرومان فقي الققرن الثقالث َقبقل المسقيح حّتقى أصقبحت إلهقة رسقمّية فقي رومقا‪.‬‬
‫وتروي السطورة التي تحيط بهذه اللهة أن عشيقها »أّتيس« قد بتر أعضاءه الجنسّية في حمية الشوق ومات مققن‬
‫نزيف الدم تحت شجرة‪ .‬وكل من كان يريد أن يصبح خادمًا لق»سيبيل« كان عليه أن يبققتر أعضققاءه الجنس قّية مثققل‬
‫عشيقها ضمن إحتفالت دينّية صاخبة‪ .‬وكان الخصيان يرمون أعضاءهم على الجموع‪ .‬وكان رئيس الكهنة يجرح‬
‫ذراعه وينزف دمًا على هيكل اللهة تكريمًا لها‪ .‬والمكّرسات لخدمة اللهة كانت أيضًا تبتر أحد ثققدييها أو كليهمققا‪.‬‬
‫ويلحظ هنا أنه كان ممنوعًا إستعمال المعدن في عملّيات البتر تلك الققتي كققانت تجققرى بحجققر صقّوان‪ .‬وفققي هققذه‬
‫المناسبة كان يتم خصي الحيوانات ثم ذبحها على لوح من خشب فيه ثقوب‪ .‬وكل من يريد أن تغفققر لققه آثققامه كققان‬
‫‪Leben und Offenbarungen der wiener Begine Agnes Blannbekin, p. 117-119; Wallerstein:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Circumcision: an American health fallacy, p. 10‬‬


‫‪Bynum: Jeûnes et festins sacrés, p. 235, 257-258, no 135‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 15-16‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪155‬‬
‫يمققر تحققت الخشققبة حّتققى يتطّهققر بالققدم‪ .1‬هققذا وقققد حّرمققت التققوراة خصققي رجققال الققدين‪» :‬ل يققدخل مرضققوض‬
‫الخصيتين ول مجبوب في جماعة الرب« ) تثنيقة ‪ .(1:23‬وكلمقة مجبقوب تعنقي الرجقل القذي قطقع ذكقره‪ .‬ومقن‬
‫خدمة اللهة‪ ،‬تحّول الخصي وسيلة لتأمين خدمة الحريم ومراقبتهن‪ .‬وكان عدد هائل من الخصيان يستعملون لهققذه‬
‫الُمهّمة في بلط المبراطورّية العثمانّية‪.‬‬

‫وقد أخذ بتر العضاء الجنسّية معنى التخّلص مققن عضققو غيققر طققاهر‪ ،‬حّتققى سقّميت عملّيققة الختققان بققالتطهير أو‬
‫الطهققارة عنققد العققرب‪ .‬وأطلققق علققى العضققاء الجنس قّية الققتي تبققتر عبققارات مثققل »مفاتيققح الجحيققم« و»التّنيققن‬
‫حش«‪ .‬وهكذا تحّول بتر العضاء من عملّية تكريم لللهة إلقى عملّيقة تطهيققر‪ .‬ونحقن نجققد تقاربقًا بيققن كلمقة‬ ‫المتو ّ‬
‫سه إلى المر الممنوع‪ .‬هكققذا‬ ‫الحرم والحرمة والحرام والحريم التي تغّير معناها من المر المقّدس الذي ل يمكن م ّ‬
‫تتحّور الفكار والكلمات من معنى إلى معنى آخر‪.2‬‬

‫وقد لجأ بعض المسيحّيين إلى الخصي كوسيلة لتكريقم الق والتخّلقص مقن عضقو غيقر طقاهر وبقّرروا ذلقك بعقّدة‬
‫نصوص من الكتب المقّدسة بعهديها القديم والجديد‪ ،‬بنفس السلوب الذي يققبّرر فيققه اليهققود ختققان الطفققال‪ .‬نققذكر‬
‫منها‪:‬‬
‫»طوبى للخصي الذي لم تفعل يده إثمًا ولم يفّكر أفكارًا شّريرة على الرب! فإنه سققينال لمققانته نعمققة‬
‫حكمة ‪.(14:3‬‬ ‫سامّية ونصيبًا شهيًا في هيكل الرب« )ال ِ‬
‫»ل يقل الخصي‪ :‬ها أنا شجرة يابسة‪ .‬إنه هكذا قال الققرب للخصققيان‪ :‬الققذين يحققافظون علققى سققبوتي‬
‫سكون بعهدي أعطيهم في بيتي وداخل أسواري نصبًا واسققمًا خيققرًا مققن‬ ‫ويؤّثرون ما رضيت به ويتم ّ‬
‫البنين والبنات وأعطي كل واحد منهم إسمًا أبدّيا ل ينقرض« )أشعيا ‪.(5-3:56‬‬
‫ن‪ .‬أّما أنا فأقول لكم‪ :‬من نظر إلى إمرأة بشهوة‪ ،‬زنى بها في قلبققه‪ .‬فققإذا كققانت‬ ‫»سمعتم أنه قيل‪ :‬ل تز ِ‬
‫عينك اليمنى سبب عثرة لك‪ ،‬فاقلعها والقها عنك‪ .‬فلن يهلك عضو من أعضائك خير لك من أن يلقى‬
‫جسدك كّله في جهّنم‪ .‬وإذا كانت يدك اليمنى سبب عثرة لك‪ ،‬فاقطعها والقها عنك‪ .‬فلن يهلققك عضققو‬
‫من أعضائك خير لك من أن يذهب جسدك كّله إلى جهّنم« )مّتى ‪.(30-27:5‬‬
‫»هناك خصيان ولدوا من بطون أّمهاتهم على هذه الحققال‪ .‬وهنققاك خصققيان خصققاهم النققاس‪ .‬وهنققاك‬
‫خصيان خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السماوات« )مّتى ‪.(11:19‬‬
‫»طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد‪ ،‬والثدي التي لم ترضع« )لوقا ‪.(29:23‬‬
‫»إن كان ل بد من الفتخار فسأفتخر بحالت ضعفي« )‪ 2‬قورنتس ‪.(30:11‬‬
‫»أميتوا إذًا أعضاءكم التي في الرض بما فيها من زنى وفحشاء وهوى وشققهوة فاسققدة وطمققع وهققو‬
‫عبادة الوثان« )قولسي ‪.(5:3‬‬
‫»فالذي لم تستطعه الشريعة‪ ،‬والجسد قد أعياه‪ ،‬حّققه ال بإرسال إبنه في جسد يشبه جسققدنا الخققاطئ‪،‬‬
‫كّفارة الموت ]‪ .[...‬فالجسد ينزع إلى الموت‪ ،‬وأّما الروح فينزع إلى الحياة والسققلم‪ .‬ونققزوع الجسققد‬
‫عداوة ل ]‪ .[...‬والذين يحيون في الجسد ل يستطيعون أن يرضوا ال« )رومية ‪.(8 ،6 ،3:8‬‬
‫حّبوا العالم وما في العالم‪ .‬من أحب العالم لم تكن محّبة ال فيه لن كل ما فققي العققالم مققن شققهوة‬ ‫»ل َت ِ‬
‫الجسد وشهوة العين وكبرياء الغنى ليس من الرب بل من العالم« )‪ 1‬يوحّنا ‪.(16:2‬‬
‫»وسمعت أن عدد المختومين مائة وأربعة وأربعققون ألفقًا مققن جميققع أسققباط بنققي إسققرائيل« )الرؤيققا‬
‫‪.(4:7‬‬
‫ل واقفًا على جبل صهيون ومعه مائة وأربعققة وأربعققون ألفقًا كتققب علققى جبققاههم إسققمه‬ ‫»ورأيت حم ً‬
‫ل المائة والربعة والربعققون ألفقًا الققذين افتققدوا مققن‬‫واسم أبيه ]‪ [...‬ولم يستطع أحد أن يتعّلم النشيد إ ّ‬
‫جسوا بالنساء‪ ،‬فهم أبكار« )لرؤيا ‪.(4-3 ،1:14‬‬ ‫الرض‪ .‬هؤلء هم الذين لم يتن ّ‬

‫وأشهر حالة خصي في المسيحّية هي التي قام بها »أوريجين« على نفسققه عنققدما كققان شققاّبا‪ .‬وقققد حققاول السقققف‬
‫والمؤّرخ »أوزبيوس« )توّفى عام ‪ (340‬تبرير تصّرفه‪ .‬فهو يقول بأنه عندما كان »أوريجيققن« يقققوم بققدور معّلققم‬
‫التعليم المسيحي في السكندرّية قام بعمل هققو أكققبر برهققان علققى عققدم بلققوغه وصققغر سقّنه‪ ،‬وأيضقًا علققى إيمققانه‬

‫‪ Volkov, p. 9-12‬و ‪Bettelheim: Les blessures symboliques, p. 110-111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Volkov, p. 13-14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪156‬‬
‫سطة وطفولّية قول المسيح المقذكور أعله )مّتقى ‪ (11:19‬فخصقى نفسقه إّمقا لتمقام‬ ‫وطهارته‪ .‬فقد فهم بصورة مب ّ‬
‫قول المسيح‪ ،‬وإّما لنه كان ُيَعّلم كلمقة الق فقي شققبابه للرجققال وللنسقاء علققى السقواء فققأراد أن يبعقد عنقه شقبهات‬
‫الوثنّيين‪ .1‬وقد أخفى أوريجين هذا المر عن أكثر أصدقائه‪ .‬ولكن رئيس كنيسته كشف أمره غيرًة للسقاقفة عنقدما‬
‫ُرسم كاهنًا‪ .‬وقد قّررت عّدة مجامع كنسّية حرمان أوريجين من الكنيسة لعّدة أسباب من بينها تصّرفه هذا‪.‬‬

‫سسققها‬
‫ومققن بيققن الشققيع المسققيحّية الققتي مارسققت الخصققي نخققص بالققذكر فققي القققرن الثققالث الميلدي شققيعة أ ّ‬
‫»فاليزيوس«‪ ،‬الذي ُيظن أنه من أصل عربي‪ .‬وكان مركز هذه الشيعة في »بقاطه« قققرب »نققاعور« فققي الردن‪.‬‬
‫وكانت هذه الشيعة تمارس بتر العضاء الجنسّية لتفادي السقوط في الخطيئة‪ .‬كما كانت تمتنققع عققن شققرب الخمققر‬
‫وأكل اللحم‪ .‬وكانت تلجأ للقناع أو الوعود الماّدية أو القّوة لخصي أتباعها‪.2‬‬

‫وقد جاء في قرارات »مجمع نيقية الّول« الذي عقد عققام ‪ 325‬أنققه إذا تققم خصققي شققخص مققن ِقَبققل طققبيب خلل‬
‫حة‬‫ق في منصب الكهنوت‪ .‬ولكن إذا خصى شخص نفسه وهو بص ق ّ‬ ‫مرضه‪ ،‬أو أنه كان قد خصي من البرابرة‪ ،‬فليب َ‬
‫ل‪ .‬أّما‬
‫جّيدة بمحض إرادته‪ ،‬فأنه يجب فصله عن منصب الكهنوت كما أنه يجب عدم قبوله في ذلك المنصب مستقب ً‬
‫الذين خصيوا من ِقَبل البرابرة أو سادتهم‪ ،‬فيحق إدخالهم فققي منصققب الكهنققوت إذا إسققتحّقوا ذلك‪ .3‬إ ّ‬
‫ل أن الكنيسققة‬
‫الشرقّية لم تحترم منع المخصّيين من الوصول إلى المناصب الدينّيققة‪ .‬ففققي دولققة بيزنطققة كققان الخصققيان يحتّلققون‬
‫سس بطريرك القسققطنطينّية غريغوريققوس الخققامس )‪(1821-1739‬‬ ‫مناصب عالية في الدولة وفي الكنيسة‪ .‬وقد أ ّ‬
‫‪4‬‬
‫رهبانّية تضم عذارى وخصيان‪ .‬كما أننا نجد ‪ 72‬قّديسا مسيحّيّا مخصّيين ‪.‬‬

‫كان لبيزنطة تأثيرًا على روسيا حيث نجد ِذكرًا للخصيان في بداية القرن الحادي عشر‪ .‬وققد عرفقت روسقيا عقدداً‬
‫من الساقفة الخصيان‪ .‬ولكن ظاهرة الخصيان إنتشرت هناك خصوصًا فقي الققرن الثقامن عشقر إذ تكقّونت هنقاك‬
‫طائفة تدعى طائفة الخصيان‪ .‬وقد كتب »فولكوف« دراسة مستوفية عن هذه الطائفققة باللغققة الروسقّية عققام ‪1929‬‬
‫تّمت ترجمتها حديثًا بالفرنسّية‪ .‬ونحن نعتمد عليها هنا‪.‬‬

‫عند هذه الطائفة خليط من الفكار الدينّية المسيحّية والوثنّية وتعتققبر تطققويرًا لطائفققة روسقّية أخققرى تققدعى طائفققة‬
‫الذين يجلدون أنفسهم‪ .‬ويّتبع أعضاء هذه الطائفة عاّمة مبدأ التقّية في معاملتهم مع الخارج‪ .‬فالعضو يحلف بققأن ل‬
‫عّذب حّتى الموت‪ .‬وكانوا يعيشون في جماعات ليس فقط في الريف ولكن أيضقًا فققي المققدن‪.‬‬ ‫يذيع سر الطائفة ولو ُ‬
‫وكانت هذه الجماعات في بدايتها منفصلة عن بعض ثم ربط فيمققا بينهققا‪ .‬وقققد تققم تنظيققم هققذه الطائفققة حققوالي عققام‬
‫‪.51820‬‬

‫ترى هذه الطائفة أن ال خلق آدم وحّواء على صورته‪ .‬والختلف بيققن الق والنسققان نتققج بعققد الخطيئة الصققلّية‬
‫بنمو العضاء الجنسّية للرجل والمرأة التي ُتَذّكر في شكلها جذع شجرة التّفاح وثمرتهققا‪ .‬وإذ إن البشققر تققاهوا فققي‬
‫آثامهم‪ ،‬أرسل ال لهم إبنه المسيح واّتخذ له إثنتى عشر تلميذًا وخصى نفسقه وخصقى تلميقذه‪ .‬ولكقن زيقارته هقذه‬
‫ت بنتيجة‪ ،‬فوعد أن يأتي ثانية‪ .‬وفي زيارته الثانية جاء فققي روسققيا فققي شققخص »سققليفانوف« الققذي‬ ‫للرض لم تأ ِ‬
‫ظهر على الساحة عام ‪ .1774‬وتنسبه الطائفة للعائلة المالكة وتطلق عليه لقب القيصقر بطققرس الثقالث‪ ،‬المخّلققص‬
‫الثاني‪ ،‬الله الصباؤوت‪ .‬وهو ليس الشخص الوحيد الذي إّدعى أتباعه أنه المسيح فققي روسققيا‪ .6‬وهققذا الفكققر ليققس‬
‫بعيدًا عن الفكر اليهودي الذي يعتقد بمجيء المسيح‪ ،‬أو بالفكر السلمي الذي يعتقد بمجيء المهدي المنتظققر‪ .‬وقققد‬
‫جار والغنياء من كل روسيا يتبّركون بققه ويققّدمون لققه الهققدايا‪ .‬ويعتقققد‬
‫عاش »سليفانيف« حياة مليونير يزوره الت ّ‬
‫كثير من أعضاء الطائفة أنه ما زال حّيا وأنه سوف يرجع من جديد للعالم‪ .‬وحين ذاك سيكون يوم الدينونة‪.‬‬

‫‪Eusèbe, Livre VIII, p. 175‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Epiphanius: Adversus octaginta haereses, p. 1010-1018‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Les Conciles oecuméniques, Tome II,1, p. 37‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Volkov, p. 20-21‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Volkov, p. 35-39‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Volkov, p. 39-47‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪157‬‬
‫ل‪ .‬ولذلك يطلقون علققى أنفسققهم إسققم‬ ‫ولطائفة الخصيان طقوس دينّية يلبسون فيها فوق ملبسهم قميصًا أبيضًا طوي ً‬
‫صين‪.‬‬ ‫»الحمائم البيض«‪ .‬ويختارون أحد أعضائهم ليتنّبأ لهم بفتح كتاب المزامير بمفتاح يضعه عليه بحيث يمس ن ّ‬
‫سرون كلمات الكتاب المقّدس‪» :‬الويل لكم يا علماء الشريعة‪ .‬قد إستوليتم على مفتققاح المعرفققة‪ .‬فلققم‬
‫وهم في ذلك يف ّ‬
‫تدخلوا أنتم‪ .‬والذين أرادوا الدخول منعتموهم« )لوقا ‪(52:11‬؛ »والى ملك الكنيسة التي بفيلدلفية‪ ،‬أكتب‪ :‬إليك مققا‬
‫يقول القّدوس الحق‪ ،‬من عنده مفتاح داود« )الرؤيا ‪ .(7:3‬وفتحهم المزامير نابع من إيمانهم أن مؤّلف هققذا الكتققاب‬
‫هو داود‪ .‬ثم يلجأون إلى حركات تشبه حركات الدراويش حيث يدورون حول أنفسهم في غرف مغلقة حّتى يبتّلون‬
‫فيها من العرق ويدخلون في الغيبوبة‪ .‬وهم يعتمدون في ذلك على نصوص من التققوراة تشققير إلققى أن داود رقققص‬
‫أمام الرب )‪ 2‬صموئيل ‪ 5:6‬و ‪.1(22-14:6‬‬

‫وترى طائفة الخصيان أنه حّتى يرجع النسان ليشبه ال والملئكة عليه أن يقطع العضاء الجنسّية التي ترمز إلى‬
‫خطيئة آدم وحّواء‪ .‬فبقطع هذه العضاء يتم نزع »مفاتيح الجحيم« التي تمنع من الذوبان فققي الققذات اللهّيققة‪ .‬ويتققم‬
‫شققحين خلل الطقققس الققديني ويطلققق عليهققم إسققم »المبتققدءون« الققذين ل يتققم‬ ‫النتماء لطائفة الخصيان بتقديم المر ّ‬
‫ل بعد التخّلص من العضاء الجنسّية والتناسققلّية‪ .‬فيبققدأون بالقضققاء علققى الخصققيتين بالحديققد المحّمققى أو‬ ‫كمالهم إ ّ‬
‫سّكين أو مقققص أو فققأس‪ .‬ويسقّمون هققذه العملّيققة »التطهيققر الّول« أو »الختققم الصققغر«‪ ،‬أو »ركققوب الحصققان‬
‫النمر«‪ .‬ثققم يتبعققون الخصققي ببققتر القضققيب ذاتققه‪ ،‬ويسقّمى »التطهيققر الثققاني« أو »الختققم الملكققي« أو »ركققوب‬
‫الحصان البيض«‪ .‬وعبارة الختم تشير إلى الية في سفر الرؤيا التي تتكّلم عن المختومين )‪ (4:7‬والققتي ذكرناهققا‬
‫أعله‪ .‬والعبارة الحصان البيض نجدها في سفر زكرّيا‪» :‬وعدت ورفعت عيني ورأيت رؤيا‪ ،‬فإذا بأربع مركبات‬
‫خارجات من بين جبلين‪ ،‬والجبلن جبل نحاس‪ .‬وفي المركبة الولققى أفققراس حمققر وفققي المركبققة الثانيققة أفققراس‬
‫سود‪ ،‬وفي المركبة الثالثة أفراس بيض‪ ،‬وفي المركبة الرابعة أفراس نمر وقوّية« )زكرّيا ‪ .(4-1:6‬وقد جاء ذكققر‬
‫للحصان البيض عّدة مّرات في سفر الرؤيا نذكر منها‪» :‬فرأيت فرسًا أبيض قد ظهر وكقان الراكقب يحمقل قوسقًا‬
‫ل فخرج غالبًا« )الرؤيا ‪ .(2:6‬وهناك من يضيف إلقى هقذا البقتر قطقع بعقض عضقلت الصقدر عنقد‬ ‫فأعطي إكلي ً‬
‫‪2‬‬
‫ل للمسيح بجروحه الخمسة ‪.‬‬ ‫الثديين والورك‪ .‬وهكذا يصبح الشخص مماث ً‬

‫وهذه الطائفة ل تكتفي ببتر العضاء الجنسّية للرجال‪ ،‬بل تبتر أيضًا النساء‪ .‬وهذا البتر علققى درجققات‪ :‬بققتر حلمققة‬
‫ل‪ ،‬ندب الثديين أو تجريحهما‪ ،‬بتر الشفرين الصققغيرين مققع أو دون بققتر البظققر‪ ،‬بققتر الجققزء‬
‫الثدي‪ ،‬بتر الثدي كام ً‬
‫العلى للشفرين الكبيرين مع الشفرين الصغيرين والبظر‪ .‬وبعد إجراء هذه العملّيات تتحّول المقرأة مقن »وققواق«‬
‫إلى »حمامة بيضاء«‪ .3‬ولقد فحص بعضهم نحو خمسة آلف شخص مّمن ينتمون إلى تلققك الطائفققة‪ ،‬منهققم ‪3900‬‬
‫ذكر و ‪ 1400‬أنثى‪ .‬فكان بيقن القذكور ‪ 588‬بقتر لهقم كقل شقيء و ‪ 833‬بقترت خصقاهم و ‪ 62‬بقترت لهقم أجقزاء‬
‫أخرى‪ .‬وكان بين الناث ‪ 99‬مبتورات الثديين والعضاء التناسلّية جميعًا و ‪ 308‬بتر ثديا كل منهن و ‪ 182‬بققترت‬
‫حلمات أثدائهن و ‪ 251‬بترت أعضاؤهن التناسلّية و ‪ 108‬بترت لهن أجزاء أخرى من أجسامهن‪.4‬‬

‫ونحن نجد عند هذه الطائفة أفكارًا تشابه الفكار التي نجدها عنققد مؤّيققدي الختققان‪ .‬فهققي تحققاول أن تققرد علققى مققن‬
‫ل يرى منتقدو هذه الطائفققة فققي العضققاء الجنسقّية عطّيققة مققن الق تققؤّدي‬ ‫ينتقدها باللجوء إلى الجدل المنطقي‪ .‬فمث ً‬
‫وظيفة التكاثر التي على النسان القيام بها‪ .‬وحققذف هققذه العضققاء هققو ضققد الطبيعققة‪ .‬وقققد رد أحققد أعضققاء هققذه‬
‫ل بأن وجود تلك العضاء في النسان ل تعنققي ضققرورة إسققتعمالها لن ذلققك سققيؤّدي إلققى‬ ‫الطائفة عام ‪ 1917‬قائ ً‬
‫تكاثر البشر وانتقاص المواد الغذائّية حسب نظرّية »مالتوس« وانتشار المجاعققة والحققروب والمققراض وتراجققع‬
‫التقّدم النساني‪ .‬وترى هذه الطائفة أن قوانين الطبيعة تثبت لنا بأنه علينا إذا ما أردنا الوصول إلى مسققتوى حيققاتي‬
‫أعلى أن نحذف القوانين التي تحكققم المسققتوى السققفل‪ .‬وهققذا ليققس ضققد الطبيعققة‪ .‬فحّبققة القمققح حّتققى تصققبح نبتققة‬
‫والبيضة حّتى تصير دجاجة يجب عليها أن تموت َقبل ذلك‪ .‬وهكذا ل يمكن تطوير الحياة الروحّية عند النسان إلّ‬
‫إذا أنقصنا الحياة الجسدّية‪.5‬‬

‫‪Ingerflom, p. XXXIII-XXXIV; Volkov, p. 50-54‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Volkov, p. 63-66‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Volkov, p. 71-72‬‬ ‫‪3‬‬

‫لويس‪ :‬الختان ضللة إسرائيلّية مؤذية‪ ،‬ص ‪.101-98‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Volkov, p. 75-82‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪158‬‬
‫وفي نص من عام ‪ ،1925‬حاول عضو من الطائفة تقديم تبريرات أخرى ردًا على من يرى أن العضاء الجنسقّية‬
‫ل‬
‫ضرورّية للحياة العقلّية والروحّية وأن تنشيط هذه العضاء يطيل الحياة‪ .‬يرد الخصي على هققذه الّدعققاءات قققائ ً‬
‫بأن الخصاء ل يؤّثر على الحياة العقلّية والروحّية فقد خصي وعمره تسع سنين وعاش سّتين سنة في مجموعة من‬
‫الخصيان عددهم ‪ 200‬شخص‪ .‬فخبرته تمّكنه من قول ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬إن الطّباء ل علم لهم بما يجري ضمن جماعة الخصيان وهم لم يبحثوا عن إثبات لقوالهم على أرض الواقع‪.‬‬

‫حكمة أكبر من غير المخصّيين‪.‬‬


‫‪ -‬على المستوى الجسدي‪ :‬يتمّتع الخصيان بنشاط ومقدرة على التصّرف و ِ‬

‫‪ -‬على مستوى الذكاء‪ :‬الخصيان ليسوا أقل ذكاء من غير المخصّيين‪.‬‬

‫‪ -‬على المستوى الروحي والخلقي‪ :‬يعلو الخصيان عققن المسققتوى العققام مققن الطبقققة الققتي يخرجققون منهققا‪ .‬وهققم‬
‫رحماء وكرماء وشرفاء‪.‬‬

‫‪ -‬على المستوى السياسي‪ :‬يهتم الخصيان بالسياسة أكثر من غيرهم وهم فلسفة حقيقّيون‪.‬‬

‫‪ -‬على المستوى القتصادي‪ :‬يتصّرف الخصيان بصورة مثالّية وهم أكثر غنى من غيرهم وأكثر نجاحًا‪ ،‬فلهم بيت‬
‫ولهم قطعان ولهم قمح من أجود النواع‪.‬‬

‫ل أن الذين خصيوا صغارًا ل ينبت لهم شعر القوجه ويصقبح‬ ‫‪ -‬على المستوى الجسدي‪ :‬الخصيان مظهرهم سليم‪ ،‬إ ّ‬
‫وجههم وصوتهم أكثر رّقة مثل وجه وصوت النساء‪ .‬أّمققا فيمققا تبّقققى فهققم مثققل غيققر الخصققيان‪ ،‬ل بققل أكققثر‪ :‬فهققم‬
‫حتهم أحسن من غير الخصيان‪.‬‬
‫أنظف‪ ،‬وص ّ‬

‫‪ -‬صحيح أن هناك بعض الخصيان الذين ل تنطبق عليهم هذه الحكققام‪ ،‬ولكققن هققؤلء ل يزيققد عققددهم عققن ‪ 10‬أو‬
‫‪ %15‬من الخصيان‪.1‬‬

‫وقد أضاف صاحب هذا النص في رسالة أخرى يقول إن »أوريجين« و»سليفانوف« لم يكونا غبّيين‪ ،‬وكلهمقا لقم‬
‫يتخّلص من خصققيتيه لنهمققا ثقيلتققان‪ .‬فهاتققان الخصققيتان قققد سقّببتا شققرورا كققثيرة للنسققان والبشققرّية‪ :‬منازعققات‬
‫وخصومات وقتل وحروب وأمراض وتشويه أجسام وغيرهقا مقن العاهقات التعيسقة مقع تقدّني الخلق والجنقس‪.‬‬
‫فالنسان لم يتوّقف عن عمققل الثققم بهققاتين الخصققيتين‪ .‬ومستشققفيات كققثيرة تققداوي المققراض الجنسقّية والسققيلن‬
‫الناتجة عنهما‪ .‬وهناك آلف من حالت الجهاض وقتل الطفال حديثي الولدة كما تكاثرت بيقوت القدعارة بسققبب‬
‫تلك الخصيتين‪ .‬فخصي الرجل نفسه ل يضر الدولة‪.2‬‬

‫أرجع »فولكوف« إنتشار طائفة الخصيان كغيرها من الشيع الروسّية إلققى أسققباب إقتصققادّية واجتماعّيققة‪ .‬فقققد ثققار‬
‫لحون على أوضاعهم أمام ملكي الرض ولكن فشلوا في ثورتهم تلك‪ .‬فانضققم رجققال ونسققاء إلققى شققيع دينّيققة‬ ‫الف ّ‬
‫جققار المظلققومين مقن الدولققة مصققالح مشققتركة‪ .‬ولعققب الفكققر‬ ‫يجدون في ظّلها حماية وتضامنًا‪ .‬وقد جمعتهم مع الت ّ‬
‫الديني دوره في ترابطهم‪ .‬فهم يؤمنون بمجيء قيصر يحميهم خلفقًا للقيصققر الققذي يظلمهققم‪ .‬وقققد إنضققم عققدد مققن‬
‫النساء لهذه الطائفة للهروب من الظلم الواقع عليهن من ِقَبل أصحاب الرض وأزواجهققن‪ .‬وكققان أعضققاء الطائفققة‬
‫يرون فيها وسيلة للخلص الروحي وللخلص من عبء العائلة‪ .‬وكققان أصققحاب الرض يتفققادون تقسققيم الرض‬
‫جققار‬ ‫مع أفراد عائلتهم‪ .‬وفي نفس الوقت كانوا يستطيعون إستغلل أعضاء الطائفة الذين ليس لهم أرض‪ .‬وكققان الت ّ‬
‫ظمقة يمكقن الرتكقاز عليهقا تجارّيقا ومالّيقا‪ .‬وكقانت الطائفقة غنّيقة إذ إن أعضقاءها ل‬ ‫يرون في الطائفة جمعّية من ّ‬
‫يأكلون اللحم ول يشربون الخمر ول يقققتربون النسققاء وليقس لهققم أولد يصققرفون عليهققم وكقان العمققل هقو هّمهقم‬

‫‪Volkov, p. 113-115‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Volkov, p. 115-116‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪159‬‬
‫الوحيد‪ .‬أضف إلى ذلك أنهم كانوا أمناء للطائفة التي لققم يكققن فققي إمكققانهم تركهققا للنخققراط بالعققالم بسققبب فقققدهم‬
‫لعضائهم الجنسّية‪.1‬‬

‫وقد لجأت هذه الطائفة لعّدة وسائل لجذب أعضاء جدد لها إذ إنهققا ل تتكققاثر بالتناسققل‪ .‬منهققا توزيققع نصققوص مققن‬
‫الكتاب المقّدس تحث على الخصي وتعتبره السلوب المثل للخلص‪ .‬كما لجأت إلققى خصققي الطفققال واسققتغلل‬
‫ديون الخرين وحاجاتهم القتصادّية‪ .‬فالخصي الغني كان يشتري إحتياجات الفقير ثم يطالبه بثمنها‪ ،‬ويتنازل عققن‬
‫الدين إذا َقبل الفقير بالخصي‪ .‬وكانت الطائفة تقصقر التوظيقف علقى الخصقيان وتوظيقف عقائلت فقيقرة وأطفقال‬
‫بهدف خصيهم لحقًا‪ .‬كما أنها إستعملت الشبيبة من الجنسين في جذب الشباب‪ .‬وبما أن هققؤلء الشققباب ل يمكنهققم‬
‫الرجوع عّما فعلوه كانوا يبحثون عن أعضاء جدد حّتى ل يكونوا وحدهم‪.‬‬

‫وقد عرفت هذه الطائفة رواجًا كبيرًا رغم شذوذ تصّرفاتها‪ .‬وقد ُقّدر عدد أفراد هذه الطائفة في وسط القرن التاسققع‬
‫عشر قرابة سّتة آلف شخص تنتمي أكثرّيتهم إلى الكنيسة الرثوذكسّية ولكن نجد أيضًا بينهم أعضاء منشّقين عققن‬
‫لت تجارّية هاّمة‪ .‬وقد‬ ‫اللوثريين والكاثوليك وبعض اليهود والمسلمين‪ .‬وكانت الطائفة غنّية جّدا ولها مصانع ومح ّ‬
‫إقترح »إيلينسققكي«‪ ،‬أحققد زعمققاء الخصققيان‪ ،‬علققى القيصققر »اليكسققندر الّول« عققام ‪ 1804‬تحويققل روسققيا إلققى‬
‫ل ويكون هو من ضمنهم كرئيس للجيققش‪ .‬واقققترح‬ ‫إمبراطورّية يحكمها الخصيان حيث يرأس مجلسًا من ‪ 12‬رسو ً‬
‫حكم المدن إلى الخصققيان‪ .‬وكققانت هققذه أّول محاولققة للسققتيلء‬‫أن يكون »سليفانوف« دائمًا مع القيصر وأن يسّلم ُ‬
‫ل أنها فشلت واعُتِبر مقترحها مجنونًا وأدخل ديرًا‪ .‬وهناك محاولقة أخققرى جققرت‬ ‫على السلطة من ِقَبل الخصيان‪ .‬إ ّ‬
‫عام ‪ 1872‬من ِقَبل شخص خصي إّدعى أنه المسيح فأراد الذهاب إلى القيصر ليعلن يوم الدينونة الخير في العالم‬
‫حِكم عليه بالشغال الشاقة‪.2‬‬
‫ولكّنه أوِقف في طريقه و ُ‬

‫ل أن هذه الطائفة لم تخلققو مققن‬ ‫وقد حاول البعض تصوير طائفة الخصيان وكأنها مجتمع يحكمه العدل والمساواة‪ .‬إ ّ‬
‫الستغلل القتصادي والجتماعي ليس فقط نحو الذين لم يكونوا أعضاءًا فيها‪ .‬فققالخوف مققن العزلققة عنققد العجققز‬
‫يحث البعض إلى البحث عن رفقاء يساعدونه‪ .‬ولكن هؤلء كثيرًا ما يغتنمققون هققذه الحاجققة حّتققى يؤّمنققوا لنفسققهم‬
‫ظقا مقن‬
‫الحصول على ميراث رفيقهم العجوز‪ .‬ونحن نجد بين هقذه الطائفقة الغنقي والفقيقر‪ ،‬وكقانت المقرأة أققل ح ّ‬
‫الرجل في هذه الطائفة‪ .‬فهي تهرب من ظلم المجتمع فتقع في ظلم الطائفة ورجال الطائفة‪ .‬فَتحت غطاء التدّين نجد‬
‫لحيققن الفقققراء فقي‬
‫ل الف ّ‬
‫بؤسا إقتصادّيا واجتماعّيا كبيرًا‪ .‬وكقثيرًا مقا كقانت الطائفققة تسقتولي علقى الرض وتسققتغ ّ‬
‫حرثها‪.3‬‬

‫وقد لقى أعضاء هذه الطائفة كثيرًا من الضطهاد في روسيا من ِقَبل السلطة ومن ِقَبل الكنيسققة الققتي كققانت تققرى‬
‫ل وامرأة مققن هققذه الطائفققة‬ ‫فيهم جماعة خارجة عن سلطتها الدينّية‪ .‬فبين عام ‪ 1805‬و ‪ ،1870‬تم نفي ‪ 5444‬رج ً‬
‫إلى سيبيريا‪ .‬وقد هرب أكثر من ‪ 1500‬عضو من روسيا إلى رومانيا َقبل إنتصار الشققيوعّية فققي روسققيا‪ .‬ولكّنهققم‬
‫إحتّلوا أحيانًا مناصب عالية في الدولة‪ .‬وأحد من حوكموا عام ‪ 1929‬كققان رئيقس السقوفييت للريقف والتربيقة فقي‬
‫منطقته‪ .‬وعدد الذين حوكموا في الّتحاد السوفييتي لنتمائهم لهذه الطائفة يقّدر بققأكثر مققن ‪ 2000‬شققخص‪ .‬وهنققاك‬
‫شواهد على وجود عشرات من أعضاء هذه الطائفة في روسيا حّتققى عققام ‪ .41970‬وقققد بقّرر »فولكققوف« معققاداة‬
‫الحكومة لهذه الطائفة كما يلي‪:‬‬
‫حكم البروليتارّية‪ ،‬تظهر طائفة الخصيان كتعبير حاد للمعارضققة الجتماعّيققة والقتصققادّية‬ ‫»في ظل ُ‬
‫ضد مبادئ النظام السوفييتي‪ .‬فطبيعة دينها ودورها المالي السابق والحققالي ل يسققمح لهققا بققأن تكققون‬
‫مؤّيدة لهذا النظام‪ .‬ويجب أن نعير إنتباهًا كبيرًا لهذه الطائفققة بسققبب فكرهققا الرافققض للثقورة وبسققبب‬
‫خطورة نشاطها الجتماعي والقتصادي وتعاليمها الدينّية البشعة التي تؤّدي إلققى بققتر جسققد وأخلق‬
‫أتباعها«‪.5‬‬

‫‪Volkov, p. 23-34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ Volkov, p. 47-50‬أنظر أيضًا ‪Ingerflom, p. XVI-XXIII‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Volkov, p. 83-101‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ingerflom, notes, p. 144‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Volkov, p. 116-117‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪160‬‬
‫وقد إقترح »فولكققوف« لمكافحققة هققذه الطائفققة تنظيققم شققبكة مققن الهيئات السياسقّية والتعليمّيققة والتثقيفّيققة وإرسققال‬
‫أشخاص للتثقيف ضد الدين وأطّباء للمناطق التي تتواجد فيهققا تلققك الطائفققة‪ ،‬وعمققل قائمققة بالخصققيان المعروفيققن‬
‫عققاظهم ومققن يقومققون بالخصققي‬ ‫صققبين وو ّ‬
‫ومراقبتهققم بشقّدة‪ ،‬وأخققذ الجققراءات الدارّيققة لفصققل الخصققيان المتع ّ‬
‫وإبعادهم عن الشعب‪ .‬فهو يرى أن العقاب لم يؤّد إلى نتيجة إيجابّية‪ .‬ل بل إن ذلك قد يققؤّدي إلققى نتيجققة عكسقّية إذ‬
‫يعطيهم الشعور بأنهم يّتبعون مخّلصهم‪ .‬فقد أمضى بعض الخصيان عشرات السنين في السجن في عصر القيصققر‬
‫دون أن يتعّلموا درسًا‪ .‬ويضيف »فولكوف«‪» :‬يجب فصل ‪ 40‬أو ‪ 50‬مجرمًا حّتى نحرمهققم مققن بققتر عشققرات أو‬
‫مئات من الفراد«‪.1‬‬

‫ب( الخصيان في ترانيم الكنيسة‬

‫إستعمال الخصيان فققي ترانيققم الكنيسققة ظققاهرة غريبققة أخققرى ناتجققة عققن عققدم الخققذ بمبققدأ سققلمة الجسققد‪ .‬وقققد‬
‫ترعرعت هذه الظاهرة على أساسين‪ :‬الّول هو النتيجة الفيزيولوجّية للخصي والثاني النظرة السلبّية للمرأة‪.‬‬

‫فمن المعروف أن الصبي إذا خصي إحتفظ بصوته الرقيق عندما يكبر‪ .‬فالخصي يمنع حصققول إفققرازات الققذكورة‬
‫التي تحّول صوت الصبي إلى صوت رجل‪ .‬واحتفاظ الرجل بصوت الصبي يسمح له أن يؤّدي أصعب الصققوات‬
‫السبرانو‪ .‬كما أن الخصي يعطي للرجل ملمح نسائّية ناعمة‪ ،‬ويؤّدي إلى بروز في الصدر‪ ،‬كما يمنع نبات الشعر‬
‫في وجهه وتساقط شعر الرأس وبزوغ ما يسّمى بتّفاحة آدم فققي حنجرتققه‪ .‬ومققع تققّدم العمققر‪ ،‬يققؤّدي الخصققي إلققى‬
‫خم في الفخذين والورك تمامًا كما عند المرأة‪ .‬وتجدر الشارة هنققا إلققى أن المغّنيققن والممّثليققن الرومققان كققانوا‬
‫تض ّ‬
‫‪2‬‬
‫يلجأون إلى عملّية »شبك الغلفة« للمحافظة على المني ظّنا منهم أن ذلك مفيدًا لصوتهم ‪.‬‬

‫ل للفاحشة‪ ،‬تمامًا كما كققان بعققض فقهققاء اليهققود والمسققلمين ينظققرون‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬إعتبرت الكنيسة المرأة سبي ً‬
‫إليها‪ .‬فمنعت الكنيسة النساء من المشاركة في الترانيم الروحّية كما يمنع المسلمون للمققرأة أن تققؤّذن للصققلة‪ .‬وقققد‬
‫إعتمدت الكنيسة في ذلك على قول بولس‪» :‬ولتصمت النساء في الجماعات‪ ،‬شأنها في جميع كنائس القّديسين‪ ،‬فإنه‬
‫ل يؤذن لهن بققالتكّلم« )‪ 1‬قققورنتس ‪ .(34:14‬واسققتبدلت النسققاء بالخصققيان‪ .‬فنجققد مرّنميققن خصققيان فققي الكنيسققة‬
‫البيزنطّية منذ القرن الثاني عشر وفي كنائس إسبانيا منذ القرن السادس عشر‪ .‬وكققانت الكنيسققة البابوّيققة فققي رومققا‬
‫تستعمل الخصيان السبان في الترانيم الدينّية‪.3‬‬

‫وإضافة إلى منع النساء من المشاركة بالترانيم الدينّية‪ ،‬منعت الكنيسة المرأة من التمثيل علققى المسققرح بقققرار مققن‬
‫البابا »سيكتوس الخامس« )توّفى عام ‪ .(1590‬وقد تكّرر هذا المنع في عصر عدد من الباباوات‪ .‬وفي بداية القرن‬
‫الثامن عشر قام البابا »كليمنتوس الحادي عشر« بتحريم الغناء على المرأة لن ذلققك يمنعهققا مققن القيققام بواجباتهققا‬
‫شيا مع الوامقر الدينّيققة أو لللتفققاف حولهققا‪ ،‬تقم فقي‬‫المنزلّية‪ .‬وحّرم أيضًا دخول أي معّلم موسيقى عند إمرأة‪ .‬وتم ّ‬
‫‪4‬‬
‫إيطاليا إستعمال الخصيان وإلباسهم بزي النساء ليقوموا بدور النساء ‪.‬‬

‫وقد ترعرع سوق الغناء والتمثيل في إيطاليا في القققرن السققابع عشققر والثققامن عشققر وتهققافت النققاس علققى سققماع‬
‫صة من الطبققات الفقيقرة‪ ،‬القذين يريقدون أن يتبقع أطفقالهم مهنقة الغنقاء‬ ‫المغّنين والمرّنمين‪ .‬وكان على الهل‪ ،‬خا ّ‬
‫صة منذ صغرهم لتعّلم الغناء واللت الموسيقّية‪ .‬وكان‬ ‫والترنيم أن يعّرضوا أطفالهم للخصي للحاقهم بمدارس خا ّ‬
‫يطلق على الطالب في تلك المدارس لقب »الخصققي« ‪ eunuco‬دون أن يعنققي ذلققك شققيئًا مشققينًا‪ .‬وعنققدما يتطقّور‬
‫الشخص يطلق عليه لقب »الموسيقي« ‪ musico‬أو »البارع« ‪ .virtuoso‬أّما خارج إيطاليا‪ ،‬فقد أحتفظ لهم بلقققب‬
‫»الخصي« مع مزيج من الحترام لفّنهم والحتقار لحالهم‪ .‬وكانت القصور الملكّية والميرّية في إيطاليا وخارجها‬
‫صقة فقي كنيسقة‬ ‫تتفاخر بدعوتهم للغناء‪ ،‬كما أن الخصيان كقانوا يؤّمنقون القترانيم فقي جميقع كنقائس إيطاليقا‪ ،‬وخا ّ‬
‫صيصا لهم بعققد أن إنتهققى عهققدهم‪ .‬وقققد‬ ‫الفاتيكان‪ .‬ويصعب اليوم إعادة ترنيم وغناء القطع الموسيقّية التي كتبت خ ّ‬
‫ولعت النساء بهم لملمحهم الناعمة أو لعدم خطورة العلقة الجنسّية معهققم‪ .‬فالخصققي‪ ،‬إذا لققم يقطققع لققه القضققيب‪،‬‬
‫‪Volkov, p. 117‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Favazza, p. 190‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 14-15, 20-25‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 20-28, 135-137‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪161‬‬
‫يستطيع أن يمارس العلقة الجنسّية ولكققن السققائل المنققوي لققم يكققن يسقّبب الحمققل‪ .‬ومنهققم مققن دخلققوا الرهبانّيققات‬
‫والكهنوت وأصبحوا من رجال الدين واستمر بعضهم في ُمهّمة الترتيل الديني‪.1‬‬

‫ولكن هؤلء الخصيان لم يكونوا بحد ذاتهم راضين عّما أصابهم دون موافقتهم‪ .‬وبعضهم أهمل أهلهققم بغض قًا لهققم‪.‬‬
‫لق أو جقّراح دون تخقدير علققى أطفقال بيقن عمقر ‪ 7‬و ‪ 12‬سقنة‪ ،‬بسقحب‬ ‫وكانت عملّية الخصي تجرى من ِقَبل ح ّ‬
‫‪2‬‬
‫الخصيتين تمامًا‪ .‬وتقّدر نسبة الوفاة ما بين ‪ %10‬و ‪ %80‬حسب أسلوب العملّية ‪ .‬ولم يكن الهقل والقذين يجققرون‬
‫العملّية يعتبرون عملهم منافيًا للخلق‪ ،‬تمامًا كما هو المر للذين يختنققون الولد أو البنققات فققي القققاهرة‪ .‬فالهققل‬
‫لقون كانوا يعتبرون أنهم يقومون بعمل خير للولد بفتح باب المكسب والشهرة‪ .‬ولكن لتفادي تحريققم الخصققي‬ ‫والح ّ‬
‫حكققم عليهققم‬‫من الكنيسة والحرج الجتماعي الناتج عن الخصي وعقدة الذنب وتوبيخ الولد عندما يكققبرون‪ ،‬أو ال ُ‬
‫بالجشع الماّدي‪ ،‬كانوا يرجعون الخصي لسباب مختلفة مثل التشققويه الخلقققي أو السقققوط عققن الحصققان أو عضققة‬
‫حيوان أو ضربة بالرجل من أحد الرفاق‪ ،‬أو أنهققم كققانوا يتققذّرعون بأسققباب وقائّيققة أو علجّيققة‪ .‬وكققثيرًا مققا جهققل‬
‫الخصيان السبب الحقيقي الذي من أجله فقدوا خصيتيهم‪ .‬وبعد الشفاء من الخصي يقوم الهل بالبحث عققن مدرسققة‬
‫لتعّلم الترنيم والموسيقى‪ .‬ولكققن لققم يكققن الحققظ يصققيب الجميققع‪ .‬فمنهققم مققن بقققي فققي جوقققات الكنققائس الصققغيرة‪،‬‬
‫صصين في جمع الخصيان من القققرى لحسققاب المققراء‬ ‫ظا كانوا يسّلمون إلى وكلء متخ ّ‬ ‫والبعض الخر الكثر ح ّ‬
‫داخل وخارج إيطاليا لكي يقوموا بالترنيم في جوقاتهم الكنسّية أو على مسارحهم‪ .‬وكان هناك أيضًا مدارس اليتام‬
‫التي تقوم بتربية الخصيان لهذا الغرض‪ ،‬يلتحق بها أيضقًا أولد الفقققراء‪ .‬وكققانت هققذه المققدارس تققؤجر الخصققيان‬
‫للكنائس والمسارح‪ .‬وكان على الخصيان البقاء في خدمة تلك المدارس لمّدة معّينة مقابل تعليمهم‪.3‬‬

‫ل قسققم السققبرانو فققي‬ ‫وتم رسمّيا قبول أّول مرّتلين إيطاليين خصيان في الجوقة البابوّية عام ‪ 1599‬وقد تحّول كام ً‬
‫الجوقة البابوّية إلى جوقة خصيان عام ‪ .41625‬وقد سمح البابا »كليمنتوس الثامن« بالخصي فقط لققق»مجققد القق«‪،‬‬
‫معتمدًا في ذلك على قول بولس في رسالته الولققى لهققل قققورنتس السققابق الققذكر رغققم أن بقولس لققم يعنققي بققذلك‬
‫ضرورة وجود الخصيان في جوقات الكنيسة‪ .5‬وهكذا لعبت الكنيسة دورًا متناقضًا فققي موضققوع الخصققيان‪ .‬فهققي‬
‫كانت تحّرم الخصي من جهة وتحمققي الخصقيان وتسققتعملهم إلققى درجققة أنهقا كقانت آخقر مقن إسققتغنى عنهققم فققي‬
‫جوقاتها الكنسّية‪ .‬ولم يعر رجال الدين إهتمامًا كبيرًا بالخصي‪ .‬فالراهب الدومينيكاني »سيروس« الذي )توّفى عام‬
‫‪ (1602‬كتب يقول‪» :‬إن الصوت أكثر أهّمية من الرجولة لن النسان يتمّيز عن الحيوان بصوته وعقله‪ .‬فإذا كان‬
‫ضرورّيا لتحسين الصوت أن نحذف الرجولة‪ ،‬يمكن القيام بذلك دون الخلل بالتقوى‪ .‬وفي الحقيقة أن الصققوات‬
‫السبرانو هققي ضققرورّية جقّدا لتمجيققد الق ل يمكققن السققتغناء عنهققا مهمققا غل الثمقن« وقققد كتققب الب اليسقوعي‬
‫»تمبوريني« )توّفى عام ‪ (1675‬أن الخصي أمر يّتفق والقانون »علققى شققرط أن ل ينتققج عنقه خطققر المققوت وأن‬
‫يوافق عليه الصبي‪ .‬والسبب في ذلك هو أن الخصيان يخدمون المصلحة العاّمة بققترانيمهم الدينّيققة داخققل الكنيسققة‪.‬‬
‫والحفاظ على أصواتهم بالخصي هو خير ل يمكن إهماله عندما يمكن تحسين أوضاعهم المعيشّية ويتمّتعون بتأييققد‬
‫ومساعدة النبلء على المستوى المالي«‪.‬‬

‫وقد أخذ البابا »بنديكتوس الرابع عشر« )توّفى عام ‪ (1758‬موقفًا معاديًا للخصي معتبرًا »أن قطققع أي جققزء مققن‬
‫ل إذا كقان خلص كقل الجسقم متعّلقق بقطقع ذاك الجقزء«‪ .‬ولكقن بسقبب‬ ‫جسم النسان ل يمكن أن يعتقبر قانونّيقا إ ّ‬
‫النجاح الذي لقاه الخصيان في الترنيم والمسارح لم يستطع أن يحّرمه‪ .‬وقد خطى البابا »كليمنتوس الرابع عشر«‬
‫)توّفى عام ‪ (1775‬خطورة أخرى بالسماح للنساء بالترنيم في الكنائس والقيام بصوت السققوبرانو كمققا سققمح لهققن‬
‫أن يمّثلن على خشبة المسرح‪ .‬وقد رافققق هققذا الموقققف نقققد متصققاعد ضققد الخصققي وبققدأ دور مققدارس الخصققيان‬
‫ل عققام ‪ 1902‬حيققث منققع البابققا »لون الثققالث عشققر«‬
‫يتلشى‪ .‬ولكن لم ينتهي دور الخصيان في الجوقة البابوّية إ ّ‬
‫إلحاق الخصيان بها‪ .‬وما تبّقى منهم فيهقا تركوهققا تققدريجّيا‪ ،‬كقان آخرهققم دومينيكققو مصققطفى القذي تقرك الجوققة‬
‫البابوّية عام ‪.61913‬‬
‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 141-152‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 19, 162-166‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 29-34, 37-42‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 17-18‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 27-28‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 127-131‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪162‬‬
‫صققة »فولققتير« و»روسققو«‪ ،‬اللققذين إعتققبرا الخصققي إهانققة‬ ‫وقد شن الفلسفة الفرنسيون حملققة ضققد الخصققي‪ ،‬خا ّ‬
‫للنسانّية‪ .‬وقد جاء في الماّدة السادسة من »وثيقة حقوق النسان« لعام ‪» 1793‬ل تعمققل لغيققرك مققا ل ترغققب أن‬
‫ل مققا‬
‫يعمله الغير لك«‪ .‬وقد لعب العداء بين فرنسا وإيطاليا دورًا في الحملققة ضققد الخصققي‪ ،‬كمققا أن الفرنسققيين قلي ً‬
‫كان يتذّوقون أغاني وترانيم الخصيان وكانوا يستهزئون منهم بشّدة‪ .‬وقد شذ عن ذلك المبراطور »نابليون« الذي‬
‫كان مولعًا بصوتهم وكان يدعوهم إلى مسارحه ويستضيفهم ويكرمهم‪ .‬ولكن »نابليون« منع الخصي في كل الدول‬
‫الوروبّية التي سيطرت عليها جيوشه‪ .‬وقد منع قبول الصبيان المخصّيين في مدارس الموسققيقى فققي إيطاليققا عققام‬
‫‪ ،1806‬ثم منع الخصيان من الصعود على خشبة المسرح عام ‪ .1814‬وهكقذا تقم إسقتبدال الخصقيان القذين كقانوا‬
‫يلعبون دور النساء بنسقاء ومغّنيقات‪ .‬ودار التاريقخ وبقدأ المفّكققرون فققي إيطاليقا ينتقققدون الخصققي القذي أصقبحوا‬
‫يعتبرونه من المور الشائنة والهمجّية التي أصابت بلدهم خلل القرنين السابقين بعدما كان مفخرة بلدهم‪.1‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬الختان في الفكر الديني السلمي‬

‫سوف ننهج في هذا القسم نفققس المنهققج الققذي تبعنققاه فققي القسققمين السققابقين‪ .‬فنبققدأ بققالقرآن‪ ،‬الكتققاب المققّدس عنققد‬
‫المسلمين والمصدر الرئيس للشريعة السلمّية‪ ،‬لنستعرض ما جاء فيه من نصوص حول ختققان الققذكور والنققاث‬
‫حّتى يتسّنى للقارئ أن يقارن بين ما جاء في الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية وما جاء في القرآن‪ .‬ثم سققنرى مققا‬
‫قام به الفقهاء والمفّكرون من تفسير لبعض آياته لتأييد أو رفض الختان‪ .‬وبعققد ذلققك سققوف نتكّلققم عققن المصققدرين‬
‫سّنة وشرع من َقبلنا واعتراضات الفقهقاء والمفّكريقن عليهقا َقبقل أن ننتققل إلقى‬ ‫الخرين للشريعة السلمّية‪ ،‬أي ال ُ‬
‫سّنة السلف وآراء الفقهاء والدّلة الخرى التي يتداولها مؤّيققدو ومعارضققو ختققان الققذكور والنققاث‪ .‬وفققي الفصققل‬ ‫ُ‬
‫الخير سوف نتكّلم عن عملّية ختان الذكور والناث كما تجرى عند المسلمين‪.‬‬

‫الفصل الّول‪ :‬الختان في القرآن‬


‫‪ (1‬القرآن المصدر الّول للشريعة السلمّية‬
‫القرآن هو الكتاب المقّدس لدى المسلمين والمصدر الّول للشريعة السلمّية‪ .‬والمسلمون‪ ،‬على إختلف مققذاهبهم‪،‬‬
‫يعتبرونه كلم ال المنزل على النبي محّمد بين عامي ‪ 610‬و ‪) 632‬تاريخ وفاته( لهدايققة البشققرّية‪ ،‬وهققم يعتقققدون‬
‫حكمتققه وعلمققه‪ .‬وعلققى كققل‬ ‫أن كل ما جاء في القرآن صحيح وحقيقة لنه صادر عن ال الذي ل يمكققن الشققك فققي ِ‬
‫مسلم أن يرجع إلى هذا النص للتعّرف على التصّرف الصحيح الذي يجب عليققه أن يسققلكه فققي علقتققه مققع البشققر‬
‫ومع ال‪.‬‬

‫ويعتبر المسلمون القرآن الكتاب السماوي الوحيد الذي ل يعتريه التحريف‪ ،‬علققى خلف الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة‬
‫والمسيحّية‪ .‬والمؤّرخون يّتفقون على أنه أقدم وأوثق مصدر كتققابي عربققي للتعقّرف علققى عققادات ونظققم المجتمققع‬
‫العربي في زمن النبي محّمد إذ إن النص الحالي الذي بين أيدينا ‪ -‬والذي يطلق عليه النص العثماني نسققبة للخليفققة‬
‫عثمان بن عفان )توّفى عام ‪ُ – (656‬يظن أنه تم جمعه بعد ‪ 15‬أو ‪ 20‬سنة من وفاة النبي‪ .‬أّما النصققوص الصققلّية‬
‫التي ُأعتِمد عليها في توثيق النص الحالي فقد تم حرقها‪.‬‬

‫‪ (2‬سكوت القرآن عن ختان الذكور والناث‬


‫رأينا في القسمين الّولين أن الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية تكّرس صفحات طويلة حول ختققان الققذكور ولكقن‬
‫ل ذكر فيها لختان الناث‪ .‬فما هو موقف القرآن من ختان الذكور والناث؟‬

‫‪Barbier: Histoire des castrats, p. 228-237‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪163‬‬
‫بعد التحّري‪ ،‬وجدنا أنه ل يوجد أي ذكر لختان الذكور أو ختان الناث في القرآن‪ .‬فكلمققة »ختققان« بققذاتها لققم تققرد‬
‫صين على لسققان اليهققود للتعققبير عققن »غلققف‬ ‫بتاتًا فيه بأي شكل من أشكالها‪ .‬وكل ما نجده هو كلمة »أغلف« في ن ّ‬
‫صقين‪ ،‬ل ققديمًا ول حقديثًا‪ ،‬بأنهمقا يعنيقان الختقان أو‬ ‫سقر أحقد هقذين الن ّ‬
‫القلب« وليس عن »غلف الجسد«‪ .‬ولقم يف ّ‬
‫يبّررانه‪ .‬وهذان النصان هما‪:‬‬
‫»ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى إبن مريم البّينات وأّيدناه بروح القققدس‬
‫أفكّلما جاءكم رسول بما ل تهوى أنفسكم إستكبرتم ففريقًا كّذبتم وفريقًا تقتلون‪ .‬وقالوا قلوبنا غلف بققل‬
‫ل ما يؤمنون« )البقرة ‪.(88-78 :2‬‬ ‫لعنهم ال بكفرهم فقلي ً‬
‫»فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات ال وقتلهم النبياء بغير حققق وقققولهم قلوبنققا غلققف بققل طبققع الق‬
‫ل« )النساء ‪.(155:4‬‬ ‫ل قلي ً‬
‫عليها بكفرهم فل يؤمنون إ ّ‬

‫وأصل عبارة »قلوبنا غلف« في التوراة‪ .‬فأرميا يقول‪» :‬إختتنوا للرب وأزيلوا غلف قلوبكم يا رجال يهوذا وسّكان‬
‫ل يخرج غضبي كالنار فيحرق وليس من مطفئ بسققبب شققر أعمققالكم« )أرميققا ‪ .(4:4‬وفققي مسققند إبققن‬ ‫أورشليم لئ ّ‬
‫حنبل )توّفى عام ‪ (855‬حديث يقول‪» :‬القلوب أربعة‪ :‬قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر‪ ،‬وقلب أغلف مربوط على‬
‫غلفه‪ ،‬وقلب منكوس‪ ،‬وقلب مصّفح ]‪ .[...‬وأّما قلب الغلف فقلب الكافر«‪.1‬‬

‫ونشير هنا إلى أن التوراة تعتبر غير المختونين نجسًا‪ .‬لذا يمنعهم حزقيال من دخول الهيكل )‪ .(9:44‬وأشققعيا يمققد‬
‫هذا المنع لكل مدينة أورشليم )‪ .(1:52‬أّما القرآن‪ ،‬فهو يمنع المشركين الققذين ينعتهققم بالنجاسققة مققن القققتراب مققن‬
‫المسجد الحرام‪» :‬يأيها الذين آمنققوا إّنمققا المشققركون نجققس فل يقربققوا المسققجد الحققرام بعققد عققامهم هققذا« )التوبققة‬
‫‪ .(28:9‬ولكن القرآن ل يذكر غير المختونين كما في التوراة‪ ،‬مّما يعني أن غير المختونين في نظر القققرآن ليسققوا‬
‫نجسًا‪ .‬ورغم أن القرآن ذكر إبراهيم ‪ 69‬مّرة ويعتبره »أسوة حسنة« )الحشر ‪ ،(4:60‬فإنه لم يتكّلم بتاتًا عن ختانه‬
‫كما تفعل التوراة‪.‬‬

‫يمكننا إذًا أن نستنتج مّما سبق أن القرآن يسكت تمامًا عن الختان على عكس الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية‪.‬‬

‫‪ (3‬تفسير آيات متشابهات من القرآن لتأييد ختان الذكور‬


‫لم يقتنع الفقهاء والمؤّلفون المسلمون قديمًا وحديثًا أن القرآن لم يتكّلم عققن الختققان‪ ،‬تلققك العققادة الواسققعة النتشققار‪،‬‬
‫صة وأن القرآن يقول‪» :‬ما فّرطنا في الكتاب من شيء« )النعام ‪(38:6‬؛ »ونّزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء‬ ‫خا ّ‬
‫وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين« )النحل ‪(89:16‬؛ »اليققوم أكملققت لكققم دينكققم وأتممققت عليكققم نعمققتي« )المققائدة‬
‫‪ .(3:5‬ولذلك حاولوا البحث عن آيات قد تسعفهم فوقع إختيارهم على عدد منهققا تنتمققي إلققى مققا يسقّمى بققق»اليققات‬
‫سققروها بحيققث تّتفققق مققع إّتجقاههم المؤّيقد لختقان الققذكور‪ .‬ونبقدأ بكلمقة مختصققرة عقن »اليققات‬ ‫المتشقابهات«‪ ،‬فف ّ‬
‫المتشابهات«‪.‬‬

‫يقول القرآن الكريم‪» :‬هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وُأخققر متشققابهات‪ .‬فأّمققا الققذين‬
‫ل القق« )آل عمققران ‪.(7:3‬‬ ‫في قلوبهم زيغ فيّتبعون ما تشابه منه إبتغققاء الفتنققة وابتغققاء تققأويله‪ .‬ومققا يعلققم تققأويله إ ّ‬
‫إعتمادًا على هذه الية‪ ،‬يقول علماء الدين المسلمون »إن من القرآن ما إّتضحت دللته على مراد ال ق تعققالى منققه‪،‬‬
‫ومنه ما خفيت دللته على هذا المراد الكريم‪ .‬فالّول هو المحكم‪ ،‬والثاني هو المتشققابه«‪ .2‬والمتشققابه »هققو الخفققي‬
‫ل‪ ،‬وهو ما إستأثر ال تعالى بعلمه« وهو ما يحتمل تأويله أوجهًا‪ .‬أّما المحكققم فهققو‬ ‫ل ول نق ً‬
‫الذي ل يدرك معناه عق ً‬
‫‪3‬‬
‫ل وجهًا واحدًا من التأويل« ‪ .‬ويضيف الزرقاني منّبها لمن يتعّرض لتفسير اليات المتشابهة‪» :‬لققو‬ ‫»ما ل يحتمل إ ّ‬
‫أنصف هؤلء لسكتوا عن اليات والخبار المتشابهة‪ ،‬واكتفوا بتنزيه ال تعالى عّما توهمه ظواهرها من الحققدوث‬
‫ولوازمه؛ ثم فّوضوا المر في تعيين معانيها إلى ال وحده«‪.4‬‬

‫مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،3‬ص ‪ ،393‬رقم ‪.10745‬‬ ‫‪1‬‬

‫الزرقاني‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.270‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزرقاني‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.272‬‬ ‫‪3‬‬

‫الزرقاني‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.293‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪164‬‬
‫واليات التي إعتمد عليها مؤّيدو ختان الذكور هي التالية‪:‬‬
‫»ثم أوحينا إليك أن إّتبع ِمّلة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين« )النحل ‪.(123:16‬‬
‫»قل صدق ال فاّتبعوا ِمّلة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين« )آل عمران ‪.(59 :3‬‬
‫»آولئك الذين هدى ال فبهداهم اقتد« )النعام ‪.(90 :6‬‬
‫صى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن‬ ‫»شّرع لكم من الدين ما و ّ‬
‫أقيموا الدين ول تتفّرقوا فيه« )الشورى ‪.(13:42‬‬
‫ل من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وأنه في الخرة لمن‬ ‫»)‪ (130‬ومن يرغب عن ِمّلة إبراهيم إ ّ‬
‫الصقالحين )‪ (131‬إذ ققال لقه رّبقه أسقلم ققال أسقلمت لقرب العقالمين )‪ (135‬وققالوا كونقوا هقودًا أو‬
‫نصارى تهتدوا‪ .‬قل بل ِمّلة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشققركين )‪ (136‬قولققوا آمّنققا بققال ومققا أنققزل‬
‫إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما اوتي موسى وعيسى وما أوتي‬
‫النبّيون من رّبهم ل نفّرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ]‪ (138) [...‬صبغة ال ومن أحسن من ال‬
‫صبغة ونحن له عابدون« )البقرة ‪.(138-130 :2‬‬
‫»وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات فأتّمهن قال إني جاعلققك للنقاس إمامقًا ققال ومقن ذّريقتي قققال ل ينقال‬
‫عهدي الظالمين« )البقرة ‪.(124:2‬‬

‫تتكّلم هذه اليات عن ثلثة أمور‪:‬‬

‫‪ -‬إنه يجب إّتباع ِمّلة إبراهيم‪.‬‬

‫‪ -‬إن ال إبتلى إبراهيم »بكلمات« فأتّمها فكافأه على ما أتم فجعله إمامًا للناس‪.‬‬

‫‪ -‬إن صبغة ال هي أحسن صبغة‪.‬‬

‫ل ذكر في هذه اليات لموضوع الختان‪ .‬ورغم ذلك فقد إستنتج منها مؤّيدو ختان الذكور أنه واجققب علققى المسققلم‪.‬‬
‫صلوا إلى هذه النتيجققة؟ باختصققار شققديد يمكققن أن نقققول إن المؤّيققدين حققاولوا تفسققير عبققارة »وإذ إبتلققى‬‫فكيف تو ّ‬
‫إبراهيم رّبه بكلمات« بأن ال إبتلى إبراهيم بالختان‪ .‬وبما أن المسلم ملزم بإّتباع »ِمّلة إبراهيم«‪ ،‬فعليه إتمام الختان‬
‫ق إجماع قًا بيققن الفقهققاء‪.‬‬
‫سروا عبارة »صبغة ال« بأنها تعني الختان‪ .‬ولكن هذا التفسير لم يل َ‬ ‫كما أتّمه إبراهيم‪ .‬ثم ف ّ‬
‫هذا ما سوف نراه في النقطتين التاليتين‪.‬‬

‫أ( »وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات« تعني ختان إبراهيم‬

‫سرون على رأي واحد في تفسير معنى »الكلمات« في آية البقرة ‪ 124:2‬السابقة الذكر‪ .‬فهققذا الطققبري‬ ‫لم يّتفق المف ّ‬
‫)توّفى في ‪ (923‬يقول إن البتلء بمعنى الختبار‪ .‬ثم يضيف‪:‬‬
‫»وكان إختبار ال تعالى ذكره إبراهيققم إختبققارًا بفققرائض فرضققها عليققه وأمققر أمققره بققه‪ ،‬وتلققك هققي‬
‫الكلمات التي أوحاهن إليه وكّلفه العمل بهن إمتحانًا منه له واختبارًا ثم إختلف أهل التأويل فققي صققفة‬
‫الكلمات التي إبتلى ال بها إبراهيم نبّيه وخليله«‪.‬‬

‫ثم يذكر الطبري عّدة آراء في فهم هذه »الكلمات«‪:‬‬


‫‪ -‬قول لبن عّباس )توّفى عام ‪ :(687‬إن »الكلمات« هنا تعني شققرائع السققلم وهققي ثلثققون سققهمًا‪:‬‬
‫عشر منها في سورة الحزاب‪ ،‬وعشر منها في سورة براءة وعشر منها في المؤمنين‪ .‬ويضيف إبققن‬
‫عّباس أنه ما أبتلي أحد بهذا الدين فقام به كّله غير إبراهيم‪.‬‬
‫ن لبققن عّبققاس‪ :‬إن الق إبتلققى إبراهيققم بالطهققارة‪ ،‬خمققس فققي الققرأس وهققي قققص الشققارب‬
‫‪ -‬قول ثققا ٍ‬
‫والمضمضة والستنشاق والسواك وفرق الرأس‪ ،‬وخمس في الجسد وهي تقليم الظفار وحلق العانققة‬
‫والختان ونتف البط وغسل أثر الغوط والبول بالماء‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫‪ -‬قول ثالث لبن العّباس‪ :‬إن »الكلمات« تعني‪» :‬سّتة في النسققان وأربعققة فققي المشققاعر‪ .‬فققالتي فققي‬
‫النسان‪ :‬حلق العانة والختان ونتف البط وتقليم الظفار وقص الشارب والغسل يوم الجمعة‪ .‬وأربعة‬
‫في المشاعر‪ :‬الطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والفاضة«‪.‬‬
‫‪ -‬قول رابع لبن العّباس‪ :‬إن »الكلمات« التي أبتلي بها إبراهيم هي مناسك الحج‪.‬‬
‫‪ -‬قول لقتادة عن أبو هلل‪ :‬إن »الكلمات« تعني أن الق »إبتله بالختققان وحلققق العانققة وغسققل القبققل‬
‫والدبر والسواك وقص الشارب وتقليم الظافر ونتف البط قال أبو هلل ونسيت خصلة«‪.‬‬
‫سّنة‪ :‬الستنشققاق وقققص الشققارب‬ ‫‪ -‬قول عن أبي الخلد‪» :‬أبتلي إبراهيم بعشرة أشياء هن في النسان ُ‬
‫والسواك ونتف البط وقلم الظفار وغسل البراجم والختان وحلق العانة وغسل الدبر والفرج«‪.‬‬
‫‪ -‬قول عن أبي صالح‪» :‬وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات فأتّمهن فمنهن إني جاعلك للناس إمامًا وآيققات‬
‫النسك«‪.‬‬
‫‪ -‬قول عن مجاهد وعن عكرمة‪» :‬قال ال لبراهيم إنققي مبتليققك بققأمر فمققا هققو؟ قققال تجعلنققي للنققاس‬
‫إمامًا؟ قال نعم‪ .‬قال ومن ذّريتي؟ قال ل ينال عهدي الظالمين‪ .‬قال تجعل البيت مثابة للناس؟ قال نعم‪.‬‬
‫وآمنًا؟ قال نعم‪ .‬وتجعلنا مسلمين ومن ذّريتنا أّمة مسلمة لك؟ قال نعم‪ .‬وترينا مناسققكنا وتتققوب علينققا؟‬
‫قال نعم‪ .‬قال وتجعل هذا البلد آمنًا؟ قال نعم‪ .‬قال وترزق أهله من الثمرات من آمن منهم؟ قال نعم«‪.‬‬
‫‪ -‬قول عن الشعبي‪» :‬قال منهن الختان«‪.‬‬
‫‪ -‬قول عن الحسن‪ :‬إبتلى ال إبراهيم بأمر فصبر عليه‪ .‬إبتله بالكواكب والشمس والقمققر فأحسققن فققي‬
‫جه وجهه للققذي فطققر السققماوات والرض حنيفقًا ومققا كققان مققن‬ ‫ذلك وعرف أن رّبه دائم ل يزول فو ّ‬
‫المشركين ثم إبتله بالهجرة فخرج من بلده وقومه حّتى لحق بالشام مهاجرًا إلى ال ثققم إبتله بالنققار‬
‫َقبل الهجرة فصبر على ذلك‪ .‬فابتله ال بذبح إبنه وبالختان فصبر على ذلك‪.1‬‬

‫وفي »تفسير جوامع الجامع« للطبرسي )توّفى عام ‪ (1153‬نقرأ ما يلي‪:‬‬


‫»وقيل في الكلمات‪ :‬هي خمس في الرأس‪ :‬الفرق وقص الشارب والسواك والمضمضة والستنشقاق‪.‬‬
‫وخمس في البدن‪ :‬الختان والحتداد )أي الحتلق بالحديد( والستنجاء وتقليم الظفار ونتققف البققط‪.‬‬
‫وقيل هي ثلثون خصلة من شرائع السقلم‪ :‬عشقر فقي القبراءة‪» :‬التقائبون العابقدون«‪ ،‬وعشقر فقي‬
‫الحزاب‪» :‬إن المسلمين والمسلمات«‪ ،‬وعشر في المؤمنون‪» :‬وسأل سائل« إلى قققوله »والققذين هققم‬
‫على صلتهم يحافظون«‪ .‬وقيل هي مناسك الحج‪ .‬وقيل‪ :‬هي الكلمات التي تلّقاهققا آدم مققن رّبققه فتققاب‬
‫عليه‪ ،‬وهي أسماء محّمد وآل بيته عليه وعليهم السلم«‪.2‬‬

‫والتأويل نفسه نجده عنققد الققرازي )تقوّفى عققام ‪ (1209‬فققي »التفسققير الكققبير« مضققيًفا‪» :‬المنققاظرات الكققثيرة فققي‬
‫التوحيد مع أبيه وقومه ومع نمروذ والصلة والزكقاة والصقوم وقسقم الغنقائم والضقيافة والصقبر عليهقا«‪ .3‬ويعيقد‬
‫علينا القرطبي )توّفى عام ‪ (1273‬كلمًا مشابها‪ .4‬كما نجد إعادة لذلك عند إبن كثير )توّفى عام ‪ (1373‬وهو يدعم‬
‫قول إبن عّباس بخصوص الخصال العشرة بحديث للنبي عن عائشة‪» :‬عشر مققن الفطققرة‪ :‬قققص الشققارب وإعفققاء‬
‫اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الظفار وغسل الققبراجم ونتققف البققط وحلققق العانققة وانتقققاص المققاء‪ .‬قققال‬
‫ل أن تكون المضمضة«‪ ،‬ويذكر أيضًا حديثًا آخرًا للنققبي عققن أبققي هريققرة )تققوّفى عققام‬ ‫مصعب‪ :‬ونسيت العاشرة إ ّ‬
‫‪5‬‬
‫‪» :(679‬الفطرة خمس‪ :‬الختان والستحداد وقص الشارب وتقليم الظفار ونتف البط« ‪.‬‬

‫سكوا بتفسيرهم للقكلمات بأنها تعني الختققان‪ .‬أي أن الق إبتلققى إبراهيققم‬
‫والمهم في المر أن مؤّيدي ختان الذكور تم ّ‬
‫بالختان فأتّمه‪ .‬وبما أن المسلمين مأمورون بإّتباع ِمّلة إبراهيم‪ ،‬كما جاء في اليات السابقة القذكر‪ ،‬فعلقى المسقلمين‬
‫أن يختتنوا أسوة بإبراهيم‪.‬‬

‫الطبري‪ :‬تفسير الطبري‪ ،‬جق ‪ 1‬ص ‪ .416-414‬ونجد كلمًا مشابها في الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪-143‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.146‬‬
‫الطبرسي‪ :‬تفسير جوامع الجامع‪ ،‬جزء أول‪ ،‬ص ‪.77-76‬‬ ‫‪2‬‬

‫الرازي‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪.38-37‬‬ ‫‪3‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.98-97‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن كثير‪ :‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.167-164‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪166‬‬
‫صة ختان إبراهيم جاءت فققي الفصققل السققابع عشققر‬ ‫وهكذا يكون ختان إبراهيم هو أساس الختان عند المسلمين‪ .‬وق ّ‬
‫من سفر التكوين في التوراة كما رأينا في القسم الثققاني‪ .‬وبمققا أن الفقهققاء المسققلمين يعتققبرون التققوراة محّرفققة‪ ،‬فل‬
‫يرجعون لما جاء فيها‪ ،‬بل يعتمدون على الحاديث النبوّية التي تتكّلم عن ختان إبراهيم نذكر منها‪:‬‬
‫ل عققن أبققي هريققرة‪» :‬قققال رسققول الق )ص(‪:‬‬ ‫‪ -‬ما ذكره البخاري )توّفى عام ‪ (870‬في صققحيحه نق ً‬
‫‪1‬‬
‫إختتققن إبراهيققم عليققه السققلم وهققو إبققن ثمققانين سققنة‪ ،‬بالقققدوم« ‪ .‬وقققد ذكققر هققذا الحققديث مسققلم فققي‬
‫صحيحه‪ .2‬ولهذا الحديث صيغة أخرى عن أبي هريرة أن النبي قققال‪» :‬إختتققن إبراهيققم عليققه السققلم‬
‫وهو إبن مائة وعشرين سنة ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة«‪ .‬ويقول إبن حجر )توّفى عام ‪ (1449‬فققي‬
‫تعليقه على هذا الحديث إن إبراهيم قد إختتن وهو إبن مائة وعشرين سنة‪ .‬ورأى البعققض أنققه إختتققن‬
‫وهو إبن ثمانين سنة‪ .‬وإن ختانه كان بالقدوم‪ .‬وقد إختلفققوا مققا إذا كققان هققذا القققدوم مكققان‪ ،‬قيققل قريققة‬
‫ل عن بققن ربققاح‪» :‬أمققر‬ ‫بالشام أو بقرب حلب‪ ،‬أو آلة النجارة أو الفأس‪ .‬والراجح أنه اللة‪ .‬ويذكر قو ً‬
‫جلت قبل أن نأمرك بآلته فقققال‪ :‬يققا رب‬ ‫إبراهيم بالختان فاختتن بقدوم فاشتد عليه فأوحى ال إليه أن ع ّ‬
‫كرهت أن أؤخر أمرك«‪.43‬‬
‫‪ -‬حديث للنبي عن أبي هريرة يقول‪» :‬ربط إبراهيم عليه السققلم عققورته وجمعهققا إليققه‪ ،‬فحققد قققدومه‬
‫وضرب بقدومه بعود معه‪ ،‬فذب بين يديه بل ألم ول دم«‪.5‬‬
‫‪ -‬عن إبن عّباس أن النبي سئل‪ :‬من أختن لدم؟ قال‪ :‬إختتن بنفسقه‪ .‬ققال‪ :‬ومقن إختتقن بعقد آدم؟ ققال‪:‬‬
‫إبراهيم خليل الرحمن‪ .‬قال‪ :‬صدقت يا محّمد‪.6‬‬
‫‪ -‬عن علي أن النبي قال‪» :‬إن ال عز وجل بعث خليله بالحنيفّية‪ ،‬وأمره بأخذ الشارب وقص الظفار‬
‫ونتف البط وحلق العانة والختان«‪.7‬‬

‫هذه أهم الحاديث التي جاءت في ختان إبراهيم عندما كان عمره ‪ 80‬أو ‪ 120‬سققنة‪ .‬ولكققن هنققاك روايققات أخققرى‬
‫تقول بأن إبراهيم قد ختن وعمره ‪ 30‬أو ‪ 70‬أو ‪ 130‬سنة‪.8‬‬

‫ويعتقد المسلمون أن إبراهيم هو أّول من إختتن‪ .‬وأسقاس هقذا العتققاد حقديث ينقلقه مالقك )تقوّفى عقام ‪ (795‬فقي‬
‫طأه‪» :‬كان إبراهيم أّول الناس ضّيف الضيف وأّول الناس إختتن وأّول النققاس قققص الشققارب وأّول النققاس رأى‬‫مو ّ‬
‫‪9‬‬
‫الشيب فقال يا رب ما هذا فقال ال تبارك وتعالى وقار يا إبراهيم فقال يا رب زدني وقارًا« ‪ .‬ولكن هذا الحققديث ل‬
‫طأ مالك إشتمل فققي‬
‫طأ برواية محّمد بن الحسن الشيباني )توّفى عام ‪ .(804‬فمن المعروف أن مو ّ‬ ‫وجود له في المو ّ‬
‫‪10‬‬
‫أّول تأليفه على تسعة آلف حديث‪ ،‬ثم لم يزل ينتقي منه سنة بعد سنة حّتى رجع إلى سبعمائة أو أقل من ثلثمائة‬
‫أو نحوها حسب إبن خلدون )توّفى عام ‪.11(1406‬‬

‫ويذكر إبن عساكر )توّفى عام ‪ (1176‬حديثًا يقول‪» :‬كان إبراهيم أّول من إختتن‪ ،‬وأّول من رأى الشيب‪ ،‬فقققال‪ :‬يققا‬
‫رب ما هذا الشيب؟ قال‪ :‬الوقار‪ .‬قال‪ :‬يا رب زدني وقارًا‪ .‬وكققان أّول مقن أضققاف الضققيف وأّول مققن جققز شققاربه‬
‫وأّول من قص أظفاره وأّول من إستحد«‪ .12‬وفي حديث آخر‪» :‬أّول من أضاف الضققيف إبراهيققم‪ ،‬وأّول مققن لبققس‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬جزء ‪ ،3‬ص ‪ ،1225-1224‬رقم ‪.3178‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬جزء ‪ ،15‬ص ‪ ،508‬رقم ‪.2370‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جق ‪ 6‬ص ‪ 390‬وجق ‪ 10‬ص ‪.342‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر هذه الحاديث أيضًا في القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.99-89‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪5‬‬

‫مستدرك الوسائل‪ ،‬جق ‪ 2‬ب ‪ 79‬ص ‪ 635‬ح ‪) 12‬في الملحق ‪ 18‬في آخر الكتاب(‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.164‬‬ ‫‪7‬‬

‫أنظر المراجع في ‪Kister: And he was born circumcised, p. 10-11‬‬ ‫‪8‬‬

‫طأ برواية إبن كثير‪ ،‬طبعة عربي‬


‫طأ المام مالك في هامش كتاب المنتقى للباجي‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪ .232‬أنظر أيضًا المو ّ‬ ‫مو ّ‬ ‫‪9‬‬

‫إنكليزي‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.573‬‬


‫طأ المام مالك‪ ،‬ص ‪.14‬‬‫أنظر مقّدمة عبد الوهاب عبد اللطيف لمو ّ‬ ‫‪10‬‬

‫إبن خلدون‪ :‬المقّدمة‪ ،‬ص ‪.352‬‬ ‫‪11‬‬

‫إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪167‬‬
‫السراويل إبراهيم‪ ،‬وأّول من إختتن إبراهيم بالقدوم‪ ،‬وهو إبن عشرين ومائة سنة«‪ .1‬ويقول إبن العربي )توّفى عام‬
‫‪» :(1148‬ولم يختتن أحد َقبل إبراهيم عليه السلم«‪.2‬‬

‫ل أن الثعلبي )توّفى عام ‪ (1035‬يعطينا سببًا آخققر‬ ‫وإن كان العتقاد السائد أن إبراهيم قد ختن نفسه بأمر من ال‪ ،‬إ ّ‬
‫لختان إبراهيم‪ .‬يقول الثعلبي‪:‬‬
‫»عن العّباس قال‪ :‬إن إبراهيم أّول من أضاف الضيف وأّول من ثققرد الثريققد وأّول مققن لبققس النعليققن‬
‫وأّول من قسم الفيء وأّول من قاتل بالسيف وأّول من إختتن‪ .‬واختتن على رأس مائة وعشققرين سققنة‬
‫من ميلده‪ .‬ختن نفسه في موضع يقال له القدوم بالقدوم وهو الفققأس وذلققك أنققه كققان وقققع بينققه وبيققن‬
‫العمالقة وقعة عظيمة فُقِتل من الفريقين خلق عظيم فلم يعرف إبراهيم أصحابه ليدفنهم فجعققل الختققان‬
‫علمة أهل السلم‪ .‬فاختتن يومئذ بالقدوم‪ ،‬وهو أّول من إّتخذ السراويل«‪.3‬‬

‫والقول بأن إبراهيم هو أّول من إختتن يناقض الحديث النبوي السالف الذكر الذي يقول بأن آدم هو أّول من إختتن‪.‬‬
‫كما أن هناك من يعتقد أن إبراهيم قد ولد مختونًا مع عدد آخر من النبياء بفضل من ال‪ .‬فقد سققئل علققي مققن خلققق‬
‫ال تعالى من النبياء مختونًا فقال‪ :‬خلق آدم مختونًا‪ ،‬وولد شيت مختونًا وإدريس ونققوح وإبراهيققم وداود وسققليمان‬
‫ولوط وإسماعيل وعيسى وموسى ومحّمد‪ .4‬ويذكر القرطبي عن أبي الفرج الجوزي )توّفى عام ‪ (1021‬عن كعب‬
‫الحبار )يهودي يمني أسلم‪ ،‬توّفى عام ‪» :(652‬خلق من النبياء ثلثة عشر مختونين‪ :‬آدم وشيت وإدريس ونققوح‬
‫وسام ولوط ويوسف وموسقى وشقعيب وسققليمان ويحيققى وعيسقى والنققبي )ص(«‪ .‬ويققذكر عقن محّمققد بققن حقبيب‬
‫الهاشمي‪» :‬هم أربعة عشر‪ :‬آدم وشيت ونوح وهود وصقالح ولقوط وشقعيب ويوسقف وموسقى وسقليمان وزكرّيقا‬
‫وعيسى وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس ومحّمد )ص(«‪ .5‬ويروي الجمل عن الجلل أنققه قققد ولققد مختون قًا‬
‫من النبياء أربعة عشر وقال السّيوطي )توّفى عام ‪ (1505‬سبعة عشر وهم آدم وشيت وإدريس ونوح وسام وهود‬
‫وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكرّيا ويحي وحنظلة وعيسققى ومحّمققد‪ .6‬وفققي السققيرة الحلبّيققة‬
‫نقرأ‪» :‬ولد من النبياء على صورة المختون أيضًا غير نبّينا )ص( سّتة عشر نبيًا‪ .‬وقد نظم بعضهم الجميع فقال‪:‬‬

‫ثمان وتسع طّيبون أكارم‬ ‫وفي الرسل مختون لعمرك خلقة‬

‫حنظلة عيسى وموسى وآدم‬ ‫وهم زكرّيا شيت إدريس يوسف‬


‫‪7‬‬
‫سليمان يحيى هود يس خاتم‬ ‫ونوح شعيب سام لوط وصالح‬

‫وواضح من الرواية الولى أن العتقاد بققأن النبيققاء يولققدون مختققونين بفضققل مققن الق هققو إعتقققاد يهققودي أخققذه‬
‫المسلمون عن كعب الحبار‪ ،‬وكان َقبل إسلمه من كبار علمققاء اليهققود فققي اليمققن‪ .‬وقققد تكّلمنققا عقن هققذا العتقققاد‬
‫اليهودي في القسم الثاني‪.‬‬

‫صة حول ختان إبراهيم‪ .‬فقد سئل الصادق )توّفى عام ‪ (765‬عن ختان إبراهيم نفسه بقدوم علققى‬ ‫وللشيعة رواية خا ّ‬
‫دن فقال‪» :‬سبحان ال! ليس كما يقولون كذبوا على إبراهيم« وأضاف‪:‬‬
‫»إن النبياء كانت تسقط عنهم غلفتهم مع سققررهم فققي اليققوم السققابع‪ .‬فلّمققا ولققد لبراهيققم مققن هققاجر‬
‫عّيرت سارة هاجر بما تعّير به الماء فبكت هاجر واشتد ذلك عليها‪ .‬فلّما رآها إسققماعيل تبكققي بكققى‬
‫لبكائها‪ .‬ودخل إبراهيم فقال‪ :‬ما يبكيك يا إسماعيل؟ فقال إن سارة عّيرت أّمي بكذا وكذا فبكت وبكيت‬
‫إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬قسم ‪ ،1‬ص ‪ .37‬أنظر أيضًا القرافي‪ :‬الذخيرة‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪279‬؛ الجمل‪ :‬حاشية الجمل‪ ،‬جق‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،5‬ص ‪174‬؛ الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬


‫الثعلبي‪ :‬قصص النبياء‪ ،‬ص ‪.87‬‬ ‫‪3‬‬

‫الشيخ الصدوق‪ :‬علل الشرائع‪ ،‬ص ‪.594‬‬ ‫‪4‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.100‬‬ ‫‪5‬‬

‫ل مشابهًا عند الباضية‪ :‬النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪،40-39‬‬ ‫الجمل‪ :‬حاشية الجمل‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪ .174‬أنظر أيضًا قو ً‬ ‫‪6‬‬

‫والرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.435‬‬


‫الحلبي‪ :‬السيرة الحلبية‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.53‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪168‬‬
‫له فناجا فيه رّبه وسأله أن يلقي ذلك عققن هققاجر فألقققاه ال ق عنهققا‪ .‬فلّمققا‬
‫لبكائها‪ .‬فقام إبراهيم إلى مص ّ‬
‫ولدت سارة إسحاق وكان يوم السابع سقطت عن إسحاق سّرته ولققم تسقققط عنققه غلفتققه فجزعققت مققن‬
‫ذلك سارة‪ .‬فلّما دخل إبراهيم عليها قالت‪ :‬يا إبراهيم ما هذا الحادث الذي حدث في آل إبراهيققم وأولد‬
‫النبياء؟ هذا إبنك إسحاق قد سقطت عنه سّرته ولم تسقط عنه غلفته‪ .‬فقام إبراهيم إلققى مصققله فناجققا‬
‫رّبه وقال‪ :‬يا رب ما هذا الحادث الذي قد حدث في آل إبراهيم وأولد النبياء وهققذا إبنققي إسققحاق قققد‬
‫سقطت عنه سّرته ولم تسقط عنه غلفته؟ فأوحى ال تعالى إليه أن يققا إبراهيققم هققذا لّمققا عّيققرت سققارة‬
‫هاجر فآليت أن ل أسقط ذلك عن أحد من أولد النبياء لتعييققر سققارة هققاجر فققاختن إسققحاق بالحديققد‬
‫سّنة بالختان في أولد إسحاق بعد ذلك«‪.1‬‬ ‫واذقه حر الحديد‪ .‬قال فختنه إبراهيم بالحديد وجرت ال ُ‬

‫هناك إذًا روايات متناقضة حول معنى »الكلمات« التي إبتلى ال بها إبراهيم‪ .‬كما أنققه هنققاك إختلف حققول مققا إذا‬
‫كان إبراهيم قد ختن أم ولد مختونًا‪ ،‬واختلف حول السن واللة التي ختن بها‪ .‬وهذه الروايات تتض قّمن كققثيرًا مققن‬
‫»السرائيلّيات« وهي أساطير وروايات يرجعها الكّتاب المسلمون اليوم إلى التراث السرائيلي‪ .2‬ويطالب البعققض‬
‫إعادة نشر كتب التفسير بعد تنقيتها منها‪.3‬‬

‫ومن المهم الشارة هنا إلى أن هذا التفسير القققديم لهققذه »الكلمققات« قققد رفضققها عققدد مققن علمققاء الققدين المسققلمين‬
‫خرين نذكر منهم المام محّمد الشوكاني والمام محّمد عبده والمام محمود شلتوت ووهبة الزحيلي‪.‬‬ ‫المتأ ّ‬

‫سققروا الكلمققات المبتلققى بهققن‬‫سرين القدامى الققذين ف ّ‬‫‪ -‬محّمد الشوكاني )توّفى عام ‪ :(1834‬بعد عرضه لقوال المف ّ‬
‫إبراهيم بأنها خصال الفطرة ‪ -‬ومن بينها الختان‪ ،‬يقول الشوكاني‪:‬‬
‫جة تعيين تلك الكلمققات لققم‬ ‫»إذا لم يصح شيء عن رسول ال )ص( ول جاءنا من طريق تقوم بها الح ّ‬
‫ل أن نقول‪ :‬إنها ما ذكره ال سبحانه في كتابه )قال إني جاعلققك( إلققى آخققر اليققات‪ ،‬ويكققون‬ ‫يبق لنا إ ّ‬
‫ذلك بيانًا للكلمات أو السكوت وإحالة العلم في ذلك على ال سبحانه‪ .‬وأّما مققا روي عققن إبققن العّبققاس‬
‫ل عققن‬‫جققة فضق ً‬ ‫ونحوه من الصحابة ومن بعدهم في تعيينها‪ ،‬فهو أّول أقوال صققحابة ل تقققوم بهققا الح ّ‬
‫حكققم الرفققع فقققد إختلفققوا فققي‬
‫أقوال من بعدهم‪ .‬وعلى تقدير أنه ل مجال للجتهققاد فققي ذلققك‪ ،‬وأن لققه ُ‬
‫التعيين إختلفًا يمتنع معه العمل ببعض ما روي عنهم دون البعض الخر بل إختلفت الروايققات عققن‬
‫الواحد منهم كما قّدمنا عن إبن العّباس‪ .‬فكيف يجوز العمل بذلك ‪ -‬وبهذا تعرف ضعف قول من قققال‪:‬‬
‫إنه يصار إلى العموم ويقال تلك الكلمات هي جميع مققا ذكققر هنققا‪ ،‬فققإن هققذا يسققتلزم تفسققير كلم الق‬
‫جة«‪.4‬‬
‫بالضعيف والمتناقض وما ل تقوم به الح ّ‬

‫‪ -‬محّمد عبده )توّفى عام ‪ :(1905‬جاء في تفسير المنار قول مشابه لكلم الشوكاني‪:‬‬
‫سر )الجلل( في تفسير الكلمات أنها الخصال العشرة‪ :‬إن هذا‬ ‫»قال الستاذ المام عند إيراد قول المف ّ‬
‫من الجراءة الغريبة على القرآن‪ .‬ول شك عندي في أن هذا مّما أدخله اليهود على المسققلمين ليّتخققذوا‬
‫دينهم هزؤًا‪ ،‬وأي سخافة أشد من سخافة من يقول‪ :‬إن ال تعالى إبتلى نبيًا من أجل النبياء بمثل هققذه‬
‫ل لشققجرة النبقّوة ‪ -‬وأن هققذه‬
‫المور وأثنى عليه بإتمامها وجعل ذلك كالتمهيد لجعله إمامًا للناس وأص ً‬
‫الخصال لو كّلف بها صبي ممّيز لسهل عليه إتمامها ولم يعد ذلك منققه أمققرًا عظيمقًا‪ .‬والحققق أن مثققل‬
‫ل بنص عن المعصوم«‪.5‬‬ ‫هذا يؤخذ كما أخبره ال تعالى به‪ ،‬ول ينبغي تعيين المراد إ ّ‬

‫وفي رّده على من ينتقده لمخالفته إبن عّباس‪ ،‬يقول محّمد عبده إنه يجل إبن عّباس ولكن ل يصدق روايته‪.6‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪36-35‬؛ العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪ ،162‬الشيخ الصدوق‪ :‬علل‬ ‫‪1‬‬

‫الشرائع‪ ،‬ص ‪.506-505‬‬


‫أنظر أبو شهبة‪ :‬السرائيلّيات والموضوعات في كتب التفسير‪ ،‬ومغنّية‪ :‬إسرائيلّيات القرآن‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫النمر‪ :‬علم التفسير‪ ،‬ص ‪ 115‬و ‪.160-159‬‬ ‫‪3‬‬

‫الشوكاني‪ :‬فتح القدير‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.140-139‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبده‪ :‬تفسير المنار‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.454‬‬ ‫‪5‬‬

‫عبده‪ :‬تفسير المنار‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.455‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ -‬محمود شلتوت )توّفى عام ‪ :(1965‬يقول‪:‬‬
‫»وليس أغرب من أن يستدل الذاهبون إلى وجوب الختان بقوله تعالى‪» :‬ثم أوحينا إليققك أن إّتبققع ِمّلققة‬
‫إبراهيم حنيفًا« ويقولون إنه قد جاء في الحديث‪» :‬إن إبراهيم إختتن بعد ما أتقت عليقه ثمقانون سقنة«‬
‫والّتباع الذي أمر به محّمد وأصحابه يقضي عليهم أن يفعلوا ما فعله إبراهيم‪ ،‬وإذًا يكون الختان وققد‬
‫فعله إبراهيم واجبًا على محّمد وأتباعه‪ .‬إسراف في الستدلل‪ ،‬غاية ما قوبل به عدم التسليم له‪ ،‬وهقو‬
‫من نوع إستدلل آخر للقائلين بالوجوب أيضًا وهو‪ :‬إن الختان أحد المور التي إبتلى ال بها إبراهيققم‬
‫وأتي ذكرها بعنوان »الكلمات« بقوله تعالى‪» :‬وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات فققأتّمهن«‪ .‬قققالوا‪ :‬وورد‬
‫عن إبن عّباس أن تلك الكلمات هي خصققال الفطققرة‪ :‬وهققي الختققان‪ ،‬وقققص الشققارب‪ ،‬ونتققف البققط‪،‬‬
‫وتقليم الظافر‪ ،‬إلى آخر ما قالوا ونقرؤه في المتداول من كتب التفسير«‪.1‬‬

‫‪ -‬وهبة الزحيلي‪ :‬يرى وهبة الزحيلي في »التفسير المنير« أن أصح القوال فققي فهققم »الكلمققات« الققتي إبتلققى الق‬
‫بهن إبراهيم هو قول إبن عّباس‪» :‬الكلمات التي إبتلققى الق بهققن إبراهيققم فققأتّمهن‪ :‬فققراق قققومه فققي الق حيققن أمققر‬
‫جة نمرود في ال‪ ،‬وصبره علققى قققذفهم إّيققاه فققي النققار ليحرقققوه‪ ،‬والهجققرة مققن وطنقه حيققن أمققر‬‫بمفارقتهم‪ ،‬ومحا ّ‬
‫‪2‬‬
‫بالخروج عنهم‪ ،‬وما أبتلى به من ذبح إبنه حين أمر بذبحه« ‪.‬‬

‫ب( »صبغة ال ومن أحسن من ال صبغة« تعني الختان‬

‫يقول القرآن‪» :‬صبغة ال ومن أحسقن مقن الق صققبغة ونحقن لقه عابقدون« )البقققرة ‪ .(138:2‬يققرى مؤّيققدو ختقان‬
‫الذكور قديمًا وحديثًا أن كلمة »الصبغة« تعني الختان‪ .‬فالختان في رأيهم هي صققبغة الق للمسققلم الققتي تحققل محققل‬
‫العّماد الذي يصبغ به المسيحّيون أطفالهم بقصد الطهارة‪.‬‬

‫يقول القرطبي‪:‬‬
‫»إن النصارى كانوا يصبغون أولدهم في الماء‪ ،‬وهو الذي يسّمونه المعمودّية‪ ،‬ويقولون‪ :‬هذا تطهير‬
‫لهم‪ .‬وقال إبن العّباس‪ :‬هو أن النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سققبعة أّيققام غمسققوه فققي مققاء‬
‫لهم يقال له ماء المعمودّية فيصبغوه بتلك ليطّهروا به مكقان الختقان‪ ،‬لن الختقان تطهيقر‪ .‬فقإذا فعلقوا‬
‫ذلك قالوا‪» :‬الن صار نصرانيًا حقًا‪ .‬فرد ال تعالى عليهم بأن قال »صبغة ال« أي صبغة ال أحسن‬
‫صبغة وهي السلم‪ .‬فسقّمي القدين صقبغة إسقتعارة ومجقازًا مقن حيقث تظهقر أعمقاله وسقمته علقى‬
‫المتدّين‪ ،‬كما يظهر أثر الصبغ فقي الثقوب ]‪ .[...‬وقيقل‪ :‬إن الصقبغة الختقان‪ ،‬إختتقن إبراهيقم فجقرت‬
‫الصبغة على الختان لصبغهم الغلمان في الماء«‪.3‬‬

‫ويقول إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫»إن ال عز وجل لّما عاهد إبراهيم ووعده أن يجعلققه إمامقًا وعققده أن يكققون أبقًا لشققعوب كققثيرة وأن‬
‫تكون النبياء والملوك من صلبه وأن يكثر نسله‪ ،‬وأخبره أنه جاعل بينه وبين نسققله علمقة العهققد أن‬
‫يختنوا كل مولود منهم ويكون عهدي هذا ميسمًا في أجسادهم‪ .‬فالختان علم للقدخول فقي ِمّلقة إبراهيقم‬
‫وهذا موافق لتأويل من تأّول قوله تعالى‪» :‬صبغة ال ومن أحسن مققن ال ق صققبغة« )البقققرة ‪(138:2‬‬
‫على الختان‪ .‬فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعّباد الصليب‪ .‬فهققم يطّهققرون أولدهققم بزعمهققم‬
‫حين يصبغونهم في ماء المعمودّية‪ .‬ويقولون الن صار نصرانيًا‪ .‬فشّرع ال سققبحانه للحنفققاء صققبغة‬
‫الحنيفّية وجعل ميسمها الختان فقال‪» :‬صبغة ال ومن أحسن من ال صبغة«‪.4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الزحيلي‪ :‬التفسير المنير‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.308‬‬ ‫‪2‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.145-144‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪ .‬أنظر أيضًا النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪ ،39-38‬والرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1‬ص ‪.435‬‬
‫‪170‬‬
‫وما زال الكّتاب المسلمون المؤّيدون لختان الذكور يعيدون علينا هذا التفسير لّية الصبغة‪ .1‬ويعتمققد عليهققا مجققدي‬
‫فتحي السّيد ضمن كتّيب عن ختان الناث بمعنى تعاليم السلم‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫»عندما يّتجه البعض إلى نظم الغرب‪ ،‬أو تقاليع الشرق في حياتهم‪ ،‬أو عاداتهم‪ ،‬ينبغي لنققا نحققن أهققل‬
‫السلم‪ ،‬أن نلوذ بمنهاج السلم وتعاليمه وآدابه ليتحّقق لنا معنى كوننا »مسلمين«‪ .‬وهذا الفرار إلى‬
‫دين ال الخالد لن هو النظام الوحيد الصالح والشامل والمنقّزه عقن القصققور والخطققاء الناتجققة مققن‬
‫المناهج البشرّية‪ .‬وصدق ال العظيم حيث يقول‪» :‬صبغة ال ومققن أحسققن مققن الق صققبغة ونحققن لققه‬
‫سَنن وشرائع السققلم‪ ،‬ليفققوزا‬ ‫سك ب ُ‬‫عابدون«‪ .‬لذا فيتحّتم على كل مسلم ومسلمة أن يحرصا على التم ّ‬
‫بخيري الدنيا والخرة«‪.2‬‬

‫‪ (4‬تصادم الختان مع فلسفة القرآن‬


‫أمام تفاقم الجدل حول ختان الذكور والناث وضققغط الوسققاط الدينّيققة المؤّيققدة لهققذه الممارسققة‪ ،‬حققاول معارضققو‬
‫جة القرآنّية ما‬ ‫جة القرآنّية مقابل الح ّ‬
‫ختان الذكور والناث في أّيامنا الرد عليهم بالرجوع إلى القرآن حّتى تكون الح ّ‬
‫دام القرآن هو المصدر الرئيسي للشريعة السلمّية‪ .‬فهم يقولون إن الختان يتصادم مع فلسفة القرآن الذي يؤّكد في‬
‫آيات عّدة على كمال خلق ال نذكر منها‪:‬‬
‫»خلق كل شيء فقّدره تقديرًا« )الفرقان ‪.(2:25‬‬
‫»أفحسبتم إّنما خلقناكم عبثًا« )النور ‪.(115:23‬‬
‫»فطرة ال التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال« )الروم ‪.(30:30‬‬
‫»وصّوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطّيبات« )غافر ‪.(64:40‬‬
‫»وصّوركم فأحسن صوركم وإليه المصير« )التغابن ‪.(3:64‬‬
‫ل هو العزيز الحكيم« )آل عمران ‪.(6:3‬‬ ‫»هو الذي يصّوركم في الرحام كيف يشاء ل إله إ ّ‬
‫»الذين يذكرون ال قيامًا وقعقودًا وعلققى جنقوبهم ويتفّكقرون فقي خلققق السققماوات والرض رّبنقا مققا‬
‫ل سبحنك فقنا عذاب النار« )آل عمران ‪.(191:3‬‬ ‫خلقت هذا باط ً‬
‫»الذي أحسن كل شيء خلقه« )السجدة ‪.(7:32‬‬
‫ل ذلك ظن الذين كفققروا فويققل للققذين كفققروا مققن النققار«‬ ‫»وما خلقنا السماء والرض وما بينهما باط ً‬
‫)ص ‪.(27:38‬‬
‫»لقد خلقنا النسان في أحسن تقويم )التين ‪.(4:95‬‬
‫»ال يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار« )الرعد ‪.(8:13‬‬
‫»إنا خلقنا كل شيء بقدر« )القمر ‪.(49:54‬‬
‫»يا أيها النسان ما غّرك برّبك الكريم القذي خلققك فسقّواك فعقدلك فقي أي صقورة مقا شقاء رّكبقك«‬
‫)النفطار ‪.(7:82‬‬
‫»وقال ]الشيطان[ لّتخذن من عبادك نصققيبًا مفروضقًا ولضققلنهم ولمنيهققم ولمرنهققم فليبتكققن آذان‬
‫النعم ولمرنهم فليغّيرن خلق ال ومن يّتخذ الشيطان من دون ال فقد خسر خسققرانًا مبين قًا« )النسققاء‬
‫‪.(119-118:4‬‬

‫فإذا ما إعتبرنا أن ختان الذكور والناث هو بتر عضو سليم ل يعّوض يلعب دورًا هاّما في العلقة الجنس قّية‪ ،‬فققإنه‬
‫علينا أن نعترف بأنه مخالف للقرآن ومرفوض منه‪ .‬ل بل إن الية الخيرة تعتبر التعقّدي علققى آذان النعققم طاعققة‬
‫للشيطان‪ .‬فكم بالحرى التعّدي على سلمة جسد النسان؟!‬

‫ذكرنا في الفصل الخاص باليهود والمسيحّيين أن معارضة ختان الذكور في تلك المجموعتين قد إعتمدت على هذه‬
‫ل نقاشًا دار بين جعفر الصادق و»الزنديق« ‪ -‬دون ذكققر إسققمه‬
‫جة‪ .‬ولكّننا ل نجد عند فقهاء المسلمين القدامى إ ّ‬
‫الح ّ‬
‫‪ -‬ننقله عن العاملي )توّفى عام ‪:(1692‬‬

‫ل الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪67‬؛ المرصفي‪ ،‬ص ‪17‬؛ القادري‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫أنظر مث ً‬ ‫‪1‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪171‬‬
‫»عن الصادق في سؤال الزنديق‪ :‬أخبرني هل يعاب شيء من خلق ال؟ قققال‪ :‬ل‪ .‬قققال فققإن الق خلققق‬
‫خلقه عز وجل فلم غّيرتم خلق ال‪ ،‬وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة أصوب مّما خلق ال‪ ،‬وعبتم الغلف‬
‫حكمة؟ فقال أبو عبد‬ ‫وال خلقه‪ ،‬ومدحتم الختان وهو فعلكم‪ ،‬أم تقولون‪ :‬إن ذلك كان من ال خطأ غير ِ‬
‫حكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه علققى خلقققه كمققا أن المولققود إذا خققرج مقن‬ ‫ال‪ :‬ذلك من ال ِ‬
‫بطن أّمه وجدتم سّرته مّتصلة بسّرة أّمه كذلك أمر ال الحكيم فأمر العباد بقطعهققا‪ ،‬وفققي تركهققا فسققاد‬
‫بين المولود والم‪ .‬وكذلك أظفار النسان أمر إذا طالت أن تقّلم‪ ،‬وكان قادرًا يققوم دّبققر خلقققة النسققان‬
‫أن يخلقها خلقة ل يطول‪ .‬وكذلك الشعر في الشققارب والققرأس يطققول ويجققز‪ ،‬وكققذلك الققثيران خلقهققا‬
‫فحولة وإخصاؤها أوفق‪ ،‬وليس في ذلك عيب في تقدير ال عز وجل«‪.1‬‬

‫لنا على هذا النص ملحظتان‪:‬‬


‫‪ -‬دعا جعفر الصادق المعترض على الختققان معتمققدًا علققى فلسققفة كمققال الخلققق »الزنققديق«‪ .‬أي أنققه‬
‫يستحق القتل حسب نظرّيات الفقهاء‪.‬‬
‫‪ -‬يقارن جعفر الصادق بين الختان وبين قص الظققافر والشققعر‪ .‬ول يخفققى علقى أحقد الفققرق الكقبير‬
‫بينهما‪ .‬فإذا ُقص الظفر والشعر‪ ،‬فإنهمققا يطققولن‪ ،‬والبقققاء عليهمققا دون قققص يعيققق صققاحبهما‪ .‬أّمققا‬
‫الغلفة التي تقطع في الختان‪ ،‬فإنها ل تطول بعد قصها‪ ،‬وبقاؤها ل يعيق صاحبها ل بل فيه فائدة لنها‬
‫تحتوي على شرايين مهّيجة تجعلها أشد أعضاء الجسم حساسّية‪ ،‬كما سنرى في الجزء الطّبي‪.‬‬

‫ونشققير هنققا إلققى أن إبققن الجققوزي يرفققض ثقققب الذن الققذي يشقّبهه بالوشققم والققذي لعنققه النققبي‪» :‬لعققن الواشققمة‬
‫ل أنه يسمح بالختان‪ .‬يقول إبن الجوزي‪» :‬النهي عن الوشم تنبيه على ثقب الذن ]‪ [...‬وكثير مققن‬ ‫والمستوشمة«‪ .‬إ ّ‬
‫جققل أذى ل فققائدة منققه‪ .‬فليعلققم‬ ‫سنهن‪ ،‬وهذا ل يلتفت إليه لنققه تع ّ‬ ‫النساء يستجزن هذا في حق البنات ويعّللن بأنه يح ّ‬
‫فاعل هذا أنه آثم معاقب«‪ .‬ويذكر قول أبي حاتم الطوسي‪:‬‬
‫ل لحاجققة‬‫»ل رخصة في ثقب آذان الصبّية لجل تعليق الذهب فإن ذلك جرح مؤلم‪ ،‬ول يجوز مثله إ ّ‬
‫ُمهّمة‪ ،‬كالفصد والحجامة والختان‪ .‬والتزّين بقالحلق غيققر مهقم‪ ،‬بقل تعليقققه علققى الذن تفريقط‪ ،‬وفققي‬
‫المخانق والسورة كفاية عنه‪ .‬وهو حرام والمنع منه واجب‪ ،‬والستئجار عليه غير صحيح والجققرة‬
‫المققأخوذة عليققه حققرام«‪ .‬ولكّنققه يضققيف‪» :‬يجققوز للمققرأة أن تلبققس الحلققق إذا أذنهققا قققد ثقبققت فققي‬
‫صغرها«‪.2‬‬

‫والمرداوي )توّفى عام ‪ (1480‬يرفض قطع الصبع الزائدة ولكن يسمح بالختان‪:‬‬
‫ل الجارية‪ ،‬على الصحيح‬ ‫»ل تقطع الصبع الزائدة‪ .‬نقله عبد ال عن أحمد‪ .‬ويكره ثقب أذن الصبي إ ّ‬
‫من المذهب ]‪ [...‬وقيل يحّرم في حّقها‪ .‬وقال إبن عقيل‪ :‬هو كالوشم‪ .‬وقيل يحّرم على الذكر‪ .‬وقال في‬
‫الفصول‪ :‬يفسق به في الذكر‪ ،‬وفي النساء يحتمل المنع«‪.3‬‬

‫ل أنقه‬‫وقد ذم محّمد عبده تغيير خلق الق وتشقويه البقدان مستشقهدًا بحقديث »لعقن الق الواشققمة والمستوشققمة«‪ ،‬إ ّ‬
‫إستثنى الختان‪» :‬وجملة القول إن التغيير الصوري الذي يجدر بالذم ويعققد مققن إغققراء الشققيطان هققو مققا كققان فيققه‬
‫سّنة الختان والخضاب وتقليم الظافر«‪.4‬‬
‫ل لما كان من ال ُ‬
‫تشويه وإ ّ‬

‫ل أنهم إستثنوا منه الختان‪ .‬ولكن هذه النظققرة بققدأت تتغّيققر‬


‫هناك إذًا رفض من ِقَبل الفقهاء القدماء لتغيير خلق ال إ ّ‬
‫صة من ِقَبل معارضي ختان الناث‪ .‬ونذكر هنا بعض أقوال المسلمين المعاصرين‪:‬‬ ‫في عصرنا‪ ،‬خا ّ‬

‫‪ -‬يقول محّمد سليم العّوا‪:‬‬


‫»قد نهى رسول ال )ص( عن تغيير خلققق القق‪ ،‬وصققح عنققه لعققن »المغّيققرات خلققق القق«‪ ،‬والقققرآن‬
‫عققد الشققيطان أن‬
‫الكريم جعل من المعاصي قطع بعض العضاء ولققو مققن الحيققوان‪ ،‬بققل هققو مّمققا تو ّ‬
‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.163-162‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن الجوزي‪ :‬أحكام النساء‪ ،‬ص ‪.10-9‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرداوي‪ :‬النصاف‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.125‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبده‪ :‬تفسير المنار‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.428‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪172‬‬
‫يضل به بني آدم في أنعامهم وقرنه بتغيير خلق الق ]يققذكر هنققا آيققة النسققاء ‪ .[119-118:4‬والختققان‬
‫]للناث[ بصورته التي يجرى بها في مصر‪ ،‬وفي أجزاء أخرى من العالم السلمي‪ ،‬فيه تغيير خلق‬
‫ال‪ ،‬ومن قطع بعض أعضاء النسان المعصومة ما ل يخفى‪ .‬وإذا كان هذا في الحيوان مققن إضققلل‬
‫الشيطان فكيف يكون في حق النسان؟؟«‪.1‬‬

‫جار‪:‬‬
‫‪ -‬يقول الشيخ عبد الرحمن الن ّ‬
‫»البنت الصققغيرة الققتي يريققد أبواهققا أن يختناهققا لققو كققانت عنققدها قققدرة علققى التعققبير لصققاحت فققي‬
‫وجههما‪ :‬أتركاني ول تعّذباني‪ .‬والسلم نهى عن التعذيب‪ .‬والرسول قال‪ :‬من آذى مسلمًا فقققد آذانققي‬
‫حيا ونفسّيا‬‫ومن آذاني فقد آذى ال«‪ .‬أتركاني لطبيعتي النثوّية التي خلقني ال عليها ول تضّراني ص ّ‬
‫واجتماعّيا وال تعالى يقول‪» :‬لقد خلقنا النسققان فققي أحسققن تقققويم«‪ .‬إن هققذا هققو نققداء الفطققرة الققتي‬
‫فطرني ال عليها«‪.2‬‬

‫حة العالمّية‪ ،‬يقول مدير هذا المكتب الدكتور‬ ‫ظمة الص ّ‬‫سط لمن ّ‬‫‪ -‬وفي تقديم كتاب نشره المكتب القليمي لشرق المتو ّ‬
‫حسين عبد الرّزاق الجزائري‪:‬‬
‫»لقد خلق ال سبحانه وتعالى النسان في أحسن تقويم‪ ،‬وأراد له أن يبقققى محافظقًا علققى هققذه الفطققرة‬
‫التي فطره عليها‪ ،‬ونهاه عن أي تبديل في خلققق القق‪ ،‬وبيققن لقه أن تغييققر خلققق الق رجققس مققن عمققل‬
‫الشيطان‪ ،‬ولعن ‪ -‬على لسان رسوله )ص( المغّيرات خلق ال«‪.‬‬

‫ل أنققه فققي‬‫ويضيف‪» :‬وأي تغيير لخلقة ال أشنع من هذا العدوان على هذا الجهاز الرئيسي من أجهزة المرأة؟«‪ .3‬إ ّ‬
‫نفس الوقت يبّرر ختان الذكور‪:‬‬
‫»أن الشارع الحكيم قد سمح بإزالة بعض ما نسّميه في الطب »ملحقات الجلققد« كّلمققا طققالت‪ ،‬حفاظ قًا‬
‫سَنن الفطرة«‪ ،‬وهققي‬ ‫حته‪ ،‬وأعتبر ذلك من تمام الفطرة‪ ،‬بل سّمى هذه الزالة » ُ‬ ‫على نظافة البدن وص ّ‬
‫تقليم الظفار‪ ،‬وإزالة شعر البط وشعر العانة‪ ،‬وقص ما يتدّلى من الشارب على الفم فيتلّوث بالمآكل‬
‫طي رأس الحشفة في عضو الققذكر‬ ‫سَنن الفطرة كذلك إزالة تلك الجلدة التي تغ ّ‬
‫والمشارب‪ .‬وجعل من ُ‬
‫التناسلي والتي يقال لها »الغلفة« وهي جلدة تؤلققف شققبه تجويققف محيققط بالحشققفة‪ ،‬يمكققن إذا أهملققت‬
‫نظافتها‪ ،‬وما أكثر ذلك‪ ،‬أن تكون مصدرًا للتهابات وتعّفنات«‪.4‬‬

‫‪ -‬ويقول منشور صادر عن جمعّية تنظيم السرة بالقاهرة إن ختان الناث‪» :‬تعديل في خلقة ال سبحانه وتعققالى«‪.‬‬
‫حة الم والطفل أن ختققان النققاث‬
‫ويقول منشور مماثل صادر عن الجمعّية السودانّية لمحاربة العادات الضاّرة بص ّ‬
‫»إنتهاك جسدي وتشويه لخلق النسان الذي خلقه سبحانه وتعالى في أحسن تقويم وفي أحسن صورة سّواه«‪.‬‬

‫إكتشف إذًا معارضو ختان الناث في أّيامنا أنه يتصادم مع فلسفة القرآن التي تقققول بكمققال خلققق القق‪ .‬وهققذا مققا ل‬
‫ل مققن تطققبيق هققذه الفلسققفة أيضقًا علققى ختققان‬
‫ل أن معارضققي ختققان النققاث‪ ،‬بققد ً‬‫نجده بتاتًا عند الفقهاء القققدامى‪ .‬إ ّ‬
‫الذكور‪ ،‬إستثنوه من منطقهم‪ .‬ل بل بّرروه معتبرين أن غلفة القذكر هقو جلقد زائد‪ .‬وهقذا جهقل بالمعطيقات الطّبيقة‬
‫ل عققدد قليققل‬
‫حكمة الخالق‪ .‬ولققم يشققذ عنهققم إ ّ‬
‫الحديثة )كما سنرى في الجزء الطّبي( بالضافة إلى كونه إستخفاف ب ِ‬
‫جّدا نذكر منهم أربعة رفضوا ختان الذكور إعتمادًا على القرآن‪:‬‬

‫أ( نوال السعداوي‬

‫تقول نوال السعداوي‪:‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫جار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫الن ّ‬ ‫‪2‬‬

‫حكم الشرعي‪ ،‬التقديم‪ ،‬صفحة و‪.‬‬


‫الصّباغ‪ :‬ال ُ‬ ‫‪3‬‬

‫الصّباغ‪ :‬الحكم الشرعي‪ ،‬التقديم‪ ،‬صفحة هق‪ .‬أنظر أيضًا داوود‪ :‬ختان الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪ 23-22‬وعويس‪ :‬ختان‬ ‫‪4‬‬

‫الناث‪ ،‬ص ‪.9‬‬


‫‪173‬‬
‫ل ونسققاء‪.‬‬ ‫حة لجميققع النققاس رجققا ً‬‫»إن الدين بمعناه العام هو الصدق والمساواة والعدالة والحب والص ّ‬
‫ول يمكن أن يكون هناك دين يدعو إلى المرض أو تشويه أجساد البنققات وقطققع بظققورهن‪ .‬وإذا كققان‬
‫الدين من عند ال فكيف يمكن للدين أن يأمر بقطع عضو في الجسقم خلققه الق؟ المفقروض أن الق ل‬
‫يخلق العضاء إعتباطًا‪ .‬ول يمكن أن ال يخلقق البظقر فقي جسقد النسقاء ثقم ينقزل علقى النقاس دينقًا‬
‫يأمرهم بقطع هذا البظر‪ .‬فهذا تناقض خطيققر ل يقققع فيققه القق‪ .‬وإذا كققان الق قققد خلققق البظققر كعضققو‬
‫ساس للجنس وظيفته الساسّية والوحيدة هققي الحسققاس بلقّذة الجنققس فمعنققى ذلققك أن الق قققد أبققاح‬ ‫حّ‬
‫حة النفسقّية‪ .‬وعلققى هققذا فققإن المققرأة الققتي تحققرم مققن اللقّذة‬
‫للنساء اللّذة الجنسّية وأنها جزء مققن الصق ّ‬
‫حة المققرأة النفسقّية بققدون إكتمققال‬‫حة النفسّية ول يمكن أن تكتمل صق ّ‬ ‫الجنسّية تحرم من جزء من الص ّ‬
‫لّذتها الجنسّية«‪.1‬‬

‫وهذا النص يتكّلم فقط عن ختان الناث‪ .‬وقد كشققفت فققي السققنين الخيققرة أن سققكوتها عققن ختققان الققذكور لققم يكققن‬
‫بإرادتها‪ ،‬بل ُفِرض عليها‪ .‬فقد كتبت في مقال صدر في مجّلة أكتوبر بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪:1995‬‬
‫»منذ تخّرجت في كّلية الطب في ديسمبر ‪ 1954‬وأنا أشعر بمسؤولّية كقبيرة تجقاه هققذا الشققيء القذي‬
‫حية أو أخلقّيقة أو دينّيققة أو‬‫إسمه الختان أو قطع جزء من جسم الطفل أو الطفلقة تحققت شققعارات صق ّ‬
‫جمالّية‪.‬‬
‫ل الجزء المريض‪ .‬أّما الجزاء السققليمة‬ ‫ل يقطع من الجسم إ ّ‬ ‫عرفت في كّلية الطب أن المشرط يجب أ ّ‬
‫فلماذا تقطع؟ بالطبع لم ندرس في كّلية الطب شيئًا عن أسباب ختققان الققذكور أو النققاث‪ .‬دّربونققا فقققط‬
‫على إجراء هذه العملّيات في قسم الجراحة حين إشتغلنا أطّباء إمتياز أو نّوابا في القصر العيني‪.‬‬
‫بالحساس الفطري رفضت أن أجري هذه العملّيات للناث أو الذكور‪ .‬كيف أقطع بالمشرط في جسم‬
‫طفل سليم؟ كل شيء في جسم النسان له وظيفة حّتى الزائدة الدودّية ]‪[...‬‬
‫في السّتينات من هذا القرن كنت عضوًا في مجلققس نقابققة الطّبققاء‪ .‬فققي إحققدى الجلسققات طلبققت مققن‬
‫خل لمنع عملّيات الختققان فققي مصققر سققواء للنققاث أو الققذكور‪ .‬ورفضققت الغلبّيققة‬ ‫مجلس النقابة التد ّ‬
‫حة والنظافققة والشققكل‬ ‫مناقشة الموضوع‪ .‬قال معظم الطّباء إن عملّية ختققان الققذكور ضققرورّية للصق ّ‬
‫أيضًا‪ .‬إنها عملّية طهارة رقيقة‪ .‬بمجّرد تقليم أطراف مثل تقليم الظافر‪ .‬قال بعضهم إنها عققادة قديمققة‬
‫حية جّدا وبالتالي جاءت في التوراة‪ .‬ونحن المسلمون نؤمن بالتوراة والنجيل والقرآن‪.‬‬ ‫صّ‬
‫هكذا قفل الحديث في موضوع ختان الذكر‪ .‬ثم سألت في موضوع ختان الناث‪ .‬أيضقًا رفقض معظقم‬
‫حة والنظافققة والشققكل أيض قًا‪.‬‬ ‫الطّباء الحديث في الموضوع‪ .‬قال أحدهم طهارة البنت ضرورّية للص ّ‬
‫حتها‪ .‬إن عضقو المقرأة القذي‬ ‫إنها عملّية رقيقة‪ ،‬مجّرد تقليم أطراف ل تؤّثر على حيقاة المقرأة أو صق ّ‬
‫يقطع في الطهارة ليس له فائدة‪ ،‬بل بالعكس‪ ،‬إنه ضار‪ .‬إنه يجعل المرأة تنصرف إلى إشققباع رغبتهققا‬
‫الجنسّية على حساب مصلحة الزوج والطفال‪.‬‬
‫لم يكن لي أن أقنع زملئي الطّباء في نقابة الطّباء‪ .‬لهذا لجأت إلى القلققم ومخاطبققة النققاس العققاديين‬
‫عن طريق الكتابة‪ .‬كانت الرقابة على الكتب تقطع أي شيء عن الختان سققواء للققذكور أو للبنققات‪ .‬ثققم‬
‫ل أن‬ ‫ل من حّدتها‪ .‬إستطعت أن أكتققب ضققد ختققان البنققات إ ّ‬ ‫بدأت الرقابة في نهاية السّتينات تخّفف قلي ً‬
‫الرقابة كانت قادرة دائمًا على حذف أهم الشياء‪ .‬كما إنها لم تكن تسققمح أبققدًا بققأي شققيء ضققد ختققان‬
‫الذكور«‪.2‬‬

‫وفي مقال آخر أّكدت نوال السعداوي رفضها لختان الذكور‪:‬‬


‫»وهناك من يربطون ختان الذكور بالدين اليهودي لنه ورد في التوراة‪ .‬لكن الققرق ورد فققي التققوراة‬
‫والنجيل والقرآن ول يعني ذلك أن الرق بدأ بهذه الديققان‪ .‬بققل لققد حققاربت هقذه الديقان ضقد القرق‬
‫صة الدين السققلمي القذي سقعى إلققى تحريقر الرّققاء والعبيقد‪ .‬وهنقاك دلئل تاريخّيققة علقى أن‬ ‫وخا ّ‬
‫الختان بدأ مع الرق مع نشققوء النظققام العّبققودي الققذي أّدى إلققى القتققل والحققروب وإخضققاع السققرى‬
‫بوسائل متعّددة منها الختان والخصاء( وليس العكس«‪.3‬‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعداوي‪ :‬حقائق الطب الجديدة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫السعداوي‪ :‬مّرة أخرى حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪174‬‬
‫ب( القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي‬

‫في كتابه »البيان بالقرآن« يقول المهدوي إن القرآن ل يذكر الختان الذي هو عادة يهودّية‪ .‬وهو يرى أنه ليققس فققي‬
‫حكمة بالغة‪ ،‬فهذا كتاب ال الققذي أتقققن كققل شققيء وقققال‬
‫القرآن كّله حرف واحد زائد أو ليس مسطورًا في الكتاب ل ِ‬
‫‪1‬‬
‫ل سبحانك فقنا عذاب النار« )آل عمران ‪ . (3:191‬وإن لققم‬ ‫قوله الحق فيما خلق من شيء »رّبنا ما خلقت هذا باط ً‬
‫ل منه لهذه العادة بل لنها غير معروفة في بلده‪ ،‬ورّبما لن عادة ختققان‬ ‫يتكّلم المهدوي عن ختان البنات‪ ،‬فليس قبو ً‬
‫البنات ل يرجعها المسلمون إلى القرآن‪.‬‬

‫وقد تعّرض المهدوي لحملة شعواء‪ .‬فقد رفعت ضّده دعوى لسحب الكتاب من السواق كما أّتهققم بققالرّدة‪ .‬وقققد دار‬
‫حديث كثير في ليبيا ضّده في الصقحف وفقي خطقب المسقاجد‪ .‬ونشقر الشقيخ أبقو بكقر جقابر الجقزائري‪ ،‬القواعظ‬
‫بالمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة‪ ،‬كتّيبا تحت عنوان »يا علماء السلم أفتونا« ضّده يقول في خققاتمته‪:‬‬
‫»وأخيرًا ! فليعلم كل ذي دين ويقين أن مطالبتي علماء السلم بإصدار فتوى جماعّية تدور على مطالبققة صققاحب‬
‫ل فبإقامة حد الرّدة عليه ليقتل كفرًا‪ ،‬ثم تجمققع كققل‬‫كتاب البيان بالقرآن بالتوبة العاجلة الصادقة‪ ،‬وإحراق كتابه‪ ،‬وإ ّ‬
‫نسخ كتابه وتحرق‪ ،‬ويعلن عن منع تداول هذا الكتقاب وقراءتقه منعقًا باّتقا‪ .‬إنهقا ‪ -‬مطقالبتي ‪ -‬غضقبة لق ورسقوله‬
‫)ص( وللمؤمنين حيث سخر هذا الضال من الكل وخرج عن تعظيم وتقدير واحترام الكل«‪.2‬‬

‫وقد أخققذ الجققزائري علققى مصققطفى كمققال المهققدوي ‪ 34‬مأخققذًا‪ .‬وقققد جققاء فققي المأخققذ ‪» :21‬إنكققاره الختققان فققي‬
‫ل‪» :‬الذي يعنينا هنا أيها العلماء أن هذا الرجل الضال المضل أنققه ينفققي مشققروعّية الختققان‬ ‫السلم«‪ .‬وقد عّلق قائ ً‬
‫س قّنة‬
‫سّنة الشرعّية ويقّررها‪ ،‬مع العلققم أن الجمققاع قققائم علققى ُ‬ ‫في هذه الّمة ويكّذب بكل حديث أو أثر يثبت هذه ال ُ‬
‫الختان وأنه ل يوجد تابعي واحد ول صحابي لم يختن‪ .‬فما ندري ماذا يريققد هققذا الققذي يكقّذب أّمققة بأكملهققا وعلققى‬
‫رأسها نبّيها ‪ -‬صلوات ال وسلمه عليه ‪ -‬إنه أمر عجب فأفتونا يا علماء السلم فيه!«‪.3‬‬

‫وبعد محاكمة دامت عّدة سنين‪ ،‬أصدرت محكمة إستئناف بنغقازي حكمقًا متناقضقًا فقي يونيقو ‪ 1999‬يقبّرر سقاحة‬
‫المهدوي من تهمة الرّدة ولكنه يمنع توزيع أو إعادة نشر كتابه‪.‬‬

‫ج( جمال البّنا‬

‫يرفض جمال البّنا‪ ،‬الشقيق الصغر للمام حسن البّنا‪ ،‬كل من ختان الذكور والناث لنهما مخالفققان لفلسققفة كمققال‬
‫الخلق بالضافة إلى مضاّرهما‪ .‬يقول‪:‬‬

‫حح‬ ‫»إن ما جاء في القرآن »لقد خلقنا النسان في أحسن تقويم« )التين ‪ (59:4‬يفّند ما يقّدعونه مقن أن الختققان يصق ّ‬
‫نقصًا في طبيعة خلق النسان‪ ،‬وهو ما ينافي النص القرآني‪ .‬لقد أراد ال ق للرجققال والنسققاء أن يكونققوا كمققا خلقهققم‬
‫]‪ .[...‬وأنا مؤمن كل اليمققان أن مقن حقق الرجقال والنسقاء أن يعيشققوا كمقا خلقهقم الق وأن الق تعققالى جعقل كقل‬
‫العضاء »في أحسن تقويم«‪ ،‬بما في ذلك أعضاء الجهاز التناسلي للرجل والمرأة«‪.4‬‬

‫د( أستاذ طب سوري مجهول الهوّية‬

‫يروي لنا القادري‪ ،‬وهو مدّرس في كّلية الطب بجامعة دمشق‪ ،‬في مقّدمة كتابه »الختان بين الطب والشريعة«‪:‬‬
‫جققم علققى‬
‫»أّما السبب الذي دفعني لن أتطّرق لموضوع الختان فهو أحد الساتذة من الطّباء كان يته ّ‬
‫لب‪ ،‬وكان يصفها بالعملّيققة الوحشقّية الهمجّيققة‪ ،‬إضققافة‬ ‫عملّية الختان أثناء إلقائه لمحاضرته أمام الط ّ‬
‫جع علققى إيقققاف‬‫إلى زعمه أن ال لم يخلق شيئًا زائدًا عند النسان يحتاج إلى قطع‪ ،‬كما أنققه كققان يش ق ّ‬
‫عملّية الختان والقلع عنها‪ .‬لكّنقه بعقد أن تقبّين لقي أثنقاء حيقاتي العملّيقة فقوائد الختقان العديقدة مقن‬

‫ل في الملحق ‪ 22‬في آخر الكتاب‪.‬‬


‫أنظر النص كام ً‬ ‫‪1‬‬

‫الجزائري‪ :‬يا علماء السلم أفتونا‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجزائري‪ :‬يا علماء السلم أفتونا‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪3‬‬

‫ل في الملحق ‪ 23‬في آخر الكتاب‪.‬‬


‫أنظر النص كام ً‬ ‫‪4‬‬

‫‪175‬‬
‫النواحي الطّبية‪ ،‬ومنها الوقاية من سرطانات العضاء التناسلّية راحت ذاكرتي تشققك بأحققد المريققن‬
‫التاليين اللذين يجولن في تفكير ذلك الستاذ وهما‪ :‬إّما أن يكون الستاذ الكريققم يجهقل فنقون الطققب‪،‬‬
‫أو أن تفكيره ينطوي على نّية خبيثة غايتها محاربة هذه الشعيرة التي أقّرها هذا الدين القويم«‪.1‬‬

‫ولم يذكر لنا القادري ل إسم الستاذ الطبيب ول الكّلية التي كان يدّرس بها حّتى نتمّكن من الّتصال به إن كان حّيا‬
‫للتعّرف على آرائه‪ .‬وقد حاول مؤّيدو ختان الذكور والناث تحوير فلسفة الخلققق القرآنّيققة لصققالحهم‪ .‬فهققذا مجققدي‬
‫سك بخصال السلم التي من بينها الختان‬ ‫فتحي السّيد يقول إن في التم ّ‬
‫»تبدو المحافظة على الصورة الحسنة التي خلق ال عز وجل النسان عليها‪ ،‬والتي أشار إليهقا جّلقت‬
‫قدرته‪ ،‬فقال تبارك وتعالى »وصّوركم فأحسن تصويركم« )التغابن ‪ .(3:64‬وقققول جققل شققأنه‪» :‬لقققد‬
‫ل فققي صققورة ل تعلققو‬ ‫خلقنا النسان في أحسن تقويم« )التين ‪ .(4:95‬وكأن هذا النسان قد خلق كققام ً‬
‫‪2‬‬
‫سَنن الفطرّية التشويه لتلك الخلقة الرّبانّية« ‪.‬‬
‫عليها صورة أخرى‪ .‬وبالتخّلي أو التبديد في هذه ال ُ‬

‫وهذا يعني ‪ -‬حسب رأيه ‪ -‬أن النسان يصبح في أحسن تقويم بإتمام ختان الذكور والنقاث‪ ،‬وليقس بقالكف عنهمقا‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن إبن قّيم الجوزّية يعتبر الختان تحسين للخلقة وتعديل للشهوة لكل من الذكور والناث‪ .‬فهو يقققول‬
‫إن من مّيزات الختان »الطهارة والنظافة والتزيين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت النسققان‬
‫بالحيوانات‪ ،‬وإن عدمت بالكّلية الحقته بالجمادات‪ .‬فالختققان يعقّدلها ولهققذا تجققد الغلققف مقن الرجققال والغلفققاء مققن‬
‫النساء ل يشبع من الجماع«‪.3‬‬

‫سّنة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الختان في ال ُ‬
‫‪ (1‬السُّنة المصدر الثاني للشريعة السلمّية‬
‫رأينا في الفصل الثاني أن القرآن قد سكت عن ختان الذكور والناث‪ .‬وقد إجتهد البعض في تفسير سققكوت القققرآن‬
‫على أساس فلسفة القرآن القائلة بكمال خلق ال معتبرين أن ختان الذكور والناث مخالفًا للقرآن‪.‬‬

‫سروا بعض آيات القرآن المتشابهات لتأييد ختان الذكور‪ .‬وهم يرفضققون التعّلققل بعققدم‬ ‫أّما مؤّيدو ختان الذكور فقد ف ّ‬
‫سقّنة‪،‬‬
‫وجود ذكر صريح للختان في القرآن‪ .‬فالقرآن لم يتعّرض لجميع المسائل‪ .‬وهنققاك مسققائل تققم تقريرهققا فققي ال ُ‬
‫سقنه الق تعقالى ]‪.[...‬‬ ‫سنه رسول ال )ص( هو نفسقه مقا ح ّ‬ ‫ومن بين تلك المسائل ختان الذكور والناث‪» :‬إن ما ح ّ‬
‫‪4‬‬
‫سّنة من الشرع؟ وأليس إّتباع الرسول )ص( مأمورًا به في كل ما جاء به؟« ‪ .‬وَقبل أن نعققرض مققا تقققوله‬ ‫أليست ال ُ‬
‫سّنة في الشريعة السلمّية‪.‬‬
‫ضح مكانة ال ُ‬
‫سّنة عن ختان الذكور والناث علينا أن نو ّ‬ ‫ال ُ‬

‫سّنة إلى‬
‫تنقسم ال ُ‬

‫سّنة قولّية‪ :‬وهي أقوال النقبي محّمقد‪ ،‬مثقل ققوله »إّنمقا العمقال بالنّيقات وإّنمقا لكقل إمقرئ مقا نقوى«‪ ،‬وتسقّمى‬
‫‪ُ -‬‬
‫أحاديث‪.‬‬

‫جه وصلته‪.‬‬
‫سّنة فعلّية‪ :‬هي أعمال النبي محّمد‪ ،‬كح ّ‬
‫‪ُ -‬‬

‫سّنة تقريرّية‪ :‬هي إقراره لما يفعله بعض أصحابه ويراه أو يعلمه‪ ،‬كإقراره للتيّمم فققي حققال الققبرد الشققديد وعققدم‬
‫‪ُ -‬‬
‫‪5‬‬
‫وجود وقود ‪.‬‬

‫القادري‪ :‬الختان بين الطب والشريعة‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪ .36‬أنظر أيضًا السّكري ص ‪103‬؛ طه‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪4‬‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.25‬‬‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪5‬‬

‫‪176‬‬
‫سّنة النبوّية المصدر الثققاني للشققريعة السققلمّية‪ ،‬وأن محّمققدا معصققوم مققن الخطققأ علققى‬
‫ويعتبر المسلمون عاّمة ال ُ‬
‫أساس شهادة القرآن له »وما ينطق عن الهوى« )النجم ‪ .(3:53‬والقرآن يقّرر ضرورة اللجققوء إلققى النققبي محّمققد‪:‬‬
‫»وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا« )الحشر ‪ .(7:59‬وفي حالققة الختلف‪ ،‬علققى المسققلم أن يحتكققم‬
‫إلى السُّنة‪» :‬ولو رّدوه إلى الرسول وإلى أولي المر منهم لعلمققه الققذين يسققتنبطونه منهققم ولققول فضققل الق عليكققم‬
‫سّنة«‪» :‬إن شرع ال ل‬ ‫ل« )النساء ‪ .(83:4‬ونقرأ في تمهيد كتاب »المنتخب من ال ُ‬ ‫ل قلي ً‬
‫ورحمته لّتبعتم الشيطان إ ّ‬
‫سّنة هي الشارحة له‪ ،‬والمبّينققة لمبهمققه‪،‬‬
‫ل من بيان رسول ال )ص(‪ .‬وإذا كان القرآن هو المصدر الّول‪ ،‬فال ُ‬ ‫يعلم إ ّ‬
‫وهي المصدر الثاني‪ ،‬وإن شئت فقل إنهمققا مصققدران متلزمققان‪ ،‬أو جققزءان لمصققدر واحققد‪ ،‬وهققو مققا أنققزل مققن‬
‫السماء«‪.1‬‬

‫سّنة تبقى المرجع الذي يجب التقّيد به رغم مرور الزمن وتطقّور العققادات‪ ،‬حّتققى فققي‬ ‫وغالبّية المسلمين تعتبر أن ال ُ‬
‫مجال ختان الذكور والناث‪ .‬يقول السّكري‪:‬‬
‫»ل جدل في أن خير القرون هو القرن الذي عاش فيه رسول ال )ص( ثققم القققرن الققذي يليققه وهكققذا‬
‫سك بأهداب الدين بل إنه فققي‬ ‫تتناقص القرون قرنا بعد قرن‪ .‬والتناقص ل يكون فقط في اللتزام والتم ّ‬
‫سر لزمققن َقبققل‬‫كل أنشطة الحياة البشرّية على الرغم من التقّدم الصناعي والطّبي وغيرهما مّما لم يتي ّ‬
‫زمننا‪ .‬ذلك لن صّمام أمان هذه الحياة ينحصر في إقتفاء أثر رسول ال«‪.2‬‬

‫صققة بهققم‪.‬‬
‫سّنة والشققيعة كتبهققم الخا ّ‬
‫سّنة‪ .‬ولكل من أهل ال ُ‬ ‫صة على كتب الحديث للتعّرف على ال ُ‬
‫يعتمد المسلمون خا ّ‬
‫ولذلك فالمؤّلفون السنّيون الذين كتبوا عن ختان الذكور والناث يتجاهلون عاّمة ما جاء في كتب الحققديث الشققيعّية‬
‫ول يلتفتون إلى مواقف الشيعة‪ .‬ونفس المر ينطبق على المؤّلفين الشيعة‪ .‬ولكّننا في كتابنا هققذا لققن ننحققاز لطققرف‬
‫ضققحين الطققرف الققذي نعنيققه حيققث‬ ‫على طرف آخر‪ ،‬بل سنذكر موقف كل طرف كما تتطّلبه المانققة العلمّيققة‪ ،‬مو ّ‬
‫يلزم‪.‬‬

‫سّنة النبوّية‪ ،‬فإنهم يرون في نفس الوقت أن أقوال النبي تختلف عققن‬ ‫ورغم الهّمية البالغة التي يعيرها المسلمون لل ُ‬
‫القرآن الذي هو في إعتقادهم كلم ال‪ .‬فكتب الحاديث كثيرة ول تتساوى فيما بينها‪ ،‬وما إحتوته من أحاديث ليققس‬
‫حة‪ .‬فقد فّرق علماء الحديث بين القدسي‪ ،‬والصحيح‪ ،‬والحسن‪ ،‬والضققعيف‪ ،‬والمققدّلس‪،‬‬ ‫على مستوى واحد من الص ّ‬
‫‪3‬‬
‫حف‪ ،‬والموضوع‪ ،‬الخ‪ . ...‬ويذكر إبن خلدون فققي‬ ‫والمنكر‪ ،‬والمتروك‪ ،‬والمطروح‪ ،‬والشاذ‪ ،‬والمضطرب‪ ،‬والمص ّ‬
‫هذا المجال‪:‬‬
‫»وأعلم ]‪ [...‬أن الئّمة المجتهدين تفاوتوا في الكثار من هذه الصناعة والقلل‪ .‬فقأبو حنيفقة رضقي‬
‫ال عنه يقال عنده بلغت روايته إلى سبعة عشر حديثًا أو نحوها‪ .‬ومالك رحمه ال إّنما صح عنققده مققا‬
‫طأ وغايتها ثلثمائة حديث أو نحوها‪ .‬وأحمد إبن حنبققل رحمققه الق فققي مسققنده خمسققون‬ ‫في كتاب المو ّ‬
‫ألف حديث ]‪ [...‬وإّنما قّلل منهم من قّلققل الروايققة لجققل المطققاعن الققتي تعترضققه فيهققا والعلققل الققتي‬
‫تعّرض في طرقها«‪.4‬‬

‫سّنة لرفض العتماد عليها في هذا المجال‪.‬‬


‫ويعتمد معارضو ختان الناث والذكور على هذا الضطراب في ال ُ‬

‫ونشير هنا إلى أن أهل الشيعة يعتبرون أئّمتهم معصومين عن الخطأ كما هو المر بخصوص النققبي محّمققد‪ .‬يقققول‬
‫محّمد جّواد مغنّية عن المام‪:‬‬
‫حكم ال الذي ل يحتمل العكس ]‪ .[...‬إن المامة بمعنى النب قّوة والوصققاية تسققتدعي العصققمة‬
‫حكمه ُ‬‫»ُ‬
‫‪5‬‬
‫ول تنفك عنها بحال‪ ،‬بل هي هي‪ ،‬لن العمى ل يقود أعمى« ‪.‬‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.8‬‬


‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الهدل‪ :‬مصطلح الحديث ورجاله‪ ،‬ص ‪.188-103‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن خلدون‪ :‬المقّدمة‪ ،‬ص ‪.392‬‬ ‫‪4‬‬

‫مغنّية‪ :‬التفسير الكشاف‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.197‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪177‬‬
‫لذلك سوف ننقل ما جاء في كتبهم على لسان المام علي )توّفى عام ‪ (661‬وعلى لسان جعفر الصادق بخصققوص‬
‫ختان الذكور والنقاث‪ .‬ولتفرققة أقوالهمقا عقن الحقاديث النبوّيقة سقبقناها بعبققارة »قققول لعلقي« أو »قققول لجعفققر‬
‫صققين الشققيعيين فققي‬
‫الصادق«‪ .‬وهذه القوال ما زالت تذكر في الكتب الشيعّية المعاصققرة كمقا هقو واضققح فقي الن ّ‬
‫الملحقين ‪ 18‬و ‪ 19‬في آخر الكتاب‪.‬‬

‫‪ (2‬الحاديث التي تذكر لتأييد ختان الذكور والناث‬


‫سّنة وأهل الشيعة مكتفين بذكر آخر راٍو لها عققن النققبي محّمققد‪.‬‬
‫سوف نجمع هنا ما جاء من أحاديث في كتب أهل ال ُ‬
‫وقد رّتبنا هذه الحاديث حسب موضوعها‪.‬‬

‫أ( أحاديث ختان إبراهيم‬

‫صة بختان إبراهيققم عنققد عرضققنا لتفسققير سققورة البقققرة ‪» :124:2‬وإذ‬


‫لقد ذكرنا في الفصل السابق الحاديث الخا ّ‬
‫س قّنة« الققذي نشققره‬
‫إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات«‪ .‬لذا نعيد القارئ لما سبق‪ .‬ونشير هنا إلى أن كتاب »المنتخب من ال ُ‬
‫المجلس العلى للشئون السلمّية في مصر أّول ما يذكر تأييدًا لختان الذكور هو حديث ختققان إبراهيققم‪ ،‬ويضققيف‬
‫إليه حديث عثيم بن كليب الذي سيأتي ذكره في بداية الحاديث المرة بختان الذكور‪.1‬‬

‫ب( أحاديث ختان النبي محّمد‬

‫يرى مؤّيدو ختان الذكور بأن على المسلم أن يختتن أسوة بالنبي محّمد‪ .‬ولكن هناك عّدة روايات متضاربة يتناقلهققا‬
‫الكّتاب المسلمون القدامى حول ختان النبي محّمد أجملها النصاري )توّفى عام ‪ (1596‬كما يلي‪:‬‬
‫»وروي أن نبّينا )ص( ولد مختونًا كثلثة عشر نبيقًا‪ ،‬وأن جبريققل ختنققه حيققن طّهققر قلبققه‪ ،‬وأن عبققد‬
‫طلب ختنه يوم سابعه ولم يصح في ذلك شيء على مققا قققاله جمققع مققن الحفققاظ ولققم ينظققروا لقققول‬ ‫الم ّ‬
‫الحاكم إن الذي تواترت به الرواية أنه ولد مختونقًا ]‪ [...‬ويمكققن الجمققع بققأنه يحتمققل أنققه كققان هنققاك‬
‫تقّلص في الحشفة فنظر بعض الرواة للصورة فسماه ختانًا وبعضهم للحقيقة فسماه غير ختققان‪ .‬وقققال‬
‫بعض المحّققين من الحفاظ الشبه بالصواب أنه لم يولد مختونًا«‪.2‬‬

‫وهذه هي أهم الروايات‪.‬‬

‫ميلد النبي مختونًا‬

‫يذكر الصبهاني )توّفى عام ‪ (1038‬في كتابه »دلئل النبّوة« حديثًا عن أنس بن مالققك عقن النقبي أنقه قققال‪» :‬مقن‬
‫ل لبققن العّبققاس‪» :‬ولققد رسققول الق )ص(‬ ‫كرامتي على رّبي إني ولدت مختونًا ولم ير أحد سوأتي«‪ .‬ويضققيف قققو ً‬
‫مختونًا مسرورًا )أي مقطوع السّرة من بطن أّمه( فاعجب ذلك جّده وحظققي عنققده وقققال ليكققونن لبنققي هققذا شققأن‬
‫فكان له شأن«‪.3‬‬

‫وقد تكّلمنا سابقًا ضمن كلمنا عن ختان إبراهيم في الفصل الّول أن هناك روايات تقول بققأن محّمققدا ولققد مختونقاً‬
‫بين عدد من النبياء مّنة من ال عليهم فطّهرهم من بطن أّمهم‪ .‬وهذه الروايات هي في حقيقتها نقل عققن السققاطير‬
‫اليهودّية التي ذكرناها في القسم الثاني الخاص بالجدل الديني اليهودي‪ ،‬فليرجع القارئ لها‪.‬‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،3‬ص ‪.95-94‬‬‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪1‬‬

‫النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.36‬‬ ‫‪2‬‬

‫الصبهاني‪ :‬كتاب دلئل النبّوة‪ ،‬ص ‪ .99‬أنظر أيضًا النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.39‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪178‬‬
‫جال وصقفة أبيقه‪ .‬ققال‪ :‬يمكقث أبقوا‬
‫هذا ونقرأ في مسند إبن حنبل‪» :‬وصف رسقول الق )ص( ذات يقوم صقفة القد ّ‬
‫‪1‬‬
‫جال ثلثين سنة ل يولد لهما‪ ،‬ثم يولد لهما إبن مسرور مختون‪ ،‬أقل نفعًا وأضّره« ‪ .‬فكيف يمكن والحالة هذه أن‬‫الد ّ‬
‫جال؟‬
‫يكون النبي قد ولد على صورة إبن الد ّ‬

‫وقد إعتبر إبن قّيم الجوزّية أن حديث مولد النققبي مختونقًا ل يصققح ومقن الموضققوعات »وليققس فيققه حققديث ثققابت‬
‫صه فإن كثيرًا من الناس يولد مختونًا«‪.2‬‬
‫وليس هذا من خوا ّ‬

‫ويناقش الحلبي )توّفى عام ‪ (1635‬ما إذا كان »عدم وجود الغلفة نقص من أصل الخلقة النسانّية« ويققرد‪» :‬نقققول‬
‫إّنما لم يخلق بتلك الغلفة ليحصل كمال الخلقة النسانّية لن هذه الغلفة لّما كانت تزال ول بققد مققن كققل أحققد مققع مققا‬
‫يلزم على إزالتها من كشف العورة كان نقص الخلقة النسانّية عنها عين الكمال«‪.3‬‬

‫ختان الملك للنبي‬

‫يروي لنا الصبهاني ختان الملك للنبي كما يلي‪:‬‬


‫»فبينما هو يومًا مع أخيه وأخته في البهم وكان عمره أربققع سققنين أخققذت محّمققد غميققة فجعققل أخققوه‬
‫يكّلمه فل يجيبه فخرج الغلم يصيح بأّمه أدركي أخي القرشي فخرجت أّمه تعدو ومعها أبوه فيجققدان‬
‫رسول ال قاعدًا منتقع اللون فسألت أّمه أخاه ما رأيت قال طائرين أبيضين فوقنققا فقققال أحققدهما أهققو‬
‫هو؟ قال نعم‪ .‬فأخذاه فاستلقياه على ظهره فشّقا بطنه فأخرجا ما كان في بطنقه ثقم ققال أحقدهما ائتنقي‬
‫بماء ثلج فجاء به فغسل بطنه ثم قال ائتني بماء ورد فجاءه فغسل بطنه ثم أعاده كما هو«‪.4‬‬

‫وهذه الرواية التي ُيعتمد عليها لبيان ختان الملك للنبي ل ذكر للختان فيها إذ تتكّلققم عققن تطهيققر الجققوف‪ ،‬ل قطققع‬
‫الغلفة‪.‬‬

‫طلب‬
‫ختن النبي على يد جّده عبد الم ّ‬

‫طلب بن هاشم يوم سابعه وصققنع لققه مأدبققة وسققماه محّمققدا‪.‬‬ ‫هناك رواية تقول بأن النبي محّمد قد ختنه جّده عبد الم ّ‬
‫وقد ذكر هذا الحديث إبن قّيم الجوزّية وأضاف‪» :‬حديث مسند غريب«‪ .‬ويذكر قول ليحيى بن أّيوب‪:‬‬
‫ل عند إبن أبي السرى وقققد وقعققت‬ ‫»طلبت هذا الحديث فلم أجده عند أحد من أهل الحديث مّمن لقيته إ ّ‬
‫هذه المسئلة بين رجلين فاضلين صّنف أحدهما مصّنفا في أنه ولد مختونًا وأجلب فيققه مققن الحققاديث‬
‫التي ل خطام ول زمام وهو كمال الدين بن طلحة فنقضه عليه كمال القدين بقن العقديم وبّيقن فيقه أنقه‬
‫سّنة للعرب قاطبة مغنيًا عن نقل معّين فيها وال أعلم«‪.5‬‬ ‫ختن على عادة العرب وكان عموم هذه ال ُ‬

‫ومن المعروف أن اليهود تختن في اليوم الثامن )أو سبعة أّيام بعد يوم الميلد(‪ .‬فيكون النبي في هذه الحالة قد ختن‬
‫على شريعة اليهود‪ .‬وهذا يتناقض مع كثير من الحاديث الققتي تقققول بضققرورة مخالفققة اليهققود‪ .6‬وهققذا هققو سققبب‬
‫إحتجاج بعض الفقهاء المسلمين على إجراء الختان في اليوم السابع كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫ولد النبي مختونًا غير تام‬

‫بعد أن إستعرض الراء في ختان النبي‪ ،‬يختتم الحلبي بالقول‪:‬‬

‫مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،6‬ص ‪ ،38‬حديث ‪.19997‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ :‬زاد المعاد‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحلبي‪ :‬السيرة الحلبّية‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.54‬‬ ‫‪3‬‬

‫الصبهاني‪ :‬كتاب دلئل النبّوة‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ :‬زاد المعاد‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪ .19‬أنظر أيضًا‪ :‬القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.101-100‬‬ ‫‪5‬‬

‫ل مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،6‬ص ‪ ،354‬حديث ‪ ،21780‬وصحيح مسلم‪ ،‬جزء ‪ ،14‬ص ‪ ،266‬حديث ‪.2103‬‬ ‫أنظر مث ً‬ ‫‪6‬‬

‫‪179‬‬
‫»قد يجمع بأنه يجوز أن يكون ولد مختونًا غير تام الختان كما هو الغالب في ذلققك فتّمققم ج قّده ختققانه‪.‬‬
‫لكن ينازع فيه ما تقّدم من قوله )ص( من كرامتي على رّبي إني ولدت مختونًا ولققم يققر أحققد سققوأتي‬
‫أي لجل الختان كما الظاهر إن صح«‪.1‬‬

‫ل »إن الرسققول )ص( قققد ختققن علققى عققادة‬‫وفي عصرنا‪ ،‬إستعرض السّكري هذه الراء المختلفة وأبدى رأيه قققائ ً‬
‫‪2‬‬
‫سّنة باقية فيهم فكان ذلك مغنيًا عن نقل معّين فيها« ‪.‬‬
‫العرب‪ .‬وكانت عادتهم الختان و ُ‬

‫وهكذا نرى أن المسلمين قديمًا وحديثًا قد إختلفوا في قضّية ختان النبي محّمد‪ .‬وما كان لهققم أن يختلفققوا لققو أن مققن‬
‫عادة العرب حقيقة ختان أطفالهم في ذاك الزمققن كمققا يقّدعي البعققض‪ .‬ونشققير هنققا إلققى أن المصققدرين الساسققيين‬
‫للسيرة النبوّية‪ ،‬وهما إبن إسحاق )توّفى عام ‪ (767‬وابن هشام )توّفى عققام ‪ (828‬لققم يققذكرا بتاتقًا موضققوع ختققان‬
‫النبي محّمد‪ .‬وما كان لهذين المصدرين أن يسكتا عن حدث بمثل هذه الهّمية‪ .‬ونحققن نميققل إلققى القققول بققأن النققبي‬
‫ل إذا كان هناك دليل على أنه ينتمي إلى الطائفققة اليهودّيققة الققتي هققي الطائفققة الوحيققدة الققتي كققانت‬
‫محّمد لم يختن إ ّ‬
‫تمارس الختان بصورة أكيدة في الجزيرة العربّية‪ .‬ولكن لنفرض أن النبي محّمد ختن‪ ،‬فهقذا يعنققي أّول وآخقرًا أنقه‬
‫وقع ضحّية عادة قديمة مثله مثل السّيد المسيح والمليين من الطفال الذين ختنوا عبر التاريخ ومققا زالققوا يختنققون‬
‫دون رأفة ودون الخذ برأيهم‪.‬‬

‫ج( أحاديث ختان الحسن والحسين‬

‫هناك من يرى أن ختان الذكور واجب على المسلم لن النبي ختن الحسن والحسين‪ .‬وما كان ليفعل ذلك لو لم يكققن‬
‫واجبًا‪.‬‬

‫تذكر كتب الشيعة أن النبي ختن الحسن والحسين لسبعة أّيام‪ .3‬وذكر إبن أبقي القدنيا )تقوّفى عقام ‪ (894‬حقديثًا عقن‬
‫جابر بن عبد ال‪» :‬إن رسول ال )ص( نحر عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أّيام«‪ .4‬وقد ذكر البيهقي )تققوّفى‬
‫عام ‪ (1066‬عن جابر قال‪» :‬عق رسول ال )ص( عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أّيام«‪.5‬‬

‫سلم بثبوته‪ .6‬ورغم ذلك يعتمد الشيخ الطنطاوي عليققه للتأكيققد علققى‬
‫وقد قال الشيخ جاد الحق إن هذا الحديث غير ُم ّ‬
‫ختان الذكور‪ .‬يقول الطنطاوي‪:‬‬
‫»إّتفق الفقهاء على أن الختان بالنسبة للذكور من شعائر السلم‪ .‬ومن الحاديث النبوّية الشريفة التي‬
‫إعتمد عليها الفقهاء في ذلك‪ ،‬ما رواه الحاكم والبيهقي عن السّيدة عائشة ‪ -‬رضي ال عنها ‪ -‬أن النبي‬
‫)ص( ختن الحسن والحسين في اليوم السابع من ولدتهما«‪.7‬‬

‫سّنة السّتة ول في مسند إبن حنبل‪ .‬ومن جهققة‬‫ونشير هنا إلى أن حديث ختان الحسن والحسين ل ذكر له في كتب ال ُ‬
‫أخرى يجب الشارة إلقى أن ختانهمقا فقي اليقوم السقابع‪ ،‬إن صقح هقذا الحقديث‪ ،‬يعنقي أنهمقا ختنقا علقى الطريققة‬
‫اليهودّية‪ .‬وهذا يناقض الحاديث النبوّية الكثيرة التي تنهى عن التشّبه باليهود‪.‬‬

‫الحلبي‪ :‬السيرة الحلبّية‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.55-54‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.68-67‬‬ ‫‪2‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.165‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن أبي الدنيا‪ :‬كتاب العيال‪ ،‬ص ‪.333‬‬ ‫‪4‬‬

‫سَنن الكبرى‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪ .562‬ذكره إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.43‬‬‫البيهقي‪ :‬ال ُ‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 6‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 10‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪180‬‬
‫د( النبي لم يختن بناته‬

‫يرى معارضو ختان الناث أن النبي لم يختن بناته‪ .‬فلو كان ختانهن واجبًا أو مستحّبا لكان فعل ذلك‪ .‬يقققول الشققيخ‬
‫جار‪» :‬والرسول كانت له أربع بنات ولم يؤّثر في سيرته أنهن إختتن« ا‪ .1‬وفققي المنشققور الصققادر‬ ‫عبد الرحمن الن ّ‬
‫سّنة أن النبي )ص( أجرى عملّية الختان على بناته«‪.‬‬ ‫عن جمعّية تنظيم السرة بالقاهرة نقرأ‪» :‬لم يرد في ال ُ‬

‫سَنن الفطرة‬
‫هـ( أحاديث الختان من ُ‬

‫سَنن أو خصال الفطرة‪ .‬وبعقض تلققك الحققاديث‬ ‫يعتمد مؤّيدو ختان الذكور على حديث نبوي يجعل من الختان أحد ُ‬
‫سقَنن الفطققرة وفققي معنققى كلمققة الفطققرة ومقدى‬
‫سّنة‪ .‬وقد إختلف الفقهاء فققي عققدد ُ‬
‫تتكّلم عن ختان الذكور باعتباره ُ‬
‫وجوب إّتباعها‪.‬‬

‫صة بالفطرة‪:‬‬ ‫يستعرض إبن حجر الحاديث الخا ّ‬


‫سّنة قص الشارب ونتف البط وتقليم الظفار«‪.‬‬ ‫‪» -‬من ال ُ‬
‫طر‪ ،‬والسواك‪ ،‬والنكاح«‪.‬‬ ‫سَنن المرسلين‪ :‬الحياء‪ ،‬والتع ّ‬
‫‪» -‬أربع من ُ‬
‫طر‪ ،‬والسواك‪ ،‬والحلم‪ ،‬والحجامة«‪.‬‬ ‫سَنن المرسلين‪ :‬الحياء‪ ،‬والتع ّ‬
‫‪» -‬خمس من ُ‬
‫‪» -‬من الفطرة‪ :‬المضمضة والستنشاق والسواك وغسل البراجم والنتضاح«‪.‬‬
‫‪ -‬حديث عن عائشة‪» :‬عشر مققن الفطققرة‪ :‬قققص الشققارب وإعفققاء اللحيققة والسققواك واستنشققاق المققاء‬
‫وقص الظفار وغسقل القبراجم ونتقف البقط وحلقق العانقة وانتققاص المقاء‪ .‬ققال مصقعب‪ :‬ونسقيت‬
‫ل أن تكون المضمضة«‪.‬‬ ‫العاشرة إ ّ‬

‫نلحظ من الحاديث المذكورة أعله أن عدد سن الفطرة إنتقل من ثلثة إلى أربعة إلى خمسة إلققى عشققرة‪ ،‬وأن ل‬
‫ذكر للختان فيها‪ .‬ثم جاء المحّدثون فأحدثوا إستبدال كلمققة بكلمققة‪ .‬وهكققذا نجققد حققديثًا عققن أبققي هريققرة يقققول فيققه‪:‬‬
‫»الفطرة خمس أو خمس من الفطرة‪ :‬الختان والستحداد ونتف البط‪ ،‬وتقليم الظفقار وققص الشقارب«‪ .2‬ثقم جقاء‬
‫من إستبدل كلمة الستنشاق بكلمققة السققتنثار‪ ،‬ومققن إسققتبدل غسققل الققبراجم بالختققان‪ ،‬ومققن إسققتبدل إعفققاء اللحيققة‬
‫ل لبققن العربققي‬ ‫بالفرق‪ .‬وقد جمع إبن حجر خصال الفطرة في الحاديث المختلفة فوجدها ‪ 16‬خصققلة‪ .‬ويققذكر قققو ً‬
‫بأن خصال الفطرة تبلغ ثلثين خصلة‪.3‬‬

‫طأ مالك برواية إبن كثير قققد ذكققر حققديث أبققي هريققرة السققابق الققذكر بالشققكل التققي‪» :‬خمققس مققن‬
‫ونلحظ أن مو ّ‬
‫‪4‬‬
‫الفطرة‪ :‬تقليم الظافر‪ ،‬وقص الشارب ونتف البط وحلق العانة والختتان« ‪ .‬وهذا الحديث ل وجود له فققي موطّققأ‬
‫المام مالك برواية محّمد بن الحسن الشيباني‪ .‬فقد أسقطه مالك مثققل غيققره مققن الحققاديث‪ .‬فكيققف يمكققن العتمققاد‬
‫عليه؟‬

‫وهناك أحاديث موازية عند أهل الشيعة‪:‬‬


‫‪ -‬عن علي أن النبي قال‪» :‬إن ال عز وجل بعث خليله بالحنيفّية‪ ،‬وأمره بأخذ الشارب وقص الظفار‬
‫ونتف البط وحلق العانة والختان«‪.5‬‬
‫سّنة«‪.6‬‬
‫سّنة وختانه لسبعة أّيام من ال ُ‬
‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬إن ثقب أذن الغلم من ال ُ‬
‫‪7‬‬
‫سّنة« ‪.‬‬
‫سّنة وختان الغلم من ال ُ‬ ‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬ثقب أذن الغلم من ال ُ‬
‫‪8‬‬
‫سَنن المرسلين الستنجاء والختان« ‪.‬‬ ‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬من ُ‬
‫لنجار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪7‬؛ أنظر أيضًا رزق‪ :‬نحو إستراتيجية‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬جزء ‪ ،5‬ص ‪ ،2209‬رقم ‪ ،5551‬وكذلك في مسلم‪ ،‬جزء ‪ ،3‬ص ‪ ،491‬رقم ‪.257‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري جق ‪ ،10‬ص ‪.338-336‬‬ ‫‪3‬‬

‫طأ برواية إبن كثير‪ ،‬طبعة عربي إنكليزي‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.573‬‬
‫مالك‪ :‬المو ّ‬ ‫‪4‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.164‬‬ ‫‪5‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.35‬‬ ‫‪6‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.36‬‬ ‫‪7‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.36‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬من الحنيفّية الختان«‪.1‬‬

‫سقّنة«‪ ،‬وختققان النققاث الققذي تعتققبره‬


‫وسوف نرى لحقًا أحاديث أخرى تفقّرق بيققن ختققان الققذكور الققذي تعتققبره » ُ‬
‫»َمكُرَمة«‪.‬‬

‫سَنن الفطرة هي إشارة إلى الية‪» :‬فطرة ال التي فطر النقاس عليهقا ل تبقديل لخلقق‬ ‫يعتبر مؤّيدو ختان الذكور أن ُ‬
‫سَنن الفطرة‪ ،‬يقول إبن حجر‪» :‬والمققراد بققالفطرة ]‪ [...‬أن هققذه الشققياء‬ ‫ال« )الروم ‪ .(30:30‬وفي تفسيره لمعنى ُ‬
‫إذا فعلت إّتصف فاعلها بالفطرة التي فطر ال العباد عليها وحّثهم عليها واستحّبها لهم ليكونوا على أكمقل الصقفات‬
‫سّنة القديمة التي إختارها النبياء واّتفقت عليها الشققرائع وكأنهققا‬
‫وأشرفها صورة«‪ .‬ويذكر قول البيضاوي‪» :‬هي ال ُ‬
‫أمر جبلي فطروا عليها«‪ .‬ويضيف قول أبو بكققر بقن العربقي )تقوّفى عقام ‪» :(1148‬عنقدي أن الخصقال الخمقس‬
‫المذكورة في هذا الحديث كّلها واجبة‪ ،‬فإن المرء لو تركها لم تبق صورته على صورة الدمييقن فكيقف مقن جملقة‬
‫المسلمين«‪ .2‬ويقول إبن حجر‪» :‬ثبت أن هذه الخصال أمر بها إبراهيم عليه السققلم‪ ،‬وكققل شققيء أمققر الق بإّتبققاعه‬
‫فهو على الوجوب لمن أمر به«‪ .‬ثم يشير إلى أن الشافعي )توّفى عام ‪ (820‬وجمهور أصحابه ذهبققوا إلققى وجققوب‬
‫الختان دون باقي الخصال الخمس المذكورة‪.3‬‬

‫وبعد ذكر حديث »الفطرة خمس الختان والستحداد وقص الشارب وتقليم الظافر ونتف البقط«‪ ،‬دون أّيقة إشقارة‬
‫إلى التناقض الذي وقع في الحاديث المختلفة‪ ،‬يقول مؤّلف حديث‪» :‬جعل الختان رأس خصال السُّنة‪ .‬وإّنما كققانت‬
‫هذه الخصال من الفطرة لن الفطرة هي الحنيفّية ِمّلة إبراهيم‪ ،‬وهذه الخصال أمر بها إبراهيم‪ ،‬وهققي مققن الكلمققات‬
‫التي إبتله رّبه بهن«‪ .‬ويضيف المؤّلف‪» :‬الختان من محاسن الشرائع التي شّرعها ال لعباده وكّمل بهققا محاسققنهم‬
‫الظاهرة والباطنقة‪ ،‬فهقو مكّمقل الفطقرة القتي فطرهقم عليهقا‪ ،‬ولهقذا كقان مقن تمقام الحنيفّيقة ِمّلقة إبراهيقم وأصقل‬
‫مشروعّية الختان لتكميل الحنيفّية«‪.4‬‬

‫صققص فيهققا‬‫ومؤّيدو ختان الناث يفهمون من حديث الفطرة أنه يأمر بختان الذكور وختان الناث سواء »إذ ل مخ ّ‬
‫حكم‪:‬‬
‫للذكور عن الناث«‪ .‬ولكن معارضو ختان الناث يرون إمكانّية التفريق بين ختان الذكور والناث في ال ُ‬
‫»فمن بين الخصال التي ذكرها قص الشارب‪ ،‬وهذا خاص قطعًا بالذكور دون الناث‪ .‬وفققي الحققديث‬
‫الصحيح ]‪ [...‬عن عائشة وغيرها من الصحابة في خصال الفطرة أنهققا عشققر خصققال ‪ -‬منهققا قققص‬
‫الشارب‪ ،‬وإعفاء اللحية‪ .‬ول شك أن إعفاء اللحية كقص الشارب خاص بالذكور دون الناث‪ .‬وأصل‬
‫طققأ ]‪ [...‬أن إبراهيققم عليققه السققلم كققان أّول مققن‬
‫الحديث في شأن الفطرة هو ما رواه مالققك فققي المو ّ‬
‫سقَنن المرسققلين ومققن فطققرة السققلم الققتي ل‬ ‫إختتن‪ .‬وعلى هذا إجماع العلماء ]‪ [...‬إنه من مؤّكدات ُ‬
‫يسع تركها في الرجال ]‪ [...‬وقطع عضو من النسان ]كما في ختان الناث[ حرام شرعًا ل يبقاح إ ّ‬
‫ل‬
‫بدليل قطعي وهو معدوم في هذه القضّية«‪.5‬‬

‫و( الحاديث المرة بختان الذكور‬

‫ل لئّمتهم‪.‬‬‫يعتمد مؤّيدو ختان الذكور على أحاديث نبوّية تأمر به‪ .‬ويضيف الشيعة لهذه الحاديث النبوّية أقوا ً‬
‫‪ -‬حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جّده أنه جاء النبي فقال أسققلمت‪ ،‬فقققال النققبي‪» :‬ألققق عنققك شققعر‬
‫الكفر« يقول‪ :‬أحلق‪ .‬قال‪ :‬وأخققبرني آخققر أن النققبي )ص( قققال لخققر معققه‪» :‬ألققق عنققك شققعر الكفققر‬
‫واختتن«‪ .6‬هذا الحديث يروى إذًا مّرة مققع ذكققر الختققان ومقّرة دون ذكققر الختققان‪ .‬بعققد حققديث ختققان‬
‫سقّنة« الققذي نشققره‬‫إبراهيم‪ ،‬هذا هو الحديث الثاني والخير الذي يعتمد عليه كتققاب »المنتخققب مققن ال ُ‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري جق ‪ 10‬ص ‪.339‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري جق ‪ 10‬ص ‪340‬؛ أنظر أيضًا القّرافي‪ :‬الذخيرة‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪.281‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪4‬‬

‫العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪ .220‬أنظر أيضًا رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29-28‬‬ ‫‪5‬‬

‫سَنن‬
‫سَنن والثار‪ ،‬جزء ‪ ،13‬ص ‪ ،62‬والبيهقي‪ :‬ال ُ‬
‫مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪ ،425‬حديث ‪ 15006‬والبيهقي‪ :‬معرفة ال ُ‬ ‫‪6‬‬

‫الكبرى‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.561‬‬


‫‪182‬‬
‫ل‪:‬‬
‫المجلس العلى للشئون السلمّية في مصر لتأييققد ختققان الققذكور‪ .‬ويعّلققق علققى هققذا الحققديث قققائ ً‬
‫خَتِتن‪ :‬إستدل القائلون بوجوب الختان بهذا الحديث لما فيه من لفظ المر بالختان«‪ .1‬وقد قال إبققن‬ ‫»»أ ْ‬
‫‪2‬‬
‫حجر إن سند الحديث ضعيف ل يثبت فيه شيء ‪.‬‬
‫‪ -‬حديث أبي هريرة أن الرسول قال‪» :‬من أسلم فليختن وإن كان كبيرًا«‪ .‬وهذا الحققديث مققن مراسققيل‬
‫الزهري التي إعتبرها إبن قّيم الجوزّية من أضعف المراسيل فل تصح للحتجاج أ‪.3‬‬
‫‪ -‬سئل النبي عن رجل أغلف‪ ،‬يحج بيت ال؟ قال‪» :‬ل‪ ،‬حّتى يختتن«‪ .4‬وقد قال عن هذا الحققديث إبققن‬
‫المنذر )توّفى عام ‪ (931‬إن إسناد هذا الحديث مجهول ل يثبت‪.5‬‬
‫‪ -‬عن علي قال‪ :‬وجدنا في قائم سيف رسول ال )ص( في صحيفة‪» :‬أن الغلف ل يترك في السلم‬
‫حّتى يختن ولو بلغ ثمانين سنة«‪ .6‬وقد ذكره البيهقي وقال‪» :‬هذا حديث ينفققرد بققه أهققل الققبيت عليهققم‬
‫السلم بهذا السناد«‪.7‬‬
‫‪ -‬عن علي قال‪» :‬إذا أسلم الرجل إختتن ولو بلغ ثمانين«‪.8‬‬
‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬المولود يعق عنه ويختن لسبعة أّيام«‪.9‬‬

‫س قّنة الس قّتة‬


‫ولهل الشيعة أحاديث تأمر بالختان معتبرة بول الغلف نجسًا‪ .‬وهذه الحاديث ل وجود لها في كتب ال ُ‬
‫ول في مسند إبن حنبل‪ .‬نذكر من هذه الحاديث‪:‬‬
‫‪ -‬من طب الئّمة عن النبي قال‪» :‬أختنوا أولدكم في السابع‪ ،‬فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم«‪ ،‬فقققال‪:‬‬
‫جس ببول الغلف أربعين يومًا«‪.10‬‬ ‫»إن الرض تن ّ‬
‫‪ -‬عن جعفر الصادق أن النبي قال‪» :‬طّهروا أولدكم يوم السقابع فقإنه أطيقب وأطهقر وأسقرع لنبقات‬
‫جس من بول الغلف أربعين صباحًا«‪.11‬‬ ‫اللحم‪ ،‬وإن الرض تن ّ‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬عن جعفر الصادق عن النبي‪» :‬إن الرض تضج إلى ال تعالى من بول الغلف« ‪.‬‬
‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬أختنوا أولدكم لسبعة أّيام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم وإن الرض لتكره‬
‫بول الغلف«‪.13‬‬

‫وقد ذكر إبن أبي الدنيا حديثًا بهذا المعنى‪» :‬حّدثني شرحبيل بن مسلم الخولني‪ ،‬قال‪ :‬دخل علي خالد بن عبيققد ال ق‬
‫الملئي وقد ختنت فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم قال لي‪ :‬أبشر يا إبن أخي فقد طّهرك ال‪ .‬لقد بلغني أن الحجققر‬
‫جس من بول الغلف أن تنتن صنانًا«‪.14‬‬ ‫يتن ّ‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،3‬ص ‪ ،95‬هامش ‪.3‬‬ ‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪1‬‬

‫فتح الباري جق ‪ 10‬ص ‪341‬؛ وأنظر الشوكاني‪ :‬نيل الوطار في الملحق ‪ 2‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫نظر نص إبن قّيم الجوزّية في الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪ ،‬وكذلك نص الشوكاني في الملحق ‪ 2‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫سَنن الكبرى‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.563‬‬ ‫إبن عساكر‪ ،‬ص ‪33‬؛ أنظر أيضًا البيهقي‪ :‬ال ُ‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر نص إبن قّيم الجوزّية في الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪ .‬وأيضًا الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪5‬‬

‫مستدرك الوسائل‪ :‬جق ‪ 2‬ب ‪ 40‬ص ‪ 622‬ح ‪) 1‬في الملحق ‪ 18‬في آخر الكتاب(‪ .‬أنظر أيضًا إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪6‬‬

‫سَنن الكبرى‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.561‬‬ ‫البيهقي‪ :‬ال ُ‬ ‫‪7‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.37‬‬ ‫‪8‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.36‬‬ ‫‪9‬‬

‫الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪ .220‬وقد ذكره إبن عساكر‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪10‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.35‬‬ ‫‪11‬‬

‫العاملي‪ :‬اللمعة الدمشقّية‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.446‬‬ ‫‪12‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.34‬‬ ‫‪13‬‬

‫إبن أبي الدنيا‪ :‬كتاب العيال‪ ،‬ص ‪.333‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪183‬‬
‫سّنة للرجال َمكُرَمة للنساء«‬
‫ز( حديث »الختان ُ‬

‫سّنة للرجال َمكُرَمققة للنسققاء«‪ .1‬وهققذا الحققديث منقققول عققن الحجّققاج بققن أرطققأة‪.‬‬‫هناك حديث للنبي يقول‪» :‬الختان ُ‬
‫‪2‬‬
‫جققاج ليققس مّمققن يحتققج بققه« ‪ .‬بعققد أن إسققتعرض تشققكيك‬ ‫ويقول القرطبي وابن جحر )تققوّفى عققام ‪» :(1449‬والح ّ‬
‫الفقهاء القدامى في هذا الحديث‪ ،‬يقول العّوا‪:‬‬
‫جة‪ ،‬لنه نص ضعيف‪ ،‬مداره علقى راٍو ل يحتقج بروايتقه‪ ،‬فكيقف يؤخقذ منقه‬ ‫»ليس في هذا النص ح ّ‬
‫سّنة أو من المكرمات وأقل أحوالها أن تكون مستحّبة‪ ،‬والسققتحباب‬ ‫حكم شرعي بأن أمرًا معّينا من ال ُ‬
‫ُ‬
‫ل بدليل صحيح«‪.‬‬ ‫حكم شرعي ل يثبت إ ّ‬‫ُ‬

‫ويضيف‪:‬‬
‫»وعلى الفرض الجدلي أن الحديث صحيح ‪ -‬وهققو ليققس كققذلك ‪ -‬فققإنه ليققس فيققه التسققوية بيققن ختققان‬
‫سّنة‪ ،‬وإّنمققا هققو فققي مرّتبققة‬
‫حكم‪ ،‬بل فيه التصريح بأن ختان الناث ليس ب ُ‬ ‫الذكور وختان الناث في ال ُ‬
‫دونها‪ .‬وكأن السلم حين جاء وبعض العرب يختنون الناث أراد تهذيب هذه العادة بوصف الكيفّيققة‬
‫شّمي ول ُتنِهكي( الذي فقي الروايقة الضققعيفة الولققى‬ ‫البالغة منتهى الدّقة‪ ،‬الرقيقة غاية الرّقة‪ ،‬بلفظ )أ ِ‬
‫]رواية أم عطّية التي سنراها لحقًا[‪ ،‬وأراد تبيين أنه ليس من أحكام الدين ولكّنه مققن أعققراف النققاس‬
‫سّنة( هنا بمعنى العادة ل بالمعنى الصولي للكلمة«‪.3‬‬ ‫سّنة للرجال( ‪ -‬وهي )أي ال ُ‬ ‫بذكر أنه ) ُ‬

‫سّنة‪ ،‬ولم يدل على واحد منهما دليل‪ ،‬وليس َمكُرَمة أيضاً‬ ‫وينكر العّوا بأن ختان الناث َمكُرَمة‪» :‬إنه ل واجب ول ُ‬
‫لضققعف جميققع الحققاديث الققواردة فيققه«‪ .4‬ويضققيف فققي مقققال آخققر‪» :‬والمكرمققات منققدوبات أي يسققتحب فعلهققا‪.‬‬
‫سّنة والجمققاع والقيققاس‪ .‬وليققس فققي‬
‫ل بدليل من أدّلة الحكام وأهّمها القرآن وال ُ‬
‫حكم شرعي ل يثبت إ ّ‬ ‫والستحباب ُ‬
‫‪5‬‬
‫واحد من هذه المصادر الربعة دليل على الباحة فما فوقها‪ .‬فكيف يقال إن ختان الناث َمكُرَمة؟« ‪.‬‬

‫سّنة« الذي نشره المجلس العلى‬ ‫رغم الشك المحاط به‪ ،‬هذا هو الحديث الوحيد الذي يذكره كتاب »المنتخب من ال ُ‬
‫ل‪َ»» :‬مكُرَمققة فققي‬‫المصري للشئون السلمّية لتأييد ختان النققاث‪ .‬وقققد عّلققق هققذا الكتققاب علققى هققذا الحققديث قققائ ً‬
‫النساء«‪ :‬أي أن الختان من أسباب الكرامة في النساء‪ ،‬لن الكرامة هي فعل الخير«‪ .‬وقد رد علقى المشقّككين فيقه‪:‬‬
‫جاج بن أرطأة‪ ،‬وهو عند أهل الحديث ينسب الحاديث إلى مققن لققم‬ ‫»كل ما يؤخذ على هذا الحديث أن في سنده الح ّ‬
‫يسمع منه‪ ،‬وليس معنى هذا أنه يتعّمد الكذب‪ ،‬أو أنه سّيئ القصد‪ ،‬وإّنما هو يعتقد صدق من يتلقققى عنققه الحققديث«‪.‬‬
‫ويضيف‪» :‬مهما قيل في هذا الحديث‪ ،‬فإنه يجب الخذ به بالنسبة لختان الناث‪ .‬فقد دّلققت الحققوادث علققى أن تققرك‬
‫ختانهن يؤّدي بهن إلى أخطر العادات‪ ،‬حيث تشيع فيهن عادة السحاق‪ .‬وقد ثبت من الحصائّيات أنه ل وجود لهذه‬
‫حكم على النزعات الجنسّية للمرأة دون ذكر أي توثيققق لققه‬ ‫ل في البلد التي ل تختتن فيها الناث«‪ .6‬وهذا ال ُ‬ ‫العادة إ ّ‬
‫هو مجّرد رأي يعّبر عن تحّيز ضد المرأة وتعّد على كرامتها‪ .‬وسف نعود إلى ذلك في الجزء الطّبي‪.‬‬

‫ل لئّمتهم تشبه هذا الحديث نذكر منها‪:‬‬‫وينقل أهل الشيعة أقوا ً‬


‫‪7‬‬
‫‪ -‬قول لعلي‪» :‬ل بأس بأن تختتن المرأة‪ ،‬فأّما الرجل فل بد منه« ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫سّنة« ‪.‬‬
‫سّنة وخفض الجواري ليس من ال ُ‬ ‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪» :‬ختان الغلم من ال ُ‬

‫سَنن والثار‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪.63‬‬


‫البيهقي‪ :‬معرفة ال ُ‬ ‫‪1‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪99‬؛ إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪ .341‬أنظر أيضًا إبن عساكر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.44‬‬
‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪5‬‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،3‬ص ‪ ،97-96‬هامش ‪.1‬‬‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪6‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.163‬‬ ‫‪7‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.37‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪184‬‬
‫‪ -‬عن المرادي أنه قال‪ :‬سألت أبا جعفققر عليققه السققلم عققن الجاريققة تسققبى مققن أرض الشققرك فتسققلم‬
‫سقّنة فالختققان علققى الرجققال‪ ،‬وليققس علققى‬
‫فيطلب لها من يخفضها فل يقدر علققى إمققرأة‪ .‬فقققال‪ :‬أّمققا ال ُ‬
‫النساء‪.9‬‬
‫سّنة ول شيئًا واجبًا وأي شيء أفضققل مققن‬ ‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪ :‬خفض الجارية َمكُرَمة وليس من ال ُ‬
‫الَمكُرَمة‪.2‬‬
‫سّنة وَمكُرَمة في النساء‪.3‬‬ ‫‪ -‬قول لجعفر الصادق‪ :‬الختان في الرجل ُ‬

‫طعققة البظققور«‪ .‬فكيققف فققي هققذه‬


‫وسنرى لحقًا أن العرب كانت تعّير من كانت أّمه تقققوم بختققان النققاث‪» :‬إبققن مق ّ‬
‫الحالة إعتبار ختان الناث َمكُرَمة؟‬

‫ح( أحاديث »إذا إلتقى الختانان«‬

‫يذكر البيهقي أن أبا موسى الشعري أتى عائشة فقال‪ :‬لقد شقق علقي إختلف أصقحاب النقبي )ص( فقي أمقر إنقي‬
‫ل عنه أّمك فسلني عنه‪ .‬فقال لها‪ :‬الرجل يصيب أهله ثققم يكسققل ول‬ ‫ظم أن أستقبلك به‪ .‬فقالت‪ :‬ما هو؟ كنت سائ ً‬
‫لع ّ‬
‫ينزل؟ قالت‪ :‬إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل‪ .‬وقد ذكر البيهقي هذا الحققديث بأشققكال مختلفققة عققن عائشققة‬
‫عن النبي‪ ،‬بعضها ل يذكر الختان‪:‬‬
‫‪» -‬إذا إلتقى الختانان أو مس الختان الختان فقد وجب الغسل«‪.‬‬
‫‪» -‬إذا قعد بين الشعب الربع‪ ،‬ثم الزق الختان بالختان‪ ،‬فقد وجب الغسل«‪.‬‬
‫‪» -‬إذا إلتقى الختانان فقد وجب الغسل‪ ،‬فعلته أنا ورسول ال )ص( فاغتسلنا«‪.‬‬
‫‪» -‬إذا قعد بين شعبها الربعة ثم إجتهد فقد وجب الغسل«‪ .‬وهناك من زاد عليه‪» :‬أنزل أو لم ينزل«‪.‬‬

‫وفي هذا الحديث الخير ل ذكر للختانين‪ .4‬ويستنتج مؤّيدو ختان الذكور والناث من هذا الحديث أن ختان الققذكور‬
‫وختان الناث كان ممارسًا في زمن النبي محّمد‪ .5‬والعّوا يعتبر هذا الحديث هو »الحديث الصحيح الوحيد في كتبنا‬
‫جميعًا فيما يتعّلق بهذا المر«‪ .6‬ولكّنه يرى أن‬
‫جققة فققي هققذا الحققديث الصققحيح علققى ذلققك‪ .‬لن اللفققظ هنققا جققاء مققن بققاب تسققمية الشققيئين أو‬
‫»ل ح ّ‬
‫الشخصين أو المرين بإسم الشهر منهما‪ ،‬أو بإسم أحققدهما علققى سققبيل التغليققب‪ .‬ومققن ذلققك كلمققات‬
‫كثيرة في صحيح اللغة العربّية منها الُعَمران )أبو بكر وعمر(‪ ،‬والقمران )الشمس والقمققر( والنّيققران‬
‫)هما أيضًا‪ ،‬وليس في القمر نققور بققل إنعكققاس نققور الشققمس عليققه( والعشققاءان )المغققرب والعشققاء(‬
‫والظهران )الظهر والعصر(«‪.7‬‬

‫ل عند الفقهاء القدامى‪ .8‬ويضيف العّوا‪:‬‬


‫وقد وجدنا إحتجاجًا مماث ً‬
‫»فلفظ الختانين ]‪ [...‬ل دللة فيه على مشروعّية الختان للناث‪ .‬والحققديث وارد فيمققا يققوجب الغسققل‬
‫ل‪ .‬ول يبعد أن يقال‪ :‬إنه حّدثهم على معهودهم َقبل السلم في إيقققاع‬
‫وليس واردًا في أمر الختان أص ً‬
‫‪9‬‬
‫ل« ‪.‬‬
‫هذا الفعل بالمرأة‪ ،‬دون أن يتضّمن حديثه )ص( إباحة أص ً‬

‫خذ على حديث »إذا إلتقى الختانان« بأنه يققّرر قاعققدة فقهّيققة مرفوضققة بالجمققاع إذ ل يجققب الغسققل لمجقّرد‬
‫وقد ُأ ِ‬
‫‪10‬‬
‫اللتقاء‪ ،‬بل لتغييب الحشفة في الفرج‪ .‬وقد حاول البعض تفسير »إلتقى الختانان« بأنه كناية عن مغيققب الحشققفة ‪.‬‬
‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪167‬؛ الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.37‬‬ ‫‪9‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪37‬؛ العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.167‬‬ ‫‪2‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.37‬‬ ‫‪3‬‬

‫سَنن والثار‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.468-462‬‬ ‫أنظر في تخريج هذه الحاديث البيهقي‪ :‬معرفة ال ُ‬ ‫‪4‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪5‬‬

‫العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪.218‬‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 21‬في آخر الكتاب‪ .‬وأيضًا العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪.218‬‬ ‫‪7‬‬

‫أنظر العيني‪ :‬البناية في شرح الهداية‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.273‬‬ ‫‪8‬‬

‫العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪219‬؛ أنظر أيضًا رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪9‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪15‬؛ أنظر أيضًا العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪.219‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪185‬‬
‫ل مققن »الختنققان«‪ ،‬أي الزوجققان‪ .‬فيكققون‬ ‫ولهذا السبب نحن نرى أن كلمة »الختانان« قد تكون قد فهمت غلطققا بققد ً‬
‫معنى الحديث‪ :‬إذا إلتقى الزوجان في علقة جنسّية‪ ،‬يجب الغسل‪ .‬وفي حالة فهم الحققديث كمققا فهمققه مؤّيققدو ختققان‬
‫الناث‪ ،‬فإننا ل نعرف كيف يمكنهم العتماد على حديث جاء في صور متناقضة‪.‬‬

‫ط( روايتا »خاتنة الجواري«‬

‫هناك روايتان تحكيان لقاء النبي محّمد مع إمرأة تختن الجواري‪ .‬قي الرواية الولققى دون ذكققر إسققم إمققرأة أو مققع‬
‫ذكر إسم أم عطّية أو أم أيمن أو أم طّيبة‪ .‬والرواية الثانية ذكر فيها إسم أم حبيبة أو أم حبيب‪ .‬ونحن نجمع هنا هققذه‬
‫سّنة وأهل الشيعة‪:‬‬
‫الروايات كما جاءت في كتب أهل ال ُ‬

‫الرواية الولى المشهورة برواية أم عطّية‬

‫سَنن ابو داوود )توّفى عام ‪» :(889‬إن إمرأة كانت تختن بالمدينة‪ .‬فقققال لهققا النققبي‪» :‬ل ُتنِهكققي فققإن ذلققك‬ ‫جاء في ُ‬
‫أحظى للمرأة وأحب إلى البعل« وقد جاء في رواية أخرى »أشّمي ول ُتنِهكي«‪ .‬وقد إنفرد بذكر هققذا الحققديث مققن‬
‫سان‪ .‬كما أن مسند إبن حنبل ل يذكره‪ .‬وقد عّلققق أبققو داوود عليققه‬ ‫ل عن محّمد إبن ح ّ‬
‫سّنة السّتة أبو داوود نق ً‬
‫كتب ال ُ‬
‫‪1‬‬
‫سان مجهول‪ ،‬وهذا الحديث ضعيف« ‪.‬‬ ‫ل‪ .‬ومحّمد بن ح ّ‬‫ل‪» :‬ليس بالقوي‪ ،‬وقد روي مرس ً‬ ‫قائ ً‬

‫وقد أضاف إبن الثير )توّفى عام ‪ (1210‬على رواية أبو داوود روايققة ذكرهققا رزيققن‪» :‬أشقّمي ول ُتنِهكققي‪ ،‬فققإنه‬
‫أنور للوجه وأحظى للرجل«‪.2‬‬

‫ويذكر إبن أبي الدنيا حديثين عن أم عطّية‪ .‬الّول عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسققول ال ق لم عطّيققة »إذا خفضققت‬
‫فأشّمي ول ُتنِهكي فإنه أسرى للوجه وأحظققى عنققد الققزوج«‪ .‬والثققاني عققن عطّيققة القرظققي قققال‪» :‬كققانت بالمدينققة‬
‫خافضة يقال لها أم عطّية فقال لها رسول ال )ص( أشّمي ول تحفي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الققزوج«‪ .‬وقققد‬
‫عّلق ناشر كتاب إبن أبي الدنيا على الحديث الّول بأن في إسناده زائدة بققن أبققي الرقققاد وهققو منكققر الحققديث‪ .‬ولققه‬
‫متابعات وشواهد كّلها ضعيفة وقال أبو داوود‪ :‬حديث ختان المقرأة روي مقن أوجقه كقثيرة وكّلهقا ضقعيفة معلولقة‬
‫ل إن هذا الحديث ضعيف أيضًا‪.3‬‬ ‫مخدوشة ول يصح الحتجاج بها‪ .‬وعّلق على الحديث الثاني قائ ً‬

‫ونص الحديث الّول لبن أبي الدنيا عن أنس إبن مالك يستبدل »أم عطّية« بق»أم أيمن« حسب رواية أخرى‪ .4‬وقد‬
‫جاء ذكر إسم »أم طّيبة« في رواية شيعّية عن الصادق تقول‪» :‬كققانت إمققرأة يقققال لهققا أم طّيبققة تخفققض الجقواري‬
‫فدعاها رسول ال )ص( فقال لها‪ :‬يا أم طّيبة إذا أنت خفضت إمرأة فأشّمي ول تجحفي فإنه أصققفى لّلققون وأحظققى‬
‫عند البعل«‪.5‬‬

‫سرونه بأن النبي أقر ختان الناث في‬ ‫حديث أم عطّية يترّدد كثيرًا في كتابات الفقهاء القدامى والمعاصرين‪ .‬وهم يف ّ‬
‫حدود عدم النهاك‪ .‬فلو رأى فيه مضّرة لمنعه تمامًا ولما نعته في حديث آخر بأنه َمكُرَمة‪ .‬ويرد عليهم الرافضققون‬
‫حت نسبته للنبي‪ ،‬ل يمكن الستنتاج منه أنه يبيح ختان الناث‪ .‬بل إنهققم يققرون فيققه وسققيلة لمنققع ختققان‬ ‫بأنه‪ ،‬إن ص ّ‬
‫الناث‪.‬‬

‫تقول نوال السعداوي‪:‬‬


‫»حينما ظهر النبي محّمد وجد أن هذه العادة موجودة عند العرب وأدرك بذكائه الفطري ضققرر هققذه‬
‫حة النساء بسبب سلبها لجزء من قدرة المرأة على الشعور بالل قّذة الجنس قّية‪ .‬وجققاء فققي‬
‫العادة على ص ّ‬

‫سَنن أبو داوود‪ ،‬جزء ‪ ،5‬ص ‪ ،422-421‬حديث ‪.5271‬‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬

‫إبن الثير‪ :‬جامع الصول‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪ ،777‬حديث ‪.2936‬‬ ‫‪2‬‬

‫سَنن الكبرى‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.562‬‬


‫إبن أبي الدنيا‪ :‬كتاب العيال‪ ،‬ص ‪ ،331‬والهامش‪ .‬أنظر هذا الحديث أيضًا في البيهقي‪ :‬ال ُ‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر اللباني‪ ،‬سلسلة الحاديث الصحيحة‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.354‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.38‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪186‬‬
‫الحديث أن النبي محّمد قال لم عطّية الخاتنقة‪» :‬إذا خفضقت فأشقّمي ول ُتنِهكقي‪ .‬فقإنه أضقوأ للقوجه‬
‫وأحظى لها عند الزوج«‪.1‬‬

‫حة العالمّية‪ ،‬يقول مدير هققذا المكتققب الققدكتور‬


‫ظمة الص ّ‬
‫سط لمن ّ‬
‫وفي تقديم كتاب نشره المكتب القليمي لشرق المتو ّ‬
‫حسين عبد الرّزاق الجزائري عن رواية أم عطّية الذي ينعتها بالضعيفة بأنها‬
‫»ل تأمر بختان النثى على الطلق‪ ،‬بل كل ما فيهقا تقوجيه لمقن تقققترف هقذا العمقل أن تتجّنقب أي‬
‫إنتهاك لحرمة أعضاء المرأة التناسلّية‪ ،‬وأن يكون ما تقتطعه مققن غلفققة البظققر شققيئًا ل يحققس بققه ول‬
‫يشعر‪ ،‬عّبر عنه بكلمة »الشمام«‪ .‬والشم كما نعلم إحساس سطحي جّدا وعابر جّدا ل يكاد يدرى به‪.‬‬
‫حت ‪ -‬أنها تهذيب لتلك العادة الجاهلّية‪ ،‬وهي رواية غير صققحيحة‬ ‫فغاية ما في هذه الحاديث ‪ -‬لو ص ّ‬
‫‪2‬‬
‫ل مّما صح من النصوص« ‪.‬‬ ‫على كل حال‪ ،‬وأحكام الشريعة ل تؤخذ إ ّ‬

‫ويقول العّوا‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فققإن‬‫حته جققد ً‬
‫جة تستفاد منققه‪ .‬ولقو فرضققنا صق ّ‬ ‫»حديث أم عطّية ]‪ [...‬بكل طرقه ل خير فيه ول ح ّ‬
‫التوجيه الوارد فيه ل يتضّمن أمرًا بختان البنات‪ ،‬وإّنمققا يتضقّمن تحديققد كيفّيققة هققذا الختققان إن وقققع‪،‬‬
‫وأنها )إشمام( وصفه العلماء بأنه كإشمام الطيقب‪ ،‬يعنقي أخقذ جقزء يسقير ل يكقاد يحقس مقن الجقزء‬
‫الظاهر من موضع الختققان وهققو الجلققدة الققتي تسقّمى »الغلفققة«‪ .[...] ،‬ول يمكققن أن تتققم ‪ -‬لققو صققح‬
‫صصين في الجراحة من أمثققال القققابلت‬ ‫ل عن غير المتخ ّ‬ ‫جوازها ‪ -‬على أيدي الطّباء العاديين فض ً‬
‫حة‪ ...‬الخ‪ ،‬كما هو الواقع في بلدنا وغيرها مققن البلد الققتي تجققرى فيهققا هققذه‬ ‫لقي الص ّ‬
‫والدايات وح ّ‬
‫‪3‬‬
‫العملّية الشنيعة للفتيات« ‪.‬‬

‫ويقول أنور أحمد‪:‬‬


‫»من يتدبر هذا الحديث المنسوب إلى النبي يمكن أن يتصّور أن النبي لم يرد أن يصادر عرفًا جققرت‬
‫صلت في نفوسهم‪ ،‬فأراد أن يخّفف من غلوائهققا ويحقد مقن أضققرارها‪ ،‬فجقرى‬‫عليه العرب‪ ،‬وعادة تأ ّ‬
‫‪4‬‬
‫حديثه للخاتنة بهذا التوجيه الكريم الرحيم« ‪.‬‬

‫ويقول الدكتور محّمد رمضان‪:‬‬


‫سقّنة بققل إلققى‬
‫حت رواية أم عطّية ]‪ [...‬رغم أنها ضعيفة‪ ،‬فإنهققا ل تفيققد الوجققوب أو ال ُ‬
‫»وحّتى إذا ص ّ‬
‫تهذيب هذه العادة‪ .‬فهي تتعّلق بالنهي عن الستئصال وليس بالمر بقطع الجزاء‪ .‬وباقي الحديث يدل‬
‫على أهّمية هذه الجزاء للمرأة والرجل‪ .‬فحسب الحققديث تققرك هققذه الجققزاء مققع إشققمام خفيققف هققو‬
‫أنضر لوجه المرأة وأحظى للزوج‪ .‬والنهك في هذه الجزاء يذهب هذه الفائدة‪ .‬وقد تلشت هذه العادة‬
‫بعد ذلك‪ ،‬حّتى إختفت حالّيا هناك ولم تعد تمارس«‪.5‬‬

‫ويرد اللباني على من ضّعف حديث أم عطّية بأن هناك حديث آخر عن إبن عمققر يشققبه حققديث خاتنققة الجققواري‪:‬‬
‫»دخل على النبي )ص( نسوة من النصار فقال‪» :‬يا نساء النصققار أخضققبن غمسقًا واخفضققن‪ ،‬ول ُتنِهكققن‪ ،‬فققإنه‬
‫أحظى عند أزواجكن‪ .‬وإّياكن وكفر المنعميققن«‪ .6‬والشققوكاني يققذكر هققذا الحققديث كمققا يلققي‪» :‬يققا نسققاء النصققار‪:‬‬
‫إختضبن غمسًا واختفضن ول ُتنِهكن وإّياكن وكفران النعم«‪ .7‬وعبارة »كفر المنعميققن« أو »كفققران النعققم« تعنققي‬
‫إنكار فضل الزواج‪.‬‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪1‬‬

‫حكم الشرعي‪ ،‬التقديم‪ ،‬صفحة و‪.‬‬ ‫الصّباغ‪ :‬ال ُ‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحمد‪ :‬آراء علماء الدين‪ ،‬ص ‪.9-8‬‬ ‫‪4‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬ ‫‪5‬‬

‫اللباني‪ ،‬سلسلة الحاديث الصحيحة‪ .‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.357‬‬ ‫‪6‬‬

‫الملحق ‪ 2‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪187‬‬
‫الرواية الثانية المشهورة برواية أم حبيبة‬

‫سققر بطريقققتين متناقضققتين لعققدم وضققوحه‪ .‬ولكققن هنققاك حققديث آخققر أكققثر‬
‫سبق ورأينا كيف أن حديث أم عطّية ف ّ‬
‫وضوحًا أخذ مؤّيدو ختان الناث المعاصرون ترديده في مصر يطلق عليه رواية أم حبيبة‪.‬‬

‫أّول ذكر لهذه الرواية وجدناه في مقال لحامد الغّوابي الذي نشرته مجّلة لواء السلم‪ 1‬ولكّنه لم يذكر مصدرها‪ .‬ثققم‬
‫كّررها جاد الحق‪ ،‬شيخ الزهر سوّية مققع روايققة أم عطّيققة فققي فتققواه الولققى عقام ‪ 1981‬دون ذكققر مصققادرهما‪.‬‬
‫وكذلك فعل في فتواه الثانية عام ‪ 1994‬مع ذكر مصادر عّدة ولكن دون تحديد أي من تلك المصادر تخص روايققة‬
‫أم حبيبة‪ .‬ونص هذه الرواية في فتوى جاد الحق هو كما يلي‪:‬‬
‫»إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة‪ ،‬وقد عرفت بختان الجواري‪ ،‬فلّما رآها رسول ال )ص(‬
‫ل أن يكققون‬ ‫قال لها‪ :‬يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك‪ .‬هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم يا رسققول القق‪ .‬إ ّ‬
‫ن مّني حّتى أعّلمك‪ .‬فدنت منه‪ .‬فقال‪ :‬يا‬ ‫حرامًا فتنهاني عنه‪ .‬فقال رسول ال )ص(‪ :‬بل هو حلل‪ ،‬فأد ِ‬
‫‪2‬‬
‫أم حبيبة‪ ،‬إذا أنت فعلت فل ُتنِهكي‪ ،‬فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج« ‪.‬‬

‫سقّنة وليققس هنققاك ذكققر‬


‫ويرد محّمد سليم العّوا على من يستعمل رواية أم حبيبة‪» :‬هذا الحديث ل يوجد في كتققب ال ُ‬
‫جة فيه‪ ،‬بل ل أصل له«‪ .3‬وفي مقال آخر يقققول إن‬ ‫فيها لمرأة بهذا السم كانت تقوم بهذا العمل‪ .‬فكلمهم هذا ل ح ّ‬
‫هذه الرواية ُمختلقة وأن »أم حبيبة ]‪ [...‬شخصّية ل وجود لها في كتب تراجم الصحابة ول في كتب الحديث الققتي‬
‫ل«‪.4‬‬
‫ذكرت هذا الموضوع أص ً‬

‫ومهما يكن من أمر المصادر التي إعتمد عليها جاد الحق وغيره‪ ،‬فإننا نجد رواية أم حبيبة فققي المصقادر الشقيعّية‪.‬‬
‫ولّعل هذا هو السبب الذي من أجله جهل أو تجاهل سليم العّوا وجودها‪ .‬وهذه هي الرواية كما وجدناها‪:‬‬

‫عن الصادق قال‪:‬‬


‫»لّما هاجرن النساء إلى رسول ال )ص( هاجرت فيهققن إمققرأة يقققال لهققا أم حققبيب‪ ،‬وكققانت خّفاضققة‬
‫تخفض الجواري‪ .‬فلّما رآها رسول ال )ص( قال لها‪ :‬يا أم حبيب العمل الذي كان فققي يققدك هققو فققي‬
‫ل أن يكون حرامًا فتنهاني عنه‪ .‬قال‪ :‬ل‪ ،‬بل هو حلل فادني مّنققي‬ ‫يدك اليوم؟ قالت نعم يا رسول ال إ ّ‬
‫حّتققى أعّلمققك‪ .‬قققالت فققدنوت منقه فقققال‪ :‬يققا أم حققبيب إذا أنققت فعلققت فل ُتنِهكققي ‪ -‬أي ل تستأصققلي ‪-‬‬
‫وأشّمي‪ ،‬فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج«‪.5‬‬

‫ل مققن‬
‫ل من تهذيب الحكام ولكن مع ذكر أم حبيبققة بققد ً‬ ‫وفي مكارم الخلق للطبرسي نفس الرواية عن الصادق نق ً‬
‫أم حبيب‪ .‬وهذه هي الرواية‪:‬‬
‫»لّما هاجرت النساء إلى رسول ال هاجرت فيهن إمرأة يقال لها أم حبيبققة‪ ،‬وكققانت خافضققة تخفققض‬
‫الجواري‪ .‬فلّما رآها رسول ال )ص( قال لها‪ :‬يا أم حبيبة العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟‬
‫ل أن يكون حرامقًا فتنهقاني عنقه‪ .‬ققال‪ :‬ل‪ ،‬بققل هقو حلل فققادني مّنققي حّتققى‬ ‫قالت‪ :‬نعم يا رسول ال إ ّ‬
‫أعّلمك‪ .‬فدنت منه فقال‪ :‬يا أم حبيبة إذا أنت فعلققت فل ُتنِهكققي أي ل تستأصققلي وأشقّمي‪ ،‬فققإنه أشققرق‬
‫للوجه وأحظى عند الزوج‪ .‬قال‪ :‬فكانت لم حبيبة أخت يقال لها أم عطّية‪ ،‬وكانت مقّينة يعني ماشطة‪.‬‬
‫فلّما إنصرفت أم حبيبة إلى أختها أخبرتها بما قال لها رسول ال )ص(‪ ،‬فققأقبلت أم عطّيققة إلققى النققبي‬
‫)ص( فأخبرته بما قالت لها أختها‪ .‬فقال لها‪ :‬ادني مّني يا أم عطّية إذا أنت قّينققت الجاريققة فل تغسققلي‬
‫وجهها بالخرقة فإن الخرقة تذهب بماء الوجه«‪.6‬‬

‫العدد ‪ ،7‬سنة ‪ [1951] 11‬الغّوابي‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنقظر الملحقين ‪ 5‬و ‪ 6‬في آخر الكتاب‪ .‬وقد أعاد علينا هذه الرواية الجمل أيضًا في كتاب صدر عام ‪ 1995‬وتغافل عن‬ ‫‪2‬‬

‫ذكر مصدره أيضًا الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪.222-221‬‬ ‫‪4‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.38‬‬ ‫‪5‬‬

‫الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪.220‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪188‬‬
‫ل عقن الطبرسققي )تقوّفى عقام‬
‫وقد أعاد علينا كتاب »الطفل نشوؤه وتربيتققه« صققادر فقي طهققران هققذه الروايقة نق ً‬
‫‪.1(1153‬‬

‫ل أنققه هنققاك إختلف‬ ‫كل من رواية أم عطّية ورواية أم حبيبة تذكر قول النققبي علققى عققدم الجحققاف فققي القطققع‪ .‬إ ّ‬
‫جهتققه‬ ‫لوّ‬ ‫شاسع بين الروايتين‪ .‬فرواية أم عطّية تكتفي بققذكر عققدم الجحققاف‪ .‬بينمققا روايققة أم حبيبققة تضققيف سقؤا ً‬
‫الخاتنة إلى النبي عّما إذا كان ما تقوم به حرام ينهاهققا عنققه‪ .‬فأجققاب النققبي‪» :‬ل بققل حلل«‪ .‬يقققول الغقّوابي تأييققدًا‬
‫لختان الناث‪» :‬إن الرسول )ص( لم ينطق عن الهوى‪ .‬ولو كان لم يقر أم حبيبة على عملها أو إستنكر هذا العمل‪،‬‬
‫فلماذا ل ينهاها ويقول لها‪ :‬ل تختني الجواري؟ وهي قد طلبت منه )ص( أن ينهاها عنققه إن كققان حرامقًا‪ .‬حققًا لئن‬
‫ل من أن يعّلمها طريقة الختان الصحيح ويقققول لهققا‪ :‬ل ُتنِهكققي ]‪ .[...‬ولققو كققان‬ ‫كان الرسول ل يريده لنهى عنه بد ً‬
‫الرسول )ص( يرى في الختان ضررًا وهو الذي يتلّقى الوحي من رّبققه‪ ،‬وعّلمققه مققن لققدنه علمققا‪ ،‬لنهققى عنققه نهيقًا‬
‫صريحًا«‪.2‬‬

‫حة أحاديث الختان ونسبتها لليهود‬


‫‪ (3‬المشّككون في ص ّ‬
‫إستعرضنا سابقًا الحاديث التي يعتمد عليها مؤّيدو ختان الذكور والناث‪ .‬وقققد ذكرنققا أيضقًا الشققكوك الققتي تحيققط‬
‫بكل حديث على حدة‪ .‬وقد إستنتج البعض أن هذه الحاديث ل تصلح لتبرير الختان‪ ،‬ليققس فقققط ختققان النققاث‪ ،‬بققل‬
‫أيضًا ختان الذكور‪.‬‬

‫ل »العلم في ذلققك علققى الق‬‫فالشوكاني‪ ،‬بعد أن شّكك في تفسير الية »وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات فأتّمهن« محي ً‬
‫ل‪» :‬الحقق أنقه لقم يققم دليقل صقحيح يقدل علقى‬ ‫سقبحانه«‪ ،‬شقّكك أيضقًا فقي جميقع الحقاديث المؤّيقدة للختقان ققائ ً‬
‫الوجوب«‪ .3‬ويقول المام شلتوت معتمدًا على الشوكاني‪:‬‬
‫»وقد خرجنا من إستعراض المروّيات في مسألة الختان على أنه ليس فيهققا مققا يصققح أن يكققون دلي ً‬
‫ل‬
‫ل »الوجقود الفقهقي«‪ .‬وهقي النتيجقة القتي وصقل إليهقا بعقض العلمقاء‬ ‫سقّنة الفقهّيقة«؛ فضق ً‬
‫علقى »ال ُ‬
‫س قّنة« الققتي‬
‫سّنة تّتبع« وأن كلمة » ُ‬
‫السابقين‪ ،‬وعّبر عنها بقوله‪» :‬ليس في الختان خبر يرجع إليه ول ُ‬
‫حت‪ ،‬الطريقة المألوفة عند القوم في ذلك الوقت‪ ،‬ولققم تققرد‬ ‫جاءت في بعض المروّيات معناها‪ ،‬إذا ص ّ‬
‫حكققم الشققرع ل‬ ‫الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهي الذي عرفققت بققه فيمققا بعققد‪ .‬والققذي أراه أن ُ‬
‫يخضع لنص منقول‪ ،‬وإّنما يخضع في الذكر والنثى لقاعققدة شققرعّية عاّمققة‪ :‬وهققي أن إيلم الحققي ل‬
‫ل لمصالح تعود عليه‪ ،‬وتربو على اللم الذي يلحقه«‪.4‬‬ ‫يجوز شرعًا إ ّ‬

‫ويقول الشيخ سّيد سابق‪:‬‬


‫سقّنة رسققوله‬ ‫ت في كتققاب الق ول فققي ُ‬ ‫»الختان ل يجب على النثى‪ ،‬وتركه ل يستوجب الثم‪ .‬ولم يأ ِ‬
‫عليه السلم ما يثبت أنه أمر لزم‪ .‬وكل ما جاء عن رسول ال في ذلك من المر به ضعيف لم يصح‬
‫ل إذا كققانت هنققاك آيقة قرآنّيققة‬
‫منه شيء ول يصققح العتمقاد عليقه ]‪ .[...‬والقواجب ل يكقون واجبقًا إ ّ‬
‫توجبه‪ ،‬أو حديث صح سنده ومصدره‪ ،‬أو إجماع من الئّمة‪ .‬وهذا المر لققم يققرد فيققه آيققة ول حققديث‬
‫ل إذا كقان‬ ‫صحيح ولم يجمع عليه العلماء‪ .‬وفقي الشقريعة السقلمّية ل يمكقن العتمقاد علقى شقيء إ ّ‬
‫هناك دليل‪ .‬والدليل منعدم في هذه الحالة‪ .‬فإذا لم يحدث الختان بالنسققبة للبنققت فهقذا ل يعتققبر خروجقًا‬
‫على الشريعة ول مخالفة لدين ال«‪.5‬‬

‫ويقول محّمد سليم العّوا‪:‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 18‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الغّوابي‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.54-53‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 2‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 8‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ل عن أحمد‪ :‬آراء علماء الدين‪ ،‬ص ‪.13-12‬‬


‫مجّلة التحرير‪ ،28/10/1958 ،‬نق ً‬ ‫‪5‬‬

‫‪189‬‬
‫جة فيها على مشروعّية ختان النثى‪ .‬وإن ما يحتج به مققن أحققاديث الختققان‬ ‫سّنة الصحيحة ل ح ّ‬ ‫»إن ال ُ‬
‫حكم شرعي‪ .‬وإن المر ل يعدو أن يكون عادة من العادات‪ ،‬تققرك‬ ‫للناث كّلها ضعيفة ل يستفاد منها ُ‬
‫‪1‬‬
‫السلم للزمن ولتقّدم العلم الطّبي أمر تهذيبها أو إبطالها« ‪.‬‬

‫ل‪:‬‬
‫ويرد السّكري على المشّككين في أحاديث الختان قائ ً‬
‫»إن المروّيات التي جاءت في ختان الناث إّنما هي في جانب الفعل‪ .‬أّما جققانب الققترك فلققم يققرد فيققه‬
‫دليل واحد ل بالتحريم ول بالكراهّية‪ ،‬وكل ما إستدل به المانعون هي آراء شخصّية بعيدة تمام قًا عققن‬
‫التشريع السلمي ]‪ .[...‬وهناك قاعدة فقهّية عظيمة وهققي‪ :‬إن إعمققال الكلم أولققى مققن إهمققاله مققتى‬
‫أمكن ذلك‪ ،‬والصل في الكلم أن يدل على معنققى يريققد المتكّلققم إعلم السققامع بققه‪ .‬وقققد وردت عقّدة‬
‫روايات عن الرسول )ص( في هذا‪ .‬وقد قصد بها أن يعّلم الخاتنققة شققعارًا مققن شققعائر السققلم‪ ،‬وقققد‬
‫أمكن ذلك بكثرة المروّيات فيه«‪.2‬‬

‫ل أننا نجد من يرفض أيضًا ختققان‬


‫ورغم أن الهتمام منصب عند الكّتاب المسلمين المعاصرين على ختان الناث إ ّ‬
‫الذكور معتبرين أن الحاديث التي ذكرته هي من السرائيلّيات‪.‬‬

‫فقد قام الكاتب المصري عصام الدين حفني ناصف بترجمة مختصرة لكتاب جوزيف لويس‪» :‬بإسققم النسققانّية«‪،3‬‬
‫وهو معارض أمريكي لختان الذكور‪ ،‬وعنون الترجمة‪» :‬الختان ضللة إسرائيلّية«‪ .‬وكتققب لققه مقّدمققة أطققول مققن‬
‫الترجمة ذاتها عنونها‪» :‬بحث في الختان عند المم السلمّية وأنه أثر من آثار السرائيلّيات في السلم«‪ .‬وقامت‬
‫صة ظريفة‪.‬‬ ‫دار مطابع الشعب التابعة للّتحاد الشتراكي العربي في القاهرة بنشره )عام ‪1971‬؟(‪ .‬ولهذا الكتاب ق ّ‬

‫فهذا الكتاب مختفي تمامًا من السواق‪ .‬وقد بحثت عنه مّدة طويلة في القاهرة فلم أجده‪ .‬فوّكلت الدكتورة سهام عبققد‬
‫السلم بالتحّري عنه‪ .‬وبعد عناء كبير عقثرت علقى نسقخة منقه عنقد السقتاذ سقعد الفيشقاوي‪ ،‬صقاحب دار العقالم‬
‫الجديد للنشر في القاهرة‪ ،‬فسمح مشكورًا بتصويره‪ .‬وقد أخبرها بأن دار الشعب خدعت عصام حفني ناصققف ولققم‬
‫ل عددًا محدودًا من النسخ وأخفتها ‪ .4‬ويا حّبذا لو أن إحدى الدور المصرّية أو العربّية تشتري حق النشر من‬
‫تطبع إ ّ‬
‫‪5‬‬
‫الدار المذكورة وتعيد نشره من جديد‪ .‬وبانتظار نشر الكتاب‪ ،‬قّررنا نقل المقّدمة كاملة كملحق ليرجع لها القققارئ ‪.‬‬
‫فهذا الكتاب حسب علمنا هو أّول كتاب صادر عن مسلم يرفض ختان الذكور‪.‬‬

‫والنص الثاني هو للكاتب المصري محّمد عفيفي‪ .‬وهو تحليل مطقّول للكتققاب المققذكور أعله فققي مجّلققة »الهلل«‬
‫القاهرّية تحت عنوان‪» :‬مرشد الحيران في عملّية الختان«‪ .‬وقد أشار في تحليله إلى موضوع إختفققاء هققذا الكتققاب‬
‫من السوق‪ .‬فهو يقول‪» :‬أشكر دار الشعب التي تبّنت الكتاب ونشرته‪ ،‬وإن كنت ألومها بالطبع على هذه »السّرية«‬
‫الشديدة التي صدر بها الكتاب دون أن يسمع به أحد‪ ،‬مع أنه يجب أن تكون هناك نسخة منه في كققل بيققت مصققري‬
‫حديث‪ ،‬عسى أن يفّكر الناس مّرتيقن قبقل أن يلحققوا بأطفقالهم البريقاء كقل ذلقك اليلم واليقذاء والذلل«‪ .‬وققد‬
‫ل كملحق ليرجع له القارئ‪.6‬‬‫قّررنا نشر نص محّمد عفيفي كام ً‬

‫ومن الواضح من عنوان الكتاب الذي ترجمه عصام الدين ومن مقال محّمققد عفيفققي أنهمققا يعتققبران ختققان الققذكور‬
‫عادة يهودّية تسّربت إلى الطائفة المسلمة ككثير من العادات والروايات اليهودّيققة قققام بدسققها اليهققود الققذين أسققلموا‬
‫والتي يطلق عليها لقب »السرائيلّيات«‪ .‬وقد إقترح عبد المنعم النمر إعادة طباعة كتب الققتراث بعققد تصققفيتها مققن‬
‫سر »الكلمات« التي إمتحن ال بها إبراهيققم فققي اليققة‬ ‫هذه السرائيلّيات‪ .7‬وقد رأينا سابقًا موقف محّمد عبده مّمن ف ّ‬
‫سَنن الفطرة التي من بينها الختان‪ .‬فهو يقول‪» :‬ول شك عندي في أن هققذا مّمققا أدخلققه اليهققود علققى‬ ‫‪ 124:2‬بمعنى ُ‬

‫أنظر الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪2‬‬

‫هذا هو العنوان الصلي‪ Lewis: In the name of humanity :‬أنظر المراجع باللغات الغربّية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫رسالة للمؤّلف في ‪.11/1/1997‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 20‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 21‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫النمر‪ :‬علم التفسير‪ ،‬ص ‪.160-159‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪190‬‬
‫المسلمين ليّتخذوا دينهم هزؤًا«‪ .‬وقد ذكرنققا كيققف أن مصققطفى كمققال المهققدوي إعتققبر ختققان الققذكور أيضقًا عققادة‬
‫ل بعلمة‬ ‫يهودّية ل تخص المسلمين‪ ،‬وهي تعّبر عن العقلّية اليهودّية التي تعتقد بأن ال ل يمّيز اليهود عن غيرهم إ ّ‬
‫الختان الخارجّية‪.1‬‬

‫وتجدر الشارة هنا إلى أن لليهود سابقة تاريخّية أخرى في محاولة نشر الختان‪ .‬فقققد رأينققا كيققف أن اليهققود الققذين‬
‫أصبحوا مسيحّيين في القرون الولى حاولوا جاهدين فرض الختققان علققى الققوثنّيين الققذين تحّولققوا إلققى المسققيحّية‪.‬‬
‫ولكّنهم فشلوا في تلك المحاولة لنهم لم يكونوا يمّثلون وزنًا كبيرًا في المبراطورّية الرومانّية التي تمنققع ممارسققة‬
‫الختان وتعاقب عليه‪ .‬وقد تصّدى لمحاولتهم هذه القّديس بولس لنه رأى فيها صّدا للوثنّيين عقن دخقول المسققيحّية‪.‬‬
‫حت نظرّية »السرائيلّيات«‪ ،‬فهذا يعني أن اليهود قد نجحوا في فرض الختان علققى المسققلمين‪ .‬ول عجققب‬ ‫وإذا ص ّ‬
‫في ذلك‪ .‬فاليهود كانوا ُيعتبرون الطبقة المثّقفة في المجتمع العربي في عصر النبي‪ ،‬فهم من »أهققل الكتققاب« علققى‬
‫خلف الوثنّيين العرب الميين‪ .‬والقرآن الكريم يحتوي على الكثير من المأثورات اليهودّية المققأخوذة عققن التققوراة‬
‫صققة مققن‬
‫ولكن بصورة مختزلة‪ .‬وما كان للعرب الميين وسيلة لفهم هذه المأثورات دون الرجوع إلققى اليهققود‪ ،‬خا ّ‬
‫أسلم منهم‪ .‬ونذكر هنا على سبيل المثال كعب الحبار‪ ،‬وهو من كبار رجال الدين اليهود اليمنيين ومققن كبققار رواة‬
‫الحديث عند المسلمين‪.‬‬

‫سّنة جملة وتفصي ً‬


‫ل‬ ‫‪ (4‬الرافضون لل ُ‬
‫سّنة في تقريققر الحكققام جملققة‬ ‫سّني يرفض العتماد على ال ُ‬ ‫بالضافة إلى المشّككين في أحاديث الختان‪ ،‬هناك تّيار ُ‬
‫‪2‬‬
‫ل لنقص الققرآن ‪ .‬وعلقى هقذا السقاس‬ ‫ل‪ .‬وهذا هو الموقف الرسمي لمعمر القذافي الذي ل يقبل الحتكقام إ ّ‬ ‫وتفصي ً‬
‫س قّنة فققي‬
‫أيضًا يرفض القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي ختان الذكور لن القرآن لم يذكره ولنققه ل يعتققد بال ُ‬
‫هذا الموضوع‪ .‬وقد سبق أن ذكرنا رأيه في عرضنا لتصادم الختان مع فلسفة القرآن‪.3‬‬

‫سسها عام ‪ 1986‬فققي الوليققات المّتحققدة الققدكتور رشققاد خليفقة‪ ،‬مصققري الصققل‪ ،‬الققذي‬ ‫وهناك مجموعة مسلمة أ ّ‬
‫إشتهر بنظرّيته حققول العجققاز العققددي للقققرآن‪ ،‬مرتكققزا علققى العققدد ‪ 19‬الققذي جققاء فققي القققرآن الكريققم )المققدثر‬
‫‪ .4(30:74‬ولهذه المجموعة عدد من المراكز فققي العققالم ويبلققغ عققدد أعضققائها قرابققة ‪ 10.000‬شققخص أكققثرّيتهم‬
‫يحملون الجنسّية المريكّية وينتمون إلى أجناس مختلفة‪ :‬مصرّيون‪ ،‬وإيرانيققون‪ ،‬وأتققراك‪ ،‬وأوروبيققون‪ ،‬وليققبيون‪،‬‬
‫وإندونيسيون‪ ،‬وماليزيون‪ ،‬وغيرهم‪.5‬‬

‫ل على القرآن الذي تعتبره كلم الق‪ .‬وققد شقرح رشقاد خليفقة‬ ‫سّنة ول تعتمد في تعاليمها إ ّ‬‫ترفض هذه المجموعة ال ُ‬
‫‪6‬‬
‫سّنة في كتاب صغير‪ ،‬معتبرًا الحققديث مققن كلم البشققر‪ ،‬ل بققل مققن عمققل الشققيطان ‪ .‬وعلققى أثققر‬ ‫موقفه الرافض لل ُ‬
‫إعلنه عن هذا الموقف‪ ،‬سقطت شهرته وصدر ضّده عدد من الفتاوى تعتبره مرتّدا‪ .‬وقد تم إغتياله على يدي أحققد‬
‫المسلمين في عام ‪ .1990‬وإن لم يّتخذ رشاد خليفة نفسه موقفًا محّددا من ختان الذكور والناث‪ ،‬إلّ أن نظرّيته قققد‬
‫مّهدت الطريق لذلك‪ .‬ويجد القارئ صفحة في شبكة النترنيت كتبها »أديب يوكسل« أحققد ممّثلققي هققذه المجموعققة‬
‫حول الختان‪ .‬وهذه ترجمتها‪:‬‬
‫»بإسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الختان‬
‫منذ أكثر من ثلثة عشر قرنا توجد في العالم السلمي ممارسة تدعى ختان الذكور والناث‪ .‬وختان‬
‫ل عادة يهودّيققة وجققدت مثققل غيرهققا مققن العققادات اليهودّيققة ضققيافة طّيبققة فققي العققالم‬‫الذكور ما هو إ ّ‬

‫أنظر الملحق ‪ 22‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الصادق‪ :‬تجربة القذافي‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر نص المهدوي في الملحق ‪ 22‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫خليفة‪ :‬معجزة القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫واسم هذه المجموعة ‪International Community of Submitters, P.O.Box 43476, Tucson, AZ 85733-‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪3476, tel (520) 3237636‬‬


‫‪Khalifa: Quran, Hadith and Islam‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪191‬‬
‫السلمي بعد محّمد‪ .‬هذا الختراع وهذا التحديث من صنع البشر الذي ليس له وجود في آخققر كتققب‬
‫ال‪ ،‬القرآن الكريم‪ ،‬كان لعنة لمليين من أطفالنا الذكور والناث في العالم السلمي‪.‬‬
‫في مصر وفي غيرها من الدول العربّية‪ ،‬آلف الفتيات يبترن سنويًا بإسم ال‪ .‬مرّوعات كل حيققاتهن‪،‬‬
‫هذه الفتيات يمّرن في تجربة هي الكثر إيلمقًا فققي حيققاتهن‪ ،‬وكققل ذلققك بإسققم القق‪ .‬وعلققى المققرء أن‬
‫يتساءل كيف يمكن أن يؤّيد إله رحوم مثل هذا الشر والظلم ضد هذه الفتيات؟ أليس الققذنب مقن صققنع‬
‫أيدينا؟ أليس نحن الظالمين والشياطين الذين نؤّيد مثل هذا الظلم الوحشي والجبان ضد أطفالنا؟‬
‫إن كل دارسي القرآن الصادقين يعرفون الجواب الواضح‪ .‬إن ال برحمته اللمتناهيققة لققم يغفققر ولققن‬
‫يغفر مثل تلك العادة الوحشّية‪ .‬فهي عادة ليس لها أي ذكر في القرآن‪ .‬هذه القوانين والعادات الوحشّية‬
‫سّنة‪ .‬إن مققؤّلفي مثققل هققذا التجققديف‬
‫ل في الختراعات من صنع البشر التي هي الحديث وال ُ‬ ‫ل توجد إ ّ‬
‫على ال هم المسؤولون عقن هققذه الجققرائم القتي تمقارس منققذ قققرون بإسقم القق‪ .‬فمققن خلل التاريققخ‪،‬‬
‫تصّورت وسّنت المجتمعقات القتي يسقيطر عليهقا القذكور ققوانين وعقادات لكبقت الضقعفاء والنسقاء‬
‫والطفال‪.‬‬
‫ل مققن خلل‬ ‫إننا لن نصل إلى الخلص والطهارة الجسديين والروحيين‪ ،‬لنا وللمضطهدين بإسم ال‪ ،‬إ ّ‬
‫عبادتنا ل وحده وبإّتباعنا القرآن وحده‪.‬‬
‫الرجاء إقرأ المقال الفريد الملحق للدكتور سامي الذيب‪ ،‬وهو دكتور في القانون‪.‬‬
‫دعونا ننهي هذه الجريمة التي تمارس عبر القرون منذ القديم ضد أولدنا«‪.1‬‬

‫هنا ينتهي نص »أديب يوكسل« عن الختان‪ .‬والمقال الذي يشير إليه هو مقال كتبته عققام ‪ 1994‬بالنكليزّيققة حققول‬
‫ختان الذكور والناث‪ ،‬وهو متوّفر عبر شبكة النترنيت‪ .‬وقد تبادلت الرسائل مع »أديققب يوكسققل« لمعرفققة خبايققا‬
‫موقفه حول موضوع ختان الذكور والناث‪ .‬وقد أوضح لي أنه إمام وخطيب في المجموعة المذكورة‪ .‬وهو كردي‬
‫من تركيا له عدد من الكتب باللغة التركّية واسعة النتشار‪ .‬وقد كان سابقًا نشيطًا في حزب السققلمة )الققذي أصققبح‬
‫سقّنة نقطققة تحقّول فققي‬ ‫بعد ذلك حزب الرفاهة السلمي(‪ .‬وكانت مراسلته مع رشاد خليفة وقققراءة كتققابه حققول ال ُ‬
‫حياته عام ‪ .1986‬فتراجع عن كتبه السابقة ونقققدها‪ ،‬مّمقا عّرضقه للعققداوة والتهديقد بالقتققل‪ .‬فهقاجر إلقى الوليقات‬
‫المّتحدة وانتمى لمجموعة رشاد خليفة‪ .‬وفي إحدى رسائله يقول »أديب يوكسل« بأن قققراءة مقققالي المققذكور أعله‬
‫قد فتح عينيه وعيني أصدقائه‪ .‬فهو الن يندم لختانه ولديه‪ .‬وقد طلب مّني السماح لققه بققترجمته للغققة التركّيققة‪ .‬وقققد‬
‫إستوضحت رأيه حول بعققض النقققاط‪ .‬وهققذه هققي السققئلة الققتي طرحتهققا عليققه والجوبققة الققتي إسققتلمتها منققه فققي‬
‫‪.11/2/1997‬‬

‫‪ (1‬هل تقبل ممارسة ختان الذكور أو ‪ /‬والناث لسباب دينّية على الطفال؟ أو على البالغين بموافقتهم؟ مهما كان‬
‫ذلك الدين‪ :‬يهودّية‪ ،‬أو إسلم‪ ،‬أو ديانة تقليدّية ‪animism‬؟‬

‫الجواب‪ :‬ل‪ ،‬أنا ل أقبل ذلك‪.‬‬

‫‪ (2‬هل تقبل ختان الذكور أو ‪ /‬والناث لسباب ثقافّية على الطفال؟ أو على البالغين بمققوافقتهم؟ مهمققا كققانت تلققك‬
‫الثقافة‪ :‬غربّية أو غير غربّية؟‬

‫صة بعد قراءة مقالك‪ .‬وفيما يخص موافقة البالغين‪ ،‬فقإني أتسقاءل عقن حقيققة هقذه‬
‫الجواب‪ :‬ل‪ ،‬أنا ل أقبل ذلك‪ .‬خا ّ‬
‫الموافقة‪.‬‬

‫‪ (3‬هل تقبل بأن يجري الطّباء ختان الذكور أو ‪ /‬والنققاث لسققباب دينّيققة أو ثقافّيققة )وليققس لسققباب طّبيققة( علققى‬
‫الطفال؟ أو على البالغين بموافقتهم؟ ل يحق للطّباء بقتر إصققبع أو أذن سقليمة حّتققى ولقو طلبهققا بققالغ‪ .‬هققل تقرى‬
‫جمعّيتكم بأن هذه القاعدة تنطبق أيضًا على ختان الذكور أو ‪ /‬والناث؟‬

‫الجواب‪ :‬هذا سؤال ممتع يجب أن أفّكر فيه‪.‬‬


‫‪ http://www.moslem.org/khatne‬ومقالي المشار إليه هو ‪To mutilate in the name of Jehovah or‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Allah‬‬
‫‪192‬‬
‫‪ (4‬هل تقبل بأن تمنع القوانين ختان الذكور أو ‪ /‬والنققاث وأن تعققاقب عليققه؟ حّتققى وإن كققان ذاك الختققان لسققباب‬
‫دينّية أو ثقافّية )وليس طّبية(؟ حّتى وإن كان المختون بالغًا؟ مققا نققوع العقققاب الققذي تقققترحونه؟ وهققل يعققاقب أهققل‬
‫الطفل؟ أم المختون البالغ؟ أم الذي يجري الختان؟‬

‫الجواب‪ :‬هذا أيضًا سؤال ممتع يجب أن أفّكر فيه‪.‬‬

‫صققر فققي إجققراء عملّيققة ختققان الققذكور أو ‪/‬‬


‫ل مققن أطفققالهم الُق ّ‬
‫‪ (5‬هل تظن بأن للهل الحق في إعطاء الموافقة بققد ً‬
‫والناث لسباب دينّية أو ثقافّية )وليس طّبية(؟ وإن كان الجواب نعم‪ ،‬فحّتى أي سن؟‬

‫ل من أطفالهم يجب أن ل يقبل أبدًا في مجال الختان‪.‬‬


‫الجواب‪ :‬إن موافقة الهل بد ً‬

‫‪ (6‬بعض الجماعات تعتبر الكفاح ضد ختان الذكور أو ‪ /‬والناث هو موقف إمبريالي‪ ،‬معادي للسقامّية أو للسقلم‬
‫أو للسود؟ هل تكترث لمثل تلك الّتهامات؟ وما هو ردك عليها؟ وهل سبق أن أتِهمت بذلك؟ ومن ِقَبل من؟‬

‫الجواب‪ :‬ل يهّمنا إّتهامات الغير إذا ما رأينا أننا على حق‪.‬‬

‫هذه هي أجوبة »أديب يوكسل«‪ .‬وإذا ما قرأناهقا مقع النقص علقى شقبكة النقترنيت القذي ترجمتقه أعله نقرى أن‬
‫رفض هذه المجموعة المسلمة لختان الذكور والناث يرتكز على عدم ذكرهما في القرآن الكريقم المصقدر الوحيقد‬
‫للتشريع لدى تلك المجموعة‪ .‬وهذا الموقف ما زال في مرحلتققه الّولّيققة ويسققتحق كققل الحققترام‪ .‬واعتمققاد »أديققب‬
‫يوكسل« على مقالي يثبت أن هذه المجموعة منفتحة للفكقر مهمقا كقان مصقدره وأنقه ليقس مقن المسقتحيل تحويقل‬
‫المسلمين عن ممارسة ختان الذكور والناث إذا ما أثبتنا لهم أن هذه الممارسة ل أساس لها في القرآن‪.‬‬

‫سقّنة لتققبرير‬
‫ويمكن أن نستخلص مّما سبق أن هناك خلف كبير بين المسلمين فققي مققدى إمكانّيققة العتمققاد علققى ال ُ‬
‫ختان الذكور والناث‪ .‬ونحن نلحظ أن هذا الخلف ل وجود له بين المؤّلفين الشيعة فهم ل يتعّرضققون للحققاديث‬
‫التي جاءت في كتبهم‪ .‬وقد يرجع ذلك إلى إعتققادهم أن أئّمتهقم القذين نقلقوا عنهقم هقذه الحقاديث معصقومون مقن‬
‫ضحوا سبل التوفيق بينها‪ .‬والغرب مققن‬ ‫الخطأ‪ .‬فالمؤّلفون الشيعة يكّدسون الحاديث المتناقضة تكديسًا دون أن يو ّ‬
‫ذلك كّله أنهم ما زالوا يعيدون علينا أحاديث ختان الناث دون أّية إشارة إلى مدى وجوبه في أّيامنا رغققم أن ختققان‬
‫الناث ل يمارس في إيران حسب علمنا‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الختان وشرع من َقبلنا‬


‫‪» (1‬شرع من َقبلنا« كمصدر للشريعة السلمّية‬
‫سّنة‪ ،‬يرى الفقهاء المسقلمون ققديمًا وحقديثًا أن شقرائع النبيقاء القذين سقبقوا رسقالة النقبي‬ ‫بالضافة إلى القرآن وال ُ‬
‫سّنة‪ .‬وهذا ما عّبروا عنه‬ ‫محّمد باقية ويجب على المسلمين إّتباعها ما دام أنها ل تخالف نص صريح في القرآن وال ُ‬
‫ل أنهققم يعتققبرون الكتققب المقّدسققة اليهودّيققة والمسققيحّية الققتي بيققن أيققدينا كتققب‬
‫بقولهم‪» :‬شرع من َقبلنا شققرعنا«‪ .‬إ ّ‬
‫محّرفة‪ ،‬ولذا ل يمكن العتماد عليها‪ .‬يقول حسب ال‪» :‬فأّما الشرائع السابقة فقد ُتنَقل إلينا فققي كتققب أصققحابها‪ ،‬أو‬
‫على السنة أتباعها وهو نقل ل يعتد به‪ ،‬لما وقع في كتبهم من تغيير وتحريف‪ ،‬ولن غيققر المسققلم ل يوثققق بققه فققي‬
‫سّنة الصققحيحة‪ ،‬فيكقون النقققل صقحيحًا«‪ .1‬وبرهققان تحريققف‬ ‫نقل شريعة المسلم إليه‪ .‬وقد ُتنقل إلينا في الكتاب أو ال ُ‬
‫سقّنة‬
‫تلك الكتب عند المسلمين هو عدم ذكرها لنبّوة محّمققد‪ .‬ولققذلك يعتمققد المسققلمون علققى مققا جققاء فققي القققرآن وال ُ‬
‫لمعرفة شرائع النبياء السابقين‪ .‬وعلى أسققاس قاعققدة »شققرع مققن َقبلنققا شققرعنا« تققم إدراج ختققان إبراهيققم ضققمن‬
‫الشريعة السلمّية كما رأينا سابقًا إعتمادًا على الحاديث النبوّية وليس على ما جاء في التوراة‪.‬‬

‫حسب ال‪ :‬أصول التشريع السلمي‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪193‬‬
‫سّنة ما يعتمدون عليه لدعم موقفهم‪ ،‬لجققأوا حققديثًا إلققى نققص‬
‫وإذ إن مؤّيدي الختان لم يجدوا ل في القرآن ول في ال ُ‬
‫من »إنجيل برنابا« الذي ل يعترف به المسيحّيون‪ .‬كما أن الفقهققاء القققدامى وبعققض المعاصققرين يققذكرون روايققة‬
‫ختان هاجر لتأييد ختان الناث‪.‬‬

‫‪ (2‬إنجيل برنابا‬
‫يوجققد إنجيققل برنابققا‪ ،‬الققذي ل تعققترف يققه الكنققائس المسققيحّية‪ ،‬فققي مخطوطققتين باللغققة اليطالّيققة والسققبانّية‪.‬‬
‫ل مقتطفات صغيرة‪ .‬وقد جاء ذكر لهاتين المخطوطتين لّول م قّرة فققي بدايققة‬ ‫والمخطوطة السبانية لم يتبّقى منها إ ّ‬
‫القرن الثامن عشر‪ .‬ول يعرف أصلهما بالتحديد‪ .‬ويظهر أن النص اليطالي المليء بقالغلط ققد كتقب فقي الققرن‬
‫الرابع عشر‪ .‬وغير معروف ما إذا كان مرتكزًا على نص سابق عربي أو إسباني‪ .‬ولكن مققن الواضققح أنققه خضققع‬
‫لتأثيرات يهودّية ومسيحّية وصابئّية وإسلمّية وقد يكون لققه صققلة برهبققان جبققل الكرمققل‪ .‬ويظهققر أن الهققدف مققن‬
‫مؤّلفه أو مؤّلفيه المتتابعين هو تقديم ديانة تجمع العناصر المشتركة لليهودّية والمسيحّية والسلمّية‪ .1‬ومن مق قّدمته‬
‫صة في مجال ألوهّية المسيح والختان‪ .‬وفي الفصل الثققاني والعشققرين‬ ‫يبدأ هذا النجيل بالتصّدي للقديس بولس‪ ،‬خا ّ‬
‫ل‪:‬‬
‫يعتبر إن الكلب أفضل من رجل غير مختون‪ .‬وقد عّلق خليل سعادة على هذا الفصل قائ ً‬
‫طلعه على أناجيققل‬ ‫صره وإ ّ‬ ‫»الذي أذهب إليه أن الكاتب يهودي أندلسي إعتنق الدين السلمي بعد تن ّ‬
‫النصارى ]‪ .[...‬ومّما يؤّيد هذا المذهب ما ورد في هذا النجيل عن وجققوب الختققان والكلم الجققارح‬
‫الذي جاء فيه من أن الكلب أفضل من الغلف‪ .‬فإن مثل هذا القققول ل يصققدر مققن نصققراني الصققل‪.‬‬
‫وأنت إذا تفّقدت تاريخ العرب بعد فتح الندلس وجدت أنهم لم يتعّرضقوا بقادئ بقدء لديقان الخريقن‬
‫في شيء على الطلق‪ .‬فكان ذلك من جملة البواعث التي حدت بأهل الندلس إلى الرضوخ لسققطوة‬
‫ل فقي شققيء واحقد وهقو‬ ‫طققة فقي جميققع المققور الدينّيقة إ ّ‬
‫المسلمين وسيطرتهم وثابروا على هققذه الخ ّ‬
‫سقّنة‬
‫الختان إذ جاء زمن أكرهوا فيه الهققالي عليققه وأصققدروا أمققرًا يقضققي علققى النصققارى باّتبققاع ُ‬
‫الختان على حد ما كان يجري عليققه المسققلمين واليهققود‪ .‬فكققان هققذا مققن جملققة البققواعث الققتي دعققت‬
‫النصارى إلى النتقاض عليهم«‪.2‬‬

‫ويلحظ هنا أن »إنجيل برنابا« ل ذكر له في كتققب الفقهققاء المسققلمين القققدامى الققذين كققانوا يجهلققون وجققوده‪ .‬فقققد‬
‫تعّرف عليه المسلمون بعد نشر نسخته اليطالّيققة مققع الترجمققة النكليزّيققة فققي أوروبققا عققام ‪ 1907‬وترجمتققه مققن‬
‫النكليزّية إلى العربّية من ِقَبقل خليقل سقعادة‪ .‬وهقذه الترجمقة نشقرها السقّيد محّمقد رشقيد رضقا فقي الققاهرة عقام‬
‫‪ .31908‬ويرى المسلمون أن هذا هو النجيل الحقيقي لنه يذكر نبّوة محّمد‪ .‬وكثيرًا ما يلجأون إليه في كتبهم وفققي‬
‫صقة فقي الفصقل ‪ 42‬القذي‬ ‫دعايتهم الدينّية في الراديو والتلفزيون‪ 4‬رغم أن هذا النجيقل يتنقاقض مقع تعقاليمهم خا ّ‬
‫صا‬
‫يعتبر محّمدا المسيح التي‪ .‬وقد قامت وزارة الوقاف في قطر بنشر الترجمة النكليزّية ووضعت في بدايتها ن ّ‬
‫حبققوا بققه« )قولسققي ‪ .5(10.4‬ويعتمققد المققأّلفون المسققلمون‬ ‫للقديس بولس يقول فيه عن برنابققا‪» :‬فققإذا قققدم إليكققم فر ّ‬
‫ل عند عرضققه‬ ‫المعاصرون على إنجيل برنابا لتأييد ختان الذكور‪ .6‬وقد ذكر محّمد الهّواري نص إنجيل برنابا كام ً‬
‫لموقف المسيحّيين مققن الختققان‪ .7‬وسققوف نققذكر فققي النقطققتين اللحقققتين نققص »إنجيققل برنابققا« الخققاص بالختققان‬
‫معتمدين على الترجمة العربّية لخليل سعادة‪.‬‬

‫المقّدمة‬

‫)‪ (1‬برنابا رسول يسوع الناصري المسّمى المسيح يتمّنى لجميع سّكان الرض سلمًا وعققزاء‪ (2) .‬أيهققا الع قّزاء‬
‫إن ال العظيم العجيب قد إفتقدنا في هذه اليام الخيرة بنبّيه يسققوع المسققيح برحمققة عظيمققة للتعليققم واليققات الققتي‬

‫أنظر حول هذا النجيل المقّدمة التي كتبها لويجي سيريللو للترجمة الفرنسّية‪Évangile de Barnabé, p. 25-238 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫إنجيل برنابا‪ ،‬مقّدمة خليل سعادة‪ ،‬صفحة ي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر المقّدمة التي كتبها محّمد حفيظ ال للطبعة النكليزّية المعادة لنجيل برنابا في‪The Gospel of Barnabas :‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر حول هذه الدعاية الحّداد‪ :‬إنجيل برنابا‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪The Gospel of Barnabas‬‬ ‫‪5‬‬

‫جار‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬عبد الرازق‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪ ،16‬وهو يعتمد على رأي مشابه للشيخ عبد الوهاب الن ّ‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الهّواري‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.74-69‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪194‬‬
‫شرين بتعليم شديد الكفر )‪ (4‬داعين المسيح إبققن ال ق‬‫إّتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى )‪ (3‬مب ّ‬
‫)‪ (5‬ورافضين الختان الذي أمر به ال دائمًا )‪ (6‬مجّوزين كل لحم نجس )‪ (7‬الذين ضل في عققدادهم أيض قًا بققولس‬
‫طر ذلك الحق الذي رأيته وسمعته أثنققاء معاشققرتي‬ ‫ل مع السى )‪ (8‬وهو السبب الذي لجله أس ّ‬ ‫الذي ل أتكّلم عنه إ ّ‬
‫ليسوع لكي تخلصوا ول يضّلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة ال‪.‬‬

‫الفصل ‪5‬‬

‫)‪ (1‬فلّما تّمت الّيام الثمانية حسب شريعة الرب كما هو مكتوب في كتاب موسى أخذا الطفل واحتمله إلى الهيكقل‬
‫)‪ (2‬فختنا الطفل وسّمياه يسوع كما قال الملك قبل أن يحمل به في الرحم‪.‬‬

‫الفصل ‪22‬‬

‫ل إنهققم كلب؟« )‪(2‬‬ ‫)‪ (1‬فسأل التلميذ يسوع في ذلك النهار قائلين‪» :‬يا معّلم لماذا أجبت المرأة بهذا الجققواب قققائ ً‬
‫أجاب يسوع‪» :‬الحق أقول لكم إن الكلب أفضل من رجل غير مختون« )‪ (3‬فحزن التلميذ قائلين‪» :‬إن هققذا الكلم‬
‫لثقيل ومن يقوى على قبوله«‪ (4) .‬أجاب يسوع‪» :‬إذا لحظتم أيها الجّهال ما يفعل الكلب الققذي ل عقققل لققه لخدمققة‬
‫صاحبه علمتم أن كلمي صادق )‪ (5‬قولوا لي أيحرس الكلب بيت صاحبه ويعّرض نفسه للص؟ )‪ (6‬نعم ولكن مققا‬
‫جزاؤه؟ ضرب كثير وأذى مع قليل من الخبز وهو يظهر لصاحبه وجهًا مسرورًا )‪ (7‬أصحيح هذا؟« )‪ (8‬فأجققاب‬
‫التلميذ‪» :‬إنه صحيح يا معّلم«‪ (9) .‬حينئذ قال يسوع‪ :‬تأّملوا إذًا ما أعظم ما وهب ال النسان فتروا إذًا مققا أكفققره‬
‫لعدم وفائه بعهد ال مع عبده إبراهيم‪ (10) .‬أذكروا ما قاله داود لشاول ملك إسرائيل ضد جليات الفلسققطيني )‪(11‬‬
‫قال داود‪» :‬يا سّيدي بينما كان يرعى عبدك قطيعه جقاء ذئب ودب وأسقد وانقضقت علقى غنقم عبقدك )‪ (12‬فجقاء‬
‫ل كواحد منها )‪ (14‬لذلك يذهب عبققدك بإسققم الققرب إلققه إسققرائيل‬ ‫عبدك وقتلها وأنقذ الغنم )‪ (13‬وما هذا الغلف إ ّ‬
‫ويقتل هذا النجس الذي يجّذف على شعب ال الطاهر« )‪ (15‬حينئذ قال التلميذ‪» :‬قل لنا يا معّلققم لي سققبب يجققب‬
‫ل‪ :‬يا إبراهيم إقطع غرلتققك وغرلققة‬ ‫على النسان الختان؟« )‪ (16‬فأجاب يسوع‪» :‬يكفيكم أن ال أمر به إبراهيم قائ ً‬
‫بيتك لن هذا عهد بيني وبينك إلى البد«‪.‬‬

‫الفصل ‪23‬‬

‫)‪ (1‬ولّما قال ذلك يسوع جلس قريبًا من الجبل الذي كانوا يشرفون عليه )‪ (2‬فجاء تلميذه إلى جانبه ليصققغوا إلققى‬
‫كلمه )‪ (3‬حينئذ قال يسوع‪» :‬إنه لّما أكل آدم النسان الّول الطعام الذي نهاه ال عنه في الفققردوس مخققدوعًا مققن‬
‫ل‪ :‬تال لقطعنك )‪ (5‬فكسر شظية مققن صققخر وأمسققك جسققده ليقطعققه‬ ‫الشيطان عصى جسده الروح )‪ (4‬فأقسم قائ ً‬
‫بحد الشظية )‪ (6‬فوّبخه الملك جبريل على ذلك )‪ (7‬فأجاب‪» :‬لقققد أقسققمت بققال أن أقطعققه فل أكققون حانثقًا« )‪(8‬‬
‫حينئذ أراه الملك زائدة جسده فقطعها )‪ (9‬فكما أن جسد كل إنسان من جسد آدم وجقب عليقه أن يراعقي كقل عهقد‬
‫سّنة الختان من جيل إلى جيل )‪(12‬‬ ‫أقسم آدم ليقومن به )‪ (10‬وحافظ آدم على فعل ذلك في أولده )‪ (11‬فتسلسلت ُ‬
‫ل أنه لم يكن في زمن إبراهيم سوى النزر القليل من المختقونين علقى الرض )‪ (13‬لن عبقادة الوثقان تكقاثرت‬ ‫إّ‬
‫ل‪ :‬النفقس الققتي ل تختققن‬
‫على الرض )‪ (14‬وعليه فقد أخبر ال إبراهيم بحقيقة الختان )‪ (15‬وأثبت هذا العهققد قققائ ً‬
‫جسدها إّياها أبّدد من بين شعبي إلى البد‪ (16) .‬فارتجف التلميذ خوفًا من كلمات يسوع لنه تكّلم باحتدام الققروح‬
‫)‪ (17‬ثم قال يسوع‪» :‬دعوا الخوف للذي لم يقطع غرلته لنه محروم من الفردوس«‪.‬‬

‫ونشير هنا إلى أن بعض المؤّلفين المسلمين يعتمدون على رواية ختان السّيد المسيح والنبياء من َقبله لتأييقد ختقان‬
‫الذكور‪ .‬يقول أبو آلء كمال علققي الجمقل‪ ،‬وهقو مقدّرس الحققديث بكّليققة أصقول القدين والقدعوة بالمنصققورة‪» ،‬إن‬
‫المسيح قد ختن وحافظ على هذا التشريع وأمر تلميذه بالختان«‪ .‬وهو يستشهد بالفصققل السققابع مققن إنجيققل يوحّنققا‬
‫)أنظر النص في القسم الثاني من هذا الجقزء(‪ ،‬وهقذا النقص فقي حقيقتقه ل يوجقد فيقه أي أمقر بالختقان‪ .‬ويضقيف‬
‫المؤّلف أن »بولس عمل على إلغاء هذه الشريعة فأّول الختان على هواه فقال إن الختققان هققو ختققان القلققب‪ ،‬وليققس‬
‫الختان ما كان ظاهر اللحم ]‪ [...‬وبهذا التشريع أراد بولس أن يلغي الختان مبّينا أن الناموس ل لزوم له بعد مجيء‬
‫المسيح«‪ .1‬ويختم المؤّلف فصله قائ ً‬
‫ل بأن »بولس قد ألغى شققريعة الختققان لهققوى فققي نفسققه‪ ،‬وقققد رد عليققه علمققاء‬
‫الجمل‪ :‬نهاية البيان في أحكام الختان‪ ،‬ص ‪.42‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪195‬‬
‫النصرانّية« و»أن تلميذ المسقيح مقن بعقده ققد سقاروا علقى شقريعته ونهجقه فنّفقذوا الختقان علقى أنفسقهم وعلقى‬
‫أتباعهم«‪ .1‬وهذا الكلم مخالف للحقيقة إذ إن تّيققار بققولس هققو الققذي إنتصققر بيققن المسققيحّيين‪ .‬كمققا بيّنققا فققي القسققم‬
‫السابق‪.‬‬

‫‪ (3‬رواية ختان هاجر‬


‫نقرأ في كتاب الحيوان للجاحظ )توّفى عام ‪» :(868‬الختان في العرب في النساء والرجال من لدن إبراهيم وهاجر‬
‫إلى يومنا هذا«‪ .2‬ونجد ق ّ‬
‫صقة ختقان هقاجر فقي عقدد مقن كتقب القتراث ننققل هنقا مقا عثرنقا عليقه حسقب ترتيبهقا‬
‫التاريخي‪.‬‬

‫أ( »فتوح مصر« لبن عبد الحكم )توّفى عام ‪:(870‬‬

‫يروي لنا روايتان حول هذا الموضوع‪:‬‬


‫‪» (1‬إن سارة كانت بنت ملك من الملوك وكانت قد أوتيت حسنًا فتزّوجها إبراهيم عليه السققلم‪ .‬فمققر‬
‫بها على ملك من الملوك فأعجبته فقال لبراهيم مققا هققذه فقققال لققه مققا شققاء الق أن يقققول‪ .‬فلّمققا خققاف‬
‫إبراهيم وخافت سارة أن يدنو منها دعوا ال عليه فأيبس ال يديه ورجليه‪ .‬فقال لبراهيم قد علمت أن‬
‫هذا عملك فادع ال لي فوال ل أسوءك فيها‪ .‬فدعا له فأطلق ال يديه ورجليقه‪ .‬ثققم قققال الملققك إن هقذه‬
‫لمرأة ل ينبغي أن تخدم نفسها فوهب لها هاجر فخدمتها ما شاء ال‪ .‬ثم إنها غضبت عليهققا ذات يققوم‬
‫فحلفت لتغّيرن منها ثلثة أشياء فقال ]إبراهيم[ تخفضينها وتثقبين أذنيها‪ .‬ثم وهبتها لبراهيم علققى أن‬
‫ل يسوءها فيها فوقع عليها فعلقت فولدت إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلم«‪.‬‬
‫‪» (2‬كانت هاجر ]‪ [...‬أّول من جّرت ذيلها لتخفي أثرها على سارة‪ .‬وكانت سارة قققد حلفققت لتقطعققن‬
‫منها عضوًا‪ .‬فبلغ ذلك هاجر فلبست درعًا لها وجّرت ذيلهققا لتخفققي أثرهققا‪ .‬وطلبتهققا سققارة فلققم تقققدر‬
‫سقّنة‬
‫عليها‪ .‬فقال إبراهيم هل لك أن تعفي عنها؟ قالت فكيف بما حلفققت؟ قققال تخفضققينها فيكققون ذلققك ُ‬
‫سّنة بالخفض«‪.3‬‬ ‫للنساء فتبرءين يمينك‪ .‬ففعلت فمضت ال ُ‬

‫ب( »تاريخ الطبري‪ ،‬تاريخ المم والملوك« للطبري‪:‬‬


‫»حّدثني موسى بن هارون قال حّدثنا عمرو بن حماد‪ ،‬قال‪ :‬حّدثنا أسباط‪ ،‬عن السققدي بالسققناد الققذي‬
‫قد ذكرناه أن سارة قالت لبراهيم‪ :‬تسّر هاجر فقد أذنت لك فوطئها‪ ،‬فحملقت بإسقماعيل‪ .‬ثقم أنقه وققع‬
‫على سارة فحملت بإسحاق‪ .‬فلّما ولدته وكبر إقتتل هو وإسماعيل‪ .‬فغضبت سققارة علققى أم إسققماعيل‪،‬‬
‫وغارت عليها‪ ،‬فأخرجتها‪ .‬ثم إنها دعتها فأدخلتها‪ .‬ثم غضبت أيضقًا فأخرجتهققا ثققم أدخلتهققا‪ ،‬وحلفققت‬
‫لتقطعن منها بضعة‪ .‬فقالت‪ :‬أقطع أنفها‪ ،‬فيشينها ذلك‪ .‬ثم قققالت‪ :‬ل بققل أخفضققها‪ .‬فقطعققت ذلققك منهققا‪.‬‬
‫ل‪ .‬ثققم قققالت‪ :‬ل تسققكني‬‫ل تعفي به عن الدم‪ .‬فلذلك خفضت النساء‪ ،‬واّتخقذت ذيقو ّ‬ ‫فاّتخذت عند ذلك ذي ً‬
‫في بلد‪ .‬وأوحى ال إلى إبراهيم أن يأتي مّكة‪ ،‬وليققس يقومئذ بمكقة بيققت‪ .‬فقذهب بهقا إلقى مّكقة وابنهققا‬
‫فوضعهما‪ .‬وقالت هاجر‪ :‬إلى من تركتنا هنا؟«‪.4‬‬

‫ج( »قصص النبياء« للثعلبي )توّفى عام ‪:(1053‬‬


‫»قال السدي وابن يسار وغيرهما من أهل الخبار‪ :‬فحملت سارة بإسحاق‪ ،‬وقققد كققانت حملققت هققاجر‬
‫بإسماعيل‪ .‬فوضعتا معًا فشب الغلمان‪ .‬فبينما يتناضلن ذات يوم وقد كان إبراهيم عليه السلم سابق‬
‫بينهما فسبق إسماعيل فأخذه وأجلسه في حجره وأجلس إسحاق إلى جانبه وسارة تنظر إليه‪ .‬فغضققبت‬
‫وقالت عمدت إلى إبن المة فأجلسته في حجرك وعمدت إلى إبني فأجلسته إلى جنبك وقققد جعلققت أن‬
‫ل تضّرني ول تسوءني‪ .‬وأخذها ما يأخذ النسققاء مققن الغيققرة فحلفققت لتقطعققن بضققعة منهققا ولتغّيققرن‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان في أحكام الختان‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Ibn Abd Al-Hakim: The history of the conquest of Egypt, p. 11-12‬‬ ‫‪3‬‬

‫الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ض ‪.130‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪196‬‬
‫خلقها‪ .‬ثم ثاب إليها عقلها فبقيت متحّيرة فقي ذلقك‪ .‬فققال لهقا إبراهيقم عليقه السقلم أخفضقيها واثققبي‬
‫سّنة في النساء«‪.1‬‬
‫أذنيها‪ .‬ففعلت ذلك فصارت ُ‬

‫د( »تحفة المودود بأحكام المولود« لبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫حكمة خفض النساء أن سارة لّما وهبت هاجر لبراهيققم أصققابها فحملققت منققه فغققارت‬ ‫»وقد ذكر في ِ‬
‫سارة فحلفت لتقطعن منها ثلثة أعضاء‪ .‬فخاف إبراهيم أن تجدع أنفهققا وتقطققع أذنهققا‪ .‬فأمرهققا بثقققب‬
‫سّنة في النساء بعد‪ .‬ول ينكر هذا كما كان مبدأ السققعي سققعي هققاجر بيققن‬ ‫أذنيها وختانها‪ .‬وصار ذلك ُ‬
‫جبلين تبغي لبنها الغوث‪ ،‬وكما كان مبدأ الجمار حصب إسماعيل للشيطان لما ذهب مع أبيه‪ ،‬فشّرع‬
‫سّنة خليله وإقامة لذكره وإعظامًا لعبودّيته«‪.2‬‬
‫ال سبحانه لعباده تذكرة وإحياء ل ُ‬

‫هـ( »البداية والنهاية« لبن كثير‪:‬‬


‫ضققبت علققى هققاجر‪،‬‬ ‫»ذكر الشيخ أبو محّمد بن أبي زيققد رحمققه الق فققي كتققاب النققوادر‪ :‬إن سققارة تغ ّ‬
‫فحلفت لتقطعن ثلثة أعضاء منها‪ .‬فأمرهققا الخليققل أن تثقققب أذنيهققا وأن تخفضققها فتققبر قسققمها‪ .‬قققال‬
‫السهيلي‪ :‬فكانت أّول من إختتن من النساء‪ ،‬وأّول من ثقبت أذنيها منهن‪ ،‬وأّول من طّولت ذيلها«‪.3‬‬

‫و( حاشية الجمل )توّفى عام ‪:(1790‬‬


‫‪4‬‬
‫»إبراهيم أّول من إختتن من الرجال وأّول من إختتن من النساء حليلته هاجر أم ولده إسماعيل« ‪.‬‬

‫صة ختان هاجر في عدد من الكتب شيعّية نذكر منها‪:‬‬‫ونجد إشارة إلى ق ّ‬
‫»عن المام علي في حديث الشامي‪ :‬إنه سأله عن أّول من أمر بالختان فقال إبراهيم‪ ،‬وسأله عققن أّول‬
‫من خفض من النساء؟ فقال هاجر أم إسماعيل خفضتها سارة لتخرج عققن يمينهققا فإنهققا كققانت حلفققت‬
‫لتذبحنها«‪.5‬‬
‫»حّدثنا علي إبن إبراهيم عن أبيه عن محّمد بن أبي عمير عن معاويققة بققن عّمققار عققن أبققي عبققد الق‬
‫)جعفر الصادق( عليه السلم في قول سارة‪ :‬اللهم ل تؤاخذني بما صنعت بهاجر‪ ،‬أنها كانت خفضتها‬
‫سّنة بذلك«‪.6‬‬
‫فجرت ال ُ‬

‫صصققين بهققذا الققتراث‬‫كما نرى‪ ،‬جاء ذكر رواية ختان هاجر في كثير من كتب التراث العربي‪ .‬ونحن نحث المتخ ّ‬
‫على تتّبع هذه الرواية لمعرفة مصدرها الّول‪ .‬ونشير هنا إلى أن التوراة تذكر غضب سارة على هققاجر وإقناعهققا‬
‫إبراهيم بطردها وابنها إسماعيل )الخروج ‪ ،(19-8:21‬دون ذكر لختانها‪ .‬ولكنا ل نسققتبعد أن تكققون هققذه الروايققة‬
‫في الكتب العربّية أخذت عن اليهود كما تبّينه السققماء اليهودّيققة الققتي إعتمققد عليهققا الطققبري فققي تققاريخه‪ .‬وهنققاك‬
‫»مدراش« يهودي يعّلق على النص التوراتي بقوله إن سارة ضربت هاجر بشبشبها ومنعتها من العلقققة الجنس قّية‬
‫مع إبراهيم‪ .7‬وهناك رواية يهودّية أخرى تقول إن إبراهيم َقبل طرده هاجر وإسماعيل ربط بعقرها ماصققورة مققاء‬
‫مدولبة حّتى تجّرها خلفها فيعرف إبراهيم إلى أي إّتجاه إّتجهت مع إبنها‪.8‬‬

‫ومهما كان مصدر هذه الرواية فإن الفقهاء المسلمين القدامى إستعملوها لتبرير ختان الناث وربطه بهاجر كما تققم‬
‫ربط ختان الذكور بإبراهيم‪ .‬وبعض مؤّيدي ختان الناث في أّيامنا ما زالوا يستعملون هذه الرواية في تبرير ختان‬
‫الناث‪ .9‬وقد ذكر هذه الق ّ‬
‫صة معارض لختان النققاث وهققو الققدكتور محّمققد رمضققان وأعتبرهققا مققن السققرائيلّيات‬

‫الثعلبي‪ :‬قصص النبياء‪ ،‬ص ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن الكثير‪ :‬البداية والنهاية‪ ،‬جزء أول‪ ،‬ص ‪.159‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجمل‪ :‬حاشية الجمل‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.174‬‬ ‫‪4‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.168‬‬ ‫‪5‬‬

‫الشيخ الصدوق‪ :‬كتاب علل الشرائع‪ ،‬ص ‪ .506‬أنظر أيضًا العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.168‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪The Midrash Rabbah, vol. 1, p. 384‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪The book of legends, p. 39‬‬ ‫‪8‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان في أحكام الختان‪ ،‬ص ‪15‬؛ السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪197‬‬
‫ل عن عدم وجود سند لهذه الرواية‪ .‬فهي نوادر ل‬
‫ل‪» :‬هل هذه السرائيلّيات أمر ُيِقّره الشرع؟ فض ً‬
‫وعّلق عليها قائ ً‬
‫أصل لها«‪.1‬‬

‫جون بهققذا‬ ‫وكما أن مؤّيدي ختان الذكور والناث يعتمدون على »شرع من َقبلنا«‪ ،‬فإن معارضي ختان الناث يحت ّ‬
‫الشرع لمكافحة ختان الناث‪ .‬فهم يشيرون أنه لم يأتي ذكققره فققي التققوراة أو النجيققل‪ ،‬وأن اليهققود والمسققيحّيين ل‬
‫يقّرونه في شريعتهم‪ .2‬وهم بذلك يسعون ليس فقط لصد المسيحّيين المصرّيين عن ختان الناث‪ ،‬بققل أيض قًا لقنققاع‬
‫المسلمين بأن ختان الناث ل علقة له بالديان المقّدسة الخرى‪.‬‬

‫ويرد السّكري على هذا القول‪:‬‬


‫ل أنه لم يرد نص في التوراة يشير إلققى الختققان ]للنققاث[ وأن اليهققود لققم يفعلققوه فققي‬
‫»لو فرضنا جد ً‬
‫شريعتهم‪ ،‬أيرى هذا القائل أن هذا الدليل يمكن أن يلتزم به المسلمون؟ حّتققى ولققو كققانت هققي التققوراة‬
‫الحقيقّية التي أنزلت على موسى عليه السلم؟ ليعلم هذا القائل أن هذا السققتدلل سققاقط‪ .‬فققإن مققا فققي‬
‫ل حيققث ورد نققص‬ ‫التوراة أو النجيل الحقيقّيين ل يلزمنا العمل به‪ ،‬ذلك أن شرع من َقبلنا ل يلزمنا إ ّ‬
‫سّنة رسوله )ص( يقّرره‪ .‬وأيضًا لو فرض أنه لم يرد نص في التوراة أو النجيققل علققى‬ ‫في كتاب أو ُ‬
‫ختانهن‪ ،‬فهذا أيضًا ل يمنعنا من فعله إذا ورد في شققرعنا نققص عليققه إيجابقًا أو نققدبًا‪ ،‬أو سققكت عنققه‬
‫فيكون من قبيل المباح‪ .‬ومّما يكّذب ما جاء في هذه الدعوى ما ذكره الحافظ إبن حجر العسقلني فققي‬
‫كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري أن اليهود كانت تفعل الختان بالجنسين ولققذلك نقققل كراهيتققه‬
‫يوم السابع من الولدة عند إبن المنذر والحسن ومالك حّتى نخالف اليهققود لننققا منهّيققون عققن التشقّبه‬
‫بهم«‪.3‬‬

‫ل بأن اليهود كانت تفعل الختان بالجنسين‪.‬‬


‫وقد رجعنا إلى كتاب فتح الباري ولم نجد فيه قو ً‬

‫سّنة السلف‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الختان في ُ‬
‫سّنة السلف كمصدر للشريعة‬
‫‪ُ (1‬‬
‫صققة صققحابة النققبي‪ ،‬ليققروا مققا إذا‬
‫سقّنة السققلف‪ ،‬وخا ّ‬ ‫بالضافة إلى المصادر الثلثة السابقة‪ ،‬يرجع المسلمون إلققى ُ‬
‫كانوا قد مارسوا ختان الذكور والناث‪ .‬ورجوعهم هذا نابع من إقتناعهم أن السلف أقرب إلققى منققابع النبقّوة وأبعققد‬
‫صة التّيارات الغربّية‪ .‬يقول أبو زهرة )توّفى عام ‪:(1974‬‬ ‫عن تأثير التّيارات الغريبة على السلم‪ ،‬خا ّ‬
‫»الصحابة شاهدوا النبي )ص( وتلقوا عنه الرسالة المحّمدّية وهم الققذين سققمعوا منققه بيققان الشققريعة‪.‬‬
‫جيققة أقققوال‬
‫جققة بعققد النصققوص‪ .‬وقققد إحتققج الجمهققور لح ّ‬‫ولققذلك ققّرر جمهققور الفقهققاء أن أقققوالهم ح ّ‬
‫الصحابة بدليل من النقل وأدّلة من العقل‪ .‬أّما النقل فقوله تعالى‪» :‬والسابقون الّولون من المهققاجرين‬
‫والنصار والذين إّتبعوهم بإحسان رضي ال عنهم ورضوا عنه« )التوبة ‪ .(100:9‬فإن ال ق سققبحانه‬
‫وتعالى مدح الذين تبعوهم فكان إّتباعهم في هديهم أمرًا يستوجب المدح‪ .‬وليس أخذ كلمهم علققى أنققه‬
‫ل نوعًا من الّتباع‪ .‬ولقد ققال النقبي )ص(‪» :‬أنقا أمقان لصقحابي‪ ،‬وأصقحابي أمقان لمقتي«‪.‬‬ ‫جة إ ّ‬
‫حّ‬
‫ل بأن ترجع الّمة إلى أقوالهم‪ ،‬إذ أمان النققبي لهققم برجققوعهم إلققى هققديه النبققوي‬ ‫وليس أمانهم للّمة إ ّ‬
‫الكريم«‪.4‬‬

‫ويضيف أبو زهرة أسبابًا عقلّية لضرورة إّتباع الصحابة نوجزها بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الصحابة أقرب إلى رسول ال )ص( من سائر الناس وهم أقدر على معرفة مرامي الشرع‪.‬‬
‫سّنة نبوّية إحتمال قريب‪.‬‬
‫‪ -‬إحتمال أن تكون آراؤهم ُ‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.41‬‬ ‫‪1‬‬

‫رزق‪ :‬نحو إستراتيجية‪ ،‬ص ‪.36‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪ .97‬والسّكري يذكر المجع التالي‪ .‬إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬المجّلد ‪ 10‬ص ‪.343‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬ص ‪.213-212‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪198‬‬
‫‪ -‬أثر عنهم رأي أساسه القياس‪ ،‬ولنا من بعدهم قياس يخالفه‪ .‬فالحتياط إّتباع رأيهم‪ ،‬لن النبي )ص(‬
‫قال‪» :‬خير القرون قرني الذي بعثت فيه«‪.1‬‬

‫وفي كتّيب عن ختان الناث نقرأ ما يلي‪:‬‬


‫س قّنة الختققان‬
‫»نبت في زماننا أناس من جلدتنا‪ ،‬ويتكّلمون بكلمنا‪ ،‬ويعيشون بيننا أخذوا يتنّدرون من ُ‬
‫للنساء‪ ،‬زعمًا منهم أنها تؤذي المرأة‪ ،‬وتعّرضها لضياع شهوتها‪ ،‬ثم إنها في زعمهم تخققالف التط قّور‬
‫والحضارة والمدنّية الحديثة‪ .‬ولكن المؤمن الصادق في إيمانه يعلم أن الخير كل الخير فقي إّتبقاع مقن‬
‫سلف‪ ،‬والشر كل الشر في إبتداع من خلف‪ .‬لذا فنحن على طريق السلف الصالح نسير‪ ،‬ولن نمل من‬
‫المسير‪ .‬ورحم ال الوزاعي الذي قال‪» :‬عليك بآثققار مققن سققلف‪ ،‬وإن رفضققك النققاس‪ .‬وإّيققاك وآراء‬
‫الرجال‪ ،‬وإن زخرفوه لك بالقول‪ .‬فإن المر ينجلي‪ ،‬وأنت علققى طريققق مسققتقيم«‪ .‬لققذا فبققالعودة إلققى‬
‫سلفنا الصالح نجد إنهم قد عرفوا ختان النساء‪ ،‬وكانوا يؤّدونه إّتباعا للهدى النبوي«‪.2‬‬

‫ل؟ هذا ما سنراه الن‪.‬‬


‫ل وعم ً‬
‫فما موقف السلف من ختان الذكور والناث قو ً‬

‫‪ (2‬ليس للسلف موقف ثابت من ختان الذكور‬


‫َقبل أن نذكر موقف السلف من ختان الذكر علينا أن نرى ما إذا كان الختان عادة متعارف عليها بيققن العققرب أم ل‬
‫في زمن النبي‪.‬‬

‫ذكرنا سابقًا قول الجاحظ‪» :‬الختان في العرب في النساء والرجال من لدن إبراهيم وهاجر إلى يومنقا هقذا«‪ .3‬وفقي‬
‫عصرنا يقول جّواد علي‪» :‬من شعائر الدين عند الجاهليين الختتان‪ ،‬وهو من الشققعائر الفاشققية بينهققم‪ ،‬حّتققى أنهققم‬
‫صلة عند‬ ‫كانوا ُيَعّيرون )الغرل(‪ ،‬وهو الشخص الذي لم يختتن«‪ .4‬ويقول سعد المرصفي أن الختان كان عادة متأ ّ‬
‫العرب توارثوها عن سّيدنا إبراهيم عليه السلم‪ ،‬ومن ثم كانت الغلفة من المستقذرات عندهم‪ ،‬وقد كثر ذم الغلققف‬
‫في أشعارهم‪ ،‬فأمرؤ االقيس )توّفى تقريبًا عام ‪ (540‬إستهجن قيصر‪ ،‬وسققخر منققه حيققن دخققل معققه الحّمققام‪ ،‬فققرآه‬
‫أغلف‪ .‬حيث قال‪:‬‬

‫ل ما جنى القمر‬
‫لنت أغلف إ ّ‬ ‫إني حلفت يمينًا غير كاذبة‬

‫ويضيف المرصفي أن العرب كانت ُتدعى أّمة الختان ويعتمد في ذلك على رواية البخاري من حقديث أبقي سقفيان‬
‫عن هرقل )توّفى عام ‪ .5(610‬تقول هذه الرواية‪:‬‬
‫»إن هرقل حين قدم إيلياء )القدس( أصبح خبيث النفس‪ ،‬فقال بعض بطارقته قد إستنكرنا هيئتك ]‪[...‬‬
‫وكان هرقل جّزاء ينظر في النجوم‪ ،‬فقال لهم حين سألوه‪ :‬إني رأيت الليلققة حيققن نظققرت فققي النجققوم‬
‫ل اليهققود‪ .‬فل يهّمنققك شققأنهم‪،‬‬
‫ملك الختان قد ظهر‪ ،‬فمن يختتن من هققذه الّمققة؟ قققالوا‪ :‬ليققس يختتققن إ ّ‬
‫واكتب إلى مدائن ملكك‪ ،‬فيقتلوا من فيهم من اليهود‪ .‬فبينما هم على أمرهم ُأِتي هرقل برجل أرسل به‬
‫سان يخبر عن خبر رسول ال )ص(‪ .‬فلّما إستخبره هرقل قال‪ :‬إذهبوا فانظروا أمختتن هققو أم‬ ‫ملك غ ّ‬
‫ل؟ فنظروا إليه‪ .‬فحّدثوه أنه مختتن‪ .‬وسأله عن العرب فقال‪ :‬هم يختتنون‪ .‬فقال هرقل‪ :‬هذا ملققك هققذه‬
‫الّمة قد ظهر«‪.6‬‬

‫والواقع أنه ل يمكن تعميم الختان على جميع العرب‪ .‬فسّكان الجزيرة العربّية َقبل محّمد وفققي زمنققه كقانوا ينتمققون‬
‫إلى ثلث مجموعات دينّية رئيسّية‪ :‬الوثنّية واليهودّية والمسيحّية‪ .‬ولم يصلنا أي نققص عربققي مكتققوب َقبققل القققرآن‬

‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬ص ‪.213‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.14-13‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.27‬‬ ‫‪3‬‬

‫صل في تاريخ العرب َقبل السلم‪ ،‬جزء ‪ ،6‬ص ‪.344-343‬‬


‫علي‪ :‬المف ّ‬ ‫‪4‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.19-18‬‬ ‫‪5‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬ص ‪ ،10-9‬رقم ‪.7‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪199‬‬
‫الكريم يمكن العتماد عليه لمعرفة إذا كان العرب يمارسون الختان على مختلف دياناتهم أم ل‪ .‬ولكققن مققن المؤّكققد‬
‫أن يهود الجزيرة العربّية كانوا يمارسون عادة الختان إّتباعا لتعاليم التوراة‪ .‬أّما فيما يخص المسيحّيين‪ ،‬فمققن غيققر‬
‫المؤّكد أن يكونوا قد مارسوه‪ .‬فقد رأينا كيف أفِرغ الختان من معناه الديني عندهم ولم يعد شرطًا لدخول المسققيحّية‬
‫سكا به‪ .‬والدكتور المرصفي ذاته يذكر أن الشاعر المسلم جرير )تققوّفى‬ ‫ل عند من كان من أصل يهودي وبقي متم ّ‬ ‫إّ‬
‫عام ‪ (733‬قد ذم الشاعر المسيحي الخطل )توّفى عام ‪ (710‬معّيرا إّياه بأنه أغلف‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫حاشاي إني مسلم معذور‬ ‫في فتية جعلوا الصليب إلههم‬

‫والمعذور هو المختون‪ .‬وقد كتب الب لويس شيخو )توّفى عام ‪:(1927‬‬
‫ن لنققا‬
‫»الشائع بين الكتبة المحدثين أن العرب َقبل السلم كانوا يختتنون‪ .‬وفققي زعمهققم هققذا نظققر فققإ ّ‬
‫عّدة شواهد تثبت أن كثيرين من العرب لم يألفوا الختانة ومن المحتمل أن النصققرانّية أبطلتهققا بينهققم‪.‬‬
‫غْرل غيققر‬ ‫روى صاحب الغاني لحاجب يزيد بن المهّلب أبياتًا في هجو اليمن ومّما ينسبه إليهم أنهم ُ‬
‫مختونين قال )‪:(51:13‬‬
‫من أبناء قحطان العفاشلة الغرل‬ ‫فللزنج خير حين تنسب والدًا‬
‫وجاء في التاج )‪ (324:2‬بيت للفرزدق عن آل حوران غير المختتنين‪ .‬ومثلهم النبط لم يختتنقوا‪ .‬ققال‬
‫في اللسان )‪:(63:7‬‬
‫وقد جاوزوا نّيان كالنبط الغلف‬ ‫غرقٍد‬
‫شُر َ‬
‫ن على أكتافهم ن ْ‬
‫كأ ّ‬
‫وكذلك هجا حريث بن عّناب بنقي ُثَعقل ودعقاهم بقالُغلف )أغقاني ‪ .(103:13‬ومّمقا ورد فقي نققائض‬
‫شعب جَبلة قتلققوا ثمققانين غلمقًا أغققرل‪ .‬وفققي أمققالي‬ ‫جرير والفرزدق )ص ‪ (669‬أن بني عامر يوم ِ‬
‫سققلم بققن قتيبققة قققال‪ :‬كققانت ايققاد تقِرد الميققاه‬
‫القالي )‪ (46:3‬ما يثبت رأينا قال‪» :‬روى الصمعي عن َ‬
‫فيرى منها مائتا شاب على مائتي فرس بشيٍة واحدة وكانوا أعّد العرب وأنهققم إسققتقّلوا بعشققرين ألققف‬
‫غلم أغرل فأوغلوا حّتى وقعوا ببلد الروم«‪ .‬وقد ذكر إبن الثير في تاريخه في وصف أّيام العقرب‬
‫أّنه كان ‪ 60.000‬منهم غلفًا دون ختانققة‪ .‬فل شقك أن النصققرانّية بانتشقارها فقي جزيققرة العققرب َقبققل‬
‫سّنة بين كثير من القبائل«‪.2‬‬
‫السلم كانت أبطلت تلك ال ُ‬

‫ونشير هنا إلى أن مسيحّيي الشرق العربي )على خلف مسيحّيي مصر( في أّيامنا ل يختنققون أطفققالهم رغققم أنهققم‬
‫يعيشون بين أكثرّية مسلمة تمارس الختان‪.‬‬

‫أّما بخصوص العرب الذين كانوا ينتمون إلى الوثنّية‪ ،‬فمن غير المؤّكد بتاتًا أنهم مارسققوا الختققان‪ .‬فققالتوراة تعتققبر‬
‫العرب شعب غير مختون )أنظر أرميا ‪ .(25:9‬وكذلك المر بخصوص الفلسطينيين في نصققوص توراتّيققة كققثيرة‬
‫ذكرناهققا سققابقًا‪ .‬ويققذكر المققؤّرخ اليهققودي »يوسققيفوس« أن ملك قًا عربي قًا أراد الققزواج مققن س قّلومة أخققت الملققك‬
‫ل أن الملك العربي رفض ذلك معّلل رفضه بققأن العققرب تبغققض‬ ‫هيرودوس‪ ،‬ففرض هذا الخير عليه أن يختتن‪ .‬إ ّ‬
‫هذه العادة وأنهم سوف يرجموه إذا ختن‪ .3‬وأّما شعر أمرؤ القيس الققذي إستشققهد بققه الققدكتور المرصققفي فل يمكققن‬
‫العتماد عليه كمصدر تاريخي أكيد‪ .‬ونعيد هنا القارئ إلى كتابي الدكتور طه حسين »في الشعر الجاهلي« و»فققي‬
‫حة ما وصل إلينا من الشعر الجاهلي‪.4‬‬ ‫الدب الجاهلي« الذي شّكك في ص ّ‬

‫صة هرقل من الملحم التي ل يمكن العتماد عليها‪ .‬فالتاريخ يبنى على ما هو راجح وما هو في طبيعة المققور‬ ‫وق ّ‬
‫صة أخرى جاءت في إنجيقل مّتقى القذي يقروي أن مجوسقًا‬ ‫صة تذّكر بق ّ‬‫وليس على ما هو خارق للطبيعة‪ .‬وهذه الق ّ‬
‫من المشرق قد قدموا إلى القدس لنهم رأوا نجمًا فاعتقدوا أنه يشير إلى ميلد ملك اليهود فققأرادوا أن يسققجدوا لققه‪.‬‬
‫سر كهنة اليهود ظهور هذا النجم بأنه إشارة إلى ميلد المسيح في بيققت لحققم‪ .‬فخققاف هيققرودس علققى عرشققه‬ ‫وقد ف ّ‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫شيخو‪ :‬النصرانّية وآدابها بين عرب الجاهلّية‪ ،‬ص ‪ 406‬و ‪.482‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Josephus: Jewish antiquities, 16.225‬‬ ‫‪3‬‬

‫صة ص ‪.201‬‬
‫صة ص ‪ 435‬في مجّلة »القاهرة«؛ حسين‪ :‬في الدب الجاهلي‪ ،‬خا ّ‬‫حسين‪ :‬في الشعر الجاهلي‪ ،‬خا ّ‬ ‫‪4‬‬

‫‪200‬‬
‫وقّرر قتله‪ .‬لذا طلب من المجوس أن يبحثوا عن الطفل ويخبروه بمكانه‪ ،‬ولكّنهم لم يعودوا له‪ .‬فأمر هيرودس بقتل‬
‫كل طفل في بيت لحم وجميع أراضيها من إبن سنتين فما دون ذلك‪.1‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬رأينا أن ختان النبي محّمد موضع شك بين المؤّلفين المسلمين القدامى أنفسهم‪ .‬ومققا كققان لهققم أن‬
‫يختلفوا في حدث كهذا لو أن العرب كانوا يختنون‪ .‬وإذا رجعنا إلى إحققدى الروايققات الققتي تتكّلققم عققن ختققان النققبي‬
‫طلب بن هاشم هو الذي ختنه يوم سابعه‪ .‬وتحديد يوم ختانه باليوم السققابع )دون‬ ‫محّمد‪ ،‬نجدها تقول إن جّده عبد الم ّ‬
‫عد يوم مولققد الطفققل(‪ .‬ول يمكققن‬ ‫سّنة اليهود الذين يختنون في اليوم الثامن )مع َ‬
‫عد يوم مولده( يعني أنه ختن على ُ‬
‫ل إذا إعتبرنا أن محّمد ينتمي إلى قبيلة يهودّية‪ .‬والواقع‬ ‫الوثوق في هذه الرواية )التي قد تكون من إختلق اليهود( إ ّ‬
‫أن قبيلته قريش كانت ذات أكثرّية وثنية تحّول بعض أفرادها إلى المسيحّية مثل القس ورقة بققن نوفققل )تققوّفى عققام‬
‫علمًا من أهل الكتاب« ‪.2‬‬ ‫‪ (610‬الذي يقول عنه إبن هشام‪» :‬إستحكم في النصرانّية واّتبع الكتب من أهلها حّتى علم ِ‬
‫ولهذا القس صلة بالنبي محّمد‪ .‬فقصي هو الجد الثالث لورقة والجد الرابع للنبي محّمد‪ ،‬وهو إبن عم خديجة زوجققة‬
‫النبي الولى‪ ،‬ويرى البعض أنه هو الذي قام بمراسيم الزواج‪ .3‬وما كان لورقة بن نوفل أن يزّوجهما لققو لققم يكونققا‬
‫حين ذاك مسيحّيين‪ ،‬إذ إن رجال الدين المسققيحّيين‪ ،‬حّتققى يومنققا هققذا‪ ،‬ل يقومقون بققزواج مققن ل ينتمققي لطققائفتهم‪.‬‬
‫ل بعد وفاتها‪ ،‬وهو النظام المّتبع عند المسيحّيين‪.‬‬ ‫ونعرف أن محّمدا بقي مع خديجة بمفردها ولم يجمع بين النساء إ ّ‬

‫ويسوق لنا مؤّيدو ختان الذكور أقوال لبن عّباس عن ضرورة ختققان الققذكور‪ .‬وابققن أبققي الققدنيا يققذكر حققديثًا عققن‬
‫القاسم قال‪» :‬أرسلت إلي عائشة بمائة درهم فقالت‪ ،‬أطعم بها على ختان إبنك«‪ .‬كمققا يققذكر عققن عكرمققة عققن إبققن‬
‫العّباس »إنه ختن بنيه فأرسلني بلّعابين فلعبوا وأعطاهم أربعة دراهم«‪ .‬وفي حققديث ثققالث‪» :‬حقّدثت عققن داود بققن‬
‫رشيد حّدثنا عّياض بن محّمد الرقي قال‪ :‬سألت عبد ال بن يزيد‪ :‬هل رأيت وائلققة بققن السقققع‪ .‬قققال‪ :‬نعققم كققان فققي‬
‫ختان إبنه حين صنع طعامًا ودعى الناس وكان مققؤتزرًا بسققبتة غليظققة معققه صققراحيتان فيهمققا طلء علققى الثلققث‬
‫يسقيه الناس ويقول‪ :‬إشربوا بارك ال فيكم«‪.4‬‬

‫يرتكز مؤّيدو الختان على هذه الشواهد للستنتاج بأن هذه العادة كانت منتشرة فققي عهققد الرسققول وبيققن أصققحابه‪.‬‬
‫ولكن هناك شواهد أخرى تناقض هذه الشواهد نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫أ( »إّنا كّنا ل نأتي الختان على عهد رسول ال«‬

‫في مسند أحمد إبن حنبل نقرأ ما يلي‪» :‬دعي عثمان بن أبي العاص )توّفى عام ‪ (671‬إلققى ختققان فققأبى أن يجيققب‪.‬‬
‫فقيل له‪ ،‬فقال‪ :‬إّنا كّنا ل نأتي الختان على عهد رسول ال‪ ،‬ول ندعى إليه«‪.5‬‬

‫وقد أورد هذا الحديث أيضًا إبن قدامة )توّفى عام ‪ .6(1223‬كما ذكره إبن حجر بمعنى الدعوة إلى الختان وأضاف‬
‫جهت إلى عثمقان كقانت لحضقور‬ ‫»أخرجه أبو الشيخ من رواية فبّين أنه كان ختان جارية«‪ .7‬أي أن الدعوة التي و ّ‬
‫حفل ختان جارية‪ .‬ولكّننا نحن نفهم كلمة »نأتي الختان« بمعنى »ُنجري الختان«‪ .‬فهناك حققديث نبققوي يقققول‪» :‬إذا‬
‫دعا أحدكم أخاه فليجبه عرسقًا كققان أو غيققر عققرس«‪ .8‬ولققو فهمققت كلمققة »نققأتي الختققان« بمعنققى »نحضققر حفققل‬
‫الختان«‪ ،‬لما كان لعثمان أن يرفض الدعوة‪.‬‬

‫إنجيل مّتى‪ ،‬الفصل الثاني‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن هشام‪ :‬السيرة النبوية‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.229‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الحريري‪ :‬قس ونبي‪ ،‬ص ‪.41-37‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن أبي الدنيا‪ :‬كتاب العيال‪ ،‬ص ‪.334‬‬ ‫‪4‬‬

‫مسند أحمد إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،5‬ص ‪ ،252‬حديث رقم ‪.17450‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،8‬ص ‪.117-116‬‬ ‫‪6‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.343‬‬ ‫‪7‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،8‬ص ‪.117‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪201‬‬
‫ل في هامش مقّدمققة‬ ‫ونشير هنا إلى أن الكّتاب المسلمين المؤّيدين لختان الذكور ل يذكرون هذا الحديث‪ ،‬ولم نجده إ ّ‬
‫عصام الدين حفني ناصف التي كتبها لكتاب »الختان ضللة إسرائيلّية مؤذية«‪ .1‬وهذا الكاتب من معارضي ختققان‬
‫سر كلمة »نأتي الختان« بمعنى »نحضر حفل الختان«‪.2‬‬ ‫الذكور‪ .‬كما نجده في كتاب سعد المرصفي الذي ف ّ‬

‫جامي بلدنا حذق بذلك‪ ،‬ول يختنونه يوم السابع«‬


‫ب( »ليس لح ّ‬

‫جه إلى المام حسن بن علي يقول‪:‬‬ ‫هناك سؤال و ّ‬


‫»إنه روي عن الصادقين عليهم السلم أن أختنوا أولدكم يوم السابع يطهروا‪ ،‬فإن الرض تضج إلى‬
‫جققامي بلققدنا حققذق بققذلك‪ ،‬ول يختنققونه يققوم‬
‫ال عز وجل من بول الغلف‪ ،‬وليس جعلني ال فداك لح ّ‬
‫جامو اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولد المسلمين أم ل إن شققاء القق؟« فوقققع‬ ‫السابع‪ ،‬وعندنا ح ّ‬
‫‪3‬‬
‫سَنن إن شاء ال« ‪.‬‬ ‫سّنة يوم السابع‪ ،‬فل تخالفوا ال ُ‬
‫عليه السلم‪» :‬ال ُ‬

‫ومن هذا السؤال نستنتج أن اليهود هم الذين كانوا يختنون‪ ،‬وأن العرب غير اليهود لم يكن عندهم من يحذق الختان‬
‫مّما يعني أنهم لم يكونوا يمارسونه فل خبرة لهم فيه‪ .‬وذكر اليوم السابع للختان علمة واضحة لتأثير اليهود‪.‬‬

‫ج( »أسلم الناس السود والبيض لم يفّتش أحد منهم ولم يختتنوا«‬

‫يقول إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫»قال الحسن البصري‪ :‬قد أسلم مع رسول ال )ص( النققاس‪ :‬السققود والبيققض‪ ،‬الرومققي والفارسققي‬
‫والحبشي فما فّتش أحدًا منهم‪ ،‬وقال المام أحمد‪ ،‬حّدثنا المعتمر عن سلم بن أبي الققذيال قققال‪ :‬سققمعت‬
‫الحسن يقول‪ :‬يا عجبًا لهذا الرجل‪ ،‬يعني أمير البصرة لقي أشققياخًا مققن أهققل كيكققر فقققال‪ :‬مققا دينكققم؟‬
‫قالوا‪ :‬مسلمين‪ .‬فأمر بهم ففّتشوا فوجدوا غير مختونين فختنوا في هققذا الشققتاء‪ ،‬قققد بلغنققي أن بعضققهم‬
‫مات‪ .‬وقد أسلم مع النبي )ص( الرومي والفارسي والحبشي فما فّتش أحدًا منهم«‪.4‬‬

‫وقد رد إبن قّيم الجوزّية على هذا الحديث‪:‬‬


‫»إنهم إستغنوا عن التفتيش بما كانوا عليه من الختان‪ .‬فإن العرب قاطبة كّلهم كانوا يختتنققون واليهققود‬
‫ل النصارى‪ ،‬وهم فرقتان‪ :‬فرقة تختتن وفرقة ل تختتن‪ .‬وقد علم كل من دخل‬ ‫قاطبة تختتن‪ ،‬ولم يبق إ ّ‬
‫في السلم منهم ومن غيرهم أن شعار السلم الختان‪ .‬فكانوا يبادرون إليه بعد السلم كما يبادرون‬
‫إلى الغسل‪ .‬ومن كان منهم كبيرًا فشق عليه ويخاف التلف سقط عنه«‪.‬‬

‫خققص فققي ختققان‬ ‫ولكن رد إبن قّيم الجوزّية يخالف رواية أخرى ينقلهققا إبققن قدامققة عققن الحسققن البصققري »أنققه ير ّ‬
‫]الذكور[‪ ،‬فهو يقول إذا أسلم ل يبالي أن ل يختتن ويقول‪ :‬أسلم الناس السققود والبيققض لققم يفّتققش أحققد منهققم ولققم‬
‫يختتنوا« ‪ .5‬أنظر الفقرة كاملة لحقًا‪.‬‬

‫سّنة تّتبع«‬
‫د( »ليس في باب الختان‪ُ ...‬‬

‫ل لبن المنذر‪» :‬ليس فققي‬ ‫ناقش إبن قّيم الجوزّية السن الذي يجب أن يختن فيه الصبي‪ .‬وقد ذكر في هذا المجال قو ً‬
‫سّنة تستعمل«‪ .6‬والنققووي )تققوّفى عققام ‪ (1277‬ينقققل‬
‫هذا الباب نهي يثبت وليس لوقوع الختان خبر يرجع إليه ول ُ‬

‫لويس‪ :‬الختان ضللة إسرائيلّية مؤذية‪ ،‬ص ‪ ،55‬هامش ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.62-61‬‬ ‫‪2‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪160‬؛ الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪219‬؛ أنظر هذا النص أيضًا في الملحق ‪18‬‬ ‫‪3‬‬

‫في آخر الكتاب‪.‬‬


‫الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.70‬‬ ‫‪5‬‬

‫الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪202‬‬
‫سقّنة تّتبققع والشققياء علققى‬
‫ل آخر‪» :‬ليس في باب الختان نهي يثبت ول لوقته حد يرجع إليققه ول ُ‬
‫عن إبن المنذر قو ً‬
‫‪1‬‬
‫جة« ‪.‬‬
‫جة ول نعلم مع من منع أن يختن الصبي لسبعة أّيام ح ّ‬ ‫ل بح ّ‬
‫الباحة ول يجوز حظر شيء منها إ ّ‬

‫هـ( »إن ال بعث محّمدا )ص( داعيًا‪ ،‬ولم يبعثه خاتنًا«‬

‫نقرأ في تاريخ الطبري أن الخليفة عمر بن عبد العزيز )توّفى عام ‪ (720‬كتب إلى الجّراح بن عبد ال )توّفى عققام‬
‫‪ (730‬بعدما إحتل خراسان‪» :‬أنظر من صّلى ِقَبلك إلى القبلة فضع عنه الجزية‪ .‬فسارع الناس إلققى السققلم‪ .‬فقيققل‬
‫للجّراح‪ :‬إن الناس قد أسرعوا إلى السلم‪ ،‬وإّنما ذلك نفورًا من الجزيقة‪ ،‬فقامتحنهم بالختقان‪ .‬فكتقب الجقّراح بقذلك‬
‫إلى عمر‪ .‬فكتب إليه عمر‪ :‬إن ال بعث محّمدا )ص( داعيًا‪ ،‬ولم يبعثه خاتنًا«‪.2‬‬

‫وعليه يمكننا أن نقول بأن المجموعة الوحيدة التي مارست ختان الذكور بصققورة أكيققدة باعتبققاره واجبقًا دينّيققا فققي‬
‫الجزيرة العربّية هي الطائفة اليهودّية‪ ،‬وأن الختان بين المسلمين لم يكن يعتبر واجبًا‪ .‬وقد رأينا سابقًا أن الحققاديث‬
‫النبوّية حول ختان الذكور هي موضع شك بين الفقهاء المسلمين أنفسهم وقد تكقون مقن السقرائيلّيات القتي أدخلهقا‬
‫اليهود ومن أسلم منهم في المجتمع السلمي أمثال كعب الحبار‪ .‬وإن صح أن )بعض( العرب كانوا يعّيرون غير‬
‫المختون بكلمة »يا إبن الغلف« فقد تكون هذه عبارة تناقلوها عن اليهود الذين يعتبرون غير المختونين نجسًا‪.‬‬

‫‪ (3‬ليس للسلف موقف ثابت من ختان الناث‬


‫رأينا سابقًا حديث »خاتنة الجواري« الذي يستدل به مؤّيدو ختان الناث علققى ضققرورته‪ .‬وهققم يققرّدون علققى مققن‬
‫ل به عند السلف‪ .‬وهم يذكرون في هذا المجققال ع قّدة شققواهد‪ 3‬نققذكر‬
‫ضّعف هذا الحديث أن ختان الناث كان معمو ً‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ -‬حديث أم علقمة‪ .‬هذا الحديث يقول‪» :‬إن بنات أخي عائشة رضي ال عنها ختن فقيل لعائشة أل نققدعوا لهققن مققن‬
‫يلهيهن؟ قالت بلى‪ .‬فأرسلت إلى عدي فأتاهن‪ .‬فمرت عائشة في البيت فرأته يتغّنقى ويحقّرك رأسقه طربقًا وكقان ذا‬
‫شعر كثير‪ .‬فقالت‪ :‬أف‪ ،‬شيطان أخرجوه‪ ،‬أخرجوه«‪ .4‬ويستنتجون من ذلك »على أن الختان كان موجققودًا ومطّبقققا‬
‫سّنة لما سكتت عنه السّيدة عائشة بققل قققد أّيققدته السقّيدة‬
‫بالفعل على بنات أخي السّيدة عائشة‪ .‬فلو لم يكن على القل ُ‬
‫عائشة وأمرت باللهو في الختان«‪.5‬‬

‫‪ -‬حديث أم المهاجر يقول‪» :‬سبيت وجواري من الروم‪ ،‬فعرض علينا عثمان السلم‪ ،‬فلم يسققلم مّنققا غيققري وغيققر‬
‫أخرى‪ .‬فقال‪ :‬أخفضوهما وطّهروهما‪ ،‬فكنت أخدم عثمان«‪.‬‬

‫‪ -‬حديث دعوة عثمان بن أبي العاص‪» :‬دعي عثمان بن أبي العاص إلققى طعققامه‪ .‬فقيققل‪ :‬هققل تققدري مققا هققذا؟ هققذا‬
‫ختان جارية‪ .‬فقال‪ :‬هذا شيء ما كّنا نراه على عهد رسول ال )ص( وأبى أن يأكل«‪.‬‬

‫ويذكر الجاحظ في كتابه »الحيوان«‪» :‬الختان في العرب في النساء والرجال من لدن إبراهيققم وهققاجر إلققى يومنققا‬
‫هذا«‪ .6‬ويضيف‪» :‬والهند توافق العرب في كل شيء إ ّ‬
‫ل في ختان النساء والرجال‪ ،‬ودعاهم إلققى ذلققك تعّمقهققم فققي‬
‫ل مقا يظهقر‬ ‫توفير حظ الباء«‪ .7‬ويذكر أيضًا‪» :‬وقد كان رجل من كبار الشراف عندنا يقول للخاتنة‪ :‬ل تقرضقي إ ّ‬
‫فقط«‪.8‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.309‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،‬مجّلد ‪ ،3‬ص ‪.592‬‬ ‫‪2‬‬

‫اللباني‪ ،‬سلسلة الحاديث الصحيحة‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.357‬‬ ‫‪3‬‬

‫اللباني‪ ،‬سلسلة الحاديث الصحيحة‪ ،‬مجّلد ‪ ،2‬ص ‪.357‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.48‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.27‬‬ ‫‪6‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.29‬‬ ‫‪7‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.28‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪203‬‬
‫وفي عصرنا يقول جّواد علي إن من الجاهليين‪» ،‬ول سيما أهققل مّكققة مققن يختققن البنققات ]‪ [...‬بقطققع )بظققورهن(‪.‬‬
‫وتقوم ذلك )الخّتانة( )الخاتنة(‪ .‬وقد كانوا يعّيرون من تكن أّمه )خّتانة( نساء‪ .‬فإذا أرادوا ذم أحققد قققالوا لققه‪ :‬يققا إبققن‬
‫ل لهذه المسّبة في مسند إبن حنبل‪.2‬‬‫طعة البظور«‪ .1‬ونحن نجد إستعما ً‬ ‫مق ّ‬

‫ل أن كتب التراث لم تذكر لنا أن النبي ختن بنققاته‪.‬‬ ‫وإن كان واضحًا أن ختان الناث كان يعمل به في زمن النبي‪ ،‬إ ّ‬
‫فهذه العادة لم تكن عاّمة‪ .‬وابن الحاج يقول‪» :‬واختلف في حّقهن هققل يخفضقن مطلققًا أو يفقّرق بيققن أهقل المشققرق‬
‫وأهل المغرب‪ .‬فأهل المشرق يؤمرون به لوجود الفضلة عندهن من أصققل الخلققة وأهقل المغقرب ل يقؤمرون بقه‬
‫لعدمها عندهن«‪ .3‬وقول إبن الحاج هذا يعني عدم إنتشار ختان النققاث بصققورة متسققاوية بيققن المسققلمين‪ ،‬بققل هققي‬
‫عادة محّلية محصورة جغرافيًا‪ .‬وحّتى يومنا هذا نجد إختلف في هذا النتشققار فأهققل المغققرب )المغققرب وتققونس‬
‫وليبيا( ودول إسلمّية أخرى ل تمارس ختان الناث في عصرنا‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يظهر أن ختان الناث لم يكن يمارس على جميع الطبقات بالسواء‪ .‬فققإن كققان صققحيحًا أن بعققض‬
‫ل أن هناك نصققوص أخققرى تحقّدد الختققان بققالجواري‪ .‬فالحققديث المشققهور‬ ‫النصوص تتكّلم عن »ختان النساء«‪ ،‬إ ّ‬
‫الخاص بأم عطّية يقول بأنها »عرفت بختان الجواري«‪ ،‬وفي رواية أخققرى بأنهققا »خّفاضققة تخفققض الجققواري«‪.‬‬
‫سقّنة«‪ .‬وفققي حققديث آخققر‬
‫سّنة وخفض الجواري ليققس مققن ال ُ‬
‫والشيعة تنقل عن جعفر الصادق‪» :‬ختان الغلم من ال ُ‬
‫سّنة«‪ .‬والبقاجي )تقوّفى عقام ‪ (1081‬ينققل عقن مالقك‪» :‬مقن‬ ‫لجعفر الصادق‪» :‬خفض الجارية َمكُرَمة وليس من ال ُ‬
‫‪4‬‬
‫إبتاع أمة فليخفضها إن أراد حبسها وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه« ‪ .‬وكلمتا »االجارية« و»المة« تنطبقان عادة‬
‫على طبقة معّينة من النساء وليس على جميع النساء‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬آراء الفقهاء القدامى في الختان‬


‫‪ (1‬مكانة الفقهاء القدامى في الشريعة‬
‫دخلت شعوب مختلفة في السلم وكان ل بقد مقن تلقينهقا التعقاليم الدينّيقة‪ .‬فأخقذ المهتّمقون بالقدين صقياغة قواعقد‬
‫شرعّية تحكم تصّرفات البشر في علقتهم مع ال وفي علقتهم بين بعضهم البعقض‪ .‬فقأّلفوا فقي ذلقك المجموعقات‬
‫حكمقًا صققريحًا‬‫الفقهّية الضخمة معتمدين في ذلك على المصادر الشرعّية التي ذكرناهققا سققابقًا‪ .‬وعنققدما لقم يجققدوا ُ‬
‫إعتمدوا على القياس كوسيلة لسققتنباط الحكققام‪ .‬وققد حققاول كقل منهققم إبقداء رأيققه فقي المعضققلت الققتي واجههقا‬
‫المجتمع المتنامي جغرافّيا وفكرّيا‪ .‬فجاءت كتاباتهم موسققوعات شققاملة تققرد علققى تسققاؤلت النققاس فققي كققل واردة‬
‫جلدهم في التأليف واّتساع معارفهم‪.‬‬ ‫وشاردة‪ .‬والمطبوع المتوّفر اليوم منها يعطي فكرة عن مدى َ‬

‫وآراء الفقهاء لها أهّمية في الشريعة السلمّية‪ .‬فإجماعهم يعتبر أحد مصادر الشريعة السلمّية‪ .‬ويقول أبو زهققرة‬
‫في هذا المجال أن الخليفة عمر كان يجمع الصققحابة ويستشققيرهم ويبققادلهم الققرأي‪ .‬فققإذا أجمعققوا علققى أمققر معّيققن‬
‫ل يشذ بأقوال يخالف بها مققا عليققه فقهققاء أهققل‬ ‫سارت عليه سياسته‪ .‬وفي عصر الجتهاد‪ ،‬كان كل إمام يجتهد في أ ّ‬
‫بلده‪ .‬وكان الفقهاء حريصين على أن يعرفوا مواضع الجماع من الصحابة ليّتبعوه‪ .‬وكان كل مجتهد حريصًا على‬
‫ل يخرج برأي يكون غيققر الراء الققدائرة فققي محيققط‬ ‫ما أجمع عليه الصحابة‪ ،‬بل كان حريصًا عند إختلفهم على أ ّ‬
‫خلفهم‪ .‬وأهّمية الجماع تستند إلى حديث نبوي يقول‪» :‬ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند ال حسن« وحققديث آخققر‬
‫يقول‪» :‬ل تجتمع أمتي على ضللة«‪ .5‬ويذكر أبو زهرة تأييدًا للجماع اليققة‪» :‬ومققن يشققاقق الرسققول مققن بعققدما‬
‫تبّين له الهدى ويّتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما توّلى ونصله جهّنققم وسققاءت مصققيرًا« )النسققاء ‪ .(115:4‬ويعّلققق‬
‫ل‪» :‬إن هذا النص الكريم أثبت أن إّتباع غير سققبيل المققؤمنين حققرام‪ ،‬لن مققن يفعققل ذلققك يشققاق الق‬ ‫على الية قائ ً‬

‫صل في تاريخ العرب َقبل السلم‪ ،‬جزء ‪ ،6‬ص ‪.344-343‬‬


‫علي‪ :‬المف ّ‬ ‫‪1‬‬

‫مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪ ،560‬حديث ‪.15647‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن الحاج‪ :‬المدخل‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.296‬‬ ‫‪3‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪4‬‬

‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬ص ‪.199-198‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪204‬‬
‫ورسوله ويصليه ال تعالى جهّنم وساءت مصيرًا‪ .‬وإذا كان إّتباع غيققر سققبيل المقؤمنين حرامقًا فققإن إّتبققاع سققبيلهم‬
‫واجب ]‪ .[...‬فإذا قالت الجماعة المؤمنة هذا حلل‪ ،‬يكون غير مّتبع سبيلها من يقول هذا حرام«‪.1‬‬

‫صققل الفقهققاء القققدامى إلققى‬


‫جيته‪ .‬فالذي يهّمنا هو معرفققة مققا إذا تو ّ‬
‫ونحن لن ندخل هنا في الجدل حول الجتهاد وح ّ‬
‫حد في مجال الختان أم إختلفوا فيما بينهم‪.‬‬
‫رأي مو ّ‬

‫‪ (2‬قّلة إهتمام الفقهاء القدامى بموضوع الختان وتناقض مواقفهم‬


‫حر في الموسوعات الفقهّية الضخمة ل بد أن يستغرب قّلة تعّرضها لختان الذكور والناث‪ .‬حّتى أنققك لتبحققث‬ ‫المتب ّ‬
‫عن كلمة الختان فتكاد ل تجدها فيها‪ .‬وإن وجدتها فبصققورة عرضقّية وهامشقّية‪ ،‬ضققمن موضققوعات أخققرى مثققل‬
‫السواك أو العقيقة أو ضمان المستأجر لما يقوم به‪ .‬وتعجب عندما ترى أن السواك والعقيقة تحتققل مكانقًا أكققبر مققن‬
‫الختان في تلك الكتب‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬يكّرس الغزالققي )تققوّفى عققام ‪ (1111‬فققي موسققوعته الضققخمة »إحيققاء‬
‫علوم الدين« خمسة أسطر عن الختان‪ .2‬والفتاوى الهندّية )أّلفت بين ‪ (1672-1664‬سبعة عشر سققطرًا‪ .3‬والكتققاب‬
‫سع في موضوع الختان هو كتاب »تحفة المودود بأحكام المولود« للفقيه الحنبلي إبققن قّيققم الجوزّيققة‬ ‫الوحيد الذي تو ّ‬
‫ل كبيرًا لهذا الموضوع نقلناه في الملحق الّول من كتابنا هذا‪ .‬وابن قّيم الجوزّية يجمل لنا المواقف‬‫الذي كّرس فص ً‬
‫المتضاربة للفقهاء الذين سبقوه وعاصروه حول الختان‪.‬‬

‫سقّنة‬
‫وإذا نظرت في كتب تفسير القرآن مثل »تفسير الطبري« و»الجامع لحكام القققرآن« للقرطققبي وشققروحات ال ُ‬
‫مثل »فتح الباري بشرح صحيح المام أبي عبد ال محّمد بن إسماعيل البخاري« لبن حجر و»نيققل الوطققار مققن‬
‫أحاديث سّيد الخيار« للشوكاني‪ ،‬ترى أن هذه الكتب تعطينا صورة ل تختلف عقن موققف الفقهقاء‪ .‬فهقي تنققل لنقا‬
‫مواقف متباينة حول موضوع الختان مّما يجعل المرء في حيرة فيما يختار منها‪ .‬وقققد رأينققا فققي الفصققول السققابقة‬
‫سّنة‪.‬‬
‫كيف أن الفقهاء المسلمين إختلفوا وما زالوا يختلفون في فهمهم لنصوص القرآن وال ُ‬

‫سقّنة‪،‬‬
‫سققري القققرآن والحققديث مققا دام القققرآن وال ُ‬
‫ول عجب في وجود تناقض حول موضع الختان بين الفقهققاء ومف ّ‬
‫جها خطابًا واضحًا يمكن السققتناد عليققه‪ .‬فققإذا إضققطرب السققاس‪ ،‬فققالفروع‬ ‫المصدران الساسيان للشريعة‪ ،‬لم يو ّ‬
‫تأتي على شاكلته‪.‬‬

‫وقد حاول المؤّلفون المعاصرون تقسيم آراء الفقهاء القدامى حول ختان الققذكور والنققاث حسققب المققذاهب الفقهّيققة‬
‫المختلفة‪ .4‬ولكن هذا التقسيم ليس دقيقًا‪ .‬فأتباع نفس المذهب إنقسموا قديمًا وحديثًا فيما بينهم‪ .‬فنجد مققن جعققل ختققان‬
‫سّنة‪ .‬وهنققاك‬‫سّنة وختان الناث مجّرد َمكُرَمة‪ ،‬كما نجد من جعل ختان الذكور واجبًا وختان الناث ُ‬ ‫الذكور مجّرد ُ‬
‫من أوجب كل من ختان الذكور وختان الناث‪ .‬وفي عصرنا هناك من رفض كل من ختان الذكور وختان الناث‪.‬‬

‫سققموا‬
‫سّنة وَمكُرَمة يختلف عن تصنيف الصولّيين الذين ق ّ‬ ‫ويجب أن نشير هنا إلى أن تصنيف الختان بين واجب و ُ‬
‫التصّرفات إلى خمس‪ :‬واجب‪ ،‬ومستحب )أو منققدوب(‪ ،‬ومبققاح‪ ،‬ومكققروه‪ ،‬ومحقّرم‪ .‬وهققذا الختلف نققابع مققن أن‬
‫سقّنة‬
‫الفقهاء إعتمدوا في تصنيفهم للختان على أحاديث متناقضة نسبت للنبي جعلت من الختققان تققارة واجبقًا وتققارة ُ‬
‫سّنة ليس بالواضح‪ :‬فهي قققد‬ ‫ل أن معنى ال ُ‬
‫وتارة َمكُرَمة‪ .‬وإن كان واضحًا أن الوجوب هو أعلى درجات اللتزام‪ ،‬إ ّ‬
‫تعني الوجوب كما قد تعني الستحباب أو مجّرد الُعرف‪ .‬وكلمة الَمكُرَمة يمكن إعتبارها بمعنى الستحباب‪.‬‬

‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬ص ‪.203‬‬ ‫‪1‬‬

‫الغزالي‪ :‬إحياء علوم الدين‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.142‬‬ ‫‪2‬‬

‫الفتاوى الهندية‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.357‬‬ ‫‪3‬‬

‫ل المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬والسّكري‪ :‬ختان الذكر وخفاض النثى‪.‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪4‬‬

‫‪205‬‬
‫‪ (3‬نبذات من آراء الفقهاء القدامى‬
‫سوف نعطي هنا بعض المثلة من مواقف الفقهقاء مقع ذكقر مقذاهبهم‪ ،‬مرّتقبين حسقب سقنة وفقاتهم‪ .‬وسقنعود إلقى‬
‫هؤلء الفقهاء عند تكّلمنا عن حجج المؤّيدين والمعارضين والنتائج المترّتبة على ترك الختان وعلى كيفّيققة إجققراء‬
‫عملّية الختان‪.‬‬

‫إبن الجلب )توّفى عام ‪ ،988‬مالكي(‬


‫»قال مالك رحمه ال‪ :‬وعشر خصال من الفطرة‪ ،‬خمس في الرأس وخمس في الجسققد‪ :‬فققاللواتي فققي‬
‫الرأس‪ :‬المضمضة والستنشاق والسواك وقص إطققار الشققعر والشققارب وإعفققاء اللحيققة‪ ،‬والققتي فققي‬
‫س قّنة فققي الرجققال‬
‫الجسققد حلققق العانققة ونتققف البطيققن وتقليققم الظققافر والسققتنجاء والختققان وهققو ُ‬
‫والنساء«‪.1‬‬

‫الطوسي )توّفى عام ‪ ،1067‬شيعي(‬


‫خر لم يكن فيه حرج إلى وقققت بلققوغه‪ .‬فققإذا‬‫خر‪ .‬فإن أ ّ‬
‫»يستحب أن يختن الصبي اليوم السابع‪ ،‬ول يؤ ّ‬
‫بلغ‪ ،‬وجب ختانه ول يجوز تركه على حال‪ .‬وأّما خفض الجواري‪ ،‬فقإن ُفِعققل‪ ،‬كققان فيقه فضققل كقبير‬
‫وثواب جزيل‪ ،‬وإن لم يفعل‪ ،‬لم يكن بذلك بأس‪ .‬ومتى أسلم الرجل وهو غيققر مختققون ختققن وإن كققان‬
‫شيخًا كبيرًا«‪.2‬‬

‫الباجي )توّفى عام ‪ ،1081‬مالكي(‬


‫سقَنن كقققص الظفققار وحلققق العانققة‬ ‫»والختتان )أي إختتان الذكور( هو عند مالك وأبي حنيفة مققن ال ُ‬
‫وقال الشافعي هو واجب وهو مقتضى سحنون واستدل القاضي أبو محّمد على نفي وجوبه بأنه قرنقه‬
‫النبي )ص( بقص الشارب ونتف البققط ول خلف أن هققذه ليسققت بواجبققة‪ ،‬وهققذا إسققتدلل بققالقرائن‬
‫وأكثر أصحابنا على المنع منه ودليلنا من جهة القياس أن هذا قطع جزء مققن الجسققد إبتققداء فلققم يكققن‬
‫واجبًا بالشرع كقص الظفار ]‪ [...‬واختلف في الشيخ الكبير يسلم فيخققاف علققى نفسققه مققن الختتققان‪.‬‬
‫فقال محّمد بن الحكم له تركه وبه قال الحسن بن أبي الحسن البصققري‪ .‬وقققال سققحنون ل يققتركه وإن‬
‫خاف على نفسه كالذي يجب عليه القطع في السرقة أنه ل يترك قطعه من أجل أنه يخاف على نفسه‪.‬‬
‫وهذا من سحنون يقتضي كونه واجبًا متأّكد الوجوب وال أعلم‪ .‬وروى إبن حبيب عن مالك من تركه‬
‫عّلة لم تجز إمامته ول شهادته ووجه ذلققك عنققدي أن تققرك المققروءة مقؤّثر فققي رد‬ ‫من غير عذر ول ِ‬
‫الشهادة ومن ترك الختان من غير عذر فقد ترك المروءة فلم ُتقبل شهادته ]‪ [...‬وأّما الخفاض فقد قال‬
‫مالك أحب للنساء قص الظفار وحلق العانة والختتان مثل ما هو على الرجل‪ .‬قال ومققن إبتققاع أمققة‬
‫فليخفضها إن أراد حبسها وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه«‪.3‬‬

‫النزوي )توّفى عام ‪ ،1162‬إباضي(‬


‫»إن الختان واجب على كل مسلم لقول النبي )ص( لعبد ال بققن عّبققاس حيققن أسققلم‪ ،‬ألققق عنققك شققعر‬
‫الكفر واختتن‪ .‬قال قتادة وسمعته يأمر من أسلم أن يختتن ولو كققان إبققن ثمققانين سققنة‪ ،‬ولمققن أسققلم أن‬
‫ل موضع الختان‪ .‬ومققن‬ ‫ل أنه يستر فرجه إ ّ‬ ‫يظهر فرجه لرجل أن يختنه‪ .‬للرجل ذلك‪ ،‬لنه ضرورة‪ ،‬إ ّ‬
‫أمر بالختان فلم يفعل قتل‪ ،‬ول يقتل حّتى يبالغ في التأّني به‪ .‬وأّما النساء فليس عليهن واجبًا ويققؤمرن‬
‫سّنة وقيل فريضة«‪.4‬‬ ‫بذلك إكرامًا لزواجهن وليس هن كالرجال فالختان للنساء َمكُرَمة وللرجال ُ‬

‫إبن قدامة )توّفى عام ‪ ،1223‬حنبلي(‬


‫»أّما الختان فواجب على الرجال وَمكُرَمة في حق النساء وليس بواجب عليهققن‪ .‬هققذا قققول كققثير مققن‬
‫لة علقى الكمققرة ول‬ ‫أهل العلم‪ .‬قال أحمد‪ :‬الرجل أشد وذلك أن الرجل إذا لققم يختتقن فتلقك الجلققدة مققد ّ‬
‫إبن الجلب‪ :‬التفريع‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.374‬‬ ‫‪1‬‬

‫الطوسي‪ :‬النهاية في مجّرد الفقه والفتاوى‪ ،‬ص ‪.502‬‬ ‫‪2‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪3‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.42‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪206‬‬
‫ينقى ما ُثم‪ .‬والمرأة أهون‪ .‬قال أبو عبد ال وكان أبو العّباس يشّدد في أمره وروي عنه أنه ل حققج لققه‬
‫خص فيققه يقققول إذا أسققلم ل يبققالي أن ل يختتققن‬ ‫ول صلة يعني إذا لم يختتن‪ .‬والحسن ]البصري[ ير ّ‬
‫ويقول‪ :‬أسلم الناس السود والبيض لم يفّتش أحد منهم ولققم يختتنققوا‪ .‬والققدليل علققى وجققوبه أن سققتر‬
‫العورة واجب فلول أن الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ولنققه‬
‫من شعار المسلمين فكان واجبًا كسائر الشعائر‪ ،‬وإن أسلم رجل كبير فخققاف علققى نفسققه مققن الختققان‬
‫سقط عنه لن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منققه فهققذا أولققى‪ ،‬وإن أمققن علققى‬
‫نفسه لزمه فعله‪ .‬قال حنبل سألت أبا عبد ال عن الذّمي إذا أسلم ترى له أن يطّهر بالختان؟ قال‪ :‬ل بد‬
‫من ذلك‪ .‬قلت إن كان كبيرًا أو كبيرة قال أحب إلي أن يتطّهر لن الحديث »إختتن إبراهيم وهققو إبققن‬
‫ثمانين سنة«‪ .‬قال تعالى »ِمّلة ابيكم إبراهيقم« )المؤمنققون ‪ (78:22‬ويشقّرع الختققان فققي حققق النسققاء‬
‫أيضًا‪ .‬قال أبو عبد ال وحديث النبي )ص( »إذا إلتقى الختانان وجب الغسل« فيه بيان أن النساء كققن‬
‫يختتن وحديث عمر أن خّتانة ختنت فقققال‪ :‬أبقققي منققه شققيئًا إذا خفضققت‪ ،‬وروى الخلل بإسققناده عقن‬
‫سّنة للرجال وَمكُرَمة للنساء« وعن جابر بققن زيققد مثققل ذلققك‬ ‫شّداد بن أوس قال النبي )ص( »الختان ُ‬
‫موقوفًا عليه‪ .‬وروي عن النبي )ص( أنه قال للخّفاضة »أشّمي ول ُتنِهكي فإنه أحظى للزوج وأسرى‬
‫للوجه« والخفض ختانة المرأة«‪.1‬‬

‫النووي )توّفى عام ‪ ،1277‬شافعي(‬


‫»الختان واجب على الرجال والنساء عندنا‪ .‬وبه قال كثيرون من السققلف كققذا حكققاه الخطققابي وممققن‬
‫سّنة في حق الجميع ]‪ [...‬وحكي وجهًا ثالثة أنه يجب على الرجققل‬ ‫أوجبه أحمد وقال مالك وأبو حنيفة ُ‬
‫سّنة في المرأة‪ .‬وهذان الوجهان شاّذان‪ .‬والمققذهب الصققحيح المشققهور والققذي نققص عليققه الشققافعي‬
‫وُ‬
‫‪2‬‬
‫رحمه ال وقطع به الجمهور أنه واجب على الرجال والنساء« ‪.‬‬

‫إبن مودود الموصلي )توّفى عام ‪ ،1284‬حنفي(‬


‫سّنة وهو من الفطرة وهو للنساء َمكُرَمة فلو إجتمققع أهققل مصققر علققى تققرك الختققان‬
‫»الختان للرجال ُ‬
‫‪3‬‬
‫قاتلهم المام لنه من شعائر السلم وخصائصه« ‪.‬‬

‫إبن تيمّية )توّفى عام ‪ ،1328‬حنبلي(‬


‫سئل »عن مسلم بالغ عاقل يصوم ويصّلي‪ ،‬وهو غير مختون وليققس مطّهققرا هققل يجققوز ذلققك؟ ومققن‬
‫حكمه؟« فأجاب‪» :‬إذا لم يخف عليقه ضقرر الختقان أن يختتقن‪ .‬فقإن ذلقك مشقروع‬ ‫ترك الختان كيف ُ‬
‫مؤّكد للمسلمين باّتفاق الئّمة‪ ،‬وهو واجب عند الشافعي وأحمد في المشهور عنده‪ ،‬وقد إختتن إبراهيم‬
‫عليه السلم بعد ثمانين من عمققره‪ .‬ويرجققع فققي الضققرر إلققى الطّبققاء الثقققات‪ .‬وإذا كققان يضقّره فققي‬
‫خره إلى زمان الخريف‪ .‬وال أعلم«‪ .4‬وسئل أيضًا عن المرأة »هل تختتن أم ل؟«‪ .‬فأجققاب‪:‬‬ ‫الصيف أ ّ‬
‫»الحمد ل‪ .‬نعم! تختتن‪ .‬وختانها أن تقطع أعلققى الجلققدة الققتي كعققرف الققديك‪ .‬قققال رسققول الق )ص(‬
‫للخافضة ‪ -‬وهي الخاتنة ‪» :-‬أشّمي ول ُتنِهكي‪ ،‬فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الققزوج«‪ ،‬يعنققي‪ :‬ل‬
‫تبققالغي فققي القطققع‪ ،‬وذلققك أن المقصققود بختققان الرجققل تطهيققره مققن النجاسققة المحتقنققة فققي الغلفققة‪،‬‬
‫والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها‪ ،‬فإنها إذا كانت غلفاء كانت مغتلمة شديدة الشهوة«‪.5‬‬

‫إبن جزي )توّفى عام ‪ ،1340‬مالكي(‬


‫سّنة مؤّكدة عند مالك وأبي حنيفة كسائر خصال الفطرة التي ذكر معها وهي غير‬ ‫»أّما ختان الرجل ف ُ‬
‫واجبة إّتفاقا‪ .‬وقال الشافعي هو فرض ويظهر ذلك مققن كلم سققحنون لنققه علققم علققى السققلم لقققوله‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.71-70‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.301-300‬‬ ‫‪2‬‬

‫الموصلي‪ :‬الختيار لتعليل المختار‪ ،‬جق ‪ ،4‬ص ‪.167‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن تيمية‪ :‬فقه الطهارة‪ ،‬ص ‪.68‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن تيمية‪ :‬فقه الطهارة‪ ،‬ص ‪.69-68‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪207‬‬
‫تعالى »أن إّتبع ِمّلة إبراهيم حنيفًا« )النحل ‪ (113:16‬وجققاء فققي الحققديث »إن إبراهيققم عليققه السققلم‬
‫إختتن بالقدوم وهو إبن ثمانين سنة‪ ،‬وروي إبن مائة وعشرين سنة«‪.1‬‬

‫إبن حجر )توفى عام ‪ ،1449‬شافعي(‬

‫إستعرض إبن حجر آراء الفقهاء في صفحات طوال ننقل منها الفقرة التالية‪:‬‬
‫»قال عطاء ]‪ :[...‬لو أسلم الكبير لم يتم إسلمه حّتى يختتن‪ .‬وعن أحمد وبعض المالكّية‪ :‬يجب‪ .‬وعن‬
‫سّنة يأثم بتركه‪ .‬وفي وجه الشققافعّية ل يجققب فققي حققق النسققاء‬ ‫أبي حنيفة واجب وليس بفرض‪ .‬وعنه ُ‬
‫وهو الذي أورده صاحب المغنققي عققن أحمققد‪ .‬وذهققب أكققثر العلمققاء وبعققض الشققافعّية إلققى أنققه ليققس‬
‫جة‬
‫سّنة للرجال َمكُرَمة للنساء« وهذا ل ح ّ‬ ‫جتهم حديث شّداد بن أوس رفعه‪» :‬الختان ُ‬ ‫بواجب‪ .‬ومن ح ّ‬
‫سّنة إذا ورد في الحديث ل يراد به التي تقابل الواجب‪ ،‬ولكن لّما وقعت التفرقة‬ ‫فيه لما تقّرر أن لفظ ال ُ‬
‫حكم‪ .‬وتعّقب بأنه لققم ينحصققر فققي الوجققوب‬ ‫بين الرجال والنساء في ذلك دل على أن المراد إفتراق ال ُ‬
‫فقد يكون في حق الذكور آكد منه في حق النساء‪ ،‬أو يكون في حق الرجققال النققدب وفققي حققق النسققاء‬
‫جاج بن أرطأة ول يحتج به«‪.2‬‬ ‫الباحة‪ .‬على أن الحديث ل يثبت لنه من رواية ح ّ‬

‫المردواي )توّفى عام ‪ ،1480‬حنبلي(‬


‫‪3‬‬
‫»يجب الختان‪ .‬هذا المذهب مطلقًا وعليه جماهير الصحاب ]‪ [...‬يجب على الرجال دون النساء« ‪.‬‬

‫العاملي )توّفى عام ‪ ،1559‬شيعي(‬


‫»ويجب ختان الصبي عند البلوغ أي بعده ]‪ .[...‬ويستحب خفض النساء وإن بلغن‪ .‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬خفض النساء َمكُرَمة وأي شيء أفضل من الَمكُرَمة«‪.4‬‬

‫البهوتي )توّفى عام ‪ ،1641‬حنبلي(‬


‫»ويجب ختان ذكققر وأنققثى لقققوله )ص( لرجققل أسققلم »ألققق عنققك شققعر الكفققر واختتققن« ]‪ .[...‬وفققي‬
‫الحديث »إختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة« ]‪ .[...‬وقال تعققالى »ثققم أوحينققا إليققك أن إّتبققع‬
‫ِمّلة إبراهيم حنيفًا« )النحل ‪ (123:16‬ولنه من شعار المسلمين فكقان واجبقًا كسقائر شقعارهم‪ .‬وققال‬
‫أحمد‪ :‬كان إبن عّباس يشّدد في أمره حّتى قد روي عنققه أنققه ل حققج لققه ول صققلة‪ .‬وفققي قققول النققبي‬
‫)ص( »إذا إلتقى الختانان وجب الغسل« دليل على أن النساء كن يختتققن‪ ،‬ولن هنققاك فضققلة فققوجب‬
‫إزالتها كالرجل«‪.5‬‬

‫العاملي )توّفى عام ‪ ،1692‬شيعي(‬


‫»عن المرادي أنه قال‪ :‬سألت أبقا جعفقر عليقه السقلم عقن الجاريقة تسقبى مقن أرض الشقرك فتسقلم‬
‫سقّنة فالختققان علققى الرجققال‪ ،‬وليققس علققى‬
‫فيطلب لها من يخفضها فل يقدر علققى إمققرأة‪ .‬فقققال‪ :‬أّمققا ال ُ‬
‫النساء«‪.6‬‬

‫الدردير )توّفى عام ‪ ،1786‬مالكي(‬


‫سّنة مؤّكدة‪ .‬وقال الشافعي واجب‪ .‬والخفققاض فققي النققثى منققدوب كعققدم النهققك لقققوله‬
‫»الختان للذكر ُ‬
‫)ص( لمن تخفض الناث‪» :‬أخفضي ول ُتنِهكي« أي ل تجوري في قطع اللحمة الناتئة بين الشققفرين‬
‫فوق الفرج‪ ،‬فإنه يضعف الوجه ولّذة الجماع«‪.7‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.341‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرداوي‪ :‬النصاف‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.124-123‬‬ ‫‪3‬‬

‫العاملي‪ :‬الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقّية‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.447‬‬ ‫‪4‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.8‬‬‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪5‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.167‬‬ ‫‪6‬‬

‫الدردير‪ :‬الشرح الصغير‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.152-151‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪208‬‬
‫نلحظ مّما سبق أن ختان الذكور أعُتبر أكثر أهّمية من ختان الناث‪ .‬فأكثر الفقهاء المسلمين أخققذوا موقف قًا متزّمتققا‬
‫من ختان الذكور فاعتبروه واجبًا‪ .‬وقد مارس المسلمون الختان حّتى في عصر إضطهادهم من ِقَبل المسيحّيين فققي‬
‫إسبانيا بعد خروج المسلمين منها رغم أن الختان كان وسيلة للكشف عنهم وسببًا لضققطهادهم‪ .‬وكققان المسققيحّيون‬
‫يفرضون على المسلمين الذين يصبحون مسيحّيين عدم ختان أطفالهم تحت طائلة الموت‪.1‬‬

‫وبالرجوع إلى تقسيم الفعال عند الصولّيين‪ ،‬يمكننا أن نقول إن الحد الدنى الذي إجتمع عليه الفقهاء القدامى هققو‬
‫أن ختان الذكور واجبًا وأن ختان الناث مباحًا في حدود عدم النهاك‪ .‬ول نجد عند أي منهم تحريمًا لختان الذكور‬
‫أو ختان الناث‪ .‬وسوف نرى لحقًا أن الفقهاء قد إعتبروا أن كل مققن ختققان الققذكور والنققاث تعقّدي علققى سققلمة‬
‫ل في حالققة تعقّدي الحققدود المرسققومة للختققان‪.‬‬
‫ل إنهم إعتبروا ذلك من المباح شرعًا فل ضمان إ ّ‬
‫الجسد فيه إيلم‪ .‬إ ّ‬
‫وهم لم يروا في الختان ضررًا يمكن معه منعه على أساس القاعدة الفقهّية‪» :‬ل ضر ول ضرار«‪.‬‬

‫‪ (4‬الجدل حول ختان الذكور والناث في عصرنا‬


‫لقد سبق وذكرنا في الجزء الّول من هذا الكتاب أن ختان الذكور ما زال عادة مّتبعة في جميع الدول السققلمّية ل‬
‫ل القليل النادر من الطفال المسلمين‪ .‬ويعتبر الختان بين عاّمة المسلمين من المسّلمات التي ل تجققادل‪.‬‬ ‫ينجو منها إ ّ‬
‫وحّتى عندما تفشل عملّية الختان وتؤّدي إلى مصائب كبيرة‪ ،‬فإنه مقن غيقر القوارد طقرح هقذه العقادة علقى بسقاط‬
‫النقاش أو الشك فيها‪ .‬فهي قدر مقدر أحاطها المسلمون بمعالم البهجة والضجيج الذي يطغي على صققراخ الطفققال‬
‫تمامًا كما كانت الشعوب الشرقّية القديمة تفعل عند تقديم أطفالها محرقة علققى هيكققل اللهققة‪ .‬وقققد أّدى تغلغققل هققذه‬
‫ل نادرًا‪ ،‬إّما عن إقتناع وإّما عن خوف‪.‬‬
‫العادة في عقلّية المسلمين إلى إنعدام معارضيها إ ّ‬

‫أّما ختان الناث فقد إنحسر في عدد كبير من الدول السلمّية وأصبحت هذه العادة منسّية تمامًا ول يعقرف المققرء‬
‫هنققاك المقصققود مققن ختققان النققاث‪ .‬وإذا سققمعوا عنهققا‪ ،‬فهققم يسققتهجنوها ويرفضققون نسققبتها للشققريعة السققلمّية‬
‫ويعتبرونها دعاية ضد السلم يقوم بها أعققداء السققلم‪ .‬وإذا أوضققحت لهققم بالدّلققة الكتابّيققة أن الزهققر الشققريف‬
‫يساند هذه العادة‪ ،‬تثور ثائرتهم وينعتون مشايخ الزهر بأبشع الصفات وأرذلها التي ل مجال لذكرها هنا‪.‬‬

‫ورغم الواقع الجتماعي الذي يثبت إنحسار ختان الناث في كثير من الدول السلمّية‪ ،‬نرى أن ختققان النققاث مققا‬
‫زال يلقى تأييدًا من ِقَبل المؤّلفين المسلمين حّتى في الدول التي لم تعد تمارس ختقان النقاث‪ .‬فهقؤلء المؤّلفقون مقا‬
‫زالوا يعتبرون ختان الناث َمكُرَمققة إذا لققم يكققن هنققاك إنهققاك‪ .‬وقققد نشققرنا فققي الملحققق نصققوص مققن السققعودّية‬
‫والكويت في هذا المعنى‪ .‬فليرجع لها القارئ‪.2‬‬

‫ونجد نفس المر عند وهبي الزحيلي‪ ،‬وهو فقيه سوري سّني‪ .‬فهو يقول دون أي تعليق‪:‬‬
‫سّنة مؤّكدة عند المالكّية والحنفّية للذكور‪ ،‬والخفاض في النساء َمكُرَمة‪ ،‬ويندب ألّ ُتنِهققك أي‬ ‫»الختان ُ‬
‫ل تجور في قطع الجلدة لجل إتمام اللّذة فققي الجمققاع‪ .‬وقققال الشققافعّية‪ :‬الختققان فققرض علققى الققذكور‬
‫والناث‪ .‬وقال أحمد‪ :‬الختان واجب على الرجال‪َ ،‬مكُرَمة في حق النساء‪ .‬ويجرى هذا عادة في البلد‬
‫الحاّرة«‪.3‬‬

‫وفي مكان آخر يقول‪:‬‬


‫سقّنة فققي الرجققال‪َ ،‬مكُرَمققة‬
‫سّنة للرجال‪َ ،‬مكُرَمة للمرأة عند الحنفّية والمالكّية‪ ،‬لحديث‪» :‬الختان ُ‬
‫»هو ُ‬
‫في النساء‪ .‬وواجب عند الشافعّية للذكر والنثى‪ ،‬وللذكر فقط عند الحنابلة وَمكُرَمققة للنسققاء ل واجققب‬
‫عندهم‪ ،‬لقوله )ص( لرجل أسلم‪» :‬ألق عنك شعر الكفر واختتن« ولخبر أبقي هريقرة أن النقبي )ص(‬
‫قال‪» :‬من أسلم فليختتن« وفي حديث آخر لبي هريرة‪» :‬إختتققن إبراهيققم خليققل الرحمققن بعققدما أتققت‬
‫عليه ثمانون سنة‪ ،‬واختتن بالقدوم« أي آلة النجارة‪ ،‬ولنه من شققعار المسققلمين‪ ،‬فكققان واجبقًا كسققائر‬

‫‪Vincent: Les Morisques et la circoncision, p. 190-195‬‬ ‫‪1‬‬

‫الملحق ‪ 14‬و ‪ 15‬و ‪ 16‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الزحيلي‪ :‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪.642‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪209‬‬
‫سقّنة للرجققال‪،‬‬
‫شعائرهم‪ .‬والدليل على أنه َمكُرَمققة ل واجققب للنسققاء عنققد الحنابلققة‪ :‬حققديث‪» :‬الختققان ُ‬
‫‪1‬‬
‫وَمكُرَمة للنساء« وحديث »أشّمي ول ُتنِهكي« وفي حديث أم عطّية‪» :‬إذا خفضت فأشّمي« ‪.‬‬

‫وفي إيران‪ ،‬ما زال الكّتاب الشيعة حّتى يومنا هذا يرّددون ما قيل قديمًا في ختان الناث دون تعليق رغم أن ختققان‬
‫الناث ل يمارس في إيران حسب علمنا‪ .2‬ول نجد عندهم أي نقد لهذه الممارسة‪ .‬وقققد يرجققع ذلققك إلققى أن الشققيعة‬
‫تؤمن بعصمة أئّمتها الذين تنقل عنهم أحاديث ختان الذكور والناث‪.‬‬

‫أّما في الدول التي تمارس ختان الناث‪ ،‬وخصوصًا في مصر‪ ،‬فقد تم فتح الجدل حول ختان الناث‪ .‬فوضعت فيققه‬
‫كثير من الفتاوى والكتب التي تعّرضت للموضوع من الوجهة الدينّية والعلمّية والجتماعّية والقانونّيققة‪ .‬كمققا أجققبر‬
‫المشّرع والقضاء في إدلء رأيه فيه كما سنرى في الجزء القانوني‪ .‬وقد إعتمدت الكتابات المعاصرة علققى القققرآن‬
‫سّنة والكتب الفقهّية القديمة في مناقشتها لموقف الدين من هققذه العققادة‪ .‬وبمققا أن هققذه المصققادر الثلثققة لققم تققّدم‬
‫وال ُ‬
‫الجواب الصافي‪ ،‬فقد إنقسمت هذه الكتابات كما في الماضي بين مؤّيد ومعارض‪.‬‬

‫ولرتباط ختان الذكور بختان الناث في الكتابات القديمة‪ ،‬فقد تم مناقشة كل من الختانين‪ .‬فهناك مققن إعتققبر ختققان‬
‫الناث واجبًا تمامًا كما هو المر لختان الذكور‪ .‬وهناك من يفّرق بين ختان الذكور والناث معتبرًا هذا الخير من‬
‫المستحّبات‪ .‬وإلى هذا الموقف المنقول عن الكتابات القديمة‪ ،‬أضيف موقف جديد لم يعهده الفقهاء القدامى‪ .‬فقد برز‬
‫تّيار يرى فقي ختقان النقاث تعقّدي علققى سققلمة الجسقد مضققر بقالمرأة والمجتمققع ومخقالف للشققريعة السققلمّية‪.‬‬
‫وبمحاذاة هذا التّيار الرافض لختان الناث‪ ،‬يقف تّيقار آخققر خققائف وضقعيف يققرى ضقرورة دمققج كقل مققن ختقان‬
‫الناث والذكور في نفس الجدل باعتبار أن كل منهما تعّدي على سلمة الجسققد ولكققل منهمققا مضققاّره‪ .‬ومعارضققو‬
‫ختان الذكور يدعمون الحملة الداعية للغاء ختان الناث‪ ،‬ولكن معارضو ختان النققاث يرفضققون عاّمققة الظهققور‬
‫بمظهر المؤّيد لمعارضي ختان الذكور‪ .‬وهذا التباين في المواقف وضعف التّيقار المعقارض لختقان القذكور يمكقن‬
‫نسبته إلى السباب التالية‪:‬‬

‫حيا بعكس ختان النققاث‪ .‬ويظهققر هققذا جليقاً‬‫‪ (1‬هناك أّول الرأي الغالب في أن ختان الذكور واجب ديني ومفيد ص ّ‬
‫في كتابات كل من معارضي ختان الناث ومؤّيديه‪ .‬فهما في ختان الققذكور فققي خنققدق واحققد وخققط دفققاع مشققترك‬
‫رغم تناحرهما في ختان الناث‪.‬‬

‫‪ (2‬هناك معارضون لختان الناث يتقّبلون إنتقادات معارضي ختان الذكور ولكن ل يريدون أن يضيفوا سببًا آخققر‬
‫لعداء رجال الدين المؤّيدين لختان الناث وأن يؤّلبوا عليهم أيضًا عققداء معارضققي ختققان النققاث المؤّيققدين لختققان‬
‫الذكور‪ .‬إنهم يخافون أن »يزيد الطين بّلة«‪ ،‬كما يقول المثل العاّمي‪ .‬فقد قققالت لققي سقّيدة مصقرّية مناهضققة لختققان‬
‫الناث وختان الذكور‪» :‬إنهم سوف يضربوني بالنار‪ .‬أنظر كيف أن معارضي ختان الناث يلقون عنتًا شديدًا مققن‬
‫ِقَبل السلميين‪ ،‬ثم تصّور كيف سيكون رد فعل السلميين لو أن أحدًا تكّلم ضد ختان الذكور!«‪ .‬وبطبيعة الحال‪،‬‬
‫ل يمكن لهذه المجموعة الفصاح عن رأيها علنًا حّتى ل تكشف أوراقها‪.‬‬

‫‪ (3‬هناك معارضون لختان الناث يتقّبلون إنتقادات معارضي ختققان الققذكور ولكققن يققرون أن هنققاك أولوّيققات فققي‬
‫المعركة‪ .‬فهم يعربون عن إستعدادهم مكافحة ختان الققذكور ولكققن بعققد أن ينتهققوا مققن معركققة ختققان النققاث الققتي‬
‫يعتبرونه أكثر مضّرة من ختان الذكور‪ .‬ففي نظرهم ل يمكن فتح جبهتين في آن واحد لن هققذا سققوف يققؤّدي إلققى‬
‫خسارة على الجبهتين‪ .‬وهم ل يعون أن هذا الموقف مخالف للخلق‪ .‬إذ ما ذنب الطفال الذكور في ختان الناث؟‬
‫لماذا نحرم الطفال الذكور من الحماية الجسدّية إلى حين إلغاء ختان الناث الذي قققد يطققول عشققرات ل بققل مئات‬
‫السنين؟ وهم يجهلون أن في موقفهم غلطة منطقّية‪ .‬فكيف يمكن إقناع أب مصري بأن يتوّقف عن ختان بناته بينمققا‬
‫يسمح له بالستمرار في ختان أولده رغم أن العملّيتين يطلق عليهما كلمة »الطهققارة«؟ فل بققد أن يفهققم هققذا الب‬
‫المصري أن وراء رفض ختان الناث الذي يمّوله الغرب رغبققة فققي نشققر الفسققاد الخلقققي فققي المجتمققع المسققلم‬
‫واستباحة لشرفهن‪ .‬وفي هذه الحالة تكون النتيجة عكس ما يتوّقع معارضو ختان الناث‪ .‬وسوف نقرى فقي الجقزء‬
‫ل‪.‬‬
‫الجتماعي أن هذا ما يرّدده مؤّيدو ختان الناث فع ً‬
‫الزحيلي‪ :‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪ 307-306‬أنظر أيضًا جق ‪ ،1‬ص ‪.310‬‬ ‫‪1‬‬

‫ل الملحقين ‪ 18‬و ‪ 19‬في آخر الكتاب‪.‬‬


‫أنظر مث ً‬ ‫‪2‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ (4‬حّتى وإن نحن ل نقبل بالمقولة أن الغرب يتآمر علققى شققرف البنققات المسققلمات‪ ،‬كمققا يقّدعي التّيققار السققلمي‬
‫ظمقات الدولّيقة لمعارضقي‬ ‫المؤّيد لختان الناث‪ ،‬ل بد أن نشير إلى أن الدعم المقالي والعلمقي مقن الغقرب والمن ّ‬
‫ختان الناث هو أحد أسباب قّوة هذا التّيار‪ .‬وأن عدم إهتمام العلم الغربي بختققان الققذكور أّدى إلققى عققدم ظهققور‬
‫ظمات الدولّيققة لققه دواعققي‬
‫تّيار معاد لختان الذكور في الدول العربّية والسلمّية والفريقّية‪ .‬وسكوت الغرب والمن ّ‬
‫سياسّية‪ .‬فهناك خوف كبير من الّتهام بمعاداة السامّية إذا ما تم العلن عن حملة ضد ختققان الققذكور‪ .‬أضققف إلققى‬
‫ذلك أن الوليات المّتحدة‪ ،‬أكبر دولة ممّولة لحركات مناهضة ختان الناث‪ ،‬تمارس ختان الذكور بصققورة واسققعة‬
‫كما رأينا‪ .‬فل يمكننا أن ننتظر منها أن تساعد على فتح جبهة ضد ختان الذكور في القدول الخقرى‪ .‬وهكقذا يحقس‬
‫كل مفّكر عربي أو مسلم أو إفريقي تخّول له نفسه معارضة ختان الذكور أنه معزول إعلميًا وفكرّيا ومالّيا‪ ،‬ليققس‬
‫فقط على الساحة الداخلّية بل أيضًا على الساحة الدولّية‪ .‬ولنا عودة إلى هذا المر في الجزء الجتماعي‪.‬‬

‫ويمكن إختصار موقف معارضي ختان الناث من خلل منشققورين صققادرين عققن حركققتين نسققائّيتين فققي مصققر‬
‫والسودان‪ .‬وهذا هو نص المنشورين‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫نداء للسرة‬
‫‪ -‬أخلق البنات ليست في عملّية الطهارة بل في رقابة السرة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا لم تحدث الطهارة للبنت فهي ل تعتبر خروجًا على الشريعة السلمّية‪.‬‬
‫حة«‪.‬‬‫‪ -‬طهارة البنت ممنوعة كرأي الطّباء »ووزارة الص ّ‬
‫‪ -‬طهارة البنت عادة قديمة َقبل نزول المسيحّية والسلم‪.‬‬
‫‪ -‬طهارة البنات غير معروفة في السعودّية وغيرها من البلد السلمّية‪.‬‬
‫سّنة أن النبي )ص( أجرى عملّية الختان على بناته‪.‬‬ ‫‪ -‬لم يرد في ال ُ‬
‫‪ -‬طهارة البنت تعديل في خلقة ال سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -‬طهارة البنت تؤّدي إلى النزيف وأحيانًا الوفاة‪.‬‬
‫‪ -‬ل إثم في ترك ختان البنات‪.‬‬
‫‪ -‬أتركوا عادة الطهارة ول تؤذوا بناتكم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نداء للسرة‬
‫الدين ينهى‬
‫‪ -‬خفاض البنات إنتهاك جسدي وتشويه لخلق النسان الققذي خلقققه سققبحانه وتعققالى فققي أحسققن تقققويم‬
‫وفي أحسن صورة سّواه‪.‬‬
‫‪ -‬خفاض البنات عملّية وحشّية ل تجيزها الديان السماوّية‪.‬‬
‫سّنة بل من أفعال الجاهلّية الققتي حققزر ]حقّذر[ النققبي )ص( مققن‬ ‫‪ -‬خفاض البنات ل هو بالواجب أو ال ُ‬
‫غلوائها بقوله »أخفضي ل ُتنِهكي فهذا أحظى للمرأة وأبهى للرجل«‪.‬‬
‫‪ -‬خفاض البنات ل يصون العّفة بل تصونها التنشئة على مكارم الخلق والتربية السلمّية السليمة‪.‬‬
‫‪ -‬خفاض البنات سابق للديان وتمارسه شعوب كثيرة من مختلف الديان والمعتقدات ليس بينهققا مققن‬
‫ل السودان ومصر والصومال‪.‬‬ ‫الشعوب السلمّية إ ّ‬
‫‪ -‬إذًا إجتنبوا خفاض البنات‪.‬‬
‫الطب ينهى‬
‫حية ونفسقّية واجتماعّيققة بالغققة‬
‫‪ -‬خفاض البنات إنتهاك جسدي لفلققزات ]لفلققذات[ أكبادنققا لققه آثققار صق ّ‬
‫الخطورة في كل مراحل الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬خفاض البنات عملّية جراحّية ل مبّرر لها تؤّدي إلى عملّيقات لحققة عنققد الققزواج وعنقد الوضقوع‬
‫وبعده ول يخلو من مخاطر متكّرره‪.‬‬
‫حة ول القققابلت اللئي ل‬ ‫‪ -‬خفاض البنات عملّية جراحّية خطيرة ل يقّرهققا الطّبققاء ول وزارة الصق ّ‬
‫يتدّربن عليها‪.‬‬

‫حة المرأة والطفل‪ ،‬ختان البنات‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬


‫منشور صادر عن جمعّية تنظيم السرة بالقاهرة‪ ،‬مشروع ص ّ‬ ‫‪1‬‬

‫حة الم والطفل‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬ ‫منشور صادر عن الجمعّية السودانّية لمحاربة العادات الضاّرة بص ّ‬ ‫‪2‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -‬خفاض البنات عملّية جراحّية تؤّدي لمضاعفات منها النزيف الحققاد واللتهابققات والتتنققس واليققدز‬
‫والعقم ورّبما تؤّدي إلى الموت‪.‬‬
‫‪ -‬إذًا اجتنبوا خفاض البنات‪.‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬الحجج الدينّية الفرعّية التي يرتكز عليها الفقهاء والمفّكرون‬
‫بالضافة إلى الحجج الساسّية التي ذكرناها في الفصول السابقة‪ ،‬يعتمد مؤّيدو ومعارضو ختققان الققذكور والنققاث‬
‫سققع‪.‬‬
‫على حجج فرعّية‪ .‬بعض هذه الحجج ينقلها المؤّلفون المسلمون الحالّيون عن الفقهققاء القققدامى مققع بعققض التو ّ‬
‫والباقية أضيفت في عصرنا فل نكاد نجد لها أثرًا في كتابات الفقهاء القدامى‪ .‬هذا ما سنراه في النقاط التالية‪.‬‬

‫‪ (1‬التطهير من النجاسة‬
‫تنقل الشيعة أحاديثًا عن النبي تعتبر بول الغلف نجسًا ذكرناها سابقًا‪ .‬وفققي هققذا المعنققى يققول الصققادق‪» :‬أختنققوا‬
‫أولدكم لسبعة أّيام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم وأن الرض لتكره بول الغلف«‪.1‬‬

‫ويقول إبن جزي‪:‬‬


‫»الغرلة وهي ما يقطع في الختان نجسة لنها قطعت من حققي فل يجققوز أن يحملهققا المصققلي ول أن‬
‫ل منهم«‪.2‬‬
‫تدخل المسجد ول أن تدفن فيه وقد يفعله بعض الناس جه ً‬

‫ويرى إبن قّيم الجوزّية أن الشيطان يختبئ في غرلة الرجل‪ .‬وقطعها تطهير له‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫»أي زينة أحسن من أخذ ما طال وجاوز الحققد مققن جلققدة الغلفققة وشققعر العانققة وشققعر البققط وشققعر‬
‫الشارب وما طال من الظفر‪ .‬فإن الشيطان يختبئ تحت ذلك كّله ويألفه ويقطن فيه‪ .‬حّتى أنه ينفخ فققي‬
‫إحليل الغلف وفرج الغلفاء ما ل ينفخ في المختون ويختبئ في شعر العانة وتحت الظفققار‪ .‬فالغرلققة‬
‫أقبح في موضعها من الظفر الطويل والشارب الطويل والعانة الفاحشققة الطققول‪ .‬ول يخفققى علققى ذي‬
‫الحس السليم قبح الغرلة وما في إزالتها من التحسين والتنظيف والتزيين‪ .‬ولهذا لّمققا إبتلققى ال ق خليلققه‬
‫إبراهيم بإزالة هذه المور فأتّمهن‪ ،‬جعله إمامًا للناس‪ ،‬هذا مع ما فيه من بهاء الققوجه وضققيائه‪ ،‬وفققي‬
‫تركه من الكسفة التي ترى عليه«‪.3‬‬

‫واعتمادًا على هذا العتقاد‪ ،‬يرى الفقهاء أن الختان ضروري لتمام الطهارة الققتي بققدونها ل تصققح الصققلة‪ .‬وهققم‬
‫بذلك يطّبقون القاعدة التي تقول »ما أّدى إلى الواجب فهو واجب«‪ .‬يقققول إبققن قدامققة‪» :‬أّمققا الختققان فققواجب علققى‬
‫الرجال وَمكُرَمة في حق النساء وليس بواجب عليهن هذا قول كثير من أهل العلم‪ .‬قال أحمد‪ :‬الرجل أشد وذلققك أن‬
‫لة على الكمرة ول ينقى ما ُثم‪ .‬والمرأة أهون«‪ .4‬ويقول إبن قّيققم الجوزّيققة‪» :‬إن‬ ‫الرجل إذا لم يختتن فتلك الجلدة مد ّ‬
‫الغلف معّرض لفساد طهارته وصلته فققإن الغلفققة تسققتر الققذكر كّلققه فيصققيبها البققول ول يمكققن السققتجمار لهققا‪.‬‬
‫حة الطهارة والصلة موقوفة على الختان«‪ .5‬وما زال الكّتاب المسلمون المعاصرون يعيدون علينا ذلك‪ .‬يقققول‬ ‫فص ّ‬
‫مجدي فتحي السّيد‪:‬‬
‫»عند التبّول تتسّلل بعض قطرات البول إلى التجويف الموجود بيقن الغلفقة وبيقن رأس القذكر‪ .‬وهقذه‬
‫القطرات ]‪ [...‬كثيرًا ما يخرج بعضها بعد التطّهر‪ ،‬فتصيب النجاسة الثوب والبققدن‪ ،‬كمققا أنهققا تسقّبب‬
‫كثيرًا من الوسوسة ‪ -‬أعاذنا ال منها ‪ -‬لدى الشخص‪ ،‬إذ ُيظن أنها خارجة مققن الققذكر فيعيققد وضققوءه‬
‫المّرة بعد الخرى«‪.6‬‬

‫الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.70‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪11‬؛ أنظر أيضًا السّكري‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪212‬‬
‫وقد إستند المؤّلفون المسلمون قديمًا وحديثًا على هذا الدليل ليبّينوا أن ختان الذكور هو واجب بخلف ختان الناث‬
‫الذي إعتبروه مستحّبا إذ إنه ليس للمرأة غلفة تحفظ النجاسة التي تمنع الصلة‪ .‬ولكققن الققدكتورة نققور الس قّيد رشققاد‬
‫ترى في أّيامنا أن من فوائد ختان الناث‪» :‬وجقود بقايققا البقول والفقرازات الجنسقّية داخقل الغلفقة فققي حالقة عقدم‬
‫الختان تكون مصدرًا لنجاسة الثوب والبدن وبالتالي نقص عنصر الطهارة بالنسبة للمسلم«‪.1‬‬

‫ويرفض الدكتور رمضان ضرورة ختان الناث للطهارة على خلف ختان الذكور‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫ل يحّقق ذلك‪ ،‬لننا نقطع جلدة زائدة حول فتحة مجرى البققول‪ ،‬تتجّمققع‬ ‫»إن الختان في حق الولد فع ً‬
‫فيها قطققرات البققول وإفققرازات شققحمّية‪ .‬فقطققع هققذه الجلققدة الققزائدة يققؤّدي إلققى النظافققة والسققتنجاء‬
‫والتطهيققر الصققحيح مققن البققول‪ ،‬وإلققى بققروز رأس القضققيب عنققد الرجققل فيسققاعد هققذا علققى زيققادة‬
‫إستمتاعه‪ .‬أّما في المرأة‪ ،‬ففتحة البول منفصلة عن البظر«‪.2‬‬

‫ويضيف‪:‬‬
‫»ليس هناك تراكم لنجاسة ]عند الناث[ مثلما يحدث مع الولد‪ .‬وإفراز غّدة الزهم إفراز طبيعي لققه‬
‫وظيفته وفائدته وليس نجسًا‪ ،‬وتنظيفه عملّية سهلة تتم مع النظافة العاّمة لهذا المكان«‪.3‬‬

‫وبالضافة إلى كون غسل الغلفة ليس بالصعوبة التي يتصّورها الكّتاب المسلمون‪ ،‬نشير هنا إلى أن بعض الفقهققاء‬
‫جة ضرورة الختان للطهارة والصلة‪ .‬ينقل إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬ ‫القدامى رفضوا التعّلل بح ّ‬
‫»إّنما يلم عليه إذا كان باختياره‪ .‬وما خرج عققن إختيققاره وقققدرته لققم يلققم عليققه ولققم تفسققد طهققارته‪،‬‬
‫كسلس البول والرعاف وسلس المذي‪ .‬فإذا فعل ما يقدر عليه من الستجمار والستنجاء لم يؤاخذ بما‬
‫عجز عنه«‪.4‬‬

‫كما نقرأ عند إبن حجر‪:‬‬


‫حة الصققلة كمققن أمسققك‬ ‫»إستدل من أوجب الختتان بأدّلة‪ .‬الّول أن الغلفة تحبس النجاسة فتمتنع ص ّ‬
‫حكققم الظققاهر بققدليل أن وضققع المققأكول فيققه ل يفطققر بققه الصققائم‪،‬‬ ‫نجاسة بفمه‪ .‬وتعّقب بأن الفققم فققي ُ‬
‫حكققم البققاطن‪ .‬وقققد صقّرح أبققو الطّيققب الطققبري بققأن هققذا القققدر عنققدنا‬
‫بخلف داخل الغلفة فإنه فققي ُ‬
‫مغتفر«‪.5‬‬

‫هذا ويقول العّبودي أنه »ل يمكن أن يبقى )الطفل في المققارات( بعققد سققن السادسققة أو السققابعة مققن العمققر بققدون‬
‫ختان لسباب كثيرة‪ ،‬أهّمها أسباب دينّية‪ ،‬إذ يعتبر في نظر المسلمين غير طاهر ول يجوز لققه دخققول المسققجد ول‬
‫ُتقبل صلته«‪ .‬ويضيف أن من جاوز هذا العمر »يصبح عرضة للنقد بين الرجال والنساء وأيضًا الصبيان‪ .‬فكثيرًا‬
‫ما يسمع كلمات نابية‪ ،‬حيث يطلق عليه فقي بعقض الحيقان لققب »بانيقان« ويقصقد بالبانيقان مقن هقم علقى ديانقة‬
‫البوذية‪.6‬‬

‫‪ (2‬قطع عضو سليم وإدخال ألم وكشف عورة‬


‫ل إذا كان هناك واجب‪ .‬والختان يتم فيه كشققف العققورة‪،‬‬
‫يرى مؤّيدو ختان الذكور والناث أن كشف العورة حرام إ ّ‬
‫وما كان ليسمح به إذا لم يكن واجبًا‪.‬‬

‫ل فققي إحقدى ثلث خصققال‪:‬‬ ‫ويضيف مؤّيدو الختان أن قطع عضو سليم وإدخال ألققم عظيقم علقى النفققس ل يحقق إ ّ‬
‫لمصلحة )كالمداواة( أو عقوبة )كقطع يد السارق( أو وجوب‪ .‬وقد إنتفى الّولن فثبت الثالث‪ .‬فلو لم يكن واجبًا لما‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.56-55‬‬ ‫‪2‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.70‬‬ ‫‪3‬‬

‫الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.341‬‬ ‫‪5‬‬

‫العّبودي‪ :‬الختان في المارات‪ ،‬ص ‪.68‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪213‬‬
‫جاز للخاتن القدام عليه‪ ،‬وإن أذن فيه المختون أو ولّيه‪ .‬فإنه ل يجققوز لققه القققدام علققى قطققع عضققو لققم يققأمر الق‬
‫ورسوله بقطعه‪ ،‬ول أوجب قطعه كما لو أذن له في قطع أذنه أو إصبعه‪ ،‬فإنه ل يجوز له ذلك ول يسقط الثم عنه‬
‫بالذن‪.1‬‬

‫‪ (3‬شعار المسلمين ومخالفة لشعارات الكفر‬


‫يرى مؤّيدو الختان أنه من شعار الدين‪ ،‬وبه يعرف المسلم من الكافر‪ ،‬حّتى لو وجد مختون بين جماعة قتلققى غيققر‬
‫مختونين صّلي عليه ودفن في مقابر المسلمين‪ .‬وقد ُرد عليه إن ما أّدعي في المقتول مردود لن اليهود وكثيرًا من‬
‫النصارى يختنون‪.2‬‬

‫جة التي نجدها أيضًا عند اليهود‪ ،‬ما زال الكّتاب المسلمون في أّيامنققا يعيققدونها علينققا‪ .‬يقققول‬
‫ورغم ضعف هذه الح ّ‬
‫الجمل إن عدم الختان‪:‬‬
‫»شعار عّباد الصليب وعّباد النار الذين تمّيزوا به عن الحنفاء‪ ،‬والختان شققعار الحنفققاء فققي الصققل‪،‬‬
‫ولهذا أّول من إختتن إمام الحنفاء وصار الختان شعار الحنيفّية‪ ،‬وهو مققا تقوارثه بنقو إسقماعيل وبنققو‬
‫إسرائيل عن إبراهيم الخليل ]‪ [...‬ول يجوز موافقة عّباد الصليب الغلف في شعار غلفهم وتثليثهم«‪.3‬‬

‫ويضيف‪:‬‬
‫طقل الختقان ورضقي شقعار الغلقف‬ ‫»إن النبي قال‪» :‬من لم يأحذ شاربه فليس مّنا« فكيف منقه مقن ع ّ‬
‫عّباد الصليب‪ ،‬ومن أظهر ما يفّرق عّباد الصليب وعّباد الرحمن الختان‪ .‬وعليه إستمر عمققل الحنفققاء‬
‫مققن عهققد إمققامهم إبراهيققم إلققى عهققد خققاتم النبيققاء‪ ،‬فبعققث بتكميققل الحنيفّيققة وتقققديرها ل بتحويلهققا‬
‫وتغييرها‪ .‬وقد إمتثل إبراهيم لمر ال فختن نفسه بالقدوم وجعله فطرة باقيققة فققي عقبققه إلققى أن يققرث‬
‫الرض ومن عليها‪ .‬ولذلك دعا جميع النبياء من ذّريته أممهم إليه حّتى عبد ال ورسوله وكلمته إبققن‬
‫العذراء البتول‪ ،‬فإنه إختتن متابعة لبراهيم الخليل‪ ،‬والنصارى تقققر بققذلك‪ ،‬وتعققترف أنققه مققن أحكققام‬
‫النجيل ولكن إّتبعوا أهواء قوم قد ضّلوا من َقبل وأضّلوا كثيرًا وضّلوا عن سواء السبيل«‪.4‬‬

‫ويقول مجدي فتحي السّيد‪:‬‬


‫سقَنن ]القتي مقن بينهقا ختقان القذكور والنقاث[ تبقدو صقورة المسقلمين واحقدة‪،‬‬ ‫سك بهقذه ال ُ‬‫»في التم ّ‬
‫سقَنن‬
‫سقك بهقذه ال ُ‬
‫مجتمعة الظاهر‪ ،‬ومّتحدة الباطن‪ ،‬ويظهر التقآلف بينهقم لهقذا التوحيقد ]‪ [...‬فقي التم ّ‬
‫إظهار المخالفة لشعارات الكفر وأهله‪ ،‬من مجوس ويهود ونصارى وغيرهم من ملل الكفر بأنواعها‪.‬‬
‫ولذا نجد أن النبي )ص( كثيرًا ما نّبه إلى هذا المر بتلك التحققذيرات‪» :‬خققالفوا المجققوس«‪» ،‬خققالفوا‬
‫اليهود«‪» ،‬خالفوا أهل الكتاب«‪» ،‬خالفوا المشركين«‪.5‬‬

‫هناك إذًا من يعتبر ليس فقط ختان الذكور‪ ،‬بل أيضًا ختان الناث من علمات السلم‪ .‬وهذه الفكرة تتناقلها العاّمة‬
‫رغم أن كل من المسلمين والمسيحّيين يختنون ذكورهم وإناثهم‪ .‬تقول شهادة من مصرّية‪:‬‬
‫»ل أنسى ما حييت ما حدث لختي الصغيرة فقي قريتنقا القتي نشقأنا فيهقا‪ .‬كقانت فقي الصقف الثقاني‬
‫صائي النساء ‪ -‬لطهارتها بالمنزل‪ .‬كانت تستعطفني وأنققا أمسققك بهققا‬ ‫العدادي‪ .‬وقد جاء الطبيب ‪ -‬أخ ّ‬
‫وأقول لها‪ :‬إن هذا ل بد منه‪ .‬أعطاها الطبيب حقنة من البنج وحدث لختي نزيف شديد إضققطر معققه‬
‫الطبيب لخذ بعض الغرز‪ .‬ودخلت بعدها أختي في غيبوبة‪ ،‬لم تفق منها حّتى توّفيت ول نعلم ‪ -‬حّتى‬
‫اليوم ‪ -‬الحقيقة‪ :‬هل سبب الوفاة النزيف‪ ،‬أم حقنة البنج؟ تكّتمنققا المققر‪ .‬لكققن جققاء أحققد أخقوالي وثققار‬
‫وأبلغ النيابة‪ ،‬وتوّلت التحقيقات‪ ،‬ثم حفظ المر مع الطبيب‪ ،‬وما زال يمارس عمله ومهنته‪ .‬وأنققا الن‬
‫ل بالطهارة‪ ،‬وإذا لققم يحققدث ذلققك‬‫عندي إبنة وفي أشد الحيرة‪ .‬لقد قالوا لنا‪ :‬إنه ل يكتمل إسلم البنت إ ّ‬
‫إبن قّيم الجوزّية‪ :‬الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب؛ إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جق ‪ ،10‬ص ‪.342-341‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪342-341‬؛ أنظر أيضًا إبن قّيم الجوزّية الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.91‬‬ ‫‪3‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪25‬؛ أنظر أيضًا السّكري‪ ،‬ص ‪.64‬‬ ‫‪4‬‬

‫مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪.8-7‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪214‬‬
‫فإن دينها ناقص‪ ،‬وتصبح مثل النصارى‪ .‬وفي المقابل أنا مرعوبة مّما حدث لختي‪ ،‬ل أعققرف مققاذا‬
‫أفعل؟«‪.1‬‬

‫ولكن معارضو ختان النققاث يفّرققون بيققن ختقان النققاث وختقان الققذكور ويحصقرون علمقة السققلم فقي ختقان‬
‫جار أن ختان الذكر مطلوب »لكي يعققرف أنققه مسققلم إذا قتققل فققي معركققة مققع‬ ‫الذكور‪ .‬يقول الشيخ عبد الرحمن الن ّ‬
‫‪2‬‬
‫أعداء الوطن‪ ،‬حّتى يصّلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين« ‪ .‬ويقول الدكتور محّمد رمضان‪:‬‬
‫»في حديث البعض هناك خلط متعّمد بين أحكام الفقهاء بالنسققبة لختققان الولد وأحكققام النققاث رغققم‬
‫حكم أو الكيفّيقة أو الفقائدة والهقدف منقه‪.‬‬‫إختلف المرين في كل شيء سواء في الدليل الشرعي أو ال ُ‬
‫حكم ختان الولد على ختان النققاث‪ .‬وذكرهققم ختققان النققاث‬ ‫لكن بعضهم يتعّمد أن يعّمم‪ ،‬أو يسحب ُ‬
‫ل لكان الوجوب هو الغالب في أققوال‬ ‫من شعار السلم‪ ،‬فيه مغالطة‪ .‬فالمقصود هو ختان الولد‪ ،‬وإ ّ‬
‫الفقهاء‪ ،‬لخفض البنات‪ .‬وهذا لم يحدث من جمهور الفقهاء«‪.3‬‬

‫‪ (4‬الُعرف‬
‫العرف أحد مصادر الشريعة السلمّية‪ .‬فما يبيحه العرف يعتبر مباحًا فققي الشققريعة السققلمّية فققي حققدود معّينققة‪.‬‬
‫يقول أبو زهرة في هذا المجال‪:‬‬
‫ل من أصول الفقه‪ .‬قققد‬ ‫»العرف ما إعتاده الناس من معاملت واستقامت عليه أمورهم‪ .‬وهذا يعد أص ً‬
‫أخذ من قوله )ص( »ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند ال أمر حسققن«‪ .‬فققإن ذلققك الثققر يققدل بعبققارته‬
‫ومرماه على أن المر الذي يجري عرف المسلمين على إعتباره من المور الحسققنة يكققون عنققد الق‬
‫أمر حسن‪ .‬وإن مخالفة العرف الذي يعّده الناس حسنًا يكون فيه حرج وضقيق‪ .‬ولققد ققال الق تعقالى‪:‬‬
‫»ما جعل ال عليكم في الدين من حرج« )الحققج ‪ .(78:22‬ولققذلك قققال العلمققاء فققي المققذهب الحنفققي‬
‫والمالكي إن الثابت بالعرف الصحيح غير الفاسد ثابت بدليل شرعي ]‪ [...‬وإن العلمقاء الققذين يققّرون‬
‫سقّنة‪ .‬وإذا‬
‫أن العرف أصل من أصول الستنباط يقّرون أنه دليقل حيقث ل يوجقد نقص مقن كتقاب أو ُ‬
‫سّنة كتعارف الناس في بعض الوقات تنققاول بعققض المحّرمققات كققالخمر‪،‬‬ ‫خالف العرف الكتاب أو ال ُ‬
‫وأكل الربا‪ ،‬فعرفهقم مقردود عليهقم‪ ،‬لن إعتبقاره إهمقال لنصقوص قاطعقة‪ ،‬وإّتبقاع للهقوى وإبطقال‬
‫للشرائع‪ .‬لن الشرائع ما جاءت لتقرير المفاسد‪ ،‬وإن تكاُثر الخذين بها يققدعو إلققى مقاومتهقا‪ ،‬ل إلقى‬
‫إقرارها«‪.4‬‬

‫يقول السّكري دفاعًا عن ختان الذكور والناث‪:‬‬


‫»لقد كان ختان الذكور والبنات ول يزال عرفًا جرت به العققادة بيققن البشققر منققذ زمققن بعيققد‪ .‬فأصققبح‬
‫مألوفًا بينهم سائغًا في مجرى حياتهم‪ .‬ودليل هذا أن أّمهاتنا وجّداتنا وجّداتهن وهكذا كقن يختتققن علققى‬
‫مدى عشرات السنين ولم يحدث من الضرار المّدعاة شيئًا‪.‬‬
‫ومن ثم كان هذا العرف سائغًا لديهم‪ .‬وقد بنت الشريعة السققلمّية كققثيرًا مققن أحكامهققا علققى العققرف‬
‫الصحيح وهو الذي إستوفى شرائطه الثلثة فيكون عرفًا صحيحًا وهو مققا ل يحققل حرام قًا ول يح قّرم‬
‫ل‪ .‬فالمام مالك بنى كثيرًا من أحكامه على عرف أهل المدينة‪ .‬والمام الشققافعي بنققى كققثيرًا مققن‬ ‫حل ً‬
‫‪5‬‬
‫أحكام مذهبه الجديد على عرف أهل مصر‪ .‬وهذا النوع تجب مراعاته في الفتاء والقضاء« ‪.‬‬

‫وبعد أن إستنتج أن ل أساس شرعي لختان الناث‪ ،‬يقول شلتوت‪:‬‬

‫جريدة الشعب ‪ ،18/11/1994‬ضمن كتاب رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.83-82‬‬ ‫‪1‬‬

‫جار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪.6‬‬‫الن ّ‬ ‫‪2‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29-28‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو زهرة‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬ص ‪.273‬‬ ‫‪4‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.100-99‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪215‬‬
‫»إلى أن يثبت ذلك ]الضرر[ في ختان النثى فإن المر فيه على ما درج عليققه النققاس وتع قّودوه فققي‬
‫ظل الشريعة السلمّية‪ ،‬وعلم رجال الشريعة من عهد النبّوة إلى يومنا هذا‪ ،‬وهو أن ختانها َمكُرَمققة‪،‬‬
‫سّنة«‪.6‬‬
‫وليس واجبًا ول ُ‬

‫ل‪ :‬هذا منهج شديد الخطر بالغ الخطأ‪.‬‬ ‫ويرد العّوا على دعوى الُعرف قائ ً‬
‫»فهو شديد الخطر لن العراف النسانّية ليست كّلها‪ -‬في أي بلد كان ‪ -‬موافقة للشرع‪ ،‬بل إن فتاوى‬
‫العلماء فيها ما يوافق النصوص‪ ،‬وفيها ما يحتاج إلى نظققر‪ ،‬وليققس فتققاوى علمققاء البلققدان السققلمّية‬
‫الخرى أولى بالّتباع من فتاوى علمائنا‪ ،‬والعرف الذي ل يخالف الشرع دليل محّلققي ل ينقققل عملققه‬
‫جة على كل حال في عرف ل يّتفق مع الشرع إذا وجد فققي بلدنققا‬ ‫من موطنه إلى موطن آخر‪ .‬ول ح ّ‬
‫أو في غيرها من البلد‪ .‬فهو عرف فاسد بتعبير الفقهاء‪ .‬والذي ُيعّول عليه هو العرف الصحيح الققذي‬
‫صا أو إجماعًا دون سواه‪.‬‬ ‫ل يصادم ن ّ‬
‫وهو منهج بالغ الخطأ‪ ،‬لنه يجعل أعراف بعض البلد معايير يقاس عليهققا‪ ،‬أو يعققرف بهققا الصققحيح‬
‫من الباطل‪ ،‬والمقبول من المرفوض في سلوك الناس‪ .‬والسلم لم يجعل مصققدرًا للمعرفققة يقققاس بققه‬
‫سّنة‪ ،‬ثم الجماع ثم القياس الصحيح‪ .‬أّما العراف فهي مصادر تكميلّية يؤخذ‬ ‫ل القرآن وال ُ‬
‫هذا المر إ ّ‬
‫صا صريحًا أو إجماعًا صحيحًا‪.‬‬ ‫بها في الترجيح بين الراء أو في الفتاء إذا لم تخالف ن ّ‬
‫ونحن فقي مصققر يكفينقا أن نتققبّين أن الشقرع لققم يبقح هققذه العقادة الشققنيعة‪ ،‬بقل إن قواعققده وأحكققامه‬
‫التفصيلّية تمنعها‪ ،‬وفقه الفقهاء يرّتب على الضرر الحاصل منها وجوب العقوبة دّية أو قصاصًا‪.‬‬
‫ويكفينا أن نعلم أن الطب يراها ضاّرة ضررًا محضًا ‪ -‬ل يجبر ‪ -‬بدنّيا ونفسّيا‪ ،‬وهذا وحده كققاف فققي‬
‫سّنة الصحيحة بريئة من إجازتها أو إباحتها‪ ،‬وكقل ققول بخلف ذلقك‬ ‫تحريمها‪ .‬ويكفينا أن نصوص ال ُ‬
‫‪2‬‬
‫مردود على صاحبه وعليه وحده إثمه ووزره« ‪.‬‬

‫ويقول صالح محمود عويس‪ ،‬نائب محكمة النقض‪:‬‬


‫»العرف يمكن أن يكون مصدرًا للباحققة غيققر إنققه يشققترط لققذلك أن يكققون عاّمققا وملزمقاً ومسققتمّرا‬
‫بمعنققى أن يّتصققف السققلوك الناشقيء مقن العققرف بصقفة العمومّيقة وأن يققوم العتقققاد لققدى الجميققع‬
‫ل أن عادة ختان النققثى كمققا ثبققت‬ ‫بضرورة اللتزام به وتأثيم من يخرج عليه وذلك بصفة مستمّرة‪ .‬إ ّ‬
‫من أبحاث علماء الجتماع ليست لها صفة العموم بين أفراد الشعب المصري ول يوجققد إعتقققاد عققام‬
‫لديهم بضرورة إتيانها ومن ثم يتخّلف عنها أركان العرف وأصبحت مجّرد عادة إعتاد عليها البعققض‬
‫دون الكل وهي بذلك ل تصلح سببًا لباحة هذا الفعل«‪.3‬‬

‫‪ (5‬الختان عادة غير إسلمّية تركتها دول إسلمّية كثيرة‬


‫يقول معارضو ختان الناث أن هذه العادة ل علقة لها بالشريعة السلمّية فقد كانت تمارس في مصر َقبل دخول‬
‫السلم فيها‪ ،‬وكثير من الدول السلمّية ل تمارسها في أّيامنا بينما هي منتشرة بين كثير من غير المسلمين‪.‬‬

‫يقول المنشور المصري السبق الذكر إن ختان الناث غير معروف في »السعودّية وغيرها من البلد السلمّية«‪.‬‬
‫ويضيف المنشور السوداني بأن ختان الناث »تمارسه شعوب كثيرة من مختلققف الديققان والمعتقققدات ليققس بينهققا‬
‫ل السودان ومصر والصومال«‪ .‬وهذا القول الخير بحد ذاته غير صققحيح كمققا رأينققا فققي‬ ‫من الشعوب السلمّية إ ّ‬
‫القسم الّول‪.‬‬

‫ويقول كتاب »الممارسات التقليدّية« إن سبب ختان الناث هو‬


‫»العتقاد بأن الختان مستحب دينّيا‪ .‬وقد أوضحت الدراسات المختلفة أن عملّية ختان الناث ليس لها‬
‫سند ديني حيث نجد أن‪:‬‬
‫‪ -‬العملّية تجرى في مصر على المسلمين والمسيحّيين على حد سواء‪.‬‬
‫أنظر الملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.212-211‬‬ ‫‪2‬‬

‫عويس‪ :‬ختان النثى‪ ،‬ص ‪.13-12‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ -‬الوجود التاريخي لهذه العملّية يسبق مجيء السلم والمسيحّية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬أن العملّية ل تجرى في بلد إسلمّية مثل السعودّية وإيران والعراق وغيرها« ‪.‬‬

‫وتقول نوال السعداوي‪:‬‬


‫»بعض الناس يعتقدون أن ختان البنت جاء مع السلم‪ .‬وهقذا إعتقققاد خقاطئ لن ختققان البنقات كقان‬
‫موجودًا َقبل ظهور الدين السلمي ]‪ .[...‬إن ختان البنات ليست عادة إسلمّية‪ ،‬ول علقة لها بالدين‪.‬‬
‫فهي عرفت في مجتمعات متباينة الديان‪ ،‬وعرفت في الشرق وفي الغققرب‪ .‬فققي مجتمعققات مسققيحّية‬
‫وفي مجتمعات إسلمّية وفي مجتمعات لدينّية«‪.2‬‬

‫ويقول محّمد رمضان‪:‬‬


‫»أصبح موضوع ختان أو خفض البنات يتعّرض لخلط شديد وإّدعاء على الطب دون توثيق أو دليققل‬
‫علمي‪ .‬كما أصبح ميدانًا للتشّدد حّتى رفع البعض أن ختان البنات شعار السلم يقاتل تاركوه‪ ،‬وكققأن‬
‫السلم العظيم أصبحت هذه الجلدة من أركانه‪ .‬وهذا الضققجيج الحققالي عنققدنا حققول ختققان البنققات ل‬
‫جة أو أن هناك مشكلة في بلد الشام أو في السققعودّية وغيرهققا مققن بلد المسققلمين‪،‬‬ ‫نسمع منه أّية ض ّ‬
‫حيث قد إنتهت تقريبًا هذه العادة منذ مّدة طويلة‪ ،‬دون قانون أو وجود مؤامرة وراءه‪ ،‬ولققم يّتهققم أحققد‬
‫نساء المسلمين هناك بالفجور والنحراف«‪.3‬‬

‫جار‪:‬‬‫ويقول الشيخ عبد الرحمن الن ّ‬


‫سّنة ملزمة‪ .‬وهذا هو السبب في أننا نجد أن العديد مققن البلققدان‬
‫»ليس هناك ما يجعل من ختان البنات ُ‬
‫السلمّية التي تطّبق الشريعة السلمّية بصرامة ل تجري عملّيققات الختققان للبنققات‪ ،‬مثققل السققعودّية‬
‫والعراق وإيران وسوريا وليبيا والمغرب«‪.4‬‬

‫جقة‬ ‫وكما رفض معارضو ختان الناث الستناد على الُعرف لباحة ختان النقاث‪ ،‬رفقض مؤّيقدو ختقان النقاث ح ّ‬
‫جقة ل تصققلح أن‬ ‫عدم ممارسة ختان الناث في بعض الدول السلمّية للنتقاص منه‪ .‬فالسقّكري يققرى أن هققذه الح ّ‬
‫ل شرعّيا يفيد الحرمة أو الكراهة لنه ل يتوّقف ثبوت الحكام الشرعّية على عرف أو عادة بلد معّين أّيققا‬ ‫تكون دلي ً‬
‫‪5‬‬
‫كان موقعه ‪ .‬ويضيف طه‪:‬‬
‫حكم الشرعي متى ثبت يظل ساري المفعول إلقى أن تققوم السقاعة‪ .‬وهقذه هقي السقمة الممّيقزة‬ ‫»إن ال ُ‬
‫للشريعة السلمّية عن غيرها من التشققريعات الخققرى‪ ،‬ول يلغققي أحكامهققا أي عققرف أو عققادة بلققد‬
‫معّين أّيا كانت صدارته للسلم‪ .‬وما يؤّيقد قولنقا هقذا الفتقاوى العديقدة الصقادرة عقن اللجنقة الدائمقة‬
‫للبحوث والفتاء بالمملكة العربّية السعودّية إذ عّبرت عقن إققرار الشقريعة السقلمّية لختقان النققاث‬
‫سّنة‪.‬‬
‫وبكونه ُ‬
‫ولدينا المثلة العديدة على تجاهل أهل السلم لبعض الحكام الشرعّية‪ ،‬ومع ذلك لم يقل أحققد بإلغققاء‬
‫ل لبس الذهب حرام على الرجال من المسققلمين‪ ،‬وأغلبهققم اليققوم يلبققس دبلققة أو خققاتم‬
‫هذه الحكام فمث ً‬
‫ل إسققتنادًا إلققى أن أهققل السققلم‬ ‫ذهب فهل يقال الن إن لبس الذهب للرجال من المسلمين أصبح حل ً‬
‫يلبسونه اليوم‪ .‬ومن المثلة أيضًا خروج غالبّية النساء المسلمات اليوم متبّرجات فهل هذا التبّرج يعققد‬
‫حكم الشرعي القاضي بعدم الخروج بهذا الشكل؟ بالطبع ل يوجد من يقول هذا«‪.6‬‬ ‫مباحًا وملغيًا لل ُ‬

‫ويقول السّيد‪:‬‬
‫ل أن الشقعوب‬
‫»يقال عن الختان‪ :‬إن معظم الشعوب السلمّية ل تعرف عنهققا شققيئًا!! ولنفققرض جقد ً‬
‫السلمّية ل تمارسها‪ ،‬والواقع يكّذب هذا الفققتراض‪ ،‬هققل الصقل التشقريع النبقوي وفعققل الصقحب‬

‫الممارسات التقليدّية‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬ص ‪72-71‬؛ أنظر أيضًا السعداوي‪ ،‬حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪3‬‬

‫جار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪10‬؛ أنظر أيضًا رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪48‬؛ رزق‪ :‬نحو إستراتيجية‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫الن ّ‬ ‫‪4‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪5‬‬

‫طه‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪217‬‬
‫الكرام وكلم أهل العلم أم فعل أهل السلم؟! إن الذهب حرام علققى الرجققال مققن المسققلمين وأغلبهققم‬
‫اليوم يلبسون دبلة خاتم الذهب‪ .‬فهل يقال‪ :‬إنققه حلل فققي زماننققا‪ ،‬لن أهققل السققلم يلبسققونه؟! وكققل‬
‫مسلمة تعلم حرمة السفور وإبداء العورات‪ .‬مع ذلك أنظر إلى الطرقات‪ .‬فهل معنى ذلك إباحة التبّرج‬
‫لن المسلمات فيهن غالبّية من المتبّرجات؟ إن هقذا المنطقق غريقب وعجيقب فقي آن واحقد‪ .‬إن ذلقك‬
‫ليذّكرني بما أورده أبو شامة في الباعث‪ .‬يقول عبد ال بن إسحاق الجعفري‪ :‬كان عبد ال بققن الحسققن‬
‫سَنن‪ .‬فقال رجل كان في المجلس‪ :‬ليس العمل على هذا‪ .‬فقال‬ ‫يكثر الجلوس إلى ربيعة‪ .‬فتذاكرا يومًا ال ُ‬
‫سقّنة؟! فقققال‬
‫جققة علققى ال ُ‬
‫عبد ال بن الحسن‪ :‬أرأيت إن كثر الجّهال حّتى يكونققوا هققم الحّكققام‪ ،‬فهققم الح ّ‬
‫ربيعة‪ :‬أشهد أن هذا الكلم أبناء النبياء‪ .‬وما أشبه الليلة بالبارحة«‪.1‬‬

‫وردًا على من يقولون إن ختان النثى كانت عادة موجودة في الجاهلّية‪ ،‬تقول نور السّيد راشد‪:‬‬
‫»نعم أنا أّتفق معكم في ذلك‪ .‬ولكن هل هذه هي العادة الوحيدة التي كانت توجد َقبل السلم ثققم أقّرهققا‬
‫السلم؟ ل‪ ،‬فقد كانت توجد عادات كثيرة َقبل السلم ]‪ [...‬فجققاء الرسققول الكريققم برسققالة ال ق إلققى‬
‫البشر وأحل الطّيب من هذه العادات وحّرم الخبيث منها‪ .‬فكون الختان موجودًا َقبل السلم ليس سندًا‬
‫حة أجيال وأجيال من الناث«‪.2‬‬ ‫لن يّتخذه البعض نقطة ضعف يهدم بها ص ّ‬

‫‪ (6‬ربط الوجوب والمنع بالفائدة والضرر‬


‫ل إذا كققان هنققاك سققبب شققرعي‪ .‬وإذ يعققترف الفقهققاء القققدامى أن‬
‫تحّرم الشريعة السلمّية إلحاق الضرر بققالغير إ ّ‬
‫ل أنهم إعتبروا ذلك مباحًا شرعًا‪.‬‬
‫ختان الذكر والنثى هو في حقيقته قطع عضو سليم وإدخال ألم‪ ،‬إ ّ‬

‫حية والنفسّية أخذ أهّميققة قصققوى‪ .‬ولكققن‬ ‫أّما في عصرنا فإن الجدل حول فوائد ومضار ختان الذكور والناث الص ّ‬
‫النقطة الساسّية في كل كتابات المسلمين التي تتعّرض لفوائد ومضققار ختققان الققذكور والنققاث تبقققى التأكيققد علققى‬
‫وجود أو عدم وجود مصدر شرعي‪ .‬ولن ندخل فققي المعطيققات الطّبيققة حققول الفققوائد والمضققار الققتي نتركهققا إلققى‬
‫الجزء القادم‪ .‬فقصدنا هنا هو معرفة مدى إمكانّية الرتكاز على عنصر الفائدة أو الضرر في المنظور الديني‪.‬‬

‫أ( ل جدل حول مضار ختان الذكور‬

‫تبّنى المسلمون موقفًا من ختان الذكور يختلقف عقن مقوقفهم مقن ختقان النققاث لن الحجقج الدينّيققة لختققان النقاث‬
‫أضعف من الحجج الدينّية لختان الذكور‪ .‬وإن تكّلم المؤّلفون المسلمون عن ختققان الققذكور فكلمهققم لققدعم الموقققف‬
‫الديني‪ .‬فالكثرّية الساحقة من المسلمين ل تناقض ختان الققذكور‪ .‬فهقو أمقر مفقروغ منقه عنققد مؤّيقدي ومعارضقي‬
‫ل عدد قليل من المسلمين عرضنا بعضًا من أفكارهم‪.‬‬ ‫ختان الناث على السواء‪ .‬ول يشذ إ ّ‬

‫يقول السّكري أن في عصرنا‬


‫»الغالبّية تقوم باختتان أبنائها من الذكور لما في ذلك من المصلحة الظققاهرة كوقايققة الطفققل المختققون‬
‫من أمراض خطيرة لنه بقطع الغلفة يتخّلص الشخص من المفرزات الدهنّية ومن السققيلن الشققحمي‬
‫صققة فققي‬
‫ذي الرائحة الكريهة‪ .‬وختان الذكر ل شك في أنه يقّلل الصابة بالسرطان‪ .‬وهققذا الختققان خا ّ‬
‫البلد العربّية والسلمّية ل يزال حّتى الن يختن الناس أولدهم لما فيه من الفوائد الظاهرة«‪.3‬‬

‫ويقول مجدي فتحي السّيد‪:‬‬


‫ل وشققرفًا‪.‬‬‫سَنن نبّينا )ص(‪ ،‬ومن هدى أبينا إبراهيم عليققه السققلم‪ ،‬وكفانققا بهققذا فضق ً‬ ‫»الختان هو من ُ‬
‫ولكن دائمًا إلى أن تقوم الساعة تتوافق النصوص الشرعّية الصحيحة مع الخبار العلمّيققة الصققريحة‪.‬‬
‫ومن بين هذه الموافقات‪ :‬أمر الختان بيققن الشققرع والطققب‪ ،‬فنجققد أن العلمققاء الققذين يعملققون فققي هققذا‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.65-64‬‬ ‫‪1‬‬

‫الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪218‬‬
‫الجزء من أعضاء النسان‪ ،‬يقّرون أن للختان الكثير من الفوائد‪ ،‬هذا مع أن أغلب هؤلء العلماء مققن‬
‫غير المسلمين‪ ،‬وكأن القول القرآني ينادي علينا‪» :‬وشهد شاهد من أهلها« )يوسف ‪.1(26:12‬‬

‫وصاحبنا يذكر عشرة فوائد لختان الذكور إعتمادًا على الرأي العلمي المؤّيد لموقفه دون الشققارة إلققى وجققود رأي‬
‫مخالف‪ .‬ولنا عودة إلى الحجج الطّبية بخصوص ختان الذكور عنققد الكّتققاب المسققلمين فققي الجققزء القققادم‪ .‬وسققوف‬
‫نعرض الن مدى إمكانّية ربط ختان الناث بالفائدة أو الضرر‪ .‬فقد إنقسم المسلمون بين مؤّيدين ومانعين ومبيحين‬
‫بسبب عدم وضوح النصوص الدينّية‪.‬‬

‫ب( موقف مؤّيدي ختان الناث‬

‫أوامر ال ل مضّرة فيها‬

‫رأينا سابقًا كيف أن مجدي فتحي السّيد يرّوج لختان الذكور‪ .‬وهو يمد هذا الترويج إلققى ختققان النققاث‪ .‬ففققي كققتّيب‬
‫عن ختان الناث يقول‪:‬‬
‫»دائمًا ما تتوافق النصوص الشرعّية الصحيحة مع الخبار العلمّية الصريحة‪ ،‬ومققن هققذه الموافقققات‬
‫صصوا فققي هققذا البققاب مقن أعضقاء‬ ‫أمر ختان النساء بين الشرع والطّباء‪ .‬فنجد أن العلماء الذين تخ ّ‬
‫النسان‪ ،‬يقّرون أن للختان الكثير من الفوائد‪ ،‬هذا مع أن الجزء الكبر مققن هققؤلء العلمققاء مققن غيققر‬
‫أهل السلم‪ .‬وكأن الية القرآنّية تنادي علينا‪» :‬وشهد شاهد من أهلها« )يوسف ‪.2(26:12‬‬

‫جه هذا المؤّلف سهامه لمعارضي ختان النققاث‬ ‫وبعد أن إستشهد بالعلماء غير المسلمين )دون ذكر أي مرجع(‪ ،‬يو ّ‬
‫بين المسلمين‪:‬‬
‫»تتعالى الصيحات من أفواه أنصققاف المتعّلميققن‪ ،‬وبعققض المتشقّدقين مققن أهققل الطققب بإيقققاف ختققان‬
‫النساء والتحذير من عواقبه ]‪ .[...‬وهققذه بعققض الشققبهات نققرد عليهققا‪ .‬وهققي فققي حقيقتهققا أباطيققل أو‬
‫خرافات‪ .‬قال بعض الطّباء‪» :‬إن عملّيققة ختققان النققاث عققادة وحشقّية تمَتهققن كرامققة النققثى جسققدّيا‬
‫ونفسّيا‪ .‬كذا قال‪ ،‬وكأن الرسول )ص( وافق على إيقاع الضققرر بجميققع نسققاء الّمققة لنققه أقققر ختققان‬
‫النساء‪ .‬وكأن الصحابة‪ ،‬ومعهم كل التابعين كانوا يمتهنون كرامة النساء لنهققم كققانوا يققّرون الختققان‬
‫للنساء!! وكأن الئّمة الربعة ومعهم باقي السلف والخلف إختلفوا ما بين الموجب والمستحب لختققان‬
‫الناث لنهم يتعبون النثى نفسّيا!! إن هذا لهو الخطل بعينه‪ ،‬والجراءة على الفتيققا والنققار‪ .‬ألققم يقققف‬
‫أحد من الّمة سلفًا أو خلفًا كان وقال هذه المقالة نصحًا للّمة وتبرئة للذمة؟!! ألم َيقَر أحققد مققن الّمققة‬
‫سلفًا كان أو خلفًا هذه الوحشّية حّتى ينكرها أم أنهم أغمضوا جميعقًا باّتفققاق بينهققم علققى مققدى خمسققة‬
‫عشر قرنًا!!«‪.3‬‬

‫ويقول السّكري في نفس المعنى‪:‬‬


‫»لم يصدر عن رسول ال )ص( على وجه الطلق ل تصريحًا ول تلميحًا من قريب أو بعيد ما يدل‬
‫جة أن فيه أضققرار تلحققق بققالبنت‪.‬‬
‫على كراهة ختان الناث‪ .‬فكيف يسوغ للبشر العادي أن يحّرمه بح ّ‬
‫ل أن يسكت رسقول الق علقى منكقر أو ضقرر يهقّدد الفتقاة؟ إن الطعقن فقي خفقاض‬ ‫وهل يتصّور عق ً‬
‫‪4‬‬
‫الناث طعن ل محل له من العقل والشرع« ‪.‬‬

‫ل تثقبيت تلقك‬ ‫والدكتور المصري الغّوابي يحاول دعم ختان النقاث معتمقدًا فقي ذلقك علقى أحقاديث النقبي ومحقاو ً‬
‫الحاديث بالطب‪ ،‬ناعتًا النبي بق»الطبيب العظم«‪ .5‬وفي نفس مقاله يناقش الغّوابي موضوع خققارج عققن الختققان‪،‬‬
‫وهو معجزة خروج المياه وتدّفقها من يد النبي محّمد‪ .‬وكانت هذه المعجققزة قققد أثققارت إسققتعجاب واسققتنكار مجّلققة‬

‫مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪.11-10‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.63-61‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪4‬‬

‫الغّوابي‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪219‬‬
‫»الدكتور«‪ .‬يقول الغّوابي أنه ل يسققتطيع أن يسققكت علققى الققرد علققى هققذا المققر لن فققي سققكوته »إثمقًا كققبيرًا«‪.‬‬
‫ويضيف‪:‬‬
‫جر الماء من يد محّمد رسققوله‬ ‫جر الماء من الصم الجلميد أيعجزه أن يف ّ‬ ‫»عجبًا‪ .‬ال جل جلله الذي ف ّ‬
‫المين‪ ،‬فيستقي ويسقي جيشه؟ وال سبحانه الذي جعل موسى يضرب بعصاه الحجر فانبجسققت منققه‬
‫إثنتا عشر عينًا‪ ،‬قد علم كل أناس مشربهم‪ ،‬فاستقوا وحمدوا ال على نعمائه‪ ،‬أل يستطيع )حاشققا القق(‬
‫أن يخرج عينًا واحدة من بين أصابع محّمد )ص(«‪.1‬‬

‫وموقف المسلمين هذا ل يختلف عن موقف بعض الوساط الصولّية المسيحّية التي تقرأ الكتب المقّدسققة اليهودّيققة‬
‫قراءة حرفّية‪ .‬وقد سبق أن عرضنا موقفهم في القسم الثاني من هذا الجزء‪ .‬وقد إستلمت في سققبتمبر ‪ 1994‬رسققالة‬
‫ل يقّدعي أن الختققان‬ ‫من الستاذ »شيمون جليك«‪ ،‬رئيس قسم التعليم الطّبي في »جامعة بنغوريققون« تضقّمنت مقققا ً‬
‫يحمي من مرض اليدز‪ .‬وقد أضاف هذا الستاذ اليهودي إلى المقال ورقة كتب عليها بالنكليزّيققة العبقارة التاليقة‪:‬‬
‫»إذا أمر ال عمل شيء فل يمكن لهذا العمل أن يكون مضّرا«‪.‬‬

‫حكمة ال ل يدركها العقل والعبرة للشرع َقبل العلم‬


‫ِ‬

‫يقول القرآن بأن ال »ل يسأل عّما يفعل وهم يسققألون« )النبيققاء ‪ .(23:21‬وقققديمًا إقققترح المققام جعفققر الصققادق‬
‫ترديد دعاء خاص عند ختان الصبي‪:‬‬
‫سّنة نبّيك صّلى ال عليه وآله وإّتباع مّنا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لمر أردته‬ ‫سّنتك و ُ‬
‫»اللهم هذه ُ‬
‫وقضاء حّتمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختقانه وحجقامته لمقر أنقت أعقرف بقه مّنقي‪ ،‬اللهقم‬
‫فطّهره من الذنوب وزد في عمره وادفع الفات عن بدنه والوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع‬
‫عنه الفقر فإنك تعلم ول نعلم«‪.2‬‬

‫يقول السّيد‪ ،‬تأييدًا لختان الناث‪:‬‬


‫»إن ال تبارك وتعالى إّنما يشّرع لعباده ما فيه مصلحتهم وخيرهم لققو كققانوا يعلمققون‪ .‬وقققد ل تظهققر‬
‫ل سققمعنا‬
‫حكمة الرّبانّية مققن المققر التكليفققي أمققام المسققلم والمسققلمة‪ .‬وعنققد ذلققك ل يكققون قولهمققا إ ّ‬
‫ال ِ‬
‫حكم الرّبانّية فققي مسققألة‬
‫ل ما عّلمتنا‪ ،‬فأنت العليم الحكيم‪ .‬كيف وقد ظهرت ال ِ‬ ‫وأطعنا‪ .‬رّبنا ل علم لنا إ ّ‬
‫‪3‬‬
‫الختان‪ ،‬وهي واضحة وضوح الشمس أمام من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد« ‪.‬‬

‫جه لختان الناث‪:‬‬


‫وبنفس المنطق يرفض السّكري النقد المو ّ‬
‫سّنة المطّهققرة‪ .‬وإذًا‬
‫ل غير ملتزم بهذه ال ُ‬
‫سّنة رسول ال )ص( ل يماري فيه إ ّ‬ ‫»إن ختان الناث ثابت ب ُ‬
‫فل داعي لمثل هذا النقد وذلك الهجوم‪ .‬والصواب في العودة إلققى الحققق‪ ،‬والعققودة بأسققباب الضققرار‬
‫التي تنجم عنه في عصرنا الحاضر إلى المسّببات الحقيقّية لها‪ .‬وليس من الحق ول الصواب أن يقّلققد‬
‫المسلمون غيرهم من ملل الكفر في عدم ختققان بنققاتهم‪ .‬فختققانهن وصقّية رسققول الق )ص(‪ ،‬وهققي ل‬
‫حكمة بالغة سواء علمت لنا أو لم تعلم‪ ،‬ونحن مأمورون بإّتباعه )ص( في كققل مققا‬ ‫ل عن ِ‬‫تصدر منه إ ّ‬
‫‪4‬‬
‫ارشد إليه أو أمر به أو نهى عنه« ‪.‬‬

‫حكم الشرعي؟« فيجيب‪:‬‬ ‫حكم إذا تعارض رأي العلم مع ال ُ‬ ‫ويتساءل الدكتور محمود أحمد طه »ما ال ُ‬
‫حكم الشققرعي ولقو تعققارض مققع رأي العلققم وأساسققنا فققي ذلققك ]‪ [...‬أن اللققتزام‬‫»نقول إن العبرة بال ُ‬
‫حكققم الشققرعي‬‫حكمققة مققن إقققرار ال ُ‬
‫حكم الشرعي في حد ذاته طاعة ل عز وجل ولو لم يظهر لنا ال ِ‬ ‫بال ُ‬
‫حكم الشققرعي‬ ‫هذا‪ .‬ولنا في تقبيل الحجر السود وفي رجم الجمرات أكبر دليل على ضرورة طاعة ال ُ‬
‫حكمة من ذلك‪ .‬وهذه قمة العبودّية والطاعة ل عز وجل‪.‬‬ ‫مهما غمض علينا ال ِ‬

‫الغّوابي‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪.63-62‬‬ ‫‪1‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.169‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.108‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪220‬‬
‫حكم الشرعي‪ ،‬وأنه إذا كان هناك ثمة تعارض فققإن ذلققك‬ ‫ل عن أن العلم ل يتصّور أن يعارض ال ُ‬ ‫فض ً‬
‫حكم الشرعي‪ .‬فختان النققاث يسققتند إلققى‬ ‫يعود إلى وجود خطأ في الرأي العلمي وليس إلى خطأ في ال ُ‬
‫الحاديث النبوّية الشريفة‪ ،‬والرسول عليقه أفضقل الصققلة والسققلم ل ينطقق عقن الهقوى إن هقو إ ّ‬
‫ل‬
‫وحي يوحى‪ ،‬ومن ثم فإن إقراره لختان الناث ل بقد أنقه ينطقوي علقى فقوائد‪ .‬ولقو عجقز العلقم عقن‬
‫إثباتها اليوم فسوف يأتي الوقت الذي يثبت فيه العلم ما عجز عن إثباته اليوم من ترتيب فققوائد عديققدة‬
‫للختان‪ .‬كما أثبت العلم بالفعل أن لختان الذكور فوائد عديدة كانت غائبققة عققن العلمققاء مققن َقبققل‪ .‬وهققا‬
‫نحن الن نرى تغّير في موقف المعارضين لختان الذكور غير المسلمين فأصبحوا يؤّيققدونه وأصققبح‬
‫الختان مطّبق بالنسبة للذكور في شّتى بقاع العالم ]‪ .[...‬فالرسول عليه أفضققل الصققلة والسققلم جققاء‬
‫رحمة للعالمين‪ ،‬ومن جاء رحمة للعالمين ل يتصّور أن يأمرنا بما فيه ضرر لنا«‪.1‬‬

‫وفي مكان آخر يقول بأنه‬


‫حية عظيمة لختان النثى‪ ،‬ويقيننا هذا نابع مققن‬‫»على يقين من أن العلم سوف يثبت بإذن ال فوائد ص ّ‬
‫حكمة فهو عليه أفضققل الصققلة والسققلم ل‬ ‫كون الرسول الكريم عندما أمرنا بختان الناث كان ذلك ل ِ‬
‫ل وحي يوحى«‪.2‬‬ ‫ينطق عن الهوى إن هو إ ّ‬

‫ويقول محّمد البّنا‪:‬‬


‫»إن ال جعل الشريعة السلمّية خاتمة الشققرائع وصققالحة لكققل زمققان‪ .‬فل يصققل عقققل بشققري إلققى‬
‫نقص تعاليمها ول إلى هدم مبادئها التي ترّكزت في أصل القواعد البشرّية المسّلم بها بداهة‪ .‬فقققد قققال‬
‫عليه الصلة والسلم‪ :‬الفطرة خمس‪ ،‬أو خمس من الفطققرة‪ ،‬منهققا الختققان‪ ،‬وفققي روايققة‪ :‬عشققرة مققن‬
‫الفطرة ومنها الختان ]‪ [...‬إن الختان فطرة‪ .‬فهو مبدأ كّلي عام أّيدته السماء‪ ،‬وزّكاه فعل النبّوة الّول‪،‬‬
‫فل عدول عنه )وال واهب العقل هو المشّرع( إلى ما يترّكز بالملحظة دون إمعققان‪ .‬ول يفققوتني أن‬
‫أقول‪ :‬إن الحقيقة الكونّية أصل يبنى البحث على صدق ما يتعّلق بها‪ .‬ل أن البحث يقوم على نقضققها‪.‬‬
‫ل يصل إلى المبادئ اللهّية‬ ‫فالخالق لم يخلق عبثًا ولم يشّرع عبثًا‪ .‬والقصور بنا أولى حّتى نوهب عق ً‬
‫المسّلم بها فطرة«‪.3‬‬

‫ويقول يحيى إسماعيل‪ ،‬المين العام لجبهة علماء الزهر‪ ،‬أن ختان الناث‬
‫»قضّية دينّية القول فيها لعلماء الشرع وفقهاء الدين أّول وكلم غيرهققم فيهققا يققأتي بعققد كلمهققم‪ ،‬ول‬
‫ل ما كان بضوابط هذا الشرع متقّيدا«‪.4‬‬ ‫ُيقبل منهم إ ّ‬

‫إنكار أضرار ختان الناث وإرجاعها إلى أسلوب الختان‬

‫يرى السّكري أن الضرار التي يتعّلل بها معارضو ختان الناث هي أضرار مزعومة وليس حقيقّية وبرهان ذلققك‬
‫أن‬
‫»ختان الرجال وخفاض النساء كانت عملّية تجرى على قدم وساق منذ مئات السنين وحّتى عشققرات‬
‫السنين الماضية‪ .‬وقد خفضققت أّمهاتنققا وجقّداتهن وهكققذا تصققاعدًا إلققى مققا شققاء الق ولققم تحققدث تلققك‬
‫الضرار المّدعاة وما أدري ماذا يقول المعترضون على ذلك؟ بل كانت حياة هققؤلء النققاس مسققتقّرة‬
‫تنمو على طهارة وتترّبع على عّفة ورزقهم ال الولد وعاشوا حياتهم في ود وإخاء وأّدوا رسالتهم في‬
‫الحياة على ما ينبغي أن يكون«‪.5‬‬

‫ولكن ل مجال لنكار أن هناك أضرارًا لختان الناث وأن الخوف من هذه الضرار هو سبب تققرك الهققل لختققان‬
‫بناتهم‪ .‬فالسّكري يقول‪» :‬إنه من المؤسف حقًا أن أغلبّية الفتيات الن غير مختونات وذلققك أن أوليققاء أمققورهن قققد‬

‫طه‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.73-72‬‬ ‫‪1‬‬

‫طه‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪2‬‬

‫البّنا‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪3‬‬

‫إسماعيل‪ :‬تعقيب مشفوع بعتاب‪ ،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪4‬‬

‫السّكري ص ‪ .41-40‬أنظر أيضًا ص ‪.35‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪221‬‬
‫تركوا خفاضهن أخذًا بما عليه الغرب من عدم ختان الناث متعّللين بالخوف من الضرار التي تنجم عنه«‪ .1‬وهققو‬
‫يرد على هذا الخوف بأن الناس هم السبب الرئيسي لهذه الضرار‬
‫»لنهم يستجلبون من ل خبرة لهن ول دراية في خفض البنات إقتصققادًا فققي النفقققات ويضقّنون علققى‬
‫صصققين الققذين يسققتطيعون إجققراء هققذا النققوع مققن العملّيققات إجققراءًا صققحيحًا‬
‫بناتهم بالطّبققاء المتخ ّ‬
‫‪2‬‬
‫مستخدمين أحدث المكانّيات العلمّية‪ .‬وهذا ل شك أنه ل خوف منه لنه يقوم على أساس علمي« ‪.‬‬

‫وبعد أن إستعرض السّكري الضرار النفسّية والطّبيققة الققتي يعتمققد عليهققا معارضققو ختقان النققاث‪ ،‬يؤّكققد أن هقذه‬
‫الضرار ليست في الختان بل في أسلوب إجرائه‪:‬‬
‫»إن ختان الرجال وخفاض النساء هو من شعار السلم وتكريمه لبنققائه‪ .‬وعلينققا أن نحسققن إرجققاع‬
‫ل فل يمكن لعاقل أن يجعل من أخطاء الناس أساس قًا لتحريققم شققيء‬ ‫المسّببات إلى أسبابها الحقيقّية‪ .‬وإ ّ‬
‫‪3‬‬
‫أو حّله‪ .‬فالحلل ما أحّله ال‪ ،‬والحرام ما حّرمه ال تعالى في كتابه أو على لسان رسوله )ص( ‪.‬‬

‫ويقول محّمد إبراهيم سالم أن الختان الذي تسمح به الشريعة هو إزالقة الجقزء البقارز فقققط وإبقققاء الجققزء الكققامن‪.‬‬
‫ل في النوثة‪ ،‬وصيانة في الخلق‪ ،‬ومناعة فقي العّفقة والشقرف‪ ،‬مقع البققاء‬ ‫حة في الجسم‪ ،‬وجما ً‬
‫وهذا »يكسبها ص ّ‬
‫‪4‬‬
‫على الحساسّية الجنسّية بالقدر المناسب الذي ل شطط فيه« ‪ .‬ويضيف‪:‬‬
‫»ل وجه لعتراض بعض الطّباء في ختان البنققات بالطريقققة الشققرعّية ول مققبّرر لقققتراحهم منعققه‬
‫منعًا مطلقًا‪ .‬ولّعل إعتراضهم منصب على ما تخّيلوه مققن أن ختققان البنققات يجققري كّلققه علققى طريقققة‬
‫الجهلة من أهل الريف‪ ،‬أو بالطريقة الوحشّية المّتبعة في بعض مناطق السودان«‪.5‬‬

‫ج( موقف معارضي ختان الناث‬

‫‪-‬ختان الناث ضار بينما ختان الذكور نافع‬

‫يبققدأ معارضققو ختققان النققاث بالتأكيققد علققى أنققه ل يوجققد أسققاس شققرعي لختققان النققاث‪ .‬فالمنشققوران المصققري‬
‫والسوداني ضد ختان الناث يؤّكدان في بدايتهما على عدم وجود مصققدر دينققي يقأمر بختقان النقاث‪ .‬ثقم يضقيفان‬
‫صين في الفصل السابق(‪.‬‬ ‫عنصر الضرر )أنظر الن ّ‬

‫هذان المنشوران ل يذكران بتاتًا ختان الذكور‪ .‬ل بل هناك محاولة من ِقَبل معارضققي ختققان النققاث للتفريققق بيققن‬
‫ختان الناث وختان الذكور‪ .‬فهم يرون أن ختان الناث مضر بينما ختان الذكور نافع‪ .‬ففي كتاب عنوانه »قراءات‬
‫في الزواج« صادر عن جمعّية تنظيم السرة بالقاهرة‪ ،‬وهي الجمعّية التي توّزع المنشور المصقري‪ ،‬يبققدأ الفصققل‬
‫عن الختان كما يلي‪:‬‬
‫»ختان الولد شيء وختان البنت شيء آخر مختلف تمامًا‪ .‬فختان الذكور نظافققة وإزالققة لجققزء زائد ل‬
‫نفع فيه ووقاية من عّدة أمراض قد يكون من بينها السرطان وقّلما يؤّدي إلى ضققرر مققا دام القققائم بققه‬
‫خبيرًا مدّربا‪ .‬أّما ختان البنت فيمتد لجزاء مسؤولة إلى حد كبير عن تنظيم الحياة الزوجّية والتقريب‬
‫بين الزوجين‪ ،‬وإعطاء المرأة حقًا طبيعّيا في التمّتع بالحياة الزوجّية«‪.6‬‬

‫ويقول الدكتور محّمد رمضان عن ختان الناث‪:‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّكري ص ‪.40‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالم‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪4‬‬

‫سالم‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪5‬‬

‫السرجاني‪ :‬قراءات في الزواج‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪222‬‬
‫»حديثنا هنا يقتصر على ختان الناث‪ ،‬حيث إن ختان الذكور له سبب شققرعي هققو السققتنجاء مققن البققول‪ ،‬وحيققث‬
‫جاءت به الدّلة القوّية‪ ،‬وهو في ذلك أمر مختلف عن ختان الناث‪ ،‬وأقوال الفقهاء فيه تقبققل المراجعققة فققي ضققوء‬
‫الدّلة الشرعّية والحقائق العلمّية«‪.7‬‬

‫في غياب المصدر الديني المؤّكد يرجع إلى رأي الطبيب‬

‫سققّنة‬
‫يخضع موقف معارضو الختان لمنطق خاص‪ .‬سؤالهم الّول هو معرفة ما إذا كان هناك نص في القرآن أو ال ُ‬
‫أو إجماع للفقهاء أو قياس حول موضوع الختان‪ .‬وإذا لم يجدوا ذلك‪ ،‬فققإنهم بعققد ذلققك‪ ،‬وفقققط بعققد ذلققك‪ ،‬يققرون أن‬
‫المر يرجع للطبيب‪ .‬وهم في هذا المجال يقّدمون رأي الطققبيب علققى رأي الفقهققاء )فقي حالقة عقدم وجقود إجمقاع‬
‫بينهم(‪ .‬يقول العّوا‪:‬‬
‫حكم الشريعة السلمّية في مسألة ختان النققاث‪ ،‬فإننققا نبحققث فققي القققرآن‬ ‫»إذا أردنا أن نتعّرف على ُ‬
‫سّنة النبوّية ثم الجماع ثققم القيققاس‪ ،‬وقققد نجققد فققي الفقققه مققا يعيننققا فنطمئن بققه إلققى فهمنققا‬
‫الكريم ثم ال ُ‬
‫صة‪ ،‬فنقتركه وشقأنه‬ ‫ونؤّكده‪ ،‬وقد ل نجد فيه ما ينفع في ضوء علم عصرنا وتقّدم المعارف الطّبية خا ّ‬
‫ول نعول على ما هو مدّون في كتبه‪ .‬وقد خل القرآن الكريم من أي نص يتضّمن إشارة من قريب أو‬
‫حكقم شقرعي فيقه‪ ،‬ول قيقاس يمكقن أن ُيقبقل فقي‬ ‫بعيد إلى ختان النقاث‪ ،‬وليقس هنقاك إجمقاع علقى ُ‬
‫شأنه«‪.2‬‬

‫ويضيف العّوا‪:‬‬
‫»ول ُيَعد كلم الفقهاء »شريعة« ول يحتج به على أنه ديقن‪ ،‬بقل يحتقج بقه علقى أنقه فهقم للنصقوص‬
‫الشرعّية‪ ،‬وإنزال لها على الواقع‪ ،‬وهو سبيل إلى فهم أفضل لهققذه النصققوص وكيفّيققة أعمالهققا‪ ،‬لكّنققه‬
‫ليس معصومًا‪ ،‬ويقع في الخطأ كما يقع في الصواب‪ .‬والمجتهد المؤّهققل مققن الفقهققاء مققأجور أجريققن‬
‫حين يصيب‪ ،‬ومأجور أجرًا واحدًا حين يخطئ«‪.3‬‬

‫وفي مقال آخر يقول العّوا‪:‬‬


‫سر ول داعية ول‬ ‫»ما يقوله الطّباء ملزم للناس جميعًا ل يرد عليهم فيه بقول فقيه ول محّدث ول مف ّ‬
‫سقّنة ول فققي الجمققاع دليققل واحققد‬ ‫طالب علم ]‪ .[...‬خلصة هذا المر أنه ليس في القققرآن ول فققي ال ُ‬
‫يؤّيد البقاء على هذه العادة المرذولققة‪ .‬وأن الطققب يققّرر أنهققا ضققاّرة ضققررًا محضقًا بققالمرأة‪ ،‬وأنققه‬
‫ضرر ل يمكن جبره ل سيما النفسي منه‪ ،‬وأن مزاعققم المققبيحين لققه كّلهققا باطلققة طّبيققا‪ .‬فيتعّيققن لققذلك‬
‫ل بقول رسول ال )ص( »ل ضرر ول ضرار«‪.4‬‬ ‫المتناع عن إجرائه إمتثا ً‬

‫وهنا واضح أن العّوا يّتكل في كلمه على كون ختان الناث ل يوجد فيه نص شرعي صريح‪ ،‬وأن ما جاء فيه هو‬
‫ل رسول ال )ص(« ‪ .5‬وقد خطا العّوا خطوة إضافّية معتبرًا أن‬ ‫كلم فقهاء و»كل مخلوق يؤخذ من كلمه ويترك إ ّ‬
‫كلم النبي ل يعمل به دائمًا‪ .‬ففي رّده على يحيى إسماعيل )أنظر الفقرة السابقة(‪ ،‬يقول العّوا‪:‬‬
‫»أنه ليس كل ما ورد في مباحث كتب الفقه والحديث يعققد شققأنًا دينّيققا‪ .‬بققل الكققثير مّمققا ورد فققي هققذه‬
‫المباحث‪ ،‬ل سيما ما ورد في أبواب الطب والغققذاء والكسققاء ل يعققد شققأنًا دينّيقا‪ .‬وفققي الشقؤون غيققر‬
‫الدينّية جاء حديث رسول ال )ص( الصحيح ‪ -‬في مسألة تأبير النخل ‪ -‬للفرق بين أمره للمسلمين فققي‬
‫شؤون الققدين وأمققره لهققم فققي شققؤون الققدنيا‪ .‬وهققو تفريققق بيققن الشققأنين الققديني والققدنيوي بققالنص ل‬
‫حكم له في بعض أفعال العباد أو تصّرفاتهم‪ .‬ولكققن معنققاه أن‬ ‫بالجتهاد‪ .‬وليس معنى ذلك أن الدين ل ُ‬
‫حتها مققا‬
‫حكم الواقع‪ ،‬وأن معرفة الناس بما يصلح شؤون دنياهم يّتبعها الفقيه بص ّ‬ ‫حكم الدين فيها يّتبع ُ‬
‫ُ‬
‫صا صحيحًا صريحًا‪ .‬وأمور الطب الواردة في كتققب الفققه كّلهققا أمققور دنيوّيقة ‪ -‬مقن هققذا‬ ‫لم تخالف ن ّ‬
‫النوع ‪ -‬يطلب رأي الفقيه فيها بعد أن يعرف رأي الطبيب‪ ،‬لن رأي الطبيب هنا يصف الواقع ورأي‬
‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪7‬‬

‫الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.207‬‬ ‫‪4‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.208‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪223‬‬
‫حكم الشققرع‪ .‬فققرأي الفقيقه هنققا يبنققى علققى رأي الطققبيب وليققس العكققس‪.‬‬
‫الفقيه ينزل على هذا الواقع ُ‬
‫‪1‬‬
‫والرأي الطّبي واضح في مسألة ختان الناث ول يحتاج إلى مزيد من بيان« ‪.‬‬

‫وبعد أن أّكد الشيخ السوداني حسن أحمد أبو سبيب أن ل أساس ديني لختان الناث‪ ،‬قال‪:‬‬
‫سققك بالصققلح‬
‫سّنة والقياس والجماع يدعو إلى التم ّ‬ ‫»إن الدين الذي يقوم على مصادر هي القرآن وال ُ‬
‫والنفع ويقول لنا رسوله »أنتم أعلم بشئون دنياكم«‪ .‬ودنيانا اليوم هي دنيا العلم والتققّدم والرققي وققد‬
‫إستخلفنا ال في الرض لعمارتها بالخير«‪.2‬‬

‫ويقول محّمد البّنا‪ ،‬وكيل الوزارة للشئون الدينّية‪:‬‬


‫سّنة تّتبع‪ .‬ومّما ل ريققب فيققه أن مسققألة هققذا شققأنها ل يمكققن أن‬
‫»ليس في الختان خبر يرجع إليه ول ُ‬
‫تكون من الدين بحيث ل تخالفها‪ ،‬لن خلصة ما قيل فيهققا أن العلمققاء لقم يّتفققوا علققى أنهققا مطلوبقة‪.‬‬
‫على أنني افهم أن المر في مثل ذلك ليس من المور التي يكّلفنا ال بها من غير مصلحة فيهققا وأنهققا‬
‫يجب أن تدور مع المصلحة‪ .‬فإن كان في المر نفع تبعناه‪ ،‬وإن لم يكقن فيقه نفقع إجتنبنقاه‪ .‬وفقي مثقل‬
‫هذه الحوال يجب أن نرجع إلى الخبراء الحاذقين وهم الطّباء في مثل هذه المسألة«‪.3‬‬

‫ويقول محّمد سليم إبراهيم‪:‬‬


‫»مققا دامققت المسققألة خلفّيققة‪ ،‬فل حجققز علققى رأي ول مصققادرة لقققول‪ .‬وإّنمققا يكققون هنققاك ترجيققح‬
‫واختيار‪ ،‬وإيثار المصلحة على المفسدة‪ ،‬والمنفعة على المضّرة«‪.4‬‬

‫جار أن رأي الطبيب له إحترامه في الدين‪ .‬فنحن نأخذ به إذا قال أن المرأة الحامقل أو‬‫ويقول الشيخ عبد الرحمن الن ّ‬
‫المرضع ل تصوم شهر رمضان إذا خقافت علقى نفسقها أو علقى جنينهقا أو رضقيعها‪ .‬إنهقا تفطقر شقهر رمضقان‬
‫وتقضي عليها بعد زوال هذا العذر‪ .‬وفي ختان الذكور نحن نأخذ بقول الطّباء الذين يرون ختان الولد بقطع غلفته‬
‫التي تتجّمع تحتها رواسب قد تكون منبتًا خصبًا للجراثيم والتي تؤّدي إلى عفونة‪ .‬وهذا ل يجوز للبنت لن الطّباء‬
‫»لم يقولوا شيئًا عن ضرر يلحق بالبنت من هذا الجزء الزائد في الجهاز التناسلي لها«‪.5‬‬

‫ختان الناث يخالف قاعدة »ل ضرر ول ضرار«‬

‫بعد أن إستنتج أن ل أساس شرعي لختان الناث‪ ،‬يقول شلتوت‪:‬‬


‫حكم الشرع ل يخضع لنص منقول‪ ،‬وإّنما يخضع في الذكر والنققثى لقاعققدة شققرعّية‬ ‫»والذي أراه أن ُ‬
‫‪6‬‬
‫ل لمصالح تعود عليه‪ ،‬وتربو على اللم الذي يلحقه« ‪.‬‬ ‫عاّمة‪ :‬وهي أن إيلم الحي ل يجوز شرعًا إ ّ‬

‫وتعيد علينا الدكتورة رزق قول شلتوت وتقول بما أن الخفض يسّبب آلمًا مبرحة للفتققاة‪ ،‬ويع قّرض حياتهققا لخطققر‬
‫ل غير شققرعي‪ .7‬وسقوف نققرى أن موقققف شققلتوت هققو أن مضققار ختققان‬ ‫أثبته الطب وأّكده العلماء‪ ،‬فإنه يعتبر عم ً‬
‫الناث غير مثبتة ولذا فهو ل يمنع ختان الناث بل يجعله مباحًا‪.‬‬

‫وبعد أن أّكد على عدم وجود أساس ديني لختان الناث‪ ،‬يقول الشيخ السوداني حسن أحمققد أبققو سققبيب‪» :‬إن الققدين‬
‫يحارب كل شيء يتسّبب في تعريض حياة النسان إلى الذى جسيمًا كان أم بسققيطًا فهققو مخلققوق كّرمققه الق علققى‬
‫سائر المخلوقات«‪ .‬ثم يضيف فيما يخص ختان الناث‪» :‬أن هذه العادة دخيلققة علققى السققلم ول تشقّكل فققي نظققر‬
‫السلم أهّمية ولو كانت كذلك لهتم بها الدين السلمي«‪.8‬‬
‫العّوا‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬ص ‪.220-219‬‬ ‫‪1‬‬

‫الملحق ‪ 17‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫البّنا‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.80-79‬‬ ‫‪3‬‬

‫سليم‪ :‬دليل الحيران‪ ،‬ص ‪.8‬‬ ‫‪4‬‬

‫جار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪.6‬‬ ‫الن ّ‬ ‫‪5‬‬

‫الملحق ‪ 8‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫رزق‪ :‬نحو إستراتيجية إعلمية‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪7‬‬

‫الملحق ‪ 17‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪224‬‬
‫ويقول محّمد رمضان أنه لو َقبلنا بأن الختان الذي يتكّلم عنه الفقهاء هو قطع الغلفة دون المساس بالبظر كما يققرى‬
‫البعض‪ ،‬وعلمنا أن الحقائق الطّبية والممارسة العملّية الواقعّية بهذه العادة عند الناس تؤّكد مخالفة هذه الكيفّية حّتى‬
‫على يد الطّباء »أفل نذهب حسب القاعدة الشققرعّية إلقى منعهقا لصقعوبة الجققراء وتحقّرزا مققن حقدوث الضقرر‬
‫المنهى عنه والذي ل يمكن جبره بعد ذلك؟«‪.1‬‬

‫ل مققن المض قّرة‪ .‬يقققول‬‫ونجد عند معارضي ختان الناث محاولة لتبرير الدين‪ ،‬أو قل التعاليم الدينّية‪ ،‬جملة وتفصي ً‬
‫جار‪» :‬بما أنه ثبت أن الختان هو إعتداء ضار على جسم البنت فل يمكن أن يكققون هققذا مققن‬ ‫الشيخ عبد الرحمن الن ّ‬
‫حة الناس أو الخلقّيققات‪ .‬وعلققى‬ ‫سّنة«‪ .2‬ويقول الدكتور ماهر مهران‪» :‬ل يوجد دين يسيء إلى ص ّ‬ ‫أوامر ال أو ال ُ‬
‫‪3‬‬
‫ضوء ما يتيحه ال سبحانه وتعالى لنا من علقم‪ ،‬ل بققد أن نغيقر مواقفنققا فققي ضققوء التققّدم العلمقي فقي المجتمققع« ‪.‬‬
‫ويقول الدكتور محّمد رمضان‪:‬‬
‫»إننا ل ننكر أن هذه العادة القديمة كانت موجودة ومعروفة َقبل السلم في الجزيرة العربّية ومناطق‬
‫صققا لتحريمهقا‪ .‬لكقن نقذهب إلقى أنققه ليقس هنققاك دليققل‬ ‫أخرى من العالم‪ .‬وكذلك ل نقّدعي أن هنققاك ن ّ‬
‫سّنة أو واجب‪ ،‬بل نرى أن ما تسّببه من ضرر وفققوات‬ ‫شرعي يعتد به ‪ -‬ينصح بها أو يشير إلى أنها ُ‬
‫للمنفعة مّما إّتضح أمره علمّيا بعد ذلققك‪ ،‬يخققالف قواعققد ومقاصققد الشققريعة‪ .‬فهققي مققن العققادات الققتي‬
‫تحتاج إلى تهذيب وإلى رأي طّبي بشأنها ضمن إطار القواعد الشرعّية العاّمققة‪ .‬وحققديثنا هنققا يقتصققر‬
‫على ختان الناث‪ ،‬حيث إن ختان الذكور له سبب شرعي هو الستنجاء من البول‪ ،‬وحيث جاءت بققه‬
‫الدّلة القوّية‪ ،‬وهو في ذلك أمر مختلف عن ختققان النققاث‪ ،‬وأقققوال الفقهققاء فيققه تقبققل المراجعققة فققي‬
‫ضوء الدّلة الشرعّية والحقائق العلمّية«‪.4‬‬

‫ل‪ .‬تقول الدكتورة سهام عبققد السققلم بققأنه‬ ‫وهناك من يرد على التعاليم الدينّية المتزّمتة بتعاليم دينّية أخرى أكثر قبو ً‬
‫أمام تزّمت المتدّينين‪ ،‬يجب نشر الوعي بالتفسيرات المستنيرة التي تراعي إّتجاه الدين نحو رفع شققأن المققرأة »مققا‬
‫ل لئيم«‪ ،‬ورفض إيذاء النسان دون مبّرر »ل ضرر ول ضرار«‪» ،‬ول تبديل فققي‬ ‫ل كريم وما أهانهن إ ّ‬ ‫أكرمهن إ ّ‬
‫خلق ال«‪ ،‬والبتعاد عن التفسيرات المتزّمتة التي تنطلق من العداء للمرأة ل من حب الدين‪ .‬لقد رأينا مققا فققي هققذه‬
‫العملّية من أذى‪ ،‬والذى ممنوع دينّيا فقد قال رسول الق )ص( »مقن آذى مسققلمًا فقققد آذانققي ومقن آذانققي فقققد آذى‬
‫ال«‪.5‬‬

‫منع ختان الناث ل يخالف الشريعة السلمّية‬

‫تقول الدكتورة رزق‪:‬‬


‫»إن جميع أحاديث ختان المرأة ضعيفة معلولة مخدوشة ل يصح الحتجاج بها‪ .‬إن ختان الناث لهذا‬
‫حية والنفسقّية تقضقي بقالتخّلي‬
‫كّله أمر متروك لما تفرضه المصلحة‪ .‬فقإذا تقبّين أن العتبقارات الصق ّ‬
‫‪6‬‬
‫عنه‪ ،‬بل بمنعه وتحريمه‪ ،‬فإن هذا المنع ل يتعارض مع أحكام الدين السلمي« ‪.‬‬

‫ويقول أنور أحمد‪:‬‬


‫سّنة النبي أمر يوجبه ولم يجمع الفقهققاء علققى هققذا الوجققوب‪ .‬كققل مققا ورد‬ ‫»لم يرد في القرآن ول في ُ‬
‫حتها أنه َمكُرَمة للنثى‪ ،‬تقتزّين بقه فقي عيقن‬ ‫عنه منسوبًا إلى النبي )ص( من أحاديث مشكوك في ص ّ‬
‫زوجها‪ ،‬على أن تقوم به الخاتنة في رفق شديد‪ ،‬فتكتفي بقطع الجققزء اليسققير البققارز‪ ،‬وتققترك البققاقي‬
‫مرتفع قًا ل يش قّوه الخلقققة ول يميققت الرغبققة‪ .‬إن ختققان النققثى لهققذا كّلققه‪ ،‬أمققر مققتروك لمققا تفرضققه‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪1‬‬

‫جار‪ :‬موقف السلم‪ ،‬ص ‪.10‬‬ ‫الن ّ‬ ‫‪2‬‬

‫حة النجابّية للمرأة‪ ،‬ص ‪.20‬‬


‫مؤتمر الص ّ‬ ‫‪3‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد السلم‪ :‬التشويه الجنسي للناث‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪5‬‬

‫رزق‪ :‬نحو إستراتيجية‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪225‬‬
‫حية والنفسّية تقضي بالتخّلي عنقه بقل بمنعققه وتحريمقه‪ ،‬فققإن‬
‫المصلحة‪ ،‬فإذا تبّين أن العتبارات الص ّ‬
‫هذا المنع ل يتعارض مع أحكام الدين«‪.1‬‬

‫د( موقف المبيحين‪ :‬في غياب النص والضرر يرجع للباحة‬

‫سك بمبدأ عدم المسققاس بسققلمة‬


‫ولكن ما العمل إذا ما تغّيب النص الديني القطعي ولم يثبت الطب الضرر؟ هل نتم ّ‬
‫الجسد أم نترك المر للختيار الشخصي؟‬

‫بعد أن إستنتج أن ل أساس شرعي لختان الناث‪ ،‬يقول شلتوت في فتواه الولى‪:‬‬
‫»الشريعة تقّرر مبدأ عاّما وهو‪ :‬إنه متى ثبت بطريق البحث الدقيق ‪ -‬ل بطريققق الراء الوقتيققة الققتي‬
‫حيا‪ ،‬أو فسقادًا‬‫صة‪ ،‬أو مجاراة لتقاليقد ققوم معّينيقن ‪ -‬أن فقي أمقر مقا ضقررًا صق ّ‬
‫ُتلقى تلبية لنزعة خا ّ‬
‫خلقّيا‪ ،‬وجب شرعًا منع ذلك العمل دفعًا للضرر أو الفساد‪ .‬وإلى أن يثبت ذلك فققي ختققان النققثى فققإن‬
‫المر فيه على ما درج عليه الناس وتعّودوه في ظل الشريعة السققلمّية‪ ،‬وعلققم رجققال الشققريعة مقن‬
‫سّنة«‪.2‬‬
‫عهد النبّوة إلى يومنا هذا‪ ،‬وهو أن ختانها َمكُرَمة‪ ،‬وليس واجبًا ول ُ‬

‫ويقول الشيخ إبراهيم حمروش‪:‬‬


‫»إذا أريد تقرير المنع من ختان المرأة فل بد أن يعلم بطريققق صققحيح أن العلققم يثبققت أن فققي ختانهققا‬
‫إضرارًا بها حّتى يمكن القول بالمنع«‪.3‬‬

‫سّنة وإّنما‬
‫سّنة‪ ،‬وأّما ختان البنات فقيل إنه ليس ُ‬‫وبعد أن قّرر‪» :‬إّتفقت كلمة فقهاء المسلمين على أن ختان الصبيان ُ‬
‫لف‪:‬‬‫سّنة« أضاف عبد الوهاب خ ّ‬ ‫َمكُرَمة للرجال‪ ،‬وقيل أنه ُ‬
‫حكمقًا أجمققع عليققه فقهققاء‬
‫صا في السلم‪ ،‬ول تنققاقض ُ‬ ‫»إن آراء الطّباء في ختان البنات ل تخالف ن ّ‬
‫سعوا دائرة الستقراء‪ ،‬وأن ل يحكموا بأن ختان البنت‬ ‫المسلمين‪ .‬وإّنما الذي يجب على الطّباء أن يو ّ‬
‫حية بين من ختنققت ومقن لققم تختتققن‪ .‬فققإذا‬
‫ضار بناء على حالت فردّية‪ ،‬وأن يقارنوا من الوجهة الص ّ‬
‫صققا‬
‫تّمموا هذا الستقراء وكانت النتيجة أن ختان البنت ضار بها ورأوا منعه فهذا المنع ل يعارض ن ّ‬
‫في الدين‪ ،‬ول إجماعًا من فقهاء المسلمين«‪.4‬‬

‫ويرى عويس‪ ،‬نائب رئيس محكمة النقض المصرّية‪:‬‬


‫صة‬
‫»أن يترك للنثى حق إجراء هذه العملّية بعد بلوغها سن الرشد إحترامًا لدميتها وتقديرًا لها وخا ّ‬
‫أنه لم يثبت رأي علمي يعتد بققه يشققير إلققى أن هنققاك خسققارة أو مققانع طّبققي يحققول دون إجققراء هققذه‬
‫العملّية بعد بلوغ النثى«‪.5‬‬

‫حكم الشرع هو تحريم قطع عضققو‬ ‫حكم الشرع‪ ،‬و ُ‬ ‫ولكن العّوا يرفض موقف المبيحين‪ .‬فهو يقول‪» :‬المطلوب بيان ُ‬
‫من النسان لغير سبب شرعي‪ .‬يدخل في السبب الشرعي إباحققة التطققبيب عنققد وجققود سققببه‪ .‬وأعضققاء الجسققم لققم‬
‫خل في إبقائها وإزالتها«‪ .6‬ويضيف بأنه من الغلط القول بأن‬ ‫تخلق عبثًا ولم يحّدد النسان وظائفها حّتى يباح له التد ّ‬
‫ختان الناث يدخل ضمن الباحققات »فليققس هنققاك حققديث واحققد صققحيح يققبيحه«‪ .‬ول يمكققن إبققاحته علققى أسققاس‬
‫الضرورة الطّبية‪ ،‬لنه ل ضرورة طّبية لقه‪ ،‬ول علقى أسقاس العّفقة‪ ،‬لن ذلقك »يحقرم المقرأة مقن المتعقة الحلل‬
‫ويبغض الزوجين أو المرأة على القل في العلقة الزوجّية التي هي أساس بقاء الجنس البشري‪ ،‬ومظهر هققام مققن‬
‫ل مققن كونهققا ‪ -‬فققي أصققل وضققعها‬‫مظاهر الموّدة الحميمة بين الزوجين‪ ،‬فتصبح مصدر تعاسة وخلف وشقاء بققد ً‬
‫الرّباني وممارستها النسانّية ‪ -‬مصدر سعادة ووفاق وهناء«‪.7‬‬
‫أحمد‪ :‬آراء علماء الدين‪ ،‬ص ‪ .14‬أنظر أيضًا رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.31-30‬‬ ‫‪1‬‬

‫ملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫حمروش‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪3‬‬

‫خلف‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪4‬‬

‫عويس‪ :‬ختان النثى‪ ،‬ص ‪.14‬‬ ‫‪5‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.209‬‬ ‫‪6‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم خاطئة‪ ،‬ص ‪.210‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪226‬‬
‫ويرفض محّمد رمضان »الّدعاء بأن الطب مختلف في فائدة أو ضرر ختان ‪ -‬خفقض النقاث« لنقه »ققول غيققر‬
‫صحيح مطلقًا«‪ .‬فعدم وجود أّية فائدة مقن هققذه العققادة والضققرر المتحّقققق منهققا حقيقققة علمّيققة‪ .‬أّمققا إختلف بعققض‬
‫صصققين فققي علققم الجنققس والتناسققليات ‪ human sexuality‬أو‬ ‫الطّباء‪ ،‬فإن بعضهم‪ ،‬وهم قّلة‪ ،‬ومن غيققر المتخ ّ‬
‫‪1‬‬
‫متأّثرين في نشأتهم بهذه العادة‪ ،‬يذهبون إلى عكس ذلك وتأييد الخفض« ‪.‬‬

‫‪ (7‬السباب الطّبية والنفسّية والجتماعّية الخرى‬


‫هناك أسباب طّبية ونفسّية واجتماعّية أخققرى لهققا صققلة بطريقققة أو بققأخرى بالققدين وراء ختققان الققذكور والنققاث‪.‬‬
‫ونكتفي هنا بذكر أن هناك جدل كبير بين مؤّيدي ومعارضي ختان الذكور والناث حققول علقققة الختقان بالفضققيلة‬
‫واللّذة الجنسّية وسيطرة الرجل على المرأة وأثره على المجتمع‪ .‬وهذه النقاط سوف تكون محل دراسة في الجزأين‬
‫القادمين‪.‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬النتائج المترّتبة على عدم الختان في الشريعة‬


‫‪ (1‬عقاب مخالفة الشريعة‬
‫كما هو المر عند اليهود‪ ،‬يرى رجال الدين المسلمون أن الشريعة هي التي تقّرر ما هو شققر ومققا هققو خيققر وهققي‬
‫التي يجب أن يّتبعها النسان‪ .‬فال هو المشّرع الذي يسن ما يجب على المرء عملققه أو تفققاديه‪ .‬وكمققا عنققد اليهققود‪،‬‬
‫مخالفة الشريعة لها عواقبها في رأي رجال الدين المسلمين‪ .‬فالشيخ الشعراوي يقول فيمن يرفض تطققبيق الشققريعة‬
‫السلمّية‪:‬‬
‫حكم تطبيق منهج ال شيء لعطيت سنة حّرية فيمن يريد أن‬ ‫»وأنا لو لي من المر شيء‪ ،‬أو لي من ُ‬
‫‪2‬‬
‫حكم الدين في أن أقتله قتل المرتد« ‪.‬‬ ‫يرجع عن إعلن إسلمه أن يقول‪ :‬أنا غير مسلم‪ .‬وأعفيه من ُ‬

‫ل قتل المفّكر المصري فرج فودا في ‪ 7‬يونيو ‪ 1992‬على يد شخص ينتمي إلى جماعات إسلمّية بسققبب‬ ‫وقد تم فع ً‬
‫موقفه الرافض من تطبيق الشريعة السلمّية‪ .‬وقد بّرر الشيخ محّمققد الغزالقي )تقوّفى عقام ‪ (1996‬هقذا القتققل فقي‬
‫شهادته أمام محكمة أمن الدولة المصرّية‪ .3‬كما قّررت محكمة مصرّية تطليق الستاذ الجامعي أبو زيد من زوجته‬
‫حكققم‬
‫بسبب محاولة تقديم تفسير للقرآن يختلف عن تفسير رجال الدين‪ .‬وقد أقّرت محكمة النقققض المصققرّية هققذا ال ُ‬
‫في قرارها الصادر في ‪ 5‬أغسطس ‪ .41996‬وقد فر كل من أبو زيد وزوجتققه مققن مصققر إلققى هولنققدا خوفقًا علققى‬
‫حياتهما بعد أن إّتهمه المتزّمتون بالرّدة‪.‬‬

‫وكما هو المر بالنسبة للوامر الدينّيققة الخققرى‪ ،‬للختققان نتققائج تختلققف حسققب تصققنيفه الفقهققي‪ .‬فالققذين يعتققبرون‬
‫الختان أمرًا مباحًا‪ ،‬ل يرّتبون على تركه أّية نتيجة دينّية أو دنيوّية‪ .‬والذين يعتبرونه مستحّبا )أو منققدوبًا(‪ ،‬يققأّثمون‬
‫من يتركه‪ .‬والذين يعتبرونه واجبًا‪ ،‬يبنون على ذلك عواقب وخيمة تصل إلى قتل من يتركه‪ ،‬كما أنهم يقدحون فققي‬
‫صلته وإمامته للصلة وشهادته وذبيحته وزواجه ويرفضون دفنه في مقققابر المسققلمين )كمققا سققنرى فققي الفصققل‬
‫صة ختان الناث‪ ،‬فإنهم يرون ضرورة معاقبة من يقوم به‪ .‬وهققذا مققا سققنراه‬ ‫القادم(‪ .‬أّما الذين يحّرمون الختان‪ ،‬خا ّ‬
‫في النقاط التالية ضمن النقاش الديني‪ ،‬تاركين موقف القانون الوضعي في أّيامنا من الختان إلى الجزء الخامس‪.‬‬

‫‪ (2‬الختان بين المباح والمستحب‬


‫إن الذين يقولون أن الختان مباح أو مستحب‪) ،‬أو مندوب( يعنون فقط ختان الناث الققذي يققدور الجققدل حققوله‪ .‬أّمققا‬
‫ختان الذكور‪ ،‬فهو في نظرهم من المسّلمات‪ .‬والذين يبيحون أو يستحّبون ختان النققاث قققديمًا أو حققديثًا‪ ،‬يققرون أن‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫الشعراوي‪ :‬قضايا إسلمّية‪ ،‬ص ‪.29-28‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر هذه الشهادة في جريدة الحياة‪ 23 ،‬يونيو ‪.1993‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر القرار في مجّلة »المجتمع المدني« الصادرة في القاهرة‪ ،‬عدد سبتمبر ‪.1996‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪227‬‬
‫القرار ليس بيد من تمارس هذه العملّية عليها‪ ،‬بل بيد ولّيها الذي قد يكون والدها عندما تكققون قاصققرة‪ ،‬أو زوجهققا‬
‫بعد بلوغها‪ .‬فإذا قّرر الولي ذلك‪ ،‬فهو يفرضه عليها فرضًا ول يتركها تقّرر بذاتها‪.‬‬

‫يقول الدكتور زكرّيا البّري‪:‬‬


‫جحققه المسققلم أو يطمئن إليققه‬
‫»إن عدم ختان المرأة ل يترّتب عليه إثم ديني‪ ،‬إذا كان بناء علققى مققا ير ّ‬
‫‪1‬‬
‫صين« ‪.‬‬‫على ضوء النصوص الدينّية‪ ،‬ونصيحة الطبيبات والطّباء والمناء المخت ّ‬

‫ويقول الدكتور محّمد رمضان‪:‬‬


‫»ليس هناك دليل شرعي قوي يوجب أو يؤّكد على ممارسة هذه العملّيقة ‪ -‬ختققان أو خفقض البنققات ‪-‬‬
‫سّنة‪ .‬حّتى لو أخذنا بالروايات الضعيفة الواردة‪ ،‬فكقل مقا تقؤّدي إليقه أنققه‬
‫بل ل يوجد ما يدل على أنه ُ‬
‫‪2‬‬
‫مباح‪ .‬وتارك المباح أو المندوب في رأي الفقهاء ليس عليه إثم« ‪.‬‬

‫ويقول الشيخ حسن مراد مّناع‪:‬‬


‫‪3‬‬
‫سّنة« ‪.‬‬
‫»ترك الختان للبنات ل يوجب الثم كما أن من إختار الختان ل إثم عليه كذلك بل فعل ال ُ‬

‫س قّنة بققل‬
‫ويقول محّمد إبراهيم سالم‪ ،‬رئيس المحكمة العليا الشرعّية‪ ،‬أن ختان البنات »ليس فرضًا‪ ،‬ول واجب قًا ول ُ‬
‫هو مندوب من الخير عمله ول عقاب على تركه«‪.4‬‬

‫أّما الطنطاوي فيقول‪:‬‬

‫»إن الفقهاء إّتفقوا على أن الختان في حق الرجال‪ ،‬والخفاض في حق النساء أمر مشروع‪ ،‬ثم إختلفوا فققي وجققوبه‪.‬‬
‫فقال المامان أبو حنيفة ومالك هو مسنون في حّقهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه«‪.5‬‬

‫‪ (3‬الختان واجب يجبر ويقتل تاركه‬


‫التّيار الذي يرى وجوب الختان يقول بإمكانّية تنفيذه جبرًا على البالغ الذي يرفض ذلك‪ .‬وإذا أمعن في رفضه دون‬
‫عذر مقبول‪ ،‬يحق قتله‪ .‬وهذا ينطبق على ختان الذكور‪ ،‬وعند بعضهم أيضًا على ختان الناث‪.‬‬

‫يذكر إبن مودود عن الطحاوي )توّفى عام ‪ (933‬قوله‪:‬‬


‫سّنة وهو من الفطرة وهو للنساء َمكُرَمة فلو إجتمع أهل مصققر علققى تققرك الختققان‬
‫»والختان للرجال ُ‬
‫‪6‬‬
‫قاتلهم المام لنه من شعائر السلم وخصائصه« ‪.‬‬

‫ويقول النزوي‪:‬‬
‫»إن الختان واجب على كل مسلم لقول النبي )ص( لعبد ال بققن عّبققاس حيققن أسققلم‪ ،‬ألققق عنققك شققعر‬
‫الكفر واختتن‪ .‬قال قتادة وسمعته يأمر من أسلم أن يختتن ولو كان إبققن ثمققانين سققنة ]‪ .[...‬ومققن أمققر‬
‫بالختان فلم يفعل قتل‪ ،‬ول يقتل حّتى يبالغ في التأّني بققه‪ ،‬وأّمققا النسققاء فليققس عليهققن واجبقًا ويققؤمرن‬
‫سّنة وقيل فريضة«‪.7‬‬ ‫بذلك إكرامًا لزواجهن وليس هن كالرجال فالختان للنساء َمكُرَمة وللرجال ُ‬

‫ويقول النصاري‪:‬‬

‫البّري‪ :‬ما حكم البنت‪ ،‬ص ‪.96‬‬ ‫‪1‬‬

‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪2‬‬

‫الملحق ‪ 16‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫سالم‪ :‬رأي‪ ،‬ص ‪.81‬‬ ‫‪4‬‬

‫الملحق ‪ 9‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن مودود‪ :‬الختيار لتعليل المختار‪ ،‬جق ‪ ،4‬ص ‪.167‬‬ ‫‪6‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.42‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪228‬‬
‫خر إلققى‬
‫»يجب الختان في حي بعد البلوغ والعقل لنتفاء التكليف َقبلهما فيجب ذلك فورًا بعدهما ما لم يخف فيه فيؤ ّ‬
‫أن يغلب على الظن السلمة منه ويأمره المام به حينئذ‪ ،‬فإن إمتنع أجبره عليه«‪.1‬‬

‫ويقول البهوتي‪» :‬وإن ترك الختان من غير ضرر وهو يعتقققد وجققوبه فسققق ]‪ [...‬لصققراره علققى ذلققك الققذنب«‪.2‬‬
‫وهو يرى أن لولي المر أن يأمر من لم يختتن‪.3‬‬

‫ويعيد علينا الرستاقي )قرن ‪ (17‬قول النزوي‪ 4‬السابق الذكر مضيفًا‪:‬‬


‫»أن لب الصبي أن يجبره على الختان إذا كره الصبي ذلك‪ .‬ول بأس على الصبي بالختان ما لم يبلغ‬
‫حّتى يقع عليه الخطاب‪ .‬والعبد واجب على سّيده ختانه وأن يأمر بذلك إذا كان بالغًا‪ ،‬وإن كققان صققبّيا‬
‫فليققس عليققه ذلققك‪ .‬وقققال محّمققد بققن الحسققن إن الصققبّية اليتيمققة تققأمر أّمهققا أو مققن يقققوم بأمرهققا أن‬
‫يختنوها«‪.5‬‬

‫هذا ونشير إلى أن سحنون يرفض إعفاء الشخص من الختان حّتى وإن كان في ذلك خطر عليه فهو »كالذي يجققب‬
‫عليه القطع في السرقة أنه ل يترك قطعه من أجل أنه يخاف على نفسه«‪.6‬‬

‫وفي عصرنا‪ ،‬أعاد شيخ الزهر جاد الحق في فتواه الولى مّرتين العبارة التالية‪:‬‬
‫سّنة وهو من الفطرة وهو للنساء َمكُرَمة فلو إجتمع أهل مصققر علققى تققرك الختققان‬
‫»والختان للرجال ُ‬
‫قاتلهم المام لنه من شعائر السلم وخصائصه«‪.‬‬

‫وأّما في فتواه الثانية‪ ،‬فقد أعادها ثلث مّرات‪ .‬وهذا المر ينطبق حسققب هققذه الفتققوى علققى ختققان الققذكور وختققان‬
‫الناث‪ .7‬أّما القرضاوي‪ ،‬فيسن القتال فقط على من يرفض ختان الذكور‪:‬‬
‫»أّما الختان للذكور فهو من شعائر السلم‪ ،‬حّتى قّرر العلماء أن المام لو رأى أهل بلد تركه لوجب‬
‫سّنة الممّيزة لّمة السلم«‪.8‬‬
‫عليه أن يقاتلهم حّتى يعودوا إلى هذه ال ُ‬

‫والدكتور يحيى إسماعيل‪ ،‬المين العام لجبهة علماء الزهر يقول‪:‬‬


‫»إن الذين ذهبوا إلى القول بالستحباب قالوا‪ :‬إنه من الفطرة ومن شعائر السلم‪ ،‬وأنه لو أجمع أهل‬
‫بلدة على تركه حاربهم المام كما لو تركوا الذان«‪.9‬‬

‫وهكذا نرى أن القتل يجري حّتى في حالة إعتبار الختان مستحّبا فقط وليس واجبًا‪ .‬ويذكر الصّباغ فققي كتققاب ضققد‬
‫ختان الناث آراء الفقهاء في ختان الذكور وفي نهايتها يقول‪» :‬وقد ذكر كثير من العلمققاء أنققه )أي ختققان الققذكور(‬
‫من شعائر السلم وخصائصه‪ .‬فلو أجمع أهل بلدة على تركه حاربهم المام كما لو تركوا الذان«‪.10‬‬

‫ويقول المرصفي‪:‬‬
‫»الكبير الذي لم يختتن‪ ،‬سواء أكان مسلمًا وتققرك الختتققان حّتققى كققبر‪ ،‬أم أسققلم وهققو غيققر مختققون‪،‬‬
‫حكم الذي نراه في هذا ]‪ [...‬أنه يجب عليققه الختققان‪ ،‬ويجققبر عليققه إن أبققاه وامتنققع منققه‪ ،‬لكققن ذلققك‬
‫فال ُ‬

‫النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.81‬‬‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪2‬‬

‫شاف القناع جق ‪ ،1‬ص ‪.80‬‬‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪3‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.436-435‬‬ ‫‪4‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.438‬‬ ‫‪5‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الملحقين ‪ 5‬و ‪ 6‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 11‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫إسماعيل‪ :‬تعقيب مشفوع بعتاب‪ ،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪9‬‬

‫الصّباغ‪ :‬الحكم الشرعي‪ ،‬ص ‪ ،6‬وهو يشير هنا إلى حاشية إبن عابدين ‪.5/478‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪229‬‬
‫مشروط بسلمة العاقبة‪ ،‬فقإن خيقف عليقه الهلك‪ ،‬وققّرر ذلقك طقبيب مسقلم عقدل‪ ،‬فقإنه يسققط عنقه‬
‫وجوب الختتان‪ ،‬كما يسقط الصوم عن الشيخ الكبير الذي ل يقوى عليه«‪.1‬‬

‫ومؤّيدو الختان يعتبرون الذين ينكرون ضرورة ختان الذكور خارجون عققن الشققريعة ومرت قّدون يسققتحّقون أيضقاً‬
‫القتل‪ .‬وهذا هو أحد أسباب تقديم القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي للمحاكمة بالرّدة‪ .‬وقد طالب واعظ الجامع‬
‫النبوي في المدينة المنورة إصدار فتوى من رجال الدين المسلمين برّدة المهدوي وحرق كتققابه كمققا ذكرنققا سققابقًا‪.‬‬
‫وكثيرًا ما نقرأ في كتابات مؤّيدي ختان الناث إّتهامات خطيرة ضد معارضيهم‪ .‬فهم في نظرهققم خونققة متعققاملون‬
‫مع الغرب ضد السلم ويريدون المساس بشرف المرأة وبالمجتمع‪ .‬وسوف نعود إلى ذلك في الجزء القادم عنققدما‬
‫نتكّلم عن الختان والسياسة‪ .‬ونعيد القارئ إلى مزيد من التفاصيل بخصوص من يعتنق السلم في فصلنا القادم‪.‬‬

‫‪ (4‬القدح في صلة وإمامة وحج وشهادة وذبيحة الغلف‬


‫يقدح الفقهاء في صلة وإمامة وشهادة وحج وذبيحة الغلف إذا كان راغبًا عققن الختققان‪ .‬ولكّنهققم لققم يققذكروا دائمقاً‬
‫شرط عدم وجود العذر في كتاباتهم‪ .‬لذا ل يمكن معرفة ما إذا كانوا يقبلون غير المختون الذي ل عققذر لققه‪ .‬ونحققن‬
‫نستشهد ببعض أقوالهم بالتسلسل حسب سنة الوفاة‪.‬‬

‫يعّلق البخاري على الية »اليوم يحل لكم الطّيبات وطعام الذين أتوا الكتاب حل لكققم وطعققامكم حققل لهققم« )المققائدة‬
‫‪:(5:5‬‬
‫»قال الزهري‪ :‬ل بأس بذبيحة نصارى العرب‪ ،‬وإن سمعته يسّمي لغير ال فل تأكل‪ ،‬وإن لققم تسققمعه‬
‫حلقه الق لقك وعلقم كفرهقم‪ .‬ويقذكر عقن علقي نحقوه‪ .‬وققال الحسقن وإبراهيقم‪ :‬ل بقأس بذبيحقة‬ ‫فققد أ ّ‬
‫‪2‬‬
‫الغلف« ‪.‬‬

‫ويروى الشيخ الصدوق )توّفى عام ‪ (991‬حديث لبي الجوزاء‪:‬‬


‫سقّنة أعظمهقا ول ُتقبقل لقه شقهادة ول ُيصقّلي‬
‫»الغلف ل يؤم القوم وإن كان أقرأهم لنه ضّيع من ال ُ‬
‫ل أن يكون ترك ذلك خوفًا على نفسه«‪.3‬‬ ‫عليه إذا مات إ ّ‬

‫وقد جاء في الهداية للمرغيناني )توّفى عام ‪:(1197‬‬

‫ل«‪.4‬‬
‫ل إذا تركه إستخفافًا بالدين لنه لم يبقى بهذا الصنيع عد ً‬
‫»وُتقبل شهادة الغلف لنه ل يخل بالعدالة إ ّ‬

‫وينقل إبن قدامة قول إبن عّباس‪» :‬ل تؤكل ذبيحة الغلف‪ ،‬وعن أحمد مثله« ولكّنه يضيف‪:‬‬
‫»والصحيح إباحته فإنه مسقلم فأشقبه سقائر المسقلمين‪ .‬وإذا أبيحقت ذبيحقة الققاذف والزانقي وشقارب‬
‫الخمر مع تحقيق فسقه‪ ،‬وذبيحة النصراني وهو كافر أغلف‪ ،‬فالمسلم أولى«‪.5‬‬

‫ل مختونًا«‪ .6‬ويضيف‪:‬‬ ‫ويذكر القرطبي عن عكرمة‪» :‬لم يطف بالبيت بعُد على ِمّلة إبراهيم إ ّ‬
‫»إستحب العلماء في الرجل الكبير يسلم أن يختتن‪ .‬وكان عطاء يقول‪ :‬ل يتم إسلمه حّتى يختتققن وإن‬
‫ل يختتن‪ ،‬ول يرى به بأسًا ول‬‫خص للشيخ الذي يسلم أ ّ‬ ‫بلغ ثمانين سنة‪ .‬وروي عن الحسن أنه كان ير ّ‬
‫جه وصلته ]‪ [...‬وروي عن إبن عّباس وجابر بن زيد وعكرمة‪ :‬إن الغلف ل‬ ‫بشهادته وذبيحته وح ّ‬
‫‪7‬‬
‫تؤكل ذبيحته ول تجوز شهادته« ‪.‬‬

‫المرصفي‪ :‬حديث الختان‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬جزء ‪ ،5‬ص ‪ ،2097‬رقم ‪.5188‬‬ ‫‪2‬‬

‫الشيخ الصدوق‪ :‬علل الشرائع‪ ،‬ص ‪.327‬‬ ‫‪3‬‬

‫المرغيناني‪ :‬الهداية‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪.138‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،11‬ص ‪.35‬‬ ‫‪5‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.99‬‬ ‫‪6‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.101‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪230‬‬
‫ويقول النووي‪:‬‬
‫جوا بعموم قول القق‪» :‬فكلققوا مّمققا‬
‫»ذبيحة الغلف مذهبنا أنه حلل‪ .‬وبه قال جماهير العلماء‪ .‬وقد إحت ّ‬
‫ذكر إسم ال عليققه« )النعققام ‪ .(118:6‬وبققأن الق أبققاح ذبققائح أهققل الكتققاب ومنهققم الغلققف فالمسققلم‬
‫أولى«‪.1‬‬

‫ويعيد القّرافي )توّفى عام ‪ (1285‬قول إبن العّباس‪ :‬ل تؤكل ذبيحة الغلف ول ُتقبل صلته وتققرد شققهادته ويققذكر‬
‫عن النبي قول‪ :‬ل يحج البيت حّتى يختتن‪ .‬وينقل عن مالققك‪ :‬مقن تققرك الختقان مققن غيققر عققذر ل تجققز إمققامته ول‬
‫شهادته لنه ترك المروءة وهي تقدح فيهما‪.2‬‬

‫وينقل البهوتي عن أحمد أن إبن العّباس كان يرى عدم صلة وحج غير المختون‪ .3‬ولكن البهوتي يقول إن الحنابلة‬
‫حت إمامته كالمختتن‪.4‬‬‫يرون أنه تصح الصلة خلف الغلف لنه ذكر مسلم عدل قارئ فص ّ‬

‫ويرى الرستاقي ضرورة إعادة صلة الغلف‪:‬‬


‫»سئل عبد ال عن الرجل يبقى من ختانه شيء لم يكن أوتي عليه أيكققون أغلققف أم ل‪ .‬قققال إن كققانت‬
‫الحشفة ظاهرة أو شيء منها فليس هققو أغلققف‪ .‬وإن لزمققه إعققادة الختققان لزمققه بققدل الصققلوات الققتي‬
‫ل‪ .‬وأّما شهر رمضان فل نرى عليه فيه إعادة«‪.5‬‬ ‫لها وهو أغلف مذ بلغ رج ً‬‫صّ‬

‫وما زال الكّتاب المسلمون يكّررون علينا في أّيامنا ضرورة الختان للصلة‪:‬‬
‫»إذ إن وجود الغلفة كما هي يؤّدي إلى النجاسة الدائمة نتيجة المفققرزات الدهنّيققة والسققيلن الشققحمي‬
‫ل عن وجود سلس البققول‪ ،‬وهققذا كّلققه يقققدح‬
‫المقّزز للنفس مّما ينجم عنه الرائحة المنتنة الكريهة‪ ،‬فض ً‬
‫‪6‬‬
‫حة الصلة‪ ،‬ومن ثم تكون إزالته واجبة لن ما يؤّدي إلى الواجب فهو واجب« ‪.‬‬ ‫في ص ّ‬

‫ل مشابها بخصوص ختان الناث عند الدكتورة نور السّيد رشاد‪ .7‬ونعيد القارئ إلى مققا قلنققاه فققي الفصققل‬
‫ونجد قو ً‬
‫السادس بأن الختان هو تطهير من النجاسة وأثر ذلك على الصلة‪.‬‬

‫‪ (5‬القدح في زواج الغلف‬


‫ى لهذا الفكر اليهودي عند بعض الفقهاء‬
‫رأينا سابقًا كيف أن اليهود قد جعلوا الختان شرطًا للزواج‪ .‬ونحن نجد صد ً‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫سع الرستاقي في هذا الموضوع‪ .‬فهو يقققول إنققه إذا تققزّوج أغلققف بققامرأة ودخققل بهققا َقبققل أن يختتققن‪ ،‬فقّرق‬‫وقد تو ّ‬
‫بينهما‪ .‬وإذا إختتن بعد زواجه ولكن َقبل أن يققدخل بهققا‪ ،‬فهنقاك رأييقن‪ :‬رأي ل يفقّرق بينهمققا‪ ،‬ورأي يفقّرق بينهمققا‬
‫ويفرض عليه أن يتزّوجها بعد الختان بنكاح جديد‪ .‬وإذا كان للقزوج عقذر لعقدم الختقان كالمشقرك القذي يسقلم فقي‬
‫الشتاء فخاف على نفسه إذا إختتن من البرد‪ ،‬هناك من يقبل عذره وهناك من ل يقبله‪ .‬والمسلم الغلف ل يحققق لققه‬
‫الزواج ل من مسلمة ول من ذّمية »لنه ما لم يختتن فيشبه ]‪ [...‬المجوسققي مققن المشققركين ل بأهققل الكتققاب‪ .‬قققال‬
‫النبي‪ :‬من تشّبه بقوم فهو منهم«‪ .‬ويذكر الرستاقي هنا قول إبن عّباس أن الغلف ل يزّوج‪ .‬ويضيف الرسققتاقي أن‬
‫الغلف المسلم ل ولية له‪ ،‬ل بتزويج نفسه ول بتزويج أحد من نسائه‪ .‬فإن زّوج الغلف إمققرأة ُف قّرق بينهققا وبيققن‬
‫ل إذا دخل فيها‪ .‬وإن كان الغلف أحد الشاهدين على النكاح لم يجز النكاح‪.8‬‬ ‫زوجها إ ّ‬
‫النووي‪ :‬المجموع جزء ‪ ،9‬ص ‪.78‬‬ ‫‪1‬‬

‫القّرافي‪ :‬الذخيرة‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪ .280-279‬أنظر في نفس المعنى الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪232‬؛ إبن جزي‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪214‬؛ الحطاب‪ :‬مواهب الجليل‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪.258‬‬
‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.80‬‬
‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪3‬‬

‫البهوتي‪ :‬شرح منتهى الرادات‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.257‬‬ ‫‪4‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.438-437‬‬ ‫‪5‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪ .63‬أنظر أيضًا ص ‪.95‬‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬جزء ‪ ،15‬ص ‪.346-344‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪231‬‬
‫وفيما يخص ختان الناث‪ ،‬يقول البهوتي إن للزوج الحق في إجبار زوجته المسلمة عليه كإجبارها على الصلة‪.1‬‬

‫وبعد أن إستعرض آراء الفقهاء القدامى‪ ،‬أبدى السّكري رأيه كما يلي‪:‬‬
‫»إذا قد ثبت لنا بالدليل القاطع أن وجود الغلفة عيب منفر لنه جماع القذار والوسققاخ‪ ،‬فققإنه مّمققا ل‬
‫شك فيه أن هذا العيب يثبت للزوجة الخيار في أن تفسخ عقد النكاح فيما بينها وبين زوجهققا للسققباب‬
‫التية‪:‬‬
‫ل أنه يثبت بها إنتقققال المققرض أو يخشققى‬ ‫أّول‪ :‬إن الغلفة وإن كانت ل تمنع الستمتاع بين الزوجين إ ّ‬
‫تعّديه إلى الزوجة ]‪ [...‬ل سيما وأن هذا الموضع ذو حساسّية شديدة تستقبل العدوى بيسر وسهولة‪.‬‬
‫شّرع في السلم لجل تحقيق غايات سامية‪ ،‬أبرزها الموّدة والرحمة بين الزوجين‪،‬‬ ‫ثانيًا‪ :‬إن الزواج ُ‬
‫ل عن تحقيق الحصان بالعّفة عن المحّرمات‪.‬‬ ‫فض ً‬
‫ومن ثم فإن عدم ختان الزوج منفققر للزوجقة ومققّزز لنفسققها فيحصققل التنقافر بيقن الزوجيققن‪ ،‬ويحقل‬
‫الشقاق محل الود والوئام وبالتالي تتفّكك السرة وينحرف أفرادها‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬إن المرأة دائمًا تتطّلع إلى زوجها كقدوة وأمل لها في حياتهققا‪ .‬فهققي تريققد أن تققرى منققه كققل مققا‬
‫يحّببها فيه من حسن جمال الصورة‪ ،‬وطّيب ريحه وجميل معاشققرته لهققا ظققاهرًا وباطنقًا‪ ،‬تمامقًا كمققا‬
‫حية مناف‬ ‫يتطّلع هو إلى ذلك‪ .‬وعدم نظافته بالبقاء على غلفته بما لها من روائح كريهة وأضرار ص ّ‬
‫لذلك كّله‪ .‬وبالتالي يؤّثر على العلقة بين كل منهما‪.‬‬
‫ومّما يؤثر عن أمير المؤمنين عمر رضي ال عنققه فققي هققذا السققبيل قققوله‪» :‬يعمققد أحققدكم إلققى إبنتققه‬
‫فيزّوجها القبيح!! إنهن يحببن ما تحّبون« وفي رواية‪» :‬ل تكرهوا فتيققاتكم علققى الققذميم مققن الرجققال‬
‫فإنهن يحببن من ذلك ما تحّبون«‪.‬‬
‫وبعد فإننا نخلص من هذا إلى أن الراجققح والققذي نختققاره مققن الراء هققو الققرأي ]‪ [...‬القققائل بثبققوت‬
‫الخيار للزوجة التي زوجها أغلف لن السلم دين النظافة والطهارة ويرفض الوساخ والقذار«‪.2‬‬

‫وقد أعُتِبر الختان بين المسلمين ضرورة للزواج حّتى في زمن إضطهادهم في إسبانيا قبل خروج المسققلمين منهققا‪.‬‬
‫ففي عام ‪ 1582‬تم حرق مسلم )مورسكي( في مدينة »سورجوس« لنه ختن نفسه إرضقاءًا لصقهره القذي فقرض‬
‫عليه هذا الشرط َقبل موافقته على زواجه من أخته‪.3‬‬

‫وتقول نعمت أبققو السققعود أن فققي مصققر تحققت الحتلل الققتركي كققان إذا حققدث وتققزّوج رجققل تركققي مقن إمققرأة‬
‫مصرّية‪ ،‬تصر الزوجة على طهارة بناتها‪ .‬وكققان يحققدث أيضقًا إذا تزّوجققت إمققرأة تركّيققة مققن رجققل مصققري أن‬
‫تجري لها عملّية الختان َقبل زواجها منه‪ .‬كما كان يحدث حين يتزّوج رجل سوداني مقن إمقرأة مصقرّية أن يصقر‬
‫الزوج على ختان بناته على الطريقة السودانّية‪.4‬‬

‫وقد ذكر بوحديبة‪» :‬وقد تقّبلت تونس في السنوات الخيرة إحتمقال زواج المسقلمة بغيققر المسقلم‪ ،‬والغريققب أن مقا‬
‫إستهجنه البعض إنحصر في كيفّية مضاجعة رجل غير مختن لمققرأة مسققلمة«‪ .5‬ولنققا عققودة لهققذا الموضققوع فققي‬
‫الجزء القادم عندما نتكّلم عن علقة الختان بالزواج‪.‬‬

‫‪ (6‬حالت تجريم الختان‬


‫ختان الذكور والناث عملّية مؤلمة تؤّدي إلى قطع عضو سليم‪ .‬وهذا بحد ذاته لم يعتبره الفقهاء القدامى محل تقأثيم‬
‫أو عقاب إذ يدخل فيما تأمر به الشريعة أو تبيحه في حدود تعارف عليهقا الفقهقاء‪ ،‬وهقي عنقد القذكر قطقع الغلفقة‪،‬‬
‫ل بالحققديث »أشقّمي ول ُتنِهكققي«‪.‬‬
‫وعند النثى قطع جزء من الجلدة التي تكون في أعلي الفرج دون إستئصال عم ً‬
‫وسوف نعود إلى تفاصيل ذلك في الفصل القادم‪.‬‬
‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪ ،81‬وكذلك البهوتي‪ :‬شرح منتهى الرادات‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.40‬‬
‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.76-75‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Vincent: Les Morisques et la circoncision, p. 190-191‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.111-110‬‬ ‫‪4‬‬

‫بوحديبة‪ :‬السلم والجنس‪ ،‬ص ‪.241‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪232‬‬
‫ل من قطع الغلفة قد يتم قطققع الحشققفة‪ .‬كمققا أنهققا قققد‬
‫ولكن عملّية الختان قد تؤّدي إلى الخروج عن هذه الحدود‪ .‬فبد ً‬
‫تؤّدي إلى الوفاة‪ .‬وقد تعّرض الفقهاء لهذه الحالت لتحديد »الضمان«‪ ،‬أي مدى مسؤولّية الخاتن وولققي المقر فققي‬
‫حال تعّدي الحدود‪ .‬وهم يعيرون إهتمامًا أكبر بحالت الوفاة من حالت التشويه‪ ،‬وبختان الذكور من ختان الناث‪.‬‬
‫وحديثًا أخذ التّيار المعادي لختان الناث يطالب في تجريم جميع أنواع ختان الناث‪.‬‬

‫أ( تجريم الخروج عن الحدود‬

‫يقول النزوي‪:‬‬
‫ل من عذر‪ ،‬والمققأمور بققه أن يختنققه كفعققل المسققلمين فققي‬
‫ل يختن ولده حّتى يبلغ إ ّ‬
‫»ول يسع الرجل أ ّ‬
‫أولدهم‪ ،‬فإن ختنه وهو طفل يرضع ]‪ [...‬ومات الصبي في ذلك الختان‪ ،‬وكان ختنه في حققال يختققن‬
‫مثله من الطفال فيه لم يلحقه شيء ول إثم عليه ول ضمان‪ .‬ولزم الوالد والجد والم ختققن الولققد َقبقل‬
‫البلوغ والبنت‪ ،‬فإن ماتا من ذلك فل بأس على من ختنهما من أوليائهما«‪.1‬‬

‫ويبدأ إبن قّيم الجوزّية كلمه عن الضمان في الختان بذكر الية »مققا علققى المحسققنين مققن سققبيل« )التوبققة ‪(91:9‬‬
‫والحديث النبوي »من تطّبب ول يعلم منه طب فهو ضامن«‪ .2‬وكلمة التطّبب تدل على تكّلققف الشققيء دون إتقققانه‪.‬‬
‫ويضيف‪:‬‬
‫»جناية يد الخاتن فمضمونة عليه أو علقى عقاقلته كجنايققة غيقره‪ .[...] .‬فققإن لقم يكقن مقن أهققل العلقم‬
‫بصناعته ولم يعرف بالحذق فيها‪ ،‬فإنه يضمنها لنها سراية جرح لم يجز القدام عليه«ز‬

‫ويذكر قول أبو حنيفة‪:‬‬


‫»إن كان الخاتن عارفًا بالصناعة وختن المولود في الزمن الذي يختتققن فققي مثلققه وأعطققى الصققناعة‬
‫حّقها لم يضمن سراية الجرح إّتفاقا كما لو مرض المختون من ذلك ومات‪ .‬فإن أذن له أن يختنققه فققي‬
‫ل لققم يضققمنه‪ ،‬لنققه‬ ‫زمن حر مفرط أو برد مفرط أو حال ضعف يخاف عليه منه‪ ،‬فإن كان بالغًا عاق ً‬
‫أسقط حّقه بالذن فيه‪ .‬وإن كان صغيرًا ضققمنه لنققه ل يعتققبر إذنققه شققرعًا‪ .‬وإن أذن فيققه ولّيققه‪ ،‬فهققذا‬
‫موضع نظر هل يجب الضمان على الولي أو على الخاتن«‪.3‬‬

‫ل أن يفعله به في شّدة حر أو بققرد فعليققه نصققف ضققمانه«‪.4‬‬ ‫ويقول النصاري أن ولي المر »ل يضمنه لو مات إ ّ‬
‫وفي مكان آخر يقول‪:‬‬
‫»من ختنه في سن ل يحتمله لضعف ونحوه أو شّدة حر أو برد فمات لزمه قصققاص لتع قّديه بققالجرح‬
‫ل والدًا وإن عل لما مر أنققه ل‬ ‫ل له فالمّتجه عدم القود لنتفاء تعّديه‪ .‬إ ّ‬
‫المهلك‪ .‬نعم إن ظن كونه محتم ً‬
‫يقتل بولده‪ .‬نعم تلزمه دّية مغلظة في ماله لنه عمد محض وكذا مسلم في كافر وحر لقن لما مققر مققن‬
‫عدم قتله به أيضًا‪ .‬فإن إحتمله وختنه ولي ولو وصيًا وقيمًا فل ضمان في الصح لحسانه بتقققديمه إذ‬
‫هو أسهل عليه ما دام صغيرًا‪ ،‬بخلف الجنبي لتعّديه ولو مع قصد إقامة الشققعار ]‪ .[...‬نعققم إن ظققن‬
‫الجواز وعذر بجهله فالقياس عدم وجوب القود‪ .‬وكذا خاتن بإذن أجنبي ظّنه وليًا فيما يظهر«‪.5‬‬

‫ويقول البهوتي إنه ليس لولي المر أن يأمر بالختان من لم يختتن‪ .‬فإن أمر به في حر أو برد أو مرض يخاف مققن‬
‫مثله الموت من الختان‪ ،‬فتلف المختون بسببه ضمنه ولي المر لنه ليققس لققه أن يققأمر بققه‪ .‬ونفققس المققر إذا زعققم‬
‫الطّباء أنه يتلفه أو ظن تلفه‪ .‬ويعتبر ذلك من خطأ المام‪ .6‬ويضيف بأن الخققاتن يضققمن إذا أذن لققه الققولي‪ ،‬وكققان‬
‫حاذقًا‪ ،‬ولكن جنت يده‪ ،‬ولو خطأ‪ ،‬مثل إن جاوز قطع الختان فقطع الحشفة أو بعضها أو غير محل القطع‪ ،‬أو قطققع‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.42‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبو داوود‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪ ،710‬حديث ‪.4586‬‬ ‫‪2‬‬

‫الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.36‬‬ ‫‪4‬‬

‫النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.37‬‬ ‫‪5‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.81-80‬‬ ‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪6‬‬

‫‪233‬‬
‫بآلة يكثر ألمها أو في وقت ل يصلح القطع فيه لن التلف ل يختلققف ضققمانه بالعمققد والخطققأ‪ .‬والضققمان واجققب‬
‫أذن الولي بذلك أو لم يأذن‪.1‬‬

‫ويعيد الرستاقي قول النزوي‪ 2‬السالف الذكر مضيفًا‪:‬‬


‫»من إحتسب في يتيم فختنه فنزح به الدم حّتى مات‪ ،‬فإن كان له ولي مقن قرابتقه أو وصقي مقن أبيقه‬
‫ولم يأمره فعل ذلك من غير رأيهم فل نأمن عليه من الضمان ولقزوم الدّيقة فقي مقاله‪ .‬وإن فعقل ذلقك‬
‫إحتسابًا أو اليتيم ليس له وصي ول ولي وكان الصبي مّمن يحمل ذلققك ويقققدر عليققه وكققان ذلققك مققن‬
‫مصالحه في الحد الذي يتعارف أن مثله يختتن‪ ،‬فأحسب إّنا حفظنا أنه ل ضققمان عليققه‪ .‬ولّعققل بعضقًا‬
‫يذهب أن الصبي غير متعّبد بذلك وأن الحسبة ل تكون في ضرر اليتيم حين وقوعه عليه‪ .‬وأّما مققا ل‬
‫ضرر عليه فيه فل حسبة فيه ما لم ينزل به الضققرر فققي نفسققه فتكققون المعالجققة فققي إزالققة الضققرر‪.‬‬
‫وبعض يذهب إلى جواز الحسبة في مثل هقذا إذا لقم يكقن لليقتيم وصقي ول ولقي يققوم بقه ول يكقون‬
‫المحتسب متعّديا في مثقل هقذا ورّبمققا أّدى تقرك الختققان لليقتيم إلققى ضقرر لليقتيم وفقوات شقيء مقن‬
‫الطهارات«‪.3‬‬

‫ويقول الدسوقي )توّفى عام ‪:(1815‬‬


‫»إذا ختن الخاتن صبّيا أو سقى الطققبيب مريضقًا دواء أو قطققع لقه شقيئًا أو كقواه فمققات مقن ذلقك فل‬
‫ضمان على واحد منهما ل في ماله ول علققى عققاقلته لنققه مّمققا فيققه تغريققر فكققأن صققاحبه هققو الققذي‬
‫عّرضه لما أصابه وهذا إذا كان الخاتن أو الطبيب من أهل المعرفة ولققم يخطققئ فققي فعلققه‪ .‬فققإذا كققان‬
‫أخطأ في فعله والحال أنه من أهل المعرفة فالدّية على عاقلته‪ .‬فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب«‪.4‬‬

‫ويقول إبن عابدين )توّفى عام ‪» :(1836‬إذا أمر ليخن صبّيا فقطققع الحشققفة ولققم يمققت الصققبي فعليققه دّيققة الحشققفة‬
‫كاملة وهي دّية النفس«‪.5‬‬

‫كل ما سبق يخص ختان الذكور‪ .‬وفيما يخص ختان الناث‪ ،‬ينقل إبن حزم )توّفى عققام ‪ (1064‬أقققوال الفقهققاء أنققه‬
‫يقضى »في شفر َقبل المرأة إذا أوعب حّتى يبلغ العظم نصف دّيتها وفقي شقفريها بقدّيتها إذا بلقغ العظقم ]‪ .[...‬فقي‬
‫ركب المرأة ]منبت العانة[ إذا قطع بالدّية من أجل أنها تمنع من لقّذة الجمققاع«‪ .‬ويققذكر أيضقًا أن الشققافعي يقضققي‬
‫»في العفلة ]بظر المرأة[ إذا بطل الجماع الدّية وفي ذهاب الشفرين كذلك«‪.6‬‬

‫وكما هو واضح من هذا القول‪ ،‬فإنه ل يخص مباشرة ختان الناث وإن إعتمد عليه أحققد معارضققي ختققان النققاث‬
‫في أّيامنا كما سنرى‪.‬‬

‫ل بالحققديث‬ ‫والكّتاب المسلمون المعاصرون الذين يؤّيدون ختان الناث يكتفون بالقول بضققرورة عققدم النهققاك عم ً‬
‫النبوي المعروف‪ .7‬وهنا ل إثم ول عقاب‪ .‬ولكّنهم غير مّتفقين على مدى القطع كما سنرى لحقًا‪ .‬وهم يعتبرون أن‬
‫ل جّدا مققا يشققيرون إلققى العقققاب لهققذه المخالفققة‪ .‬فهققم‬
‫ل أنهم قلي ً‬
‫ما يزيد عن ذلك يعتبر مخالفًا للشريعة السلمّية‪ .‬إ ّ‬
‫‪8‬‬
‫عاّمة يكتفون بالستنكار واعتبققار أن الضققرر الناتققج عققن هققذه المخالفققة سققببه »الجهلققة« وأوليققاء الفتيققات الققذين‬
‫»يستجلبون من ل خبرة لهن ول دراية في خفض البنات إقتصادًا في النفقات«‪ 9‬و»الممارسة السقّيئة الققتي تتققم بهققا‬
‫العملّية«‪ .10‬فالمرصفي يطيل في عرض عقوبة عدم ختان الذكور وضمان قطع حشفة الصققبي أو مققوته‪ .‬ولكّنققه ل‬
‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ 4‬ص ‪ .35-34‬أنظر أيضًا إبن مفلح‪ :‬كتاب الفروع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.134-133‬‬ ‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪1‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.436‬‬ ‫‪2‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.438‬‬ ‫‪3‬‬

‫الدسوقي‪ :‬حاشية الدسوقي‪ ،‬جق ‪ ،4‬ص ‪ .28‬أنظر أيضًا البي‪ :‬جواهر الكليل‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.191‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن عابدين‪ :‬حاشية إبن عابدين جق ‪ 5‬ص ‪.364‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن حزم‪ :‬المحّلى‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.458‬‬ ‫‪6‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪84‬؛ المرصفي‪ ،‬ص ‪37‬؛ الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪30‬؛ السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.48-47‬‬ ‫‪7‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪ 40‬و ‪.102‬‬ ‫‪8‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪9‬‬

‫المرصفي‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪234‬‬
‫سّني مثل الختان الفرعوني ويكتفي بالقول إن هذا النوع »مقردود شقرعًا لنقه‬
‫يذكر أّية عقوبة لختان الناث غير ال ُ‬
‫تغيير لخلق ال«‪ .1‬والسّيد يقول عن الختان الذي يجري في السودان‪» :‬هذا حرام في دين ال‪ ،‬وفعل ما أنزل ال به‬
‫من سلطان«‪.2‬‬

‫والذين يشيرون إلى عقاب التعّدي في ختان الناث‪ ،‬يفعلون ذلك على إستحياء‪ .‬فهذا الدكتور الققبّري‪ ،‬بعققد أن ق قّرر‬
‫أن الختان ل يأثم تاركه‪ ،‬أضاف‪» :‬إن بعض النساء في بيئات متخّلفة يبالغن في ختققان البنققت مبالغققة تققدخل أحيانقًا‬
‫في نطاق الجريمة المعاقب عليها شرعًا«‪ .3‬وجاد الحق يعيد علينا فققي فتققواه الولققى الحققديث النبققوي »أش قّمي ول‬
‫ُتنِهكي« مضيفًا‪» :‬كل ما هنالك ينبغي البعد عن الخاتنات اللتي ل يحسققن هققذا العمققل«‪ ،‬ول يققذكر مققا هققو جققزاء‬
‫مخالفة هذا المر‪ .‬وفي فتواه الثانية‪ :‬يقول إن »الواجب الّتباع« في ختان الناث هو »قطع الجلققدة أو النققواة فققوق‬
‫رأس البظر«‪ ،‬مضيفًا‪» :‬إّتفق الفقهاء على تضمين الخققاتن إذا مققات المختققون بسققبب سققراية جققرح الختققان‪ ،‬أو إذا‬
‫حكم الطبيب‪ ،‬أي أنه يضمن من‬ ‫حكمه في الضمان ُ‬ ‫جاوز القطع الحشفة أو بعضها‪ ،‬أو قطع في غير محل القطع‪ .‬و ُ‬
‫التفريط أو التعّدي‪ ،‬وكذلك إذا لم يكن من أهل المعرفة بالختان«‪ .‬وكققل المثلققة الققتي يعطيهققا مققن الفقهققاء القققدامى‬
‫تصب في حالة الوفاة وفي حالة قطع الحشفة‪ .‬ول يدخل في التفاصيل فيما يخص ختان الناث‪.4‬‬

‫وسكوت مؤّيدي ختان الناث عن العقوبة في حالة تعّدي الحدود خطير جّدا إذا ما عرفنققا أن أكققثر حققالت الختققان‬
‫ل في مصر تدخل ضمن النهاك المنهي عنه‪ ،‬وأن الضرار والتعقيققدات الطّبيققة الناتجققة عققن الختققان‪،‬‬ ‫التي تتم مث ً‬
‫ختان الذكور مثل ختان الناث‪ ،‬يتم التستر عليها‪ ،‬حّتققى عنققدما تكققون النتيجققة مقوت الضققحّية‪ .‬وقققد كتققب سققليمان‬
‫صة بليغة في هذا المعنى حول إمرأة فرنسّية تزّوجت من مصري‪ .‬فعند زيارتها لقريته قامت نساء القريققة‬ ‫فّياض ق ّ‬
‫‪5‬‬
‫بختانها قهرًا عند غياب زوجها ‪ .‬وقد ذكرنا في شهادة سابقة حالة تستر على وفاة مصرّية‪ .‬والخطر من كققل ذلققك‬
‫هو محاولة مؤّيدي ختان الناث عرض هذه العملّية وكأنها عملّية تّمت عبر العصققور دون مشققاكل وأن الضققرار‬
‫التي تنسب إليها هي مجّرد إّدعاءات‪.6‬‬

‫والتفصيل الوحيد الذي وجدناه في عقاب ختققان النققاث هققو عنققد الققدكتور السققوداني الميققن داوود‪ .‬وهققذا العقققاب‬
‫يخص تحديدًا الختان الفرعوني‪ .‬يقول‪:‬‬

‫»الرجل الذي يسمح أن تخفض إبنته بهذه الطريقة المعروفة في السودان اليوم‪ ،‬وهي الخفاض الفرعققوني‪ ،‬ملعققون‬
‫في رأي الشريعة السلمّية‪ ،‬ومرتكب لجناية من الجنايات ولكبيرة من الكبائر‪ .‬وقل مثل ذلك فققي الم والخافضققة‪.‬‬
‫خل في هذا لنه من شأن النساء‪ ،‬ويهمل قول )ص(‪» :‬كّلكققم راع وكّلكققم‬ ‫ومن البلهة والغباء أن يقول الب‪ :‬ل أتد ّ‬
‫مسؤول عن رعّيته«‪ ،‬حيث أشرك حديث الصحيحين هذا البقوين فقي المسقؤولّية‪ .‬وققوله )ص(‪» :‬مقن رأى منقك‬
‫منكرًا فليغّيره بيده‪ .‬فإن لم يستطع فبلسانه الخ‪ .«...‬والب يستطيع تغيير المنكر بأن يرفع دعوى علققى الخافضققة ‪-‬‬
‫ولو كانت أّمه ‪ -‬ويقّدمها للمحاكم‪ .‬وهو يثاب علققى ذلققك عنقد الق إن شققاء الق‪ ،‬لمتثققاله المققر بتغييققر المنكققر فققي‬
‫المجتمع‪ ،‬ولمتثاله لقوله تعالى‪» :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قّوامين بالقسط شهداء ل ولو علققى أنفسققكم أو الوالققدين‬
‫والقربين ]‪ [...‬إن يكن غنيًا أو فقيرًا فال أولى بهما« )النساء ‪.7(135:4‬‬

‫والدكتور المين داوود‪ ،‬رغم أنه يطالب بإصدار »قانون بمنع الخفققاض مطلققًا‪ ،‬سققواء كققان فرعونيقًا أو غيققره«‪،‬‬
‫حة في بلده بأن يجلب خافضات للسودان من الخارج«‪ .‬وكان جواب الوزير‪» :‬ل يمكققن ذلققك‪،‬‬ ‫طلب من وزير الص ّ‬
‫لننا قد أفهمنا الدول بأن السودان بلد فيه رقي‪ ،‬ول يوجد الخفاض إلّ في جزء يسير من أجزاء السودان‪ ،‬وسيزول‬
‫نهائّيا عن قريب«‪ .8‬وفيما يخص العقاب يقول‪:‬‬

‫المرصفي‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.48‬‬ ‫‪2‬‬

‫البّري‪ :‬ما حكم البنت‪ ،‬ص ‪.96‬‬ ‫‪3‬‬

‫الملحقين ‪ 5‬و ‪ 6‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫فّياض‪ :‬أصوات‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪6‬‬

‫داوود‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪7‬‬

‫داوود‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪235‬‬
‫»وبما أن الخفاض الفرعوني يعتبر من الجنايات في الشقريعة السقلمّية ففيقه الدّيقة كاملقة‪ ،‬إذ يققول‬
‫ل فحكومققة«‪ .‬أي وإن لققم يوجققد إستئصققال‬ ‫الفقهاء‪» :‬والدّيققة كاملققة فققي إستئصققال شققفري المققرأة‪ ،‬وإ ّ‬
‫ل فحكومة‪ .‬والمراد بالحكومة هنا ما يراه القاضي باجتهقاده‬ ‫الشفرين بل أخذت الخافضة منها شيئًا قلي ً‬
‫من أنواع العقوبة والتأديب‪ ،‬بحيث يكون رادعًا من إرتكاب هذا العمل الوحشي‪.‬‬
‫فمتى ثبت عند القاضي أن خفاض فرعوني‪ ،‬فقإنه يقأمر بإلقققاء القبققض علققى الخافضققة ويضققعها فقي‬
‫زنزانة إن شاء‪ ،‬حّتى تدفع الدّية كاملة للبنت الجريح‪ ،‬إذ إن الخافضة هي المباشرة بققدون إكققراه لهققذا‬
‫العمل الوحشي‪ .‬وقد أجمع العلماء على أن العاقلة ل تحمل دّية العمد وأنها في مال الجاني‪.‬‬
‫ثم يستدعي القاضي البوين ليجد كل منهما التأديب اللئق به‪ ،‬إذ إن حديث الصحيحين أشققركهما فقي‬
‫المسؤولّية‪ .‬فهما مع الخافضة شركاء في الجريمة‪.‬‬
‫كذلك تدفع الخافضة مع الدّية أيضقًا قيمقة مقا ألحقتقه مقن عيقب الرتقق‪ ،‬أي ضقيق الفقرج‪ ،‬وهقو مقن‬
‫العيوب الربعة التي جعل الفقهاء للزوج الخيار إذا دخل على المققرأة وهققو ل يعلققم هققذا العيققب‪ ،‬فلققه‬
‫الخيار في رفض الزواج«‪.1‬‬

‫ب( تّيار يطالب بتجريم جميع أنواع ختان الناث‬

‫ل فققي حقالت التعقّدي‪ .‬والقليلقون‬ ‫ذكرنا أن الغلبّية الساحقة من المسلمين ما زالوا على عدم تجريم ختان الذكور إ ّ‬
‫الذين يرفضون ختان الذكور ل يذكرون أي عقاب على فاعله‪ .‬فهم إذًا في مرحلققة تققأثيم ختققان الققذكور دينّيققا وفققي‬
‫مرحلة التشكيك والستنكار‪ ،‬ولسان حالهم ما جاء في القرآن الكريم‪» :‬إني أرى ما ل تققرون إنققي أخققاف الق والق‬
‫شديد العقاب« )النفال ‪ .(48:8‬وهي المرحلة الولى التي ل بد منها لتحضير الرأي العام والوصققول إلققى معاقبققة‬
‫ل لهقا منقذرون ذكقرى ومقا كّنقا‬ ‫هذه الممارسة‪ .‬وفي الشريعة السلمّية يسبق النذار العقاب‪» :‬وما أهلكنقا قريقة إ ّ‬
‫ظالمين« )الشعراء ‪.(209-208:26‬‬

‫أّما فيما يخص ختان الناث‪ ،‬فهناك تّيار متزايد في الدول التي تمارسه يطالب بتجريم جميققع أنققواع ختققان النققاث‬
‫ولو لم يكن هناك تعّدي للحدود التي ذكرها الفقهاء القدامى‪ .‬وموقفهم هذا مبني على كون أن ختان الناث ل مققبّرر‬
‫له في النصوص الشرعّية‪ ،‬ولنه تغيير في خلق ال‪ ،‬ومخالف للقاعدة الفقهّية »ل ضرر ول ضرار«‪.‬‬

‫من بين معارضي جميع أنواع ختان الناث المؤّلف المصري محّمد سليم العّوا‪ .‬فهو يرى أنه ل يكفي القققول أن ل‬
‫وزر على من ترك ختان الناث‪ .‬فجميع أنواع الختان يسّبب مضاعفات مرضّية بدنّية وآلمًا نفسّية ل تحصققى ول‬
‫تعالج‪» .‬ومثل هذا يقال فيه قطعًا إنه محّرم‪ ،‬وأن الوزر على فاعله‪ .‬ول يهون من شأنه فيقال‪ :‬ل وزر على تركققه‪.‬‬
‫جع الفاعلين له على السقتمرار فيقه‪ ،‬إذ لقم يققل‬
‫فهي عبارة ل تفيد في موضوعنا شيئًا ول تضيف جديدًا‪ ،‬بل قد تش ّ‬
‫لهم‪ :‬إنه غير جائز وإن فاعله آثم«‪.2‬‬

‫ويرفض العّوا القول بأن الختان »مسألة شخصّية وأنها أعطيت أكبر من حجمها«‪ .‬ففققي رأيققه »أنهقا مسقألة عّمققت‬
‫بهققا البلققوى ]‪ [...‬بحيققث ل يجققوز التهققوين مققن شققأنها أو تجاهققل أضققرارها‪ .‬والققواجب علققى العلمققاء والققدعاة‬
‫ل كانوا ساكتين عن الحق بغير عذر«‪ .3‬ويقول‪:‬‬ ‫والمصلحين أن يحاربوها بل هوادة وإ ّ‬
‫»ومن واجب الدولة في مصر‪ ،‬وفي غيرها من البلد السلمّية التي تشيع فيهققا هققذه العققادة الس قّيئة‪،‬‬
‫إصدار التشريع المانع لممارستها‪ ،‬ل سيما على الوجه الذي تمارس به الن‪ ،‬ول يجوز أن يمنققع مققن‬
‫ذلك جمود بعض الجامدين على مققا ورثقوه مقن آراء السققابقين‪ .‬فققد نقص الفقهقاء علقى أن فققي قطقع‬
‫الشفرين )وهما اللحمان المحيطان بموضع الجماع( الدّية الكاملة‪ .‬والدّية عقوبة لمن يدفعها وتعويض‬
‫لمن يستحّقها‪ .‬وعّللوا ذلك بأنه بهذين الشفرين »يقع اللتققذاذ بالجمققاع«‪ .‬فكققل فققوات لهققذا اللتققذاذ أو‬
‫بعض منه يوجب هذه العقوبة التعويضّية‪ ،‬ومنع سببه جائز قطعًا‪ ،‬بل هو أولى من إنتظار وقوعه ثققم‬
‫محاولة تعليله أو تحليله«‪.4‬‬
‫داوود‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬ص ‪.25-24‬‬ ‫‪1‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم مغلوطة‪ ،‬ص ‪.209‬‬ ‫‪2‬‬

‫العّوا‪ :‬مفاهيم مغلوطة‪ ،‬ص ‪.802‬‬ ‫‪3‬‬

‫الملحق ‪ 12‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪236‬‬
‫والعّوا هنا يعتمد على ما قاله إبن حزم السابق الققذكر‪ .‬ويققرى الققدكتور رمضققان أن مجقّرد القققول بققأن عققدم ختققان‬
‫الناث يؤّدي إلى الفجور أمر يعاقب عليه الشرع‪:‬‬
‫»ليعلم هؤلء أن أغلب بنات ونساء المسلمين في العالم العربي والسلمي ‪ -‬ما عدا مصر والسودان‬
‫وبعض الدول الفريقّية ‪ -‬ل يقومون بختان البنات وهن مثلنا في مصر غيققر فققاجرات أو منحرفققات‪.‬‬
‫إن هذا إّتهام فاسد وظالم للمرأة‪ ،‬يعاقب عليه الشرع«‪.1‬‬

‫وهو هنا رّبما يعني تحريم القرآن رمي المحصنات دون إثبات‪» :‬والذين يرمققون المحصققنات ثققم لققم يققأتوا بأربعققة‬
‫شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ول تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون« )النور ‪.(4:24‬‬

‫ولكن مؤّيدو ختان الناث يرفضون فكرة تجريم ختان الناث والرضوخ للقانون الوضعي‪ .‬يقول السّيد‪:‬‬
‫»يقول قائلهم‪» :‬ختان الناث جريمة يعاقب عليهققا القققانون«‪ .‬ويحققق للمققرء أن يسققأل أي قققانون هققذا‬
‫يقصد؟ أّما قانون السماء فقد عرفنا وتعّلمنا أنه يستحب ختان النسققاء‪ ،‬ويجعلققه َمكُرَمققة لهققن وطهققرة‪.‬‬
‫حكققم الق ورسققوله )ص(‪ .‬ومققتى كققان السققتدلل‬ ‫لبُ‬ ‫ل قانون الرض‪ .‬والمققؤمن ل يعتققد إ ّ‬
‫ولم يبقى إ ّ‬
‫‪2‬‬
‫حكم السماء‪ ،‬على لسان رسول ال )ص(؟« ‪.‬‬ ‫بالقانون الرضي في وجود ُ‬

‫الفصل الثامن‪ :‬عملّية ختان الذكور والناث‬


‫كما فعلنا عند عرضنا عملّية الختان عند اليهود‪ ،‬سوف نتكّلم هنا عن الشخص الذي يتم الختان عليه‪ ،‬والقائمين به‪،‬‬
‫وتنفيذه‪ ،‬والصلة التي تصاحبه‪.‬‬

‫‪ (1‬الشخص الذي يتم الختان عليه‬


‫ل به بصورة شاملة في العصور الولى‪ .‬ولكن سرعان ما أعتققبر الختققان علمققة‬ ‫قلنا سابقًا أن الختان لم يكن معمو ً‬
‫للسلم‪ .‬وهناك من إعتبره واجبًا على كل من يولد مسلمًا أو يتحّول إلى السلم‪ .‬ومنهم من تسامح فيه فرفعققه فققي‬
‫حالة الخوف من الهلك ومنهم من تشّدد وفرضه حّتى في هذه الحالة‪ .‬وقد رأينا أن موقف الفقهاء من ختان الناث‬
‫كان أكثر تسامحًا من ختان الذكور‪ .‬ونحن نعطي هنا العتبارات المختلفة التي أخذ بها الفقهاء‪.‬‬

‫أ( كل مولود مسلم؛ سن الختان‬

‫كل مولود مسلم يجب ختانه‪ .‬والمسلم هو كل من كان أحد أبويه مسلمًا‪ .‬وإذا كان اليهود يفرضون الختان في ميعققاد‬
‫محّدد‪ ،‬فإن المسلمين إختلفوا في سن الختان‪ .‬وفي أكثر الحيان يذكر الفقهاء القدامى ميعاد الختققان دون تحديققد مققا‬
‫إذا كانوا يعنون بذلك ختان الذكور أم الناث‪.‬‬

‫بعد أن إستعرض آراء الفقهاء المتناقضة من الختان وشّكك في وجوبه‪ ،‬يقول الباجي‪:‬‬
‫»إذا ثبت ذلك ]أي وجوب الختان[ فإن وقت الختتان الصبا على ما إختاره مالك وقت الثغار‪ .‬وقيل‬
‫جل بعد‬
‫خره وكل ما ع ّ‬
‫جل َقبل الثغار أو يؤ ّ‬
‫عن مالك من سبعة سنين إلى العشرة‪ .‬قال ول بأس أن يع ّ‬
‫‪3‬‬
‫الثغار فهو أحب إلي‪ .‬وكره أن يختن الصبي إبن سبعة أّيام وقال هذا من فعل اليهود« ‪.‬‬

‫ويقول القرطبي‪:‬‬
‫»واختلفوا متى يختتن الصبي‪ .‬فثبت في الخبار عقن جماعققة مقن العلمققاء أنهققم قققالوا‪ :‬ختققن إبراهيققم‬
‫إسماعيل لثلث عشرة سنة‪ ،‬وختن إبنه إسحاق لسبعة أّيام‪ .‬وروى عن فاطمة أنها كانت تختققن ولققدها‬
‫يوم السابع‪ .‬وأنكر ذلك مالك وقال ذلك من عمل اليهود ]‪ .[...‬وقال الليث بن سعد‪ :‬يختققن الصققبي مققا‬
‫بين سبع سنين إلى عشر‪ .‬ونحوه روى إبن وهب عن مالك‪ .‬وقال أحمد‪ :‬لم أسمع في ذلك شققيئًا‪ .‬وفققي‬
‫رمضان‪ :‬ختان الناث‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪2‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪237‬‬
‫البخاري عن سعيد بن جبير قال‪ :‬سئل إبن عّباس‪ :‬مثل من أنت حين قبض رسول ال )ص(؟ قال‪ :‬أنا‬
‫يومئذ مختون‪ .‬قال‪ :‬وكانوا ل يختنون الرجل حّتى يدرك أو يقارب الحتلم«‪.1‬‬

‫ن إبن العّباس كان عمره عند وفاة النبي ما بيقن العاشقرة والسادسقة عشقرة حسقب الروايقات‪ .2‬ويققول‬ ‫ونشير هنا أ ّ‬
‫النووي‪:‬‬
‫»وقت وجوب الختان بعد البلوغ لكن يستحب للولي أن يختن الصققغير فققي صققغره لنققه أرفققق بققه«‪.‬‬
‫ويذكر قول الماوردي )توّفى عام ‪ (1058‬في الحاوي وغيره‪» :‬يسققتحب أن يختققن فققي اليققوم السققابع‬
‫خره حّتى يحتمله«‪ .‬ومنهققم مققن يحسققب يققوم الققولدة‬ ‫ل أن يكون ضعيفًا ل يحتمله فيؤ ّ‬ ‫لخبر ورد فيه إ ّ‬
‫ومنهم من ل يحسبه‪ .‬وكره صاحب الحاوي )المقاوردي( الختقان َقبققل اليققوم السقابع وسقواء فقي هققذا‬
‫خققر عققن السققابع أسققتحب ختققانه فققي الربعيققن‪ .‬فققإن أخققر أسققتحب فققي السققن‬
‫الغلم والجارية‪ .‬وإن أ ّ‬
‫السابعة‪ .‬والختان في هذا السن ليس واجبًا بل مستحب‪ .‬ولكقن هنقاك مقن رأى أنقه مقن واجقب القولي‬
‫ختانه في الصغر لن من مصالحه‪ .‬ومنهم من رأى أنه يحّرم ختانه َقبل عشر سنين »لن ألمققه فققوق‬
‫ل بعد عشر سنين«‪.3‬‬ ‫ألم الضرب ول يضرب على الصلة إ ّ‬

‫ويضيف النووي‪:‬‬
‫»إنه ل يجب الختان حّتى يبلغ فإذا بلغ وجب على الفور فإن كققان الرجققل ضققعيف الخلقققة بحيققث لققو‬
‫ختن خيف عليه لم يجز أن يختتن بل ينتظر حّتى يصير بحيث يغلب على الظن سلمته لنققه ل تعّبققد‬
‫فيما يفضي إلى التلف«‪.4‬‬

‫ويذكر النووي أن فاطمة كانت تختن ولققدها يقوم السققابع ولكقن كققره الحسقن البصقري ومالققك الختقان يقوم سققابعه‬
‫لمخالفة اليهود‪ .5‬وينقل لنا إبن حجر مواقف الفقهاء في هذا المر‪:‬‬
‫»قال الماوردي‪ :‬له وقتان وقت وجوب ووقت إستحباب‪ .‬فققوقت الوجققوب البلققوغ ووقققت السققتحباب‬
‫خر ففي الربعيققن يوم قًا‪،‬‬ ‫َقبله‪ .‬والختيار في اليوم السابع من بعد الولدة‪ ،‬وقيل من يوم الولدة‪ ،‬فإن أ ّ‬
‫خر ففي السنة السابعة‪ ،‬فإن بلغ وكان نضوًا نحيفًا يعلم من حاله أنه إذا ختن تلف سقط الوجوب‪.‬‬ ‫فإن أ ّ‬
‫ل لعققذر‪ .‬وذكققر القاضققي حسققن أنققه ل يجققوز أن يختتققن‬ ‫خر عن وقت الستحباب إ ّ‬ ‫ويستحب أن ل يؤ ّ‬
‫الصبي حّتى يصير إبن عشر سنين لنه حينئذ يوم ضربه على ترك الصققلة‪ ،‬وألققم الختققان فققوق ألققم‬
‫الضرب فيكون أولى بالتأخير ]‪ .[...‬وقال إمام الحرمين‪ :‬ل يجب َقبققل البلققوغ لن الصققبي ليققس مققن‬
‫أهل العبادة المتعّلقة بالبدن فكيف مع اللم ]‪ .[...‬وقال أبو الفرج السرخسي‪ :‬فققي ختققان الصققبي وهققو‬
‫صغير مصلحة من جهة أن الجلد بعد التمييز يغلظ ويخشن فمن ثم جّوز الئّمة الختان َقبل ذلك‪ .‬ونقل‬
‫المنذر عن الحسن ومالك كراهة الختان يوم السابع لنه فعل اليهود‪ .‬وقال مالققك‪ :‬يحسققن إذا أثغققر أي‬
‫ألقى ثغره وهو مقّدم أسنانه‪ ،‬وذلك يكون في السبع سنين وما حولها‪ .‬وعن الليث يستحب ما بين سققبع‬
‫سنين إلى عشر سنين‪ .‬وعن أحمد لم أسققمع فيققه شققيئًا ]‪ .[...‬وعققن جققابر أن النققبي )ص( ختققن حسققنًا‬
‫وحسينًا لسبعة أّيام‪ .‬قال الوليد فسألت مالكا عنه فقال‪ :‬ل ادري ولكن الختان طهقرة فكّلمقا ققّدمها كقان‬
‫أحب إلي«‪.6‬‬

‫ول يذكر إبن حجر السن التي يجب فيها ختان الناث إّنما يقول‪» :‬ول يرد وجوب المّدة على الصبّية لنه ل يتعّلق‬
‫به تعب بل هو مضي زمان محض«‪.7‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.101‬‬ ‫‪1‬‬

‫سَنن والثار‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.450-447‬‬


‫أنظر البيهقي‪ :‬معرفة ال ُ‬ ‫‪2‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪4‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.309‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.343-342‬‬ ‫‪6‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.343‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪238‬‬
‫ونشير هنا إلى أن بعض الفقهاء يستثنون المجنون من وجوب الختان لنه ليققس مققن »أهققل الوجققوب«‪ .1‬وبعضققهم‬
‫الخر قال بأن على ولي المجنون ختنه‪.2‬‬

‫سقّنة‬
‫وفيما يخص سن الختان عند الشيعة‪ ،‬نقرأ عند العاملي‪» :‬سألت أب الحسن عن ختان الصبي لسبعة أّيام مققن ال ُ‬
‫خر فل بأس«‪ .‬ويذكر حديثًا للنبي‪» :‬أختنققوا أولدكققم‬ ‫سّنة‪ ،‬وإن أ ّ‬
‫خر فأيهما أفضل؟ قال‪ :‬لسبعة أّيام من ال ُ‬
‫هو‪ ،‬أو يؤ ّ‬
‫يوم السابع فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم«‪ .‬وحققديثًا آخققر عققن جعفققر عققن أبيققه قققال‪» :‬سقّمى رسققول الق الحسققن‬
‫ضقة«‪.3‬‬ ‫والحسين لسبعة أّيام وعق عنهما لسبع وختنهما لسقبع وحلقق رؤوسقهما لسقبع وتصقّدق بزنقة شقعورهما ف ّ‬
‫خر جاز‪ .‬ولو بلغ ولققم يختققن‪ ،‬وجققب أن يختققن‬ ‫والمحّقق الحلي )توّفى عام ‪ (1277‬يقول‪ :‬مستحب يوم السابع ولو أ ّ‬
‫‪5‬‬
‫لمة الحلي )توّفى عام ‪ (1325‬فيرى أن ختان المولود يجب أن يكون بعد البلققوغ ‪ .‬ويققرى الطوسققي‬ ‫نفسه‪ .4‬أّما الع ّ‬
‫خر لم يكن فيه حرج إلى وقققت بلققوغه‪ .‬فققإذا بلققغ وجققب‬ ‫خر‪ .‬فإن أ ّ‬‫أنه يستحب أن يختن الصبي اليوم السابع‪ ،‬ول يؤ ّ‬
‫ختانه ول يجوز تركه على حاله‪.6‬‬

‫وكما هو المر عند اليهود‪ ،‬فقد مارس المسلمون الختان حّتى في عصر إضطهادهم من ِقَبل المسيحّيين في إسبانيا‬
‫بعقد خقروج المسققلمين منهققا رغققم أن الختقان كققان وسقيلة للكشقف عنهقم وسقببًا لضقطهادهم‪ .‬وكقان المسققيحّيون‬
‫يفرضون على المسلمين الذين يتحّولون عن إسلمهم ويصبحون مسيحّيون عدم ختان أطفالهم تحت طائلة الموت‪.‬‬

‫وفيما يخص سن الختان في عصرنا يقول المرصفي بعد إستعراض آراء الفقهاء القققدامى بققأن الختققان واجققب بعققد‬
‫البلوغ حتمًا‪ .‬أّما َقبل البلوغ فليس له وقت محّدد وأنه ل مانع من ختانه في أي وققت مقن حيققن ولدتققه إلقى البلقوغ‬
‫ضل هو الّيام السبعة الولى لن الوليد يكون قليل الشعور باللم والجراح تكون أسرع إلتئامًا‪.7‬‬
‫ولكن الوقت المف ّ‬

‫ويقول السّكري أنه يختار رأي الماوردي في ختان الذكر والنثى لنه‬
‫سم وقت الختان إلى قسمين‪ :‬وقت إستحباب ويبدأ مققن يققوم السققابع‬ ‫»يّتسق وطبيعة المور‪ .‬ذلك أنه يق ّ‬
‫من الولدة وحّتى البلوغ‪ .‬وفي هذا تيسير على الناس بوجود هققذه الفرصققة الققتي يسققتطيعون فيهققا أن‬
‫يختنوا أولدهم في إطمئنان لختيار الوقت المناسب للطفل أو الطفلققة مققن حيققث إكتمققال كققل منهمققا‪،‬‬
‫ومن حيث المناخ الذي يجرون فيه هذه العملّيققة ]‪ .[...‬أّمققا عنققدما يحيققن مشققارفة الصققبي أو الصققبّية‬
‫ل لمر الشارع فيه‪ ،‬حّتى ل يفوت الوان وتصققبح هققذه العملّيققة‬ ‫للبلوغ فهنا يتعّين الختان وجوبًا إمتثا ً‬
‫حية خطيرة‪ ،‬وأخرى دينّيققة حيققث ل‬ ‫من المشّقة بمكان‪ .‬ول يخفى ما لعدم ختان الذكر من أضرار ص ّ‬
‫يستطيع أن يؤّدي عباداته في طهارة«‪.8‬‬

‫حة جّيدة وإ ّ‬
‫ل‬ ‫وبخصوص ختان النثى‪ ،‬يرى السّكري أنه يجب أن ل يقل سن البنت عن سبع سنوات إذا كانت بص ّ‬
‫فعشر حّتى تستطيع أن تتحّمل إجراء هذه العملّية بخلف الذكر فإنه يجوز يوم السابع من ولدته‪.9‬‬

‫وقد جاء في إحدى الدراسات أن في مصر يتم ختان الذكور بين ‪ 40-7‬يومًا‪ ،‬أو بين سنة وسنتين‪ .‬أّما ختان الناث‬
‫خر‬
‫سقر العاّمقة هقذا الختلف بقأن ختقان النقاث أكقثر ألمقًا ولقذا يقؤ ّ‬
‫فيتم بين خمسة سنين إلى إثنا عشرة سنة‪ .‬ويف ّ‬
‫ختانها حّتى تتحّمل اللم‪ .‬ولهم أيضًا تفسير آخر يقول إن البظر يظهر في زمن البلوغ وأنه يكبر إذا قطع ُقبققل ذلققك‬
‫في الصغر‪ .‬ول يترك البظر لبعد سن العاشرة لنه يحتك بالملبس‪ .‬وبعض النساء أوضحت أنه تم ختانهن مّرتيققن‬

‫النصاري‪ :‬شرح المنهج‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪174‬؛ النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫قليوبي وعميرة‪ :‬جزء ‪ ،4‬ص ‪.211‬‬ ‫‪2‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،51‬ص ‪.166-165‬‬ ‫‪3‬‬

‫المحّقق الحلي‪ :‬شرائع السلم‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.288‬‬ ‫‪4‬‬

‫لمة الحلي‪ :‬تبصرة المتعّلمين‪ ،‬ص ‪.186‬‬ ‫الع ّ‬ ‫‪5‬‬

‫الطوسي‪ :‬النهاية في مجّرد الفقه والفتاوى‪ ،‬ص ‪ .502‬أنظر أيضًا الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬صفحة ‪220‬؛ الخوانساري‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫جامع المدارك في شرح المختصر النافع‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪.463-462‬‬


‫المرصفي‪ :‬حديث الختان‪ ،‬ص ‪.47‬‬ ‫‪7‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪8‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪239‬‬
‫وأن أّمها ختنت ثلث مّرات‪ .1‬ونشير إلققى أن هنققاك مققن يختققن أولده جميعقًا فققي يقوم واحققد إقتصققادًا لمصققاريف‬
‫الحفلة‪ .‬فيكون بين الولد الكبير والصغير‪.‬‬

‫وقد سمعت عن عادة من أستاذ في جامعة عدن أنه في بعض المنقاطق اليمنّيقة تجققرى عملّيقة الختقان َقبققل القزواج‬
‫سقر‬‫بقليل‪ .‬وعلى الرجل أن يتحّمل هذه العملّية بشجاعة حّتى يثبت رجولته للفتققاة الققتي يريققد أن يقققترن بهققا‪ .‬وقققد ف ّ‬
‫ل ما يتلقون َقبققل الققزواج‪ .‬ويكونققوا‬ ‫الستاذ المذكور سبب التأخير في إجراء هذه العملّية بأن الشباب والشاّبات قلي ً‬
‫في حالة هياج عند لقائهم لّول مّرة بعد عقد الققزواج وقققد يكققون دخققول العريققس بزوجتققه فققي ليلتققه الولققى أشققبه‬
‫بالغتصاب‪ .‬لذا فإن عملّية الختان التي تجرى َقبل الزواج تجبر الزوجين في أّول أّيامهما الزوجّية علققى التعققارف‬
‫والتلطف حّتى يشفى جرح الختان قبل أن يمارسا العلقات الجنسّية‪.‬‬

‫وكتب الستاذ أحمد محّمد جمال في كتابه »يسألونك« أن أحد الحضور في نادي جيزان الدبي )في السعودّية( قققد‬
‫ذكر له أن عملّية الختان في هذه المدينة تجرى على الشاب بعد أن يبلغ الخامسة عشرة من عمره‪ ،‬وتقققام لققه حفلققة‬
‫أو مأدبة وتّدق له الطبول كأنه إحتفال بزواج‪ .‬فاستنكر الستاذ هذا التأخير في إجققراء الختققان ورأى أنققه يجققب أن‬
‫يتم »كما هو مطلوب عند العلماء ‪ -‬في اليوم السابع أو الرابع عشر أو الحادي والعشرين من عمر المولققود‪ ،‬فققذلك‬
‫أفضل وأخف إيلمًا للطفل‪ ،‬وأسرع شفاءًا للجراحة الحاصلة بسببه«‪.2‬‬

‫وإذا ما رجعنا إلى كتابات الطّباء المسلمين الحديثة في موضققوع سققن الختققان وجققدنا أن محّمققد علققي البققار يققرى‬
‫ضرورة ختان الولد في وقت مبّكر ويضيف‪:‬‬
‫»ولنا هنا ملحظة وهي أن الشافعّية هم الذين إستحّبوا ختان الطفل المولود في يوم سابعه بنققاء علققى‬
‫ما ورد أن النبي )ص( ختن الحسن والحسين وعق عنهما في اليققوم السققابع لميلد كققل واحققد منهمققا‪.‬‬
‫وهذا هو ما يؤّكده الطب الحديث والبحاث العديدة الققتي أجريققت فيققه‪ .‬فالعملّيققة لققدى الطفققل المولقود‬
‫أسهل وآمن وأقل كلفة )تجرى بتخدير موضعي وفي بعض الحيان بدون تخدير(‪ .‬أّما الطفققل الكققبير‬
‫فيجب أن تجرى له تحت التخدير الكامل وتكثر مضاعفاتها نسبيًا‪ .‬وترك الطفل بدون ختان حّتى سقن‬
‫السابعة أو العاشرة أو سن البلوغ يؤّدي إلى حدوث كثير من مضاعفات عدم الختان ]‪ .[...‬وإذا كانت‬
‫الظروف في الماضي تسمح بمثل هذه الطريقة فإن المر الن مختلف‪ ،‬ول بد من إجراء الختققان فققي‬
‫الطفولة الباكرة لتجّنب هققذه المضققاعفات‪ ،‬مقا عقدا الحقالت القتي يققّرر فيهققا الطقبيب تأجيقل عملّيققة‬
‫الختان‪ .‬وغالبًا يمكن إجراؤها في اليوم الربعين أو ما حققوله‪ ،‬ومققن النققادر أن يضققطر الطققبيب إلققى‬
‫ترك الختان لذلك الطفل كما يحدث في حالت التشويهات الخلقّية في القضققيب حيققث تسققتعمل الغلفققة‬
‫وجلدتها في عملّيات إصلح التشّوه«‪.3‬‬

‫واكتفى البار برأي الشافعّية تاركًا قول المذاهب الخرى التي تخالفها‪ .‬ورأيه هذا مخققالف لققرأي الققدكتور القققادري‬
‫الذي يرى أن إجراء الختان بعد الولدة مباشرة أو بعد ثمانية أّيام منها قد يشّكل خطققورة بالغققة علققى حيققاة الطفققل‪.‬‬
‫وقد ساق القادري الحجج العلمّية ليصل إلى نتيجة مفادها أنه »من المستحسن عدم القيام بإجراء الختان فققي الثلث‬
‫السنين الولى من العمر‪ ،‬وأن أفضل وقت للقيام بإجرائه هو عندما يكون عمر الطفل مقا بيقن ثلث وأربقع سقنين‪.‬‬
‫ذلك العمر المثالي الذي فيه الطفل قد أصبح نظيفًا ومتعّرفا على عناصر جسده‪ ،‬ولم يدخل بعد إلى المدرسة‪ .‬ويشذ‬
‫صة الشديد منه الذي يؤّدي إلقى إنسقداد البقول«‪ .‬وحجقج‬ ‫عن ذلك حالة عندما يكون الطفل مصابًا بتضّيق الغلفة خا ّ‬
‫القادري هي باختصار‪:‬‬

‫‪ (1‬إن المواد اللزمة لتجليط الدم عند الطفال تتكّون في أمعاء الطفل بعقد سقّتة أّيقام مقن ولدتقه‪ ،‬ول تكتمقل تلقك‬
‫ل بعد خمسة عشر يومًا على الكثر لذا فإن إجراء الختان للطفال بعد الولدة مباشققرة أو بعققد ثمانيققة أّيققام‬
‫المواد إ ّ‬
‫منه قد يعّرضهم لنزيف دموي قد يؤّدي بحياتهم في بعض الحيان‪.‬‬

‫‪Abd-el-Salam, p. 82‬‬ ‫‪1‬‬

‫جمال‪ :‬يسألونك‪ ،‬ص ‪.728‬‬ ‫‪2‬‬

‫البار‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.81-80‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪240‬‬
‫‪ (2‬يظهر عند حديثي الولدة يرقان وظيفي وغير مرضي بدءًا من اليوم الثالث للولدة ويختفققي فققي اليقوم العاشققر‬
‫تقريبًا‪ .‬أّما سبب هذا اليرقان فيرجع إلى إنحلل الكريات الحمر الزائدة لققدى الرضققيع‪ .‬وهققذا النحلل يققؤّدي إلققى‬
‫زيادة شديدة في تكوين ماّدة البيليروبين التي ل تستطيع الكبد من إطراحها في مّدة بسيطة مّمققا يققؤّدي إلققى تضقّرج‬
‫أنسجة الطفل وملتحمته باللون الصفر‪ .‬وزيادة بيليروبين المصل وإنهاك الكبد في إطراحها قد يؤّثران على نقققص‬
‫في العوامل المخّثرة التي يقوم بتركيبها الكبد مّما يؤّدي إلى إضطراب في تخّثر دم الوليد بعد ولدته‪.‬‬

‫‪ (3‬قد ل تنفصل الغلفة عن الحشفة وتبقيان ملتصقتين بعضهما مع بعض عند بعض الذكور حّتى السنة الثالثققة مققن‬
‫العمر‪ .‬مّما قد يجعل عملّية الختان ل تخلو من خطورة‪.‬‬

‫صة في الشهر الثلثة الولققى مققن العمققر بالتهققاب يققدعى إلتهققاب الجلققد‬
‫‪ (4‬كثيرًا ما يصاب الرضع الصغار وخا ّ‬
‫المويناكي الذي قد يصيب عندهم منطقة الليتن والعضاء التناسلّية وذلك من جّراء عققدم إسققتطاعة الرضققع مققن‬
‫القيام بنظافة أنفسهم‪.1‬‬

‫ويذكر الجمل أنه إذا ضعف الطفل عن إحتمال الختان لمرض أو لِعّلققة بحيققث يخققاف عليقه مققن التلققف أو المققوت‪،‬‬
‫ويستمر به الضعف كذلك‪ ،‬فهذا يعذر في تركه إذ غايته أنه واجب فيسقط بالعجز عنه كسائر الواجبات‪ .‬وإذا زالت‬
‫الِعّلة وجب الختان بعد زوالها‪ .‬والكبير الذي يسلم ويخاف على نفسه منه فهذا يسقط عنه‪ .2‬ولكن السّكري يققرى أن‬
‫الوضع اليوم يختلف عّما كان عليه المر في زمن الفقهاء القدامى بسبب تقّدم الطب‪ .‬لذلك فهو يتشّدد في ضققرورة‬
‫الختان‪ .‬يقول‪:‬‬
‫حة مققن مقرض السقرطان بالنسقبة للرجقال‪ ،‬أرى أن يجققبر‬ ‫»ولّما كققان الختقان ضققرورة لحفقظ الصق ّ‬
‫علموا‪ -‬على الختان على يد طبيب مسلم حاذق‪ .‬وهو طبعاً سيستخدم‬ ‫الشخاص الذين لم يختتنوا ‪ -‬إن ُ‬
‫المخقّدرات واللت الجراحّيققة المعّقمققة ليقتطققع تلققك الغلفققة الققتي بهققا عقّدة مضققار للنسققان أبرزهققا‬
‫ل بقطعهققا‬
‫الصققابة بمققرض السققرطان‪ ،‬كمققا أن بهققا نجاسققة ل يسققتطيع صققاحبها النفكققاك عنهققا إ ّ‬
‫لضققرورة أداء شققعائر السققلم‪ .‬ولققذلك يقققول الفقهققاء عنققه‪ :‬إن الختققان شققعار المسققلمين كسققائر‬
‫شعائرهم«‪.3‬‬

‫ويرى الدكتور عبد الرحمن القادري عدم الختان في الحالت التالية‪:‬‬


‫‪ (1‬يمنع ختان الطفل عندما يكون مصابًا بالتهاب الكبد النتاني الذي يكون اليرقان أحد تظاهراته‪.‬‬
‫‪ (2‬يمنع ختان الطفل عندما يكون مصابًا بأحد الدواء النزفّية كنقص فيتامين أو عندما يكققون مصققابًا‬
‫بالناعور حّتى تصلح تلك الدواء ونقوم بإعطاء الطفل المواد الناقصة لديه والتي لها دور في إحداث‬
‫التخّثر‪.‬‬
‫‪ (3‬عندما يكون المختتن مصابًا بأحد المراض المنتقلة بالجنس‪ .‬ففي حالققة إصققابته بأحققد المققراض‬
‫التي يمكن معالجتها مثل الفرنجي الخلقي أو الكسبي علينا المعالجة أّول وبعدها الختان‪ .‬أّما في حال‬
‫إصابته باليدز فل نرى فائدة من القيام بختانه‪.4‬‬

‫ل في الحالت المرضّية المستعصققية عنققدما ل تسققمح‬‫وسوف نرى في الجزء الطّبي أنه يجب عدم إجراء الختان إ ّ‬
‫الوسائل الطّبية الخرى في شفاء المريض‪ .‬وهذه حالت نادرة جّدا ل تزيد عن حالت قطع الِرجل أو اليققد بسققبب‬
‫الصابة بالغنغرينا‪.‬‬

‫ب( الذي يعتنق السلم‬

‫يستعرض الباجي أقوال الفقهاء فيمن يعتنق السلم فيقول‪:‬‬

‫القادري‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.98-97‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪3‬‬

‫القادري‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪241‬‬
‫»أختلف في الشيخ الكبير يسلم فيخاف على نفسه من الختتان‪ .‬فقال محّمد بن الحكم له تركه وبه قال‬
‫الحسن بن أبي الحسن البصري‪ .‬وقال سحنون ل يتركه وإن خاف على نفسه كالذي يجب عليه القطع‬
‫في السرقة أنه ل يترك قطعه من أجل أنه يخاف على نفسه‪ .‬وهذا مققن سققحنون يقتضققي كققونه واجبقًا‬
‫عّلة لم تجز إمققامته‬
‫متأّكد الوجوب وال أعلم‪ .‬وروى إبن حبيب عن مالك من تركه من غير عذر ول ِ‬
‫ول شهادته ووجه ذلك عندي أن ترك المروءة مؤّثر في رد الشهادة ومن ترك الختان من غيققر عققذر‬
‫فقد ترك المروءة فلم ُتقبل شهادته«‪.1‬‬

‫ويقول النزوي‪:‬‬
‫»إن الختان واجب على كل مسلم لقول النبي )ص( لعبد ال إبن عّبققاس حيققن أسققلم‪ ،‬ألققق عنققك شققعر‬
‫الكفر واختتن‪ .‬قال قتادة وسمعته يأمر من أسلم أن يختتن ولو كققان إبققن ثمققانين سققنة‪ ،‬ولمققن أسققلم أن‬
‫ل موضع الختان‪ .‬ومن‬ ‫يظهر فرجه لرجل أن يختنه‪ ،‬للرجل ذلك‪ ،‬لنه ضرورة‪ ،‬إلّ أنه يستر فرجه إ ّ‬
‫أمر بالختان فلم يفعل قتل‪ ،‬ول يقتل حّتى يبالغ في التأّني به‪ ،‬وأّما النساء فليس عليهن واجبًا ويققؤمرن‬
‫سّنة وقيل فريضة«‪.2‬‬ ‫بذلك إكرامًا لزواجهن وليس هن كالرجال فالختان للنساء َمكُرَمة وللرجال ُ‬

‫ويضيف النزوي‪:‬‬
‫»من أسلم في وقت يخاف على نفسه من الختان أو ل يجد من يختنه فله تأخير ذلك إلى أن يأمن على‬
‫نفسه‪ ،‬ويعّلم القرآن في حال عذره ويصّلى عليه إن مات‪.‬‬
‫قال أبو أحمد‪ ،‬قال أصحابنا إنه إذا خاف على نفسه التلف من شّدة البرد فله تأخير الختققان إلققى وقققت‬
‫يرجو فيه السلمة فجعلوا له العذر مققع الخقوف عليققه مققع وجقوب الختققان ولققزوم فعلققه ولققم يعققذروا‬
‫ل يعققذر‬ ‫الصبي مع الحذر عليه منه والخوف موجود في أمر الصبي والختان أيضًا وقد كققان ينبغققي أ ّ‬
‫البالغ عند الخوف‪ .‬كما أجازوا الختان للصبي مع الخوف عليه‪ .‬وفي قول الحسققن أن الكققبير إذا أسققلم‬
‫فخاف على نفسه العنقت‪ ،‬لعّلقه العطقب‪ ،‬إن إختتقن‪ ،‬أنقه ل يجقب عليقه الختقان‪ ،‬وكقان ل يقرى بأسقًا‬
‫سّنة النبي )ص( أولى بالّتباع من قققول الحسققن وبققال التوفيققق‪.‬‬ ‫بذبيحته‪ ،‬ويرى أن صلته مقبولة‪ ،‬و ُ‬
‫وإذا كان عادة قوم أنهم إذا إختتنوا مققاتوا‪ ،‬معروفيققن بققذلك‪ ،‬فققإنهم ل يختتنققون ويققتركون‪ .‬وإن مققاتوا‬
‫حكمهم الطهارة لن هذا عذر«‪.3‬‬ ‫صّلي عليهم‪ ،‬و ُ‬

‫ويقول إبن قدامة‪:‬‬


‫»قال حنبل سألت أبا عبد ال عن الذمي إذا أسلم ترى له أن يطّهر بالختان؟ قال‪ :‬ل بد من ذلققك‪ .‬قلققت‬
‫إن كان كبيرًا أو كبيرة قال أحب إلي أن يتطّهر لن الحديث »إختتن إبراهيم وهو إبن ثمققانين سققنة«‪.‬‬
‫قال تعالى »ِمّلة أبيكم إبراهيم« )الحج ‪ (78:22‬ويشّرع الختققان فققي حققق النسققاء أيضقًا ‪ ...‬وإن أسققلم‬
‫رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنققه لن الغسققل والوضققوء وغيرهمققا يسقققط إذا خققاف‬
‫على نفسه منه فهذا أولى‪ ،‬وإن أمن على نفسه لزمه فعله«‪.4‬‬

‫ويذكر إبن قّيم الجوزّية أن الختان يمنع في حالة خوف التلف‪:‬‬


‫»ظاهر كلم أصحابنا أنه يسقط وجوبه فقط عند خوف التلققف‪ .‬والققذي ينبغققي أن يمنققع مققن فعلققه ول‬
‫يجوز له‪ .‬وصّرح به في شرح الهداية‪ :‬فقال يمنع منققه‪ .‬ولهققذا نظققائر كققثيرة‪ ،‬منهققا الغتسققال بالمققاء‬
‫البارد في حال قّوة البرد والمرض‪ ،‬وصوم المريققض الققذي يخشققى تلفققه بصققومه وإقامققة الحققد علققى‬
‫المريض والحامل وغير ذلك‪ .‬فإن هذه العذار كّلها تمنع إباحة الفعل كما تسقط وجوبه«‪.5‬‬

‫ونشير هنا إلى أن الصاوي )توّفى عام ‪ (1825‬يسقط الختان عن البالغ إذا ل يستطيع ختان نفسه‪:‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪232‬؛ أنظر أيضًا القّرافي‪ :‬الذخيرة‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪.278‬‬ ‫‪1‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.42‬‬ ‫‪2‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪44-43‬؛ وأعاد هذا الكلم الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.437‬‬ ‫‪3‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.80‬‬ ‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪ .71‬أنظر أيضًا البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪242‬‬
‫سقّنة‪،‬‬
‫»ل يجوز للبالغ أن يكشف عورته لغيره لجل الختان‪ ،‬بل إن لم يمكنققه الفعققل بنفسققه سقققطت ال ُ‬
‫وسقوطها عن النثى أولى بذلك«‪.1‬‬

‫وفيما يخص الشيعة‪ ،‬يذكر العاملي حديثًا لعلي‪» :‬إذا أسلم الرجقل إختتقن ولقو بلقغ ثمقانين سقنة«‪ .2‬كمقا يقذكر عقن‬
‫المرادي أنه قال‪ :‬سألت أبا جعفر عليه السلم عن الجارية تسبى من أرض الشرك فتسلم فيطلب لهققا مققن يخفضققها‬
‫سّنة فالختان على الرجال‪ ،‬وليس على النساء«‪ .3‬ويقول المحّقق الحلي )توّفى عققام‬ ‫فل يقدر على إمرأة‪ .‬فقال‪ :‬أّما ال ُ‬
‫‪4‬‬
‫‪ :(1227‬ولو أسلم كافر غير مختتن وجب أن يختن ولو كان مسّنا‪ .‬ولو أسلمت إمرأة لققم يجققب ختانهققا واسقُتحب ‪.‬‬
‫ويقول زين الدين الجبعي العاملي‪» :‬يستحب خفض النسققاء وإن بلغققن‪ .‬قققال الصققادق‪ :‬خفققض النسققاء َمكُرَمققة وأي‬
‫شيء أفضل من الَمكُرَمة«‪.5‬‬

‫وفي عصرنا‪ ،‬نجد نوعًا من التشّدد في الختان كما توضحه الحادثتان الظريفتان التاليتان‪:‬‬

‫جاء في كتاب تاريخ آل سعود لناصر السعيد‪:‬‬


‫أرسل النكليز جنودًا إلى الجزيرة العربّية لدعم إبن سعود وأرسل معهققم عتققادًا كققثيرًا مققن السققلحة‪.‬‬
‫وعندما إرتاب البدو بوجود هذه السلحة الضققخمة وقادتهققا مققن »الكّفققار النقريققز« أي النكليققز أخققذ‬
‫فيلبي يسك فتاوى رجال الدين السعوديين فيفتون البدو فيزعم رجال الدين »إن هذه السلحة الضخمة‬
‫أخذها المسلمون غنائم من قادتها النكليز الكّفار الذين كققانوا يقققاتلون لققدى الشققريف حسققين وأولده‪،‬‬
‫وهذا دليل على كفر الشريف حسن وذّريته‪ .‬وإن هقؤلء الكّفقار الضقّباط النكليقز يعملقون الن معنقا‬
‫خرهم ال للمسلمين وأنهم ضمن الغنائم وأنه ل يجوز قتلهم من ِقَبل المسلمين لنهققم أصققبحوا‬ ‫كخدم س ّ‬
‫يخدمون السلم«‪.‬‬
‫ولقد ثار »الخوان المسلمون« السعوديون ثانية لكتشافهم أن هذا العدد الضخم من الضباط النكليققز‬
‫جميعهم غيققر »مطّهريققن«‪ .‬فحققاولوا قتلهققم مّمققا إضققطر عبققد العزيققز لحشققد الضقّباط النكليققز أمققام‬
‫»الخوان« في حفل حاشققد وأمققر بقطققع أغلفقة ذكقورهم أي تطهيرهققم! وفقرض علققى كقل إنكليققزي‬
‫ل ال وأن محّمدا رسول ال«‪ .‬وقد تم ذلك بحضققور‬ ‫»يطّهر« أن ينطق بالشهادتين‪» :‬اشهد أن ل إله إ ّ‬
‫مشايخ الدين الوهابي‪ :‬عبد ال بن حسن‪ ،‬عبققد الرحمققن بقن عبقد اللطيقف مقن سققللة محّمقد بقن عبققد‬
‫الوهاب‪ ،‬عبد الرحمن بن داود‪ ،‬محّمد بن عثمان الشاري‪ ،‬عبد ال بن زاحم‪ ،‬مبارك بن بققاز‪ ...‬الققذين‬
‫أفتوا بدخول النكليز السلم بعد أن أصبحوا غنائم للمسلمين ضمن أسلحة الشققريف حسققين وضققمن‬
‫الحجاز كّله‪.6‬‬

‫ويقول أحمد أمين )توّفى عام ‪ (1954‬في قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرّية الذي كتبه عام ‪:1950‬‬
‫»يولي المصرّيون الختان أهّمية كبرى‪ ،‬حّتى لقد بلغني أن قبيلة سودانّية أرادت الدخول فققي السققلم‬
‫فكتب رئيسها إلقى بعقض علمقاء الزهقر يستوضقحه السقلم ومقا يفعلقه أفقراد ققبيلته لقدخولهم فقي‬
‫السلم‪ .‬فكتب إليه العالم الزهري قائمة بما يجب أن يعملوه‪ .‬فكان أّولها الختان‪ ،‬فرفضت القبيلققة أن‬
‫تسلم‪ ،‬وقد كانت هذه المسألة قّلة ذوق«‪.7‬‬

‫وقد سئلت اللجنة الدائمققة للبحققوث العلمّيققة والفتققاء السققعودّية بققأن نصققرانيًا وزوجتققه أرادا الققدخول فققي السققلم‬
‫فأمرهما مقّدم الستفتاء بغسل البدن وبالنطق بالشهادتين عن طوع ورضا واستسلم والختان‪ .‬فهل هقذا صققحيح أو‬
‫ل؟ وكان رد اللجنة عن الختان ما يلي‪:‬‬

‫الصاوي‪ :‬حاشية‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.152‬‬ ‫‪1‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.166‬‬ ‫‪2‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪167‬؛ أنظر أيضًا الكليني‪ :‬الفروع من الكافي‪ ،‬جق ‪ ،6‬ص ‪.37‬‬ ‫‪3‬‬

‫المحّقق الحلي‪ :‬شرائع السلم‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.288‬‬ ‫‪4‬‬

‫العاملي‪ :‬اللمعة الدمشقّية‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.447‬‬ ‫‪5‬‬

‫السعيد‪ :‬تاريخ آل سعود‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.235-234‬‬ ‫‪6‬‬

‫أمين‪ :‬قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرّية‪ ،‬ص ‪.187‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪243‬‬
‫خرت دعوة مققن رغققب فققي‬
‫»]‪ [...‬وأّما الختان فواجب على الرجال وَمكُرَمة في حق النساء لكن لو أ ّ‬
‫السلم إلى الختان بعض الوقت حّتى يستقر السلم في قلبه ويطمئن إليه لكان حسنًا خشية أن تكون‬
‫المبادرة بدعوته إلى الختان منّفرة له من السلم«‪.1‬‬

‫وقد سبق أن ذكرنا وجود تّيار إسلمي في الوليات المّتحدة يرفض كل من ختان الذكور والناث لن ل ذكر لهما‬
‫في القرآن‪ .‬وهناك أيضًا من يرى ترك الحّرية للفرد معتبرًا أن ختان القذكور مسقتحّبا وليقس واجبقًا‪ .‬فققد جقاء فقي‬
‫سؤال بواسطة شبكة »النترنت« عّما إذا كان على المريكي الذي لم يكن مختونًا أن يختتن عند إعتنققاقه السققلم‪.‬‬
‫وقد رد عليه مسلم آخر من كندا يظهر من إسمه أنه أيضًا من معتنقي السلم‪ 2‬بمققا مفققاده بققأنه ليققس علققى أحققد أن‬
‫يختتن مهما كان جنسه العرققي أو لقونه‪ .‬فالختقان لققم يقذكره الققرآن ولكّنقه عقادة تكققاد تكققون عاّمقة بيققن الشقعوب‬
‫سّنة وليس واجبًا فرضًا‪.‬‬ ‫السلمّية في العالم‪ .‬وأضاف بأن أكثر العلماء المسلمين قديمًا وحديثًا يعتبر ختان الذكور ُ‬
‫فالواجب والفرض هو ما أمر به ال كالصلوات اليومّية‪ ،‬وصيام رمضقان والمتنقاع عقن أكقل الخنزيققر أو شقرب‬
‫سقّنة‪ ،‬فهقي عقادات أو تقاليقد‪ .‬منهقا مقا يعتقبره بعقض العلمقاء‬ ‫الخمر‪ ،‬والمتناع عن أخذ أو إعطاء الربا الخ‪ .‬أّما ال ُ‬
‫واجب‪ ،‬وهي ما إّتبعها أو أوصى عليها أو سمح بهققا النققبي محّمققد‪ .‬وكققثير مققن عاّمققة الشققعب يعتققبر هققذه العققادات‬
‫إجبارّية‪ .‬أّما العلماء والفقهاء فإنهم يعتبرون عققدم إّتباعهققا ليققس بالضققرورة معصققية وفققي بعضققها للمققؤمن حّريققة‬
‫سّنة‪ .‬وهو واجب عام ولكن ليس إجباري بصورة حتمّية‪ .‬حّتى أنه في‬ ‫الختيار فيّتبعها أو ل يّتبعها‪ .‬أّما الختان فهو ُ‬
‫السعودّية‪ ،‬حيث القوانين الدينّية متشّددة جّدا‪ ،‬هناك تسامح مع من يعتنق السققلم‪ .‬فهنالققك يفققرض القققانون الختققان‬
‫ل أنه إذا خاف من الختان إلى حد ثنيه عن إعتناق السلم‪ ،‬فإنه يبقى غيققر مختونقًا علققى‬ ‫على من يعتنق السلم‪ ،‬إ ّ‬
‫أمل نمو إيمانه وشجاعته لتحّمل الختان‪.‬‬

‫ويذكر هنا صاحب الرد كتابًا صدر عن المركز السلمي في جنيف يقول مؤّلفه )وهو سويسري إعتنققق السققلم(‬
‫إن ختان الصبيان تقليد ققوي جقّدا يرجقع إلقى إبراهيقم‪ .‬وهقو عقادة مّتبعقة بيقن كقل الشقعوب السقلمّية‪ .‬والفقهقاء‬
‫يعتبرونه واجب ولكقن ليققس إجبقاري‪ .‬وإذ إن الققرآن لققم يققأتي بققه‪ ،‬فققإنه ل يمكققن فرضقه حتميقًا علققى مقن يعتنققق‬
‫السلم‪ .3‬ويستشهد الرد بكتاب مسلم من شمال إفريقيا يقول إن الختان ُ‬
‫سّنة مؤّكدة‪ ،‬مّما يعني أنهققا مطلققب شققرعي‬
‫مشّدد عليه ولكن ليست إجبارّية‪.4‬‬

‫وهذا الموقف يمكن أن يعتبر تجديدًا في مجال الختان أو على القل رجوعًا لموقف إبقن المنقذر وحسقن البصقري‪.‬‬
‫ل في دول تعرف قدرًا من الحّرية الشخصّية‪.‬‬
‫ولكن مثل هذا الرأي ل يمكن أخذه إ ّ‬

‫وقد طرحت علي عام ‪ 2002‬قضّية شاب مسيحي يعيش في سويسرا أراد الزواج مققن بنققت مسققلمة مققن إندونيسققيا‬
‫فطلب منه أبوها إعتناق السلم ففعل‪ .‬وقد قام بشراء تذاكر السققفر لققه ولهلققه للققذهاب إلققى بلققد خطيبتققه لمراسققيم‬
‫الزواج‪ .‬وعندها طلب منه أبو البنت أن يختتن فصدم لهذا الطلب لن الب كققان يعققرف سققابقًا بققأنه غيققر مختققون‪.‬‬
‫صة أن إندونيسيا تتطّلب موافقة الب على الزواج‪ .‬وقد حققاول إقنققاع الب‬ ‫وأعتبر الخطيب هذا الطلب إبتزازًا‪ ،‬خا ّ‬
‫العدول عن مطلبه وفي حالة رفضه ذلك قد تترك الخطيبة بلدها للزواج في الخارج دون موافقة أبيها‪ .‬وقد حققاولت‬
‫إرشاد الشاب وخطيبته في أن الختان مخالف للقرآن وأرسلت لهم المعلومات الضققرورية ول أعققرف مصققير هققذه‬
‫القضّية‪.‬‬

‫ج( من ولد أو أسلم مختونًا‬

‫رأينا أن اليهود ينزلققون مّمققن يلققد أو يتهقّود مختونقًا نقطققة دم مققن حشققفته تققدعى دم العهققد‪ .‬فمققا هققو الوضققع عنققد‬
‫المسلمين؟‬

‫أنظر الملحق ‪ 14‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫السؤال كان من ‪ Newsgroups: soc.religion.islam, 3 January 1996, ggtate@aol.com‬والجواب من‬ ‫‪2‬‬

‫‪(Abdelkarim Benoît Evans (Kevans@qbc.clic.net‬‬


‫‪Du Pasquier: Découverte de l'Islam, p. 100‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Chebel: Dictionnaire des symboles musulmans, p. 101‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪244‬‬
‫يقول النزوي‪» :‬وإذا خلق ال إحليل إنسان مكشقوف الحشقفة كالختقان لقم يجقب عليقه الختققان لن القصققد بالختققان‬
‫إظهار الحشفة فإذا ظهرت فقد وجدت البغية«‪.1‬‬

‫ويقول إبن الحاج‪» :‬واختلف إن ولد مختونًا هل يختن أم ل على قولين‪ :‬فمنهم من قال هذه مؤنة كفانا الق إّياهققا فل‬
‫ل لضققرورة شققرعّية والضققرورة معدومققة‬ ‫حاجة تدعو إلى فعلها ولن كشف العورة مققن كققبير وصققغير ل يبققاح إ ّ‬
‫والحالة هذه‪ .‬وقال بعضهم ل بد من إجراء الموسى عليه ليقع المتثال«‪.2‬‬

‫ويقول إبن جزي إنه إختلف في من ولد مختونًا‪» :‬قيل قد كفى ال المؤنة فيه فل يتعّرض له‪ ،‬وقيل تجرى الموسققى‬
‫عليه‪ ،‬فإن كان فيه ما يقطع قطع«‪.3‬‬

‫ويقول إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫»إن يولد الرجل ول غلفة له فهذا مستغن عن الختان‪ ،‬إذا لققم يخلققق لققه مققا يجققب ختققانه‪ .‬وهققذا مّتفققق‬
‫خرين‪ :‬يستحب إمرار الموسى على موضع الختان لنه ما يقققدر عليققه مققن‬ ‫عليه‪ .‬لكن قال بعض المتأ ّ‬
‫المأمور به‪ .‬وقد قال النبي )ص(‪» :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما إستطعتم«‪ .‬وقد كان الواجب أمريققن‬
‫مباشرة الحديدة والقطع‪ .‬فإذا سقط القطع فل أقل مققن إسققتحباب مباشققرة الحديققدة‪ .‬والصققواب أن هققذا‬
‫مكروه ل يتقّرب إلى ال به ول يتعّبققد بمثلققه وتنقّزه عنققه الشققريعة‪ ،‬لنققه عبققث ل فققائدة فيققه وإمققرار‬
‫الموسى غير مقصود بل هو وسيلة إلى فعل المقصود‪ .‬فققإذا سقققط المقصققود لققم يبققق للوسققيلة معنققى‪.‬‬
‫ونظير هذا ما قال بعضهم‪ :‬إن الذي لم يخلق على رأسه شعر يستحب له فققي النسققك أن يمققر المققوس‬
‫خرين من أصحاب أحمد وغيرهم‪ :‬إن الذي ل يحسن القققراءة ول‬ ‫على رأسه‪ ،‬ونظير قول بعض المتأ ّ‬
‫الذكر أو أخرس يحّرك لسانه حركة مجّردة‪ .‬قال شيخنا‪ :‬ولو قيل إن الصلة تبطققل بققذلك أقققرب لنققه‬
‫عبث ينافي الخشوع وزيادة عمل غير مشروع‪ .‬والمقصود أن هذا الققذي ولققد ول غلفققة لققه فل ختققان‬
‫عليه«‪.4‬‬

‫ويقول إبن حجر‪:‬‬


‫»إستحب العلماء من الشافعّية فيمن ولد مختونًا أن يمر بالموسى على موضع الختان من غيققر قطققع‪.‬‬
‫قال أبو شامة‪ :‬وغالب من يولد كذلك ل يكون ختانه تاّمققا بققل يظهققر طققرف الحشققفة فققإن كققان كققذلك‬
‫وجب تكميله«‪.5‬‬

‫وبعد أن ذكر الجدل حول ختان من ولد مختونًا يضيف الحطاب )تققوّفى عققام ‪» :(1547‬يجققري علققى القققرع فققي‬
‫الحج«‪ .6‬أي أنه يريد معاملته معاملة القرع الذي يمر الموسى على رأسه في الحج مع أنه ل شعر له‪.‬‬

‫وإمرار الموسى على من يولد مختونًا أمر مّتفق عليه في المصادر الشيعة‪ .‬يروي العققاملي عقن موسققى بققن جعفققر‬
‫ل مختونًا طققاهرًا‬
‫أنه قال لّما ولد إبنه الرضا‪» :‬إن إبني هذا ولد مختونًا طاهرًا مطّهرا‪ .‬وليس من الئّمة أحد يولد إ ّ‬
‫سّنة واّتباع الحنيفّية«‪ .‬ويذكر حديث »إن صاحب الزمان ولققد مختونقًا‬ ‫مطّهرا‪ ،‬ولكنا سنمر الموسى عليه لصابة ال ُ‬
‫‪7‬‬
‫سّنة« ‪.‬‬
‫وأن أبا محّمد قال‪ :‬هكذا ولد‪ ،‬وهكذا ولدنا‪ ،‬ولكنا سنمر عليه الموسى لصابة ال ُ‬

‫جحه سقوط الختان وعدم وجوبه علققى مققن ولققد مختونقًا كمققا نققرى‬
‫وفي عصرنا يقول المرصفي »والذي نراه ونر ّ‬
‫‪8‬‬
‫كراهة إمرار الموسى على موضع الختان منه لن ذلك عبث ل فائدة فيه ويجب أن تنزه الشريعة عنه« ‪.‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪43‬؛ أنظر أيضًا الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.437‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن الحاج‪ :‬المدخل‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.296‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪3‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.81‬‬


‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب؛ أنظر أيضًا في هذا المعنى البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪4‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.340‬‬ ‫‪5‬‬

‫الحطاب‪ :‬مواهب الجليل‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪.258‬‬ ‫‪6‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪164‬؛ أنظر أيضًا الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪.220‬‬ ‫‪7‬‬

‫المرصفي‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪245‬‬
‫د( ختان الخنثى ومن له ذكران‬

‫الخنثى هو الذي يكون له جهازان تناسليان‪ ،‬خلق بهما كذلك‪ ،‬لكن العضوين ل يكونان في مستوى واحد‪ .‬فل بد أن‬
‫ل إلى الظهر من العضوين وتترّتب الحكام الشرعّية عليققه‪.‬‬ ‫يتمّيز واحد منهما عن الخر وبذلك يكون الخنثى مائ ً‬
‫حكم النثى‪ .‬ففي‬ ‫حكم الذكر‪ .‬وإن كان عضو النوثة فيه هو البارز أخذ ُ‬ ‫فإن كان عضو الذكورة فيه هو البارز أخذ ُ‬
‫طاب إن الخنثى يورث من حيث يبققول‪ .‬فققإن بققال مققن المكققان الققذي تبققول منققه النققثى‬ ‫الميراث‪ ،‬يقول عمر بن الخ ّ‬
‫‪1‬‬
‫حكم الختان في‬ ‫أعطي ميراث النثى‪ .‬وإن بال من المكان الذي يبول منه الذكر أعطي ميراث الذكر ‪ .‬ولكن ما هو ُ‬
‫الخنثى؟‬

‫يقول النووي‪» :‬أّما الخنثى المشّكل فقال في البيققان قققال القاضققي أبققو الفتققوح يجققب ختققانه فققي فرجيققه جميعقًا لن‬
‫ل بختانهما«‪ .‬ويذكر النووي رأيًا آخرًا بأنه ل يختققن الخنققثى المشقّكل لن الجققرح‬ ‫صل إليه إ ّ‬
‫أحدهما واجب ول يتو ّ‬
‫‪2‬‬
‫على الشكال ل يجوز‪ .‬وهذا حسب النووي هو الظهر المختار ‪.‬‬

‫ويقول المرداوي‪» :‬إن الخنثى المشّكل في الختان كالرجل‪ .‬فيختن ذكره‪ ،‬وإن لزم النثى ختن فرجه أيضًا«‪.3‬‬

‫ويقول البهوتي‪» :‬وحيث تقّرر وجوب الختان على الذكر والنثى فيختن ذكر خنثى مشّكل وفرجه إحتياطًا«‪.4‬‬

‫ويقول الحطاب‪:‬‬
‫»قال الفاكهاني هل يختتن الخنثى المشّكل أم ل؟ فإذا قلنا يختتن ففي أي الفرجين أو فيهما جميع قًا؟ لققم‬
‫ل‪ .‬واختلف أصحاب الشافعي فقيل يجب إختتانه في فرجه بعد البلوغ وقيققل‬ ‫أرى في ذلك لصحابنا نق ً‬
‫ل يجوز حّتى يتبّين وهو الظهر عندهم‪ .‬قلت‪ :‬الحق أنه ل يختتن لما علمت من قاعدة تغليب الحظققر‬
‫على الباحة«‪.5‬‬

‫هكذا نرى أن الفقهاء إنقسموا بينهم‪:‬‬


‫‪ -‬الرأي الّول يرى ضرورة ختان الخنثى في فرجيه َقبل البلققوغ إحتياطقًا‪ ،‬لن أحققدهما واجققب‪ ،‬ول‬
‫ل بختانهما‪.‬‬
‫صل إليه إ ّ‬
‫يتو ّ‬
‫‪ -‬الرأي الثاني يرى أنه ل يجوز ختان الخنثى حّتى يتبّين العضو الصلي منه‪.‬‬
‫‪ -‬الرأي الثالث يرى أن الخنثى المشّكل ل يختتن لن الجرح على الشكال ل يجوز‪.‬‬

‫بعد عرض هذه الراء يقول السّكري في عصرنا أنه يختار الرأي الّول‬

‫سقّنة‬‫ل للنوثقة فختنقه ُ‬ ‫ل إلى الذكورة فهو واجب لضرورة هذا الختان بالنسققبة لقه‪ .‬وإن كققان مقائ ً‬‫»لنه إن كان مائ ً‬
‫وفيها أيضًا إمتثال أمر رسول ال )ص(‪ .‬والبناء على اليقين خير وأولى من البناء على الشك‪ .‬ومن ثم يجب تغليبققًا‬
‫لحال الخنثى ختانه في فرجيه‪ ،‬ل سيما وأنه بعدما يكبر سققوف يتحقّدد حققاله تباعقًا للتفققاعلت الهرمونّيققة فيققه‪ .‬فقققد‬
‫سمعنا وقرأنا كثيرًا عن ذكر ظهرت عليه علمات النوثة في شبابه‪ ،‬وانقلب بالفعل أنثى وتعامل معاملتها مظهققرًا‬
‫ومخبرًا‪ .‬والعكس صحيح فقد إنقلبت بعض الفتيات ذكرًا في سن الشباب‪ ،‬وانقلبت من أنثى إلققى شققاب ذكققر‪ .‬فكققان‬
‫الحتياط لذلك أولى‪ .‬وهو جدير بالقناع وال تعالى أعلم«‪.6‬‬

‫ل عند المرصفي الذي يقول‪:‬‬


‫ونجد رأيًا مماث ً‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.87‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪2‬‬

‫المرداوي‪ :‬النصاف‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.125‬‬ ‫‪3‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪81 ،1‬؛ وكذلك البهوتي‪ :‬شرح منتهى الرادات‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.40‬‬ ‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪4‬‬

‫الحطاب‪ :‬مواهب الجليل‪ ،‬جق ‪ ،3‬ص ‪ .259‬أنظر أيضًا هذا الجدل عند النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪36‬؛‬ ‫‪5‬‬

‫الرستاقي‪ :‬منهج الطالبين‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪(438‬؛ إبن عابدين‪ :‬رد المحتار‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.479‬‬
‫السّكري‪ ،‬ص ‪.89‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪246‬‬
‫»معلوم أن كثيرين يكون لهم في القبل ثقبان‪ ،‬فإن أمكن الختققان كققان ذلققك واجبقًا إحتياطّيققا‪ ،‬لمراعققاة‬
‫المصلحة الضرورّية ]‪ [...‬وإن شك في كليهما وأمكققن كققان فيهمققا‪ ،‬وإن لققم يمكققن فققي أحققدهما تققرك‬
‫صقة وأن البعقض ظهقرت حقيقتقه أنقه رجقل حيقن رفقع الغشقاء الكقاذب )الجلقدة( عقن‬ ‫الثنان‪ ،‬وبخا ّ‬
‫‪1‬‬
‫أعضائه التناسلّية‪ .‬فالمر يترك للطبيب العدل المسلم من حيث إمكان التنفيذ وعدمه« ‪.‬‬

‫وقد تعّرض الفقهاء أيضًا لحالة شاّذة وهي وجققود ذكريققن لشققخص‪ .‬يقققول النققووي‪» :‬لققو كققان لرجققل ذكققران قققال‬
‫صاحب البيان إن عرف الصلي منهما ختن وحده‪ .‬قال صاحب البانة يعرف الصل بالبول وقققال غيققره بالعمققل‪.‬‬
‫فإن كانا عاملين أو يبول منهما وكانا على منبت الذكر على السواء وجب ختانهمققا«‪ .2‬ويقققول النصققاري‪ :‬مققن لققه‬
‫ذكران عاملن يختتنان‪ .‬فإن تمّيز الصلي منهما ختن فقط‪ .‬فإن شك فكالخنثى‪ ،‬أي ل يختتن‪.3‬‬

‫هـ( ختان المّيت‬

‫إعتبر المسلمون الختان وسيلة للتعّرف على من هو مسلم وغير مسققلم‪ .‬فلققو وجققد مختققون بيققن جماعقة قتلققى غيققر‬
‫مختونين صّلي عليه ودفن في مقابر المسلمين‪ .4‬ولكن ماذا لو أن مسققلمًا مققات غيققر مختونقًا‪ .‬فهققل يتققم ختققانه َقبققل‬
‫دفنه؟‬

‫رأينا في الفصل السابق أن من يرفض الختان دون عذر يعّرض نفسه للقتل‪ .‬فإذا قتل بسبب رفضه الختان أو مقات‬
‫غير مختون‪ ،‬فل يعتبر من المسلمين ول يدفن في مقابرهم‪ .‬يروى الشيخ الصدوق حديث لبي الجوزاء‪» :‬الغلف‬
‫ل أن يكون ترك ذلك خوفًا على نفسه«‪ .5‬ويقول النزوي‪» :‬من أسلم في وقت يخققاف‬ ‫]‪ [...‬ل يصّلى عليه إذا مات إ ّ‬
‫على نفسه من الختان أو ل يجد من يختنه فله تأخير ذلك إلى أن يققأمن علققى نفسققه‪ ،‬ويعّلققم القققرآن فققي حققال عققذره‬
‫ويصّلى عليه إن مات ]‪ .[...‬وإذا كان عادة قوم أنهم إذا إختتنوا ماتوا‪ ،‬معروفين بذلك‪ ،‬فإنهم ل يختتنون ويتركون‪.‬‬
‫حكمهم الطهارة لن هذا عذر«‪.6‬‬ ‫وإن ماتوا صّلي عليهم‪ ،‬و ُ‬

‫وقد دار جدل بين الفقهاء حول إمكانّية ختان من مات غير مختون وله عذر‪ .‬يقول إبن قدامة‪:‬‬
‫صه وهذا قول الحسن وبكر بن عبد ال وسققعيد بققن جققبير‬ ‫ل أستحب ق ّ‬ ‫»إن شارب المّيت إن كان طوي ً‬
‫وإسحاق‪ .‬وقال أبو حنيفة ل يؤخذ من المّيت شيء فإنه قطع شيء منه فلم يستحب كالختققان‪ .‬واختلققف‬
‫أصحاب الشقافعي كقالقولين‪ .‬ولنقا ققول النقبي )ص(‪» :‬إصقنعوا بموتقاكم كمقا تصقنعون بعرائسقكم«‬
‫سن‪ ،‬ويزال عنه ما يستقبح من الشارب وغيره ولن تركه يقّبح منظره فشّرعت إزالتققه‬ ‫والعروس يح ّ‬
‫كفتح عينيه وفمه شّرع ما يزيلقه‪ ،‬ولنقه فعقل مسقنون فقي الحيقاة ل مضقّرة فيقه فشقّرع بعقد المقوت‬
‫كالغتسال‪ ،‬ويخرج على هذا الختان لما فيه من المضّرة‪ .‬فإذا أخذ الشعر جعل معققه فققي أكفققانه لنققه‬
‫من المّيت فيستحب جعله في أكفانه كأعضائه‪ ،‬وكذلك كل مققا أخققذ مققن المّيققت مققن شققعر أو ظفققر أو‬
‫غيرهما فإنه يغسل ويجعل معه فقي أكفقانه كقذلك ]‪ .[...‬أّمقا الختقان فل يشقّرع لنقه إبانقة جقزء مقن‬
‫أعضائه وهذا قول أكققثر العلققم‪ .‬وحكققي عققن بعققض النققاس أنققه يختققن حكققاه أحمققد والّول أولققى لمققا‬
‫ذكرناه«‪.7‬‬

‫ويقول النووي‪:‬‬
‫»أّما ختان من مات قبل أن يختن ففيه ثلث طرق‪) .‬المذهب( وبه قطع المصّنف والجمهور ل يختن‪.‬‬
‫)والطريق الثاني( فيققه قققولن‪ :‬كالشققعر والظفققر حكققاه الققدوامي‪) ،‬والثققالث(‪ :‬فيققه ثلثققة أوجققه حكققاه‬
‫صاحب البيان )الصحيح( ل يختن )والثاني( يختن )والثالث( يختققن البققالغ دون الصققبي لنققه واجققب‬

‫المرصفي‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪2‬‬

‫النصاري‪ :‬نهاية المحتاج‪ ،‬جق ‪ ،8‬ص ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.342-341‬‬ ‫‪4‬‬

‫الشيخ الصدوق‪ :‬علل الشرائع‪ ،‬ص ‪.327‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.409-408‬‬ ‫‪6‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.409-408‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪247‬‬
‫على البالغ دون الصبي‪) .‬والصحيح( الجزم بأنه ل يختن مطلقًا لنه جققزء فل يقطققع كيققده المسققتحّقة‬
‫في قطع سرقة أو قصاص‪ .‬فقد أجمعوا أنها ل تقطع‪ .‬ويخالف الشعر والظفر فإنهما يزالن في الحياة‬
‫للزينة والمّيت يشارك الحي في ذلك‪ .‬والختان يفعل للتكليف به وقد زال التكليف بالموت«‪.1‬‬

‫وقد سئل إبن تيمّية‪» :‬إذا مات الصبي وهو غير مختون‪ :‬هل يختن بعد موته؟ أجاب‪ :‬ل يختن أحد بعد الموت«‪.2‬‬

‫ويقول إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫»ل يجب ختان المّيت باتفاق الّمة‪ .‬وهل يستحب؟ فجمهور أهل العلم على أنه ل يستحب‪ ،‬وهو قققول‬
‫خرين أنققه مسققتحب‪ ،‬وقاسققه علققى أخققذ شققاربه وحلققق عققانته‬
‫الئّمة الربعة‪ .‬وذكر بعض الئّمة المتأ ّ‬
‫ونتف إبطه وهذا مخالف لما عليه عمل الّمة وهو قياس فاسد‪ .‬فإن أخذ الشارب وتقليم الظفققر وحلققق‬
‫العانة من تمام طهارته وإزالة وسخه ودرنه‪ .‬وأّما الختان‪ :‬وهو قطع عضققو مققن أعضققائه‪ ،‬والمعنققى‬
‫الذي شّرع في الحياة قد زال بالموت فل مصلحة في ختققانه‪ .‬وقققد أخققبر النققبي )ص( أنققه يبعققث يققوم‬
‫القيامة بغرلته غير مختون‪ .‬فما الفائدة أن يقطع منه عند الموت عضو يبعث به يوم القيامة وهققو مققن‬
‫تمام خلقه في النشأة الخرى«‪.3‬‬

‫وفي عصرنا يقول السّكري أنه ليس على المّيت ختان ول يشّرع في حّقه لفوات أسبابه الدينّيقة والدنيوّيقة فققي حقق‬
‫المّيت‪ ،‬حيث ل فائدة تعود عليه بختانه في هذه الحالة‪.4‬‬

‫ويقول المرصفي‪:‬‬
‫جحه سقوط الختان عن المّيت بسقوط التكليف عنه وفي الختان إنتهاك لحرمته‪ .‬وإذا‬ ‫»والذي نراه ونر ّ‬
‫كان حققد السققرقة يسقققط عّمقن مققات قبققل أن يتقم تنفيقذه‪ ،‬فل تقطقع يققده مقع أن القطقع عقوبقة مققّررة‬
‫مفروضة مجمع عليها‪ ،‬فمن باب أولى يسقط الختان عّمن مققات غيققر مختققون‪ ،‬والختققان مختلققف فققي‬
‫وجوبه«‪.5‬‬

‫ويقول الجمل‪:‬‬
‫»وأّما الختان وهو قطع عضو من أعضائه‪ ،‬والمعنى الذي من أجله شّرع في الحياة قد زال بالموت‪،‬‬
‫فل مصلحة في ختانه‪ .‬وقد أخبر النبي »أنه يبعث يوم القيامقة بغرلتقه غيقر مختقون«‪ .‬فمقا الفقائدة أن‬
‫يقطع منه عند الموت عضو يبعث به يوم القيامة وهو من تمام خلقه في النشأة الخرى«‪.6‬‬

‫وفي شمال فلسطين‪ ،‬ذكر »سونين« أن البدو قرب بحيرة الحولة في فلسطين يختنون الطفل َقبل دفنه إذا مات غير‬
‫مختون‪ .‬ويقوم بهذا الختان الخطيب‪ ،‬حّتى وإن كان عمر الطفل يومًا واحدًا‪.7‬‬

‫‪ (2‬القائمون بالختان‬
‫هناك نقاش حول النظر إلى عورة الرجل والمرأة‪ .‬فالشريعة السلمّية تتشقّدد فققي هققذا الموضققوع‪ .‬فقققد روي أبققو‬
‫ل من زوجتققك أو مققا‬ ‫داوود حديثًا بأن النبي سئل‪» :‬عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فأجاب النبي‪» :‬إحفظ عورتك إ ّ‬
‫ل يرينهققا أحققد فل يرينهققا«‪.‬‬
‫ملكت يمينك«‪ .‬ثم سئل‪» :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض؟« فأجققاب‪» :‬إن إسققتطعت أ ّ‬
‫فسئل‪» :‬إذا كان أحدنا خاليًا؟« فأجاب‪» :‬ال أحق أن يستحي منه من الناس«‪.8‬‬
‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪183-182‬؛ أنظر أيضًا النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ 1‬ص ‪305-304‬؛ النووي‪ :‬فتاوى المام‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪ ،‬ص ‪.38-37‬‬


‫إبن تيمية‪ :‬فقه الطهارة‪ ،‬ص ‪.69‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.81-78‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪ .34‬أنظر أيضًا الزحيلي‪ :‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.468‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Sonnen: Die Beduinen am See Genesareth, p. 76‬‬ ‫‪7‬‬

‫أبو داوود‪ ،‬جزء ‪ ،4‬ص ‪ ،305-304‬حديث ‪.4017‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪248‬‬
‫سمح بالنظر إلى العورة بموجب القاعدة الشرعّية التي تقضي أن الضروريات تبيح المحظققورات‪ ،‬والقاعققدة‬ ‫ولكن ُ‬
‫التي تقتضي بارتكاب أهون الضررين إّتقاءا لشّدهما‪ .‬فسمح النظر للعلج ولداء الشهادة بالقدر الققذي تققدعو إليققه‬
‫الحاجة‪ .‬ومن القواعد الشرعّية أن نظر الجنس إلى الجنس نفسه أخف‪ .‬ولهذا كان الصل أن تعالققج المققرأة المققرأة‪.‬‬
‫ومع هذا فقد نص الفقهاء على جواز الستثناء‪ ،‬وهو معالجة الرجققل للمققرأة وذلققك حيققث لققم يوجققد أحققد مققن بنققات‬
‫جنسها‪.1‬‬

‫ونجد تطبيقًا لتحريم النظر إلى العورة واستثناءاتها ضمن عملّية الختان‪ .‬فالصل الذي ذكره الفقهاء بالنسبة للختان‬
‫أن يختن الرجل نفسه إن كان يحسن ذلك ول يخشى عليه التلف‪ .‬فإن كان ل يحسن الختان ختنه رجل مثله والنثى‬
‫تخفضها أنثى مثلها‪ .‬أّما إذا تم الختان في الصغر والطفل لم يبلغ السابعة‪ ،‬فل حرمة في النظر إلى عورته‪.‬‬

‫ل لمالك‪» :‬والنساء يخفضن الجواري«‪.2‬‬


‫يذكر الباجي قو ً‬

‫ل أنققه يسققتر فرجققه إ ّ‬


‫ل‬ ‫ويقول النزوي‪» :‬ولمن أسلم أن يظهر فرجه لرجل أن يختنه‪ ،‬للرجل ذلك‪ ،‬لنه ضققرورة‪ ،‬إ ّ‬
‫موضع الختان«‪.3‬‬

‫ويقول النووي عن ختان الخنثى‪ :‬إن كان الخنثى صغيرًا ختنه الرجال والنساء‪ .‬أّما إذا قلنا إن ختان الصققغير غيققر‬
‫ل إشققترى لققه جاريققة تختنققه فققإن كققان ل‬
‫واجب‪ ،‬فيجب أن يختن نفسه عندما يكون كبيرًا إذا هو يحسن الختققان‪ .‬وإ ّ‬
‫توجد جارية تحسن ذلك ختنه الرجال والنساء للضرورة كالتطّبب‪.4‬‬

‫خر جاز‪ .‬ولو بلغ ولم يختن‪ ،‬وجققب‬


‫ويقول المحّقق الحلي )توّفى عام ‪ (1277‬إن الختان »مستحب يوم السابع ولو أ ّ‬
‫أن يختن نفسه«‪.5‬‬

‫طلع علقى ذلقك مقن‬


‫ويقول إبن جزي‪» :‬يختن الرجال الصبيان ويخفض النساء الجواري لن الرجقل ليقس لقه ال ّ‬
‫النساء«‪.6‬‬

‫ويقول البهوتي إنه يجوز للمرء »أن يختن نفسه إن قوي عليه وأحسنه لنه قد روي أن إبراهيم ختن نفسه«‪.7‬‬

‫ل لققم‬
‫وتقول الفتاوى الهندّية )كتبت بين ‪» :(1672-1664‬قيل فققي ختققان الكققبير إذا أمكققن أن يختققن نفسققه فعققل وإ ّ‬
‫ل أن يمكنه أن يتزّوج أو يشتري خّتانة فتختنه«‪.8‬‬
‫يفعل‪ ،‬إ ّ‬

‫ويقول العدوي )توّفى عام ‪» (1775‬إن البالغ ُيؤمر بختن نفسه لحرمة نظر عورة الكبير ]‪ [...‬وكذا الخنققثى يققؤمر‬
‫بختن نفسه«‪.9‬‬

‫ويقول الصاوي‪» :‬ل يجوز للبالغ أن يكشف عقورته لغيققره لجقل الختقان‪ ،‬بقل إن لققم يمكنقه الفعققل بنفسقه سقققطت‬
‫سّنة‪ ،‬وسقوطها عن النثى أولى بذلك«‪.10‬‬
‫ال ُ‬

‫المرصفي‪ ،‬ص ‪.54-53‬‬ ‫‪1‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪2‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.42‬‬ ‫‪3‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.304‬‬ ‫‪4‬‬

‫المحّقق الحلي‪ :‬شرائع السلم‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.288‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪6‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.81‬‬‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪7‬‬

‫الفتاوى الهندية‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.357‬‬ ‫‪8‬‬

‫العدوي‪ :‬حاشية العدوي‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.409‬‬ ‫‪9‬‬

‫الصاوي‪ :‬حاشية‪ ،‬جق ‪ ،2‬ص ‪.152‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪249‬‬
‫جه إلى المام حسن بققن‬
‫وقد طرح أيضًا موضوع شرعّية إجراء الختان من ِقَبل شخص غير مسلم‪ .‬فهناك سؤال و ّ‬
‫علي يقول‪:‬‬

‫»إنه روي عن الصادقين عليهم السلم أن أختنوا أولدكم يوم السابع يطّهروا‪ ،‬فإن الرض تضج إلى ال عز وجل‬
‫جقامو اليهقود‬
‫جامي بلدنا حذق بذلك‪ ،‬ول يختنونه يوم السابع‪ ،‬وعندنا ح ّ‬ ‫من بول الغلف‪ ،‬وليس جعلني ال فداك لح ّ‬
‫سّنة يوم السققابع‪ ،‬فل تخققالفوا‬
‫فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولد المسلمين أم ل إن شاء ال؟« فوقع عليه السلم‪» :‬ال ُ‬
‫سَنن إن شاء ال«‪.1‬‬
‫ال ُ‬

‫ونلحظ هنا أنه لم يرد على السؤال بصورة مباشرة‪ .‬وهذا يعني أن ل مانع من ختان المسلم على يد غير مسلم‪.‬‬

‫وهذا يبّين أنه ليس للخاتن في الشريعة السلمّية الهّمية الدينّية التي نجدها فققي الشققريعة اليهودّيققة‪ .‬وقققد سققبق أن‬
‫ذكرنا في الجزء الّول كيف أن الطبيب العربي الزهراوي يعرض علينا عملّية الختققان كعملّيققة طّبيققة بحتققة‪ .‬وفققي‬
‫أّيامنا كثيرًا ما تتم عملّيات ختان الذكور المسققلمين فققي المستشققفيات‪ ،‬دون إعتبققار لديانققة الطققبيب‪ .‬كمققا أن بعققض‬
‫المسلمين يجرون ختان أطفالهم عند موهيلين يهود‪ ،‬كما هو الحال في فرنسا‪ .2‬وقد ذكر أحد الباحثين أن البققدو فققي‬
‫النقب )فلسطين( تحاوروا حول من سيقوم بعملّية الختان‪ :‬يهودي يمني من مستعمرة يهودّيققة‪ ،‬أو درزي مققن داليققة‬
‫الكرمل قرب حيفا‪ ،‬أو طبيب يهودي من بير سبع‪ .‬وقد وقع إختيققارهم علققى هققذا الخيققر‪ .‬ولققم يكققن أي مسققلم بيققن‬
‫الخيارات المطروحة‪ .3‬ولكن هذا ل يمنع من أن يعطي الخاتن لعمله معنى دينّيا‪ .‬فخاتن مسلم من تونس يعمققل فققي‬
‫فرنسا يقول إنه رأى في المنام شخص يعرفه يأمره ثلث مّرات‪» :‬طّهار‪ ،‬طّهققار‪ ،‬طّهققار«‪ .‬فقققام بختققان أولده ثققم‬
‫أصبح يختن أولد المسلمين في فرنسا‪ ،‬دون مقابل مالي‪ .4‬وللخاتن إكرام خاص في أعين بعض المسلمين كما هققو‬
‫المر عند اليهود‪ .‬حّتى أن مؤّلفا مسلمًا حديثًا ذكر في بداية كتابه حول الختان‪» :‬هذا الكتققاب مهققدى إلققى جّراحيققن‬
‫النور‪ :‬الخاتنين«‪ .‬ونلحظ أن الذين يجرون ختان الناث بدأت صورتهم تتشّوه‪ .‬فكثيرًا ما يّتهمون بالجشع المالي‪.‬‬

‫وهناك في أّيامنا من يتشّدد في أن يكون الخاتن طبيب مسلم‪ .‬يقول المرصقفي إن ختقان النقاث يسقند إلقى طبيبقات‬
‫مسلمات‪ ،‬وختان الذكور إلى أطّباء مسلمين حّتى يقوموا بهقذه العملّيقة حسقب الشقرع‪ .‬والطقبيب المسقلم هقو القذي‬
‫يقّرر ما إذا كان الكبير يحتمل الختان أم ل‪.5‬‬

‫ويقول السّكري‪:‬‬
‫»يجب أن يكّلف الطبيب المسلم الحاذق بعملّية الختان‪ ،‬ليتم تنفيذ التعاليم الشرعّية لهذه الشققعيرة علققى‬
‫النحو الذي ورد في تشريعه‪ .‬وهكذا ينبغي أن يكون في كل ختان بعيدًا عققن الجهلققة مّمققن ليسققت لهققم‬
‫دراية ول خبرة علمّية أو عملّية بهذا الموضوع‪ ،‬وبقذلك يقأمن النقاس علقى أولدهقم وينّفقذون تعقاليم‬
‫إسلمهم في طمأنينة وهدوء«‪.6‬‬

‫ويضيف بخصوص ختان النثى أنه يجب أن يقوم بإجراء هذه العملّية طبيب أو طبيبة يشترط في كل منهما‪:‬‬
‫أ( السلم وظاهرّية الصلح‪ ،‬ول يكفي السلم وحده بل ل بد أن يكون الطبيب متدّينا‪.‬‬
‫صصين في الجراحة الطّبية وأصولها المبنّية على العلم‪.‬‬ ‫ب( أن يكونا متخ ّ‬
‫ج( أن يكونا عالمين فاهمين لتعاليم رسول ال )ص( في هذا الشأن‪.‬‬
‫د( أن يستخدما أحسن الوسائل الطّبية في ذلك لتخفيف اللم‪.7‬‬

‫ل أن الواقققع‬‫ورغم تشديد المؤّلفين المسلمين المعاصرين في أن يكون خققاتن الققذكور والنققاث مقن بيققن الطّبققاء‪ ،‬إ ّ‬
‫حة‪ .‬وتققبّين‬
‫لق الصق ّ‬ ‫يثبت أن عددًا كبيرًا من هذه العملّيات كان وما زال يجريها القابلققة أو الدايققة أو الغجرّيققة أو ح ّ‬
‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ 15‬ص ‪160‬؛ الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪.219‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hidiroglou: Les rites de naissance, p. 49‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Marx: Circumcision feasts, p. 425‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Chebel: Histoire de la circoncision, p. 58-59‬‬ ‫‪4‬‬

‫المرصفي‪ :‬أحاديث الختان‪ ،‬ص ‪.68‬‬ ‫‪5‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.72‬‬ ‫‪6‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.86-85‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪250‬‬
‫نعمت أبو السعود أن السرة لم تكن تسمح بخروج نسائها حّتى لقضاء لوازمهن‪ .‬وترّتب على ذلك دخول طبقة من‬
‫للة التي تبيع الملبس وغيرهقا‪ ،‬والماشقطة لعمقل حّمقام للسقّيدات‬ ‫النساء إلى المنازل لقضاء هذه الحاجات مثل الد ّ‬
‫ونقش الحّنة في المناسبات كمناسققبات الطهققارة والعققرس والققولدة‪ .‬وهققي الققتي كققانت تجققري إّتفققاق الققزواج بيققن‬
‫العائلت وتعّدد أوصاف العروس ومقن بينهققا أنهققا مختونقة‪ .‬والغجرّيققة تقققوم برؤيققة الطققالع وعمققل الققدق )الوشققم‬
‫صة فتقوم بعملّية الققولدة والعلجققات النسققائّية مثققل الختققان‪.1‬‬
‫الخضر( وختان البنات‪ .‬والقابلة كانت لها منزلة خا ّ‬
‫وتضيف‪:‬‬
‫»في زمن كانت التقاليد ل تسمح بأن تتعّرض السّيدات للكشف عليهن بمعرفة الطّباء‪ .‬وكان الكشققف‬
‫عليهن يتم بمعرفة النساء ]‪ .[...‬فالمرأة التي قامت بالتوليد هي التي تقققوم بثقققب أذن النققثى وطهققارة‬
‫الولد وتعد السرة بطهارة النثى«‪.2‬‬

‫حة والسقّكان المصققري أصققدر بتاريققخ ‪ 8/7/1996‬القققرار رقققم ‪ 261‬لسققنة‬‫ونشير أخيرًا هنا إلققى أن وزيققر الصق ّ‬
‫‪ 1996‬الذي يقول‪:‬‬
‫صقة‪ ،‬ول يسقمح‬ ‫»يحظر إجراء عملّيات الختان للناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العاّمة أو الخا ّ‬
‫ل في الحالت المرضّية فقط والتي يقّرها رئيس قسم أمراض النساء والققولدة بالمستشققفى‬ ‫بإجرائها إ ّ‬
‫وبناء على إقتراح الطبيب المعالج«‪.‬‬

‫هذا القرار ل يمس ختان الذكور‪ .‬ورغم هققذا القققرار‪ ،‬مققا زال الطّبققاء وغيققر الطّبققاء يجققرون ختققان النققاث فققي‬
‫مصر‪ .‬وتنشر الصحف المصرّية من وقت إلى آخر المصائب التي تنتج عنه‪ .‬ولنا عودة إلققى هققذا القققرار والجققدل‬
‫الذي دار حوله ونتائجه الفعلّية في الجزء القادم‪.‬‬

‫‪ (3‬تنفيذ الختان‬
‫أ( العداد للختان‬

‫يقول إبن قدامة‪:‬‬


‫سّنة فققي إجابققة‬‫»ودعوة الختان ل يعرفها المتقّدمون ول على من دعي إليها أن يجيب وإّنما وردت ال ُ‬
‫من دعي إلى وليمة تزويج‪ .‬يعني بالمتقّدمين أصحاب رسول الق )ص( الققذين يقتققدى بهققم وذلققك لمققا‬
‫روي أن عثمان بن أبي العاص دعي إلى ختان فأبي أن يجيب فقيل لققه فقققال إنققا كّنققا ل نققأتي الختققان‬
‫حكققم الققدعوة للختققان‬‫على عهد رسول ال ول ندعى إليه‪ ،‬رواه المققام أحمققد بإسققناده‪ .‬إذا ثبققت هققذا ف ُ‬
‫وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحّبة لما فيها من إطعققام الطعققام‪ ،‬والجابققة إليهققا مسققتحّبة غيققر‬
‫واجبة وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه‪ .‬وقال العنبري تجب إجابققة كققل دعققوة لعمققوم‬
‫المر‪ ،‬فإن إبن عمر روى عن النبي )ص( أنه قال‪» :‬إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه عرسًا كققان أو غيققر‬
‫سّنة إّنما ورد في إجابة الققداعي إلققى الوليمققة وهققي‬ ‫عرس« أخرجه أبو داوود‪ .‬ولنا أن الصحيح من ال ُ‬
‫صة ]‪ .[...‬وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب وأكل‪ .‬فأّما الدعوة فققي حققق فاعلهققا‬ ‫الطعام في العرس خا ّ‬
‫فليست لها فضيلة تختص بها لعدم ورود الشرع بها ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حققادث‪ ،‬فققإذا‬
‫قصد فاعلها شكر ال عليه وإطعام إخوانه وبذل طعامه فله أجر ذلك إن شاء ال تعالى«‪.3‬‬

‫سّنة في ختان الذكر إظهاره وفي ختان النساء إخفاؤه«‪.4‬‬


‫ويقول إبن الحاج‪» :‬وال ُ‬

‫ويقول إبن جزي‪» :‬تستحب الدعوة لطعام الختان وهو العذار‪ ،‬ول يفعل ذلك في خفاض النساء للستر«‪.5‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.109-108‬‬ ‫‪1‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن قدامة‪ :‬المغني‪ ،‬جزء ‪ ،8‬ص ‪.117-116‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن الحاج‪ :‬المدخل‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.296‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪251‬‬
‫وعادات الختان تختلف من مكان إلى آخر وتصاحبها عاّمة إحتفالت‪ .‬وقد أهملها الباحثون الجتماعّيون فققي البلد‬
‫العربّية والسلمّية‪ .‬وأذكر هنا عادة الختان في المغرب كما سمعتها‪ .‬وهو أن عّمة أو خالققة الطفققل تققدعو المطّهققر‬
‫جة أنهققا إشققترت‬ ‫إلى بيتها وتعد لعملّية الختان دون معرفة أهل الطفل‪ .‬وفي اليوم المحّدد تقوم باجتذابه إلى بيتها بح ّ‬
‫له هدايا‪ .‬وعندما يدخل الطفل البيت تجرى عليه عملّية الختان ثم يعاد إلى أهله محّمل بالهدايا‪ .‬وقققد إلتقيققت بأسققتاذ‬
‫جامعي مغربي كان في زيارة إلى تونس وقال إنه يخاف أن يرجع ويجد إبنه قد ختن من ِقَبل عّمته وخالته‪.‬‬

‫ويقول أحمد أمين في قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصققرّية الققذي كتبققه عققام ‪ 1950‬عققن عققادة الختققان فققي‬
‫مصر‪:‬‬

‫»جرت العادة أن يكون الختان نحو السابعة من العمر‪ ،‬وهم يحتفلون به ويؤّلفون لهقذا الغققرض موكبقًا يجتمقع فيققه‬
‫الصدقاء والمحّبققون‪ ،‬ويرّكبققون الغلم جققوادًا أو عربققة بعققد أن يلبسققوه لباسقًا فخمقًا وأمققامه الموسققيقى أو الطبققل‬
‫والمزمار‪ .‬وقد يزّينون الولد بزي الفتاة الصغيرة‪ ،‬ويطوفون به في الشوارع القريبققة مقن بيّتهققم علققى هققذه الحققال‪،‬‬
‫وتقام مأدبة كبيرة‪ .‬والعادة أن يختن الطفل عقب هذه الحفلة ]‪ .[...‬وكققثير مققن النققاس ينتهققز فرصققة زواج بنققت أو‬
‫شاب في البيت فيختن أولده إختصارًا لكثرة الحفلت‪ ،‬فيكون المققوكب مكّونققا عققادة مققن عربققة للعققروس وعربققة‬
‫للطفل المراد ختانه‪ .‬وبعضهم ُيزّور المختتن شيخًا من الولياء كالمققام الشققافعي‪ .‬وعققادة تجققرى حفلققة كققبيرة فققي‬
‫ساحة المام للختان العام الذي يشترك فيه عدد كبير‪ ،‬خصوصًا من أولد الفقراء«‪.1‬‬

‫وبخصوص ختان النثى‪ ،‬يرى السّكري في عصرنا أن تتم عملّية خفاض البنت في س قّرية تاّمققة ول يحضققرها إلّ‬
‫ولي البنت أو أّمها أو من هو أكثر شفقة عليها‪ ،‬لن حال النساء مبني على الستر فققي التشققريع السققلمي‪ .‬وينبغققي‬
‫أن تتم عملّية خفاض البنات بالذات نهارًا بحيث يستطيع الطبيب إجراءها بطريقة صحيحة على ضوء النهار‪.2‬‬

‫ل إلى الداية التي تقوم بختانها‪ .‬ولكن‬ ‫وختان الناث يتم عاّمة دون إبلغ البنت بذلك‪ .‬فهناك من تؤخذ من فراشها لي ً‬
‫يحدث أن تبّلغ البنت بزمن ختانها‪ .‬وبعض البنات تنظر هذا الحدث بسرور ثم تنقلب سققعادتها إلققى تعاسققة )أو كمققا‬
‫قالت إحدى السّيدات‪» :‬كانت فرحة ُمَنّيلة« أو »كان يوم أسود«(‪ .3‬وتقول نعمت أبو السعود أن عملّية ختان الناث‬
‫حب بها‪ ،‬إذ تصلها الهدايا من الجيران والسرة بهده المناسبة‪ ،‬كما أن الطفلققة تحظققى بققأنواع‬ ‫بين السر الفقيرة مر ّ‬
‫‪4‬‬
‫سر لها في الظروف العادّية ‪.‬‬
‫من الكل كاللحوم والدجاج مّما ل يتي ّ‬

‫صة ختانها فتقول‪:‬‬


‫تحكي نوال السعداوي ق ّ‬
‫»كنت في السادسة من عمري‪ ،‬نائمة في سريري الدافئ أحلم أحلم الطفولة الوردّية‪ ،‬حينما أحسست‬
‫بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الظافر القذرة السوداء‪ ،‬تمتد وتمسكني‪ ،‬ويد أخرى مشابهة لليد السابقة‬
‫خشنة وكبيرة‪ ،‬تسد فمي وتطّبق عليه بكل قّوة لتمنعني من الصراع‪ .‬وحملوني إلققى الحّمققام‪ ،‬ل أدري‬
‫ل أم نسققاء‪ .‬فقققد أصققبحت الققدنيا‬ ‫كم كان عددهم‪ .‬ول أذكر ماذا كان شكل وجوههم‪ .‬وما إذا كانوا رجا ً‬
‫أمام عيني مغلقة بضباب أسود‪ .‬ولعّلهم أيضًا وضقعوا فقوق عينقي غطقاءًا‪ .‬كقل مقا أدركتقه فقي ذلقك‬
‫الوقت تلك القبضة الحديدّية التي أمسكت رأسي وذراعي وساقي حّتى أصبحت عاجزة عن المقاومققة‬
‫أو الحركة‪ .‬وملمس بلط الحّمام البارد تحت جسدي العاري‪ .‬وأصققوات مجهولققة وهمهمققات يتخّللهققا‬
‫صوت إصطكاك شيء معدني‪ ،‬ذّكرني باصققطكاك سقّكين الجقّزار حيققن كققان يسقّنه أمامنققا َقبققل ذبققح‬
‫خروف العيد‪.‬‬
‫وتجّمد الدم في عروقي‪ .‬ظننت أن عددًا من اللصوص سرقوني من سريري ويتأهبون لذبحي‪ .‬وكنت‬
‫أسمع كثيرًا من هذه القصص من جّدتي الريفّية العجوز‪.‬‬
‫وأرهفت أذني لصوت الصطكاك المعدني‪ .‬وما أن توّقف حّتى توّقف قلبي بين ضلوعي‪ .‬وأحسسققت‬
‫وأنا مكتومة النفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشيء يقترب مّني‪ .‬ل يقترب مققن عنقققي‪ ،‬وإّنمققا يقققترب‬
‫من بطني‪ ،‬من مكان بين فخذي‪ .‬وأدركت في تلك اللحظة أن فخذي قد فتحتققا عققن آخرهمققا‪ ،‬وأن كققل‬
‫أمين‪ :‬قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرّية‪ ،‬ص ‪.189-188‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Abd-el-Salam, p. 80, 82‬‬ ‫‪3‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪252‬‬
‫فخذ قد شّدت بعيدًا عن الخرى بأصابع حديدّية ل تلين‪ .‬وكأنما السّكين أو الموسى الحاد يسقققط علققى‬
‫عنقي بالضبط‪ .‬أحسست بالشيء المعدني يسقط بحّدة وقّوة ويقطع من بين فخذي‪ ،‬جزءًا من جسدي‪.‬‬
‫صرخت من اللم رغم الكّمامة فوق فمي‪ .‬فاللم لم يكن ألمًا‪ ،‬وإّنما هي نققار سققرت فققي جسققدي كّلققه‪،‬‬
‫وبركة حمراء من دمي تحّوطني فوق بلط الحّمام‪ .‬لم أعرف ما الققذي قطعققوه مّنققي‪ ،‬ولققم أحققاول أن‬
‫أسأل‪ .‬كنت أبكي وأنادي على أمي لتنقذني‪ .‬وكم كانت صدمتي حين وجدتها هي بلحمها ودمها واقفققة‬
‫مع هؤلء الغرباء تتحّدث معهم وتبتسم لهم وكأنما لم يذبحوا إبنتها منذ لحظات‪.‬‬
‫وحملوني إلى السرير‪ .‬ورأيتهم يمسكون أختي التي كانت تصغرني بعامين بالطريقة نفسها فصرخت‬
‫وأنا أقول لهم ل‪ ،‬ل‪ .‬ورأيت وجه أختي من بين أيديهم الخشنة الكبيرة‪ .‬كققان شققاحبًا كوجققوه المققوتى‪.‬‬
‫والتقت عيني بعينيها في لحظة سريعة َقبل أن يأخذوها إلى الحّمام‪ .‬وكأنما أدركنا معًا في تلك اللحظة‬
‫المأساة‪ ،‬مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس‪ ،‬جنس النققاث‪ ،‬الققذي يحقّدد مصققيرنا البققائس‪ ،‬ويسققوقنا بيققد‬
‫حديدّية باردة‪ ،‬إلى حيث يستأصل من جسدنا بعض الجزاء«‪.1‬‬

‫هذا وليس عند المسلمين تعليمات دينّية بخصوص المكان الذي يجري فيه الختان‪ .‬فختان الذكور قد يتم في المنققزل‬
‫صة للطبيب أو فققي سققاحة المسققجد‪ .‬وكققذلك المققر فيمققا‬
‫حة أو في المستشفى أو العيادة الخا ّ‬
‫لق الص ّ‬‫أو في دّكان ح ّ‬
‫يخص ختان النثى ولكن ليس في ساحة المسجد‪ .‬وبسبب حملة مكافحة ختققان النققاث فققي مصققر‪ ،‬أصققبح ممنوعقًا‬
‫صة‪.‬‬‫القيام بهذه العملّية في المستشفيات أو العيادات الخا ّ‬

‫وفي دولة المارات‪ ،‬يستحب أن يتم الختان أّيام الثنين أو الخميس أو الجمعة‪ ،‬وأن يكون مناسبة دينّيققة مثققل مولققد‬
‫الرسول‪ ،‬أو ذكرى الهجرة النبوّية أو إنتصار المسلمين في إحدى المعقارك أّيقام الرسقول أو عنقد ذكققرى السققراء‬
‫والمعراج‪ .‬أّما أوقات تنفيذ العملّية فتكون في منتصف الصباح )الضحى( ول يكون في المسققاء أبققدًا أو فققي الليل‪.2‬‬
‫وفي هذا البلد يتم الختان جماعّيا علقى أطفققال الهققل والجيققران ويققوم أهقل الولد الّتصققال بعقائلت الفقققراء أو‬
‫جانا كعمل خير‪ .3‬وعملّية الختان تتم في جو من المراقبة على الطفال الذين قد‬ ‫اليتام لدعوتهم إلى ختان أولدهم م ّ‬
‫يهربون من البيت خوفًا من الختان‪.4‬‬

‫ب( القطع في الذكور‬

‫يجادل الفقهاء المسلمون القدامى حول الكّمية التي يجب أن تؤخققذ مققن جلققد الققذكر‪ .‬يقققول النققووي إن الققواجب فققي‬
‫طي الحشفة كّلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانيًا‪ .‬ويذكر قول لبن كج إنه‬ ‫ختان الرجل قطع الجلدة التي تغ ّ‬
‫قال عندي أنه يكفي قطع شيء من الغلفة وإن قل بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها‪ .‬وهذا الرأي يراه النووي‬
‫شاذ ضعيف‪.5‬‬

‫ويقول إبن قّيم الجوزّية‪:‬‬


‫»قال الميموني قلت لبي عبد ال مسئلة سئلت عنها ختن صبّيا فلم يستقص قال إذا كان الختان جاوز‬
‫نصف الحشفة إلى فوق فل يعيد لن الحشفة تغلظ وكّلما غلظت إرتفققع الختققان‪ .‬فأّمقا إذا كققان الختقان‬
‫دون النصف فكنت أرى أن يعيد‪ .‬قلت فإن العادة شديدة جّدا وقد يخققاف عليققه مققن العققادة‪ .‬فقققال ل‬
‫ادري«‪.6‬‬

‫وقد إستعرض إبن حجر آراء الفقهاء‪:‬‬


‫»الختن قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص ]‪ .[...‬قال الماوردي‪ :‬ختان الذكر قطققع الجلققدة‬
‫طي الحشفة‪ ،‬والمستحب أن تستوعب من أصلها عند أّول الحشفة‪ ،‬وأقل ما يجزئ أن ل يبقققى‬ ‫التي تغ ّ‬

‫السعداوي‪ :‬الوجه العاري‪ ،‬ص ‪.12-11‬‬ ‫‪1‬‬

‫العّبودي‪ :‬الختان في المارات‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫العّبودي‪ :‬الختان في المارات‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪3‬‬

‫العّبودي‪ :‬الختان في المارات‪ ،‬ص ‪.69‬‬ ‫‪4‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.302-301‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ :‬زاد المعاد‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.18-18‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪253‬‬
‫شى به شيء من الحشفة‪ .‬وقال إمام الحرميققن‪ :‬المسققتحق فققي الرجققال قطققع الغلفقة‪ ،‬وهققي‬ ‫منها ما يتغ ّ‬
‫طي الحشفة حّتى ل يبقى من الجلدة شيء متدل‪ .‬وقال إبن الصّباغ‪ :‬حّتى تنكشف جميققع‬ ‫الجلدة التي تغ ّ‬
‫الحشفة‪ .‬وقال إبن كج فيما نقله عن الرافعي‪ :‬يتأّتى القواجب بقطققع شققيء مّمققا فققوق الحشققف وإن قققل‬
‫بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها«‪.1‬‬

‫ويقول البهوتي‪» :‬وختان الذكر بأخذ جلدة حشققفة الققذكر يقققال لهققا الغلفققة والغرلققة فققإن إقتصققر علققى أخققذ أكثرهققا‬
‫جاز«‪.2‬‬

‫طيهققا فل‬
‫ويقول الجمل توّفى عام ‪» :(1790‬ل بد من كشف جميع الحشفة في الختان للرجل بقطققع الجلققدة الققتي تغ ّ‬
‫يكفي قطع بعضها«‪.3‬‬

‫وفي عصرنا يقول السّكري‪» :‬المستحب أن تستوعب ]الغلفة[ من أصلها عند أّول الحشفة‪ .‬وأقل ما يكفي فققي ذلققك‬
‫شى به أو ما يتدّلى منه بحيث تنكشف جميع الحشفة«‪.4‬‬
‫ل يبقى منها ما يتغ ّ‬
‫أّ‬

‫وما العمل لو أن الغلفة نبتت بعد قطعها؟ نقرأ في كتاب وسائل الشيعة جواب لصاحب الزمان قال‪» :‬وأّما ما سألت‬
‫عنه من أمر المولود الذي نبتت غلفته بعد ما يختتن هل يختتن مّرة أخرى فإنه يجب أن تقطققع غلفتققه فققإن الرض‬
‫تضج إلى ال عز وجل من بول الغلف أربعين صباحًا«‪ .5‬ولكن الجمل )توّفى عام ‪ (1790‬يقول غيققر ذلققك‪» :‬إذا‬
‫عادت الغلفة بعد ذلك ل تجب إزالتها لحصول الغرض بما فعل أّول«‪.6‬‬

‫ج( القطع في الناث‬

‫ذكر القّرافي عن الطرطوشي قوله‪ :‬خفض المرأة قطع الناتئ أعل فرجها كأنه عرف الديك‪.7‬‬

‫ويقول النووي‪» :‬الواجب في المرأة قطع ما ينطلق عليه السم من الجلدة الققتي كعققرف الققديك فققوق مخققرج البققول‬
‫]‪ .[...‬ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ول يبالغ في القطع واستدلوا فيه بحديث أم عطّية«‪.8‬‬

‫ل عن الماوردي‪» :‬ختانها قطع جلدة تكون فققي أعلققى فرجهققا مققدخل الققذكر كققالنواة أو كعققرف‬ ‫ويقول إبن حجر نق ً‬
‫‪9‬‬
‫الديك‪ .‬والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون إستئصاله« ‪.‬‬

‫ويقول البهوتي‪» :‬وخفض الجارية أخذ جلدة أنثى فوق محل اليلج تشبه عرف الديك ويسققتحب أن ل تؤخققذ كّلهققا‬
‫صا للخبر ولنه يضعف شهوتها‪.10‬‬‫من إمرأة ن ّ‬

‫وهناك رأي لطبيب مصري يقول فيه أن ختان البنات يكمن في قطع الشفرين الصغيرين وقطع جزء من البظققر‪.11‬‬
‫ويقول الدكتور يحيى عبد السلم وفا‪ ،‬أستاذ مسققاعد النسققاء والتوليققد بطققب الزهققر‪» :‬مققن الناحيققة النظرّيققة تققرك‬
‫الجزء البارز بالشفرين الصغيرين للنثى يؤّدي إلى زيادة الغريزة‪ .‬ولكن ل بد أن يكون القطع ‪ -‬إذا حدث ‪ -‬لجققزء‬
‫صغير‪ .‬أي يمكن قطع الثلث وترك الثلثين من الشفرين الصغيرين‪ ،‬وهذا ل يمّثققل جققورًا وانتهاكقًا«‪ .12‬وفققي فتققواه‬
‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.340‬‬ ‫‪1‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.80‬‬


‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪2‬‬

‫الجمل‪ :‬حاشية الجمل‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.173‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.65‬‬ ‫‪4‬‬

‫العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،51‬ص ‪.167‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجمل‪ :‬حاشية الجمل‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.173‬‬ ‫‪6‬‬

‫القّرافي‪ :‬الذخيرة‪ ،‬جق ‪ ،13‬ص ‪ .281‬أنظر أيضًا إبن تيمية‪ :‬فقه الطهارة ص ‪.17‬‬ ‫‪7‬‬

‫النووي‪ ،‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.302‬‬ ‫‪8‬‬

‫إبن حجر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.340‬‬ ‫‪9‬‬

‫شاف القناع‪ ،‬جق ‪ ،1‬ص ‪.80‬‬


‫البهوتي‪ :‬ك ّ‬ ‫‪10‬‬

‫الغّوابي‪ :‬ختان البنات‪ ،‬ص ‪ 50‬و ‪ 55-54‬و ‪.62‬‬ ‫‪11‬‬

‫الشعب ‪ ،30/9/1994‬ضمن كتاب سليم‪ :‬دليل الحيران‪ ،‬ص ‪.39‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪254‬‬
‫الثانية‪ :‬يقول الشيخ جاد الحق أن »الواجب الّتباع« هو »قطع الجلدة أو النواة فوق رأس البظر«‪» ،‬ول ُيستأصققل‬
‫البظر نهائّيا«‪.1‬‬

‫وفي تعليقها على كلم الشيخ جاد الحق ترفض الدكتورة نققور السقّيد المققس بققالبظر لنققه »عضققو الحققس الجنسققي‬
‫للنثى وله أهّمية كبيرة في الجماع والمعاشرة الزوجّية وإزالته أو إزالة جققزء منققه يققؤّدي إلققى الققبرود الجنسققي«‪.‬‬
‫وتضيف‪» :‬إزالة الشفرين الكبيرين )الشفتين بالنسبة للفرج( أو تركهمقا ل يقؤّثر علقى العملّيقة الجنسقّية‪ ،‬وتركهمقا‬
‫ضقل تركهمقا‪ ،‬لن لهمقا دور هقام فقي حمايقة الجهقاز التناسقلي للنقثى‪ ،‬ولن‬ ‫حي‪ .‬ولقذا أف ّ‬
‫ليس منه أي ضرر صق ّ‬
‫إستئصالهما فيه تشويه لهذه المنطقة من النثى«‪ .‬ثم تنتهي إلى نتيجة أن الختان يتم علققى غلفققة البظققر أي »الجلققدة‬
‫التي كعرف الديك فوق البظر« وهو ما عناه‪ ،‬فققي رأيهققا‪ ،‬النققبي بقققوله لم حبيبققة‪» :‬أشقّمي ول ُتنِهكققي فققإنه أبهققى‬
‫للوجه‪ ،‬وأحظى لها عند الزوج« للحفاظ على البظر من قطع جزء منه أو قطعه نهائّيققا »وذلققك لن طريقققة القطققع‬
‫آنذاك كانت تتم بشد الغشاء الذي يغّلف البظر ثم قطعه رأسّيا باستعمال شفرة أو ما يعادلها من آلة القطققع‪ .‬أّمققا الن‬
‫صققه دائرّيققا حققول البظققر عنققد‬
‫فيمكن إزالة هذا الغشاء‪ ،‬واستئصاله نهائّيا دون إلحققاق أي ضققرر بققالبظر وذلققك بق ّ‬
‫صص‪ .‬وهذا أكثر فائدة من الناحيتين الجنسّية والطّبيققة‪ .‬ولققذلك أرى أن هققذا هققو الختققان المقصققود فققي‬ ‫طبيب متخ ّ‬
‫‪2‬‬
‫سّنة الشريفة« ‪.‬‬
‫ال ُ‬

‫هناك إذًا إختلف في موقف المسلمين في مدى القطع الذي يمكن إجراؤه في ختان الناث‪:‬‬
‫‪ -‬قطع الشفرين الصغيرين وقطع جزء من البظر‬
‫‪ -‬قطع الثلث وترك الثلثين من الشفرين الصغيرين )مع البظر أو غلفه؟(‬
‫‪ -‬قطع الجلدة أو النواة فوق رأس البظر‬
‫صه دائريًا‪.‬‬
‫‪ -‬إزالة غلف البظر واستئصاله نهائّيا دون إلحاق أي ضرر بالبظر وذلك بق ّ‬

‫وقد رأينا في القسم الّول من هذا الكتاب أن أكثر حالت الختان تمس بغلف البظر والبظر والشققفرين الصققغيرين‬
‫وأن هناك قرابة ‪ %15‬إلى ‪ %20‬من ختان الناث يتم بالطريقة الفرعونّية أو السودانّية‪ .‬وأكثر حالت الختان فققي‬
‫السودان والصومال وجيبوتي تتم حسب الختان الفرعوني‪ .‬وسبق أن ذكرنا أن هناك إعتقاد في مصر أن من تختن‬
‫جب إعادة ختانها من جديد‪ .‬وهناك مققن تختققن مّرتيققن أو ثلث مقّرات‪ .3‬وفيمققا يخققص‬ ‫صغيرة قد يكبر بظرها فيتو ّ‬
‫الختان الفرعوني فإنه قد يتم عّدة مّرات‪ .‬فعند الزواج تفتح الفتاة بالموسى أو المشرط حّتى يمكن لعضو الققزوج أن‬
‫يدخل في المهبل‪ .‬وأّما المرأة السودانّية المطّلقة فإنهم يغلقونها مّرة أخققرى حّتققى ل يمكنهققا ممارسققة الجنققس‪ .‬فققإذا‬
‫تزّوجت مّرة ثانية عادوا وفتحوها بالموسى أو المشرط‪ .4‬وعندما تضققع طف ً‬
‫ل يعققاد إغلقهققا لتضققييق فتحققة الفققرج‬
‫بقصد زيادة لّذة الرجل‪.‬‬

‫د( مصير الغلفة في الحياة وبعد الموت‬

‫يروي القرطبي حديثًا للنبي يقول فيه‪» :‬أدفنوا قلماتكم«‪ .‬ويضيف‪» :‬إن جسققد المققؤمن ذو حرمققة‪ .‬فمققا سقققط منققه‬
‫وزال عنه فحفظه من الحرمة قائم‪ ،‬فيحق عليه أن يدفنه‪ ،‬كما أنه لو مات دفن‪ ،‬فإذا مات بعضققه فكققذلك أيضقًا تقققام‬
‫حرمته بدفنه‪ ،‬كي ل يتفّرق ول يقع في النار أو في مزابل قذرة«‪ .‬كما يروي حديثًا عققن عائشققة تقققول فيققه‪» :‬كققان‬
‫رسقول الق )ص( يقأمر بقدفن سقبعة أشقياء مقن النسقان‪ :‬الشقعر‪ ،‬والظفقر‪ ،‬والقدم‪ ،‬والحيضقة‪ ،‬والسقن‪ ،‬والغلفقة‪،‬‬
‫والبشيمة«‪.5‬‬

‫ويقول النووي فيما يؤخذ من المّيت‪:‬‬


‫»في الشعور المأخوذة من شاربه وإبطه وعانته وأظفاره وما إنتتف من تسريح رأسه ولحيتققه وجلققدة‬
‫الختان إذا قلنا يختن وجهان‪) :‬أحدهما( يستحب أن يصر كل ذلك معه في كفنه ويدفن ]‪) [...‬والثاني(‬

‫الملحق ‪ 6‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Abd-el-Salam, p. 82‬‬ ‫‪3‬‬

‫السعداوي‪ :‬الوجه العاري‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪4‬‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.103-102‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪255‬‬
‫يستحب أن ل يدفن معه بل يوارى في الرض غير الققبر ]‪ .[...‬والختيقار عنقدنا أنهقا ل تقدفن معقه‬
‫لنه لم يرد فيه خبر ول أثر«‪.1‬‬

‫ويقول إبن جزي‪» :‬الغرلة وهي ما يقطع في الختان نجسة لنها قطعت من حي فل يجوز أن يحملهققا المصقّلي ول‬
‫ل منهم«‪.2‬‬
‫أن تدخل المسجد ول أن تدفن فيه وقد يفعله بعض الناس جه ً‬

‫ويقول أحمد أمين أنه »قد جرت الطبقة الكبيرة والوسطى على أن تلف القطعة الققتي فصققلت مقن الولققد فققي منققديل‬
‫وتضع عليها ملحًا حّتى ل تتعّفن ويربط المنديل في عنق الولد على شكل عقد حّتى إذا شفي من هذه العملّية رماها‬
‫في النيل أو في الخليج«‪.3‬‬

‫وتقول الدكتورة سهام عبد السلم أنه في مصر يتم ربط القطعة التي تقطع من النثى حول ذراعهققا أو فققي عنقهققا‪.‬‬
‫وبعد شفائها ترمى أمام دّكان جواهري أو في النيل حّتى ل يسققير عليهققا شققخص غيققر طققاهر قققد يققؤّدي إلققى عقققم‬
‫البنت‪ .4‬وتقول نعمت أبو السعود كان العتقاد سائدًا بأن تتم عملّيققة ختققان النققاث فققي موسققم فيضققان النيققل وكققان‬
‫الجزء المستأصل من البنت يوضع في قطعة قماش تعّلق في عنق الطفلة ثم تلققى فقي مقاء النيقل الجقاري‪ .‬وكقانوا‬
‫حة الطفلقة وامتلء جسقمها‪ .5‬وقققد سققألت‬ ‫يعتقدون أن إرتفاع ماء النيل في موسم الفيضان يسققاعد علقى تحسقن صق ّ‬
‫الهققل علققى سققبب تعليققق الجققزء المستأصققل حققول الرقبققة‪ ،‬فكققانت الجابققة إن هققذا يمنققع مققن إصققابتها بققالعقم‬
‫)المشاهرة(‪.6‬‬

‫ل أن المسلمين يعتقدون أن ال يعيدها للنسان في الحيققاة الخققرى‪ .‬وهققم‬‫ورغم أن الغرلة تعتبر نجسة في الحياة‪ ،‬إ ّ‬
‫يعتمدون في ذلك على القرآن الذي يقول‪» :‬يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أّول خلققق نعيققده وعققدًا‬
‫علينا إنا كّنا فاعلين« )النبياء ‪ (104:21‬وفي مكان آخر‪» :‬كما بدأكم تعودون« )العراف ‪.(29:7‬‬

‫ل«‪ .7‬وفققي‬
‫وهناك عّدة أحاديث نبوّية في هذا الموضوع‪ .‬ففي صحيح البخاري‪» :‬إنكم محشورون حفققاة عققراة غققر ً‬
‫ل«‪ .8‬ولكن فقي حقديث آخقر فقي صقحيح مسقلم سققطت كلمقة‬ ‫مسند إبن حنبل »إنكم ملقو ال حفاة عراة مشاة غر ً‬
‫ل«‪.9‬‬
‫»غر ً‬

‫ويقول النووي في تفسير صحيح مسلم‪» :‬المقصود أنهم يحشرون كما خلقوا ل شققيء معهققم ول يفقققد منهققم شققيء‪،‬‬
‫حّتى الغرلة تكون معهم«‪ .10‬ويقول إبن قّيم الجوزّية »لّما وعد الق سققبحانه ‪ -‬وهققو صققادق الوعققد الققذي ل يخلققف‬
‫وعده ‪ -‬أنه يعيد الخلق كما بدأهم أّول مّرة‪ ،‬كان من صدق وعققده أن يعيققده علققى الحالققة الققتي بققدأ عليهققا مققن تمققام‬
‫أعضائه وكمالها« ويضيف‪» :‬إن الختان إّنما شّرع في الدنيا لتكميل الطهققارة والتنقّزه مققن البققول‪ ،‬وأهققل الجّنققة ل‬
‫يبولون ول يتغّوطون فليس هناك نجاسة تصيب الغرلة‪ ،‬فيحتاج إلى التحّرز منها‪ ،‬والغلفة ل تمنع ل قّذة الجمققاع ول‬
‫تعوقه«‪ .11‬وهذا الكلم يعيده علينا مؤّلف حديث‪.12‬‬

‫النووي‪ :‬المجموع‪ ،‬جق ‪ ،5‬ص ‪.184-183‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن جزي‪ :‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪2‬‬

‫أمين‪ :‬قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرّية‪ ،‬ص ‪.189-188‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Abd-el-Salam, p. 77‬‬ ‫‪4‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.109‬‬ ‫‪5‬‬

‫أبو السعود‪ :‬خبرات ميدانّية‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪6‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬جزء ‪ ،3‬ص ‪ ،1222‬رقم ‪ .3171‬وأنظر أيضًا جزء ‪ ،5‬ص ‪ ،2391‬رقم ‪6162-6159‬‬ ‫‪7‬‬

‫مسند إبن حنبل‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪ ،362‬رقم ‪.1916‬‬ ‫‪8‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬جزء ‪ ،17‬ص ‪ 318-317‬رقم ‪ 2859‬و ‪.2860‬‬ ‫‪9‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬جزء ‪ ،17‬ص ‪ ،318-317‬هامش‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫أنظر النص في الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫الجمل‪ :‬نهاية البيان‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪256‬‬
‫‪ (4‬صلة الختان‬
‫ل أننققا نجققد فققي‬
‫صة بالختان كما هو المر عند اليهود‪ .‬إ ّ‬ ‫ل نجد في الكتب السلمّية أّية إشارة إلى مراسيم دينّية خا ّ‬
‫سقّنتك‬
‫كتب الشيعة دعاءًا دينّيا يتلى بمناسبة الختان‪ .‬فقد نقل عن الصادق أنقه إذا ختقن الصقبي يققول‪» :‬اللهقم هقذه ُ‬
‫سّنة نبّيك صلواتك عليه وآله واّتباع لمثالك وكتبك ولنبّيك بمشيئتك وإرادتك وقضائك‪ ،‬لمر أردته وقضاء حّتمته‬ ‫وُ‬
‫وأمر أنفذته‪ ،‬فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لمر أعرف به مّنا‪ .‬اللهم فطّهققره مقن الققذنوب وزده فققي عمققره‬
‫وادفع الفات عن بدنه والوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفققع عنققه الفقققر فإنققك تعلققم ول نعلققم«‪ .‬وقققال‪» :‬أي‬
‫رجل لم يقلها على ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم‪ ،‬فإن قالها كفي حر الحديد من قتل أو غيره«‪.1‬‬

‫ويذكر العّبودي من المارات أنه عندما يجّهز الخاتن الموسى للقطع يعلو صوت الرجال الوقوف حققولهم بالصققلة‬
‫على محّمد وآل محّمد )ص( وببعض مقاطع الشعر مثل »طالع فوق يا مختققون« بشققكل متتققال َقبققل لحظققات قطققع‬
‫الجلد‪ .‬والهدف من هذه المباركة هو إشغال تركيز الصبي وتشتيت ذهنه عن حرقة الموسى والنظر إلى فوق‪.2‬‬

‫وبخصوص ختان النثى‪ ،‬يرى السقّكري فقي عصقرنا »أن يبقدأ الخقاتن أو الخافضققة بالبسققملة وحمققد الق تعقالى‪،‬‬
‫والصلة والسلم على رسول ال )ص( صاحب هذه الَمكُرَمة العظيمة«‪.3‬‬

‫خاتمة الجدل الديني‬

‫صلنا لها بعد عرضنا للجدل الديني عنققد اليهققود‬


‫قبل أن ننتقل إلى الجدل الطّبي‪ ،‬نود أن نقّدم للقارئ النتيجة التي تو ّ‬
‫والمسيحّيين والمسلمين‪.‬‬

‫‪ (1‬ل يوجد أي نص في الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية والسلمّية عن ختان الناث‪.‬‬

‫‪ (2‬هناك عّدة صفحات في الكتب المقّدسة اليهودّية تتكّلم عن ختان الذكور‪ .‬وقد فرضت هذه الكتققب ختققان الققذكور‬
‫كعلمة عهد بين ال و»الشعب المختار« بأن يعطيهم أرض كنعان مقابل ختان كل ذكر منهم‪ .‬وهذا خرق للخلق‬
‫لنه يكّرس فكرة تعالي شقعب علقى كقل شقعوب الرض الخقرى‪ ،‬ويقبّرر سقرقة أرض الغيقر لصقالح مجموعقة‬
‫بشرّية معّينة‪ ،‬ويمس بحرمة جسم طفل دون إرادته ودون سققبب طّبققي‪ .‬ومققا زالققت الكثرّيققة السققاحقة مققن اليهققود‬
‫تمارس هذه العادة‪ ،‬معتبرة كل من هو غير مختون نجسًا‪ .‬وقد حاول بعققض اليهققود قققديمًا إلغائهققا ولكققن تعّرضققوا‬
‫لعنت رجال الدين‪ .‬وقد ساعد تحّرر اليهود من سلطة رجال الدين في القرن الماضي في نمو تّيار معارض للختان‬
‫بسبب مخالفته للمبادئ الخلقّية ولنه يؤّدي إلى تقوقع اليهود على أنفسهم‪ .‬وهذا التّيار في تزايد مستمر في أّيامنا‬
‫رغم محاولة رجال الدين اليهود إستعادة السيطرة على الطائفققة اليهودّيققة‪ .‬وبالضققافة إلققى ختققان الققذكور‪ ،‬مققارس‬
‫اليهود عبر العصور ختان الناث ولكّنهم في أّيامنا يرفضون العتراف بذلك ويستنكرون هذه العادة‪.‬‬

‫‪ (3‬هناك عّدة صفحات في الكتب المقّدسة المسيحّية تتكّلم عن ختان الذكور‪ .‬وقققد أفرغققت هققذه الكتققب الختققان مققن‬
‫معناه الديني تمامقًا‪ .‬فقققد إسققتبدلت العلمققة الخارجّيققة علققى العضققاء الجنسقّية بعلمققة روحّيققة وهققي المعمودّيققة‪،‬‬
‫واعتبرت أن ل شيء في النسان نجس‪ ،‬وأن ل فرق بين المختون وغير المختققون‪ .‬وقققد فشققلت محققاولت اليهققود‬
‫صققة بسققبب معارضققة الققّديس بققولس‬ ‫الذين تحّولوا إلى المسيحّية في فرض ختان الذكور على الطائفة الجديدة‪ ،‬خا ّ‬
‫لهم‪ ،‬وتحريم السلطات الرومانّية لعادة الختان‪ ،‬وضعف تأثير اليهود في المبراطورّية الرومانّية‪ .‬وقد إعتبر بعض‬
‫آباء الكنيسة أن ختان الذكور مخالف لفلسفة كمال الخلق وإهانة للخالق‪ .‬ولكققن هنققاك تّيققار دينققي أصققولي مسققيحي‬
‫حكمققة إلهّيققة‬
‫متزّمت حاول الرجوع إلى الكتب المقّدسة اليهودّية لفرض ختان الذكور من جديد بإعتبار أن للختققان ِ‬
‫خفّية أوحى بها ال لشعبه المختار يجب ممارستها من ِقَبل الجميع‪ ،‬متذّرعين في ذلك بحجج علمّية سوف نعود لها‬

‫الطبرسي‪ :‬مكارم الخلق‪ ،‬ص ‪220‬؛ العاملي‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬جق ‪ ،15‬ص ‪.169‬‬ ‫‪1‬‬

‫العّبودي‪ :‬الختان في المارات‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪257‬‬
‫صة في الوليات المّتحدة التي يسيطر‬ ‫في الجزء القادم‪ .‬فانتشرت عادة الختان في الدول التي تتكّلم النكليزّية‪ ،‬وخا ّ‬
‫عليها اليهود‪ .‬ولكن هناك تّيار معاكس يرفض الرجوع للكتب المقّدسة اليهودّية ويفّند الحجج الدينّية والعلمّية للتّيار‬
‫الصولي بحجج دينّية وعلمّية أخرى‪ .‬وقد أّدى ذلك إلى إنخفاض معّدلت الختققان فققي تلققك الققدول بصققورة كققبيرة‬
‫صققة الطائفققة‬
‫ومتواصلة‪ .‬ورغم تفريغ الختان من معناه الروحي‪ ،‬ما زال بعض المسيحّيين الشققرقّيين يمارسققه‪ ،‬خا ّ‬
‫القبطّية كعادة إجتماعّية بسبب إنتشار هذه العادة بين مسلمي ويهود مصر عبر التاريخ‪ .‬ول يوجد في هققذه الطائفققة‬
‫تّيار معاد لختان الذكور‪ ،‬ل بل إن رجال الدين القباط يحاولون تبريره بحجج علمّية مصدرها الساسي في أّيامنققا‬
‫اليهود والصولّيين المسيحّيين في الوليات المّتحدة‪ .‬وهم يجهلققون أو يتجققاهلون موقققف آبققاء الكنس قّية المصققرّيين‬
‫الرافض لختان الذكور مثل القّديس كيريّلوس بطرك السكندرّية الملّقب بعمققود الكنيسققة‪ .‬كمققا أن القبققاط مارسققوا‬
‫وما زالوا يمارسون ختان الناث لنفس السباب رغم تصّدي السلطات الدينّية المسيحّية لهذه العادة‪.‬‬

‫‪ (4‬على خلف الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية ل يوجد أي ذكقر فقي الققرآن لختقان القذكور‪ .‬ورغقم ذلقك فقإن‬
‫المسلمين يكّونون أكبر مجموعة تمارس ختان الذكور في العالم‪ .‬وقد حاول الفقهاء المسلمون القدامى تفسير بعض‬
‫أليات القرآنّية والعتماد على بعض الحاديث النبوّية لصققالح ختققان الققذكور‪ .‬ولكّنهققم لققم يّتفقققوا فيمققا بينهققم علققى‬
‫ل أن ختققان الققذكور تغلغققل فققي المجتمققع‬ ‫حة الحققاديث النبوّيققة‪ .‬إ ّ‬
‫تفسير مقنع‪ .‬كما أن الكثير منهم قد شّكك فققي صق ّ‬
‫السلمي‪ .‬ويرجع ذلك للتأثير الكبير الذي لعبه اليهود الذين تحّولوا إلى السلم في القرون الولققى إلققى درجققة أن‬
‫الختان أعتبر من شعائر السلم وأحد علماته الممّيزة وأن كل من هو غير مختون أعتبر نجسًا‪ .‬وهي كّلها أفكققار‬
‫يهودّية‪ .‬وهكذا نجح اليهود في فرض شريعة موسى على المسلمين بينما فشلوا في فرضها في المجتمققع الرومققاني‬
‫المسيحي‪.‬‬

‫وفيما يخص ختان الناث‪ ،‬يعتبر المسلمون أيضًا أكبر مجموعة في العالم تمارسه‪ .‬وليقس فقي الققرآن أي ذكقر لقه‬
‫حتها‪ .‬فهي عادة تغلغلت في بعض البلد السلمّية وما‬ ‫والحاديث التي إعتمد عليها الفقهاء القدامى مشكوك في ص ّ‬
‫صة لحكام سيطرة الرجال على النساء بتعديل‬ ‫زالت تمارس فيها تحت غطاء الدين ولسباب إجتماعّية أخرى‪ ،‬خا ّ‬
‫غريزتهن الجنسّية‪ .‬وقد ثار جدل كبير في عصرنا ضد هذه العادة باعتبار أنهققا مخالفققة لفلسققفة كمققال الخلققق الققتي‬
‫يشّدد عليها القرآن في عدد من آياته كما أنها مخالفقة للقاعقدة الشقرعّية »ل ضقرر ول ضقرار«‪ .‬ولكقن كقثير مقن‬
‫رجال الدين المسلمين ما زالوا يدافعون عن هذه العادة‪.‬‬

‫وبموازاة التّيار الرافض لختان الناث بين المسلمين‪ ،‬هناك تّيار آخر يرفض أيضًا ختقان الققذكور لنفققس السقباب‪،‬‬
‫ظمقات الدولّيقة‬
‫ولكن هذا التّيار ما زال ضعيفًا وينقصه العون الماّدي والمعنقوي القذي تقتيحه القدول الغربّيقة والمن ّ‬
‫صققة‬
‫ظمققات ترفققض التعقّرض لختققان الققذكور‪ ،‬خا ّ‬ ‫وغير الحكومّية لمعارضي ختان الناث‪ .‬فهذه الققدول وهققذه المن ّ‬
‫بسبب خوفها من اليهود ومن الصولّيين المسيحّيين المؤّيدين لليهود‪.‬‬

‫‪ (5‬نرى مّما سبق أن موقف الكتب المقّدسة اليهودّية والمسيحّية والسلمّية من ختان الذكور قد تطّور‪ :‬من فققرض‬
‫الختان‪ ،‬إلى تفريغه من معناه الديني‪ ،‬إلى السكوت عنققه والتأكيققد علققى فلسققفة كمققال الخلققق ومبققدأ »ل ضققرر ول‬
‫ضرار«‪ .‬ورغم هذا التطّور في الكتب المقّدسة فإن العادة ما زالت تمققارس‪ ،‬إذ يتققم ختققان الطفققال يومقًا بعققد يققوم‬
‫ل تاّما في نفوس الناس‪ .‬والغرب من كل ذلك أن ختان النققاث مققا زال يمققارس رغققم عققدم‬ ‫وأصبح عادة تلقى قبو ً‬
‫وجود أي ذكر له في الكتب المقّدسة اليهودّية والمسققيحّية والسقلمّية‪ .‬وإذا مققا طلبققت مقن أهققالي الطفققال تققبريرًا‬
‫لختان الذكور والناث‪ ،‬وجدت أن معرفتهم حول الموضوع تقتصر على معلومققات عاّمققة وأقققوال يتناقلونهققا دون‬
‫أي تحقيق‪ .‬ورغم ضعف معرفتهم بالمور الطّبيقة‪ ،‬فقإنهم ينتقلقون مقن الجقدل القديني إلقى الجقدل الطّبقي كوسقيلة‬
‫للبقاء على هذه العادة وهذا ما سوف نراه في الجزء القادم‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫الجزء الثالث‪ :‬الختان والجدل الطّبي‬

‫»وإذا قيل لهم ل تفسدوا فققي الرض قققالوا إّنمققا نحققن مصققلحون«‬
‫)البقرة ‪.(11:2‬‬

‫»يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبققأ فتققبّينوا أن تصققيبوا قوم قًا‬
‫بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين« )الحجرات ‪.(6:49‬‬

‫إّتصلت يومًا بأحد أقاربي المسيحّيين في القققدس لتهنئتققه علققى مولققوده البكققر‪ .‬وإذا بققه يخققبرني أنققه تققم ختققانه فققي‬
‫ل‪» :‬أبققو النبيققاء‬‫المستشفى على يد طبيب مسلم ماهر درس في أمريكا‪ .‬وعندما سألته عن سبب ختانه‪ ،‬أجققاب قققائ ً‬
‫ختن«‪ .‬فأخبرته أن إبراهيم ختن نفسه عندما كقان عمقره ‪ 99‬سققنة )التكققوين ‪ (1:17‬وكقان عليققه النتظقار‬ ‫إبراهيم ُ‬
‫صة أن التعققاليم المسقيحّية ل تفقرض ختققان القذكور‪.‬‬ ‫حّتى يبلغ الطفل على القل سن الثامنة عشر ليقّرر بنفسه‪ ،‬خا ّ‬
‫فأجاب‪» :‬لقد سألت خوري الرعّية فقال بأنه ل مانع ديني من ختانه‪ ،‬والطبيب الذي ختققن الطفققل قققال بققأن الختققان‬
‫نظافة ويقي من أمراض كثيرة«‪ .‬وفي مجرى حديثه أخبرني مستغربًا أن الطبيب قد فرض عددًا مققن الفحوصققات‬
‫سرها هو ذاته بأنها وسيلة لبتزاز المال منه‪ .‬كما أخبرني أن كثيرًا من المسيحّيين في فلسققطين‬ ‫َقبل إجراء الختان ف ّ‬
‫أصبحوا يمارسون ختان الذكور‪ .‬واستغربت من المر لعلمي أن أكثر من ‪ %80‬من س قّكان العققالم غيققر مختققونين‬
‫ول يعانون من مرض خاص بهم‪ ،‬وأبناء جيلي من المسيحّيين الفلسطينيين ومن سققبقهم مققن الجيققال الققذين ولققدوا‬
‫صة نجد ما يلي‪:‬‬ ‫على يد »الداية« في بيوتهم لم يتم ختانهم‪ .‬وإذا ما أردنا إستخلص عوامل الختان من هذه الق ّ‬
‫صة توراتّية تحكي أن إبراهيم‪ ،‬الذي ُيظن أنه عاش َقبققل أربعيققن قرنقًا‪ ،‬قققد ختققن نفسققه‬ ‫‪ -‬هناك أّول ق ّ‬
‫صققة‪،‬‬
‫عندما كان عمره ‪ 99‬سنة مّدعيا أن إلهه »يهوه« ترآى له وأمققره بققذلك‪ .‬وعلققى أسققاس هققذه الق ّ‬
‫التي ل ِذكر لها في القرآن‪ ،‬يعتقد اليهود أن الختان الذي بدأ بإبراهيم هو علمة عهد بينهققم وبيققن ال ق‬
‫تجعل منهم »شعب ال المختار« وتضمن لهم تملكهم »أرض الميعققاد« إلققى البققد هبققة مققن الق دون‬
‫سواهم‪.‬‬
‫‪ -‬تسّرب هذا العتقاد اليهودي في القرن العشققرين إلققى عقققول المسققيحّيين فققي فلسققطين بعققد إحتلل‬
‫اليهود لهم فأصبح الختان عادة منتشرة بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬تأييد رجل الدين المسيحي الفلسطيني لهذا العتقاد اليهودي‪.‬‬
‫‪ -‬ولدة الطفل في المستشفى وقيام رجل الطب المسلم الذي درس في أمريكا بتبرير الختان طّبيا‪.‬‬

‫هي مؤامرة حيكت خيوطها بذكاء راح ضحّيتها طفل مسكين وأب فقير ل يفهقم ل فقي الققدين ول فققي السياسقة ول‬
‫ل رجل الطب الغبي والجشع القذي يقأمر وينهقي فقي المستشقفى‪ ،‬وثّبتقت سقلطة رجقل‬ ‫في الطب شيئًا‪ ،‬وأكسبت ما ً‬
‫الدين المسيحي الفلسطيني الجاهل على رقاب أتباعه‪ ،‬كما أّكققدت سققيطرة المحتققل بتغلغققل معتقققداته السققخيفة الققتي‬
‫تخفي أطماعه في عقول المسيحّيين الفلسطينيين السّذج‪.‬‬

‫وكثيرًا ما ناقشت ختان الذكور مع أصدقائي المسققلمين فققي سويسققرا‪ .‬ورأيتهققم‪ ،‬رغققم المسققافة الققتي تفصققلهم عققن‬
‫بلدهم الصلّية‪ ،‬يرّددون عاّمة نفس الحجقج القتي سقبق أن ذكرناهقا‪ .‬فهقم يعتمقدون أّول علقى ختقان إبراهيقم‪ .‬ثقم‬
‫ضققل‬‫ينتقلون لسباب النظافة والوقاية من المراض ونصققيحة الطّبققاء بالختققان‪ .‬ويضققيفون بافتخققار أن النسققاء تف ّ‬
‫المختون على غير المختون‪ .‬وإذا ما أخبرتهم بأن الختان هو تعّد على سلمة الجسد‪ ،‬يرّدون بأن القانون ل يعققاقب‬
‫على مثل هذه العملّية التي يقوم بها أطّباء بعضهم تعّلم في أحسن الجامعققات الغربّيققة‪ .‬وعنققد مناقشققة ختققان النققاث‬
‫معهم‪ ،‬وجدت أن كثيرًا منهم يجهلون )أو يتجاهلون( وجود هذه العادة بين المسلمين ويسقتنكرونها ول يجققدون لهققا‬
‫أي مبّرر ديني أو طّبي‪ .‬ومن كلمي مع الغربّيين حول ختان الناث وجدت أنهم يتحاملون على الثقافقات الخقرى‬
‫التي يّتهمونها بالهمجّية ويجهلون أن الغرب قد مارس هذه العادة وأوجد لها مبّررات طّبيققة ودينّيققة ل تختلققف عققن‬
‫‪259‬‬
‫تلك التي يقّدمونها اليوم لتبرير ختان الذكور‪ ،‬كما أنهم يجهلون أن ختان النققاث مققا زال يمققارس فققي الغققرب ولققو‬
‫بنسبة أقل من المسلمين‪ ،‬كما سنرى في هذا الكتاب‪.‬‬

‫هذه المثلة تبّين أنه بالضققافة إلقى العوامققل الدينّيققة القذي عرضقناها فققي الجقزء السقابق‪ ،‬هنقاك إعتبققارات طّبيقة‬
‫واجتماعّية وقانونّية تتحّكم بعادة ختان الذكور والناث سوف ندرسها في الجزاء القادمة بداية بالعتبارات الطّبية‬
‫التي نكّرس لها سبعة فصول نعرض فيها أّول العلقة بين رجال الطققب ورجققال الققدين‪ .‬ثققم نققبّين محاولققة البعققض‬
‫التتفيه من ختان الذكور والتهويل من ختققان النققاث‪ .‬وننتقققل بعققد ذلققك لللم الناتجققة عققن ختققان الققذكور والنققاث‬
‫حية‪ .‬وننهي هذا الجققزء‬ ‫حية والجنسّية‪ .‬وأخيرًا نستعرض الّدعاءات التي تزعم بأن لهما فوائد ص ّ‬ ‫ومضاّرهما الص ّ‬
‫بالمعالجة الطّبية لثارهما الضاّرة‪.‬‬

‫الفصل الّول‪ :‬العلقة بين رجال الطب ورجال الدين‬


‫‪ (1‬تصادم رجال العلم ورجال الدين‬
‫ل أوكل إليهققم تبليققغ رسققالته للبشققر والققتي أودعققت فققي الكتققب‬ ‫يعتقد أصحاب الديانات السماوّية بأن ال أرسل رس ً‬
‫المقّدسة‪ .‬ولعتقادهم بأن ال ينطق بالحق‪ ،‬فإنهم يستنتجون أن كل ما جاء في تلك الكتب المقّدسة هقو الحقق بقذاته‪.‬‬
‫فعلم ال يحيط بكل المعارف البشرّية‪ .‬والقول بعكس ذلك هو إنكار لعلم ال وإنكار لحقيقة الرسالة‪ .‬ومن هنا جاءت‬
‫المنافسة بين رجال العلم ورجال الدين الذين يعتبرون أنفسهم مؤتمنين على الرسالة اللهّية‪ .‬فرجال القدين يريقدون‬
‫جعل أنفسهم المرجقع الّول َقبقل الفلسقفة والعلمقاء فقي كقل المجقالت‪ .‬وققد تغلغقل هقذا الفكقر حّتقى فقي رؤوس‬
‫السياسيين‪ .‬ففي إحدى خطبه قال الرئيس السادات‪:‬‬
‫»إن السلم ليس مجّرد عبادات ومناسك ومواعظ خلقّية وتلوة آلّيقة لكتققاب الق ]‪ .[...‬ل‪ ،‬إن قرآننققا‬
‫موسوعة كاملة لم يققترك جانبقًا مققن الحيققاة أو الفكققر أو السياسققة أو المجتمققع أو السققرار الكونّيققة أو‬
‫حكمًا«‪.1‬‬
‫ل قالت فيه رأيًا و ُ‬ ‫الغوامض النفسّية أو شئون المعاملت والسرة إ ّ‬

‫ففي مجال الفلسفة‪ ،‬دار في الماضي جدل حول علقة التعاليم الدينّية بالفكر الفلسفي‪ .‬فأّلف الغزالي كتققابه »تهققافت‬
‫الفلسفة«‪ .‬وقد رد عليه إبن رشد )توّفى عام ‪ (1198‬في كتاب »تهافت التهافت« وكتاب »فصل المقال وتقرير ما‬
‫ل التوفيق بين الفلسفة والشرع‪ .‬وقد بدأ محقاولته بمقّدمقة جدلّيقة تققول‪:‬‬ ‫حكمة من الّتصال«‪ ،‬محاو ً‬ ‫بين الشريعة وال ِ‬
‫»إن شريعتنا هذه اللهّية حق«‪ ،‬دون إثباتها‪ .‬وأضاف بعبارة ل تخلو من الشك‪:‬‬
‫»وإذا كانت هذه الشرائع حقًا وداعية إلى النظر المؤّدي إلى معرفة الحق‪ ،‬فإنا معشر المسققلمين نعلققم‬
‫على القطع أنه ل يؤّدي النظر البرهاني إلى مخالفة ما ورد به الشرع‪ .‬فإن الحقق ل يضقاد الحقق بقل‬
‫يوافقه ويشهد له ]‪ .[...‬ونحن نقطع قطعًا أن كل ما أّدى إليه البرهققان وخققالفه ظققاهر الشققرع أن ذلققك‬
‫الظاهر يقبل التأويل«‪.2‬‬

‫ل أن رجال الدين المسلمين نقموا على إبن رشد واّتهموه باللحققاد‪ .‬وفققي مجققال الفلققك‪ ،‬تققروي التققوراة أن اليهققود‬
‫إّ‬
‫خاضوا معركة مع أهل مدينة »جبعون«‪:‬‬
‫»فكّلم يشوع الرب ]‪ [...‬أمام أعين إسرائيل‪ :‬يا شمس قفي على جبعون‪ ،‬ويا قمر علققى وادي أيققالون‪.‬‬
‫فوقفت الشمس وثبت القمر‪ ،‬إلى أن إنتقمت الّمة من أعدائها« )يشوع ‪.(12:10‬‬

‫وهذا يعني أن الشمس هي التي تدور حول الرض‪ .‬فجاء جاليليو )توّفى عام ‪ (1642‬وأثبت بأن الرض هي التي‬
‫تدور حول الشمس‪ .‬فقامت قائمة الكنيسققة الكاثوليكّيققة وأجققبرته علققى الققتراجع عققن نظرّيتققه ومنعققت تعليمهققا عققام‬
‫ل أنهققا لققم تعققترف بققالظلم‬
‫‪ .1633‬ورغم أن نظرّية دوران الرض قد َقبلت بها الكنيسة منذ القرن التاسع عشققر‪ ،‬إ ّ‬
‫ل عام ‪ 1992‬في خطاب بابوي جاء فيه أن ما حدث هو »سوء تفاهم« مؤّكدا في نفس الققوقت‬ ‫الواقع على جاليليو إ ّ‬
‫أنه‬

‫الهرام ‪ ،1/6/1976‬ص ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫إبن رشد‪ :‬فصل المقال‪ ،‬ص ‪.9-8 ،7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪260‬‬
‫»ما دام الحق ل يمكن له في أي حال أن يخالف الحققق‪ ،‬يمكققن التأكيقد علقى أن هنققاك غلقط وققع فققي‬
‫تفسير النصوص المقّدسة«‪.‬‬

‫وهو قول يشبه قول إبن رشد السابق الذكر ويؤّكد على عصمة النصوص المقّدسة عن الغلط‪ .1‬وفي عصرنا‪ ،‬دافققع‬
‫رجل الدين السعودي الكبر الشيخ عبققد العزيققز إبققن بققاز )تققوّفى عققام ‪ (1999‬عققن نظرّيققة دوران الشققمس حققول‬
‫سية على جريان الشمس وسكون الرض وإمكققان الصققعود إلققى الكققواكب«‪.‬‬ ‫الرض في كتابه »الدّلة النقلّية والح ّ‬
‫يقول إبن باز‪:‬‬
‫»الذين يقولققون أن الرض تققدور‪ ،‬فهققم يكقّذبون علققى القق‪ ،‬ويرتكبققون خطققأ ظققاهرًا مخالفقًا لليققات‬
‫ل تميد‬‫القرآنّية‪ ،‬وللمحسوس‪ ،‬والواقع‪ .‬فقد أوضح ال في القرآن الكريم أنه ألقى الجبال في الرض لئ ّ‬
‫بهم‪ ،‬والميد هو الحركة والضطراب والدوران‪ ... .‬وكل من كذب علققى الق سققبحانه أو كقّذب كتققابه‬
‫الكريم أو كذب على رسوله المين عليه الصلة والسلم‪ ،‬فهو كافر ضققال مضققل يسققتتاب فققإن تققاب‬
‫ل قتل كافرًا مرتدَا«‪.2‬‬‫]‪ [...‬وإ ّ‬

‫وفي مجال التاريخ أيضًا تطاحن رجال الدين ورجال التاريخ‪ .‬ونذكر هنا على سبيل المثال كتاب طه حسققين »فققي‬
‫الشعر الجاهلي« الذي صدر عقام ‪ 1926‬وتّمققت مصقادرته لنقه شقّكك فققي الوجقود التققاريخي لبراهيققم وأعتققبره‬
‫شخصّية أسطورّية‪ ،3‬مّما أقام قيامة أهل القدين معتقبرين »أن المؤّلقف أهقان القدين السقلمي بتكقذيب الققرآن فقي‬
‫إخباره عن إبراهيم وإسماعيل«‪ .‬فرفعوا دعوة ضّده‪ .4‬وكلم طه صدم أيضًا النيابة ذاتها إذ تقول‪:‬‬
‫»وهل عقل الستاذ سليم بأن ال سبحانه وتعالى يذكر في كتابه أن إبراهيم نبي وأن إسماعيل رسققول‬
‫صة ملّفقة‪ ،‬وماذا يقول حضرته في موسى وعيسققى وقققد ذكرهمققا الق سققبحانه وتعققالى‬ ‫نبي مع أن الق ّ‬
‫]‪ [...‬مع إبراهيم وإسماعيل وقال في حّقهم جميعًا ل نفقّرق بيققن أحققد منهققم‪ ،‬وهققل يققرى حضققرته أن‬
‫صة موسى وعيسى من الساطير أيضًا؟«‪.5‬‬ ‫ق ّ‬

‫ل أن النيابة تحّفظت على أوراق القضّية لن‬


‫إّ‬
‫سققة بالقدين القتي‬
‫»غرض المؤّلف لم يكققن مجقّرد الطعققن والتعقّدي علقى الققدين بقل إن العبققارات الما ّ‬
‫أوردها في بعض المواضع من كتابه إّنما قد أوردها فققي سقبيل البحقث العلمققي مققع إعتققاده أن بحثقه‬
‫يقتضيها«‪.6‬‬

‫وقد غّير طه حسين في الطبعة اللحقة عنوان كتابه إلى »في الدب الجققاهلي« وحققذف منققه الفقققرات الققتي كققانت‬
‫محل إثارة‪.‬‬

‫ل طاعقة‬ ‫وفيما يخص تصّرفات البشر‪ ،‬يرى رجال الدين أن ال هو الذي يققّرر الشققر والخيققر‪ ،‬ومققا علققى النققاس إ ّ‬
‫أوامره‪ .‬يقول إبن ميمون إن أوامر الكتب المقّدسة أوامر أبدّية ل يحق لحد إن يغّيرها‪ ،‬وكل من تخول له نفسه أن‬
‫سرت به سابقًا يجب قتله خنقًا لنه كّذب ال الذي يقول‪» :‬بكل ما أنا آمركم‬ ‫سرها بخلف ما ف ّ‬‫يغّيرها أو يلغيها أو يف ّ‬
‫به تحرسون أن تعملوه‪ ،‬ل تزد عليه ول تنقص منه« )تثنية ‪(1:13‬؛ »الخفايققا للققرب إلهنققا‪ ،‬والمعلنققات لنققا ولبنينققا‬
‫للبد‪ ،‬لكي نعمل بجميع كلمات هذه الشريعة« )تثنية ‪(28:29‬؛ »فريضة أبدّية مدى أجيقالكم فقي جميقع مسقاكنكم«‬
‫)الحبار ‪ .7(24:23‬ول يختلف المسققلمون عقن اليهققود فققي ذلققك‪ .‬فالشققيخ الشققعراوي يققول فيمققن يرفققض تطققبيق‬
‫الشريعة السلمّية‪:‬‬

‫أنظر حول قضّية جاليليو ‪Allègre, p. 11-52‬؛ نص الخطاب البابوي في ‪Le cas Galilée, p. 1071-1074‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر حول نظرّية إبن باز مجّلة الكفاح العربي‪.27/11/1995 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الّول‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬الفرع الّول‪ ،‬الرقم ‪.(2‬‬ ‫‪3‬‬

‫محاكمة طه حسين‪ ،‬ص ‪ 32‬و ‪.37‬‬ ‫‪4‬‬

‫محاكمة طه حسين‪ ،‬ص ‪.53-52‬‬ ‫‪5‬‬

‫محاكمة طه حسين‪ ،‬ص ‪.70-69‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Maïmonide: Le livre de la connaissance, p. 97-98‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪261‬‬
‫حكم تطبيق منهج ال شيء لعطيت سنة حّرية في مقن يريققد‬ ‫»وأنا لو لي من المر شيء‪ ،‬أو لي من ُ‬
‫حكققم الققدين فققي أن أقتلققه قتققل‬
‫أن يرجققع عقن إعلن إسققلمه أن يققول‪ :‬أنققا غيققر مسققلم‪ .‬وأعفيققه مققن ُ‬
‫المرتد«‪.1‬‬

‫وقد طغت الكنيسة بإسم الدين ونصبت المشانق وأشعلت المحارق لمعارضي مبادئها وقوانينها‪ .‬وللحد مققن تصققادم‬
‫رجال الدين مع رجال الفلسفة والعلم والقانون‪ ،‬تم في الغققرب المسققيحي علمنققة الدولققة بتقليققص دور رجققال الققدين‬
‫وإبعققادهم عقن السقلطة‪ ،‬كمقا تقم تقليقص سققلطة النقص الققديني وعلمنقة العلقوم والقققانون‪ .‬وققد إّتجقه رجققال الققدين‬
‫المسيحّيون‪ ،‬مع بعض الستثناءات‪ ،‬إلى القول بأن الكتب المقّدسة تكّلم الناس بما كانوا يفهمونه في العصققور الققتي‬
‫جاءت فيها تلك الكتب‪ .‬ولذلك ل يمكن إعتبار كل ما جققاء فيهقا حقيققة علمّيقة‪ .‬فققالكتب المقّدسققة ققد جققاءت بتعقاليم‬
‫أخلقّية وليست كتب جغرافيا وتاريخ وكيمياء وفيزياء وفلك وطب‪ .‬مّمققا يعنققي أن للعققاِلم مخالفققة مققا تقققوله الكتققب‬
‫المقّدسة في هذه المجالت‪ .‬وهناك تّيار غربي ينسف الساس الديني ذاته منكرًا أن ال هو مصدر الكتب المقّدسققة‪.‬‬
‫فهذه الكتب في نظر هذا التّيار من صققنع البشققر‪ ،‬ونبتققت مققن الرض‪ ،‬ولققم تنققزل مققن السققماء‪ ،‬وأن واضققعيها قققد‬
‫غّرروا بأتباعهم‪.‬‬

‫جه لهم بققأنهم يحقّدون مققن العقققل‪ .‬فققأّلفوا الكتققب الكققثيرة ليققبّينوا أن‬
‫ويحاول رجال الديانات الرد على التهم التي تو ّ‬
‫كتبهم المقّدسة وتعاليمهم الدينّية تحث على العقققل والعلققم‪ .‬ولكققن سققرعان مققا يجعلققون تعققاليمهم الدينّيققة فققي المقققام‬
‫العلى ليثبتوا أنهم أكثر صدقًا من علم العلماء وعقل العقلء‪ .‬وهكذا يظهققر أن غققايتهم الدعايققة‪ ،‬كققل لققديانته علققى‬
‫حساب الديانات الخرى‪ .‬ونحن ل نود صّد هم عن هذا المنحى ونقبل توبة التائبين‪ ،‬على شرط أن يّتفق قولهم مققع‬
‫ع لثقال هققذا الكتققاب‬ ‫أفعالهم‪ .‬وأّول ما نطالبهم به هو أن يكفوا عن تكفير ومحاكمة وقتل من يخالفهم الرأي‪ .‬ول دا ٍ‬
‫بأمثلة كثيرة تبّين ما نقول‪ ،‬تخرجه عن الهدف المرجو منه‪.‬‬

‫‪ (2‬الختان بين الخطاب الديني والخطاب الطّبي‬


‫عرضنا في الجزء السابق الجدل الديني حول ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‪ .‬وقققد رأينققا‬
‫أن الكتب المقّدسة لهذه الطوائف الثلث لم تتكّلم عن ختان الناث‪ .‬وأن الكتب اليهودّية قد فرضققت ختققان الققذكور‪.‬‬
‫ل أن تّيارا يهودّيا متناميًا يحاول التخّلي عن الختان باعتباره مناقض لكمال خلق ال ومنقاف للخلق‪ .‬أّمقا الكتقب‬ ‫إّ‬
‫ل أن تّيارا أصوليًا مسققيحّيّا متزّمتققا‬
‫المقّدسة المسيحّية‪ ،‬فقد أفرغت الختان من معناه الديني وجعلته من المباحات‪ .‬إ ّ‬
‫سّنته ل تنطق عن الهوى‪ .‬وقد تصّدى لهذا التّيار تّيار مسيحي آخر‬ ‫قد حاول فرض الختان باعتبار أن التوراة التي َ‬
‫يريد إلغاء الختان وتجريمه‪ .‬أّما القرآن فقد سكت تمامًا عن هذا الموضققوع‪ .‬ورغققم ذلققك السققكوت‪ ،‬فققإن المسققلمين‬
‫يعتبرون أكبر مجموعة تمارس كل من ختان الذكور والناث‪ ،‬معتمدين في ذلك على تفسير آيات متشابهات وعلى‬
‫صة تحت تأثير المعارضة‬ ‫أحاديث نبوّية غير مثبتة‪ .‬وقد إنقسم المسلمون بين معارض لختان الناث ومؤّيد له‪ ،‬خا ّ‬
‫الغربّية له‪ .‬أّما فيما يخص ختان الذكور‪ ،‬فما زال التّيار المعارض له في أّول مراحله‪.‬‬

‫ويمكققن تقسققيم مواقققف مؤّيققدي ومعارضققي ختققان الققذكور والنققاث فيمققا يخققص علقققة الققدين بققالطب إلققى أربققع‬
‫مجموعات‪:‬‬

‫أ( الختان أمر ديني ل علقة له بالطب‬

‫عبثًا تبحث في الكتب المقّدسة عن سبب طّبي يؤّيد أو يفّند ممارسة ختان الذكور والنققاث‪ .‬والمؤّيققدون يققرون بققأن‬
‫الختان هو أّول أمر إلهي يجب إتمامه ول يخضع في ذلك لعتبارات طّبية‪ .‬فققالوامر الدينّيققة مثققل عققدد الركعققات‬
‫عند المسلمين ل يوجد لها مبّرر عقلي‪ .‬فال‪ ،‬مصدر التشريع عند أتباعه‪ ،‬ينّزه عقن السقؤال فيمققا يقأمر‪» :‬ل يسققأل‬
‫عّما يفعل وهم يسألون« )النبياء ‪ .(23:21‬ولذلك ل داع للبحث عن مبّررات طّبية لتأييده‪ ،‬وحّتى وإن أثبت الطب‬
‫مضاّره‪ ،‬فإنه ل ينظر إلى هذه المضار‪ .‬فالشرع اللهي يمر َقبل العتبقارات البشقرّية‪ .‬وصقاحب هقذا المنطقق ققد‬
‫يكون رجل دين أو رجل طب‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬يقول طبيب يهودي‪:‬‬

‫الشعراوي‪ ،‬ص ‪.29-28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪262‬‬
‫»ليس هناك جدل داخل اليهودّية حققول ضققرورة الختققان فقي الشققريعة اليهودّيققة‪ .‬وليققس هنقاك سقبب‬
‫خل يمكققن أن‬‫حي أو غيره‪ :‬فالختان هو أمر إلهي‪ .‬ولهذا السققبب ل يوجققد أي تققد ّ‬ ‫للبحث عن تبرير ص ّ‬
‫يقنع اليهود المتدّينين بالتوّقف عن إجرائه‪ .‬فالطائفة اليهودّية إستمّرت في إجراء ختان أطفالها الذكور‬
‫حّتى عندما عوقبوا بالموت في العصر اليوناني والروماني القديم«‪.1‬‬

‫ل‪:‬‬‫ويختم هذا المؤّلف مقاله قائ ً‬


‫»لقد تم إجراء الختان كجزء حيوي من اليهودّية منذ أكثر مققن ‪ 4000‬عققام وسققوف يبقققى جققزءًا مققن‬
‫اليهودّية إلى البد‪ .‬ول حاجة للبحث عن سبب من وراء إجرائه‪ .‬فهققو أمققر أعطققاه الق لموسققى علققى‬
‫جبققل سققينا‪ ،‬وبهققذا فهققو أمققر كغيققره مققن الوامققر وسققوف يسققتمر اليهققود بققإجرائه إلققى البققد‪ .‬وكقل‬
‫المحاولت للغاء الختان في العصققر اليونققاني والرومققاني وفققي الّتحققاد السقوفييتي فشققلت لن هققذه‬
‫العملّية تعتبر أساسّية لليهودّية«‪.2‬‬

‫وهذا الطبيب ل يكتفي برفض الخذ بأي إعتبار طّبي في مجال الختان‪ ،‬بل ينكر وجود أي تّيار يهودي معققارض‪،‬‬
‫كما هو واضح من أّول جملة في النص المذكور أعله‪ .‬ول شك في أن هذا الطبيب يعرف وجققود مثققل هققذا التّيققار‬
‫المعارض الذي بيّنا آراءه في القسم اليهودي‪ .3‬وفي نفس المجّلة التي نشرت مقال هذا الطبيب‪ ،‬مقققال آخققر لطبيبققة‬
‫يهودّية معارضة تحت عنوان‪» :‬الختان اليهودي‪ :‬النظرة البديلة«‪ .4‬فإنكار الطبيب وجود مثل هذا التّيار المعارض‬
‫حكم عليه بالرّدة وإخراجه من صفوف اليهود‪.‬‬
‫قد يعني تكفير غير مباشر لهذا التّيار وال ُ‬

‫ونفس هذا الموقف نجده عند بعض المسلمين‪ .‬فيتساءل الدكتور محمود أحمد طه‪ ،‬وهو من مؤّيدي ختان الناث‪،‬‬

‫حكم الشرعي؟« فيجيب‪:‬‬‫حكم إذا تعارض رأي العلم مع ال ُ‬ ‫»ما ال ُ‬


‫حكم الشرعي ولقو تعقارض مقع رأي العلققم‪ .‬وأساسقنا فققي ذلقك ]‪ [...‬أن اللققتزام‬ ‫»نقول إن العبرة بال ُ‬
‫حكققم الشققرعي‬‫حكمققة مققن إقققرار ال ُ‬
‫حكم الشرعي في حد ذاته طاعة ل عز وجل ولو لم تظهر لنا ال ِ‬ ‫بال ُ‬
‫حكم الشققرعي‬ ‫هذا‪ .‬ولنا في تقبيل الحجر السود وفي رجم الجمرات أكبر دليل على ضرورة طاعة ال ُ‬
‫حكمة من ذلك‪ .‬وهذه قمة العبودّية والطاعة ل عز وجل«‪.5‬‬ ‫مهما غمضت علينا ال ِ‬

‫ويقول يحيى إسماعيل‪ ،‬المين العام لجبهة علماء الزهر‪ ،‬أن ختان الناث‬
‫»قضّية دينّية القول فيها لعلماء الشرع وفقهاء الدين أّول‪ .‬وكلم غيرهم فيهققا يققأتي بعققد كلمهققم‪ ،‬ول‬
‫ل ما كان بضوابط هذا الشرع متقّيدا«‪.6‬‬ ‫ُيقبل منهم إ ّ‬

‫حة الدين‬
‫ب( الختان أمر طّبي يثبت ص ّ‬

‫حة‬
‫ل إثبات ص ق ّ‬ ‫يرى هذا التّيار أنه ل يمكن وجود تضارب بين الطب والدين‪ ،‬وأن الطب في نهاية المر ل يمكنه إ ّ‬
‫حة تعققاليمهم‪ ،‬ذاكريققن الراء الققتي‬ ‫»الوامر اللهّية«‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن أتبققاعه يسققعون دائمقًا لشققهاد الطققب علققى صق ّ‬
‫ل أن تكققون علققى خطققأ مققا دامققت تخققالف‬ ‫تناسبهم‪ ،‬ومتجاهلين تمامًا الراء المخالفة والتي‪ ،‬في نظرهم‪ ،‬ل يمكن إ ّ‬
‫»الوامر اللهّية«‪ .‬فبعد أن ذكر الدكتور محمود أحمد طه أن الولوّية للتعاليم الدينّية حّتى وإن خققالفت المعطيققات‬
‫العلمّية‪ ،‬إستطرد يقول‪:‬‬
‫حكم الشرعي‪ ،‬وأنه إذا كان هناك ثمة تعارض فإن ذلك يعققود إلققى‬ ‫»إن العلم ل يتصّور أن يعارض ال ُ‬
‫حكم الشرعي‪ .‬فختان الناث يستند إلققى الحققاديث‬ ‫وجود خطأ في الرأي العلمي وليس إلى خطأ في ال ُ‬
‫ل وحققي‬ ‫النبوّية الشققريفة‪ ،‬والرسققول عليققه أفضققل الصققلة والسققلم »ل ينطققق عققن الهققوى إن هققو إ ّ‬

‫‪Glass, p. 17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Glass, p. 21‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الّول‪ ،‬الفصل الثالث‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goodman: Jewish circumcision, p. 22-27‬‬ ‫‪4‬‬

‫طه‪ ،‬ص ‪.73-72‬‬ ‫‪5‬‬

‫إسماعيل‪ ،‬ص ‪.216‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪263‬‬
‫يوحى« )النجم ‪ ،(4-3:53‬ومن ثم فإن إقراره لختان الناث ل بد أنه ينطوي على فققوائد‪ .‬ولققو عجققز‬
‫العلم عن إثباتها اليوم فسوف يأتي الوقت الذي يثبت فيه العلم ما عجققز عققن إثبققاته اليققوم مققن ترتيققب‬
‫فوائد عديدة للختان‪ .‬كما أثبت العلم بالفعل أن لختان الذكور فوائد عديدة كانت غائبة عن العلمققاء مققن‬
‫َقبل‪ .‬وها نحن الن نرى تغّير في موقف المعارضين لختان الذكور غير المسلمين فأصبحوا يؤّيققدونه‬
‫وأصبح الختان مطّبققق بالنسققبة للققذكور فققي شقّتى بقققاع العققالم ]‪ .[...‬فالرسققول عليققه أفضققل الصققلة‬
‫والسلم جاء رحمة للعالمين‪ ،‬ومن جاء رحمة للعالمين ل يتصّور أن يأمرنا بما فيه ضرر لنا«‪.1‬‬

‫ويقول محّمد البّنا‪:‬‬


‫»إن ال جعل الشريعة السلمّية خاتمة الشققرائع وصققالحة لكققل زمققان‪ .‬فل يصققل عقققل بشققري إلققى‬
‫نقص تعاليمها ول إلى هدم مبادئها التي ترّكزت في أصل القواعد البشرّية المسلم بها بداهة‪ .‬فقققد قققال‬
‫عليه الصلة والسلم‪ :‬الفطرة خمس‪ ،‬أو خمس من الفطققرة‪ ،‬منهققا الختققان‪ ،‬وفققي روايققة‪ :‬عشققرة مققن‬
‫الفطرة ومنها الختان ]‪ .[...‬إن الختان فطرة‪ .‬فهققو مبققدأ كّلققي عققام أّيققدته السققماء‪ ،‬وزكققاه فعققل النبقّوة‬
‫الّول‪ ،‬فل عدول عنه ]‪ .[...‬ول يفوتني أن أقول‪ :‬إن الحقيقة الكونّية أصل يبنقى البحقث علقى صقدق‬
‫ما يتعّلق بها‪ .‬ل أن البحث يقوم على نقضها‪ .‬فالخالق لم يخلق عبثقًا ولققم يشقّرع عبثقًا‪ .‬والقصققور بنققا‬
‫ل يصل إلى المبادئ اللهّية المسلم بها فطرة«‪.2‬‬ ‫أولى حّتى نوهب عق ً‬

‫سان شمسي‬ ‫صة كتاب الدكتور ح ّ‬ ‫ومن الكتب التي تحاول جاهدة إثبات الحقيقة الدينّية من خلل الختان نذكر هنا خا ّ‬
‫باشا‪» :‬أسرار الختان تتجّلى في الطب الحديث«‪ ،‬والذي نشره ضمن »موسوعة الطب النبوي بين العجاز والعلققم‬
‫الحديث«‪ .‬وهذا الطبيب يشير في مقّدمته بأنه وجد صعوبة عندما كان يعمل في بريطانيا في إقناع الطّباء بققإجراء‬
‫الختان لبنه هناك لن النكليز يعتققبرون الختققان شققعيرة دينّيققة ل تلققزم الدولققة بتحّمققل نفقاتهققا‪ .‬ولكّنققه إكتشققف أن‬
‫ل من البحث في سبب هذا الختلف فققي موقققف الققدولتين‪،‬‬ ‫المريكّيين يختنون بنسبة ‪ %85-61‬من أطفالهم‪ .3‬وبد ً‬
‫صققة تلققك الققتي كتبهققا أطّبققاء يهققود أو‬
‫فإنه يكّرس كتابه إلى ما جاء فققي المقققالت المريكّيققة المؤّيققدة للختققان‪ ،‬وخا ّ‬
‫متحّيزون لهم‪ ،‬متناسيًا تمامًا الراء الناقدة‪.‬‬

‫وقد بّينت دراسة مصرّية رائدة تأثير الدين على مواقف الطّباء في مجال الختان‪ .‬أجريت هذه الدراسة علققى ‪500‬‬
‫حة وكّليات الطب في جامعات القققاهرة وعيقن شققمس والزهققر لمعرفققة‬ ‫طبيب وطبيبة من العاملين في وزارة الص ّ‬
‫موقفهم من ختان الناث‪ .‬وقد إّتضح أن خّريجي طب القاهرة ل يؤّيد ختان النققاث منهققم سققوى ‪ ،%10.3‬بينمققا ل‬
‫يتجاوز الّتجاه المعارض للختان ‪ %23.8‬من خّريجي جامعة الزهر‪ .4‬كما إّتضح أن غالبّية مؤّيدي ختان النققاث‬
‫من الطّباء المسلمين )‪ ،(%98.3‬ول يوجد بين مؤّيدي الختان سوى طبيب مسيحي واحققد مققن إجمققالي ‪ 85‬طبيبقًا‬
‫وطبيبة‪ .‬وهو أمر متعّلق بدور بعض القيادات الدينّية السلمّية في ترويققج أن ختققان النققاث مققن شققعائر السققلم‪.‬‬
‫وتستنتج هذه الدراسة من تحليل أجوبة الطّباء أن من يرون أن الدين يؤّيد الختققان هققم أقققرب إلققى إسققتخدام الققدين‬
‫سك بقناعة حقيقّية مبنّية على المعرفة العميقة‪.5‬‬‫لتبرير موقفهم الجتماعي منهم إلى التم ّ‬

‫ج( الختان ل علقة له بالدين‬

‫صة ختان الناث‪ ،‬فإنهم يحاولون إبعققاد‬ ‫ينضم عاّمة مؤّيدو الختان إلى التّيارين السابقين‪ .‬أّما معارضو الختان‪ ،‬وخا ّ‬
‫الجدل حول الختان عن الدين لحساسّية الموضوع ولتققبرئة الققدين منققه باعتبققاره أمققرًا ضققاّرا‪ .‬فعلققى سققبيل المثققال‬
‫حاولت ماري أسعد وضع ثلثة إفتراضات حاولت إثباتها في مقال لها حول ختان الناث‪:‬‬
‫‪ (1‬إن ممارسة هذه العادة تنتشر بين الناث من المسلمات والمسيحّيات‪.‬‬
‫‪ (2‬إن هذه الممارسة تقوم وتستمر على أسس من العادات والتقاليد وليست على أسس دينّية‪.‬‬

‫طه‪ ،‬ص ‪ .73-72‬أنظر أيضًا ص ‪.86‬‬ ‫‪1‬‬

‫البّنا‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪2‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد الهادي؛ عبد السلم‪ :‬موقف الطّباء‪ ،‬ص ‪ 12‬و ‪.55‬‬ ‫‪4‬‬

‫عبد الهادي؛ عبد السلم‪ :‬موقف الطّباء‪ ،‬ص ‪ 14‬و ‪ 79‬و ‪.81‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪264‬‬
‫‪ (3‬إن الممارسة حالّيا ليست فقط إستمرارًا لعادات وأفكار بالية‪ ،‬بل إنها ذات وضققع متلئم مققع القيققم‬
‫والعادات التي نعيشها‪ ،‬تلك التي تقوم على عزل الجنسين عن بعضققهما‪ ،‬وعلققى العّفققة والبكققارة َقبققل‬
‫الزواج‪ ،‬وعلقة ذلك بشرف العائلة‪ ،‬وما قد تتعّرض له من عار نتيجة لفقد البنت لحداهما‪.1‬‬

‫وتقول الدكتورة نوال السعداوي‪:‬‬


‫»إن السباب القتصادّية ومن ثم السباب السياسّية هقي القتي وراء نشقوء واسقتمرار ختقان البنقات‪.‬‬
‫وهذا التوضيح هام لن كثيرًا من الناس يخلطون بين السياسة والدين‪ .‬وكثير من الناس يعمققدون إلققى‬
‫إخفاء السباب السياسّية والقتصادّية بأسباب دينّيققة حّتقى يصققرفوا الذهقان عقن السققباب الحقيقّيقة‪.‬‬
‫وكثير من الناس يقولون أن السققلم هققو السققبب وراء ختققان البنققات فققي مصققر‪ .‬وهققو السققبب وراء‬
‫الوضع الدنى للمرأة في البلد العربّية‪.‬‬
‫لكن أرى أن التخّلف في مجتمعاتنا العربّية ليس هو الدين السلمي وإنما هو السلطة السياسّية خارج‬
‫مجتمعاتنا )الستعمار الجنبي( أو السققلطة فققي الققداخل )الحكومققات العربّيققة الرجعّيققة المسققتغّلة( أو‬
‫كلهمققا مع قًا‪ ،‬ومحاولققة تفسققير الققدين تفسققيرًا خققاطئًا واسققتخدامه ليخققدم أغققراض القهققر والخققوف‬
‫والستغلل‪.‬‬
‫ل ونساء‪ .‬ول‬ ‫حة لجميع الناس رجا ً‬ ‫أن الدين بمعناه العام هو الصدق والمساواة والعدالة والحب والص ّ‬
‫‪2‬‬
‫يمكن أن يكون هناك دين يدعو إلى المرض أو تشويه أجساد البنات وقطع بظورهن« ‪.‬‬

‫د( الطبيب عليه دراسة الختان بموضوعّية دون النظر إلى الدين‬

‫هذا التّيار يرى أن على عالم الطب أن يقّدم لزملئه وللناس ما توحي له الطبيعة ويجققب عليققه أن ينقققل ملحظققاته‬
‫دون أن يتأّثر البّتة بالقيم والخلق والربح الماّدي أو الجتماعي والجنس والجنس قّية والوطنّيققة والققدين والعتقققاد‪.‬‬
‫طى دوره كعالم‪ .‬إن إستقامته مطلب علمي‪ .‬غير أنه ل يوجد أي إنسان‪ ،‬مهما كانت درجة علمه‪ ،‬يمكنه‬ ‫ل فقد تخ ّ‬‫وإ ّ‬
‫‪3‬‬
‫أن ينجو من تلك العتبارات ‪.‬‬

‫ومن هنا تأتي ضرورة التحّقق من الخلفّيات التي ينطلق منها عالم الطب في تأكيداته‪ .‬فاليهودي هو يهودي َقبققل أن‬
‫يكون عالم‪ .‬فإذا ما إصطدم العلم مع المصالح الفردّية والجماعّيقة‪ ،‬فقإن النسقان ققد يميقل إلقى التخّلقي عقن العلقم‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن العلم بحد ذاته متطّور‪ .‬وما نعتبره اليوم حقيقة مؤّكدة قد يبان غدًا مجّرد هراء‪ .‬وعلى المرء أن‬
‫يّتسم بالتواضع في تأكيداته ولسان حاله يقول مع المقام الشقافعي‪» :‬رأيقي صققواب يحتمقل الغلقط ورأي الخريققن‬
‫غلط يحتمل الصواب«‪.‬‬

‫ل مقا يلقتزمون بققالبحث العلمققي الصققرف‪ .‬فهققم‬ ‫ويلحظ هنا أن المسلمين االمؤّيدين للختان‪ ،‬حّتى بيقن الطّبققاء‪ ،‬قلي ً‬
‫حة دينهققم‪ .‬فهكققذا يكشققفون عققن أوراقهققم‬‫حكم على النظرّيات التي تناسبهم بأنها تؤّيد النظرة الدينّيققة وصق ّ‬
‫سريعو ال ُ‬
‫حة‬‫حة النظرّيققات المعروضققة ومققن ص ق ّ‬ ‫بسرعة‪ ،‬فيظهر سبب تحّيزهم‪ .‬وفي نفس الوقت ينسون أن يتحّققوا من ص ّ‬
‫حججهم الدينّية معتقدين غلطًا أن الختان جزء من معتقدهم‪ ،‬وهذا ما أثبتنا زيغه في الجزء السققابق‪ .‬وأّمققا الكتابققات‬
‫ل أنه إنطبققاع‬ ‫الغربّية‪ ،‬فإنها عاّمة تفصل بين الدين والعلم مّما يعطي النطباع بأن الباحثين غير منحازين لدينهم‪ .‬إ ّ‬
‫كاذب كما يظهر من العدد الهائل من البحاث الصادرة عن اليهود في مجال الختان والتي يقصققد منهققا فققي حقيقققة‬
‫المر تثبيته ونشره كما تأمرهم به التوراة‪ .‬وسوف نعود إلى ذلك في الفصل الخاص بالختققان والسياسققة فققي جققزء‬
‫الجدل الجتماعي‪.‬‬

‫صب الذي يحاول دائمًا »جققر النققار إلققى رغيفققه«‬ ‫ونشير هنا إلى أن الموقف السلمي واليهودي والمسيحي المتع ّ‬
‫يمّثل خطرًا ليس فقط على المانة العلمّية‪ ،‬ولكن أيضًا على الدين‪ .‬فبماذا يتدّفأ هؤلء إذا ما تققبّين أن مققا إسققتعاروه‬
‫قد سحب من تحتهم بسبب عدم ثبوته‪ .‬فهل نقول حين ذاك أن الدين ل يّتفق مع العقل؟ أم نحاول الكرة بعد الخرى‬
‫البحث عن نظرّيات أخرى تسعفنا فيما نبحث عنه وهو البرهنة على العجقاز العلمقي للقدين؟ أم نققوم بتكفيقر مقن‬
‫أسعد‪ :‬الخلفّية التاريخّية‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫‪1‬‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬ص ‪.47-73‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Tangwa, p. 190‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪265‬‬
‫طحة؟ وهذا هو مققا نخققافه أكققثر مققا نخققاف‬
‫يخالفنا في الرأي كما فعل إبن باز ضد من لم يّتفق معه بأن الرض مس ّ‬
‫على مجتمعنا‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬ختان الذكور والناث بين التتفيه والتهويل‬


‫عرضنا في الجزء الول من هذا الكتاب العضاء الجنسّية الظاهرة للذكور والناث وعملّيققة الختققان الققتي تجققرى‬
‫عليها ومدى إنتشارها وتوزيعها الجغرافي‪ .‬وسوف نرى هنا تباين المواقف من الختانين‪.‬‬

‫‪ (1‬تباين المواقف من ختان الذكور والناث‬


‫يمكن تقسيم المواقف من ختان الذكور والناث إلى تّيارات ثلثة رئيسّية‪ .‬تّيار يقبل بختان الققذكور ويرفققض ختققان‬
‫الناث‪ ،‬وتّيار يقبل بكل الختانين‪ ،‬وتّيار يرفضهما كليهما‪.‬‬

‫أ( تّيار يقبل بختان الذكور ويرفض ختان الناث‬

‫حة العالمّيققة واليونيسققيف‬ ‫ظمققة الصق ّ‬


‫ظمة المققم المّتحققدة ومن ّ‬
‫نجد هذا التّيار عاّمة في الدول الغربّية وفي مواقف من ّ‬
‫ظمات الغربّية التي تناهض ختان الناث‪ .‬ويميل هذا التّيار إلى التهويل من ختان الناث بجميع درجاته‪ ،‬وفي‬ ‫والمن ّ‬
‫بعض الحيان ل يمّيز بين تلك الدرجات‪ .‬وفي نفس الوقت يسكت عن ختان الذكور أو يتّفهه أو يققبّرره طّبيققا‪ .‬وقققد‬
‫ظمات المذكورة دراسات عّدة عن ختان الناث ولكّنها لم تقم بأي دراسة حول ختان الذكور‪.‬‬ ‫كّرست هذه المن ّ‬

‫صققة فققي الكتابققات النسققائّية الغربّيققة‪ .‬وتحتققل السقّيدة »فققران‬


‫ونجد تهويل ختان الناث مع تتفيققه ختققان الققذكور خا ّ‬
‫هوسكن« دورًا هاّما في عملّية التضليل هذه‪ .‬فهي تقول‪:‬‬
‫حية‪ ،‬العملّيات التي تتعّرض لها الفتيات ليست متوازية مقع ختقان‬ ‫»من وجهة النظر البيولوجّية والص ّ‬
‫سققاس جقّدا منهققن‪.‬‬
‫الذكور ]‪ .[...‬فما يتم للفتيات له أهداف ونتائج مختلفة إذ يتم نقزع عضقو سققليم وح ّ‬
‫ومن وجهة النظر البيولوجّية فإن بتر العضاء التناسلّية للنققاث يققوازي بققتر جققزء مققن القضققيب أو‬
‫بأكمله«‪.1‬‬

‫ونجد صدى لهققذه القققوال فققي كتابققات غربّيققة كققثيرة‪ .‬فالنشققرة العلمّيقة الققتي توّزعهققا وزارة العمققل والشقؤون‬
‫الجتماعّية الفرنسّية بهدف الحد من ختان الناث تفّرق بين الختان الفرعققوني والختققان الققذي يتققم فيققه بققتر البظققر‬
‫والشفرين الصغيرين‪ .‬وتقول بأن هذا الخير »يمكن تشبيهه ببتر القضيب عند الصبي«‪ .2‬وإذا ما إعتبرنققا أنقه مققن‬
‫الممكن للنساء المختونات ممارسة الجنس بينما هذا مققن غيققر الممكققن لمققن بققتر قضققيبه‪ ،‬نققرى مققدى فجاجققة هققذه‬
‫المقارنة‪ .3‬وقد تناقلت هذه القوال النسققاء الفريقّيققات القتي تناضقل ضققد ختققان النققاث‪ .‬فققد كتبقت السقّيدة »ايفقوا‬
‫حة العالمّية‪:‬‬
‫ظمة الص ّ‬
‫دوركينوو«‪ ،‬مسؤولة عن برنامج ختان الناث في من ّ‬
‫»من المؤّكد بأن الجراءين ]ختان الذكور والناث[ يتّمان بصورة واسققعة دون ضققرورة طّبيققة وأن‬
‫في الحالتين يتعّرض الطفال لتجربة عصيبة‪ .‬وكل منهما يجريان دون موافقة الطفال‪ .‬إلّ أن أوجققه‬
‫الشبه تتوّقف هنا‪ .‬فالبظر من وجهة النظر البيولوجّية يشبه القضيب‪ .‬وبتر البظر الققذي يتققم فققي أكققثر‬
‫حالت بتر العضاء الجنسّية للناث يوازي بتر القضيب وليس الختققان‪ .‬وختققان الققذكور يققؤّدي إلققى‬
‫طي الحشفة ولكّنه ل يؤذي القضيب الققذي هققو عضققو اللقّذة‪.‬‬ ‫قطع الجزء العلى للجلد الواقي الذي يغ ّ‬
‫‪4‬‬
‫بينما بتر البظر يؤذي ويفني عضو اللّذة عند النساء« ‪.‬‬

‫‪Hosken: The Hosken Report, p. 32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Nous protégeons nos petites filles‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر أيضًا على سبيل المثال ‪ Sanderson, p. 17‬والمقّدمة التي كتبتها ‪ Benoîte Groult‬لكتاب ‪Thiam, p. IV‬‬ ‫‪3‬‬

‫والمقّدمة لكتاب ألماني حديث صادر عن حركة »أرض النساء« ‪Schnüll: Einleitung, p. 14-15‬‬
‫‪Dorkenoo, p. 52‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪266‬‬
‫ل من مقارنة درجات ختان الذكور مع درجققات ختققان النققاث‪ ،‬لجققأت إلققى التعميققم‬ ‫ويؤخذ على هذه الكاتبة أنها بد ً‬
‫فوقعت في أخطاء طّبية‪ .‬فمن المؤّكد أن الدرجة الثانية من ختان الذكور هي أكثر شّدة مققن الدرجققة الولققى لختققان‬
‫الناث‪ .‬وبتر البظر لدى النثى ل يعادل بتر القضيب عند الذكر‪ .‬فإذا ما نظرنا إلى أصل العضققاء الجنس قّية لققدى‬
‫الذكر والنثى َقبل وبعد تطّورها لتأخذ كل منها ممّيزاتها‪ ،‬نجد أن القضيب لدى الرجل يعققادل فققرج المققرأة بققأكمله‬
‫متضّمنا البظر ومجرى البول والثقب والشفرين الصغيرين‪ .‬وعليه فإن قطع القضققيب عنققد الرجققل ل يعققادل قطققع‬
‫البظر عند النثى بل قطع كل فرجها باستثناء الشفرين الكبيرين‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن القضققيب هققو وسققيلة لقققذف‬
‫ل كما يحدث‬ ‫السائل المنوي‪ .‬وبتر الغلفة جزئّيا عند الذكور يوازي بتر غلفة البظر عند الناث‪ .‬وأّما بتر الغلفة كام ً‬
‫عند اليهود‪ ،‬فيوازي بتر كل من غلفة البظر والشفرين الصغيرين معقًا‪ .1‬ومققن الغلققط القققول بققأن ختققان الققذكور ل‬
‫يضر باللّذة الجنسّية‪ .‬فهو يفني جزءًا يعتبر أكثر العضاء حساسقّية فققي جسققم الرجققل كمققا سققنرى لحققًا‪ .‬وختققان‬
‫الذكور يعّرض الشخص لمخاطر مثله مثل ختان الناث‪ ،‬تصل في بعض الحيان إلى ضققرورة تغييققر الققذكر إلققى‬
‫أنثى وقد يؤّدي إلى الموت‪.‬‬

‫وقد كتبت الطبيبة السودانّية المسيحّية ناهد طوبيا‪:‬‬


‫»إن ختان الذكور هو مجّرد إزالة للغلفة عن رأس القضيب دون المسققاس بالعضققو نفسققه‪ .‬أّمققا ختققان‬
‫الناث فأكثر جذرّية بكثير من الناحية التشريحّية‪ .‬فعملّية قطع البظر أو »الخفض« )التي يتم خللهققا‬
‫إستئصال البظر كّله أو جزء منه( ل يعادلها عند الذكور سققوى قطققع الجققزء العظققم مققن القضققيب‪،‬‬
‫على حين يكون المعادل لعملّية »الخفاض الفرعوني« )التي ل تتضّمن فقط قطع البظر‪ ،‬بل إزالققة أو‬
‫ساسققة الموجققودة حققول مققدخل المهبققل( هققو بققتر القضققيب وجققذوره مققن النسققجة‬
‫رتق النسققجة الح ّ‬
‫‪2‬‬
‫الرخوة‪ ،‬إضافة إلى جزء من كيس الخصية« ‪.‬‬

‫وخطورة موقف هذه الطبيبة تكمن في أهّمية دورها على الساحة العلمّية إذ تعتبر إحققدى رائدات مكافحققة ختققان‬
‫ظمققة‬‫ظمة »راميبو« التي سوف نتكّلققم عنهققا فققي فصققلنا حققول الجققدل القققانوني‪ .‬وقققد نشققرت من ّ‬‫الناث ورئيسة من ّ‬
‫‪3‬‬
‫حة العالمّية دراسة لها حول ختان الناث بالتعاون مع السّيدة »سوزان عّزت« ‪ .‬وتجدر الشققارة إلققى حققدوث‬ ‫الص ّ‬
‫تطّور لموقف هذه الطبيبة إذ أعلنت في بعض مقابلتها بأنها تعارض ختان الذكور وإن كانت ترى أن من واجبهققا‬
‫التركيز على ختان الناث‪.‬‬

‫وقد إنتقل تهويل ختان الناث وتتفيه ختان الذكور من الغرب إلى معارضققي ختققان النققاث فققي الققدول السققلمّية‪.‬‬
‫فالكتابات السلمّية القديمة ل تعرف مثل هذا التهويل في ختقان النقاث والتتفيقه فقي ختقان القذكور‪ .‬ونعطقي هنقا‬
‫بعض المثلة من الكتابات السلمّية الحديثة‪:‬‬

‫نقرأ في كتاب أصدرته الجمعّية المصرّية للوقاية من الممارسات الضاّرة‪:‬‬


‫»ختان الولد شيء وختان البنت شيء آخر مختلف تمامًا‪ .‬فختان الذكور نظافة وإزالة زائد ل نفع فيه‬
‫ووقاية من عّدة أمراض قد يكون من بينها السرطان وقّلما يؤّدي إلقى ضقرر مقا دام الققائم بقه خقبيرًا‬
‫مدّربا‪ .‬أّما ختان البنت فيمتد لجزاء مسؤولة إلى حد كبير عن تنظيم الحيققاة الزوجّيققة والتقريققب بيققن‬
‫الزوجين‪ ،‬وإعطاء المرأة حقًا طبيعّيا في التمّتع بالحياة الزوجّية«‪.4‬‬

‫ل يقارن فيه بين عملّية ختان الرجال وعملّية ختان الناث‪:5‬‬


‫والدكتور محّمد رمضان يعطينا جدو ً‬
‫عملّية ختان الرجل‬ ‫عملّية ختان المرأة‬
‫‪ (1‬قطع عضو عضلي أساسي وليس جلدة زائدة ‪ (1‬قطع جلدة زائدة )وهي الغلفة(‪.‬‬
‫)كأننا قطعنا القضيب أو رأسه عند الرجل(‪.‬‬

‫ظمة العفو الدولّية ‪Bodily integrity for both, p. 7-8, 22-‬‬


‫أنظر نقد لقوال هذه الكاتبة في تقرير فرع برمودا لمن ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫طوبيا‪ ،‬ص ‪13‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Female genital mutilation, an overview‬‬ ‫‪3‬‬

‫السرجاني‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪4‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪267‬‬
‫‪ (2‬لها فائدة عند الرجل للنظافة‬ ‫‪ (2‬ليس لها فائدة في ذلك عند المرأة‬
‫والستنجاء‬
‫حيث إنه يتجّمع في هذه الغلفة البول‪.‬‬ ‫حيث إن فتحة البول منفصلة عن البظر‪.‬‬
‫‪ (3‬ينكشف رأس القضيب مّما يفيد في‬ ‫‪ (3‬يتم فيها قطع رأس البظر على القل‪،‬‬
‫الستمتاع‪.‬‬ ‫إن لم يكن كّله‪ ،‬مّما يفقده الحساس ويؤّثر‬
‫على الستمتاع‪.‬‬
‫‪ (4‬ليس لها مشاكل أو مضاعفات طّبية تقريبًا‪.‬‬ ‫‪ (4‬لها مشاكل كثيرة ومضاعفات طّبية متعّددة‪.‬‬

‫ويقول الدكتور أحمد شوقي الفنجري‪:‬‬


‫»تختلف عملّية الختان في النثى عنها في الذكور إختلفًا جذرّيا ]‪ .[...‬يقابل قطع البظرة فققي النققثى‬
‫عملّية قطققع رأس القضققيب أو الخصققي الققتي كققان المماليققك يجرونهققا مققع عبيققدهم خوفقًا علققى عّفققة‬
‫نسائهم«‪.1‬‬

‫ب( تّيار يقبل بختان الذكور والناث‬

‫يشترك هذا التّيار مع التّيار السابق في أنه يتغاضى تمامًا عن ختان الذكور الذي يعتققبر أمققرًا مفروغقًا منققه وليققس‬
‫ل أن هذا التّيار‪ ،‬بخلف التّيار السابق‪ ،‬يقبل بختان الناث أيضًا ويرفض تهويله‪ .‬فعلى سققبيل المثققال‪،‬‬ ‫محل جدل‪ .‬إ ّ‬
‫يقول الستاذ عبد السلم السّكري‪:‬‬
‫»ختان الرجال وخفاض النساء كانت عملّية تجرى على قدم وساق منذ مئات السنين وحّتى عشققرات‬
‫السنين الماضية‪ .‬وقد خفضت أّمهاتنققا وجقّداتهن وهكققذا تصققاعدًا إلققى مققا شققاء القق‪ .‬ولققم تحققدث تلققك‬
‫الضرار المدعاة‪ .‬وما أدري ماذا يقول المعترضون على ذلك؟ بل كانت حياة هؤلء النققاس مسققتقّرة‬
‫تنمو علقى طهقارة‪ ،‬وتققترّبع علققى عّفقة‪ ،‬ورزقهقم الق الولقد‪ ،‬وعاشقوا حيقاتهم فقي ود وإخققاء‪ ،‬وأّدوا‬
‫رسالتهم في الحياة على ما ينبغي أن يكون«‪.2‬‬

‫ج( تّيار يرفض كل من ختان الذكور والناث‬

‫هذا التّيار في تزايد في الغرب‪ ،‬بينما ما زال في أّول مراحله في الدول السلمّية‪ .‬ونكتفي هنا بققذكر رأي الطبيبققة‬
‫السودانّية ناهد طوبيا التي إستشهدنا بها سابقًا‪ .‬تقول هذه الطبيبة أن كثير من الناس يتكّلم عن ختققان النققاث وكققأنه‬
‫ل ‪ %15‬من عملّيات ختان الناث‪ .‬وعليه فإن هناك‬ ‫يجري كّله على الطريقة الفرعونّية والتي في حقيقتها ل تمّثل إ ّ‬
‫من يظن أن ختان الناث أكثر مضّرة من ختان الذكور‪ .‬وحقيقة المر أن في كثير من الحالت ختققان النققاث أقققل‬
‫ضررًا وتعقيدًا من ختان الذكور‪ .‬هناك إذًا تهويل لختان الناث بسبب المعلومات المبالغ فيها حققول عملّيققة الختققان‬
‫الفرعوني‪ ،‬وفي نفس الوقت هناك قليل من المعلومات التي تتناقلها وسائل العلم حول مضاعفات ختققان الققذكور‬
‫على المدى القصير والبعيد رغم وجود الكثير من الكتابات الطّبيققة فققي هققذا المجققال‪ .‬وعليققه فققإنه مققن الضققروري‬
‫اللجوء إلى مقارنة العملّيتين حسب درجاتهما المختلفة والوساط التي تتم فيهما‪ .‬وهققي تققرى أن مضققاعفات ختققان‬
‫الذكور ل تختلف عن مضاعفات ختان الناث إذا ما إستثنينا الختان الفرعوني‪.‬‬

‫ل مققن التأكيققد علققى المبققدأ‬


‫وتنتقد هذه الطبيبة منطق التفريق بين الختققانين لنققه يعتمققد علققى المعطيققات الطّبيققة بققد ً‬
‫الساسي الذي ينص على إحترام سلمة الجسد لكل طفققل‪ .‬فل يمكققن إعتبققار ختققان النققاث خطققأ لنققه يققؤّدي إلققى‬
‫مضاعفات طّبية كبيرة‪ ،‬بخلف ختان الذكور الذي ل يؤّدي لمثل تلك المضاعفات‪ .‬وهذا المنطق مغلوط لنه ليققس‬
‫هناك أي إثبات علمي له‪ .‬ولذلك فهي ترى بأنه من الخطأ التفريق طّبيا بين ختان الذكور والناث‪.‬‬

‫ولكن هذه الطبيبة ترى أن الفرق بين ختان الذكور والناث ليس على مستوى الطب ولكققن علققى مسققتوى المحيققط‬
‫الجتماعي والسياسي‪ .‬ففي ختان الناث يتم إرسقال رسقالة للمقرأة فحواهقا‪» :‬إن نشقاطك الجنسقي خطيقر وضقار‬
‫ويجب مراقبته مهما كان الثمن« و»يجب أن تبقي مغلقة ضمن دور النجاب وخدمة الرجل جنس قّيا دون طلققب أي‬
‫الفنجري‪ ،‬ص ‪ .16-15‬أنظر أيضًا فّياض‪ ،‬ص ‪27‬؛ عويس‪ ،‬ص ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫السّكري ص ‪41-40‬؛ أنظر أيضًا ص ‪.35‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪268‬‬
‫شيء لك«‪ .‬وأّما في ختان الذكور‪ ،‬فمثل هقذه الرسققالة غيقر موجققودة‪ .‬ل بققل العكققس‪ ،‬يعتقبر الختققان فقي المجتمققع‬
‫الفريقي والسلمي وسيلة لزيادة الرجولة ومدخل لدخول السلطة الذكورّية‪ .‬ولكّنها تضيف بأن ختان الققذكور فققي‬
‫الوليات المّتحدة تم إستعماله كوسيلة للكبت الجنسي‪ .1‬وهذا التفريق بين ختان الذكور والناث محل نظققر‪ .‬فسققوف‬
‫نرى في الجدل الجتماعي أن ختان الناث قد أسُتعِمل أيضًا لزيادة اللّذة الجنسّية‪ ،‬كمققا أن اليهققود والمسققلمين رأوا‬
‫في ختان الذكور وسيلة لضعاف اللّذة الجنسّية‪.‬‬

‫‪ (2‬الختان عملّية بتر عند الذكور والناث‬


‫أ( التلعب بالكلمات‬

‫يلجأ كل من مؤّيدي ختان الذكور والناث إلى التلعب بالكلم‪ .‬فهم يرفضون إستعمال تعبير »بتر« ‪mutilation‬‬
‫للشارة إلى الختان الذي يؤّيدونه‪ ،‬ويرون أنه تعبير مبالغ فيه‪ .‬فالعضقاء القتي تقزال‪ ،‬فقي نظرهقم‪ ،‬هقي أعضقاء‬
‫زائدة‪ .‬فيشّبهون عملّية الختان بقص الظافر أو الشعر‪ .‬ويعتبرون كلمة »بتر« تعبيرًا مشينًا يتضقّمن إدانققة للختققان‬
‫ومن يمارسه‪ .‬ومن يؤّيد ختان الذكور ويرفض ختان الناث يرفض إستعمال هققذا التعققبير لختققان الققذكور بينمققا ل‬
‫حة العالمّية للحتفاظ بتعقبير »الختقان« للشقارة إلقى‬ ‫ظمة الص ّ‬
‫يتحّرج في إستعماله لختان الناث‪ .‬وهذا ما حدا بمن ّ‬
‫ختان الذكور‪ ،‬بينما أطلقت على ختان الناث تعبير »بتر العضاء الجنسّية«‪.‬‬

‫وعلى النقيض من هذين التّيارين‪ ،‬يرى التّيار الرافض لختان الذكور والناث بأنه يمكن إعتبققار كققل منهمققا عملّيققة‬
‫ل أنه يرى ضرورة تعريفه وتطبيقه على الختان ليقس‬ ‫»بتر«‪ .‬وهذا التّيار ل ينفي السلبّية التي تحيط بهذا التعبير‪ .‬إ ّ‬
‫على أساس المشاعر والحساسّيات الدينّية أو الثقافّية‪ ،‬بل على أساس معنققى كلمققة »بققتر« كمققا جققاء فققي القققواميس‬
‫اللغوّية والطّبية‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال نقرأ في القاموس الفرنسي ‪ Le Petit Robert‬تحت الفعل »بتر« ‪ :mutiler‬حرمان إنسان أو‬
‫حيوان من سلمة جسده بواسطة البتر أو جرح خطير«‪ .‬وتحت السم »بتر« ‪» :mutilation‬خسارة عرض قّية أو‬
‫قطع عضو أو جزء من الجسم«‪ .‬كما نقققرأ فققي القققاموس النكليققزي ‪ Webster's‬تحققت الفعقل »بققتر« ‪:mutiler‬‬
‫»حرمان إنسان أو حيوان من طرف أو جزء آخر أساسقي«‪ .‬ويعقّرف القدكتور »جيقرارد تسقفانج« »البققتر« بقأنه‬
‫»كل قطع نهائي ل رجعة فيه لعضو سليم«‪ .‬وهذا ينطبق على ختان الذكور والناث لنققه يمققس أعضققاء مبرمجققة‬
‫وراثّيا وتتواجد بصورة مماثلة عند كل الجّنة وكل الجناس‪.2‬‬

‫ول يمكن في هذا المجال تشبيه الختان بعملّية قص الشعر والظافر‪ .‬فإن كان صحيحًا أن الشعر والظافر أعضاء‬
‫صققهما‪ ،‬وتركهمققا دون‬ ‫ل أنهما ل يحتويققان علققى أعصققاب أو أوعيققة دموّيققة‪ ،‬ويطققولن بعققد ق ّ‬
‫من جسم النسان‪ ،‬إ ّ‬
‫تهذيب يؤّدي إلى عرقلة الحياة العادّية‪ ،‬وقصهما بحد ذاته ل مضّرة منه‪ .‬أّما فيما يخص البتر الذي يتققم فققي عملّيققة‬
‫ختان الذكور والناث‪ ،‬فإنه بتر ل رجعة فيه‪ ،‬وفيه مضّرة‪ ،‬بينما إبقاء العضو الذي يقع عليه الختان دون بتر ليققس‬
‫فيه أي ضرر‪ .‬ونحن نرى أنه في المكان ترك الفتى والفتاة إلى عمر البلوغ دون أّية مضّرة عليهمققا فققي إبقائهمققا‬
‫على تلك الحالة إلى هذا العمر‪ ،‬بينما إذا تركنا الوليد دون قص شعره أو أظافره إلى عمر البلققوغ فققإن ذلققك سققوف‬
‫يعيق تصّرفاته العادّية من أكل وشرب ومشي الخ‪.‬‬

‫ب( غلفة القضيب ليست عضوًا زائدًا‬

‫يرى مؤّيدو ختان الذكور دون ختان الناث أن الغلفة التي تزال فققي ختققان الققذكور هققي عضققو زائد‪ ،‬علققى خلف‬
‫الجزء الذي يزال في ختان الناث‪ .‬وحّتى في أّيامنا نجد كتابات غربّية تذكر حرفّيا ما كان قققد كتبققه »رومانيققدنو«‬
‫في القرن التاسع عشر على أن الغلفة جزء ل فائدة فيه‪ .3‬وعلققى سققبيل المثققال يقققول »وايزفيققل«‪ ،‬وهققو مققن كبققار‬

‫‪Toubia: Evolutionary cultural ethics, p. 4-5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Zwang: Les mutilations sexuelles féminines, p. 24; Zwang: Functional and erotic‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪consequences, p. 71‬‬
‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 52-54‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪269‬‬
‫ظرين بأن الختان يحمي من إلتهابات المسالك البولّية‪» :‬إني أعتقققد أن الغلفققة هققي غلطققة مققن الطبيعققة«‪ .1‬ومققا‬ ‫المن ّ‬
‫ل للغلفة وتصقّور القضققيب دون غلفقة وكققأن ذلققك‬ ‫زالت أكثر الكتب الطّبية في الوليات المّتحدة تكّرس حّيزا ضئي ً‬
‫‪2‬‬
‫هو القضيب الطبيعي‪ .‬وكل ما يدرسه طقالب الطقب هقو كيفّيقة إزالقة هقذه الغلفقة ‪ .‬وأهقم دراسقة حّتقى الن حقول‬
‫تشريح الغلفة ووظيفتها هقي تلقك الققتي قققامت بهقا مجموعقة أبحققاث يقديرها القدكتور »جقون تيلققور« فققي جامعققة‬
‫»مانيتوبا« الكندّية‪ .3‬وقد بّينت هذه الدراسة مكّونات الغلفة ومدى غناها بالنسجة والعصققاب والوعيققة الدموّيققة‪.‬‬
‫ول عجب إن تم نشر هذه الدراسة من ِقَبل مجّلة خارج الوليات المّتحدة حيث مققا زال الختققان يلقققى تأييققدًا كققبيرًا‪.‬‬
‫وبناء على هذه الدراسة وغيرها قّررت جمعّية طب الطفال السترالّية وجمعّية طب الطفال الكندّيققة عققام ‪1996‬‬
‫نشر توصّية بأنه يجب عدم ممارسة ختان الذكور بصورة روتينّيققة‪ .‬وقققد إعققترفت كققل مققن الجمعّيققتين أن الختققان‬
‫يمكن أن يكون خرقًا لحقوق النسان‪.‬‬

‫ويرى معارضو ختان الذكور بأنه ل محل للتفريق بين ما يقطع في ختان الذكور والناث من منظور علققم الجّنققة‬
‫والتشريح الذي يبّين وحدة الصل في العضاء الجنسّية الذكورّيققة والنثوّيققة‪ .‬فليققس هنققاك أي إختلف يققذكر فققي‬
‫شكل العضاء الجنسّية لكل من الذكر والنثى حّتى السبوع السابع أو الثامن من الحياة الجنينّية‪ .‬فكلهما يظهران‬
‫على شكل أعضاء أنوثّية‪ .‬وإذا ما كان كرومزوم الغدد التناسلّية أنثوي‪ ،‬فإن التطّور يستمر حّتققى تكتمققل العضققاء‬
‫الجنسّية النوثّية‪ .‬ولكن إذا ما كان كرومزوم الغدد التناسلّية ذكوري‪ ،‬فعنده يحدث تحّول كققبير فققي تلققك العضققاء‬
‫تحت تأثير الهرمونات حّتى تظهر فققي مظهققر أعضققاء جنسقّية ذكورّيققة‪ .‬فققإن الشققفرين الكققبيرين يلتحمققان ليكّونققا‬
‫الصفن )كيس الخصيتين( ثم تنتقل الخصيتين من جوار الكليققة إلققى ذلققك الكيققس َقبققل القولدة بفققترة قصققيرة بدايققة‬
‫بالخصية اليسرى ثم تلحقها الخصية اليمنى‪ .‬كمققا يلتحققم الشققفران الصققغيران ليكّونققا غلف القضققيب‪ .‬وهكققذا يبققدأ‬
‫تغيير في المظهر الخارجي من مظهر أنوثي إلى مظهر ذكوري‪ .‬ووحدة الصل في العضاء النوثّية والعضقاء‬
‫الذكورّية تظهر في كون نهاية العصاب في غلفة البظر وغلفة القضيب متشابهة تمامًا‪.4‬‬

‫فالغلفة عضو سليم إعتيادي طبيعي متواجد عند القذكور والنقاث علقى السقواء لقدى »الحيوانقات الّولّيقة« والقتي‬
‫تضم النسان وغير النسان )مثل القردة( منقذ ‪ 65‬مليقون سقنة علقى القل‪ .5‬فكيقف يمكقن والحالقة هقذه أن تعتقبر‬
‫عضوًا زائدًا؟ وعلى أي أساس يمكن إعتبارها زائدة مققا دام أن الكققل عنققدهم غلفققة؟ والقققول بققأن الغلفققة زائدة هققو‬
‫تعبير عن جهل بوظيفتها‪ .‬فالغلفة لم تخلق عبثًا وليس لمجقّرد الزينققة أو الققترف الجنققوني مققن الطبيعققة‪ .‬فقققد مقّدتها‬
‫ساسة‪ .‬وهي في تكوينها تشبه جفققن العيققن‪ .‬فهققل‬ ‫الطبيعة بكّمية هائلة من الشرايين والشعيرات الدموّية والخليا الح ّ‬
‫هناك من يقول بأن جفن العين عضو زائد يجب إزالته؟ وما هو طبيعي ل يحتاج للقطع‪ ،‬بققل مققا هققو غيققر طققبيعي‬
‫وغير إعتيادي‪ .6‬فكما أنه ل تقطع يد مّمن عنده يدين‪ ،‬فكذلك ل يعقل قطع الغلفة‪ .‬أضف إلى ذلققك أن الغلفققة عضققو‬
‫أحادي بخلف اليد‪ .‬فإذا ما تم بتر الغلفة‪ ،‬فقد الشخص عضوًا وحيدًا ل يعّوض‪ ،‬بينما لو قطعت يققده‪ ،‬فققإن بإمكققانه‬
‫التعويض عنها باليد الخرى‪ .‬ويشار هنا إلى أن الطّباء يقومون عند الولدة بفحص الطفققل‪ .‬فققإذا مققا وجققدوه دون‬
‫غلفة‪ ،‬يعتبرون ذلك تشويهًا‪ .‬والغريب أنهم إذا ما وجدوا عنده غلفة قاموا ببترها معتبرين أنها عضو زائد‪ .‬وإن كّنا‬
‫نريد أن نعتبر تجاعيد الغلفة أمرًا غير طبيعي أو زائدًا فيجب في هذه الحالة أن نعتبر تجاعيد رحم المرأة أمر غير‬
‫طبيعي يجب إزالتها‪ .‬ول أحد يقول بذلك‪.‬‬

‫ل ما نجد طبيبًا مسلمًا يتكّلم ضقد ختقان القذكور مقن منطلقق طّبقي‪ ،‬عملقي‪ .‬وققد يكقون ذلقك‬
‫ونشير هنا إلى أننا قلي ً‬
‫لعتقادهم أن لهذا الختان أساس ديني‪ .‬وقد شّذت عنهم الدكتورة نوال السعداوي التي تقول‪:‬‬

‫»لقد ثبت أن قطعة الجلد التي تقطع في ختان الذكور لها وظيفة وقائّية فهي تحمققي رأس العضققو عنققد الققذكر‪ .‬كمققا‬
‫إنها تفرز ماّدة وقائّية تسّهل الممارسة الجنسّية‪ .‬إنها مثل الغطاء لعضو مهم في جسم الذكر«‪.7‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 34‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Scott, p. 9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Taylor (et al.): The prepuce‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ritter, p. 11-2/11-4‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cold; Taylor: The prepuce, p. 34‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Ritter, p. 9-1/9-10-3‬‬ ‫‪6‬‬

‫السعداوي‪ :‬حقائق الطب الجديدة‪ ،‬ص ‪.70‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪270‬‬
‫ج( العضاء الجنسّية للنثى ليست أعضاء زائدة‬

‫كما أن مؤّيدي ختان الذكور إعتبروا الغلفة عضوًا زائدًا‪ ،‬إعتبر مؤّيدو ختان الناث كذلك الجققزء الققذي يقطققع مققن‬
‫النثى عضوًا زائدًا‪ .‬فهذا إبن قّيم الجوزّية يقول عن ختان الذكور والناث بأنه من خصققال الفطققرة الققتي يتققم فيهققا‬
‫»أخذ الفضلت المستقذرة التي يألفها الشيطان«‪.1‬‬

‫ويقول الشيخ شلتوت إن سبب إعتبار ختان الناث َمكُرَمة هو‬


‫»أن تلك »الزائدة« من شأنها أن تحققدث عنققد الممارسققة مضققايقة للنققثى‪ ،‬أو للرجققل الققذي لققم يققألف‬
‫الحساس بها‪ ،‬ويشمئز منها‪ ،‬فيكون خفضها َمكُرَمة للنققثى‪ ،‬وفققي الققوقت نفسققه َمكُرَمققة للرجققل فققي‬
‫الفترات المعروفة«‪.2‬‬

‫والدكتورة نور السّيد راشد ترفض قطع البظر‪ ،‬لن‬


‫»البظر هو عضو الحس الجنسي للنثى وله أهّمية كبيرة في الجماع والمعاشرة الزوجّية وإزالتققه أو‬
‫إزالة جزء منه يؤّدي إلى البرود الجنسي«‪.‬‬

‫أّما فيما يخص قطع الشفرين الكبيرين‪ ،‬فهي ترى أن إزالتهما أو تركهما‬
‫ضققل تركهمققا‪ ،‬لن لهمققا‬
‫حي‪ .‬ولذا أف ّ‬
‫»ل يؤّثر على العملّية الجنسّية‪ ،‬وتركهما ليس منه أي ضرر ص ّ‬
‫دور هام في حماية الجهاز التناسلي للنثى‪ ،‬ولن إستئصالهما فيه تشويه لهذه المنطقة من النثى«‪.‬‬

‫سّنة‪ ،‬هو غلفة البظر‪ .‬فهذا الغشاء‪ ،‬في نظرها‪،‬‬ ‫ل بال ُ‬


‫والجزء الذي تقترح إزالته‪ ،‬عم ً‬
‫»ليس له أي تأثير على المعاشرة الزوجّية‪ .‬ولذا فإن إزالته نهائّيا ل تؤّثر علققى الجمققاع ]‪ .[...‬فيمكققن‬
‫صه دائرّيا حول البظر عند‬ ‫إزالة هذا الغشاء‪ ،‬واستئصاله نهائّيا دون إلحاق أي ضرر بالبظر وذلك بق ّ‬
‫صص«‪.3‬‬ ‫طبيب متخ ّ‬

‫وهذه النظرة للعضاء التناسلّية عند المرأة ل توجد فقط بين المسلمين‪ ،‬فقد قالت مجموعة مقن مدرسققة الطقب فققي‬
‫جامعة هارفارد المريكّية في تقرير لها عام ‪» :1966‬إن البظر ليس ضقرورّيا لحيقاة جنسقّية إعتيادّيقة«‪ .4‬وتقذكر‬
‫الدكتورة نوال السعداوي أنها درست التشريح من »كتاب إنكليزي إسمه كانيجهام‪ .‬وهققذا الكتققاب يستأصققل عضققو‬
‫المرأة من علم التشريح باعتباره بل فائدة مثل الزائدة الدودّية‪ .‬وقد ورثنا هذا الّتجققاه المتخّلققف فققي التعليققم الطّبققي‬
‫عن النكليز«‪ .5‬وقد أجرت هذه الدكتورة بين عام ‪ 1973‬و ‪ 1974‬بحثًا علققى ‪ 160‬بنققت وسقّيدة مصققرّية‪ .‬وكققانت‬
‫إحدى تلك البنات طالبة في السنة الخيرة في الطب‪ .‬وكانت إجاباتها مشابهة تمامًا لجابققات البنققات الّميققات‪ .‬وقققد‬
‫شرحت لها بأنها لم تتعّلم بتاتًا خلل دراستها تركيب البظر ووظيفته‪ ،‬ل من أساتذتها ول من الكتب الققتي تدرسققها‪.‬‬
‫وعندما سأل أحد الطلبة أستاذه عن البظر‪ ،‬إحمر وجه هذا الخير وأجابه بأنه لن يسأله أحد في المتحان عققن هققذا‬
‫الموضوع حيث إنه غير مهم‪.6‬‬

‫ويرفض معارضو ختان الناث هذه القوال‪ .‬فنقرأ في كتاب »مفاهيم جديدة لحياة أفضل«‪:‬‬
‫»ل يمكن القول بأن أعضاء التأنيث زوائد‪ ،‬لنه لم تولد أّية بنت آدمّية بدون هذه العضاء‪ .‬رغم ذلك‬
‫تقول بعض السّيدات أن هنقاك بنقات يولققدون بققدون هققذه العضققاء لن الملئكقة قققد ققاموا بختقانهن‬
‫»طهارة ملئكة«‪ .‬وقد أّكدت إحداهن أنها سقمعت طفلتهقا المولقودة تصقرخ ثقم وجقدتها ملّوثقة بالقدم‬
‫سرت هذا بأنه من آثار ختان الملئكة للبنت«‪.‬‬‫وف ّ‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an american health fallacy, p. 170‬‬ ‫‪4‬‬

‫السعداوي‪ :‬حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪El-Saadawi: The hidden face of Eve, p. 35‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪271‬‬
‫وبعد أن أوضح الكتاب أن مثل هذا النزيف يحدث لبعض المواليد الناث بسبب إنخفاض هرمون النوثة في دمهن‬
‫بعد إنفصالهن عن أّمهاتهن‪ ،‬يضيف‪:‬‬
‫»كشأن جميع أعضاء الجسم يتفاوت حجم أعضاء التأنيث الخارجّية من بنققت لخققرى دون أن يعنققي‬
‫صغرها الشديد أنها غير موجودة )حّتى لو لم تلحظها الم( أو يعني وصققولها إلققى حجققم أكققبر أنهققا‬
‫حة البنت كأي عضو آخر في جسمها«‪.1‬‬ ‫زوائد قذرة ضاّرة‪ .‬فهي في كل الحوال أعضاء هاّمة لص ّ‬

‫حية والجنسّية للختان بأن العضاء الجنسقّية الققتي تبققتر فققي الققذكور‬
‫هذا وسوف نرى عند تحّدثنا عن المضار الص ّ‬
‫حية وجنسّية هاّمة‪.‬‬
‫والناث لها وظيفة ص ّ‬

‫‪ (3‬العتبارات الكامنة وراء تتفيه ختان الذكور أو الناث‬


‫أ( النسان عدو ما يجهل‬

‫الذين يدينون ختان الناث يفعلون عاّمة ذلك دون أن يخطر في بالهم إمكانّية المقارنة بينه وبين ختان الققذكور‪ .‬لقققد‬
‫أعمت الدعاية الغربّية عقولهم إلى درجة نسيانهم أن ختان الذكور هو أيضًا عملّية بتر‪ .‬وإذا مققا واجهتهققم فققي هققذا‬
‫المر‪ ،‬يحاولون تبرير أنفسهم بتخمينقات صقطحّية تشقف عقن جهقل تقام فقي موضقوع ختقان القذكور‪ .‬وققد بّينقت‬
‫محادثاتي مع كثير من مناهضات ومناهضي ختان الناث لسنين طويلة بأنهم لم يدرسقوا بتاتقًا ختقان القذكور‪ .‬فهقم‬
‫يجهلون أن ختان الذكور يتم على درجات مختلفة‪ .‬وعاّمة الناس الذين يرفضون ختان الناث يجهلون حّتى وجققود‬
‫درجات مختلفة من ختان الناث‪ .‬وهققذا الجهققل تسققاهم فيققه وسققائل العلم الققتي ل تققبّين تفاصققيل العملّيققتين‪ .‬وقققد‬
‫إختبرت أن حوارًا شخصيًا لمّدة أقل من عشر دقائق مع المثّقف والجاهققل يكفققي لكققي يعققترف المسققتمع بققأنه كققان‬
‫خققه ومنعتققه مقن‬ ‫يجهل التفاصيل‪ ،‬وأنه غّرر به‪ ،‬وأنقه وقققع ضقحّية ألعيققب وخققداع ُقققوى خفّيقة سققيطرت علققى م ّ‬
‫التفكير‪.‬‬

‫وسوف نرى في الفصول اللحقة مققن هققذا الجققزء والجققزء اللحققق أن هنققاك أسققباب طّبيققة واجتماعّيققة وسياسقّية‬
‫واقتصادّية وراء ختان الذكور والناث‪ .‬ووراء هذه السققباب يمكققن للمققرء أن يكتشققف إعتبققارات أخققرى خفّيققة ل‬
‫يباح بها عاّمة‪ .‬ونكتفي هنا بذكر أربعة منها‪ :‬الدينّية والجنسّية والنفسّية والتكتيكّية‪.‬‬

‫ب( العتبارات الدينّية‬

‫مؤّيدو ختان الذكور قد نموا في محيط أّثرت عليه أفكار دينّية تعتبر الغلفة عضوًا نجسًا والعلمة التي تمّيققز شققعب‬
‫ال المختار من »الغوييم« عند اليهود‪ ،‬والمؤمن من »الكافر« عند المسلمين‪ ،‬أو مخبأ الشيطان كما يقققول إبققن قّيققم‬
‫الجوزّية‪ .‬ولهذا السبب لم يعطوا ذلك العضو الهّمية العلمّية الضرورّية‪ ،‬تمامًا كما ل يدرس محّرمو الخنزير هققذا‬
‫الحيوان في كّليات البيطرة‪ .‬وقد أّدى هذا الفكر بأتباعه إلى درجة رسم العضو التناسلي للقضيب في كتب التشققريح‬
‫دون غلفة‪ .‬فهم ل يحتملون حّتى رؤيتها مرسومة على الورق‪ ،‬ويحققاولون بكققل السققبل إزالتهققا مققن مخّيلتهققم ومققن‬
‫لب الطب فل يسألون عنها‪ .‬كما يحاولون إقناع الهل بأنهم مهما كان قرارهم لن يغلطون‪ ،‬فقطققع الغلفققة‬ ‫مخّيلة ط ّ‬
‫وإبقاؤها سواء‪ .‬فالمعتقدات الدينّية قد أّدت إلى تعتيم من ِقَبل البعض وجهل من ِقَبققل الخريققن‪ .‬ومققن المعققروف أن‬
‫النسان عدو ما يجهل‪ .‬وليس من صالح رجال الدين الشك والتشكيك في معتقداتهم‪ .‬فيقومون بالدعاية للختقان لمقن‬
‫يتقّبل منهم‪ ،‬أو السكوت عنه أمام من قد يستغرب من أمرهققم‪ ،‬أو يحققاولون لفققت إنتبققاههم وتحويققل إهتمققامهم إلققى‬
‫ختان الناث‪.‬‬

‫ج( العتبارات الجنسّية‬

‫ل بحذر كبير وبروح مققن‬ ‫الختان‪ ،‬كغيره من الموضوعات المتعّلقة بالجنس‪ ،‬من المحّرمات‪ .‬فل يتطّرق لها الفرد إ ّ‬
‫الدعابة لخفاء الحرج‪ .‬وهذا هو أحد أسباب الجهل الذي يحيط بالختان‪ .‬فبسبب إنتشار الختان في الوليات المّتحدة‬
‫حيث يمارس في الّيام الولى من الولدة‪ ،‬هناك كثيرون ل يعرفون ما هو الفرق بيققن المختققون وغيققر المختققون‪،‬‬
‫عبد السلم؛ حلمي‪ :‬مفاهيم جديدة‪ ،‬ص ‪.61-60‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪272‬‬
‫ل ما إذا كانوا مختونين حّتى ولدة أّول طفل لهم فيعاينون الفققرق بينهققم وبيققن طفلهققم‪ ،‬فيواجهققون‬ ‫ول يعرفون أص ً‬
‫لب أو للهققل فققي‬ ‫جهققة للط ّ‬
‫بسؤال الختان‪ .‬يضاف إلى ذلك أن أكققثر الكتققب الققتي تتكّلققم عققن الثقافققة الجنسقّية المو ّ‬
‫الوليات المّتحدة ل تتعّرض لموضققوع الختققان بتاتقًا‪ .‬وإن عققرض رسققم للقضققيب‪ ،‬فهققذا العققرض يكقون لقضققيب‬
‫مختون وكأنه القضيب الطبيعي‪ ،‬مّما يسّهل إقناع الهل بأن القضيب غير المختون مققع غلفتققه البائنققة هققو قضققيب‬
‫مشّوه‪ .‬وإذا ما عرض قضيب غير مختون‪ ،‬يشار إلى ذلك بأنه مصاب بق»ضيق الغلفة«‪ .‬ولققذا ل عجقب إن إعتققبر‬
‫خلت العملّية‬ ‫الطّباء القضيب المختون هو القضيب الطبيعي‪ .‬ويتحاشى الكثيرون ذكر كلمة القضيب حّتى في التد ّ‬
‫أو من ِقَبل المحامين الذين يدخلون قضايا متعّلقة بالقضيب‪ .‬فكيققف بققالحرى التكّلققم عققن الختققان الققذي هققو تشققويه‬
‫للقضيب‪.1‬‬

‫د( العتبارات النفسّية‬

‫محاولة تتفيه ختان الذكور عند المختونين قد يكون بسبب عدم معرفة لما يمكن أن يكققون عليققه الوضققع عنققد غيققر‬
‫سون أنفسهم بأنهم ناقصون‪ .‬فكثير‬ ‫المختونين‪ ،‬أو بسبب غيرتهم منهم‪ .‬كما قد يكون لكبت ما يعانون منه حّتى ل يح ّ‬
‫من الطّباء لم يتمّكنوا أن يعيشوا بسلم داخلي مع أنفسهم أو لم يكونققوا صققريحين مققع أنفسققهم فققي تقييققم وضققعهم‬
‫الجنسي‪ .‬ولذلك فمن الصعب التكّلم معهم عن المواضيع الجنسّية‪ .2‬وهناك مثل بليغ يقول‪» :‬ل تتكّلم عن الحبل فققي‬
‫بيت مشنوق«‪ .‬وما يقال عن المختونين يمكن أن يقال عن شريكاتهم‪ .‬فالتشكيك بالختان طعن في رجولة شققريكهن‪.‬‬
‫وهذا ما ل تحمد عواقبه‪.‬‬

‫ويشير البعض إلى أن عدم الهتمام بختان الذكور‪ ،‬على العكس من ختان الناث‪ ،‬قد يكون نتيجة الثقافة التي تربط‬
‫بين الرجال والقسوة واللم‪ .‬فالرجال يرسققلون للحقرب بصقورة روتينّيققة بينمقا ل يمكننققا أن نفّكققر بإرسققال النسققاء‬
‫للحرب‪ .‬ومنظر رجل يضرب في فلم من ِقَبل رجل آخر ل يؤّثر فينا كضرب إمرأة‪.3‬‬

‫هـ( العتبارات التكتيكّية‬

‫ل شك في أن النساء ساهمت وتساهم في النضال ضد ختان الذكور‪ ،‬ل بل هي رأس حربة هذا النضال كما سنرى‬
‫ل أن هناك حركات نسائّية متقوقعة على ذاتها تحاول »لم النار على قرصها«‪ ،‬متجاهلة ختققان‬ ‫في القسم القانوني‪ .‬إ ّ‬
‫الذكور إّما عن جهل أو عن بغض للرجال‪ .‬فقد يكن قد أغتصبن من رجال أو عانين الظلققم منهققم‪ .‬وقققد يكققون ذلققك‬
‫ل طائلققة‬
‫نتيجة خبث‪ .‬فيجب أن ل ننسى في هذا المجال أن وراء الحركققة النسققائّية المناهضققة لختققان النققاث أمققوا ً‬
‫تصرف‪ .‬وليس من صالح تلك الحركات إقتسام تلك الموال مع الرجال‪ .‬وهي ترى أنه مققن غيققر الممكققن أو ليققس‬
‫حكمة جمع ختان الذكور والناث في نفس الكفاح‪ .‬ومققن السققهل تكريققس الكفققاح ضققد عققادات الغيققر )ختققان‬ ‫من ال ِ‬
‫الناث عند الفارقة( من النظر في عيققوب الققذات )ختققان الققذكور عنققد الغربّييققن( وهققذا يقّلققل خطققر فقققدان الققدعم‬
‫والّتهام بمعاداة السامّية‪.4‬‬

‫ونحن نجد شبيهًا لهذه الظاهرة عند اليهود الذين يصّورون تاريخهم وكأنهم كانوا دائمًا ضققحّية الضققطهاد وأنققه ل‬
‫يوجد شعب في العالم لقى ما لقوه من سوء المعاملة‪ .‬فيستخّفون بآلم الغيققر‪ ،‬ويسققتنكرون مطققالبتهم بتعويضققات‬
‫على غرار مطالب اليهود‪ .‬فمعارضات ختان الناث لهن منطق ل يختلف عن منطققق اليهققود‪ .‬فهققن يرّكققزن عاّمققة‬
‫حم مققن العاّمققة‪ .‬ونحققن ل ننكققر أن اليهققود قققد عققانوا‬
‫على ختان الناث بأشد صوره لجذب النتباه واسققتدرار الققتر ّ‬
‫الضقطهاد فقي تقاريخهم‪ ،‬ولكقن مقوقفهم هقذا مقن الغيقر يصقب فقي خانقة النانّيقة والعنصقرّية ويخقالف الحقيققة‬
‫التاريخّية‪ .‬ونحن ل ننكر أن ختان الناث عملّية مؤلمة‪ ،‬ولكّننا نرى أن تتفيه ختان الذكور من ِقَبل معارضي ختان‬
‫الناث هو أيضًا نوع من النانّية والتمييز الجنسي ويخالف الحقيقة الطّبية‪ .‬وتصقّرف الحركققات النسققائّية فققي هققذا‬
‫ل أو عمدًا‪ ،‬ل يرقى إلى مستوى المسؤولّية‪ .‬فليس من العقدل إجحقاف القذكور حّقهقم بقصقد تققديم‬ ‫الخصوص‪ ،‬جه ً‬
‫قضّية النساء‪ .‬فحّقي ل يلغي حق الغير ول يجب أن يلغيه‪ .‬وألمي ل يلغي ألم الغير ول يجب أن يلغيه‪ .‬أضققف إلققى‬
‫‪Llewellyn, p. 473-474‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Ritter, p. 28-1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Boyd, p. 136‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Boyd, p. 135-137‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪273‬‬
‫ذلك أن التغاضي عن ختان الذكور ل يخدم مصلحة النساء التي تريد إلغققاء ختققان النققاث‪ ،‬لققترابط الختققانين‪ .‬ولنققا‬
‫عودة إلى هذه النقطة لحقًا‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬اللم الناتجة عن ختان الذكور والناث‬


‫‪ (1‬اللم غير الضروري مخالف للخلق‬
‫تعريض الغير لللم مخالف للخلق وللقاعدة الذهبّية التي تقول‪» :‬ل تفعل لغيرك ما ل تريد أن يفعله الغير لققك«‪.‬‬
‫خل الطّبي لنقاذ حياة المريض‪ ،‬فإن اللم يجب أن يكون بأقل قدر ممكققن‪.‬‬ ‫وإذا ما كان هناك سبب لباحة‪ ،‬مثل التد ّ‬
‫وعلى قدر المكان‪ ،‬يجب محاولة تخفيف اللققم بواسققطة التخققدير الموضققعي أو الشققامل‪ ،‬أو بققاللجوء إلققى وسققائل‬
‫ترويحّية أخرى أقّلها إشعار الشخص المتأّلم بنوع من الشفقة والحنان والمواساة وعدم إستفزازه وعدم التلّذذ بققألمه‬
‫وعدم إظهار البهجة أو الرقص على جراحه‪ .‬كما يجب تفهيمه ما يجرى له وأن ذلك لمصلحته حّتى ل يشققعر بققأن‬
‫هناك مؤامرة تحاك ضّده‪.‬‬

‫وعملّية ختان الذكور والناث تدور في حقيقة المر بخلف كل ذلققك‪ .‬فهققي تتققم فققي الكثرّيققة السققاحقة دون سققبب‬
‫طّبي‪ ،‬على عضو سليم‪ ،‬وفي أكثر الحوال دون تخدير‪ .‬وبينما يصققرخ الطفققل‪ ،‬يقققوم الهققل والحضققور بمظققاهر‬
‫البهجة وكأنهم يشمتون به حّتى وإن أحاطوه ببعض الدفء العائلي‪ .‬والطفل ل يمكنه أن يفهم أن ما يجققري لققه هققو‬
‫لصالحه رغم ما قد يّدعيه الهل‪.‬‬

‫يشرح طبيب أمريكي التناقض الققذي يعيشققه المجتمققع المريكققي‪ .‬فمققن جهقة يحققرص علقى معاملقة الوليقد بلطقف‬
‫ل أّيقام حّتقى يؤخقذ‬
‫لشعاره بأنه مقبول بمحّبة‪ .‬فينصح بتخفيض الضوء وتجّنب الضوضاء مققن حقوله‪ .‬ومقا هقي إ ّ‬
‫الطفل من أّمه ويربط على لوحة ويعّرى ويسّلط الضوء عليه وتجققرى لققه عملّيققة جراحّيققة دون مخقّدر‪ .‬وحّتققى إن‬
‫أسُتعِمل مخّدر فإن تأثيره المسّكن ينتهي بعد ساعة أو ساعتين ثم يعققود الطفققل للحسققاس بققاللم‪ ،‬ويصققعب تفققادي‬
‫ملمسة قضيبه المجروح‪ ،‬فكل حركة تؤلمه‪ .‬ول يشفى الجرح َقبل عشرة أّيام إلى أسبوعين‪.1‬‬

‫هكذا يتحّول الختان إلى مسرحّية مبكية مضحكة في آن واحد‪ .‬وشر البلّية ما يضققحك‪ .‬ولكققن المأسققاة هققي محاولقة‬
‫مؤّيدي ختان الذكور تبرير أنفسهم بأن الطفل ل يحس باللم‪ ،‬أو بألم بسيط سرعان ما ينسققاه‪ .‬وقققد دار جققدل كققبير‬
‫في الوساط العلمّية حول مدى شعور الطفل باللم وحول إستعمال التخدير لتخفيف ألم الطفل‪.‬‬

‫‪ (2‬عدم إحساس الطفل باللم أو عدم إحساس الغير بألمه؟‬


‫أ( إنكار إحساس الطفل باللم‬

‫ل أحد يشك في أن ختان الذكور والناث إذا ما تم بعد سن التمييز عملّية مؤلمة‪ .‬وعنققدما تتكّلققم النسققاء فققي مصققر‬
‫عن يوم الختان تصفه »باليوم السود«‪ .‬ويحاولن تفادي التفكير به‪» :‬ما تفكرينيققش بيققه لن كققل مققا أفّكققر جسققمي‬
‫يقشعر وأخاف‪ .‬فقد أخذوني من الدار للنار كأني رايحة لقدري«‪ .2‬وختان النققاث يتققم عاّمققة بعققد سققن التمييققز إّمققا‬
‫لصعوبة مسك العضاء الجنسّية عند الطفلة أو حّتى تتذّكر اللم لن الختان رسالة لتحذيرها مققن هققذا الجققزء مققن‬
‫جه عام ومتزايد نحو ممارسته في الصغر‪ ،‬للعتقاد فققي أنققه كّلمققا كققان الطفققل‬ ‫جسمها‪ .‬أّما ختان الذكور‪ ،‬فهناك تو ّ‬
‫أصغر‪ ،‬كّلما كان ألمه أقل‪ ،‬ولنه لو ترك دون ختان حّتى يكبر فقد يتمّرد ويرفض هذه العملّية‪.‬‬

‫يقول موسى بن ميمون إن الشريعة اليهودّية وضعت الختان على الصغير لنه في هذا السن »ل يتأّلم كتأّلم الكققبير‬
‫للين جلده‪ ،‬ولضعف خياله‪ ،‬لن الكبير يستهول ويستصققعب المققر الققذي يتخّيققل وقققوعه قبققل أن يقققع«‪ .3‬وقققد رّدد‬
‫ل أن‬‫الموهيلون اليهود قول إبن ميمون عبر العصور‪ .‬فعنقدما سقئل الحاخقام والموهيققل »جقارتنير« هقل يعتقققد فع ً‬
‫‪Ritter, p. 3-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد السلم؛ حلمي‪ :‬مفاهيم جديدة‪ ،‬ص ‪.59‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪274‬‬
‫الطفال أقل إحساسًا في ذاك العمر‪ ،‬أجاب‪» :‬بالتأكيد‪ .‬لقد أجريت عقّدة مئات مقن عملّيقات الختقان وفقي كقثير مقن‬
‫الوقات لم أسمع أي صوت من الطفل‪ .‬وهو يصيح فقط عندما تفتح رجليقه‪ .‬فهقو ل يحقب أن يمسقك«‪ .1‬والحاخقام‬
‫لق لقص شعرك«‪ .‬وخبير وموهيل يهققودي‬ ‫والموهيل »فايس« يقول‪» :‬إن الختان ليس مؤلم وهو يشبه ذهابك للح ّ‬
‫إسمه »رمي كوهن« الذي أجرى آلف عملّيات ختان خلل ‪ 17‬سنة يقول‪» :‬إن الختان ليس مؤلمًا بتاتًا‪ ،‬فالشريعة‬
‫اليهودّية حريصة على عدم إحداث صدمة للطفل«‪.2‬‬

‫وقد حاول البعض وضع النظرّيات تأييدًا لمقولة إبن ميمون‪ .‬فهققم يققرون أن الطفققل ل يتمّتققع بجميققع الحققواس‪ ،‬ول‬
‫يشعر باللم كما يشعر البالغ‪ ،‬ودماغه ل يمتلك القدرة على التذّكر لمققا يجققري لققه‪ ،‬فهققو سققريع النسققيان‪ .‬ولققذلك ل‬
‫يؤّثر عليه أي تصّرف يقع عليه‪ .‬فل يكاد أن يكققون هنققاك إختلف كققبير بينققه وبيقن النباتققات‪ ،‬حسققب قققول طققبيب‬
‫خلت جراحّيققة علققى أطفققال دون تخققدير‪،‬‬ ‫أمريكي في القرن الماضي‪ .3‬وقد أّدى هذا العتقاد إلققى إجققراء عقّدة تققد ّ‬
‫أهّمها عملّية الختان‪ .‬وقد وصل المقر إلققى أن تققر الكاديمّيققة المريكّيقة لطقب الطفقال لعقام ‪» :1999‬إن هنقاك‬
‫براهين كثيرة بأن الطفال يبدون تجاوبًا جسدّيا خلل الختان دون تخدير مّما يوحي بأن الطفل يشعر باللم والقلققق‬
‫الجسدي«‪ .4‬وكأن المر يحتاج إلى برهان!! وهذا يبّين أن إحساس الطفل باللم لم يكن بققديهيًا فققي عقققول الطّبققاء‬
‫سققنة رجققال الققدين‬
‫المريكّيين! فقد تطّلب المر إجراء دراسات لثبات ذلققك! ورغققم ذلققك‪ ،‬مققا زال يققترّدد علققى أل ِ‬
‫ورجال الطب بأن الختان عملّية غير مؤلمة!‬

‫وقد ذكر الدكتور »فليس« بأنه أجرى مئات من عملّيات الختان‪ .‬وكان خلل ذلك منصبًا على العملّية‪ ،‬معتقققدًا أن‬
‫ما يعمله هو الصحيح‪ .‬ولم يكن يسمع صراخ الطفل لنه تعّلم في كّلية الطب بأن الطفل ل يحس باللم ول يتققذّكره‪.‬‬
‫غير أنه صدم يومًا بصراخ طفل بقي عالقًا في ذهنه فلم يعد يختن الطفقال‪» :‬لقققد تققبّين لقي حينقذاك بققأني كطققبيب‬
‫أطفال علي أن أدافع عنهم وأحميهم‪ ،‬وختققانهم هققو خيانققة لقققانون الخلق الطّبيققة«‪ .5‬ومققا زال الطّبققاء المؤّيققدون‬
‫لت العلمّية‪ ،‬دون تعليق من ِقَبل رئيس التحريققر أو المحّققيققن‪ .‬فقققد‬ ‫للختان يرّددون مقولة إبن ميمون حّتى في المج ّ‬
‫كتب الطبيب اليهودي »فايس«‪ ،‬وهو من مؤّيدي الختان الجماعي‪» :‬إن إثارة موضوع اللم عنققد الطفققال حققديثي‬
‫الولدة ل مبّرر لها ]‪ .[...‬فالدراسات تبّين أن وسائل الحسققاس عنققده ضققعيفة‪ .‬وهققذا يققبّين عققدم ضققرورة إعطققاء‬
‫التخدير َقبل بلوغه عشرة أّيام«‪.6‬‬

‫ونجد مثل هذه القوال أيضًا عند الطّباء المسققلمين‪ .‬يقققول الققدكتور أحمققد خّفققاجي‪ ،‬وهققو طققبيب مصققري‪» :‬كّلمققا‬
‫أسرعنا بختان الذكور في وقت مبّكر من حياتهم كّلمققا كققان هققذا أفضققل لهققم‪ .‬فققالطراف العصققبّية المسققؤولة عققن‬
‫ل بعد حوالي سّتة أشهر من الولدة«‪.7‬‬ ‫الحساس باللم ل يتم نمّوها إ ّ‬

‫ب( هل يحس الطفل باللم؟‬

‫ولكن ما هي الحقيقة؟ هل يحس الطفل باللم؟ للجابة على هققذا السققؤال يجققب البحققث عّمققا إذا كققان الطفققل يتمّتققع‬
‫بحواسه الخمس مثل الكبير أم ل‪.‬‬

‫سة اللمس ويتفاعل إيجابّيا عند لمس جلده‪ .‬فيزداد وزنه‪ .‬ولذلك ينصح عاّمة أن يضع الطفققل أكققثر‬‫يتمّتع الطفل بحا ّ‬
‫وقت ممكن في أحضان أّمه‪ .‬وهو يحس بتغّير الحرارة‪ .‬وهذا ما يحدث عندما يتم نقله من فراشه الدافئ إلى سققرير‬
‫آخر بارد لجراء عملّية الختان‪.‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 66-67‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goldman: The psychological impact, p. 98‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪American Academy of Pediatrics, Task Force on Circumcision: Circumcision Policy‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.(Statement (RE9850‬‬
‫‪Fleiss: An analysis, p. 392-393‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Weiss;Weiss‬‬ ‫‪6‬‬

‫مذكور في محمود‪ :‬حكم السلم‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪275‬‬
‫سة السمع عند الطفل متطّورة‪ .‬فهو يفّرق بيققن صققوت إعتققاد عليقه كصققوت أّمققه وصقوت غريققب عليققه‪ ،‬كمققا‬ ‫وحا ّ‬
‫يتعّرف على الجهة التي يصدر منها الصوت‪ .‬وهو يتفاعل مع حّدة الصوات التي تصققل إلققى أذنيققه‪ .‬كمققا يتعقّرف‬
‫ضققلون السققتماع‬ ‫على صوته‪ .‬فإذا ما أعيد عليه تسجيل صراخه يسكت‪ .‬وقد تبّين أن ثمانيققة مققن عشققرة أطفققال يف ّ‬
‫لصوت أّمهم مّما لصوت آخر‪ .‬وبعضهم يتعّرف على صوت أبيهم إذا تكّلم معهم وهم في بطن أّمهم بصوت هققادئ‬
‫وكلم بسيط‪ .‬وخلل عملّية الختان يسمع الطفل أصواتًا غريبة عليه أو ل يسمع أي صوت‪.‬‬

‫سة خلل الشهر الولى من حياته‪ .‬ويرى الطفل حققديث‬ ‫سة النظر منذ صغره‪ ،‬وتتطّور هذه الحا ّ‬ ‫ويتمّتع الطفل بحا ّ‬
‫الولدة على مسافة ‪ 8‬إلى ‪ 12‬بوصة وهي المسافة التي تفصله عن وجه أّمه خلل الرضاعة‪ .‬ويختلف نظر الطفل‬
‫إلى الوجوه عن نظره إلى الشياء الجامدة‪ .‬فيحقّرك ذراعيققه ورجليققه ويصققدر مزيققدًا مققن الصققوات‪ .‬ويتققأّثر مققن‬
‫رؤيته للشخاص أو الشياء‪ ،‬فيصرخ أو يكف عن الصراخ‪ .‬وفي عملّية الختان يلحظ أن الطفل يغلق عينيه بشّدة‬
‫ضحا بأنه يرفض رؤية ما يحدث له‪.‬‬ ‫مو ّ‬

‫سة الشم كما عند البالغ‪ .‬فهو يبتسم إذا قّدم لققه رائحققة العسققل‪ ،‬ويمتعققض مققن شققم رائحققة الققبيض‬
‫ويتمّتع الطفل بحا ّ‬
‫الفاسد فتتغّير ملمحه وضربات قلبه وحركات يديه ورجليه‪ .‬وهو يفّرق بين رائحة حليب أّمه وحليققب مققأخوذ مققن‬
‫إمرأة أخرى‪ .‬وفي عملّية الختان يشعر الطفل بالروائح الغريبة النابعة من غرفة العملّيات والتي لم يتعّود عليها‪.‬‬

‫سة الذوق تمامًا كما يشعر البالغ‪ .‬فملمحه تختلف حسب المواد التي تضع على لسانه‪ .‬فيبتسققم إذا‬ ‫ويتمّتع الطفل بحا ّ‬
‫‪1‬‬
‫ل إذا تقيأ الطفل ‪.‬‬
‫سة الذوق ل تتفاعل إ ّ‬
‫وضع سكر على لسانه‪ ،‬ويعّبس إذا وضع ماء الكينين‪ .‬وفي الختان حا ّ‬

‫سمت تصّرفاته إلى ست حققالت‪ :‬ثلثققة فققي حالققة اليقظققة‬ ‫ويتفاعل الطفل مع وضعه‪ .‬فهو ليس حجرًا أصّما‪ .‬وقد ق ّ‬
‫)الهدوء والحركة والصراخ(‪ ،‬واثنتين في حالة النوم )النوم النشط والنوم الهادئ(‪ ،‬وحالة بين النوم واليقظة )حالققة‬
‫النعاس(‪ .‬والطفل يبتسم ويبكي ويفرح ويغضب ويشمئز ويحزن ويخاف مثله مثل الكبير‪ .‬وهو يعّبر عن ذلققك مققن‬
‫خلل ملمح وجهه وحركات يديه ورجليه‪ .‬ويختلف صراخه حسب حاجته‪ .‬فقد يكققون حققاّدا أو عميققًا‪ ،‬قصققيرًا أو‬
‫طويل المدى‪ .‬وفي الختان عاّمة يكون الطفل في حالة صققراخ يعّبققر عققن القلققق والكققرب‪ .‬والطفققل يتحقّرك حسققب‬
‫وضعه‪ .‬فعندما يرى أّمه يتحّرك بصورة مختلفة عن حركته عندما يرى لعبة أو شخص آخر‪ .‬وفي الختان يتم ربط‬
‫الطفل فتشل حركته ويمنع من التعبير الطبيعي عن حالته‪ .‬وشفتاه ل تتحّرك بصورة طبيعّيققة عنققد الصققراخ الناتققج‬
‫عن ربطه‪.2‬‬

‫والطفل شخص نشيط يتطّلع للتعّلم ويستوعب الدروس بسرعة وبسققرور‪ .‬فهققو يبتسقم عنققدما يتمّكققن مقن السققيطرة‬
‫على شيء في محيطه‪ .‬ويعرف في أي إّتجاه يدير رأسه ليأخذ مكافأة‪ .‬وهو ينتظر المكافأة ويغضب إذا لققم يحصققل‬
‫عليها‪ .‬والطفل الذي يحصل على مكافأة دون تعّلم تصّرف يملقى عليقه ل يتعّلقم ذاك التصقّرف بعقد حصقوله علقى‬
‫المكافأة‪ .‬وهو يتعّرف على وجه أّمه خلل الدقائق الولى مقن ولدتقه‪ .‬ويتصقّرف بصقورة مختلفقة إذا لبسقت أّمقه‬
‫قناعًا أو سكتت خلل إرضاعه‪ .‬وهو يحاكي غيره فيخرج لسانه ويفتح فمه إذا ما قام غيره بفعل ذلك أمققامه‪ .‬وهققو‬
‫يصرخ لنداء أّمه‪ ،‬وإذا لم تستجب له يدخل في حالة من القلق والكآبة‪ .‬وهذا ما يحدث في الختان‪.3‬‬

‫والتعّلم يفترض الذاكرة‪ .‬والطفل يتذّكر بعض المثيرات التي يتعّرض لها وهو داخل بطققن أّمققه‪ .‬فسققماعه موسققيقى‬
‫معّينة خلل الحمل يجعله يتعّرف عليها بعد ولدته إذا أعيدت عليه كما يظهر من حركاته ودّقات قلبه‪ .‬والتغّيققرات‬
‫ضح أنه يتذّكر ما يحدث له‪.4‬‬
‫التي تحدث على الطفل بعد الختان تو ّ‬

‫ويشعر الطفل باللم ويؤّدي ذلك إلى تغّير في حركاته وأعصققابه وكيميققاء أعصققابه وضققربات قلبققه وتنّفسققه‪ .‬وقققد‬
‫بّينت البحاث أن شعور الطفل باللم يوازي ألم البالغ إن لم يكن أكبر منه‪ .‬فإذا ما قام الطبيب بخرز إبرة في رجل‬
‫الطفل فإن الطفل يحاول إبعاد يد الطبيب بساقه الخرى الطليقة الحركة‪ .‬وحّتى إذا لم يظهر على الطفل ألققم بسققبب‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 10-13‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 13-16‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 16-17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 18-19‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪276‬‬
‫تناول أّمه للمخّدرات َقبل الولدة‪ ،‬فهذا ل يعني أن الطفل ل يحس باللم‪ .‬وتعتبر عملّية الختان أكثر العملّيات إيلماً‬
‫للطفل بعد الولدة‪ .‬ويبّين ذلك إرتفاع دّقات القلب بنسبة ‪ %50‬من معّدلها العتيادي وارتفاع مستوى الكققورتيزول‬
‫إلى ثلثة أو أربعة أضعاف مستواه َقبل الختان‪ .‬وهذا هو الهرمون الذي يسري فققي الققدم فققي حالققة الكققرب‪ .‬ويققدل‬
‫على اللم شّدة الصراخ ونوعّيته‪.1‬‬

‫وتشير طبيبة نفس يهودّية معارضة لختان الذكور أن البعض يرى أن ختان الققذكور عنققد اليهققود غيققر مققؤلم علققى‬
‫خلف ختان المسلمين لنه يتم في الّيام الولى‪ .‬وهذا تعبير عن العتقاد بأن الطفل ل يتأّلم‪ .‬ولكققن البحققث الطّبققي‬
‫سون باللم أكثر مققن غيرهققم مققن الصققبيان والبققالغين الكققبر سقّنا‪.‬‬‫يبّين أن هذا العتقاد غير صحيح‪ .‬فالطفال يح ّ‬
‫وبالضافة إلى ذلك‪ ،‬ل يملك الطفل العصاب المثبطة لللم التي قد تحميه منه بعكس الكققبر سقّنا‪ .‬ل بققل إن كّلمققا‬
‫كان الطفل صغيرًا‪ ،‬كّلما كان اللم أكبر لن الغلفة في الصغر غير منفصلة عن الحشفة ول يمكن إرجاعها للخلف‬
‫ل بنسبة ‪ %4‬من الطفال‪ .‬وهذا يعني أن ‪ %96‬من الطفال اليهود سوف يتعّرضون ليقس فققط للختقان بققل للشقد‬ ‫إّ‬
‫القصري والمؤلم للغلفة إلى الخلف حّتى يمكقن قطعهقا‪ .‬بينمقا لقو إنتظرنقا حّتقى سقن الثالثقة‪ ،‬فقإن ‪ %10‬فققط مقن‬
‫الطفال سوف يتعّرضون للشد القصري للغلفة‪ .‬وترفض هذه الطبيبة إّدعاء البعض أن اللم الواقع علققى الطفققل ل‬
‫يدوم أكثر من بضع ثوان ثم ينساه الطفل‪ .‬والحقيقة هي أن الطفل قد يدمي ويتأّلم من العملّية لعّدة أّيام بعد الختان‪.2‬‬

‫ج( لماذا ل يحس رجال الدين والطب بألم الطفل؟‬

‫لماذا ينكر الحاخامات والطّباء الذين يقومون بالختان ألم الطفل؟ وهققل صقحيح أنهقم ل يسقمعون صققراخ الطفقل؟‬
‫هناك عّدة تفسيرات‪:‬‬

‫‪ -‬قد يصاب الطفل خلل الختان بصدمة فيدخل في حالة غيبوبة أو شبه غيبوبة‪ ،‬مّما يشل مشاعره وحركته‪.‬‬

‫‪ -‬يكون بعض الطفال تحت تأثير المخّدرات التي أعطيققت لّمهققاتهم عنقد القولدة فتسقّربت إليهقم مقن خلل حبققل‬
‫الوريد‪ .‬أي أن كثيرًا من الطفال يلدون في حالة تخدير‪ .‬فهذه المخّدرات تؤّثر في علقققة الطفققل مققع أّمققه إذ يبتسققم‬
‫‪3‬‬
‫ل ويصبح حاد المزاج‪ .‬وقد لوحظ أن تلك المخّدرات قد تترك أثرًا حّتى على البالغين لمّدة سنة‬‫قلي ً‬

‫‪ -‬قد ينبع إنكار رجال الدين ألم الطفل من محاولة لتغطية إحساسهم بالذنب من إيلمهم للطفال‪.4‬‬

‫‪ -‬قد يتظاهر الخاتن بعدم ألم الطفل كذبًا ويحاول إقناع الهل بذلك لنه يخققاف مققن تراجققع عملّيققات الختققان إذا مققا‬
‫إكتشف الهل أن أطفالهم يتأّلمون‪ .‬فقد ذكر كتاب أمريكي لتدريس التمريض لعققام ‪ 1976‬بققأن علققى الممّرضققة أن‬
‫تطمئن الم بأن عملّية الختان ليست مؤلمة وأن الطفل يبكي من الضيق والرباط وليس من اللم‪.5‬‬

‫‪ -‬قد يكون الخاتن فاقد الحسقاس‪ ،‬أو حسقب التعقبير العقاّمي »متمسقح«‪ ،‬أي أنقه ّكقون حمايقة خارجّيقة مثقل جلقد‬
‫التمساح‪ .‬فمهما تنخزه فهو لن يحس‪ .‬وهذه ظاهرة معروفة عند العالم والجاهل‪ .‬فالجّزار الذي يذبح عددًا كبيرًا من‬
‫الحيوانات ينتهي بعدم سققماع صققوتها‪ ،‬بينمققا قققد يمتعققض شققخص يحضققر ذبققح حيققوان لّول مقّرة‪ ،‬ويشققفق علققى‬
‫الحيوان‪ ،‬ويلوم الجّزار على قساوة قلبه‪ .‬ومن فقد الشعور لن يقبل بققأي نقققاش مهمققا كققانت الققبراهين العملّيققة الققتي‬
‫تقّدمها له‪ .‬فالحساس واعز مهم للوصول إلى المعرفة‪ .‬وعقدم الحسققاس هققذا يققؤّدي إلققى عققدم فتققح النقققاش حققول‬
‫الختان بين الطّباء‪.6‬‬

‫‪ -‬هناك العتبارات الفئوّية‪ .‬فالشخاص يحدثون ألمًا أكبر على الغير كّلما كانوا في مجموعة مّما لو كانوا وحدهم‪.‬‬
‫وبما أن الطّباء يعرفون أن الهل وزملءهم في المهنة موافقون على الختان‪ ،‬فإنهم ل يققترّددون فققي البققتر وإيلم‬
‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 20-24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goodman: Jewish circumcision, p. 22-23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 8‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 33‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 135-138‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 188-189‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪277‬‬
‫الطفل‪ .‬وهناك تأثير السلطة الطّبية‪ .‬فالطبيب الذي يجري الختان لّول مّرة يققوم بققه تحقت إشققراف طقبيب مقدّرب‬
‫أكثر خبرة منه‪ .‬ولذا فهو يتخّلى عن مسقؤولّية إّتخاذ القرار ذاتيًا وينّفذ العملّية طاعة لوامر الطبيب المدّرب‪ .‬وهو‬
‫ل يقصد التأليم‪ ،‬بل ينفي وجود اللم ويغش نفسه للمضي قدمًا في العملّية‪ .‬وبعد أن يققّرر الطقبيب إجقراء العملّيقة‪،‬‬
‫فإنه يصعب عليه الرجوع إلى الوراء لن ذلك يعني أنه يستنكر مققا قققام بقه أّول‪ .‬وعنققدها يقوهم نفسقه أنققه ل يققؤلم‬
‫الطفل‪ .‬ويشار هنا إلى أن الذين شاركوا في إقتراف الفظائع في حققرب فيتنققام أنكققروا بعققد ذلققك أنهققم إقققترفوا تلققك‬
‫الفظائع‪ .‬وهكذا المر فيما يخص الختان‪.1‬‬

‫هذا وقد سأل إستطلع للرأي أجري في الوليات المّتحدة عققام ‪ 1998‬عّمققا إذا كققان الطّبققاء غيققر منزعجيققن مققن‬
‫إجراء عملّية الختان‪ .‬فكان الجواب أن ‪ %13‬منهم فقط كان دائمقًا منزعجقًا‪ ،‬وأن ‪ %38‬كققان منزعجقًا فققي بعققض‬
‫الحيان‪ ،‬وأن ‪ %43‬منهم قال بأنه لم يشعر بتاتًا بالنزعاج‪ .‬وهذا يعني أن الطّباء قد تخّلوا عن مشاعرهم في هذه‬
‫العملّية‪ ،‬فأكثرهم يجرون تلك العملّية دون تخدير و ‪ %53‬منهم يعتقد أن ضررها أكبر من فوائدها‪ .‬وهذا يعنققي أن‬
‫الطّباء يقومون بها دون أي إهتمام ولسباب غيققر عقلنّيققة محقاولين تققديم تققبريرات لعملهقم مققع معرفتهققم بققأنهم‬
‫سوف يحصلون على أجرهم في آخر المطاف‪.2‬‬

‫د( لماذا ل يحس الهل بألم الطفل؟‬

‫ل أن الختان عملّية مؤلمة؟ وإذا كانوا ل يجهلون ذلققك‪،‬‬


‫والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان الهل يجهلون فع ً‬
‫فلماذا يسّلمون أطفالهم للطّباء أو غير الطّباء لكي يختنوهم؟‬

‫قديمًا حاول موسى بن ميمون إعطاء إجابة على هذا السؤال‪ .‬فهو يرى أن فققرض الشققريعة اليهودّيققة الختققان علققى‬
‫الصغار سببه هو‪:‬‬
‫»إن الصغير يتهاون والده بأمره عند ولدته لنه لم تتمّكن إلى الن الصورة الخيالّية الموجبة لمحّبته‬
‫عند والديه‪ ،‬لن تلك الصورة الخيالّية إّنما تزيد بالمباشرة‪ ،‬وهي تنمو مع نمّوه ثم تأخذ في النحطققاط‬
‫والغماء أيضًا‪ ،‬أعني تلك الصورة الخيالّية‪ .‬فإن ليس محّبة الب والم للمولود عندما يولد كمحّبتهما‬
‫إّياه وهو إبن سنة‪ ،‬ول محّبة إبن سنة كمحّبة إبن ست‪ .‬فلو ترك سققنتين‪ ،‬أو ثلث‪ ،‬لكققان ذلققك يققوجب‬
‫صققة‬
‫تعطيل الختان لشفقة الوالد ومحّبته له‪ .‬وأّما عند والديه فتلك الصورة الخيالّية ضعيفة جقّدا‪ ،‬وبخا ّ‬
‫عند الوالد الذي هو المأمور بهذه الفريضة«‪.3‬‬

‫وقد ذكرت ممّرضة أمريكّية أن نظام الولدة فققي المستشققفى يضققعف مقن محّبققة الم لبنهققا إذ إن الطفققل ل يقترك‬
‫ل مع أّمه‪ .‬فتفقد السيطرة عليه ول تشعر بالحنان الكافي نحوه‪ .‬لذا فهي ليسقت ققادرة علقى حمقايته مقن تعقّدي‬ ‫طوي ً‬
‫‪4‬‬
‫سر فققي السققبعينات والثمانينققات مققن القققرن‬
‫الطّباء عليه ‪ .‬وصراخ الطفال في الحضانة بعيدًا عن أّمهاتهم كان يف ّ‬
‫العشرين بأنه مفيد للرئتين‪ .‬وما يقوم به اليهودي هو في عينيه أمر إعتيادي‪ .‬ويجب أن يكون متمّتعا بقدر كبير من‬
‫الشجاعة حّتى يعترف بأنه تعّرض للضرر وأن أهله قد غلطوا ول يريد أن يفعل ذلك لبنه‪.5‬‬

‫ويجب أن ل ننفي أن الختان الديني يصاحبه نشوة دينّية لهققا تققأثير المخقّدر علققى الهققل والحضققور‪ .‬فتحققت تققأثير‬
‫النشوة الدينّية كان عبدة بعض اللهة يبترون أعضققاءهم الجنسقّية بأيقديهم‪ .‬وفققي أّيامنققا يققوم الشقيعة بجلقد أنفسقهم‬
‫بسلسل من حديد وبشق رؤوسهم بالسكاكين حّتى يدمون في ذكرى عاشوراء‪ .‬كما أن بعض المسيحّيين الفيليققبيين‬
‫يرضون بأن يصلبوا في ذكرى صلب المسيح آملين الحصول على النعم والغفران من ال بعملهم هذا‪ .‬فما بالك في‬
‫الختان والضحّية ليس الهل بل طفل أو صبي مسكين؟‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 191-192‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Fletcher, p. 267-268‬‬ ‫‪2‬‬

‫النص الكامل في الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 127‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Goodman: Jewish circumcision, p. 25‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪278‬‬
‫ولكن ليس من المستبعد أن يجهل الهل ما يجرى لطفالهم‪ .‬فالطفل في المستشفى يؤخذ من أّمه وتجرى له العملّية‬
‫ل جقّدا مققا يصققل إلققى أسققماعها صققراخ طفلهققا‪.‬‬
‫في غرفة منفصلة دون حضور أحد غير الطبيب والممّرضة‪ .‬فقلي ً‬
‫وهناك أيضًا الحالة النفسّية التي تجد الم نفسها فيها َقبل الولدة أو بعدها بقليل‪ .‬فهي تتأّلم كثيرًا من المخاض وفققي‬
‫وضع ل يسمح لها أن تحس بألم الطفل‪ .‬فمن ثقلت عليه مصائبه إستخف لمصائب الغير حّتى وإن كققان الغيققر هققذا‬
‫الطفل البريء‪.1‬‬

‫هـ( هل هناك فرق بين إحساس الذكر والنثى باللم؟‬

‫ل من سيرة حياتهققا لعملّيققة ختققان النققاث فققي المحيققط الصققومالي‬


‫كّرست السّيدة الصومالّية »واريس ديري« فص ً‬
‫‪2‬‬
‫الرعوي وتعطي وصفًا لللم المبرحة التي تعّرضت لها ‪ .‬ويبني معارضو ختان النققاث مقوقفهم الرافقض لختققان‬
‫الناث والقابل لختان الذكور على أساس أن ختان الناث عملّية مؤلمة على العكس من ختان الذكور الذي هو‪ ،‬في‬
‫نظرهم‪ ،‬عملّية سريعة ول تؤّدي إلى ألم‪.‬‬

‫عمققان‪ ،‬حيققث نسققبة المختونققات‬ ‫وحقيقة المر أن اللم قد يختلف بحسب درجة الختان‪ .‬فقققد أخققبرتني سقّيدات مققن ُ‬
‫تصل إلى ‪ %90‬بأن ختان الذكور هناك أكثر ألمًا من ختان الناث‪ .‬فالفتاة تذهب لتلعب مقع رفيقاتهقا بعقد سقاعتين‬
‫من ختانها‪ ،‬بينما يبقى الفتى في السرير لمّدة أسبوع بعد ختانه‪ .‬والسبب في ذلك أن ختان الناث في ذلققك البلققد يتققم‬
‫ل جزء صغير من غلفة البظر‪ ،‬دون المساس بققالبظر‪ .‬وققد يقرى البعققض أن هنققاك‬ ‫سطة جّدا فل يقطع إ ّ‬
‫بطريقة مب ّ‬
‫فرق بين نفسّية الذكور والناث‪ .‬فالفتيان يتعّودون على التدليل فيصيحون لقل وخزة‪ ،‬بينما الفتيققات يتعقّودن علققى‬
‫الشقاء فل يسمح لهن التعبير عن مشاعرهن‪.‬‬

‫وقد ذكرت الدكتورة موزة عبيد غّباش‪ ،‬أستاذة علم الجتماع بجامعة المارات‪ ،‬بأن ختان الناث كققان يجققرى فققي‬
‫بلدها بقطع الجزء الكبير من البظر وجلد الشفرتين‪ .‬وتعّلق على ذلك بأن الخاتنة بعملها هذا »كانت تقوم بمققا يشققبه‬
‫التنظيف من الزوائد الجلدّية ]‪ [...‬ثم تضققع مققواد العلج للتجفيققف وخلل يققوم أو يققومين تتحقّرك بشققكل عققادي«‪.‬‬
‫وتضيف‪» :‬وكان الثابت والمعروف أن عملّية ختان البنت كانت أسهل بكثير من عملّية ختان الولد«‪.3‬‬

‫ل جققّدا‬
‫وتقول المؤّلفة المريكّية »ليتفوت كلين« بأنها قابلت بعض النساء السودانّيات التي تّدعي بأنها تأّلمت قلي ً‬
‫من الختان )الفرعوني( رغم أنه يجرى دون تخدير‪ .‬وتتساءل مققا إذا كققان ذلققك إنكققار منهققن أو أنهققن إسققتطعن أن‬
‫ينومن أنفسهن تنويمًا مغناطيسيًا فل يشعرن بالختان‪ .‬وتجيب بأن ختان الناث يتم في جو مشحون بالفرح والهققدايا‬
‫والدفء العائلي‪ .‬فالبنت تحاط من أقاربها ومحّبيها وتعققرف بأنهققا ليسققت وحققدها‪ .‬والعملّيققة تجققرى بسققرعة وسققط‬
‫تشجيعهم ويتم إلهائها عّما يجرى لها‪.4‬‬

‫‪ (3‬التخفيف من اللم‬
‫أ( معظم عملّيات الختان تتم دون تخدير‬

‫حة عاّمة بإجراء ختان الذكور دون تخدير‪ ،‬علققى الصققغار كمققا علققى الكبققار‪ .‬ونققادرًا مققا ُيسققتعمل‬ ‫لق الص ّ‬‫يقوم ح ّ‬
‫المخّدر في الختان الذي يتم في الوساط الطّبية على الطفال حديثي الولدة‪ .‬فقد تبّين أنه فققي عقام ‪ 1994‬إسققتعمل‬
‫‪ %4‬فقط من أطّباء التوليد التي تقل أعمارهم عن ‪ 34‬سنة المخقّدر لختققان حققديثي الققولدة‪ .‬وقققد لققوحظ فققرق بيققن‬
‫الطّبققاء الققذكور والنققاث ضققمن هققذه الفئة‪ %14 :‬أطّبققاء‪ %20 ،‬طبيبققات‪ .‬ويرجققع هققذا المعقّدل المنخفققض إلققى‬
‫ل فقط‪ ،‬أو لعققدم الهتمققام بهققذا اللققم‪ ،‬أو للجهققل بكيفّيققة‬
‫إستمرار العتقاد أن الختان ليس مؤلمًا للطفل أو مؤلمًا قلي ً‬
‫إستعمال المخّدر مع الطفال‪ ،‬أو للخوف من عواقبه‪ .‬وهناك حالّيا محاولة لسققتعمال المخقّدر بيققن الطّبققاء بقصققد‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 125‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Dirie, p. 64-77‬‬ ‫‪2‬‬

‫غّباش‪ ،‬ص ‪.190‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 140-141‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪279‬‬
‫التصّدي للحملة الرافضة للختان‪ .1‬وعدم إستعمال المخّدر في الوساط الطّبية قد يكون لعوامل إقتصادّية‪ .‬فالتخدير‬
‫صص بالضافة إلى الطبيب الجّراح‪ ،‬وإطالة وجود الطفققل فققي غرفققة العملّيققات‪ .‬وهققذا‬
‫يتطّلب حضور طبيب متخ ّ‬
‫يعني مزيدًا من التكاليف ونقص في الربح‪ .‬ومن غير المستبعد أن يكققون لعققدم إسققتعمال التخققدير أسققباب مرضقّية‬
‫سادّية كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫وبخصوص ختان الناث‪ ،‬تشير المصادر المصرّية أن هذه العملّية تجرى غالبًا بدون تخدير حيققث ثبققت أن ‪%77‬‬
‫من عّينة البحث تّمت دون إستخدام مخّدر أو أدوية‪ .‬ولم تنف أي من النساء اللواتي أجريت لهققن هققذه العملّيققة أنهققا‬
‫عملّية مؤلمة‪.2‬‬

‫ب( العتبارات الدينّية وراء عدم إستعمال المخّدر‬

‫بالضافة إلى السباب السابقة‪ ،‬هناك إعتبارات دينّية وراء عققدم إسققتعمال المخقّدر‪ .‬نظرّيققا يتوّقققع الفققرد أن يكققون‬
‫صة أن كتبهم المقّدسة تدعوا إلى الرحمة‪ .‬فعلى سبيل المثال يعيققد علينققا القققرآن الكريققم‬ ‫رجال الدين رحومين‪ ،‬وخا ّ‬
‫في كل سورة )باستثناء سورة التوبة( عبارة »بسم ال الرحمن الرحيم«‪ .‬ولكن حقيقة المر أن رجال الدين هم أقل‬
‫الناس رحمة‪ .‬فهم ليس فقط يشيعون بأن الطفل ل يتأّلم‪ ،‬بل يضيفون أن اللم هو جزء من الختان‪.‬‬

‫يقول الحاخام »مائير أريك« )توّفى عام ‪ (1926‬إنه محّرم إستعمال المخّدر لنه علينا أن نعطي قيمققة لللققم‪ .‬ففققي‬
‫خر‪ .‬وهو‬ ‫رأيه يجب أن يحس الطفل والذي يصبح يهودّيا بالحالة التي عاشها إبراهيم عندما ختن نفسه في عمر متأ ّ‬
‫يربط بين اللم وبين الستحقاق عنقد الق‪ .‬وهنقاك أيضقًا مقن يرفقض إسقتعمال التخقدير لنقه تجديقد‪ ،‬وكقل تجديقد‬
‫مرفوض في الفكر الديني اليهودي التقليدي‪ .‬وهناك من يرى أن اللم هو أسلوب لشراك الطفل في عملّية الختان‪،‬‬
‫وأن تعريضه للم بسيط هو لصالحه إذ يعطيه مناعة‪.3‬‬

‫ل أنققه مققن غيققر‬


‫ويلحظ أن أكثر الموهيلين اليهود يجرون الختان دون تخققدير‪ .‬وقققد بقّرر كققاتب يهققودي ذلققك قققائ ً‬
‫الممكن إجراء عملّية الختان دون ألم‪ .‬فاستعمال المخّدر بحد ذاته مؤلم‪ .‬ويضيف‪:‬‬

‫»في إعتقادي أن التخدير الموضعي ليس ضرورّيا‪ ،‬وأن إجراء العملّية بصورة مفققاجئة تقّلققل التققأثير النفسققي عنققد‬
‫الطفل ]‪ .[..‬وأعتقد أن راحة الطفل تعتمد على الوقت المطلوب لجقراء العملّيقة‪ .‬وأن صققراخ الطفققل يتناسققب مققع‬
‫الوقت الذي يكّبل فيه الطفل‪ .‬فكّلما كانت العملّية مفاجئة سيكون تحّمل الطفل لهذه العملّية أكبر«‪.4‬‬

‫ع البّتة لمثل هذا الستعمال‪ .‬فالختان‬ ‫ويقول طبيب وموهيل يهودي بأنه ل يستعمل أبدًا المخّدر على الطفال ول دا ٍ‬
‫الذي يتم على طفل إبن ثمانية أّيام يؤّدي إلى ألم ضئيل جّدا‪ .‬والطفل يبكي أكثر عند مسكه مّما عنققد إجققراء القطققع‪.‬‬
‫فبعد الختان وإفلت رجلي الطفل ووضع نقطة خمر أو حليب على شفتيه‪ ،‬فققإنه عققادة يسققكت‪ .‬والطفققل يكققون فققي‬
‫كثير من المّرات مريضًا في الليلة الولى‪ ،‬ليس بسبب القطع ولكن بسبب الحتكاك باللفائف‪ .‬وعملّية الختققان ليققس‬
‫فيها ألم إذا ما أجريت خلل الشهر الربعة أو الخمسة الولى‪ .‬وأّما إذا أجريت بعد ذلك‪ ،‬فتخدير موضعي يكفققي‪.‬‬
‫ل إذا تم ذلك بتخدير تقام‪ .‬وعاّمقة تسقمح القواعقد الدينّيقة‬
‫خرونه إ ّ‬
‫ل أن بعض الطفال الكبار يرفضون الختان ويؤ ّ‬ ‫إّ‬
‫‪5‬‬
‫إستعمال التخدير‪ .‬ولذلك فهو ل يترّدد في اللجوء لمثل هذا التخدير ‪.‬‬

‫ل أنه ليس نادر سماع أقوال من الهل بأنه يجب على الصققبي إثبققات‬
‫وإن لم نجد كتابات إسلمّية في هذا المعنى‪ ،‬إ ّ‬
‫رجولته‪ .‬والمجتمعات البدائّية ترى أن صراخ الصبي أو الصبّية خلل الختان يجلب العار لهلهما كما سنرى فققي‬
‫الجدل الجتماعي‪.‬‬

‫‪Van Howe: Anaesthesia, p. 67, 86-88‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬أسعد‪ :‬الخلفّية التاريخّية‪ ،‬ص ‪89‬؛ رزق‪ ،‬ص ‪78-77‬؛ عبد السلم‪ :‬التشويه‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hoffman, p. 217‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 202‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 61-63‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪280‬‬
‫ج( العتبارات التكتيكّية وراء إستعمال المخّدر‬

‫يناقش معارضو ختان الذكور في الوليات المّتحدة موضوع اللجوء إلى المخّدر مققن وجهققة إسققتراتيجيتهم الهادفققة‬
‫إلى إلغاء الختان‪ .‬فمن الملحظ أن هناك صلة بين إكتشاف التخدير عام ‪ 1846‬وتزايد العملّيققات الجراحّيققة‪ ،‬ومققن‬
‫ل مققن البحققث عققن‬‫بينها ختان الذكور وختان الناث على البالغين إذ لم يعد اللم حاجزًا أمام إجرائها‪ .‬وعموم قًا بققد ً‬
‫وسيلة أخرى لعلج المراض‪ ،‬أصبح الطّباء يلجأون للجراحة لتفه السباب‪.1‬‬

‫والسؤال المطروح هو‪ :‬هل نكّرس جهدنا لتخفيف اللم أم للغاء الختان الذي هو سبب اللم؟ فتخفيف اللققم يققؤّدي‬
‫إلى إسكات النقد ضد الختان‪ .‬ويذكر معارضو الختان القتراحات التي كققان قققد ققّدمها بعققض الققبيض لكققي يعامققل‬
‫ل من مكافحة العبودّية‪ .‬ما العمل؟ يقول أحدهم بأنه يجب أن يّتبع النسقان مقا يمليقه‬ ‫أصحاب العبيد عبيدهم برّقة بد ً‬
‫ضققح بققأن الهققدف‬
‫عليه قلبه حّتى يجد القّوة الكافية فققي كفققاحه‪ .‬وإذا وضققعنا جهققدنا فققي تخفيققف اللم يجققب أن نو ّ‬
‫ل أّدى جهدنا إلى نتائج مخالفة لما نقصده‪.2‬‬
‫النهائي هو إلغاء الختان ككل‪ ،‬وإ ّ‬

‫هناك خوف إذًا من أن يكون إعطاء المخّدر للطفل أكثر فائدة للطبيب مّما للطفقل‪ ،‬لنقه يريققح الطققبيب مققن صقياح‬
‫ل من‬‫الطفل ويساعده في إقناع الهل بختان أطفالهم‪ .‬وهكذا يكون إستعمال المخّدر حافزًا لزيادة عملّيات الختان بد ً‬
‫أن يكون وسيلة لتخفيف اللم‪.‬‬

‫ظمة »الممّرضات لجل حقوق الطفل« المريكّية لستعمال المخّدر عند إجراء عملّيقة الختقان‪.‬‬ ‫هذا وقد ناضلت من ّ‬
‫طي اللم ول يخفي القطع‪ .‬ولكن ل يمكنها أخلقّيا السققماح بققإجراء الختققان دون‬
‫وتقول بأنها تعرف بأن التخدير يغ ّ‬
‫مخّدر‪ .‬وهي تعتقد بأن محو الختان هو عمل تدريجي‪ .‬فيجب أن يبدأ بعض الخققاتنين بققالعتراف بققأن الختققان دون‬
‫مخّدر هو تعذيب َقبل أن يعترفوا بأنه خرق لحقوق النسان‪.3‬‬

‫ل من عدم إسققتعمال أي مخ قّدر‪ ،‬إلّ‬ ‫ضل إستعمال مخّدر يخّفف بعض اللم بد ً‬ ‫وهناك من يقول إنه وإن كان من المف ّ‬
‫أن الفضل هو تأخير العملّية حّتى يكبر الطفل ويكون في المكان إستعمال مخّدر أقوى ليخّفف اللم بدرجة أكققبر‪.‬‬
‫فالمخّدر على الطفال أكثر خطرًا من المخّدر على من هم أكبر سّنا‪ .‬وقد إعتبر إبن ميمون أن سبب إجراء الختان‬
‫خرنا العملّية‪ ،‬فإن هذه العلقة سوف تكققون أكققثر ق قّوة‬
‫في اليوم الثامن هو ضعف العلقة بين الم والطفل‪ .‬فإذا ما أ ّ‬
‫وقد نصل إلى رفض الختان ككل‪.4‬‬

‫ونفس المشكلة تطرح فيما يخص ختان الناث‪ .‬فقد كتب محّمد إبراهيم سقليم بقأن معارضقيه يعتمقدون علقى كقونه‬
‫يؤلم الفتاة‪ .‬ويتساءل‪:‬‬
‫»ولكن ماذا سيكون عليه رأيهقم ]‪ [...‬لقو تّمقت العملّيقة تحقت تقأثير مخقّدر مقأمون‪ ،‬يققوم بقه طقبيب‬
‫مختص‪ ،‬كما يحدث في أّية عملّية جراحّية أخرى‪ ،‬وبالتالي فل ألم ول صدمات عصبّية نتيجققة ذلققك؟‬
‫أعتقد أن المر سيختلف تمامًا«‪.5‬‬

‫وسوف نرى في الجدل القانوني أن معارضي ختان النققاث فققي مصققر وخارجهققا رفضققوا عاّمقة إعطققاء الطّبققاء‬
‫إمكانّية إجراء ختان الناث‪ ،‬مع أو بدون مخّدر‪ ،‬لن ذلك يضفي الشرعّية على ما يفعلققون فتتزايققد عملّيققات ختققان‬
‫ل من إنهائها‪ .‬وهناك من يرى أن إستعمال المخّدر في ختان الناث قد يساعد على تفادي حقدوث جقروح‬ ‫الناث بد ً‬
‫ل أن ذلك قد يؤّدي أيضًا إلى آثار سلبّية إذ إن هدوء المختونة يعطققي الخاتنققة‬
‫غير متعّمدة بسبب حركة المختونة‪ .‬إ ّ‬
‫الفرصة لتقطع أكبر قدر من الجلد‪.6‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 99-100‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Boyd, p. 116‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Conant and Katz Sperlich: Nurses, p. 187‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Van Howe: Anaesthesia, p. 88-90‬‬ ‫‪4‬‬

‫سليم‪ :‬دليل الحيران‪ ،‬ص ‪.56‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 36‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪281‬‬
‫د( قضّية التخفيف من اللم‬

‫لتخفيف اللم عند الختان يتم إستعمال عّدة وسائل نفسّية وطّبية‪ .‬فينصح عاّمة وضع المختون أو المختونة فققي جققو‬
‫مريح مثل سماع الموسيقى أو وضع حلمة حلوة في فمه أو إعطاء الطفققل مهقّدئ‪ .‬وقققد بّينققت التجقارب أن النتيجقة‬
‫كانت ضعيفة‪ ،‬وأن الختلف قليل فيما يخص ضربات القلب ومعّدل الكولسترول فققي الققدم‪ ،‬ولكققن قققد يققؤّدي إلققى‬
‫تقليل وقت الصراخ وحّدته‪ .‬مّما يعني أن العملّية مؤلمة مققع أو دون مهقّدئ‪ .‬وبعققد العملّيققة تفقققد كققل هققذه الوسققائل‬
‫أثرها‪.‬‬

‫وتبّين أن إستعمال مسّكن »اسيتامينوفين« قد يهدئ خلل العملّية ولكن ل تأثير له بعد حدوثها‪ .‬مّما يبّين أن الختان‬
‫خرته‪ .‬ولكققن هققذا‬‫يؤّدي إلى ألم شديد ومستمر‪ .‬كما قام البعققض باسققتعمال مخقّدر لعصققب ظهققر القضققيب فققي مققؤ ّ‬
‫سققاس‪ .‬وهققذا يتطّلققب إعطققاء مخقّدر‬‫الخير ذات فعالّية بمعّدل ‪ %50‬إلى ‪ %70‬لنه ل يصيب دائمقًا العصققب الح ّ‬
‫محّلي إضافي لتخفيف اللم‪ .‬ولكن ل يسمح ببعض المخّدرات على طفل عمره أقل من شهر أو ثلثة أشهر لتفققادي‬
‫مضاعفات ثانوّية‪ .‬وقد تبّين أنه في بعض الحالت يصاب القضيب بالغنغرينا بسبب إستعمال المخّدر‪.‬‬

‫صة لجراء عملّية الختان لتفادي اللم الشديد‪ .‬وي قّدعي بعققض المققوهيلين أن‬
‫والبعض يلجأ إلى إستعمال أساليب خا ّ‬
‫ن‪ .‬ولكن طول أو قصر الوقت ليققس بحققد ذاتققه مققانع‬ ‫الطريقة التقليدّية أقل ألمًا من غيرها إذ تتحّمل أقل من ‪ 10‬ثوا ٍ‬
‫لحدوث اللم‪ .‬فقطع اليد بساطور الجّزار يتحّمل أقل من ثانيتين‪ .‬هذا وقد لوحظ أن من يسققتعملون »ملقزم مققوجن«‬
‫ل لستعمال المخّدر‪ .‬وهناك دراسات تقارن بين الطرق المختلفة لتحديد أي منها أخف إيلمًا‪ .‬وهققذا يتطّلققب‬ ‫أقل مي ً‬
‫قياس جميع المعايير كدّقات القلب والتنّفس ومستوى الكولستيرول والكسجين فققي الققدم وليققس فقققط مققدى صققراخ‬
‫الطفل أو ملحظة تعبير وجهه‪.1‬‬

‫ويشار هنا إلى أن أّول قانون يمنع تعريض الطفل إلى اللم ويفرض إستعمال المخّدرات لتخفيفه جاء مققن مقاطعققة‬
‫صصققة‬‫»ميتشغن« المريكّية‪ .‬فهذا القانون يمنع أن تتم عملّيققة جراحّيققة علققى طفققل مربققوط علققى آلققة الربققط المخ ّ‬
‫بالختان دون إستعمال المخّدرات‪ ،‬ويطلب أن يكون الهل على دراية كاملة حول وسائل معالجة اللققم ومخاطرهققا‬
‫حية ويسققتمّروا فققي التققدريب‬‫َقبققل مققوافقتهم علققى هققذه العملّيققة‪ .‬كمققا يطققالب بققأن يتققدّرب أعضققاء الخققدمات الصق ّ‬
‫بخصوص معالجة اللم‪ .‬ويلحظ من هذا القانون أن الختان يمكن أن يتم دون تخدير إذا لم يتم ربطه على اللققة أو‬
‫إذا وافق الهل على الختان دون تخديره‪ .‬وهناك فرض التققدّرب بخصققوص معالجققة اللققم ولكققن ل يوجققد فققرض‬
‫للوعي بحقوق الطفال بسلمة جسدهم‪ .‬وهذا القانون يستأنس بتعليمات فدرالّية تفرض إستعمال المخّدر في بعض‬
‫البحاث التي تجرى على الحيوانات‪ ،‬بقصد تهدئة الناس ليقبلوا بهذه البحاث‪ .‬وقد كانت وراء تبّني قانون مقاطعة‬
‫شحها فققي مجلققس الشققيوخ‬ ‫»ميشيجن« ممّرضة إشتكت من اللم التي تشهدها عند إجراء الختان‪ .‬فاّتجهت إلى مر ّ‬
‫الذي جمع تواقيع مؤّيدة فأدخل القانون رغم معارضة الطّباء‪.2‬‬

‫هذا وتستبق قبيلة كيكويو الكينّية عملّية ختان الذكور والناث الطقسّية بحّمام لمقّدة نصققف سققاعة فققي النهققر بققاكراً‬
‫عندما تكون مياهه باردة جّدا‪ .‬وهذه السباحة لها أثر التخدير‪ .‬ويقول »جومو كنياتا« إن الثار المؤلمة ل تظهر إ ّ‬
‫ل‬
‫بعد بضع ساعات من العملّية بعد أن يستريح الفتيان والفتيات‪.3‬‬

‫حية لختان الذكور والناث‬


‫الفصل الرابع‪ :‬الضرار الص ّ‬
‫يتم في ختان الذكور والناث بتر جزء من جسم النسان فُيحرم من وظيفة هذا الجزء وُيعقّرض للمضققاعفات الققتي‬
‫تصاحب كل العملّيات الجراحّية‪ .‬ولهذا يجب أن تخضع لنفس المنطق الذي تخضع له العملّيات الجراحّية‪ ،‬أي عدم‬
‫ل أن الكثيرين ُيتّفهون أو يتجاهلون هذه الضرار‪.‬‬
‫ل إذا كانت الفائدة منها تعلو على مضاّرها‪ .‬إ ّ‬
‫إجرائها إ ّ‬

‫‪Van Howe: Anaesthesia, p. 73-85‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Boyd, p. 115‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Kenyatta, p. 104, 106‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪282‬‬
‫حية للختان‬
‫‪ (1‬أسباب تتفيه أو تجاهل الضرار الص ّ‬
‫أ( السباب الدينّية‬

‫إن كنت مؤمنًا بأن الختان أمر إلهي‪ ،‬فإنه من الصعب عليك التفكير في أن الختان قد يكون سببًا للضققرر لن ذلققك‬
‫تشكيك في عدل ال وتقويض لمعتقداتك وفتح المجال لتكفيرك‪.‬‬

‫بعث لي طبيب يهودي مسؤول عن التعليم الطّبي في جامعة »بن جوريققون« السققرائيلّية رسققالة يقققول فيهققا‪» :‬إذا‬
‫أمر ال شيئًا فل يمكن لهذا الشيء أن يكون ضاّرا«‪ .‬ويعرض الفيلم »إنه صبي« الذي أخرجه »فيكتور شققونفيلد«‬
‫عملّية ختان صبي يهقودي علقى يقد موهيقل إنتهقى فقي غرفقة العلج المكّثقف‪ .‬وفقي هقذا الفيلقم تصقريح للطقبيب‬
‫ظمة اليهودّية التي تدّرب الموهيلين‪» :‬لو تبّين أن الختققان يمكققن أن يكققون ضققاّرا‪ ،‬فقققد‬
‫»موريس سيفمان« من المن ّ‬
‫‪1‬‬
‫نعيد التفكير فيه‪ .‬ولكن ل شك عندي بتاتًا أن ذلك ل يمكن أن يحدث لن المر الذي أعطاه ال هو أمر صالح« ‪.‬‬

‫ويقول طبيب وموهيل يهودي بأن الختان الديني يقوم به موهيلون ليسوا جميعهم فققي مسققتوى واحققد فققي حرصققهم‬
‫على النظافة وفي تطهير معّداتهم‪ ،‬ومنهم من يلجأ إلى عملّية مص الدم بواسطة فمه‪ .‬ورغم ذلك فإننا نكاد ل نققرى‬
‫تبعات سلبّية للختان‪ .‬وسبب هذه الظاهرة هو أن ال يحمي من يقوم بتنفيذ وصاياه بكل أمانة وباعتقاد متين‪ .‬ولكّنققه‬
‫يضيف بأن رجل الطب يمكنه أن يرى سببًا آخر وهو أن العضو الذي يجرى عليه الختان مليء بالشرايين الدموّية‬
‫ل‪ .‬ويضيف بأن وسققائل الوقايققة الحالّيققة‬
‫مّما يسمح بدورة دموّية منتظمة ويجعل سريان المرض يكاد يكون مستحي ً‬
‫‪2‬‬
‫وتطّور فن الجراحة والختانة وتوكيل أشخاص مؤّهلين لهذه العملّيققة أّدى إلققى تقليققل المضققاعفات الطّبيققة ‪ .‬ورغققم‬
‫ثبوت أضرار مص قضيب الطفل الدامي بفم الموهيل‪ ،‬يقول هذا الطبيب إنه يجب النظر إلققى عملّيققة المققص بققالفم‬
‫نظرة إحترام لن الكتب اليهودّية القديمة تتكّلم عنها بصورة إيجابّية جّدا كجزء من عملّية الختان وكوسقيلة للوقايقة‬
‫من المراض‪.3‬‬

‫ب( جهل أو تجاهل العلقة بين تلك الضرار والختان‬

‫كثير من المختونين يتأّلمون من أضرار ل يعرفون أن سببها الختان‪ .‬فهذه الضرار قد تحدث بعد مقّدة مققن إجقراء‬
‫الختان على يد طبيب الولدة‪ .‬وعندما يعرض المر على طبيب آخققر‪ ،‬ل يخطققر علققى بققاله أن تلققك الضققرار قققد‬
‫تكون بسبب الختان‪.‬‬

‫حة العالمّية أن كثير مققن النسققاء ليققس لهققن شققعور بعلقققة الختققان‬
‫ظمة الص ّ‬
‫ظمتها من ّ‬
‫وتشير مجموعة العمل التي ن ّ‬
‫حية وجنسّية ومتاعب عند الولدة‪ .‬وقد يكون سبب ذلك أن تلك المشاكل قد تظهر بعد سنين مقن إجقراء‬ ‫بمشاكل ص ّ‬
‫العملّية فل تربط بينها وبين الختان‪ .‬وقد يكون سببه التكّيف الجتماعي للمرأة الققذي يجعلهققا تتقّبققل تلققك الممارسققة‬
‫واللم التي تصاحبها‪ .‬وقد يحاول الذين يجرون العملّية إيهام ضحاياهم بوجود أسباب خارجّيقة وخرافقات‪ .‬وعلقى‬
‫سبيل المثال يؤّدي الندب الناتج عن الختان إلى عدم تحّمل النسيج ولدة أّول طفل‪ ،‬مّما ينتج عنه وفققاة ذاك الطفققل‪.‬‬
‫ولذلك يتم الترويج في »سيراليون« لفكرة أن فقدان أّول طفل يولد هو أمر طبيعي‪.4‬‬

‫وتقول سّيدة من »جامبيا« بأن النساء هناك تجهل أن يكون الختققان سققببًا للمققرض وتظققن أن سققبب المققراض هققو‬
‫العمل الشاق في الحقول‪ .‬ل بل إن النساء هناك تظن أن ختانهن يجعل منهن نساء أكثر إنجابًا للطفققال وأكققثر ققّوة‬
‫ويرفع من مقدرة الرجل الجنسّية‪ .5‬وكثيرًا ما تجهل النساء حّتى الشكل العتيادي للعضاء الجنسقّية ووظائفهققا إذا‬
‫ل‪:‬‬‫حية بسبب الختان تجيققب حققا ً‬ ‫ما بترت صغيرة السن‪ .‬فإذا ما سألت إمرأة سودانّية إذا كانت تعاني من مشاكل ص ّ‬

‫‪It's a boy, film by Victor Schonfeld, 1995, Broadcast Channel 4 TV, 21 Sept 1995; Price:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Male non-therapeutic circumcision, p. 432‬‬


‫‪Romberg: Bris Milah, p. 94-95‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Bris Milah, p. 57-58‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Female genital mutilation: report, p. 9‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Kilanowski, p. 166‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪283‬‬
‫ل‪ ،‬وتشّدد بأنها ل تشعر بألم بسبب ختانها أو تشعر بألم بسيط‪ .‬وإذا ما سألتها ما إذا كققانت تعققاني مققن مشققاكل فققي‬
‫التبّول‪ ،‬ل تفهم السؤال‪ .‬فيجب لذلك طرح السؤال بصورة أخرى‪ :‬كم من وقت يأخذ معققك التبقّول؟ وإذا مققا إسققتمر‬
‫التبّول لمّدة خمسة عشر دقيقة تعتبر المرأة هناك أن هذا الوضع طبيعي‪.1‬‬

‫وإن حدث مثل هذا الضرر كنتيجة مباشرة وواضحة للختان‪ ،‬هناك من يحاول إخفققاء الضققرر بقققدر المسققتطاع أو‬
‫الفصل بين الضرر والختان معتبرًا أن ذلك »مكتوب« أو »قدر مقّدر«‪ ،‬أو كما يقول المثققل العققاّمي‪» :‬إّلققي إنكتققب‬
‫لق أو‬‫غلب‪ ،‬وإّلي إنبلى يصبر«‪ .‬فل تمّرد على إرادة ال‪ .‬حّتى أن الكثيرين يرفضون أن يرفعوا دعققوى ضققد الح ّ‬
‫الطبيب الذي أجرى العملّية التي تسّببت في إلحاق ضرر أو وفاة‪ .‬فمثل هذه الدعوى تمقّرد ضقمني علقى إرادة الق‬
‫إن لم تكن »زيادة الطين بّلة«‪ .‬ويقول المثل العاّمي في هذا المجال‪» :‬غلب بستيرة ول غلب بفضيحة«‪.‬‬

‫ويشير باحث إفريقي بأن الموت في المجتمع القبلي البدائي الفريقي ينظر إليه وكأنه قققدر‪ .‬فبينمققا يحققاول الغربققي‬
‫البحث عن سبب علمي لتفسير حدوث الموت‪ ،‬فإن البدائيين يؤمنون بالسبب المزدوج‪ :‬فموت الطفققل مققن الملريققا‬
‫سر بحد ذاته لماذا هذا الطفل بالذات دون غيره هو الذي لسعته الجرثومققة‪ .‬فهققم يرجعققون‬ ‫لن جرثومة لسعته ل يف ّ‬
‫‪2‬‬
‫الوفاة إلى أسباب دينّية يقوم الساحر بتقريرها ‪.‬‬

‫وفي دولة »بينين« يظن الناس أن مضاعفات الختان ناتجة عقن عقدم تققديم ضقحّية أو لكقون البنقت غيقر عقذراء‪.‬‬
‫ل لبنققات السققفاح أو الققتي‬
‫وتقوم الخاتنة بتبرئة نفسها بالبحث عن أسباب مختلفة مثل أن تققول بقأن هققذا ل يحققدث إ ّ‬
‫إقترف والديها أو أجدادها إثم‪ .‬فموت الفتاة يعتبر ضحّية تكفير عن هذا الثم‪.3‬‬

‫ل بين السباب والنتائج فقي إعتققاد الكقثيرين بالسقحر والعيقن‪ .‬ومقن المثقال العاّميقة المتناقلقة فقي هقذا‬
‫ونجد فص ً‬
‫المجال‪» :‬ثلثين المقبرة من العين«‪ .‬فإذا ما أصيب أحد بمرض تقوم أّمه بتبخيره معتبرة أن أحدّا أصابه بالعين بد ً‬
‫ل‬
‫من البحث عن أسباب المرض وعلجه‪.‬‬

‫من هنا يمكننا أن نستنتج أن عملّية الختان ل تكتفي ببتر جزء من جسم النسان‪ ،‬بل تمتد إلى بتر جققزء مققن عقلققه‪.‬‬
‫وقد يجد علماء النفس في هذا ماّدة لبحاثهم‪ .‬فسوف نرى في الجدل الجتماعي أن هناك من يعتقد أن الختان يققؤّثر‬
‫على تركيبة المخ ومن ثم على تصّرفات الفرد‪.‬‬

‫ج( عدم وجود وسيلة للمقارنة‬

‫حية )أو جنسقّية( دون شققكوى كققأّنه ققدر مققّدر وليقس لهقم‬
‫قد يعيش كل من الرجل والمرأة حياتهم مع متققاعب صق ّ‬
‫صة إذا ما ختنوا صغارًا‪ .‬ومن هنا يأتي الجهل بأن للختان آثار سّيئة‪.‬‬
‫وسيلة للمقارنة بين حالهم وحال الخرين‪ ،‬خا ّ‬
‫وهذا يجعل من الصعب على كثير منهم أخذ موقف ضّده أو فهم رفض البعض له‪ .‬ولذلك ل بققد مققن تققوعيتهم أّول‬
‫بأضرار الختان َقبل أن يأخذوا موقف ضّده‪.4‬‬

‫سون بالتعاسة‪ .‬فقد عققرض عققالم‬ ‫ويلحظ أنه إذا ما تم وضعهم أمام واقعهم‪ ،‬فإنهم قد يكتشفون أن شيئًا ينقصهم فيح ّ‬
‫نفس أمريكي حالة إمرأة سودانّية مختونة ذهبت إلى أمريكا واسقتمعت للشقاّبات المريكيقات يتكّلمقن عقن حيققاتهن‬
‫ست بنقققص فققي‬ ‫الجنسّية وحالة الرتواء الجنسي‪ .‬عندها بدأت دراسة الكتب الجنسّية ومشاهدة الفلم الغرامّية فأح ّ‬
‫حياتها أّدى بها إلى حالة كآبة تطّلب علجها‪ .5‬فلو بقيت هذه المقرأة فقي محيطهقا الجتمقاعي لقم تكقن لتكتشقف أن‬
‫وضعها يختلف عن وضع غيرها من النساء غير المختونات‪ .‬في ذاك المحيققط المغلققق تظققن النسققاء أن كققل إمققرأة‬
‫على وجه الرض مختونة‪.‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 22-23, 59‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Tangwa, p. 187‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ Bulletin (du Comité inter-africain), no 14, juillet 1993, p. 11-12‬أنظر في نفس المعنى ‪Hosken:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪The Hosken Report, p. 326, 327‬‬


‫‪Gallo: La circoncisione femminile in Somalia, p. 158‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Favazza, p. IX-X‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪284‬‬
‫حية لختان الذكور‬
‫‪ (2‬الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الذكور قديمًا‬
‫أ( الضرار الص ّ‬

‫إن ختان الذكور عملّية جراحّية خطيرة تمس بأكثر العضاء حساسّية تصاحبها مضاعفات طّبية ويمكن أن تققؤّدي‬
‫إلى تشويهات مستديمة أو إلى الموت‪ .‬وقد كان رجال الققدين اليهققود يعققون هققذه الضققرار ولكقن رغققم ذلققك فققإنهم‬
‫شققح‬‫ل إذا سبق وأن توّفى أخوان أو إبنًا خالققة للطفققل المر ّ‬ ‫يشّددون على ضرورة إجراء الختان وعدم التخّلي عنه إ ّ‬
‫للختان وبعضهم يرفع هذا العدد إلى ثلثة‪ .1‬ويذكر تلمود أورشليم حادثة موت ثلثة إخوة متلحقين‪ .‬وعندها نصح‬
‫خر ختان الطفل الرابع ثم تم ختانه فبقي على قيد الحياة فسّمي بإسمه‪ .2‬وما زالت الكتب اليهودّية‬ ‫رابي ناتان بأن يؤ ّ‬
‫ل ذكققرًا بعققد يققأس طويققل‪.‬‬ ‫تعيد علينا هذه القاعدة في زمننا‪ .‬ويذكر جوزيققف لقويس كيققف أن إبنققة عمققه ولققدت طف ً‬
‫فقّررت ختانه رغم تحذيرها من ذلك‪ .‬فأصّرت على ذلك‪ .‬فختن الصققبي فققي اليققوم الثققامن حسققبما أوصققى الكتققاب‬
‫المقّدس وخمدت أنفاسه قبل أن يتم له من العمر شهر‪ .‬كما يذكر أن طبيبًا إعترض علققى ختققن طفققل يهققودي سققليل‬
‫أسرة مصابة بمرض سيول الدم‪ .‬فقال الب إنه يؤثر أن يرى إبنه جّثة هامدة علققى أن يخّلفققه أغلققف‪ .‬وكققان لققه مققا‬
‫أثر‪ .‬إذ لم ينقض ربع ساعة حّتى كان الطفل قد زايلته الحياة‪.3‬‬

‫وقد تسّرب هذا الفكر اليهودي إلى الكتابات السلمّية‪ .‬فنحن نقرأ عند النزوي‪» :‬إذا كان عادة قوم أنهم إذا إختتنققوا‬
‫حكمهققم الطهققارة لن هققذا عققذر«‪.4‬‬ ‫ماتوا‪ ،‬معروفين بذلك‪ ،‬فإنهم ل يختتنون ويتركون‪ .‬وإن ماتوا صقّلي عليهققم‪ ،‬و ُ‬
‫وتعرض كتب الفقققه السققلمّية القديمققة كققثيرًا مققن حققالت التشققويه والمققوت النققاتجين عققن الختققان لمعرفققة مققدى‬
‫المسؤولّية الجنائّية في هذه الحالت‪ .5‬وقد جاء ذكر لضرار الختان عند الجاحظ الذي يقول‪:‬‬
‫»إنهم ]اليهود[ لم يروا قط يهودّيا أصققابه مكققروه مققن ِقَبققل الختققان‪ ،‬وإنهققم رأوا مققن أولد المسققلمين‬
‫والنصارى ما ل يحصى مّمن لقى المكروه في ختانه إذا كان ذلك في الصققميمين ]أي أشققد الصققيف‬
‫والشتاء[ من ريح الحمرة‪ ،‬ومن قطع طرف الكمرة‪ ،‬ومقن أن تكققون الموسققى حديثققة العهققد بالحققداد‬
‫وسقي الماء فتشيط عند ذلك الكمرة ويعتريها برص‪ .‬والصبي إبن ثمانية أّيام أعسر ختان قًا مققن الغلم‬
‫شى ول يعققدو مكققانه؛ وهققو فققي ذلققك كنحققو الققبرص‬ ‫ل أن ذلك البرص ل يتف ّ‬ ‫الذي شب وشد وقوي‪ .‬إ ّ‬
‫الذي يكون من الكي وإحراق النار‪ ،‬فإنهما يفحشققان ول يّتسققعان‪ .‬ويختققن مققن أولد السققفلة والفقققراء‬
‫الجماعة الكثيرة فيؤمن عليهم خطأ الخاتن‪ ،‬وذلققك غيققر مققأمون علققى أولد الملققوك وأشققباه الملققوك‪،‬‬
‫لفرط الجتهاد وشّدة الحتياط‪ ،‬ومع ذلك يزمع ومع الزمع ]أي الدهشة[ والرعدة يقع الخطققأ‪ ،‬وعلققى‬
‫قدر رعدة اليد ينال القلب من الضطراب على حسب ذلك«‪.6‬‬

‫وقد ذكر الطبيب العربي الشققهير الزهققراوي أسققاليب ختققان الققذكر فققي عصققره وأوضققح أسققلوبه الخققاص لتفققادي‬
‫ضرورة إعادة الختان إذا ما قطعت الطبقة العليا وبقيققت الطبقققة السققفلى‪ ،‬وكققذلك لتفققادي قطققع طققرف الحليققل أو‬
‫حصول عدم تناسب في القطع‪ .‬وقد بين الدوية التي يستعملها لشفاء الجرح‪ .7‬وقد بين هذا الطبيب أيضًا الضققرار‬
‫التي قد تنتج عن الختان‪ .‬يقول‪:‬‬
‫»وأّما الخطأ الواقع في التطهير فرّبمقا قلبقت الجلقدة الداخلقة كّلهقا أو بعضقها عنقد القطقع فينبغقي أن‬
‫تمّدها من ساعتك بظفرك َقبل أن يتوّرم الموضع وتقطعها على إستواء‪ .‬فإن لم تستطع على إمسققاكها‬
‫بظفرك فأجذبها بصّنارة واقطعها‪ .‬فإن مضقى لقه ثلثقة أّيقام وبققي مقا تحقت الحليقل منتفخقًا وارمقًا‬
‫فأتركه حّتى يسكن الورم الحار واسلخه برفق واقطعه علققى حسققب مققا يتهيققأ لققك‪ .‬وتحّفققظ مققن رأس‬
‫الحليل فإن قطع شيء من رأس الحليل فإنه ل يضر ذلك‪ ،‬فعالجه بما يلحققم الجققرح مققن الققذرورات‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 164‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Le Talmud de Jérusalem, tome VII, p. 9‬‬ ‫‪2‬‬

‫لويس‪ ،‬ص ‪.82-81‬‬ ‫‪3‬‬

‫النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.44‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل السابع‪ ،‬الرقم ‪.(7‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجاحظ‪ :‬الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.27-25‬‬ ‫‪6‬‬

‫صه في الجزء الّول‪ ،‬الفصل الّول‪ ،‬الرقم ‪.(4‬‬ ‫أنظر ن ّ‬ ‫‪7‬‬

‫‪285‬‬
‫التي وصفنا في مقالة الذرورات‪ .‬وإن قطع من الجلدة فوق المقدار وتقّلصت إلى فوق فل يضققر ذلققك‬
‫أيضًا كثير مضّرة‪ .‬فعالجه بما ذكرنا حّتى يبرأ«‪.1‬‬

‫وهذا الطبيب‪ ،‬كما سنرى لحقًا‪ ،‬ل يقترح إجراء عملّية الختان في حالة حصول عاهة فققي الغلفققة‪ .‬ول عجققب مققن‬
‫ل فققي حالقة عققدم وجققود وسققيلة‬ ‫ذلك‪ .‬فنحن نجد في كتابه تحذيرًا شديد اللهجة من اللجوء إلى العملّيات الجراحّيققة إ ّ‬
‫أخرى لشفاء المريض‪ .‬فهو يقول بأنه إذا ما »إستعملنا ضروب العلج في مقرض مققن المقراض ولققم ينجققح تلقك‬
‫الدوية«‪ ،‬فعلى الطبيب اللجوء إلى الكي‪ .2‬وإذا لم يكفي ذلك‪ ،‬فيمكن للطبيب في آخر المطاف اللجوء إلى العملّيات‬
‫جها كلمه لبنائه‪:‬‬‫الجراحّية التي يقول فيها مو ّ‬
‫»إن هذا الباب فيه من الغرر فوق ما في الباب الّول في الكي ومن أجل ذلك ينبغي أن يكون التحذير‬
‫فيه أشد لن العمل في هذا الباب كثيرًا ما يقع فيه الستفراغ من الدم الققذي بققه تقققوم الحيققاة عنققد فتققح‬
‫عرق أو شق على ورم أو بط خراج أو علج جراحة أو إخراج سهم أو شق على حصاة ونحققو ذلققك‬
‫مّما يصحب كّلها الغرر والخوف ويقع في أكثرها الموت‪ .‬وأنا أوصيكم عن الوقوع فيمققا فيققه الشققبهة‬
‫عليكم فإنه قد يقع إليكم في هذه الصناعة صنوف من الناس بضروب من السقام فمنهم من قد ضققجر‬
‫بمرضه وهان عليه الموت لشّدة ما يجد من سقمه وطول بليتقه وبقالمرض مقن التققّرر مقا يقدل علقى‬
‫حة ومرضه قّتال فل ينبغققي لكققم أن تسققاعدوا‬ ‫الموت‪ ،‬ومنهم من يبذل لكم ماله ويغنيكم به رجاء الص ّ‬
‫من أتاكم مّمن هذه صفته البّتة وليكن حذركم أشد من رغبتكم وحرصقكم ول تققدموا علقى شقيء مقن‬
‫ل بعد علم يقين يصققح عنققدكم بمققا يصققير إليقه العاقبققة المحمققودة‪ ،‬واسققتعلموا فققي جميققع علج‬ ‫ذلك إ ّ‬
‫‪3‬‬
‫مرضاكم تقدمة المعرفة والنذار بما تؤول إليه السلمة« ‪.‬‬

‫إن وصّية هذا الطبيب العربي لبنائه روعة من روائع الخلق الطّبية‪ .‬فهو يشير إلى عققدم اللجققوء إلققى العملّيققات‬
‫ل بحذر شديد‪ .‬ويحث على أن يكون قرار الطبيب مبنّيا على المعرفة‪ ،‬متوخيًا سلمة المرضققى‪ ،‬وليققس‬ ‫الجراحّية إ ّ‬
‫خاضعًا للجشع الماّدي‪ .‬وما أحرى هذه الوصّية القّيمة بأطّباء زماننا‪ .‬فسققوف نققرى فققي الفصققل السققادس مققن هققذا‬
‫الجزء كيف أن كثير من العملّيات الجراحّية‪ ،‬ومن بينها عملّية الختان‪ ،‬لم تعد تخضع لهذه العتبارات الخلقّية‪.‬‬

‫حية لختان الذكور في أّيامنا‬


‫ب( محاولة تتفيه الضرار الص ّ‬

‫ل أن الهاجس الققديني بققدأ‬ ‫كانت أضرار الختان معروفة قديمًا‪ ،‬ولكن كان من الواجب القبول بها لسباب عقائدّية‪ .‬إ ّ‬
‫صبون لكثير من المعتقدات‪ ،‬ل بل يرون أنها ل تستحق العتبققار إذا مقا أملقت‬ ‫يضعف في زمننا ولم يعد الناس يتع ّ‬
‫‪4‬‬
‫عليهم تصّرفات ضاّرة‪ ،‬كما رأينا في موقف معارضي ختان الذكور عند اليهود ‪ .‬ولذلك أخذ مؤّيدو ختققان الققذكور‬
‫سققب‬ ‫بتتفيه أضرار هذه العملّية والتهويل من عدم ممارستها‪ .‬وقد يكون ذلك إّما بقصد الترويج الديني أو بقصد التك ّ‬
‫ل للترويققج الققديني نكتفققي‬‫من وراء هذه العملّية‪ .‬وسوف نتكّلم في الجزء الرابع عن علقة الختان بالقتصاد‪ .‬ومثققا ً‬
‫‪5‬‬
‫سان شمس باشا الذي يعتمد على كاتب غربي من كبار دعاة ختان الذكور‪ .‬يقول هذا الدكتور ‪:‬‬ ‫هنا بذكر الدكتور ح ّ‬
‫»إن حدوث مضاعفات عقب عملّية الختان أمر نادر جّدا‪ .‬ففي دراسة أجريت علققى ‪ 100.000‬طفققل‬
‫مختون وجد أن نسبة حقدوث مضقاعفات ل تتجقاوز ‪ 2‬بقاللف‪ .‬وهقذه مضقاعفات ل تتعقّدى حقدوث‬
‫نزيف بسيط يسّهل علجه أو إلتهاب خفيف‪ .‬وقد أظهقرت الدراسقات القتي شقملت أكقثر مقن مليقوني‬
‫طفل مختون حدوث حالة وفاة واحدة فقط عزيت للختان‪ .6‬وهذه نسبة ضئيلة جقّدا‪ .‬فهققي حالققة واحققدة‬
‫من أصل مليوني طفل نجبت عن نزف حدث عقب ختان أجري في البيت من ِقَبل شخص عادي‪.‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis, p. 401‬‬ ‫‪1‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis, p. 9‬‬ ‫‪2‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis, p. 167-169‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الّول‪ ،‬الفصل الثالث‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪ .65-64‬ونفس التتفيه لمخاطر الختان نجده عند القادري‪ ،‬ص ‪ 100‬وعند البار‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪109-107‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wiswell: Routine neonatal circumcision; Warner; Strashin: Benefits and risks of‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪circumcision‬‬
‫‪286‬‬
‫يقول البروفيسور وايزويل‪» :‬إن هذا الرقم ل يذكر بالقياس إلى ما يسّببه عدم الختتان‪ .‬فهناك ما بين‬
‫‪ 317-225‬شخص يموتون سنويًا في أمريكا نتيجة سرطان القضيب«‪ .1‬وكان يمكققن إنقققاذ حيققاة كققل‬
‫هؤلء بالعودة إلى الفطرة التي فطر ال الناس عليها ]وهذا تعليق لباشا[‪.‬‬
‫يقول تقرير لطّباء الجيش المريكي عام ‪» :1989‬إن مضاعفات الختان نادرة جّدا‪ ،‬ولم توجد حالققة‬
‫وفاة واحدة في نصف مليون طفل مختقون فقي مدينقة نيويقورك‪ .‬ولقم تحقدث أّيقة وفّيقات فقي دراسقة‬
‫أخرى أجريت في المستشفيات العسكرّية المريكّية وشملت ‪ 175.000‬طفل‪ .2‬وفققي دراسققة أجريققت‬
‫على ‪ 136.086‬طفل مختون بلغقت نسقبة مضققاعفات )والققتي عقادة ل تتجققاوز إلتهققاب موضقعي أو‬
‫نزف خفيف( ‪ 2‬باللف‪.3‬‬

‫حة الرقام المذكورة ولم يعرض آراء معارضي الختان لن ذلك ل يّتفققق‬ ‫سان شمسي باشا ص ّ‬ ‫ولم يحّقق الدكتور ح ّ‬
‫مع ما يريد أن يثبته‪ .‬فعنوان كتابه »أسرار الختان تتجّلى في الطب الحديث« والذي نشره ضمن »موسوعة الطب‬
‫النبوي بين العجاز والعلم الحققديث«‪ .‬ومققن الواضققح أن صققاحبنا يققرى أن الختققان هققو جققزء مققن معتقققده الققديني‬
‫السلمي‪ .‬وهّمه هو أن يثبت بالترهيب والترغيب أن معتقده يّتفق مع المعطيات العلمّية الحديثة‪.‬‬

‫هذا وقد أثبتنا في الجزء الثاني أن الختان مخالف لروح القرآن‪ .‬وقصدنا هنا ليس تفنيد أو تأييد المعتقققدات الدينّيققة‪،‬‬
‫حية الناتجة عن ختان الذكور‪ .‬ثم ننتقل إلى ختان الناث حيث سققنرى كيققف حققاول‬ ‫بل تقديم عرض للضرار الص ّ‬
‫حية المزعومققة لختققان‬ ‫مؤّيدوه أيضًا تتفيه أضراره‪ .‬ونحيل القارئ إلى الفصل السادس للتعّرف علققى الفققوائد الص ق ّ‬
‫الذكور والناث‪.‬‬

‫حية‬
‫ج( عدم وجود إحصائّيات دقيقة للضرار الص ّ‬

‫حية لختان الذكور حّتى في الوليات المّتحدة‪ .‬وليس هنققاك‬ ‫ل توجد إحصائّيات رسمّية ومؤّكدة حول الضرار الص ّ‬
‫في الكتابات الطّبية دراسة حول كيفّية قياسها‪ ،‬مّما يدل علققى تحّيققز للختققان‪ .‬وهققذا أمققر غريققب فققي مجتمققع يعتققبر‬
‫سر التضقارب فقي الرققام‬ ‫الختان فيه أكثر العملّيات الجراحّية حدوثًا‪ .‬هناك إذًا فراغ كبير في هذا المجال‪ .‬وهذا يف ّ‬
‫المتعّلقة بتلك الضرار‪.‬‬

‫ل وفققاة واحققدة‬
‫جل إ ّ‬
‫كتب أحد الطّباء أنه تم في مدينة نيويورك عام ‪ 1953‬قرابة نصف مليون عملّية ختان ولم تس ّ‬
‫لطفل يهودي ختن في البيت‪ .‬وما بين عام ‪ 1933‬و ‪ 1951‬تم في إحدى المستشفيات في مدينة نيويققورك ‪10.802‬‬
‫جل بينها حالة تلّوث واحدة‪ ،‬وأربع حقالت نزيقف‪ ،‬وحالقة عاهقة واحقدة‪ .‬وفقي إحقدى مستشقفيات كليفورنيقا تقم‬‫سّ‬
‫‪ 1844‬عملّية ختان بين عام ‪ 1949‬و ‪ 1950‬كان بينها ثلث حالت نزيف‪ .‬ولكققن فققي عققام ‪ 1978‬كتققب آخققر أن‬
‫‪ %1‬من عملّيات الختان تؤّدي إلى مضاعفات طّبية‪ .‬وترى »رومبيرغ« بأن تلك المضاعفات تصل إلى ‪ %5‬إلققى‬
‫‪ %10‬من مجموع حالت الختان‪.4‬‬

‫وفي المؤتمر الرابقع حقول بقتر العضقاء الجنسقّية الققذي عقققد فقي لقوزان عقام ‪ 1996‬سقألت الطقبيب المريكقي‬
‫»دينيستون« ما هي في تقديره نسبة حدوث أضرار عند إجراء الختان‪ .‬فأجاب بأن الختان يؤّدي إلققى ‪ %100‬مققن‬
‫صققل إلققى إعققادة الوظيفققة‬
‫خله ناجحقًا إذا مققا تو ّ‬
‫حي‪ ،‬ويعتققبر تققد ّ‬
‫خل عند حصول عطققب صق ّ‬ ‫الضرار‪ .‬فالطبيب يتد ّ‬
‫الطبيعّية للجسم‪ .‬وفي حالة الختان ل يمكن بأي حال إعتبار وجود غلفة عند الطفل حالة مرضّية‪ ،‬إذ هي جزء مققن‬
‫خل الطبيب لبتر الغلفة‪ ،‬فهو إّنما يقوم ببتر جزء سليم ويحذف وظيفة‬ ‫التكوين الفيزيولوجي للعضو التناسلي‪ .‬فإذا تد ّ‬
‫ل لمشكلة‪ .‬وقد أعاد هققذا‬ ‫فيزيولوجّية أصلّية غير َمَرضّية‪ .‬ولذلك كل ختان هو تشويه للجسم وضرر طّبي وليس ح ّ‬
‫الطبيب هذا القول في مقاله المنشور ضمن أعمال المؤتمر‪ ،‬مع بعض التفاصيل‪:‬‬

‫‪Wiswell.: Routine neonatal circumcision‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪American Academy of Pediatrics, report of the Task force on circumcision, Pediatrics, 1989‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wiswell (et al.): Risks from circumcision‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 198‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪287‬‬
‫»إن نسبة الضرار بعيدة المدى للختققان هققي ‪ .%100‬فكشققف الحشققفة بصققورة إصققطناعّية يجعلهققا‬
‫تصبح خشنة وجاّفة‪ .‬وفتحة البول كثيرًا ما تتقّيح وتضيق فل يسققمح لهققا بققالنغلق الطققبيعي‪ .‬وحاّفققة‬
‫القطع في الختان تلتصق بالحشفة أو تكّون مظهرًا غير لئق على ساق القضيب«‪.1‬‬

‫ويذكر هذا الطبيب أن في الوليات المّتحققدة يمققوت ‪ 229‬طفققل كققل سققنة بسققبب الختققان‪ .‬و ‪ 1‬مققن كققل ‪ 500‬طفققل‬
‫حية في قسم العلج الطارئ‪ .‬حّتى وإن لم يقّروا عن أضرار‬ ‫مختون يعاني من مضاعفات خطيرة تتطّلب عناية ص ّ‬
‫تصيبهم‪ ،‬فإن المختونين يقضون حياتهم مققع أعضققاء جنسقّية تعمققل نصققف وظيفتهققا ومشقّوهة وفاقققدة حساسقّيتها‪.‬‬
‫حة النسان‪ .2‬ويضققيف أنققه يحققدث سققنويًا‬‫والختان‪ ،‬مهما كانت درجته ولي جنس كان‪ ،‬يترك آثارًا سلبّية على ص ّ‬
‫ألفي حالة مضاعفات طّبية في الوليات المّتحدة ل داعي لها‪.3‬‬

‫وقد قام »تيم هيموند«‪ ،‬أحققد معارضققي ختققان الققذكور‪ ،‬بحسققاب الضققرار الناتجققة عنققه آخققذًا بالعتبققار أن نسققبة‬
‫المختونين في العالم هي ‪.%20‬‬

‫‪ 5.6‬مليار‬ ‫عدد سّكان العالم عام ‪1994‬‬

‫‪ 2.8‬مليار‬ ‫عدد الذكور )‪(%50‬‬

‫‪ 65.6‬مليون‬ ‫عدد الضرار إذا كانت نسبتها ‪%10‬‬

‫‪ 11.3‬مليون‬ ‫عدد الضرار إذا كانت نسبتها ‪%2‬‬


‫‪4‬‬
‫‪ 5.6‬مليون‬ ‫عدد الضرار إذا كانت نسبتها ‪%1‬‬

‫حية الناتجة عن الختان‪ .‬فليققس مققن صققالح الطّبققاء أو‬ ‫نستنتج من ذلك أنه ل توجد إحصائّيات دقيقة للضرار الص ّ‬
‫صققة وأن ليققس لتلققك‬ ‫المستشفيات الكشف عن تلك الضرار‪ .‬فذلك يعطققي للهققل ذريعققة لرفققع قضققايا ضقّدهم‪ ،‬خا ّ‬
‫العملّية أسبابًا طّبية تبّررها‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬فإن هذه الضرار قد تحصل عند إجراء الختان كمققا قققد تحصققل بعققد‬
‫صققة فققي‬‫مّدة طويلة من إجرائه‪ .‬فكثير من الضرار الناتجة عن الختان تتم بعد خققروج الطفققل مقن المستشققفى‪ ،‬خا ّ‬
‫حية ليست دائمًا متوّفرة‪ ،‬والتعليمات بخصققوص جققرح الختققان قليلققة‪ .‬وفققي كلتققا‬‫العائلت الفقيرة حيث العناية الص ّ‬
‫الحالتين يحاول الطبيب عدم الربط بين تلك الضرار وبين الختان إّما لتفادي الملحقات القضققائّية أو لبعققد الزمققن‬
‫بين الختان والضرار‪ .‬وُيذكر في هذا المجال عملّية ختان في الوليات المّتحدة أصيب الطفل خللهققا بضققرر فققي‬
‫خه فأصبح غيققر قققادر علققى الكلم والمشققي أو الهتمققام بنفسققه‪ .‬وقققد عققرض الهققل مبلققغ ‪ 10.000‬دولر لمققن‬ ‫مّ‬
‫‪5‬‬
‫يستطيع أن يجد ملّفاته الطّبية التي فقدت ‪.‬‬

‫وعدم وجود إحصائّيات دقيقققة‪ ،‬يعنققي أن الطّبققاء ل يسققتطيعون أن يققّدموا للهققل أرقامقًا حققول أضققرار الختققان‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬هذا في صالح الطّباء الذي يكسبون المليين من ورائه‪ .‬فققإذا مققا وضققعت الرقققام المرعبققة أمققام‬
‫أعين الهل فذلك قد يؤّدي إلى رفضهم إجرائه لطفالهم‪.‬‬

‫لق وبققأدوات‬ ‫حية والعلج‪ .‬فإذا ما تّمت العملّيققة علققى يققد ح ّ‬


‫وأضرار ختان الذكور ترتبط بمدى توّفر الرعاية الص ّ‬
‫ملّوثة وفي مكان قذر ولم تتوّفر وسائل العلج‪ ،‬فإن هذه الضرار تزداد‪ .‬وهذا ل يعني أن الختان في المستشققفيات‬
‫الحديثة على يد أّمهر الطّباء ل يمّثل خطرًا‪ .‬فقد تكون الضرار نتيجققة ضققعف مناعققة الطفققل‪ ،‬أو نتيجققة أصققابته‬
‫حية والعلج‪ .‬لذا نجد مضاعفات وحالت وفاة بسبب الختان‬ ‫بمرض سيول الدم‪ ،‬حيث ل يسعف توّفر الرعاية الص ّ‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 106‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Denniston; Milos (editors): Sexual mutilations, preface, p. V-VI‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 106‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Bodily integrity for both, p. 42‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪NOCIRC Newsletter, Fall/Winter 1995‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪288‬‬
‫لت والصققحف لنققا مآسققي كققثيرة عقن ختققان الققذكور أّدت إلققى‬
‫حّتى في الوليققات المّتحققدة ذاتهققا حيققث تنقققل المج ّ‬
‫ملحقات قضائّية دفعت فيها المبالغ الطائلة تعويضًا عن الضرر الناتج‪.‬‬

‫وإن كان الختان يؤّدي إلى أضرار في الدول المتقّدمة فما حال الدول الفقيرة؟ ففي دراسة حول عملّيققة الختققان فققي‬
‫قبيلة »كهوسا« في جنققوب إفريقيققا تققبّين أن ‪ %9‬مققن الولد المختققونين توفققوا‪ ،‬و ‪ %52‬فقققدوا كققل أو أكققثر جلققد‬
‫القضيب‪ ،‬و ‪ %14‬حدث لهم تقّرحات خطيرة‪ ،‬و ‪ %10‬فقدوا حشققفتهم‪ ،‬و ‪ %5‬فقققدوا كقل قضققيبهم‪ .‬وهققذه الرققام‬
‫تخص من تم الختان عليهم في المستشفيات‪ .‬مّما يعني أن الرقام الحقيقّية أعلى بكثير‪ .1‬وقد حاول الطّبققاء خفققض‬
‫نسبة المضاعفات الناتجة عن الختان في هذه القبيلة وذلك من خلل إجراء تلك العملّية في المستشققفيات وعلققى يققد‬
‫طبيب متمّرس‪ .‬غير أن مثل هذه العملّية غير الطقسّية مرفوضة من تلك القبيلة إذ ُتفقققد الختققان معنققاه الجتمققاعي‪.‬‬
‫ل أن من يطلب إجراء تلك العملّيققة‬ ‫وإن كان هناك قبول لعملّية الختان في المستشفى إذا ما كان هناك سبب طّبي‪ ،‬إ ّ‬
‫بذاته يعتبر خارجًا عن القبيلة‪.2‬‬

‫حية لختان الذكور‬


‫د( قائمة بالضرار الص ّ‬

‫إذا ما نظرنا إلى كتابات مؤّيدي ختان القذكور‪ ،‬فإننقا نقرى أنهقم ل يقذكرون الضقرار الناتجقة عنقه‪ ،‬وفقي أحسقن‬
‫الحوال يتّفهون تلك الضرار‪ .‬فإذا ما أردنا معرفة هذه الضرار علينا أن ننظقر فققي كتابقات المعارضقين‪ ،‬وهقي‬
‫كّلها غربّية‪ .3‬ونحن نستعرض أهم هذه الضرار الص ّ‬
‫حية‪ .‬ونحيل القارئ فيما يخص الضرار الجنس قّية والنفس قّية‬
‫إلى الفصول الخرى‪.‬‬

‫النزيف‬

‫تقّدر نسبة حدوث النزيف بق ‪ %2‬على القل من حالت الختان‪ .‬فغلفة القضيب عضو كثير الشرايين يققؤّدي بترهققا‬
‫إلى نزول دم‪ .‬وإن تم مس الشريان اللجامي‪ ،‬فإن هذا النزيف يكون سريعًا‪ .‬والطفل الذي يزن ثلثققة كيلوغرامققات‬
‫ل يحتوي على أكثر من كأس دم أو ما يناهز ‪ 300‬غرام من الدم‪ .‬ولذلك في حالة عدم التنّبه للنزيف لمّدة قصققيرة‪،‬‬
‫فإنه يقود إلى الوفاة‪ .‬وكثيرًا ما يصاب الصبي بحالة صدمة من النزيف‪.‬‬

‫وبعض الشخاص مصابون بمرض سيلن الدم‪ ،‬وهو مرض وراثي‪ .‬ونزيف الدم في هذه الحالققة يصققعب التحّكققم‬
‫به‪ .‬وللحد من هذه الظقاهرة أخقترعت اللت الضقاغطة الققتي تكبققس الشققرايين فتمنقع سققيلن القدم‪ .‬ولكققن اليهقود‬
‫الرثوذكس يرفضققون إسققتعمالها لنهققا ل تسققيل الققدم‪ ،‬مّمققا يبطققل الختققان الققديني‪ .‬وتققبّين الحصققائّيات أنققه حّتققى‬
‫باستعمالها‪ ،‬يبقى الطفل معّرضا لخطر النزيف‪ .‬ولذلك يجب تفادي إجراء الختان إذا ما تبّين بعد فحققص الهققل أو‬
‫الصبي بوجود مثل هذا المرض‪ ،‬أو إذا كانت الغلفة ملتصقة بالحشفة كما هو المر في أكققثر حققالت الطفققال فققي‬
‫بداية حياتهم‪ .‬فشد الغلفققة لفصققلها عققن الحشققفة يققؤّدي إلققى مزيققد مقن النزيققف‪ .‬ويشققار هنققا إلققى أن فيتققامين »ك«‬
‫المسؤول عن تجليط الدم وإيقاف النزيف ل يتكّون في جسم الطفل َقبل خمسة عشر يوم قًا مققن ولدتققه‪ .‬وهققذا يققبّين‬
‫بأنه من الغلط إجراء العملّية في الّيام الولى من حياته‪ .‬ولذلك يحاول بعض الطّباء إعطاء الطفققل هققذا الفيتققامين‬
‫لتفادي النزيف‪.‬‬

‫اللتهابات وتعّفن الجرح‬

‫قطع الغلفة يجعل الجرح والحشفة المكشوفة عرضة للتلّوث بالبول والققبراز‪ ،‬مّمققا قققد يسقّبب إلتهابققات وتقّيحققا فققي‬
‫خل جراحققي لتوسققيع‬ ‫فتحة البول‪ .‬وهذا هو السبب الرئيسي لعسر البول والتهاب المسالك البولّية‪ ،‬مّما قد يتطّلب تققد ّ‬
‫‪ Denniston; Milos (editors): Sexual mutilations, preface, p. V-VI. See also‬أنظر أيضًا بخصوص‬ ‫‪1‬‬

‫مضاعفات ختان الذكور في هذه القبيلة مقال ‪ .;Crowley; Kesner, p. 318-319‬وأنظر أيضًا مقالت جرائد حول هققذه‬
‫المضاعفات في تلك القبيلة في نهاية كتاب ‪Bodily integrity for both‬‬
‫‪Crowley; Kesner, p. 320‬‬ ‫‪2‬‬

‫صنا‪ ،‬نعتمد هنا على المصادر التالية‪Romberg: Circumcision, p. 199-231; Ritter, :‬‬‫ما عدا ما سنذكره ضمن ن ّ‬ ‫‪3‬‬

‫;‪p. 5-2/5-6; Warren: NORM UK, p. 93; Zwang: Functional and erotic consequences, p. 73-74‬‬
‫‪Cold; Taylor: The prepuce, p. 41‬‬
‫‪289‬‬
‫فتحة البول‪ .‬وهذا يحدث في ‪ %10‬من حالت الختان‪ .‬وإذا لم توجد أدوية معّقمققة‪ ،‬فققالجرح قققد يققؤّدي إلققى التعّفققن‬
‫وإصابته بجراثيم عدوى كثيرة مثل التيتانوس والغنغرينا ومرض السحايا والدفتيريا وتسّمم الدم والتهققاب العظققام‪،‬‬
‫مّما قد يودي بحياة الطفل‪.‬‬

‫إنكماش القضيب‬

‫خل جراحققي لرجققاعه إلققى‬


‫قد يؤّدي الختان إلى إنكماش قضيب الذكر فيختفي تحت الجلد المحيط بققه‪ .‬فيتطّلققب تققد ّ‬
‫وضعه الطبيعي وذلك بإضافة جلد إلى جلده‪.‬‬

‫طبة‬
‫القضاء على الغدد التي تفرز الماّدة المر ّ‬

‫طبة والتي تتواجد في ثلم إكليل الحشفة وبطانة الغلفة‪ .‬والمققاّدة‬ ‫بالختان يتم القضاء على الغدد التي تفرز الماّدة المر ّ‬
‫طبة تلعب أدوارًا ُمهّمة منها فصل الغلفة عن الحشفة تدريجّيا ومنع إعادة إلتصققاقها بهققا‪ ،‬والحتفققاظ بالحشققفة‬ ‫المر ّ‬
‫ناعمة ولّينة تمامًا كما تحافظ الفرازات الخرى على نعومة البشرة‪ .‬فإذا ما تم قطع الغلفققة بالختققان‪ ،‬فققإن الحشققفة‬
‫تصبح دون حماية وتجف بسرعة وتصبح عرضققة للخققدش بققالملبس‪ .‬كمققا أنهققا تثخققن وتخشققن وتفقققد حساسقّيتها‬
‫الطبيعّية‪ .‬حّتى أن لونها الطبيعي يتغّير‪ .‬ويقّدر البعض سمك بشرة الحشفة لدى المختققونين بعشققرة أضققعاف سققمك‬
‫بشرة الحشفة عند غير المختونين‪.1‬‬

‫باسور الحليل والمبال الفوقاني‬

‫قد تحدث عملّية الختان فتحة جانبّية في مجرى البول يطلق عليها »باسور الحليل«‪ .‬وهققذا ينتققج بسققبب خطققأ مققن‬
‫الخاتن خلل عملّية قطع الغلفة‪ ،‬فيثقب القضيب‪ .‬وقد يثبت طرف اللة داخقل مجقرى البقول‪ .‬وعنقد إغلقهقا فإنهقا‬
‫تسحق الجزء العلى لمجرى البول والجزء العلى للحشفة مع الغلفة‪ ،‬مّما ينتج عنه حدوث فتحة في أعلى الحشفة‬
‫يطلق عليها »مبال فوقاني«‪ .‬وهناك بعض حالت التشّوه الخلقي يطلق عليه »الحليل التحتاني« وهو تحّول فتحققة‬
‫مجرى البول من أعلى الحشفة إلى الجانب السفلي منها‪ .‬ويصّلح هذا العيب بترقيع الفتحة بغلفققة القضققيب وإجققراء‬
‫فتحة في المكان العتيادي‪ .‬فإذا لم يلحظ الطبيب هذا العيب َقبل الختان‪ ،‬فإنه يصعب عليه إصلحه لنققه بالختققان‬
‫يزيل قطعة الجلد التي يحتاج إليها لتصليح العيب‪.‬‬

‫ضيق الغلفة‬

‫سوف نرى أن مؤّيدي ختان الذكور يجرونه للوقاية من ضيق الغلفة الذي يمنع سحبها إلى الخلف لكشققف الحشققفة‪.‬‬
‫خل لتوسيع الجلقد وفقي بعقض‬ ‫ل أن الختان قد يؤّدي إلى مثل هذا الضيق مّما يسّبب حشر للحشفة‪ .‬وهذا يتطّلب تد ّ‬
‫إّ‬
‫الوقات يجب إعادة عملّية الختان‪.‬‬

‫إحتباس البول‬

‫قد يتم في الختان قطع »لجام القضيب«‪ ،‬مّما يحرم مجرى البول الداخلي من أهم مصدر للدم فيه‪ .‬وهذا يؤّدي إلققى‬
‫ضيق مجرى البول في ‪ 5‬إلى ‪ %10‬من المختونين وإلى صعوبة في التبّول‪ .‬وقد يحدث إحتباس للبول بسققبب لققف‬
‫صققة جهققاز ‪.Plastibell‬‬‫قضيب الطفل بعد الختان ليقاف النزيف أو بسققبب إسققتعمال الجهققزة فققي الختققان‪ ،‬وخا ّ‬
‫وهذا الحتباس قد ينتج كرد فعل من الطفل بسبب صدمة عملّية الختان‪ .‬واحتباس البول يجعل الطفل يتأّلم ويصققيح‬
‫ويمتنع عن الرضاعة‪ .‬وقد يؤّدي إلى قصور كلوي‪.‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 171‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪290‬‬
‫موت الحشفة أو تشويهها وفقدها حمايتها‬

‫يؤّدي تضييق اللف على حشفة الطفل في بعض الحيان إلى موتها‪ .‬ويحدث أيضًا أن تجرح هذه الحشققفة أو تقققص‬
‫كاملة بسبب تهاون الخاتن فيصققاب القضققيب بتشققويه دائم يصققاحبه مشققاكل جنسقّية كققبيرة مققدى الحيققاة‪ .‬ولحمايققة‬
‫الحشفة من مثل هذه الحوادث تم إختراع اللت الطّبية‪.‬‬

‫هذا وبتر الغلفة يحرم الحشفة من حمايتها الطبيعّية فققي بعققض الحققوادث مثققل الحققرق‪ .‬فققإذا مققا تعّرضققت الحشققفة‬
‫للحرق فإنه يصعب إزالة التشويه‪ .‬بينما إذا مس الحرق الغلفة‪ ،‬فإنها تقي الحشفة‪ .‬وعند الحاجة يمكن إزالققة الغلفققة‬
‫بالختان مع ضرر أقل لشكل القضيب‪ .‬ونسبة الصابة بالحرق أكبر من نسبة الصابة بسققرطان القضققيب‪ .‬وتققذكر‬
‫المصادر الطّبية أن الغلفة تحمي من زمام البنطلون‪ ،‬ومقعد المرحاض الذي قد يسقط على قضققيب الولققد الصققغير‬
‫عند التبّول‪ ،‬والتفاف شعر أو خيط حول القضيب مّما يؤّدي إلى انحباس الدم وموت الحشفة‪ .‬وبتعرية الحشفة تفقققد‬
‫حرارتها التي تساعد على شفاء التخّدشات التي قد تصيبها خلل المداعبة الجنسّية‪ .‬فالغلفة تعطققي الحشققفة حققرارة‬
‫تساعد على شفاء تلك التخّدشات‪.‬‬

‫قطع زائد لجلد القضيب‬

‫صققة عنققدما يجققرى علققى طفققل حققديث‬ ‫من الصعب معرفة القدر الذي يتم قطعه من جلد القضيب خلل الختان‪ ،‬خا ّ‬
‫ل يشّددون على ضرورة قطع أكبر قدر‬ ‫الولدة‪ .‬ويختلف هذا القدر حسب مهارة الخاتن ونوعّية الختان‪ .‬فاليهود مث ً‬
‫من الجلد‪ .‬وهذا السلوب إنتقل منهم إلى الطّباء المريكّيين‪ .‬وقد ُيحدث الختان قطققع كققبير فيصققبح جلققد القضققيب‬
‫طيه‪ .‬وقد تحدث مضاعفات في عملّية الختققان فيضققطر الطققبيب إلققى قطققع المزيققد مققن‬ ‫أقصر من القضيب الذي يغ ّ‬
‫ل لقوظيفته الطبيعّيقة‪ .‬وقصقر جلقد القضقيب يقؤّدي عنقد‬ ‫الجلد فيتعّرى القضيب ويسّبب ضيقًا عند إنتصقابه وتعطي ً‬
‫النتصاب إلى شد جلد الصفن مّما يحدث ألمًا ومشاكل جنسّية سوف نعرضها في الفصل الخامس‪ .‬وقد دفعت هققذه‬
‫المضاعفات بعض المختونين إلى اللجوء لعملّية إستعادة الغلفققة إّمققا بطريقققة جراحّيققة أو بطريقققة شققد الجلققد‪ ،‬كمققا‬
‫سنرى في الفصل السابع‪.‬‬

‫التقيؤ ووقف التنّفس‬

‫هناك حالت لوحظ فيها أن الختان اّدى إلى التقيؤ ووقف التنّفس بسبب الكققرب الققذي يصققيب الطفققل خلل عملّيققة‬
‫صققة عنققدما تتققم دون تخققدير‪ .‬وقققد يققؤّدي صققراخ الطفققل خلل العملّيققة إلققى إصققابته بققق»السققترواح‬
‫الختققان‪ ،‬خا ّ‬
‫الصدري« و»الندغام الرئوي«‪.‬‬

‫مخاطر التخدير‬

‫ذكرنا أن الختان يتم عاّمة دون تخققدير‪ .‬واسققتعمال التخققدير بحققد ذاتققه لققه نتققائج ل يمكققن تجاهلهققا فققي أّيققة عملّيققة‬
‫جراحّية‪ .‬فالتخدير قد يؤّدي للموت‪ .‬ويقول بعض الطّباء أن خطر التخدير أكبر عنققد الطفققال مّمققا عنققد البققالغين‪.‬‬
‫ولو تم تخدير كل الطفال لكان هذا سببًا في حوادث وفاة أكثر بين الطفال مّما هو الحال عليه بدون تخدير‪.‬‬

‫تقّرح فتحة مجرى البول‬

‫تحمي الغلفة حشفة الطفل من البول الذي يبّلل ملبسه‪ .‬فإذا ما أزيلت الغلفة‪ ،‬إنكشققفت الحشققفة وأصققبحت ملمسققة‬
‫مباشرة للملبس المشّبعة بالمونيققا الققتي فققي البققول‪ ،‬مّمققا يققؤّدي إلققى تحقّرق الحشققفة وتقّرحهققا والتهابهققا‪ .‬ونسققبة‬
‫المختونين الذين يصابون بهذه الظاهرة تقّدر ما بين ‪ %8‬و ‪ ،%31‬ولكن النسبة الحقيقّية أعلى من ذلققك بكققثير لن‬
‫صة عندما تحدث بعد مّدة من الختققان‬ ‫جل دائمًا‪ .‬وكثيرًا ما يجهل الطّباء سببها خا ّ‬ ‫حالت اللتهابات والتقّرح ل تس ّ‬
‫فينسون العلقة بينهما‪ .‬وعندها يلجأ الطّباء إلى البحث عن وسيلة لشققفائها‪ ،‬فيقققترحون تغييققر نظققام طعققام الطفققل‬
‫لتخفيف المونيا في بول الطفل‪ .‬وقد يقترحون بعض المراهم كالفازلين ومضاّدات حيوّية لها عواقب وخيمة إذا ما‬

‫‪291‬‬
‫إعتاد عليها الطفل‪ ،‬إذ يبطل مفعولها‪ ،‬فيضطر الطّباء لقتراح مضاّدات أقوى من السابقة‪ .‬ومنهم من يقترح تغيير‬
‫الثياب مرارًا وغسلها وغليها حّتى تزول المونيا تمامًا‪.‬‬

‫ضيق فتحة مجرى البول‬

‫صققة عنققد الصققغار‪ ،‬مّمققا يجعققل‬


‫قد يؤّدي تقّرح فتحة مجرى البول إلى مضاعفات لحقة مثل ضيق تلك الفتحة‪ ،‬خا ّ‬
‫التبّول صعبًا ومؤلمًا ويتطّلب جهدًا كبيرًا لخراجه‪ .‬وقد قام بعضهم بقياس فتحة مجققرى البققول عنققد مققائة مختققون‬
‫ومائة غير مختون‪ ،‬فوجد أن الفتحة عند غير المختونين أوسع من الفتحة عند المختونين‪ .‬ويذكر طبيب بأن ضققيق‬
‫فتحة مجرى البول تحدث عند قرابة ثلققث المختققونين ول تحققدث عنققد غيققر المختققونين‪ .‬وقققد أثبتققت الدراسققات أن‬
‫ل‪ .‬ولعلج ضيق فتحة مجرى البول يلجأ البعققض‬ ‫صعوبة التبّول تؤّدي في بعض الحيان إلى التبّول في السرير لي ً‬
‫إلى عملّية جراحّية لشق المبال أو توسيعه‪.‬‬

‫البقاء على حلقة ‪Plastibell‬‬

‫ل لجراء ختان الذكور في أمريكا‪ .‬وبعد الختققان‪،‬‬ ‫يعتبر جهاز ‪ Gomco‬وجهاز ‪ Plastibell‬أكثر الجهزة إستعما ً‬
‫ل أنقه يحقدث أن‬‫يتم البقاء على قمع جهاز ‪ Plastibell‬لقرابة عشققرة أّيققام قبقل أن تنسققلخ تلقائيقًا عقن القضقيب‪ .‬إ ّ‬
‫يندمل القمع داخل جلد القضيب‪ .‬وهذا يؤّدي إلى تقّرح أو تنكرز الجلد‪ ،‬وأيضًا إلى فقد الحشفة‪.‬‬

‫التعّرض لعدوى المراض‬

‫من مخاطر الختان التي تحصل كثيرًا تعريض القضيب إلى عدوى المراض مققن خلل الجققرح‪ ،‬مّمققا يققؤّدي إلققى‬
‫أوخم النتائج بما فيها الموت‪ .‬ويصاحب هذه العدوى إرتفاع حرارة الطفل والتقّيح والتوّرم‪ .‬ويرى البعض أن نسبة‬
‫شقي الجراثيقم‪ .‬وهقذه العقدوى‬ ‫إلتهاب جرح الختان قد تصل إلقى ‪ .%8‬والقدم المحيقط بجقرح الطفقل يسقاهم فقي تف ّ‬
‫مرتفعة في المستشفيات بسبب وجود جراثيم ذات مناعة عالية للمضاّدات الحيوّيقة‪ .‬وققد تظهقر عقوارض العققدوى‬
‫بعد رجوع الطفل إلى البيت‪ .‬وقد تتحّول هذه العدوى إلى العمقود الفققري وتصقيب المقخ بمقرض إلتهقاب السقحايا‬
‫الذي يسّبب الموت‪ .‬ويصاحب هذه المراض ألم شديد ورفض الرضاعة‪.‬‬

‫تشويه القضيب‬

‫جققا فيققؤّدي إلققى‬


‫ل‪ .‬فقققد يكققون القطققع معو ّ‬
‫ليس كل الذين يختنون يستطيعون إجراء عملّية ذات نتققائج مرضقّية شققك ً‬
‫إعوجاج القضيب عند إنتصابه‪ .‬وقد يترك شفاء الجرح طبقة من الجلد على طبقة أخققرى مققع نتققوات‪ .‬وقققد رفعققت‬
‫إلى المحاكم قضايا في هذا الخصوص باعتبار أن القضيب ل يّتفق مع النظرة الجمالّيققة المتعققارف عليهققا‪ .‬وإذا تققم‬
‫الختان بواسطة ملزم ‪ Plastibell‬يجب أن تسقط حلقته خلل عشرة أّيام مقن الختقان‪ .‬ولكقن ققد تبققى هقذه الحلققة‬
‫خل من الطبيب لزالة الحلقة التي تترك تشويهًا فققي العضققو‬ ‫داخل الجلد حول حد الحشفة كما ذكرنا‪ .‬وهنا يجب تد ّ‬
‫على شكل ثلم‪ .‬وقد يحدث جسر من اللحم بين الغلفة والحشفة يجعققل إنتصققاب القضققيب مؤلمقًا‪ .‬وفققي عققام ‪،1986‬‬
‫قامت جمعّية طب المسالك البولّية في »فرجينيققا« بفحققص وثققائق تخققص ختققان طفققل خسققر جقّراء ذلققك كققل جلققد‬
‫القضيب‪ ،‬وختان طفل آخر أصابه غنغرينا ونكرزة في حشفته وقضيبه بسبب الكي الكهربائي لدمل الجرح‪ .‬وعلى‬
‫أثر ذلك‪ ،‬قامت الجمعّية المذكورة بأخذ قرار بالجماع ضد الختان الروتيني‪.‬‬

‫التعّرض للخدش‬

‫يصبح جلد القضيب في حالة القطع الكبير أكثر توّترا عند النتصققاب مّمققا يجعلققه أكققثر عرضققة للخققدش‪ .‬وبعققض‬
‫المختونين يشتكون بأنهم ل يتحّملون إحتكاك قضيبهم بالملبس الداخلّية‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫فقدان القضيب‬

‫ل قطع القضيب بسبب إلتهابات أو بسبب إستعمال الكي الكهربائي ليقاف نزيققف الققدم بعققد‬ ‫هناك حالت تم فيها فع ً‬
‫إجراء الختان‪ .‬وقد تطّلب المر إجراء عّدة عملّيات جراحّيققة للمحافظققة علققى القضققيب بسققحبه مققن جققوف الطفققل‬
‫ل إلققى‬‫حقّول الولققد فع ً‬
‫ل‪ .‬وفققي بعضققها ُ‬
‫وترقيعه بالجلد‪ .‬وفي عدم نجاح تلك المحاولت‪ ،‬فإنه يتم بتر القضيب كققام ً‬
‫أنثى‪ .‬وبطبيعة الحال تكون النثى هنا غير قادرة على اللّذة الجنسّية أو النجاب‪ ،‬وتجد صعوبة في التبقّول‪ .‬فعملّيققة‬
‫التحويل هذه هي مجّرد محاولة لتخفيف للعاهة‪ .‬وهذا التحويل يصاحبه مشاكل نفسّية ل تقققاس تؤّيققدي إلققى قضققايا‬
‫أمام المحاكم للحصول على تعويضات بسبب الضرر‪ .‬ولكن هل يمكن لكل أموال الدنيا أن تعقّوض عققن مثققل تلققك‬
‫العاهة؟‪.‬‬

‫صة ختان فاشل تم عام ‪ 1963‬قّرر الطّباء والهققل‬ ‫وقد عرضت مجّلة »التايم« المريكّية في ‪ 24‬مارس ‪ 1997‬ق ّ‬
‫على أثره تحويل الطفل إلى أنثى‪ .‬فتم نزع خصيتيه وصّمم له فرج من بقايا النسيج ظّنا منهم أن إعطائه هرمونات‬
‫النوثة سوف يحّول نفسيته ونزعاته من ذكر إلى أنثى‪ .‬وكان هذا تطبيققًا للنظرّيققة الشققائعة فققي ذاك الققوقت والققتي‬
‫كانت تّدعي بأن الطفال يولدون حياديين جنسّيا ثم يتم زرع ميول الذكورة والنوثة فيهققم مققن خلل التربيققة‪ .‬وقققد‬
‫إعتمد الطّباء في الوليات المّتحدة على هذه الحادثة لقنققاع الهققل بتحويققل عشققرات الصققبيان إلققى فتيققات لعلج‬
‫حالت فشل الختان‪ .‬غير أن ضحّية هذه الحادثة المأساوّية لم تتمّكن أبدًا من التقأقلم مقع جنسقها الجديقد‪ .‬فققد كقانت‬
‫ضقل اللعققب مقع الصقبيان‪ ،‬وترفققض ألعققاب الفتيقات‪ .‬ورغقم أن‬ ‫تمّزق ثياب البنات التي كانت أّمها تلبسها بها‪ ،‬وتف ّ‬
‫صة تحويلها من ذكر إلى أنثى‪ ،‬فإنهم كانوا يستغربون مققن تصقّرفاتها‪ .‬غيققر أن الطّبققاء‬ ‫رفاقها لم يكونوا يعلموا بق ّ‬
‫إستمّروا بالضغط عليها ليقنعوها بأنها أنثى وأن عليها التصّرف كأنثى‪ .‬وعندما كان عمرهققا ‪ 14‬سققنة‪ ،‬رأت أن ل‬
‫ل النتحار أو التحّول إلى ذكر‪ .‬وعند ذلك إعترف لها الهل بأنه تم تحويلهققا فققي صققغرها مققن ذكققر‬ ‫خيار أمامها إ ّ‬
‫إلى أنثى‪ .‬وعندها قّررت الرجوع إلى حالتها الولى فأجرى لها الطّباء عّدة عملّيات لتشكيل قضيب صغير ولكّنه‬
‫خال من حساسّية القضيب العتيادي‪.‬‬

‫ويذكر الدكتور رشدي عّمار أنه توجد حالت يصعب بالعين المجّردة تحديد الجنس إذا كان ولدًا أو بنتًا‪ .‬ول بد من‬
‫عمل فحص للعضاء التناسلّية الداخلّية وعمل تحاليل كثيرة وأبحاث لتحديد الجنس‪ .‬يقول الدكتور عّمار‪:‬‬

‫»وفي هذه الحالت قد تجرى عملّية الطهارة للولد على أنه بنت ويزال قضيب صغير الحجم علققى أنققه البظققر‪ ،‬ثققم‬
‫يثبت بعد ذلك أن الجنس ولد‪ .‬وبذلك يقضى على المسققتقبل الجنسققي للطفققل بعققد ذلققك‪ .‬وقققد صققادف شخصققيًا هققذه‬
‫الحالة سنة ‪ 1959‬في طفل ذكر أجريت له عملّية الختان وأزيل القضيب على أنه البظر وبالفحص والتحليققل ثبققت‬
‫أنه ولد وليس بنتًا«‪.1‬‬

‫الوفاة‬

‫يؤّدي الختان بسبب النزيف أو الصابة بعاهة أخرى أو التخققدير إلققى حققالت وفققاة كمققا ذكرنققا سققابقًا‪ .‬ول يعققرف‬
‫جل تحققت أسققباب غيققر الختققان‪.‬‬ ‫بصورة مؤّكدة عدد الوفّيات التي يسّببها الختان حّتى في الدول المتقّدمة إذ إنها تس ّ‬
‫‪2‬‬
‫ويرى طبيب أمريكي أن كل وفاة تحدث في الّيام العشرة التي تتبع الختان يجب أن تعتبر وفاة مشبوهة ‪.‬‬

‫صة بالختان اليهودي‬


‫حية الخا ّ‬
‫هـ( الضرار الص ّ‬

‫يجرى الختان الديني عند اليهود على ثلث مراحل‪ .‬فيتم أّول قص الغلفة‪ .‬ثم تسلخ بطانققة الغلفققة مققع اللجققام بظفققر‬
‫مدّبب‪ .‬وبعدها يقوم الخاتن بمص قضيب الصبي بفمه‪ .‬وقد أدخلت المرحلة الثانية في القققرن الّول الميلدي لمنققع‬
‫إستعادة الغلفة بشد جلد القضيب‪ .‬وأضيفت في العصر التلمودي )‪ (625-500‬مرحلققة مققص القضققيب‪ .‬وقققد تققوّفى‬
‫آلف من الطفال اليهود في القرن التاسع عشر في أوروبا بسبب مققص الققدم هققذه‪ .‬وقققد تققم إدخققال تعققديلت علققى‬
‫عملّية الختان بداية من الربع الخير من القرن التاسع عشر لكي تتماشى مع التقّدم الطّبي‪ .‬فقد أستبدل ظفر الخققاتن‬
‫عّمار‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 106‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪293‬‬
‫ل لسققلخ بطانققة الغلفققة واللجققام‪ .‬كمققا أقققترح‬
‫بالمقص في المرحلة الولى من الختان‪ ،‬ولكن الظفققر مققا زال مسققتعم ً‬
‫صه مباشرة بفم الخاتن لتفادي العدوى‪ .‬ولكن هذا المققص مققا‬ ‫ل من م ّ‬ ‫إستبدال إستعمال أنبوب زجاجي لمص الدم بد ً‬
‫زال يمارس بين اليهود الرثوذكس‪ .‬وقد سمح الحاخام الشرقي »بكشي دورون« في إسرائيل بمققص الققدم بققأنبوب‬
‫زجاجي ليس خوفًا على إنتقال الوبئة إلى الطفل ولكن خوفًا من أن ينتقل اليدز إلى الموهيل‪.1‬‬

‫ويحاول اليهود التتفيه من مخاطر الختان الذي يتم على يققد موهيققل‪ .‬يقققول طققبيب وموهيققل يهققودي بريطققاني بققأن‬
‫مضاعفات الختان تندر عندما يجرى على يد الموهيلين رغم كثرة هذه العملّيات‪ .‬ويذكر في هققذا المجققال أن هنققاك‬
‫حالة واحدة من ‪ 800‬حالققة ختققان تققم إدخالهققا المستشققفى بسققبب النزيققف فققي القققدس عققام ‪ .1964‬ويشققير إلققى أن‬
‫المضاعفات تصل إلى ‪ %0.19‬من بين ‪ 100.000‬ختققان أجقري علقى وليققد فققي الوليقات المّتحقدة رغقم أن هقذه‬
‫العملّيات لم تجرى على يد موهيل‪ .‬كما يستشهد بمقال يبّين أن المضاعفات في الختققان تظهققر أكققثر عنققدما تجققرى‬
‫ل من الموهيل‪ .‬ويتساءل هذا المؤّلف عن سبب ندرة مضاعفات الختان ‪ .2‬ولكن هناك من‬ ‫العملّية من ِقَبل الطبيب بد ً‬
‫جب بكون الختان أمر إلهي‪ ،‬كما رأينا سابقًا‪ .‬وخلفًا لرأي هققذا الطققبيب‪ ،‬تقققول‬ ‫جب بل يبّرر هذا التع ّ‬ ‫ل يكتفي بالتع ّ‬
‫دراسة لمعارضين يهود بأنه ل توجد في إسرائيل متابعة لمعرفة مدى المضاعفات الناتجة عن الختان‪ .‬فليس هناك‬
‫سجل أو إحصائّيات في هذا الخصوص‪ .‬وقد بّينت دراسة بناء علقى معلومققات مقن الصققحف العادّيقة والطّبيققة أنقه‬
‫هناك ‪ 22‬حالة وفاة‪ ،‬و ‪ 19‬حالة بتر القضيب أو غنغرينا أصابت القضيب‪ ،‬و ‪ 132‬حالة خطرة تطّلبت العلج فققي‬
‫المستشفى بسبب النزيف وتلّوث الجرح وقطع الحشفة وفقد كّمية كبيرة من الجلققد وغيرهققا مققن المضققاعفات‪ .‬وقققد‬
‫أّدت بعض هذه المضاعفات إلى أضرار ل رجعة فيها‪.3‬‬

‫وتقول طبيبة بريطانّية يهودّية معارضقة بققأن ل اليهقود ول المسققلمين فققي بريطانيقا يحتفظقون بإحصققائّيات حقول‬
‫أضرار الختان التي يقومون بها‪ .‬وتبّين أن ختان الذكور له أضرار عّدة وخطيرة‪ .‬وتذكر بأنها تكّلمت مع كثير من‬
‫ل آخرًا لنهققا ل تسققتطيع عقدم ختققانه‬‫الّمهات التي عانت من هذه الضرار‪ .‬وقد أبلغتها إحداهن بأنها لن تضع طف ً‬
‫ول تستطيع تحّمل ألمه‪ .‬وتضيف هذه الطبيبة بأنه إن كانت لكل عملّية جراحّية يقصد منها شفاء المرض والحفققاظ‬
‫ل أن مثل هققذه المخققاطر ل يمكققن قبولهققا لعملّيققة ل تهققدف‬
‫على الحياة أضرارها‪ ،‬فيوزن بين الضرار والفوائد‪ ،‬إ ّ‬
‫للشفاء‪ ،‬بل هي تعّد على عضو سليم‪.4‬‬

‫ل فققي‬‫وبسبب الضرار السابقة الذكر‪ ،‬ينص الطّباء المعارضون للختان على تفادي قطققع الغلفققة بقققدر المكققان إ ّ‬
‫ل من الختان لتفادي قطققع‬ ‫حالت الضرورة الطّبية‪ .‬وحّتى في هذه الحالت‪ ،‬يجب محاولة اللجوء إلى »الرأب« بد ً‬
‫ساسة‪ .‬وإذا كان ل بد من الختان فيجب القتصار على أقل قدر من القطع للحفاظ على وظيفة القضيب‬ ‫النسجة الح ّ‬
‫الطبيعّية‪ .‬وفي كل الحالت يجب تفادي اللجوء إلى ختان الطفال حديثي الولدة لن ذلك يتطّلب سلخ الحشفة عققن‬
‫الغلفة َقبل تمام تكوينها‪ .‬كما إنه يجب ترك قرار الختان للشخص عندما يبلغ‪ .‬فهذا هو ما يّتفق مققع الخلق الطّبيققة‬
‫وحقوق النسان‪.5‬‬

‫حية لختان الناث‬


‫‪ (3‬الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الناث قديمًا‬
‫أ( الضرار الص ّ‬

‫تعّرضت كتب الفقه السلمّية القديمة كثيرًا لحالت التشويه والموت الناتجين عن الختان لمعرفة مققدى المسققؤولّية‬
‫ل ما يفّرقون بين ختان الققذكور وختققان النققاث فققي‬
‫الجنائّية في هذه الحالت‪ ،‬كما ذكرنا في كتابنا السابق‪ .‬وهم قلي ً‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 158-160; Romberg: Circumcision,‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪p. 225; Zoossmann-Diskin; Blustein: p. 344‬‬


‫‪Glass, p. 20- 21‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Zoossmann-Diskin; Blustein, p. 344‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goodman: Jewish circumcision, p. 23‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cold; Taylor: The prepuce, p. 42‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪294‬‬
‫وفيما يخص ختان الناث‪ ،‬ينقل إبن حزم أقوال الفقهاء أنه يقضى »في شفر َقبل المرأة إذا أوعب حّتى يبلغ العظققم‬
‫نصف ديتها وفي شفريها بديتها إذا بلغ العظم ]‪ .[...‬في ركب المرأة ]منبت العانقة[ إذا قطققع بالدّيقة مققن أجقل أنهققا‬
‫تمنع من لّذة الجماع«‪ .‬ويذكر إبن حزم أن الشافعي يقضي »في العفلة ]بظر المققرأة[ إذا بطققل الجمققاع الدّيققة وفققي‬
‫ذهاب الشفرين كذلك«‪ .1‬ولكن من غير الواضح إن كان ذلك الضرر هو نتيجة ختان الناث‪.‬‬

‫وقد ذكر النفزاوي )توّفى عام ‪ (1324‬ضمن أسماء الفروج »المصّفح«‪ ،‬معّرفا ذلك بأنه تعبير عققن ضققيق الفققرج‬
‫طبيعًة من ال أو بسبب ختان تم دون مهارة‪ .‬فقد ُيحقِدث الجقّراح حركققة غيققر مقصققودة بمبضققعه فيجققرح شققفرتي‬
‫الفرج أو إحداهما فيلتئم الجرح مكّونا ندبًا يسد مدخل الفرج‪ .‬وحّتى يتمّكن من إيلج عضو الرجل ل بد من إجققراء‬
‫عملّية جراحّية للفرج بمبضع‪.2‬‬

‫حية لختان الناث في أّيامنا‬


‫ب( محاولة تتفيه الضرار الص ّ‬

‫حاول مؤّيدو ختان الناث تتفيه مضاّره تمامًا كما فعل مؤّيدو ختان الققذكور‪ ،‬ويضققيفون أن تلققك الضققرار مفتعلققة‬
‫جة الحالّية التي يقيمها الغرب حول هذه الموضوع‪ .‬فيقول الدكتور نجاشي علي إبراهيققم‪ ،‬أسققتاذ مسققاعد‬ ‫نتيجة للض ّ‬
‫بكّلية الشرعّية والقانون بجامعة الزهر‪:‬‬
‫»إنشغل الناس في هذه الّيام بقضّية الختان التي فرضت نفسها على الجميع ]‪ [...‬لتشكيك الناس فيمققا‬
‫توارثوه عبر الجيال‪ .‬وأخذوا يتحّدثون عن الختققان‪ ،‬وقققد كققانوا فققي غنققى عققن الكلم عنققه‪ .‬لنققه لققم‬
‫يحدث لهم ما يّدعيه المّدعون من أن الختان يسّبب النزيف والعقم وأذى الجهاز البولي وحبس البول‪،‬‬
‫وحبس دم الدورة الشهرّية‪ ،‬والناسور البولي وغير ذلك من المراض والمخاطر القتي لقم تظهقر فقي‬
‫أسلفهم عبر السنين والجيال الماضية‪.‬‬
‫لقد كانت حياة الناس مستقّرة وعادّية ولكن نتيجة لهذا التشكيك الذي حدث أصبح الناس في حيرة مقن‬
‫أمرهم‪ ،‬كيف عاشوا هذه الفترة الطويلة من عمر البشرّية وهم يمارسون هققذا الخطققأ ولققم يجققدوا مققن‬
‫يرشدهم أو يأخذ بأيديهم إلى بر السلمة والمان؟!! أليس فيهم رجل رشيد ينّبههم إلى هققذه المخققاطر‬
‫وهذه المراض؟!«‪.3‬‬

‫سّني« الذي يتم حسب قول النققبي‪» :‬أشقّمي ول ُتنِهكققي«‪،‬‬ ‫ويرى هذا المؤّلف ضرورة التفريق بين ختان الناث »ال ُ‬
‫سّني« ل مضققار لقه‪ ،‬علققى خلف النقواع الخققرى القتي يجقب‬ ‫وبين النواع الخرى من هذا الختان‪ .‬فالختان »ال ُ‬
‫سّني وتلك النواع الخرى عن عمد لتشققويه السققلم والطعققن فيققه‪،‬‬ ‫ل أن الكثيرين يخلطون بين الختان ال ُ‬
‫إدانتها‪ .‬إ ّ‬
‫كما فعلت شبكة »سي إن إن« عند عرضها لق»عملّية ختان وحشّية يقشققعر منهققا البققدن للطفلققة المصققرّية نجلء«‪.‬‬
‫فالمتأمل في هذه العملّية »يستطيع أن يدرك أنها مؤامرة دنيئة لتشويه صققورة الختققان السققلمي ودعققوة صققريحة‬
‫لستمرار الحرب المشتعلة لمنع الختان‪ ،‬وأن هذا المنكر القذي عرضقته شققبكة »سقي إن إن« هقو صققورة الختقان‬
‫السلمي الذي يجب أن يحارب ويجب أن يمنع الناس من ممارسته بقرار أو قانون«‪.4‬‬

‫ومحاولة تتفيه أضرار ختان الناث‪ ،‬بقصد إضفاء الشرعّية عليه‪ ،‬نجدها أيضًا عند الكّتققاب الفارقققة‪ .‬فعلققى سققبيل‬
‫صققص فقي هققارلي‬ ‫المثال يّدعي الرئيس الكيني »جومقو كينياتقا« بقأن ختققان النقاث فققي بلقده يتققم بمهققارة »المتخ ّ‬
‫ستريت«‪.5‬‬

‫حة العالمّيقة‬
‫ظمقة الصق ّ‬‫سقط لمن ّ‬
‫حي للمكتقب القليمقي لمنطققة شقرق المتو ّ‬ ‫ويشار هنا إلى أن تقرير المستشقار الصق ّ‬
‫الدكتور »روبيرت كوك«‪ ،‬بتاريخ ‪ 30‬سبتمبر ‪ ،1976‬يفّرق بين أربعة أنققواع مققن ختققان النققاث أخفهققا »الختققان‬
‫بالمفهوم العام« الذي عّرفه كما يلي‪» :‬القطققع الققدائري لغلفققة البظققر‪ ،‬ويشققابه ختققان الققذكور‪ .‬ويمققارس أيضقًا فققي‬

‫إبن حزم‪ :‬المحّلى‪ ،‬جزء ‪ ،10‬ص ‪.458‬‬ ‫‪1‬‬

‫ل عن الترجمة اليطالّية ‪ .Nefzaoui, p. 302‬يلحظ أن هذا التفصيل غير موجود في الطبعة العربّية‪ :‬النفزاوي‪ ،‬ص‬
‫نق ً‬ ‫‪2‬‬

‫‪.110‬‬
‫إبراهيم‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪ .8-7‬أنظر أيضًا ص ‪.11‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبراهيم‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Sanderson, p. 21‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪295‬‬
‫خم بظققر المققرأة‬‫الوليات المّتحدة لمعالجة فشل الوصول إلى الرتواء الجنسي من ِقَبل النساء‪ ،‬وأيضًا لمعالجة تض ّ‬
‫وضيق الغلفة عندها«‪ .‬وهو يعتمد في ذلك على مقالين لطبيبين أمريكّيين همققا »راثمققان« و»وولمققان« ويضققيف‪:‬‬
‫ل لمضققار‬ ‫حية ضاّرة لمثل هذه الختان‪ ،‬فإنه لن يهتم به«‪ .‬ولققذلك فهققو ل يتعقّرض إ ّ‬‫»وبما أنه لم يذكر أّية نتائج ص ّ‬
‫الختان الفرعوني‪1 .‬وسوف نرى أن هذه النظرة المتحّيزة لصالح ختان الناث من الدرجة الولققى قققد تخّلققت عنهققا‬
‫ظمات التي تدين جميع أنواع ختان الناث الذي يتم دون سبب طّبي‪.‬‬ ‫حة العالمّية وغيرها من المن ّ‬
‫ظمة الص ّ‬ ‫من ّ‬

‫حية‬
‫ج( عدم وجود إحصائّيات دقيقة للضرار الص ّ‬

‫حية لنواع ختان الناث المختلفة‪.‬‬


‫كما هو المر مع ختان الذكور‪ ،‬ليس هناك إحصائّيات دقيقة حول الضرار الص ّ‬

‫تذكر الطبيبة السودانّية »أسمى الضرير« أن ‪ %84.5‬من حالت الختققان الققتي تحتققاج إلققى علج ل يتققم الشققهار‬
‫عنها‪ .2‬وتشير دراسة ميدانّية تّمت في »سيراليون« بأن ‪ %83‬من الناث التي تعّرضت للختان يحتجن إلققى علج‬
‫طّبي في مرحلة ما من حياتهن بسبب الختان‪ .‬وفي بعقض الجماعقات ليقس هنقاك إمكانّيقات للعلج الطّبقي فيقؤّدي‬
‫الختان إلى نزيف شديد وموت الفتاة‪.3‬‬

‫هذا ومخاطر ختان الناث مرتبطة بعوامل كثيرة منها مدى القطع ومهارة الذي يجري العملّية ونظافة اللت التي‬
‫حية للضحّية‪ .‬وإن كانت جميع أنواع البتر تعّرض لمضققاعفات إ ّ‬
‫ل‬ ‫يستعملها والمحيط الذي تجرى فيه والحالة الص ّ‬
‫أن أكثر هذه المضاعفات خطورة وأطولها أثرًا تحصل في الختان الفرعوني‪ .‬وإن كانت هذه المضاعفات أقققل فققي‬
‫ل أنه قد يؤّدي مثققل هققذا الختققان إلققى الوفققاة بسققبب‬
‫الختان الذي يجرى على يد طبيب ماهر في وسط طّبي معّقم‪ ،‬إ ّ‬
‫النزيف الذي يصعب السيطرة عليه‪.‬‬

‫حية لختان الناث‬


‫د( قائمة بالضرار الص ّ‬

‫حية‪ ،‬وفي أحسن الحوال يتّفهونها‪ .‬وإذا ما أردنا معرفققة هققذه الضققرار‬‫يتجاهل مؤّيدو ختان الناث أضراره الص ّ‬
‫‪4‬‬
‫علينا النظققر فققي كتابققات المعارضققين‪ ،‬وهققي مصققادر مصققرّية وغربّيققة ‪ .‬ونحققن نسققتعرض أهققم هققذه الضققرار‬
‫حية‪ .‬ونحيل القارئ إلى المضاعفات الجنسّية والنفسّية إلى الفصول الخرى‪.‬‬ ‫الص ّ‬

‫النزيف‬

‫يؤّدي ختان الناث إلى نزيف دموي‪ .‬في بعض الحالت يكون النزيف بسيطًا ويمكن إيقافه إّما بوسائل بدائّية تمّهد‬
‫لحدوث اللتهابات مثل البن المطحون أو تراب الفرن أو بعض العشاب القابضة مثل »القرض«‪ ،‬كما يحدث فققي‬
‫بعض المنازل‪ ،‬بما فيه من أتربة وتلّوث‪ .‬أو بخياطة الوعية النازفة أو كّيها فققي المستشققفى‪ .‬وفققي حققالت أخققرى‬
‫يكون النزيف شديدًا لصابة الشريان البظري الذي يندفع منه تّيار الدم تحت ضغط شديد فتحتاج الفتاة إلققى نقققل دم‬
‫وإجراء جراحة عاجلة‪ .‬وهناك حالت تكون فيها الطفلة مصابة بمرض سيلن الدم الوراثي فيسقّبب الختققان نزيفقًا‬
‫مستمّرا يؤّدي إلى وفاة البنت‪.‬‬

‫‪Cook, p. 54‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪El-Dareer, p. 28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Koso-Thomas: The circumcision, p. 29‬‬ ‫‪3‬‬

‫صنا‪ ،‬نعتمد هنا على المصادر التالية‪ :‬الممارسات التقليدّية الضاّرة‪ :‬ص ‪21-18‬؛ عبد السلم؛‬
‫ما عدا ما سنذكره ضمن ن ّ‬ ‫‪4‬‬

‫حلمي‪ :‬مفاهيم جديدة‪ ،‬ص ‪78-74‬؛ رزق‪ ،‬ص ‪31-26‬؛ عبد السققلم‪ :‬التشققويه الجنسققي‪ ،‬ص ‪18-14‬؛ مهققران‪ ،‬ص ‪64-58‬؛‬
‫‪Sanderson, p. 40; Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 57-60; Zwang: Functional and erotic‬‬
‫‪consequences, p. 67-68; Female genital mutilation, an overview, p. 25-36; Kalthegener; Ruby:‬‬
‫‪Zara Yacoub, p. 85‬‬
‫‪296‬‬
‫الصدمة العصبّية‬

‫وهي رد فعل الجسم لللم والنزيف‪ .‬وأعراضها إنخفاض شديد بضققغط الققدم وحققرارة الجسققم وإغمققاء‪ .‬وقققد يمكققن‬
‫إنعاش الفتاة بوسائل طّبية قد تصل إلى عملّية نقل دم‪ ،‬وقد تتوّفى‪.‬‬

‫الضرار بالعضاء المجاورة‬

‫إثناء إجراء عملّية ختان الناث‪ ،‬تقوم الضحّية عاّمة بحركات مقاومة بسبب الخوف واللم تؤّدي إلى عقدم إمكانّيققة‬
‫السيطرة عليها والتركيز على العضو الذي يراد بتره‪ ،‬مّما يسّبب إلحاق جقراح بالعضقاء المجقاورة مثققل مجقرى‬
‫جان أو الشرج‪ .‬وققد يقؤّدي ذلقك إلقى عقدم السقيطرة علقى البقول والقبراز اللقذان ققد ينقّزان‬
‫البول أو المهبل أو الع ّ‬
‫جلت بعض الحالت التي تصل إلى كسققر بعظققام الققترقوة أو الققذراعين أو الفخققذين عنققد الضققغط‬ ‫باستمرار‪ .‬وقد س ّ‬
‫العنيف على عظام طفلة صغيرة بأيدي من يقّيدون حركتها‪.‬‬

‫متاعب بولّية‬

‫تشعر الفتاة المختونة بألم شديد عندما يمس البول الحمضي الجرح‪ .‬وقد يؤّدي الخوف من اللم إلى إحتباس البول‪.‬‬
‫كما قد يحدث هذا الحتباس من تهّيج وتوّرم النسجة المصابة حول فتحة مجرى البول نتيجة لصابته أثناء إجراء‬
‫صة إذا كان مقن يققوم بهققا ليققس علققى درايققة بالتشققريح الطقبيعي للعضققاء التناسقلّية الخارجّيقة‪.‬‬
‫العملّية ذاتها‪ ،‬خا ّ‬
‫ويترّتب على إحتباس البول آلم شديدة أسفل البطن‪ ،‬وتكققاثر الميكروبققات فققي البققول الراكققد المتجّمققع بالمثانققة‪ ،‬ل‬
‫سيما في حالة حدوث إلتهابات بموضع التشويه كما يحدث كثيرًا‪ .‬ويؤّدي ذلك إلى إلتهاب بالمثانققة‪ ،‬ورّبمققا يتط قّور‬
‫إلى الحالبين والكليتين‪.‬‬

‫اللتهابات‬

‫ساس كهذا عرضة للتلّوث‪ ،‬إّما بسبب إستخدام أدوات ملّوثة‪ ،‬أو أشققياء ملّوثققة ليقققاف النزيققف‪،‬‬ ‫الجرح في مكان ح ّ‬
‫أو لن المنطقة عمومًا قريبة من فتحة الشرج وأي جرح فيها عرضة للتلّوث بالبكتيريا القولونّيققة‪ .‬وقققد تعالققج هققذه‬
‫اللتهابات وتشفى أو تترك آثارًا مزمنة‪ .‬وقد تتفاقم وتحدث غنغرينا بالفرج‪ ،‬أو قد تغزوا الميكروبات الدم وتسققّبب‬
‫التسّمم الدموي‪ .‬وقد تمتد هذه اللتهابات إلى الكلى وسائر الجسم جميعًا‪ ،‬كما قد تؤّدي إلى ضيق فتحققة الفققرج ومققا‬
‫يتصّور أن ينجم عن هذه اللتهابات والنزيف من وفاة‪ .‬وقد تمتد اللتهابات إلى الجهققاز التناسققلي الققداخلي أي إلققى‬
‫المهبل والرحم والبوقين‪ .‬وقد تمتد إلى الجهاز البولي فتصاب المثانة والكليتان‪ .‬وقد يؤّدي ذلك أيضًا إلققى الصققابة‬
‫بمرض اليدز بسبب تلّوث جرح الختان‪.‬‬

‫تشويه العضو‬

‫يلتئم جرح الختان بنسيج ليفي محدثًا تشويهات بالمكان‪ .‬وقد تحدث ندب مؤلمة عند اللمس فتسّبب ألمًا عند الجماع‪.‬‬
‫وقد يشّوه الشكل الخارجي نتيجة عدم إزالة أجزاء متساوية أو نتيجة ترك زوائد تنمو وتتدّلى بعد ذلك‪ .‬وقد تتكققّون‬
‫خم هققذه الورام فقي الكققبر مّمققا يسققتدعي‬
‫أورام نتيجة لدخول بعض الخليا أثناء إلتئام الجرح تحققت الجلقد‪ .‬وتتضق ّ‬
‫إجراء عملّية جراحّية لزالتها‪ .‬كما قد تحدث إلتصاقات مختلفة بالنسجة وقروح مزمنة مكان الجرح‪ .‬وقد يلتصق‬
‫حّدا جرح الشفرين محدثًا إنغلقًا للرحم وكأن الختان قد أجري على الطريقة الفرعونّية‪.‬‬

‫تعطيل وظيفة الشفرين الصغيرين‬

‫يؤّدي قطع الشفرين الصغيرين إلى الحرمان من وظيفتهما في توجيه تّيار البول بعيدًا عن الجسم‪ .‬كما يحرم البنققت‬
‫من وظيفتهما في حماية مدخل المهبل من غزو الجراثيم‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫العقم‬

‫قد تمتد اللتهابات الموضعّية مع نقص حماية مدخل المهبل إلى المسالك التناسلّية‪ .‬وقد تسّبب العقم نتيجققة لنسققداد‬
‫البوقين‪ .‬ويرجع الطّباء ‪ 20‬إلى ‪ %25‬من حالت العقم في السققودان إلققى الختققان‪ .‬وتحكققي السقّيدة الشققادّية سققارة‬
‫يعقوب بأن صديقة لها مختونة ختانًا فرعونيًا تم فتحها ليلة زواجها في مكان ل يؤّدي إلى الرحققم‪ .‬وبطبيعققة الحققال‬
‫لم تحمل وظّنت أنها مصابة بالعقم‪ .‬ولحسن حظها عرضت نفسها للطبيب الذي إكتشف الوضع المأسققاوي فاحققدث‬
‫فتحة يؤّدي إلى الرحم فحملت‪.‬‬

‫سر عملّية الوضع‬


‫تع ّ‬

‫طاطّيتهققا‪ .‬وإذا لققم يتمقّدد الفققرج أثنققاء الوضققع فققإنه‬


‫نتيجة للتئام جرح الختان بنسيج ليفي‪ ،‬فإن منطقة الفرج تفقد م ّ‬
‫جان وفي عضلة الشققرج‪ ،‬فتفقققد السقّيدة التحّكققم فققي عملّيققات الخققراج‪ .‬وقققد‬ ‫يؤّدي إلى حدوث تمّزق في منطقة الع ّ‬
‫سرها إلى حدوث تمّزق في النسققجة المحيطققة بفتحققة البققول‪ .‬وهققذه التمّزقققات تحتققاج‬ ‫تؤّدي طول فترة الولدة وتع ّ‬
‫خل جراحي فوري ليقاف النزيف الناتج عنها ولمنع تقّيح الجروح‪ .‬وقد يؤّدي ضققيق فتحققة المهبققل الناتققج عققن‬ ‫لتد ّ‬
‫سر مرور رأس الجنين‪ ،‬مّما يؤّدي إلققى وفققاته إختناققًا بسققبب نقققص الكسققجين‪ ،‬أو إلققى ولدة طفققل‬ ‫الختان إلى تع ّ‬
‫متخّلف عقلّيا أو حركّيا‪ ،‬نتيجة للضغط الزائد على رأسه بسبب طول فترة الولدة‪.‬‬

‫إصابة غّدتا بارثولين‬

‫طبة التي تس قّهل‬


‫توجد غّدتا بارثولين تحت الثلث الوسط للشفرين الكبيرين‪ .‬وتتمّثل وظيفتهما في إفراز الماّدة المر ّ‬
‫العملّية الجنسّية‪ .‬وعند إجراء عملّية الختقان ققد تصقاب هاتقان الغقّدتان باللتهقاب أو بقالورام إّمقا نتيجقة لنسقداد‬
‫خل جراحّيا لمعالجتها‪.‬‬ ‫قناتهما أو نتيجة لللتصاقات التي تنتج من إلتئام الجرح‪ .‬وهذه الورام تستدعي تد ّ‬

‫عسر الطمث‬

‫يحدث هذا إّما لسباب نفسّية ناتجة عن الصدمة النفسّية السابقة للختان وارتباطه فققي اللشققعور بالققدم أو النزيققف‪،‬‬
‫مّما يؤّدي إلى تكرار حققدوث الصققدمة النفسقّية مققع كققل دورة طمثّيققة‪ .‬وقققد يكققون السققبب عضققوّيا نتيجققة لحققدوث‬
‫إلتهابات مزمنة واحتقان بالحوض‪.‬‬

‫المخاطر العاّمة للجرح‬

‫عملّية الختان لها مضاعفات ومخاطر ككل عملّية جراحّية‪ .‬ومن هذه المخاطر الصابة بالتيتانوس في حالة تلققّوث‬
‫الجرح بهذا الميكروب‪ ،‬أو اللتهاب الكبدي الوبائي أو اليدز في حالة إستخدام أدوات ملّوثقة مثلمقا ققد يحققدث فققي‬
‫الطهارة الجماعّية لبنات أسرة أو جيران معًا‪ ،‬ل سيما أن الغليان ل يقتل فيروس إلتهاب الكبد الوبائي‪.‬‬

‫الوفاة‬

‫صة بسققبب‬ ‫هناك حالت وفاة بسبب ختان الناث‪ .‬ولكن ليس هناك إحصائّيات في هذا الخصوص‪ .‬وتنتج الوفاة خا ّ‬
‫النزيف الذي يصعب السيطرة عليه‪ .‬كما قد تحدث بسبب الصدمة أو اللتهابات وتعّفن الدم‪ ،‬أو بسبب إعطاء كّميققة‬
‫كبيرة من المخّدر في حالة إستعماله‪.‬‬

‫ل ما يعلققن عنهقا‪ .‬وقققد نشققرت جريققدة الهققرام فقي ‪16/10/1996‬‬ ‫هذا وحالت الوفاة الناتجة عن ختان الناث قلي ً‬
‫حول إخراج جّثتي طفلتين توّفتا عقب إجراء عملّية ختان لهما في ضيع مصرّية‪ .‬يقول النبأ‪:‬‬
‫حية لبلققدة الضققبعّية للتحقيققق معقه حيقث‬
‫»أمرت نيابة أرمنت بقنا بضبط وإحضار طبيب الوحدة الص ّ‬
‫تسّبب في وفاة طفلتين في يوم واحد إثققر قيققامه بققإجراء عملّيققتي ختققان لهمققا فققي مسققكن كققل منهمققا‪،‬‬
‫فأصيبت الطفلتان بنزيف حاد لعدم دراية الطبيب بإجراء عملّيات الختان مّما تسّبب في وفاتهما‪ .‬تبّين‬
‫من التحّريات أن الطفلتين المتوّفيتين هما أميرة محمود محّمد حسن )‪ 4‬سنوات( ووردة حسن السّيد )‬
‫‪298‬‬
‫‪ 3‬سنوات(‪ ،‬وأن والد كل منهما إّتفق مع الطبيب واسققمه عقّزت شققلبي سققليمان علققى إجققراء عملّيققتي‬
‫ل أنه نتيجة لعدم درايته بإجراء مثققل‬ ‫ختان لهما بمنزل كل منهما مقابل ‪ 10‬جنيهات للعملّية الواحدة‪ .‬إ ّ‬
‫هذه العملّيات تسّبب في إصابة كل منهما بنزيف حاد وهبوط في الدورة الدموّية أّدى لوفاتهما‪ .‬وتققبّين‬
‫حية‪ .‬وأّتفق مع‬ ‫أن الطبيب المتهم قام باستخراج تصريحي دفن الطفلتين سّرا دون إخطار الوحدة الص ّ‬
‫والديهما على عدم البلغ أو إثارة الموضوع حرصًا على مستقبله«‬

‫صة الفرعوني‪ ،‬يؤّدي إلى حالت وفاة كققثيرة‪ .‬وتقذكر المؤّلفقة »ليتفقوت كليقن« أن الطّبقاء‬ ‫وختان الناث‪ ،‬وخا ّ‬
‫صة في القرى حيققث ل تتواجققد‬‫السودانيين يقّدرون حالت الوفاة ما بين ‪ 10‬إلى ‪ %30‬من الفتيات المختونات‪ ،‬خا ّ‬
‫وسائل العلج‪ .‬وتشير إلى أنها لحظت أن عدد النساء في السودان أقل من عدد الرجال‪ ،‬رّبما بسبب تلك الوفّيات‪.‬‬
‫وقد تكون هذه الملحظة غير صحيحة لن النساء أقل ظهورًا من الرجال في الوساط السلمّية‪ .‬غير أن إرتفققاع‬
‫المهر الذي يتذّمر منه الشباب قد يؤّكد هذه الملحظة‪.1‬‬

‫وتقّدر كاتبة إفريقّية نسبة الوفّيات بسبب ختان الناث في قبائل العافار وعيس ما بيقن ‪ 5‬و ‪ .%6‬وفققي هققذه القبققائل‬
‫يتم الختان على الطريقة الفرعونّية‪ .‬ويتزايد عدد الوفّيات بين النساء أثناء الولدة لن الشرايين تنفجققر مؤّديققة إلققى‬
‫نزيف قوي‪ .2‬وتبّين السّيدة الصومالّية »واريقس ديقري« أن ختقان النقاث فقي مجتمعهقا يحصقد أرواح كقثير مقن‬
‫الفتيات بسبب تلّوث الجرح واللتهابات‪.3‬‬

‫صة بالختان الفرعوني‬


‫حية الخا ّ‬
‫هـ( الضرار الص ّ‬

‫صة بالختان الفرعوني‪ ،‬مثل‪:‬‬


‫بالضافة إلى الضرار السابقة الذكر‪ ،‬هناك أضرارًا خا ّ‬

‫‪ -‬حدوث حصوات خلف الندبة‬

‫‪ -‬صعوبة إجراء الفحوصات للعضاء الجنسّية لعدم إمكانّية إدخال الدوات الطّبية خلف جدار الفرج المخاط‪ .‬ول‬
‫يمكن للطبيب فك الخياطة لن ذلك يتطّلب إعادتها كما كانت‪.‬‬

‫‪ -‬إحتباس البول ودم الحوض خلف الندبة وتعّفنهما مّما يزيد من المشكلت البولّية والتناسلّية واحتمال العقم‪ .‬وكققل‬
‫خل الجراحققي لفتققح الفققرج‪.‬‬ ‫النساء المختونات عانت من مضاعفات في مّدة الحيض‪ .‬وتتطّلب هذه المضاعفات التد ّ‬
‫وقد يدوم الحيض مّدة عشرة أّيام وينتج عنه روائح كريهة تضطر معها الفتاة البقققاء فقي الققبيت مقّدة الحيققض‪ ،‬مّمققا‬
‫يخلق مشاكل دراسّية ومهنّية‪.‬‬

‫‪ -‬عسر الولدة‪ :‬قد يضطر الطبيب لتوليد الم بعملّية قيصرّية‪ .‬فكل سّيدة ختنت فرعونيًا تخضع لعملّيققة قطققع لعققدم‬
‫مرونة النسجة الناتجة عن إلتئام الجرح‪ .‬وهذا يؤّدي إلى نزيف‪ .‬وقد يؤّدي ذلك إلى الضرار بمجرى البول وإلى‬
‫مرض سلس البول )عدم التحّكم بالبول(‪ .‬وهذا يطيل عملّية الولدة مع ما يتبعه من مخاطر نزيف واختنققاق الطفققل‬
‫ونقص أكسجين‪.‬‬

‫سققرة إلققى إصققابة الم بناسققور‬


‫‪ -‬قد يؤّدي ضغط رأس الجنين على جدران المهبققل لفققترة طويلققة فققي الققولدة المتع ّ‬
‫مهبلي ‪ -‬بولي‪ ،‬أو مهبلي ‪ -‬شرجي يؤّديان إلى عدم تحّكمهققا فقي البقول أو القبراز‪ ،‬وهققذا يسققتدعي إجقراء جراحققة‬
‫لعلج هذا الضرر‪.‬‬

‫‪Lightfoot- Klein: Prisoners, p. 56‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Thiam, p. 102-103‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Dirie, p. 76-77‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪299‬‬
‫‪ (4‬الختان والحساس بالوقوع في الفخ‬
‫هناك نظرّية جديدة تقول بأن مخاطر الختان ليس في الختان ذاته‪ ،‬بل في الظروف التي يتم فيها‪ .‬فقد لوحظ تدهور‬
‫ل ويشعر بالتهديد الواقع عليققه‪ ،‬مّمققا‬ ‫حة الحيوان والنسان الذي يضع في وضع ل مفر له منه ول يجد له ح ً‬ ‫في ص ّ‬
‫يجبره للرضوخ‪ .‬وتبّين أن الكلب تصاب بتقّرح في المعدة وتفقد وزنها ويرتفع ضغط الدم عندها إذا مقا عّرضقت‬
‫لصعقات كهربائّية‪ .‬وسبب التدهور المرضي للكلب لم يكن بحد ذاته الصعقات الكهربائّيققة بققل حالققة الكبققت الققتي‬
‫حتها‪ .‬ونجققد نفققس‬ ‫تتعّرض له تلك الكلب‪ .‬وإذا ما تم السماح لهققذه الكلب بالتفاعققل‪ ،‬فهققذا يخّفققف مققن تققدهور صق ّ‬
‫الظاهرة في حالة تعذيب السجناء‪ .‬فليس التعذيب هققو الضققار‪ ،‬بققل حالققة الضققغط وفقققدان القققرار هققو الققذي يضققر‬
‫حتهم‪ .‬فيرتفع عندهم الدم‪ ،‬ويكبر خطر الصابة بالسرطان وتقّرحات المعدة‪ ،‬وتضعف المناعة أمققام المققرض‪،‬‬ ‫بص ّ‬
‫حية‪ .‬وعنققدما‬ ‫وتكثر إضطرابات النوم‪ .‬ففي كل حالة يحس فيها النسان بأنه في فخ‪ ،‬يحدث تدهور فققي حققالته الصق ّ‬
‫يفقد الحيوان والنسان المل‪ ،‬فهنا تبدأ مرحلة الهدم الذاتي من الداخل‪.1‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬المضار الجنسّية لختان الذكور والناث‬


‫للنسان الحق في اللّذة الجنسّية لراحته الجسدّية والنفسّية تمامًا كحّقه في الكل والشرب والنوم‪ .‬واللّذة الجنسّية هي‬
‫سققة الققذوق واللقّذة‬
‫إحدى غايات ووسائل تماسك الزواج‪ .‬وكما أن قطع جزء من اللسان يؤّدي إلققى إنتقققاص فققي حا ّ‬
‫الذوقّية‪ ،‬فكذلك يؤّدي قطع جزء من العضاء الجنسقّية إلققى إضققعاف اللقّذة الجنسقّية‪ .‬وإذا لققم يتمكّققن النسققان مققن‬
‫ظمتهققا الطبيعققة فقإنه سقوف يبحقث عنهققا بوسقائل أخقرى كالمخقّدرات والشققذوذ الجنسققي‬ ‫الوصول إلى اللّذة كمققا ن ّ‬
‫والتبديل للشريك‪ ،‬مّما يخلق مشاكل في الحياة الزوجّية‪ .‬وهذا ما سوف نراه في فصلنا هذا‪.‬‬

‫‪ (1‬ختان الذكور واللّذة الجنسّية‬


‫أ( مؤّيدو ختان الذكور قديمًا يرون فيه إضعاف للّذة‬

‫رأي رجال الدين اليهود قديمًا في الختان وسيلة مثلى لضعاف العضو التناسلي عند الذكر وتخفيف الل قّذة الجنس قّية‬
‫وكبت الشهوة‪ ،‬ليس فقط عند الرجل بل أيضًا عند شريكته في العلقة الجنسّية‪ .‬وقد أّيدوا الختققان لن نتققائجه تّتفققق‬
‫مع نظرتهم السلبّية للشهوة الجنسّية‪.‬‬

‫يقول المفّكر اليهودي »فيلون« أن الهدف من الختان هو الحد من اللّذة التي تسحر النفس‪ .‬فاللّذة النابعة من العلقققة‬
‫الجنسّية بين الرجل والمرأة هي أقوى لّذة عند النسان‪ .‬ولذلك قّرر المشّرعون بتر العضو الجنسققي المّتصققل بهققذه‬
‫اللّذة‪ ،‬ليس فقط للحد من هذه اللّذة‪ ،‬بل للحد من جميع الملّذات الخرى‪ .2‬ويضيف في مكان آخر أن ال أمققر بختققان‬
‫الذكور وليس بختان الناث لن الرجل أكثر إحساسًا باللّذة الجنسّية من المرأة‪ ،‬فيبحققث عققن الققتزاوج‪ .‬ولققذلك أراد‬
‫ال أن يحد من لّذته ويخّفف من اندفاعه‪.3‬‬

‫ل عند الطبيب والفيلسوف موسى إبن ميمون الذي يقول‪:‬‬ ‫ونجد رأيًا مماث ً‬
‫»وكذلك الختان أيضًا عندي إحدى علله تقليل النكاح وإضعاف هذه اللة حّتى يقصر هذا الفعل ويجّم‬
‫ن أن هذا الختان هو تكميل نقص خلقة‪ ،‬فوجد كل طاعن موضعًا للطعن‪ .‬وقيققل كيققف‬ ‫ظّ‬
‫ما أمكن‪ .‬وقد ُ‬
‫تكون المور الطبيعّية ناقصة حّتى تحتاج لتكميل من خارج مع ما تبّين من منفعققة تلققك الجلققدة لققذلك‬
‫خلققق‪ .‬وتلققك الذّيققة الجسققمانّية‬
‫العضو‪ .‬وليس هذه الفريضة لتكميل نقص الخلقة‪ ،‬بل لتكميققل نقققص ال ُ‬
‫الحاصلة لهذا العضو هي المقصودة التي ل يختل بها من الفعال التي بهققا قققوام الشققخص‪ ،‬ول بطققل‬
‫بها التناسل‪ ،‬ولكن نقص بها الَكَلب والشره الققزائد علققى مققا يحتققاج‪ .‬وأّمققا كققون الختققان يضققعف ققّوة‬
‫النعاظ‪ ،‬وقد رّبما نّقص اللّذة‪ ،‬أمر ل شك فيه‪ ،‬لن العضو إذا ُأدمي‪ ،‬وأزيلت وقايته من أّول نشوئه‪،‬‬

‫‪Odent, p. 121-124‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Philon: De specialibus legibus, I-II, p. 17‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: Questiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 107‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪300‬‬
‫حكماء عليهم السلم‪ :‬إنه من الصققعب أن تفققارق المققرأة الغلققف‬ ‫فل شك‪ ،‬أنه يضعف‪ .‬وببيان قالوا ال ُ‬
‫ل إبراهيققم الققذي شققهر مققن‬
‫الذي جامعها‪ ،‬فهذا أوكد أسباب الختان عنققدي‪ .‬ومققن يتبققدئ بهققذا الفعققل إ ّ‬
‫عّفته«‪ .‬ويضيف‪» :‬ومّما إشتملت عليه أيضًا هذه الجملة النهي عن إفسقاد آلت النكقاح مقن كقل ذكققر‬
‫من الحيوان مطردًا على أصل‪» :‬رسوم وأحكام عادلقة« )تثنيقة ‪ ،(8:4‬أعنقي تعقديل المقور كّلهقا ل‬
‫طققل أيضقًا بالكّليققة المققر وقققال‪» :‬أثمققري وأكققثري« )التكققوين‬ ‫يفرط في الجماع كمققا ذكرنققا‪ ،‬ول يع ّ‬
‫‪ .(22:1‬كذلك هذه اللة تضعف بالختان‪ ،‬ول تستأصل بالقطع بل يترك المر الطبيعي علققى طققبيعته‬
‫وُيتحّفظ من الفراط«‪.1‬‬

‫ويقول الحاخام »إسحاق بين يديا« الذي عاش في فرنسا في القققرن الثققالث عشققر إن الرجققل غيققر المختققون مليققء‬
‫بالشهوة‪ .‬والمرأة تنجذب نحوه‪ .‬فهو يبقى في داخلها لوقت طويل بسبب الغلفة التي تقّلل مققن سققرعة القققذف‪ .‬وهققي‬
‫تجد لّذة في ذلك مّما يدفعها إلى ممارسة العلقة الجنسّية بشكل أكثر تواترًا‪ .‬أّما زوجة اليهودي‪ ،‬فهي ل تصل إلققى‬
‫ل مّرة في السنة لن ختان زوجها يؤّدي إلى قذف سريع‪ .‬وهكذا يرّكققز الرجققل كققل جهققده فققي دراسققة‬‫ذروة اللّذة إ ّ‬
‫‪2‬‬
‫ل من أن يشغل عقله في الجنس ‪.‬‬‫التوراة بد ً‬

‫سال‪» :‬وأّما المنفعة ]من الختان[ فقد ذكر بعض رجال الطب المتفلسفين المصققّنفين‬ ‫وعند أقباط مصر يقول إبن الع ّ‬
‫‪3‬‬
‫أن الختان يضعف آلة الشهوة فتقل وهذا بالّتفاق مستحب« ‪ .‬ويرى توما الكققويني أن أحققد أسققباب وضققع الختققان‬
‫كعلمة لليمان في القضيب وليس في الرأس هو إنقاص الشهوة واللّذة الجنسّية‪.4‬‬

‫وفي الكتابات السلمّية هناك رأي مماثل‪ .‬يقول إبن قّيم الجوزّية بأن في الختان تعديل للشققهوة »الققتي إذا أفرطققت‬
‫ألحقت النسان بالحيوانات‪ ،‬وإن عدمت بالكّلية ألحقته بالجمادات‪ .‬فالختان يعّدلها ولهذا تجققد الغلققف مققن الرجققال‬
‫ل عن المام الرازي )دون تحديققد‬ ‫والغلفاء من النساء ل يشبع من الجماع«‪ .5‬ويقول المّناوي )توّفى عام ‪ (1622‬نق ً‬
‫هوّيته(‪» :‬إن الحشفة قوّية الحس‪ .‬فما دامت مستورة بالغلفة تقّوي اللّذة عند المباشرة‪ .‬وإذا قطعققت صققلبت الحشققفة‬
‫ل للّذة ل قطعًا لها توسيطًا بين الفراط والتفريط«‪.6‬‬ ‫فضعفت اللّذة‪ ،‬وهو اللئق بشرعنا تقلي ً‬

‫ول شك في أن الفكر اليهودي كما عّبر عنه »فيلون« وابن ميمون قد أّثر على الفكر المسيحي والسلمي‪ .‬وسوف‬
‫نرى كيف أن الغرب لجأ للختان للحد من العادة السّرية بسبب النظرة اليهودّية السلبّية للّذة الجنسقّية‪ .‬وهققذه النظققرة‬
‫السلبّية هي أحد أسباب إستمرار الختان في الوليات المّتحدة‪ .‬يقول طبيب أمريكي أن مجتمع الوليات المّتحققدة مققا‬
‫زال مكبوتًا جنسّيا‪ .‬فبالرغم من إثبققات الطققب عققدم ضققرورة الختققان‪ ،‬فققإنه مققا زال مسققتمّرا هنققاك لسققباب خفّيققة‬
‫لشعورّية أو شعورّية وهي الحاجة للسيطرة على التصّرف الجنسي‪.7‬‬

‫ب( معارضو ختان الذكور في أّيامنا يرون فيه أيضًا إضعافًا للّذة‬

‫يّتفق معارضو ختان الذكور مع من ذكرناهم سابقًا في أن الختان يضققعف اللقّذة الجنسقّية ويحققاولون إيجققاد تفسققير‬
‫علمي لذلك‪ .‬ولكن خلفًا لهم‪ ،‬يعارضون الختان لن نتائجه تتضارب مع نظرتهم اليجابّية للّذة الجنسّية‪.‬‬

‫يبّين المعارضون بأن اللّذة الجنسّية‪ ،‬خلفًا لما قد يعتقد‪ ،‬ل توجد في الحشفة )رأس القضيب( بل في إكليل الحشققفة‬
‫ل مقا تتقأّثر بقاللم والحقرارة‪ .‬والعضقو الوحيقد الققل‬ ‫واللجام والغلفة‪ .‬فالحشفة تكقاد تكقون عديمقة الحساسقّية‪ ،‬قلي ً‬
‫حساسّية من الحشفة هو عقب القدم‪ .‬وبقطع الغلفة يتم تعرية الحشفة وإكليلها‪ ،‬مّما يجعلهما تدريجّيا مع تق قّدم العمققر‬
‫أقل حساسّية ونعومة ورطوبة‪ .‬ويقارن بين الحشفة والقدم العارية‪ :‬فكّلما سرت بقدم عارية‪ ،‬يخشن جلدها وتنقققص‬
‫حساسّيتها‪ .‬وبقطع الغلفة يحرم القضيب من أكثر خليا جسم النسان حساسّية وتهّيجا‪ .‬فقد تصل كّميققة الجلققد الققتي‬
‫الملحق ‪ 25‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 124-125‬‬ ‫‪2‬‬

‫سال‪ ،‬جزء ‪ ،2‬ص ‪.421-418‬‬ ‫إبن الع ّ‬ ‫‪3‬‬

‫‪Thomas d'Aquin, vol. 4, p. 524 et 525‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫المّناوي‪ :‬فيض القدير‪ ،‬جزء ‪ ،3‬ص ‪.503‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Sorrells, p. 336‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪301‬‬
‫تقطع إلى ‪ %80‬من جلد القضيب يقضي على قرابة مققتر مققن الوردة الدموّيققة والشققرايين وقرابققة ‪ 10‬أمتققار مققن‬
‫العصاب و ‪ 20.000‬نهاية عصبّية‪ .‬كما أن الختان أحيانًا يحدث أضرارًا باللجام‪.1‬‬

‫طققاطّيته يجعققل‬
‫ل أن تقليص مساحة الجلد الذي يتمّدد فيه وإضققعاف م ّ‬ ‫وإن كان الختان ل يمنع إنتصاب القضيب‪ ،‬إ ّ‬
‫هذا الجلد مشدودًا وأقل إنزلقًا فوق قصبة القضيب‪ .‬وإذا كان القطع كبيرًا‪ ،‬فإن القضيب قد يلتققوي داخققل الجلققد أو‬
‫يشد جلد كيققس الصققفن )كيققس الخصققوتين( للتعققويض عّمققا فقققده‪ .‬أضققف إلققى ذلققك أن الختققان قققد يققترك نتققوءات‬
‫وتشويهات في الجلد نتيجة إلتحام محل القطع‪.‬‬

‫وفي مرحلة التحضير للعلقة الجنسّية‪ ،‬تقوم المرأة عاّمة بمداعبة القضيب وتحريك جلققده لكققي تهّيجققه وتبقيققه فققي‬
‫حالة إنتصاب إلى حين أن تصبح هي مستعّدة للعلقة الجنسّية‪ .‬وكذلك يفعل الرجل مع المرأة فقي إعقدادها للعلققة‬
‫الجنسّية من خلل مداعبة بظرها وغلفتها‪ .‬وتحريك جلد القضيب ليس من السهل إذا مققا تققم قطققع جققزء كققبير منققه‬
‫طبققة يجعققل القضققيب جاّفققا‪ .‬وإمققرار اليققد‬‫بالختان‪ .‬فالجلد يصبح مشدودًا‪ .‬كما أن فقدان الغدد التي تفرز الماّدة المر ّ‬
‫طبة الطبيعّية بمققاّدة دهنّيققة‬
‫ل إذا تم تعويض الماّدة المر ّ‬ ‫صة على الحشفة المكشوفة‪ ،‬قد يسّبب إيلمًا له‪ ،‬إ ّ‬
‫عليه‪ ،‬وخا ّ‬
‫صة أنها تتسّرب إلى داخل جسقم الرجقل والمققرأة‪ .‬لققذلك‬ ‫كيماوّية بديلة ل تتلءم دائمًا مع الجسم ولها عواقبها‪ ،‬وخا ّ‬
‫يجب تعليم شريكة العلقة الجنسّية أسلوبًا لتهييج القضيب المختون بمداعبته دون إيلمه عند شد جلد القضيب إلققى‬
‫الوراء والى المام‪ .‬وهكذا تكون عملّية التهييج التحضيرّية أقل عفوّية‪ ،‬مّما يحرم كل من الرجققل والمققرأة مققن لقّذة‬
‫التحضير‪ .‬وقد يكون فقدان الغلفقة عنقد المختقونين هقو أحقد السقباب القتي مقن أجلهقا تققوم المقرأة فقي الحضقارة‬
‫المريكّية بعملّية مص القضيب بفمها معّوضة بهققذا السققلوب فقققدان رطوبققة القضققيب الطبيعّيققة بلعابهققا‪ ،‬وفقققدان‬
‫سققر أيضقًا لمققاذا تسققبق العلقققة الجنسقّية‬‫النسيج الملس عند الرجل بالنسيج المخاطي الموجود فققي فمهققا‪ .‬وهققذا يف ّ‬
‫للمختونين عاّمة مداعبة أقل‪ .‬وهكذا يقوم الختققان بحرمققان كققل مقن الرجققل والمققرأة مقن لقّذة مرحلققة العققداد َقبققل‬
‫اليلج‪.‬‬

‫وبتر الغلفة يجعل العلقة الجنسّية ذاتها مؤلمة لكققل مققن الرجققل والمققرأة‪ .‬فالقضققيب غيققر المختققون عنققد ممارسققة‬
‫ل في مهبل المرأة وخروجًا منه ضمن جلده وغلفته وبطانة غلفتققه‪ .‬وبفضققل عضققلت المهبققل‪،‬‬ ‫الجنس ينزلق دخو ً‬
‫تبقى الغلفة وبطانتها ملمسة للمهبل بينما القضيب يتحّرك داخله‪ .‬أّما إذا كان القضيب قققد فقققد غلفتققه )وبطانتهققا(‪،‬‬
‫فإنه يتحّرك مع جلده المشدود حوله داخل المهبل‪ .‬ويسّبب ذلك إحتكاكًا أشد والتهابًا أكبر للمهبل يؤّدي إلى متققاعب‬
‫وألم لكل من الرجل وشريكته تتحّول إلى متاعب نفسّية ونفور بينهما‪ .‬ويضاف إلى شد جلد القضيب فقققدانه لجققزء‬
‫طبة التي تلعب دور الزيت بيققن عجلت اللققة‪ .‬ويشققار هنققا إلققى أن المختققونين ينققدفعون نحققو‬ ‫كبير من الماّدة المر ّ‬
‫اليلج ويتصّرفون بسرعة وعنف كبيرين واقتحام للفرج بشّدة للحصول على مقثيرات كافيققة للوصقول إلقى اللقّذة‬
‫والرتواء‪ ،‬مّما قد يؤّدي إلى كشط وإدماء وألم عند كل من الذكر والنثى‪ .‬وكّلما تقّدم الرجققل والمققرأة فققي العمققر‪،‬‬
‫فإن العلقة الجنسّية تصبح أقل لّذة إذ تصبح الحشفة وإكليل الحشفة أقل حساسّية‪ ،‬وعملّية اليلج أكثر ألمًا‪ .‬ويشار‬
‫إلى أن ممارسة العادة السّرية تختلف في أسلوبها عند المختون من غير المختون‪ .‬فغير المختققون يقققوم بزلققق جلققد‬
‫طبقة ذهابقًا وإيابقًا دون أن يكقون هنقاك إحتكقاك والتهقاب ودون مقس الحشقفة‬ ‫القضيب المتحّرك فوق الحشفة المر ّ‬
‫باليد‪.2‬‬

‫يقول طبيب أمريكي‪:‬‬


‫»إن النتيجة الكثر مأساوّية للختان هو إنتقاصه من حساسّية القضيب فيؤّثر بذلك على علقة الرجققل‬
‫مع المرأة‪ .‬فالرجل ل يمكنه بتاتًا الوصول إلى قدر كامل من اللّذة الجنس قّية كمققا وهبهققا القق‪ .‬والمققرأة‬
‫بدورها ل يمكنها بتاتًا أن تكون شاهدة أو متقّبلة لسققتجابة كاملققة مققن محّبهققا‪ .‬ولققذلك فهققي محرومققة‬
‫ومغشوشة فيما يحق لها أن تعطيه وتحصل عليه«‪.‬‬

‫‪Fleiss: Where is my foreskin?, p. 41; Cold; Taylor: The prepuce, p.1 and 37-38; Laumann, p.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1052-1057‬‬
‫‪Ritter, p. 12-4, 15-1; Romberg: Circumcision, p. 173; Warren: Norm UK, p. 89; Zwang:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Functional and erotic consequences, p. 71; O'Hara; O'Hara, p. 79-84; Hammond: A‬‬
‫‪preliminary poll, p. 87‬‬
‫‪302‬‬
‫ويشّبه هذا الطبيب الرجل المختون بالموسيقي الذي يملك آلة موسيقّية رديئة‪ .‬فمهما كانت مقققدرته الموسققيقّية فققإنه‬
‫لن يتمّكن من أن يستخلص منهققا لحنقًا موسققيقيًا يّتفققق ومقققدرته‪ .1‬هققذا وسققوف نققرى فققي الفصققل السققابع كيققف أن‬
‫المختونين يحاولون الن مط جلد القضيب حّتى يسترجعوا بعض ما فقدوه بالختان مقن طقول فققي الجلقد وققّوة فققي‬
‫اللّذة‪.‬‬

‫ج( مؤّيدو ختان الذكور في أّيامنا يرون فيه تقوية للّذة‬

‫قديمًا أّيد رجل الدين ختان الذكور لنه يضعف اللّذة الجنسّية‪ .‬ثم جاء معارضو الختان فرفضوه لنقه يضقعف تلقك‬
‫اللّذة التي يعتبرونها حقًا طبيعّيققا للنسقان‪ .‬ومققع إختلف القيقم‪ ،‬أخققذ مؤّيقدو ختققان القذكور يقولقون بقأن الختققان ل‬
‫يضعف اللّذة الجنسّية‪ ،‬ل بل قد يقّويها‪ .‬فالمختونون وشريكاتهم ل يتذّمرون من حالهم‪ .‬والختققان يققؤّدي إلققى إبطققاء‬
‫في عملّية القذف وإطالة في العلقة الجنسّية‪ ،‬ومن ثم مزيدًا من اللّذة لكل مققن الرجققل وشققريكته‪ .‬والنظافققة الناتجققة‬
‫عن الختان تعمل على زيادة اللّذة‪ .‬ولكن ما هي حقيقة المر؟‬

‫رضى المختونين عن ختانهم‬

‫إن القول بأن ختان الذكور ل يضر لن المختونين راضون عن ختانهم ليس له أساس علمي‪ .‬فليس مققن السققهل أن‬
‫ل بحياء كبير وفي محيط يثق فيه‪ ،‬لن ذلققك متعّلققق برجققولته‪ .‬أضققف إلققى ذلققك‬
‫يتكّلم الرجل عن متاعبه الجنسّية إ ّ‬
‫ل من العتراف بنقصه يشّدد المختون على كونه بحالة جّيدة لحماية نفسه‪ .‬ومققن جهققة أخققرى‬ ‫الهاجس الديني‪ .‬وبد ً‬
‫ل يعرف كثير من المختونين ما فقدوا لنهم ل يملكون وسيلة للمقارنة بين وضعهم الحالي وكيف كققان يمكنهققم أن‬
‫يكونوا لو لم يختنوا‪ .‬فكل تجربتهم الجنسّية تّمت بقضيب مختون‪ .‬وهم في ذلقك يشقبهون فاققد تمييقز اللقوان‪ .‬فهقو‬
‫ل آخر لللوان‪ .‬من جهة أخرى يجهل هققؤلء المختونققون‬ ‫يظن أن كل شيء على ما يرام وكما يراه ول يعرف شك ً‬
‫تمامًا ما هي وظيفة الغلفة وكيفّية عمل القضيب غير المختون‪ .‬فالكتب الطّبية والشعبّية تصقّور لهققم القضققيب دون‬
‫غلفة‪.2‬‬

‫وقد قام »ماستيرز« و»جونسون« بإجراء تجربققة علققى ‪ 35‬شخصقًا مختونقًا ‪ 35‬شخصقًا غيققر مختققون مققن نفققس‬
‫ل أن‬ ‫العمر بإيصال أجهزة تكشف عن الحساسّية‪ .‬ولم تؤّدي هذه التجربقة لي إختلف يقذكر بيققن المجموعققتين‪ .3‬إ ّ‬
‫معارضي ختان الذكور يشّككون في طريقة ونتائج هذا الختبار‪ ،‬لنه لم يقس حساسّية الغلفقة‪ .‬ومقن المعققروف أن‬
‫سية تترّكز في الغلفة وليس فققي الحشققفة‪ .4‬وقققد أجريققت دراسققة إسققتطلعّية عققام ‪ 1994‬علققى ‪313‬‬ ‫العصاب الح ّ‬
‫شخصًا مختونًا في الوليات المّتحدة ينتمون إلى أوساط دينّية وعرقّية مختلفة ولهم صققلة بمراكققز مكافحققة الختققان‬
‫واستعادة الغلفة‪ .‬وتبّين هذه الدراسة بأن ‪ %61‬منهم يعانون مققن نققص فقي الحساسقّية‪ ،‬وأن هققذا النققص أّدى إلقى‬
‫عرقلة العلقة الجنسّية من خلل مشققاكل النتصققاب وصققعوبة القققذف أو عققدم الوصققول للرتققواء الجنسققي‪ .‬وقققد‬
‫إضطر ‪ %40‬منهم إلى اللجوء إلى مثيرات غير طبيعّيققة‪ .‬وأجققاب عققدد كققبير منهققم بققأن العلقققة الجنسقّية العادّيققة‬
‫)ولوج الفرج( ليست كافية لثارتهم للوصول إلى اللّذة والرتواء‪ .‬وفي تقرير آخر تققبّين أن ‪ %50‬مققن المختققونين‬
‫غير راضين عن ختانهم‪ ،‬بينما ‪ %3‬من غير المختونين غير راضيين عن وضعهم‪.5‬‬

‫وقد بّين بحث أجري على خمس أشخاص ختنوا عندما كانوا بالغين حدوث تغيير في حساسقّية ولقّذة القضققيب َقبققل‬
‫وبعد الختان‪ .‬وقد إستنتج البحث أن من الخطأ إعتبار الختان عملّية تزيد من الثارة الجنسّية‪ .6‬وقد ندم آخرون بعققد‬
‫ختانهم‪ .‬وقد ذكر أحدهم أن الختلف َقبل وبعد العملّية يشبه الختلف بين النهار والليل‪ .‬وكققان طققبيبه قققد نصققحه‬
‫بإجراء العملّية لنه دون ذلك قد يصاب بسرطان القضيب‪ .‬وعندما إشتكى إلى طبيبه من النتققائج‪ ،‬قققال لققه الطققبيب‬
‫بأن تلك النتائج طبيعّية‪ .‬وقد قال آخر بأنه أحس بعد الختان وكأنه يعزف قيثارة مع أصابع متصّلبة‪ .‬وقال ثالث بأن‬

‫‪Ritter, p. 15-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hammond: A preliminary poll, p. 85, 88; Ritter, p. 17-1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 171‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ritter, p. 27-1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Hammond: A preliminary poll, p. 86, 88‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Money; Davison, p. 291‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪303‬‬
‫اللّذة الجنسّية َقبل وبعد الختان إختلفت كمن كان يرى باللوان فأصبح يرى فقط بقاللونين البيقض والسقود‪ .‬وققال‬
‫آخر بأن حساسّية حشفته قد نقصت بمعّدل ‪ .%50‬ولكن في حالة أخرى ذكققر طققبيب تّمققت عليققه العملّيققة فققي سققن‬
‫سن في لّذته الجنسّية‪ .‬ومن تفسيره يظهر أنه كان يشكو سابقًا من سرعة القذف‪.1‬‬
‫البلوغ‪ ،‬أنه شعر بتح ّ‬

‫وهناك دراسة قام بها طبيبان في مستشفى بمدينة »العّفولة« حول المهاجرين الروس الذين ختنوا بعد مجيئهققم إلققى‬
‫إسرائيل‪ .‬فقد تبّين من الجوبة التي إستلمها الطبيبان من ‪ 76‬مهاجرًا روسيًا أن من ختن كبيرًا أحققس بضققعف فققي‬
‫سققوا برضققى بعققد الختققان‪.‬‬ ‫الرضى الجنسي‪ .‬فبينما رأى ‪ %54‬منهم وجود رضى َقبل الختان‪ ،‬فققإن فقققط ‪ %24‬أح ّ‬
‫سققطة‪ .‬ول تغييققر فققي نسققبة مققن كققانوا غيققر‬‫وكان هناك نسبة ‪ %30‬إلى ‪ %61‬مّمن كققانوا راضققيين بصققورة متو ّ‬
‫راضيين َقبل الختان‪ .‬وقال ‪ %68‬منهم بأنهم ختنوا تعبيرًا عن إنتمائهم لليهودّية‪ ،‬بينما قال ‪ %10‬منهم بأنهم ختنققوا‬
‫شيا مع العادات الجتماعّية السرائيلّية والباقون بسبب الضغوط الجتماعّية‪ .‬وواحد فقط كان سبب ختانه طّبيققا‪.‬‬ ‫تم ّ‬
‫‪2‬‬
‫وعليه فقد يكون بعض الذين أجابوا قد أخفوا حقيقة مدى إحساسهم باللّذة الجنسّية ‪.‬‬

‫ويؤّكد الذين يستعيدون غلفتهم بأنهم يشعرون بلّذة أكبر في العلقة الجنسّية مّما كان عليه المققر َقبققل إسققتعادة تلققك‬
‫الغلفة‪ .‬ولنا عودة لستعادة الغلفة في الفصل السابع‪.‬‬

‫الختان وإبطاء القذف‬

‫لم نجد عند الكّتاب المسلمين المعاصرين أّية إشارة لضعاف اللّذة الجنسّية بسبب ختققان الققذكور‪ .‬وهققم يجهلققون أو‬
‫ل أننا نجققد عنققدهم آراءًا تقققول بققأن ختققان الققذكور يبطققئ‬
‫يتجاهلون آراء معارضي ختان الذكور في هذا المجال‪ .‬إ ّ‬
‫القذف ويطيل من الجماع واللّذة الجنسّية‪ .‬وأقوالهم هذه يتناقلونها عاّمة عن الغرب‪ .‬فهم ل يجرون أبحاث قًا فققي هققذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫يرى الدكتور محّمد رمضان أنه بقطع غلفة القضيب »ينكشف رأس القضيب مّما يفيده فققي السققتمتاع«‪ .3‬وحقيقققة‬
‫المر أن الحشفة تنكشف في العلقة الجنسّية بمجّرد إنتصاب القضيب سواء كان الشخص مختونًا أو غير مختون‪.‬‬
‫ويقول مجدي فتحي السّيد‪» :‬يبدو أن للختان ]ختان الذكور[ تأثيرًا غير مباشر علققى الققّوة الجنسقّية‪ .‬فقققد تققبّين مققن‬
‫إحصائّيات بعض المعاهد العلمّية بأن المختونين تطول مّدة الجماع عندهم‪َ ،‬قبل القذف‪ ،‬أكثر من غيققر المختققونين‪.‬‬
‫صقا للشقيخ محمقود محّمقد خضقر‬ ‫لذلك فهم أكثر إستمتاعًا وأكثر إمتاعا وارضاءًا«‪ .4‬وقد نشرنا فقي الملحقق ‪ 24‬ن ّ‬
‫يذهب نفس المنحى‪.‬‬

‫مثل هذه الراء نجدها في الكتابات الطّبية الغربّية التي تعتمد عليها اليوم الكتابققات المؤّيققدة لختققان الققذكور‪ ،‬والققتي‬
‫ترى في إسراع القذف عاهة جنسّية‪ .‬وسبب طول الجماع في نظرهم نابع من تقليص الختان لمساحة جلد القضيب‬
‫المهّيج جنسّيا‪ .‬من جهة أخرى يؤّدي الختان إلى كشف الحشفة منذ الصغر‪ ،‬مّما يجعل هققذه الخيققرة تخشققن وتفقققد‬
‫حساسّيتها باحتكاكها بالملبس‪ .‬وبإضعاف الحساسّية الجنسّية‪ ،‬يتم تأخير القذف‪ .‬وعلى هذا السققاس‪ ،‬تنصققح كتققب‬
‫ل أن هققذه النظرّيققة تصققطدم‬ ‫شعبّية عّدة في الوليات المّتحدة بإجراء الختان كوسيلة لبطاء القذف وزيادة اللقّذة‪ .5‬إ ّ‬
‫بمشكلة تعريف »سرعة القذف« وتحديد السباب التي تؤّدي إليها‪.‬‬

‫يشير كتاب »كاماسوترا« الهنققدي الشقهير أن فقي أّول ممارسقة جنسقّية للرجقل تكقون لقّذته شققديدة وتسقتلزم وقتقاً‬
‫قصيرًا‪ ،‬ثم تنعكس الحال في الممارسات الجنسّية التاليققة الققتي تتققم فققي نفققس اليققوم‪ .‬أّمققا فققي أّول ممارسققة جنسقّية‬
‫ل‪ ،‬وفي الممارسات التالية التي تتم في نفس اليققوم‪ ،‬فققإن لقّذتها‬ ‫للمرأة‪ ،‬فإن تلك العلقة تبدأ فاترة وتستلزم وقتًا طوي ً‬
‫‪6‬‬
‫تصبح أشد وتستلزم وقتًا أقصر للوصول إلى الرتواء الجنسي ‪.‬‬
‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 39-40; Boyd, p. 111-112; Romberg:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Circumcision, p. 172-173‬‬
‫‪ ;Zoossmann-Diskin; Blustein: p. 344‬أنظر أيضًا ‪Hecht: The cutting edge, p. 14-15‬‬ ‫‪2‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪3‬‬

‫مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 115-116‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Vatsyayana: Kamasutra, p. 37‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪304‬‬
‫هذا ويعتبر الطّباء سرعة القذف عيبًا إذا تم خارج المهبل بمجّرد ملمسته واستمر الحال عليققه‪ .‬وإذا كققان القققذف‬
‫خر قققذف وارتققواء‬ ‫سريعًا داخل المهبل ووافق إرتواء الرجل إرتققواء المققرأة‪ ،‬فهققذا أمققر ل يعتققبر عيبقًا‪ .‬أّمققا إذا تققأ ّ‬
‫الرجل عن إرتوائها فقد يحس الرجل بانتقاص في قدرته الجنسّية‪ .‬وإذا كان إرتواؤه أسققرع مققن إرتققواء المققرأة ثققم‬
‫أهملها ولم يوصلها للرتواء بدورها‪ ،‬فقد يشعر الرجل أن المرأة باردة‪ ،‬كما قققد تشققعر المققرأة بالحبققاط‪ .‬وسققرعة‬
‫الرتواء عند الرجل والمرأة تتعّلق بعوامل كثيرة من بينها عدم إستطاعة الرجل السققيطرة علققى العلقققة الجنسقّية‪،‬‬
‫وتهّيج كبير لدى علقة مع شريكة أو شريك جديد‪ .‬وقد يلعب الدين دورًا في سرعة القذف أو فققي إبطققائه‪ .‬فققاليهود‬
‫الرثوذكس يرون ضرورة القذف بأسرع وقت ممكن‪ .‬وهذا يعني أن سرعة القذف هو مصطلح نسبي يختلف مققن‬
‫شخص إلى آخر ومن شريك إلى آخققر‪ .‬ويلحققظ أن القققذف عنققد الحيوانققات يتققم حققال إدخققال القضققيب فققي مهبققل‬
‫النثى‪.1‬‬

‫هذا ولم يثبت علمّيا وجود علقة بين سرعة أو إبطاء القذف وبين الختققان‪ .‬ولققو كققان قققولهم صققحيحًا لققواجه غيققر‬
‫المختونين مشاكل أكثر من المختونين‪ .‬ومشكلة سرعة القذف توجققد فققي الوليققات المّتحققدة حّتققى بيققن المختققونين‪.‬‬
‫وارتفاع الختان في هذا البلد من ‪ %50‬إلى ‪ %75‬في عام ‪ 1980‬لم يققؤد إلققى تقّلققص هققذه المشققكلة‪ ،‬ل بققل زادهققا‬
‫حّدة‪ .‬واليهود مثل غيرهم يّتجهون للعيادات الطّبية لمعالجققة سققرعة القققذف رغققم ختققانهم‪ .‬وهنققاك شققهادات بعققض‬
‫سن علقاتهم الجنسّية بإبطاء سرعة القذف‪ .‬ولكققن هققذا‬ ‫الفراد الذين تم ختانهم كبارًا‪ .‬وهم يؤّكدون أن الختان قد ح ّ‬
‫قد يكون في زمن محدود بعد العملّية‪ ،‬ثم ما يلبث أن يعود إلى سققرعة القققذف‪ .‬وهنققاك شققهادات مخالفققة تمامقًا مققن‬
‫أفراد ختنوا صغارًا ثم إستعادوا غلفتهم عندما كبروا بالوسققائل الققتي سنعرضققها لحققًا‪ .‬وقققد أّدى ذلققك إلققى إبطققاء‬
‫القذف وسيطرة أكبر على العلقة الجنسّية‪.2‬‬

‫صائي في علم الجنس‪ ،‬إن فقدان الغلفة يجعل الحشفة أكثر خشونة‪ .‬وقد يظن البعض‬
‫يقول الدكتور »تسفانج«‪ ،‬الخ ّ‬
‫أن ذلك يسمح للشخص المختون أن يستمر في العلقة الجنسّية لساعات وسقاعات لرواء شقريكته‪ .‬وحقيققة المقر‬
‫هو أن خشونة الحشفة ل تمنع من القذف السريع‪.3‬‬

‫رضى النساء عن ختان الذكور‬

‫ضل العلقة الجنسّية مع المختونين‪ .‬ولكن هناك آراء تخالف ذلك‪.‬‬


‫يرى مؤّيدو ختان الذكور في أّيامنا بأن النساء تف ّ‬

‫ل لموسى إبن ميمون »إنه من الصعب أن تفارق المرأة الغلققف الققذي جامعهققا«‪ .‬أي أنهققا تجققد مققع‬ ‫رأينا سابقًا قو ً‬
‫غير المختون لّذة أكثر مّما مع المختون‪ .‬وقد تم إستطلع رأي ‪ 139‬إمرأة كان لهن علقات جنس قّية مققع مختققونين‬
‫وغير مختونين‪ .‬وتبّين منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬أن الشريك المختون يصل إلى القذف َقبل الوان بصورة أكبر من غير المختون‪.‬‬

‫‪ -‬أن النساء أقل بلوغًا للرتواء الجنسي في العلقة مع المختونين‪.‬‬

‫‪ -‬أن النساء يقل إحساسهن بالرتياح وتقل عدد مّرات وصولهن إلى الرتواء الجنسي مع المختونين‪.‬‬

‫ل‪ ،‬تققل رغبقة المققرأة فقي‬


‫‪ -‬أن إفرازات المهبل تضعف مع إسقتمرار إيلج المختققون‪ .‬وإذا مقا كقان الجمققاع طققوي ً‬
‫إستمراره‪.‬‬

‫ضققلن الوصققول إلققى الرتققواء مققن خلل العلقققة الجنسقّية بققالفم مققع‬
‫‪ -‬أن النساء التي يقل عمرهن عن ‪ 29‬سنة يف ّ‬
‫المختونين‪.‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 116-118; Ritter, p. 30-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 118-121‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Zwang: Functional and erotic consequences, p. 74‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪305‬‬
‫ل من المختونين‪.‬‬
‫ضلن العلقة الجنسّية بالفرج مع غير المختونين بد ً‬
‫‪ -‬أن النساء يف ّ‬

‫‪ -‬أن النساء يشعرن بأن الرجال غير المختونين يجدون متعققة أكققثر فققي العلقققة الجنسقّية العادّيققة‪ ،‬وأن المختققونين‬
‫أكثر ممارسة للعادة السقّرية والجنقس بقالفم‪ .‬وهقذه الظقاهرة ققد تكقون لنهقم ل يتمّتعقون كقثيرًا بالعلققة الجنسقّية‬
‫العادّية‪.‬‬

‫‪ -‬أن العلقة الزوجّية والشراكة الجنسّية أطول مع غير المختونين مّما مقع المختقونين‪ .‬وهقذا مقا يؤّكقد مقولقة إبقن‬
‫ميمون‪ .‬فوجود الغلفة يؤّدي إلى إلفة أكبر بين الزوجين‪.1‬‬

‫وقد جاء في رسالة على النترنيت بعثت بها إمققرأة متزّوجقة مقن رجققل مختققون لمجموعقة تنققاقش كقل مقن ختققان‬
‫الذكور والناث‪ .‬تقول فيها أن زوجها »مختون ومشّوه من جّراء هذه العملّيقة‪ .‬وهقي تشقعر بمقا فققده مقن لقّذة فقي‬
‫الجماع« وتضيف‪:‬‬
‫»الهدف الخير لختان الذكور هو إضعاف اللّذة الجنسّية للنساء‪ .‬فالمرأة الطبيعّية ل يمكنها الوصققول‬
‫سكة برأيي بأن السققبب‬ ‫إلى نفس مستوى اللّذة مع رجل مختون مثلما مع رجل غير مختون‪ .‬وإني متم ّ‬
‫الذي من أجله تم فرض ختان الذكور قديمًا هو نوع من التمييز ضد النساء‪ .‬وما زال ذلققك هققو سققبب‬
‫ل من التشديد على الثار السّيئة لختققان‬ ‫ممارسة الختان في أّيامنا‪ .‬ونحن نشّدد اليوم على ألم الطفل بد ً‬
‫الذكور على كل من الرجققل والمققرأة‪ .‬وتشققعر النسققاء بققأن علقتهققن الجنسقّية ليسققت علققى مققا يققرام‪،‬‬
‫ولكّنهن ل يرين العلقة بين رداءة العلقة الجنسّية وبين ختان الذكور‪ .‬وهذا أمر حزين‪ .‬فلققو ربطققت‬
‫ل«‪.2‬‬‫النساء بين ختان الذكور والعلقة الجنسّية الرديئة‪ ،‬لنتهت هذه الممارسة حا ً‬

‫ويرى مؤّيدو ختان الذكور بأن الطعام اللذيذ ل يمكن إستساغته لو كان في صحن قققذر أو علققى مققائدة قققذرة‪ .‬وهققم‬
‫طبة التي يفرزهققا‪ .‬وعلققى هققذا السققاس‪ ،‬يمنققح‬ ‫يعتبرون أن العضو التناسلي غير المختون مقّزز بسبب الماّدة المر ّ‬
‫‪3‬‬
‫بعض المسلمين للزوجة المسلمة الحق في تطليق زوجها إن كان غير مختون ‪ .‬ويرد معارضو الختان بققأن المققاّدة‬
‫الرطبة لدى القضيب هي ظاهرة طبيعّية تمامًا كما هو المر لعضقاء أخقرى فقي جسقم النسقان كقالذن والنقف‬
‫والبط والفم والجلد ومهبل المرأة‪ .‬فهذه الماّدة عامل وقاية للجسم وتسققاعد فققي ترطيبققه‪ .‬وقققد رأينققا أن هققذه المققاّدة‬
‫طبققة عنققد الرجققل تلعققب دور الجققذب الجنسققي وتسققاعد‬ ‫تساعد في العملّية الجنسّية‪ .‬يضاف إلى ذلك أن الماّدة المر ّ‬
‫للوصول إلى الرتواء‪ .‬هذا ما أثبتته الدراسات الققتي أجريققت علققى الحيققوان‪ .‬وعلققى كققل حققال ل يمكققن ول يجققب‬
‫القضاء على هذه الماّدة بصققورة تاّمققة‪ ،‬ويمكققن المحافظققة علققى النظافققة الضققرورّية للعضققو الققذي يفرزهققا‪ ،‬دون‬
‫قطعه‪.4‬‬

‫هذا وقد تلعب الثقافة ونفسّية النسان دورًا في علقة الختان باللّذة الجنسّية‪ .‬فالمرأة التي تعيش في مجتمع ل يختققن‬
‫الذكور‪ ،‬قد ترى في الختان عيبًا وتصاب بصدمة من هذه الظاهرة‪ .‬أّما التي تعيش فققي مجتمققع يختققن الققذكور‪ ،‬قققد‬
‫ترى في عدم الختان عيبًا تتقّزز منققه‪ .‬والعكققس صققحيح‪ .‬ففققي تغييققر السققروج راحققة‪ ،‬حسققب قققول المثققل‪ .‬وتقققول‬
‫طي مثل هذه الختلفات السطحّية التي ل أهّمية لها إذا ما قيست بقيم أخرى مثل اللطف‬ ‫»رومبيرغ« بأنه يجب تخ ّ‬
‫‪5‬‬
‫والحرص على الخر والمداعبة ‪.‬‬

‫وَقبل النتقال إلى علقة ختان الناث باللّذة الجنسّية نشير إلى أن قبيلة »كيكويو« الكينّية ل تفصققل غلفققة القضققيب‬
‫ل‪ ،‬فققإن‬
‫لة )وتسّمى الفرشاة(‪ ،‬والقصد من ذلك هو زيادة التهّيج الجنسي‪ .‬وعنققدما تكققون المققرأة حققام ً‬
‫بل تتركها مد ّ‬
‫‪6‬‬
‫هذه القطعة تعتبر الحد الذي يمكن للرجل إيلجه من قضيبه في فرج إمرأته حّتى ل يؤذيها ‪.‬‬

‫‪O'Hara; O' Hara, p. 79-84‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪intact-l@cirp.orgMessage from lbisque@atlantic.net, 16. June 1999, sent to‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل السابع‪ ،‬الرقم ‪.(5‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 59-60‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 174-175‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Kenyatta, p. 127‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪306‬‬
‫‪ (2‬ختان الناث واللّذة الجنسّية‬
‫أ( مؤّيدو ختان الناث قديمًا يرون فيه إضعافًا للّذة‬

‫رأى مؤّيدو ختان الناث قديمًا فيه وسيلة لضعاف لّذة المرأة وكبح جماحها لصّدها عن طريق الرذيلققة والسققيطرة‬
‫عليها‪.‬‬

‫حتها‪ ،‬وجققدنا أن أهققم حققديث فققي هققذا‬ ‫فإذا رجعنا إلى الحاديث التي جاءت في ختان المرأة‪ ،‬وكّلها مشكوك في ص ّ‬
‫الخصوص يربط بين اللّذة وختان الناث‪ .‬وهققذا الحققديث ينقققل قققولً للنققبي لمققرأة كققانت تعمققل خاتنققة للجققواري‪:‬‬
‫»أشّمي ول ُتنِهكي‪ ،‬فإنه أنور للققوجه وأحظققى للرجققل«‪ .‬وهنققاك صققورًا أخققرى لهققذا الحققديث فققي نفققس المعنى‪.1‬‬
‫واعتمادًا على هذا الحديث‪ ،‬كتب الجاحظ‪:‬‬
‫»والبظراء تجد من اللّذة ما ل تجده المختونقة‪ .‬فققإن كققانت مستأصقلة مسققتوعبة كققان علققى قققدر ذلقك‬
‫]‪ .[...‬قال النبي )ص( للخاتنة‪ :‬يا أم عطّية أشّميه ول ُتنِهكيه فإنه أسرى للققوجه وأحظققى عنققد البعققل‪.‬‬
‫كأنه أراد النبي )ص( أن ينقص من شهوتها بقدر ما يرّدها إلى العتدال‪ .‬فإن شهوتها إذا قلققت ذهققب‬
‫التمّتع ونقص حب الزواج‪ .‬وحب الزوج قيد دون الفجور ]‪ .[...‬وزعم جناب بن الخشخاش القاضي‬
‫أنه أحصى فققي قريققة واحققدة النسققاء المختونققات والمعققبرات‪ ،‬فوجققد أكققثر العفققائف مسققتوعبات ]أي‬
‫مختونات[ وأكثر الفواجر معبرات ]أي غير مختونات[‪ ،‬وأن نساء الهند والروم وفققارس إّنمققا صققار‬
‫الزنى وطلب الرجال فيهن أعم لن شهوتهن للرجال أكثر‪ .‬ولققذلك إّتخققذ الهنققد دورًا للزوانققي‪ .‬قققالوا‪:‬‬
‫ل وفرة البظر والغلفة«‪.2‬‬
‫عّلة إ ّ‬
‫وليس لذلك ِ‬

‫ويكّرر علينا الفقهاء نص الجاحظ هققذا مققع بعققض الختلفققات‪ .3‬وذكققر إبققن تيمّيققة‪» :‬إن المقصققود بختققان الرجققل‬
‫تطهيره من النجاسة المحتقنة في الغلفة‪ ،‬والمقصود من ختان المرأة تعققديل شققهوتها‪ ،‬فإنهققا إذا كققانت غلفققاء كققانت‬
‫مغتلمة شديدة الشهوة«‪ .4‬ويضيف في كتاب آخر‪» :‬ولهذا يقال في الشائمة‪ :‬يا إبن الغلفاء! فققإن الغلفققاء تتطّلققع إلققى‬
‫الرجال أكثر‪ .‬ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الفرنج ما ل يوجد في نساء المسقلمين‪ .‬وإذا حصقلت‬
‫المبالغة في الختان حصل المقصود باعتدال‪ ،‬وال أعلم«‪ .5‬ويقول إبن قّيم الجوزّية بأن في ختان الناث )والذكور(‬
‫تعديل للشهوتها »التي إذا أفرطققت ألحقققت النسققان بالحيوانققات‪ ،‬وإن عققدمت بالكّليققة ألحقتققه بالجمققادات‪ .‬فالختققان‬
‫يعّدلها ولهذا تجد الغلف من الرجال والغلفاء من النساء ل يشبع من الجماع«‪.6‬‬

‫هناك إذًا عند الفقهاء القدامى رغبة في كبح جماح شهوة المرأة والسيطرة عليها حّتى ل تنظر لغير زوجها وتنزلق‬
‫للرذيلة‪ .‬ونجد تعبيرًا بليغًا لموقفهم هذا في قول لمالك ينقله لنا الباجي‪» :‬ومن إبتاع أمققة فليخفضقها إن أراد حبسقها‬
‫وإن كانت للبيع فليس ذلك عليه«‪ .7‬ومعنى ذلك أنه أسهل على صاحب المة السققيطرة عليهققا فققي الققبيت إذا كققانت‬
‫مختونة‪.‬‬

‫ب( معارضو ختان الناث في أّيامنا يرون فيه أيضًا إضعافًا للّذة‬

‫يشّدد معارضو ختان الناث في مصر على أن بتر البظر يؤّدي إلى إنتقاص في اللقّذة الجنسقّية عنققد المققرأة‪ .‬تقققول‬
‫الدكتورة نوال السعداوي‪:‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬الرقم ‪ ،(2‬حرف ط(‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجاحظ‪ :‬كتاب الحيوان‪ ،‬جزء ‪ ،7‬ص ‪.29-27‬‬ ‫‪2‬‬

‫ل النزوي‪ :‬المصّنف‪ ،‬مجّلد ‪ ،1‬ص ‪.40‬‬ ‫أنظر مث ً‬ ‫‪3‬‬

‫إبن تيمية‪ :‬فقه الطهارة‪ ،‬ص ‪.69‬‬ ‫‪4‬‬

‫إبن تيمية‪ :‬فتاوى النساء‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪ .‬ويعيد علينا مؤّلف حديث هذا الكلم‪ .‬الجمل‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪6‬‬

‫الباجي‪ :‬كتاب المنتقى‪ ،‬جق ‪ ،7‬ص ‪.232‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪307‬‬
‫»البظر ]‪ [...‬يتمّيز بأنه العضو الوحيد الذي يشتمل على أنسجة قابلة للنتصاب أثناء الثارة الجنسّية‬
‫وعلى أكثر العصاب حساسّية بلّذة الجنس‪ .‬وهو الذي يقود العملّية الجنس قّية مققن أّولهققا إلققى آخرهققا‪.‬‬
‫وبدونه ل تصل المرأة إلى قمة اللّذة التي يصاحبها النزال وتنتهي به العملّية الجنسّية‪.‬‬
‫ويتشابه البظر مع عضو التذكير عند الرجققل فققي شقكله وتكقوينه وشقّدة حساسقّيته وأهّميقة دوره فقي‬
‫الجنس‪ .‬ول عجب في ذلك ول غرابة‪ .‬فأصلهما واحد في الجنسين‪ ،‬والخليا التي تصققنع البظققر هققي‬
‫نفسها الخليا التي تصنع عضو التذكير‪ .‬لكن الذي يحدث خلل تطقّور الجنيققن أن البظقر فققي النققثى‬
‫يتوّقف عن النمقو فقي مرحلقة مقن المراحقل وأن عضقو القذكر يسقتمر فقي النمقو فقترة أطقول‪ .‬لكقن‬
‫المجتمع‪ ،‬وقد قّرر لسباب إقتصقادّية أن دور المققرأة الوحيققد فقي الحيقاة هقو إنجققاب وخدمقة الققزوج‬
‫والولد‪ ،‬فقد رأى حرمان المرأة من اللّذة الجنسّية التي قد تشغلها عققن الققدور الققذي رسققمه المجتمققع‬
‫لها‪.‬‬
‫ل المهبقل لنقه الداة الوحيقدة‬ ‫وقد نتج عن هذا أن جهل الرجقل بظقر المقرأة وتجقاهله‪ ،‬ولقم يعقرف إ ّ‬
‫لمتاعه‪ .‬وتصّور الرجل بسبب الجهل أنه ما دام يصل هو إلى قمة اللّذة عن طريق مهبققل المققرأة فل‬
‫بد أن المرأة أيضًا تصل إلققى قمققة اللقّذة عققن طريققق المهبققل‪ .‬وبسققبب النانّيققة لققم يسققتطع الرجققل أن‬
‫يكتشف خطأه ويتعّرف على الطريق الذي يمكن أن يصل بالمرأة إلى اللّذة«‪.1‬‬

‫ويقول الدكتور ماهر مهران‪:‬‬


‫»أن نسبة الضعف في التجاوب في التي أجريت لهن عملّية الختان تصل إلى ‪ %54‬ويرجع هذا إلققى‬
‫ساسة اللزمة للتفاعل الجنسي‪ .‬ومّما ل شققك فيققه أن عققدم تجققاوب المققرأة فققي‬
‫إستئصال المناطق الح ّ‬
‫اللقاء الجنسي يؤّدي إلى مشاكل عديدة أّولها عدم تواصل التعاون الجنسي بين الزوج والزوجة‪ ،‬مّمققا‬
‫يؤّدي إلى إحتقان مزمن في الحوض واللم وإفرازات مهبلّية بجانب التوّتر العصبي والنفسي«‪.2‬‬

‫ويقول الدكتور محّمد سعيد الحديدي‪:‬‬


‫»ما حال أحدنا إذا قطع لسانه ل سمح ال وأريد منه أن يتذّوق شيئًا ليحكم عليه‪ .‬ل شققك أنققه يسققتحيل‬
‫عليه ذلك‪ .‬نعم قد يستسيغ الطعام الذي يأكله لن له رائحة ذكّيققة أو لن شققكله جميققل أو لنققه يعققرف‬
‫عنه أنه غذاء لذيذ شهي فيقتنع من ناحية معنوّية فقط أن هذا الغذاء سيفيده‪.‬‬
‫جهه إليكم اليققوم والققذي أريققد منكققم الجابققة عنقه‪ .‬ول‬ ‫هذا بالضبط يا حضرات السادة سؤالي الذي أو ّ‬
‫صققل منهقا العضقو الخقاص بالحساسقّية‬ ‫شك أنه بدهي تمامًا‪ .‬فكيف يمكن للزوجقة المخّنثققة الققتي أستئ ِ‬
‫الجنسّية أن تتذّوق هذه الناحية مققن الشققعور والحسققاس‪ .‬ل شققك أن سققبيل إقناعهققا مققن هققذه الناحيققة‬
‫ل‪ .‬وهذا ما نشاهده في جميع النسققاء المخّنثققات‪ ،‬وقققد نتققج عققن نقققص فققي‬ ‫يصبح عسيرًا صعبًا وطوي ً‬
‫الحساسّية الجنسّية تستعيض عنه المرأة بطول المّدة اللزمة لقناعهققا مققن هققذه الناحيققة وقّلمققا يمكققن‬
‫إقناعها«‪.3‬‬

‫ويحاول الكّتاب الغربّيون صياغة فكرهم بصورة علمّية‪ .‬فيقققول الققدكتور »جيققرارد تسققفانج« أن النظققام العصققبي‬
‫يكون عند الولدة في مراحله البدائّية ويبدأ بالتطّور بين سن الثانية والثالثة بواسطة اللمس اليققدوي عنققدما يكتشققف‬
‫خر بالنسبة لتطّور حلققة اللقّذة عنقد الولقد لن قضقيب الولقد‬ ‫الطفل جسده‪ .‬وتطّور حلقة اللّذة الجنسّية عند البنت متأ ّ‬
‫ظاهر بخلف البظر عند البنت‪ .‬فقد لوحظ أن هناك أطفال يمارسون العادة السّرية منذ وجودهم في رحم والققدتهم‪.‬‬
‫وعند البنت تتم حلقة أعصاب اللّذة وتصبح ذات فاعلّية ما بين سن السادسة والسابعة‪ .‬ومع ممارسة العادة السّرية‪،‬‬
‫يستمر تطوير تلك العصاب‪ .‬وتطّور الجنس عند البنات يتم فقققط فققي الحقبققة الثانيققة مققن عمرهققن‪ ،‬أي بعققد عمققر‬
‫عشر سنين‪ .‬ففي هذا العمر يمكنهن أن يمارسن الجنس‪ .‬وقققد يحسسققن باللقّذة الجنسقّية مققن خلل أعصققاب المهبققل‬
‫حّتى وإن تم قطع البظر َقبل ذلك على شرط أن تكون أعصاب اللقّذة قققد تطقّورت َقبققل قطققع البظققر‪ .‬وهنققاك نسققاء‬
‫خر بحيققث كققانت‬‫مختونات تّدعي أنهن وصققلن لققذروة اللقّذة‪ .‬وقققد يكققون هققذا ممكنقًا إذا تققم ختققانهن فققي عمققر متققأ ّ‬

‫السعداوي‪ :‬المرأة والجنس‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬ ‫‪1‬‬

‫مهران‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬

‫الحديدي‪ ،‬ص ‪ .68‬أنظر أيضًا عّمار‪ ،‬ص ‪.52-51‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪308‬‬
‫العصققاب متطقّورة وتققم تهييجهققا بواسققطة المهبققل‪ .‬ولكققن لثبققات تلققك الّدعققاءات يجققب القيققام بفحوصققات فققي‬
‫المختبرات‪ .‬ومثل هذه الفحوصات غير متوّفرة لتبديد الشكوك‪.1‬‬

‫وقد قال في المؤتمر الذي عقد حول ختان الناث في جنيف عام ‪ 1977‬بأن ‪ 90‬إلى ‪ %95‬من النسققاء المختونققات‬
‫صة عند التي ختنت صغيرة ولم تجّرب اللّذة الجنسّية َقبل ختانها‪ .‬فحّتى‬ ‫مصابة بالبرود الجنسي بصورة نهائّية‪ ،‬خا ّ‬
‫يتم شعور المرأة المختونة باللّذة الجنسّية يجب عليها أن تكون قد جّربقت تلقك اللقّذة مقن خلل البظقر َقبقل قطعهقا‪.‬‬
‫ل خرافة‪ .‬فليس هناك أي برهان على ذلك مخبرّيا‪.2‬‬ ‫والقول بأن النساء المختونات تستمر بالشعور باللّذة ما هو إ ّ‬

‫وقد دار جدل حاد في المؤتمر الذي عقد في لوزان عام ‪ 1996‬بين هذا الطبيب وسّيدة إفريقّية مختونققة قققالت بأنهققا‬
‫جل مثققل تلققك‬ ‫تصل إلى الرتواء الجنسي رغم ختانها‪ .‬فأجابها الطبيب بأن اللت التي تقيس اللّذة الجنسقّية لققم تسق ّ‬
‫الظاهرة وأنه يقترح على من تّدعي عكس ذلك أن تعرض نفسها للفحص‪ .‬وقد إعتبرت النساء قوله هذا إهانة‪ .‬فرد‬
‫عليهن بأنه كعالم للجنس عليه أن يبحث في موازين علمّية للتحّقق مّما يقال ول يقصد بتاتًا الهانة‪.‬‬

‫ل أو تقوية للّذة‬
‫سّنة« في أّيامنا يرون فيه تعدي ً‬
‫ج( مؤّيدو ختان »ال ُ‬

‫ل بالحققديث النبققوي »أشقّمي ول ُتنِهكققي«‪،‬‬ ‫سقّنة« الققذي يجققرى عم ً‬‫يفقّرق الكّتققاب المسققلمون عاّمققة بيققن »ختققان ال ُ‬
‫سقّنة ويعتققبرونه وسققيلة لعققديل شققهوة‬ ‫والنواع الخرى الكثر قسوة‪ .‬وهم إذ يدينون هذه النواع‪ ،‬يقبلون بختققان ال ُ‬
‫المرأة دون إلغاء لّذتها الجنسّية‪ .‬ل بل هناك من يرى في ذلك الختان وسققيلة لزيققادة لقّذة كققل مققن الرجققل والمققرأة‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمود شلتوت‪:‬‬
‫»إن تلك »الزائدة« من شأنها أن تحققدث عنققد الممارسققة مضققايقة للنققثى‪ ،‬أو للرجققل الققذي لققم يققألف‬
‫الحساس بها‪ ،‬ويشمئز منها‪ ،‬فيكون خفضها َمكُرَمة للنققثى‪ ،‬وفققي الققوقت نفسققه َمكُرَمققة للرجققل فققي‬
‫الفترات المعروفة‪ .‬وختان النثى بهذا العتبار ل يزيد عّما تقتضيه الراحة النفسّية واستدامة العاطفة‬
‫القلبّية بين الرجل وزوجته‪ ،‬من التزّين‪ ،‬والتطّيب‪ ،‬والتطهير من الزوائد الخرى التي تقترب من هذا‬
‫الحمى«‪.3‬‬

‫ويرى عبد السلم السّكري‪:‬‬


‫» إن المر بخفاض الناث ذو شّقين من المصلحة‪ :‬الشققق الّول‪ :‬إنقه يحققد مققن غلققواء شققهوة المققرأة‬
‫حّتى ل تقع في المحظور‪ .‬والشق الثققاني‪ :‬إن خفاضققها يطيققل اللقّذة الجنسقّية بمققا يحصققل بققه الرواء‬
‫الجنسي‪ ،‬وبالتالي يتحّقق الحصان الكامل من الزوجين«‪.4‬‬

‫وهناك إعتقاد شعبي في مصر أن ختان الناث يجعل البنت تفور‪ .‬وقد ذكققرت مجّلققة صققباح الخيققر المصققرّية فققي‬
‫ل عن شاّبة مصرّية إسمها أمال ‪ 19 -‬سنة ‪ -‬بائعة بمحل‪:‬‬
‫‪ 3/11/1994‬نق ً‬
‫ي كققده؟‬‫»حينما وضعوني على »الماجور« كنت أستعطف أمي قائلة‪ :‬يا أّمه حققرام عليققك‪ .‬بتعملققي فق ّ‬
‫أهون عليك يا أّمه؟ فقد كنت كبيرة )‪ 11‬سنة( وأعي بالحداث التي حولي‪ .‬كما كنت قققد رأيققت بنققات‬
‫كثيرة أجريت لهن هذه العملّية ومدى اللم الذي تعّرضن له‪ .‬كانت أمي كما أتققذّكر تبكققي معققي وهققي‬
‫»تخّلعني« ملبسي قائلة »عشققان تكققبري وتفققوري وتتخنققي«‪ .‬ول أنسققى نظققرات »عققم إسققماعيل«‬
‫لق أخويا في جسدي كّله وهو يعد الموسى وضربة في »الكويتشققة الطويلققة« ويسققألهم‪» :‬أكّلتوهققا‬ ‫حّ‬
‫اللحمة وشّربتوها اللبن ول لسه«؟ حينما لمسني لم أصرخ من اللم قدر ما صعب علي جسمي الققذي‬
‫ل أتحّرك من سققريري‬ ‫أخفيه من أبي وأمي وأخواتي‪ ،‬بعدها وضع لي »شوّية بن« وقطن ونصحني أ ّ‬
‫لمّدة ‪ 10‬أّيام‪ .‬كل هذا كوم وعذاب أّول مّرة أدخل الحّمام كان كوم ثاني بل كثيرًا ما أتشعره للن!«‬

‫‪Zwang: Functional and erotic consequences, p. 70-71‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Zwang: Les mutilations sexuelles féminines, p. 25‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫السّكري ص ‪ .36‬أنظر أيضًا السّيد‪ ،‬مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪31‬؛ السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪-34‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.35‬‬
‫‪309‬‬
‫ونشير هنا إلى أن الغرب قد لجأ في السابق إلى ختان الناث للحد من العادة السّرية واللّذة الجنسّية‪ .‬ومع دراسققات‬
‫فرويد زاد الهتمام بالجنس وتحّول الفكر الغربي من كبح للّذة إلى البحث عنها كحققق مققن حقققوق الفققرد‪ .‬وانعكققس‬
‫صة ختان النثى‪ .‬وكان فرويد يعتبر البظر عضوًا ثانويًا للقّذة مقارنققة بالمهبققل‪ .‬وقققد نشققرت‬ ‫هذا على الختان‪ ،‬وخا ّ‬
‫إحدى تلميقذاته »مققاري بونابقارت« دراسققة عقام ‪ 1924‬تققول فيهققا إن البظققر مهقم للعلققة الجنسقّية وأن الثقارة‬
‫الجنسّية مرتبطة بقربه من فتحة البقول‪ .‬ولقذلك إققترحت أن تققّرب بينهمققا وذلقك ببققتر اللحقم المحيقط بققالبظر مقن‬
‫جانبيه‪ .‬وقد قام بتلك العملّية الطبيب »جوزيف هالبان« مقن فينقا عقام ‪ 1932‬علقى خمقس نسقاء‪ .‬وكقانت التجربقة‬
‫فاشلة‪ .1‬ورغم ذلك فقد أّيدت السّيدة »جودي لورنس« هذه النظرّية كوسيلة لزيادة اللّذة عنققد المققرأة فققي كتققاب لهققا‬
‫صدر عام ‪ 1973‬عنونته »البحث عن الرتواء الكامل«‪.2‬‬

‫ل يقترح فيققه قطققع غلف البظققر إذ إن هققذه العملّيققة‪ ،‬فققي‬


‫وقد كتب الدكتور اليهودي »راثمان« في عام ‪ 1959‬مقا ً‬
‫رأيه‪ ،‬قد أثبتت فائدتها منذ أكثر من ‪ 3000‬سنة‪ .‬بالضافة إلى إمكانّية اللجوء إلى هذه الوسيلة عنققدما يكققون هنققاك‬
‫خم الغلفة أو عطل ميكانيكي‪ ،‬يرى هذا الطبيب فققائدة مققن مثققل هققذا القطققع فققي‬ ‫حاجة لتصليح عيب في الشكل لتض ّ‬
‫الحالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت المرأة تجد صعوبة في الوصول إلى الرتواء الجنسي أو ل تصل إليه‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كانت المرأة غير راغبة في العلققة الجنسقّية رغقم أنقه ل يوجقد هنقاك عيقب فقي الغلفقة‪ .‬وهنقا‬
‫تساعد العملّية لحل مشاكلها النفسّية‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان الرجل بليدًا ويصعب تثقيفه‪ .‬فهذه العملّية تساعده ليجد طريقه لبظر المرأة بسهولة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان البظر صغيرًا‪ .‬وهنا تساعد العملّية في إبرازه‪.‬‬

‫خم‬‫ويذكر هذا الطبيب أن إمرأة عمرها ‪ 34‬سنة طّلقت خمس مّرات َقبل أن تلجأ إليققه‪ .‬فوجققد أنهققا تعققاني مققن تضق ّ‬
‫وضيق في الغلفة وأنها لم تصل أبدًا للرتواء‪ .‬وبعد أن أجرى عليها الختان‪ ،‬عادت وتزّوجت مع آخر رجل طّلقتققه‬
‫سف لنها ضّيعت أربع فرص أخرى‪ .‬ولجراء هذه العملّية‪ ،‬عرض هذا‬ ‫ولم يعد عندها أّية مشكلة جنسّية‪ .‬وهي تتأ ّ‬
‫الطبيب بالصور آلة من إختراعه تشبه الكّماشققة لهققا رأس مققدّبب علققى شققكل مثّلققث يكققون طرفهققا العلققى مسقّنن‬
‫ومفرغ من الداخل‪ .‬يوضع طرف الكّماشة السفل بين البظر والغلفة وطرفهقا العلققى فقوق الغلفقة‪ ،‬ويكبققس بشقّدة‬
‫على الغلفة التي تقطع بمشرط جراحي على حاّفة الطرف العلى حّتى يبين الطرف السفل للكّماشة‪.3‬‬

‫ل مدافعًا عن ختان الناث كوسيلة لزيققادة لل قّذة‪ ،4‬وهققو طققبيب فققي‬ ‫وقد نشر الدكتور »ليو وولمان« عام ‪ 1973‬مقا ً‬
‫حة العالمّية القدكتور »روبيقرت كقوك« عقام‬ ‫ظمة الص ّ‬ ‫مستشفى »إبن ميمون« في »بروكلين«‪ .‬وقد إعتمد خبير من ّ‬
‫‪ 1976‬على كتابات »راثمان« و»وولمان« لكي يبّرر إهماله لهذا النوع من الختققان باعتبققاره ختان قًا مفيققدًا‪ .‬ونشققر‬
‫الدكتور »بورت« عام ‪ 1975‬كتابًا عنوانه »جراحة الحب«‪ 5‬يّدعي فيه أن السعادة الجنسّية تتم ليس بتقريب البظر‬
‫من الفرج‪ ،‬بل بتقريب الفرج من البظر بقطع العصب العصعصققي وإجققراء ختققان غلفققة البظققر‪ .‬وكققان »بققورت«‬
‫جّراحا يخيط الفروج بعد شّقها عند الولدة‪.6‬‬

‫لت الشعبّية المريكّية مقالت مؤّيدة لختققان النققاث‪ .‬ففققي عققام ‪ ،1973‬نشققرت مجّلققة ‪Playgirl‬‬ ‫وقد نشرت المج ّ‬
‫‪7‬‬
‫ل عنوانه‪» :‬ختان المرأة ألطف قطع على الطلق« ‪ .‬وبعد سنة ونصققف مققن‬ ‫التي يقرأها سّتة مليين شخص‪ ،‬مقا ً‬
‫‪8‬‬
‫ل آخرًا لنفس الكاتبة عنققوانه »جراحققة بمققائة دولر لحيققاة جنسقّية تسققاوي مليققون دولر« ‪.‬‬
‫ذلك المقال نشرت مقا ً‬
‫ل بأنه يجري تلك العملّية وأن قرابة ‪ 15‬إلى ‪ %20‬من الس قّيدات قققد‬ ‫وبعث طبيب برسالة للمجّلة شاكرًا للمقال وقائ ً‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 186-187‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 177-178‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Rathmann: Female circumcision, p. 115-120‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wollman: Female Circumcision‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Burt: Surgery of Love‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 188-190; Hodges: A short history,‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪p. 32‬‬
‫‪Kellison: Circumcision for women‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Kellison: 100$ Surgery‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪310‬‬
‫ل إعتبرت فيه أن ختان الناث‬ ‫تستفيد منها‪ .1‬كما نشرت مجّلة ‪ Cosmopolitan‬الواسعة النتشار عام ‪ 1976‬مقا ً‬
‫المتمّثل في بتر غلف البظر هو إحدى وسائل زيادة اللّذة الجنسّية عندهن وذلققك بتقريققب البظققر مققن فتحققة الفققرج‬
‫حّتى يلمس القضيب في العلقة الجنسّية‪ .‬وهذه المجّلة تقول إن ختان الناث قد يفيد ‪ %10‬من النسققاء‪ .2‬وقققد ققّدر‬
‫»فالرشتاين« في كتابه الذي صدر عققام ‪ 1980‬عققدد عملّيققات ختققان النققاث الققتي تجققرى سققنويًا فققي المستشققفيات‬
‫صة أكثر مققن‬ ‫المريكّية بقصد زيادة اللّذة بين ‪ 2000‬و ‪ 3000‬عملّية‪ .‬ويظن أن ما يجرى في عيادات الطّباء الخا ّ‬
‫ذلك بخمسين مّرة‪ .‬وقد إنتقد هذه االعادة عدد من الكّتاب المريكّيين واعتبروا أن هذه الممارسة يجب أن ل تجققرى‬
‫بصورة روتينّية بل فقط على بعض النساء اللواتي ل يصققلن إلققى الرتققواء الجنسققي‪ .‬وقققد أعلنققت إحققدى شققركات‬
‫التأمين المريكّية عام ‪ 1977‬بأنها لن تدفع من الن وصاعدًا مثل تلك العملّية‪.3‬‬

‫وتوجد على النترنيت رسالتين من سّيدتين أمريكيتين أزال طبيب غلفقة بظرهمقا لتقويقة اللقّذة الجنسقّية مققن خلل‬
‫إبراز البظر‪ .‬وتّدعيان بأنهما إستفادتا من هذه العملّية‪ .‬وتنصققح إحققدى السقّيدتين أن تفكققر جميققع النسققاء فققي إزالققة‬
‫غلفتهن وأن تلجأ للطبيب عنققدما يكققون عمرهققن عشققرين عامقًا لفحققص بظرهققن‪ .‬وتضققيف أن ذلققك يسققاعد علققى‬
‫النظافة‪.4‬‬

‫ل عن طبيب يقوم منذ ‪12‬‬ ‫وقد نشرت صحيفة ‪ Toronto Globe and Mail‬الكندّية في ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1998‬مقا ً‬
‫سنة بقص الشفرين الصغيرين وغلفة البظر وتضييق فتحة الفرج لسباب جمالّية ولزيادة الل قّذة‪ .‬وهققو يجققري هققذه‬
‫العملّية على القل مّرة كل شهر‪ .‬وتكّلف العملّية ما بين ‪ 1500‬و ‪ 2500‬دولر كندي‪ .‬وتتققم علققى مجموعققتين مققن‬
‫النساء‪ :‬النساء الرياضّيات تتراوح أعمققارهن بيققن ‪ 25‬و ‪ 35‬سققنة اللققواتي يققردن أن يكققون مظهرهققن مققدخل لهققن‬
‫للعالم‪ ،‬ونساء يعانين من تشّوه خلقي قد يؤّثر على اللقّذة الجنسقّية‪ .‬فقققد تكققون الشققفرة كققبيرة فتنحبققس خلل ولققوج‬
‫طي البظر تمامًا‪ .‬ويذكر المقال قول طبيب آخر من »تورنتو« بأن عددًا من النساء يرغبن بشّدة فققي‬ ‫القضيب أو تغ ّ‬
‫إجراء هذه العملّية إلى درجة أنه من غير الممكن القول بأنه ذلك ليس لهن حق في إجرائها‪ .‬كما يذكر شهادة سققّيدة‬
‫أمريكّية أجرت عملّية قص الشققفرين لنهققا كققانت غيقر مرتاحقة فقي العلقققة الجنسقّية وتشقعر بقألم عنقدما تركقب‬
‫الحصان أو الدّراجة‪.5‬‬

‫د( صعوبة التعّرف على علقة ختان الناث باللّذة‬

‫يظهر من إستطلع تم في دولة مالي وساحل العاج بأن عدد الباردات جنسّيا بين المختونات ليققس أعلققى مققن عققدد‬
‫الباردات جنسّيا بين غير المختونات‪ .‬ويشير البحث بأن الجدل العام حول هذا الموضققوع أوجققد كبحقًا عنققد بعققض‬
‫النساء المختونات اللواتي يتساءلن بعد قراءاتهن عّما إذا كانت علقاتهن الجنسّية طبيعّية أم ل‪.6‬‬

‫كما جاء في بحث لماري أسعد من أن مناقشة مع ‪ 135‬ممّرضة في مصر أوضحت عققدم وجققود علقققة بيققن اللقّذة‬
‫الجنسّية والختان‪ .‬فقد ذكرت ‪ %90‬منهن أنهققن يتمّتعققن بققالجنس‪ .‬ولكّنهققا أضققافت بققأن هققذه الرقققام يجققب أخققذها‬
‫بتحّرز بسبب حساسّية الموضوع‪.7‬‬

‫وتقول الكاتبة المريكّية »ليتفوت كلين« إن ‪ %90‬من النسقاء السقودانّيات اللقواتي ققابلتهن أخبرنهقا بقأنهن كقن‬
‫يصلن إلى الشبك الجنسي بصققورة منتظمققة أو فققي بعققض الحيققان‪ .‬وقققد يكققون ذلققك مبققالغ فيققه ليظهققرن بمظهققر‬
‫الزوجات الجّيدات‪ .‬ولكّنها تضيف أنه ل يوجد عندها شك في أن الرتواء الجنسي موجود حّتى عند النساء اللواتي‬
‫قطعن بصورة قاسّية‪.8‬‬
‫‪Walden: Letter to the Editor‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ Isenberg; Elting: A guide to sexual surgery‬أنظر للتفاصيل ‪Wallerstein: Circumcision: an‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪American health fallacy, p. 183-184‬‬


‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 183-185‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪www.circlist.org/canatomyfemale.html‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪www.circlist.org/canatomyfemale.html‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Kamara‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ ;Assaad: Female circumcision in Egypt, p. 24‬أنظر أيضًا ‪Giorgis, p. 31-33‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 80-81‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪311‬‬
‫وتذكر الطبيبة السودانّية »أسما الضرير« في دراستها حول ‪ 2375‬إمرأة سودانّية مختونققة منهققن ‪ 2006‬مختونققة‬
‫فرعونيا بأن ‪ %50‬من النساء لم يشعرن أبدًا باللّذة الجنسّية وأنهن يمارسن الجنس كواجب‪ ،‬وأن ‪ %23.3‬منهن ل‬
‫فرق عندهن‪ ،‬والباقيات إّما أنهن يعتبرن العلقة لذيذة بصورة عاّمة أو في بعض الحيان‪ .‬وأشارت أن ما تبّين لها‬
‫خلل الستجوابات حول ما إذا كن يتمّتعن باللّذة الجنسّية أم ل هقو أن مقا يشقعرن بقه ل أهّميقة لقه وأن المهقم هقو‬
‫إرضاء أزواجهن‪.1‬‬

‫سر صعوبة معرفة مدى تأثير ختان الناث على الشهوة واللّذة الجنسّية‪:‬‬
‫هناك عّدة عوامل تف ّ‬

‫صققة‬
‫‪ -‬تجهل بعض النساء تعريف اللّذة والرتواء‪ .‬فهناك من تعيش في توّتر جنسي وتظن أن ذلك هو الرتواء خا ّ‬
‫إذا لم تختبره وليس لديها وسيلة للمقارنة‪ .‬فالمرأة التي لم تحمل أبدًا ساعة في حياتها ل تسققتطيع أن تتكّلققم بصققورة‬
‫واضحة حول مّدة اللّذة‪ .‬فهي لم تتعامل أبدًا مع الثواني والدقائق‪ .‬فإن قالت سّيدة إن اللقّذة طققالت دقيقققتين أو ثلثققة‪.‬‬
‫فهذا قد يعني أن اللّذة دامت وقتًا قصيرًا‪.2‬‬

‫‪ -‬بعض النساء المختونات تنكر عدم وصولها للّذة خوفًا من أن يطّلقها زوجها إذا ما إكتشف بققأن غيرهققا أكققثر لقّذة‬
‫منها‪ ،‬فتقنع بمصيرها‪.3‬‬

‫‪ -‬تختلف النظرة إلى اللّذة حسب الشعوب والخلفّيات الثقافّية‪ .‬ففي المجتمعات حيث يتم ختان الناث علققى الطريقققة‬
‫الفرعونّية‪ ،‬يمكن إعتبار أن أكثر الرجال قد تكّيفوا مققع فققرج ضقّيق لسقّيدة تأخققذ موقفقًا سققلبّيا أو تتققأّلم‪ .‬ولكققن هققذا‬
‫الوضع سيختلف مع إنفتاح المجتمع واكتشاف أن ختان الناث ليس منتشققرًا فققي كققل العققالم‪ .‬وقققد يققؤّدي ذلققك إلققى‬
‫وضع غير مريح‪ .‬فبعض النساء التي إكتشفت وضعًا مخالفًا في بلد أخرى بسبب قراءاتها قد يتحّول رضاهن عن‬
‫وضعهن إلى كآبة ويصبن بصدمة عصبّية تتطّلب العلج‪ .4‬ويرى البعض أن الجدل حول علقة الختان باللقّذة مققن‬
‫صة بالجنس‪ .‬مّما جعل البعض يرون فيه نوعًا من العنصرّية والهانة وكثيرًا مققن‬ ‫نتاج الفكر الغربي ونظرته الخا ّ‬
‫المبالغات‪.5‬‬

‫‪ -‬تختلف اللّذة الجنسّية من إمرأة إلى أخرى‪ .‬فهناك من يصلن إلى الرتواء الجنسي بمجّرد الُقبلت‪ ،‬وبعضققهن قققد‬
‫يصلن من خلل مداعبة الثدي‪ ،‬وبعضهن من خلل مداعبة البظر والشققفرين‪ ،‬والبعققض الخققر مققن خلل اليلج‬
‫الشديد للقضيب في الفرج‪ .‬ومن بتر لها عضو يمكنها أن تطّور شعورًا باللّذة من خلل عضو بديل‪ .‬فاللّذة الجنسقّية‬
‫ل تكمن فقط في نطاق البظر‪ .‬وعندما تسأل المرأة المختونة ما هو الجزء الكثر حساسّية عندها تقول البعض بأنه‬
‫ل ما تشير إلى العضاء الجنسّية بصورة عفوّية‪ .‬ول يعرف ما إذا كققان‬ ‫الثدي أو الرقبة أو البطن أو الفخذين‪ ،‬وقلي ً‬
‫‪6‬‬
‫هذا سببه التحّفظ في الكلم عن هذه العضاء أو تحّول الحساسّية من العضاء المبتورة إلى أعضاء أخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬تحيط باللّذة محّرمات تجعل من الصعب الباحة بهققا بصققورة مباشققرة‪ .‬فقققد كققانت الكاتبققة المريكّيققة »ليتفققوت‬
‫كلين« تسأل مخاطباتها إذا كقانت تطلقب مقن زوجهقا إجقراء العلققة الجنسقّية معهقا‪ .‬فأشقارت عليهقا مترجمتهقا‬
‫ل من ذلك ما إذا كانت المرأة تلجأ إلى التبخيققر‪ .‬ففققي السققودان تقققوم المققرأة الققتي‬‫السودانّية بأنها عليها أن تسأل بد ً‬
‫ترغب في العلقة الجنسقّية بتبخيققر نفسققها‪ ،‬فيفهققم زوجهققا رغبتهققا عنققد شقّمه رائحققة البخققور‪ .‬ومقن عققادة النسققاء‬
‫السودانّيات عدم إشعار الزوج بأنهن يتفاعلن مع العلقة الجنسّية‪ ،‬لنه ينظر إلى ذلك نظققرة سقّيئة وققد يققؤّدي إلققى‬
‫الطلق‪.7‬‬

‫‪El-Dareer, p. 48‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 83-87‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Couchard, p. 147-148‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Kamara‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Couchard, p. 145‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 91-93‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ .Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 23, 87-90‬أنظر كذلك في الصومال ‪Gallo; Viviani: Il ruolo‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪dell'olfatto‬‬
‫‪312‬‬
‫ويشار هنا إلى أنه يتم إعادة رتق الفرج بعد الولدة مع إبقاء فتحة صغيرة‪ .‬والمرأة هي الققتي تطققالب بققإجراء هققذه‬
‫ضل أن تكون فتحة الفرج أكبر‪ .‬وإن إعترض زوجها على ذلك‪ ،‬فإنها تققذّكره بققأن‬ ‫العملّية لها رغم أن زوجها قد يف ّ‬
‫خل فيه‪ .‬والهدف من تلك العملّية هو منع الفققرج مققن التهقّدل‪ .‬وهنققاك بعققض‬ ‫هذا أمر يخص النساء ول يحق له التد ّ‬
‫النسققاء اللققواتي يقمققن بطلققب خياطققة فرجهققن مققن جديققد حّتققى دون ولدة‪ ،‬معتققبرة ذلققك هدّيققة منهققن لزواجهققن‪.‬‬
‫فالزوجات المتهّدلت الفرج ل يشعرن باللّذة إذ ليس هناك أعضاء يحتك بهققا القضققيب‪ .‬مّمققا يعنققي أن الهققدف مققن‬
‫العملّية ليست فقط لصالح أزواجهن بل لصالحهن‪ .‬وهذا ما يخلق التقّولت‪» :‬عجوز تبحث عن ل قّذة جنس قّية«‪ .‬مّمققا‬
‫يدفع بعض النساء إلى التوّقف عن طلب خياطة فرجهن مكتفيات بدورهن كجّدات‪.1‬‬

‫حة العالمّية إلى النتيجة التالية بعد إستعراضها للراء المتناقضة‪:‬‬ ‫ظمة الص ّ‬ ‫صلت دراسة نشرتها من ّ‬ ‫وقد تو ّ‬
‫»جميع أنقواع ختققان النققاث تققؤّثر إلققى درجققة مققا علققى التجققاوب الجنسققي للنسققاء‪ ،‬ولكّنهققا ل تلغققي‬
‫ساسة وجذر البظر مدفونققة فققي‬ ‫بالضرورة إمكانّية حصول اللّذة والرتواء ]‪ .[...‬فبعض النسجة الح ّ‬
‫عمق العانة ول ُتزال عند بتر العضاء الظاهرة‪ .‬وحّتى النساء المختونات علققى الطريقققة الفرعونّيققة‬
‫ساسقة مقن البظققر والشققفرين‪ .‬وبعقض الدراسققات تقبّين أنقه‬ ‫يحتفظن بأجزاء سققليمة مقن النسققجة الح ّ‬
‫بالضافة إلى العضاء التناسلّية الخارجّية‪ ،‬هناك أعضاء أخرى مهّيجة في جسم النسان قققد تصققبح‬
‫صقة عنقدما تتقم التجربقة الجنسقّية بصقورة جّيقدة مقع شقريك‬ ‫أكثر إحساسًا في حالة ختان الناث‪ ،‬خا ّ‬
‫حريص على مشاعر شريكته‪ .‬كما أن المكّونات النفسقّية والدماغّيقة للتجربققة الجنسقّية تتققأّثر بعوامققل‬
‫شّتى ل يمكن دائمًا التنبؤ بها‪ .‬وهناك حاجة إلققى دراسققات أكققثر دّقققة َقبققل إلقققاء الضققوء علققى الثققار‬
‫الجنسّية لبتر العضاء التناسلّية عند الناث«‪.2‬‬

‫هـ( رضى الرجال عن ختان الناث‬

‫سّني« يققرون فيققه وسققيلة‬ ‫تختلف نظرة الرجال إلى العضاء الجنسّية النثوّية حسب إعتقاداتهم‪ .‬فمؤّيدو الختان »ال ُ‬
‫للوصول إلى لّذة الرجل‪ .‬وقد ذكرنا أن الشيخ محمود شلتوت يرى فقي إزالققة »القزوائد« َمكُرَمققة للمققرأة والرجققل‪.‬‬
‫ويتساءل الدكتور حامد الغّوابي »كيف لرجل أن يختلط بزوجة وهي لها عضو كعضوه ينتصقب كانتصقابه‪ .‬أليقس‬
‫ذلك أدعى إلى إستئصال جزء من هذا العضو كما جاء في حديث رسول ال )ص(؟«‪.3‬‬

‫هذا وقد إعتبر الشيخ النفزاوي )توّفى عام ‪ (1324‬ضققيق الفققرج وسققيلة لزيققادة لقّذة الرجققل‪ .‬وللوصققول إلققى ذلققك‬
‫ينصح بما يلي‪» :‬ولتضييقه‪ ،‬تحل الشب في الماء وتستنجى به مع ماء السواك فققإنه يضققيق‪ .‬ولققرد الرحققم البققارز‪:‬‬
‫يطبخ الخّروب طبخًا ناعمًا بعد إزالة نوائه وقشور الرمان بالماء‪ ،‬وتجلس المرأة عليه دائمقًا بقققدر الحتمققال‪ .‬فققإذا‬
‫خر بروث البقر‪ ،‬فإنه يرجع إن شققاء ال ق تعققالى«‪ .4‬وتضققييق‬ ‫خنه وتعيد الجلوس عليه‪ .‬تفعل ذلك مرارًا وتب ّ‬‫برد تس ّ‬
‫جان عند الولدة أمر معروف في الغرب والقصد منه هققو أيضقًا‬ ‫الفرج لعادته إلى شكله الطبيعي إذا ما تم شق الع ّ‬
‫زيادة لّذة الرجل والمرأة‪.5‬‬

‫وفي كلمتها أمام مؤتمر أديس أبابا لعام ‪ 1987‬ذكقرت ممّثلقة الصققومال أن هنقاك إعتقققاد فققي بلقدها أن الرجققال ل‬
‫ل إذا كانت مشبوكة الفرج‪ .‬وهذا الرأي ناتج من فكرة أن الرجل يجني لقّذة أكققبر إذا كققانت فتحققة‬ ‫يتزّوجون البنت إ ّ‬
‫فرج المرأة ضّيقة من خلل عملّية الختان‪ .‬ولكّنها تقول بأن الشكال المختلفة لختققان النققاث تزيققد مققن ألققم المققرأة‬
‫وتنقص من اللّذة الجنسّية‪ .‬وقد يؤّدي ذلك إلى إحساس بعدم القدرة عند الرجل‪.6‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 8, 78, 119-121‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Female genital mutilation: an overview, p. 35‬‬ ‫‪2‬‬

‫الغّوابي‪ ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪3‬‬

‫النفزاوي‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Sanderson, p. 52‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles, Addis Abeba, 1987, p. 101‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪313‬‬
‫ويذكر كتاب الممارسات التقليدّية أن »البحوث التي أجريت في السودان على ‪ 300‬زوج سوداني لكل واحققد منهققم‬
‫ضلون العلقققة الجنس قّية مققع‬
‫أكثر من زوجة بعضهن مختتنات وبعضهن غير مختتنات‪ .‬فأجاب ‪ 266‬منهم بأنهم يف ّ‬
‫الزوجة غير المختتنة«‪.1‬‬

‫سقن الققّوة الجنسقّية للقذكور لن البظقر‬ ‫وتقول كاتبة إفريقّية أن أحد حجج مؤّيدي ختان الناث هو العتقاد بقأنه يح ّ‬
‫يتهّيج مثل القضيب ويؤّدي إلى سرعة القذف‪ .‬وفي كثير من الجماعققات الذكورّيققة‪ ،‬يعتققبر إنهققاء العلقققة الجنسقّية‬
‫بسرعة إهانة تؤّدي إلى خصومات في العلقققة الزوجّيققة‪ .‬فالرجققل يعتقققد بققأنه هققو الققذي عليققه أن يتحّكققم بالعلقققة‬
‫خل المرأة في تلك الُمهّمة‪.2‬‬ ‫الجنسّية للمّدة التي يرغب فيها‪ .‬ولذلك فإن ختان الناث يساعد في عدم تد ّ‬

‫وإن كان البعض يرون في بتر العضاء الجنسّية للنثى وتضييق الفرج زيادة في اللّذة‪ ،‬فإن آخرين يرون العكس‪.‬‬
‫سع فتحة الفققرج‪ .‬والرجققال فققي تلققك القبققائل‬
‫فبعض القبائل تلجأ إلى شد البظر والشفرين حّتى تطولن‪ ،‬كما أنها تو ّ‬
‫‪3‬‬
‫يقّدرون هذه الظاهرة ويبحثون عن النساء التي أجريت لهن هذه العملّية ‪.‬‬

‫هناك إذًا تضارب في الراء حول علقة ختان الناث بلّذة الرجل‪ .‬ولكن يجب الشارة إلى أن الختان الفرعوني قد‬
‫يؤّدي إلى علقة جنسّية مؤلمة جّدا في بادئ المر لكل من الرجل والمرأة‪ .‬ول يمكن تصّور حققدوث لقّذة فققي هققذه‬
‫ل إذا إعتبرنا أن الرجل والمرأة مصابان بمققرض السادومازوشقّية‪ .‬وهققي حالققة مرضقّية معروفققة سققوف‬ ‫العلقة إ ّ‬
‫نعود إليها في الجدل الجتماعي‪ .‬ففتح المرأة المختونة فرعونيًا بقضيب الرجل قد يأخذ من أسبوع إلى عّدة أشققهر‪.‬‬
‫وقد يلجأ الزوج إلى شق فرج المرأة بسّكين‪ ،‬أو قد يطلب مساعدة الداية في فتح الزوجة مقابل مبلغ من المال علققى‬
‫أن ل تبوح بالسر‪ .‬وفي بعض الحيان يحدث قناة جانبّية يمارس الجنس من خللها دون علم أن ذلك ليققس الفققرج‪.‬‬
‫وقد كسر طبيب ثلث شفرات جراحّية دون أن يتمّكققن مقن شققق فقرج المقرأة‪ ،‬ثققم نجقح فققي مهّمتقه بمقققص ققوي‪.‬‬
‫والزوج الذي ل يتمّكن من فتح فرج زوجته يمارس اللواط معها مّما يؤّدي إلى تشّقق في الشرج‪ .4‬ونشير هنققا إلققى‬
‫أن فرج المرأة بعد الولدة يتم تخييطه من جديد مّما يعني مواجهة مشكلة فتح المرأة من جديد بعققد مققرور أربعيققن‬
‫يومًا من الولدة‪ .‬وخياطة الفرج بعد الولدة بدعة جديدة ظهرت في المدن السودانّية منذ ‪ 50‬سنة‪.5‬‬

‫ل شديدين وكققأنه نتيجققة تعققذيب‪.‬‬ ‫وتذكر »ليتفوت كلين« كيف أنها سمعت في الفندق الذي تنام فيه صراخًا وعوي ً‬
‫خل للحد من هذا الصراخ والعويل‪ ،‬أجابهققا بققأنه فنققدق‬ ‫وعندما سألت صاحب الفندق ماذا جرى وإن كان ممكنًا التد ّ‬
‫لقضاء شهر العسل ول يمكن فعققل أي شققيء‪ .‬وعنقدها فهمقت لمقاذا يتواجقد فنقدق شققهر العسقل ققرب المستشقفى‪.‬‬
‫وعندما تتم ليلة الدخلة في البيت‪ ،‬فإن الزوجين يدخلن إلققى غرفققة بينمققا ينتظققر الضققيوف خققروج الزوجيققن وقققد‬
‫إنتهيا من مهّمتهما وهم يسمعون صراخهما وعويلهما‪ .‬وبعد النتهاء من الُمهّمة يخرج الققزوج ومعققه زوجتققه إلققى‬
‫سققوا‬
‫المستشفى لعلجها وعلج نفسه بسبب تجّرح قضيبه‪ .‬وبعض الرجال يلجأون إلققى السققكر الشققديد حّتققى ل يح ّ‬
‫باللم الذي يعانون منه وتعاني منه زوجاتهم ليلة الدخلة‪.6‬‬

‫‪ (3‬الختان وتعاطي المخّدرات‬


‫هناك جدل حول علقة ختان الذكور والناث بتعاطي المخّدرات‪ .‬ولكن ما زالت تنقصنا الدراسات الجّدية في هققذا‬
‫المجال‪ ،‬رّبما لحساسّية الموضوع‪ .‬ولتشجيع الباحثين‪ ،‬نقّدم هنا عرضًا للراء التي عثرنا عليها‪.‬‬

‫الممارسات التقليدّية‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Koso-Thomas: The circumcision, p. 8-9, 11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Ombolo, p. 101-102‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 58-59‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 60, 98‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 104-105, 125‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪314‬‬
‫أ( ختان الذكور وتعاطي المخّدرات‬

‫كتب القليل عن علقة ختان الذكور بتعاطي المخّدرات‪ .‬يقول »جولدمان«‪ ،‬وهو معارض لختققان الققذكور‪ ،‬أنققه إذا‬
‫ما عرف الذكور المختونون أن الغلفة هي جزء من أعضائهم‪ ،‬فإنهم سوف ينظرون لنفسهم نظرة سلبّية مّما يحط‬
‫صة أن العلقة الجنسّية لها صلة قوّية بتقققدير الققذات‪ .‬وإذا َقبلنققا بققأن الختققان ينقققص اللقّذة‬
‫من تقديرهم لنفسهم‪ ،‬خا ّ‬
‫الجنسّية‪ ،‬فيجب أن نعتبر أن الختان ينقص تقدير الذات‪ .‬وهذا له أثر شخصي واجتمققاعي‪ .‬فالققذي ل يق قّدر نفسققه ل‬
‫يقّدر الخرين‪ .‬ويؤّدي ذلك إلى النعزالّية‪ ،‬والحباط واستعمال المخّدرات‪.1‬‬

‫صا للشيخ محمود محّمد خضر يقول عكس ذلك‪ .‬فهو يرى أن عققدم الختققان يققؤّدي إلققى‬ ‫وقد نشرنا في المحلق ‪ 24‬ن ّ‬
‫شّدة الهيجان الجنسي أو سرعته ومن ثم إلى سرعة القذف التي تعتبر من أخطر أمراض العصر‪ .‬وغالب قًا مققا يلجققأ‬
‫الرجل إلى المخّدرات لتبريد هذا الهيجان وإطالة أمقد العملّيقة الجنسقّية‪ ،‬وبعققض النقاس يسقتعين بالغطقاء القذكري‬
‫لطالة العملّية ولو لم يكن بحاجة إليه لمنع الحمل من الجماع‪.2‬‬

‫ب( ختان الناث وتعاطي المخّدرات‬

‫تشير كتابات مصرّية كثيرة إلى علقة تعاطي المخّدرات بختان الناث‪ .‬فقد كتب أحمد أمين‪:‬‬
‫»في هذه الّيام من حياتي‪ ،‬أعني في سنة ‪ 1950‬وما بعدها‪ ،‬نادى بعض النققاس بقصققر الختققان علققى‬
‫جتهققم فققي ذلققك أن ختققان البنققات قققد سقّبب إنتشققار عققادة تعققاطي الحشققيش‬
‫الققذكور دون النققاث‪ ،‬وح ّ‬
‫والمنزول والفيون ونحو ذلك ‪ 0‬وذلك بسبب أن البنت إذا إختتنت ثم كبرت فختانهققا يقّلققل مققن ل قّذتها‬
‫الجنسّية‪ ،‬فيضطر الرجل إلى إستعمال المخّدرات التي ذكرناها لغيابه عنققد مضققاجعتها‪ .‬فنققادوا بعققدم‬
‫ختانها حّتى ل يضطر الرجل إلى مثل هذه المخّدرات؛ ولم تلقى هذه الدعوة في أّول أمرها كثيرًا من‬
‫الهتمام«‪.3‬‬

‫ويقول الدكتور محّمد سعيد الحديدي‪:‬‬


‫»إن المخ قّدرات والمغّيبققات بكاّفققة أنواعهققا قققد إنتشققرت فققي بلدنققا إنتشققارًا مخيف قًا قققد تع قّدى كققل‬
‫الحصائّيات في أي بلد آخر ]‪ [...‬رغم العقوبات الشديدة والقوانين الصارمة التي يؤخذ بهققا كققل مققن‬
‫يتجرأ ويتعاطى هذه المخّدرات‪ .‬ما السر في هذا يا حضرات السادة‪ .‬لو إهتدينا لهذا السر لوّفرنا على‬
‫أنفسنا وعلى أّمتنا المال الكثير الذي يبذل لمكافحة هذه الشياء ولجنينا فوائد أعظم‪ .‬فكم من أشققخاص‬
‫حوا بأموالهم وعقولهم وأسرهم لتعاطي هذه السموم‪ .‬ما السر في ذلك إذًا؟‬ ‫جوا في السجون وكم ض ّ‬ ‫زّ‬
‫إني أسّلم معكم بأن كثيرًا مّمن يتعاطون هذه المواد المخّدرة يتعاطونها لنقص في إدراكهققم وتكققوينهم‬
‫العقلي‪ .‬ولكن ما رأيكم فيمن يتعاطون هذه المقواد مقن أنقاس يشقهد لهقم نجقاحهم فقي حيقاتهم العملّيقة‬
‫والعلمّية والدبّية والماّدية بقسط أوفر من رجحان العقل بل النبوغ؟ الجواب بسيط‪ .‬وهو الرغبققة فققي‬
‫تخدير الحساسّية لدى هؤلء الرجال ليحصل التكافؤ بينهم وبين من يلمسون من نساء مختتنات«‪.4‬‬

‫ويقول الدكتور رشدي عّمار‪:‬‬


‫»في ‪ 62‬حالة كان الزواج يتعاطون المخّدرات أو المشققروبات الكحولّيققة للمسققاعدة علققى الّتصققال‬
‫الجنسي ولطالة مّدة العملّية الجنسّية رغبة فققي إشققباع الزواج والزوجققات‪ .‬وبسققؤالهن عققن النتققائج‬
‫كانت الجابة أنه أفاد في بعض الحالت وأنه يأتي بنتيجة عكسّية فققي حققالت أخققرى‪ .‬ونحققن جميعقًا‬
‫نعلم أن من أسباب إدمان بعض الرجققال علققى المخقّدرات أو المشققروبات الكحولّيققة هققو الرغبققة فققي‬
‫إشباع الزوجات بإطالة العملّية الجنسّية نظرًا لزيادة نسبة البرود الجنسي كنتيجة للطهارة«‪.5‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 142‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 24‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أمين‪ :‬قاموس العادات‪ ،‬ص ‪.188‬‬ ‫‪3‬‬

‫الحديدي‪ ،‬ص ‪.70-69‬‬ ‫‪4‬‬

‫عّمار‪ ،‬ص ‪ .52‬أنظر أيضًا مهران‪ ،‬ص ‪63‬؛ الفنجري‪ ،‬ص ‪ 16‬و ‪22-21‬؛ ‪El-Masry, p. 56-59‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪315‬‬
‫ويلحظ علقة بين ختان الناث وآفة ورق »القات« التي تعاني منها اليمقن‪ .‬فعنققدما حققاولت السققلطات البريطانّيقة‬
‫منع إستعمال »القات« في إبريل ‪ 1957‬في مستعمرة عدن كادت تندلع ثورة شعبّية‪ .‬فقد إعتبر اليمنيون ذلك المنققع‬
‫إنتهاكًا لحق من حقوقهم الساسّية‪ .‬وقد إسققتنكرت النسققاء هققذا المنققع لن ذلققك يققؤّثر علققى حيققاتهن الزوجّيققة‪ .‬وقققد‬
‫أجبرت السلطات البريطانّية إلغاء قرارها في ‪ 24‬يونيو ‪.11958‬‬

‫وقد رد مؤّيدو ختان الناث على هذا الّتهام معتققبرين أن عققدم ختققان النققاث هققو الققذي يققؤّدي إلققى الدمققان علققى‬
‫المخّدرات وليس العكس‪ .‬فهم يرون أن المرأة إذا لم تختن تبقى شديدة الميل جنسّيا مع تقّدم العمر على العكس مققن‬
‫الرجل الذي يفتر‪ .‬وحّتى يستطيع مضاهاتها‪ ،‬فإنه سوف يلجأ إلى إستعمال المخّدرات‪ .‬لكن »في الحالة التي تختتن‬
‫ل‪ ،‬والزوج والزوجة في حالة متساوية«‪.2‬‬ ‫فيها المرأة نصف إختتان‪ ،‬يكون إحساسها معقو ً‬

‫ل‪» :‬ألم تختن النساء على ممر القرون الطوال‪ ،‬فلم يحدث أي تعكير للرجال‪ ،‬ولققم‬ ‫ويقول مجدي فتحي السّيد متسائ ً‬
‫يصدر في يوم من الّيام أّية علقة تربط بين ختققان النسققاء والمخقّدرات«‪ .‬ويضققيف‪» :‬كيققف بعققد دعققوة الرسققول‬
‫)ص( إلى ختان النساء يقول لنا هؤلء بأنه سبب رواج المخّدرات؟! ولكن إذا لم تستح فققل مقا شقئت‪ ،‬وأصقنع مقا‬
‫ل جاهلّيققا‪،‬‬
‫شئت«‪ .‬ولكن صاحبنا بعد أن إستنكر الختان كما يجرى في السودان وأعتبره حرامًا فققي ديققن ال ق وعم ً‬
‫قال إن عواقبه وخيمة ويحرم الرجل والمرأة من اللقّذة ويقؤّدي أحيانقًا لشققرب المسققكرات والمخقّدرات مققن جققانب‬
‫الرجال‪.3‬‬

‫‪ (4‬الختان والشذوذ الجنسي‬


‫أ( تعريف الشذوذ الجنسي‬

‫الشذوذ الجنسي يعني ميل الرجل للعلقة الجنسّية مع رجل آخر‪ ،‬وميل المرأة للعلقققة الجنسقّية مققع إمققرأة أخققرى‪.‬‬
‫وممارسة الشذوذ الجنسي يمكن أن يكون بموافقة الطرفين أو مفروضًا من طرف علقى الخقر‪ .‬وفقي العلققة بيقن‬
‫رجلين هناك الداخل والمدخول‪ ،‬وقد يكون هناك تبادل للدوار‪ .‬ويمكن التفريق بين نوعين من الشذوذ الجنسي‪:‬‬
‫‪ -‬الشذوذ الجنسي العضوي‪ :‬إذا ما زادت هرمونات النوثة على هرمونات الذكورة عند الرجل‪ ،‬فقإن‬
‫ل للرجال‪ .‬وإذا ما زادت هرمونات الققذكورة علققى هرمونققات النوثققة‬ ‫هذا الرجل سيجد نفسه أكثر مي ً‬
‫ل للنساء‪.‬‬
‫عند المرأة‪ ،‬فإن هذه المرأة ستجد نفسها أكثر مي ً‬
‫صققة‪.‬‬
‫‪ -‬الشذوذ الجنسي الوضعي‪ :‬هذا الشذوذ ناتج ليس عن تكوين عضققوي‪ ،‬بققل بسققبب أوضققاع خا ّ‬
‫ل إذا سجن رجال في غرفة واحدة لمّدة طويلقة ولقم يكقن هنققاك منفققذ للوصقول إلقى المقرأة‪ ،‬فققإن‬ ‫فمث ً‬
‫هؤلء الرجال قد يلجأون إلى العلقة الجنسّية بينهم لسد حاجتهم‪ .‬ونفس المر إذا ما حبست نساء فققي‬
‫غرفة واحدة دون منفذ إلى الرجل‪ ،‬فإن هذه النساء قد يلجأن إلى العلقة الجنسّية بينهن‪.‬‬

‫والذي يهّمنا هنا هو الشذوذ الوضعي لمعرفة ما إذا كان الختان يجر الرجل أو المرأة إلققى ممارسققة علقققة جنسقّية‬
‫شاّذة‪.‬‬

‫ب( ختان الذكور والشذوذ الجنسي‬

‫ليس هناك دراسة شاملة حول علقة ختان الذكور بالشذوذ الجنسي بسبب حساسّية الموضوع‪ .‬وسققوف نشققير هنققا‬
‫إلى ما وجدناه في هذا المجال ضمن الكتابات العاّمة‪.‬‬

‫يشار أّول أن الغرب قد لجأ إلى الختان لمكافحة العادة السّرية التي تقود‪ ،‬في نظر مؤّيديه‪ ،‬إلى الشذوذ الجنسي‪.4‬‬

‫‪El-Masry, p. 31‬‬ ‫‪1‬‬

‫الغّوابي‪ ،‬ص ‪.57-56‬‬ ‫‪2‬‬

‫السّيد‪ :‬حكم ختان النساء‪ ،‬ص ‪ 48‬و ‪ 68‬و ‪.70‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 33‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪316‬‬
‫وقد نشرت مجّلة »نيويورك تايمز« في ‪ 2‬أكتوبر لعام ‪ 1977‬أن وكالة المخابرات المريكّية أجققرت الختققان عققام‬
‫‪ 1961‬على ‪ 15‬طفل بين عمر ‪ 5‬و ‪ 7‬سققنين مققن عققائلت فقيققرة لمعرفققة مققا إذا كققان للختققان صققلة بققالخوف مققن‬
‫الخصي وما إذا كان هذا الخير له علقة بالشذوذ الجنسي‪ .‬وقققد دّمققرت هققذه الوكالققة نتققائج بحثهققا ولققم تنكققر هققذا‬
‫الحدث‪.1‬‬

‫ضققلون‬‫وتقول »رومبيرغ« بأن أكثر الشاّذين جنسّيا في الوليات المّتحدة هم من المختونين‪ ،‬وأن هؤلء الشاّذين يف ّ‬
‫العلقة الجنسّية الشاّذة مع رجال مختونين‪ .‬فمنشققوراتهم تظهققر دائمقًا صققورًا لعققراة مختققونين رغققم أنققه بإمكققانهم‬
‫الحصول على صور لغير مختونين من خارج الوليات المّتحدة‪ .‬وتذكر دراسققة للققدكتور »فققولي« تققبّين أن ‪%32‬‬
‫من المقبولين في مستشفى تابع للبحّريققة المريكّيققة كققانوا مختققونين‪ ،‬وأن ‪ %100‬مققن الققذين يعلنققون عققن أنفسققهم‬
‫شاّذين جنسّيا بصورة صريحة كانوا مختونين‪ .‬وتضيف المؤّلفة أن الشذوذ الجنسي موجود أيضًا في أوروبققا وفققي‬
‫أجزاء أخرى من العالم حيث ل يمارس الختان بصورة واسعة مثل الوليات المّتحدة‪ .‬وهذا يعنققي أن الختققان ليققس‬
‫العامققل الوحيققد للشققذوذ الجنسققي‪ .‬ورغققم هققذا التحّفققظ‪ ،‬فققإن هققذه المؤّلفققة تعطققي تفسققيرين للشققذوذ الجنسققي عنققد‬
‫المختونين‪:‬‬
‫‪ -‬الختان قد يورث الخوف من الخصي عندهم‪ .‬فبعد ختان شخص‪ ،‬أصبح هذا غير قادر على العلقة‬
‫الجنسّية مع النساء‪ .‬وكّلما حاول دخول إمرأة‪ ،‬أحقس بققألم كققبير‪ .‬وفقي هقذه الحالقة‪ ،‬أّدى الختققان إلققى‬
‫ل إلى الشذوذ الجنسي‪.‬‬ ‫مضاعفات نفسّية قادته فع ً‬
‫سس جسده بيديه فققي‬ ‫‪ -‬الحساس الجنسي عند الطفل يبدأ منذ الساعات الولى من ولدته‪ .‬فالطفل يتح ّ‬
‫الدقائق الولى من حياته‪ .‬ومنهم من يعتاد على لمس أعضائه الجنسّية‪ ،‬ومنهم من يلمققس فمققه ومنهققم‬
‫سسقا العضقاء القتي يشقعر أنهقا أكقثر عذوبقة لقه‪ .‬وإذا مقا إعتبرنقا أن الطفقل‬ ‫من يلمقس أذنيقه‪ ،‬متح ّ‬
‫المريكي يبتر في الّيام الولى من ولدته‪ ،‬فماذا يمكققن أن تكقون رّدة فعلقه إذا إكتشقف أن أعضققاءه‬
‫‪2‬‬
‫الجنسّية تسّبب له ألمًا‪ ،‬ل لّذة؟‬

‫ويقول »جولدمان« أن الشذوذ الجنسي عند الرجل هو بسبب عدم الرضققى مققن العلقققة الجنسقّية مققع المققرأة‪ .‬وقققد‬
‫يكون سبب عدم الرضى شعور الرجل بالخجل أو ضعف في تقدير الذات‪ ،‬مّما يؤّدي إلى صعوبة في التفاعققل فققي‬
‫مرحلة العداد للعلقة الجنسّية أو إلى عجز جنسي‪ .‬وهذا بدوره يؤّدي إلى بحث للّذة إّما من خلل علقة مع إمرأة‬
‫غير زوجته أو في علقة شاّذة‪ .3‬ويضيف هذا المؤّلف أن الختان يفقد الحشققفة غلفهققا وحساسقّيتها ويجعلهققا جاّفققة‬
‫طبة التي تساعد على إيلج القضيب في الرحم‪ .‬وققد يكقون هقذا هقو السقبب القذي‬ ‫وخشنة ويحرمها من الماّدة المر ّ‬
‫يجعل ظاهرة ممارسة الجنس بالفم للحصول على اللّذة الجنسّية أكثر إنتشارًا في الوليات المّتحققدة مّمققا فققي الققدول‬
‫الخرى‪.4‬‬

‫وتشير دراسة أن بقاء الغلفة ضروري للتصّرف الجنسي الطبيعي‪ .‬فقد تبّين أن حذفها عند الثدييات وعنققد النسققان‬
‫يؤّدي إلى تشويش في العلقة الجنسّية نتيجة تلف الخليا الناقلة للحس واللّذة‪ .‬وقد نشقّبه ذلقك بقطقع بعقض أسققلك‬
‫طات الذاعّيققة‪ .‬وهققذا مققا جعققل البعققض يربققط بيققن الختققان‬‫الراديو الداخلّية مّما يؤّدي إلى تشويش في إستلم المح ّ‬
‫والعادة السّرية والعلقة الجنسّية الشققاّذة ومققص القضققيب‪ .‬فبالختققان يحققاول النسققان )والحيققوان( التعققويض عّمققا‬
‫خسره من خليا ولّذة بالبحث عن اللّذة خارج مجراها الطبيعي‪.5‬‬

‫ونحن نقّدم تفسيرًا للعلقة بين الختان والشذوذ الجنسي‪ .‬فالختان قد يخلق وضعًا عند الرجل يشققبه وضققع السققجين‪.‬‬
‫فبالختان يتم قطع جزء من جلد القضيب‪ .‬وإذا كان القطع كبيرًا‪ ،‬فققإن جلققد القضققيب لققن يكققون كافيقًا لتغطيتققه عنققد‬
‫طي الخصيتين‪ .‬وقد يقؤّدي الختقان إلقى تشقويه فقي القضقيب‪ .‬وهقذا يعنقي‬ ‫إنتصابه‪ ،‬فيحدث شد على الجلد الذي يغ ّ‬
‫تعطيل الوظيفة الطبيعّية للقضيب‪ ،‬مّما قد ينتج عنه فقدان اللّذة في العلقة الجنسّية مع إمقرأة‪ .‬وهنقا يصقبح الرجقل‬
‫سجين وضع غير مريح قد يجّره إلى البحث عققن اللقّذة بوسققائل أخققرى‪ ،‬وذلققك بققأن يسققمح لرجققل أن يققدخله‪ .‬وقققد‬
‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 195-196‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 175-177‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 144‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 39‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Cold; Taylor: The prepuce, p. 1; Laumann, p. 1052-1057; O'Hara; O'Hara, p. 79-84‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪317‬‬
‫إستلمت عّدة رسائل من شاب سويسري يقول فيها بأن ختانه قد أّدى به إلى الشذوذ الجنسي‪ ،‬إذ إن العلقة الجنسّية‬
‫مع النساء لم تعد لها أّية لّذة في عينيه‪.‬‬

‫هذا ويستبعد طبيب النفس »فافاتزا« أن يؤّدي الختان إلى شذوذ جنسي‪ .‬فهذه النظرّية تنبع حسب رأيه من تجققارب‬
‫صب فيحاولون شّدها‪ .1‬ويققرد »بيجلققو«‬ ‫بين أوساط الشاّذين الذين يعطون فقدان غلفتهم أهّمية كبرى تصل إلى التع ّ‬
‫ل أن هذا ل ينطبققق علققى جميعهققم‪ ،‬فهنققاك أيضقًا‬‫بأنه إن كان هناك بعض الشاّذين بين الذين يلجأون لشد غلفتهم‪ ،‬إ ّ‬
‫نساء تطلب معلومات عن سبل إسترجاع غلفة أزواجهن‪.2‬‬

‫ويعتبر »بويد« القول بأن الختان قد يؤّدي إلى الشقذوذ الجنسقي هقو نقوع مقن العنصقرّية‪ .3‬وهققذا المؤّلقف معقادي‬
‫لختان الذكور‪ .‬ويشير إلى أن معاداة ختان الذكور يتواجد بصورة أكققبر بيققن الشققاّذين بيققن الرجققال مّمققا بيققن غيققر‬
‫الشاّذين‪ .‬ويرجع السبب في ذلك أنهم إستطاعوا أن يقارنوا بين أعضائهم المبتقورة وأعضقاء شقريكهم فقي العلققة‬
‫الجنسّية‪ ،‬فيكتشفون الضرر الذي لحق بهم ويعون لما جرى بهم‪ .‬بينما الرجال العققاديين الققذين يكتفققون بعلقققة مققع‬
‫النساء فل وسيلة لهم للمقارنة‪.4‬‬

‫ج( ختان الناث والشذوذ الجنسي‬

‫ليس هناك كتابات حول علقة ختان الناث بالشذوذ الجنسي‪ .‬وعلى العكس هنققاك بعققض التلميحققات إلققى أن عققدم‬
‫ختان الناث قد يؤّدي إلى الشذوذ الجنسي عندهن‪.‬‬

‫سنرى لحقًا أن الغرب لجأ لختان الناث للحد من العادة السّرية التي تقود إلى الشذوذ الجنسي في نظره‪ .‬وفي عام‬
‫‪ ،1975‬نشر الطبيب المريكي »جيمس بورت« كتابًا عنققوانه »جراحققة الحققب« تأييققدًا لختققان النققاث‪ .‬وقققد عّلققل‬
‫تأييده لهذه العملّية بأنها تحد من الشذوذ الجنسي عند النساء‪.5‬‬

‫وتشير مقابلت مع بعض نساء مصرّيات أنهن يعتقدن بأن عدم ختققانهن يققؤّدي بهققن إلققى العلقققة الجنسقّية الشققاّذة‬
‫سقّنة« الققذي نشققره المجلققس العلققى للشققئون‬ ‫والجري وراء الجنس‪ .6‬ونجد هذا الفكر فققي كتققاب »المنتخققب مققن ال ُ‬
‫س قّنة فققي الرجققال‪،‬‬
‫جاج بن أرطأة »الختان ُ‬ ‫السلمّية في مصر‪ .‬ففي هذا الكتاب تعليق على الحديث الذي رواه الح ّ‬
‫َمكُرَمة في النساء«‪» :‬مهما قيل في هذا الحديث‪ ،‬فإنه يجب الخذ به بالنسبة لختان الناث‪ .‬فقد دّلت الحوادث علققى‬
‫أن ترك ختانهن يؤّدي بهن إلى أخطر العادات‪ ،‬حيث تشيع فيهن عادة السحاق‪ .‬وقد ثبققت مققن الحصققائّيات أنققه ل‬
‫ل في البلد التي ل تختتن فيها الناث«‪ .7‬ولم يذكر لنا هذا الكتاب أي مصدر لهذه الحصققائّيات‬ ‫وجود لهذه العادة إ ّ‬
‫للتحّقق منها‪.‬‬

‫وهذا القول يعني أن المرأة ستشعر أن عندها قضيب صغير‪ ،‬فتمارس دورًا شبيهًا بدور الذكر مع المققرأة وتعاشققر‬
‫المرأة مثلها‪ .‬ويرد الدكتور محّمد رمضان على هذا القول‪:‬‬
‫»الواقع يكّذب هذا‪ ،‬والشذوذ الجنسي هققذا‪ ،‬هققو إنحققراف فققي النفققس والسققلوك‪ ،‬وليققس مرتبطقًا بققأي‬
‫عضو من العضاء سواء كان العضو صغيرًا أم كبيرًا‪ .‬أل نرى أن عضو الرجل كبير وأنه وسققيلته‬
‫الساسّية في المعاشرة؟! فهل وجوده بهذا الحجم أّدى إلى إنحرافه وممارسققته الشققذوذ؟ وكققأنهم بهققذا‬
‫يلقون الذنب والخطأ على هذا العضو!! وهل العلج أن تكون الوقاية قطع هقذا العضققو لكقل النسقاء‪،‬‬
‫ل؟! إن هذا ل يقّره شرع أو دين‪ ،‬بل لققم يققرد أن الرجققل إذا مققارس الشققذوذ‬‫وتقصيره لكل الرجال مث ً‬
‫‪8‬‬
‫الجنسي‪ ،‬قمنا بقطع عضوه حّتى ل يعود إلى ذلك« ‪.‬‬
‫‪Favazza, p. 219‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Bigelow, p. 52-53‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Boyd, p. 90‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Boyd, p. 141‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 190‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Abd-el-Salam: Female sexuality, p. 75‬‬ ‫‪6‬‬

‫سّنة‪ ،‬مجّلد ‪ ،3‬ص ‪ ،97‬هامش ‪.1‬‬


‫المنتخب من ال ُ‬ ‫‪7‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.53‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪318‬‬
‫‪ (5‬تأثير الختان على الزواج‬
‫العلقة الزوجّية مبنّية على التفاهم وتلبية المصالح بين الزوجين‪ ،‬ومن بينها اللّذة الجنسّية‪ .‬وإذا ما أصققاب العلقققة‬
‫صققة ختققان‬
‫الجنسّية ضرر‪ ،‬فإن ذلك ينعكس سلبّيا على الحياة الزوجّية‪ .‬وهذا ما جعل البعض يققرى أن الختققان‪ ،‬خا ّ‬
‫الناث‪ ،‬يؤّدي إلى الطلق وتعّدد الزوجات‪.‬‬

‫أ( تأثير ختان الذكور على الزواج‬

‫يرى باحث أمريكي أن ختان الذكور سببًا لتعّدد الزوجات وعلقات جنسّية خارج الرابطة الزوجّية بحثًا عققن اللقّذة‬
‫المفقودة‪ .‬كما أنه قد يؤّدي إلى تفّكك العلقة الزوجّية والى الطلق‪.‬‬

‫ففد بّينت دراسة أجريت على ‪ 4500‬إمرأة أن ‪ %80‬منهن غير راضيات عن علقتهن بأزواجهن‪ ،‬وأن ‪ %90‬من‬
‫النساء اللواتي طّلقن بناء على طلبهن كان سبب ذلك الوحدة وفقدان المشاعر داخل الزواج‪ ،‬وأنهن كققن يتمّنيققن لققو‬
‫ل شعورّيا‪ .‬ويظهر ضعف النفعال الشعوري بدرجقة أكقبر عنقد الرجقال‬ ‫أن زوجهن أكثر كلمًا معهن وأكثر إنفعا ً‬
‫من النساء‪ .‬وسبب ذلك أن الذكور يلقون حنانًا أقققل مققن النققاث فققي صققغرهم فققي الحيققاة العائلّيققة‪ .‬وأحققد مققؤّثرات‬
‫إنخفاض النفعال الشعوري هو حدوث صدمة‪ .‬وكّلما كانت الصدمة في عمر أصغر‪ ،‬كّلما كققان أثرهققا أكققبر علققى‬
‫حته النفسّية‪ .‬وهنا نرى دور ختان الذكور كصدمة تؤّدي إلى خلقق مشقاكل داخقل الحيقاة الزوجّيقة وتقؤّدي إلقى‬ ‫صّ‬
‫الطلق‪ .‬وقد بين البعض أن هناك علقة بين نسبة الختان ونسبة الطلق في الوليققات المّتحققدة‪ ،‬كمققا هنققاك علقققة‬
‫بين إرتفاع نسبة الختان وارتفاع عدد غير المتزّوجين‪.1‬‬

‫هذا وقد بّينت دراسة بأن الشراكة الجنسّية بين المرأة وغير المختونين تدوم مّدة أطول من الشراكة مع المختققونين‬
‫بسبب اللفة التي يحس بها الشريكين في العلقة الجنسّية‪ .‬وهذا يققبّين صققدق مقولققة إبققن ميمققون بققأن المققرأة الققتي‬
‫تمارس الجنس مع غير المختون يصعب فصلها عنه‪.2‬‬

‫وقد تنّبه مؤّيدو ختان الذكور لهذه النظرّية فحاولوا إثبات العكس‪ .‬فقد ذكرت دراسة نشرت عققام ‪ 1998‬أن الختققان‬
‫صة إذا تم ذلك البتر فققي سققن مبّكققرة‪ .‬وهققذا‬ ‫مثل بتر أي جزء من النسان يؤّثر على الخليا العصبّية في المخ‪ ،‬خا ّ‬
‫شققن‬‫بدوره يؤّثر على التصّرف الجنسي للفرد‪ ،‬فل يلغي الرغبة في الجنس ولكن يخّففها‪ .‬ونفس الثر ينتج عققن تخ ّ‬
‫الحشفة‪ .‬فيكون الختان نوعًا من الخصي العصبي الضعيف‪ .‬وتستشهد هذه الدراسة بقول إبن ميمون السابق الققذكر‬
‫في هذا المجال‪ .3‬ولكن هذه الدراسة ترى في ختان الذكور فائدة تساعد في بقاء الجماعة اليهودّية‪:‬‬
‫‪ -1‬إضعاف الشهوة الجنسّية يقّلل من عنف الشباب وتنافسهم على النساء مّما يمّثل خطققرًا علققى بقققاء‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫‪ -2‬إضعاف الشهوة الجنسّية تجعل الرجل في مستوى المرأة الققتي هققي أقققل إنققدفاعًا مققن الرجققل فققي‬
‫العلقة الجنسّية‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -3‬هذا التساوي يساعد في الحفاظ على متانة الزواج ويقّلل من حالت الخيانة الزوجّية ‪.‬‬

‫وتطرح هذه الدراسة السؤال لماذا إذًا ل تمارس كل الجماعات البشرّية الختان إذا كان في الختققان فققائدة جماعّيققة؟‬
‫ل للختققان لتهققدئة الشققباب‪ ،‬وهقو إختلط الققذكور والنققاث‪،‬‬‫وتجيب بأن بعض الجماعات البشققرّية تّتبققع نظامقًا بققدي ً‬
‫‪5‬‬
‫بالضافة إلى أن مناطق الشمال الباردة أقل إندفاعًا للجنس ‪.‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 144-148‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪O'Hara; O'Hara, p. 82‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Immerman; Mackey: A proposed relationship, p. 369-373‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Immerman; Mackey: A proposed relationship, p. 371-372‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Immerman; Mackey: A proposed relationship, p. 374; see also Immerman; Mackey: A‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪biocultural analysis, p. 265-275‬‬


‫‪319‬‬
‫وهذه الدراسة قد تأّثرت في النقطتين الثانية والثالثة بالفكر السلمي الذي َذَكْرته في مقققال لققي وضققع فققي مراجققع‬
‫ضت في ذلك المقققال مققا رأينققاه فققي النقطققة السققابقة بققأن المسققلمين يققرون أن ختققان النققاث‬
‫عَر ْ‬‫تلك الدراسة‪ .1‬فقد َ‬
‫يضعف الغريزة الجنسّية عند النساء ويسققاوي بينهققا وبيققن غريققزة الرجققل‪ .‬وهققذه الدراسققة قققامت فقققط بقلققب تلققك‬
‫النظرّية لصالح ختان الذكور‪.‬‬

‫ب( تأثير ختان الناث على الزواج‬

‫يرى عاّمة مؤّيدو ختان الناث‪ ،‬أن الغاية منه منع إنحراف البنت وتهققذيب ميولهققا الجنسقّية‪ .‬ويعتقققدون أن الختققان‬
‫يؤّثر أيضًا إيجابّيا على العلقة الزوجّية‪ .‬يقول الدكتور حامد الغّوابي‪:‬‬
‫»إن الرجل دائمًا هو أكبر من زوجته في السن‪ .‬وقد يكون الفارق بينهما عشر سنين أو خمس عشققرة‬
‫أو عشرين سنة أو أكثر كما نرى في بلدنا‪ .‬فما بال هذا الرجل إذا بلققغ سققن الخمسققين أو أكققثر‪ ،‬وقققد‬
‫فتر نشاطه وضعفت حيوّيته‪ ،‬وكققانت زوجتققه ل تققزال فققي سققن الثلثيققن أو أقققل بأعضققائها السققليمة‬
‫حته وهققو يجققد أمققامه زوجققة ل تققزال فققي عنفققوان‬ ‫ساسة؟! كيف لمثل هذا الرجل أن يحتفققظ بصق ّ‬ ‫الح ّ‬
‫الشباب‪ ،‬قوّية الحساس‪ ،‬وهو قد فتر إحساسه‪ ،‬شديدة الميل وهو قد قل ميله‪ .‬فماذا تكون النتيجة؟ هنا‬
‫يضطر الرجل إلى تناول المكّيفات كالحشيش‪ ،‬ولكن في الحالة الولى التي تختتن فيها المرأة نصققف‬
‫ل‪ ،‬والزوج والزوجة في حالة متساوية«‪.2‬‬ ‫إختتان‪ ،‬يكون إحساسها معقو ً‬

‫ولكن يرى المعارضون أن العكس هو الذي يحدث‪ .‬يقول الدكتور ماهر مهران‪:‬‬
‫»إن نسبة الضعف في التجاوب في التي أجريت لهن عملّية الختان تصل إلى ‪ .%54‬ويرجع هذا إلى‬
‫ساسة اللزمة للتفاعل الجنسي‪ .‬ومّما ل شققك فيققه أن عققدم تجققاوب المققرأة فققي‬
‫إستئصال المناطق الح ّ‬
‫اللقاء الجنسي يؤّدي إلى مشاكل عديدة أّولها عدم تواصل التعاون الجنسي بين الزوج والزوجة‪ ،‬مّمققا‬
‫يؤّدي إلى إحتقان مزمن في الحوض واللم وإفرازات مهبلّية بجانب التقوّتر العصققبي والنفسققي‪ .‬وقققد‬
‫أّدى ذلك في كثير من الحالت إلى مشاكل أسرّية عنيفة قققد تنتهققي بققالطلق‪ .‬كمققا أن ذلققك سققبب مقن‬
‫ل للمشكلة«‬‫السباب الهاّمة التي أّدت إلى إنتشار المخّدرات بين الزواج متصّورين أن في ذلك ح ً‬

‫ويضيف‪:‬‬
‫»ل شك أن المشاكل الجنسّية والنفسّية الناتجة عن طهارة الناث تنعكس علققى الققزوج‪ .‬وقققد وجققد أن‬
‫‪ %10‬مققن الزواج يشققكون مققن ضققعف أو قققذف سققريع كمققا أن ‪ %18‬مققن الزواج يسققتعملون‬
‫المخّدرات ول سيما الحشيش تققدخينًا‪ ،‬كمققا أن ‪ %3‬مققن الزواج مققتزّوجون مققن زوجققة أخققرى ح ً‬
‫ل‬
‫للمشاكل الجنسّية والسرّية«‪.3‬‬

‫وتقول الدكتورة سهام عبد السلم أنه في حالة الحباط الجنسي المتكّرر قد يحدث إكتئاب لدى بعققض الس قّيدات‪ ،‬أو‬
‫قد يدفع ببعضهن للعصبّية وإثارة النكد بل مبّرر‪ .‬وقد تنحرف من لققم تحققظ بتنشققئة إجتماعّيققة قويمققة وتبحققث عققن‬
‫أكثر من شريك لمحاولة الوصول إلى الشباع الجنسي الذي ينقصها‪.4‬‬

‫صة في المجتمعات التي تمارس تعّدد‬ ‫وتقول طبيبة من »سيراليون« أن ختان الناث يؤّدي إلى مشاكل زوجّية‪ ،‬خا ّ‬
‫الزوجات‪ .‬فالختان يضعف التجاوب الجنسي مع ما يصاحبه من إضطرابات عقلّية‪ .‬وهذا يصل إلى فقققدان الرغبققة‬
‫في الحياة عندما ترى أن زوجها يتركها عاطفيًا ليذهب إلى أخرى لعدم تجاوبها معه جنسقّيا‪ .5‬وتشقير هقذه الطبيبقة‬
‫أنها قامت بمقابلت مع ‪ 50‬سّيدة مارست الجنس َقبل ختانها‪ .‬وقد تبّين بأن ل أحد منهن قد وصلت بعد الختان إلققى‬
‫مستوى اللّذة التي كانت تشعر به َقبل الختان‪ .‬ولم تكن هذه السّيدات تعققي أن سققبب ذلققك هققو الختققان‪ .‬وقققد حققاولت‬

‫‪Aldeeb Abu-Sahlieh: To mutilate, p. 593‬‬ ‫‪1‬‬

‫الغّوابي‪ ،‬ص ‪.57-56‬‬ ‫‪2‬‬

‫مهران‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪3‬‬

‫عبد السلم‪ :‬التشويه‪ ،‬ص ‪18-17‬؛ عبد السلم؛ حلمي‪ :‬مفاهيم جديدة‪ ،‬ص ‪ .79‬أنظر أيضًا رزق‪ ،‬ص ‪34‬؛ الفنجري‪ ،‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 16-15‬و ‪.24-23‬‬
‫‪Koso-Thomas: Aperçu, p. 120‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪320‬‬
‫بعضهن البحث عن الزوج المثالي متنّقلة من رجل إلى آخر مّما أّدى إلى فقدان زوجها وخراب بيتها‪ .‬وهكققذا بققد ً‬
‫ل‬
‫من أن يكون ختان الناث وسيلة لمنع العلقة الجنسّية خارج الزواج‪ ،‬أّدى ذلك الختان إلى نتيجة عكسّية تمامًا‪.1‬‬

‫هذا وقد ذكرنا أن الختان الفرعوني كما في السودان يخلق صعوبة لفتح فرج المرأة‪ .‬والرجققل الققذي ل يتمّكققن مققن‬
‫فتح فرج زوجته في ليلة الزواج قد يصاب بشعور بعدم القدرة الجنسّية‪ .‬وهناك حالت إنتحار نتيجققة لهققذا‪ .‬ويق قّدر‬
‫أن ‪ %20‬من السودانيين الذين تزّوجوا إمرأة ثانية كان سببه عدم تحّملهم فتح زوجتهم التي يخاط فرجهققا بعققد كققل‬
‫ولدة بصورة أضيق‪ .2‬والمشكلة في هذا البلد هي أنقه إذا وجقد الرجقل إمرأتقه غيقر مختونقة‪ ،‬فقإنه يفقرض عليهقا‬
‫الختان‪ .‬وإذا إستطاع فتحها بسهولة‪ ،‬ظن أنها ليست بكرًا فيققوم بتطليقهقا‪ .3‬وهنقاك إعتققاد بقأنه إذا لقم تكقن المقرأة‬
‫مختونة‪ ،‬فإن زوجها سوف يسارع إلى إّتخاذ زوجة أخرى أو إلى الترّدد على العاهرات‪.4‬‬

‫ويبّين الدكتور محّمد سعيد الحديدي كيققف أن ختققان النققاث يققؤّثر علققى تصقّرفات النسققاء فققي المجتمققع المصققري‬
‫وظاهرة الزار‪ .‬يقول هذا المؤّلف‪:‬‬
‫»ما أثر ذلك الحرمان ]من اللّذة الناتج عن ختان الناث[ في نفسّية المرأة؟ ]‪ [...‬إن المرأة التي فقدت‬
‫أغلب حساسّيتها الجنسّية والتي يصعب إمتاعها وقّلما يمكن إمتاعها لطققول المقّدة الققتي تحتاجهققا إلققى‬
‫ذلك‪ ،‬تصبح في ثورة نفسّية كامنة وتزداد حّدة في طبعها وعصبّية فققي مزاجهققا‪ [...] .‬ومسققكينة تلققك‬
‫المرأة البائسة التي تعّبر عن هذه الثورة بما نعرفه يقا حضقرات السققادة‪ ،‬ونشققاهده فقي بعققض السقر‬
‫ل فققأجيبوني يققا‬
‫المصرّية‪ ،‬أل وهو الزار‪ .‬فالزار يا حضرات السادة نتيجة مباشققرة لختققان المققرأة‪ .‬وإ ّ‬
‫ل فققي مصققر جّنقة الق فققي‬ ‫ل في بلدنا؟ أل تسققكن العفققاريت إ ّ‬
‫حضرات السادة‪ ،‬لما لم يعرف الزار إ ّ‬
‫صرة ومختتنققة‪ .‬حققري بكققم وبنققا أن‬ ‫ل وكانت مصرّية أو متم ّ‬ ‫أرضه؟ ما علمت من إمرأة عليها زار إ ّ‬
‫‪5‬‬
‫نوجد علجًا لهذا النقص الجتماعي في بيئتنا‪ .‬وقد عرفتم السبب فعليكم بالعلج« ‪.‬‬

‫وكما طرح موضوع أثر ختان الناث علققى العلقققة الجنسقّية‪ ،‬طققرح كققذلك موضققوع مققط البظققر والشققفرين كمققا‬
‫تمارسه بعض القبائل‪ .‬وقد ذكر كاتب إفريقي أن هذه العادة ل تترك أي أثر نفسي أو إجتمققاعي سققلبي‪ ،‬ل بققل إنهققا‬
‫تساعد على زيادة اللّذة عند كل من الرجل والمرأة وتحمي المرأة من البرود الجنسي‪ .‬كما أنها تجّنب المققرأة خطققر‬
‫تحويلها إلى آلة إنجاب فقط‪ .‬وعليه فإن هذه العققادة هققي عامققل إّتققزان نفسققي وجنسققي للمققرأة وعامققل تماسققك بيققن‬
‫خل في الحّرية الشخصقّية وخرققًا‬ ‫الزوجين‪ .6‬لكن مّما ل شك فيه هو أن هذه العادة إذا فرضت في الصغر تعتبر تد ّ‬
‫للحق في تقرير المصير الجنسي‪.‬‬

‫حية المزعومة لختان الذكور والناث‬


‫الفصل السادس‪ :‬الفوائد الص ّ‬
‫يقول الدكتور »دينيستون«‪:‬‬
‫»ل توجد في تاريخ الطب كّمية هائلة من المعطيققات المغلوطققة كققالتي ققّدمت لتققبرير عملّيققة الختققان‬
‫ل حججقًا جديقدة ]‪ .[...‬إن محاولقة‬ ‫الضققاّرة‪ .‬وكّلمققا أثبقت علمّيققا خطققأ تلققك المعطيققات‪ ،‬إخترعنققا حققا ً‬
‫سقف فقي إسقتعمال العلقم‪ .‬فليقس هنقاك أي سقبب علمقي أو طّبقي‬ ‫إستعمال العلم لتبرير الختان هقو تع ّ‬
‫لتبرير الختان الروتيني«‪.7‬‬

‫حية وجنس قّية‪ .‬وقققد‬


‫رأينا في الفصول السابقة أن الختان عملّية يتم فيها بتر عضو سليم‪ ،‬ينتج عنها ألم وأضرار ص ق ّ‬
‫حية‪ ،‬منتقليققن مقن حجّققة إلقى أخققرى‪،‬‬
‫حاول مؤّيدو ختان الذكور والناث عبر التاريخ إثبققات أن للختققان فققوائد صق ّ‬

‫‪Koso-Thomas: The circumcision, p. 11‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 95-96, 101‬‬ ‫‪2‬‬

‫;‪Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles, Addis Abeba, 1987, p. 108‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Female genital mutilation: an overview, p. 8‬‬


‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 7‬‬ ‫‪4‬‬

‫الحديدي‪ ،‬ص ‪.69-68‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Ombolo, p. 153‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 104‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪321‬‬
‫مغتنمين المراض التي تزرع الرعب في قلوب الناس‪ ،‬آخرها الّدعاء أن الختان يقققي مققن مققرض اليققدز‪ .‬ويققرد‬
‫عليهم المعارضون بأن هذه الفوائد مزعومة وهي على كل حال ل تضاهي الضرار الناتجة عن الختان‪ ،‬ولذلك ل‬
‫تبّرره‪.‬‬

‫ل بترديقد مقا‬
‫وبما أن زمام المبادرة في عصرنا بيد المسيحّيين الغربّيين واليهقود‪ ،‬فقإن الكتابقات العربّيقة ل تققوم إ ّ‬
‫خر في الميعاد‪ ،‬غير واعين بأن بعض تلققك الحجققج قققد عفققا عليهققا الزمققن‪ .‬فهققم يركبققون آخققر‬
‫يقوله هؤلء‪ ،‬مع تأ ّ‬
‫قاطرة في القيطار‪ .‬وسوف نعرض في فصلنا هذا حجج مؤّيدي ختان الققذكور والنققاث كمققا جققاءت فققي المصققادر‬
‫العربّية والغربّية ورد المعارضين عليها‪.‬‬

‫الفرع الّول‪ :‬ختان الذكور والناث للحفاظ على النظافة‬


‫‪ (1‬الختان والنظافة في الكتابات القديمة‬
‫ل بقطعهقا‪ .‬وقققد‬
‫يرى مؤّيدو ختان الققذكور أن الغلفقة تحتقوي علققى أوسققاخ تقؤّدي إلققى أمقراض ل يمكقن تفاديهققا إ ّ‬
‫إرتبطت فكرة الختان بالنظافة إلى درجة أن الكثيرين يستبدلون كلمة »الختان« بكلمققة »الطهققارة«‪ .‬ويضققيفون أن‬
‫الديان قد فرضت ختان الذكور لهذا السبب‪ .‬ولكن عبثًا نبحث في التوراة عن هذا السبب‪ .‬فالختان في التوراة ليس‬
‫ل موضوع ديني‪ .‬أضف إلى ذلك أن اليهود يختنون من يموت غير مختونًا حّتى يومنا هذا‪ .‬وققد دار جقدل مماثقل‬ ‫إّ‬
‫‪1‬‬
‫عند المسلمين حول ختان المّيت ‪.‬‬

‫ل أنققه مققن غيققر المسققتبعد أن تكققون النظافققة السققبب الكققثر إحتمققالً‬


‫جة النظافققة‪ ،‬إ ّ‬
‫وإن كانت التوراة ل تتضّمن ح ّ‬
‫لممارسة الختان في القديم‪ .‬وقد أشار هيرودوت إلى علقة الختان بالنظافققة عنققد المصققرّيين القققدامى‪ .‬فهققو يقققول‪:‬‬
‫»بينما كل شعوب الرض تبقي على العضاء التناسلّية كما هي‪ ،‬فإن المصرّيين ومن تعّلقم منهققم يمارسققون عقادة‬
‫الختان«‪ .‬ويضيف »بأنهم يمارسون الختان حفظًا للنظافة‪ ،‬لن النظافة عندهم أولى من الجمال«‪ .‬ثققم يشققرح كيققف‬
‫أنهم كانوا مثابرين عليها‪ .‬فهم يشربون بأكواب من النحاس يغسلونها جميعهققا كققل يققوم ويلبسققون ثيابقًا مققن الكّتققان‬
‫نظيفة‪ .‬والكهنة منهم كانوا يحلقون أجسادهم كل يومين حّتققى ل يبقققى عليهققم قمققل أو نجاسققات أخققرى‪ .2‬وقققد ذكققر‬
‫المؤّلف اليهودي »فيلون« كلمًا مشابها عن علقة الختان بالنظافة عند المصرّيين القدامى‪.3‬‬

‫‪ (2‬الختان والنظافة في المصادر السلمّية والعربّية‬


‫ل أن بعققض الحقاديث المنسققوبة للنققبي محّمقد تقذكرهما‪ .‬ورغققم‬ ‫ليس في القرآن أي ذكر لختان الذكور والنقاث‪ .‬إ ّ‬
‫ضح أن عند واضعيها هناك علقة بين الختان والنظافة‪ .‬فأحد تلك الحاديث يقول‪:‬‬ ‫ل أنها تو ّ‬
‫حتها‪ ،‬إ ّ‬‫تشكيكنا في ص ّ‬
‫»الفطرة خمس‪ :‬الختان والستحداد وقص الشارب وتقليم الظفققار ونتققف البققط«‪ .‬وعّلققق إبققن العربققي علققى هققذا‬
‫الحديث‪ [...] » :‬أّما الختان فلنظافة الغلفققة عّمققا يجتمققع مققن أذى البققول فيهققا« ‪ .4‬ويقققول إبققن قّيققم الجوزّيققة‪» :‬وقققد‬
‫إشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة وأخذ الفضلت المستقذرة التي يألفها الشققيطان ويجاورهققا مققن بنققي‬
‫جقة ضقرورة الختقان لحصقول‬ ‫آدم‪ ،‬وله بالغرلة إّتصال واختصاص«‪ .5‬ونحيل القارئ إلى ما ذكرناه سقابقًا عقن ح ّ‬
‫جة‪.6‬‬
‫ل بها‪ ،‬ورد المعارضين على هذه الح ّ‬ ‫الطهارة التي ل تصح الصلة إ ّ‬

‫وفي أّيامنا يقول الدكتور محّمد علي البار‪:‬‬

‫أنظر الجزء الثاني‪ ،‬القسم الّول‪ ،‬الفصل الرابع‪ ،‬الفرع الّول‪ ،‬الرقم ‪ (1‬حرف هق(‪ ،‬والجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل‬ ‫‪1‬‬

‫الثامن‪ ،‬الرقم ‪ (1‬حرف هق(‪.‬‬


‫‪Erodoto: Le storie, vol. 1, p. 179-180‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: De specialibus legibus, I-II, p. 15‬‬ ‫‪3‬‬

‫إبن العربي‪ :‬أحكام القرآن‪ ،‬القسم الول‪ ،‬ص ‪.37‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 1‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل السادس‪ ،‬الرقم ‪.(1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪322‬‬
‫»أثبتت البحاث العديدة التي أجريت على الطفال غيققر المختققونين فققي الوليققات المّتحققدة وأوروبققا‬
‫صعوبة تنظيف الغلفة )الغرلة( وما تحتها بانتظام ]‪ .[...‬بل إن الطّباء أنفسققهم ل يعرفققون كيققف يتققم‬
‫تنظيف الغلفة بالطريقة المثلى‪ ،‬إذ ل توجد هذه الطريقة ]‪ .[...‬ولنا هنا ملحظة وهي أن الشافعّية هققم‬
‫الذين إستحّبوا ختان الطفل المولود في يققوم سققابعه بنققاء علققى مققا ورد أن النققبي )ص( ختققن الحسققن‬
‫والحسين وعق عنهما في اليوم السابع لميلد كل واحد منهما«‪.1‬‬

‫حته‪ .2‬وهدف محّمد علي البار من إنتقاء رأي الشافعّية هقو القرد علقى مقن ققد‬ ‫وهذا الحديث الخير مشكوك في ص ّ‬
‫خر حّتى سن الرابعة عشر‪ ،‬مّما يعني ضرورة تنظيف الغلفة َقبل هققذه السققن‪،‬‬ ‫يحتج بأن الختان عند المسلمين قد يؤ ّ‬
‫ختن الطفل أم لم يختن‪ .‬ورأي البار هذا يخالف رأي الطبيب عبد الرحمن القادري الذي ينصح لسباب علمّية عدم‬
‫صققة الشققديد منققه‬
‫ل عندما يكون الطفل مصابًا بتضّيق الغلفة خا ّ‬‫إجراء الختان في السنين الثلث الولى من العمر إ ّ‬
‫الذي يؤّدي إلى إنسداد البول‪ .3‬وبطبيعة الحال إذا بقي الطفل حّتى هذا العمر دون ختان‪ ،‬فإنه يجب تنظيققف غلفتققه‪.‬‬
‫ظفت حّتى هذا العمر‪ ،‬فما الذي يمنع من تنظيفها فيما بعد؟‬
‫وإذا ن ّ‬

‫ظقف كقل جقزء مقن جسقمه مقن‬ ‫جة ضرورة قطع الغلفة للنظافة فيها كثير من المجافاة للعقل‪ .‬فالنسان القذي ين ّ‬ ‫وح ّ‬
‫رأسه إلى قدميه لماذا تستعصي عليه نظافة جققزء صققغير مثققل الغلفققة؟ وليققس قطققع عضققو هققو السققلوب الوحيققد‬
‫للمحافظة على النظافة‪ .‬وإن كانت النظافقة سقببًا للختقان‪ ،‬لقوجب أيضقًا قلقع السقنان لمنقع تقتراكم الوسقاخ فيهقا‪.‬‬
‫ل إذا خربت ويئس من تصليحها‪.‬‬ ‫ظف أسنانه بالفرشاة والمعجون ول يقلعها إ ّ‬
‫فالنسان ين ّ‬

‫ويفّرق الكّتاب المسلمون عاّمة بين ختان الذكور وختان الناث في موضوع النظافة‪ .‬فالشيخ محمود شلتوت يقققول‬
‫حي فيهققن‬ ‫سّنة لنه به تتم النظافة والطهارة‪» .‬أّما الناث فلعدم تحّقق هذا العتبققار الص ق ّ‬
‫إن ختان الذكور قد أعتبر ُ‬
‫‪4‬‬
‫سّنية إلى درجة الَمكُرَمة« ‪ .‬ولكن الدكتورة نور السّيد رشاد ترى ضققرورة ختققان‬ ‫حكم فيهن عن درجة ال ُ‬ ‫فقد نزل ال ُ‬
‫الناث بقطع غلفة البظر لن هذا الغشاء‬
‫»يشبه الجراب‪ ،‬مّما يجعله دائمًا غير نظيف‪ ،‬نتيجققة لققدخول بعققض الفققرازات المهبلّيققة وجققزء مققن‬
‫البول وتراكمها فيه‪ ،‬وهذه الفرازات وبقايا البول تكّون بيئة ملئمقة لنمقو وتكقاثر أنقواع عديققدة مقن‬
‫البكتيريا والفطرّيات«‪.5‬‬

‫ل أن الدكتور محّمد رمضان‪ ،‬وهو من معارضي ختان الناث‪ ،‬يرفض أن تكققون النظافققة مققبّررا لختققان النققاث‪.‬‬ ‫إّ‬
‫فهو يقول‪:‬‬
‫»إن قواعد النظافة للمرأة لمن إختتنت أو لم تختن واحدة‪ ،‬ونتيجتهقا واحقدة‪ ،‬والفطرّيقات والمقراض‬
‫التي تصيب هذا المكان ليس فيها إختلف بين الفئتين‪ .‬كما أن العيب في تراكم هذه الفرازات وليققس‬
‫في وجود هذه الجزاء حّتى أقوم ببترها‪ ،‬بل عدم إّتباع المرأة لقواعد النظافة العاّمققة والققتي جققاء بهقا‬
‫السلم‪ .‬وسواء كانت مختتنة أم ل‪ ،‬فإنها ستتعّرض لنفس نتيجة عدم النظافة من إلتهابات وغيره«‪.6‬‬

‫جة النظافة عند مؤّيدي ختان الناث من الفارقة‪ .‬فهم يقولققون أن الفققرازات النابعققة مققن غققدد البظققر‬ ‫هذا ونجد ح ّ‬
‫حية مّما يجعل المرأة غيققر نظيفققة‪ .‬وفققي‬ ‫والشفرين الصغيرين والكبيرين تؤّدي إلى إنبعاث رائحة كريهة وغير ص ّ‬
‫المجتمعات التي تفرض على النساء غسل أعضائهن الجنسّية بالماء والصابون هناك إعتقاد بأن اليدي التي تمققس‬
‫هذه الفرازات قد تتلّوث بهن وتنقلهن إلى الطعام والمققاء والملبققس‪ .‬ولققذا يجققب نققزع العضققاء الققتي تفققرز هققذه‬
‫الفرازات‪ .‬ففي المجتمع الفريقي نظافة المرأة هي جزء من كرامتها‪ .‬وترد كاتبة إفريقّية على هققذا الّدعقاء قائلققة‬

‫البار‪ :‬الختان ص ‪.80‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزء الثاني‪ ،‬القسم الثالث‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬الرقم ‪ (2‬حرف ج(‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫القادري‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.99‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 7‬في آخر الكتاب‪ .‬أنظر أيضًا في هذا المعنى السّكري‪ ،‬ص ‪.63‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.56-55‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪323‬‬
‫أن الندب الناتجة عن الختان تمنع البول ودم الحيض من المرور في مجاريها الطبيعّية فينتج عققن الختققان إحتبققاس‬
‫بولي يؤّدي إلى روائح كريهة أكثر مضّرة من الفرازات الناتجة عن الغدد‪.1‬‬

‫وتشير المؤّلفة »ليتفوت كلين« أن هناك إعتقادًا في الوساط الشعبّية السققودانّية بققأن عققدم الختققان يجعققل الفققرج‬
‫ل من أن يكون وسيلة للنظافة قد يكقون منفقذًا للصقابة بالعقدوى‬ ‫وسخًا ومليئًا بالديدان‪ .2‬وترد المؤّلفة أن الختان بد ً‬
‫بسبب المحيط غير النظيف الذي يجرى فيه‪ .‬وإن كانت إحتمالت العدوى بالمراض بسبب التلّوث أكققثر حصققولً‬
‫ل أن المستشققفيات ل تخلققى مققن تلققك الخطققار‪ .‬فكققثير مققن‬ ‫عندما تتم عملّيققة ختققان النققاث خققارج المستشققفيات‪ ،‬إ ّ‬
‫المستشفيات السودانّية فققي حالققة يرثققى لهققا ل يحققترم فيهققا أبسققط قواعققد النظافققة‪ ،‬ل فققي قاعققة العملّيققات ول فققي‬
‫المراحيض‪.3‬‬

‫‪ (3‬الختان والنظافة في المصادر الغربّية‬


‫يرفض معارضو ختان الذكور في الغرب القول بققأن الختقان كققان سقببه قققديمًا الحفققاظ علقى النظافقة علققى المققدى‬
‫القريب أو البعيد‪ ،‬ل بل يرون أن له أثارًا سلبّية بسبب قطع الغلفة التي هي أفضل أداة تحفظ القضيب‪ ،‬وفقي الغابقة‬
‫الطفل المختون معّرض لخطر أكبر من الطفل غير المختون‪.4‬‬

‫كما يرفضون الّدعاء بأن الختان مرتبط بالمناخ الحار الذي قد يسقّبب كقثرة العقرق وتراكقم الوسقاخ فقي الغلفقة‪.‬‬
‫فسّكان المناطق الستوائّية الحاّرة ل يمارسون الختان أكثر من غيرهم‪ .‬والشعوب السلمّية الققتي تسققكن فققي تلققك‬
‫ل‪ ،‬أّما غيرها من الشعوب الواقعة في نفس المحيط المنققاخي ل تمارسققه‪ .‬وهنققاك مققن يمققارس‬‫المناطق تمارسه فع ً‬
‫الختان رغم أنهم يسكنون مناطق باردة‪ .‬وإن كان المناخ في الماضي البعيد قد لعب دورًا في إنتشار الختققان‪ ،‬فهققذا‬
‫ليس مثبت‪ ،‬وعلى كل حال ليس صحيحًا في وقتنا‪ .‬ويلحظ المعارضون أن بعض الشعوب التي تمارس الختان ل‬
‫تعطي أهّمية كبرى للنظافة‪ .‬والشعوب التي يعرف عنها أنها تتشّدد في النظافة‪ ،‬مثل الشعب السويسري‪ ،‬ل تختتن‪.‬‬
‫كما أن بعض الشعوب التي تعيش في مناطق شقديدة القبرودة ول تسقتحم أو تغّيقر ملبسقها خلل فصقل الشقتاء ل‬
‫تختتن رغم أن الوساخ تتراكم على أجسامها‪ .‬بينما تمارس بعققض الشققعوب الققتي تعيققش بصققورة عاريققة أو تكققاد‬
‫تكون عارية عادة الختان‪ .‬وقد يكون سبب الختان وعققدمه هقو ظهققور القضقيب للعيقان‪ .‬ففقي المنقاطق البققاردة‪ ،‬ل‬
‫يكشف الشخص عن جسمه ول ينظر الناس إلى أعضائه الجنسّية بعكس الشخص الذي يعيش في المنقاطق الحقاّرة‬
‫حيث يتعّرى المرء‪.5‬‬

‫ويشير معارضو الختان إلى أن إنتشار الدعاية التجارّية في بداية القرن العشرين هي التي ربطت الختان بالنظافة‪.‬‬
‫فقد صرفت الشركات عام ‪ 1919‬خمسة أضعاف مققا صققرفته عققام ‪ 1900‬لترويققج بضققاعتها وخلققق الحاجققة عنققد‬
‫المستهلكين‪ .‬وقد تم ترويج وسائل التنظيف بالعتماد علققى علققم النفققس‪ .‬فبققدأوا بإقنققاع النققاس أن أجسققامهم وسققخة‬
‫سها اليققد َقبققل أن تصققل إلققى المسققتهلك‪ .‬وهنققا‬
‫تحتاج إلى مستحضرات تنظيف‪ .‬وكانت المنتجات تعّلب بحيث ل تم ّ‬
‫خل الختان كوسيلة للحفاظ على النظافة‪.6‬‬
‫تد ّ‬

‫جج بالنظافة لممارسة ختان الذكور بل أيضًا لممارسة ختان الناث‪ .‬فقد كتققب أحققد الطّبققاء‬ ‫ولم يكتفي الغرب بالتح ّ‬
‫المريكّيون عام ‪ 1958‬يقول‪:‬‬
‫ل بعققد‬
‫»إن بظر الطفلة مخفققي بالغلفققة‪ .‬فنقطققة اللتقققاء بينهمققا مسققتوية‪ .‬وقققد ل تظهققر هققذه النقطققة إ ّ‬
‫ولدات كثيرة‪ .‬وإذا لم يفتح هذا اللتقاء‪ ،‬فإن الفرازات الدهنّية يمكن أن تخلق مشاكل‪ .‬وإذا فتح هققذا‬
‫ل‪ ،‬فإن البكتيريا سوف تدخل وتقؤّدي إلققى تلقّوث تلققك البقايقا‪ .‬ثقم تظهقر عقوارض التهّيققج‬ ‫اللتقاء قلي ً‬

‫‪Koso-Thomas: The circumcision, p. 7, 10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 60‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪DeMeo: The geography, p. 3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 68; Romberg: Circumcision, p. 2-‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 59-60‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪324‬‬
‫حقة‪ .‬وعنققد الكققبر‪ ،‬يقؤّدي ذلقك إلقى علقققات جنسقّية‬ ‫والحك والتخديش والستمناء بصورة كبيرة ومل ّ‬
‫مؤلمة وفتور جنسي‪ .‬ونفس السباب الققتي تققذكر تققبريرا لختققان الققذكور تصققلح عاّمققة لتققبرير ختققان‬
‫الناث«‪.1‬‬

‫جة النظافة هي أحد السباب الرئيسّية التي يتذّرع بها مؤّيدو الختقان‪ .‬وهقي وراء كققل إّدعقاءاتهم الخقرى بققأن‬ ‫وح ّ‬
‫شي المراض‪ .‬فهم يرون أنه يصعب تنظيف القضيب إذا ما بقي علققى حققاله‪ .‬وعققدم النظافققة تققؤّدي‬ ‫الختان يمنع تف ّ‬
‫طبة التي تصبح مرتعًا لجراثيم المراض الجنسّية وسرطان عنققق القضققيب ومجققرى التبقّول‬ ‫إلى تراكم الماّدة المر ّ‬
‫والبروستات وقد تصل إلى سرطان عام للقضيب‪ .‬وعققدم إمكانّيققة النظافققة تعنققي ضققرورة بققتر الغلفققة‪ .‬ولكققن هققذا‬
‫الّدعاء يخالفه الواقع حيث إن معظم رجال العالم غير مختونين‪ ،‬وهم ل يعانون من العاهات المققذكورة‪ .‬فلققو كققان‬
‫المر كذلك لختنهم أطّباء دولهم‪ .‬ودولة مثل بريطانيا التي تركت الختان لم ترى ضررًا فققي ذلققك ولققم ترجققع إلققى‬
‫ممارسته‪.2‬‬

‫ويرى معارضو ختان الذكر أن ربط الختان بالنظافة في الغرب هو تعبير عن إحتقار الطّباء للنساء‪ .‬فرغم الحّمام‬
‫ل أن الختان ما زال منتشرًا في هذا البلققد‪.‬‬ ‫اليومي في الوليات المّتحدة في أّيامنا وتواجد وسائل النظافة المتعّددة‪ ،‬إ ّ‬
‫فالطّبققاء يعتققبرون أن النسققاء غيققر قققادرات علققى الحفققاظ علققى نظافققة أعضققائهن الجنسقّية والعضققاء الجنسقّية‬
‫لطفالهن‪ .‬وقد خلق موقف الطّباء هذا عند المرأة تخّوفا من عدم مقدرتها بالقيام بتلك الُمهّمة مّما جعلها تقبل إتمام‬
‫الختان على طفلها لكي تعفى من تلك الُمهّمة‪.3‬‬

‫ويرى طبيب أمريكي في الّدعاء بأن ختان الذكور ضققروري للنظافققة مسقّبة وإهانققة للققذكور‪ .‬فهققذا يعنققي أنهققم ل‬
‫يستطيعون نظافة أنفسهم‪ .‬فأي شخص عنده قليل من الذكاء يمكنه أن يغسل عضوه التناسلي‪ .‬فغسل القضققيب ليققس‬
‫ل مققن الغسققل البسققيط للحفققاظ علققى النظافققة‪.‬‬‫أصعب من غسل أحد أصابع اليد‪ .‬ومن الجنون إسققتعمال السقّكين بققد ً‬
‫ظف أسنانه وانفه وأذنيه يمكنه أيضًا تنظيف غلفته وحشفته دون حاجة للقطع‪ .‬وقققد تعّلققم‬ ‫فالطفل الذي يتعّلم كيف ين ّ‬
‫ظققف أعضققاءه الجنسقّية؟ وإذا مققا‬ ‫النسان كيف يربط حذاءه وكيف يذهب إلى القمر فلماذا ل يمكنه التعّلققم كيققف ين ّ‬
‫شّددنا على ضرورة ختان الققذكور للحفققاظ علقى النظافقة‪ ،‬فيجققب أيضقًا ختقان النقاث لن المحافظققة علققى نظافقة‬
‫العضاء الجنسّية للذكور بسبب بروزها أسهل بكثير من المحافظة علققى العضققاء الجنسقّية للنققاث الققتي تختفققي‬
‫ضمن التجاعيد‪ .‬أضف إلى ذلك أن العضاء الجنسّية للناث أكثر قربًا مققن الشققرج مققن القضققيب وأكققثر تعّرضققا‬
‫للتلّوث‪ .‬كما أن ما بين ‪ 20‬و ‪ %30‬من النساء البالغات ل تقفع غلفتهن إلى الخلف وتبقققى ملتصقققة بققالبظر‪ .‬وليققس‬
‫هناك أي شخص في الوليات المّتحدة يطالب اليوم ببتر أي جزء مققن العضققاء الجنسقّية للنققاث للمحافظققة علققى‬
‫نظافتها‪ .4‬ويشرح هذا الطبيب بأننا ببتر الغلفة نحرم الحشفة من غلفها الحامي لها فتصبح عرضة للبققول والققبراز‬
‫وملمسة الملبس الخارجّية‪ .‬فمن العبققث القققول بققأن الختققان يسققاعد علققى نظافققة الطفققل‪ .‬ل بققل إن ذلققك يعّرضققه‬
‫صة في مرحلة َقبل شفاء الجرح والتي تستمر من عشرة أّيام إلى أسبوعين‪.5‬‬ ‫للجراثيم خا ّ‬

‫ويشير معارضو ختان الذكور إلى أن المحافظة على نظافة العضققو التناسققلي للطفققل عملّيققة بسققيطة جقّدا بواسققطة‬
‫الغسيل كما يغسل أي عضو آخر من الجسم‪ .‬وإذا ما إلتهبت الغلفققة‪ ،‬فيكفققي هنققا تغييققر الملبققس وإبقققاء العضققاء‬
‫الجنسّية معّرضة للهواء لكي تتنّفس‪ .‬ويجب فحص غذاء الطفل وغذاء الم لنه هو الذي قد يسقّبب إلتهققاب الغلفققة‪.‬‬
‫ل عصير الفواكه بما يحمله من حموضة قد يسّبب حرقان في البول وتهّيجا للغلفة‪ .‬وقد يكون بسبب المواد التي‬ ‫فمث ً‬
‫تستعمل لنظافة الطفل أو لنظافة ملبسه أو نوعّية ملبسه‪ .‬وعلى كل حققال مققن الفضققل أن تلتهققب الغلفققة مّمققا أن‬
‫تلتهب الحشفة‪ .‬فالغلفة هي الدرع الواقي الذي خلقتققه الطبيعققة لتغليققف وحمايققة الحشققفة وفتحققة البققول مققن التعقّدي‬
‫الخارجي‪.‬‬

‫مذكور في ‪Romberg: Circumcision, p. 23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 67-68‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 75‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ritter, p. 7-1/8-2‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Ritter, p. 3-1‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪325‬‬
‫ويجب ملحظة أن الغلفة تكون عند أكثرّية الطفال حديثي الولدة مّتصلة بالحشققفة ويتققم إنفصققالها عنهققا تققدريجّيا‬
‫مع إكتمال نمو الجسم ومن خلل التبّول ولعب الطفل بأعضائه‪ .‬فالذي يجب أن يشد الغلفة إلققى الخلققف هققو الطفققل‬
‫وليس الهل‪ .‬وهو أدرى بمدى تحّمله لشد الغلفة دون ألم‪ .‬ويجب على الهل ترك العضاء الجنسّية للطفل تتطّور‬
‫خل في هذه العملّية حّتى وإن إستمر إلتحام الغلفة بالحشفة لمّدة طويلققة‪ .‬فتلققك هققي إرادة الطبيعققة‪.‬‬
‫لوحدها دون التد ّ‬
‫فالغلفة تتطّور حسب تكييف الطبيعة لها وليس بإرادة الهل‪ .‬وإذا ما حاول الهل والطّباء شد الغلفة إلققى الخلققف‪،‬‬
‫فإن ذلك يؤّدي إلى نتائج ل تحمد عواقبها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ختان الذكور والناث لمكافحة الستمناء وعواقبه‬


‫الستمناء‪ ،‬والذي يطلق عليه إسم »العادة السّرية« أو »جلد عميرة«‪ ،‬يعني طلب إخراج المني والوصول إلى اللّذة‬
‫الجنسّية بصورة عمدّية بغير جماع‪ .‬ويختلف عن »المناء« أو »النزال« اللذان يحصلن في غيققر اليقظققة ودون‬
‫طلب‪ .‬وهذا التعبير ينطبق على الرجل والمرأة‪ .‬ويكون الستمناء باليد أو غيرها من أنواع المباشرة‪ ،‬أو بالنظر أو‬
‫بالفكر‪ .‬ويكون من فعل الشخص أو فعل غيره‪.‬‬

‫والمتصّفح للكتب الغربّية يجد أن الوقاية من الستمناء من أهم الحجج الققتي سققاقها المسققيحّيون واليهققود الغربّيققون‬
‫جة تختفي في الغرب بعد تطّور نظرته عققن السققتمناء‪ .‬ل‬ ‫لجراء عملّية ختان الذكور والناث‪ .‬وقد كادت هذه الح ّ‬
‫جة‪ .‬أّما في العالم السلمي‪ ،‬فقإن مؤّيقدي ختقان القذكور‬ ‫بل إن أكثر الغربّيين يجهلون في أّيامنا وجود مثل هذه الح ّ‬
‫ل عن الغرب جاهلين أن الغرب ذاتققه كققاد يتخّلققى عنهققا وأن كتققب الفقهققاء‬ ‫ججون بها نق ً‬‫والناث اليوم ما زالوا يتح ّ‬
‫المسلمين القدامى لم تذكر الختان كوسيلة للحد من الستمناء‪.‬‬

‫‪ (1‬الستمناء في المصادر العربّية‬


‫أ( موقف المسلمين من الستمناء‬

‫حكم الشرع في الستمناء هو الحرمققة وارتكققاب الثققم‪ .‬وهققي تعتمققد علققى‬ ‫ترى الكتب السلمّية بصورة عاّمة أن ُ‬
‫اليات التالية من القرآن‪:‬‬
‫ل علققى أزواجهققم أو مققا ملكققت أيمققانهم فققإنهم غيققر ملقومين‪ .‬فمققن‬
‫‪» -‬والذين هم لفروجهم حافظون إ ّ‬
‫إبتغى وراء ذلك فألئك هم العادون« )المؤمنين ‪.(7-5:23‬‬
‫‪» -‬وليستعفف الذين ل يجدون نكاحًا حّتى يغنيهم ال من فضله« )النور ‪.(42:24‬‬
‫‪» -‬ويحل لهم الطّيبات ويحّرم عليهم الخبائث« )العراف ‪.(157:7‬‬

‫وترى الحنفّية والشافعّية والمام أحمد أن الستمناء مكروه‪ .‬ولكن إذا كققان لتسققكين الشققهوة المفرطققة الغالبققة الققتي‬
‫يخشى معها الزنى فهو جائز في الجملة‪ ،‬بل قيل بوجوبه‪ ،‬لن فعلقه حينئذ يكققون مققن قبيقل المحظقور الققذي تققبيحه‬
‫الضرورة‪ ،‬ومن قبيل إرتكاب أخف الضررين‪ .‬وينقل القرطبي عن أحمقد‪» :‬أحمقد بقن حنبقل علقى ورعقه يجقّوزه‬
‫ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة«‪ .‬ويضيف القرطبي‪» :‬وعاّمة العلماء على تحريمه«‪.1‬‬

‫حكمه علققى السققتمناء‪ .‬فهققو يقققول إن مققن‬ ‫ويتشّدد إطفيش )توّفى عام ‪ ،(1914‬وهو من كبار فقهاء الباضّية‪ ،‬في ُ‬
‫ل »يدلك ذكر نفسه بيد نفسه تلّذذا‪ ،‬أو يديم نظره إلى عورة نفسه أو يحك ذكره بفخققذه« أو إمققرأة »تققدخل‬ ‫يرى رج ً‬
‫إصبعها أو عودًا أو نحو ذلك في فرجها أو غير ذلك من المعاصي« فقإنه يجقوز لقه »أن يققدفعه إن لقم ينتقه بكلم‪،‬‬
‫ويقاتله لنه من جنس البغاة بذلك ولو أّدى دفاعه وقتاله إلى موته‪ ،‬ول شيء على من دافعه وقاتله«‪ .2‬ويقول مفققتي‬
‫عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليفي في عقاب هذه العادة‪» :‬من أصر علققى السققتمناء أّدبققه المققام بمققا يققراه رادعقًا‬
‫ُ‬

‫القرطبي‪ :‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جزء ‪ ،12‬ص ‪.106-105‬‬ ‫‪1‬‬

‫إطفيش‪ ،‬مجّلد ‪ ،14‬ص ‪.559‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪326‬‬
‫لمثاله«‪ .1‬ويذكر عبد الرحمن الجزيري‪» :‬ل يقام الحد ]على الفاعل[ بإجماع العلماء لنها لقّذة ناقصققة وإن كقانت‬
‫محّرمة‪ ،‬والواجب التعزيز على الفاعل«‪.2‬‬

‫ويأخذ إبن حزم‪ ،‬وهو ظاهري‪ ،‬موقفًا متحّررا إذ يقول‪:‬‬


‫»لو عّرضت ]المرأة[ فرجها شيئًا دون أن تدخله حّتى ينزل فيكره هذا ول إثم فيه‪ .‬وكذلك السققتمناء‬
‫للرجال سواء سواء‪ ،‬لن مس الرجل ذكره بشققماله مبققاح ومققس المققرأة فرجهققا كققذلك مبققاح بإجمققاع‬
‫ل التعّمقد لنقزول المنقي‪ ،‬فليقس ذلقك حرامقًا‬ ‫الّمة كّلها‪ .‬فإذا هو مباح فليس هناك زيادة على المبقاح إ ّ‬
‫صقل لنقا‬
‫صل لكم ما حّرم عليكقم« )النعقام ‪ ،(119:6‬وليقس هقذا مّمقا ف ّ‬ ‫ل لقول ال تعالى »وقد ف ّ‬
‫أص ً‬
‫ل أننققا نكرهققه‬
‫تحريمه‪ ،‬فهو حلل لقول ال تعالى »خلق لكم ما في الرض جميعًا« )البقرة ‪ .(29:2‬إ ّ‬
‫لنه ليس من مكارم الخلق ول من الفضائل«‪.3‬‬

‫ل بالية »وإن كنتققم جنبقًا فققاطهروا«‬


‫وإن يرى إبن حزم‪ ،‬مثل غيره من الفقهاء‪ ،‬ضرورة الغسل بعد الستمناء عم ً‬
‫‪4‬‬
‫ل أنه‪ ،‬خلفًا لهم‪ ،‬يرى أن الستمناء ل يفسد الصوم أو العتكاف أو الحج أو العمرة ‪.‬‬‫)المائدة ‪ ،(6:5‬إ ّ‬

‫ل لتفادي الزنى‪ .‬ول يكتفون بالعتماد‬ ‫وفي عصرنا‪ ،‬تشّدد رجال الدين المسلمون ضد الستمناء‪ ،‬فل يسمحون به إ ّ‬
‫على آية المؤمنين ‪ 7-5:23‬سابقة الذكر‪ ،‬بل يضيفون إليها آية »ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة« )البقققرة ‪،(195 :2‬‬
‫وحديث »ل ضرر ول ضرار«‪ ،‬معتبرين أن الستمناء محّرم ليس فقط لمخالفته التعاليم الدينّية‪ ،‬بل أيضًا لمضاّره‬
‫الجسمّية والجنسّية والنفسّية والعقلّيققة‪ .‬وهققو مققا لققم يقققل بققل أحققد مققن الفقهققاء المسققلمين القققدامى‪ .‬وهققذه الضققرار‬
‫المزعومة للستمناء كما يذكرها عبد ال ناصح علوان هي باختصار ما يلي‪:‬‬
‫حية‪ :‬إنهاك في القوى‪ ،‬نحول فققي الجسققم‪ ،‬إرتعققاش الطققراف‪ ،‬خفقققان بققالقلب‪ ،‬ضققعف‬ ‫‪ -‬أضرار ص ّ‬
‫بالبصر والذاكرة‪ ،‬إخلل بالجهاز الهضمي‪ ،‬إصققابة الرئتيققن باللتهابققات الققتي تققؤّدي إلققى السققل فققي‬
‫أغلب الحيان‪ ،‬وأخيرًا تؤّثر على الدورة الدموّية وتسّبب فقر الدم‪.‬‬
‫‪ -‬أضرار جنسّية‪ :‬من أهم هذه الضرار مرض العّنة‪ ،‬ومعناها عدم قققدرة الشققاب علققى الققزواج‪ .‬ول‬
‫شك أن هذا المرض يتسّبب عنه نفور المرأة مققن الرجققل‪ ،‬ول يمكققن والحققال هققذه أن تققدوم الرابطققة‬
‫الزوجّية لتعّذر الّتصال‪ .‬ومن الضرار إشمئزاز كققل جنققس مققن الخققر لعتيققاد الرجققل فققي إشققباع‬
‫الشهوة عن طريق هذه العادة الثيمة‪ .‬ومعنى هذا أن المرأة لم تجد حصانتها بزواجها من هذا الرجققل‬
‫لن سّرا لشباع غريزتها‪.‬‬ ‫المريض‪ .‬ورّبما يؤّدي المر في النهاية إلى الفراق أو إّتخاذ المرأة الخ ّ‬
‫‪ -‬أضققرار نفسقّية وعقلّيققة‪ :‬الققذهول والنسققيان‪ ،‬ضققعف الرادة‪ ،‬ضققعف الققذاكرة‪ ،‬الميققل إلققى العزلققة‬
‫والنكماش‪ ،‬الّتصاف بالستحياء والخجل‪ ،‬الستشعار بققالخوف والكسققل‪ ،‬والظهققور بمظهققر الكآبققة‬
‫والحزن‪ ،‬والتفكير بارتكاب الجرائم والنتحار‪ ...‬إلى غير ذلك من هذه الضققرار الققتي تشققل التفكيققر‬
‫طم الشخصّية‪.5‬‬ ‫وتمّيع الرادة وتح ّ‬

‫ويضيف كاتب عماني الخطار المزعومة التالية لهذه العادة على النساء‪:‬‬
‫‪ -‬تكون أثديتهن مرتجفققة هابطققة يخققرج منهققا سققائل أبيققض منتققن وتراهققن بلهققاوات وينتهققي حققالهن‬
‫بالجنون‪.‬‬
‫ل أنه ل شققك أن الفتققاة الققتي تمارسققها ستشققعر‬
‫‪ -‬أضرار نفسّية فهي لو أنها تتم بالمجهود الشخصي إ ّ‬
‫بعدها بالذنب‪.‬‬
‫‪ -‬إلتهاب الجهاز التناسلي تتبعه إفرازات مهبلّية من الصعب علجها‪ ،‬وذلك إذا ما أسُتعِملت في لمس‬
‫الجزاء الخارجّية من الجهاز التناسلي بعض الجسام الصلبة والتي غالبًا ما تكون ملّوثة‪.‬‬
‫خم شفتي المهبل مّما يسّبب صعوبات كثيرة وبعض‬ ‫‪ -‬إذا تكّررت العادة كثيرًا فإن ذلك يؤّدي إلى تض ّ‬
‫اللم للسّيدة بعد الزواج‪.‬‬
‫أنظر هذه الفتوى في الريامي‪ ،‬ص ‪.71-68‬‬ ‫‪1‬‬

‫الجزيري‪ ،‬جزء ‪ ،5‬ص ‪.152‬‬ ‫‪2‬‬

‫إبن حزم‪ :‬المحّلى‪ ،‬جزء ‪ ،11‬ص ‪.393-392‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر حول موقف الفقه من الستمناء موسوعة الفقه السلمي‪ ،‬تحت كلمة »الستمناء«‪ ،‬مجّلد ‪.8‬‬ ‫‪4‬‬

‫علوان‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪.230-229‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪327‬‬
‫‪ -‬هناك إحتمال بأن يصل الجسم الصلب إلى داخل المهبققل ويققؤّدي إلققى تمقّزق غشققاء البكققارة‪ ،‬وفققي‬
‫بعض الحيان قد تحدث جروح في الشفتين الخارجيتين مع نزف وآلم حاّدة‪.‬‬
‫ل عققن طريققق هققذه‬ ‫‪ -‬من أهم المضققاعفات أيضقًا التعققود علققى عققدم الحصققول علققى درجققة النشققوة إ ّ‬
‫العملّية‪ ،‬ويسّبب هذا أضرارًا بليغة بعد الزواج حيث ل تشعر بالّتصال الجنسققي المباشققر ول تصققل‬
‫ل بالرجوع إلى هذه العادة‪ .‬وقد يكون ذلك سببًا في زواج فاشل‪.1‬‬ ‫أبدًا إلى هذه النشوة إ ّ‬

‫ويذكر المؤّلف المغربي عبد الحق سرحان أن الشاعات الشعبّية في بلده تقول بأن هذه العققادة تققؤّدي إلققى الجنققون‬
‫والسل ومرض القلب وفقد النظر تدريجّيا‪ ،‬وتنبت الشعر على الكف التي تمققارس هققذه العققادة وقققد يصققيبها الفالققج‬
‫جل من ِقَبل الملئكة على سجل الثام التي ل تمحى‪ ،‬ويعتبر من يمارس هققذه العققادة كمققن‬ ‫عقابًا لها‪ ،‬وهذا الثم يس ّ‬
‫‪2‬‬
‫يمارس الجنس مع أّمه أو أخته ‪.‬‬

‫وينصح علوان لعلج الستمناء بما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬الزواج في سن مبّكر‪.‬‬
‫ل بالحديث‪» :‬يققا معشققر الشققباب‪ :‬مققن إسققتطاع منكققم البققاءة‬
‫‪ -‬صيام النفل )خارج شهر رمضان( عم ً‬
‫]تكاليف الزواج[ فليتزّوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪ .‬ومن لم يستطع فعليه بالصققوم فققإنه لققه‬
‫وجاء ]أي قاطع للشهوة[«‪.3‬‬
‫‪ -‬البتعاد عن المثيرات الجنسّية‪.‬‬
‫‪ -‬ملء الفراغ بما ينفع‪.‬‬
‫‪ -‬الرفقة الصالحة‪.‬‬
‫‪ -‬الخذ بالتعاليم الطّبية كالكثار من الحّمامات الباردة في موسققم الصققيف وصققب المققاء الققبرد علققى‬
‫العضو التناسلي في الفصول الخرى‪ ،‬والكثار مققن اللعقاب الرياضقّية والتمققارين البدنّيقة‪ ،‬وتجّنقب‬
‫الطعمة المحتوية علققى بهققارات وتوابققل لكونهققا مققثيرة ومهّيجققة‪ ،‬والقلل مققا أمكققن مققن المنّبهققات‬
‫العصبّية كالقهوة والشاي‪ ،‬وعدم الكثار من اللحوم الحمققراء والققبيض‪ ،‬وعققدم النققوم علققى الظهققر أو‬
‫ل بوجهه القبلة‪.‬‬
‫سّنة أن ينام على شّقه اليمن مستقب ً‬ ‫البطن‪ ،‬بل ال ُ‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬إستشعار خوف ال ‪.‬‬

‫حية وجنسّية‬
‫هناك إذًا تشّدد من ِقَبل رجال الدين في أّيامنا ضد الستمناء‪ .‬وقد أضافوا إلى المنع الديني أضرارًا ص ّ‬
‫ونفسّية وعقلّية لم يذكرها الفقهاء القدامى‪ .‬كمقا أضقافوا أيضقًا وسقائل جديقدة لعلجقه‪ .‬وهقذه الضقافات ليقس مقن‬
‫الصعب إرجاعها إلى المصادر اليهودّية والغربّية كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫وقد حمل محّمد جلل كشك على رجال الدين المتزّمتين‪ .‬فبعد أن عرض المواقف المختلفققة للفقهققاء القققدامى‪ ،‬قققال‬
‫محّمد جلل كشك‪:‬‬
‫»أنظر كيف كان من مضى أكثر فهمًا لروح السققلم‪ ،‬وأكققثر قققدرة علققى تفّهققم إحتياجققات النسققان‪،‬‬
‫وكيف يجأر الن داعية مكبوت من فوق المنققابر يحقّذر الفتيققان مقن العققادة السقّرية ‪ -‬وهقو مصققطلح‬
‫غربي منحدر من الديانة اليهودّية ‪ -‬المسققيحّية ‪ -‬وتأمققل أنهققم أبققاحوا ذلققك فققي زمققن كققان يمكققن فيققه‬
‫للمراهق في سن الثالثة عشرة أن يمتلك جارية يفرغ معها شهوته‪ ،‬بينمققا يحّرمققونه الن علققى شققباب‬
‫يعيش في أوروبا وأمريكا بل زوجة ول جارية حّتى مشارف الثلثين«‪.5‬‬

‫وهناك كتابات عربّية شعبّية وعلمّية تعّرضت للستمناء وحاولت تخفيققف ضققغط التّيققار الققديني نققذكر منهققا كتققاب‬
‫الدكتور صبري القّباني »حياتنا الجنسّية« حيث نقرأ‪:‬‬

‫الريامي‪ ،‬ص ‪.43-42‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.Serhane, p. 153-155‬‬ ‫‪2‬‬

‫رواه مسلم‪ ،‬حديث رقم ‪.3398‬‬ ‫‪3‬‬

‫علوان‪ ،‬جزء ‪ ،1‬ص ‪ .237-232‬أنظر كذلك الريامي‪ ،‬ص ‪.82-72‬‬ ‫‪4‬‬

‫كشك‪ ،‬ص ‪.77‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪328‬‬
‫»يقال‪ :‬إن من نتائج الستمناء الجنون‪ ،‬العّنة‪ ،‬إنهيار العصاب‪ ،‬فقدان الحيوّية‪ ،‬الصداع‪ ،‬الشققلل و‪...‬‬
‫إلى ما ل نهاية!! وكل هذه الّتهامات ل تمت للواقع بصلة‪ .‬إن الستمناء عند الفراد ليققس بحققد ذاتققه‬
‫ل غير طبيعي‪ ،‬بل إنه‪ ،‬كأي عمل جنسي آخر‪ ،‬وسيلة لراحة الجسم‪ ،‬ولو أحسن العمققل بققه لبقققي‬ ‫عم ً‬
‫حة وقد أثبتققت‬ ‫الناس في جو أمين إلى أن تحين ساعة الزواج‪ .‬إن الستمناء العادي ل يؤّثر على الص ّ‬
‫الحصائّيات أن أكثر الناس يلجأون إلى الستمناء في وقت من الوقات«‪.1‬‬

‫ويضيف‪:‬‬
‫»إن الرهبنة أو النقطاع الدائم مضر كققالفراط فقي السقتمناء‪ ،‬لنقه يققثير حربقًا شققعواء بيققن العققل‬
‫ورغائب الجسد الثقائرة‪ .‬والسقتمناء اللطيقف )غيقر المرهقق( فقي فقترات متقطعقة يققّوي العضقاء‬
‫الجنسّية ويدّربها على وظائفها ول يفقد الجسم حيوّيته«‪.2‬‬

‫ب( الختان لمكافحة الستمناء عند المسلمين‬

‫رأينا أن موقف الفقهاء المسلمين القدامى من الستمناء قد تأرجح بين التحريم والكراهّية والباحة‪ .‬وهققم ينصققحون‬
‫بالصيام والصلة والزواج والنشغال كوسيلة للحد منه‪ ،‬ولكن ل يذكرون بتاتقًا الختقان‪ .‬غيققر أن مقؤّلفين إيطققاليين‬
‫من القرن السادس عشر ذكرا أن من عادات بعض المتصقّوفة الققدراويش التققراك أنهققم كققانوا يلجققأون إلققى شققبك‬
‫الغلفة حّتى يحرموا أنفسهم من ممارسة الجنس‪ .3‬وهناك إشارات في كتب من القققرن السققابع عشققر أن عققادة شققبك‬
‫الغلفة كانت تمارس من بعض متصّوفة المصرّيين والعرب والفرس‪.4‬‬

‫جقة السقتمناء وجّنقدوها فقي‬‫والغريب في المر أن بعض الكّتاب المسقلمين الجقدد فقي أّيامنقا ققد إسقتولوا علقى ح ّ‬
‫جة في الغرب وأنها تكاد ل تققذكر فققي‬
‫نضالهم لتأييد ختان الذكور والناث‪ ،‬وهم عاّمة يجهلون كيف نشأت هذه الح ّ‬
‫ل الذين أعمت التعاليم اليهودّية بصائرهم‪ .‬نحن إذًا أمام »إسرائيلّيات« جديدة تنخر في‬ ‫سك بها إ ّ‬
‫أّيامنا هناك ول يتم ّ‬
‫عقولنا كما نخرت »السرائيلّيات« قديمًا في عقول قدماء الفقهاء المسلمين‪ .‬ويكفي هنا أن نذكر بعض المثلققة مققن‬
‫كتابات المؤّلفين المسلمين الجدد في هذا المجال‪.‬‬

‫يرى عبد السلم السّكري وجوب ختان الذكور لنه‬


‫»يقي صاحبه من كثير من المراض ومنها الصابة بمققرض السققرطان وسققلس البققول ويخّفققف مققن‬
‫غلواء الستمناء للبالغين«‪.5‬‬

‫وتقول الدكتورة نور السّيد راشد دفاعًا عن ختان الذكور‪:‬‬


‫»يخّفف الختان خطر الكثار من إستعمال العادة السّرية لن وجود الغلفة ووجود الفرازات الجنسّية‬
‫المختزنققة بهققا يققثير العصققاب التناسققلّية المنبّثققة حققول قاعققدة الحشققفة وتققدعو المراهققق إلققى حّكهققا‬
‫والستزادة من مداعبتها ومداعبة عضوه«‪.6‬‬

‫ولم يكتف الكّتاب المسلمون بتأييد ختان الذكور للوقاية من الستمناء‪ ،‬بل أّيدوا أيضًا ختققان النققاث لنفققس الهققدف‪.‬‬
‫فالدكتورة نور السّيد راشد تطالب بممارسة ختان الناث بقطع غلفة البظر عنققدهن لن »تققرك هققذا الغشققاء يققؤّدي‬
‫إلى الشبق الجنسي وأيضًا الكثار من العادة السّرية وذلك لكقثرة إحتكققاك هقذا الغشققاء بققالبظر«‪ .7‬ويققول الققدكتور‬
‫حامد الغّوابي‪:‬‬

‫القّباني‪ ،‬ص ‪.178‬‬ ‫‪1‬‬

‫القّباني‪ ،‬ص ‪ 179‬أنظر أيضًا الحسيني‪ ،‬ص ‪.42-41‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Dingwall: Male infibulation, p. 33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Dingwall: Male infibulation, p. 49‬‬ ‫‪4‬‬

‫السّكري‪ ،‬ص ‪ .64‬أنظر أيضًا السّيد‪ :‬مقّدمة كتاب إبن عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪.13-12‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫أنظر الملحق ‪ 13‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪329‬‬
‫»إن البظر‪ ...‬ينتصب كعضو الرجل‪ .‬فهذا قد يقود في المرأة إلى إستعمال اليد )جلد عميرة( وما يقود‬
‫خم الشفرين الصغيرين )الذين يقطعان فققي‬‫ذلك إلى أمراض كثيرة وفي بعض الحالت سبب ذلك تض ّ‬
‫عملّية الختان( إلى درجة كبيرة مشّوهة المنظر«‪.1‬‬

‫ول نعرف ردًا من الكّتاب المسلمين على الّدعاء أن ختان الققذكور يقّلققل مققن السققتمناء‪ .‬بينمققا رد الققدكتور محّمققد‬
‫رمضان على إّدعاءات أن ختان الناث يقّلل من الستمناء‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫»سبحان ال!! تحت أي منطق وعقل ودين يتم ذلك؟ ولماذا ل نفعل ذلققك مققع الولد فنقطققع الحشققفة‬
‫صققة أن ممارسققة‬ ‫صة بها ويترّكز فيها الحساس عنققده ‪ -‬خا ّ‬ ‫)رأس القضيب( أو نزيل طبقة الجلد الخا ّ‬
‫الولد لهذه العادة أكبر بكثير من الفتيات حسب الحصائّيات ]‪ .[...‬وإذا كان لها ضرر‪ ،‬فهققو عليهققم‬
‫أكبر من الفتيات‪ [...] .‬وجود البظر ل يؤّدي إلى ممارسة العادة السّرية‪ ،‬ومن ستمارسها فإنهققا تفعققل‬
‫ذلك سواء مع غياب هذا العضو أو وجوده‪ ،‬لن لها أسبابًا أخرى مثققل‪ :‬الفققراغ‪ ،‬والنطوائّيققة‪ ،‬وعققدم‬
‫الققزواج‪ ،‬والمققؤّثرات العلمّيققة الققتي تهّيققج الغققرائز‪ ...‬القخ‪ .‬كمققا إن بعققض المتزّوجققات المختتنققات‬
‫يمارسنها كمحاولة للحصول على اللّذة بعد أن فشلن في الحصول عليها بالمعاشرة«‪.2‬‬

‫‪ (2‬الستمناء عند اليهود والمسيحّيين الغربّيين‬


‫أ( موقف اليهود والمسيحّيين الغربّيين من الستمناء‬

‫صة على النص التي من سفر التكوين‪:‬‬ ‫يأخذ رجال الدين اليهود موقفًا متشّددا من الستمناء‪ .‬وهم يعتمدون خا ّ‬
‫»واّتخذ يهوذا زوجة لعير بكره إسمها تامار‪ .‬وكان عير بكر يهوذا شقّريرا فققي عينققي الققرب‪ .‬فأمققاته‬
‫ل لخيك‪ .‬وعلققم أونققان‬ ‫الرب‪ .‬فقال يهوذا لونان‪ :‬أدخل على إمرأة أخيك وقم بواجب الصهر وأقم نس ً‬
‫ل لخيققه‪.‬‬ ‫ل يجعل نس ق ً‬‫أن النسل ل يكون له‪ .‬فكان إذا دخل على إمرأة أخيه‪ ،‬إستمنى على الرض‪ ،‬لئ ّ‬
‫فقبح ما فعله في عيني الرب‪ .‬فأماته أيضًا« )التكوين ‪.(10-6:38‬‬

‫وزواج الرجل من زوجة أخيه المتوّفى التي لم تنجب منه فريضة في التققوراة )تثنيققة ‪ ،(6-5:25‬ومققا زالققت حّتققى‬
‫صة »أونان« أنه كان يمارس »العزل« )أي إنزال المني خارج الرحم( حّتققى‬ ‫يومنا عند اليهود‪ .‬والذي يظهر من ق ّ‬
‫ل أن رجقال القدين اليهققود فهمققوا أن »أونقان« كققان‬‫ل تحمل إمرأة أخيه منه‪ .‬فأماته الق لرفضقه تنفيقذ الشقريعة‪ .‬إ ّ‬
‫يمارس الستمناء‪ ،‬وأن هذا هو سبب موته‪ .‬وقد أشتّقت في القرن التاسع عشر كلمة ‪ onanism‬من إسققم »أونققان«‬
‫لتعني الستمناء كما سنرى لحقًا‪.‬‬

‫ونجد إدانة للستمناء في »المشنا« الكتاب الثاني بعد التوراة قداسة عند اليهود‪ .‬فهي تقول‪» :‬يجب مقدح يقد المقرأة‬
‫حققص‬ ‫حص بتكرار العضو الجنسي‪ ،‬ولكّنها إذا كققانت يققد رجققل فلتقطققع«‪ .‬ومققدح يققد المققرأة سققببه أنهققا تتف ّ‬ ‫التي تتف ّ‬
‫‪3‬‬
‫أعضاءها التناسلّية لمعرفة درجة طهارتها والمتناع عقن العمققال الققتي ل يحققق لهققا عملهققا فققي حالقة النجاسققة ‪.‬‬
‫وقطع يد الرجل سببه ممارسة الستمناء‪ .‬ويعّلق التلمود على هذا النص أن الفققرق بيقن النسققاء والرجققل ناتققج عقن‬
‫سه قضيبه حّتققى وإن لققم يكققن‬ ‫ساسات على عكس الرجال‪ .‬ولذلك يجب قطع يد الرجل بمجّرد م ّ‬ ‫كون النساء غير ح ّ‬
‫هناك تكرار‪ .‬ويذكر لنا التلمود أقوال رجال الدين اليهود الذين يدينون الستمناء ويمنعون حّتى مسك القضيب عند‬
‫التبّول سدًا للذرائع‪ ،‬نذكر أهّمها‪.‬‬
‫يقول رابي »اليعازر« أن من يسمك قضيبه للتبّول كمن يجلب الطوفان للعالم‪ .‬وقد أشار عليه أحققدهم‬
‫بأنه إذا لم يمسك قضيبه فإن نقط بول قد تقققع علققى رجليققه فيعتققبره النققاس مبتققور القضققيب ويعّيققروا‬
‫أولده بأنهم أولد حرام‪ .‬فرد بأن ذلك أفضل من أن يرتكب الشر بمس قضيبه أمام ال‪ .‬ويقول رابققي‬
‫»يوحّنان«‪ :‬إن كل من يخرج مناه يستحق الموت لنه جاء في الكتاب المق قّدس‪» :‬فقبققح مققا فعلققه فققي‬
‫عيني الرب‪ ،‬فأماته أيضًا« )التكوين ‪ ،(10:38‬إشارة إلى فعل »أونققان«‪ .‬ويققول رابققي »أّمقي« بقأن‬
‫من يخرج المني كمن يسفك دمًا لنه جاء في الكتاب المقّدس‪» :‬ألسققتم أولد المعصققية ونسققل الكققذب‬
‫الغّوابي‪ ،‬ص ‪ .62‬أنظر أيضًا عّمار‪ ،‬ص ‪47‬؛ الجمل‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Erlich: La mutilation, p. 61‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪330‬‬
‫المثيرين أنفسهم عند البطم تحققت كققل شققجرة خضققراء الققذابحين أولدهققم فققي الوديققة تحققت شقققوق‬
‫الصخر« )أشعيا ‪ .(5-4:57‬ويحكي لنا التلمققود أن رابققي »يهققوذا« ورابققي »صققاموئيل« كانققا علققى‬
‫سطح كنيس فأراد رابي »يهوذا« أن يبول‪ .‬فأجابه رابي »صاموئيل«‪ :‬إمسققك قضققيبك وبقّول خققارج‬
‫سطح الكنيس‪ .‬فتساءل رجال الدين اليهود كيف يمكنه قول ذلك إذا ما إعتبرنا قول رابققي »اليعققازر«‬
‫بأن من يمسك قضيبه كمن يجلب الطوفان على العالم‪ .‬وأجاب أحدهم بأن خوف »يهوذا« من السقوط‬
‫من السطح والخوف من معّلمه »صاموئيل« يمنعه من التفكير في اللّذة عند إمساكه قضققيبه‪ .‬وأجققاب‬
‫آخر بأن يهوذا كان متزّوجا فيسمح له إمساك قضيبه للبول‪ .‬وأجققاب ثققالث بققأنه كققان بإمكققانه إمسققاك‬
‫خصيتيه من أسفل‪.1‬‬

‫ويعيد علينا الحاخام والفيلسوف إبن ميمون موقققف التلمققود مققن السققتمناء ويققرى أن مققن يمارسققه هقو كمققن يقتققل‬
‫ل إذا كققان منحنيقًا إلققى إحققدى الجهققات‬
‫إنسان‪ .‬وينصح الرجل بأن ل ينام مستلقيًا على ظهره ووجهه إلى العلققى إ ّ‬
‫حّتى ل ينتصب قضيبه‪ .‬ولتفادي التهّيج الجنسي يحّرم إبن ميمون النظقر للحيوانقات القتي تقتزاوج أو للنسقاء القتي‬
‫تنشر ثيابها‪ ،‬ويحّرم السير وراء المرأة‪ .‬كما يحّرم علققى الرجققل غيققر المققتزّوج مققس قضققيبه أو وضققع يققده تحققت‬
‫ل إذا كان متزّوجا‪ .‬وإن كان متزّوجققا أو غيققر مققتزّوج فعليققه أن ل‬ ‫سّرته‪ .‬وعندما يبول‪ ،‬يحّرم عليه مسك قضيبه إ ّ‬
‫ل إذا أراد أن يفرج عن نفسه‪ .‬كما ينصح الباء بتزويج أولدهققم وبنققاتهم فققي أسققرع وقققت‬ ‫يضع يده على قضيبه إ ّ‬
‫‪2‬‬
‫ممكن عند بلوغهم لتفادي الستمناء ‪.‬‬

‫وقد أدان رجال الدين المسيحّيون الستمناء معتمدين على نققص الكتققاب المققّدس اليهققودي السققابق الققذكر الخققاص‬
‫صا من رسالة للقّديس بولس يقول‪:‬‬
‫بق»أونان« وأضافوا إليه ن ّ‬
‫جار ل يرثققون ملكققوت القق‪ .‬فل تضقّلوا‪ ،‬فققإنه ل الفاسقققون ول عّبققاد الوثققان ول‬
‫»أما تعلمون أن الف ّ‬
‫الزنققاة ول المخّنثققون ول اللوطيققون ول السقّراقون ول الجشققعون ول الس قّكيرون ول الشقّتامون ول‬
‫السالبون يرثون ملكوت ال« )‪ 1‬قورنتس ‪.(10-9 :6‬‬

‫سر بعض اللهوتّيين كلمة »المخّنثققون« )باللتينّيققة ‪ (mols‬بأنهققا تعنققي الققذين يمارسققون السققتمناء‪ ،‬ومنهققا‬
‫وقد ف ّ‬
‫جاءت الكلمة اللتينّية ‪ mollities‬للتعبير عنه‪ ،‬ولكن في حقيقتها تعني الذين يمارسون الشذوذ الجنسي‪ .‬وقد بققدأت‬
‫بعض الكتابات الغربّية في القرن السابع عشر تتكّلم عن مضار الستمناء‪ .‬ففي عقام ‪ 1670‬رأى الطقبيب اللمقاني‬
‫»ايتميلير« أن الستمناء هو أحد أسباب »داء السيلن«‪ .‬وبعد ذلك بثلثين سنة نصح الطبيب النكليزي »بينققارد«‬
‫باللجوء إلى الحّمام البارد لنه يساعد للشفاء من الضعف الجنسي الذي يسّببه الستمناء‪.3‬‬

‫جال إنكليزي مجهول السم كتّيبا تحت عنققوان ‪ Onania‬فققي أقققل مققن مققائة صققفحة حققول‬ ‫وفي عام ‪ 1715‬نشر د ّ‬
‫مضار الستمناء للذكور والناث ووسائل مكافحته‪ .‬وقد تتابعت طبعات هققذا الكقتّيب مقع إضققافات جديققدة فقي كققل‬
‫طبعة حّتى عام ‪ 1778‬وترجم إلى عّدة لغات‪ .‬وعنوان الكتاب هققو إشققارة للنققص التققوراتي المققذكور سققابقًا ومنهققا‬
‫تحّور ليصبح ‪ ،Onanism‬ليعني الستمناء‪ .‬وهققذا الكتققاب يققذكر بيققن مضققار هققذه العققادة داء السققيلن والضققعف‬
‫الجنسي كما جاء عند الطبيبين اللماني والنكليزي المذكورين أعله‪ ،‬ويزيد عليهما عددًا من العراض المرضّية‬
‫مثل القرح والتشنج والصرع وعدم النمو‪ .‬ويرسم للستمناء صورة مخيفة ويقول إنه يؤّدي إلى الموت‪ .‬وإن تمّكقن‬
‫الرجل أو المرأة من النجاب‪ ،‬فأولدهما يموتون صغارًا‪ .‬والمرأة الققتي تمققارس السققتمناء تعقّرض نفسققها لخطققر‬
‫الجهاض‪ .‬ويضيف المؤّلف أن الذين ل يشعرون بتلك العاهات في هذه الدنيا‪ ،‬فهم معّرضقون للمصقائب فقي هققذه‬
‫الدنيا وللعقاب اللهي في الخرة‪.4‬‬

‫جال النكليزي تأثيرًا كبيرًا في الفكر الغربي فصدرت بعده عّدة كتابقات تنقاقلت مقا جقاء فيقه إّمقا‬
‫وقد أّثر كتاب الد ّ‬
‫نقدًا أو تأييدًا‪ .‬وعلى أساسه إقترح الطبيب الفرنسي »بيرنققارد دي مانققدفيل« عققام ‪ 1724‬إقامققة دور دعققارة عاّمققة‬
‫‪ .Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 23, 87-90‬أنظر كذلك في الصومال ‪Gallo; Viviani: Il ruolo‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪dell'olfatto‬‬
‫‪Rosner, p. 104-105‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 41-48‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر حول هذا الكتاب ‪Stengers; Van Neck, p. 49-64‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪331‬‬
‫حة‪ .‬ونجد إعادة لمضار الستمناء في الكتققب الطّبيققة كققق»القققاموس‬ ‫حّتى يقي الناس من الستمناء الذي يخّرب الص ّ‬
‫الطّبي« الذي صدر في لندن عام ‪ 1745-1743‬والذي يرى أنه ل توجد عادة سّيئة تققؤّدي لعققدد كققبير مققن النتققائج‬
‫الوخيمة مثل الستمناء‪.1‬‬

‫جال النكليزي كان على الطبيب السويسري »تيسو« )توّفى عام ‪ .(1797‬فقد كتققب هققذا كتاب قاً‬ ‫وأكبر تأثير لهذا الد ّ‬
‫باللتينّية عام ‪ 1758‬حول حّمى المرارة ألحقها بنص حول الستمناء ومضاّره‪ .‬وعققاد عققام ‪ 1760‬فنشققر الملحققق‬
‫سعا ضمن كتاب بالفرنسّية‪ .‬وقد طارت شهرة هذا الطبيب في كل أوروبا الغربّية مّما ساعد على إشققتهار كتققابه‬ ‫مو ّ‬
‫‪2‬‬
‫ضد الستمناء فأعيدت طباعته سنويًا حّتى عام ‪ 1782‬وقد ترجم لعّدة لغات أوروبّية ‪ .‬وقد أّثر هذا الطبيب بققدوره‬
‫في الفكر الطّبي والفلسفي والتربوي الوروبي في عصره‪ .‬وقد بدأ تحققت تققأثيره منققذ عققام ‪ 1785‬تصققميم ملبققس‬
‫صة تمنع الولد أو البنت من مس أعضائهم الجنسّية لممارسة الستمناء‪ .‬وقد كان على علقة وّدية مع »روسو«‬ ‫خا ّ‬
‫ضل أن يزني النسان مّما أن يمارسها لن الخروج‬ ‫الذي مارس تلك العادة ونّبه ضد أضرارها معتبرًا أنه من المف ّ‬
‫من سيطرة النساء أسهل من الخروج من سيطرة تلك العادة‪ .3‬ونجد رأيًا مماث ً‬
‫ل عنققد »كققانت« الفيلسققوف اللمققاني‬
‫الشهير‪.4‬‬

‫جال النكليزي والطبيب السويسقري لقزرع الخقوف مقن السقتمناء فقي أوروبقا ومقن بعقدها فقي‬ ‫وقد مّهد رأي الد ّ‬
‫أمريكا خلل القرن التاسع عشر‪ .‬فقد إنتشرت آراء تّتهم الستمناء بأنه السبب الرئيسي لكثير مققن المققراض‪ .‬وقققد‬
‫عّبر عن ذلك »قاموس العلوم الطّبية« في فرنسا عام ‪ 1819‬الذي يشير إلى أن الستمناء‪ ،‬حسققب أطّبققاء عصققره‪،‬‬
‫يؤّدي تقريبًا إلى كل المراض الحاّدة أو المزمنة التي تعّكر إنسجام وظائفنا الجسدّية وينسب إليققه المققراض الققتي‬
‫تصيب المخ والنخاع الشقوكي والجهقاز العصقبي والعظقام والعضقلت وجهقاز التنّفقس وجهقاز الهضقم والجهقاز‬
‫التناسلي‪ ،‬كما أنه يؤّدي إلى الموت‪.5‬‬

‫وقد صاحب الخوف من الستمناء نشوء نظرّية في القرن التاسع عشر في إنكلترا تقول بققأن كققل المققراض يمكققن‬
‫ربطها بسبب واحد هو ضققعف أو ققّوة النشققاط العصققبي‪ .‬وقققد طقّور هققذه النظرّيققة الطققبيب المريكققي »بنجققامين‬
‫روش« الذي درس في سكوتلندا حيث إعتبر أهم نشاط عصبي هو الرتواء الجنسي‪ .‬ففققي عققام ‪ 1812‬كتققب بققأنه‬
‫يجب عدم التساهل مع الجنس لنه يسّبب ضعف الحيوانققات المنوّيققة والعّنققة وعسققر البققول ووجققع الظهققر والسققل‬
‫الرئوي وسوء الهضم وضعف النظر والدوخة والصرع والوسوسة المرضّية وفقدان الققذاكرة والحماقققة والمققوت‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1855‬كتبت إفتتاحّية مجّلة طّبية أمريكّية أنه ل الطاعون ول الحروب ول الجدري ول عدد من الشرور‬
‫الخرى المماثلة أّدت إلى مصائب للبشرّية أكثر من تلك التي أّدى إليه الستمناء‪.6‬‬

‫وقد إنتشرت فكرة ضرر الجنس المفرط والستمناء في كل الدول الغربّية ولكن بدرجة أكبر في إنكلترا والوليات‬
‫المّتحدة تحت وطأة الفكققر الفكتققوري فققي عصققر الملكققة فكتوريققا ‪ 1901-1837‬حيققث ترعرعققت فكققرة أن هنققاك‬
‫عنصر بشري أعظم من غيره‪ .‬وعلى العنصر العظم السيطرة على تصّرفه الجنسي لبقاء سققيطرته علققى الغيققر‬
‫إذ إن التصّرف الجنسي المفرط يؤّدي إلى الخمول العقلققي‪ .‬وفققي الوليققات المّتحققدة كتققب عققالم الفيزيققاء »جققورج‬
‫بيرد« مطالبًا بالحرص على النشاط العقلي عند المثّقفين‪ ،‬وهذا يعني السيطرة على النشاط الجنسي‪ .‬وكان العصققر‬
‫الفكتققوري معققادي للجنققس بسققبب النظرّيققات الطّبيققة حققول السققتمناء‪ .‬وقققد حقّددت العلقققات الجنسقّية حّتققى بيققن‬
‫المتزّوجين إذ أعُتِبر بأن تلك العلقة يجب أن ل تزيد عن مّرة واحدة في الشهر أو حصرها بالنجاب فقققط‪ .‬وكققان‬
‫ُيظن أن المرأة التي تمارس العلقة الجنسّية خلل الحمل ل بد أن تفقد طفلها بالجهاض‪.‬‬

‫ومن أكبر معادي الستمناء الطبيب المريكي »جون هارفي كيلوج«‪ .‬ففي عقام ‪ 1882‬كتققب أن السقتمناء خطيئة‬
‫ضد الطبيعة ويساوي اللواط‪ ،‬ل بل هو أكثر خطورة منققه لكققثرة إنتشققاره‪ .‬وكققان يققرى بققأنه يسقّبب مققا ينققاهز ‪31‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 65-72‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 72-89‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 70-72‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 105‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 12-13‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 32-37‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪332‬‬
‫عاهة‪ .‬وقد وضع عّدة معقايير يمكقن مقن خللهقا معرفقة الشقخص القذي يمقارس السقتمناء منهقا الرق والخجقل‬
‫والكتاف العريضة وعدم بروز الثدي عند المرأة والتدخين وحققب الشققباب وقققرض الظققافر بالسققنان واسققتعمال‬
‫الكلمات البذيئة‪ .‬وقد إقترح لمكافحة الستمناء تناول إفطاره المشهور الذي يحمل إسمه وإجراء عملّية الختان‪.1‬‬

‫ورغم إستمرار معاداة التعاليم الدينّية للستمناء‪ ،‬فإن الطب أصبح تدريجّيا أكثر تسامحًا معها‪ .‬وقققد بققدأ المققر فققي‬
‫إنكلترا‪ .‬ففي محاضرة نشرها الطبيب النكليزي »جيمس ماجيت« عام ‪ 1875‬حققول مققرض الققوهم الجنسققي رأى‬
‫أن الضرر ليس في الستمناء ولكن في تكرارها الذي قد يؤّدي إلى التعب‪ .‬ونفس النتيجة تنتج عن العلقة الجنسّية‬
‫المتكّررة‪.‬‬

‫ل فققي »قققاموس الطققب والجراحققة الجديققد« عققن‬ ‫وفي عام ‪ ،1877‬كتب الطبيب الفرنسققي »شققارل موريققاك« مقققا ً‬
‫الستمناء مكّررا مضاّره ولكن محّذرا من المزايدات المضحكة فققي إعتبققار كققل المققراض ناتجققة عنققه كمققا فعققل‬
‫الطبيب السويسقري السقابق القذكر‪ .2‬وكتقب عقالم الجنقس اللمقاني »مقانيوس هيرشقفيلد« عقام ‪ 1917‬بقأنه يقرى‬
‫حية للسقتمناء لنقه ل إثبقات لقه‪ .‬وتحقّول ققاموس »لروس الطّبقي‬ ‫ضرورة ترك كل ما كتب عقن المضقار الصق ّ‬
‫المصّور« من موقف المحّذر من أضرار الستمناء عام ‪ 1922‬إلى موقف مختلققف تمامقًا عققام ‪ 1924‬حيققث نقققرأ‬
‫خمت أضققرارها‪ .‬وفققي عققام ‪ 1949‬رأي عققالم الجنققس‬ ‫بأنه من الغلط أن ينزعج الهققل أمققام هققذه العققادة الققتي ضق ّ‬
‫»اوسفالد شفارتز« بأنه ل توجد أضرار على المدى القريب أو البعيد للستمناء‪ .‬والدكتور »بنجامين سبوك« قققال‬
‫ل إذا لجأ إليه بصورة غير معتدلة‪.‬‬ ‫عام ‪ 1971‬بأنه غير صحيح القول بأن الستمناء ضار‪ ،‬إ ّ‬

‫وتدريجّيا تغّير أيضًا موقف الشبيبة من الستمناء وفقد الخوف منه‪ .‬حّتققى أن الشققعور بققالخطيئة بققدأ بققالتراجع فققي‬
‫الوساط الكاثوليكّيققة‪ .‬ففققي عققام ‪ 1966‬كتققب الب الققدومينيكاني »بلققي« بققأن الحجققج الققتي بنيققت عليهققا فكققرة أن‬
‫الستمناء »خطيئة مميتة« يمكن إعادة النظر فيها‪ .‬فمن الصعب القول بأنها عمل ضد الطبيعة‪ .‬والتلويح بققالخطيئة‬
‫أمام هذا التصّرف أمر خطير‪ .‬فقد يؤّدي ذلققك إلققى دفققع الشققخص فققي الهاويققة‪ .‬ولكققن موقققف الكنيسققة الكاثوليكّيققة‬
‫الرسمي بقي رافضًا‪ .‬ففي عققام ‪ 1976‬نشققرت »جمعّيققة تعليققم اليمققان« تصققريحًا شققديد اللهجققة ربطققت فيققه بيققن‬
‫العلقات الجنسّية الشاّذة والعلقات الجنسّية َقبل الزواج والستمناء‪ .‬وقد عّلق الب »ريني سيمون«‪ ،‬السققتاذ فققي‬
‫ل‪» :‬إن مصيبة الكنيسة هي أنهققا تكقّرر بصققورة قطعّيققة مبققادئ‬ ‫المعهد الكاثوليكي في باريس على هذا الموقف قائ ً‬
‫‪3‬‬
‫أخلقّية تتعّلق بالجنس في وسط تغّير تمامًا موقفه من الجنس« ‪.‬‬

‫ب( الختان لمكافحة الستمناء عند اليهود والمسيحّيين الغربّيين‬

‫أمام الخوف من الستمناء وسيلن المني في النوم‪ ،‬كققان ل بققد مققن اللجققوء إلققى وسققائل لمنعهمققا‪ .‬فبالضققافة إلققى‬
‫الوسائل الروحّية مثل التوبة والماتة والعمال الصالحة‪ ،‬كان الطّباء ينصحون بوسائل غيققر جراحّيققة وجراحّيققة‬
‫من بينها الختان‪.‬‬

‫ومن بين الوسائل غير الجراحّية كان الطّباء ينصحون الذكور والناث بغسققل العضققاء الجنسقّية بالمققاء البققارد‪،‬‬
‫وممارسة الرياضة حّتى يتعب الجسم ول يفّكر النسان في اللجوء لتلك العادة بل ينققام حققال إرتمققائه فققي السققرير‪.‬‬
‫وكان عليهم تجّنب اللعاب الرياضّية التي تسّبب إحتكاك العضاء الجنسّية مثققل النققزلق علققى خشققبة الققدرج أو‬
‫التأرجح على آلة الحصان أو شد الحبل الملس‪ ،‬وتفادي بعض القراءات التي تهّيج المخّيلة‪ ،‬ومنها بعض نصققوص‬
‫التوراة مثل سفر »نشيد الناشيد«‪.‬‬

‫جال النكليزي السابق الذكر إقترح تجّنب أكل الفول والبازلء‬ ‫كما كانوا ينصحونهم بإّتباع نظام غذائي خاص‪ .‬فالد ّ‬
‫والخرشوف لنها تنفخ العضاء الجنسّية‪ .4‬وغيره نصح بتجّنب أكل الوجبققات المهّيجققة أو شققرب الخمققر أو حّتققى‬
‫الكثار من شرب السوائل لن ذلقك يقؤّدي إلقى الققذهاب للحّمققام كققثيرًا ولمققس العضقاء الجنسقّية‪ .‬وققد ذكرنققا أن‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 58-59‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 135-151‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 180-188‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 49-64‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪333‬‬
‫الطبيب »كيلوج« قد نصح بتناول إفطاره الشهير‪ .‬وكان الزواج هو إحققدى وسققائل إبعققاد الشققاب عققن تلققك العققادة‪.‬‬
‫فملك بلجيكا »ليبولد الّول« كتب للملكة »فكتوريا« عام ‪ 1853‬بأنه يريد الستعجال بتزويج إبنه البكر الققذي يبلققغ‬
‫عمره ‪ 18‬حّتى يخّلصه من تلك العادة‪.‬‬

‫وإذا لم يتخّلص الولد أو البنت من هذه العادة‪ ،‬كان الطّباء ينصحون الهل بربققط يققدي أولدهققم وبنققاتهم بقضققبان‬
‫السققرير أو إلباسققهم إحققدى المعقّدات الميكانيكّيققة والملبققس والحزمققة الغريبققة الققتي تحيققل دون لمققس العضققاء‬
‫الجنسّية‪ .‬وفي عام ‪ 1781‬إخترع أحدهم حزامًا يشبه حزام العّفة لمنع الستمناء‪ .1‬وقد كان هناك عام ‪ 1860‬سققوق‬
‫في باريس لهذه المعّدات دون أن تثير الغرابة في ذاك الوقت‪ .‬وقد أصدرت الوليات المّتحدة ما بين عققام ‪ 1861‬و‬
‫‪ 1932‬قرابة ‪ 20‬براءة إختراع لمعّدات القصد منها منع الستمناء‪ .‬وفي كتاب »رعاية الطفل« الذي أصدرته عام‬
‫‪» 1921‬دائرة الطفال« الحكومّية المريكّية نصيحة للهل بأن يلجأوا إلى تلك المعّدات الميكانيكّية لمنقع الولقد أو‬
‫البنت من ممارسة الستمناء الضار الذي يدّمره مقدى الحيقاة‪ .‬ولكقن عقام ‪ 1929‬لقم يعقد هقذا الكتققاب يقؤمن بتلققك‬
‫ل من ذلك ينصح الكتاب أن يلهى الولد َقبل‬ ‫الوسائل وحظر على الهل أن يلجأوا إليها لنها قد تؤّثر بهم نفسّيا‪ .‬وبد ً‬
‫النوم بلعبة‪ .‬وفي طبعة ‪ 1942‬يقول الكتاب بأن الم الحكيمة لن تهتم بهذه العققادة الققتي يمارسققها الطفققال بصققورة‬
‫طبيعّية‪ .‬وفي عام ‪ 1951‬ينصح الم بأن ل تقول للطفل كلمة »ل« لن ذلك قد يزعجه‪.2‬‬

‫بالضافة إلى الوسائل غيققر الجراحّيققة‪ ،‬نصققح الطّبققاء بققإجراء عملّيققات جراحّيققة لمقن يتمّكققن مقن دفققع تكاليفهققا‪،‬‬
‫صة الطبقات العليا في المجتمع‪ ،‬تلقك الطبققة القتي يقأتي منهقا أكقثر الطّبقاء‪ .3‬وققد زاد مقن اللجقوء إلقى هقذه‬ ‫وخا ّ‬
‫العملّيات إدخال التخدير في الطب حوالي عام ‪ .1850‬وقققد تفّنققن الطّبققاء فققاقترحوا ثقققب غلفققة القضققيب وشققبكها‬
‫بحلقة‪ .4‬وشبك الغلفة هذا لمكافحة الستمناء نجده في كتب ألمانّية من القرن الثامن عشر‪ .5‬وقد إقترح جّراح ألماني‬
‫عام ‪ 1827‬بأن تمارس عملّية شبك الغلفة لتحسين الجنس البشري ومن يزيل هذا الشبك يجب معاقبته بشقّدة‪ .6‬وقققد‬
‫إقترح كتاب طّبي شعبي صدر عام ‪ 1920‬في مقاطعة »اوهايو« المريكّية أن يلجأ إلى شبك غلفققة القضققيب ضققد‬
‫الستمناء‪.7‬‬

‫كما أن الطّباء إقترحوا الختان بقطع الغلفة بمقص مفلققول‪ ،‬وحّتققى الخصققي‪ .‬واقققتراح الختققان نجققده عنققد الطققبيب‬
‫الفرنسي »كلود فرنسوا للمان« )توّفى عام ‪ .(1853‬وقد تسّربت نظرّيته هذه إلققى الوليققات المّتحققدة فققي كتابققات‬
‫الطبيب المريكي »ادوراد يكسون« )توّفى عام ‪ (1880‬الذي إقققترح فققي كتققاب صققدر عققام ‪ 1845‬فققرض ختققان‬
‫الطفال كما هو المر عند اليهود‪ .8‬وققد سقاعد فقي إنتشقار هقذا الفكقر فقي الوليقات المّتحقدة الطبيبقان اليهودّيقان‬
‫»موزيس« و»جاكوبي«‪ .‬فكل منهما إّدعى بأن اليهود ل يمارسققون السققتمناء‪ ،‬وأن سققبب ذلققك هققو الختققان‪ ،‬وأن‬
‫غير اليهود يميلون كثيرًا للستمناء‪ ،‬ولذلك فهم أكثر عرضة للمراض الخطيرة بسبب وجود غلفة عنققدهم‪ .‬وكانققا‬
‫يريققان أن الغلفققة تس قّبب الصققرع وضققعف التغذيققة والهسققتيريا وكققثيرًا مققن الضققطرابات العصققبّية‪ .‬وقققد كتققب‬
‫ل عام ‪ 1871‬في مجّلة طّبية يقول فيه أن الستمناء يحدث بسبب الغلفة الطويلققة‪ .‬وأضققاف بققأنه لققم‬ ‫»موزيس« مقا ً‬
‫طقي حشقفتهم الغلفقة فعقودوه عليهقا‪ .‬وققد‬ ‫ل تغ ّ‬‫ل إذا عاشر أطفقا ً‬
‫ير حالة واحدة لطفل يهودي يلجأ لمثل هذه العادة إ ّ‬
‫ذكر مقال صدر عام ‪ 1895‬أن الختان هو أقرب صديق للطبيب في كل حالت الستمناء‪ .‬وللحصول على النتيجة‬
‫الفضل ل بد من قطع أكبر قدر من الجلد والغشاء المخاطي حّتى يكون الجلد مشدودًا في حالة النتصققاب‪ .‬فيجققب‬
‫أن ل يكون هناك مجال لتحريك الجلد‪ ،‬بل يجب أن يكون الجلد متسققاويًا مققع القضققيب حّتققى ل يلجققأ النسققان إلققى‬
‫الستمناء دون أن يضّيع وقتًا كثيرًا لبلوغ اللّذة‪ .‬وكّلما كان الوقت المطلوب أكبر‪ ،‬كّلما كانت الفائدة أكبر‪.9‬‬

‫‪Lorenzoni, p. 15-16‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 19-28‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 59‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 124-128; Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪32-37‬‬
‫‪Dingwall: Male infibulation, p. 51-52‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Favazza, p. 190; Dingwall: Male infibulation, p. 54-56‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Erlich: Les mutilations sexuelles, p. 73‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 19‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 23‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪334‬‬
‫جع‬
‫وفي عام ‪ 1914‬كتققب الطققبيب اليهققودي المريكققي »ابراهققام وولبارسققت« أن مققن واجققب كققل طققبيب أن يشق ّ‬
‫ل يقققترح فيققه تعقيققم مققن يمققارس السققتمناء ومنعققه مققن‬
‫ممارسة الختان على الصغار‪ .‬وفي عام ‪ ،1932‬كتب مقققا ً‬
‫الزواج‪ .‬ونتيجة لمواقف هذا الطبيب المؤّيدة للختان‪ ،‬تم إعادة كتابة كتب تعليم الطب لتحث أطّبققاء التوليققد بفحققص‬
‫ل‪.1‬‬
‫كل طفل يولد‪ .‬فإذا وجدوا أن غلفته ل ترجع إلى الوراء‪ ،‬كان عليهم قطعها حا ً‬

‫وقققد ذكققر الققدكتور »هققولت« فققي كتققابه »أمققراض الطفولققة« المنشققور عققام ‪ 1897‬أن السققتمناء يققداوى بققالقمع‬
‫الميكانيكي والقصاص والختان‪ .‬وفي طبعة كتابه التي صققدرت عققام ‪ 1936‬إعققترف المؤّلققف أن هققذه الوسققائل لققم‬
‫تنجح في إستئصال الستمناء‪ .‬ورغم ذلك إستمر في إقتراح الختان لمداواة الستمناء حّتى يتعّلققم الطفققل مققن خلل‬
‫ألم العملّية أنه عليه أن يترك تلك العادة‪ .2‬وقد تبّنت هذه الوسيلة »مجّلة الجمعّية الطّبية المريكّيققة« فققي إفتتاحيتهققا‬
‫لعام ‪ .31928‬وقد كتب الدكتور »كوكشات« عام ‪ 1935‬مقا ً‬
‫ل يقول فيه‪:‬‬
‫»إني أقترح بأن يتم ختان جميع الطفال الذكور‪ .‬إن هذا العمل مخالف للطبيعة‪ ،‬ولكققن هققذا هققو فع ً‬
‫ل‬
‫المقصود بتلك العملّية‪ .‬فالطبيعة قد خلقت الشباب في حالة إستعداد دائم للجماع كّلما سنحت الفرصة‪،‬‬
‫ساسة حّتى تبقى دائمًا قابلة للثارة‪ .‬أّما الحضارة‪ ،‬على عكس الطبيعة‪ ،‬فإنها‬ ‫طت الحشفة الح ّ‬‫ولذلك غ ّ‬
‫تطلب العّفة‪ .‬والحشفة المكشوفة بالختان تكسب خشونة تخّفف من حساسّيتها‪ .‬وهكذا يكون الشاب أقل‬
‫إنجذابًا إلى قضيبه‪ .‬فأنا مقتنع بأن المختونين أقل ممارسة للسققتمناء‪ .‬وفققي هققذا الموضققوع ل مجققال‬
‫للقول بأن ال يعرف ما هو أفضل للطفل الصغير«‪.4‬‬

‫ومع تراجع الخوف من الستمناء‪ ،‬بدأ التراجع عن وصف الختان كوسيلة لمنعه‪ .‬فقد أوصى الطّباء مثل الققدكتور‬
‫»بنجامين سبوك« عام ‪ 1942‬بعدم اللجوء إلى الختان لمداواة الستمناء رغم أنه كان ما زال يؤّيققد ختققان الطفقال‬
‫حديثي الولدة‪ .‬وقد تراجع عن تأييده للختان كّلية عام ‪ 1976‬إذ صّرح‪» :‬إني أؤّيد أن يققترك القضققيب علققى حققاله‪.‬‬
‫إن الرأي في طب الطفال يبتعد عن عملّية الختان الروتينّية لكونها عملّية غير ضرورّية وأقل ما يقققال عنهققا أنهققا‬
‫سي بسبب العملّية‪ .‬يجب على الهل أن يتأّكدوا مققا إذا كققانت‬ ‫خطيرة نوعًا ما‪ .‬وإني أؤمن باحتمال حدوث ضرر ح ّ‬
‫‪5‬‬
‫هناك أسباب مقنعة لجل الختان ‪ -‬ولكن ل توجد مثل تلك السباب حسب معرفتي« ‪.‬‬

‫وكتب الطبيب »جوتماخير« عام ‪ 1941‬أن ختقان الطفقال يسقاعد علقى تفقادي السقتمناء عنقدما يكقبر الطفقال‪،‬‬
‫ولكّنه يرفض اللجوء إلى الختان كعلج للستمناء‪ .‬وقد أعاد نفس الفكرة عام ‪ .1956‬ولكن فققي عققام ‪ 1966‬بققدأت‬
‫ل علقة بين الغلفة والستمناء‪ .‬وقد تحّول هققذا الموقققف تققدريجّيا حّتققى‬ ‫الكتابات الطّبية تتساءل ما إذا كان هناك فع ً‬
‫أن الدكتور »روبيققرت جولققد« كتققب عققام ‪ 1977‬أنققه مققن الصققعب أن تجققد خققبيرًا فققي العلقققات الجنسقّية يعتققبر‬
‫حية‪ .‬وعليه فإن الستمناء لم يعد بعد سببًا للختان رغم أن تلققك العققادة مققا‬ ‫الستمناء ظاهرة غير طبيعّية أو غير ص ّ‬
‫زالت تمارس‪ ،‬وأن شعورًا بالذنب ما زال يصاحبها‪ ،‬وأن بعض الطّباء والعاّمة يرون فيها ضررًا‪ .‬وقد يكون هذا‬
‫جة‪.6‬‬
‫أحد السباب التي تدفع بعض الهل لجراء عملّية الختان لطفالهم‪ .‬ولكن مع مرور الوقت ستنتهي هذه الح ّ‬

‫هذا وقد إقترح أيضًا الطّباء الغربّيون ختان الناث لمعالجققة السققتمناء والمققراض المرتبطققة بققه مثققل الهسققتيريا‬
‫حالة وعلماء النسان أن النسققاء الفريقّيققات لهققن بظققر‬‫تحت تأثير العادات القبلّية الفريقّية حيث ذكرت تقارير الر ّ‬
‫كبير وأنهن إذا بقين على حققالهن دون ختققان يصققبحن هائجققات‪ .‬ومققع موجققة الخقوف مقن الجنققس الققذي إجتققاحت‬
‫الغرب‪ ،‬تم تبّني هذه العادة‪.7‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 122-124; Romberg: Circumcision,‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪p. 97-98‬‬
‫‪Editor: Routine circumcision at birth?, p. 201‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Sorrells, p. 332‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Spock: Letter to Editor‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 125-126‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 13-14, 170-172‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪335‬‬
‫ويشار هنا إلى أن كلمة هستيريا تققأتي مقن الكلمققة الغريقّيققة »هيسققترا« والققتي تعنققي الرحققم‪ .‬ثققم أصققبحت تعنققي‬
‫الجنون‪ .‬والكلمة ‪ hysterectomie‬تعني إستئصال الرحم ولكّنها تخفي في ثناياها معنى الحققد مققن الجنققون‪ .‬وهققذه‬
‫النظرة مستلهمة من رأي للفيلسوف اليوناني أفلطون )توّفى حوالي عام ‪ 348‬ق‪.‬م( الذي يقول‪:‬‬
‫»إن العضاء الجنسّية عند الذكور هي بطبيعتها متمّردة وأّمارة بالسوء كالحيوانات الطرشاء التي ل‬
‫تصغي لصوت العقل‪ .‬وهذه العضاء‪ ،‬تحت تأثير رغبات هائجة‪ ،‬تريد أن تتحّكم في كل مكان‪ .‬وهذا‬
‫يحدث أيضًا عند المرأة ولنفس السبب‪ .‬فإن ما نسقّميه الفققرج أو الرحققم هققو حيققوان يحيققا فققي داخلهققا‬
‫راغبًا في النجاب‪ .‬وإذا ما بقي عاقرًا مّدة طويلة بعد المراهقققة‪ ،‬فققإنه ل يسققتطيع تحّمققل هققذه الحالققة‬
‫فيسخط ويتوه عبر كل الجسم‪ ،‬فيسد ممّرات النفس ويمنع التنّفس‪ ،‬ويؤّدي إلى ضيق شققديد وأمققراض‬
‫مختلفة حّتى تتاح الفرصة لن تجمع الرغبة والمحّبة الجنسين ليجنيا ثمققرة كمققا عققن شققجرة‪ ،‬ويبققذرا‬
‫الحيوانات المنوّية في الرحم كما في تلم المحراث«‪.1‬‬

‫وأّول عملّية ختان أنثى ذكرت في الغرب هي تلك التي تّمت في برليققن عققام ‪ .1822‬وقققد لجققأ الطققبيب »جيسققتاف‬
‫براون« إلى ختان الناث كوسيلة للحد من الستمناء في فينا خلل السّتينات مقن الققرن التاسقع عشقر‪ .‬وفقي جقدل‬
‫دار في جمعّية الجّراحين في باريس عام ‪ 1864‬ناقشوا خلله عقّدة وسققائل لمنققع السققتمناء منهققا بققتر البظققر عنققد‬
‫ضل إبقاء البظر وإخاطققة الشققفرين الكققبيرين بحيققث‬ ‫الفتاة‪ ،‬ووضع أملح البوتاسيوم عليه‪ ،‬أو كّيه‪ .‬ولكن البعض ف ّ‬
‫طيان البظر لمنع ملمسته وتهييجه مع إبقاء فتحة للبول‪.2‬‬
‫يغ ّ‬

‫وقد بلغت عملّية ختان الناث في بريطانيا ذروتها ما بيققن عققام ‪ 1858‬و ‪ .1866‬وكققان المققدافع عققن هققذه العملّيققة‬
‫الدكتور »إسحاق بيكر براون« )توّفى عام ‪ (1873‬الذي أختير رئيسًا للجمعّية الطّبية فققي لنققدن عققام ‪ .1865‬ففققي‬
‫طلع على فن العملّيات الجراحّية التي كققان‬ ‫سس مستشفيًا خاصًا في لندن زاره قرابة ‪ 3417‬طبيبًا لل ّ‬ ‫عام ‪ 1858‬أ ّ‬
‫يجريها‪ .‬وُيظن أنه أجرى عّدة مئات أو عّدة آلف من عملّيات الختان خلل السنين التسع الققتي بقققي فيهققا فققي هققذا‬
‫المستشفى‪ .‬وكان هذا الطبيب يبحث عن الضطرابات العصبّية عند النساء والتي ربطها بالستمناء‪ .‬وكققان العلج‬
‫لتلك المراض بتر البظر‪ .‬وقد أخذ أحد المحّللين لصحيفة دينّية مسيحّية موقفًا مؤّيدا لحد كتب هذا الطبيب وطلب‬
‫من رجال الدين أن يحضروا النساء الفقيرات من رعاياهم للطّباء حّتى تجرى عليهققن عملّيققة بققتر البظققر‪ .3‬ولكققن‬
‫سرعان ما أنتقد هذا الجّراح من ِقَبل الطّباء هناك وطرد مققن جمعّيققة الجّراحيققن عققام ‪ 1867‬وتخّلققى عققن رئاسققة‬
‫الجمعّية الطّبية‪ .‬وهكذا سقطت عادة ختان الناث في إنكلترا‪.4‬‬

‫ل أنها أّثرت على كثير من الطّباء في دول أخققرى‪،‬‬ ‫وإن كانت نظرّية هذا الطبيب قد إنتهت سريعًا في بريطانيا‪ ،‬إ ّ‬
‫لت الطّبية المريكّيققة عققام ‪ .1866‬ورغققم مققا دار مققن‬ ‫صة في الوليات المّتحدة‪ .‬فقد أشارت إليها إحدى المج ّ‬
‫وخا ّ‬
‫جدل ضد ختان الناث في بريطانيا قام الطّباء المريكّيون بتبّني هذه العملّية وزّينققوا لهققا‪ .‬وفققي نهايققة السققبعينات‬
‫من القرن التاسع عشر قام طبيبان بإجراء عملّيققة جراحّيققة مزدوجققة تققم فيهققا قطققع البظققر واستئصققال المبيضققين‪.‬‬
‫وُيظن أن عدد العملّيات التي أجريت هناك في هذا الشكل يصل إلى عّدة آلف‪ .‬ثم فصلت العملّيتان فققي الثمانينققات‬
‫من القرن التاسع عشر وتركت عملّية إستئصال المبيضين بينما أستمر في إجراء عملّية ختان الناث‪.‬‬

‫وقد دافع عن ختان الناث الطبيب »روماندينو« عام ‪ 1891‬حيث إعتققبر ممارسققة عققادة الختققان الفريقّيققة وسققيلة‬
‫للشفاء من المراض العصبّية وللحد من الطلق في الوليات المّتحدة‪ .‬وقد ذكرنا كيف أن الققدكتور »هققولت« فققي‬
‫كتابه »أمراض الطفولة« قد أّيد اللجوء إلى الختان لمكافحقة السقتمناء‪ .‬وهقذا الطقبيب إققترح فيمقا يخقص البنقات‬
‫اللجوء إلى الختان التام وكي البظر وجلد الفخذين والرحم وغلف البظر‪.5‬‬

‫‪Platon: Timée, p. 467-468‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Stengers; Van Neck, p. 124-128; Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪32-37‬‬
‫‪Favazza, p. 195‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر حول هذا الطبيب ‪Kaziz; Fleming‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 122-124; 170-172; Romberg:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Circumcision, p. 98-99‬‬
‫‪336‬‬
‫وقد إنتشرت عملّية ختان الناث في الوليات المّتحدة بصورة واسعة ما بيققن الثمانينققات مققن القققرن التاسققع عشققر‬
‫جه للكهنققة فققي‬‫والربعينات من القرن العشرين لمكافحة الستمناء‪ .‬وفي عقام ‪ 1941‬أوصققى كتققاب كققاثوليكي مققو ّ‬
‫»كرسي العتراف« بأن ينصحوا قطع أو كي البظر بالنار كعلج للنساء الشاذات جنسّيا‪ .1‬وكققانت عملّيققة الختققان‬
‫تجرى على النساء في كل العمار حّتى سن اليأس‪ ،‬وحّتى في الخمسينات‪ .‬وكققان هنققاك قرابققة ثلثققة آلف إمققرأة‬
‫تختن سنويًا في السبعينات من القرن العشرين في المستشفيات المريكّيققة‪ .‬وفققي عققام ‪ 1973‬نصققحت مجّلققة طّبيققة‬
‫ختان الناث لمداواة البرود الجنسي‪ .‬وكانت شركة التأمين ‪ Blue Shield‬تدفع تكاليف مثققل هققذه العملّيققات عققام‬
‫‪ .1977‬ونعيد القارئ لما ذكرناه في الفصل السابق حول ختان الناث واللّذة الجنسّية‪.‬‬

‫سر تغلغل ختان الناث في الوليات المّتحدة بأنه نتيجة عدم تطّور طب النساء في ذلك البلققد حيققث كققان ُيظققن‬ ‫لقد ف ّ‬
‫أن كل إضطراب نسائي سببه الجنس‪ ،‬كما كان ُيظن أن سرطان الرحم يكثر عند المرأة التي عندها مشاعر جنسّية‬
‫قوّية والتي تمارس الستمناء‪ .‬ولم يكن هناك أي نوع من العلج لمثل تلك المراض غير بققتر البظققر‪ .‬وقققد سققاعد‬
‫على إنتشار هذا المر في الوليات المّتحدة وجود عدد كبير من السققود والمهققاجرين الققذين أمكققن إجققراء تجققارب‬
‫جراحّية عليهم دون أي نقد‪ .‬فكان الجّراحون يشترون العبيد المتمّردين أو على حاّفة المققوت مققن الققذكور والنققاث‬
‫بدولر واحد لجراء تلك التجققارب عليهقم‪ .‬وكقان العبيقد فققي المنزلقة الثانيققة بعقد الحيوانقات لمثقل تلققك التجققارب‬
‫الجراحّية‪ .‬وكان الكشف الطّبي لمعرفة ما إذا كانت السّيدة بحاجة إلى ختقان أم ل هقو بقأن يضققرب علققى ثققديها أو‬
‫بظرها‪ ،‬أو كليهما‪ .‬فإذا تبّين أنها قد وصلت إلى الرتواء‪ ،‬وجب ختانها‪.2‬‬

‫ل من الستمناء؟ ولماذا؟ ل يرد‬ ‫ومهما كان موقفنا من الستمناء‪ ،‬يبقى السؤال الساسي وهو‪ :‬هل الختان يحمي فع ً‬
‫مؤّيدو ختان الذكور والناث علققى هققذا السققؤال الخيققر‪ .‬ول توجققد أّيققة دراسققة تثبققت أن المختققونين والمختونققات‬
‫يمارسون الستمناء بصورة أقل من غير المختونين وغير المختونات‪ .‬وإن كّنا اليقوم نعتققبر إجقراء ختقان الققذكور‬
‫والناث لمنع الستمناء شطحة من شطحات رجال الطب تحت تأثير الهوس الديني الذي أعمى بصائرهم‪ ،‬فإنهم لم‬
‫يتوّقفوا عند هذا الحد‪ .‬فقد إقترحوا إجراء الختان لمراض أخرى آخرها مرض اليدز‪ .‬وهذا ما سققنراه فققي الفققرع‬
‫القادم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬ختان الذكور والناث للوقاية من المراض الفّتاكة‬


‫حة أثمن ما يملك النسان‪ ،‬وهو يحرص على تفادي المقراض القتي تصقيبها‪ .‬ولعلج المقراض يلجقأ المقرء‬ ‫الص ّ‬
‫إلى الوقاية ثم إلى العلج بالعقاقير‪ ،‬ثم إلى الجراحة‪ .‬وللوقاية من المراض يجب إكتشاف أسبابها‪ .‬ولكن كثير مققن‬
‫المراض ما زالت مجهولة السباب حّتى في أّيامنا‪ .‬وقد ُنسبت وما زالت ُتنسققب كققثير مقن المقراض إلقى أرواح‬
‫نجسة تستوطن في الماكن النجسة‪ ،‬واعُتبرت الغلفة هي إحدى تلك المواطن‪ .‬وقد ُربط أيضًا المرض بغضب القق‬
‫بسبب مخالفة أوامره‪ .‬وبمقا أن البعقض يعتققد أن الق أمقر بالختقان‪ ،‬فقإن عقدم الختقان إعتقبر معصقية تقؤّدي إلقى‬
‫المرض‪ .‬وهكذا تم قطع الغلفة لمنع الرواح النجسة من الستيطان فيها وتنفيذًا لوامر ال‪ ،‬وبهقذا يتقم الوقايققة مققن‬
‫المرض‪ .‬وحّتى عندما ل يصّرحون بهذه الحجج الدينّية‪ ،‬فإنهم لجأوا إلى الختان معتبرين أن عدم إجرائه هو سققبب‬
‫المراض‪.‬‬

‫‪ (1‬الختان شماعة للوقاية من أمراض مجهولة السباب‬


‫أ( الختان والوقاية في الكتابات القديمة‬

‫يذكر المؤّلف اليهودي »فيلققون« أن الختققان يقققي مققن مققرض مققؤلم يصققعب شققفاؤه يصققيب الغلفققة يققدعى مققرض‬
‫»الفحم«‪ ،‬ويسّبب إلتهابققات مسققتديمة تصققيب غيققر المختققونين‪ .3‬وفققي مكققان آخققر‪ ،‬يقققول إن الختققان يمققارس فققي‬
‫المناطق الحاّرة بين اليهود والمصرّيين والعرب والثيوبيين وتقريبًا بين كل الذين يسكنون المناطق الجنوبّية حيث‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 125, 172-175‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 174-175‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Philon: De specialibus legibus, I-II, p. 15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪337‬‬
‫الحرارة الشديدة‪ .‬فالغلفة الققتي تحيققط بالعضققو التناسققلي تسققخن فتلتهققب وتتجقّرح‪ ،‬بينمققا إذا قطعققت‪ ،‬فققإن العضققو‬
‫التناسلي يتهّوى بتعريته‪ ،‬مّما يبعد المراض‪ .‬فالذين يسكنون المناطق الشمالّية والمناطق التي تكثر فيها الريققاح ل‬
‫يمارسون الختان لن الحرارة أقل‪ ،‬مّما يقّلل من المراض‪ .‬ويعطي برهانًا علققى ذلققك أن المققراض الققتي تصققيب‬
‫العضاء الجنسّية تتفشى في الصيف وليس في الشتاء‪.1‬‬

‫ب( الختان والوقاية في الكتابات الغربّية‬

‫إكتشف العلماء الغربّيون في القرن التاسع عشر الجراثيم التي تسّبب المراض والققروائح البدنّيققة‪ .‬وللقضققاء علققى‬
‫تلك الروائح أخترعت عام ‪ 1870‬المراهم التي توضع تحت البط‪ .‬وإذ لم يتمّكن العلماء إكتشاف أسباب جرثومّيقة‬
‫للمراض النفسّية والعقلّية أوصوا بإجراء العملّيات الجراحّية‪ .‬فقد أوصى كتاب لطبيب النفس المريكققي »برنققارد‬
‫ساخس« أعيدت طباعته حّتى عام ‪ 1905‬ببتر الناتئ العظمي والعضاء الجنسّية مثل البظر والشفرين الكققبيرين‪،‬‬
‫كما أوصى بالختان وإفناء البظر بالكي‪ .‬وحّتقى عقام ‪ 1925‬كقانت ‪ %10‬مققن وسققائل العلج ضققد السقتمناء هقي‬
‫وسائل جراحّية‪.2‬‬

‫لت الطّبية المريكّية المشهورة في الوليات المّتحققدة بيققن عققام ‪ 1870‬و ‪1920‬‬ ‫ونجد آلف من المقالت في المج ّ‬
‫تعتمد على الجراحة ومن بينها ختان الذكور والناث للوقاية من المراض والعاهات مثل الربققو والصققرع والسققل‬
‫ومئات من المراض الخرى وحّتى التبّول اللإرادي‪ .3‬وقققد أخققترعت آلقة للختقان ققّدمتها مجّلققة الجمعّيقة الطّبيققة‬
‫المريكّية عام ‪ 1910‬ووصفتها بأنها سهلة الستعمال إلى درجة أن الرجقل والمققرأة يمكنهمقا إجققراء تلققك العملّيققة‬
‫على أنفسهما بواسطتها‪.4‬‬

‫ويجب هنا الشارة إلى نشاط جمعّية ما بيققن عقام ‪ 1890‬و ‪ 1920‬فقي الوليقات المّتحققدة تققدعى »جمعّيققة جراحقة‬
‫سسها الجّراح »برات« في مستشفى بق»شيكاغو«‪ .‬وكانت هذه الجمعّيققة تمقّرن علققى الجراحققات الققتي‬ ‫الفتحات«‪ ،‬أ ّ‬
‫سسها كتابًا عام ‪ 1890‬أعيد طبعه عام ‪ 1925‬يقول‬ ‫تجرى على فتحات الجسم التي تقع تحت الخصر‪ .‬وقد نشر مؤ ّ‬
‫صصققة وتضققم‬ ‫فيه إن ختان الناث ضرورة كما هو المر في ختان الذكور‪ .‬وكانت تلك الجمعّية تصدر مجّلة متخ ّ‬
‫صائي العظام وخبراء تقويم العمود الظهري‪ ،‬وقد أجققروا عملّيققات علققى آلف المرضققى‪.‬‬ ‫مئات من الجّراحين وأخ ّ‬
‫ونجد في مجّلة تلك الجمعّية مقالت حول عملّيات ختان الذكور والناث أجريت للشفاء من أمراض مثققل الصققداع‬
‫وانحناء الناتئ العظمي ومرض المفاصققل والستسقققاء الققدماغي‪ .‬وقققد عّلققق بعضققهم علققى أن ‪ %60‬مققن الجنققون‬
‫ل ما يصققابون بمققرض‬ ‫صادر عن وضع غير طبيعي للعضاء الجنسّية‪ .‬وفي أحد تلك المقالت نقرأ أن اليهود قلي ً‬
‫المفاصل وسبب ذلك أنهم يختنون‪.5‬‬

‫ورغم أنه تم في الثلثينات من القرن العشرين إكتشاف أن الصرع سببه خلل في المخ‪ ،‬إسققتمر الطّبققاء المؤّيققدون‬
‫لختان الذكور بدعوتهم أن الصرع ينتج عن غلفة ضّيقة‪ ،‬كما يبّينه مقال للطققبيب اليهققودي »ابراهققام وولبارسققت«‬
‫عام ‪.61934‬‬

‫ولم يكتف الغرب باللجوء إلى الختان للوقاية من أمراض يجهلون سقببها‪ ،‬بقل إقققترحوا إجقراء ختققان الطفققال فقي‬
‫الصغر للوقاية من الختان الذي قد يضطر لجرائه في الكبر لعلج أمراض قد تصيبه‪ .‬فبمققا أنققه ل بققد مققن إجققراء‬
‫سع الطّباء المريكّيون فققي إجققراء الختققان‬ ‫ضل إجراؤها بأسرع وقت ممكن‪ .‬ومن هنا تو ّ‬ ‫العملّية يومًا ما‪ ،‬من المف ّ‬
‫جة ما زالت ترّددها الكتب والمقالت الطّبية والشعبّية‪.‬‬
‫على حديثي الولدة‪ .‬وهذه الح ّ‬

‫‪Philon: Questiones et solutiones in Genesim, III-VI, p. 109-111‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 174-175‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 23-24‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 2, 30-40‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 37-39‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 25‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪338‬‬
‫وحقيقة المر أن عملّية الختان يندر أن تجرى في الكققبر‪ .‬ففققي مدينققة اوسققلو فققي النرويققج‪ ،‬كققان هنققاك فقققط ثلث‬
‫ل تققم‬‫حالت ختان على أطفال خلل ‪ 26‬سنة بين ‪ 20.000‬طفل تم مداواتهم‪ .‬وفي الدانمارك‪ ،‬مققن بيققن ‪ 1968‬طف ً‬
‫ل على ثلث حققالت فقققط‪ .‬وُيظققن الطّبققاء‬ ‫مداواتهم حّتى عمر السابعة عشر خلل عّدة سنين لم يتم عمل الختان إ ّ‬
‫أنه كان من الممكن تفادي حالت الختان هذه‪ .‬ول توجد أّيققة إحصققائّيات تققذكر عققن ختققان شققباب بققالغين فققي تلققك‬
‫الدول‪ .‬وقد أجريت في فنلندا‪ ،‬عام ‪ ،1970‬عدد من عملّيات ختان شباب لسققباب ضققيق الغلفققة ولكققن ‪%99.499‬‬
‫من ذكور فنلندا الذين يزيد عمرهم عن ‪ 15‬سنة ظلوا دون حاجة للختان‪ .‬مّما يعني أن هناك ‪ 6‬حالت ختققان طّبيققة‬
‫بين مائة ألف شاب‪ .‬أي أن الطّباء ل يضطرون لجراء تلك العملّية لسباب طّبية‪ .‬وإن كان هناك بعض المشاكل‬
‫حية مع الغلفة‪ ،‬فقد أمكن مداواة تلك المشاكل علجّيا وليس جراحّيا‪.‬‬‫الص ّ‬

‫وفي الوليات المّتحدة ل توجد أّية دراسة تبّين نسبة اللجوء إلى ختان الشباب لسباب طّبيققة‪ .‬ويققّدر »فالرشققتاين«‬
‫أن نسبة الذين يختنون هناك بعد عمر ‪ 15‬سنة لسباب طّبية بق ‪ %0.3‬أي ثلثة شباب بين كل ألف شققاب‪ ،‬وعاّمققة‬
‫سر بأسباب غير طّبية‪ .‬فهناك من يختتن لسققباب دينّيققة )التح قّول‬ ‫يتم ذلك في الجيش‪ .‬وارتفاع العداد المريكّية يف ّ‬
‫إلى اليهودّية أو السلم أو الزواج المختلط(‪ ،‬أو لن المرأة تطلب ذلك خوفًا مققن السققرطان‪ ،‬أو لن بعضققهم يظققن‬
‫ضققلون‬‫أن القضيب المختون أجمل من القضيب غير المختون‪ .‬أضف إلى ذلك أن الطّباء في الوليققات المّتحققدة يف ّ‬
‫ل من إيجاد أسلوب علجققي لمققداواة المققرض‪ ،‬لن ذلققك أربققح لهققم‪ .‬مّمققا يعنققي أن ممارسققة‬ ‫اللجوء إلى السّكين بد ً‬
‫الختان بعد عمر ‪ 15‬سنة لسباب حقيقة طّبية قليل جّدا‪ .‬وفي جميع أنحاء العالم يتققم علج مشققاكل الغلفققة بالدويققة‬
‫وليس بالقطع‪.1‬‬

‫ج( الختان والوقاية في الكتابات العربّية والفريقّية‬

‫لقد أّثر الفكر الغربي على الطّباء العرب منذ القرن الماضي‪ .‬فقققد أعققاد علينققا الطققبيب المصققري صققالح صققبحي‬
‫التبريرات الغربّية بخصوص ختان الناث في كتابه الذي أّلفه بالفرنسقّية عققام ‪ 1894‬عققن رحلققة الحققج الققتي كققان‬
‫مشرفًا طّبيا عليها في ذاك الوقت‪:‬‬
‫»إن ختان الناث هو قطع البظر‪ .‬والهدف الرئيسي والوحيد هو الوقاية من الهستيرّية‪ .‬وهذا المرض‬
‫نادر في الدول التي تمارس هذا الختان‪ ،‬كما تبّينه لنا التجربققة كققل يققوم‪ .‬فالحساسقّية الشققديدة للبظققر‪،‬‬
‫بإشعاعها من خلل نظام الشرايين‪ ،‬يمكن أن تسقّبب أمراضقًا مختلفقة خطيققرة قققد تصقيب المبيضقين‬
‫وتجعققل المققرأة عققاقرًا‪ .‬وقققد تصققيب الرئتيققن والقلققب‪ .‬وإذا مققا إنتقلققت إلققى المعققدة فإنهققا تسقّبب لهققا‬
‫الضقطرابات كقالمغص وفققدان الشقهّية والتقيقؤ‪ .‬وإذا مقا أصقابت المعقاء‪ ،‬فققد تسقّبب السقهال أو‬
‫المساك‪ .‬وفي بعض الحالت تنتقل إلى المخ وتؤّدي إلى إضطرابات عصبّية والجنون‪ .‬وإذا أصابت‬
‫العصب السمبتاوي‪ ،‬فإنه يؤّدي إلى إضطرابات فقي حيوّيقة النسققجة والققى تعققب عقام ينتهققي بمقوت‬
‫بطيء«‪.‬‬

‫صققة فققي العققائلت‬


‫وهذا الطبيب يوصي بممارسة ختققان البنققات فققي جميققع المجتمعققات مهمققا كققانت ديانتهققا‪ ،‬وخا ّ‬
‫المصابة بأمراض وراثية مثل الصرع‪ ،‬والهستيريا‪ ،‬والجنون‪ ،‬لتقليل إحتمالت الصابة بهذه المراض أو القضاء‬
‫عليها‪ .‬وأّما بخصوص اللم التي تسّببها هذه العملّية‪ ،‬فهو يؤّكد بأنها ليست بالدرجة التي تظققن‪ .‬فققالبنت المختونققة‬
‫تعود إلى حالتها المعتادة بعد سّتة وثلثين ساعة‪.2‬‬

‫وسوف نرى لحقًا كيف أن الكّتاب المسلمين فقي عصققرنا مققا زالققوا يتنقاقلون التققبريرات الغربّيققة لكققل مقن ختقان‬
‫الذكور والناث دون ذكر لراء المعارضين التي ل تّتفق مع هدفهم المعلن وهو إثبات أن الطب الحديث يّتفققق مققع‬
‫معتقداتهم الدينّية‪.‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 127-134; Ritter, p. 34-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Soubhy, p. 128-129‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪339‬‬
‫والخرافات الطّبية الغربّية حول ختان الذكور والناث ل تختلف عن خرافات ممارسي ختان الناث في إفريقيققا إذ‬
‫حية وعقلّيققة كقثيرة‪ .‬وإذا مققا كققانت الفتقاة ضقعيفة‪ ،‬فققإنه ُيظققن أنهقا مصقابة‬
‫يعتقد بأنه يقي المرأة مقن أمقراض صق ّ‬
‫‪3‬‬
‫بق»مرض الدودة« وأن ختانها يشفي من هذا المرض بإخراج الدودة ‪.‬‬

‫حة أفضقل‪.‬‬ ‫وتشير كاتبة إفريقّية إلى إعتققاد بعقض الجماعقات الفريقّيقة بقأن ختقان النقاث يجعقل المقرأة فقي صق ّ‬
‫ل ما يشتكين من اللم ما عدا تلك التي تنتج عن أسباب خارج الطبيعة )مثل الجن والسحر(‪ .‬وكثيرًا‬ ‫فالمختونات قلي ً‬
‫حة جّيدة‪ .‬ويذكر كققذلك أن للختققان ققّوة شققفاء‪ .‬فقققد شققفيت نسققاء مققن‬
‫ما تعطى أمثلة لبنات تم ختانهن فأصبحن بص ّ‬
‫الحزن العميق والشبق الجنسي والهستيريا والصرع وهوس السرقة والتهّرب‪ .‬وترد هذه الكاتبة على هذا العتقققاد‬
‫ل ما تتشّكى مققن آلمهققا‪ .‬والمشققكلة هنققا أن تلققك المجتمعققات ل‬ ‫بأنه غير عقلي‪ .‬فالنساء في المجتمعات التقليدّية قلي ً‬
‫‪2‬‬
‫حة المختونات وغير المختونات ‪.‬‬ ‫يوجد فيها نساء غير مختونات يمكن على أساسها عمل مقارنة بين ص ّ‬

‫ل من المراض لم تنسب في وقققت أو آخققر إلققى عققدم ختققان الققذكور والنققاث‪ ،‬أو أعُتِبققر‬
‫هذا ويمكن القول بأن قلي ً‬
‫الختان وسيلة للوقاية منها‪ .‬ولكن تم في كل عصر التركيز على المراض التي تبققث الرعققب فققي النفققوس‪ ،‬فأنتقققل‬
‫مؤّيدو الختان من الستمناء وعواقبه التي ذكرناها في الفرع السابق إلى المراض التناسلّية‪ ،‬فالسققرطان‪ ،‬فاليققدز‪.‬‬
‫هذا ونشير هنا إلى أن البغايا في الدول السيوّية يقمن بوضع وشم على أعضائهن الجنسّية كتعويذة لحمققايتهن مققن‬
‫المراض الجنسّية‪ .3‬وبفعلهن هذا ل يختلفن عّمن يلجأ للختان للوقاية من المراض‪.‬‬

‫‪ (2‬ختان الذكور والناث للوقاية من المراض الجنسّية‬


‫أ( المصادر العربّية‬

‫بين يدينا كتابان لطبيبين عربيين مسلمين تعّرضا للختان كوسيلة للوقاية من المققراض الجنسقّية‪ .‬وهققذان الطبيبققان‬
‫يعتمدان كّليا على الكتابات الغربّية المؤّيدة لختان الذكور‪ ،‬وليس فيهما أّيقة إشقارة إلقى الراء المعارضقة‪ .‬ونكتفقي‬
‫هنا بذكر فقرة من كل منهما‪.‬‬

‫سان شمسي باشا‪:‬‬ ‫يقول الدكتور ح ّ‬


‫»ل شك في أن كل المراض الجنسّية أكثر شيوعًا عند غير المختونين منها في المختونين‪ .‬فقققد عقّدد‬
‫الدكتور »فينك« الذي أّلف كتابًا عن الختان وطبع عققام ‪ 1988‬فققي كليفورنيققا فققي الوليققات المّتحققدة‬
‫أكثر من ‪ 60‬دراسة علمّية أثبتت جميعها إزدياد حدوث المراض الجنسّية عند غير المختونين«‪.4‬‬

‫ويقول الدكتور محّمد علي البار‪:‬‬


‫»تنّبه كثير من الباحثين إلققى دور الختققان فقي التخفيققف النسققبي مقن آثققار المققراض الجنسقّية‪ .‬ومنقذ‬
‫الحرب العالمّية الثانية وفي الحققرب الكورّيققة كققانت التعليمققات فققي الجيققش المريكققي تقضققي بنشققر‬
‫الختان على نطاق واسع لنه يقّلل من إلتهاب الحشفة ويقي إلى حد ما من المراض الجنسّية«‪.5‬‬

‫والمؤّلفان الغربيان المشار إليهما طبيبان يهودّيققان مقن كبققار المقدافعين عقن ختقان الققذكور فققي الوليقات المّتحقدة‬
‫ويطلبان إجراءه على جميع الطفال دون إستثناء‪ ،‬يهودًا كانوا أو غير يهود‪.‬‬

‫‪Lightfoot-Klein: Prisoners, p. 39-39‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Koso-Thomas: The circumcision, p. 9, 11-12‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Favazza, p. 152‬‬ ‫‪3‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪ .54‬والمصدر الذي يشير إليه هو ‪Fink: Circumcision: a parent's decision for life‬‬ ‫‪4‬‬

‫البار‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪ .98‬والمصدر الذي يشير إليه هو ‪Schoen: The status of circumcision of newborns‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪340‬‬
‫ب( المصادر الغربّية‬

‫زرعت المراض الجنسّية في القرن التاسع عشر َقبل إكتشاف الجراثيم الرعب في الغرب‪ .‬وكققانت تعتققبر جققزاءًا‬
‫إلهيًا ضد العمال السّيئة‪ ،‬حّتى أن بعض الطّباء رفضوا مداواتها‪.1‬‬

‫وقد نشرت عنها الكثير من الدراسات‪ ،‬من بينها تلك التي صدرت عام ‪ 1855‬وعنوانها »تأثير الختان على الوقاية‬
‫من الزهري«‪ .‬وقد بّينت هذه الدراسة التي تّمت على مستشفى في لندن أن اليهود‪ ،‬بين جميع الطوائف الدينّية‪ ،‬أقل‬
‫تعّرضا لتلك المراض التناسلّية كالزهري والتقّرح‪ .‬وبما أن اليهود كانت المجموعة الوحيدة التي تمققارس الختققان‬
‫بصورة واسعة‪ ،‬إستنتجت تلك الدراسة أن الختان يقققي مققن المققراض الجنسقّية‪ .2‬وقققد تققم نشققر هققذه الدراسققة فققي‬
‫لت الطّبية خارج إنكلترا كما أستعملت أمام المحاكم كإثبات على ضرورة الختان‪ .‬فقد رفققض طققبيب يهققودي‬ ‫المج ّ‬
‫خل الحاخام »جوزيف هيرشفيلد« مقّدما الدراسة المذكورة ليققبّين‬ ‫من فينا ممارسة الختان على إبنه عام ‪ .1857‬فتد ّ‬
‫‪3‬‬
‫أنه يحق حرمان الب من وليته على إبنه وتسليمه لرجال الدين اليهود‪ .‬وهكذا تم ختققان الولققد رغمقًا عققن والققده ‪.‬‬
‫صلت دراسة أمريكّية في عام ‪ 1884‬إلى نتيجة مماثلة بينما كان المرض يتفشى هناك‪.4‬‬ ‫وقد تو ّ‬

‫سر عدم إنتشار مثل هذا الوبققاء بيققن اليهققود‪ .‬ومققن بيققن هققذه السققباب‬
‫ولم يفّكر أحدًا حين ذاك في أسباب أخرى تف ّ‬
‫حي )كرنتينققا( تحميهققم مققن‬ ‫نذكر إنعزال اليهود عن المحيط العام في »الجيتو« اليهودي الذي كان بمثابة حجر صق ّ‬
‫سريان تلك الوبئة‪ ،‬والعلقات العائلّية اليهودّية المنغلقة‪ .‬ويشار إلققى أن الققانون فقي الققرون الوسققطى كقان يمنققع‬
‫العاهرات المسيحّيات من ممارسة الجنس مع اليهود ويعاقب بالموت كققل مقن العققاهرة واليهققودي‪ .‬وقققد تبّنققى هققذه‬
‫القاعدة لحقًا النظام النازي‪ .‬واقترح »مئير كهانة« في إسرائيل مشققروع قققانون مشققابه فققي شققهر سققبتمبر ‪1984‬‬
‫ل كانوا أو نساء‪.5‬‬
‫يعاقب بالسجن لمّدة خمس سنوات كل علقة جنسّية بين اليهود وغير اليهود‪ ،‬رجا ً‬

‫أّدى عدم النظر في هذه المعطيات وجهل الطّباء لسباب المراض الجنسّية إلى تبّني خرافققة أن الختقان يقققي مقن‬
‫تلك المراض‪ .‬وما زالت الكتابات الغربّية تتناقل هذه الخرافة‪ .‬وقام مؤّيدو الختان بإضافة تفسيرات طّبيققة لتثبيتهققا‬
‫طبققة الققتي تصققبح مرتعقًا للجراثيققم‪ .‬وبإزالققة الغلفققة يسققهل تنظيققف القضققيب‬
‫إذ إعتبروا أن الغلفة تخبئ الماّدة المر ّ‬
‫وُتقّوى الحشفة مّما يجعل إنتقال الجراثيم داخلها صعبًا‪ .‬وقد رّوج لمثل هذه النظرّيققة الققدكتور »ايجيققن هانققد« مققن‬
‫البحّرية المريكّية في محاضرة ألقاها عام ‪ 1947‬أمام »الجمعّيققة الطّبيققة المريكّيقة« آخققذًا بالعتبققار الجنقود فققي‬
‫الحرب العالمّية الثانية‪ ،‬قال فيها إن المراض التناسلّية والسرطان عند اليهود أقل بكثير مّما عند الزنوج والققبيض‬
‫غير المختونين‪ .6‬وقد نقلت مجّلة »نيوزويك« في عددها الصادر في ‪ 12‬يوليو ‪ 1947‬فقرات من هققذه المحاضققرة‬
‫التي إعتبرتها مثيرة وموّثقة‪ .‬ول تخلو هذه الفقرات من إعتبارات عنصرّية ضد الزنوج وتعظيمًا لليهود مع تشويه‬
‫للحقائق‪ .‬فصاحبنا يعتبر أن سقرطان اللسقان أققل عنقد اليهقود والمختقونين مّمقا عنقد غيقر المختقونين لن مقرض‬
‫الزهري عندهم أقل‪ ،‬مّما يعني أنهم أقل تعريضا للتلّوث السرطاني‪ .7‬وقد قال طققبيب آخققر أن ‪ %70‬مققن أمققراض‬
‫العضاء الجنسّية يسّببها الزنوج‪ .‬وبما أنه من غير الممكن تعليققم الزنققوج النظافققة‪ ،‬لققذا يجققب ختققانهم‪ .‬وكققان هققذا‬
‫المقال في موجة من الهستيريا الشعبّية المتخّوفة من المراض التناسلّية حيث تم نشر عدد ضخم من المقالت ضد‬
‫هذه المراض‪.8‬‬

‫وقققد إغتنققم الطققبيب اليهققودي »ابراهققام رافيتققش« هققذه النظرّيققة فأصققدر كتابقًا عققام ‪ 1973‬عنققونه »الوقايققة مققن‬
‫المراض التناسلّية والسرطان بواسطة الختان«‪ .‬وهذا الطبيب يرى ضرورة أن يفرض الختان علققى الجميققع كمققا‬
‫ُتفرض اللقاحات‪ .‬وهو يدافع عن تمزيق الغلفة بالظفر كما تجققرى عنققد اليهققود لن ذلققك حسققب رأيققه يققؤّدي إلققى‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 37‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 12-13‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 21; Hirshfeld: The Jewish circumcision‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 37‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Middle East International, 22 November 1985, p. 15‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 37‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 20-21‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 27‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪341‬‬
‫ل مقا تعقّرض لهقا المؤّلفقون‪ ،‬ل بققل إن كقثيرًا مقن‬
‫نزيف أقل من القطع‪ .‬وهناك أغلط كققثيرة فققي هقذا الكتققاب قلي ً‬
‫‪1‬‬
‫الطّباء ما زالوا يستعملون هذا الكتاب كمرجع في موضوع الختان ‪.‬‬

‫وقد بّين »فالرشتاين« أن نسبة المراض التناسلّية في الوليات المّتحدة قد إرتفعت رغم إرتفاع نسبة الختان هناك‪.‬‬
‫وعاّمة تصيب الشباب ما بين ‪ 15‬و ‪ 30‬عامًا رغم أن نسبة المختونين بينهم تصققل إلققى ‪ .%75‬مّمققا يعنققي أن تلققك‬
‫المراض ل علقة لها بالختان‪ .‬بالضافة إلى أن جراثيم تلك المراض يمكنها أن تمر ليس فقط من خلل العضققو‬
‫التناسققلي ولكققن أيضقًا مققن خلل الفققم والعيققن والمسققتقيم أو أي جققرح فققي الجسققم‪ .‬وكققان ُيظققن سققابقًا أن جراثيققم‬
‫شيها‪ ،‬ولكققن ثبققت لحق قًا‬ ‫المراض التناسلّية تعيش في مكان خال من الكسجين‪ ،‬مّما يعني أن الغلفة تساعد على تف ّ‬
‫أنه ل يمكنها أن تعيش دون أكسجين‪ .‬ثم أن التقّرحات ل تظهر فقط على الغلفة بل على أعضاء مختلفة أخرى مققن‬
‫الجسم‪ .‬والمضاعفات الناتجة عن تلك المراض الجنسّية ل علقة لهققا بالختققان بققل بإهمققال تلققك المققراض وعققدم‬
‫مداواتها‪ .‬فالدواء يشفي من تلك المراض إن كان الشخص مختونًا أو غير مختون‪.2‬‬

‫وبعد إستعراض المقالت التي كتبت في هذا المجال منذ عام ‪ 1855‬حّتى عام ‪ ،1997‬يقول طبيب أمريكي بأنه ل‬
‫ل من أن يكون وسيلة للوقايقة مقن تلقك المقراض‪،‬‬ ‫توجد أّية دراسة لبحث أثر الختان على المراض الجنسّية‪ .‬وبد ً‬
‫شيها‪ .‬ويأخذ هذا الطبيب في العتبار أن الختققان الروتينققي فققي الوليققات المّتحققدة قققد تققم‬
‫قد يكون الختان وسيلة لتف ّ‬
‫‪3‬‬
‫ل من النقصان ‪.‬‬ ‫تنفيذه بصورة واسعة هناك‪ ،‬ولكن معّدل المراض االمنتقلة جنسّيا في تزايد بد ً‬

‫ويشار هنا إلى أن ما يكتب في الغرب حول علقة الختان بالمراض التناسلّية يدور حققول ختققان الققذكور رغققم أن‬
‫تلك المراض تصيب الناث أيضًا‪ .‬وهي أشد سطوة عندهن مّما عند الذكور لنها ل تظهر دائمًا للعيققان كمققا عنققد‬
‫الذكور‪ ،‬بل تكون داخل أعضائهن التناسلّية‪ ،‬وهن بدورهن قد ُيعدن شريكهن‪ .‬فإن كان المر صحيحًا‪ ،‬فكان يجققب‬
‫أيضًا ختققان النققاث وإزالققة أعضققائهن الجنسقّية‪ .‬والحققل للمققراض الجنسقّية هققو مققداواتها وليققس بققتر العضققاء‬
‫السليمة‪.4‬‬

‫‪ (3‬ختان الذكور والناث للوقاية من السرطان‬


‫أ( المصادر العربّية‬

‫يرى مؤّيدو ختان الذكور أنه يقي من السرطان‪ .‬فبعد أن بّين أن ليس لختان الذكور والناث دليل منقول من القرآن‬
‫سّنة‪ ،‬رأى الشيخ محمود شلتوت بأن ختان الذكور‪ ،‬خلفًا لختان الناث‪ ،‬فيه‬ ‫وال ُ‬
‫»مصلحة تربو بكثير عن اللم الذي يلحقهم بسقببه‪ .‬ذلقك أن داخقل »الغلفقة« منبقت خصقيب لتكقوين‬
‫الفرازات التي تؤّدي إلى تعّفن تغلب معه جراثيم تهيئ للصابة بالسرطان أو غيققره مققن المققراض‬
‫الفّتاكة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬يكون الختان طريقًا وقائّيا يحفظ للنسان حياته‪ .‬ومثل هققذا يأخققذ فققي نظققر الشققرع‬
‫حكم الوجوب والتحتيم«‪.5‬‬ ‫ُ‬

‫صقة مقن‬ ‫سان شمسي باشا فقي نقلقه عقن المصقادر الغربّيقة المؤّيقدة لختقان القذكور‪ ،‬وخا ّ‬ ‫سع الدكتور ح ّ‬ ‫هذا وقد تو ّ‬
‫كتابات الطبيبين »شووين« و»وايزويل«‪ ،‬وهما من كبار المؤّيدين لختان الققذكور الشققامل فققي الوليققات المّتحققدة‪.‬‬
‫وقد تجاهل الدكتور باشا وغيره من المسلمين آراء المعارضين في هذا المجال‪ .‬ومّما نقله باشا نقتبس ما يلي‪:‬‬
‫ل مسرطنًا‪.‬‬ ‫طبة التي تتجّمع ما بين الحشفة والغلفة فع ً‬
‫‪ -‬إن للماّدة المر ّ‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 20-21, 85‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 81-87‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Van Howe: Does circumcision influence, p. 58‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 87‬‬ ‫‪4‬‬

‫لم في الملحق ‪ 4‬في آخر الكتاب؛ السّيد‪ ،‬مقّدمة كتاب إبن‬


‫صار ع ّ‬
‫أنظر الملحق ‪ 8‬في آخر الكتاب‪ .‬أنظر أيضًا رأي الشيخ ن ّ‬ ‫‪5‬‬

‫عساكر‪ :‬تبيين المتنان‪ ،‬ص ‪ 12‬و ‪13‬؛ السّكري‪ ،‬ص ‪ 43‬و ‪64‬؛ القادري‪ ،‬ص ‪.96-95‬‬
‫‪342‬‬
‫‪ -‬إن سرطان القضيب نادر جّدا عند اليهود‪ ،‬وفققي البلد السققلمّية حيققث يجققرى الختققان أثنققاء فققترة‬
‫ل في تسققعة مرضققى‬ ‫الطفولة‪ .‬وأثبتت الحصائّيات الطّبية أن سرطان القضيب عند اليهود لم يشاهد إ ّ‬
‫فقط في العالم كّله‪.‬‬
‫‪ -‬يموت سنويًا ما بين ‪ 559-225‬شخص بسرطان القضيب في الوليات المّتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬لو كان رجال أمريكا جميعًا غير مختونين فإن عدد حالت سرطان القضيب سوف يزداد إلى أكققثر‬
‫مققن ‪ 3000‬حالققة سققنويًا‪ .‬وتحققدث حالّيققا ‪ 1000-750‬حالققة سققرطان القضققيب سققنويًا فققي الوليققات‬
‫المّتحدة‪ .‬ولم تحدث خلل العشرين سنة الماضية فققي أمريكققا سققوى ثلث حققالت فقققط مققن سققرطان‬
‫القضيب عند رجال مختونين‪.‬‬
‫‪ -‬أجريت ست دراسات كبرى على سرطان القضيب منذ عام ‪ 1932‬وحّتى عام ‪ 1990‬شققملت أكققثر‬
‫من ‪ 1600‬حالة‪ ،‬ولم يكن أحد من هؤلء مختونًا في سن الطفولة‪.‬‬
‫جلت الحصائّيات المريكّيقة أكقثر مقن ‪ 60.000‬حالقة مقن حقالت سقرطان القضقيب منقذ عقام‬ ‫‪-‬سّ‬
‫‪ 1930‬وحّتى الن‪ .‬ومن أصل هذا العدد كقان هنققاك أقققل مقن عشققر حققالت فقققط حققدثت عنقد أنقاس‬
‫مختونين‪ .‬ويقّدر الخبراء أن إحتمال حدوث سرطان القضيب عنققد غيققر المختققونين يبلققغ واحققدًا لكققل‬
‫‪ 600‬شخص‪.‬‬
‫‪ -‬إن ختان الذكور يقي من سرطان عنق الرحم لدى المرأة‪ .‬وهققذا العامققل هققو مققن أهققم العوامققل فققي‬
‫خفض نسبة السرطان لدى اليهودّيات في إسرائيل لن مستواهن الخلقي ليس بأفضقل مققن مسقتوى‬
‫المرأة الوروبّية أو المريكّية‪ .‬ويعتبر سرطان عنق الرحم نادر الحدوث جّدا فقي الجزيققرة العربّيققة‪،‬‬
‫وذلك لندرة السباب المؤّدية إليه وهو الزنا وتكّرره‪ ،‬وختان الرجال‪.1‬‬

‫ل‪:‬‬
‫ويعّلق الدكتور باشا على هذه المعلومات قائ ً‬
‫»نعم‪ ،‬هذا ما يقّرره علماء الطب اليوم‪ ،‬وهذا ما ققّرره السققلم‪ ،‬ومققا أوحققى الق إلققى إبراهيققم عليققه‬
‫السلم‪ ،‬إنها فطرة ال‪» :‬فطرة ال التي فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال« )الروم ‪.2(30:30‬‬

‫ويضيف في مكان آخر‪:‬‬


‫سَنن الفطرة التي أوصققانا بهققا رسققول النسققانّية محّمققد‬
‫سّنة من ُ‬
‫»أليست هذه نعمة من رب العالمين‪ُ .‬‬
‫)ص( تمنع حدوث سرطان القضيب‪ .‬أنظروا إلى هذه الحقيقة‪ 1600 :‬حالة من سرطان القضيب‪ ،‬لققم‬
‫يكن بينهم رجل واحد مختون!!«‪.3‬‬

‫وبعض مؤّيدي ختان الناث يرون فيه أيضًا وسيلة لحمايتهم من السرطان‪ .‬وقد رفض هذا الّدعاء الدكتور محّمققد‬
‫رمضان الذي يقول‪:‬‬
‫»هناك إّدعاء مغلوط‪ :‬إن المرأة المختتنققة ل يحققدث لهققا سققرطان فققي العضققاء التناسققلّية الخارجّيققة‬
‫تقريبًا )البظر والشفار(‪ .‬وذلك لننا قطعنا واستأصلنا هذه الجزاء‪ .‬فبالتالي يقل أو ينعدم السققرطان‪.‬‬
‫ل لقطعنا العضاء والطراف المعّرضققة لي نمققو سققرطاني فققي‬ ‫وليس هذا أسلوب علمي للوقاية وإ ّ‬
‫المستقبل‪ .‬ونسبة حدوث سرطان العضاء التناسلّية نسبة ضئيلة ول تزيد على نسبة حدوثه في الجلد‬
‫في أي عضو آخر من الجسم‪ .‬بل إن القطع الجزئي لهذه العضاء يعّرضها لحدوث السرطان بنسققبة‬
‫أكثر مّما لو كانت‪ ،‬حيث إنها تلتئم بنسيج متلّيف والنسيج المتلّيف عرضة للستثارة واللتهققاب أكققثر‬
‫من النسيج العادي«‪.4‬‬

‫هذا وقد سخر محّمد عفيفي مّمن يّدعي أن ختان الذكور يقي من السرطان‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫سققح فققي العلققم‪ ،‬قققائلين لنققا أن ذلققك الغلف‬
‫»واليوم يعمد بعض الفهلويين من هواة السققادزم إلققى التم ّ‬
‫الجلدي من عادته أن يحتجز في ثنايققاه بعققض المققواد الضققاّرة الققتي يمكنهققا علققى المققدى الطويققل أن‬
‫ل مقن الغيقظ والرثقاء‪ .‬فلمقاذا‬‫تصيب عضو القذكر بالسقرطان‪ ،‬وهقذا نقوع مقن الجققدل القذي يققثير ك ّ‬
‫باشا‪ ،‬ص ‪ 45-41‬و ‪.51-50‬‬ ‫‪1‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪.43‬‬ ‫‪2‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪3‬‬

‫رمضان‪ ،‬ص ‪.61‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪343‬‬
‫نفترض وجود ذلك الرجل الفذ في قذارته‪ ،‬الذي يرفققض الغتسققال ويققترك إفققرازات جسققمه تققتراكم‬
‫يومًا بعد يوم حّتى تصيبه بالسرطان؟! وإذا صح وجود مثل هذا الحّلوف أفل ترى معقي أنقه يسقتحق‬
‫ل؟! وإن السرطان ليصيب النثى بين حين وآخر في ثديها أو رحمهققا‪ ،‬فهققل‬ ‫أن يصاب بالسرطان فع ً‬
‫‪1‬‬
‫يدفعنا هذا ‪ -‬وفقًا لنفس المنطق ‪ -‬إلى أن نستأصل لكل أنثى تولد ثدييها ورحمها في اليوم الثامن؟!« ‪.‬‬

‫ب( المصادر الغربّية‬

‫بدأت النظرّية القائلة بأن الختان يقي من السرطان بمقال كتبه الطبيب اليهققودي المريكققي »ابراهققام وولبارسققت«‬
‫عام ‪ 1932‬معتمدًا على حديث أجراه مع مسؤولين في أربع مستشفيات في الهند حققول مع قّدلت السققرطان هنققاك‪.‬‬
‫طبققة تحققت الغلفقة‪ .‬وبإزالققة الغلفقة‬
‫وقد إّدعى هذا الطبيب أن السبب فققي سققرطان القضققيب هقو وجققود المققاّدة المر ّ‬
‫‪2‬‬
‫بالختان‪ ،‬فإنه يتم التخّلص من هذه الماّدة‪ .‬واستنتج أن الختان هو سبب حماية اليهود من هذا الداء ‪.‬‬

‫وقد أضاف الطبيب اليهودي »ابراهام رافيتش« عام ‪ 1942‬إلى تلك النظرّيققة أن ختققان الققذكور يحمققي أيضقًا مققن‬
‫سرطان البروستاتة وعنق الرحم‪ .‬وهذا الطبيب كان يعمل في مستشفى »إسققرائيل صققهيون«‪ ،‬أحققد أكققبر الققداعين‬
‫لجراء الختان على الطفال بصورة شاملة‪ .3‬وقد أعاد الطبيب »ايجين هانققد« هققذه النظرّيققة فققي محاضققرة ألقاهققا‬
‫عام ‪ 1947‬أمام الجمعّية الطّبية المريكّية آخذًا بالعتبار الجنود في الحرب العالمّية الثانيققة‪ ،‬م قّدعيا أن المققراض‬
‫التناسلّية والسرطان عند اليهود أقل بكثير من الزنوج والبيض غير المختونين ‪ .4‬وكّرر »ابراهام رافيتش« نظرّيته‬
‫في مقال آخر عام ‪ 1951‬عنونه »الوقاية من سرطان البروستاتة والقضيب وعنق الرحم بواسطة الختققان« م قّدعيا‬
‫أن ‪ 32000‬شخص يتوّفون سنويًا من السرطان الناتج عن الغلفة‪ .‬ولققذا يجقب إجقراء الختققان بصقورة عاّمقة علققى‬
‫جميع الطفال‪.5‬‬

‫ومجمل ما تقوله هذه النظرّية هو أن اليهود أقل من يصققاب بسققرطان القضققيب والرحققم لنهققم يختنققون فققي اليققوم‬
‫الثامن‪ .‬ثم يأتي بعدهم المسلمون‪ ،‬لنهم يختنون بعد اليوم الثامن‪ .‬ثم يلحق بهم غير المختونين‪ .‬وقد تققم تكققرار هققذه‬
‫النظرّية في مقالت تعتمد على مقالت تسبقها كّلها تعود إلى ما كان قد كتبه »ابراهققام وولبارسققت« عققام ‪.61932‬‬
‫وأصحاب هذه المقالت هم أفراد يهود أو ذوو نزعة يهودّية وتعتمد على معطيات مغلوطة لسباب عقائدّيققة دينّيققة‬
‫طبة هي التي تسّبب السرطان‪ ،‬وتعتمد على أرقام مبالغ فيهققا أو‬ ‫وليست علمّية‪ .‬فهي ترى دون إثبات أن الماّدة المر ّ‬
‫غير موثوق بها‪ ،‬وقد فّندت الجمعّيات الطّبية تلقك النظرّيقة‪ .‬والوقايقة بالختقان أخطقر مقن الققداء وليسققت أخلقّيققة‪،‬‬
‫فهناك وسائل أخرى للوقاية أنجع وأخف من الختان‪ .‬وهذا ما سوف نراه في النقاط التالية‪.‬‬

‫طبة ليست سببًا للسرطان‬


‫الماّدة المر ّ‬

‫طبة بأنها المسؤولة عن تكققوين السققرطان‪ ،‬وبالختققان يتققم إزالققة الغلفققة الققتي‬
‫يّتهم أصحاب هذه النظرّية الماّدة المر ّ‬
‫تختبئ داخلها هذه الماّدة‪ .‬وحقيقة المر أن ل علقة بين تلك الماّدة والسققرطان‪ .‬فقققد قققام بعققض البققاحثين بتجققارب‬
‫طبققة البشققرّية أسققبوعيًا‬ ‫طبة مثل النسان‪ .‬كما قام البعض بإدخال المققاّدة المر ّ‬‫على الحيوانات التي تفرز الماّدة المر ّ‬
‫لمّدة تتراوح بين سنة وثلث سنين في رحم إناث القردة والفئران ولم يكتشف أي تأثير لها في تكوين سرطان عنق‬
‫الرحم‪ .‬بينما عندما وضعت ماّدة موّلققدة للسققرطان كققانت النتيجققة أن الحيوانققات أصققيبت بسققرطان عنققق الققرحم ‪.7‬‬
‫طبة عند الذكر كما عند النثى بين غلفتها وبظرها‪ ،‬كما أنها موجودة عند كل الحيوانات اللبونة‪،‬‬ ‫وتوجد الماّدة المر ّ‬
‫طبة تسّبب السرطان‪ ،‬يعني ذلك ضرورة ختان الناث بصورة روتينّيققة كمققا‬ ‫ذكورًا وإناثًا‪ .‬وإن صح أن الماّدة المر ّ‬

‫أنظر الملحق ‪ 21‬في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 26‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 27‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 37‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 29‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Fleiss.: An analysis, p. 396-397‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 96‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪344‬‬
‫تفعل بعض الشعوب مع الذكور‪ ،‬وضرورة ختان جميع تلك الحيوانات لحمايتها من السرطان‪ .‬ولكن ل يجرؤ أحققد‬
‫على تقديم إقتراح مثل هذا‪.1‬‬

‫طبة عند الذكر هي التي تسّبب السرطان فإن نسبة سرطان القضيب يجب أن تكون‬ ‫ولو كان صحيحًا أن الماّدة المر ّ‬
‫طبة في إّتصال متواصل بالقضققيب‪ .‬ولكققن‬ ‫أعلى عند غير المختونين من نسبة سرطان عنق الرحم لن الماّدة المر ّ‬
‫جلت الوليققات المّتحققدة ‪ 20.000‬وفققاة بسققبب سققرطان‬ ‫الرقام تشير إلققى عكققس ذلققك تمامقًا‪ .‬ففققي عققام ‪ 1977‬سق ّ‬
‫‪2‬‬
‫البروستاتة و ‪ 7.600‬وفاة بسبب سرطان عنق الرحم مقابل ‪ 225‬وفاة بسبب سرطان القضيب ‪.‬‬

‫الرقام مبالغ فيها أو غير موثوق بها‬

‫يعتمد مقن يقّدعي أن الختققان يققي مقن السقرطان علقى مقارنقة عققدد المصققابين بالسققرطان بيقن المختققونين وغيققر‬
‫المختونين‪ .‬ولكن هذه الرقام مبالغ فيها وغير موثوق بها‪.‬‬

‫فقد غالى مؤّيدو الختان في التخويف من سرطان الرحققم‪ .‬فسققرطان عنققق الرحققم يمّثققل أقققل مققن ‪ %5‬مققن حققالت‬
‫الموت بسبب السرطان بجميع أشكاله التي تصيب المرأة‪ .‬ولكن مؤّيدو الختققان يبققالغون مقّدعين أن سققرطان عنققق‬
‫الرحم يمّثل ‪ .%35‬وعندما يتكّلمون عن مستوى سرطان عنق الرحم عند النساء اليهودّيات ينقصون هققذه الرقققام‬
‫ل أن مستوى سرطان عنق الرحم عنققد اليهودّيققات منخفققض‪.‬‬ ‫ويجعلونها تساوي ما يقارب الصفر‪ .‬والواقع يبّين فع ً‬
‫ل أن البحاث التي أجريت بين عام ‪ 1910-1900‬أرجعت‬ ‫وهم يرجعون السبب إلى ممارسة الختان عند اليهود‪ .‬إ ّ‬
‫السبب إلى الحّمام الطقسي )مكفاه( الذي تفرضه الديانة اليهودّية على المرأة بعد الحيققض‪ .‬وقققد ُأهمققل هققذا السققبب‬
‫لحقًا حّتى يبرهن أن ختان الذكر هو السبب‪.3‬‬

‫وذكر الدكتور »ديركينيون« ورفاقه عام ‪ 1973‬أن سرطان القضيب في الوليات المّتحدة يمّثل أقل مققن ‪ %1‬مققن‬
‫المراض التي تصيب الرجل‪ ،‬بينما هذا العدد يصل إلى ‪ %12‬في الهند‪ .‬وقققد إعتمققد علققى مقققال فققي مجّلققة طّبيققة‬
‫تصدر في أستراليا ونيوزيلندا‪ .‬ولكن المقال الصلي يذكر ليس ‪ %12‬بل ‪ .%2‬فأضققاف الققدكتور المققذكور ‪%10‬‬
‫من عنده‪ .‬وكل ذلك ليبرهن بطبيعة الحال أن الختان في الوليات المّتحدة يحمي من ذلك المرض الخبيث‪ .‬ويعطققي‬
‫»فالرشتاين« عّدة أمثلة لمثل تلك المبالغات والمغالطات التي ل أساس لها‪.4‬‬

‫وذكر الطبيب »شققووين« أن التلقيققح ضققد المققراض يقققي بنسققبة ‪ 90‬إلققى ‪ %95‬بينمققا الختققان يقققي مقن سققرطان‬
‫القضيب بنسبة ‪ .5%99.9‬ورد عليه الطبيب »فليس« بأنه ل توجد إثباتات في أّية كتابات طّبيققة بققأن الختققان يقققي‬
‫من سرطان القضيب بنسبة ‪ .%99.9‬وهذه الرقققام ل يمكققن أن تكقون صققحيحة لن نسققبة سقرطان القضققيب فققي‬
‫الوليات المّتحدة حيث أكثر الكبار مختونين تصقل إلقى ‪ 1‬فقي ‪ ،100.000‬وهقذا ضقعف أو ثلثقة أضقعاف نسقبة‬
‫سرطان القضيب في دول مثل الدانمارك وفنلندا واليابان التي ل تمارس الختان الروتيني‪ .‬ومن جهة أخرى يعتققبر‬
‫التلقيح الجماعي لكسب المناعة مفيدًا لتفادي الوبئة التي قد تصيب الجماعققة‪ ،‬ولققذلك يفققرض علققى الجميققع لجققل‬
‫الصالح العام‪ .‬وهذا غير مبّرر في الختان‪ ،‬فسرطان القضيب ل ينتقل بالعدوى ول يعتبر وباءًا‪.6‬‬

‫وبخصوص سرطان البروستاتة عند الرجل‪ ،‬إّدعى الققدكتور »مققارفين أيجيققر« عققام ‪ 1972‬أن الختققان يقققي منققه‪،‬‬
‫معتمدًا في ذلك على قول طبيب سويدي زار إسرائيل بأن عدد الوفّيات مقن هقذا السقرطان فقي السقويد أعلقى ‪4.7‬‬
‫مّرات من عدد الوفّيات في إسرائيل‪ .‬وقد رأى أن السبب في ذلك هو ممارسة الختان فققي إسققرائيل‪ .‬ولكققن الرقققام‬
‫التي تنشرها الجمعّية المريكّية لربعين دولة تبّين أن هذه النظرّية غير مثبتة‪ .‬ففي عام ‪ 1973-72‬كان هنققاك ‪12‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 88-91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 105-108‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 91-92‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 110-112‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Schoen: The relationship between circumcision and cancer of the penis‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Fleiss: An analysis, p. 385‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪345‬‬
‫ل من أن تكون نسبة الوفّيات في الوليات المّتحدة منخفضققة‪،‬‬
‫دولة ل تختن عدد الوفّيات فيها أقل من إسرائيل‪ .‬وبد ً‬
‫‪1‬‬
‫هناك ‪ 33‬دولة ل تختن نسبة الوفّيات فيها أقل مّما هو المر في الوليات المّتحدة ‪.‬‬

‫وقد كتب الطبيب »وايزويل« عام ‪ 1992‬بأنه تققوّفى أكققثر مققن سققبعة آلف شققخص مققن سققرطان القضققيب خلل‬
‫الخمسين سنة الماضية‪ .2.‬وفي عام ‪ ،1997‬كتب هذا الطبيب أنققه تققوّفى أربعققة أطفققال بسققبب الختققان فققي الخمققس‬
‫وأربعين سنة الماضية‪ ،‬بينما مات ‪ 11‬ألف شخص غيققر مختققون بسققبب سققرطان القضققيب‪ .3‬ويققرد عليققه الطققبيب‬
‫»فليس« بأنه ل يوجد أي إثبات حول الرقام التي يققّدمها‪ ،‬وليققس هنققاك إحصققائّيات تققبّين حققالت الوفّيققات الققتي‬
‫تحصل بسبب ختان الذكور في الوليات المّتحدة‪ .‬ويضيف بأن سرطان القضققيب أمققر مرتبققط بالتصقّرف الفققردي‬
‫وتقّدم العمر وإدمان التدخين والخمر وعدد من المققراض الجنسقّية وتعقّدد فققي شققركاء العلقققة الجنسققي وضققعف‬
‫حية‪ .‬فهذا يعني أنه مرض يسّببه الشخص لنفسه‪ .‬بينما الختان الذي يفرض على الطفل ليس أمرًا يس قّببه‬ ‫الثقافة الص ّ‬
‫‪4‬‬
‫الطفل لنفسه‪ .‬فمقارنة وفاة أطفال أبرياء مع وفاة أشخاص هدموا أنفسهم ليس أخلقّيا ‪.‬‬

‫تفنيد الجمعّيات الطّبية لتلك النظرّية‬

‫أّكدت الكاديمّية المريكّية لطب الطفال منذ قرارها لعام ‪ 1975‬بأنه ل يوجققد سققبب طّبققي قققاطع لجققراء عملّيققة‬
‫الختان بصورة روتينّية للطفال حديثي الولدة‪ .‬وأضافت بأن الختان قد يقي مققن سققرطان القضققيب‪ ،‬ولكققن نظافققة‬
‫القضيب غير المختون تقي أيضًا من ذلك المرض‪ .‬وقد أّكدت بأنه ل يوجد إثبات بأن عدم ختان الققذكر يققؤّدي إلققى‬
‫إرتفاع في الصابة بسرطان الرحم عند المرأة التي يمارس معها الجنس‪ .‬ويذكر اليهود المؤّيققدون للختققان بمققرارة‬
‫بالغة هذا القرار وهم يعّولون على تقرير آخر من تلك الكاديمّية تعيد للختان مكقانته‪ .5‬وققد تبقع هقذا الققرار ققرار‬
‫مماثل للجمعّية المريكّية للمسالك البولّية عند الطفال‪ .‬وقد جاء في رسالة بعثت بها الجمعّية المريكّيققة للسققرطان‬
‫إلى الكاديمّية المريكّية لطب الطفال بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪:1996‬‬
‫»كممّثلين عن الجمعّية المريكّية للسرطان نققود أن نصققد الكاديمّيققة المريكّيققة لطققب الطفققال عققن‬
‫تشجيع ختان الذكور الروتيني كوسيلة للوقاية من سرطان القضيب أو سرطان عنق الرحم‪ .‬فالجمعّية‬
‫المريكّية للسرطان ل تعتبر الختان الروتيني وسيلة ناجعة أو فّعالة للوقاية من مثل هذه السرطانات‪.‬‬
‫إن البحاث التي تّدعي وجود علقة بين ختان شركاء العلقة الجنس قّية وسققرطان الرحققم تعققاني مققن‬
‫أغلط منهجّية ولم يعد لها قيمة اليوم ولم تأخذ على محمل الجد من ِقَبل الهيئة الطّبية لعقود عّدة‪.‬‬
‫وكذلك البحاث الققتي تقّدعي وجققود علقققة بيققن الختققان وسققرطان القضققيب ل يعقّول علققى نتائجهققا‪.‬‬
‫وسرطان القضيب حالة نادرة تمس واحدًا بين ‪ 200.000‬شقخص فقي الوليقات المّتحقدة‪ .‬ومعقّدلت‬
‫سرطان القضيب فقي القدول القتي ل تمقارس ختقان القذكور أققل مقن معقّدلت سقرطان القذكور فقي‬
‫الوليات المّتحدة‪ .‬وقد تقارب مخاطر الوفاة نتيجة للختان مخاطر الوفاة نتيجة لسرطان القضيب‪.‬‬
‫إن إعتبار الختان الروتيني وسيلة فّعالة للوقاية تشّتت الجموع عن واجققب تفققادي التص قّرفات المثبتققة‬
‫صة التدخين والعلقققات الجنس قّية غيققر‬ ‫والتي تساعد على نشوء سرطان القضيب وسرطان الرحم خا ّ‬
‫المحمّية مع عدد من الشركاء الجنسيين‪ .‬إن تخليد العتقاد المغلوط بأن الختان يقي من السرطان أمر‬
‫غير مناسب«‪.6‬‬

‫الوقاية بالختان أخطر من الداء وليست أخلقّية‬

‫على فرض أن الختان يحمي من سرطان القضيب‪ ،‬وهو أمر غير صحيح‪ ،‬فهذا يعني أنه يجب ختان مئات اللف‬
‫من الطفال لتوقي سرطان قضيب واحد‪ .‬وبما أن نسقبة مخقاطر عملّيقة الختقان أعلقى مقن نسقبة حقدوث سقرطان‬
‫القضيب‪ ،‬فإن ضرر الختان أكبر بكثير من عدم الختان‪ .‬ومقارنة مع أنواع السرطانات الخرى يلحظ أنه في عام‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 100-101‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Wiswell: Circumcision circumspection‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Wiswell: Circumcision - an update‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Fleiss: An analysis, p. 386-387‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Barth (editor): Berit Mila, p. 196‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر النص النكليزي في ‪Bodily integrity for both, p. 27‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪346‬‬
‫‪ 1977‬كان في الوليات المّتحدة ‪ 225‬وفاة بسبب سرطان القضيب مقابل ‪ 300‬وفاة بسبب سرطان ثققدي الققذكر و‬
‫‪ 540‬وفاة بسبب سرطان رحم النثى‪ .‬مّما يعني أن سرطان القضيب هو أقل من غيره من السققرطانات‪ .‬وإن كققان‬
‫علينا أن نختن الذكر وقاية من سرطان القضيب فيجب أيضًا قطع ثدييه وختن المرأة واستئصال رحمها وثدييها‪.1‬‬

‫ويقول الدكتور »دينيستون« بأن نسبة سرطان القضيب هو ‪ 1‬من بين ‪ 100.000‬شخص‪ ،‬وليس هناك أي برهققان‬
‫علمي بأن الختان يحمي من السرطان‪ ،‬بينما من المعروف والثابت أن التدخين يسّبب مثل هققذا السققرطان‪ ،‬كمققا أن‬
‫من عوامل العدوى به المداومة على شرب الكحول والعدوى بالمراض التناسلّية والضعف وكثرة تغييققر الشققريك‬
‫ل أو أخلقّيا قطع ‪ 100.000‬طفل بهدف تخليص رجل بققالغ واحققد مققن مثققل هققذا السققرطان‪.‬‬ ‫الجنسي‪ .‬وليس معقو ً‬
‫وبالمقارنة‪ ،‬فإن خطر الصابة بسرطان الثدي عند النساء هققو مققائة مقّرة أكققبر مققن الصققابة بسققرطان القضققيب‪،‬‬
‫وليس هناك شخص واحد يقول ببتر ثدي البنات للوقاية من هذا المرض الفّتاك‪.2‬‬

‫‪ (4‬ختان الذكور والناث للوقاية من اليدز‬


‫أ( تجربة شخصّية‬

‫بعد إلقائي محاضرة في مؤتمر حول الختان عام ‪ 1994‬في الوليات المّتحققدة‪ ،‬فققوجئت باسققتلم عقّدة رسققائل مققن‬
‫يهود لم يسبق لققي التعقّرف عليهققم‪ .‬وتققبّين لقي أن إحققدى المشققاركات اليهودّيقات فقي ذاك المقؤتمر قققامت بتوزيققع‬
‫محاضرتي عليهم دون إذني‪ .‬وبين مراسلي كان رئيس التعليم الطّبي في جامعة بققن غوريققون السققرائيلّية واسققمه‬
‫»شيمون جليك«‪ ،‬وهو من المؤّيدين لختان الذكور‪ .‬وقد تبادلت معه عّدة رسائل حول ختققان الققذكور‪ .‬وإحققدى تلققك‬
‫ل يّدعي أن الختان يقي من مرض اليدز شبكها مع ورقة كتب عليها بالنكليزّية عبارة تقول‪:‬‬ ‫الرسائل تضّمنت مقا ً‬
‫»إذا أمر ال عمل شيء فل يمكن لهذا العمل أن يكون مضّرا«‪.‬‬

‫ويومًا أرسل لي »برنارد لفري«‪ ،‬رئيس للجنة ضد معاداة السققامّية فققي جنيققف‪ ،‬قصاصققة مققن جريققدة سويسققرّية‬
‫بتاريخ ‪ 23/8/1995‬تشير إلى أن ختان الذكور يحمي من مرض اليدز‪ .‬وهذا الخبر منقققول عققن »وكالققة النبققاء‬
‫الفرنسّية« التي نقلته عن »يومّية الطبيب« الفرنسّية‪ ،‬وهذه الخيرة نقلته عن خبر صادر عن وكالة أنبققاء أمريكّيققة‬
‫ظمة ‪ NOCIRC‬والسّيد »تيققم‬ ‫بنفس التاريخ‪ .‬وقد قمت بإبلغ هذا الخبر إلى السّيدة »ماريلين مايلوس«‪ ،‬رئيسة من ّ‬
‫ظمتققان أمريكيتققان معاديتققان لختققان الققذكور‪ .‬وقققد رّدت السقّيدة‬‫ظمققة ‪ ،Noharmm‬وهمققا من ّ‬ ‫هامونققد«‪ ،‬رئيققس من ّ‬
‫»مارلين مايلوس« بتاريخ ‪ 1/9/1995‬ما يلي‪:‬‬
‫»إن مرض اليدز ليس سببه الغلفة بققل الجراثيققم الققتي تنتقققل مققن خلل علقققة جنسقّية غيققر سققليمة‪.‬‬
‫وقطع الغلفة لم تثبت فائدتها في الوقاية من اليدز في الوليات المّتحدة حيث أكثر ضققحايا هققذا الققداء‬
‫هم من المختونين‪.‬‬
‫إن الحجققج الطّبيققة الققتي أسقُتعِملت لتققبرير واسققتمرار الختققان فققي الغققرب كققانت دائمقًا تتماشققى مققع‬
‫المراض المرعبة في الوقت الذي أسُتعِملت فيه تلك الحجج‪ .‬وهكذا أسقُتعِمل الخققوف مققن السققتمناء‬
‫جة النظافة فققي بدايققة القققرن العشققرين عنققدما وضققعت‬ ‫في أواسط القرن التاسع عشر‪ .‬ثم أسُتعِملت ح ّ‬
‫جة الخوف من سرطان القضيب والرحققم‪.‬‬ ‫نظرّية الجراثيم‪ .‬وفي أواسط القرن العشرين‪ ،‬أصبحت الح ّ‬
‫جة مرض اليدز كوسقيلة لتقبرير عقادة وحشقّية وبربرّيقة‪ .‬ونحقن القذين‬ ‫وأّما اليوم‪ ،‬فهم يستعملون ح ّ‬
‫سفا ضد الطفال التشويه الجراحي لعضائهم دون موافقتهم‪ ،‬يمكننققا أن نفهققم المقصققود مققن‬ ‫نعتبر تع ّ‬
‫تلك الحجج‪ .‬فالعار كل العار لمن يستعمل مثل هذه الحج«‪.‬‬

‫وقد رد »تيم هاموند« بتاريخ ‪ 30/8/1995‬ما يلي‪» :‬إن الختان ل يحمي من مرض اليدز‪ .‬واليحققاء بققأنه يحمققي‬
‫من اليدز يعتبر رسالة خطيققرة للمختققونين تعنققي بققأنه فققي إمكققانهم ممارسققة الجنققس دون إّتخققاذ الوسققائل الكفيلقة‬
‫لحمايتهم من هذا المرض«‪ .‬وأضاف في رسالته بأنه إذا كان صحيحًا أن الختان يحمي من اليدز‪ ،‬فيجب فققي هققذه‬
‫الحالة ختان كل من الذكور والناث البالغين‪.‬‬

‫‪Wallerstein: Circumcision: an American health fallacy, p. 109‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 106‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪347‬‬
‫ضح أن مؤّيدي الختان بين اليهود ومن يساندهم قد وجدوا في اليدز ضاّلتهم للدفاع عققن‬ ‫هذه التجربة الشخصّية تو ّ‬
‫ختان الذكور‪ ،‬فحّولوا الخوف من اليدز إلى سلح للتأثير على الرأي العام‪ .‬وقد سارعت الكتابات العربّيققة بتلّقققف‬
‫هذا النبأ كما تلّقفت في الماضي كثيرًا من »السرائيلّيات« دون أي تحقيق حّتى إعتقدوا أنهققا مققن صققميم تعققاليمهم‬
‫الدينّية‪ .‬ونحن نقّدم للقارئ زبدة الجدل الذي يدور حول علقققة الختقان باليقدز‪ .‬وحّتققى يكقون فهقم الموضققوع فقي‬
‫صقص‬ ‫متناول الجميع‪ ،‬سوف نحاول البتعاد عقن التفصقيلت الحسقابّية والكيماوّيققة والطّبيققة ونعيقد الققارئ المتخ ّ‬
‫للدراسات التي نذكرها في مراجعنا لمزيد من المعلومات الفّنية‪.‬‬

‫ب( المصادر العربّية‬

‫لقد إغتنم الكّتاب العرب ظهور نظرّية علقققة الختققان باليققدز فأخققذوا يرّددونهققا فققي كتابققاتهم منتقيققن الراء الققتي‬
‫تناسبهم وتّتفق مع هدفهم الذي هو إثبات أن المعطيات العلمّية تدعم معتقداتهم الدينّية‪.‬‬

‫سان شمسي باشا‪:‬‬ ‫كتب الدكتور ح ّ‬


‫»الختان يقي من مرض اليدز«‪ .‬ذلك هو موضوع مقال نشر حديثًا عام ‪ 1989‬في مجّلققة ‪Science‬‬
‫المريكّية‪ .‬فقد أورد الدكتور »ماركس« في مقالته هذه ثلث دراسققات علمّيققة أجريققت فققي الوليققات‬
‫المّتحدة وإفريقيققا‪ .‬وكققانت هققذه الدراسققات تشققير إلققى إنخفققاض نسققبة الصققابة بمققرض اليققدز عنققد‬
‫المختونين‪ .‬وخلص الدكتور »ماركس« إلى الققول باحتمقال وجقود علققة بيقن عقدم الختتقان وبيقن‬
‫مرض اليدز‪ .1‬وقد وجد باحثون آخرون )دكتور سيمونسقن وزملؤه( أن إحتمققال الصققابة بمققرض‬
‫اليدز بعد التعّرض للفيروس عند غير المختونين يبلغ تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين«‪.2‬‬

‫ل‪:‬‬
‫سان شمسي باشا على هذه النظرّية قائ ً‬
‫وقد عّلق الدكتور ح ّ‬
‫»أليس هذا بالمر العجيب‪ .‬حّتى أولئك الققذين يجققرأون علققى معصققية الق بالشققذوذ الجنسققي يجققدون‬
‫خصلة من خصال الفطرة يمكن أن تدفع عنهم غيلء هذا المرض الخبيث‪ .‬لقد وجدنا المر ذاتققه فققي‬
‫المراض الجنسقّية كققالزهري والسققيلن والهربققس التناسققلي‪ .‬ووجققدناه الن فققي داء اليققدز‪ ،‬فكيققف‬
‫يجرؤ أولئك على جحد نعم ال والتمادي في معصيته؟ قال تعالى‪» :‬يعرفققون نعمققة ال ق ثققم ينكرونهققا‬
‫وأكثرهم الكافرون« )النحل ‪ .(83:16‬قال تعالى‪» :‬يا أيهققا النققاس أذكققروا نعمققة الق عليكققم هققل مققن‬
‫خالق غير ال« )فاطر ‪.(30:35‬‬
‫وينبغي أن ل يفهم المرء أنه إن كان مختونًا فهو في مأمن من داء اليدز‪ .‬فهققذا المققرض يحققدث عنققد‬
‫المختونين وغير المختونين وإن كانت نسبة حدوثه أقل عند غير المختونين«‪.3‬‬

‫ل في ‪ 5/9/1995‬تحت عنوان‪» :‬وشهد شاهد من أهلها‪ :‬الختان يمنققع‬ ‫وقد نشرت صحيفة »عقيدتي« المصرّية مقا ً‬
‫الصابة باليدز« بقلم الدكتور أحمد شفيق‪ .‬يقول المقال‪» :‬إعترفت إحدى الدوائر الطّبيققة فققي أوروبققا بققأن الختققان‬
‫يمنع الصابة بمرض اليدز‪ ،‬طاعون العصر«‪ .‬وأضاف المقال‪» :‬ولّعل هذا العتراف من إحدى الققدوائر الطّبيققة‬
‫يعتبر أبلغ وأقوى رد على الحملة الشرسة التي قامت بها محطة »سي إن إن« التلفزيونّيققة كمحاولققة منهققا للهجققوم‬
‫على السلم الذي يؤّكد عملّية الختان«‪ .‬والشارة هنا هي إلى الفيلم الذي كانت قد عرضته هذه المحطة عن ختان‬
‫الناث في ‪.7/9/1994‬‬

‫ل تحت عنوان‪» :‬الختان يحمي النثى من اليدز«‪.‬‬ ‫ونشرت صحيفة »صوت الّمة« المصرّية في ‪ 9/9/1997‬مقا ً‬
‫صائي أمراض النساء والتوليد‪ ،‬ما يلي‪:‬‬‫ونقل المقال عن الدكتور عّزت الصاوي‪ ،‬أخ ّ‬
‫صلت إلى أن الختققان يحمققي مققن الصققابة باليققدز وسققرطان‬
‫»إذا كانت الدوائر الطّبية الغربّية قد تو ّ‬
‫العضو الذكر‪ ،‬فإن هذا ل يدعو إلى الستغراب لن ختان الناث ل غبار عليقه ول خقوف منقه علقى‬
‫الطلق«‪ .‬وينتهي المقال معاتبًا مناهضي ختان الناث‪ ،‬طالبًا منهم أن »يكفوا عن الجتهاد والفكار‬

‫‪Marx: Circumcision may protect against the AIDS virus‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Simonsen (et al.): Human immunodeficiency‬‬ ‫‪2‬‬

‫باشا‪.58-57 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪348‬‬
‫سّنة ول يش قّككوا أو يتشقّككوا ليققأتي إنهيققار إجتهققاداتهم وتأكيققد‬
‫ومساندة الموجة ويلتزموا بالكتاب وال ُ‬
‫سّنة والفطرة من علماء ل ينتمون للسلم ول يعتنقونه«‪.‬‬ ‫ال ُ‬

‫وتحت يدي مقال من صحيفة »الهدف« المصرّية دون تاريخ عنوانه‪» :‬ختان البنات يمنع الصابة باليققدز« وهققذا‬
‫المقال يقول‪:‬‬
‫»طّيرت وكالت النباء العالمّية في الونة الخيرة خبرًا مفققاده إعققتراف إحققدى الققدوائر الطّبيققة فققي‬
‫صققل‬
‫أوروبا بأن ختان الناث يمنع الصابة بمرض اليدز‪ .‬وأضاف الخبر أن الفريق الطّبي الذي تو ّ‬
‫إلى هذه النتيجة أجرى عّدة تجارب على عدد من المواطنين في كندا والنرويج والدانمارك«‪.‬‬

‫ومن الواضح أن هذه المقالت تحاول إيهام القارئ المصري بأن ختان الناث يقي من مرض اليدز حسب شققهادة‬
‫حته ‪ -‬ل‬‫ل عققن عققدم صق ّ‬
‫»الدوائر الطّبية في أوروبا«‪ .‬وهذا تزوير خطير للمعلومات‪ .‬فما نشر في الغققرب ‪ -‬فضق ً‬
‫يخص ختان الناث‪ ،‬بل فقط ختان الذكور‪.‬‬

‫وخلفًا لما يقوله مؤّيدو ختان النققاث‪ ،‬يققرى معارضققوه فققي مصققر أن ختققان النققاث يسققاعد علققى إنتشققار اليققدز‬
‫وأمراض أخرى مثل إلتهاب البول والتهاب الكبد الوبائي‪ .‬ويعّلل ذلك الدكتور أشرف فودة‪ ،‬أستاذ الكلى والمسققالك‬
‫البولّية بطب القاهرة بأن اللت التي تستخدم في هذه العملّية على أيدي أشخاص غير مققؤّهلين تكققون غيققر نظيفققة‬
‫وغير معّقمة‪ .1‬وتقول الدكتورة سامية سليمان رزق‪» :‬أوضحت بعض البحوث التي أجريت فققي إفريقيققا حققديثًا أن‬
‫الصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة )اليدز( قد يحدث نتيجة لتلّوث جرح الختان في النثى«‪.2‬‬

‫ج( المصادر الغربّية‬

‫نظرّية دور الختان في الوقاية من مرض اليدز‬

‫في نهاية الثمانينققات إّدعقت بعققض الدراسققات الفريقّيققة أن هنققاك علقققة بيققن فيققروس فقققد المناعققة والققذكر غيققر‬
‫المختون‪ .‬وقد إغتنم مؤّيدو الختان هقذه النظرّيقة فققاموا بحملقة دعائّيقة بققدأت برسققالة بعثهققا طقبيب يهقودي إسقمه‬
‫ل أن هذا الطبيب أوضح لصحفي بعد ذلققك بققأنه ل يمكنققه إثبققات هققذا‬ ‫»ارون فينك« إلى مجّلة طّبية عام ‪ .31986‬إ ّ‬
‫المر‪ .4‬وهذا الطبيب هو من كبار الداعين لجراء الختان على جميقع الطفقال‪ .‬وققد دعققم فكققرة الختققان الروتينقي‬
‫جة الوقاية من مرض اليدز عدد من الطّباء أكثرهم‪ ،‬أن لم يكن كّلهم‪ ،‬من اليهود‪.5‬‬ ‫للطفال بح ّ‬

‫وقد إعتمد أصحاب هذه النظرّية على ملحظة التوزيع الجغرافي للختان ومققرض اليققدز واسققتنتجوا أن المنققاطق‬
‫التي تمارس الختان أقل عرضة للصابة بهذا المرض‪ .‬وقد إرتكزوا علقى معطيققات مقن نهايققة الخمسقينات وكقأن‬
‫ل أنهم أهملققوا عوامققل طّبيققة‪ ،‬مثققل وجققود أمققراض جنسقّية‪ .‬كمققا أهملققوا عوامققل‬
‫تلك المعطيات أكيدة ولم تتغّير‪ .‬إ ّ‬
‫إجتماعّية‪ ،‬مثل العمر الذي تتم فيه العلقة الجنسّية الولى‪ ،‬ووجققود ختققان النققاث‪ ،‬ونظققام تعقّدد الزوجققات‪ .‬وهققذه‬
‫العوامل قد تلعب دورًا في إنتشار مرض اليدز‪.6‬‬

‫كما أن بعضهم قام بمراقبة مجموعة معّينة مثل سائقي الشاحنات‪ .‬إلّ أنهم لم يتأّكدوا من أن هؤلء كققانوا مختققونين‬
‫أم ل‪ ،‬معتمدين في فرضياتهم على النسبة الوطنّية‪ ،‬ولم يأخذوا بالحسبان عوامل أخرى‪ .‬وبعضهم راقب المترّددين‬
‫على عيادات المقراض الجنسقّية مسقتنتجين أن مقن كقان لقه غلفقة كقان أكقثر عرضقة للصقابة بمقرض اليقدز‪،‬‬
‫متجاهلين أن الصابة بقرحة جنسّية تلعب دورًا أكبر في إنتشار اليدز من وجود الغلفة أو عدمه‪ .‬واعتمدت إحدى‬
‫تلك الدراسات على مراقبة أشخاص غير مختونين يمارسون الجنس مع مومسات في دولة »كينيققا« بإفريقيققا‪ .‬وقققد‬
‫رأت هذه الدراسة أن غير المختون أكثر عرضة للصابة بمرض اليدز من المختون‪ .‬ولكن دراسة أخققرى بّينققت‬
‫سليم‪ :‬دليل الحيران‪ ،‬ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫رزق‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Fink: A possible explanation for heterosexual male infrection with AIDS‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪United Press International, release date: october 29, 1986‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 35‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Van Howe: Neonatal circumcision, p. 99-100‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪349‬‬
‫أن سبب إرتفاع الصابة في هذه الحالة هو أن غير المختونين يجدون صعوبة فقي القزواج بسقبب نظقرة المجتمقع‬
‫السلبّية ضّدهم‪ ،‬فيقومون بالبحث عن علقة جنسّية مع المومسات‪ ،‬مّما يجعلهم أكثر عرضة لمرض اليدز‪.‬‬

‫ل مققن المعطيققات فققي الوليققات المّتحققدة‬ ‫ضلت العتماد على معطيات إفريقّية بققد ً‬ ‫ويؤخذ على هذه الدراسات أنها ف ّ‬
‫التي تمارس الختان بشكل واسع‪ .‬والدراسة الوحيدة التي تّمت فقي هققذا البلققد حقول هققذا الموضققوع هققي تلقك القتي‬
‫ل بالدرجققة ‪ 14‬بيققن العوامققل الخققرى‪،‬‬ ‫نشرها »كرايس« عام ‪ .11992‬وهذه الدراسة لم تأخذ في حسابها الختان إ ّ‬
‫لت العلمّية‪ .‬وقد نسوا أن إرتفاع عدد الصابات بمرض اليدز‬ ‫مّما يبّين التحّيز للختان بين الباحثين وناشري المج ّ‬
‫عند غير المختونين هنا قد يكون بسبب تدّني الثقافققة والحالققة الجتماعّيققة بينهققم‪ .‬فمققن المعققروف أن أفققراد الطبقققة‬
‫حية الروتينّيققة‪ .‬وهنققاك‬
‫المتدّنية لم يكن في إمكانهم ختان أولدهم ولم يكن من السهل لهم اللجققوء إلققى العنايققة الصق ّ‬
‫إرتفاع عال لمرض اليدز بين الطبقات المتدّنية‪ .‬وهذه الدراسة التي تريد ربط الختان بالوقاية مققن مققرض اليققدز‬
‫تفشل في القول بأن إنتشار هذا المرض إّنما هو بسبب التصّرف غير السليم فققي العلقققة الجنسقّية وتققدّني مسققتوى‬
‫النظافة وليس في شكل القضيب‪.2‬‬

‫الرقام تثبت عكس ذلك‬

‫أعلى دولة غربّية في نسبة ختان الذكور هي الوليات المّتحققدة‪ .‬وفققي هققذا البلققد‪ ،‬غالبّيققة الرجققال فققي سققن النشققاط‬
‫الجنسي مختونين‪ .‬ولو كانت النظرّية السققابقة صققحيحة‪ ،‬كققان يجققب أن تكققون بيققن الققدول القققل إنتشققارًا لمققرض‬
‫اليدز‪ .‬ولكن الرقام تبّين أن الوليات المّتحدة هي سادس أكبر دولة لنتشار اليققدز فققي العققالم وأعلققى دولققة بيققن‬
‫الدول المتقّدمة‪ .‬ومؤّيدو نظرّية اليدز بطبيعة الحال يتجاهلون هذه الحقيقة‪ .‬ونحن نعطي هنققا عققدد المصققابين بيقن‬
‫حة العالمّية عام ‪:1995‬‬
‫ظمة الص ّ‬
‫‪ 100000‬كما بّينتها من ّ‬
‫‪96.7‬‬ ‫زيمبابوي‬
‫‪58.4‬‬ ‫كونجو‬
‫‪49.2‬‬ ‫ملوي‬
‫‪24.8‬‬ ‫كينيا‬
‫‪20.2‬‬ ‫تشاد‬
‫‪16‬‬ ‫الوليات المّتحدة‬
‫‪8.9‬‬ ‫إيطاليا‬
‫‪6.5‬‬ ‫سويسرا‬
‫‪4.4‬‬ ‫الدانمارك‬
‫‪3.5‬‬ ‫فرنسا‬
‫‪2.7‬‬ ‫هولندا‬
‫‪2.2‬‬ ‫ألمانيا‬
‫‪2‬‬ ‫النمسا‬
‫‪2‬‬ ‫السويد‬
‫‪1.6‬‬ ‫النرويج‬
‫‪0.9‬‬ ‫فنلندا‬
‫‪0.2‬‬ ‫بولندا‬
‫‪0.2‬‬ ‫المجر‬

‫ويشير معارضو الختان بأن الدول الوروبّية المتقّدمة التي فيها نسققبة اليققدز عاليقة هققي تلققك الققدول الققتي تعققرف‬
‫نسب هجرة مسلمة عالية وعّمال من الخارج‪.‬‬

‫ومّما سبق يّتضح إن الوليات المّتحدة تعرف أعلى نسبة للختان وفي نفققس الققوقت أعلققى نسققبة بالصققابة بمققرض‬
‫حة العالمّية أن بين ‪ 18.5‬مليون مصاب بهذه الجرثومة في العالم‪،‬‬ ‫ظمة الص ّ‬
‫اليدز بين الدول النامية‪ .‬وقد قّدرت من ّ‬
‫‪Kreiss; Hopkins‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Fleiss: An analysis, p. 393-396‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪350‬‬
‫ل ‪ 600.000‬مصاب من أوروبا الغربّية‪ .‬وقد بّينت دراسققة‬
‫يوجد ‪ 1.1‬مليون رجل أمريكي شمالي‪ ،‬بينما ل يوجد إ ّ‬
‫أمريكّية أنه بين كل ‪ 20‬مواطن أمريكي شمالي يوجد شخص مصاب بهققذا المققرض عقام ‪ .1994‬وكققل المصقابين‬
‫بهذا المرض في الوليات المّتحدة تقريبًا من المختونين‪.1‬‬

‫ويذكر طبيب أمريكي بأن الوليات المّتحدة تكّون ‪ %5‬من سقّكان العققالم ولكّنهققا تحتققوي علققى ‪ %65‬مققن حققالت‬
‫الصابة بمرض اليدز في العالم‪.2‬‬

‫الختان قد يكون عامل إنتشار لليدز‬

‫في غياب دراسة جّدية تثبت أن الختان عنصر وقاية من اليدز‪ ،‬يجب علينا أن نرجع إلى البديهّيات البسققيطة الققتي‬
‫يمكن أن يتقّبلها العقل‪ ،‬دون الدوخان في أرقام وحسابات معّقدة ل نهاية لها‪ .‬وهذه البديهّيات هي‪:‬‬
‫‪ -‬الختان يجعل جلد القضيب أكققثر إنشققدادًا وخشققونة وأقققل رطوبققة ويققترك فيققه نققدب‪ .‬وبالتققالي فققإن‬
‫المختون يكون أكثر عرضة للتجّرح ودخول فيروس اليدز في جسمه‪.‬‬
‫ل لممارسة الجنس من خلل الشققرج والفققم‪ ،‬كمققا إنهققم‬ ‫‪ -‬ترى بعض الدراسات أن المختونين أكثر مي ً‬
‫ل للعلقات الجنسّية الشاّذة‪ ،‬كما رأينا سابقًا‪ .‬وهذا عامققل يزيققد فققي إمكانّيققة التجقّرح ودخققول‬ ‫أكثر مي ً‬
‫الفيروس‪.‬‬
‫ل إلى البحث عن عدد أكبر من شريكات العلقة الجنسّية‪ ،‬ومن ثم أكثر تعّرضققا‬ ‫‪ -‬المختونون أكثر مي ً‬
‫للفيروس‪.‬‬
‫ل لستعمال العازل‪ .‬وأحد السباب التي تقّدم لذلك هو أنه يضعف من الحساسققّية‬ ‫‪ -‬المختونون أقل مي ً‬
‫بسبب تغليف القضيب‪ .‬والمختون يكون عاّمة قد فقد جزءًا من تلك الحساسّية بسبب الختان واحتكققاك‬
‫الحشفة بالملبس وجفاف القضيب‪ .‬فإضافة عازل على القضيب يزيد من إضعاف حساسّيته‪ .‬كمققا أن‬
‫الختان يقّلل من مّدة المداعبة َقبل الولوج وهذا يؤّدي إلى تجريح أكبر في النسجة‪.3‬‬
‫‪ -‬حّتى وإن َقبلنا بأن الختان قد يحمي من مرض اليدز فإنه يجب عمل ‪ 23148‬ختان قًا فققي الوليققات‬
‫المّتحدة بتكلفة قدرها ‪ 9.6‬مليون دولر لكي يقي من إصابة واحدة بمققرض اليققدز‪ .‬وهققذا يعنققي أننققا‬
‫سوف نعّرض عددًا كبيرًا لمخاطر الختققان الخققرى ومققن بينهققا الوفققاة لوقايققة فققرد واحققد‪ .‬ومخققاطر‬
‫الختان في دول العالم الثالث أعلى مّما هي عليه في الدول المتقّدمة‪ .‬والدراسات تبّين أن وجود الغلفة‬
‫ل فالمخقاطر الناتجققة أكقبر مقن الفقوائد‬ ‫ل ُمهّما فققي مققدى إنتشقار الفيققروس‪ .‬وإن كقان عققام ً‬
‫ليس عام ً‬
‫المرجّوة‪.4‬‬
‫‪ -‬القول بأن الختان يقي من اليدز قد يفهمه البعض بأنه يعطيهم مناعة ضد هذا المرض‪ ،‬فل يأخذون‬
‫حرصهم منه ويمارسون الجنس بكل حّرية مع أشخاص مصابين بهذا المرض‪.‬‬

‫ل مسقاعدًا علقى‬
‫مّما سبق يّتضح أن ختان الذكور والناث ليقس وسقيلة للوقايقة مقن اليقدز‪ ،‬ل بقل ققد يكقون عقام ً‬
‫إنتشاره‪ .‬والوقاية من مرض اليدز تكمن في حماية الفرد من التعّرض للجراثيم الناقلة لهذا المرض وتثقيف الناس‬
‫عن العلقة الجنسّية السليمة‪ ،‬وليس بقطع أجزاء سليمة من جسم النسان‪.5‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬الختان لعلج ضيق الغلفة واللتهابات‬


‫بالضافة إلى المراض الفّتاكة التي ذكرناها في الفرع الثالث‪ ،‬يرى مؤّيدو ختان الذكور والناث أنه وسيلة لعالققج‬
‫ضيق الغلفة‪ ،‬والتهاب المسالك البولّية‪ ،‬والتهاب الحشفة والغلفة‪.‬‬

‫‪Fleiss: An analysis, p. 393-394‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Ritter, p. 33-2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Ritter, p. 35-1; Van Howe: Does circumcision influence, p. 59‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Van Howe: Neonatal circumcision, p. 100-120‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Ritter, p. 33-2‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪351‬‬
‫‪ (1‬الختان لعلج ضيق الغلفة وضيق الغلفة الخلفي‬
‫يرى مؤّيدو ختان الذكور ضرورة إجراء هذه العملّية بسبب ضققيق الغلفققة ‪ phimosis‬وضققيق الغلفققة الخلفققي )أو‬
‫الجلع( ‪ paraphimosis‬محققاولين رسققم صققورة مرعبققة لهققاتين الحققالتين‪ .‬وسققوف نعققرض هنققا آراءهققم وآراء‬
‫معارضي ختان الذكور‪ ،‬بادئين بالمصادر العربّية‪.‬‬

‫أ( المصادر العربّية‬

‫نقرأ عند الطبيب العربي الشهير الزهراوي تحت عنوان‪» :‬فققي البقثر الققذي يعققرض فققي الغلفقة والكمقرة والسقواد‬
‫والفساد والتصاق الغلفة بالكمرة« ما يلي‪:‬‬
‫»وأّما إلتصاق الغلفة بالكمرة وهذا اللتصاق إّنما يحدث فيمن كانت غلفته صققحيحة ولققم يجققب عليققه‬
‫إختتان وقد يعرض إلتصاقها من ِقَبل جرح أو ورم‪ ،‬فينبغققي أن تسققلخها بمبضققع أفطققس حّتققى ينحققل‬
‫الرباط وتتخّلص الكمرة من كل جهة‪ .‬فإن عسر تمييزها على الستقصاء فينبغققي أن تسققلخ شققيئًا مققن‬
‫الكمرة ومن الغلفة وذلك أن الغلفة رقيقة فرّبما إنثقبقت لرّقتهققا سققريعًا‪ .‬ثققم فقّرق بيقن الغلفقة والكمقرة‬
‫ل تلتصق أيضًا‪ ،‬ثم يعالج بشراب قابض حّتى تندمل«‪.1‬‬ ‫بخرقة كّتان رقيقة قد بّلت في ماء بارد لئ ّ‬

‫الظاهرة التي وصفها الزهراوي يطلق عليها اليوم إسم »ضيق الغلفة«‪ .‬وعلققى العكققس مققن أطّبققاء عصققرنا الققذين‬
‫ل منها سلخ الغلفققة عققن الكمققرة والتفريققق‬ ‫يسارعون باقتراح الختان‪ ،‬فإن الزهراوي يتفادى هذه العملّية ويقترح بد ً‬
‫جب الدكتور »سققعيد مسققتيري« فققي ترجمتققه الفرنسقّية لكتققابه‪ .‬فيقققول‪:‬‬ ‫بينهما‪ .‬وقد أثار تصّرف الزهراوي هذا تع ّ‬
‫صة عند غير المختونين ل يقترح الزهراوي فقط الختان‬ ‫»نتساءل هنا لماذا في حالت ضيق الغلفة التي تتواجد خا ّ‬
‫الطقسي أو عملّية مشابهة«‪ .2‬واقتراح الختان للوقاية من ضيق الغلفة وعلجها نجده فققي الكتابققات الطّبيققة العربّيققة‬
‫الحديثة‪.‬‬

‫يقول الدكتور عبد الرحمن القادري‪» :‬أصبح ختان الرجل أمرًا محّتما وضرورّيا‪ ،‬وذلققك لن لستئصققال الغمققد أو‬
‫خل في إزالة أو وقاية العديد من المراض«‪ .‬وأّول مرض يذكره هذا الققدكتور هققو »ضققيق‬ ‫الغلفة فوائد جّمة إذ يتد ّ‬
‫الغلفة« و»ضيق الغلفة الخلفي« الذي يعّرفه كما يلي‪» :‬إعاقة في إنزلق الغلفة على الحشفة«‪ .‬وهو يفّرق بين‪:‬‬
‫‪ -‬ضيق الغلفة الولدي‪ ،‬أي أنه يشاهد منذ الولدة‪» :‬يّتصف هذا التضّيق بغلفة طويلققة تشققبه خرطققوم‬
‫الفيل‪ ،‬غير قابلة للرتداد ]‪ .[...‬وفي أحقوال نقادرة يمكقن أن تكقون الغلفقة قصقيرة جقّدا‪ ،‬ولهقا فتحقة‬
‫ضّيقة جّدا وغير قابلة للرتداد‪ ،‬كما ويّتصف الطفال المصابين بهقذا التضقّيق باسقتعدادهم للصققابة‬
‫بالخماج الناتجة عن إعاقة تدّفق البول ]‪ .[...‬هذا وكثيرًا ما يتناول اللتهاب الصفيحة الداخلّية للغلفة‬
‫مؤّديا إلى إنتشارها نحو الخارج من خلل حلقة الغلفة محدثة الشتور‪ .‬وعلى نقيض ذلك فققإنه يحققدث‬
‫من جّراء مشققاركة الصققفيحة الخارجّيققة تزايققد إنتفققاخ قمققة القضققيب بحيققث يصققبح مشققابهًا لرّقققاص‬
‫الجرس‪ .‬كما تحدث سرطانات القضيب على وجه الحصققر تقريبقًا عنققد الرجققال الققذين لققديهم تضقّيق‬
‫غلفة ولدي«‪.‬‬
‫‪ -‬ضيق الغلفة المكتسب‪ ،‬وقد يكون عققابرًا يبقققى فققترة محققدودة أو مسققتمّرا‪» :‬ينجققم هققذا الشققكل مققن‬
‫التضّيق عن إلتهاب حيث تحدثه التغّيرات المرضّية التي تحدث أثناء فققترة الحيققاة‪) .‬تضقّيق إلتهققابي(‬
‫وتتظاهر بوذمة إنتفاخّية أثناء سيرها وذلك عندما تكون اللتهابات حاّدة«‪.‬‬

‫وفيما يخص »ضيق الغلفة الخلفي«‪ ،‬يقول القادري بأن هذا ينجم »عند رجوع الغلفة الضّيقة إلى ما خلققف الحشققفة‬
‫وعدم عودتها ثانية إلى وضعها الصلي مّما يؤّدي إلى توّرم الغلفة«‪ .‬ويشير إلى أنه »إذا لم يزل هذا التضّيق فإنه‬
‫ضقع علققى حشققفة القضققيب وعلققى الصقفيحة الداخلّيقة للغلفقة‬
‫يؤّدي إلى إنحباس فققي الققدم وتقّرحقات ومواتققات تتو ّ‬
‫)الموات التناسلي الحاد( كما يؤّدي إلى إلتهابات شديدة«‪.‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis, p. 395‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Mestiri: Abulcassis, p. 135, note 2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪352‬‬
‫ويرى القادري ضرورة إجراء الختان في هاتين الحالتين »وذلك لن تلك التضّيقات قد تققؤّدي لحققدوث إختلطققات‬
‫عاجلة أو آجلة إذا لم يجر أو يتم الختان«‪.1‬‬

‫سان شمسي باشا والدكتور محّمد علي البقار اللجقوء إلقى الختقان كوسقيلة لمعالجقة ضقيق‬
‫ويقترح أيضًا الدكتور ح ّ‬
‫‪2‬‬
‫الغلفة لنها تؤّدي إلى اللتهابات والمضاعفات ‪.‬‬

‫ب( المصادر الغربّية‬

‫ل في الغرب أكبر مّما قد توحيه المصادر العربّية‪ .‬ولققذلك ل بققد مققن إلقققاء نظققرة تاريخّيققة‬
‫أثار »ضيق الغلفة« جد ً‬
‫على هذا الجدل‪.‬‬

‫الكلمة الغربّية ‪ phimosis‬والتي ترجمتها العربّية »ضيق الغلفة« هي كلمة مققن أصققل يونققاني تعنققي »التكميققم«‪.‬‬
‫ل على توّرم الجفن أو الشرج مّما يؤّدي إلى انقباضهما وإغلقهمققا‪ .‬وقققد أطلققق الطققبيب الرومققاني‬ ‫وقد أطلقت أص ً‬
‫»شيلسوس« في القرن الّول الميلدي هذه الكلمة على تجّلد الغلفة غير الطبيعي‪ .‬ثم قام طبيب يونققاني مققن القققرن‬
‫طاطّيققة‬
‫الثاني باستعمالها للتعبير عن ظاهرة عدم إمكانّية شد الغلفة إلى الوراء‪ .‬وقد أرجع هذه الظاهرة إمّققا لعققدم م ّ‬
‫الجلد أو بسبب نمّوه‪ .‬ولعلجها يقترح شق الجلد لتوسيعه وجعله يعمل بصورة طبيعّية‪ .‬وفي القرن الثامن عشر تققم‬
‫التفريق بين ضيق الغلفة الطبيعي‪ ،‬وضيق الغلفة الناتج عقن الققروح أو اللتهابقات‪ .‬وفقي الحقالتين لقم يتقم إققتراح‬
‫إجراء الختان كوسيلة علجّية‪.3‬‬

‫وقد فّرق الطّباء في الوليات المّتحدة فقي منتصقف الققرن التاسقع عشقر بيقن ظقاهرة »ضقيق الغلفقة القولدي«‪،‬‬
‫وظاهرة »ضيق الغلفة المكتسب« بسبب ممارسة الستمناء‪ .‬وقد إعتبروا كل الظاهرتين حالة مرضّية ينتققج عنهققا‬
‫أمراض كثيرة مثل الفتق وصعوبة الهضم والتهابات المثانة وعدم الرشاقة والشلل والصققرع‪ .‬وقققد نصققح الطققبيب‬
‫اليهودي المريكي »لويس سيير« )توّفى عام ‪ (1900‬بأن يتم فحص كل طفل عند ولدته وبتر غلفته إذا مققا تققبّين‬
‫أنه مصاب بضيق الغلفة‪.‬‬

‫حة نظرّيققات هققذا الطققبيب‪ .‬وأحققد هققؤلء الطّبققاء‬


‫وقد نشر مئات من الطّباء المريكّيين دراسات لتؤّكد علققى صق ّ‬
‫واسمه »روسويل بارك« قّدم تقريرًا للجمعّية الطّبية في »شققيكاغو« عققام ‪ 1880‬يقّدعي فيققه أن ضققيق الغلفققة هققو‬
‫السبب في الستمناء والتشّنج والشلل والتواء القدم وانتشار البثور وصعوبة الهضم والسهال المستعصي والتبققّول‬
‫اللإرادي وعدم إمكانّية التحّكم في الطراف وسققرعة الغضققب والعصققبّية والبلهققة والفتققق والسقّكري والصققرع‬
‫والهزال وسقوط المستقيم‪ .‬وقد أضيفت أمراض أخرى على هققذه المققراض سققنة بعققد سققنة ل مجققال هنققا لققذكرها‬
‫جميعًا لتفادي الطالة‪ .‬وتم ربط ضيق الغلفة بالستمناء الذي‪ ،‬كما رأينا سابقًا‪ ،‬تم تهويله واعتبققاره سققببًا لمققراض‬
‫كثيرة وتصّرفات غير مقبولة‪ .‬وهكذا تمّكن الطّباء المريكّيققون مققن تشققخيص أمققراض كققثيرة مققن خلل ظققاهرة‬
‫واحدة يتم »علجها« جميعها بضربة سّكين سريعة‪ .‬وإذا ما توّفى المريض مقن جقّراء عملّيقة الختقان كقان ُيرجقع‬
‫الموت إلى ضيق الغلفة وليس لعدم مهارة الطبيب‪ .‬وكمققا أنقه كققان مقن الصقعب للطّبقاء التصقّدي لسقاتذتهم فقي‬
‫الطب أصحاب تلك النظرّيات‪ ،‬كذلك لم يكن للهل أن يتصّدوا لتشخيص الطّباء الذين يجرون تلك العملّيات حّتى‬
‫وإن لم يتم شفاء المريض من العاهات التي يعانون منها بوسيلة الختان‪ .‬وبطبيعقة الحقال لقم تكقن بمصقلحة هقؤلء‬
‫الطّباء تقديم تقارير حول فشلهم‪.4‬‬

‫صققة طريفققة مرتبطققة بهققذه النظرّيققة‪ .‬ففققي عقام ‪ 1881‬أغتيققل رئيققس الوليققات المّتحققدة »جيمققس أبققرام‬
‫وهنققاك ق ّ‬
‫جارفيلد« على يد »شارلز جيتو« الذي إّدعى أنه تصّرف بأمر من إلهه »يهوى«‪ .‬وبعققد شققنقه قققامت هيئة مكّونققة‬
‫من ‪ 22‬طبيبًا بفحص جّثته لمعرفة ما إذا كان سبب تصّرفه الجنوني هو إصققابته بمققرض مققا‪ .‬وبمققا أن النظرّيققات‬
‫الطّبية حين ذاك كانت تقول إن طول الغلفة يؤّدي إلى الجنون‪ ،‬فقد رّكققزت هققذه اللجنققة علققى غلفتققه الققتي وجققدتها‬

‫القادري‪ ،‬ص ‪.70-67‬‬ ‫‪1‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪33‬؛ البار‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.82-81‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: The history of phimosis, p. 37-40‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Hodges: The history of phimosis, p. 40-44‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪353‬‬
‫طويلة وضّيقة‪ .‬واقتنع كثير من الطّباء المريكّيين في حينه أن سقبب الغتيققال هقو إصققابة القاتقل بضقيق الغلفقة‪.‬‬
‫وهكذا أصبح ضيق الغلفة ليس فقط سببًا في أمراض كثيرة‪ ،‬بل أيضقًا تهديققدًا للسققتقرار السياسققي‪ .‬وقققد جققاء فققي‬
‫تقرير نشره طبيب عام ‪ 1890‬يقول فيه أن أكثر من نصف المجرمين القابعين في السجون فققي الوليققات المّتحققدة‬
‫مصابون بتشويه في أعضائهم الجنسّية‪ .‬وأضاف أن رئيس أكبر مستشفى للمراض العقلّية هنققاك أخققبره أن أكققثر‬
‫من نصف المرضى العقليين يعانون من تشّوه في أعضائهم الجنسّية‪ .‬وقد إقققترح هققذا الطققبيب أن العلج فققي هققذه‬
‫الحالت هو اللجوء إلى الختان‪.1‬‬

‫وفي القرن العشرين ظهرت نظرّية جديدة تّدعي أن ضيق الغلفة يؤّدي إلققى السققرطان عنققد الققذكور والنققاث‪ .‬فقققد‬
‫أصبح »البعبع« هو السرطان بعد أن كان في القرن التاسع عشر المراض الجنسّية والسققتمناء والجنققون‪ .‬وربققط‬
‫ضيق الغلفة بالسرطان كان يترّدد من حين إلى آخر في القرن الماضي‪ ،‬ولكن هذا الربط بينهما طغققى علققى الفكققر‬
‫الطّبي في القرن العشرين‪ .‬وأحد أكبر الداعين له هو الدكتور اليهودي »ابراهام وولبارست« )تققوّفى عققام ‪(1952‬‬
‫الذي كان طبيب المسالك البولّية في مستشفى »بيت إسرائيل« في نيويورك وفي غيره مققن المستشققفيات اليهودّيققة‪.‬‬
‫وهذا الطبيب إستمر بالقول إن سبب الصرع هو إلتصاق الغلفة بالحشفة وأضاف إلى ذلك الزهري والتققّرح‪ .‬وفقي‬
‫عام ‪ 1932‬أخرج للناس نظرّية تقول إن ضيق الغلفة يسّبب السرطان‪ .‬وقد خرجققت أكققثر المقققالت الطّبيققة لققترّدد‬
‫هذه المقولة‪ .‬وكان الطّباء البريطانيون والمريكّيون يرون ضرورة ختان الطفل كّلمققا وجققدوا أن غلفققة الطفققل ل‬
‫طبققة تحتهققا وخلققق منققاخ ملئم لتكققاثر‬‫ترتد إلى الوراء بسحبها‪ ،‬معتبرين أن ذلك ضروري لمنع تراكم الماّدة المر ّ‬
‫الجراثيم التي تسّبب المراض‪ .‬وفي الحرب العالمّية الثانية‪ ،‬كان أطّباء الجيش يفرضون الختان على الجنود تحت‬
‫جة وجود وباء ضيق الغلفة‪.2‬‬
‫طائلة المحاكمة العسكرّية بح ّ‬

‫جة ضيق الغلفة لجراء الختان تترّدد حّتى في أّيامنا‪ .‬وهذا ما يّدعيه طققبيب يهققودي إسققمه »شقووين«‬ ‫وما زالت ح ّ‬
‫دون أي إثبات علمي عدا نقل أقوال أطّباء هم من مؤّيدي إجراء ختان الققذكور بصققورة شققاملة‪ .‬ومققا زالققت الكتققب‬
‫الطّبية المريكّية تذكر ضيق الغلفة على رأس المراض التي تصيب الذكر مبّينة أن هذه العاهة قد تسّبب أمراضقًا‬
‫كثيرة وتؤّدي إلى الموت‪ .‬واعتمدوا على هذه القوال ليبّينوا ضرورة إجراء الختان على الطفال‪.3‬‬

‫وهذه التصّرفات مبنّية على جهل بتشريح العضو التناسلي للذكور‪ .‬وقد تصّدى لهذا الجهل مجموعة طّبية أمريكّيققة‬
‫عام ‪ 1932‬فعرضت الشرايين الموجودة في الغلفة وحساسّيتها وبّينت تطّورها في رحم الم وكيف يتم فصلها عن‬
‫الغلفة تدريجّيا‪ ،‬وأن إلتصاق الحشفة بالغلفة عند الوليد ل يعتبر حالة مرضّية بل تطّورا طبيعّيا‪ .‬وقام أطّبققاء بعمققل‬
‫ل أن الطّباء المريكّيين أهملوا تلك البحاث‪ ،‬رّبما لنها لم تكن بصققالح مؤّيققدي ختققان‬ ‫أبحاث مماثلة في أيرلندا‪ .‬إ ّ‬
‫‪4‬‬
‫الذكور الذين ل يرون فائدة في الغلفة ‪.‬‬

‫وقد عاد إلى هذا الموضوع الققدكتور البريطققاني »دوجلس جيرتنققر« عققام ‪ 1949‬فققي مقققال شققهير تحققت عنققوان‬
‫»مصير الغلفة«‪ .5‬فقد تبّين لهذا الطبيب من خلل مراقبة ‪ 100‬طفل حديثي الققولدة و ‪ 200‬طفققل تصققل أعمققارهم‬
‫حّتى خمس سنين أن ظاهرة عدم رجوع الغلفة إلى الخلف وطولها عند الطفال أمر طققبيعي وليققس مرضققي‪ .‬وقققد‬
‫وجد أن ‪ %4‬من الطفال يمكن شد غلفتهم عند ولدتهم‪ ،‬وارتفعت هققذه النسققبة إلققى ‪ %90‬فققي عمققر ثلث سققنين‪.‬‬
‫ويمكن شد كل الغلفات تقريبًا إلى الخلققف بققّوة ولكقن ذلققك قققد يقؤّدي إلققى جققروح وتقّيحقات‪ .‬وققد إعتققبر الققدكتور‬
‫المذكور الطفال تحت الخامسة طبيعيين في حالة عدم إمكانّية شد الغلفة إلى الخلف‪ ،‬وأنه يمكن شد الغلفة بسققهولة‬
‫بعد سن الخامسة دون إجراء عملّية جراحّية‪ .‬وهكذا إستطاع هذا الطبيب كسر خرافة فوائد الختققان‪ .‬وعلققى أسققاس‬
‫حية البريطانّية« عدم تغطية مصاريف ختان الطفال‪ ،‬مّما أّدى إلققى هبققوط‬ ‫هذه الدراسة قّررت هيئة »الخدمة الص ّ‬
‫كبير في معّدلته في ذلك البلد‪.6‬‬

‫‪Hodges: The history of phimosis, p. 44-46‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: The history of phimosis, p. 46-51‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 27‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Gairdner: The fate of the foreskin‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 28‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪354‬‬
‫وقد إنتشرت دراسة الدكتور البريطاني إنتشارًا واسعًا‪ .‬ولكن الطّباء المريكّيون إنتقققدوها دون أن يعيققدوا إجققراء‬
‫البحث الذي إعتمدت عليه‪ .‬وقد إستمّرت كتب الدراسققة الطّبيققة تقققترح إجققراء ختققان الطفققال كّلمققا وجققدت الغلفققة‬
‫ل عققام ‪ 1953‬يتجاهققل تمام قًا مقققال الطققبيب‬ ‫طويلققة أو ملتصقققة‪ .‬وقققد كتققب الطبيبققان »ميليققر« و»سققنيدير« مقققا ً‬
‫حية والعقلّيققة ومققن‬‫البريطاني ويطالب بختان كل طفل حديث الولدة لن ذلك يحمي تقريبًا من كل المراض الص ق ّ‬
‫الستمناء ويطيل الحياة‪ ،‬وأن ذلك مفيد لقتصاد المستشفى والطققبيب‪ .‬وقققد أعيققد كتابققة نصققوص الكتققب الدراسقّية‬
‫الطّبية لدخال هذه القوال فيها‪.1‬‬

‫ل مققن أطفققال‬ ‫وجاء بعد ذلققك الطققبيب الققدانمركي »جققاكوب اوسققتير« فققأجرى عققام ‪ 1968‬بحثقًا علققى ‪ 1968‬طف ً‬
‫المدارس تتراوح أعمارهم بين ‪ 6‬إلى ‪ 17‬السنة‪ 2‬وقد بّين هذا الطققبيب غلققط خرافققة ضققيق الغلفققة الققتي كققان علققى‬
‫ل من العمققر لفصققل‬ ‫أساسها يجرى ختان الذكور‪ .‬وقد أوضح أن إلتصاق الغلفة تطّور طبيعي قد يستغرق عقدًا كام ً‬
‫الغلفة عن الحشفة‪ ،‬وأن كل محاولة لجبار الغلفة على النفصال عن الحشفة يؤّدي إلقى مضقاعفات طّبيققة بالنسقبة‬
‫للغلفة التي لم تكتمل بعد‪ .‬وقد لحظ أن عدم رجوع الغلفة إلى الخلف موجود في ‪ %8‬من الطفال بيققن عمققر ‪7-6‬‬
‫سنين‪ ،‬و ‪ %6‬من الطفال بين عمر ‪ 11-8‬سقنة‪ ،‬و ‪ %3‬مقن الطفقال بيقن عمقر ‪ 13-12‬سقنة‪ .‬وبّيقن أن إلتصقاق‬
‫الغلفة بالحشفة ينتهي تدريجّيا‪ .‬وقد رأى أن ثلث حالت فقط إستوجبت الختان‪ .‬وهو يعتققبر أنققه كققان مققن الممكققن‬
‫تفادي الختان في هذه الحالت الثلث لو أن الغلفة لم تمط بشّدة‪ .‬أي أن الختققان قققد تققم فققي هققذه الحققالت لصققلح‬
‫خطأ طّبي‪ .‬مّما يعني بأن القول بضرورة الختان لتفادي ضيق الحشفة قول مغلوط‪.‬‬

‫وهذه الحقائق التي كشف عنها الطبيبان البريطاني والدانمركي لم تلق طريقها إلى الوليات المّتحققدة حيققث إسققتمر‬
‫ختان حديثي الولدة بمعّدل ‪ %90‬في بعض المناطق‪ .‬ولكّنها أّثرت على تشخيص ضققيق الغلفققة مققن ِقَبققل الطّبققاء‬
‫الوروبيين واليابانيين معتبرين أن ضيق الغلفة يجب أن يكشف عنه من خلل التحاليل البكتيريولوجّية وليس كمققا‬
‫في الوليات المّتحدة من خلل مجّرد النظر إلى القضيب‪ .‬وقققد تققم إعققادة تعريققف ضققيق الغلفققة بصققورة أدق بققأنه‬
‫»حزاز متصّلب وضمور«‪ .‬فضيق الغلفة لم يعد ظاهرة مرضّية بل طبيعّية‪ .‬وقد تبّين لهقم أن أكقثر الحقالت القتي‬
‫يتم فيها الختان بسبب ضيق الغلفة ل تكشف عن حالققة مرضقّية‪ .‬وَقبققل إجققراء الختققان يجققب إجققراء فحققص طّبققي‬
‫ل حاجة لمثل تلك العملّية‪ .‬ففّرقوا ما بين ضققيق الغلفقة المرضققي‪ ،‬وضققيق الغلفقة الطققبيعي‪.‬‬
‫لمعرفة ما إذا هناك فع ً‬
‫وضيق الغلفة المرضي هو ذلك الضيق الناتج عن وجود ندوب وتصّلب في رأس الغلفة وتظهر من خلل التحليققل‬
‫البكتيريولوجي بأنه مصاب بق»التهاب جاف«‪.‬‬

‫وقد رأى الطّباء الوروبيون واليابانيون بأن ل حاجة لجراء الختان في حالة ضيق الغلفة الطققبيعي‪ ،‬ل بققل حّتققى‬
‫في حالة حصول إلتهاب‪ .‬فيكفي النصح بالنظافة وفصل اللتصاقات لعلج هذه الظاهرة‪ .‬وقد أوجد الطّباء علجقًا‬
‫ل عن الختان لمثل هذه الحالت يقدعى »جراحقة تعويضقّية« للغلفقة فقي حالقة عقدم وجقود نقدوب أو إصقابات‬ ‫بدي ً‬
‫مرض قّية‪ .‬وقققد حققاولوا علج حققالت ضققيق الغلفققة المرضققّية باسققتعمال مرهققم سققتيرويد يققدعى ‪clobetasol‬‬
‫‪ .propionate‬فقققد ثبققت نجققاح مثققل هققذا العلج فققي حققالت كققثيرة )بمع قّدل ‪ .(%88‬ويشققار هنققا أن الطّبققاء‬
‫البريطانيين‪ ،‬أكثر من غيرهم من الوروبيين‪ ،‬ما زالوا يميلون لجقراء الختقان لمعالجققة ضققيق الغلفقة حّتقى علققى‬
‫لت الطّبيققة‬
‫الطفال الذين ل يمكن أن يصابوا بضيق الغلفة المرضققي فققي مثققل سقّنهم‪ .‬وهققذا نققابع مققن تققأثير المج ّ‬
‫المريكّية بسبب وحدة اللغة النكليزّية بين البلدين‪ .3‬فما زال ‪ %53‬من حالت ختان الطفال في بريطانيا التي تتم‬
‫جة ضيق الغلفة‪ .‬ويقّدر عدد الطفال تحت سن السادسة عشر الذين‬ ‫حة الوطنّية تجرى بح ّ‬
‫تحت رعاية خدمات الص ّ‬
‫‪4‬‬
‫تم الختان عليهم في بريطانيا عام ‪ 1996‬بنسبة ‪ %5.1‬بسبب ضيق الغلفة ‪.‬‬

‫وتشير دراسة من كوريا الجنوبّية بأن أكثرّية الطّباء هناك ل يعرفققون مققا معنققى كلمققة ضققيق الغلفققة ‪phimosis‬‬
‫طي الحشفة‪ .‬حّتى أن عملية الختان ذاتها يطلقون عليها عمليققة ضققيق الغلفققة ‪phimosis‬‬ ‫ويعتبرونها الغلفة التي تغ ّ‬
‫‪.5 operation‬‬
‫‪Hodges: A short history, p. 28‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Øster: Further fate of the foreskin‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: The history of phimosis, p. 51-54‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Donnell, p. 63-64‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Pang; Kim; Kim: Male circumcision in South Korea, p. 74-75‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪355‬‬
‫ويبقى السؤال‪ :‬ما العمل إذا كانت غلفة الطفل ل ترجع إلى الخلف؟ والجواب بسيط‪ :‬يجب إبقاؤها على حالهققا إلققى‬
‫أن يكبر الطفل فيسحبها هو ذاته بيده دون ألم لن تلك هي الحالققة الطبيعّيققة عنققد غالبّيققة الطفققال‪ .‬فيجققب الكتفققاء‬
‫ل وتفادي شد الغلفة بالقّوة‪ .‬فشد الغلفة بالقّوة عند الطفل يؤّدي إلى تمّزق بالضققافة إلققى‬ ‫بغسل العضو التناسلي كام ً‬
‫إلتهاب الحشفة‪ ،‬وينتج عنه ندب وضيق الغلفة الخلفي‪ .‬ولذلك من الغلط تعليم الم إرجاع الغلفة عن الحشفة بشّدها‪.‬‬
‫وفي الحالت الصعبة‪ ،‬يمكن تدليك الغلفة بماء ساخن ومرهم )وليققس بالصققابون الققذي قققد يخلققق إلتهابققات(‪ .‬وفققي‬
‫الحالت القصوى‪ ،‬وهي نادرة‪ ،‬يمكن إجراء شق جراحي للغلفة‪ .‬ولكن في كل الحوال يجب تفقادي بترهقا بالكّليقة‬
‫ضح غبقاء مقن يجقري عملّيقة الختقان‬ ‫لنها عضو له وظيفة ُمهّمة في حماية الحشفة وفي العلقة الجنسّية‪ .‬وهذا يو ّ‬
‫في الّيام الولى من ولدة الطفل لن مثل هذه العملّية تؤّدي إلى شد الغلفة وتمزيق الحشفة ومزيد من النزيف‪.‬‬

‫وفيما يخص »ضيق الغلفة الخلفي« يرى طبيب معارض لختان الذكور أن هذه الحالة النادرة جّدا تنتج فققي حقيقققة‬
‫المر بسبب جهل الطبيب أو الممّرضة أو الم الذين يحاولوا شد غلفة الطفل لرجاعها بالقّوة خلف الحشققفة‪ .‬فهققذا‬
‫التصّرف بحد ذاته مغلوط ويؤّدي إلى توّرم الحشفة‪ .‬واللجوء إلى الختقان فقي هقذه الحالقة هقو غلطقة إضقافّية لن‬
‫ل مققن قطققع الغلفققة‪ ،‬يجققب كبققس الحشققفة بيققن البهققام والسقّبابة‬
‫قطع الغلفة يؤّدي إلى فقدان الحماية للحشفة‪ .‬لذا بد ً‬
‫سققف‬ ‫وإرجاع الغلفة عليها‪ .1‬ويذكر طبيب آخر بأن ضيق الغلفة الخلفي ليس مرض ولكن ناتج عن التص قّرف المتع ّ‬
‫بغلفة الطفل من ِقَبل أطفال تم تعليمهم بأنه عليهم شد الغلفة إلى الخلف دون إرجاعها إلى المام بعد ذلققك‪ .‬ويحققدث‬
‫ذلك عند الولد الكبر سّنا في حالة المراهنة أو الجرأة‪ .‬ويمكن حل هذه المشكلة مققن خلل شققق الغلفققة‪ .‬والختققان‬
‫ل في الحالت التي يتكّرر فيها هذا الوضع‪.2‬‬ ‫ليس ضرورّيا عمله إ ّ‬

‫‪ (2‬الختان لعلج إلتهاب المسالك البولّية‬


‫يرى مؤّيدو ختان الذكور ضرورة إجراء هذه العملّية للوقايققة مققن إلتهققاب المسققالك البولّيققة‪ ،3‬وأن هققذه اللتهابققات‬
‫أكثر إنتشارًا عند غير المختونين‪ .‬وسوف نعرض هنا آراءهم وآراء معارضققي ختققان الققذكور‪ ،‬بققادئين بالمصققادر‬
‫العربّية‪.‬‬

‫أ( المصادر العربّية‬

‫سان شمسي باشا في كتابه »أسرار الختان تتجّلى فقي الطقب الحقديث« فققرات مطّولقة عقن أبحقاث‬ ‫نقل الدكتور ح ّ‬
‫‪4‬‬
‫صة في الوليات المّتحدة نقتبس منها ما يلي ‪:‬‬‫جرت خا ّ‬
‫»أّكدت العديد من الدراسات الحديثة المنشورة عام ‪ 1989‬أن إحتمال حدوث إلتهاب المسالك البولّيققة‬
‫عند الطفال غير المختونين يبلغ ‪ 39‬ضعف ما هو عليه عند المختققونين‪ .‬ففققي دراسققة أجريققت علققى‬
‫أكثر من ‪ 400.000‬طفل وطفلة خلل عشر سنوات وجد الدكتور »وايزويل« وزملؤه إرتفاع نسبة‬
‫إلتهققاب المسققالك البولّيققة عنققد الطفققال الققذكور وذلققك نتيجققة لحققدوث اللتهققاب عنققد الطفققال غيققر‬
‫المختونين‪.5‬‬
‫وقد قّدر الباحثون أنه لو لم يجر الختان في الوليات المّتحدة فإنه سققتكون هنققاك عشققرون ألققف حالققة‬
‫أخرى من إلتهاب البويضة والكلية سنويًا‪.6‬‬
‫والتهاب المسالك البولّية عنققد الوليققدين قققد ل يكققون أمققرًا بسققيطًا‪ .‬فقققد وجققد البققاحثون أن ‪ %36‬مققن‬
‫الوليدين )وعمرهم أقل من شهر واحد( الذين أصققيبوا بالتهققاب فققي المسققالك البولّيققة قققد أصققيبوا فققي‬
‫الوقت ذاته بتسّمم في الدم بالجرثوم نفسه‪ .‬كما أنه حدثت بعض حالت إلتهاب السققحايا وقصققور فققي‬
‫الكليتين‪ .‬ول يقتصر المققر علققى هقذا فحسقب‪ .‬فقإن الختلطقات الطويلقة المققد للتهابققات المسقالك‬

‫‪Warren: Norm UK, p. 91‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Rickwood, p. 49‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Urinary tract infection‬‬ ‫‪3‬‬

‫باشا‪ ،‬ص ‪.39-37‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Wiswell: Declining frequency of circumcision‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Wiswell: Routine neonatal circumcision‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪356‬‬
‫البولّية عند الطفال قد تكون خطيرة‪ .‬فقد يحدث تنّدب في الكلية عند ‪ %15-10‬من هققؤلء الطفققال‪.‬‬
‫وقد يحصل إرتفاع في ضغط الدم أو قصور في الكليتين«‪.1‬‬

‫ل مشابهة عند الدكتور محّمد علي البار‪ .2‬وكل الطبيققبين يعتمققدان علققى كتابققات مؤّيققدي ختققان الققذكور‪،‬‬
‫ونجد أقوا ً‬
‫صة الدكتور »وايزويل«‪ ،‬أحد كبار الداعين للختان على جميع الطفال‪ .‬ولم يذكرا أي مصققدر معققارض لتلققك‬ ‫وخا ّ‬
‫الراء‪.‬‬

‫ب( المصادر الغربّية‬

‫لقد تم صياغة النظرّية القائلة بأن ختان الذكور يقي من إلتهاب المسالك البولّيققة فققي أواسققط الثمانينققات مققن القققرن‬
‫العشققرين‪ .‬فقققد تزايققدت الدراسققات حقول هققذا الموضققوع بصققورة مذهلقة مققا بيققن أعققوام ‪ 1966‬و ‪ 1989‬بمعقّدل‬
‫‪ %8650‬رغم عدم إرتفاع معّدل اللتهابات في تلك الفترة‪ .‬وأهم دراسة في هذا الموضوع هي تلققك الققتي قققام بهققا‬
‫الطبيب »وايزويل« على ‪ 5261‬طفل في المستشفيات المريكّية‪ .‬وقد إستنتج أن إلتهابات المسالك البولّيققة تصققيب‬
‫ل ‪ %0.14‬من الطفال المختققونين‪ .‬وهققذا يعنققي أن الطفققال‬ ‫‪ %1.4‬من الطفال غير المختونين‪ ،‬بينما ل تصيب إ ّ‬
‫غير المختونين أكثر عرضة بعشر مقّرات لتلققك اللتهابققات مققن الطفققال غيققر المختققونين فققي السققنة الولققى مققن‬
‫حياتهم‪ .‬وقد أّثرت هذه النظرّية على إنتشار ختان الذكور في الوليات المّتحدة لن التوقيققع بالموافققة علققى إجققراء‬
‫الختان تقوم به الّمهات‪ ،‬وليس الباء‪ .‬والنساء‪ ،‬كما هو معروف‪ ،‬أكثر عرضة للتهاب المسالك البولّية‪ .‬وهكذا تققم‬
‫تخويف الّمهات وإجبارهن على قبول ختان الذكور‪.3‬‬

‫ويرى معارضو الختان أن الدراسات التي بنيت عليها هذه النظرّية مشبوهة بسبب تحّيز أصحابها الواضح لصالح‬
‫الختان بالضافة إلى عدم وجود برهان علمي لهذه النظرّية‪.‬‬

‫فقد قام طبيب بدراسة على ‪ 25.000‬طفل وتبّين له بأن الختان ل يؤّثر بدرجة ملحوظة علققى عققدم الصققابة بمثققل‬
‫تلك اللتهابات‪ .‬وهذا يعني أن الختلف بين إستنتاج »وايزويل« واسققتنتاج غيققره يعققود إلققى إختلف فققي طريقققة‬
‫البحث‪ .‬فالمستشفيات العسكرّية التي قام فيها »وايزويل« ببحثه ل تعطي معلومققات مطمئنققة حققول أسققلوب تعققامله‬
‫ل يشد الغلفة لرجاعها بقّوة إلى الخلف‪ ،‬مّما يؤّدي إلى إنتقال الجراثيققم عققبر فتحققة البققول‪.‬‬‫مع غلفة الطفل‪ .‬فهو مث ً‬
‫كما أنه يغسل القضيب بالصابون مّما يقتل البكتيريا الضعيفة ويترك البكتيريا القوّية في مكانهققا‪ .‬وهققذه التصقّرفات‬
‫غير الصحيحة تضعف مناعة الطفل‪ .‬فإذا كانت أرقام »وايزويل« صحيحة‪ ،‬فهي تعنققي أن اللتهابققات هققي نتيجققة‬
‫الغسيل بالصابون وشد الغلفة وليس نتيجة بقاء الغلفة‪.4‬‬

‫وتقول دراسة قّدمت في المؤتمر السنوي لطب الطفال عام ‪» :1997‬سواء كان الطفل مختونًا أو غير مختون فإن‬
‫وجود الصابة بمثل هذه اللتهابات حّتقى الشقهر السقادس تحقدث فقي حقالت الصقابة بتشقّوه خلققي فقي الجهقاز‬
‫البولي‪ .‬وأّما عند غير المصابين بمثل هذا التشّوه‪ ،‬فإن اللتهققاب يوجققد فققي كققل مققن المختققونين وغيققر المختققونين‬
‫بنفس النسبة«‪ .‬ويتساءل الدكتور »فليس« عن السبب وراء عدم نشر هذه الدراسة كاملة‪ .‬ومن وراء تساءله شققك‬
‫بأن السبب هو التحّيز للنظرّيات المؤّيدة للختان في الوليات المّتحدة‪.5‬‬

‫ويضيف معارضو الختان بأن نظرّية الدكتور »وايزويل« تشوبها أخطاء منطقّية‪:‬‬
‫ل لمن ختن في السنة الولى‪ ،‬أّما بعققد السققنة‬‫‪ -‬على فرض أن هذه النظرّية صحيحة‪ ،‬فإنها ل تصلح إ ّ‬
‫الولى فإن الطفل يتعّدى مرحلة الخطر‪.‬‬

‫‪Wiswell: Routine neonatal circumcision‬‬ ‫‪1‬‬

‫البار‪ :‬الختان‪ ،‬ص ‪.77‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Hodges: A short history, p. 33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 105-106‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Fleiss: An analysis, p. 397‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪357‬‬
‫‪ -‬ل تأخذ هذه النظرّية بالعتبار مخاطر عملّية الختان والققتي تققتراوح بيققن ‪ %0.2‬و ‪ .%38‬فللختققان‬
‫مضاعفات ل يقل عددها عن العشققرين ذكرناهققا سققابقًا بالضققافة إلققى فقققدان الغلفققة وإبطققال دورهققا‬
‫الوظيفي‪ .‬وهذه المخاطر أكبر من مخاطر إلتهاب المسالك البولّية‪.‬‬
‫‪ -‬هنققاك وسققائل أنجققع لعلج مثققل هققذه اللتهابققات بالتلقيققح ضققد العققراض المرضقّية الققتي تصققيب‬
‫المسالك البولّية‪ ،‬واستعمال المضاّدات الحيوّية‪ .‬فهذه وسائل أكثر فائدة من قطع عضو سليم بالختان‪.1‬‬
‫‪ -‬الختان هو بتر عضو سليم له وظيفة‪ .‬والختان يتم للوقاية من أمراض غير مؤّكدة‪ .‬فإذا كّنا نريققد أن‬
‫نطّبق مبدأ الوقاية بالجراحة لكان يجب أيضًا أن نخلع كل السنان لكي نتفادى تسوس السنان‪ ،‬وهققو‬
‫أمر مؤّكد ‪ %100‬ولكّنه مبدأ غير منطقي‪.‬‬
‫‪ -‬إن النساء يصبن أكثر من الذكور بالتهاب المسالك البولّية‪ .‬وليققس هنققاك أي طققبيب ينصقح بققإجراء‬
‫ختان النساء لتفادي إلتهاب المسالك البولّية عندهن‪ .‬فهذه اللتهابات يتم علجها بالمضاّدات الحيوّية‪.2‬‬
‫‪ -‬هذه النظرّية في أحسن الحوال تساعد على تفادي حدوث هقذا اللتهقاب فقي ‪ %1.1‬مققن الطفقال‪.‬‬
‫وقققد إسققتعملت لتققبرير بققتر أعضققاء سققليمة لق ق ‪ %99‬مققن الطفققال الققذين ل يتعّرضققون لمثققل هققذه‬
‫اللتهابات‪.3‬‬
‫‪ -‬بإزالة الغلفة تصبح الحشفة وفتحة البول معّرضتان للبراز والملبس الملّوثة‪ .‬مّما يعنققي أن الختققان‬
‫ل من أن يكون عامل حماية منها‪.4‬‬ ‫هو عامل مساعد لحدوث مثل هذه اللتهابات بد ً‬

‫ويقول طبيب بريطاني بأنه إذا ما ُقبلت أرقام »وايزويل« وغيره فإن هذا يعنقي بققأنه يجقب ختققن ‪ 100‬طفققل حّتقى‬
‫نتمّكن من التقليل من خطر إصابة طفل واحد من إلتهاب المسالك البولّيققة‪ ،‬دون إلغققاء هققذا الخطققر تمامقًا‪ .‬وإذا مققا‬
‫قارّنا التكلفة بالفائدة‪ ،‬فإن ذلك لن يغّير طريقة تصقّرف الطّبققاء فققي أوروبقا‪ .‬والحققالت الوحيقدة الققتي يمكققن فيهقا‬
‫إجراء الختان هو عندما يكون الطفل مصابًا بعاهة بولّية تؤّدي إلى إلتهاب المسالك البولّية دون حصول فققائدة مققن‬
‫المضاّدات الحيوّية‪.5‬‬

‫‪ (3‬الختان وعلج إلتهاب الحشفة والغلفة‬


‫تحدث أحيانًا إلتهابات شاّدة بالحشفة أو بالغلفة أو بهما معًا‪ .‬ويرى مؤّيدو ختان الذكور أنه وسقيلة للوقايقة مقن هقذه‬
‫إلتهابات‪ .‬وسوف نعرض هنا آراءهم وآراء معارضي ختان الذكور‪ ،‬بادئين بالمصادر العربّية‪.‬‬

‫أ( المصادر العربّية‬

‫نقرأ عند الطبيب العربي الشهير الزهراوي تحت عنوان‪» :‬فققي البقثر الققذي يعققرض فققي الغلفقة والكمقرة والسقواد‬
‫والفساد والتصاق الغلفة بالكمرة« ما يلي‪:‬‬
‫»كثيرًا ما يعرض هذا البثر في الحليل وهو نتو لحمي سمج ويكون منه خبيث وغير خققبيث‪ .‬فققالغير‬
‫خبيث ينبغي أن تعّلقه بصّنارة لطيفة وتقطعه حّتى ُتَنّقه كّله ثم تحمل عليه قطنة مغموسة فققي المرهققم‬
‫المصري ثم تعالجه بعد ذلك بالمرهم النخلي حّتى يبرأ‪ .‬وأّما إن كان البثر خبيثقًا سققمج اللققون فينبغققي‬
‫أن تستعمل فيه الكي بعد قطعه وجرده‪ .‬فإن كان البثر في غلفة علج ]أي غير المسلم[ لم يختقن وكقان‬
‫بعض البثر من داخل الغلفة وبعضه من خارج فينبغي أن تنتزع البثر الققذي مققن داخققل أّول حّتققى إذا‬
‫إندمل فحينئذ فعالجه من خارج لنك متى عالجتهما معًا لم تأمن الغلفة أن تنثقب‪ .‬وقققد يعققرض أيض قًا‬
‫في النثيين وفي الغلفة سواد وفساد فينبغي أن تقّور جميع ما قققد إسققود وهقّم أن يفسققد أو قققد فسققد ثقّم‬
‫ألطخ عليه بعد ذلك العسل مع قشور الرّمقان المقدقوق المنخققول والكرسقّنة ثققم تعققالجه بسقائر العلج‬
‫حّتى يبرأ‪ .‬فإن عرض نزف دم فاسُتعِمل الكي بمكواة هللّية على هذه الصقورة ]يتبعقه رسقم لللقة[‪.‬‬

‫‪Warren: NORM UK, p. 97‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Goldman: Circumcision the hidden trauma, p. 30-31‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Prescott: Genital Pain, p. 14‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Ritter, p. 32-1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Rickwood, p. 49‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪358‬‬
‫فإن الكي نافع للحالتين جميعًا‪ ،‬أعني نزف الدم والجرح إذا فسد‪ .‬فإن تآكلت الكمققرة وذهبققت بأسققرها‬
‫في وقت ما فينبغي أن تدخل في مجرى الذكر أنبوبًا من رصاص ليبول العليل عليه«‪.1‬‬

‫يلحظ هنا أن الزهراوي لم يقترح الختان لعلج مثل هذه العاهات‪ .‬فالزهراوي يلتزم هنا في علجه بالمبدأ الطّبققي‬
‫الخلقي القائل بعدم إجراء جرح أكثر مّما تستلزمه الحالة المرضّية‪ ،‬على عكس كثير من الطّباء الحاليين الققذين‬
‫يسارعون باقتراح الختان كما هو المر مع الطّباء العرب الحاليين‪.‬‬

‫يقول الدكتور عبد الرحمن القادري في تعريف إلتهاب الحشفة والغلفة‪» :‬هو إلتهاب حاد أو مزمن يصققيب الحشققفة‬
‫والوجه الباطن للحشفة ]‪ [...‬وبجانب التغييرات السطحّية التي يحدثها هذا اللتهاب هناك ثققم تقّرحققات وانكماشققات‬
‫قد تحدث أثناء سيره«‪ .‬ثم يستعرض القادري أسباب ظهور هذا المرض وهي كثيرة منها‪» :‬تخريش اللخن ]المققاّدة‬
‫ظفققات المحتبسققة‪ ،‬البققول‪ [...] ،‬والغلفققة‬
‫طبة[‪ ،‬وتخريش كل من القلوّيققات الناجمققة عققن بقايققا الصققوابين والمن ّ‬‫المر ّ‬
‫حية‪ .‬لكّنه رّبما كان أكبر منبع شائع محدث لهذا اللتهاب هو‬ ‫صة التي أهمل العناية بها من الناحية الص ّ‬ ‫الطويلة بخا ّ‬
‫الرطوبة التي تنجم عن عدم القيام بتجفيف الغلفة والحشفة بعد الستحمام عنققد غيققر المختققونين«‪ .‬فهققذا فققي نظققره‬
‫ل‪» :‬يبدو أن كثرة نكس هذا اللتهاب الناجم عن أسباب غير‬ ‫شط الجراثيم المختبئة داخل الغلفة‪ .‬ويختتم كلمه قائ ً‬ ‫ين ّ‬
‫نوعّية إّنما يرجع لتعّدد الليات المراضّية السقابقة‪ ،‬وبسقبب ذلقك يمكقن السقتنتاج بقأن القيقام بقإجراء الختقان لقه‬
‫تأثيرات هاّمة في طلب الشفاء«‪.2‬‬

‫ب( المصادر الغربّية‬

‫يرى معارضو ختان الذكور أن إلتهاب الحشفة والغلفة هو مرض نادر الحصول إذا ما تم المحافظة علققى النظافققة‬
‫العتيادّية كما هو المر لباقي الجسم‪ .‬وقد بّينت دراسة أن هذا المققرض أقققل إنتشققارًا بيققن المختققونين‪ ،‬ولكققن ذلققك‬
‫ليس ثابت علمّيا‪ .3‬ولذلك ل يمكن إجراء الختان لجميع الطفال للوقايقة منقه لن مخقاطر عملّيقة الختقان أكقبر مقن‬
‫مخاطر هذا الداء الذي يمكن أن يشفى بمرهم ستيرويد الشبيه بالكولستول أو بتعريضه لشعة الليزر‪ .‬وإذا مقا كقان‬
‫هناك ضرورة لبتر الغلفة‪ ،‬فيجب البقاء على أكبر قدر ممكن من جلد القضققيب وأن يتققم القطققع فقققط علققى منطقققة‬
‫اللتهاب وأن ل يمس اللجام الحشفي‪ .4‬وتقول ممّرضة أن الطبيب الققذي ينصققح العائلققة بالختققان لتفققادي مثققل هققذه‬
‫العاهة هو كمن ينصح الم عدم إرضاع أبنها بثدييها واستبدال ذلك بقّنينة الحليب لن الرضاع بالثققدي قققد يس قّبب‬
‫توّرم الحلمة أو الثدي‪ .‬والغلفة في هذه الحالة عاّمة تحمي من مثل هذا اللتهاب إذا ما لعبت دورهققا كعامققل وقققائي‬
‫للحشفة ضد تجّمع البول المتراكم في ملبس الطفل‪.5‬‬

‫ل إذا‬‫ويقول طبيب بأنه في حالة إلتهاب الحشفة والغلفة الشديد‪ ،‬فإن الختان غير ضروري حتمًا ويجققب أن ل يتققم إ ّ‬
‫خل جراحي يؤّدي إلى نتيجة أكثر خطرًا من المرض ذاته‪ .‬ويمكن هنققا‬ ‫كان هناك تكرار لمثل هذا اللتهاب‪ .‬فهذا تد ّ‬
‫إقتراح عملّية بديلة للختان من خلل رأب الغلفة وليس قطعها‪ .‬والنتيجة هققو أن الغلفققة يمكققن إرجاعهققا تمامقًا إلققى‬
‫الخلف‪.6‬‬

‫كما أصدرت الكاديمّية المريكّية لطب الطفال كتّيبا بخصوص العناية بالقضيب غير المختون يقول‪:‬‬
‫ساسة وتتهّيج بسهولة بالبول والبراز‪ .‬والغلفة تحمي الحشفة‪،‬‬ ‫»وظيفة الغلفة‪ :‬إن الحشفة في الولدة ح ّ‬
‫صققة فتحققة البققول قققد تصققبح متهّيجققة‬
‫وبالختان تفقد هذه الحماية‪ .‬وفققي هققذه الحالققة فققإن الحشققفة وخا ّ‬
‫وتصاب بالمكروبات مسّببة تقّرحات وضيقًا في فتحة البققول‪ .‬ومثققل هققذه المشققاكل ل وجقود لهققا فققي‬
‫القضيب غير المختون‪ .‬إن الغلفة تحمي الحشفة مدى الحياة«‪.7‬‬

‫النص العربي في ‪Albucasis, p. 393-395‬‬ ‫‪1‬‬

‫القادري‪ ،‬ص ‪.77-76‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Warren: Norm UK, p. 91-92‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Lander: The human prepuce, p. 83‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Romberg: Circumcision, p. 341-342‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Rickwood: Medical indications for circumcision, p. 48‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪AAP: Care of the uncircumcised penis, 1984; Ritter, p. 36-2‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪359‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬المعالجة الطّبية لثار الختان الضاّرة‬
‫الختان وباء طّبي له آثاره الضاّرة كما رأينا في الفصول السققابقة‪ .‬وقققد قققام البعققض بققاقتراح وسققائل لمعالجققة تلققك‬
‫الثار الضاّرة على كل من الناث والذكور‪ .‬ونكتفي هنا بذكر الوسائل الطّبية ونحيل القققارئ إلققى الفصققل الخيققر‬
‫من القسم القادم فيما يخص الوسائل الوقائّية والعلجّية النفسّية والجتماعّية‪.‬‬

‫الفرع الّول‪ :‬المعالجة الطّبية لثار ختان الذكور‬


‫يجد القارئ في الكتب والمقالت الطّبية ذكر لعملّيات مختلفة يقصد منهققا إسققتعادة وظيفققة القضققيب ولققو جزئّيققا أو‬
‫لزالة التشويه الخارجي الحادث له‪ .‬وفي بعض الحيان يقوم الطبيب بإزالة ما تبّقى من العضاء التناسلّية للققذكر‬
‫وعمل ثقب له وتحويله إلى أنثى‪ .1‬والذي يهّمنا هنا هو عملّية إسترجاع الغلفة التي تتم بالوسائل الجراحّيققة أو غيققر‬
‫الجراحّية‪ ،‬مرّكزين على هذه الخيرة التي عرفت في الماضي وبققدأت تمتققد مققن الوليققات المّتحققدة إلققى عققدد مققن‬
‫الدول الغربّية‪ .‬ويشار هنا إلى أن عملّية ختان الذكور قد تكون العملّية الجراحّية الوحيدة التي يحاول من تعّرضققوا‬
‫لها إلغاء آثارها باذلين لذلك المال والوقت والجهد‪ .‬وهذا يعني بحققد ذاتققه أن عملّيققة الختققان هققي عملّيققة فاشققلة مققن‬
‫ل لها‪.‬‬
‫ل من أن تحل مشاكل فإنها تتطّلب ح ً‬
‫بدايتها وبد ً‬

‫‪ (1‬عملّية إسترجاع الغلفة في التاريخ‬


‫تقول الروايات اليهودّية أن عيسو إبن إسحاق هو أّول من قام بشد غلفته لطالتها وإلغاء علمققة الختققان‪ ،‬وأن هققذا‬
‫هو سبب لعنه من ال‪ .2‬وفي العصر اليوناني )‪ 30-323‬ق‪.‬م( خضققع كققل اليهققود تحققت سققيطرة اليونققان بعققد فتققح‬
‫السكندر الكبير لمنطقة الشرق الوسط‪ .‬وتذكر التوراة أن بعض اليهققود قققد َقبلققوا النققدماج فققي المجتمققع الجديققد‪.‬‬
‫فبنوا ملعبًا رياضّيا في القدس‪ .‬وقام بعضهم بترك الختان وإلغاء علمة الختان بمط جلد القضيب لسترجاع الغلفققة‬
‫)‪ 1‬المكابيين ‪ .(48 15:1‬وقد ساند موجة الندماج هذه إصدار الملك أنطيوخس قوانين عام ‪َ 168‬قبل المسيح تمنع‬
‫الختان باعتباره علمة تمييز بين الشعوب ورفضًا للندماج‪ .‬وكان مراقبو الملك‪ ،‬بمقتضى هذه القوانين‪» ،‬يقتلققون‬
‫النسققاء اللققواتي ختققن أولدهققن‪ ،‬ويعّلقققون أطفققالهن فققي أعنققاقهن‪ ،‬ويقتلققون أيضقًا أقققاربهن والققذين ختنققوهم« )‪1‬‬
‫المكابيين‪ .(61-60 :1 :‬وقد حدث من جّراء ذلك ثورة من اليهود المتزّمتين بين عام ‪َ 160-167‬قبل المسيح ختن‬
‫خللها رجال الدين »بالقّوة كل من وجدوه في بلد إسرائيل من الولد الغلف« )‪ 1‬المكابيين‪ .(46 :2 :‬ولنا عودة‬
‫إلى هذا الحدث في القسم القانوني‪.‬‬

‫وقد جاء في رسالة للقّديس بولس ذكر لعملّية إسترجاع الغلفة‪ .‬فهو يقول‪:‬‬
‫»فليسر كل واحد في حياته على ما قسم له الرب كما كققان عليققه إذ دعققاه القق‪ .‬وهققذا مققا أفرضققه فققي‬
‫الكنائس كّلها‪ .‬أدعي أحد وهو مختون؟ فل يحاولن إزالة ختانه‪ .‬أدعققي أحققد وهققو أغلققف؟ فل يطلبققن‬
‫الختان‪ .‬ليس الختان بشيء ول الغلف بشيء‪ .‬بل الشيء هو حفظ وصقايا الق‪ .‬فليبقق كقل واحقد علقى‬
‫الحال التي كان فيها حين دعي« )‪ 1‬قورنتس ‪.(20-17:7‬‬

‫وقد تكون ظاهرة إستعادة الغلفة التي يتكّلم عنها القّديس بولس مرتبطة برغبة بعققض اليهققود فققي قطققع الصققلة مققع‬
‫دينهم القديم عند تحّولهم إلى المسيحّية‪ .‬ولكن بولس إعترض على هذا الفعل‪ .‬وهناك ذكر لعملّيققة إسققترجاع الغلفققة‬
‫في التلمود‪.3‬‬

‫ل مقال ‪Crowley; Kesner, p. 320-321‬‬ ‫أنظر مث ً‬ ‫‪1‬‬

‫كما يظهر في سفر التكوين‪ ،‬فصل ‪ 25‬و ‪ 27‬و ‪ .28‬أنظر بخصوص تلك الروايات اليهودّية ‪Ginzberg, vol. V, p.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪273‬‬
‫‪The Talmud of the Land of Israel, vol. 11, Shabbat, p. 459; Babylonian Talmud, vol. XIII.C:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Tractate Yebamot, chap. 7-9, p. 49‬‬


‫‪360‬‬
‫ولفهم ظاهرة إسترجاع الغلفة يجب أن نعرف أن ظهققور الحشققفة وانتصققاب القضققيب فققي أمققاكن اللعققب والحّمققام‬
‫والمسارح‪ ،‬حيث المشاركون عراة‪ ،‬كان مخالفقًا للمققوازين الخلقّيقة والجمالّيققة عنقد اليونققانيين والرومققان‪ ،‬ومقن‬
‫تظهر حشفته كان محل سخرية الجمهور‪ .‬ولتفادي ذلك كانت العادة أن يشد الرجل غلفته ويشبكها بخيققط أو بملقققط‬
‫طيها‪ ،‬أو كان يمّرر القضيب عبر أنبوب معدني ثقيل على شكل قمع يدعى »الثقققل اليهققودي«‬ ‫فوق الحشفة حّتى يغ ّ‬
‫تكون حاّفته الضّيقة خلف الحشفة بعد شد الغلفة عليها‪ ،‬فيمنع هذا الثقل رجوع الغلفة إلققى الققوراء‪ .‬ذكققر هققذا الثقققل‬
‫»مارسيال« )توافي حوالي عام ‪.1(104‬‬

‫وقد وصف الطبيب الروماني »شيلسوس« )توّفى قرابة عام ‪ 2(50‬عملّيتين جراحّيتين الغاية منهما تغطيققة الحشققفة‬
‫لمن كان عنده نقص في جلد القضيب وذلك »لجل الزينة« ‪ .decoris causa‬تجرى إحدى هاتين العملّيتين بقص‬
‫جلد القضيب فوق العانة ومط الجلد وربطه فوق الحشفة مقع إبقققاء ثقققب للبقول حّتقى يشققفى الجققرح‪ .‬وأّمقا العملّيققة‬
‫الثانية والتي يقترحها »لمن ختن حسب عادات بعض الجناس«‪ ،‬فتتم بمط الجلد فوق الحشفة وإبقائه ممطوطًا مقن‬
‫خلل ضّمادة على طول القضيب من قاعدته‪ .‬وحّتى يتم الحد من إنتصققاب القضققيب خلل تلققك العملّيققتين‪ ،‬ينصققح‬
‫هذا الطبيب بغذاء خاص‪ .3‬وبين المؤّرخ اليهودي »يوسيفوس« أن أساليب إسترجاع الغلفققة كققانت ناجحققة لدرجققة‬
‫عدم إمكانّية التفريق بين مختون وغير مختون‪.4‬‬

‫ويشار هنا إلى أن المبراطورّية الرومانّية أعفت اليهود من النخراط فققي الجيققش والمشققاركة فققي القرابيققن الققتي‬
‫تقّدم لللهة‪ .‬وقد فرض المققبراطور »دوميسققيانوس« )تققوّفى عققام ‪ (96‬ضققرائب بديلققة عليهققم تققدعى »الضققريبة‬
‫اليهودّية«‪ .‬وقد كان الختان علمة للتحّري عن هوّيتهم‪ ،‬مّما دفع بعققض اليهققود المتهّربيققن مقن الضققريبة إلققى مققط‬
‫غلفتهم حّتى يظهروا غير مختونين‪ .‬وعلى العكس من اليهود‪ ،‬كان بعض المسيحّيين يلجأون للختان ليسققتفيدوا مققن‬
‫العفاء المذكور ويتخّلصوا من إضطهاد اليهود لهم‪ .‬وقد ألغى المبراطور »نيرفا« عام ‪ 96‬أسلوب التح قّري هققذا‬
‫دون إلغاء الضريبة ذاتها‪.‬‬

‫وحّتى يعّقدوا عملّية إسترجاع الغلفة‪ ،‬تشّدد رجال الدين اليهود في الختققان فققأدخلوا عملّيققة السققلخ )بيريققا(‪ .‬وكققانوا‬
‫يطالبون من إستعاد غلفته بأن يختن من جديد‪ .‬وقد يتم ختققانه أربققع أو خمققس مقّرات متتاليققة حّتققى تظهققر الحشققفة‬
‫عارية‪ .‬ورغم هذا التشّدد بالختان‪ ،‬فإننا نجد إستعمال عبارة »الثقل اليهودي« عّدة قرون بعد ذلك في إسققبانيا‪ .‬وقققد‬
‫تعّرض الطّباء خلل العصور لعملّيات إلغاء الختقان وشقد الغلفقة مشقابهة لتلقك القتي وصقفها الطقبيب الرومقاني‬
‫»شيلسوس«‪.5‬‬

‫حكققم النققازي‬
‫وقد عاد ظهور إستعادة الغلفة بين اليهود في زمققن إضققطهادهم فققي الحققرب العالمّيققة الثانيققة تحققت ال ُ‬
‫‪ .1945-1930‬فقد كان الختان علمة للتعّرف عليهم لنهقم كقانوا المجموعقة الوحيققدة الققتي تختققن إذا مقا إسقتثنينا‬
‫بعض الفراد‪ .‬حّتى أن المسيحي المختون كان عليه أن يحمققل شققهادة العّمققاد لثبققات كققونه غيققر يهققودي‪ .‬فحققاول‬
‫بعض اليهود إبقاء أطفالهم غير مختقونين للهققرب مقن الضققطهاد‪ ،‬وأّمقا المختونقون فقققد حققاولوا إسققتعادة غلفتهقم‬
‫بالساليب الجراحّية مقابل مبالغ طائلة لدى أطّباء بولنديين كانوا يسققتغّلون ضققيقتهم‪ .‬ول يعققرف مققدى نجققاح تلققك‬
‫العملّيات‪.6‬‬

‫وقد ترعرعت ظاهرة إسترجاع الغلفة ضمن حركة مكافحققة الختققان الققتي شققهدتها الوليققات المّتحققدة فققي العقققدين‬
‫الخيرين حيث تم تطوير أسلوب غير جراحي لهذا الغرض‪ .‬وقد بدأ ذلك من ِقَبل أفراد بالخفيقة‪ .‬وفققي عققام ‪1982‬‬
‫سست مجموعة تدعى »الخوة المّتحدون لغلفة المستقبل«‪ 7‬كان لها الفضل في إنتشار هذا السلوب‪ .‬ثم قام »جيم‬ ‫تأ ّ‬

‫‪ .Martial: Epigrammes, 7:35:1-4‬أنظر الرسم في ‪Brandes; McAninch, p. 109‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Celsus: De medicina, book VII, 25, p. 421-425‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر رسم العملّيتين في ‪Brandes; McAninch, p. 110‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Josephus: Jewish antiquities, VII, 241, p. 123‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ .;Schultheiss, p. 288-290‬بخصوص الجزء التاريخي‪ ،‬أنظر ‪Bigelow, p. 61-68‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪Schultheiss, p. 290; Brandes; McAninch, p. 111‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪Brothers United for Future Foreskin - BUFF‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪361‬‬
‫بيجلو« في عام ‪ 1991‬بتأسيس مركز‪ 1‬هدفه تقديم معلومات لستعادة الغلفة بالسلوب الجراحي وغيققر الجراحققي‪.‬‬
‫وقد نشر كتابًا في هذا الموضوع هو الن في طبعته الثالثققة يحتققوي علققى معلومققات قّيمققة عققن ختققان الققذكور فققي‬
‫صة في الوليات المّتحدة‪ .‬وقد بيع منه أكثر من عشققرة آلف نسققخة‪ .‬وقققد تبّنققت فكققرة إسققتعادة الغلفققة‬
‫التاريخ وخا ّ‬
‫المجموعات المختلفة التي تناهض الختان داخل وخارج الوليات المّتحدة‪.‬‬

‫سسي »الجمعّية الوطنّية للرجقال القذين يسققتعيدون غلفهققم« عققدد الققذي إسققتعادوا‬‫ويقّدر »وين جريفيتس«‪ ،‬أحد مؤ ّ‬
‫‪2‬‬
‫سست عققام‬ ‫الغلفة بهذه الطريقة بقرابة ‪ 7000‬شخص ‪ .‬وهذه الجمعّية لها ‪ 20‬فرعًا في دول مختلفة‪ ،‬منها جمعّية تأ ّ‬
‫‪3‬‬
‫سس الجمعّية الم أكثر من خمسة آلف رسالة تستفسققر عققن الموضققوع ‪ .‬وهققذه‬ ‫‪ 1994‬في بريطانيا‪ .‬وقد إستلم مؤ ّ‬
‫‪4‬‬
‫العداد هي دليل على وجود تمّرد فعلي ضد ختان الذكور وإحساس بعدم الرضى عند ضحاياه ‪.‬‬

‫‪ (2‬كيفّية إسترجاع الغلفة بأسلوب غير جراحي‬


‫يجد القارئ في كتاب »جيم بيجيلو«‪ 5‬وعلى شبكة النترنيت‪ 6‬معلومات كقثيرة عقن طقرق إسقتعادة الغلفقة بطريققة‬
‫غير جراحّية‪ .‬وهذه المصادر تنّبه بأنه يجب عدم إعتبارها إرشادًا طّبيا وأن على من يرغقب فقي إسقترجاع غلفتقه‬
‫أن يقرأ هذه المعلومات بدّقة قبل أن يبدأ عمله‪ ،‬وأن يعمل تحت إشراف طبيب‪ .‬وهذا التنبيه‪ ،‬بالضافة إلى حرصه‬
‫على سلمة الشخص‪ُ ،‬يقصد منه تفققادي الملحقققات القضققائّية لن القققانون يحمققي المهققن الطّبيققة ول يسققمح لحققد‬
‫بإعطاء نصائح ذات طابع طّبي دون ترخيص خاص من الجهات المسؤولة‪ .‬وإرسال الشخص إلى الطققبيب يقصققد‬
‫منه إطلع هذا الخير على وجود تّيار معادي للختان وتثقيفه في سبل إسترجاع الغلفة وحّثققه لعققدم المشققاركة فققي‬
‫عملّيات ختان أخرى لحقًا‪.‬‬

‫طاطّيققة‪ .‬فققإذا مققورس ضققغط‬


‫وعملّية إسترجاع الغلفة بأسلوب غير جراحي تعتمد على مبدأ أن الجلد له خققواص م ّ‬
‫طقي‬
‫على الجلد بمّده‪ ،‬فإن الجلد يكّون خلّيات جديدة‪ .‬ولتعويض مقا قطقع بالختققان‪ ،‬يتقم مقط جلقد القضقيب حّتقى يغ ّ‬
‫الحشفة لعتبارات سنراها لحقًا‪ .‬وإذا كان جزءًا كبيرًا من جلد القضيب ققد قطقع‪ ،‬يجققب البقدء بالمرحلققة الولققى‪.‬‬
‫ل‪ ،‬فيمكن البدء بالمرحلة الثانية أو الثالثة‪:‬‬
‫وأّما إذا كان القطع قلي ً‬

‫المرحلة الولى‪:‬‬

‫يمط جلد القضيب فوق الحشفة ويلصق بشريط لبقائه فوقها‪ .‬ويمكن هنا‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -‬إّما لصق الشريط وإزالته كّلما دعت الحاجة للتبّول مث ً‬
‫‪ -‬أو ترك الشريط لمّدة ثلثة أو أربعة أّيام حّتى يرتخي الشريط‪ .‬وفي هذه الحالة يجب إيجققاد طريقققة‬
‫للتبّول دون إزالة الشريط‪.‬‬
‫‪ -‬أو لصق شريط حول القضيب ولصق شريط آخر فوق الشريط الّول‪ .‬وفي هذه الحالة يمكن إزالققة‬
‫الشريط الثاني دون إيذاء الجلد مع البقاء على الشريط الّول‪.‬‬

‫وحّتى تضيف قّوة لعملّية مط الجلد‪ ،‬يمكققن تثققبيت ثقققل رصققاص بالشققريط يتققدّلى مققن القضققيب يشققبه الثقققل الققذي‬
‫يستعمل لبقاء صّنارة صيد السمك تحت الماء‪ .‬ويجب هنققا تغطيققة الثقققل بشققريط قمققاش حّتققى ل يققؤذي القضققيب‪.‬‬
‫ووزن الثقل هنا يمكن أن يكون ‪ 60‬غراما أو أكثر‪ .‬ويجققب تفققادي إسققتعمال مثققل هققذا الثقققل خلل النققوم‪ .‬وتنتهققي‬
‫المرحلة الولى عندما ل يحس المرء بضغط على الجلد فوق الحشفة‪ .‬وهنا يمكن إّما إيقاف عملّية إسترجاع الغلفققة‬
‫أو المرور إلى المرحلة الثانية‪.‬‬

‫‪Uncircumcising information and resources center - UNCIRC‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Burrington‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Griffiths, p. 297, 301‬‬ ‫‪3‬‬

‫بخصوص تاريخ إسترجاع الغلفة في العصر الحديث‪ ،‬أنظر ‪Bigelow, p. 121-130; Schultheiss‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ Bigelow‬ومقال »جون وارين« ‪Warren: Foreskin restoration‬‬ ‫‪5‬‬

‫إبحث تحت عبارة ‪Foreskin restoration‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪362‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬الحلقة اللصقة‬

‫في هذه المرحلة‪ ،‬يمط جلد القضققيب فققوق الحشققفة ويلصققق حققوله الشققريط بحيققث يكقّون حلققة تمنققع الحشققفة مققن‬
‫النزلق خارجه ولكن تسمح بمرور البول‪ .‬ويمكن إزالة الحلقة عند التبّول إذا كققان هنقاك إحراجقًا مققا‪ .‬كمقا تقزال‬
‫عند العلقة الجنسّية أو عندما ترتخي‪ .‬ويمكن الحتفاظ بالحلقة لعّدة أّيققام متواليققة‪ .‬كمققا أنققه بالمكققان إضققافة وزن‬
‫لهذه الحلقة كما في المرحلة الولى‪ .‬وهنا يعمل جرس مثقوب للتبّول يحبس داخل الحلقة فققوق الحشققفة تتققدّلى منققه‬
‫سلسلة تنتهي بثقل‪ .‬ويجب إزالة الثقل خلل النوم‪ .‬وتنتهي المرحلة الثانية عندما ل يحس المرء بضغط على الجلد‪.‬‬
‫وهنا يمكن إّما إيقاف عملّية إسترجاع الغلفة أو المرور إلى المرحلة الثالثة‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬إستعمال آلت لمط الجلد‬

‫طاط بجلد القضيب وربققط الطققرف‬ ‫هناك عّدة وسائل إستعملها البعض لمط جلد القضيب منها ربط طرف شريط م ّ‬
‫الخر بالركبة‪ .‬وهنا يستعمل لربط جلد القضيب نفس أسلوب الثقل الذي ذكرناه في المرحلتين السققابقتين‪ .‬فيوضققع‬
‫طاطي فوق الحشفة ثم يمط الجلد من فوقه ويربط بصورة حلقة كما ذكرنا فققي المرحلققة الثانيققة‪ .‬ويمكققن‬
‫مخروط م ّ‬
‫إستعمال كرتين من معدن الفولذ الذي ل يصدأ مّتصلتين ببعضهما‪ .‬واحدة تحشر فوق الحشفة ويربط فوقها الجلققد‬
‫بصورة حلقة‪ ،‬والخرى تتدّلى لتشد جلد القضيب‪.‬‬

‫ويمكن الستمرار بعملّية إسترجاع الغلفة إلى أن تطول‪ .‬ولكن يجققب أن يؤخققذ بالحسققبان الطققول الطققبيعي للغلفققة‪.‬‬
‫طققى الغلفققة الحشققفة ول يبققان مققن هققذه الخيققرة إ ّ‬
‫ل‬ ‫وهو ما ل يعرفه الذين فقدوا غلفتهم صغارًا‪ .‬والمهم هققو أن تغ ّ‬
‫أعلها عندما يكون القضيب في حالة إسترخاء‪.1‬‬

‫ل‪ .‬ولكّنهققا ليسققت الوحيققدة الققتي يمكققن إسققتعمالها‪.‬‬


‫هذه الساليب في إسترجاع الغلفة هي السققاليب الكققثر إسققتعما ً‬
‫فهناك من إسترجع غلفته بعد ثلث سنين من مط جلد القضيب مرارًا يومًا بعد يوم باليد لمّدة بضع دقائق كل م قّرة‪.‬‬
‫وهناك من يستعمل جزءًا من قرن وعل كحلقة لمط جلد القضيب وإبقائه ممدودًا فققوق الحشققفة‪ .‬وهنققاك أيض قًا مققن‬
‫ربط جلد القضيب فوق الحشفة بخيط من الجلد‪ .‬ومهما تكن الوسائل المستعملة‪ ،‬فإنه مققن الضققروري عققدم حصققر‬
‫الدم لن في ذلك أذى للجلد والقضيب‪.‬‬

‫ولكن إسترجاع الغلفة ل يعني بالضرورة الرجوع إلى وضع كأن الختان لم يكن‪ .‬فق»مققا أعطبققه الققدهر ل يصققلحه‬
‫صة تنكمققش حققول الحشققفة‪.‬‬ ‫طارون«‪ .‬فالختان يقطع الجزء العلوي من جلد القضيب‪ .‬وهذا الجزء ذو طبيعة خا ّ‬ ‫الع ّ‬
‫ومن يريد إنكماش جلده فوق الحشفة عليه بالضققافة إلققى مققط الجلققد إجققراء عملّيققة لتضققييق الفتحققة الققتي تلمققس‬
‫الحشفة‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬اللجام الذي يربط جلد القضيب بالحشفة يتأذى بالختان وقد يقطع‪ .‬وللجام دور في العلقة‬
‫الجنسّية إذ يعيد الغلفة فوق الحشفة عند الرتخاء‪ .‬وفي حالة قطع اللجام واسترجاع الغلفقة بمققط الجلققد‪ ،‬فقإنه يجقب‬
‫إعادة الغلفة باليد فوق الحشفة عند الرتخاء‪ .‬وقد يؤّدي مقط جلقد القضقيب إلقى تغطيتقه بشقعر العانقة القذي يمكقن‬
‫تنحيته بعملّية تدعى التحّلل الكهربائي‪.‬‬

‫واستعادة الغلفة دون عملّية جراحّية أفضل من إستعادتها بعملّية جراحّية لعّدة أسباب‪ .‬فهققي أّول طريقققة رخيصققة‪،‬‬
‫وليس فيها مخاطر كما في العملّية الجراحّية‪ .‬كما أنه من السققهل اللجققوء إليهققا‪ .‬فققالدوات الققتي تحتاجهققا يمكققن أن‬
‫صصون في إستعادة الغلفة جراحّيققا قليلققون‪ .‬ولكققن إسققتعادة الغلفققة دون‬ ‫تجدها في كل صيدلّية‪ ،‬بينما الطّباء المتخ ّ‬
‫جراحة تتطّلب صبرًا ووقتًا وممارسة‪ .‬وكّلما كان الجلد المقطوع أكبر‪ ،‬كان الوقت المطلققوب لسققترجاعه أطققول‪.‬‬
‫وأقصر مّدة تم فيها إسترجاع الغلفة هي أربعة أشهر‪ .‬وبعدها أحققس ذاك الشققخص بققأنه راض عققن النتيجققة‪ .‬بينمققا‬
‫طققي الحشققفة‪ .‬ولكققن قققد‬
‫هناك من قام بعملّية إسترجاع الغلفة لكثر من أربع سنين حّتى إستطاع أن يكسب جلققدًا يغ ّ‬
‫يحس المرء بفائدة قبل أن يرى النتيجة بعينيه‪ .‬وهذه العملّية ليست لكل شخص‪ .‬فإذا كان الختان قد إستأصققل القسققم‬
‫ل العملّية الجراحّية‪ .‬وفي كل الحالتين‪ ،‬على المرء أن يقنع طققبيبه أو‬ ‫الكبر من جلد القضيب‪ ،‬فليس هناك طريقة إ ّ‬
‫زوجته برغبته في إستعادة الغلفة‪ .‬وأحيانًا قد يجد من يتفّهمه‪ .‬ونشير هنا إلى أن المختققونين ل يلجققأون إلققى عملّيققة‬

‫أنظ صور إستعادة الغلفة في ‪http://www.eskimo.com/~gburlin/restore/restdis.html‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪363‬‬
‫جراحّية لستعادة الغلفة عند طبيب ينتمي إلى تلك الفئة التي قطعتها لنهم فقدوا الثقة فيهم‪ .1‬وقد أخبرني أحدهم أنه‬
‫بعد أشهر طويلة من مط غلفته ذهب إلى طبيب لكي يضّيق له فتحة الغلفقة‪ ،‬فققام هقذا الخيقر بقطعهقا عنقدما كقان‬
‫تحت البنج‪ .‬وتجدر الشارة إلى أن عملّية شد الجلد في حققد ذاتهققا معروفققة فققي الطققب ومعققترف بهققا‪ .‬ورغققم ذلققك‬
‫ل‪ ،‬أو لنهققم يعتققبرون الهققدف تافهقًا‪ ،‬أو لن‬‫فالطّباء ل يشيرون إليها لمن فقد غلفته‪ ،‬إّما لنهم ل يكسبوا منهققا مققا ً‬
‫الذي يسيطر على العملّية ليس الطبيب بل المريض ذاته‪.2‬‬

‫ل أنقه ل يمكقن تفقادي إسقتغلل‬ ‫ل‪ ،‬إ ّ‬


‫وإن كان إسترجاع الغلفة كما ذكرناه يتقم ضقمن مجموعقات ل تتقاضقى أمقوا ً‬
‫لت المريكّيققة‬ ‫حاجة النسققان للحصققول علققى الربققح مققن خلل تلبيتهققا‪ .‬فهنققاك عشققرات مقن الققدعايات فققي المج ّ‬
‫الخلعّية تتكّلم عن عملّيات تكبير القضيب‪ 3‬الهدف منها جذب من عندهم مشاكل ناتجة عن الختان لجققراء عملّيققة‬
‫لت التكّلم عققن الختققان بحققد‬
‫إطالة القضيب الذي حرم من إمتداده الطبيعي بسبب نقصان غلفه‪ .‬وتتفادى هذه المج ّ‬
‫ذاته لنه من المحّرمات وتلجأ إلى أسلوب الضحاك كوسيلة ملتوية للحديث عن إضطراب الشخص بسققبب قصققر‬
‫قضيبه‪.4‬‬

‫‪ (3‬أسباب إستعادة الغلفة في أّيامنا‬


‫عندما قرأت لّول مّرة عن ظاهرة شد جلققد القضققيب ضققحكت وتققذّكرت المثققل القققائل‪» :‬الجنققون فنققون«‪ .‬ولكنققي‬
‫ل بالمثل القائل »تعّلم السحر ول تعمل به«‪.‬‬
‫حاولت أيضًا فهمها عم ً‬

‫وقد إلتقيت في المؤتمر العالمي الثالث حول الختان الذي عقد في الوليات المّتحدة عام ‪ 1994‬بالقس وعالم النفققس‬
‫»جيم بيجيلو« السابق الذكر‪ ،‬وهو من أهم ممّثلي ظاهرة إسققتعادة الغلفققة فققي عصققرنا‪ .‬وكققان أّول سققؤال طرحتققه‬
‫ل هذه المشكلة تنشغل وتشغلنا فيها؟ هل من الممكن أن تفهمنققي‬ ‫عليه هو‪» :‬يا عزيزي‪ ،‬أل يوجد في الدنيا مشاكل إ ّ‬
‫صتك؟«‪ .‬فأجابني بروح مرحة ومؤّدبة‪» :‬إذا أحس شققخص بققاللم‪ ،‬أليققس مققن واجققب الغيققر مسققاعدته؟«‬ ‫ما هي ق ّ‬
‫ل‪» :‬ومن يققّرر بقأن شخصقًا مقا يتقأّلم‪ :‬أأنقت أم هقو؟« فقأجبت‪» :‬ل بقل‬ ‫فأجبت‪» :‬هذا هو الصواب«‪ .‬وأضاف قائ ً‬
‫ل‪ ،‬فجّربققت أن‬ ‫هو«‪ .‬فأضاف‪» :‬أنا رجل دين مسيحي‪ .‬تأّلمت كثيرًا من الختققان الققذي أجققري لققي عنققدما كنققت طف ً‬
‫أتخّلص من ألمي بمط جلد قضيبي‪ .‬وبعد أن نجحت بحل مشكلتي‪ ،‬حاولت أن أساعد الغير بروح المحّبققة للتخّلققص‬
‫من آلمهم‪ .‬هل ترى في ذلك عيبًا أو مكروها؟«‪ .‬فسألته‪» :‬هل هناك فرق بين وضعك َقبل إستعادة الغلفة ووضعك‬
‫بعد إستعادتها؟« أجاب‪» :‬إن الفرق بين الماضي والحاضر هو كالفرق بين الرض والسماء‪ .‬كنت سابقًا أتققأّلم مققن‬
‫كل علقة جنسّية‪ ،‬والن أحس بلّذة في تلك العلقة«‪ .‬وسققألته‪» :‬مققن يلجققأ لققك لطلققب الستشققارة وكققم تكّلققف هققذه‬
‫الستشققارة؟« أجققاب‪» :‬يلجققأ إلققي كققثير مققن المسققيحّيين واليهققود‪ ،‬مّمققا جعققل الحاخامققات يغتققاظون ج قّدا مّنققي‪.‬‬
‫واستشاراتي مجانّية تمامًا‪ ،‬والقصد منها عمل الخير‪ ،‬ل غير«‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال لم يكن لي ما أجيبه به‪ .‬فهو صاحب اللم‪ .‬وكما يقول المثل العاّمي‪» :‬صاحب الهم أدرى فيقه«‪ .‬فل‬
‫يحق لي التهّكم عليه‪ ،‬فأنا غير مختون ول أعاني مّما يعققانيه‪ .‬وبعققدها إشققتريت كتققابه الققذي أعتمققد عليققه فققي هققذا‬
‫الفصل‪ ،‬وحضرت له محاضرة إستغرقت ساعتين مدعومة بالصور‪ .‬وكققل مقّرة أتكّلققم فيهققا عققن هققذا الموضققوع‪،‬‬
‫يتحّير السامعون من كلمي ويضقحكون كمققا ضققحكت سقابقًا ويتهّكمققون كمقا تهّكمقت َقبقل مققابلتي بالسقّيد »جيققم‬
‫ل أن هناك أيضًا من يستشيرني لحل مشاكله الشخصّية‪ .‬ولعدم خبرتي في هققذا المجققال‪ ،‬أرسققل لهققم مققا‬ ‫بيجيلو«‪ .‬إ ّ‬
‫صصة‪.‬‬ ‫أملك من معلومات وأرشدهم إلى الجمعّيات المتخ ّ‬

‫هذا ونجد في كتاب »جيم بيجيلو« وفي مقالت أخرى صادرة عقن دعقاة هقذه الحملققة عرضقًا للسقباب القتي مقن‬
‫أجلها يقوم المختونون باستعادة غلفهم في أّيامنا نستعرضها فيما يلي‪:5‬‬

‫‪Boyd, p. 144‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Boyd, p. 123‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Penile enlargement‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Goldman: Letter to the author‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ .Bigelow, p.113-117‬أنظر أيضًا مقال ‪ Warren: Foreskin restoration‬ومقال ‪ Griffiths‬ومقال ‪Lander:‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪The man behind restoration‬‬


‫‪364‬‬
‫‪ -‬السباب الجمالّية والكمالّية‪ :‬في السّتينات من القققرن العشققرين بققدأت فققي الوليققات المّتحققدة بعققض‬
‫العائلت الخنفسّية في ترك أطفالها دون ختان لنها كانت تعتققبره عملّيققة غيققر طبيعّيققة‪ .‬وقققد أعطققت‬
‫سون بققأنهم فقققدوا جققزءًا‬ ‫عملّية إسترجاع الغلفة الفرصة للمختونين منهم لكي يعودوا للطبيعة‪ .‬فهم يح ّ‬
‫صققة أحققد‬‫من جسمهم وأن في إسترجاع الغلفة إستعادة لما ينقصهم‪ .‬ويذكر »جيم بيجيلو« في كتققابه ق ّ‬
‫المختونين الذي تزّوج من فتاة عذراء وأحس بالنقص أمامها لنه لم يكن بإمكققانه أن يققّدم لهققا جسققده‬
‫صة إذا ما ظهققروا‬ ‫ل‪ .1‬وفي بريطانيا‪ ،‬حيث عدد المختونين قليل‪ ،‬يخلق الختان حرجًا للرجال‪ ،‬خا ّ‬ ‫كام ً‬
‫سون بالخجققل ويشققعرون بققأنه تققم‬ ‫عراة كما هو المر في غرف الحّمام الرياضّية الجماعّية‪ .‬فإنهم يح ّ‬
‫بتر أعضائهم الجنسّية والتعّدي عليهم وأن الغير يهزأ منهم‪.‬‬
‫‪ -‬السباب الوظيفّية‪ :‬يعتبر معارضو الختان من المختققونين أن كشققف الحشققفة تقّلققل مققن حساسقّيتها‪،‬‬
‫وأن إستعادتها تزيد من هذه الحساسّية وتزيد من نشاطهم الجنسي ومن لّذتهم ولقّذة الشقريك الجنسققي‪.‬‬
‫كما أن الختان يجعل جلد القضيب مشدودًا جّدا عند النتصاب‪ ،‬مّمققا يخلققق لهققم مشققاكل مققع الشققريك‬
‫الجنسي‪.‬‬
‫‪ -‬السباب النفسّية‪ :‬يتساءل بعققض المختققونين مققا هققو الخطققأ الققذي مققن أجلققه قطعققت غلفتهققم‪ .‬وهققذا‬
‫الشعور يستمر في داخلهم‪ .‬ونفس الشعور ينتج عن قطع أي عضو آخر مقن الجسققم‪ .‬وققد يكقون أحققد‬
‫السباب وراء إستعادة الغلفة الرغبة في تصحيح شعور مؤلم داخلي‪.‬‬
‫‪ -‬الرغبة في إستعادة القّوة الذاتّية‪ :‬عدد من الذين إسترجعوا غلفتهم هم من المختققونين َقبققل عمققر ‪19‬‬
‫ل من حماية سلمة جسدهم قّرروا قطعه‪ .‬وهم يلجأون‬ ‫سنة‪ .‬ويشعر هؤلء بالنقمة تجاه أهلهم لنهم بد ً‬
‫لستعادة الغلفة كوسيلة لستعادة القّوة الذاتّية‪ .‬واستعادة القّوة الذاتّية تستعمل فققي كققل حالققة يقققع فيهققا‬
‫ل‪ .‬وتعتبر الضحّية نفسها منتصرة عندما تستطيع أن تقول‪» :‬إننققي‬ ‫الفرد فريسة الظلم كالغتصاب مث ً‬
‫الن لست ضحّية؛ إنني أحس بالقّوة من جديد«‪ .‬وهذا هو مققا يشققعر بققه مققن يققوم باسققترجاع الغلفققة‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن العملّيات التجميلّية تدخل ضمن وسائل إعطاء الثقة للشققخص ولهققا معنققى جنسققي‪.‬‬
‫فالمرأة التي بتر ثديها بسبب سرطان الثدي تطالب بعملّية تجميلّية لرجاع أنوثتها‪ ،‬ومققن قلققع أسققنانه‬
‫يطالب بوضع أسققنان صققناعّية‪ .‬ومسققاعدة الشققخص فققي التغّلققب علققى عققاهته هققو نققوع مققن المحّبققة‬
‫النسانّية نحو الضعيف واعتراف بدين المجتمع نحو الضحايا مثلما يحدث مع مشّوهي الحروب‪.‬‬
‫‪ -‬إدارة الغضب‪ :‬يوجد في مجتمعنا عدد مققن النققاس يشققعرون بالغضققب فققي داخلهققم فيصقّبونه علققى‬
‫غيرهم‪ .‬ومن المهم أن يتعّرف هؤلء الناس على سبب غضققبهم وإيجققاد وسققيلة لكققي يتخّلصققوا منققه‪.‬‬
‫وإذا ما أوجدنا لهم طريقة للسيطرة على الوضع‪ ،‬يمكن الحقد مقن غضققبهم‪ .‬وهقذا الشقعور نجققده فققي‬
‫المختونين الذين ختنوا دون أن يختاروا ذلك‪ .‬فإذا ما تمّكنوا من إعادة غلفتهم‪ ،‬أمكن الحد من غضبهم‬
‫بعدما كانوا يظّنون أنه ل إمكانّية لمحو ختانهم‪ .‬ول يكفي في حد ذاته إستعادة الغلفقة إذا لققم يصققاحبها‬
‫تعّرف على سبب الغضب وشفائه‪.‬‬

‫‪ (4‬موقف مؤّيدي الختان من إستعادة الغلفة‬


‫يعتبر مؤّيدو ختان الذكور من يقومون باستعادة غلفهم مصابين »بمرض عقلي خطير جّدا«‪ ،‬كما جققاء فققي رسققالة‬
‫بعثها لي »شيمون جليك«‪ ،‬رئيس التعليم الطّبي في جامعة بن غوريون‪ .‬وقد كتب طبيب يهودي فرنسققي أن هنققاك‬
‫تزايد في طلب إستعادة الغلفة لدى أمريكّيين شاّذين جنسّيا غير يهود وغيققر مصققابين بققأمراض عقلّيققة ختنققوا عنققد‬
‫جققم هققذين الطبيققبين‬ ‫ولدتهم‪ .2‬وهققذا الطققبيب يجهققل أو يتجاهققل أن اليهققود أيضقًا يلجققأون لمثققل تلققك العملّيققة‪ .‬وته ّ‬
‫اليهوديين له صلة واضحة باعتقادهم الديني‪ .‬ويرد »جيم بيجيلو« على هؤلء بققأنه أمققر مقلققق أن ل يققرى البعققض‬
‫أهّمية الشعور بكمال الجسم‪ .‬فهؤلء المتهّكمين ل يرون مانعًا من أن تقوم إمرأة بعملّية تجميلّية بعققد فقققدها ثققدييها‪،‬‬
‫بينما يعترضون على أن يقوم الرجل بعملّية مماثلة لستعادة غلفته‪ .‬وهذا التهّكم سببه هو عققدم تفكيرنققا بققأنه يمكققن‬
‫أن يحس النسان بنقص جسدي عندما يكون مختونًا‪.‬‬

‫أنظر في هذا المعنى أيضًا ‪Boyd, p. 112‬‬ ‫‪1‬‬

‫;‪Erlich: Les mutilations sexuelles, p. 92. See also Mohl (et al.): Prepuce restortion seekers‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪Brandes; McAninch, p. 112‬‬


‫‪365‬‬
‫‪ (5‬آراء ومواقف من إستعادوا غلفهم‬
‫سئلوا عّما إذا كقانوا يشقعرون بقاختلف بسقبب إسقتعادة‬ ‫في إستطلع للرأي تم بين ‪ 240‬شخص إسترجعوا غلفهم ُ‬
‫غلفهم‪ .‬وقد أجاب ‪ %83‬منهم إيجابّيا‪ .‬وقد إحتوت الجابات تعليقات لشرح سبب شعورهم نذكر منها‪:‬‬
‫»طلبًا للسيطرة على جسدي«؛ »تحّديا للمجتمع«؛ »حساسقّية أكققبر فققي الحشققفة«؛ »أكققثر ذكققورة«؛‬
‫ل«؛‬ ‫»واثق في نفسي«؛ »قّوة جنسّية وراحة جسدّية أكبر«؛ »أقرب إلى ما أرادني ال«؛ »أكققثر كمققا ً‬
‫»أكثر رجولة«؛ »إستعادة القّوة«؛ »أكثر سيطرة على نفسي«؛ »بدأت اشعر بأنني أفضققل جنس قّيا«؛‬
‫ل«؛ »أشعر بسعادة أكبر«؛ »أشعر بأني شفيت«؛ »مظهر طبيعي«؛ »إسققترجعت مققا‬ ‫»أصبحت كام ً‬
‫ل عققن كققاهلي«؛ »يمكننققي أن أعمققل شققيئًا ضققد‬
‫أخققذ مّنققي«؛ »أكققثر إحساس قًا«؛ »لقققد وضققعت حم ً‬
‫الختان«؛ »أشعر بأني أكثر جاذبّيققة جنسقّيا«؛ »أصققلحت غلطقًا«؛ »إسققترجعت جققزءًا مققن نفسققي«؛‬
‫»إسترجعت كرامتي«؛ »إنني أكثر سعادة«‪.1‬‬

‫وقد بّين إستطلع آخر للرأي تم بين ‪ 313‬شخص أن إستعادة الغلفة قد أّدى إلى حل مشققكلة جفقاف القضقيب القذي‬
‫كققان يققؤّدي إلققى تجّرحققات وألققم وإدمققاء‪ ،‬وأن إسققتعادة الغلفققة أعطتهققم لقّذة فريققدة زادت فققي اللفققة الجنسقّية مققع‬
‫شريكاتهم‪.2‬‬

‫هذا ويختتم مقال حول إسترجاع الغلفة بجملة‪:‬‬


‫»إن »الجمعّيققة الوطنّيققة للرجققال الققذين يسققتعيدون غلفهققم« واثقققة بققأن برنامجهققا التثقيفققي المسققتمر‬
‫والواسع النتشار لن يؤّدي فقط إلى حماية الطفال من بتر أعضائهم الجنسّية‪ ،‬بل سوف يعطققي أم ً‬
‫ل‬
‫جديدًا لرجال في أعمار مختلفة تأّذوا من الختان‪ .‬وسوف يصبح الرجال أكثر وعيًا بققأنهم يسققتطيعون‬
‫أن يستعيدوا سلمة جسدهم ويكسبوا إحساسًا بالكمال من جديد«‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المعالجة الطّبية لثار ختان الناث‬


‫رأينا سباقًا بأن رجال الدين اليهود تصّدوا لمحاولة إلغاء علمة الختان عبر التاريخ‪ ،‬وما زال ينظر لتلك المحاولققة‬
‫صة منهم ومحيطقًا يعطققي بعققض‬ ‫نظرة سلبّية‪ .‬وقيام أفراد في إلغاء آثار عادة يفرضها مجتمعهم يتطّلب شجاعة خا ّ‬
‫الحّرية للفراد‪ .‬وليس من العجب إن ترعرعت حملة إستعادة الغلفة في الوليات المّتحدة والدول الغربّية‪.‬‬

‫وبما أن ختان الناث يمارس عادة في الدول السلمّية ودول العالم الثالث التي ل تعترف بالحّرية الفردّية‪ ،‬ورّبمققا‬
‫لختلف طبيعة القطع‪ ،‬فإنه من الصعب القيام بحملة مماثلة لحملة إستعادة الغلفة بهدف إلغققاء آثقار ختقان النققاث‪.‬‬
‫وهناك قليل من الدبّيات التي كتبت في هذا الموضوع‪ ،‬خلفًا لما هو عليه المر فيما يخص ختققان الققذكور‪ .‬وهققذه‬
‫ل محاولة أّولّية لتجميع ما وجدناه في هذا الخصوص‪.‬‬‫السطر ما هي إ ّ‬

‫خل‬ ‫صقة القتي تحتقاج إلقى تقد ّ‬ ‫يجب أّول التذكير بأن ختان الناث يجقرى علقى درجقات‪ ،‬ولكقل درجقة آثارهقا الخا ّ‬
‫يناسبها‪ .‬فإذا ما أخذنا عملّيات بتر الغلفة والبظر والشققفرين الصققغيرين‪ ،‬فققإنه مققن الممكققن شققد مققا تبّقققى منهمققا أو‬
‫إبرازهما جراحّيا بهدف إستعادة المظهر الطبيعي لتلك العضاء‪ .‬وهذا يعطققي راحققة نفسقّية‪ ،‬وقققد يزيققد مققن اللقّذة‬
‫الجنسّية‪ .‬وقد ذكرنا أن بعض القبائل الفريقّية تعّلم فتياتها بشّدهما لطالتهما بهدف زيادة اللّذة ولسباب جمالّية‪.‬‬

‫حية‪ :‬التخّلققص‬‫صة في الغرب‪ ،‬إلى فتح الفرج لسباب ص ق ّ‬ ‫وفيما يخص الختان الفرعوني‪ ،‬تلجأ بعض السّيدات‪ ،‬خا ّ‬
‫سققر الققولدة‪ .‬وهققذا‬
‫من الورام التي قد تتكّون تحت الجلد الملتصق‪ ،‬تسهيل إخراج البول ودم الحيققض‪ ،‬وتفققادي تع ّ‬
‫يصعب تحقيقه في المجتمعات التي تمارس هذا النوع مقن الختقان‪ ،‬لن فقك الفقرج هقو تعقّدي علقى عاداتهقا‪ .‬وققد‬
‫ظمة للنساء الفريقّيات في لندن أن كثير من الفتيات ما بين عمر ‪ 9‬و ‪ 13‬سنة يطالبن بفك فرجهن‪ .‬وقققد‬ ‫أشارت من ّ‬
‫‪Griffiths, p. 300‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .Hammond: A preliminary poll, p. 87‬أنظر شهادات رجال إستعادوا غلفتهم في كتاب ‪Ritter, p. 20-1/20-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Griffiths, p. 302‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪366‬‬
‫إّتجهت تلك الفتيات إلى السلطات المحّلية لكي تؤّمن لهن مسكن خارج عائلتهن حّتى يحّققن هققدفهن‪ .‬وقققد تناسققت‬
‫ظمقة‬ ‫هذه الفتيات بأن الهل يمارسون المسؤولّية عليهن وأن موافقتهم ضرورّية لهذا المر‪ .‬وتقول ممّثلقة هقذه المن ّ‬
‫بأنها تؤمن ببقاء الفتيات مع عائلتهن على قدر المكان وأن يتم التثقيف داخل تلك العائلت للوصققول إلققى توافققق‬
‫بين حقوق الفتيات وحقوق واعتقادات عائلتهن‪ .‬وهذا خلف لما يحقدث فقي الخقدمات الجتماعّيقة القتي تهتقم إّمقا‬
‫بالفتاة أو بالعائلة‪.1‬‬

‫وقد عرضت السّيدة الصومالّية »ديري واريس« كيف أنها قامت بإعادة فققك فرجهققا عنققد طققبيب فققي لنققدن بسققبب‬
‫المشاكل التي عانتها في عادتها الشهرّية‪ .‬وقد أخبرها الطبيب أنه يقوم بعملّيات مشابهة مع كققثير مققن نسققاء مصققر‬
‫والسودان والصومال‪.2‬‬

‫صصت أقسام في ثلث من أكبر مستشفيات العاصمة لندن لوضققع حققد‬ ‫وهناك خبر يقول إن الحكومة البريطانّية خ ّ‬
‫حية نتيجة تعّرضهن للختان َقبل الزواج مّما يسققفر عققن مضققاعفات أثنققاء‬‫لمعاناة النساء اللتي يواجهن متاعب ص ّ‬
‫‪3‬‬
‫الولدة وفقدان للنشوة الجنسّية بسبب إجتثاث البظر أثناء الختان ‪.‬‬

‫هذا وقد ذكرنا سابقًا أن المجتمعات التي تمارس الختان الفرعوني تلجأ إلققى إعققادة شققبك الفققرج بعققد الطلق لمنققع‬
‫العلقة الجنسّية‪ ،‬أو بعد الولدة لتضييق فتحة الفرج المتهّدل بظن أن هذا يزيد لّذة كققل مققن الرجققل والمققرأة‪ .‬وهنققا‬
‫تطقرح مشقكلة إلقى أي مقدى يمكقن للطقبيب الغربقي إجقراء مثقل هقذه العملّيقة‪ .‬ويشقير بحقث أن بعقض الشقاّبات‬
‫الفريقّيات في إيطاليا يقمن بفتح الفرج لكي يتمّكن من ممارسة الجنس‪ ،‬ولكن مثققل هققذه الشققاّبات تعققود إلققى شققبك‬
‫الفرج من جديد َقبل الزواج‪ .4‬وهذا يذكرنا بخياطة غشاء البكارة التي تقوم بها كثير من الشققاّبات العربيققات اللتققي‬
‫فقدن بكارتهن َقبل الزواج‪.‬‬

‫ظفة إجتماعّية أسترالّية في شهر فققبراير ‪ 2000‬بخصققوص شققاّبة إغتصققبها عمهققا‪ .‬فقققامت‬ ‫هذا وقد إّتصلت بي مو ّ‬
‫ل أن عّمها عاد واغتصبها ممّزقا أعضاءها‪ .‬وبعد كل إغتصاب‪ ،‬عاودت الم خياطة فرج‬ ‫والدتها بخياطة فرجها‪ .‬إ ّ‬
‫بنتها‪ .‬وفي بعض الحيان‪ ،‬كانت الم تشارك العم في إجرامه وتمّزق فرج بنتها لمساعدته فققي إغتصققابها‪ .‬وتعتقققد‬
‫تلك الشاّبة أنها قد فقدت بظرها من جّراء ذلك التصّرف الوحشي‪ .‬ولكّنها ترفض عرض نفسها علققى طققبيب خج ً‬
‫ل‬
‫صص في الصدمات النفسّية لنهقا فققدت الثققة فققي‬ ‫من وضعها‪ .‬كما إنها ترفض عرض نفسها على عالم نفس متخ ّ‬
‫الرجال‪ .‬وهذه الشاّبة تخاف من أّية علقة جنسقّية ول تحقس بقأي لقّذة فقي ممارسقتها العقادة السقّرية‪ .‬وققد سقألتني‬
‫ظفة الجتماعّية عّما إذا كان هناك وسيلة لكي تستعيد هذه الشاّبة ما فقدته كما هو المققر مققع المختققونين الققذين‬‫المو ّ‬
‫يستعيدون غلفتهم‪.‬‬

‫وقد أرسلت لها بعض الوثائق التي تبّين أنه يمكن تحويل اللّذة من عضو إلى عضو آخر إذا ما تم تثقيققف الشققخص‬
‫في البحث عن مواضع التهّيج في جسمه‪ .‬وقد ذكرنققا سققابقًا هققذا الموضققوع عنققد تكّلمنققا عققن ختققان النققاث واللقّذة‬
‫سسي »الجمعّية الوطنّية للرجال الققذين يسققتعيدون‬ ‫الجنسّية‪ .‬كما أرسلت طلبها إلى السّيد »وين جريفيتس«‪ ،‬أحد مؤ ّ‬
‫غلفهم« لستشارته في هذا المجال‪ .‬وقد وصلني رّده بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ ،2000‬وها نحن ننقله للقارئ لّعل فيه فائدة‬
‫ل للبحث العلمي والتجريبي‪.‬‬ ‫لمن تعّرضن للختان ولنه قد يفتح مجا ً‬
‫»لم ُيبحث موضوع إصلح ختان الناث كما تم مع ختان الذكور‪ .‬وقد يكون السبب لن المر يظهر‬
‫ل‪ .‬ولكن أل يمكن قول نفس المر فيما يخص ختان الذكور؟ فَقبل أن يحققدث ذلققك‪ ،‬كققان حلمقًا‬ ‫مستحي ً‬
‫سنا ما يمكققن تحقيقققه‪.‬‬
‫صعب المنال‪ .‬لقد إستعدت غلفتي َقبل عقود من الزمن ولذلك أنا أعرف بأن تح ّ‬
‫ل؟ ل‪ .‬ولكن هل أنا في حالة أفضل؟ نعم ]‪.[...‬‬ ‫فهل أعتبر نفسي كام ً‬
‫ولكن بما إننا نعرف أن الجلد )والعقل( يمكنهما أن ينميققان‪ ،‬فلمققاذا ل نفققترض أن العضققاء النثوّيققة‬
‫ل أنه يجب القول بأن الختان الفرعوني يجب بدايققة علجققه جراحّيققا‬ ‫يمكنها أن تنموا تحت الضغط؟ إ ّ‬
‫لفك اللتصاقات وعرض الجزاء الداخلّية للتمّكن من مّدها‪ .‬والمشكلة الثانية التي تطرح هي مشققكلة‬
‫‪Third regional conference on traditional practices, Addis Ababa, 1994, p. 162‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Dirie, p. 208-221‬‬ ‫‪2‬‬

‫القدس العربي‪.16/10/1998 ،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Iaria: Several accounts, p. 29‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪367‬‬
‫المواد اللصقة‪ .‬فالرجال يجدون صعوبات كبيرة للحصول على مواد لزقة فّعالققة‪ .‬وعنققد النسققاء قققد‬
‫يكون ذلك أصعب بسبب الرطوبة في فرج المرأة‪ ،‬ولكن ليس ذلققك بالمسققتحيل‪ .‬وأنققا أعتقققد بققأن شققد‬
‫بقايا الشفرين الصغيرين قد يؤّدي إلى نتائج على مسققتوى التجميققل والحركققة تمامقًا كمققا يحققدث عنقد‬
‫إستعادة الغلفة عند الرجال‪.‬‬
‫أّما فيما يخص إسترجاع العصاب‪ ،‬فذلك ُيعتقد بأنه من المستحيل عند الذكر كما عند النققثى‪ .‬ولكققن‬
‫هذا ل يعني أنه ل يمكن فعل شيء في هذا المجال‪ .‬إني أعتقد بأن التركيز الفكري قد يفعل العجققائب‪.‬‬
‫وقد حاولت ذلك مع نتائج كبيرة‪ .‬وهذا ليس إصلحًا‪ ،‬بل ما نسّميه في صناعة الكمققبيوترات »العمققل‬
‫الدائري«‪ .‬وهذا يعني بأنه إذا لم نتمّكن من حل مشكلة‪ ،‬فيجب أن نعمل في محيطهققا‪ .‬والسققلوب هققو‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫ل لكققان ختققان الققذكور قققد قضققى‬ ‫من المعروف أنه بإمكان العقل التعويض عن النسجة المهّيجققة )وإ ّ‬
‫على الجنس البشري منذ آلف السنين‪ ،‬ولكانت النساء المختونات جميعهن قد أصققبحن دون إحسققاس‬
‫بالرتواء(‪ .‬والحيلة هي في زيادة ما بقي عن طريق حث المخ على التعّرف عليه‪ .‬ولعمل ذلك نحتاج‬
‫إلى تمارين ترّكز على الحساس‪ .‬وهذا يعني تحديد ما تبّقققى مققن الجققزاء القابلققة للقّذة‪ ،‬وعمققل جهققد‬
‫عليها لعّدة ساعات خلل أّيام متعّددة‪ ،‬ولكن دون إنتظار نتيجة فورّية‪ .‬وهذا تمرين للعقل حّتققى يتعّلققم‬
‫ويحاول الرتباط مع ما يعطى له‪ .‬ويجب إعادة التمرين عّدة مّرات حّتى يصبح العقل متهّيجققا‪ .‬وبعققد‬
‫سققاس مققع السققتلذاذ مققن وقققت‬ ‫ذلك يجب أن ل تبقى على ما حصلت عليه‪ ،‬بل إنتقل إلى جزء آخر ح ّ‬
‫لخر بالجزء الذي تم إصلحه‪ ،‬دون العتماد عليه‪ .‬وهكذا دواليك‪.‬‬
‫بفعلنا هذا نحاول أن ننقل تركيز اللّذة من موضع إلى موضع آخر أقل لقّذة حّتققى نجتققذبه ونجّنققده فققي‬
‫إنتاج اللّذة‪ .‬وهذا ما يعني التركيز‪ .‬فالتركيز هو كل شيء‪ .‬ومن دون التركيز ل يمكن لمشلولي اليدين‬
‫والرجلين الحساس باللّذة الجنسّية من خلل شحمة الذن‪.‬‬
‫ونستنتج مّما سققبق بققأنه لسققتعادة النققثى المختونققة ]فرعونّيققا[ وضققعها السققابق يجققب البققدء بعملّيققة‬
‫جراحّية لفصل النسجة‪ ،‬ثم بعد ذلك إجراء شققد علققى تلققك النسققجة كمققا عنققد الققذكور‪ .‬ومققن ثققم يتققم‬
‫إسترجاع الحساس بنفس الطريقة التي تتم على الققذكور‪ .‬وبمققا أن الققتركيز علققى الحسققاس لققم ُيعلققم‬
‫للذكور‪ ،‬فإن الناث قد يكن سّباقات في هذا المجال‬
‫ويجب التأكيد على أن التركيز الفكري يمكن أن يزيققد فقي تقويقة الخليققا العصقبّية المسقاعدة بالحبققل‬
‫ل عققن العضققاء‬ ‫الشوكي بعض الشيء‪ ،‬ولكن ذلك قد ل يدوم ول يمكنه في أي حققال التعققويض كققام ً‬
‫الطبيعّية‪.‬‬
‫مع كل المحّبة للنساء المتأّلمات«‬

‫بهذه الرسالة ننهي هذا القسم المتعّلق بالجدل الطّبي مشيرين إلى أن كل هقذا الجهقد واللقم فقي إصقلح مقا إققترفه‬
‫المرء في حق أخيه أو أخته كان يمكن تفاديه لو أن النسققان كققان أكققثر عقلنّيققة فققي تصقّرفاته‪ .‬وإن كققان الرجققال‬
‫ل أنققه مققن‬
‫والنساء الذين لجأوا إلى هذه الوسائل لمعالجة آثار ختان الذكور والناث يعّبرون عققن بعققض الرضققى إ ّ‬
‫الصعب‪ ،‬ل من المستحيل الرجوع إلى حالة ما َقبل الختان‪ .‬فما قطع فقد قطع‪ .‬وهذا يذكرنا بالمثققل العققاّمي القققائل‪:‬‬
‫عّقال ِيطلعوه«‪.‬‬
‫»مجنون رمى حجر في بير هات عشر ُ‬

‫خاتمة الجدل الطّبي‬


‫حيا وجنسقّيا وأن السقباب‬ ‫رأينا في الفصول السابقة بأن عملّية ختان الذكور والناث بصقورة روتينّيقة ضقاّرة صق ّ‬
‫الطّبية التي يقّدمها مؤّيدو هذه الممارسة الضاّرة غير مقبولة‪ .‬وهذا ما يدفع البعض للقققول بأنهققا فققي حقيقتهققا ليققس‬
‫خل المستشققفى‬ ‫علجًا طّبيا بل »وباءًا طّبيا«‪ .1‬وهذا التعبير يطلق على الوبئة التي تنتج بسبب فعل الطب‪ .‬فقققد تققد ّ‬
‫لعلج مرض معّين‪ ،‬ثم تخرج مع ميكروبات معدية تسّربت إليك من الطبيب المعالققج‪ .‬وقققد يكققون مرضققك تافهقًا‪،‬‬
‫فتخرج من المستشفى إلى المقبرة نتيجة خطأ مقن الطققبيب‪ .‬وقققد أعطيقت النسقاء الحوامققل أدويققة لعلج عقوارض‬
‫مرضّية ولكن أكتشف بعد ذلك أن تلك الدوية كانت السبب في ولدة أطفال بأطراف مشّوهة‪ .‬وقد تحس بوجع في‬
‫البطن فيقترح الطبيب عليك إجراء عملّية الزائدة‪ ،‬ولكن يتبّين لك بعد ذلك أنققك وقعققت ضققحّية إيحققاء الطققبيب إّمققا‬
‫‪Denniston: Circumcision: an iatrogenic epidemic, p. 104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪368‬‬
‫بسبب جهله أو بسبب جشعه الماّدي‪ ،‬وأن تلك العملّية لم تكن ضرورّية‪ ،‬وكان يكفي أن يعطيك الطبيب دواءًا ضققد‬
‫المغص‪.1‬‬

‫حة جّيدة فققي المستشققفى ثققم يخققرج منققه مبتققور‬


‫وتعبير »الوباء الطّبي« ينطبق تمامًا على الختان‪ .‬فالطفل يولد بص ّ‬
‫العضاء الجنسّية مشّوه بفعل الطّباء دون سبب طّبي يبّرر تصّرفهم هققذا‪ ،‬يخضققع فققي حقيقتققه لعتبققارات دينّيققة‬
‫واجتماعّية‪ ،‬ليس أقّلها العتبارات السياسّية والقتصادّية كمققا سققنرى لحققًا‪ .‬وإذا مققا تققذّكرنا أن قرابققة ‪ %60‬مققن‬
‫أطفال الوليات المّتحدة مختونون دون سبب طّبي‪ ،‬فليس من المبالغة إعتبار هذه الظاهرة وباءًا حقيقيًا ل يقل عققن‬
‫الوبئة الخرى التي تعاني منها البشرّية وتحاول التخّلص منها بعد جهد مرير‪.‬‬

‫ظمات عّدة لمكافحته‪ .‬وقد إستحوذت الحملة ضد ختان الناث حّيزا كبيرًا من هذا‬ ‫وأمام هذا الوباء الطّبي‪ ،‬قامت من ّ‬
‫الكفاح على المستوى العلمي والقانوني والطبي‪ .‬وقد أصبح الن ختان الناث يشار إليه كجريمة في حق النساء‬
‫يجب القضاء عليها رغم معارضة التّيارات الدينّية والتقليدّية في البلد التي تمققارس هققذه العققادة‪ .‬أّمققا الكفققاح ضققد‬
‫ختان الذكور فمقا زال فقي أّول مراحلقه‪ .‬فكمقا أن رجقال القدين المسقيحّيين بقدأوا بإلغقاء »وجقوب« الختقان علقى‬
‫حي وأصقبحت‬ ‫المستوى الروحي‪ ،‬بدأت الهيئات الطّبيقة الكقبرى بإلغقاء »ضقرورة« الختقان علقى المسقتوى الصق ّ‬
‫تدريجّيا تحث أعضاءها بالتخّلي عنه‪ .‬وهذه خطوة أّوّلية ل بد منها َقبل النتقال إلى مرحلة الدانة والتجريققم‪ .‬وفقي‬
‫ظمات نقل المجتمع تدريجّيا من فكر مؤّيد للختان إلققى فكققر منققاهض لققه‪ .‬فهنققاك‬ ‫تصّرفها هذا‪ ،‬إّنما تحاول هذه المن ّ‬
‫طيها وإلغاءها بجّرة قلم‪.‬‬
‫إعتبارات دينّية واجتماعّية وسياسّية واقتصادّية ل يمكن تخ ّ‬

‫ظمققات الطّبيققة مققن ختققان النققاث الققذي يّتسققم بالدانققة القطعّيققة‪،‬‬


‫هذا وسوف نعود في الجدل القققانوني لموقققف المن ّ‬
‫ونكتفي هنا بذكر بعض القرارات الصادرة فيما يخص ختان الذكور‪.‬‬

‫نشرت »الجمعّية الطّبية البريطانّية« عام ‪ 1996‬تعليمات بخصوص ختان الطفال تقول فيهققا أن »ختققان الطفققال‬
‫نادرًا ما يكون ضرورّيا لسبب طّبي« وأن »الدافع الرئيسي للختان هو ثقافي وديني وليس طّبي أو علمي«‪.‬‬

‫وأصدرت الكّلية السترالّية لجراحي طب الطفال الذكور عام ‪ 1996‬قرارًا يقول‪:‬‬


‫»إن الكّلية السترالّية لجراحي طب الطفال ل تدعم الختان الروتيني للذكور حققديثي الققولدة‪ .‬فليققس‬
‫من الملئم ول من الضروري إزالة الغلفة بصورة روتينّية ]‪ .[...‬نحقن ل نقدعم إزالقة جقزء طقبيعي‬
‫ل إذا كان هناك معطيات تبّرر المضققاعفات والمخققاطر الققتي يحتمققل أن تنتققج عققن ذلققك‪.‬‬
‫من الجسم إ ّ‬
‫صققة أن يخضققع الطفققال لعملّيققة لققو تركققت لختيققارهم فققي عمققر كققاف‬
‫ونحن نعققارض بصققورة خا ّ‬
‫للمقارنة بين الفوائد والمضار لكانوا قد إختاروا رفض العملّية والبقاء على غلفتهققم ]‪ .[...‬إن إجققراء‬
‫الختان على أطفال حديثي الولدة ل مبّرر طّبي له وهو عملّية تحدث صدمة لديهم«‪.‬‬

‫وقد نشرت »الجمعّية الطّبية السترالّية« تصريحًا عام ‪ 1997‬تققول فيققه‪» :‬إن الجمعّيققة الطّبيققة السققترالّية سققوف‬
‫شيا مع قرار الكّلية السترالّية لجّراحي طب الطفال« وتضيف بأن »بعض الهققل‬ ‫تعيق ممارسة ختان الطفال تم ّ‬
‫قد يقّررون إجراء الختان لعتبارات طّبيققة أو إجتماعّيققة أو دينّيققة أو عائلّيققة‪ .‬وفققي هققذه الحالققة‪ ،‬علققى الطققبيب أن‬
‫يوصيهم بأن يتم الختان في عمر وتحت ظروف تقّلل من مخاطره إلى أدنى درجة«‪.‬‬

‫وأخيرًا جاء في تقرير الكاديمّية المريكّية لطب الطفال الذي صدر في مارس ‪:1999‬‬
‫»إن المعطيات العلمّية توحي بوجود فوائد طّبية محتملققة لختققان الققذكور حققديثي القولدة‪ ،‬ولكققن هققذه‬
‫المعطيات ل تكفي للتوصقية بقإجراء الختقان علقى الطفقال حقديثي القولدة بصقورة روتينّيقة‪ .‬ففيمقا‬
‫يخص الختان هناك فوائد محتملة ومخاطر‪ ،‬ولكققن تلققك العملّيققة ليسققت ضققرورّية لرفققاهيته الحالّيققة‪،‬‬
‫وعلى الهل التقرير ما هو في صالح الطفل‪ .‬وحّتى يتمّكن الهل من بلققوغ قققرار مسققتنير‪ ،‬يجققب أن‬
‫يعطي للهل معلومات دقيقة وغير منحازة وإمكانّية مناقشة القرار‪ .‬وللهل الحق في العتمققاد علققى‬
‫العادات الثقافّية والدينّية والعرفّية بالضافة إلى العوامل الطّبية في إّتخاذ قرارهم«‪.‬‬

‫أنظر حول تعبير »الوباء الطّبي« ‪Erlich: La mutilation, p. 108-110‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪369‬‬
‫ومن الواضح من هذا القرار الخير بأنه ل يرى في الختان ضرورة طّبيققة‪ .‬ولكّنقه فققي نفققس القوقت يققترك للهقل‬
‫الحق في إّتخاذ القرار في إجرائه لعتبارات غير طّبيققة‪ .‬وهققذا بحققد ذاتققه مخققالف للخلق الطّبيققة الققتي ل تسققمح‬
‫ل فققي حالققة الضققرورة الطّبيققة وموافقققة مسققتنيرة مققن ِقَبققل المريققض أو ولّيققه‪ ،‬وهمققا‬
‫بالتعّدي على سلمة الجسد إ ّ‬
‫‪1‬‬
‫شرطان ل يتواجدان في ختان الذكور ‪ .‬هذا ما سوف نراه في الجزء الخامس من هذا الكتاب‪.‬‬

‫المراجع باللغة العربّية‬


‫نذكر هنا فقط المراجع العربّية التي إعتمدنا عليها في هذا الكتاب‪ .‬وهذه المراجع مرّتبققة حسققب الققترتيب البجققدي‬
‫بداية من إسم العائلة أو الشهرة‪ ،‬آخذين بالعتبار )القق( التعريقف حيقث وجقدت‪ .‬هققذا وقققد أشقرنا إلقى تاريققخ وفققاة‬
‫صة القدامى منهم‪ ،‬بعد ذكقر إسقمهم‪ ،‬معتمقدين فقي ذلقك علقى كتقاب الجقابي‪» :‬معجقم العلم« فيمقا‬ ‫المؤّلفين‪ ،‬خا ّ‬
‫يخص المؤّلفين العرب والمسلمين‪ .‬والتواريخ المذكورة هنا كما فققي الكتققاب هققي حسققب التقققويم الميلدي )ق‪.‬م =‬
‫َقبل المسيح( ما عدا حالت شاّذة حيث أتبعنا التاريخ بقق)هقق( إشقارة إلقى السقنة الهجرّيقة‪ .‬وققد ذكرنقا بيقن قوسقين‬
‫النصوص التي ألحقناها بكتابنا‪.‬‬

‫إبراهيم‪ ،‬دسوقي‪ :‬ختان النثى في السلم‪ ،‬الرسالة‪ .‬عدد ‪ ،546‬ديسمبر ‪ ،1943‬ص ‪.1019‬‬

‫إبن باز‪ ،‬عبد العزيز بن عبد ال‪ :‬مجموع فتاوى‪ ،‬دار الوطن‪ ،‬الرياض‪.1995 ،‬‬

‫أبو السعود‪ ،‬نعمت‪ :‬خبرات ميدانّية عن عادة ختان الناث فقي مصقر‪ ،‬فقي الحلققة الدراسقّية عقن النتهقاك البقدني‬
‫لصغار الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.112-107‬‬

‫أسامة‪ ،‬ع‪ :.‬ختان البنات في مصر‪ ،‬الرسالة‪ ،‬عدد ‪ ،544‬ديسمبر ‪ ،1943‬ص ‪.977-976‬‬

‫أسعد‪ ،‬ماري‪ :‬الخلفّية التاريخّية والجتماعّية لعققادة ممارسققة ختققان النققاث فققي مصققر‪ ،‬فققي الحلقققة الدراسقّية عققن‬
‫النتهاك البدني لصغار الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.76-71‬‬

‫آل نوري‪ ،‬عبد ال‪ :‬المثال الدارجة في الكويت‪ ،‬دار السلسل‪ ،‬الكويت‪.1981 ،‬‬

‫حكم البنات والصبيان‪ ،‬دار الفتح‪ ،‬الشارقة‪.1995 ،‬‬


‫إبراهيم‪ ،‬عبد المنعم‪ :‬الفرقان في ُ‬

‫إبراهيم‪ ،‬نجاشي علي‪ :‬الختان في الشريعة السلمّية‪ ،‬المكتبة التوفيقّية‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫إبن أبي أصيبعة‪ ،‬موفق الدين )توّفى عام ‪ :(1236‬عيون النباء في طبقات الطّباء‪ ،‬دار الكتب العلمّيققة‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫‪.1998‬‬

‫إبن أبي الدنيا‪ ،‬عبد ال بن محّمد )توّفى عام ‪ :(894‬كتاب العيال‪ ،‬تقديم وتحقيق وتعليق نجققم عبققد الرحمققن خلققف‪،‬‬
‫دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪.1997 ،‬‬

‫إبن الثير‪ ،‬المبارك بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1210‬جامع الصول في أحاديث الرسول‪ ،‬مكتبة الحلواني‪] ،‬دمشق[‪،‬‬
‫‪.1969‬‬

‫إبن الجلب‪ ،‬عبيد ال بن الحسن )توّفى عام ‪ :(988‬التفريع‪ ،‬دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬

‫إبن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج )توّفى عام ‪ :(1021‬أحكام الحمقى والمغفلين‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ،‬بيروت‪.1988 ،‬‬
‫أنظر نقد هذا القرار ‪Boyle: Ending the forced genital cutting of children, p. 6-7‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪370‬‬
‫إبن الجوزي‪ ،‬أبو الفرج )توّفى عام ‪ :(1021‬أحكام النساء‪ ،‬مكتبة الشرق الجديد‪ ،‬بغداد‪.1989 ،‬‬

‫إبن الحاج‪ ،‬أبو عبد ال محّمد بن محّمد بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1336‬المققدخل‪ ،‬مكتبققة دار الققتراث‪ ،‬القققاهرة‪ ،‬دون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫إبن الحاج‪ ،‬محّمد بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1336‬المدخل‪ ،‬مكتبة دار التراث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫إبن العربي‪ ،‬أبو كر محّمد إبن عبد ال )توّفى عام ‪ :(1148‬أحكام القرآن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.1972 ،‬‬

‫إبن العربي‪ ،‬محّمد إبن عبد ال )توّفى عام ‪ :(1148‬أحكام القرآن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.1972 ،‬‬

‫سال‪ ،‬الصفي أبي الفضائل )توّفى حوالي عققام ‪ :(1265‬المجمققوع الصققفوي‪ ،‬اعتنققى بنشققره وشققرح مققواده‬
‫إبن الع ّ‬
‫صة لدارسي القانون الكنسي فققي مجّلققدين‪ ،‬دون تاريققخ‬
‫وإضافة تذييلت عليه جرجس فيلوثاوس عوض‪ ،‬طبعة خا ّ‬
‫)تاريخ الطبعة الساسّية‪.(1908 :‬‬

‫طأ المام مالك‪ ،‬رواية إبن كثير‪ ،‬طبعة عربي إنكليزي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫إبن أنس‪ ،‬مالك )توّفى عام ‪ :(795‬مو ّ‬
‫‪.1994‬‬

‫طأ المام مالك‪ ،‬رواية محّمد بن الحسن الشيباني )تققوّفى عققام ‪ ،(804‬تعليققق‬
‫إبن أنس‪ ،‬مالك )توّفى عام ‪ :(795‬مو ّ‬
‫وتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف‪ ،‬المجلس العلى للشئون السلمّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1996 ،5‬‬

‫سية على جريان الشمس وسكون الرض وإمكان الصعود إلققى الكققواكب‪،‬‬
‫إبن باز‪ ،‬عبد العزيز‪ :‬الدّلة النقلّية والح ّ‬
‫سسة مّكة للطباعة والعلم‪ ،‬مّكة‪1395 ،‬هق‪.‬‬ ‫مؤ ّ‬

‫إبن تيمّية )توّفى عام ‪ :(1328‬فتاوى النساء‪ ،‬تحقيق قاسم الشماعي الرفاعي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪.1987 ،‬‬

‫إبن تيمّية )توّفى عام ‪ :(1328‬فقه الطهارة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة جديدة منقحة‪.1991 ،‬‬

‫إبن جزي‪ ،‬محّمد بن أحمد )توّفى عام ‪ :(1340‬قوانين الحكام الشرعّية‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪.1979 ،‬‬

‫إبن حجر‪ ،‬أحمد بن علي )توّفى عام ‪ :(1449‬فتح الباري بشرح صحيح المام أبققي عبققد الق محمّققد بققن إسققماعيل‬
‫البخاري )توّفى عام ‪ ،(870‬إداراة البحوث العلمّية‪ ،‬الرياض‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫إبن حزم‪ ،‬علي بن أحمد )توّفى عام ‪ :(1064‬المحّلى‪ ،‬دار الفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫إبن حنبل‪ ،‬أحمد )توّفى عام ‪ :(855‬مسند أحمد بن حنبل‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.1991 ،‬‬

‫إبن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1406‬المقّدمة‪ ،‬مطبعة بن شقرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫حكمة من الّتصال‪ ،‬طبعة عربّية مع ترجمة‬


‫إبن رشد )توّفى عام ‪ :(1198‬فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة وال ِ‬
‫فرنسّية )أنظر المراجع باللغات الجنبّية تحت )‪.Ibn Rochd‬‬

‫إبن طولون‪ ،‬شمس الدين محّمد )توّفى عام ‪ :(1546‬نقد الطالب لزغل المناصققب‪ ،‬دار الفكققر المعاصققر‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫إبن عابدين‪ ،‬محّمد أمين )توّفى عام ‪ :(1836‬رد المحتار على الدر المختار‪ ،‬دار إحياء الققتراث العربققي‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫طبعة ‪.1987 ،2‬‬

‫‪371‬‬
‫إبن عاشور‪ ،‬محّمد الطاهر‪ :‬تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬الدار التونسّية للنشر‪ ،‬تونس‪.1984 ،‬‬

‫إبن عساكر‪ ،‬علي بن الحسن )توّفى عام ‪ :(1176‬تبيين المتنققان بققالمر بالختققان‪ ،‬دراسققة وتحقيققق مجققدي فتحققي‬
‫السّيد‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪ ،‬طنطا‪.1989 ،‬‬

‫إبن قدامة‪ ،‬أبو محّمد عبد ال )توّفى عام ‪ :(1223‬المغني‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ ،‬شمس الدين )توّفى عام ‪ :(1351‬الطب النبوي‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪1996 ،2‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ ،‬شمس الدين )توّفى عام ‪ :(1351‬تحفة المودود بأحكققام المولققود‪ ،‬دار الكتققاب العربققي‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫‪ .1997‬ونشرته أيضًا مكتبة اليمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ؛ ومكتبة القققرآن‪ ،‬القققاهرة‪1988 ،‬؛ ومكتبققة دار البيققان‪،‬‬
‫سسة الريان‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ ‪ -‬تحت عنوان تحفة القودود بأحكقام المولقود )الجقزء‬ ‫دمشق‪1987 ،‬؛ ومكتبة مؤ ّ‬
‫الخاص بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫إبن قّيم الجوزّية‪ ،‬شمس الققدين )تققوّفى عققام ‪ :(1351‬زاد المعققاد فققي هققدى خيققر العبققاد‪ ،‬دار الفكققر‪ ،‬دمشققق‪ ،‬دون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫إبن كثير‪ ،‬إسماعيل )توّفى عام ‪ :(1373‬البداية والنهاية‪ ،‬تحقيق أحمد عبققد الوهققاب فتيققح‪ ،‬دار الحققديث‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪.1993‬‬

‫إبن كثير‪ ،‬إسماعيل )توّفى عام ‪ :(1373‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬

‫سَنن إبن ماجة‪ ،‬بشققرح محّمققد بققن عبققد الهققادي السققندي )تققوّفى عققام‬
‫إبن ماجة‪ ،‬محّمد بن يزيد )توّفى عام ‪ُ :(887‬‬
‫‪ (1726‬وبحاشيته تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد إبن ماجة للمام البوصققيري‪ ،‬تحقيققق خليققل مققأمون شققيحا‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬

‫إبن مفلح‪ ،‬محّمد )توّفى عام ‪ :(1362‬كتاب الفروع‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪ 1402 ،3‬هق‪.‬‬

‫إبن منظور‪ ،‬محّمد بن مكرم )توّفى عام ‪ :(1311‬لسان العرب‪ ،‬نشر أدب الحوزة‪ ،‬قم‪ 1405 ،‬هق‪.‬‬

‫إبن ميمون القرطبي‪ ،‬موسى )توّفى عققام ‪ :(1204‬دللققة الحققائرين‪ ،‬تحقيققق حسققين اتققاي‪ ،‬كّليققة اللهيققات‪ ،‬جامعققة‬
‫أنقرة‪ .1974 ،‬أعادت نشره مكتبة الثقافة الدينّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ )النص الخاص بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫ابن هشام‪ ،‬عبد الملك )توّفى عام ‪ :(828‬السيرة النبوّية لبن هشام‪ ،‬المكتبة التوفيقية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫أبو السعود‪ ،‬نعمت‪ :‬خبرات ميدانّية عن عادة ختان الناث فقي مصقر‪ ،‬فقي الحلققة الدراسقّية عقن النتهقاك البقدني‬
‫لصغار الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.112-107‬‬

‫عاس وعقادل‬
‫سقَنن أبقو داوود‪ ،‬إعقداد وتعليقق عقّزت عبيقد القد ّ‬
‫أبو داوود‪ ،‬سليمان بن الشعث )توّفى عقام ‪ُ :(889‬‬
‫السّيد‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬حمص‪.1974 ،‬‬

‫أبو زهرة‪ ،‬محّمد )توّفى عام ‪ :(1974‬أصول الفقه‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫أبققو سققبيب‪ ،‬حسققن أحمققد‪ :‬فتققوى‪ ،‬نققص عربققي فققي ‪Rapport du séminaire sur les pratiques‬‬
‫‪traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar,‬‬
‫‪) Sénégal, 6-10 février 1984, p. 247-250‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫أبو شهبة‪ ،‬محّمد محّمد‪ :‬السرائيلّيات والموضوعات في كتب التفسير‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪.1992 ،‬‬

‫أبو يوسف‪ ،‬يعقوب بن إبراهيم )توّفى عام ‪ :(798‬كتاب الخراج‪ ،‬المطبعة السلفّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ 1396 ،5‬هق‪.‬‬

‫أحمد‪ ،‬أنور‪ :‬آراء علماء الدين السلمي فقي ختققان النقاث‪ ،‬الجمعّيققة المصققرّية للوقايقة مقن الممارسقات الضقاّرة‬
‫حة المرأة والطفل‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬
‫بص ّ‬

‫إدريس‪ ،‬محّمد جلء‪ :‬يهود الفلشا أصولهم ومعتقداتهم وعلقاتهم بإسرائيل‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.1993 ،‬‬

‫إستمناء‪ ،‬الموسوعة الفقهّية‪ ،‬وزارة الوقاف والشؤون السلمّية‪ ،‬الكويت‪ ،‬مجّلد ‪ ،1984 ،4‬ص ‪.112-97‬‬

‫إستمناء‪ ،‬موسوعة الفقه السلمي‪ ،‬المجلس العلى للشؤون السققلمي‪ ،‬القققاهرة‪ ،‬مجّلققد ‪ ،8‬دون تاريققخ‪ ،‬ص ‪-77‬‬
‫‪.81‬‬

‫أسعد‪ ،‬ماري‪ :‬الخلفّية التاريخّية والجتماعّية لعققادة ممارسققة ختققان النققاث فققي مصققر‪ ،‬فققي الحلقققة الدراسقّية عققن‬
‫النتهاك البدني لصغار النققاث‪ 15-14 ،‬أكتققوبر ‪ ،1979‬جمعّيققة تنظيققم السققرة‪ ،‬القققاهرة‪ ،‬دون تاريققخ‪ ،‬ص ‪-71‬‬
‫‪.106‬‬

‫أسعد‪ ،‬موريس‪ :‬الصل السطوري لختان الناث في العصور الفرعونّية‪ ،‬دون دار نشر‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬

‫أسعد‪ ،‬موريس‪ :‬ختان البنات من منظار مسيحي‪ ،‬جمعّية تنظيم السرة بمحافظة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫إسماعيل‪ ،‬يحيى‪ :‬تعقيب مشفوع بعتاب‪ ،‬جريدة الشعب )القاهرة(‪ .18/11/1996 ،‬والنص أيضًا فققي كتققاب محّمققد‬
‫رمضان‪ :‬ختان الناث دراسة علمّية وشرعّية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،1997 ،‬ص ‪.216-213‬‬

‫إطفيش‪ ،‬محّمد يوسف )تققوّفى عققام ‪ :(1914‬شققرح كتققاب النيققل وشققفاء العليققل‪ ،‬مكتبققة الرشققاد‪ ،‬جقّدة‪ ،‬طبعققة ‪،3‬‬
‫‪.1985‬‬

‫لمققة خليقل فقي مقذهب مالقك إمقام دار التنزيقل‪ ،‬إبقن‬


‫البي‪ ،‬صالح عبد السميع‪ :‬جواهر الكليل شرح مختصر الع ّ‬
‫شقرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الصبهاني‪ ،‬أحمد بن عبد ال )توّفى عام ‪ :(1036‬كتاب دلئل النبّوة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪.1988 ،‬‬

‫اللباني‪ ،‬محّمد ناصر الدين‪ :‬سلسلة الحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها‪ ،‬مجّلققد ‪ ،2‬المكتققب السققلمي‪،‬‬
‫بيروت ودمشق‪ ،‬طبعة ‪.1985 ،4‬‬

‫جالة‪.1988 ،‬‬
‫النبا غريغوريوس‪ :‬الختان في المسيحّية‪ ،‬لجنة النشر للثقافة القبطّية والرثوذكسّية‪ ،‬الف ّ‬

‫النبققا غريغوريققوس‪ :‬القيققم الروحّيققة فققي سققر المعمودّيققة‪ ،‬جققزء ‪ :2‬مقققالت فققي المعمودّيققة المسققيحّية والمفهققوم‬
‫جالة‪.1988 ،‬‬ ‫الرثوذكسي للخلص‪ ،‬لجنة النشر للثقافة القبطّية والرثوذكسّية‪ ،‬الف ّ‬

‫جالققة‪ ،‬طبعققة‬
‫النبا غريغوريوس‪ :‬القيم الروحّية في سر المعمودّية‪ ،‬لجنة النشر للثقافققة القبطّيققة والرثوذكسقّية‪ ،‬الف ّ‬
‫ثانية مزيدة‪.1988 ،‬‬

‫النصاري‪ ،‬زكرّيا )توّفى عام ‪ :(1520‬شرح المنهج‪ ،‬بهامش حاشية الجمل‪ ،‬المكتبقة التجارّيققة الكققبرى‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫دون تاريخ‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫الهدل‪ ،‬حسن محّمد مقبولي‪ :‬مصطلح الحديث ورجاله‪ ،‬مكتبة الجيل الجديد‪ ،‬صنعاء‪ ،‬طبعة ‪.1991 ،3‬‬

‫الباجي‪ ،‬سليمان بن خلف )توّفى عام ‪ :(1081‬كتاب المنتقى شقرح موطّققأ إمقام دار الهجققرة سقّيدنا مالقك بقن أنقس‬
‫)توّفى عام ‪ ،(795‬مطبعة دار السعادة‪ ،‬القاهرة‪ 1332 ،‬هق‪.‬‬

‫البار‪ ،‬محّمد علي‪ :‬الختان‪ ،‬دار المنار‪ ،‬جّدة‪.1994 ،‬‬

‫البار‪ ،‬محّمد علققي‪ :‬المسققؤولّية الطّبيققة وأخلقّيققات الطققبيب‪ ،‬ضققمان الطققبيب وإذن المريققض‪ ،‬دار المنققارة‪ ،‬جقّدة‪،‬‬
‫‪.1995‬‬

‫البخاري‪ ،‬محّمد بن إسماعيل )توّفى عام ‪ :(870‬صحيح البخاري‪ ،‬دار كثير واليمامة‪ ،‬بيروت ودمشق‪.1993 ،‬‬

‫حكم البنت وهل هو ضروري؟ جريدة الخبار‪ ،16/9/1979 ،‬منقول عن كتققاب أبققو بكققر عبققد‬
‫البّري‪ ،‬زكرّيا‪ :‬ما ُ‬
‫الرازق‪ :‬الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.96-95‬‬

‫البّنا‪ ،‬جمال‪ :‬وجهة نظر في الختان‪) 1997 ،‬نص غير منشور ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫البّنا‪ ،‬محّمد‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقول عن كتاب أبو بكققر عبققد الققرازق‪ :‬الختققان‪:‬‬
‫رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.80-79‬‬

‫البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس )توّفى عام ‪ :(1641‬شرح منتهى الرادات‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.1975 ،‬‬

‫شاف القناع عن متن القناع‪ ،‬عالم الكتققب‪ ،‬بيققروت‪،‬‬


‫البهوتي‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس )توّفى عام ‪ :(1641‬ك ّ‬
‫‪.1983‬‬

‫سَنن الكبرى‪ ،‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬بيروت‪.1994 ،‬‬


‫البيهقي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسين )توّفى عام ‪ :(1066‬ال ُ‬

‫سقَنن والثققار‪ ،‬جامعققة الدراسققات السققلمّية‪،‬‬


‫البيهقي‪ ،‬أبو بكر أحمققد بققن الحسققين )تققوّفى عققام ‪ :(1066‬معرفققة ال ُ‬
‫كراتشي‪.1991 ،‬‬

‫التجاني‪ ،‬محّمد بن أحمد )توّفى بعد عام ‪ :(1309‬تحفة العروس ومتعة النفققوس‪ ،‬ريققاض الرّيققس‪ ،‬لنققدن‪ ،‬قققبرص‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫سقَنن الترمققذي‪ ،‬تحقيققق وشققرح أحمققد محّمققد‬


‫الترمذي‪ ،‬محّمد بن عيسى )توّفى عام ‪ :(892‬الجامع الصحيح وهققو ُ‬
‫شاكر‪ ،‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الثعلبي‪ ،‬أحمد بن محّمد بن إبراهيم النيسابوري )توّفى عام ‪ :(1035‬قصص النبيققاء المسقّمى عققرائس المجققالس‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الجابي‪ ،‬بسام عبد الوهاب‪ :‬معجم العلم‪ ،‬معجم تراجم لشهر الرجال والنساء من العرب والمستشققرقين‪ ،‬الجّفققان‬
‫والجابي‪ ،‬قبرص‪.1987 ،‬‬

‫الجاحظ‪ ،‬أبو عثمان عمر بن بحر )توّفى عققام ‪ :(868‬كتققاب الحيققوان‪ ،‬بتحقيققق وشققرح عبققد السققلم هققارون‪ ،‬دار‬
‫الجيل‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬

‫الجزائري‪ ،‬أبو كر جابر‪ :‬يا علماء السلم أفتونا‪ ،‬مطابع الرشيد‪ ،‬المدينة‪.1992 ،‬‬

‫‪374‬‬
‫الجزيري‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬كتاب الفقه على المذاهب الربعة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ .‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الجمل‪ ،‬أبو آلء كمال علي‪ :‬نهاية البيان في أحكام الختان‪ ،‬مكتبة اليمان‪ ،‬المنصورة‪.1995 ،‬‬

‫الجمقل‪ ،‬سقليمان )تقوّفى عقام ‪ :(1790‬حاشقية الجمقل علقى شقرح المنهقج لزكرّيقا النصقاري‪ ،‬المكتبقة التجارّيقة‬
‫الكبرى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫سسقة العلمققي‪ ،‬بيقروت‪) 1993 ،‬النققص‬


‫الحقائري‪ ،‬محّمققد حسققين العلمقي‪ :‬دائرة المعققارف الشققيعّية العاّمقة‪ ،‬مؤ ّ‬
‫الخاص بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫الحّداد‪ ،‬يوسف‪ :‬إنجيل برنابا شهادة زور على القرآن الكريم‪ ،‬دون دار نشر ودون مكان النشر‪.1964 ،‬‬

‫الحديدي‪ ،‬محّمد سعيد‪ :‬ختان الولد بين الطب والسلم‪ ،‬مجّلة الشباب المسقلمين‪ ،‬العقدد الّول‪ ،‬سقنة ‪ ،12‬منققول‬
‫عن كتاب أبو بكر عبد الرازق‪ :‬الختققان‪ :‬رأي الققدين والعلققم فققي ختققان الولد والبنققات‪ ،‬دار العتصققام‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1989‬ص ‪.72-65‬‬

‫الحريري‪ ،‬أبو موسى‪ :‬قس ونبي‪ ،‬دار لجل المعرفة‪ ،‬ديار عقل‪.1985 ،‬‬

‫الحسيني‪ ،‬أيمن‪ :‬ممنوع لقل مققن ‪ 16‬سققنة‪ ،‬مراهقققون ومراهقققات وأسققئلتهم الحققائرة‪ ،‬مكتبققة إبققن سققينا‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪.1994‬‬

‫الحطاب‪ ،‬أبو بد الق محّمققد بققن محّمققد )تققوّفى عققام ‪ :(1547‬مققواهب الجليققل لشققرح مختصققر خليققل‪ ،‬دار الرشققاد‬
‫الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1992 ،‬‬

‫الحلبي‪ ،‬علي بن برهان الدين )توّفى عام ‪ :(1635‬السيرة الحلبّية‪ ،‬المكتبة السلمّية‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الحلقة الدراسّية عن النتهاك البدني لصغار الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السققرة‪ ،‬القققاهرة‪ ،‬دون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫الخرشي‪ ،‬محّمد بن عبد ال )توّفى عام ‪ :(1690‬الخرشي على مختصر سيدي خليل‪ ،‬وبهامشه حاشية الشيخ علققي‬
‫العدوي )توّفى عام ‪ ،(1775‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الخوانساري‪ ،‬أحمد‪ :‬جامع المدارك في شرح المختصر النافع‪ ،‬مكتبة الصدوق‪ ،‬طهران‪ 1405 ،‬هق ق‪.‬‬

‫الدردير‪ ،‬أبو البركات سيدي أحمد )توّفى عام ‪ :(1786‬الشقرح الصقغير علققى أقققرب المسققالك إلقى مققذهب المققام‬
‫مالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1991 ،‬‬

‫الدسوقي‪ ،‬محّمد عرفققة )تققوّفى عققام ‪ :(1815‬حاشققية الدسققوقي علققى الشققرح الكققبير لبققي البركققات سققيدي أحمققد‬
‫الدردير‪ ،‬عيسى البابي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الذيب‪ ،‬سامي‪ :‬ختان الذكور والناث عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‪ ،‬الجدل الديني‪ ،‬ريققاض الرّيققس‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫‪.2000‬‬

‫الرازي‪ ،‬أبو بكر محّمد بن زكرّيا )توّفى عام ‪ :(925‬رسققائل فلسققفّية‪ ،‬جامعققة فققؤاد الّول‪ ،‬كّليققة الداب‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪.1939‬‬

‫الرازي‪ ،‬الفخر )توّفى عام ‪ :(1209‬التفسير الكبير‪ ،‬دار الكتب العلمّية‪ ،‬طهران‪.1978 ،‬‬
‫‪375‬‬
‫الرستاقي‪ ،‬خميس بن سعيد بن علقي بقن منصقور الشقصققي )الققرن ‪ :(17‬منهققج الطقالبين بلغ الراغققبين‪ ،‬وزارة‬
‫التراث القومي والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الرملي النصاري‪ ،‬شمس الدين محّمد بن أبي العّباس )توّفى عام ‪ :(1596‬نهاية المحتققاج فققي شققرح المنهققاج فققي‬
‫الفقه على مذهب المام الشافعي‪ ،‬مكتبة الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫حية‪ ،‬مكتبققة الضققامري‪ ،‬السققيب‬


‫الريامي‪ ،‬حسن بن خلف‪ :‬العققادة السقّرية‪ ،‬السققتمناء مققن النققاحيتين الدينّيققة والصق ّ‬
‫عمان(‪.1994 ،‬‬
‫)ُ‬

‫الزبيدي‪ ،‬محّمقد بقن محّمقد )تقوّفى عقام ‪ :(1790‬شقرح تقاج العقروس مقن جقواهر الققاموس‪ ،‬دار إحيقاء القتراث‬
‫السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ )إعادة للطبعة الولى الصادرة عن المطبعة الخيرّية‪ ،‬مصر‪ 1306 ،‬هق(‪.‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ :‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪ ،‬دار الفكر المعاصققر‪ ،‬بيققروت ودار الفكققر‪ ،‬دمشققق‪،‬‬
‫طبعة ‪.1991 ،5‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬وهبة‪ :‬الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪.1984 ،‬‬

‫الزرققاني‪ ،‬محّمقد عبقد العظيقم‪ :‬مناهقل العرفقان فقي علقوم الققرآن‪ ،‬دار الكتقاب المصقري‪ ،‬الققاهرة‪ ،‬دار الكتقاب‬
‫اللبناني‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬

‫الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ :‬العلم‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1986 ،7‬‬

‫الزغبي‪ ،‬فتحي محّمد‪ :‬القرابين البشرّية والذبائح التلمودّية عند الوثنّيين واليهود‪ ،‬مطابع غّياشي‪ ،‬طنطا‪.1990 ،‬‬

‫الزمخشري‪ ،‬محمود بن عمر )توّفى عام ‪ :(1144‬الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون القاويل في وجوه التأويققل‪،‬‬
‫دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1970 ،‬‬

‫السرجاني‪ ،‬وفيه‪ :‬قراءات في الزواج‪ ،‬جمعّية تنظيم السرة بالقاهرة‪ ،‬راجع الماّدة العلمّية إبراهيم كمال‪ ،‬طبعة ‪،2‬‬
‫‪.1989‬‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬إنتصار العقل على النقل حّتى في الختان‪ ،‬الهالي‪.28/8/1997 ،‬‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬المرأة والجنس‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1983 ،5‬‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬المرأة والصراع النفسي‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.1983 ،‬‬

‫سسة العربّية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪.1974 ،‬‬


‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬الوجه العاري للمرأة العربّية‪ ،‬المؤ ّ‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬حقائق الطب الجديدة في الوليات المّتحدة حققول ختققان الققذكور والنققاث‪ ،‬أكتققوبر‪ ،‬العققدد ‪،954‬‬
‫‪ ،5/2/1995‬ص ‪.70‬‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪ ،‬الهرام‪ ،18/5/1995 ،‬ص ‪.8‬‬

‫السعداوي‪ ،‬نوال‪ :‬مّرة أخرى حول رسالة الطبيبة الشاّبة‪ ،‬الهرام‪ ،7/6/1995 ،‬ص ‪.8‬‬

‫السعيد‪ ،‬ناصر‪ :‬تاريخ آل سعود‪ ،‬منشورات إّتحاد شعب الجزيرة العربّية‪) ،‬دون مكان(‪ ،‬جزء ‪.1948 ،1‬‬

‫‪376‬‬
‫السّكري‪ ،‬عبد السلم عبد الرحيم‪ :‬ختققان الققذكر وخفققاض النققثى مققن منظققور إسققلمي‪ ،‬دار المنققار‪ ،‬هليوبققوليس‪،‬‬
‫‪) 1988‬نفس الكتاب طبعة دولّية‪ :‬الدار المصرّية للنشر والتوزيع‪ ،‬نيقوزيا‪.(1989 ،‬‬

‫حكم ختان النساء في السلم‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪ ،‬طنطا‪.1993 ،‬‬


‫السّيد‪ ،‬مجدي فتحي‪ُ :‬‬

‫الشافعي‪ ،‬محّمد إبن إدريس )توّفى عام ‪ :(820‬الم‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الشريف‪ ،‬محّمد بن شاكر‪ :‬الختان من شعار السلم‪ ،‬دار طّيبة الخضراء‪ ،‬مّكة‪.2000 ،‬‬

‫الشعراوي‪ ،‬محّمد متوّلي‪ :‬قضايا إسلمّية‪ ،‬إعداد مجدي الحفناوي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة وبيروت‪.1977 ،‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬محّمد بن علي بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1834‬فتقح الققدير الجقامع بيقن فنقي الروايقة والدرايقة مقن علقم‬
‫التفسير‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1979 ،‬‬

‫الشوكاني‪ ،‬محّمد بن علي بن محّمد )توّفى عققام ‪ :(1834‬نيققل الوطققار مققن أحققاديث سقّيد الخيققار‪ ،‬شققرح منتقققى‬
‫الخبار‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪ .‬نشرته أيضًا دار الكتب العلمّيقة‪ ،‬بيقروت‪ ،‬دون تاريقخ )الجقزء الخقاص‬
‫بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫الشيخ الصدوق‪ ،‬أبي جعفر محّمد بن علي إبن الحسن بن موسى بن بابويه )توّفى عققام ‪ :(991‬علققل الشققرائع‪ ،‬دار‬
‫البلغة‪] ،‬بيروت[‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الصادق‪ ،‬عبد ال‪ :‬تجربة القذافي في إطار الموازين السلمّية‪ ،‬دون دار نشر ودون مكان النشر‪.1981 ،‬‬

‫الصاوي‪ :‬أحمد بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1825‬حاشية بهامش الدردير‪ :‬الشرح الصققغير علققى أقققرب المسققالك إلققى‬
‫مذهب المام مالك‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1991 ،‬‬

‫حة العالمّيقة‪ ،‬المكتقب القليمقي‬


‫ظمقة الصق ّ‬
‫حكم الشرعي في ختان القذكور والنقاث‪ ،‬من ّ‬
‫الصّباغ‪ ،‬محّمد بن لطفي‪ :‬ال ُ‬
‫سط‪ ،‬السكندرّية‪.1995 ،‬‬ ‫لشرق المتو ّ‬

‫الصعيدي‪ ،‬عبد المتعال‪ :‬بين الدين والعلم في ختان النثى‪ ،‬الرسالة‪ ،‬عدد ‪ ،547‬ديسمبر ‪ ،1943‬ص ‪.1036‬‬

‫الصليبي‪ ،‬كمال‪ :‬خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل‪ ،‬دار الساقي‪ ،‬لندن‪.1988 ،‬‬

‫سسة العلمي للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬


‫الطبأطبائي‪ ،‬محّمد حسين‪ :‬الميزان في تفسير القرآن‪ ،‬مؤ ّ‬

‫الطبرسي‪ ،‬الفضل إبن الحسن )توّفى عام ‪ :(1153‬تفسير جوامع الجامع‪ ،‬طهران‪.1989 ،‬‬

‫سسققة العلمققي‬
‫الطبرسي‪ ،‬الفضل إبن الحسققن )تققوّفى عققام ‪ :(1153‬مكققارم الخلق‪ ،‬تحقيققق حسققن العلمققي‪ ،‬مؤ ّ‬
‫للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪.1994 ،‬‬

‫الطبري‪ ،‬محّمد بن جرير )توّفى عام ‪ :(923‬تاريخ الطبري‪ ،‬تاريخ المم والملوك‪ ،‬عز الدين‪ ،‬بيققروت‪ ،‬طبعققة ‪،3‬‬
‫‪.1992‬‬

‫الطبري‪ ،‬محّمد بن جرير )توّفى عام ‪ :(923‬تفسير الطبري‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.1978 ،‬‬

‫سسة البعثة )بنياد بعثت(‪ ،‬طهققران‪ 1410 ،‬هقق )الجقزء الخقاص‬


‫الطفل نشوؤه وتربيته‪ ،‬قسم الطفال والناشئين لمؤ ّ‬
‫بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫الطوسي‪ ،‬أبو جعفر محّمد بن الحسن بن علي )توّفى عام ‪ :(1067‬النهايققة فققي مج قّرد الفقققه والفتققاوى‪ ،‬إنتشققارات‬
‫قدس محّمدي‪ ،‬قم‪.1987 ،‬‬

‫العققاملي‪ :‬محّمققد بققن الحسققن الحققر )تققوّفى عققام ‪ :(1692‬وسققائل الشققيعة إلققى تحصققيل مسققائل الشققريعة‪ ،‬المكتبققة‬
‫السلمّية‪ ،‬طهران‪.1982 ،‬‬

‫العاملي‪ ،‬زين الدين الجبعي )توّفى عام ‪ :(1559‬الروضققة البهّيققة فققي شققرح اللمعققة الدمشقققّية‪ ،‬منشققورات جامعققة‬
‫النجف‪ ،‬النجف‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫العّبودي‪ ،‬ناصر حسين‪ :‬الختان في دولة المارات‪ ،‬مجّلة المأثورات الشعبّية‪ ،‬سنة ‪ ،1‬عققدد ‪ ،3‬يوليققو ‪ ،1986‬ص‬
‫‪.71-63‬‬

‫العدوي‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬رأي‪ ،‬منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق‪ :‬الختقان‪ :‬رأي الققدين والعلققم فققي ختقان الولد‬
‫والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.98-97‬‬

‫العدوي‪ ،‬علي الصعيدي )توّفى عام ‪ :(1775‬حاشية العدوي علققى شققرح أبققي الحسققن لرسققالة إبققن أبققي زيققد‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫العراقي‪ ،‬زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسن )توّفى عام ‪ ،(1404‬وابنه العراقي‪ ،‬ولي الدين أبققي زرعققة‬
‫)توّفى عام ‪ :(1423‬كتاب طرح التثريب في شرح التقريب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫سسققة‬
‫لمة الحلي‪ ،‬جمال الدين الحسن بن يوسف )توّفى عقام ‪ :(1325‬تبصققرة المتعّلميققن فققي أحكققام الققدين‪ ،‬مؤ ّ‬
‫الع ّ‬
‫العلمي للمطبوعات‪ ،‬بيروت‪.1984 ،‬‬

‫العلي‪ ،‬إبراهيم‪ :‬صحيح السيرة النبوّية‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬عمان‪.1995 ،‬‬

‫العّوا‪ ،‬محّمد سليم‪ :‬تعقيب على التعقيب‪ ،‬جريدة الشعب )القاهرة(‪ .22/11/1996 ،‬والنص أيضًا فققي كتققاب محّمققد‬
‫رمضان‪ :‬ختان الناث دراسة علمّية وشرعّية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،1997 ،‬ص ‪.222-217‬‬

‫سّنة ول َمكُرَمة‪ ،‬جريدة الشعب )القاهرة(‪ .18/11/1994 ،‬والنص أيضًا فققي‬ ‫العّوا‪ ،‬محّمد سليم‪ :‬ختان البنات ليس ُ‬
‫حة العالمّيققة‪ ،‬المكتققب‬
‫ظمققة الصق ّ‬
‫حكققم الشققرعي فققي ختققان الققذكور والنققاث‪ ،‬من ّ‬
‫كتاب محّمد بن لطفققي الصقّباغ‪ :‬ال ُ‬
‫سققط‪ ،‬السققكندرّية‪ ،1995 ،‬ص ‪ ،34-26‬وفقي مقّدمقة كتققاب محّمقد رمضققان‪ :‬ختققان النققاث‬ ‫القليمي لشرق المتو ّ‬
‫دراسة علمّية وشرعّية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،1997 ،‬ص ‪) 24-13‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫العّوا‪ ،‬محّمققد سققليم‪ :‬مفقاهيم مغلوطقة‪ ،‬جريقدة الشقعب )الققاهرة(‪ .1/11/1996 ،‬والنقص أيضقًا فقي كتقاب محّمقد‬
‫رمضان‪ :‬ختان الناث دراسة علمّية وشرعّية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،1997 ،‬ص ‪.212-207‬‬

‫العيني‪ ،‬محمود بن أحمد )توّفى عام ‪ :(1451‬البناية في شرح الهداية‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫الغزالي‪ ،‬محّمد بن محّمد )توّفى عام ‪ :(1111‬إحياء علوم الدين‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1976 ،‬‬

‫الغّوابي‪ ،‬حامد‪ :‬ختان البنات بين الطققب والسققلم‪ ،‬مجّلققة لققواء السققلم‪ ،‬العققدد ‪،7‬ق ‪ 8‬و ‪ ،11‬سققنة ‪،[1951] 11‬‬
‫منقول عن كتاب أبقو بكققر عبققد الققرازق‪ :‬الختققان‪ :‬رأي الققدين والعلققم فققي ختققان الولد والبنققات‪ ،‬دار العتصققام‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.63-49‬‬

‫الفتاوى الهندّية )‪ ،(1672-1664‬تأليف جماعة من علماء الهند على رأسهم الشيخ الهمام )توّفى عام ‪ ،(1679‬دار‬
‫إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1980 ،3‬‬
‫‪378‬‬
‫الفنجري‪ ،‬أحمد شوقي‪ :‬الختان في الطب وفي الدين وفي القانون‪ ،‬دار المين‪ ،‬القاهرة‪1995 ،‬‬

‫القادري‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬الختان بين الطب والشريعة‪ ،‬دار إبن النفيس‪ ،‬دمشق‪.1996 ،‬‬

‫القّباني‪ ،‬صبري‪ :‬حياتنا الجنسّية‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬إعادة طبع ‪.1995 ،32‬‬

‫القّرافي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن إدريس )توّفى عام ‪ :(1285‬الذخيرة‪ ،‬تحقيق محّمد حجققي‪ ،‬دار الغققرب السققلمي‪،‬‬
‫بيروت‪.1994 ،‬‬

‫صة بالختان‬
‫القرضاوي‪ ،‬يوسف‪ :‬هدى السلم‪ :‬فتاوى معاصرة‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الكويت‪ ،‬طبعة ‪) 1987 ،3‬الفتوى الخا ّ‬
‫ملحقة بكتابنا(‪.‬‬

‫القرطبي‪ ،‬عبد ال محّمد بن أحمد النصاري )توّفى عام ‪ :(1273‬الجامع لحكقام القققرآن‪ ،‬الهيئة المصققرّية العاّمققة‬
‫للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.1987 ،‬‬

‫القمني‪ ،‬سّيد‪ :‬النبي إبراهيم والتاريخ المجهول‪ ،‬سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪.1990 ،‬‬

‫الكتاب المقّدس‪ ،‬المطبعة الكاثوليكّية‪ ،‬بيروت‪.1951 ،‬‬

‫الكتاب المقّدس‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1988 ،3‬‬

‫الكليني‪ ،‬أبو عفر محّمد بققن يعققوب بقن إسقحاق )تقوّفى عقام ‪ :(941‬الفقروع مقن الكققافي‪ ،‬دار الكتققب السققلمّية‪،‬‬
‫طهران‪.1981 ،‬‬

‫اللبان‪ ،‬محّمد محّمد‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقول عن كتقاب أبققو بكقر عبقد الققرازق‪:‬‬
‫الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.86-83‬‬

‫اللويحق‪ ،‬جميل بن حبيب‪ :‬التشّبه المنهي عنه في الفقه السلمي‪ ،‬دار الندلس الخضراء‪ ،‬جّدة‪.1999 ،‬‬

‫سسققة‬
‫المحّقققق الحلققي‪ ،‬جعفققر بققن الحسققن )تققوّفى عققام ‪ :(1277‬شققرائع السققلم فققي مسققائل الحلل والحققرام‪ ،‬مؤ ّ‬
‫إسماعيليان‪ ،‬قم‪ 1409 ،‬هق‪.‬‬

‫المرداوي‪ ،‬علء الدين أبي الحسن علي بن سليمان )توّفى عام ‪ :(1480‬النصاف في معرفة الراجققح مققن الخلف‬
‫على مذهب المام المبجل أحمد بن حنبل‪ ،‬تحقيق محّمد حامد الفقي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعققة ‪،2‬‬
‫‪.1986‬‬

‫سسققة الريققان‪ ،‬بيققروت‪،‬‬


‫المرصفي‪ ،‬سعد‪ :‬أحاديث الختان حجيتهققا وفقههققا‪ ،‬مكتبققة المنققار السققلمّية‪ ،‬الكققويت‪ ،‬مؤ ّ‬
‫‪ .1994‬صدر أيضًا تحت إسم المرصفي‪ ،‬سعد محّمد الشيخ في »مجّلة الشريعة والدراسات السلمّية«‪ ،‬الكققويت‪،‬‬
‫سنة ‪ ،8‬عدد ‪ ،20‬مايو ‪ ،1993‬صفحة ‪.176-99‬‬

‫المرغيناني‪ ،‬علي بن أبي بكققر )تققوّفى عققام ‪ :(1197‬الهدايققة شققرح بدايققة المبتققدي‪ ،‬دار الكتققب العلمّيققة‪ ،‬بيققروت‪،‬‬
‫‪.1990‬‬

‫صة الجمعّيات غير الحكومّية‪ ،‬سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬


‫المصري‪ ،‬سناء‪ :‬تمويل وتطبيع‪ ،‬ق ّ‬

‫المقريزي‪ ،‬أحمد بن علي )تققوّفى عققام ‪ :(1441‬المققواعظ والعتبققار بققذكر الخطققط والخبققار المعققروف بققالخطط‬
‫المقريزية‪ ،‬مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬
‫‪379‬‬
‫حة المرأة والطفل‪ ،‬دليل مكافحة ختان الناث‪ ،‬جمعّية تنظيققم السققرة‪] ،‬القققاهرة[‪،‬‬
‫الممارسات التقليدّية الضاّرة بص ّ‬
‫دون تاريخ‪.‬‬

‫المّناوي‪ ،‬محّمد المدعو بعبد الققرؤوف )تققوّفى عققام ‪ :(1622‬فيققض القققدير شققرح الجققامع الصققغير‪ ،‬دار المعرفققة‪،‬‬
‫بيروت‪.1995 ،‬‬

‫سّنة‪ ،‬المجلس العلى للشئون السلمّية‪ ،‬القاهرة‪.1992 ،‬‬


‫المنتخب من ال ُ‬

‫المهدوي‪ ،‬مصطفى كمال‪ :‬البيان بققالقرآن‪ ،‬الققدار الجماهيرّيققة للنشققر والتوزيققع والعلن‪ ،‬مصققراته‪ ،‬ودار الفققاق‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪) 1990 ،‬القسم الخاص بالختان ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫الموصلي بن مودود‪ ،‬عبد ال بن محمود )توّفى عام ‪ :(1284‬الختيار لتعليل المختار‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫حة‬
‫جار‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬موقف السلم من ختان الناث‪ ،‬الجمعّية المصرّية للوقاية من الممارسققات الضققاّرة بصق ّ‬ ‫الن ّ‬
‫المرأة والطفل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1990 ،4‬‬

‫النديم‪] ،‬نشرة مركز النديم للعلج والتأهيل النفسي[‪ ،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫النزوي‪ :‬أبو بكر أحمد بقن عبققد الق بقن موسقى الكنقدي السققمدي )تقوّفى عققام ‪ :(1162‬المصقّنف‪ ،‬وزارة الققتراث‬
‫القومي والثقافة‪ ،‬مسقط‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫سَنن النسائي‪ ،‬بشرح جلل الدين السّيوطي )توّفى عام ‪ (1505‬وحاشية‬


‫النسائي‪ ،‬أحمد بن علي )توّفى عام ‪ُ :(915‬‬
‫المام السندي )توّفى عام ‪ ،(1726‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪) ،‬دون تاريخ(‪.‬‬

‫النفزاوي‪ ،‬محّمد بن أبي بكر )توّفى عام ‪ :(1324‬الروض العاطر في نزهة الخاطر‪ ،‬تحقيق جمال جمعة‪ ،‬ريققاض‬
‫الرّيس‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1993 ،2‬‬

‫النمققر‪ ،‬عبققد المنعققم‪ :‬علققم التفسققير‪ ،‬دار الكتققاب المصققري‪ ،‬دار الكتققب السققلمّية ودار الكتققاب اللبنققاني‪ ،‬القققاهرة‬
‫وبيروت‪.1985 ،‬‬

‫النووي‪ ،‬أبو زكرّيا محيي الدين )توّفى عام ‪ :(1277‬المجموع شرح المهّذب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.1990 ،‬‬

‫النووي‪ ،‬أبو كريا محيي الدين )توّفى عام ‪ :(1277‬المنهاج في شرح صحيح مسلم‪ ،‬دار الخيققر‪ ،‬بيققروت ودمشققق‪،‬‬
‫‪.1994‬‬

‫النووي‪ ،‬أبو كريا محيي الدين )توّفى عام ‪ :(1277‬فتاوى المام النووي المسماة بالمسققائل المنثققورة‪ ،‬حّقققه محّمققد‬
‫الحجار‪ ،‬دار السلم‪] ،‬القاهرة؟[‪ ،‬طبعة ‪.1986 ،4‬‬

‫الهّواري‪ ،‬محّمد‪ :‬الختان في اليهودّية والمسيحّية والسلم‪ ،‬كّلية الداب‪ ،‬جامعة عين شمس‪.1987 ،‬‬

‫أمين‪ ،‬أحمد )توّفى عام ‪ :(1954‬قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرّية‪ ،‬مكتبة النهضة المصققرّية‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪.1992‬‬

‫أمين‪ ،‬فيصل محّمد مكي‪ :‬خفاض المرأة‪ ،‬منشورات معهد سكينة‪ ،‬أم درمان‪.1990 ،‬‬

‫إنجيل برنابا‪ ،‬ترجمة خليل سعادة‪ ،‬نشر محّمد رشيد رضا‪ ،‬مجّلة المنار‪ ،‬القاهرة‪.1908 ،‬‬
‫‪380‬‬
‫سان شمسي‪ :‬أسرار الختان تتجّلى في الطب الحديث‪ ،‬ضمن »موسوعة الطب النبوي بين العجاز والعلققم‬‫باشا‪ ،‬ح ّ‬
‫الحديث« رقم ‪ ،5‬مكتبة السوادي‪ ،‬جّدة‪ ،‬طبعة ‪.1993 ،2‬‬

‫بدوي‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬من تاريخ اللحاد في السلم‪ ،‬سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪.1993 ،2‬‬

‫برسوم‪ ،‬عوني‪ :‬التقنيققن الكنسققي‪ ،‬تقنيققن الكنيسققة القبطّيققة الرثوذكسقّية‪ ،‬مطققابع مكتققب العمققال الفّنيققة‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫‪.1994‬‬

‫بوحديبة‪ ،‬عبد الوهاب‪ :‬السلم والجنس‪ ،‬ترجمة وإعداد هالة العوري‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪.1987 ،‬‬

‫جاد الحق‪ ،‬جاد الحق علي )توّفى عام ‪ :(1996‬الختان‪ ،‬هدّية مجانّية ملحقة بمجّلقة الزهقر لشقهر جمقادى الولقى‬
‫‪ 1415‬هق )أكتوبر ‪) (1994‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫جاد الحق‪ ،‬جاد الحق علي )توّفى عام ‪ :(1996‬فتوى‪ ،‬الفتاوى السلمّية من دار الفتاء المصرّية‪ ،‬المجّلد التاسع‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،3891 ،‬ص ‪) 3125-3119‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫جبران‪ ،‬جبران خليل )توّفى عام ‪ :(1931‬النبي‪ ،‬في المجموعة الثانية مققن مؤّلفققات جققبران خليققل جققبران‪ ،‬مكتبققة‬
‫صادر ودار جبران‪ ،‬بيروت‪.1981 ،‬‬

‫صققة بالختققان ملحققة‬


‫جمال‪ ،‬أحمققد محّمققد‪ :‬يسققألونك‪ ،‬دار إحيققاء العلققوم‪ ،‬بيققروت‪ ،‬طبعققة ‪،3‬ق ‪) 1994‬الفتققوى الخا ّ‬
‫بكتابنا(‪.‬‬

‫حريز‪ ،‬سّيد حامد ومنصور‪ ،‬محّمد إبراهيم‪ :‬دور الحياة البشرّية في مجتمع المارات‪ ،‬جامعققة المققارات العربّيققة‪،‬‬
‫العين‪.1997 ،‬‬

‫حسب ال‪ ،‬علي‪ :‬أصول التشريع السلمي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.1987 ،‬‬

‫حسين‪ ،‬طه )توّفى عام ‪ :(1973‬في الدب الجاهلي‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1977 ،12‬‬

‫حسين‪ ،‬طه )توّفى عام ‪ :(1973‬في الشعر الجاهلي‪ ،‬دار الكتب المصرّية‪ ،‬القاهرة‪ .1926 ،‬أعيد نشر هققذا النققص‬
‫في مجّلة »القاهرة« عدد ‪ ،159‬فبراير ‪ ،1996‬ص ‪.449-389‬‬

‫حسين‪ ،‬طه )توّفى عام ‪ :(1973‬في الشعر الجاهلي‪ ،‬دار الكتب المصرّية‪ ،‬القاهرة‪ .1926 ،‬أعيد نشر هققذا النققص‬
‫في مجّلة »القاهرة« عدد ‪ ،159‬فبراير ‪ ،1996‬ص ‪.449-389‬‬

‫حمروش‪ ،‬إبراهيم‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقول عققن كتققاب أبققو بكققر عبققد الققرازق‪:‬‬
‫الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.75‬‬

‫خضر‪ ،‬محمود محّمد‪ :‬خفاض الناث وختان الذكور فققي الشققريعة السققلمّية‪) 1997 ،‬نققص غيققر منشققور ملحققق‬
‫بكتابنا(‪.‬‬

‫لف‪ ،‬عبد الوهاب‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقول عن كتاب أبو بكققر عبققد الققرازق‪:‬‬‫خّ‬
‫الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.76‬‬

‫خليفة‪ ،‬رشاد )توّفى عام ‪ :(1990‬معجزة القرآن الكريم‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪.1983 ،‬‬

‫‪381‬‬
‫حكم الشرعي في ختان الذكور والنققاث‪،‬‬
‫داوود‪ ،‬المين‪ :‬الخفاض الفرعوني‪ ،‬في كتاب محّمد بن لطفي الصّباغ‪ :‬ال ُ‬
‫سط‪ ،‬القاهرة‪ ،1995 ،‬ص ‪.25-19‬‬ ‫حة العالمّية‪ ،‬المكتب القليمي لشرق المتو ّ‬
‫ظمة الص ّ‬
‫من ّ‬

‫راشد‪ ،‬نور السّيد‪ :‬وداعًا للخلف في أمر الختان‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪) 1995 ،‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫رزق‪ ،‬سامية سليمان‪ :‬نحو إستراتيجّية إعلمّية لمواجهة الختان النتهققاك البققدني لصققغار النققاث‪ ،‬مكتبققة النجلققو‬
‫المصرّية‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬

‫رزق‪ ،‬سامية سليمان‪ :‬نحو إستراتيجّية إعلمّية لمواجهة الختان النتهققاك البققدني لصققغار النققاث‪ ،‬مكتبققة النجلققو‬
‫المصرّية‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬

‫رضوان‪ ،‬سعد‪ :‬أهل الطب والختان‪ ،‬طبيبك الخاص‪ ،‬نوفمبر ‪ ،1994‬ص ‪.63-60‬‬

‫رمضان‪ ،‬محّمد‪ :‬ختان الناث دراسة علمّية وشرعّية‪ ،‬تقديم محّمد سليم العّوا‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪.1997 ،‬‬

‫زكرّيا‪ ،‬هدى‪ :‬البعد الجتماعي لقضّية الختان‪ ،‬ندوة ختان الناث ‪ -‬منظور علمي إجتمققاعي‪ ،‬مركققز النققديم لتأهيققل‬
‫حية والبدنّيققة‪ ،‬القققاهرة ‪ ،2/12/1994‬ص ‪-15‬‬ ‫ضحايا العنف‪ ،‬مركز دراسات المرأة الجديدة‪ ،‬جمعّية التنمية الص ق ّ‬
‫‪.18‬‬

‫سالم‪ ،‬محّمد إبراهيم‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقول عن كتاب أبققو بكقر عبقد الققرازق‪:‬‬
‫الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.82-81‬‬

‫سبينوزا )توّفى عام ‪ :(1677‬رسالة في اللهوت والسياسة‪ ،‬ترجمة الدكتور حسن حنفققي‪ ،‬مراجعققة الققدكتور فققؤاد‬
‫زكرّيا‪ ،‬الطليعة‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1994 ،3‬‬

‫حكم الخفاض والختان كما يراه الفقهاء والطّبققاء‪ ،‬مكتبققة القققرآن‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫سليم‪ ،‬محّمد إبراهيم‪ :‬دليل الحيران في ُ‬
‫‪1994‬‬

‫حكم الخفاض والختان كما يراه الفقهاء والطّبققاء‪ ،‬مكتبققة القققرآن‪ ،‬القققاهرة‪،‬‬
‫سليم‪ ،‬محّمد إبراهيم‪ :‬دليل الحيران في ُ‬
‫‪1994‬‬

‫سيف الدولة‪ ،‬عايدة‪ :‬قراءة في الصراع الدائر حول قضّية ختان الناث‪ ،‬فققي نققدوة ختققان النققاث ‪ -‬منظققور علمققي‬
‫حية والبدنّيقة‪،‬‬
‫إجتماعي‪ ،‬مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف‪ ،‬مركز دراسقات المقرأة الجديقدة‪ ،‬جمعّيقة التنميقة الصق ّ‬
‫القاهرة ‪ ،2/12/1994‬ص ‪.35-31‬‬

‫لح‪ ،‬الكويت‪.1989 ،‬‬


‫شبير‪ ،‬محّمد عثمان‪ :‬أحكام جراحة التجميل في الفقه السلمي‪ ،‬مكتبة الف ّ‬

‫شلتوت‪ ،‬محمود )توّفى عام ‪ :(1964‬الفتاوى‪ :‬دراسة لمشكلت المسلم المعاصر فققي حيققاته اليومّيققة والعاّمققة‪ ،‬دار‬
‫صة بالختان ملحقة بكتابنا(‪.‬‬
‫الشروق‪ ،‬القاهرة وبيروت‪ ،‬طبعة ‪) 1980 ،10‬الفتوى الخا ّ‬

‫شلتوت‪ ،‬محمود )توّفى عام ‪ :(1964‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪ ،1951 ،5‬منقول عن كتاب أبو بكر‬
‫عبد الرازق‪ :‬الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختققان الولد والبنققات‪ ،‬دار العتصققام‪ ،‬القققاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪90-87‬‬
‫)ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫شوكت‪ ،‬صابر‪ :‬الغشاء وأحلم العذارى‪ ،‬دار الجنتل‪ ،‬المعادي‪.1998 ،‬‬

‫شيخو‪ ،‬لويس )توّفى عام ‪ :(1927‬النصرانّية وآدابها بين عرب الجاهلّية‪ ،‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1989 ،2‬‬
‫‪382‬‬
‫صبحي‪ ،‬أحمد محمود؛ زيدان‪ ،‬محمود فهمي‪ :‬في فلسفة الطب‪ ،‬دار النهضة العربّية‪ ،‬بيروت‪.1993 ،‬‬

‫جهة إلى السّيد الدكتور علي عبد الفتا ح في ‪) 8/10/1994‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬


‫طنطاوي‪ ،‬محّمد سّيد‪ :‬فتوى مو ّ‬

‫طنطاوي‪ ،‬محّمد سقّيد‪ :‬فتققوى‪ ،‬الفتققاوى السققلمّية مققن دار الفتققاء المصققرّية‪ ،‬المجّلققد ‪ ،21‬القققاهرة‪ ،1994 ،‬ص‬
‫‪) 7864‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫طه‪ ،‬محمود أحمد‪ :‬ختان الناث بين التجريم والمشروعّية‪ ،‬دار النهضة العربّية‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬

‫ظمة رينبو‪ ،‬نيويورك‪.1996 ،‬‬


‫طوبيا‪ ،‬ناهد‪ :‬التشويه الجنسي للناث‪ ،‬نداء من أجل حملة عالمّية‪ ،‬من ّ‬

‫عبد الباقي‪ ،‬محّمد فؤاد‪ :‬المعجم المفهرس للفاظ القرآن الكريم‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫عبد الرازق‪ ،‬أبو بكر‪ :‬الختان‪ ،‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬

‫عبد السلم‪ ،‬سهام‪ :‬التشويه الجنسقي للنققاث )الختقان( أوهققام وحققائق‪ ،‬مجموعقة العمققل المعنّيقة بمناهضقة ختقان‬
‫البنات‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق النسان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫عبد السلم‪ ،‬سهام‪ :‬التشويه الجنسقي للنققاث )الختقان( أوهققام وحققائق‪ ،‬مجموعقة العمققل المعنّيقة بمناهضقة ختقان‬
‫البنات‪ ،‬مركز القاهرة لدراسات حقوق النسان القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫عبد السلم‪ ،‬سهام‪ :‬ختان النققاث بأيققدي الطّبققاء إنتهققاك لداب المهنققة‪ ،‬فققي نققدوة ختققان النققاث ‪ -‬منظققور علمققي‬
‫حية والبدنّيقة‪،‬‬
‫إجتماعي‪ ،‬مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف‪ ،‬مركز دراسقات المقرأة الجديقدة‪ ،‬جمعّيقة التنميقة الصق ّ‬
‫القاهرة ‪ ،2/12/1994‬ص ‪.29-25‬‬

‫ظمققات‬
‫حة النجابّيققة‪ ،‬اللجنققة القومّيققة للمن ّ‬
‫عبد السلم‪ ،‬سهام؛ حلمي‪ ،‬مجدي‪ :‬مفاهيم جديدة لحياة أفضل‪ ،‬دليل الص ق ّ‬
‫غير الحكومّية‪ ،‬القاهرة‪.1998 ،‬‬

‫عبد الفّتاح‪ ،‬كاميليا‪ :‬الضرار النفسّية لختان البنات‪ ،‬في الحلقة الدراسّية عن النتهاك البدني لصغار النققاث‪-14 ،‬‬
‫‪ 15‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.70-65‬‬

‫عبد الهادي‪ ،‬آمال‪ :‬كفققاح قريققة مصققرّية للقضققاء علققى ختققان النققاث‪ ،‬مركققز القققاهرة لدراسققات حققوق النسققان‪،‬‬
‫القاهرة‪.1998 ،‬‬

‫عبد الهادي‪ ،‬آمال؛ عبد السلم‪ ،‬سهام‪ :‬موقف الطّباء من ختان الناث‪ ،‬مركز الققاهرة لدراسققات حققوق النسققان‪،‬‬
‫القاهرة‪.1998 ،‬‬

‫عبده‪ ،‬محّمد )توّفى عام ‪ :(1905‬تفسير القرآن الكريم الشهير بتفسير المنار‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.1980 ،‬‬

‫عرنوس‪ ،‬محمود‪ :‬رأي‪ ،‬مجّلة لواء السلم‪ ،‬عدد ‪ ،1‬سنة ‪،5‬ق ‪ ،1951‬منقققول عققن كتققاب أبققو بكققر عبققد الققرازق‪:‬‬
‫الختان‪ :‬رأي الدين والعلم في ختان الولد والبنات‪ ،‬دار العتصام‪ ،‬القاهرة‪ ،1989 ،‬ص ‪.94-91‬‬

‫عفيفي‪ ،‬محّمد‪ :‬مرشد الحيران في عملّية الختان‪ ،‬مجّلة الهلل‪ ،‬أبريل ‪ ،1971‬ص ‪) 126-120‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫علوان‪ ،‬عبد ال ناصح‪ :‬تربية الولد في السلم‪ ،‬طبعة ‪ ،8‬دار السلم‪ ،‬القاهرة‪.1985 ،‬‬

‫‪383‬‬
‫صل في تاريخ العرب َقبل السلم‪ ،‬جزء ‪ ،6‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت ومكتبة النهضة العربّيققة‪،‬‬
‫علي‪ ،‬جّواد‪ :‬المف ّ‬
‫بغداد‪ ،‬طبعة ‪.1980 ،3‬‬

‫سسة نوفل‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1988 ،5‬‬


‫علي‪ ،‬محّمد قّره‪ :‬الضاحكون‪ ،‬مؤ ّ‬

‫حية الناتجة عققن ختققان البنققات‪ ،‬فققي الحلقققة الدراسقّية عققن النتهققاك البققدني لصققغار‬
‫عّمار‪ ،‬رشدي‪ :‬الضرار الص ّ‬
‫الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.53-44‬‬

‫حية الناتجة عققن ختققان البنققات‪ ،‬فققي الحلقققة الدراسقّية عققن النتهققاك البققدني لصققغار‬
‫عّمار‪ ،‬رشدي‪ :‬الضرار الص ّ‬
‫الناث‪ 15-14 ،‬أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.53-44‬‬

‫عويس‪ ،‬صلح محمود‪ :‬ختان الناث في ضوء قواعد المسؤولّية الجنائّية والمدنّية في القانون المصققري‪ ،‬الجمعّيققة‬
‫حة المرأة والطفل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1996 ،3‬‬ ‫المصرّية للوقاية من الممارسات الضاّرة بص ّ‬

‫غّباش‪ ،‬موزه عبيد‪ :‬سوسيولوجيا العادات والتقاليد لمرحلة الميلد في مجتمع المارات‪ ،‬دار القراءة للجميع‪ ،‬دبي‪،‬‬
‫‪.1998‬‬

‫فّياض‪ ،‬سليمان‪ :‬أصوات‪ ،‬المجموعة القصصّية‪ ،‬القسم الثاني‪ ،‬الهيئة المصرّية العاّمة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬

‫فّياض‪ ،‬محّمد‪ :‬البتر التناسلي للناث‪ :‬ختان البنات‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة وبيروت‪.1998 ،‬‬

‫قليوبي وعميرة‪ :‬حاشية المامين الشيخ شهاب الدين القليوبي والشيخ عميرة على شرح جلل الققدين المحّلققي علققى‬
‫منهاج الطالبين للنووي‪ ،‬دار إحياء الكتب العربّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫كامل‪ ،‬مجدي‪ :‬أوهام الجنس‪ ،‬دون دار نشر‪] ،‬القاهرة؟[‪ ،‬طبعة ‪.1995 ،3‬‬

‫كشك‪ ،‬محّمد جلل‪ :‬خواطر مسلم في المسألة الجنسّية‪ ،‬مكتبة التراث السلمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1992 ،3‬‬

‫كلس‪ ،‬جوزيف‪ :‬مسيرة الطب في الحضارات القديمة‪ ،‬دار طلس‪ ،‬دمشق‪.1995 ،‬‬

‫كمال‪ ،‬عبد ال‪ :‬التحليل النفسي للنبياء‪ ،‬دار الخّيال‪] ،‬القاهرة[‪.1996 ،‬‬

‫لويس‪ ،‬جوزيف‪ :‬الختان ضللة إسرائيلّية مؤذية‪ ،‬نقله إلى العربّية عصام الدين ناصف‪ ،‬وقّدم له ببحث في الختققان‬
‫عند المم السلمّية وأنه اثر من آثار السرائيلّيات في السققلم‪ ،‬دار مطققابع الشققعب‪ ،‬القققاهرة‪1971) ،‬؟( )أنظققر‬
‫العنوان النكليزي الصلي في قائمة المراجع تحت إسم ‪) (Lewis, Joseph‬المقّدمة ملحقة بكتابنا(‪.‬‬

‫حة النجابّية للمرأة‪ :‬ورشة عمل حول ختان الناث ‪ 26-25‬مارس ‪ ،1995‬إعققداد آمققال عبققد الهققادي‪،‬‬
‫مؤتمر الص ّ‬
‫]القاهرة[‪ ،‬دون تاريخ‪.‬‬

‫مجّلققة البحققوث السققلمّية‪ ،‬الريققاض‪ ،‬فتققوى عققن الختققان‪ ،‬عققدد ‪،25‬ق ‪ 1409‬هققق‪ 1989 ،‬م‪ ،‬ص ‪) 62-61‬ملحققق‬
‫بكتابنا(‪.‬‬

‫سسة العربّية للدراسات والنشر‪ ،‬بيروت‪.1972 ،‬‬


‫محاكمة طه حسين‪ ،‬المؤ ّ‬

‫محمود‪ ،‬زكي نجيب‪ :‬تجديد الفكر العربي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬بيروت والقاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1974 ،3‬‬

‫محمود‪ ،‬زكي نجيب‪ :‬ثقافتنا في مواجهة العصر‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬بيروت والقاهرة‪.1976 ،‬‬

‫‪384‬‬
‫حكم السلم في الختان َقبل البلوغ وبعده‪ ،‬مكتبة الداب‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫محمود‪ ،‬عبد الرحمن حسن‪ُ :‬‬

‫مخلوف‪ ،‬حسين محّمد‪ :‬فتوى‪ ،‬الفتاوى السلمّية من دار الفتاء المصققرّية‪ ،‬المجّلققد الثققاني‪ ،‬القققاهرة‪ ،1981 ،‬ص‬
‫‪) 449‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫مسلم )توّفى عام ‪ :(875‬صحيح مسلم بشرح محيققي الققدين أبققو زكرّيققا النققووي )تققوّفى عققام ‪ ،(1277‬دار الخيققر‪،‬‬
‫بيروت‪.1994 ،‬‬

‫مطلوب‪ ،‬عبد المجيد محمود‪ :‬أصول الفقه السلمي‪ ،‬دار النهضة العربّية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ‪.1992 ،2‬‬

‫طأ مالققك‪،‬‬
‫معروف‪ ،‬بشار عواد )وآخرون(‪ :‬المسند الجامع لحاديث الكتب السّتة‪ ،‬ومؤّلفات أصحابها الخرى ومو ّ‬
‫سقَنن القدارمي‪ ،‬وصقحيح إبقن خزيمقة‪ ،‬دار الجيقل‪ ،‬بيقروت‬
‫ومسانيد الحميدي‪ ،‬واحمد بن حنبل‪ ،‬وعبد بن حميقد و ُ‬
‫والشركة المّتحدة‪ ،‬الكويت‪.1993 ،‬‬

‫مغنّية‪ ،‬محّمد جّواد‪ :‬إسرائيلّيات القرآن‪ ،‬تفسير إسرائيلّيات القرآن يظهر حقيقة اليهود وعقيققدتهم الصققهيونّية‪ ،‬نشققر‬
‫عبد الحسين مغنّية‪ ،‬دار جّواد‪ ،‬بيروت‪ ،‬طبعة ‪.1984 ،2‬‬

‫مغنّية‪ ،‬محّمد جّواد‪ :‬التفسير الكاشف‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪.1991 ،‬‬

‫صة بالختان ملحقة في‬


‫مّناع‪ ،‬حسن مراد‪ :‬فتاوى وتوجيهات‪ ،‬دار الصفوة‪ ،‬الكويت‪ ،‬طبعة ‪) 1990 ،2‬الفتوى الخا ّ‬
‫كتابنا(‪.‬‬

‫مهران‪ ،‬ماهر‪ :‬الضرار الطّبية في ختان الناث‪ ،‬في الحلقة الدراسّية عن النتهاك البدني لصغار الناث‪15-14 ،‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1979‬جمعّية تنظيم السرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دون تاريخ‪ ،‬ص ‪.64-58‬‬

‫ندوة ختان الناث ‪ -‬منظور علمي إجتماعي‪ ،‬مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف‪ ،‬مركققز دراسققات المققرأة الجديققدة‪،‬‬
‫حية والبدنّية‪ ،‬القاهرة ‪.2/12/1994‬‬
‫جمعّية التنمية الص ّ‬

‫لم‪ :‬فتوى‪ ،‬الفتاوى السلمّية من دار الفتاء المصرّية‪ ،‬المجّلد السققادس‪ ،‬القققاهرة‪ ،2891 ،‬ص ‪-5891‬‬
‫صار‪ ،‬ع ّ‬
‫ن ّ‬
‫‪) 1986‬ملحق بكتابنا(‪.‬‬

‫يانسن‪ ،‬روزالينققد وجققاك‪ :‬الطفققل المصققري القققديم‪ ،‬ترجمققة أحمققد زهيققر أميققن‪ ،‬الهيئة المصققرّية العاّمققة للكتققاب‪،‬‬
‫القاهرة‪.1997 ،‬‬

‫المراجع باللغات الغربّية‬


‫نذكر هنا فقط المراجع باللغات الغربّية التي إعتمدنا عليها في هذا الكتقاب‪ .‬وهقذه المراجقع مرّتبقة حسقب القترتيب‬
‫صققة القققدامى منهققم‪،‬‬
‫البجدي‪ ،‬آخذين بالعتبار إسم العائلة أو الشهرة‪ .‬هذا وقد أشرنا إلى تاريخ وفاة المققؤّلفين‪ ،‬خا ّ‬
‫بعد ذكر إسمهم‪ .‬والتواريخ المذكورة هي حسب التقويم الميلدي‪ .‬وقد إستعملنا ‪ .B.C‬للشارة إلى ما َقبل المسيح‪.‬‬

‫‪A call to the Hebrew man and to the Hebrew woman, flyer, Association for struggle‬‬
‫‪against circumcision in Israel and in the World.‬‬

‫‪385‬‬
Abd-el-Salam Muhammad, Seham: Attitudes of Egyptian intellectuals towards genital
integrity for all, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the
bibliography), p. 83-98.

Abd-el-Salam, Seham: A comprehensive approach for communciation about female


genital mutilation in Egypt, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female
circumcision (see in the bibliography), p. 317-330.

Abd-el-Salam, Seham: Female sexuality and the discourse of power, the case of
Egypt, Thesis for the degree of Master of Arts, American University in Cairo, School
of Humanities, Cairo, 1998.

Abuse and neglect of children, report, Doc. 8041. Parliamentary Assembly, 17 March
1998, www.stars.coe.fr/doc/doc 98/edoc8041.htm.

Ad hoc working group of international experts on violations of genital mutilation,


POB 197, Southfields, New York 10975 USA (statistics).

Albucasis (died 1036): On surgery and instruments, arabic text and english translation
by M. S. Spink and G. L. Lewis, The Welcome Institute of the history of medicine,
London, 1973.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Circoncision masculine, circoncision feminine: débat


religieux, medical, social et juridique, L'Harmattan, Paris, 2001.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Jehovah, his cousin Allah, and sexual mutilations, in
Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p.
41-62.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Les musulmans face aux droits de l'homme, religion &
droit & politique, étude et documents, Winkler, Bochum, 1994.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: L'impact de la religion sur l'ordre juridique, cas de
l'Egypte, non musulmans en pays d'Islam, Editions universitaires, Fribourg, 1979.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Muslims' genitalia in the hands of the clergy: religious
arguments about male and female circumcision, in Denniston; Hodges; Milos: Male
and female circumcision (see in the bibliography), p. 131-171.

Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: To mutilate in the name of Jehovah or Allah:


legitimization of male and female circumcision, Medicine and law, 1994, 13, p. 575-
622.

Aldeeb, Sami: Discriminations contre les non-juifs tant chrétiens que musulmans en
Israël, Pax Christi, Lausanne, 1992.

386
Aldeeb, Sami: Mariages entre partenaires suisses et musulmans, connaître et prévenir
les conflits, Institut suisse de droit comparé, 3ème édition, Lausanne, 1998.

Allègre, Claude: Dieu face à la science, Fayard, Paris, 1997.

Altshul, M. S.: Larger numbers needed, Pediatrics, 1987, 80, p. 763-764.

American Academy of Pediatrics, report of the Task force on circumcision,


Pediatrics, 1989, 84, p. 388-391.

American Academy of Pediatrics, Task Force on Circumcision: Circumcision Policy


Statement (RE9850), Pediatrics, 1999, 103, p. 686-693.

American Academy of Pediatrics: Care of the uncircumcised penis, 1984.

Annand, Mathilde: Aborigènes: la loi du sexe, L'Harmattan, Paris, 2000.

Armstrong, Herbert W.: The missing dimension in sex, Everest House, New York,
3ème éd., 1981.

Asali, Abed (et al.): Ritual female genital surgery among Bedouin in Israel,
Beersheva, s.d.

Assaad, Marie Bassili: Female circumcision in Egypt; current research and social
implications, Cairo, American University in Cairo, 1979.

Augustin (died 430): La cité de Dieu, Institut d'études augustuniennes, Paris, 1993.

Australian Association of Paediatric Surgeons: Guidelines for Circumcision, 1996.

Australian Medical Association: circumcision deterred, 1997.

Ayalon, David: Outsiders in the lands of Islam: Mamluks, Mongols and Eunuchs,
Variorum reprints, London, 1988.

Azomahou, Nicolas; Madeleine, Mama Sika: Les pratiques traditionnelles affectant la


santé des femmes et des enfants en Afrique, l'expérience de la république populaire du
Bénin, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé
des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 195-200.

Baasher, Taha: Psychological aspects of female circumcision, Traditional practices


affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15
February 1979, p. 71-105.

Badinter, Elisabeth: XY de l'identité masculine, Editions Odile Jacob, Paris, 1992.

387
Baer, Zenas: Circumcision, are baby boys entitled to the same protection as baby girls
regarding genital mutilation? in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human
tragedy (see in the bibliography), p. 197-203.

Bagatti, Bellarmino: L'Eglise de la circoncision, Imprimerie des Pères franciscains,


traduction d'Albert Storme, Jérusalem, 1967.

Barbier, Patrick: Histoire des castrats, Grasset, Paris, 1989.

Barth, M. Lewis (editor): Berit Mila in the Reform Context, Berit Mila Board of
Reform Judaism, s.l., 1990.

Beck-Karrer, Charlotte: Frauenbeschneidung und Migration: Arbeitsbericht aus der


Schweiz, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 131-141.

Beck-Karrer, Charlotte: Refugee women in Switzerland and their views on FGM: a


report based on interviews, in Gallo; Viviani: Female genital mutilation: a public
health (see the bibliography), p. 58-64.

Bensley, Gillian A.; Boyle, Gregory J.: Physical, sexual, and psychological effects of
male infant circumcision: an exploratory survey, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 207-240.

Bettelheim, Bruno: Les blessures symboliques, essai d'interprétation des rites


d'initiation, trad. par C. Monod, suivi d'un discours par André Green et Jean Pouillon,
Gallimard, Paris, 1971.

Bigelow, Jim: The joy of uncircumcising, 2nd edition, Hourglass, Aptos, 1995.

Bissada, Nabil K. (et al.): Post-circumcision carcinoma of the penis, Journal of


urology, vol. 135, no 2, February 1986, p. 283-285.

Bissland, Julie; Lawand, Kathleen: Report of the Symposium, UNHCR Symposium


on gender-based persecution (see the bibliography), p. 11-32.

Bivas, Natalie: Private letter to her mother and father, Palo Alto, California, 20 May
1986.

Bloch, Maurice: From blessing to violence, history and ideology in the circumcision
ritual of the Merina of Madagascar, Cambridge University Press, Cambridge (USA),
first published 1986, reprint 1994.

Bodily integrity for both: the obligation of Amnesty International to recognize all
forms of genital mutilation of males as Human rights violations, Amnesty
international Bermuda, prepared by LeYoni Junos, Section Director, second printing,
revised, August 1, 1998.
388
Bollgren, I.; Wimberg, J.: Reply to: Is it time for Europe to reconsider newborn
circumcision? Acta Paediatrica Scandinavica, 1991, 80, p. 575-577.

Bonner, Charles A.: The Oxford Declaration, a call for the worldwide prohibition of
the genital mutilation of Children, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female
circumcision (see in the bibliography), p. 497-503.

Bonsirven, Joseph: Textes rabbiniques des deux premiers siècles chrétiens pour servir
é l'intelligence du Nouveau Testament, Pontificio Istituto Biblico, Roma, 1955.

Boyd, Billy Ray: Circumcision exposed, rethinking a medical and cultural tradition,
The Crossing Press, Freedom (California), 1998.

Boyle, Gregory J: Ending the forced genital cutting of children and the violation of
their human rights: ethical, psychological and legal considerations, in Denniston;
Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 1-18.

Brandes S. B.; McAninch, J. W.: Surgical methods of restoring the prepruce: a critical
review, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 109-113.

British Medical Association: Circumcision of male infants, Guidance for Doctors,


September 1996.

Brosch, Maria: Genitalverstümmelung ächten, Mädchen und Frauen schützen, in


Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 222-228.

Bruce, James: Voyage aux sources du Nil en Nubie et en Abyssinie, 1768-1772,


traduit par J. H. Castera, Londres, 1790-1792.

Bulletin, publié par le Comité inter-africain sur les pratiques traditionnelles ayant
effet sur la santé des femmes et des enfants, Genève.

Bullough, Vern L.: Sexual variance in society and history, University of Chicago
press, Chicago and London, 1976.

Burger, R; Guthrie, T. H.: Why circumcision? Pediatrics 1974, 54, p. 362-364.

Burmester, O. H. E.: The sayings of Michael, metropolitan of Damietta, Orientalia


Christiana Periodica, vol II, n. I-II, 1936, p. 101-128.

Burrington, John: Just a little off the top? Lifestyle, Gazette Telegraph, 11 february
1997, section E.

Burt, James C.: Surgery of Love, Carlton Press, New York, 1975.

389
Burton, Richard (died 1890): Love, war and fancy, notes to the Arabian Nights,
Kimber, London, 1954.

Bynum, Caroline: Jeûnes et festins sacrés, les femmes et la nourriture dans la


spiritualité médiévale, trad. par Claire Forestier Pergnier et Eliane Utudjian Saint-
André, Cerf, Paris, 1994.

Catechismo della chiesa cattolica, Libreria editrice vaticana, città del Vaticano, 1992.

Caufeynon (psydonyme de Jean Fauconney): La cintura di castità, sua storia e suo


impiego in passato e ai nostri tempi, Société Parisienne d'édition, Paris, 1904, trad.
Gianni Mauro, Editrice Nanni Canesi, Roma, [1970?].

Celsus, Aulus Cornelius (died ca 50): De medicina, Book VII (vol. III), Heinemann,
London, 1961.

Chabukswar, Y. V.: A barbaric method of circumcision amongst some of the Arab


tribes of Yemen, in Indian Medical Gazette (Calcutta), vol. 56, no 2, February 1921,
p. 48-49.

Chebel, Malek: Dictionnaire des symboles musulmans: rites, mystique et civilisation,


Albin Michel, Paris, 1995.

Chebel, Malek: Histoire de la circoncision des origines à nos jours, Editions Balland,
Paris, 1992.

Cicéron (died 43 B.C): De la république, Garnier-Flammarion, Paris, 1965.

Circoncision posthume, Le Soir, 17 août 1993.

Circumcision, Encyclopaedia judaica, Keter publishing House, Jerusalem, vol. 5,


fourth edition, 1978, col. 568-576.

Cohen, A.: Everyman's Talmud, Schocken Books, New York, 1975.

Cohen, Eugene J.: Guide to ritual circumcision and redemption of the first-born son,
Ktav Publishing House, New York, 1984.

Cold, C. J.; Taylor, J.: The prepuce, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary
1999, p. 34-44.

Comitato nazionale per la bioetica: Problemi bioetici in una società multietnica: la


circoncisione, profili bioetici, 25 settembre 1998.

Committee on bioethics: Informed consent, parental permission, and assent in


pediatric practice, Pediatrics, 1995, 95, p. 314-317.

390
Conant, Mary; Katz Sperlich, Betty: Nurses for the rights of the child an update, in
Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p.
185-188.

Cook, Robert: Damage to physical health from pharaonic circumcision (infibulation)


of females. A review of the medical literature, World Health Organization: Regional
Office for the Eastern Mediterranean, 1976. Text also in Traditional practices
affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15
February 1979, p. 53-69.

Corréa, Paul: L'excision, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant
effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p.
59-71.

Couchard, Françoise: La femme infibulée: entre blessure narcissique et plaisir


fantasmé, Nouvelle revue d'Ethnopsychiatrie, no 18, 1991, p. 141-150.

Crowley I. P.; Kesner, K. M.: Ritual circumcision (umkhwetha) amongst the Xhosa of
the Ciskei, British Journal of Urology, 66, 1990, p. 318-321.

Cutting edge, Nursing Times, February 19, vol. 93, no 8, 1997, p. 2-3.

Cyrille d'Alexandrie (died 444): Lettres festales, Cerf, Paris, 1991.

Dagher R., Selzer M. L., Lapides J.: Carcinoma of the penis and the anti-circumcision
crusade, The Journal of urology, vol. 110. July 1973, p. 79-80.

Darby, Robert: A source of serious mischief: the demonization of the foreskin and the
rise of preventive circumcision in Australia, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 153-198.

Davis, Elizabeth Gould: The first sex, Penguin Books, New York, 1972.

De Villeneuve, Annie: Etude sur une coutume somalie: les femmes cousues, Journal
de la société des africanistes, 1937, p. 30.

DeMeo, James: Saharasia, the 4000 BCE origins of child abuse, sex-repression,
warfare and social violence in the deserts of the old world, the revolutionary
discovery of a geographic basis to human behavior, Greensprings, Oregon (USA),
1998.

DeMeo, James: The geography of male and female genital mutilations, in Denniston;
Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 1-15.

Denniston, George C. & Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human
tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997.

391
Denniston, George C.: Circumcision: an iatrogenic epidemic, in Denniston; Milos:
Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 103-109.

Denniston, George C.: Tyranny of the victims: an analysis of circumcision advocacy,


in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography),
p. 221-240.

Denniston, George C.; Hodges, Frederick Mansfield; Milos, Marilyn Fayre (editors):
Male and female circumcision: medical, legal, and ethical considerations in pediatric
practice, Kluwer Academic/Plenum Publishers, New York and London, 1999.

Denniston, George C.; Hodges, Frederick Mansfield; Milos, Marilyn Fayre (editors):
Understanding circumcision: a multi-disciplinary approach to a multi-dimensional
problem, Kluwer Academic/Plenum Publishers, New York and London, 2001.

Denniston, George C.; Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human
tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997.

Dictionnaire d'archéologie chrétienne et de liturgie, Tome 3, partie 2, Librairie


Letouzey, Paris, 1914.

Dingwall, Eric John: Male infibulation, Bale; Danielsson, London, [1925].

Dingwall, Eric John: The girdle of chastity, a medico-historical study, Routledge,


London, 1931.

Dirie, Waris; Miller, Cathleen: Fleur du désert: du désert de Somalie au monde des
top-models, l'extraordinaire combat d'une femme hors du commun, Albin Michel,
Paris, 1998.

Doiteau, Victor: L'esthétique du prépuce selon l'art et les artistess, Paris. 17 octobre
1926, http://perso.wanadoo.fr/enfant.org/doiteau.htm.l.

Donnell, Steve C: Diagnosis and treatment of phimosis, in Denniston; Hodges; Milos:


Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 63-65.

Dorkenoo, Efua: Cutting the Rose, Female Genital Mutilation: The practice and its
prevention, Minority Rights Publications, London, 1994.

Du Pasquier, Roger: Découverte de l'Islam, Institut islamique de Genève & Editions


des trois continents, Genève, 1979.

Editor: Routine circumcision at birth?, Journal of the american medical association,


91, 1928, p. 201.

Egalité et démocratie: utopie ou défi?, Actes, Conférence organisée par le Conseil de


l'Europe, Strasbourg, 9-11 février 1995.
392
Egypt demographic and health survey, 1995, National Population Council, Cairo,
September 1996.

El-Dareer, Asma: Woman, why do you weep, circumcision and its consequences, Zed
Press, London, 1982.

El-Masry, Youssef: Le drame sexuel de la femme dans l'Orient arabe, Laffont, Paris,
1962.

El-Saadawi, Nawal: The hidden face of Eve, women in the Arab World, Zed Press,
London, 1980.

Epiphanius, S. P. N.: Adversus octaginta haereses, Patrologiae cursus completus,


series graeca, accurante J.-P. Migne, vol. 41, Lutetia Parisiorum, Paris, 1863.

Erickson, John: Foreskins for sale, www.sexuallymutilatedchild.org/f4sale.htm.

Erlich, Michel: La mutilation, Presses universitaires de France, Paris, 1990.

Erlich, Michel: Les mutilations sexuelles, Presses universitaires de France, Paris,


1991.

Erodoto (died 424 B.C.): Le storie, 2 vol., Oscar Mondadori, Milano, 2 ed., 1982.

Eusèbe (died 340): Histoire ecclésiastique, trad. par Emile Grapin, Librairie Alphonse
Picard, Paris, livres I-IV (1905), V-VIII (1911), IX-X (1913).

Évangile de Barnabé, recherches sur la composition et l'origine par Luigi Cirillo, texte
et traduction par Luigi Cirillo et Michel Frémaux, Beauchesne, Paris, 1977.

Favazza, Armando R.: Bodies under siege, self-mutilation and body modification in
culture and psychiatry, 2nd edition, John Hopkins University Press, Baltimore and
London, 1996.

Feldman, Louis: Jew and Gentile in the Ancient World, attitudes and interactions
from Alexander to Justinian, Princeton University Press, Princeton, 1993.

Female genital mutilation, a joint WHO/UNICEF/UNFRA statement, World Health


Organization, Genève, 1997.

Female genital mutilation, an overview, World Health Organization, Geneva, 1998.

Female genital mutilation: report of a WHO technical working group, Geneva, 17-19
July 1995, WHO, Geneva, 1996.

393
Feucht, Erika: Das Kind im Alten #0196gypten: die Stellung des Kindes in Familie
und Gesellschaft nach altägyptischen Texten und Darstellungen, Campus Verlag,
Frankfurt & New York, 1995.

Fink, Aaron J.: A possible explanation for heterosexual male infrection with AIDS,
New England Journal of Medicine, 1986, 315, p. 1167.

Fink, Aaron J.: Circumcision: a parent's decision for life, Kavanah Publishing, Los
Altos (CA), 1988.

Fleiss, Paul M.: An analysis of bias regarding circumcision in American medical


literature, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the
bibliography), p. 379-402.

Fleiss, Paul M.: Where is my foreskin? The case against circumcision, Mothering,
Winter 1997.

Fleming, J. B.: Clitoridectomy, the disastrous downfall of Sir Isaac Baker Brown,
1867, The Journal of Obstetrics and Gynecology of the British Empire, vol. 67, no. 6,
Dec. 1960, p. 1017-1034.

Fletcher, Christopher R.: Circumcision in America in 1998: attitudes, beliefs, and


changes of American physicians, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female
circumcision (see in the bibliography), p. 259-271.

Fortunati, Leopoldina: Problemi aperti e prospettive nel dibattito socio-culturale sulle


mutilazioni sessuali femminili, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili
(see the bibliography), p. 63-76.

Freeman, M.: A child's right to circumcision, BJU International, vol. 83, suppl. 1,
Janurary 1999, p. 74-78.

Freud, Segmund: L'homme Moïse et la religion monothéiste, Gallimard, Paris, 1986.

Freud, Sigmund: Totem et tabou, Payot, Paris, 1965.

Funani, Lumka Sheila: Circumcision among the Ama-Xhosa, a midical investigation,


Skotaville Publishers, Braamfontein, South Africa, 1988.

Gairdner, D.: The fate of the foreskin, a study of circumcision, British Medical
Journal, 1949, vol. 2, p. 1433-1437.

Gallo, P. Grassivaro (et al.): Edpidemiological, medical, legal and psychological


aspects of mutilation/at-risk girls in Italy, in Denniston; Hodges; Milos: Male and
female circumcision (see in the bibliography), p. 241-257.

394
Gallo, Pia Grassivaro (et al.): Epidemiological surveys on female genital mutilation in
Italy, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the
bibliography), p. 153-157.

Gallo, Pia Grassivaro: La circoncisione femminile in Somalia, una ricerca sul campo,
Franco Angeli, Milano, [1986].

Gallo, Pia Grassivaro; Rabuffetti, Lydia; Viviani, Franco: Sunna Gudnin: an


alternative ritual to infibulation in Merka Somalia, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 99-113.

Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco (a cura di): Le mutilazioni sessuali femminili,
Giornata di studi, 23 ottobre 1992, Unipress, Padova, 1993.

Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco (editors): Female genital mutilation: a public
health issue also in Italy, Proceedings of the 1994 International symposium on female
genital mutilation, May 3rd, 1994, Padua, Unipress, Padua, 1995.

Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco: Il ruolo dell'olfatto nella sessualità di donne
infibulate, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili (see the bibliography),
p. 11-16.

Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco: Weibliche Genitalverstümmelung in Italien


und die FGM - Arbeitsgruppe Padua, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche
Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 121-130.

Galpaz-Feller, Pnina: The stela of King Piye: a brief consideration of «clean» and
«unclean» in Ancient Egypt and the Bible, Revue biblique, vol. 102, 1995, p. 506-
521.

Ganzfried, Rabbi Chlomoh: Abrégé du choul'hane arouckh, 2 vol., trad. G. A. Guttel


et L. Cohn, Librairie Colbo, Paris, 1983.

Gayman, Dan: Lo, children... our heritage from God, Church of Israel, Schell City
(MO), 1991.

Gemmell, Tracey; Boyle, Gregory J.: Neonatal circumcision: its long-term harmful
effects, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the
bibliography), p. 241-252.

Gender-related persecution: an analysis of recent trends, UNHCR Division of


international protection, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the
bibliography), p. 79-113.

Ginzberg, Louis: The legends of the Jews, The Jewish publication society of America,
Philadelphia, 12th edition, 1937.

395
Giorgis, Belkis Wolde: Female circumcision in Africa, Economic commission for
Africa, United Nations, 1981 (St/ECA/ATRCW/81/02).

Glass, J. M.: Religious circumcision: a Jewish view, BJU International, vol. 83, suppl.
1, Janurary 1999, p. 17-21.

Glick, Leonard B.: Jewish circumcision: an enigma in historical perspective, in


Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p.
19-54.

Glick, Shimon: Letter to the author dated 8/9/1994.

Goldman, Ronald: Circumcision the hidden trauma, how an American cultural


practice affects infants and ultimately us all, Foreword by Ashley Montagu, Vanguard
publications, Boston, 1997.

Goldman, Ronald: Circumcision: a source of Jewish pain, Jewish spectator, fall 1997,
vol. 62, no 2, p.16-20.

Goldman, Ronald: Fax to Tim Hammond, 15 May 1996.

Goldman, Ronald: Letter to the author, 12 August 1995.

Goldman, Ronald: Questioning circumcision: a jewish perspective, Circumcision


Resource Center, Boston, 1995.

Goldman, Ronald: The psychological impact of circumcision, BJU International, vol.


83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 93-102.

Gonzàlez de Lara, Eva: L'excision: tradition cruelle ou phénomène d'intégration


sociale?, mémoire, Faculté de philosophie et lettres, Université libre de Bruxelles,
1999.

Goodman, Jenny: Challenging circumcision, a Jewish perspective, in Denniston,


George C. & Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy,
Plenum Press, New York and London, 1997, p. 175-178.

Goodman, Jenny: Jewish circumcision: an alternative perspective, BJU International,


vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 22-27.

Goodman, Jenny: Open letter, Syllabos of Abstracts of the fourth international


symposium of sexual mutilations, University of Lausanne, 9-11 August 1996, p. 7-9.

Goodman, Jenny: Open letter, Syllabus of Abstracts of the fourth international


symposium of sexual mutilations, University of Lausanne, 9-11 August 1996, p. 7-9.

396
Gordon, E. M.; Dunsmuir, W. D.: The history of circumcision, BJU International, vol.
83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 1-12.

Greek papyri of the British Museum, edted by F. G. Kenyon, British Museum,


London, vol. 1, 1893.

Green, André: De la bisexualité au gynocentrisme, in Bettelheim, Bruno: Les


blessures symboliques, essai d'interprétation des rites d'initiation, Gallimard, Paris,
1971, p. 213-234.

Griffiths, R. Wayne: Current practices in foreskin restoration: the state of affairs in


the United States, and results of a survey of restoring men, in Denniston; Hodges;
Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 295-302.

Gross, Jane: Girls seek beauty under knife, U.S. teens' plastic surgery rises,
International Herald Tribune, 30.11.1998.

Groupe de spécialistes sur l'intolérance, le racisme et l'égalité entre les femmes et les
hommes, rapport final d'activités, Conseil de l'Europe, CDEG/ECRI (98) 1, 2 mars
1998.

Groupe mixte de spécialistes sur les migrations, la diversité culturelle et l'égalité entre
les femmes et les hommes, rapport final d'activités, Conseil de l'Europe, EG/MG (96)
2 rev.

Haberfield, L.: Responding to Male circumcision: medical or ritual? J Law Med 1997;
4, p. 379-85.

Haberfield, L.: The law and male circumcision in Australia: medical, legal, and
cultural issues, Monash University Law Review, 1997, 23, p. 92-122.

Hammond, Tim: A preliminary poll of men circumcised in infancy or childhood, BJU


International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 85-92.

Hammond, Tim: Long-term consequences of neonatal circumcision a preliminary poll


of circumcised males, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see
in the bibliography), p. 125-129.

Hass, Herta: Warum ich bin gegen weibliche Genitalverstimmelung, in Schnüll; Terre
des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 111-113.

Hassan, Sirad Salad: La donna mutilata, Loggia di Lanzi, Florence, 1996.

Hathaway, J.: The law of refugee status, Butterworths Canada Ltd, Toronto, 1991.

Hecht, Esther: The cutting edge, The Jerusalem Post Magazine, 27 February 1998, p.
13-15.
397
Hecht, Esther: The cutting edge, The Jerusalem Post Magazine, 27 February 1998, p.
13-15.

Henninger, Joseph: Eine eigenartige Beschneidungensform in Südwestarabien, in


Arabica varia, Universitätsverlag, (CH-) Freiburg, 1989, p. 393-432 (first published in
1938).

Hicks, Esther K.: Infibulation: female mutilation in Islamic Northeastern Africa,


Transaction Publishers, New Brunswick; London, 1996.

Hidiroglou, Patricia: Les rites de naissance dans le judaïsme, Belles lettres, Paris,
1997.

Hieronymus (d. 420): Comment. in epistolam ad Galatas, Patrologiae cursus


completus, series latina, vol. 26, Garnier, Paris, 1884.

Hirshfeld, Joseph: The Jewish circumcision before a medical tribunal, American


Medical Monthly, 1858, 9, p. 272-275.

Hodges, Frederick Mansfield: The history of phimosis from antiquity to the present,
in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography),
p. 37-62.

Hodges, Frederick: A short history of the institutionalization of involuntary seuxal


mutilation in the United States, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human
tragedy (see in the bibliography), p. 17-40.

Hodges, Frederick: The historical role of Jews in the American medical view of
circumcision, Fathering Magazine, Internet, 1998.

Hoffman, Lawrence A: Covenant of blood, circumcision and gender in rabbinic


judaism, University of Chicago Press, Chicago & London, 1996.

Hofvander, Yngve: Circumcision of boys in Sweden: proposal for government


regulation, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the
bibliography), p. 147-152.

Homer: The Odyssey, transl. Murray, William Heinemann, London, 1919.

Hosken, Fran P.: The Hosken Report, genital and sexual mutilation of females,
Women's International Network News, Lexington (MA), 4th ed., 1993.

Iaria, Antonino (et al.): Several accounts of female african adolescents, in Gallo;
Viviani: Female genital mutilation: a public health (see the bibliography), p. 24-30.

398
Iaria, Antonino; Scalise, Maria Grazia. L'infibulazione nello sviluppo psico-sessuale
della donna in Somalia, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili (see the
bibliography), p. 17-25.

Ibn Abd Al-Hakam (died 870): The history of the conquest of Egypt, North Africa
and Spain, known as the Futuh Misr, ed. by Charles C. Torrey, Yale University Press,
New Haven, 1922.

Ibn Rochd (Averriès) (died 1198): Traité décisif (façl al-maqal) sur l'accord de la
religion et de la philosophie, suivi de l'appendice (dhamima), texte arabe, traduction
française remaniée avec notes et introduction par Léon Gauthier, 3ème édition, Vrin,
Paris, 1983.

Immerman, Ronald S.; Mackey, Wade C.: A biocultural analysis of circumcision,


Social biology, 1998, 44, p. 265-275.

Immerman, Ronald S.; Mackey, Wade C.: A proposed relationship between


circumcision and neural reorganization, Journal of genetic psychiatry, 1998, 159 (3),
p. 367-378.

Ingerflom, Claudio Sergio: Communistes contre castrats, in Nikolaï, Volkov: La secte


russe des castrats, traduit par Zoé Andreyev, Belles lettres, Paris, 1995.

Isaac, Erich: Enigma of circumcision, Commentary, vol. 43, no 1, Jan. 1967.

Isenberg, Seymour; Elting, L. Melvin: A guide to sexual surgery, Cosmopolitan, vol.


181, no. 5, Nov. 1976. p. 104-108.

Ismail, Ina: Das Wichtigste sind Aufklärung und Verständnis, in Schnüll; Terre des
Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 61-67.

Jaffrey, Zia: Les derniers eunuques, en Indes avec les hijras, transl. Fr. Thau-Baret,
Payot, Paris, 2001.

Janssen, Rosalind M. and Jack J.: Growing up in Ancient Egypt, Rubicon Press,
London, 1990.

Jaussen, Antonin: Coutumes des arabes au pays de Moab, Librairie Victor Lecoffre,
Paris, 1908.

Josephus (died 100): Against Apion, (vol. I), transl. by Thackeray, Harvard
University Press, Cambridge (USA), 1961.

Josephus (died 100): Jewish antiquities, I (vol. IV), transl. by Thackeray, Harvard
University Press, Cambridge (USA), 1961.

399
Josephus (died 100): Jewish antiquities, XI (vol. VI), transl. by Thackeray, Harvard
University Press, Cambridge (USA), 1958.

Josephus (died 100): Jewish antiquities, XII-XIV (vol. VII), Heinemann, London,
1961.

Josephus (died 100): The life, (vol. I), transl. by Thackeray, Harvard University Press,
Cambridge (USA 1961).

Jousseaume, F.: Impressions de voyage en Apharras [1889-1900]: anthropologie,


philosophie, morale d'un peuple errant, berger et guerrier, Librairie Baillière, Paris,
1914.

Justin (died v. 165): Dialogue avec Tryphon, in l'Oeuvre de Justin, nouvelle édition,
Deslée de Brouwer, Paris, 1982.

Juvénal (died v. 130): Satires, Belles lettres, Paris, 1967.

Kacimi El Hassani, M.: Le mouchoir, L'Harmattan, Paris, 1987.

Kalthegener, Regina: Recht auf körperliche Unversehrtheit: Rechtliche Regelungen


gegen genitale Verstümmelungen in Deutschland und Europa, in Schnüll; Terre des
Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 201-212.

Kalthegener, Regina; Ruby, Sigrid: Zara Yacoub: «Ich gebe nicht auf. Ich kämpfe
weiter gegen Genitalverstümmelung», in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche
Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 84-90.

Kamara, Sylviane: L'excision, au-delà des passions, Jeune Afrique, février 1980.

Kargbo, Thomas K.: Synthèse d'un document sur les problèmes obstetriques et
gynécologiques de l'excision en Sierra Leone, Rapport du séminaire sur les pratiques
traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-
10 février 1984, p. 112-117.

Karsenty, Nelly: A mother questions Brit Milla, Humanistic Judaism, vol. XVI,
Number III, Summer 1988, p. 14-21.

Kasser, Rodolphe: L'Evangile selon Thomas, présentation et commentaire


théologique, Delachaux & Niestlé, Neuchâtel, 1961.

Katz, Michael: The compulsion to circumcise is constant: the reasons keep changing,
in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography),
p. 55-60.

400
Kaziz, Françoise: Morale professionnelle et médecine en Grande-Bretagne au XIXe
siècle, réflexion autour de certaines mutilations génitales féminines à visées
thérapeutique, Presses universitaires du Septentrion, Paris, 1997.

Kellison, Catherine: $100 Surgery for a million dollar sex life, Playgirl, vol. 2, no. 12,
May 1975, p. 52.

Kellison, Catherine: Circumcision for women the kindest cut of all, Playgirl, vol. 1,
no. 5, Oct. 1973, p. 76, 124.

Kenyatta, Jomo: Au pied du mont Kenya, Maspero, Paris, 1967.

Keshavjee, Shafique: Le roi, le sage et le bouffon, Seuil, Paris, 1998.

Khalifa, Rashad (d. 1990): Quran, Hadith and Islam, Islamic productions, Tucson
(USA), 1982.

Kilanowski, Kerstin: Ein typischer APGWA-Workshop im Dorf Pirang/Gambia, in


Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 165-166.

Kim, D. (et al.): Male circumcision: a Korean perspective, BJU International, vol. 83,
suppl. 1, Janurary 1999, p. 28-33.

Kister, M. J.: And he was born circumcised, some notes on circumcision in hadith,
Oriens, vol. 34, 1994, p. 10-30.

Klein, Isaac: A guide to Jewish religious practice, The Jewish theological seminary of
America, New York, 1979.

Koriech, O. M.: Penile shaft carcinoma in pubic circumcision, in British Journal of


Urology, vol. 60, July 1987, p. 77.

Koso-Thomas, Olayinka: Aperçu sur la stratégie d'éradication de l'excision en Sierra


Leone, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé
des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 112-123.

Koso-Thomas, Olayinka: The circumcision of women: a strategy for eradication, Zed


Books, London, 1987.

Kreiss, J. K.; Hopkins, S. G.: The association between circumcision statues and
human immunodeficiency virus infection among homosexual men, J Infect Dis 1993,
168, p. 1404-1408.

La Bible de Jérusalem, Cerf, Paris, 1984.

401
La violence à l'égard des femmes: étude juridique comparative de la situation dans les
États membres du Conseil de l'Europe, par Jill Radford, éd. provisoire, Conseil de
l'Europe: 27 août 1998, EG (98) 1 prov.

Lander, M. Mervyn: The human prepuce, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a


human tragedy (see in the bibliography), p. 77-83.

Lander, M. Mervyn: The man behind restoration, in Denniston; Hodges; Milos: Male
and female circumcision (see in the bibliography), p. 311-315.

Lantier, Jacques: La cité magique et magie en Afrique noire, Paris, Fayard, 1972.

Lanval, Marc: Les mutilations sexuelles dans les religions anciennes et modernes, Le
Rouge et le Noir, Paris; La Laurier, Bruxelles, 1936.

Larue, Gerald: Religious traditions and circumcision, Second international


symposium on circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991 (from the
homepage of NOCIRC).

Laufer, Ines: Das ist eben eine andere Kultur, da kannst du dich sowieso nicht
einmischen, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in
the bibliography), p. 105-110.

Laumann, E. O. (et al.): Circumcision in the United States: prevalence, prophylactic


effects, and sexual practice, JAMA 1997; 277, p. 1052-1057.

Le cas Galilée: «le douloureux malentendu appartient désormais au passé»,


Documentation catholique, 20 déc. 1992, no 2062, p. 1062-1072.

Le Talmud de Jérusalem, trad. Moïse Schwab, Maisonneuve et Larose, Paris, 1977.

Leben und Offenbarungen der wiener Begine Agnes Blannbekin, Edition und
Uebersetzung von Dinzelbacher, Peter & Vogeler, Renate, Kümmerle Verlag,
Göppingen, 1994.

Lefeuvre, Martine: Le devoir d'excision, La Revue du Mauss, 1988, no 1, p. 65-95.

Les conciles oecuméniques, Tome I: l'histoire, Tome II, 1 et 2: les décrets, Cerf, Paris,
1994.

Les mutilations sexuelles féminines et leur abolition: une lutte africaine, Sentinelles,
Lausanne, 1987.

Leslau, Wolf: Coutumes et croyances des Falachas (Juifs d'Abyssinie), Institut


d'Ethnographie, Paris, 1957.

402
Lewis, Joseph: In the name of humanity, Eugenics publishing Company, New York,
1949.

Leye, Els: The struggle against female genital mutilation/female circumcision: the
European experience, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see
in the bibliography), p. 113-129.

Liberles, Robert: Religious conflict in social context, the resurgence of orthodox


judaism in Frankfurt am Main, 1838-1877, Greenwood Press, Westport, 1985.

Lightfoot-Kelin, Hanny: Similarities in attitudes and misconceptions about male and


female sexual mutilations, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy
(see in the bibliography), p. 131-135.

Lightfoot-Klein, Hanny: Prisoners of rituals, an odyssey into female genital


mutilation in Africa, Harrington Park Press, New York; London, 1989.

Lightfoot-Klein, Hanny: Weibliche Genitalverstümmelung unter afrikanischen


Einwanderinnen - Gedanken zu einem besseren Verständnis, in Schnüll; Terre des
Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 99-104.

Lightfoot-Klein, Hanny; Chase, Cheryl; Hammond, Tim; Goldman, Ronald: Genital


surgery on children below the age of consent, in Szuchman, Leonore T.; Muscarella,
Frank (editors): Psychological perspectives of human sexuality, John Wiley; Sons,
New York, 2000, p. 440-478.

Lilith, Encyclopaedia judaica, Keter publishing House, Jerusalem, vol. 11, 1971, col.
245-249.

Linder, Amnon: The Jews in the legal sources of the early middle ages, Wayne State
University Press, Detroit, 1997.

Lindsey, Dennis Gordon: Harmony of science and Scripture, vol. II, Christ for the
Nations, Dallas, 1994.

Llewellyn, David J.: Some thoughts on legal remedies, in Denniston; Hodges; Milos:
Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 471-483.

Loir, A.: La circoncision chez les indigènes israélites et musulmans de Tunis, Revue
tunisienne, 1900, 7ème année, janvier 1900, no 25, p. 54-61.

Lorenzoni, Piero: Histoire secrète de la ceinture de chasteté, Zulma, s.l., 1994.

Lünsmann, Gabriela: Drohende Genitalverstümmelung - (k)ein Asylgrund? in


Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 219-221.

403
Luther, Martin (died 1546): Oeuvres, Labor et Fides, Genève, tomes 2-1966, 4-1958,
9-1961, 11-1983, 12-1985, 15-1969 et 16-1972.

Maertens, Jean-Thierry: Le corps sexionné, essai d'anthropologie des inscriptions


génitales, avec la collaboration de Marguerite Debilde, Aubier Montaigne, Paris,
1978.

Maïmonide, Moïse (died 1204): Le guide des égarés, Verdier, Lagrasse, 1979.

Maïmonide, Moïse (died 1204): Le livre de la connaissance, trad. V. Nikiprowetzky


et A. Zaoui, Quadrige & PUF, Paris, 1961.

Malek b. Anas (died 795): Al-Muwatta', narrated by Yahya b. Yahya b. Kathir [Arab
and English translation], rendered to English by F. Amira Zrein Matraji, Dar al-fikr,
Beirut, 1994.

Mantovani, Piera Arata: Circoncisi ed incirconcisi, Henoch, vol. 10, 1988, p. 51-68.

Markuze, Keren: Negev Bedouin say it's a women's issue, Jerusalem Post, 1st August
1996, p. 7.

Martial (died v. 104): Epigrammes, Belles Lettres, Paris, 1973.

Marx, Emanuel: Circumcision feasts among the Negev Bedouins, in Middle East
Studies, 4, 1973, p. 411-427.

Marx, Jean L.: Circumcision may protect against the AIDS virus, Science 1989, 248,
p. 470-471.

Matter of Kasinga, Board of immigration appeals, Interim decision 3278, 13 June


1996, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p.
213-234.

McGrath, Ken: The frenular delta: a new preputial structure, in Denniston; Hodges;
Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 199-206.

McGrath, Ken; Young, Hugh: A review of circumcision in New Zealand: I never


liked doing them and I was pleased to give them up, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 129-146.

McMillen, S. I. M.: None of these diseases, revised, updated and expanded by David
E. Stern, Revell, Grand Rapids (MI), 15th printing, 1995.

McNamara, Dennis: Welcome and Introduction, UNHCR Symposium on gender-


based persecution (see the bibliography), p. 5-6.

404
Mehra, L.: The World health organization (WHO)'s position on FGM, in Gallo;
Viviani: Female genital mutilation: a public health (see the bibliography), p. 31-48.

Meinardus, Otto F. A.: Christian Egypt: faith and life, The American University in
Cairo Press, Cairo, 1970.

Menage, Janet: Post-traumatic stress disorder after genital medical procedures, in


Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
215-219.

Menuhin, Moshe: La saga des Menuhin, autobiographie de Moshe Menuhin, Payot,


Paris, 1986.

Mestiri, Saïd: Abulcassis, Abulqacim Khalef Ibn Abbès Az-Zahraoui, grand maître de
la chirurgie arabe, Arcs Editions, Tunis, 1997.

Miller, Alice: Banished knowledge, facing childhood injuries, Doubleday, New York,
1990.

Mohl, P. C. (et al.) Prepuce restoration seekers, psychiatric aspects, Arch Sex Behav
1981, 10, p. 383-393.

Money, J.; Davison, H.: Adult penile circumcision: erotosexual and cosmetic
sequelae, Journal of sex research, 19, 1983, p. 289-92.

Montagu, Ashley: Mutilated humanity, Second international symposium on


circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991 (from the homepage of
NOCIRC).

Morgan, William: The rape of the phallus, Journal of the American Medical
Association, 193, 1965, p. 223-234.

Moses, S. (et al.): Male circumcision assessment of health benefits and risks, Sex
Transm Inf, 1998, 74, p. 368-373.

Moss, Lisa Braver: A Jewish Inquiry, Midstream, January 1992, p. 20-23.

Moss, Lisa Braver: The Jewish roots of anti-circumcision arguments, Second


international symposium on circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991
(from the homepage of NOCIRC).

Mueller, E. R. (et al.): The incidence of genitourinary abnormalities in circumcised


and uncircumcised boys presenting with an initial urinary tract infection by 6 months
of age (abstract), Pediatrics, 1997, 100, p. 580.

Mutilations sexuelles féminines, dossier d'information, Organisation mondiale de la


santé, 1994.
405
Nadel, S.: The Nuba: an Anthropological study of the hill tribes in Kordofan,
Geoffrey Cumberlege, Oxford University Press, London, 1947.

Nefzaoui, Sceicco (died 1324): Il giardino profumato, in I capolavori della letteratura


erotica, Alberto Peruzzo editore, Sesto San Giovanni, s.d., p. 179-371.

Niswander, Dennis: Silence = mutilation, www.noharmm.org/silence.htm.

Nous protégeons nos petites filles, Ministère du travail et des affaires sociales, [Paris],
octobre 1996.

Odent, Michel: Learned helplessness a concept of the future, in Denniston; Milos:


Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 121-124.

Odundan, Olu; Onadeka, Modupe: L'excision ou la circoncision féminine au Nigeria,


Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des
femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 101-111.

Ogata, Sadoko: Foreword, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the


bibliography), p. 1-2.

O'Hara, K.; O'Hara, J.: The effect of male circumcision on the sexual enjoyment of
the female partner, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 79-84.

Ombolo, Jean-Pierre: Les mutilations sexuelles en Afrique noire, polycopié, Yaoundé,


1981.

Origène (died 254): Homélie sur la Genèse, Cerf, Paris, 1985.

Ossoukine, Abdelhafid: La circoncision et l'excision: deux cas d'anthropologie


juridique appliquée, Polycopié, Oran, 1995.

Øster, Jakob: Further fate of the foreskin: incidence of preputial adhesions, phimosis,
and smegma among Danish schoolboys, Arch Dis Child, 1968, 43, p. 200-203.

Pang, Myung-Geol; Kim, Sae Chul; Kim, Daisik: Male circumcision in South Korea:
history, statistics, and the role of doctors in creating a circumcision rate of over 100%,
in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography),
p. 61-82.

Parvati Baker, Jeannine: The wound reveals the cure a Utah model for ending the
cycle of sexual mutilation, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy
(see in the bibliography), p. 179-183.

Parvati Baker, Jeannine: Unifying language: religious and cultural considerations, in


Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
195-200.
406
Peterson, Shane E.: Assulted and mutilated: a personal account of circumcision
trauma, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the
bibliography), p. 271-290.

Peyrefitte, Roger: Les clés de Saint Pierre, Flammarion, Paris 1955.

Philipson, David: The reform movement in Judaism, Ktav Publishing House, New
York, 1967 (reprint).

Philon d'Alexandrie (died 54): De migratione Abrahami, trad. J. Cazeaux, Cerf, Paris,
1965.

Philon d'Alexandrie (died 54): De specialibus legibus, I-II, trad. S. Daniel, Cerf, Paris,
1975.

Philon d'Alexandrie (died 54): Quaestiones et solutiones in Exodum, trad. A. Terian,


Cerf, Paris, 1992.

Philon d'Alexandrie (died 54): Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, trad.


Charles Mericer, Cerf, Paris, 1984.

Platon (died ca 348 B.C): Le banquet, Le livre de Poche, Paris, 1979.

Platon (died ca 348 B.C): Timée, Garnier-Flammarion, Paris, 1969.

Plutarque (died ca. 125): Oeuvres morales, tome V, 2ème partie, Isis et Osiris, Belles
Lettres, Paris, 1988.

Pollack, Miriam: Circumcision: a jewish feminist perspective, in Jewish women speak


out, expanding the boundaries of psychology, edited by Kayla Weiner and Arinna
Moon, Canopy Press, Seattle, 1995, p. 171-185.

Pollack, Miriam: Redefining the sacred, in Denniston, George C. & Milos, Marilyn
Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy, Plenum Press, New York and
London, 1997, p. 163-173.

Pouillon, Jean: Une petite différence? in Bettelheim, Bruno: Les blessures


symboliques, essai d'interprétation des rites d'initiation, Gallimard, Paris, 1971, p.
235-243.

Poulter, Sebastian: English law and ethnic minority customs, Butterworths, London,
1986.

Prescott, James W.: Genital Pain vs. Genital Pleasure: Why The One and Not The
Other?, The Truth Seeker , July/August 1989, 1, p. 14-21.

407
Prescott, James W.: The Ashley Montagu resolution to end the genital mutilation of
children worldwide, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in
the bibliography), p. 217-220.

Price, Christopher: Male circumcision: an ethical and legal affront, Bulletin of


Medical Ethics Number 128, May 1997. (see in www.cirp.org/library/legal/price/).

Price, Christopher: Male non-therapeutic circumcision: the legal and ethical issues, in
Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
425-454.

Provera, Mario E.: Il vangelo arabo dell'infanzia secondo il Ms. laurenziano orientale
no 387, Franciscan Printing Press, Jerusalem, 1973.

Queensland law reform commission: Consent to medical treatment of Young people,


discussion paper WP44, May 1995.

Rabello, Alfredo Mordechai: Giustiniano, Ebrei e Samaritani alla luce delle fonti
storico-letterarie, ecclesiastiche e giuridiche, Giuffrè, Milano, 1988.

Rabello, Alfredo Mordechai: The ban on circumcision as a cause of Bar Kokhba's


rebellion, Israel Law Review, vol. 29, 1-2, 1995, p. 176-214.

Rachewiltz, Boris de: Eros noir, moeurs sexuelles de l'Afrique de la préhistoire à nos
jours, Terrain vague, Paris, 1993.

Rahman, Anika; Toubia, Nahid: Female genital mutilation: a guide to laws and
policies worldwide, Zed Book, London and New York, 2000.

Ramos, Samuel; Boyle, Gregory J.: Ritual and medical circumcision among Filipino
boys: evidence of post-traumatic stress disorder, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 253-270.

Rapport de la Conférence régionale sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la
santé des femmes et des enfants en Afrique, Addis Abeba, 19-24 nov. 1990.

Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé
des femmes et des enfants en Afrique, Addis Abeba, 6-10 avril 1987.

Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des
femmes et des enfants en Afrique, Dakar, Sénégal, 6-10 février 1984.

Ras-Work, Berhane: Female genital mutilation, in Denniston; Milos: Sexual


mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 137-152.

408
Ras-Work, Berhane: L'excision: propositions d'éradication, Rapport du séminaire sur
les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en
Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 74-85.

Rathmann, W. G.: Female circumcision, indications and a new technique, in General


Practitioner (Kansas City, MO), vol. 20, no 3, September 1959, p. 115-120.

Richter, Gritt: Terre des femmes: Aktiv gegen weibliche Genitalverstümmelung, in


Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 114-120.

Rickwood, A. M. K.: Medical indications for circumcision, BJU International, vol.


83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 45-51.

Ritter, Thomas J.: Say no to circumcision, foreword by Ashley Montagu, Hourglass,


Aptos, 1992.

Rizvi, S. A. H. (et al.): Religious circumcision: a Muslim view, BJU International,


vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 13-16.

Romberg, Henry C.: Bris Milah, a book about the Jewish ritual of circumcision,
Feldheim, Jerusalem and New York, 1982.

Romberg, Rosemary: Circumcision and the Christian Parent, s.l., s.d.

Romberg, Rosemary: Circumcision, the painful dilemma, Bergin; Garvey Publishers,


Massachusetts, 1985.

Rosner, Fred: Sex ethics in the writings of Moses Maimonides, Bloch publishing,
New York, 1974.

Rosner, Fred: Sex ethics in the writings of Moses Maimonides, Bloch publishing,
New York, 1974.

Rothenberg, Joshua: The Jewish religion in the Soviet Union, Ktav Publishing House,
New York, 1971.

Rothenberg, Moshe: Ending circumcision in the Jewish community?, Second


international symposium on circumcision, San Francisco, April 30-May 3, 1991 (from
the homepage of NOCIRC).

Saintyves, P.: Les reliques et les images légendaires, Mercure de France, Paris, 1912.

Sanderson, Lilian Passmore: Against the mutilation of women, the struggle to end
unnecessary suffering, Ithaca Press, London, 1981.

409
Sarkis, Marianne M.: Activism on the world wide web: the role of the internet in the
dissemination of circumcision-related information, in Denniston; Hodges; Milos:
Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 351-356.

Sasson, Jean P.: Sultana, traduit par M.-T. Cuny, Fixot, Paris, 1993.

Saurel, Renée: Bouches cousues: les mutilations sexuelles féminines et le milieu


médical, Tierce, Paris, 1985.

Schnüll, Petra: Einleitung, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche


Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 13-18.

Schnüll, Petra; Terre des Femmes (Hrsg.): Weibliche Genitalverstümmelung eine


Fundamentale Menschenrechtsverletzung, Textsammlung, Terre des femmes,
Göttingen, 1999.

Schoen, E. J.: Benefits of newborn circumcision: is Europe ignoring medical


evidence? Arch Dis Child, 1997, 1997, p. 258-260.

Schoen, E. J.: Is it time for Europe to reconsider newborn circumcision? Acta


Paediatrica Scandinavica, 1991, 80, p. 573-574.

Schoen, E. J.: The relationship between circumcision and cancer of the penis, CA
Cancer J Clin, 1991, 41, p. 306-309.

Schoen, E. J.: The status of circumcision of newborns, N Engl J Medical 1990, 322, p.
1308-1312.

Schultheiss, Dirk: The history of foreskin restoration, in Denniston; Hodges; Milos:


Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 285-294.

Scott, Steve: The anatomy and physiology of the human prepuce, in Denniston;
Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 9-18.

Serhane, Abdelhak: L'amour circoncis, Editions Eddif, Casablanca, 3ème édition,


1998.

Shame on TVO, The Canadian Jewish News, 17 October 1996.

Shapiro, Garry R.: Letter to the author dated 9 August 1994.

Shaye, J. & Cohen, D.: Why aren't Jewish women circumcised? Gender & History,
vol. 9, no. 3, November 1997, p. 560-579.

Shechet, Rabbi Jacob: Letter to the editor, The Jewish Reporter (Las Vegas, Nevada),
24 January 1997.

410
Sidibe, Binta: Meine persönliche Erfahrung mit weiblicher Genitalverstümmelung, in
Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 68-72.

Siegel, Judy: Baby recovers from brit mila amputation, dans: Jerusalem Post, 14 août
2000 (sur internet).

Siegel, Judy: Baby's penis reattached after botched circumcision, dans: British
Medical Journal, vol. 321, 2 septembre 2000, p. 529.

Simonsen, J. N. (et al.): Human immunodeficiency virus infection among men with
sexually transmitted diseases: experience from a center in Africa, N Engl J Med,
1988, 319, p. 274-278.

Singer, Raymond: Private letter to Natalie Bivas, from Sante Fe, New Mexico, 17
February 1992.

Smallwood, E. Mary: The legislation of Hadrian and Antonius Pius against


circumcision, Latomus, Tome XVIII, 1959, p. 334-96.

Snyder, L. James: The doctor as expert withness in United States courts, in


Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
485-494.

Somerville, Margaret, A.: Respect in the context of infant male circumcision: can
ethics and law provide insights?, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female
circumcision (see in the bibliography), p. 413-424.

Somerville, Margaret: Medical intervention and the criminal law: lawful or excusable
wounding? McGill Law Journal, 1980, 26(1), p. 82-86.

Sonnen, Johannes: Die Beduinen am See Genesareth, Köln, 1952.

Sophocle: Oedipe roi, Editions du Félin, Paris, (s.d.).

Sorrells, Morris L.: The history of circumcision in the United States: a physician's
perspective, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the
bibliography), p.331-338.

Soubhy, Saleh: Pèlerinage à la Mecque et à Médine, Imprimerie nationale, Le Caire,


1894.

Sperlich, Betty Katz and Conant, Mary: A handbook for R.N. conscientious objectors
to infant circumcision, a guide for nurses, Santa Fe, (s.d.).

411
Sperlich, Betty Katz and Conant, Mary: Facing circumcision: eight physicians tell
their stories, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the
bibliography), p. 273-274.

Sperlich, Betty Katz; Conant, Mary; Hodges, Frederick: R. N. Conscientious


objectors to infant circumcision: a model for nurse empowerment, Revolution, the
journal of nurse empowerment, spring 1996, p. 86-88.

Spinosa (died 1677): Traité théologico-politique, traduction et notes par Charles


Appuhn, Garnier-Flammarion, Paris, 1965.

Spock, Benjamin: Circumcision, it is not necessary, Redbook magazine, April 1989.

Spock, Benjamin: Letter to Editor, Moneysworth, vol. 5, no 5, March 29, 1976, p. 12.

Steinberg, Leo: La sexualité du Christ dans l'art de la rennaissance et son refoulement


moderne, préface d'André Chastel, Gallimard, Paris, 1987.

Stengers, Jean; Van Neck, Anne: Histoire d'une grande peur: la masturabation,
Editions de l'université de Bruxelles, Bruxelles, 1984.

Storia della cintura di castità (autore incerto), Colonnese Editore, Napoli, 1989,
Edizione condotta su quella romana del 1893.

Strabon (died 21 or 25 A.D.): Géographie de Strabon, trad. par Amédée Tardieu, vol.
3, Hachette, Paris, 1909.

Svoboda, J. Steven: Attaining international acknowledgment of male genital


mutilation as a human rights violation, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female
circumcision (see in the bibliography), p. 455-469.

Svoboda, J. Steven: Routine infant male circumcision, examining the human rights
and constitutional issues, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy
(see in the bibliography), p. 205-215.

Svoboda, J. Steven: The limits of the law: comparative analysis of legal and extralegal
methods to control child body mutilation practices, in Denniston; Hodges; Milos:
Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 297-366.

Sylla, Abdou: Pratiques mutilantes et féminité: questions d'esthétiques de la femme


africaine, Bulletin de l'Institut fondamental d'Afrique Noire, Série B. Sciences
humaines, Dakar, 1986-87, tome 46, no 3-4, p. 305-342.

Taha, A. H.: Female circumcision, Traditional practices affecting the health of women
and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15 February 1979, p. 43-52.

412
Tangwa, Godfrey B.: Circumcision, an african point of view, in Denniston; Hodges;
Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 183-193.

Taylor, J. R.(et al.): The prepuce specialized mucosa of the penis and its loss to
circumcision, British Journal of Urology, 1996, 77, p. 291-295.

Terre des Hommes: Les mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants,
complément, Terre des Hommes, Lausanne, mars 1979.

Terre des Hommes: Les mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants,
Conférence de presse de Terre des Hommes, Genève, 25 avril 1977.

Tertullien (died v. 220 A.D.): Le mariage unique (de monogamia), trad. Paul Mattei,
Cerf, Paris, 1988.

The abolition of circumcision by Israel, in The Messiah's Advocate, October 1997, p.


6-9.

The Ashley Montagu commemorative resolution to bring an end to the genital


mutilations of children worldwide, San Diego's Humanism in Action, May 1995, p. 1-
8.

The book of legends, sefer Ha-Aggadah, legends from the Talmud and Midrash,
edited by H. N. Bilaik & Y. H. Ravnitzky, traslated by W. G. Braude, Schocken
Books, New York, 1992.

The book of the dead, the papurus of Ani in the British museum, transl. E. A. Wallis
Budge, British museum, 1895.

The Gospel of Barnabas, edited and translated by Lonsdale and Laura Ragg,
Clarendon Press, Oxford, 1907, reprint by Al-Kitab, Lahore, 1981, and Ministry of
awqaf and islamic Affairs, Doha, 1996.

The Midrash rabbah, Soncino Press, London, Jerusalem, New York, 1977.

The Mishnah, a new translation by Jacob Neusner, Yale University Press, New Haven
& London, 1988.

The Talmud of Babylonia: an Amercian translation. Translated by Jacob Neusner,


Scholars Press, Atlanta, 1993.

The Talmud of the Land of Israel, translated by Jacob Neusner, The University of
Chicago Pres, Chicago & London, 1991.

The U. N. Convention on the rights of the Child, a guide to the «Travaux


préparatoires», Martinus Nijhoff Publishers, London, 1992.

413
Thesiger, Wilfred: Arabian Sands, Longmans, London, 1959.

Thiam, Awa: La parole aux négresses, Denoël, Paris, 1978.

Third regional conference on traditional practices, Addis Ababa, 11-15 april 1994.

Thomas d'Aquin (died 1274): Somme théologique, Cerf, Paris, volumes 2-1984, 3-
1986 et 4-1986.

Tishby, Isaiah: The wisdom of the zohar, an anthology of texts, transl. by David
Goldstein, Oxford University Press, Oxford, 1989.

Toualbi, Noureddine: La circoncision blessure narcissique ou promotion sociale,


SNED, Alger, 1975.

Toubia, Nahid F: Evolutionary cultural ethics and the circoncision of children, in


Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
1-7.

Toubia, Nahid: Verstümmelung ist kein Massstab für meinen Wert, meine Ethik oder
meinen Stolz, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see
in the bibliography), p. 77-80.

Touré, Abdou: L'Afrique traditionnelle savait éduquer ses enfants mais l'Occident est
venu et tout s'est effondré, Le Temps Stratégique, no 79, janvier/février 1998, p. 12-
28.

Trachtenberg, Joshua: Jewish magic and superstition, a study in folk religion,


Behrman's jewish book house, New York, 1939.

Tractenberg, Moisés: Psychoanalysis of circumcision, in Denniston; Hodges; Milos:


Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 209-214.

Traditional practices affecting the health of women and children, Report of a Seminar,
Khartoum, 10-15 February 1979.

Travis, John W.: Circumcision as a component of the normative abuse of children:


introducing the proclamation for transforming the lives of children, in Denniston;
Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 367-376.

Turner, J. Neville: Doctors, be warned: circumcise today, and you could be sued
tomorrow, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the
bibliography), p. 291-296.

UNHCR Symposium on gender-based persecution, Geneva, 22-23 February 1996,


International Journal of Refugee Law, Special Issue, Autumn 1997.

414
Van Howe, Robert S. (et al.): Involuntary circumcision: the legal issues, BJU
International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 63-73.

Van Howe, Robert S.: Anaesthesia for circumcision, a review of the literature, in
Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p.
67-97.

Van Howe, Robert S.: Does circumcision influence sexually transmitted diseases?: a
litterature review, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 52-62.

Van Howe, Robert S.: Neonatal circumcision and HIV infrection, in Denniston;
Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 99-129.

Van Howe, Robert S.: Peer-Review bias regarding circumcision in American medical
publishing: subverting the dominant paradigm, in Denniston; Hodges; Milos: Male
and female circumcision (see in the bibliography), p. 357-378.

Van Howe, Robert S.: Why does neonatal circumcision persist in the United States?,
in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p.
111-119.

Vatsyayana, Mallanaga: Kamasutra, codice indiano dell'amore, I capolavori della


letteratura erotica, Alberto Peruzzo editore, Sesto San Giovanni, s.d.

Verdoodt, Albert: Naissance et signification de la Déclaration universelle des droits


de l'homme, Warny, Louvain, 1964.

Vergiat, A. M.: Les rites secrets des primitifs de l'Oubangui, Payot, Paris, 1951.

Verroust, Jacques (et. al.): Le cochon: histoire, symbolique et cuisine du porc, Sang
de terre, Paris, 1987.

Verwaltungsgericht Magdeburg, 1. Kammer, I A 185/95, 20.6.1996, in Schnüll; Terre


des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 213-218.

Vincent, Bernard: Les Morisques et la circoncision, Actes du 2ème symposium


international du CIEM sur religion, identité et sources: documentaires sur les
Morisques andalous, 2ème tome, Publications de l'Institut supérieur de
documentation, no 4, Tunis, 1984.

Volkov, Nikolaï: La secte russe des castrats, traduit par Zoé Andreyev, précédé de
communistes contre castrats par Claudio Sergio Ingerflom, Belles lettres, Paris, 1995.

Voltaire: Oeuvres complètes, Garnier, Paris, 1877.

Walden, William D.: Letter to the Editor, Playgirl, vol. 3, no. 5, Oct. 1975. p. 6.

415
Wallerstein, Edward: Circumcision and anti-semitism: an update, Humanistic
Judaism, vol. 11, no 4, Winter 1983, p. 43-46.

Wallerstein, Edward: Circumcision: an American health fallacy, Springer Publishing,


New York, 1980.

Warner, E.; Strashin, E.: Benefits and risks of circumcision, Can Med Assoc J 1981,
125, p. 967-977.

Warren, John P.: Foreskin restoration (circumcision reversal), in Denniston; Hodges;


Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 303-309.

Warren, John P.: Norm UK and the medical case against circumcision, a British
perspective, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the
bibliography), p. 77-83.

Weiss G. N.; Weiss, E. B.: A perspective on controversies over neonatal


circumcision, Clin Pediatr Phila, 1994, 33, p. 726-730.

Wesch, Ulrike: Asili Barre-Dirie: «Ich möchte das Selbstbewusstsein der Frauen
stärken», in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the
bibliography), p. 91-98.

Wiswell, T. E. (et al.): Declining frequency of circumcision: implications for changes


in the absolute incidence and male to female sex ratio of urinary tract infections in
early infancy, Pediatrics, 1987, 79, p. 338-342.

Wiswell, T. E.: Circumcision - an update, N Engl. Med 1997, 336, p. 1244-1245.

Wiswell, T. E.: Circumcision circumspection, Curr Probl Pediatr 1992, 22, p. 424-31.

Wiswell, T. E.: Routine neonatal circumcision: a reappraisal, American family


physician 1990, 41, p. 859-63.

Wolbarst, Abraham L.: Circumcision and penile cancer, Lancet 1932, 1, p. 150-153.

Wollman, Leo: Female Circumcision, Journal of the American Society of


Psychosomatic Medicine and Dentistry, vol. 20, no. 4, 1973, p. 130-131.

Zajde, Nathalie: Portrait de groupe avec circoncision, Nouvelle revue


d'Ethnopsychiatrie, no 18, 1991, p. 57-67.

Zighelboim, Ari: Guns and penises, Dear Camille, Column, People, 12 May 1999.

Zoltie, N.: Suffer little children? BMA News Review: The voice of doctors, August
1998, p. 22.

416
Zoossmann-Diskin, Avshalom; Blustein, Raphi: Challenges to circumcision in Israel:
the Israeli association against genital mutilation, in Denniston; Hodges; Milos: Male
and female circumcision (see in the bibliography), p. 343-350.

Zwang, Gérard: Functional and erotic consequences of sexual mutilations, in


Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p.
67-76.

Zwang, Gérard: Histoire des peines de sexe, Maloine, Paris, 1994.

Zwang, Gérard: La fonction érotique, Editions Robert Laffont, Paris 3ème édition, vol
3, supplément, 1978.

Zwang, Gérard: Les mutilations sexuelles féminines, techniques et résultats, Les


mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants, Terres des Hommes,
Conférence de presse, Genève, 25 avril 1977.

Zwang, Gérard: Motivations for modifications of the human body, in Denniston;


Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 201-207.

Zwang, Gérard: Sexologie, Masson, Paris, 5ème édition, 1998.

417
‫محتويات الكتاب‬
‫‪Male and female circumcision‬‬
‫‪among Jews, Christians and Muslims...............................................................................................................................1‬‬

‫‪Religious, medical, social and legal debate.......................................................................................................................1‬‬

‫‪Study and documents.........................................................................................................................................................1‬‬

‫‪(in Arabic)...........................................................................................................................................................................1‬‬

‫‪by..........................................................................................................................................................................................1‬‬

‫‪Dr. Sami A. Aldeeb Abu-Sahlieh.......................................................................................................................................1‬‬

‫‪Foreword by........................................................................................................................................................................1‬‬

‫‪Dr. Nawal Al-Saadawi........................................................................................................................................................1‬‬

‫ختان الذكور والناث‬


‫عند اليهود والمسيحّيين والمسلمين‬
‫‪............................................................................................................................1‬الجدل الديني والطّبي والجتماعي والقانوني‬

‫‪........................................................................................................................................................................1‬دراسة ووثائق‬

‫‪..........................................................................................................................................1‬د‪ .‬سامي عوض الذيب آبو ساحلية‬

‫‪......................................................................................................................................1‬مسؤول عن القسم العربي والسلمي‬

‫‪.........................................................................................................................................1‬المعهد السويسري للقانون المقارن‬

‫‪.................................................................................................................................................2‬تقديم الدكتورة نوال السعداوي‬


‫‪www.sami-aldeeb.com........................................................................................................................................................2‬‬

‫‪saldeeb@bluewin.ch...........................................................................................................................................................2‬‬
‫‪.....................................................................................................................................................3‬تحذير للقّراء‬
‫‪...................................................................................................................................4‬نبذة عن المؤّلف وأعماله‬

‫‪:‬تقديم الدكتورة نوال السعداوي‬


‫‪.............................................................................................................................................................................6‬لّذة المعرفة‬

‫‪................................................................................................................................................................................11‬المقّدمة‬
‫‪.............................................................................................................................................................15‬ههههه‬

‫‪...........................................................................................................20‬الجزء الّول‪ :‬تعريف الختان وأهّميته العددّية وتوزيعه‬


‫هه‪ :‬ههههه هههههه‬ ‫‪............................................................................................20‬ههههه هههه‬
‫رف بالجسد )‪1‬‬
‫‪............................................................................................................20‬الختان أحد أساليب التص ّ‬

‫‪418‬‬
‫‪..........................................................................................................20‬الكلمة ومدلولها الجتماعي والسياسي )‪2‬‬
‫‪....................................................................................22‬عرض للعضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور والناث )‪3‬‬
‫‪..................................................................................................23‬أ( العضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور‬
‫‪................................................................................................24‬ب( العضاء التناسلّية الظاهرّية للناث‬
‫‪...................................................................25‬ج( مقارنة بين العضاء التناسلّية الظاهرّية للذكور والناث‬
‫‪.....................................................................................................................................25‬عملّية ختان الذكور )‪4‬‬
‫‪.....................................................................................................................................29‬عملّية ختان الناث )‪5‬‬
‫هه هههههههه هههههههه‬ ‫ههه هههههه‬ ‫‪...............31‬ههههه هههههه‪ :‬ههههه‬
‫‪.............................................................................................................................31‬إحصائّيات ختان الذكور )‪1‬‬
‫‪..............................................................................................................................33‬إحصائّيات ختان الناث )‪2‬‬
‫‪................................................................................................38‬أسباب زيادة عدد المختونين على المختونات )‪3‬‬

‫‪......................................................................................................................................40‬الجزء الثاني‪ :‬الختان والجدل الديني‬

‫‪.......................................................................................................................41‬القسم الّول‪ :‬الختان في الفكر الديني اليهودي‬


‫هه‬
‫ههه ههههههه‬ ‫هه‪ :‬هههههه هه هههه ههههه ههههه‬ ‫‪.........41‬ههههه هههه‬
‫‪................................................................................................................41‬التعريف بالكتب المقّدسة اليهودّية )‪1‬‬
‫‪................................................................................................42‬نصوص الكتب المقّدسة اليهودّية عن الختان )‪2‬‬
‫‪........................................48‬ههههه هههههه‪ :‬هههه هههه هههههه ههه هههههه‬
‫هه‪ :‬ههههه هههههه ههه هههههه‬ ‫‪........................................................48‬ههههه هههه‬
‫‪..........................................................................................................48‬ختان الذكور في الشرق الوسط قديمًا )‪1‬‬
‫‪........................................................................................................50‬الختان وأسطورة العهد بين ال واليهود )‪2‬‬
‫‪...........................................................................................................53‬الختان علمة إنتماء وتمييز وخلص )‪3‬‬
‫‪........................................................................................................56‬علقة الختان بالقرابين والغلة والزواج )‪4‬‬
‫ههه ههه ههه هههههه‬ ‫‪.........................57‬ههههه هههههه‪ :‬ههههههه هههههه‬
‫‪.................................................................................................................................57‬عقاب مخالفة الشريعة )‪1‬‬
‫‪................................................................................................................58‬الغلف يقطع من الشعب اليهودي )‪2‬‬
‫‪.............................................................................................................................................59‬الغلف نجس )‪3‬‬
‫‪.................................................................................60‬الغلف ل يشارك بالعياد ول يدخل الهيكل ول القدس )‪4‬‬
‫‪...............................................................................................60‬الغلف ل ُيقبل زواجه من يهودّية ول يناسب )‪5‬‬
‫‪........................................................................................................................................61‬الغلف ل يعاشر )‪6‬‬
‫‪...................................................................................................................61‬الغلف ل نصيب له في الخرة )‪7‬‬
‫‪.............................................................................................................................62‬المبالغة في أهّمية الختان )‪8‬‬
‫ههه ههههههه هههههه ههههه هههههه‬ ‫‪.............63‬ههههه هههههه‪ :‬هههه‬
‫‪...................................................................................................................63‬هل مارس اليهود دائمًا الختان؟ )‪1‬‬
‫‪..............................................................................................................................65‬الجدل ضد الختان قديمًا )‪2‬‬
‫‪............................................................................................68‬الجدل ضد الختان عند المجّددين اليهود اللمان )‪3‬‬
‫‪........................................................................................70‬تراجع نقد الختان عند المجّددين اليهود المريكّيين )‪4‬‬
‫‪.........................................................................................................71‬تجّدد نقد الختان بين اليهود المريكّيين )‪5‬‬
‫‪.......................................................................................................................73‬أ( رأي رولند جولدمان‬
‫‪....................................................................................................................77‬ب( رأي ليزا برافر موس‬
‫‪...........................................................................................................................79‬ج( رأي ناتالي بيفاس‬
‫‪.............................................................................................................................84‬د( رأي مريم بولك‬
‫‪.........................................................................................................................85‬هق( رأي نلي كارسنتي‬
‫‪.........................................................................................................................87‬و( رأي جيني جودمان‬
‫‪419‬‬
‫‪......................................................................................................................88‬إنتقال نقد الختان إلى إسرائيل )‪6‬‬
‫‪..........................................................................92‬محاولة رجال الدين اليهود تخليص سفينة الختان من الغرق )‪7‬‬
‫هه هههههه ههه هههههه‬
‫‪....................................................94‬ههههه هههههه‪ :‬هههه‬
‫هه‪ :‬هههههه هههههههه‬ ‫‪.................................................................................94‬ههههه هههه‬
‫‪.....................................................................................................................94‬الشخص الذي يتم الختان عليه )‪1‬‬
‫‪...........................................................................................................94‬أ( كل مولود يهودي؛ سن الختان‬
‫‪........................................................................................................................94‬من هو اليهودي‬
‫‪.............................................................................................................95‬سن الختان ويوم السبت‬
‫‪..................................................................97‬تأخير وإلغاء الختان في حالة المرض وخوف الموت‬
‫‪...................................................................................................98‬ب( العبيد ومن يعتنق اليهودّية والعدو‬
‫‪...................................................................................................................99‬ج( من ولد أو تهّود مختونًا‬
‫‪..........................................................................................................100‬د( ختان الخنثى ومن له غلفتين‬
‫‪................................................................................................................................100‬هق( ختان المّيت‬
‫‪..................................................................................................................101‬القائمون بالختان ومن يحضره )‪2‬‬
‫‪..........................................................................................................................................101‬أ( الخاتن‬
‫‪........................................................................................................................103‬ب( السندك والعّرابين‬
‫‪.........................................................................................................................................104‬ج( الجمع‬
‫‪......................................................................................................................105‬د( إيلّيا الغائب الحاضر‬
‫‪.............................................................................................................................................105‬تنفيذ الختان )‪3‬‬
‫‪.....................................................................................................105‬أ( العداد الروحي والماّدي للختان‬
‫‪.................................................................................................................................107‬ب( عّدة الختان‬
‫‪..........................................................................................................................................108‬ج( القطع‬
‫‪................................................................................................................................111‬د( مصير الغلفة‬
‫‪............................................................................................................................................112‬طقس الختان )‪4‬‬
‫‪...........................................................................................................................................112‬أ( مقّدمة‬
‫‪............................................................................................................................112‬ب( ترجمة الطقس‬
‫‪................................................................................................................114‬ج( ملحظتان على الطقس‬
‫‪..........................................................................................................................114‬تسمية الطفل‬
‫‪......................................................................115‬أمنية دخول التوراة والزواج والعمال الصالحة‬
‫‪.....................................................................115‬ههههه هههههه‪ :‬ههه هههههه هههههه‬
‫‪..................................................................................................115‬المحافظة على طقس الختان وإلغاء القطع )‪1‬‬
‫ول لطقس الختان الرمزي )‪2‬‬ ‫‪.............................................................................................................116‬نموذج أ ّ‬
‫ن لطقس الختان الرمزي )‪3‬‬ ‫‪.............................................................................................................116‬نموذج ثا ٍ‬
‫‪.....................................................118‬ههههه هههههه‪ :‬هههه هههههه ههه هههههه‬
‫‪........................................................................................................118‬ختان الناث في الشرق الوسط قديمًا )‪1‬‬
‫‪...............................................................................................119‬ممارسة اليهود لختان الناث وإنكارهم ذلك )‪2‬‬
‫‪....................................................................................................121‬إشراك الناث في طقس الختان الرمزي )‪3‬‬

‫‪...................................................................................................................121‬القسم الثاني‪ :‬الختان في الفكر الديني المسيحي‬


‫هه‬
‫ههه ههههههه‬ ‫هه‪ :‬هههههه هه هههه ههههه ههههه‬ ‫‪......122‬ههههه هههه‬
‫‪............................................................................................................122‬التعريف بالكتب المقّدسة المسيحّية )‪1‬‬
‫‪.............................................................................................122‬نصوص الكتب المقّدسة المسيحّية عن الختان )‪2‬‬
‫‪..........................................................................................................................127‬موقف المسيح من الختان )‪3‬‬
‫‪.................................................................................................................128‬موقف رسل المسيح من الختان )‪4‬‬

‫‪420‬‬
‫ههه هه هههههه‬ ‫‪1‬ههههه هههههه‪ :‬هههه هههه ههههههه ههههههههه‬
‫‪31‬‬
‫‪...................................................................................................................131‬إنتصار التّيار الرافض للختان )‪1‬‬
‫‪..................................................................................................132‬رأي يوستينوس )توّفى حوالي عام ‪2) (165‬‬
‫‪...............................................................................................................133‬رأي أوريجين )توّفى عام ‪3) (254‬‬
‫‪.....................................................................................................134‬رأي كيريّلوس الكبير )توّفى عام ‪4) (444‬‬
‫‪......................................................................................................135‬رأي توما الكويني )توّفى عام ‪5) (1274‬‬
‫‪.........................................................................................................137‬رأي مارتن لوثر )توّفى عام ‪6) (1546‬‬
‫هه ههه‬‫‪. 140‬ههههه هههههه‪ :‬ههههه هههههه ههه هههههه ههه ههههه‬
‫‪................................................................................................................140‬ختان الذكور عند مسيحي مصر )‪1‬‬
‫‪...............................................................................................................145‬ختان الناث عند مسيحّيي مصر )‪2‬‬
‫ههه‬
‫ههههه ههههه‪ :‬ههههه هههههه ههه هههههه ههه ههههههه‬
‫ههه‬
‫‪........................................................................................................................................148‬هههههههه‬
‫‪.....................................................................................148‬التفسير الحرفي للتوراة عند الصولّيين المسيحّيين )‪1‬‬
‫‪............................................................................................................................149‬أ( موقف ماكميلن‬
‫‪.......................................................................................................................150‬ب( موقف دان جيمان‬
‫‪............................................................................................................................151‬ج( موقف ليندسي‬
‫‪........................................................................................................................151‬د( موقف أرمسترونج‬
‫‪...........................................................................................151‬رفض معارضي ختان الذكور للتفسير الحرفي )‪2‬‬
‫‪..........................................................................................................................151‬أ( موقف جيم بيجيلو‬
‫‪.........................................................................................................................152‬ب( موقف رومبيرج‬
‫هه ههههه ههه هههههه‬ ‫‪..............................153‬ههههه هههههه‪ :‬ههههه ههههه‬
‫‪.......................................................................................................................153‬تكريم ختان المسيح وغلفته )‪1‬‬
‫‪..................................................................................................................155‬الكنيسة بين الختان والخصيان )‪2‬‬
‫‪.............................................................................................................155‬أ( طائفة الخصيان في روسيا‬
‫‪.........................................................................................................161‬ب( الخصيان في ترانيم الكنيسة‬

‫‪...................................................................................................................163‬القسم الثالث‪ :‬الختان في الفكر الديني السلمي‬


‫هه‪ :‬هههههه هه هههههه‬ ‫‪.............................................................................163‬ههههه هههه‬
‫ول للشريعة السلمّية )‪1‬‬ ‫‪...................................................................................................163‬القرآن المصدر ال ّ‬
‫‪....................................................................................................163‬سكوت القرآن عن ختان الذكور والناث )‪2‬‬
‫‪..................................................................................164‬تفسير آيات متشابهات من القرآن لتأييد ختان الذكور )‪3‬‬
‫‪.......................................................................165‬أ( »وإذ إبتلى إبراهيم رّبه بكلمات« تعني ختان إبراهيم‬
‫‪.....................................................................170‬ب( »صبغة ال ومن أحسن من ال صبغة« تعني الختان‬
‫‪..................................................................................................................171‬تصادم الختان مع فلسفة القرآن )‪4‬‬
‫‪..............................................................................................................................173‬أ( نوال السعداوي‬
‫‪........................................................................................175‬ب( القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي‬
‫‪...................................................................................................................................175‬ج( جمال البّنا‬
‫‪...................................................................................................175‬د( أستاذ طب سوري مجهول الهوّية‬
‫هه‬
‫‪.............................................................................176‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه هه هههه‬
‫سّنة المصدر الثاني للشريعة السلمّية )‪1‬‬ ‫‪....................................................................................................176‬ال ُ‬
‫‪.........................................................................................178‬الحاديث التي تذكر لتأييد ختان الذكور والناث )‪2‬‬
‫‪.....................................................................................................................178‬أ( أحاديث ختان إبراهيم‬
‫‪............................................................................................................178‬ب( أحاديث ختان النبي محّمد‬
‫‪.................................................................................................................178‬ميلد النبي مختونًا‬

‫‪421‬‬
‫‪..................................................................................................................179‬ختان الملك للنبي‬
‫طلب‬‫‪.........................................................................................179‬ختن النبي على يد جّده عبد الم ّ‬
‫‪........................................................................................................179‬ولد النبي مختونًا غير تام‬
‫‪......................................................................................................180‬ج( أحاديث ختان الحسن والحسين‬
‫‪........................................................................................................................181‬د( النبي لم يختن بناته‬
‫سَنن الفطرة‬
‫‪....................................................................................................181‬هق( أحاديث الختان من ُ‬
‫‪......................................................................................................182‬و( الحاديث المرة بختان الذكور‬
‫سّنة للرجال َمكُرَمة للنساء«‬‫‪...................................................................................184‬ز( حديث »الختان ُ‬
‫‪........................................................................................................185‬ح( أحاديث »إذا إلتقى الختانان«‬
‫‪.............................................................................................................186‬ط( روايتا »خاتنة الجواري«‬
‫‪................................................................................186‬الرواية الولى المشهورة برواية أم عطّية‬
‫‪.................................................................................188‬الرواية الثانية المشهورة برواية أم حبيبة‬
‫حة أحاديث الختان ونسبتها لليهود )‪3‬‬ ‫‪....................................................................................189‬المشّككون في ص ّ‬
‫ل )‪4‬‬
‫سّنة جملة وتفصي ً‬ ‫‪................................................................................................................191‬الرافضون لل ُ‬
‫ههههه‬ ‫‪.............................................................193‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه هههه هه ه‬
‫‪.............................................................................................193‬شرع من َقبلنا« كمصدر للشريعة السلمّية« )‪1‬‬
‫‪.............................................................................................................................................194‬إنجيل برنابا )‪2‬‬
‫‪....................................................................................................................................196‬رواية ختان هاجر )‪3‬‬
‫‪...........................................................................196‬أ( »فتوح مصر« لبن عبد الحكم )توّفى عام ‪:(870‬‬
‫‪.........................................................................196‬ب( »تاريخ الطبري‪ ،‬تاريخ المم والملوك« للطبري‪:‬‬
‫‪..............................................................................196‬ج( »قصص النبياء« للثعلبي )توّفى عام ‪:(1053‬‬
‫‪.........................................................................197‬د( »تحفة المودود بأحكام المولود« لبن قّيم الجوزّية‪:‬‬
‫‪.......................................................................................................197‬هق( »البداية والنهاية« لبن كثير‪:‬‬
‫‪.................................................................................................197‬و( حاشية الجمل )توّفى عام ‪:(1790‬‬
‫هه ههههه‬ ‫‪.................................................................198‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه هه هه‬
‫سّنة السلف كمصدر للشريعة )‪1‬‬ ‫‪ُ ....................................................................................................................198‬‬
‫‪..................................................................................................199‬ليس للسلف موقف ثابت من ختان الذكور )‪2‬‬
‫‪..................................................................................201‬أ( »إّنا كّنا ل نأتي الختان على عهد رسول ال«‬
‫جامي بلدنا حذق بذلك‪ ،‬ول يختنونه يوم السابع«‬ ‫‪..............................................................202‬ب( »ليس لح ّ‬
‫‪........................................................202‬ج( »أسلم الناس السود والبيض لم يفّتش أحد منهم ولم يختتنوا«‬
‫سّنة تّتبع«‬
‫‪................................................................................................202‬د( »ليس في باب الختان‪ُ ...‬‬
‫‪........................................................................203‬هق( »إن ال بعث محّمدا )ص( داعيًا‪ ،‬ولم يبعثه خاتنًا«‬
‫‪...................................................................................................203‬ليس للسلف موقف ثابت من ختان الناث )‪3‬‬
‫‪..........................204‬ههههه هههههه‪ :‬هههه ههههههه ههههههه هه هههههه‬
‫‪..............................................................................................................204‬مكانة الفقهاء القدامى في الشريعة )‪1‬‬
‫‪.......................................................................205‬قّلة إهتمام الفقهاء القدامى بموضوع الختان وتناقض مواقفهم )‪2‬‬
‫‪..................................................................................................................206‬نبذات من آراء الفقهاء القدامى )‪3‬‬
‫‪.................................................................................................206‬إبن الجلب )توّفى عام ‪ ،988‬مالكي(‬
‫‪...................................................................................................206‬الطوسي )توّفى عام ‪ ،1067‬شيعي(‬
‫‪.....................................................................................................206‬الباجي )توّفى عام ‪ ،1081‬مالكي(‬
‫‪...................................................................................................206‬النزوي )توّفى عام ‪ ،1162‬إباضي(‬
‫‪..................................................................................................206‬إبن قدامة )توّفى عام ‪ ،1223‬حنبلي(‬
‫‪....................................................................................................207‬النووي )توّفى عام ‪ ،1277‬شافعي(‬
‫‪..................................................................................207‬إبن مودود الموصلي )توّفى عام ‪ ،1284‬حنفي(‬
‫‪..................................................................................................207‬إبن تيمّية )توّفى عام ‪ ،1328‬حنبلي(‬
‫‪.................................................................................................207‬إبن جزي )توّفى عام ‪ ،1340‬مالكي(‬
‫‪422‬‬
‫‪.................................................................................................208‬إبن حجر )توفى عام ‪ ،1449‬شافعي(‬
‫‪.................................................................................................208‬المردواي )توّفى عام ‪ ،1480‬حنبلي(‬
‫‪.....................................................................................................208‬العاملي )توّفى عام ‪ ،1559‬شيعي(‬
‫‪....................................................................................................208‬البهوتي )توّفى عام ‪ ،1641‬حنبلي(‬
‫‪.....................................................................................................208‬العاملي )توّفى عام ‪ ،1692‬شيعي(‬
‫‪....................................................................................................208‬الدردير )توّفى عام ‪ ،1786‬مالكي(‬
‫‪............................................................................................209‬الجدل حول ختان الذكور والناث في عصرنا )‪4‬‬
‫هه هههه ههههه ههههه‬ ‫هه هههههه‬ ‫ههههه هههههه‪ :‬ههههه هههههه‬
‫هههه‬ ‫‪................................................................................................................212‬ههههههه هههههه‬
‫‪.................................................................................................................................212‬التطهير من النجاسة )‪1‬‬
‫‪.................................................................................................213‬قطع عضو سليم وإدخال ألم وكشف عورة )‪2‬‬
‫‪....................................................................................................214‬شعار المسلمين ومخالفة لشعارات الكفر )‪3‬‬
‫‪....................................................................................................................................................215‬الُعرف )‪4‬‬
‫‪..................................................................................216‬الختان عادة غير إسلمّية تركتها دول إسلمّية كثيرة )‪5‬‬
‫‪.......................................................................................................218‬ربط الوجوب والمنع بالفائدة والضرر )‪6‬‬
‫‪...................................................................................................218‬أ( ل جدل حول مضار ختان الذكور‬
‫‪..........................................................................................................219‬ب( موقف مؤّيدي ختان الناث‬
‫‪.........................................................................................................219‬أوامر ال ل مضّرة فيها‬
‫حكمة ال ل يدركها العقل والعبرة للشرع َقبل العلم‬ ‫‪ِ ...................................................................220‬‬
‫‪..........................................................221‬إنكار أضرار ختان الناث وإرجاعها إلى أسلوب الختان‬
‫‪.......................................................................................................222‬ج( موقف معارضي ختان الناث‬
‫‪..............................................................................222‬ختان الناث ضار بينما ختان الذكور نافع‪-‬‬
‫‪..........................................................223‬في غياب المصدر الديني المؤّكد يرجع إلى رأي الطبيب‬
‫‪...................................................................224‬ختان الناث يخالف قاعدة »ل ضرر ول ضرار«‬
‫‪.........................................................................225‬منع ختان الناث ل يخالف الشريعة السلمّية‬
‫‪................................................................226‬د( موقف المبيحين‪ :‬في غياب النص والضرر يرجع للباحة‬
‫‪...........................................................................................227‬السباب الطّبية والنفسّية والجتماعّية الخرى )‪7‬‬
‫ههه ههه ههه هههههه هه‬ ‫ههههه هههههه‪ :‬ههههههه هههههه‬
‫‪...................................................................................................................................................227‬ههههههه‬
‫‪..............................................................................................................................227‬عقاب مخالفة الشريعة )‪1‬‬
‫‪....................................................................................................................227‬الختان بين المباح والمستحب )‪2‬‬
‫‪...............................................................................................................228‬الختان واجب يجبر ويقتل تاركه )‪3‬‬
‫‪.................................................................................230‬القدح في صلة وإمامة وحج وشهادة وذبيحة الغلف )‪4‬‬
‫‪............................................................................................................................231‬القدح في زواج الغلف )‪5‬‬
‫‪................................................................................................................................232‬حالت تجريم الختان )‪6‬‬
‫‪.............................................................................................................233‬أ( تجريم الخروج عن الحدود‬
‫‪................................................................................236‬ب( تّيار يطالب بتجريم جميع أنواع ختان الناث‬
‫هه هههه هههههه ههههههه‬ ‫‪..........................................237‬ههههه هههههه‪ :‬هههه‬
‫‪...................................................................................................................237‬الشخص الذي يتم الختان عليه )‪1‬‬
‫‪...........................................................................................................237‬أ( كل مولود مسلم؛ سن الختان‬
‫‪.....................................................................................................................241‬ب( الذي يعتنق السلم‬
‫‪.................................................................................................................244‬ج( من ولد أو أسلم مختونًا‬
‫‪...........................................................................................................246‬د( ختان الخنثى ومن له ذكران‬
‫‪................................................................................................................................247‬هق( ختان المّيت‬
‫‪......................................................................................................................................248‬القائمون بالختان )‪2‬‬
‫‪.............................................................................................................................................251‬تنفيذ الختان )‪3‬‬

‫‪423‬‬
‫‪...............................................................................................................................251‬أ( العداد للختان‬
‫‪.........................................................................................................................253‬ب( القطع في الذكور‬
‫‪..........................................................................................................................254‬ج( القطع في الناث‬
‫‪...............................................................................................255‬د( مصير الغلفة في الحياة وبعد الموت‬
‫‪...........................................................................................................................................257‬صلة الختان )‪4‬‬

‫‪............................................................................................................................................................257‬خاتمة الجدل الديني‬

‫‪....................................................................................................................................259‬الجزء الثالث‪ :‬الختان والجدل الطّبي‬


‫هه‪ :‬ههههههه ههه هههه هههه ههههه ههههه‬ ‫‪.....................260‬ههههه هههه‬
‫‪...............................................................................................................260‬تصادم رجال العلم ورجال الدين )‪1‬‬
‫‪...............................................................................................262‬الختان بين الخطاب الديني والخطاب الطّبي )‪2‬‬
‫‪................................................................................................262‬أ( الختان أمر ديني ل علقة له بالطب‬
‫حة الدين‬
‫‪...............................................................................................263‬ب( الختان أمر طّبي يثبت ص ّ‬
‫‪.............................................................................................................264‬ج( الختان ل علقة له بالدين‬
‫‪..........................................................265‬د( الطبيب عليه دراسة الختان بموضوعّية دون النظر إلى الدين‬
‫ههههه هههههه‪ :‬هههه هههههه ههههههه ههه ههههههه‬
‫‪...............................................................................................................................................266‬هههههههه‬
‫‪....................................................................................................266‬تباين المواقف من ختان الذكور والناث )‪1‬‬
‫‪.................................................................................266‬أ( تّيار يقبل بختان الذكور ويرفض ختان الناث‬
‫‪...................................................................................................268‬ب( تّيار يقبل بختان الذكور والناث‬
‫‪......................................................................................268‬ج( تّيار يرفض كل من ختان الذكور والناث‬
‫‪.......................................................................................................269‬الختان عملّية بتر عند الذكور والناث )‪2‬‬
‫‪..........................................................................................................................269‬أ( التلعب بالكلمات‬
‫‪.................................................................................................269‬ب( غلفة القضيب ليست عضوًا زائدًا‬
‫‪................................................................................271‬ج( العضاء الجنسّية للنثى ليست أعضاء زائدة‬
‫‪................................................................................272‬العتبارات الكامنة وراء تتفيه ختان الذكور أو الناث )‪3‬‬
‫‪....................................................................................................................272‬أ( النسان عدو ما يجهل‬
‫‪.......................................................................................................................272‬ب( العتبارات الدينّية‬
‫‪.....................................................................................................................272‬ج( العتبارات الجنسّية‬
‫‪........................................................................................................................273‬د( العتبارات النفسّية‬
‫‪....................................................................................................................273‬هق( العتبارات التكتيكّية‬
‫‪. .274‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه ههههههه هه هههه هههههه ههههههه‬
‫‪.......................................................................................................274‬اللم غير الضروري مخالف للخلق )‪1‬‬
‫‪................................................................................274‬عدم إحساس الطفل باللم أو عدم إحساس الغير بألمه؟ )‪2‬‬
‫‪.............................................................................................................274‬أ( إنكار إحساس الطفل باللم‬
‫‪................................................................................................................275‬ب( هل يحس الطفل باللم؟‬
‫‪................................................................................277‬ج( لماذا ل يحس رجال الدين والطب بألم الطفل؟‬
‫‪.....................................................................................................278‬د( لماذا ل يحس الهل بألم الطفل؟‬
‫‪...........................................................................279‬هق( هل هناك فرق بين إحساس الذكر والنثى باللم؟‬
‫‪.....................................................................................................................................279‬التخفيف من اللم )‪3‬‬
‫‪..............................................................................................279‬أ( معظم عملّيات الختان تتم دون تخدير‬
‫‪..............................................................................280‬ب( العتبارات الدينّية وراء عدم إستعمال المخّدر‬
‫‪...................................................................................281‬ج( العتبارات التكتيكّية وراء إستعمال المخّدر‬
‫‪.................................................................................................................282‬د( قضّية التخفيف من اللم‬
‫ههه ههههه هههههه ههههههه‬
‫‪.......282‬ههههه هههههه‪ :‬ههههههه هههه‬
‫‪424‬‬
‫للختان )‪1‬‬ ‫حية‬
‫‪.........................................................................................283‬أسباب تتفيه أو تجاهل الضرار الص ّ‬
‫‪..............................................................................................................................283‬أ( السباب الدينّية‬
‫‪.........................................................................283‬ب( جهل أو تجاهل العلقة بين تلك الضرار والختان‬
‫‪............................................................................................................284‬ج( عدم وجود وسيلة للمقارنة‬
‫حية لختان الذكور )‪2‬‬ ‫‪................................................................................................................285‬الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الذكور قديمًا‬ ‫‪.............................................................................................285‬أ( الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الذكور في أّيامنا‬ ‫‪.................................................................286‬ب( محاولة تتفيه الضرار الص ّ‬
‫حية‬ ‫‪..............................................................................287‬ج( عدم وجود إحصائّيات دقيقة للضرار الص ّ‬
‫حية لختان الذكور‬ ‫‪...........................................................................................289‬د( قائمة بالضرار الص ّ‬
‫‪..................................................................................................................................289‬النزيف‬
‫‪.........................................................................................................289‬اللتهابات وتعّفن الجرح‬
‫‪....................................................................................................................290‬إنكماش القضيب‬
‫طبة‬‫‪............................................................................290‬القضاء على الغدد التي تفرز الماّدة المر ّ‬
‫‪..............................................................................................290‬باسور الحليل والمبال الفوقاني‬
‫‪...........................................................................................................................290‬ضيق الغلفة‬
‫‪........................................................................................................................290‬إحتباس البول‬
‫‪.................................................................................291‬موت الحشفة أو تشويهها وفقدها حمايتها‬
‫‪..........................................................................................................291‬قطع زائد لجلد القضيب‬
‫‪...............................................................................................................291‬التقيؤ ووقف التنّفس‬
‫‪......................................................................................................................291‬مخاطر التخدير‬
‫‪.........................................................................................................291‬تقّرح فتحة مجرى البول‬
‫‪........................................................................................................292‬ضيق فتحة مجرى البول‬
‫‪ Plastibell.....................................................................................................292‬البقاء على حلقة‬
‫‪.....................................................................................................292‬التعّرض لعدوى المراض‬
‫‪......................................................................................................................292‬تشويه القضيب‬
‫‪....................................................................................................................292‬التعّرض للخدش‬
‫‪.......................................................................................................................293‬فقدان القضيب‬
‫‪....................................................................................................................................293‬الوفاة‬
‫صة بالختان اليهودي‬ ‫حية الخا ّ‬ ‫‪..................................................................................293‬هق( الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الناث )‪3‬‬ ‫‪................................................................................................................294‬الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الناث قديمًا‬ ‫‪.............................................................................................294‬أ( الضرار الص ّ‬
‫حية لختان الناث في أّيامنا‬ ‫‪..................................................................295‬ب( محاولة تتفيه الضرار الص ّ‬
‫حية‬ ‫‪..............................................................................296‬ج( عدم وجود إحصائّيات دقيقة للضرار الص ّ‬
‫حية لختان الناث‬ ‫‪...........................................................................................296‬د( قائمة بالضرار الص ّ‬
‫‪..................................................................................................................................296‬النزيف‬
‫‪....................................................................................................................297‬الصدمة العصبّية‬
‫‪.................................................................................................297‬الضرار بالعضاء المجاورة‬
‫‪..........................................................................................................................297‬متاعب بولّية‬
‫‪..............................................................................................................................297‬اللتهابات‬
‫‪........................................................................................................................297‬تشويه العضو‬
‫‪...........................................................................................297‬تعطيل وظيفة الشفرين الصغيرين‬
‫‪.....................................................................................................................................298‬العقم‬
‫سر عملّية الوضع‬ ‫‪...............................................................................................................298‬تع ّ‬
‫‪..............................................................................................................298‬إصابة غّدتا بارثولين‬
‫‪..........................................................................................................................298‬عسر الطمث‬
‫‪...........................................................................................................298‬المخاطر العاّمة للجرح‬
‫‪....................................................................................................................................298‬الوفاة‬

‫‪425‬‬
‫صة بالختان الفرعوني‬
‫حية الخا ّ‬
‫‪...............................................................................299‬هق( الضرار الص ّ‬
‫‪...........................................................................................................300‬الختان والحساس بالوقوع في الفخ )‪4‬‬
‫هه ههههه هههههه ههههههه‬ ‫‪.......300‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه هههههه‬
‫‪......................................................................................................................300‬ختان الذكور واللّذة الجنسّية )‪1‬‬
‫‪.............................................................................300‬أ( مؤّيدو ختان الذكور قديمًا يرون فيه إضعاف للّذة‬
‫‪.........................................................301‬ب( معارضو ختان الذكور في أّيامنا يرون فيه أيضًا إضعافًا للّذة‬
‫‪..........................................................................303‬ج( مؤّيدو ختان الذكور في أّيامنا يرون فيه تقوية للّذة‬
‫‪..................................................................................................303‬رضى المختونين عن ختانهم‬
‫‪..............................................................................................................304‬الختان وإبطاء القذف‬
‫‪...............................................................................................305‬رضى النساء عن ختان الذكور‬
‫‪.......................................................................................................................307‬ختان الناث واللّذة الجنسّية )‪2‬‬
‫‪...............................................................................307‬أ( مؤّيدو ختان الناث قديمًا يرون فيه إضعافًا للّذة‬
‫‪..........................................................307‬ب( معارضو ختان الناث في أّيامنا يرون فيه أيضًا إضعافًا للّذة‬
‫ل أو تقوية للّذة‬‫سّنة« في أّيامنا يرون فيه تعدي ً‬ ‫‪.........................................................309‬ج( مؤّيدو ختان »ال ُ‬
‫‪...............................................................................311‬د( صعوبة التعّرف على علقة ختان الناث باللّذة‬
‫‪...................................................................................................313‬هق( رضى الرجال عن ختان الناث‬
‫‪........................................................................................................................314‬الختان وتعاطي المخّدرات )‪3‬‬
‫‪....................................................................................................315‬أ( ختان الذكور وتعاطي المخّدرات‬
‫‪..................................................................................................315‬ب( ختان الناث وتعاطي المخّدرات‬
‫‪............................................................................................................................316‬الختان والشذوذ الجنسي )‪4‬‬
‫‪..................................................................................................................316‬أ( تعريف الشذوذ الجنسي‬
‫‪.....................................................................................................316‬ب( ختان الذكور والشذوذ الجنسي‬
‫‪.......................................................................................................318‬ج( ختان الناث والشذوذ الجنسي‬
‫‪..........................................................................................................................319‬تأثير الختان على الزواج )‪5‬‬
‫‪......................................................................................................319‬أ( تأثير ختان الذكور على الزواج‬
‫‪....................................................................................................320‬ب( تأثير ختان الناث على الزواج‬
‫ههه هههههههه ههههه هههههه‬ ‫ههههه هههههه‪ :‬ههههههه هههه‬
‫‪...................................................................................................................................................321‬ههههههه‬
‫هه‪ :‬هههه هههههه ههههههه هههههه ههه ههههههه‬ ‫‪. .322‬ههههه هههه‬
‫‪..........................................................................................................322‬الختان والنظافة في الكتابات القديمة )‪1‬‬
‫‪.......................................................................................322‬الختان والنظافة في المصادر السلمّية والعربّية )‪2‬‬
‫‪........................................................................................................324‬الختان والنظافة في المصادر الغربّية )‪3‬‬
‫ههههه هههههه‪ :‬هههه هههههه ههههههه ههههههه ههههههههه‬
‫‪...................................................................................................................................................326‬ههههههه‬
‫‪..................................................................................................................326‬الستمناء في المصادر العربّية )‪1‬‬
‫‪........................................................................................................326‬أ( موقف المسلمين من الستمناء‬
‫‪........................................................................................329‬ب( الختان لمكافحة الستمناء عند المسلمين‬
‫‪.................................................................................................330‬الستمناء عند اليهود والمسيحّيين الغربّيين )‪2‬‬
‫‪.............................................................................330‬أ( موقف اليهود والمسيحّيين الغربّيين من الستمناء‬
‫‪............................................................333‬ب( الختان لمكافحة الستمناء عند اليهود والمسيحّيين الغربّيين‬
‫ههههه هههههه‪ :‬هههه هههههه ههههههه ههههههه هه ههههههه‬
‫هههه‬ ‫‪...................................................................................................................................................337‬هههه‬
‫‪....................................................................................337‬الختان شماعة للوقاية من أمراض مجهولة السباب )‪1‬‬
‫‪................................................................................................337‬أ( الختان والوقاية في الكتابات القديمة‬
‫‪.............................................................................................338‬ب( الختان والوقاية في الكتابات الغربّية‬

‫‪426‬‬
‫‪..............................................................................339‬ج( الختان والوقاية في الكتابات العربّية والفريقّية‬
‫‪...................................................................................340‬ختان الذكور والناث للوقاية من المراض الجنسّية )‪2‬‬
‫‪...........................................................................................................................340‬أ( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................341‬ب( المصادر الغربّية‬
‫‪.................................................................................................342‬ختان الذكور والناث للوقاية من السرطان )‪3‬‬
‫‪...........................................................................................................................342‬أ( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................344‬ب( المصادر الغربّية‬
‫طبة ليست سببًا للسرطان‬ ‫‪........................................................................................344‬الماّدة المر ّ‬
‫‪.......................................................................................345‬الرقام مبالغ فيها أو غير موثوق بها‬
‫‪.........................................................................................346‬تفنيد الجمعّيات الطّبية لتلك النظرّية‬
‫‪........................................................................346‬الوقاية بالختان أخطر من الداء وليست أخلقّية‬
‫‪.....................................................................................................347‬ختان الذكور والناث للوقاية من اليدز )‪4‬‬
‫‪.............................................................................................................................347‬أ( تجربة شخصّية‬
‫‪.........................................................................................................................348‬ب( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................349‬ج( المصادر الغربّية‬
‫‪.......................................................................349‬نظرّية دور الختان في الوقاية من مرض اليدز‬
‫‪..........................................................................................................350‬الرقام تثبت عكس ذلك‬
‫‪........................................................................................351‬الختان قد يكون عامل إنتشار لليدز‬
‫‪.......351‬ههههه هههههه‪ :‬هههههه ههههه ههه هههههه ههههههههههه‬
‫‪..........................................................................................352‬الختان لعلج ضيق الغلفة وضيق الغلفة الخلفي )‪1‬‬
‫‪...........................................................................................................................352‬أ( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................353‬ب( المصادر الغربّية‬
‫‪..........................................................................................................356‬الختان لعلج إلتهاب المسالك البولّية )‪2‬‬
‫‪...........................................................................................................................356‬أ( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................357‬ب( المصادر الغربّية‬
‫‪........................................................................................................358‬الختان وعلج إلتهاب الحشفة والغلفة )‪3‬‬
‫‪...........................................................................................................................358‬أ( المصادر العربّية‬
‫‪.........................................................................................................................359‬ب( المصادر الغربّية‬
‫هه‬
‫ههه ههههه هههههه ههههه‬
‫‪.......360‬ههههه هههههه‪ :‬هههههههه هههه‬
‫ههه ههههه هههه هههههه‬ ‫هه‪ :‬هههههههه هههه‬ ‫‪...................360‬ههههه هههه‬
‫‪.............................................................................................................360‬عملّية إسترجاع الغلفة في التاريخ )‪1‬‬
‫‪...............................................................................................362‬كيفّية إسترجاع الغلفة بأسلوب غير جراحي )‪2‬‬
‫‪..................................................................................................................364‬أسباب إستعادة الغلفة في أّيامنا )‪3‬‬
‫‪.....................................................................................................365‬موقف مؤّيدي الختان من إستعادة الغلفة )‪4‬‬
‫‪..............................................................................................................366‬آراء ومواقف من إستعادوا غلفهم )‪5‬‬
‫ههه ههههه هههه هههههه‬
‫‪...............366‬ههههه هههههه‪ :‬هههههههه هههه‬
‫هه‬
‫‪...................................................................................................................368‬ههههه ههههه هههه‬
‫‪..................................................................................................................................370‬المراجع باللغة العربّية‬
‫‪...............................................................................................................................385‬المراجع باللغات الغربّية‬
‫‪...........................................................................................................................418‬ههههههه هههههه‬

‫‪427‬‬
428

Vous aimerez peut-être aussi