Vous êtes sur la page 1sur 69

‫نــور‬

‫السنـة‬
‫وظلـمـات‬
‫البدعـة‬
‫في ضوء الكتاب‬
‫والسنة‬
‫تأليف الفقير إلى الله‬
‫تعالى‬
‫الدكتور ‪ /‬سعيد بن علي بن‬
‫وهف القحطاني‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫المقـدمة‬
‫إن الحمد لله‪ ،‬نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور‬
‫أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل‬
‫هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وسلم تسليما ً كثيرًا‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه رسالة مختصرة في "نور السنة وظلمات البدعة" بيّنت‬
‫فيها‪ :‬مفهوم السنة‪ ،‬وأسماء أهل السنة‪ ،‬وأن السنة هي النعمة‬
‫المطلقة‪ ،‬وأوضحت منزلة السنة‪ ،‬ومنزلة أصحابها‪ ،‬وعلماتهم‪،‬‬
‫وذكرت منزلة البدعة وأصحابها‪ ،‬ومفهومها‪ ،‬وشروط قبول العمل‪،‬‬
‫وذم البدعة في الدين‪ ،‬وأسباب البدع‪ ،‬وأقسامها‪ ،‬وأحكامها‪ ،‬وأنواع‬
‫البدع عند القبور وغيرها‪ ،‬والبدع المنتشرة المعاصرة‪ ،‬وحكم توبة‬
‫المبتدع‪ ،‬وآثار البدع وأضرارها‪.‬‬
‫ول شك أن السنة هي الحياة والنور اللذان بهما سعادة العبد‬
‫ض‬‫م ت َب ْي َ ّ‬
‫و َ‬
‫وهداه‪ ،‬والسنة تقوم بأهلها وإن قعدت بهم أعمالهم‪} ،‬ي َ ْ‬
‫د{ ]سورة آل عمران‪ ،‬جزء من الية‪ .[106 :‬قال ابن عباس‬ ‫و ّ‬
‫س َ‬
‫وت َ ْ‬
‫جوهٌ َ‬ ‫و ُ‬
‫ُ‬
‫رضي الله عنهما‪" :‬تبيض وجوه أهل السنة والئتلف‪ ،‬وتسود وجوه‬
‫أهل البدعة والتفرق")‪ ،(1‬وصاحب السنة حي القلب‪ ،‬مستنير القلب‪،‬‬
‫قد انقاد لمر الله واتبع رسول الله صّلى الله عليه وسّلم ظاهرا ً‬
‫وباطنًا‪.‬‬
‫أما صاحب البدعة فهو ميت القلب‪ ،‬مظلمه‪ ،‬والظلمة مستولية‬
‫على أصحاب البدع‪ :‬فقلوبهم مظلمة‪ ،‬وأحوالهم كلها مظلمة‪ ،‬فمن‬
‫أراد الله به السعادة أخرجه من هذه الظلمات إلى نور السنة)‪.(2‬‬
‫وقد قسمت هذا البحث إلى مبحثين‪ ،‬وتحت كل مبحث مطالب‬
‫على النحو التي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬نور السنة‪:‬‬
‫الول‪ :‬مفهوم السنة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الثاني‪ :‬أسماء أهل السنة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الثالث‪ :‬السنة نعمة مطلقة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الرابع‪ :‬منزلة السنة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الخامس‪ :‬منزلة صاحب السنة وصاحب البدعة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ظلمات البدعة‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬مفهوم البدعة‪.‬‬
‫ذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش السلمية على غزو المعطلة والجهمية‪.2/39 ،‬‬ ‫‪()1‬‬

‫انظر‪ :‬المرجع السابق‪.41 – 2/38 ،‬‬ ‫‪()2‬‬

‫‪2‬‬
‫الثاني‪ :‬شروط قبول العمل‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الثالث‪ :‬ذم البدعة في الدين‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الرابع‪ :‬أسباب البدع‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الخامس‪ :‬أقسام البدع‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫السادس‪ :‬حكم البدعة في الدين وأنواعها‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫السابع‪ :‬أنواع البدع عند القبور‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫الثامن‪ :‬البدع المنتشرة المعاصرة‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫التاسع‪ :‬توبة المبتدع‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫العاشر‪ :‬آثار البدع وأضرارها‪.‬‬ ‫المطلب‬
‫والله عز وجل أسأل أن يجعل هذا العمل مباركا ً خالصا ً لوجهه‬
‫الكريم‪ ،‬نافعا ً لي في حياتي وبعد مماتي‪ ،‬وأن ينفع به كل من انتهى‬
‫إليه‪ ،‬فإنه خير مسؤول وأكرم مأمول‪ ،‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬ول‬
‫حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬وخيرته من خلقه نبينا محمد وعلى آله‪ ،‬وأصحابه‪،‬‬
‫ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫حرر في ليلة الربعاء‪ ،‬الموافق ‪17/10/1419‬هـ‬

‫‪3‬‬
‫المبحث الول‪ :‬نور السنة‬
‫‪ ‬المطلب الول‪ :‬مفهومها‪:‬‬
‫السنة لها أهل‪ ،‬ولهم عقيدة‪ ،‬واجتماع على الحق‪ ،‬فمن المناسب‬
‫أن أذكر التعريف لهذه الكلمات الثلث‪" :‬عقيدة أهل السنة‬
‫والجماعة"‪.‬‬
‫ل‪ :‬مفهوم العقيدة لغة واصطلحا‪ً:‬‬ ‫أو ً‬
‫العقيدة لغة‪ :‬كلمة "عقيدة" مأخوذة من العقد والربط‪ ،‬والشد‬
‫بقوة‪ ،‬ومنه الحكام والبرام‪ ،‬والتماسك والمراصة‪ ،‬يقال‪ :‬عقد الحبل‬
‫يعقده‪ :‬شدّه‪ ،‬ويقال‪ :‬عقد العهدَ والبيع‪ :‬شدّه‪ ،‬وعقد الزارَ‪ :‬شده‬
‫بإحكام‪ ،‬والعقد‪ :‬ضد الحل)‪.(1‬‬
‫مفهوم العقيدة اصطلحًا‪ :‬العقيدة تطلق على اليمان الجازم‬
‫شك‪ ،‬وهي ما يؤمن به النسانُ‬ ‫ّ‬ ‫والحكم القاطع الذي ل يتطرق إليه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويعقد عليه قلبه وضميره‪ ،‬ويتخذه مذهبا ودينا يدين به؛ فإن كان هذا‬
‫اليمان الجازم والحكم القاطع صحيحا ً كانت العقيدة صحيحة كاعتقاد‬
‫أهل السنة والجماعة‪ ،‬وإن كان باطل ً كانت العقيدة باطلة كاعتقاد‬
‫فرق الضللة)‪.(2‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مفهوم أهل السنة‪:‬‬
‫)‪(3‬‬
‫السنة في اللغة‪ :‬الطريقة والسيرة‪ ،‬حسنة كانت أم قبيحة ‪.‬‬
‫والسنة في اصطلح علماء العقيدة السلمية‪ :‬الهدي الذي‬
‫كان عليه رسول الله صّلى الله عليه وسّلم وأصحابه‪ :‬علما ً واعتقادًا‪،‬‬
‫ذم من‬ ‫وي ّ‬
‫ويحمد أهلُها‪ُ ،‬‬
‫ل‪ ،‬وهي السنة التي يجب اتباعها ُ‬ ‫ل‪ ،‬وعم ً‬
‫وقو ً‬
‫خالَفها؛ ولهذا قيل‪ :‬فلن من أهل السنة‪ :‬أي من أهل الطريقة‬ ‫َ‬
‫)‪(4‬‬
‫الصحيحة المستقيمة المحمودة ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن رجب رحمه الله‪" :‬والسنة هي الطريقة‬
‫المسلوكة‪ ،‬فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه صّلى الله عليه وسلم‬
‫ّ‬
‫هو وخلفاؤه الراشدون‪ :‬من العتقادات‪ ،‬والعمال‪ ،‬والقوال‪ ،‬وهذه‬
‫هي السنة الكاملة")‪.(5‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪" :‬السنة هي ما قام الدليل‬
‫الشرعي عليه؛ بأنه طاعة لله ورسوله سواء فعله رسول الله صّلى‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬لسان العرب لبن منظور‪ ،‬باب الدال‪ ،‬فصل العين‪ ،3/296 ،‬والقاموس‬
‫المحيط للفيروز آبادي‪ ،‬باب الدال‪ ،‬فصل العين‪ ،‬ص ‪ ،383‬ومعجم المقاييس في اللغة‬
‫لبن فارس‪ ،‬كتاب العين‪ ،‬ص ‪.679‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬للشيخ الدكتور ناصر العقل ص ‪-9‬‬
‫‪.10‬‬
‫‪ ()3‬لسان العرب‪ ،‬لبن منظور‪ ،‬باب النون‪ ،‬فصل السين‪.13/225 ،‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬مباحث في عقيدة أهل السنة‪ ،‬للدكتور ناصر العقل‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ ()5‬جامع العلوم والحكم‪.1/120 ،‬‬

‫‪4‬‬
‫الله عليه وسّلم‪ ،‬أو ُفِعل في زمانه‪ ،‬أو لم يفعله ولم يفعل على‬
‫زمانه‪ ،‬لعدم المقتضى حينئذٍ لفعله‪ ،‬أو وجود المانع منه")‪ ،(1‬وبهذا‬
‫المعنى تكون السنة‪" :‬اتباع آثار رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪،‬‬
‫باطنا ً وظاهرًا‪ ،‬وإتباع سبيل السابقين الولين من المهاجرين‬
‫والنصار")‪.(2‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مفهوم الجماعة‪:‬‬
‫الجماعة في اللغة‪ :‬مأخوذة من مادة جمع وهي تدور حول‬
‫الجمع والجماع والجتماع وهو ضد التفرق‪ ،‬قال ابن فارس رحمه‬
‫الله‪" :‬الجيم والميم والعين أصل واحد يدل على تضامّ الشيء‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫جمعت الشيء جمعًا")‪.(3‬‬
‫والجماعة في اصطلح علماء العقيدة السلمية‪ :‬هم‬
‫سلف المة‪ :‬من الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان على يوم‬
‫الدين‪ ،‬الذين اجتمعوا على الحق الصريح من الكتاب والسنة)‪.(4‬‬
‫وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪" :‬الجماعة ما وافق الحق‬
‫وإن كنت وحدك"‪ ،‬قال نُعيم بن حماد‪" :‬يعني إذا فسدت الجماعة‬
‫فعليك بما كانت عليه الجماعة‪ ،‬قبل أن تفسد‪ ،‬وإن كنت وحدك‪ ،‬فإنك‬
‫أنت الجماعة حينئذٍ"‪.5‬‬
‫اتهم‪:‬‬‫ف ِ‬
‫وص َ‬
‫ِ‬ ‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬أسماء أهل السّّن ِ‬
‫ة‬
‫‪ -1‬أهل السنة والجماعة‪ :‬هم من كان على مثل ما كان عليه‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم وأصحابه‪ ،‬وهم المتمسكون بسنة النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم وهم الصحابة‪ ،‬والتابعون‪ ،‬وأئمة الهدى‬
‫المُت ِّبعون َلُهم‪ ،‬وهم الذين استقاموا على الّتباع وابتعدوا عن البتداع‬
‫في أي مكان وفي أي زمان‪ ،‬وهم باقون منصورون إلى يوم‬
‫القيامة)‪ ،(6‬وسمّوا بذلك لنتسابهم لسنة النبي صّلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ّ‬
‫واجتماعهم على الخذ بها‪ :‬ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬في القول‪ ،‬والعمل‪،‬‬
‫والعتقاد)‪ .(7‬فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين‬
‫‪ ()1‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪.21/317 ،‬‬
‫‪ ()2‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪.3/157 ،‬‬
‫‪ ()3‬معجم المقاييس في اللغة‪ ،‬لبن فارس‪ ،‬كتاب الجيم‪ ،‬باب ما جاء من كلم العرب في‬
‫المضاعف والمطابق أوله جيم‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬لبن أبي العز‪ ،‬ص ‪ ،68‬وشرح العقيدة الواسطية لبن‬
‫تيمية‪ ،‬تأليف العلمة محمد خليل هراس‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ ()5‬ذكره المام ابن القيم في إغاثة اللهفان‪ ،1/70 ،‬وعزاه إلى البيهقي‪.‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬للدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل‪،‬‬
‫ص ‪.14-13‬‬
‫‪ ()7‬انظر‪ :‬فتح رب البرية بتخليص الحموية‪ ،‬للعلمة محمد بن عثيمين ص ‪ ،10‬وشرح‬
‫العقيدة الواسطية‪ ،‬للعلمة صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪5‬‬
‫فرقةً فواحدة في الجنة وسبعون في النار‪ ،‬وافترقت‬
‫النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعين فرقة‬
‫محمد بيده‬
‫ٍ‬ ‫في النار وواحدة في الجنة‪ ،‬والذي نفسُ‬
‫ثلث وسبعين فرقة‪ ،‬واحدةٌ في الجنة‬ ‫ٍ‬ ‫ن أمتي على‬ ‫ر َ‬
‫ق ّ‬ ‫َلت َ ْ‬
‫فت َ ِ‬
‫واثنتان وسبعون في النار“ قيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬من هم؟ قال‪:‬‬
‫”الجماعة“)‪ ،(1‬وفي رواية الترمذي عن عبد الله بن عمرو‪ :‬قالوا‪:‬‬
‫ومن هي يا رسول الله؟ قال‪” :‬ما أنا عليه وأصحابي“)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬الفرقة الناجية‪ :‬أي الناجية من النار‪ ،‬لن النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم استثناها عندما ذكر الفرق وقال‪” :‬كلها في النار إل‬
‫واحدة“ أي ليست في النار)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬الطائفة المنصورة‪ :‬فعن معاوية رضي الله عنه قال‬
‫طائفة‬
‫ٌ‬ ‫سمعت رسول الله صّلى الله عليه وسّلم يقول‪” :‬ل تزال‬
‫قائمة بأمر الله ل يضرّهم من خذلهم أو خالفهم‬ ‫ٌ‬ ‫من أمتي‬
‫)‪(4‬‬
‫حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس“ ‪ ،‬وعن‬
‫المغيرة بن شعبة رضي الله عنه نحوه)‪ ،(5‬وعن ثوبان رضي الله عنه‬
‫قال قال رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬ل تزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من خذلهم‪ ،‬حتى يأتي‬
‫أمر الله وهم كذلك“)‪ ،(6‬وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‬
‫نحوه)‪.(7‬‬
‫‪ -4‬المعتصمون المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وما كان عليه السابقون الولون من‬
‫المهاجرين والنصار‪ ،‬ولهذا قال فيهم النبي صّلى الله عليه وسّلم‪:‬‬

‫‪ ()1‬أخرجه ابن ماجه بلفظه‪ ،‬في كتاب الفتن‪ ،‬باب افتراق المم‪ ،2/321 ،‬برقم ‪،3992‬‬
‫وأبو داود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب شرح السنة‪ ،4/197 ،‬برقم ‪ ،4596‬وابن أبي عاصم‪ ،‬في‬
‫كتاب السنة‪ ،1/32 ،‬برقم ‪ ،63‬وصححه اللباني في صحيح سنن ابن ماجه‪.2/364 ،‬‬
‫‪ ()2‬سنن الترمذي‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء في افتراق هذه المة‪ ،5/26 ،‬برقم ‪.2641‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬من أصول أهل السنة والجماعة‪ ،‬للعلمة صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ ()4‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬باب‪ :‬حدثنا محمد بن المثنى‪ ،4/225 ،‬برقم‬
‫‪ ،3641‬ومسلم بلفظه‪ ،‬في كتاب المارة‪ ،‬باب قوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬ل تزال‬
‫طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من خالفهم“ ‪ ،2/1524‬برقم‬
‫‪.1037‬‬
‫‪ ()5‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬باب‪ :‬حدثنا محمد بن المثنى‪ ،4/225 ،‬برقم‬
‫‪ ،3640‬ومسلم‪ ،‬كتاب المارة‪ ،‬باب قوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬ل تزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من خافهم“ ‪ ،2/1523‬برقم ‪.1921‬‬
‫‪ ()6‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المارة باب قوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬ل تزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من خالفهم“ ‪ ،2/1523‬برقم ‪.1920‬‬
‫‪ ()7‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المارة باب قوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬ل تزال طائفة من‬
‫أمتي ظاهرين على الحق ل يضرهم من خالفهم“‪ ،2/1523 ،‬برقم ‪.1923‬‬

‫‪6‬‬
‫”ما أنا عليه وأصحابي“)‪ ،(1‬أي هم من كان على مثل ما أنا عليه‬
‫وأصحابي‪.‬‬
‫‪ -5‬هم القدوة الصالحة الذين يهدون إلى الحق وبه‬
‫)‪(2‬‬
‫ث‬
‫يعملون‪ ،‬قال أيوب السختياني رحمه الله‪" :‬إن من سعادة الحدَ َ‬
‫والعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة")‪ ،(3‬وقال الفضيل‬
‫البلد وهم أصحاب‬ ‫َ‬ ‫بن عياض رحمه الله‪" :‬إن لله عبادا ً يُحيي بِ ُ‬
‫هم‬
‫حّله كان من حزب الله" ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ه من ِ‬‫ل جَوفَ ُ‬ ‫دخ ُ‬
‫السنة ومن كان يعقل ما َي ُ‬
‫‪ -6‬أهل السنة خيار الناس ينهون عن البــدع وأهلهــا‪ ،‬قيــل‬
‫ت الهـواء لـم‬ ‫لبي بكر بن عياش من السـني؟ قـال‪" :‬الـذي إذا ُذكِـَر ِ‬
‫يتعصب إلى شيء منها")‪ .(5‬وذكر ابن تيمية رحمه الله‪ :‬أن أهل السنة‬
‫هم خيار المة ووسطها الذين على الصراط المستقيم‪ :‬طريق الحــق‬
‫والعتدال)‪.(6‬‬
‫‪ -7‬أهل السنة هم الغرباء إذا فسد الناس‪ :‬فعن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه قال قال رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬بدأ‬
‫السلم غريبا ً وسيعود كما بدأ غريبًا‪ ،‬فطوبى للغرباء“)‪،(7‬‬
‫وفي رواية عند المام أحمد رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي‬
‫”النّزاع)‪ (8‬من القبائل“)‪،(9‬‬ ‫ّ‬ ‫الله عنه‪ ،‬قيل‪ :‬ومن الغرباء؟ قال‪:‬‬
‫وفي رواية عند المام أحمد رحمه الله عن عبد الله بن عمرو بن‬
‫العاص رضي الله عنهما‪ ،‬فقيل‪ :‬من الغرباء يا رسول الله؟ قال‪:‬‬
‫سوء كثير من يعصهم أكثر ممن‬ ‫ٍ‬ ‫”أناس صالحون في أناس‬
‫يطيعهم“)‪ ،(10‬وفي رواية من طريق آخر‪” :‬الذين يصلحون إذا‬
‫فسد الناس“)‪ ،(11‬فأهل السنة الغرباء بين جموع أصحاب البدع‬
‫والهواء والفرق‪.‬‬
‫‪ -8‬أهل السنة هم الذين يحملون العلم‪:‬‬

‫‪ ()1‬سنن الترمذي‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء في افتراق هذه المة‪ ،5/26 ،‬برقم ‪.2641‬‬
‫‪ ()2‬الحدث‪ :‬الشاب‪ .‬النهاية في غريب الحديث والثر‪ ،‬باب الحاء مع الدال‪ ،‬مادة‪ " :‬حدث‬
‫" ‪.1/351‬‬
‫‪ ()3‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي‪ ،1/66 ،‬برقم ‪.30‬‬
‫‪ ()4‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي ‪ ،1/72 ،‬برقم ‪.51‬‬
‫‪ ()5‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي‪ ،1/72 ،‬برقم ‪.53‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬فتاوى ابن تيمية‪.369–3/368 ،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ()7‬مسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان أن السلم بدأ غريبا وسيعود غريبا‪ ،1/130 ،‬برقم‬
‫‪.145‬‬
‫‪ ()8‬هو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته‪ :‬أي بَعُد َ وغاب‪ ،‬والمعنى طوبى للمهاجرين‬
‫الذين هجروا أوطانهم في الله تعالى‪ .‬النهاية لبن الثير‪.5/41 ،‬‬
‫‪ ()9‬المسند ‪.1/398‬‬
‫‪ ()10‬المسند ‪ 2/177‬و ‪.222‬‬
‫‪ ()11‬مسند المام أحمد‪.4/173 ،‬‬

‫‪7‬‬
‫أهل السنة هم الذين يحملون العلم وينفون عنه تحريف الغالين‬
‫وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين؛ ولهذا قال ابن سيرين رحمه الله‪:‬‬
‫"لم يكونوا يسألون عن السناد‪ ،‬فلما وقعت الفتنة قالوا‪ :‬سموا لنا‬
‫رجالكم‪َ ،‬في ُن ْظ َُر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم‪ ،‬وينظر إلى أهل البدع‬
‫فل يؤخذ حديثهم")‪.(1‬‬
‫الناس لفراقهم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -9‬أهل السنة هم الذين يحزنُ‬
‫خبر بموت الرجل من أهل‬ ‫قال أيوب السختياني رحمه الله‪" :‬إني أُ ُ‬
‫السنة فكأنما أفقد بعض أعضائي")‪ ،(2‬وقال‪" :‬إن الذين يتمنون موتَ‬
‫م نوره ولو‬
‫مت ِ ّ‬
‫أهل السّن ّةِ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله ُ‬
‫كره الكافرون")‪.(3‬‬

‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬السنة نعمةٌ مطلقة‪:‬‬


‫النعمة نعمتان‪ :‬نعمة مطلقة ونعمة مقيدة‪:‬‬
‫ل‪ :‬النعمة المطلقة‪ :‬هي المتصلة بسعادة البد‪ ،‬وهي‪ :‬نعمة‬ ‫أو ً‬
‫السلم‪ ،‬والسنة؛ فإن سعادة الدنيا والخرة‪ ،‬مبنية على أركان ثلثة‪:‬‬
‫السلم‪ ،‬والسنة‪ ،‬والعافية في الدنيا والخرة‪ .‬ونعمة السلم والسنة‬
‫هي النعمة التي أمرنا الله عز وجل أن نسأله في صلتنا أن يهدينا‬
‫صراط أهلها‪ ،‬ومن خصهم بها‪ ،‬وجعلهم أهل الرفيق العلى حيث‬
‫ل َ ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫من ي ُطِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫يقول تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫داء‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫دي ِ‬
‫ص ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن الن ّب ِّيي َ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬
‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫قا{ ]النساء‪.[69 :‬‬ ‫في ً‬ ‫ك َر ِ‬ ‫ن ُأوَلـئ ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫فهؤلء الصناف الربعة هم أهل هذه النعمة المطلقة‪ ،‬وأصحابها‬
‫ت‬ ‫المعنيون بقوله تعالى‪} :‬ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫وأت ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م ِديًنا{ ]المائدة‪ ،[3 :‬فكان‬ ‫َ‬
‫سل َ‬ ‫م ال ِ ْ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ع َ‬
‫م نِ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫َ‬
‫الكمال في جانب الدين‪ ،‬والتمام في جانب النعمة‪ ،‬قال عمر بن عبد‬
‫العزيز رحمه الله‪" :‬إن لليمان حدودًا‪ ،‬وفرائض‪ ،‬وسننًا‪ ،‬وشرائع‪،‬‬
‫فمن استكملها فقد استكمل اليمان")‪.(4‬‬
‫ودين الله هو شرعه المتضمن لمره ونهيه‪ ،‬ومحابه‪ ،‬والمقصود أن‬
‫النعمة المطلقة هي التي اختصت بالمؤمنين‪ ،‬وهي نعمة السلم‬
‫والسنة‪ ،‬وهذه النعمة هي التي يفرح بها في الحقيقة‪ ،‬والفرح بها مما‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫يحبه الله ويرضاه‪ ،‬قال سبحانه وتعالى‪ُ } :‬‬
‫ن{ ]يونس‪:‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫ج َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫حوا ْ ُ‬ ‫فَر ُ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫فب ِذَل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ِ ِ‬‫ح َ‬ ‫وب َِر ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ()1‬مسلم‪ ،‬في المقدمة‪ ،‬باب السناد من الدين‪.1/15 ،‬‬
‫‪ ()2‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي‪ ،1/66 ،‬برقم ‪.29‬‬
‫‪ ()3‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي‪ ،1/68 ،‬برقم ‪.35‬‬
‫‪ ()4‬البخاري معلقًا‪ ،‬في كتاب اليمان‪ ،‬باب قول النبي صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬بني‬
‫السلم على خمس“‪.1/9 ،‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ،[58‬وقد دارت أقوال السلف على أن فضل الله ورحمته‪ :‬السلم‬
‫والسنة‪ ،‬وعلى حسب حياة القلب يكون فرحه بهما‪ ،‬وكلما كان‬
‫أرسخ فيهما كان قلبه أشدّ فرحًا‪ ،‬حتى أن القلب ليرقص فرحا ً إذا‬
‫باشر روح السنة أحزن ما يكون الناس وهو ممتلىء أمنا ً أخوف ما‬
‫يكون الناس")‪.(1‬‬
‫ثانيًا‪ :‬النعمة المقيدة‪ :‬كنعمة الصحة‪ ،‬والغنى‪ ،‬وعافية الجسد‪،‬‬
‫وبسط الجاه‪ ،‬وكثرة الولد‪ ،‬والزوجة الحسنة‪ ،‬وأمثال هذا‪ ،‬فهذه‬
‫النعمة مشتركة بين البر والفاجر‪ ،‬والمؤمن والكافر؛ وإذا قيل‪ :‬لله‬
‫على الكافر نعمة بهذا العتبار فهو حق‪ ،‬والنعمة المقيدة تكون‬
‫استدراجا ً للكافر والفاجر‪ ،‬ومآلها إلى العذاب والشقاء لمن لم يرزق‬
‫النعمة المطلقة)‪.(2‬‬

‫‪ ‬المطلب الرابع‪ :‬منزلة السنة‪:‬‬


‫السنة‪ :‬حصن الله الحصين الذي من دخله كان من المنين‪ ،‬وبابه‬
‫العظم الذي من دخله كان إليه من الواصلين‪ ،‬وهي تقوم بأهلها وإن‬
‫قعدت بهم أعمالهم‪ ،‬ويسعى نورها بين أيديهم إذا طفئت لهل البدع‬
‫والنفاق أنوارهم‪ ،‬وأهل السنة هم المبيضة وجوههم إذا اسودّت وجوه‬
‫ه{‬ ‫جو ٌ‬ ‫و ُ‬
‫ود ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫وت َ ْ‬
‫جوهٌ َ‬ ‫و ُ‬
‫ض ُ‬ ‫م ت َب ْي َ ّ‬ ‫و َ‬
‫أهل البدعة‪ ،‬قال الله تعالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫]آل عمران‪ ،[106 :‬قال ابن عباس رضي الله عنهما‪" :‬تبيض وجوه أهل‬
‫السنة والئتلف‪ ،‬وتسود وجوه أهل البدعة والتفرق")‪ ،(3‬والسنة هي‬
‫الحياة والنور اللذان بهما سعادة العبد وهداه وفوزه‪ ،‬قال الله جل‬
‫كان ميًتا َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫شي ب ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ُنوًرا ي َ ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬‫ج َ‬
‫و َ‬‫حي َي َْناهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫من َ َ َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫وعل‪} :‬أ َ‬
‫ك‬‫ها ك َذَل ِ َ‬‫من ْ َ‬
‫ج ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫خا‬
‫س بِ َ‬‫ت ل َي ْ َ‬ ‫ما ِ‬‫في الظّل ُ َ‬ ‫ه ِ‬‫مث َل ُ ُ‬
‫من ّ‬‫س كَ َ‬‫في الّنا ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪(4‬‬
‫ن{ ]النعام‪ ،[122 :‬والله الموفق ‪.‬‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ما كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ن َ‬‫ري َ‬
‫ف ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن ل ِلكا ِ‬‫ُزي ّ َ‬
‫‪ ‬المطلب الخامس‪ :‬منزلة صاحب السنة وصاحب‬
‫البدعة‪:‬‬
‫ل‪ :‬منزلة صاحب السنة‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫صاحب السنة حي القلب‪ ،‬مستنير القلب‪ ،‬وقد ذكر الله عز وجل‬
‫الحياة والنور في كتابه في غير موضع وجعلهما صفة أهل اليمان‪،‬‬

‫‪ ()1‬مقتبس من كلم المام ابن القيم في كتابه‪ :‬اجتماع الجيوش السلمية على غزو‬
‫المعطلة والجهمية ‪ ،36 – 2/33‬و ‪.38‬‬
‫‪ ()2‬مقتبس من كلم المام ابن القيم في كتابه‪ :‬اجتماع الجيوش السلمية على غزو‬
‫المعطلة والجهمية ‪.2/36‬‬
‫‪ ()3‬ذكره ابن القيم‪ ،‬في اجتماع الجيوش‪ ،2/39 ،‬وابن كثير في تفسيره‪ ،1/369 ،‬وانظر‪:‬‬
‫جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬لبن جرير‪.7/93 ،‬‬
‫‪ ()4‬اجتماع الجيوش السلمية لبن القيم‪.2/38 ،‬‬

‫‪9‬‬
‫فإن القلب الحي المستنير‪ :‬هو الذي عقل عن الله‪ ،‬وأذعن‪ ،‬وفهم‬
‫عنه‪ ،‬وانقاد لتوحيده‪ ،‬ومتابعة ما بعث به رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪.‬‬
‫وقد كان النبي صّلى الله عليه وسّلم يسأل الله تعالى أن يجعل‬
‫له نورًا‪ :‬في قلبه‪ ،‬وسمعه‪ ،‬وبصره‪ ،‬ولسانه‪ ،‬ومن فوقه‪ ،‬ومن تحته‪،‬‬
‫وعن يمينه‪ ،‬وعن شماله‪ ،‬ومن خلفه ومن أمامه‪ ،‬وأن يجعل له نورًا‪،‬‬
‫وأن يجعل ذاته نورًا‪ ،‬وفي بشره‪ ،‬ولحمه‪ ،‬وعظمه‪ ،‬ولحمه‪ ،‬ودمه‪،‬‬
‫فطلب صّلى الله عليه وسّلم النور لذاته‪ ،‬ولبعاضه‪ ،‬ولحواسه‬
‫الظاهرة والباطنة‪ ،‬ولجهاته الست‪ ،‬والمؤمن مدخله نور‪ ،‬ومخرجه‬
‫نور‪ ،‬وقوله نور‪ ،‬وعمله نور‪ ،‬وهذا النور بحسب قوته وضعفه يظهر‬
‫لصاحبه يوم القيامة‪ ،‬فيسعى بين يديه‪ ،‬ويمينه‪ ،‬فمن الناس من‬
‫يكون نوره‪ :‬كالشمس‪ ،‬وآخر كالنجم‪ ،‬وآخر كالنخلة الطويلة‪ ،‬وآخر‬
‫كالرجل القائم‪ ،‬وآخر دون ذلك‪ ،‬حتى أن منهم من يُعطى نورا ً على‬
‫رأس إبهام قدمه يضيء مرة ويطفىء أخرى‪ ،‬كما كان نور إيمانه‬
‫ومتابعته في الدنيا كذلك‪ ،‬فهو هذا بعينه يظهر هناك للحس‪،‬‬
‫والعيان)‪.(1‬‬
‫ثانيًا‪ :‬علمات أهل السنة كثيرة‪ ،‬يدركها العقلء من البشر‬
‫ومن أهم تلك العلمات‪:‬‬
‫‪ -1‬العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬والعض على ذلك بالنواجذ‪.‬‬
‫‪ -2‬التحاكم إلى الكتاب والسنة في الصول والفروع‪.‬‬
‫‪ -3‬حبهم لهل السنة والمتمسكين بها وبغضهم لهل البدع‪.‬‬
‫‪ -4‬ل يستوحشون من قلة السالكين؛ لن الحق ضالة‬
‫المؤمن يأخذ به ولو خالفه الناس‪.‬‬
‫‪ -5‬الصدق في القوال والفعال‪ ،‬بالتطبيق الصحيح لهدي‬
‫الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -6‬التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان‬
‫خلقه القرآن)‪.(2‬‬
‫ثالًثا‪ :‬منزلة صاحب البدعة‪:‬‬
‫صاحب البدعة ميت القلب‪ ،‬مظلمه‪ ،‬وقد جعل الله الموت‬
‫والظلمة صفة من خرج عن اليمان‪ ،‬والقلب الميت المظلم الذي لم‬
‫يعقل عن الله‪ ،‬ول انقاد لما بعث به رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪ ،‬ولهذا وصف الله سبحانه وتعالى هذا الضرب من الناس‬

‫‪ ()1‬اجتماع الجيوش السلمية لبن القيم‪ 41 – 2/38 ،‬بتصرف‪.‬‬


‫‪ ()2‬انظر‪ :‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪ ،‬للمام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن‬
‫الصابوني‪ ،‬ص ‪ ،147‬وتنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من الخطار‪،‬‬
‫للدكتور صالح بن سعد السحيمي‪ ،‬ص ‪.264‬‬

‫‪10‬‬
‫بأنهم أموات غير أحياء‪ ،‬وبأنهم في الظلمات ل يخرجون منها‪ ،‬ولهذا‬
‫كانت الظلمة مستولية عليهم في جميع حياتهم‪ ،‬فقلوبهم مظلمة‬
‫ترى الحق في صورة الباطل‪ ،‬والباطل في صورة الحق‪ ،‬وأعمالهم‬
‫مظلمة‪ ،‬وأقوالهم مظلمة‪ ،‬وأحوالهم كلها مظلمة‪ ،‬وقبورهم ممتلئة‬
‫عليهم ظلمة‪ ،‬وإذا قسمت النوار يوم القيامة دون الجسر للعبور‬
‫عليه بقوا في الظلمات‪ ،‬ومدخلهم في النار مظلم‪ ،‬وهذه الظلمة‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فمن أراد الله سبحانه وتعالى به السعادة‬‫التي خلق فيها الخلق أو ً‬
‫)‪(1‬‬
‫أخرجه منها إلى النور‪ ،‬ومن أراد به الشقاوة تركه فيها ‪.‬‬
‫******‬

‫اجتماع الجويش السلمية‪ ،‬لبن القيم‪ 40- 2/39 ،‬بتصرف‪.‬‬ ‫‪()1‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ظلمات البدعة‬
‫‪ ‬المطلب الول‪ :‬مفهومها‪:‬‬
‫البدعة‪ :‬لغة‪ :‬الحدث في الدين بعد الكمال‪ ،‬أو ما استحدث بعــد‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم من الهواء والعمال)‪ (1‬ويقال‪" :‬ابتــدعت‬
‫الشيء‪ ،‬قول ً أو فعل ً إذا ابتدأته عن غير مثال سابق")‪ ،(2‬وأصــل مــادة‬
‫ع‬
‫دي ُ‬‫"بدع" للختراع على غيــر مثــال ســابق‪ ،‬ومنــه قــوله تعــالى‪} :‬ب َ ِ‬
‫ض{ ]البقرة‪ ،117 :‬النعــام‪ [101 :‬أي‪ :‬مخترعهما مــن‬ ‫ِ‬ ‫وال َْر‬
‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬‫س َ‬‫ال ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫غير مثال سابق متقدم ‪.‬‬
‫والبدعة فــي الصــطلح الشــرعي لهــا عــدة تعريفــات عنــد‬
‫العلماء يكمل بعضها بعضًا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قال شيخ السلم ابن تيميــة رحمــه اللــه تعــالى‪" :‬البدعــة فــي‬
‫الدين‪ :‬هي ما لم يشرعه الله ورسوله صّلى الله عليه وسّلم‪ :‬وهو ما‬
‫لم يأمر به أمر إيجاب ول استحباب")‪.(4‬‬
‫"والبدعـة نوعــان‪ :‬نــوع فــي القــوال والعتقــادات‪ ،‬ونــوع فــي‬
‫الفعال والعبادات‪ ،‬وهذا الثاني يتضمن الول كما أن الول يدعو إلــى‬
‫الثاني")‪" .(5‬وكان الذي بنى عليه أحمد وغيره مــذاهبهم‪ :‬أن العمــال‬
‫عبادات وعــادات"‪ ،‬فالصــل فــي العبــادات أنــه ل يشــرع منهــا إل مــا‬
‫شرعه اللــه‪ ،‬والصــل فــي العــادات أنــه ل يحظــر منهــا إل مــا حظــر‬
‫الله")‪.(6‬‬
‫وقال أيضًا‪" :‬والبدعة ما خــالف الكتــاب والســنة‪ ،‬أو إجمــاع ســلف‬
‫المــة مــن العتقــادات والعبــادات‪ :‬كــأقوال الخــوارج‪ ،‬والروافــض‪،‬‬
‫والقدرية‪ ،‬والجهمية‪ ،‬وكالذين يتعبدون بالرقص والغناء في المساجد‪،‬‬
‫والذين يتعبدون بحلق اللحى‪ ،‬وأكل الحشيشة‪ ،‬وأنواع ذلك من البــدع‬
‫التي يتعبد بها طوائف من المخالفين للكتاب والسنة‪ ،‬والله أعلم")‪.(7‬‬
‫‪ -2‬قال الشاطبي رحمه الله تعـالى‪" :‬البدعـة‪ :‬طريقـة فـي الـدين‬
‫ـرعية‪ ،‬يُقصـدُ بالســلوك عليهـا المبالغـة فـي‬ ‫مخترعة‪ ،‬تضـاهي)‪ (8‬الشـ ّ‬
‫التعبد لله سبحانه"‪.‬‬
‫‪ ()1‬القاموس المحيط‪ ،‬باب العين‪ ،‬فصل الدال‪ ،‬ص ‪ ،906‬ولسان العرب ‪ ،8/6‬وفتاوى‬
‫ابن تيمية ‪.35/414‬‬
‫‪ ()2‬معجم المقاييس في اللغة لبن فارس ص ‪.119‬‬
‫‪ ()3‬العتصام للشاطبي ‪ ،1/49‬وانظر‪ :‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬للراغب الصفهاني‪ ،‬مادة‬
‫" بدع " ص ‪.111‬‬
‫‪ ()4‬فتاوى ابن تيمية ‪.108 – 4/107‬‬
‫‪ ()5‬فتاوى ابن تيمية ‪.22/306‬‬
‫‪ ()6‬فتاوى ابن تيمية ‪.4/196‬‬
‫‪ ()7‬فتاوى ابن تيمية ‪ ،18/346‬وانظر‪ :‬فتاوى ابن تيمية ‪.35/414‬‬
‫‪ ()8‬تضاهي‪ :‬يعني أنها تشبه الطريقة الشرعية من غير أن تكون الحقيقة كذلك بل هي‬
‫مضادة لها‪ .‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.1/53 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫وهذا علــى رأي مــن ل يــدخل العــادات فــي معنــى البدعــة‪ ،‬وإنمــا‬
‫يخصّها بالعبادات‪ ،‬وأما على رأي من أدخل العمال العاديّة في معنى‬
‫البدعــة‪ ،‬فيقــول "البدعــة‪ :‬طريقــة فــي الــدين مخترعــةٌ‪ ،‬تضــاهي‬
‫رعية‪ ،‬يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية")‪.(1‬‬ ‫الشّ ّ‬
‫ثم قرر رحمه الله تعالى على تعريفه الثاني أن العادات من حيــث‬
‫هي عادية ل بدعة فيها‪ ،‬ومن حيث يتعبــد بهــا‪ ،‬أو توضــع وضــع التّعبّـد‬
‫تدخلها البدعة‪ ،‬فحصل بذلك أنــه جمــع بيــن التعريفيــن ومثــل للمــور‬
‫العادية التي لبد فيها من التعبّد‪ :‬بالبيع‪ ،‬والشراء‪ ،‬والنكــاح‪ ،‬والطلق‪،‬‬
‫واليجــارات‪ ،‬والجنايــات ‪ ...‬لنهــا مقيــدة بــأمور وشــروط وضــوابط‬
‫شرعية ل خيرة للمكلف فيها)‪.(2‬‬
‫‪ -3‬وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى)‪" :(3‬والمــراد بالبدعــة‬
‫ما أُحدث مما ل أصل له في الشــريعة يــدلّ عليــه‪ ،‬فأمــا مــا كـان لــه‬
‫أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا‪ ،‬وإن كان بدعــة لغــةً‪،‬‬
‫فكل من أحدث شيئا ً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصــل مــن الــدين‬
‫يرجع إليه فهو ضللة‪ ،‬والدين بريــء منــه‪ ،‬وســواء فــي ذلــك مســائل‬
‫العتقادات‪ ،‬أو العمال‪ ،‬أو القوال الظاهرة والباطنة‪ .‬أما ما وقع في‬
‫كلم السلف من استحسان بعض البدع‪ ،‬فإنما ذلك في البدع اللغويــة‬
‫ل الشرعية‪ ،‬فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس فــي‬
‫قيام رمضان على إمام واحــد فــي المســجد‪ ،‬وخــرج ورآهــم يصــلون‬
‫كذلك قال‪" :‬نعمة البدعة هذه")‪ ...(4‬ومراده رضي اللــه عنــه أن هــذا‬
‫الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت‪ ،‬ولكن له أصــول مــن‬
‫الشريعة يرجع إليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فمنها‪ :‬أن النبي صلى الله عليــه وس ـلم كــان يحــث علــى‬
‫قيـام رمضـان‪ ،‬ويرغـب فيـه‪ ،‬وكـان النــاس فـي زمنــه يقومــون فـي‬
‫المسجد جماعات متفرقة ووحدانًا‪ ،‬وهو صّلى الله عليه وسّلم صــلى‬
‫ل‪ ،‬بــأنه خشــي‬ ‫بأصحابه في رمضان غير ليلة‪ ،‬ثم امتنع مــن ذلــك مُعل ً‬
‫أن يُكتب عليهم فيعجزوا عن القيام به‪ ،‬وهذا قد أُمن بعده صّلى الله‬
‫عليه وسّلم)‪.(5‬‬

‫‪ ()1‬العتصام لبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ‪.56 – 1/50‬‬


‫‪ ()2‬العتصام لبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ‪.594 ،570 ،569 ،2/568‬‬
‫‪ ()3‬جامع العلوم والحكم ‪ 128 – 2/127‬بتصرف يسير جدًا‪.‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب صلة التراويح‪ ،‬باب فضل من قام رمضان‪،2/308 ،‬‬
‫برقم ‪.2010‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب صلة التراويح‪ ،‬باب فضل من قام رمضان‪،2/309 ،‬‬
‫برقم ‪.2012‬‬

‫‪13‬‬
‫ومنهــا‪" :‬أنــه ص ـّلى اللــه عليــه وس ـّلم أمــر بإتبــاع ســنة خلفــائه‬
‫الراشدين وهذا قد صار من سنة خلفائه الراشدين")‪.(6‬‬
‫والبدعــة بــدعتان‪ :‬بدعــة مكفــرة تخــرج عــن الســلم‪ ،‬وبدعــة‬
‫مفسقة ل تخرج عن السلم)‪.(2‬‬

‫‪ ‬المطلب الثاني‪ :‬شروط قبول العمل‪:‬‬


‫ل يقبل أي عمل مما يتقرب به إلى الله عز وجل إل بشرطين‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬إخلص العمــل للــه وحــده ل شــريك لــه‪ ،‬لقــول‬
‫النبي ص ـّلى اللــه عليــه وس ـّلم‪” :‬إنمــا العمــال بالنيــات‪ ،‬وإنمــا لكــل‬
‫أمريء ما نوى“)‪.(3‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬المتابعة للرسول صّلى الله عليه وس ـّلم‪ ،‬لقــول‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬من عمل عمل ً ليس عليــه أمرنــا‬
‫فهو رد“)‪.(4‬‬
‫فمن أخلص أعماله لله‪ ،‬متبعا ً في ذلك رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وس ـّلم‪ ،‬فهــذا الــذي عملــه مقبــول‪ ،‬ومــن فقــد الخلص‪ ،‬والمتابعــة‬
‫لرسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬أو أحــدهما فعملــه مــردود داخــل‬
‫عل ْن َــا ُ‬
‫ه‬ ‫ج َ‬‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫مـ ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫مل ُــوا ِ‬ ‫ع ِ‬‫ما َ‬ ‫مَنا إ َِلى َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬ ‫و َ‬ ‫في قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫منُثوًرا{ ]الفرقان‪ ،[23 :‬ومن جمع المرين فهو داخل في قــوله‬ ‫هَباءً ّ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هـ َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫ه لل ـ ِ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫م َ‬‫س ـل َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مـ ْ‬ ‫م ّ‬
‫ن ِدين ًــا ّ‬‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬
‫عز وجــل‪َ } :‬‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هـ ُ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن{ ]النساء‪ ،[125 :‬وفي قوله تعالى‪} :‬ب َلى َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫و ٌ‬ ‫خـ ْ‬ ‫ول َ‬ ‫ه َ‬‫عن ـدَ َرب ّ ـ ِ‬‫جُرهُ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن فل ُ‬ ‫س ٌ‬‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬‫ل ِل ِ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،[112 :‬فحديث عمــر رضــي اللــه عنــه‪” :‬إنما‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫العمال بالنيات“ ميزان للعمال الباطنة‪ ،‬وحــديث عائشــة رضــي‬
‫الله عنها‪” :‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنــا فهــو رد“ ميــزان‬
‫للعمال الظاهرة‪ ،‬فهما حــديثان عظيمــان يــدخل فيهمــا الــدين كلــه‪:‬‬
‫أصوله‪ ،‬وفروعه‪ ،‬ظاهره وباطنه‪ ،‬أقواله‪ ،‬وأفعاله)‪.(5‬‬
‫وقد تكلم المام النووي على حديث عائشة رضي الله عنهــا كلم ـا ً‬
‫نفيسًا‪ ،‬قال فيه‪" :‬قوله صّلى الله عليــه وس ـّلم‪” :‬من أحــدث فــي‬
‫أمرنا هذا ما ليس منه فهــو رد“‪ ،‬وفــي الروايــة الثانيــة‪” :‬مــن‬
‫‪ ()6‬جامع العلوم والحكم ‪.2/129‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي ‪.2/516‬‬
‫‪ ()3‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب بدء الوحي‪ ،‬باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪ ،1/9 ،‬برقم ‪ ،1‬ومسلم‪ ،‬كتاب المارة‪ ،‬باب قوله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪” :‬إنما العمال بالنيات“ ‪ ،2/1515‬برقم ‪.1907‬‬
‫‪ ()4‬مسلم‪ ،‬كتاب القضية‪ ،‬باب نقض الحكام الباطلة‪ ،‬ورد محدثات المور‪،3/1344 ،‬‬
‫برقم ‪ ،1718‬ولفظ البخاري ومسلم ”من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد“ البخاري برقم ‪ ،2697‬ومسلم برقم ‪.1718‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬بهجة قلوب البرار وقرة عيون الخيار‪ ،‬للسعدي‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪14‬‬
‫عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو رد“‪ ،‬قال أهــل العربيــة‪ :‬الــرد‬
‫هنا بمعنى المردود‪ ،‬ومعناه‪ :‬فهو باطل غير معتــد بــه‪ ،‬وهــذا الحــديث‬
‫قاعدة عظيمة من قواعد السلم‪ ،‬وهو من جوامـع كلمـه صـّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬فــإنه صــريح فــي رد كــل البــدع‪ ،‬والمخترعــات)‪ ،(1‬وفــي‬
‫الرواية الثانية زيادة وهي‪ :‬أنــه قــد يعانــد بعــض الفــاعلين فــي بدعــة‬
‫سُب ِقَ إليها‪ ،‬فإذا احتج عليه بالرواية الولى يقول‪ :‬أنا ما أحدثت شــيئًا‪،‬‬
‫فيحتج عليه بالثانيـة الـتي فيهـا التصـريح بـرد كـل المحـدثات‪ ،‬سـواء‬
‫أحدثها الفاعل أو غيره سبق بإحداثها")‪.(2‬‬

‫‪ ()1‬المخترعات‪ :‬أي في الدين‪.‬‬


‫‪ ()2‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،14/257 ،‬وانظر‪ :‬المفهم لما أشكل من تلخيص‬
‫كتاب مسلم‪ ،‬للقرطبي‪.6/171 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ‬المطلب الثالث‪ :‬ذم البدعة في الدين‪:‬‬
‫جاء في ذم البدعة نصوص كثيرة من الكتاب والســنة‪ ،‬وحــذر منهـا‬
‫الصحابة والتابعون لهم بإحسان‪ ،‬ومــن ذلــك علــى ســبيل اليجــاز مــا‬
‫يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬من القرآن‪:‬‬ ‫ً‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي أن ـَز َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫من ْـ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫علي ْـك الك ِت َــا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ذ َ‬ ‫و ال ـ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ -1‬قال الله عز وجل‪ُ } :‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫مــا ال ـ ِ‬ ‫ت فأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ها ٌ‬ ‫شاب ِ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫وأ َ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َِتا ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ما ٌ‬ ‫حك َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫آَيا ٌ‬
‫ة‬‫فت ْن َـ ِ‬ ‫ْ‬
‫غــاء ال ِ‬ ‫ه اب ْت ِ َ‬ ‫من ْـ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫شــاب َ َ‬ ‫مــا ت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عــو َ‬ ‫في َت ّب ِ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫م َزي ْـ ٌ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬ ‫في ُ‬
‫ْ‬ ‫قلــو ْب ِ ِ‬
‫ه{ ]آل عمران‪ ،[7 :‬وقد ذكر‬ ‫ّ‬
‫ه إ ِل الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ويل ُ‬ ‫َ‬ ‫م ت َأ ِ‬ ‫عل ُ‬ ‫َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ويل ِ ِ‬ ‫غاءَ ت َأ ِ‬ ‫واب ْت ِ َ‬ ‫َ‬
‫الشاطبي رحمه الله آثارا تدل على أن هذه الية في الذين يجــادلون‬ ‫ً‬
‫في القرآن‪ ،‬وفي الخوارج ومن وافقهم)‪.(1‬‬
‫ه‬ ‫ما َ‬ ‫هـ َ‬ ‫‪ -2‬وقال عز وجل‪َ } :‬‬
‫عو ُ‬ ‫فـات ّب ِ ُ‬ ‫قي ً‬ ‫سـت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫صـَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫كم ِبــ ِ‬ ‫صــا ُ‬ ‫ْ َ ّ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫بي‬‫َ ِ‬ ‫س‬ ‫عن‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫فت َ َ ّ‬‫ف‬ ‫ل َ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫عوا ْ ال ّ‬ ‫ول َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]النعــام‪ ،[153 :‬فالصراط المستقيم هــو ســبيل اللــه‬ ‫َ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ع‬‫لَ َ‬
‫الذي دعا إليه‪ ،‬وهو السنة‪ ،‬والسبل هي سبل أهل الختلف الحـائدين‬
‫عن الصراط وهم أهل البدع)‪ ،(2‬فهذه الية تشــمل النهــي عــن جميــع‬
‫طرق أهل البدع)‪.(3‬‬
‫هــا‬ ‫من ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س ـِبي ِ‬ ‫ص ـدُ ال ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫‪ -3‬وقال سبحانه وتعالى‪َ } :‬‬
‫شاءَ ل َهداك ُ َ‬
‫ن{ ]النحل‪ [9 :‬فالسبيل القصــد هــو‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫جآئ ٌِر َ‬ ‫َ‬
‫طريق الحق‪ ،‬وما سواه جائر عن الحق‪ :‬أي عادل عنــه‪ ،‬وهــي طــرق‬
‫البدع والضللت)‪.(4‬‬
‫عا‬ ‫ش ـي َ ً‬ ‫وك َــاُنوا ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫قــوا ْ ِدين َ ُ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪ -4‬وقال عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مــا‬ ‫هــم ب ِ َ‬ ‫م ي ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫م إ ِلى الل ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُر ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ء إ ِن ّ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫س َ‬ ‫لّ ْ‬
‫ن{ ]النعـــام‪ ،[159 :‬وهــؤلء هــم أصــحاب الهــواء‪،‬‬ ‫عُلــو َ‬ ‫ف َ‬ ‫كــاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫والضللت‪ ،‬والبدع من هذه المة)‪.(5‬‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلــ ِ‬ ‫مــ َ‬ ‫ن‪ِ ،‬‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫‪ -5‬وقال عز وجل‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫حــو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫عا ك ُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫َ‬
‫مــا لــدَي ْ ِ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫حْز ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫شي َ ً‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ِدين َ ُ‬
‫]الروم‪.[32-31 :‬‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬ ‫حذ َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫‪ -6‬وقال سبحانه وتعالى‪َ } :‬‬
‫م{ ]النور‪.[63 :‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫أن ت ُ ِ‬

‫‪.76-1/70‬‬ ‫للشاطبي‪،‬‬ ‫العتصام‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪()1‬‬

‫‪.1/76‬‬ ‫للشاطبي‪،‬‬ ‫العتصام‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪()2‬‬

‫‪.1/78‬‬ ‫للشاطبي‪،‬‬ ‫العتصام‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪()3‬‬

‫‪.1/78‬‬ ‫للشاطبي‪،‬‬ ‫العتصام‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪()4‬‬

‫‪.1/179‬‬ ‫للشاطبي‪،‬‬ ‫العتصام‬ ‫انظر‪:‬‬ ‫‪()5‬‬

‫‪16‬‬
‫َ‬
‫عل َي ْك ُـ ْ‬
‫م‬ ‫ث َ‬‫عـ َ‬ ‫عل َــى أن ي َب ْ َ‬ ‫قــاِدُر َ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ه َ‬‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬‫‪ -7‬وقال عز وجل‪ُ } :‬‬
‫ً‬
‫ش ـَيعا{‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قك ُ َ‬ ‫من َ‬ ‫ع َ‬
‫م ِ‬‫س ـك ْ‬ ‫و ي َلب ِ َ‬‫مأ ْ‬ ‫جل ِك ـ ْ‬‫ت أْر ُ‬ ‫ح ِ‬‫من ت َ ْ‬ ‫و ِ‬‫مأ ْ‬‫و ِ ْ‬‫ف ْ‬ ‫ذاًبا ّ‬ ‫َ‬
‫]النعام‪.[65 :‬‬
‫م‬‫حـ َ‬‫مــن ّر ِ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِل ّ َ‬ ‫في ـ َ‬ ‫خت َل ِ ِ‬‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫ُ‬
‫ول َ ي ََزالو َ‬ ‫‪ -8‬وقال الله تعــالى‪َ } :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ك{ ]هود‪ ،[119-118 :‬والله عز وجل أعلم ‪.‬‬ ‫َرب ّ َ‬

‫ثانيًا‪ :‬من السنة النبوية‪:‬‬


‫جاءت الحاديث الكثيرة عن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم في‬
‫ذم البدع والتحذير منها‪ ،‬ومن ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صّلى الله عليه وســّلم‬
‫أنه قال‪” :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬وعن جابر بن عبد الله رضي اللــه عنهمــا أن النــبي صـّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم كان يقول في خطبته‪” :‬أما بعــد فــإن خيــر الحــديث‬
‫كتاب الله‪ ،‬وخير الهدي هدي محمد صّلى الله عليه وسّلم‪،‬‬
‫وشر المور محدثاتها‪ ،‬وكل بدعة ضللة“)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬وفي رواية النسائي‪ :‬كان رسول الله صـّلى اللــه عليــه وسـّلم‪،‬‬
‫يقول في خطبته‪ :‬يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول‪” :‬مــن‬
‫يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلله فل هادي له‪ ،‬إن أصدق‬
‫الحــديث كتــاب اللــه‪ ،‬وأحســن الهــدي هــدي محمــد‪ ،‬وشــر‬
‫المور محدثاتها‪ ،‬وكــل محدثــة بدعــةٌ‪ ،‬وكــل بدعــة ضــللة‪،‬‬
‫وكل ضللة في النار“)‪.(4‬‬
‫‪ -4‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صّلى الله عليــه‬
‫وسّلم قال‪” :‬من دعا إلى هدى كان له من الجر مثــل أجــور‬
‫من تبعه‪ ،‬ل ينقص ذلك من أجورهم شــيئا ً ومــن دعــا إلــى‬
‫ضللة كان عليه من الثــم مثــل آثــام مــن تبعــه‪ ،‬ل ينقــص‬
‫ذلك من آثامهم شيئًا“)‪.(5‬‬
‫‪ -5‬وعن جرير بن عبد الله رضي اللــه عنــه أن رســول اللــه صـّلى‬
‫الله عليه وسّلم قال‪” :‬من سن في السلم سنة حســنة فلــه‬
‫أجرها وأجب من عمل بها بعــده‪ ،‬مــن غيــر أن ينقــص مــن‬
‫أجورهم شيء‪ ،‬ومن ســن فــي الســلم ســنة ســيئة كــان‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.91-1/70 ،‬‬


‫‪ ()2‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬برقم ‪ ،2697‬ومسلم برقم ‪.1718‬‬
‫‪ ()3‬مسلم‪ ،‬كتاب الجمعة‪ ،‬باب تخفيف الصلة والخطبة‪ ،1/592 ،‬برقم ‪.867‬‬
‫‪ ()4‬أصله في صحيح مسلم في الحديث السابق‪ ،‬وأخرجه النسائي بلفظه‪ ،‬في كتاب صلة‬
‫العيدين‪ ،‬باب كيف الخطبة‪ ،3/188 ،‬برقم ‪.1578‬‬
‫‪ ()5‬مسلم‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب من سن سنة حسنة أو سيئة‪ ،‬ومن دعا إلى هدى أو ضللة‪،‬‬
‫‪ ،4/2060‬برقم ‪.2674‬‬

‫‪17‬‬
‫عليــه وزرهـا ووزر مــن عمــل بهـا مــن بعــده مــن غيــر أن‬
‫ينقص من أوزارهم شيء“)‪.(1‬‬
‫‪ -6‬وعن العرباض بن سارية رضي الله عنــه قــال‪ :‬وعظنــا رســول‬
‫الله صّلى الله عليه وسّلم موعظة وجلت منها القلوب‪ ،‬وذرفت منهــا‬
‫العيون‪ ،‬فقلنــا يــا رســول اللــه كأنهــا موعظــة مــودع فأوصــنا؟ قــال‪:‬‬
‫”أوصيكم بتقوى الله‪ ،‬والسمع والطاعة‪ ،‬وإن تأمّر عليكــم‬
‫عبد‪ ،‬فإنه من يعـش منكـم بعـدي فسـيرى اختلفـا ً كـثيرًا‪،‬‬
‫فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهــديين عضــوا‬
‫عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومحــدثات المــور‪ ،‬فــإن كــل بدعــة‬
‫ضللة“)‪.(2‬‬
‫‪ -7‬وعن حذيفة رضي الله عنه قال‪ :‬كــان النــاس يســألون رســول‬
‫الله صّلى الله عليه وسّلم عن الخير‪ ،‬وكنت أسأله عن الشـر مخافـة‬
‫أن يدركني‪ ،‬فقلت يا رسول الله‪ ،‬إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله‬
‫بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال‪" :‬نعم" فقلت‪ :‬هــل بعــد‬
‫خن ُــهُ؟‬
‫ن“ فقلــت‪ :‬ومــا دَ َ‬
‫ذلك الشر من خير؟ قال‪” :‬نعم وفيه دخـ ٌ‬
‫قال‪” :‬قوم يستنون بغير سنتي‪ ،‬ويهدون بغي هديي تعرف‬
‫منهم وتنكر“ فقلت‪ :‬هل بعد ذلك الخيــر مــن شــر؟ قــال‪” :‬نعم‪،‬‬
‫دعاة على أبواب جهنــم مــن أجـابهم إليهــا قــذفوه فيهــا“‬
‫فقلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬صفهم لنا‪ ،‬قال‪” :‬نعم‪ :‬قــوم مــن جلــدتنا‪،‬‬
‫يتكلمون بألسنتنا“‪ ،‬قلت‪ :‬يــا رســول اللــه‪ ،‬فمــا تــرى إن أدركنــي‬
‫ذلك؟ قال‪” :‬تلزم جماعة المسلمين وإيمـامهم“ فقلــت‪ :‬فــإن‬
‫لم تكن لهم جماعة ول إمام؟ قال‪” :‬فاعتزل تلك الفــرق كلهــا‪،‬‬
‫ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يــدركك المــوت وأنــت‬
‫على ذلك“)‪ ،(3‬قال المام النووي رحمه الله‪ :‬قوله‪” :‬يهدون بغير‬
‫هديي“ الهــدي الهيئة‪ ،‬والســيرة‪ ،‬والطريقــة‪ ،‬قــوله‪” :‬دعاة علــى‬
‫أبواب جهنم من أجابهم إليهــا قــذفوه فيهــا“ قــال العلمــاء‪:‬‬
‫هؤلء من كان من المراء يــدعون إلــى بدعــة ضــللة آخــر الخــوارج‪،‬‬
‫والقرامطة‪ ،‬وأصحاب المحنة")‪.(4‬‬

‫‪ ()1‬مسلم‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة‪ ،2/705 ،‬برقم ‪.1017‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب في لزوم السنة‪ ،4/201 ،‬برقم ‪ ،4707‬والترمذي‪ ،‬كتاب‬
‫العلم‪ ،‬باب ما جاء في الخذ بالسنة واجتناب البدع‪ 5/44 ،‬برقم ‪ ،2676‬وقال‪ :‬هذا‬
‫حديث حسن صحيح‪ ،‬وابن ماجه في المقدمة‪ ،‬باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين‪ ،16-1/15 ،‬برقم ‪ ،44 ،43 ،42‬وأحمد ‪.47-4/46‬‬
‫‪ ()3‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الفتن‪ ،‬باب كيف المر إذا لم تكن جماعة‪ ،8/119 ،‬برقم‬
‫‪ ،7084‬ومسلم‪ ،‬كتاب المارة‪ ،‬باب وجوب ملزمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن‬
‫وفي كل حال‪ ،‬وتحريم الخروج على الطاعة‪ ،‬ومفارقة الجماعة‪ ،3/1475 ،‬برقم ‪.1847‬‬
‫‪ ()4‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.12/479 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -8‬وفي حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النــبي ص ـّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم‪” :‬أما بعد أل أيها الناس إنما أنا بشــر يوشــك أن‬
‫يأتي رسول ربي فأجيب‪ ،‬وأنا تارك فيكــم ثقليــن‪ :‬أولهمـا‬
‫كتاب الله‪ ،‬فيه الهدى والنور‪] ،‬هو حبــل اللــه المــتين مــن‬
‫اتبعه كــان علــى الهــدى‪ ،‬ومــن تركــه كــان علــى الضــللة[‬
‫فخذوا بكتاب الله‪ ،‬واستمســكوا بـه“ فحــث علــى كتــاب اللــه‬
‫ورغب فيه)‪.(1‬‬
‫‪ -9‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه‪ :‬أن رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم قال‪” :‬يكون في آخر الزمان دجالون كذابون‪ ،‬يأتونكم‬
‫مــن الحــاديث بمــا لــم تســمعوا أنتــم ول آبــاؤكم فإيــاكم‬
‫وإياهم ل يضلونكم ول يفتنونكم“)‪.(2‬‬

‫ثالثًا‪ :‬من أقوال الصحابة رضي الله عنهم في البدع‪:‬‬


‫‪ -1‬ذكر ابن سعد رحمه الله بإســناده أن أبـا بكــر رضـي اللــه عنــه‬
‫قال‪" :‬أيها الناس إنما أنا متبع ولست بمبتدع‪ ،‬فإن أحسنت فأعينوني‬
‫وإن زغت فقوّموني")‪.(3‬‬
‫‪ -2‬وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪" :‬إياكم وأصحاب الــرأي‬
‫فإنهم أعــداء الســنن أعيتهــم الحــاديث أن يحفظوهــا فقــالوا بــالرأي‬
‫فضلوا وأضلوا")‪.(4‬‬
‫‪ -3‬وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنــه‪" :‬اتبعــوا ول تبتــدعوا‬
‫فقد كفيتم‪ ،‬كل بدعة ضللة")‪.(5‬‬

‫رابعًا‪ :‬من أقوال التابعين وأتباعهم بإحسان‪:‬‬

‫‪ ()1‬مسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه‪،‬‬
‫‪ ،4/1873‬برقم ‪.2408‬‬
‫‪ ()2‬مسلم‪ ،‬في المقدمة‪ ،‬باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والحتياط في تحملها‪،‬‬
‫‪ ،1/12‬برقم ‪ ،7 ،6‬وابن وضاح في ما جاء في البدع‪ ،‬ص ‪ ،67‬برقم ‪.65‬‬
‫‪ ()3‬الطبقات الكبرى‪.3/136 ،‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه الللكائي‪ ،‬في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،1/139 ،‬برقم ‪،201‬‬
‫والدارمي في سننه‪ ،1/47 ،‬برقم ‪ ،121‬وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله‪،‬‬
‫‪ ،2/1041‬برقم ‪ ،2001‬ورقم ‪ ،2003‬ورقم ‪.2005‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه ابن وضاح في ما جاء في البدع‪ ،‬ص ‪ ،43‬برقم ‪ ،12 ،14‬والطبراني في‬
‫المعجم الكبير‪ ،9/154 ،‬برقم ‪ ،8770‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد‪:1/181 :‬‬
‫"ورجاله رجال الصحيح"‪ ،‬وأخرجه الللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،1/96 ،‬برقم ‪ ،102‬وانظر‪ :‬آثارًا أخرى عن عبد الله بن مسعود رضي الله‬
‫عنه في ما جاء في البدع لبن وضاح ص ‪ ،45‬ومجمع الزوائد‪.1/181 ،‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -1‬كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى رجل فقال‪" :‬أما بعــد‪،‬‬
‫أوصيك بتقوى الله‪ ،‬والقتصاد في أمره‪ ،‬وإتباع سنة نــبيه ص ـّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته")‪.(6‬‬
‫‪ -2‬وقال الحسن البصري رحمه الله‪" :‬ل يصح القول إل بعمل‪ ،‬ول‬
‫يصح قول وعمل إل بنية‪ ،‬ول يصح قول وعمل ونية إل بالسنة")‪.(2‬‬
‫‪ -3‬وقال المام الشافعي رحمه الله‪" :‬حكمي فــي أصــحاب الكلم‬
‫أن يضربوا بالجريد‪ ،‬ويحملوا علــى البــل ويطــاف بهــم فــي العشــائر‬
‫والقبــائل‪ ،‬ويقــال‪ :‬هــذا جــزاء مــن تــرك الكتــاب والســنة وأخــذ فــي‬
‫الكلم")‪.(3‬‬
‫‪ -4‬وقال المام مالك رحمه اللــه‪" :‬مــن ابتــدع فــي الســلم بدعــة‬
‫يراهــا حســنة فقــد زعــم أن محمــدا ً ص ـّلى اللــه عليــه وس ـّلم خــان‬
‫َ‬
‫م{ ]المـــائدة‪،[3 :‬‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬ ‫الرسالة‪ ،‬لن الله يقول‪} :‬ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬
‫فما لم يكن يومئذ دينًا‪ ،‬فل يكون اليوم دينا" ‪.‬‬
‫ً )‪(4‬‬

‫‪ -5‬وقال المام أحمد رحمه الله‪" :‬أصول السنة عندنا التمسك بما‬
‫كان عليه أصحاب رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬والقتداء وتــرك‬
‫البدع‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪ ،‬وترك الخصــومات‪ ،‬والجلــوس مــع أصــحاب‬
‫الهواء‪ ،‬وترك المراء والجدال والخصومات في الدين")‪.(5‬‬

‫خامسًا‪ :‬البدع مذمومة من وجوه‪:‬‬


‫‪ -1‬قــد علــم بالتجــارب أن العقــول غيــر مســتقلة بمصــالحها دون‬
‫الوحي‪ ،‬والبتداع مضاد لهذا العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬الشريعة جاءت كاملة‪ ،‬ل تحمل الزيادة ول النقصان‪.‬‬
‫‪ -3‬المبتدع معاند للشرع ومشاق له‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -4‬المبتدع متبع لهواه‪ ،‬لن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق‬
‫له إل أتباع الهوى‪.‬‬
‫‪ -5‬المبتدع قد نزل نفسه منزلــة المضــاهي للشــارع؛ لن الشــارع‬
‫وضع الشرائع وألزم المكلفين بالجري على سننها)‪.(6‬‬

‫‪ ‬المطلب الرابع‪ :‬أسباب البدع‪:‬‬


‫)‪(7‬‬
‫ما يلي‪:‬‬ ‫البدع لها أسباب أدت إليها ومن هذه السباب‬
‫‪ ()6‬سنن أبي داود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب لزوم السنة‪ ،4/203 ،‬برقم ‪ ،4612‬وانظر‪ :‬صحيح‬
‫سنن أبي داود‪ ،‬لللباني‪.3/873 ،‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه الللكائي‪ ،‬في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،1/63 ،‬برقم ‪.18‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه أبو نعيم في الحلية‪.9/116 ،‬‬
‫‪ ()4‬العتصام‪ ،‬للمام الشاطبي‪.1/65 ،‬‬
‫‪ ()5‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للللكائي‪.1/176 ،‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬العتصام‪ ،‬للشاطبي‪.70– 1/61 ،‬‬
‫‪ ()7‬انظر كثيرا ً من هذه السباب‪ :‬العتصام للشاطبي‪.365–1/287 ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ف‬ ‫ق ُ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫ل‪ :‬الجهل‪ ،‬فهو آفة خطيرة‪ ،‬قال الله عــز وجــل‪َ } :‬‬ ‫أو ً‬
‫ُ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ك‬ ‫ل أولــئ ِ َ‬ ‫ؤادَ ك ُـ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫صَر َ‬ ‫وال ْب َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫عل ْ ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫س لَ َ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ّ َ‬ ‫ر‬ ‫حــ‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫}‬ ‫سبحانه‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫[‬ ‫‪36‬‬ ‫]السراء‪:‬‬ ‫ل{‬ ‫ً‬ ‫ؤو‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫ُ َ ْ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كا‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫َ‬
‫َ َ ِ َ َ ََ َ ِ ْ ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫غ‬‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ب‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ما‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫َ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ظ‬ ‫ما‬ ‫ح َ َ‬ ‫ش‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫قوُلوا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وأن ت َ ُ‬ ‫سلطاًنا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫م ي ُن َّز ْ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ِبالل ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫وأن ت ُ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن{ ]العراف‪ ،[33 :‬وعن عبد اللــه بــن عمــرو‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ما ل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت النبي صّلى الله عليه وسـّلم‬
‫يقــول‪” :‬إن اللــه ل ينــتزع العلــم مــن النــاس انتزاع ـًا‪ ،‬ولكــن يقبــض‬
‫ويبقي في النــاس رُؤوس ـا ً جُهّــال ً يفتنــون‬ ‫العلماء فيرفَعُ العلم معهم‪ُ ،‬‬
‫ضّلون“ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وي ِ‬ ‫بغير علم فََيضِّلون ُ‬
‫ثانيًا‪ :‬إتباع الهوى‪ ،‬من السباب الخطيرة التي توقع الناس فـي‬
‫ة‬ ‫فـ ً‬ ‫خِلي َ‬ ‫ك َ‬ ‫عل ْن َــا َ‬ ‫ج َ‬ ‫وودُ إ ِّنا َ‬ ‫دا ُ‬ ‫البدع‪ ،‬والهواء قال الله عز وجل‪َ} :‬يا َ‬
‫وى‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬
‫هــ َ‬ ‫ع ال َ‬ ‫ول ت َت ِّبــ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِبــال َ‬ ‫ن الّنــا ِ‬ ‫كم ب َْيــ َ‬ ‫فــا ْ‬ ‫فــي الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ل الل ـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫س ـِبي ِ‬ ‫عــن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض ـلو َ‬ ‫ّ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ضلك َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫في ُ ِ‬ ‫َ‬
‫ب{ ]ص‪ ،[26 :‬وقــال‬ ‫ســا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫ســوا ي َـ ْ‬ ‫مــا ن َ ُ‬ ‫ديدٌ ب ِ َ‬ ‫شـ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه‬
‫وا ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات ّب َـ َ‬ ‫رن َــا َ‬ ‫ِ‬ ‫عــن ِذك ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ ت ُطِ ْ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فُرطا{ ]الكهف‪ ،[28 :‬وقال اللــه عــز وجــل‪} :‬أ َ‬ ‫ً‬ ‫مُرهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫فَرأي ْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫علــى‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ـ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ـ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ِ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫وا‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ِ َ ُ‬ ‫َ ِ‬
‫مــن‬ ‫َ ْ ِ ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫دي‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫غ‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ر‬
‫َ َ ِ ِ‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫ب‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ ِ َ َ َ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫و‬ ‫س ْ ِ َ‬ ‫ه‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫}‬ ‫ـل‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫وج‬ ‫ـز‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫وق‬ ‫‪،‬‬ ‫ن{‬ ‫رو‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫فل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫َ َ ْ‬ ‫[‬ ‫‪23‬‬ ‫]الجاثيــة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫بَ ْ ِ‬ ‫ع‬
‫ه{ ]القصــص‪ ،[50 :‬وقــال‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫دى ّ‬ ‫ه ً‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫غي ْ‬ ‫واهُ ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫م ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫أَ َ‬
‫د‬
‫قـ ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫س َ‬ ‫فـ ُ‬ ‫وى ال َن ْ ُ‬ ‫هـ َ‬ ‫مــا ت َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن إل ّ الظّـ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫عز وجل‪ِ} :‬إن ي َت ّب ِ ُ‬
‫دى{ ]النجم‪.[23 :‬‬ ‫ه َ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫َ‬
‫ثالثا‪ :‬التعلـق بالشـبهات‪ :‬فــإن المبتدعــة يتعلقــون بالشــبهات‬ ‫ً‬
‫ك‬ ‫عل َي ْـ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ي َأنـَز َ‬ ‫ذ َ‬ ‫و اّلـ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فيقعون في البدع‪ ،‬قال اللــه عــز وجــل‪ُ } :‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ها ٌ‬ ‫شــاب ِ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫خ ـُر ُ‬ ‫وأ َ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َِتا ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ما ٌ‬ ‫حك َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫ه آَيا ٌ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫َ َ‬
‫غــاء‬ ‫ه اب ْت ِ َ‬ ‫من ْـ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاب َ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫في َت ّب ِ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫م َزي ْ ٌ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫قُلوب ِ‬ ‫ن في ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫فأ ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫خو َ‬ ‫سـ ُ‬ ‫والّرا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ّ الل ّـ ُ‬ ‫ويل َ ُ‬ ‫م ت َأ ِ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ويل ِ ِ‬ ‫غاءَ ت َأ ِ‬ ‫واب ْت ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫مــا ي َـذّك ُّر إ ِل ّ‬ ‫و َ‬‫د َرب ّن َــا َ‬ ‫عن ـ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫ه كُ ّ‬ ‫مّنا ب ِ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫عل ْم ِ ي َ ُ‬ ‫في ال ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب{ ]آل عمران‪.[7 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ولوا اللَبا ِ‬ ‫أ ْ‬
‫رابعًا‪ :‬العتماد على العقل المجــرد‪ ،‬فــإن مــن اعتمــد علــى‬
‫عقله وترك النص من القرآن والسنة أو من أحدهما ضل‪ ،‬واللــه عــز‬
‫ه‬ ‫عْنـ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هـاك ُ ْ‬ ‫مـا ن َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خـ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سـو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتـاك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وجل يقــول‪َ } :‬‬

‫‪ ()1‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب ما يذكر من ذم الرأي‬
‫وتكلف القياس‪ ،8/187 ،‬برقم ‪ ،7307‬ومسلم‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب رفع العلم وقبضه‬
‫وظهور الجهل والفتن آخر الزمان‪ ،4/2058 ،‬برقم ‪.2673‬‬

‫‪21‬‬
‫ب{ ]الحشــر‪ ،[7 :‬وقــال‬ ‫قا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫هوا َ‬ ‫فانت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ضــى اللــ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫مَنــ ٍ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مــ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫مــا كــا َ‬
‫َ‬
‫و َ‬ ‫عــز وجــل‪َ } :‬‬
‫ورسول ُ َ‬
‫ص‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مًرا أن ي َ ُ‬
‫عـ ِ‬ ‫مــن ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫كو َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫مِبيًنا{ ]الحزاب‪.[36 :‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ضلل‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ه َ َ ُ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫الل ّ َ‬
‫خامسًا‪ :‬التقليد والتعصب‪ :‬فإن أكثر أهل البدع يقلدون آباءهم‬
‫ل‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ومشايخهم‪ ،‬ويتعصبون لمذاهبهم‪ ،‬قال اللــه عــز وجــل‪َ } :‬‬
‫ه‬‫عل َي ْـ ِ‬ ‫في ْن َــا َ‬ ‫مــا أ َل ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ن َت ّب ِـ ُ‬ ‫قــاُلوا ْ ب َـ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّـ ُ‬ ‫ما َأن ـَز َ‬ ‫عوا َ‬ ‫م ات ّب ِ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫جدَْنا آَباءََنــا‬ ‫و َ‬ ‫قاُلوا إ ِّنا َ‬ ‫ل َ‬ ‫آَباءََنا{ ]البقرة‪ ،[170 :‬وقال عز وجل‪} :‬ب َ ْ‬
‫عَلى آَثا‬ ‫ُ‬
‫ن{ ]الزخرف‪ ،[22 :‬وأهل البــدع‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وإ ِّنا َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫عَلى أ ّ‬ ‫َ‬
‫سـوءُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ُ‬ ‫ن لـ ُ‬ ‫من ُزّيـ َ‬ ‫زينت لهم أعمالهم‪ ،‬قــال اللــه عــز وجــل‪} :‬أف َ‬
‫شاءُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫شاءُ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫سًنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫فَرآهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫مــا‬ ‫م بِ َ‬ ‫عِليــ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن اللــ َ‬ ‫ّ‬ ‫ت إِ ّ‬ ‫ســَرا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫هــ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فل َتــذْ َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ســك َ‬ ‫ب ن َف ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ن{ ]فــاطر‪ ،[8 :‬وقــال اللــه عــز وجــل مبينـا ً حــال أهــل البــدع‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن ي َــا لي ْت َن َــا‬ ‫َ‬ ‫قولــو َ‬ ‫ُ‬ ‫ر يَ ُ‬ ‫فــي الن ّــا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫قل ُ‬ ‫ّ‬ ‫م تُ َ‬ ‫و َ‬ ‫والهواء‪} :‬ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ســادَت ََنا‬ ‫عن َــا َ‬ ‫قالوا َرب َّنا إ ِن ّــا أط ْ‬ ‫و َ‬ ‫سول ‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫عَنا الّر ُ‬ ‫وأط ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عَنا الل ّ َ‬ ‫أط َ ْ‬
‫ب‬ ‫ذا ِ‬ ‫عـ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مـ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ضـ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫سِبيل ْ‪َ ،‬رب َّنا آت ِ ِ‬ ‫ضّلوَنا ال ّ‬ ‫فأ َ َ‬ ‫وك ُب ََراءََنا َ‬ ‫َ‬
‫عًنا ك َِبيًرا{ ]الحزاب‪.[68-66 :‬‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫َ‬
‫سادسًا‪ :‬مخالطــة أهــل الشــر ومجالســتهم‪ ،‬مــن الســباب‬
‫المؤدية إلى الوقوع في البدع وانتشارها بين الناس‪ ،‬وقد بين الله عز‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫وجل أن المجالس لهل السوء يندم‪ ،‬قال ســبحانه وتعــالى‪َ } :‬‬
‫ل‬ ‫ســو ِ‬ ‫ع الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫خذ ْ ُ‬ ‫ل َيا ل َي ْت َِني ات ّ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫عَلى ي َدَي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫ع ّ‬ ‫يَ َ‬
‫ضل ِّني َ‬ ‫َ‬ ‫خِليل ً‪ ،‬ل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ع ِ‬ ‫قد ْ أ َ‬ ‫فلًنا َ‬ ‫خذ ْ ُ‬ ‫م أت ّ ِ‬ ‫وي ْل ََتى ل َي ْت َِني ل َ ْ‬ ‫سِبيلً‪َ ،‬يا َ‬ ‫َ‬
‫خ ـذول{‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ســا ِ‬ ‫لن َ‬ ‫ن لِ ِ‬ ‫ن الش ـي ْطا ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وكــا َ‬ ‫َ‬ ‫جــاءَِني َ‬ ‫ع ـدَ إ ِذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ر بَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ال ـذك ِ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ضــو َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت الـ ِ‬ ‫ذا َرأي ْـ َ‬ ‫]الفرقــان‪ ،[29-27 :‬وقال عز وجــل‪َ } :‬‬
‫ه‬ ‫ر ِ‬ ‫ث غي ْـ ِ‬ ‫َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫حـ ِ‬ ‫فــي َ‬ ‫ضــوا ِ‬ ‫ْ‬ ‫خو ُ‬ ‫حت ّــى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫في آَيات َِنا َ‬ ‫ِ‬
‫ع ال َ‬ ‫ْ‬ ‫عـدَ الـذّكَرى َ‬ ‫ْ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫سي َن ّك ال ّ‬ ‫َ‬
‫وم ِ‬ ‫قـ ْ‬ ‫مـ َ‬ ‫ع ـد ْ ب َ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫شي ْطا ُ‬ ‫ما ُين ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫قدْ ن َّز َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫}‬ ‫وتعالى‪:‬‬ ‫سبحانه‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫[‬ ‫‪68‬‬ ‫]النعام‪:‬‬ ‫ن{‬ ‫َ‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ظا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫هَزأ ب ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫فُر ب ِ‬ ‫ه ي ُك َ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م آَيا ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫ِ‬
‫ذا‬ ‫م إِ ً‬ ‫ه إ ِن ّكـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْـ ِ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫حـ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ْ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫هن ّـ َ‬ ‫ج َ‬ ‫فــي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫والك َــا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫من َــا ِ‬ ‫ع ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫جــا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ـ َ‬ ‫ّ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫هـ ْ‬ ‫مث ْل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عا{ ]النســاء‪ ،[140 :‬وقال صلى اللــه عليــه وســلم‪” :‬إنما مثــل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫َ‬
‫الجليس الصالح والجليــس الســوء كحامــل المســك ونافــخ‬
‫الكير‪ ،‬فحامل المسك إمــا أن يحــذيك وإمــا أن تبتــاع منــه‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫وإما أن تجد منه ريح ـا ً طيبــة‪ ،‬ونافــخ الكيــر إمــا أن يحــرق‬
‫ثيابك وإما أن تجد ريحا ً خبيثة“)‪.(1‬‬
‫سابعًا‪ :‬سكوت العلماء وكتم العلم‪ ،‬من أسباب انتشار البــدع‬
‫مـا‬ ‫ن َ‬ ‫مـو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلـ ِ‬ ‫والفساد بين الناس‪ ،‬قال الله عز وجــل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫فـي‬ ‫س ِ‬ ‫مـا ب َي ّن ّــاهُ ِللن ّــا ِ‬ ‫د َ‬ ‫عـ ِ‬ ‫مــن ب َ ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال ْب َي َّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫أنَزل َْنا ِ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِل ّ ال ّـ ِ‬ ‫عن ُــو َ‬ ‫م اّلل ِ‬ ‫هـ ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫وي َل ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّـ ُ‬ ‫هـ ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫ك َيل َ‬ ‫ب ُأوَلـئ ِ َ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫َ‬ ‫ب َ َ‬ ‫َ‬ ‫وَلــئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫وب َي ُّنـوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫وا ُ‬ ‫وأَنـا الّتـ ّ‬ ‫م َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ك أُتـو ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫صل َ ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َتاُبوا ْ َ‬
‫ن‬ ‫مــو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م{ ]البقرة‪ ،[160-159 :‬وقال عز وجــل‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫قِليل ً أوَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫مــا‬ ‫ك َ‬ ‫مًنا َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َِتا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫مــ ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ول ي ُكل ُ‬ ‫م إ ِل الّناَر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ب ُطون ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي َأكلو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م{ ]البقــرة‪ ،[174 :‬وقــال ســبحانه‬
‫ُ‬
‫ب أِلي ـ ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عـ َ‬ ‫م َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫هـ ْ‬ ‫ول َ ي َُزكي ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ب لت ُب َي ّن ُن ّـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن أوت ُــوا الك ِت َــا َ‬ ‫ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ميث َــاقَ الـ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫خذَ اللـ ُ‬ ‫وإ ِذَ أ َ‬ ‫وتعالى‪َ } :‬‬
‫مًنا‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫وا ب ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫شت ََر ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫هو ِ‬ ‫ُ‬
‫وَراء ظ ُ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫فن َب َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫ول ت َكت ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫ن{ ]آل عمران‪ ،[187 :‬وقد أوجب اللــه علــى‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫فب ِئ ْ َ‬ ‫قِليل ً َ‬ ‫َ‬
‫طائفة من المة الدعوة إلى الله عز وجل والمر بــالمعروف والنهــي‬
‫ن‬ ‫كن منك ُ ُ‬ ‫ول ْت َ ُ‬
‫عو َ‬ ‫ة ي َ ـد ْ ُ‬ ‫مـ ٌ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫عن المنكر فقــال ســبحانه وتعــالى‪َ } :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ر‬ ‫كــ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫عــ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫هــ ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبــال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وَيــأ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫خْيــ ِ‬ ‫إ َِلــى ال ْ َ‬
‫ُ‬
‫ن{ ]آل عمران‪ ،[104 :‬وعن أبي ســعيد رضــي‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫الله عنه عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال‪” :‬من رأى منكم‬
‫منكرا ً فليغيره بيده‪ ،‬فـإن لــم يســتطع فبلســانه‪ ،‬فـإن لــم‬
‫يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان“)‪ ،(2‬وهــذا الحــديث يــبين‬
‫أن المر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبــان علــى كــل أحــدٍ علــى‬
‫حسب هذه الدرجات‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسّلم قال‪” :‬ما من نـبي بعثــه اللــه فـي أمــة قبلــي إل‬
‫كــان لــه مــن أمتــه حورايّــون وأصــحاب‪ ،‬يأخــذون بســنته‬
‫ويقتدون بأمره‪ ،‬ثم إنها تخلف من بعدهم خلـوف يقولـون‬
‫ما ل يفعلون‪ ،‬ويفعلون ما ل يؤمرون‪ ،‬فمن جاهدهم بيــده‬
‫فهــو مــؤمن‪ ،‬ومــن جاهــدهم بلســانه فهــو مــؤمن‪ ،‬ومــن‬
‫جاهدهم بقلبهم فهو مؤمن‪ ،‬وليس وراء ذلك من اليمــان‬
‫ة خردل“)‪.(3‬‬ ‫حب ُ‬‫ّ‬
‫‪ ()1‬متفق عليه من حديث أبي موسى الشعري رضي الله عنه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الذبائح‬
‫والصيد‪ ،‬باب السمك‪ ،6/287 ،‬برقم ‪ ،5534‬ومسلم‪ ،‬في كتاب البر والصلة‪ ،‬باب‬
‫استحباب مجالسة الصالحين‪ ،‬ومجانبة قرناء السوء‪ ،4/2026 ،‬برقم ‪.2628‬‬
‫‪ ()2‬مسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان كون النهي عن المنكر من اليمان وأن اليمان يزيد‬
‫وينقص وأن المر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان‪ ،1/69 ،‬برقم ‪.49‬‬
‫‪ ()3‬مسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب كون النهي عن المنكر من اليمان‪ ،1/70 ،‬برقم ‪.50‬‬

‫‪23‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسـول اللـه صـّلى اللـه‬
‫م يــوم‬ ‫ألج ـ َ‬
‫ِ‬ ‫ه فكتمــه‬ ‫ل عــن علــم يعلمُ ـ ُ‬ ‫عليه وسّلم‪” :‬من سُئ ِ َ‬
‫القيامة بلجامٍ من نار“)‪.(1‬‬
‫ثامنًا‪ :‬التشبه بالكفار وتقليدهم من أعظم مــا يحــدث البــدع‬
‫بين المسلمين‪ ،‬ومما يدل على ذلك حــديث أبــي واقــد الليــثي رضــي‬
‫الله عنه قال‪ :‬خرجنا مــع رســول اللــه صـّلى اللــه عليــه وسـّلم إلــى‬
‫حنين‪ ،‬ونحن حديثو عهدٍ بكفر‪ ،‬وكانوا أسلموا يوم الفتح‪ ،‬قال‪ :‬فمررنا‬
‫بشجرة فقلنا يــا رســول اللــه‪ ،‬اجعــل لنــا ذات أنــواط كمــا لهــم ذات‬
‫أنواط؟ وكان للكفار سدرة يعكفــون حولهــا‪ ،‬ويعلقــون بهــا أســلحتهم‬
‫يدعونها ذات أنواط‪ ،‬فلما قلنا ذلك للنبي صّلى الله عليه وسّلم قــال‪:‬‬
‫”اللــه أكــبر وقلتــم‪ ،‬والــذي نفســي بيــده كمــا قــالت بنــو‬
‫م‬ ‫ل إ ِن ّك ُ ْ‬
‫قا َ‬ ‫ة َ‬
‫ه ٌ‬
‫م آل ِ َ‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫عل ل َّنا إ َِلـ ً‬
‫ها ك َ َ‬ ‫ج َ‬
‫إسرائيل لموسى‪} :‬ا ْ‬
‫ن{ ]العــراف‪ ،[138 :‬لــتركبن ســنن مــن كــان‬ ‫هُلــو َ‬
‫ج َ‬‫م تَ ْ‬
‫و ٌ‬ ‫َ‬
‫قــ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫قبلكم“ ‪ ،‬وهذا الحديث فيه دللة واضحة على أن التشــبه بالكفــار‬
‫هو الذي حمل بني إسرائيل على أن يطلبوا هذا الطلب القبيــح‪ ،‬وهــو‬
‫الذي حمل أصــحاب النــبي محمــد ص ـّلى اللــه عليــه وسـّلم علــى أن‬
‫يسألوه أن يجعل لهم شجرة يتــبركون بهــا مــن دون اللــه عــز وجـل‪،‬‬
‫وهكذا غالب النـاس مــن المســلمين قلـدوا الكفــار فـي عمـل البــدع‬
‫والشركيات‪ ،‬كأعياد المواليد‪ ،‬وبدع الجنازئز‪ ،‬والبناء علــى القبــور‪ ،‬ول‬
‫شك أن اتباع السَّنن باب مــن أبــواب الهــواء‪ ،‬والبــدع)‪ (3‬ويزيــد ذلــك‬
‫وضوحا ً حديث أبي سعيد الخدري رضي اللــه عنــه‪ ،‬عــن النــبي صـّلى‬
‫سَننَ من كان قبلكم‪ :‬ش ـِبرا ً‬ ‫ن َ‬ ‫ع ّ‬ ‫الله عليه وسّلم أنه قال‪َ :‬‬
‫”لتتِّب ُ‬
‫بشــبرٍ‪ ،‬وذراعــا ً بــذراعٍ‪ ،‬حــتى لــو دخلــوا فــي جحــر ضــبّ‬
‫لتبعتمــوهم“ قلنــا‪ :‬يــا رســول اللــه‪ ،‬اليهــود والنصــارى؟ قــال‪:‬‬

‫‪ ()1‬الترمذي‪ ،‬في كتاب العلم‪ ،‬باب ما جاء في كتمان العلم‪ ،5/29 ،‬برقم ‪ ،2649‬وأبو‬
‫داود‪ ،‬في العلم‪ ،‬باب كراهية منع العلم‪ ،3/321 ،‬برقم ‪ ،3658‬وابن ماجه‪ ،‬في المقدمة‪،‬‬
‫باب من سئل عن علم فكتمه‪ ،1/98 ،‬برقم ‪ ،266‬ومسند أحمد‪ ،305 ،2/263 ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح سنن الترمذي‪ ،2/336 ،‬وصحيح سنن ابن ماجه‪.1/49 ،‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه بلفظه‪ ،‬أبو عاصم في كتاب السنة‪ ،1/37 ،‬برقم ‪ ،76‬وحسن إسناده اللباني‬
‫في ظلل الجنة في تخريج السنة‪ ،‬المطبوع مع كتاب السنة‪ ،1/37 ،‬وأخرجه الترمذي‬
‫بنحوه‪ ،‬في كتاب الفتن‪ ،‬باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم‪ ،4/475 ،‬برقم ‪،2180‬‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وانظر‪ :‬النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز‬
‫الحميد‪ ،‬لجاسم بن فهيد الدوسري‪ ،‬ص ‪.65–64‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬تنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار‪ ،‬للدكتور صالح‬
‫السحيمي‪ ،‬ص ‪ ،147‬ورسائل ودراسات في الهواء والفتراق والبدع وموقف السلف‬
‫منها‪ ،‬للدكتور ناصر العقل‪ ،2/170 ،‬وكتاب التوحيد‪ ،‬للدكتور العلمة صالح الفوزان ص‬
‫‪.87‬‬

‫‪24‬‬
‫”فمن“؟)‪ ،(1‬قال المام النووي رحمه اللــه‪" :‬الس ـَّنن‪ ،‬بفتــح الســين‬
‫والنــون‪ :‬وهــو الطريــق‪ ،‬والمــراد بالشــبر‪ ،‬والــذراع‪ ،‬وجحــر الضــب‪:‬‬
‫التمثيل بشدة الموافقــة فــي المعاصــي والمخالفــات‪ ،‬ل فــي الكفــر‪،‬‬
‫وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله ص ـّلى اللــه عليــه وس ـّلم‪ ،‬فقــد‬
‫وقع ما أخبر به صّلى الله عليه وسّلم")‪.(2‬‬
‫فظهر أن الشبر‪ ،‬والذراع‪ ،‬والطريق‪ ،‬ودخول الجحر تمثيل للقتداء‬
‫بهم في كل شيء مما نهى عنه وذمه)‪ ،(3‬وقد حذر النــبي ص ـّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم عن التشبه بغير أهل السلم فقال‪” :‬بعثت بيــن يــدي‬
‫الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده ل شريك لــه‪ ،‬وجعــل‬
‫رزقي تحت ظل رمحي‪ ،‬وجعــل الــذلّ والصــغار علــى مــن‬
‫خالف أمري‪ ،‬ومن تشبه بقوم فهو منهم“)‪.(4‬‬
‫تاسعًا‪ :‬العتماد علــى الحــاديث الضــعيفة والموضــوعة‪،‬‬
‫من السباب التي تؤدي إلى البــدع وانتشــارها؛ فــإن كــثيرا ً مــن أهــل‬
‫البــدع اعتمــدوا علــى الحــاديث الواهيــة الضــعيفة‪ ،‬والمكذوبــة علــى‬
‫رســول اللــه صـّلى اللــه عليــه وسـّلم‪ ،‬والــتي ل يقبلهــا أهــل صــناعة‬
‫الحديث في البناء عليها‪ ،‬وردوا الحاديث الصــحيحة الــتي تخــالف مــا‬
‫هم عليه من البدع‪ ،‬فوقعوا بذلك في المهالك والعطــب‪ ،‬والخســارة‪،‬‬
‫ول حول ول قوة إل بالله)‪.(5‬‬
‫عاشرًا‪ :‬الغلو أعظم أسباب انتشار البدع‪ ،‬وظهورهــا‪ ،‬وهــو‬
‫سبب شرك البشر؛ لن الناس بعد آدم عليــه الصــلة والســلم كــانوا‬
‫على التوحيد عشرة قرون‪ ،‬وبعد ذلك تعلق الناس بالصالحين‪ ،‬وغلــوا‬
‫فيهم حتى عبدوهم من دون الله عز وجل؛ فأرسل اللــه تعـالى نوحـا ً‬
‫صّلى الله عليه وسّلم يــدعو إلــى التوحيــد‪ ،‬ثــم تتــابع الرســل عليهــم‬
‫الصلة والســلم)‪ ،(6‬والغلــو يكــون‪ :‬فــي الشــخاص‪ ،‬كتقــديس الئمــة‬
‫والولياء‪ ،‬ورفعهم فوق منازلهم‪ ،‬ويصل ذلك في النهاية إلى عبادتهم‪،‬‬
‫ويكون الغلو في الدين‪ ،‬وذلك بالزيادة على ما شرعه الله‪ ،‬أو التشدد‬

‫‪ ()1‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب قول النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪” :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم“‪ ،8/191 ،‬برقم ‪ ،7320‬ومسلم‪ ،‬كتاب‬
‫العلم‪ ،‬باب اتباع سنن اليهود والنصارى‪ ،4/2054 ،‬برقم ‪.2669‬‬
‫‪ ()2‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.16/460 ،‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬لبن حجر‪.13/301 ،‬‬
‫‪ ()4‬أحمد في المسند‪ ،92 ،2/50 ،‬وصحح إسناده أحمد محمد شاكر في شرحه للمسند‬
‫برقم ‪ ،5667 ،5115 ،5114‬من حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬فتاوى ابن تيمية‪ ،363-22/361 ،‬والعتصام للشاطبي‪ ،294-1/287 ،‬وتنبيه‬
‫أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من الخطار‪ ،‬للدكتور صالح السحيمي‪ ،‬ص‬
‫‪ ،848‬ورسائل ودراسات في الهواء والفتراق والبدع وموقف السلف منها‪ ،‬للدكتور‬
‫ناصر العقل‪.2/180 ،‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬البداية والنهاية‪ ،‬لبن كثير‪.1/106 ،‬‬

‫‪25‬‬
‫والتكفيــر بغيــر حــق‪ ،‬والغلــو فــي الحقيقــة‪ :‬هــو مجــاوزة الحــد فــي‬
‫العتقادات والعمال‪ ،‬وذلك بأن يزاد في حمــد الشــيء‪ ،‬أو يــزاد فــي‬
‫ذمه على ما يستحق)‪ ،(1‬وقد حذر الله عن الغلو فقال عز وجل لهــل‬
‫م{ ]النســاء‪،[171 :‬‬ ‫غل ُــوا ْ ِ‬
‫فــي ِدين ِك ُـ ْ‬ ‫ل ال ْك ِت َــا ِ‬
‫ب ل َ تَ ْ‬ ‫الكتاب‪َ} :‬يا أ َ ْ‬
‫ه َ‬
‫وحذر النبي صّلى الله عليه وسّلم مــن الغلــو فــي الــدين‪ ،‬فعــن ابــن‬
‫عباس رضي الله عنهما عن النبي صّلى اللــه عليــه وس ـّلم أنــه قــال‪:‬‬
‫”إياكم والغلو في الدين‪ ،‬فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو‬
‫فـي الــدين“)‪ ،(2‬فظهــر أن الغلــو فــي الــدين مــن أعظــم أســباب‬
‫الشرك‪ ،‬والبدع‪ ،‬والهواء)‪(3‬؛ ولخطر الغلو في الدين حذر النبي صـّلى‬
‫الله عليه وس ـّلم عــن الطــراء فقــال‪” :‬ل تطروني كمــا أطــرت‬
‫النصارى عيسى ابن مريم فإنمـا أنـا عبـده‪ ،‬فقولـوا‪ :‬عبـد‬
‫الله ورسوله“)‪.(4‬‬

‫‪ ‬المطلب الخامس‪ :‬أقسام البدع‪:‬‬


‫البدع أقسام مختلفـة باعتبـارات مختلفـة‪ ،‬وإليـك التفصـيل بإيجـاز‬
‫واختصار‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬البدعة الحقيقية والضافة‪:‬‬
‫‪ -1‬البدعة الحقيقية‪ :‬وهي التي لم يدل عليهــا دليــل شــرعي ل‬
‫من كتاب‪ ،‬ول سنة‪ ،‬ول إجماع‪ ،‬ول استدلل معتبر عند أهل العلــم‪ ،‬ل‬
‫في الجملة ول في التفصيل؛ ولذلك سميت بدعة؛ لنها شيء مخترع‬
‫في الدين على غير مثال سابق)‪ ،(5‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬التقرب إلى اللــه‬
‫عز وجل بالرهبانية‪ :‬أي اعتزال الخلق في الجبال ونبذ الــدنيا ولــذاتها‬
‫تعبدا ً لله عز وجل‪ ،‬والذين فعلوا ذلك ابتدعوا عبادة من عند أنفســهم‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقيم‪ ،‬لبن تيمية‪.1/289 ،‬‬


‫‪ ()2‬النسائي‪ ،‬كتاب المناسك‪ ،‬باب التقاط الحصى ‪ ،5/268‬وابن ماجه‪ ،‬كتاب المناسك‪،‬‬
‫باب قدر حصى الرمي ‪ ،2/1008‬وأحمد ‪ ،1/347‬وصحح إسناده شيخ السلم ابن تيمية‬
‫في اقتضاء الصراط المستقيم ‪.1/289‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقيم‪ ،‬لبن تيمية‪ ،1/289 ،‬والعتصام للشاطبي‪–1/329 ،‬‬
‫‪ ،331‬ورسائل ودراسات في الهواء والبدع وموقف السلف منها‪ ،‬للدكتور ناصر العقل‪،‬‬
‫‪ ،183 ،1/171‬والغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة‪ ،‬للدكتور عبد الرحمن‬
‫ابن معل اللويحق‪ ،‬ص ‪ ،81-77‬والحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل‪ ،‬لسعيد بن علي‬
‫]الكاتب[‪ ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪ ()4‬البخاري‪ ،‬كتاب النبياء‪ ،‬باب قول الله تعالى‪} :‬واذكر في الكتاب مريم‪،4/171 ،{...‬‬
‫برقم ‪.3445‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.1/367 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫وألزموا أنفسهم بها)‪ ،(1‬ومــن أمثلــة ذلــك‪ :‬تحريــم مــا أحــل اللــه مــن‬
‫الطيبات تعبدا ً لله عز وجل)‪ ،(2‬وغير ذلك من المثلة)‪.(3‬‬
‫‪ -2‬البدعة الضافية‪ :‬وهي التي لها جهتان أو شائبتان‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬لها من الدلة متعلق فل تكون من تلك الجهة بدعة‪.‬‬
‫والخرى‪ :‬ليس لها متعلق إل مثل مــا للبدعــة الحقيقيــة‪ :‬أي أنهــا‬
‫بالنسبة لحدى الجهتين سنة لستنادها إلى دليل‪ ،‬وبالنسبة إلى الجهة‬
‫الخرى بدعة لنها مستندة إلى شبهة ل إلى دليل‪ ،‬ولنها مستندة إلى‬
‫شيء‪ ،‬والفرق بينهمـا مـن جهـة المعنـى أن الـدليل عليهـا مـن جهــة‬
‫الصل قائم‪ ،‬ومن جهة الكيفيــات‪ ،‬أو الحـوال‪ ،‬أو التفاصــيل لـم يقــم‬
‫عليها مع أنها محتاجة إليه؛ لن الغالب وقوعها فــي التعبــديات ل فــي‬
‫العادات المحضة)‪ ،(4‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬الذكر أدبار الصلوات‪ ،‬أو في أي‬
‫وقــت علــى هيئة الجتمــاع بصــوت واحــد‪ ،‬أو يــدعو المــام والنــاس‬
‫يؤمنــون أدبــار الصــلوات‪ ،‬فالــذكر مشــروع‪ ،‬ولكــن أداؤه علــى هــذه‬
‫الكيفية غير مشروع وبدعة مخالفة للسنة)‪ (5‬ومن ذلك تخصــيص يــوم‬
‫النصف من شعبان بصيام وليلته بقيام‪ ،‬وصلة الرغائب في أول ليلــة‬
‫جمعة من رجب‪ ،‬وهذه بدع منكرة‪ ،‬وهي بدعة إضــافية؛ لن عبــادات‬
‫الصـلة والصـيام الصـل فيهـا المشـروعية‪ ،‬لكـن يـأتي البتـداع فـي‬
‫تخصيص الزمان‪ ،‬أو المكان‪ ،‬أو الكيفية؛ فإن ذلك لم يأت فــي كتــاب‬
‫ول سنة‪ ،‬فهي مشروعية باعتبار ذاتها بدعة باعتبار ما عرض لها)‪.(6‬‬

‫والتركية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫القسم الثاني‪ :‬البدعة الفعلية‬
‫‪ -1‬البدعة الفعلية‪ :‬تدخل في تعريف البدعة‪ :‬فهي طريقة في‬
‫الدين مخترعة‪ ،‬تشبه الطريقة الشرعية‪ ،‬يقصد بالسلوك عليها‬
‫المبالغة في التعبد لله سبحانه)‪ ،(7‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬الزيادة في شرع‬
‫الله ما ليس منه‪ ،‬كمن يزيد في الصلة ركعة‪ ،‬أو يدخل في الدين ما‬
‫ليس منه‪ ،‬أو يفعل العبادة على كيفية يخالف فيها هدي النبي صّلى‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي ‪ ،1/370‬وتفسير القرآن العظيم‪ ،‬لبن كثير‪،4/316 ،‬‬


‫وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان‪ ،‬للسعدي‪ ،‬ص ‪.782‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.1/417 ،‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.445-1/370 ،‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.445 ،1/367 ،‬‬
‫‪ ()5‬انظر الاعتصام للشاطبي ‪ ،1/452‬وتنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع‬
‫من أخطار‪ ،‬للدكتور صالح السحيمي‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬أصول في البدع والسنن‪ ،‬للشيخ العدوي‪ ،‬ص ‪ ،30‬وتنبيه أولي البصار إلى‬
‫كمال الدين وما في البدع من أخطار‪ ،‬للسحيمي‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ ()7‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.56-1/50 ،‬‬

‫‪27‬‬
‫الله عليه وسّلم)‪ ،(1‬أو يخصص وقتا ً للعبادة المشروعة لم يخصصه‬
‫الشرع‪ :‬كتخصيص يوم النصف من شعبان بصيام وليلته بقيام)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬البدعة التّركية‪ :‬تدخل في عموم تعريف البدعة‪ ،‬من حيث‬
‫إنها "طريقة في الدين مخترعة")‪ ،(3‬فقد يقع البتداع بنفس الترك‬
‫تحريما ً للمتروك‪ ،‬أو غير تحريم؛ فإن الفعل – مثل ً – قد يكون حلل ً‬
‫بالشرع فيحرمه النسان على نفسه أو يقصد تركه قصدًا‪ ،‬فهذا الترك‬
‫إما أن يكون لمر يُعتبر شرعا ً أو ل‪ :‬فإن كان لمر يعتبر فل حرج فيه؛‬
‫لنه ترك ما يجوز تركه أو ما يُطلب بتركه‪ ،‬كالذي يمنع نفسه من‬
‫الطعام الفلني من أجل أنه يضره في جسمه‪ ،‬أو عقله‪ ،‬أو دينه‪ ،‬وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬فل مانع هنا من الترك‪ ،‬وهذا راجع إلى الحمية من‬
‫المضرات‪ ،‬وأصله قوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬يا معشر الشباب من‬
‫استطاع منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬ومن‬
‫لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء“)‪ ،(4‬وكذلك لو ترك ما ل بأس‬
‫به حذرا ً مما به بأس‪ ،‬وهذا كترك المشتبه حذرا ً من الوقوع في‬
‫الحرام‪ ،‬واستبراءً للدين والعرض‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن كان الترك لغير ذلك‪ ،‬فإما أن يكون تديّنا أو ل؛ فإن لم يكن‬
‫تدينا ً فالتارك عابث بتحريمه الفعل‪ ،‬أو بعزيمته على الترك‪ ،‬ول‬
‫يسمى هذا الترك بدعة؛ لنه ل يدخل تحت لفظ الحد‪ ،‬إل على‬
‫الطريقة الثانية القائلة‪ :‬إن البدعة تدخل في العادات‪ ،‬وأما على‬
‫الطريقة الولى‪ ،‬فل يدخل‪ ،‬لكن هذا التارك يكون مخالفا ً بتركه‪ ،‬أو‬
‫باعتقاده التحريم فيما أحل الله‪ ،‬وإثم المخالفة يختلف باختلف‬
‫درجات المتروك‪ :‬من حيث‪ :‬الوجوب‪ ،‬والندب‪.‬‬
‫أما إن كان الترك تديّنا ً فهو البتداع في الدين‪ ،‬سواء كان المتروك‬
‫مباحا ً أو مأمورا ً به‪ ،‬وسواء كان في العبادات‪ ،‬أو المعاملت‪ ،‬أو‬
‫العادات‪ :‬بالقول‪ ،‬أو الفعل‪ ،‬أو العتقاد‪ ،‬إذا قصد بتركه التعبد لله كان‬
‫مبتدعا ً بتركه)‪ ،(5‬ومن الدلة على أن الترك في مثل ذلك يكون بدعة‪:‬‬
‫قصة الثلثة الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صّلى الله عليه وسّلم‬
‫يسألون عن عبادته‪ ،‬فلما أخبروا بها‪ ،‬فكأنهم تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬وأين‬
‫نحن من النبي صّلى الله عليه وسّلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي ‪ ،445–1/367‬وتنبيه أولي البصار‪ ،‬للدكتور صالح‬
‫السحيمي‪ ،‬ص ‪ ،99‬وحقيقة البدعة وأحكامها‪ ،‬لسعيد الغامدي‪ ،2/37 ،‬وأصول في البدع‬
‫والسنن للعدوي ص ‪ ،70‬وعلم أصول البدع‪ ،‬لعلي بن حسن الثري‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬كتاب التوحيد‪ ،‬للعلمة الدكتور صالح الفوزان‪ ،‬ص ‪.82‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.1/57 ،‬‬
‫‪ ()4‬متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪،‬‬
‫باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة‪ ،2/280 ،‬برقم ‪ ،1905‬ومسلم‪ ،‬كتاب النكاح‪،‬‬
‫باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنته‪ ،2/1018 ،‬برقم ‪.1400‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬العتصام‪ ،‬للشاطبي‪.1/58 ،‬‬

‫‪28‬‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فأصلي الليل أبدًا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا‬
‫أصوم الدهر ول أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدًا‪،‬‬
‫فجاء رسول الله صّلى الله عليه وسّلم فقال‪” :‬أنتم الذين قلتم‬
‫كذا وكذا؟ أما والله إني لخشاكم لله‪ ،‬وأتقاكم له؛ لكني‪:‬‬
‫أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب‬
‫عن سنتي فليس مني“)‪.(1‬‬
‫والمراد بالسنة‪ :‬الطريقة‪ ،‬ل التي تقابل الفرض‪ ،‬والرغبة عن‬
‫الشيء‪ :‬العراض عنه إلى غيره‪ ،‬والمراد‪ :‬من ترك طريقتي‪ ،‬وأخذ‬
‫بطريقة غيري فليس مني)‪.(2‬‬
‫واتضح مما سبق أن البدعة على قسمين‪ :‬بدعة فعلية‪ ،‬وبدع ة‬
‫تركية‪ ،‬كما ظهر أن السنة على قسمين‪ :‬سنة فعلية وسنة تركية‪،‬‬
‫فسنة النبي صّلى الله عليه وسّلم كما تكون بالفعل تكون بالترك‪،‬‬
‫فكما كلفنا الله باتباع النبي صّلى الله عليه وسّلم في فعله الذي‬
‫يتقرب به إلى الله – إذا لم يكن من باب الخصوصيات – كذلك طالبنا‬
‫باتباعه في تركه – فيكون الترك سنة‪ ،‬والفعل سنة‪ ،‬وكما ل نتقرب‬
‫إلى الله بترك ما فعل‪ ،‬ل نتقرب إليه بفعل ما ترك‪ ،‬فالفاعل لما‬
‫ترك‪ ،‬كالتارك لما فعل‪ ،‬ول فرق بينهما)‪.(3‬‬

‫القسم الثالث‪ :‬البدعة القولية العتقادية‪ ،‬والبدعة‬


‫العملية‪:‬‬
‫‪ -1‬البدعة القولية العتقادية‪ :‬كمقالت الجهمية‪ ،‬والمعتزلة‪،‬‬
‫والرافضة‪ ،‬وسائر الفرق الضالة‪ ،‬واعتقاداتهم‪ ،‬ويدخل في ذلك الفرق‬
‫التي ظهرت كالقاديانية‪ ،‬والبهائية‪ ،‬وجميع فرق الباطنية المتقدمة‪:‬‬
‫كالسماعيلية‪ ،‬والنصيرية‪ ،‬والدروز‪ ،‬والرافضة وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -2‬البدعة العملية وهي أنواع‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬بدعة في أصل العبادة‪ ،‬كأن يحدث عبادة ليس لها‬
‫أصل في الشرع كأن يحدث صلة غير مشروعة‪ ،‬أو صياما ً غير‬
‫مشروع‪ ،‬أو أعيادا ً غير مشروعة‪ ،‬كأعياد المواليد وغيرها‪.‬‬

‫‪ ()1‬متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب‬
‫الترغيب في النكاح‪ ،6/142 ،‬برقم ‪ ،5063‬ومسلم‪ ،‬كتاب النكاح‪ ،‬باب استحباب النكاح‬
‫لمن تاقت نفسه إليه‪ ،2/1020 ،‬برقم ‪.1401‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬لبن حجر‪.9/105 ،‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪ ،60-1/57 ،‬و ‪ ،498 ،485 ،479‬والمر بالتباع والنهي عن‬
‫البتداع‪ ،‬لجلل الدين السيوطي‪ ،‬ص ‪ ،205‬وأصول في البدع‪ ،‬للشيخ محمد أحمد‬
‫العدوي‪ ،‬ص ‪ ،70‬وحقيقة البدعة وأحكامها‪ ،‬لسعيد بن ناصر الغامدي‪ ،58-2/37 ،‬وتنبيه‬
‫أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار‪ ،‬للدكتور صالح السحيمي ص‬
‫‪ ،97‬وعلم أصول البدع للشيخ علي بن حسن الثري‪ ،‬ص ‪ ،107‬وتحذير المسلمين عن‬
‫البتداع والبدع في الدين‪ ،‬للشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪29‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما يكون من الزيادة على العبادة المشروعة‪ ،‬كما‬
‫لو زاد ركعة خامسة في صلة الظهر أو العصر مث ً‬
‫ل‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬ما يكون في صفة أداء العبادة المشروعة‪ ،‬بأن‬
‫يؤديها على صفة غير مشروعة‪ ،‬وكذلك أداء الذكار المشروعة‬
‫بأصوات جماعية مطربة‪ ،‬وكالتعبد بالتشديد على النفس في العبادات‬
‫إلى حد يخرج عن سنة رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪.‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم‬
‫يخصصه الشرع‪ :‬كتخصيص يوم النصف من شعبان بصيام‪ ،‬وليلته‬
‫بقيام؛ فإن أصل الصيام والقيام مشروع‪ ،‬ولكن تخصيصه بوقت من‬
‫الوقات يحتاج على دليل)‪.(1‬‬

‫‪ ‬المطلب السادس‪ :‬حكم البدعة في الدين‪:‬‬


‫لشك أن كل بدعة في الدين ضللة‪ ،‬ومحرمة‪ ،‬لقوله صّلى الله‬
‫عليه وسّلم‪” :‬إياكم ومحدثات المور فإن كل محدثة بدعة‪،‬‬
‫وكل بدعة ضللة“)‪ ،(2‬وقوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬من أحدث‬
‫في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“‪ ،‬وفي رواية لمسلم‪” :‬من‬
‫عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو رد“)‪ ،(3‬فدل الحديثان على أن‬
‫كل محدث في الدين فهو بدعة وكل بدعة ضللة مردودة‪ ،‬فالبدع في‬
‫العبادات محرمة‪ ،‬ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة‪:‬‬
‫فمنها‪ :‬مــا هــو كفــر‪ :‬كــالطواف بــالقبور تقرب ـا ً إلــى أصــحابها‪،‬‬
‫وتقديم الذبائح والنذور لها‪ ،‬ودعاء أصحابها‪ ،‬والستغاثة بهـم‪ ،‬وكـأقوال‬
‫غلة الجهمية‪ ،‬والمعتزلة‪ ،‬والرافضة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما هو من وسائل الشرك‪ :‬كالبناء على القبور‪،‬‬
‫والصلة والدعاء عندها‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما هو من المعاصي‪ :‬كبدعة التبتل – ترك الزواج –‬
‫والصيام قائما ً في الشمس‪ ،‬والخصاء بقصد قطع الشهوة‪ ،‬وغير‬
‫ذلك)‪ ،(4‬وقد ذكر المام الشاطبي رحمه الله‪ :‬أن إثم المبتدع ليس‬
‫على رتبة واحدة‪ ،‬بل هو على مراتب مختلفة واختلفها يقع من‬
‫جهات‪ ،‬على النحو التي‪:‬‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ ،414-35 ،18/346 ،‬وكتاب التوحيد‬
‫للعلمة الدكتور صالح الفوزان‪ ،‬ص ‪ ،82-81‬ومجلة الدعوة‪ ،‬العدد ‪ 9 ،1139‬رمضان‪،‬‬
‫‪ ،1408‬مقال الدكتور صالح الفوزان في أنواع البدع‪ ،‬وتنبيه أولي البصار إلى كمال‬
‫الدين وما في البدع من أخطار‪ ،‬للدكتور صالح السحيمي‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود‪ ،4/201 ،‬برقم ‪ ،4607‬والترمذي‪ ،5/44 ،‬برقم ‪ ،2676‬وتقدم تخريجه ص‬
‫‪.42‬‬
‫‪ ()3‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،3/222 ،‬برقم ‪ ،2697‬ومسلم‪ ،3/1343 ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم‬
‫تخريجه ص ‪.33‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬كتاب التوحيد للعلمة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪30‬‬
‫مدّعيا ً للجتهاد أو مقلدًا‪.‬‬ ‫‪ -1‬من جهة كون صاحب البدعة ُ‬
‫‪ -2‬من جهة وقوعها في الضروريات‪ :‬الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬والعرض‪،‬‬
‫والعقل‪ ،‬والمال أو غيرها‪.‬‬
‫‪ -3‬من جهة كون صاحبها مستترا ً بها أو معلنا‪ً.‬‬
‫‪ -4‬من جهة كونه داعيا ً إليها أو غير داعٍ لها‪.‬‬
‫‪ -5‬من جهة كونه خارجا ً على أهل السنة أو غير خارج‪.‬‬
‫‪ -6‬من جهة كون البدعة حقيقية أو إضافية‪.‬‬
‫‪ -7‬من جهة كون البدعة بيّنة أو مشكلة‪.‬‬
‫‪ -8‬من جهة كون البدعة كفرا ً أو غير كفر‪.‬‬
‫‪ -9‬من جهة الصرار على البدعة أو عدمه‪.‬‬
‫وبين رحمه الله أن هذه المراتب تختلف في الثم على حسب‬ ‫ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫النظر إلى دركاتها ‪ ،‬وأوضح رحمه الله أن هذه المراتب منها ما هو‬
‫محرم‪ ،‬ومنها ما هو مكروه‪ ،‬وأن وصف الضلل ملزم لها وشامل‬
‫لنواعها)‪ ،(2‬ول شك أن البدع تنقسم على حسب مراتبها في الثم إلى‬
‫ثلثة أقسام‪:‬‬
‫)‪(3‬‬
‫القسم الول‪ :‬كفر بواح ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬كبيرة من كبائر الذنوب ‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬صغيرة من صغائر الذنوب ‪ ،‬وللبدعة الصغيرة‬
‫شروط‪ ،‬هي‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬ل يداوم عليها‪ ،‬فإن المداومة تنقلها إلى كــبيرة فــي‬
‫حقه‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬ل يدعو إليها؛ فإن ذلك يعظم الــذنب لكــثرة العمــل‬
‫بها‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬ل يفعلها في مجتمعات الناس‪ ،‬ول في المواضع‬
‫التي تقام فيها السنن‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬ل يستصغرها ول يستحقرها‪ ،‬فإن ذلك استهانة بها‪،‬‬
‫والستهانة بالذنب أعظم من الذنب)‪.(6‬‬
‫واسم الضللة يقع على هذه القسام الثلثة؛ لن النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم جعل كل بدعة ضللة‪ ،‬وهذا يشمل البدعة المكفرة‪،‬‬
‫والبدعة المفسقة‪ :‬سواء كانت كبيرة أو صغيرة)‪.(7‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام‪ ،224 – 1/216 ،‬و ‪.559 – 2/515‬‬ ‫‪()1‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.2/530 ،‬‬ ‫‪()2‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.2/516 ،‬‬ ‫‪()3‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪ 2/517 ،‬و ‪.550 – 2/543‬‬ ‫‪()4‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪ 2/517 ،‬و ‪.550 – 543 ،2/539‬‬ ‫‪()5‬‬

‫انظر هذه الشروط مع شرحها النفيس‪ :‬العتصام للشاطبي‪.559 – 2/551 ،‬‬ ‫‪()6‬‬

‫انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪.2/516 ،‬‬ ‫‪()7‬‬

‫‪31‬‬
‫ومنهم من قسم البدع إلى أقسام أحكام الشريعة الخمسة‪ :‬فقال‪:‬‬
‫قسم من البدع واجب‪ ،‬وقسم محرم‪ ،‬وقسم مندوب إليه‪ ،‬والقسم‬
‫الرابع‪ :‬بدعة مكروهة‪ ،‬والقسم الخامس‪ :‬البدع المباحة‪ .‬وهذا‬
‫التقسيم مخالف لقوله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬فإن كل محدثة‬
‫بدعة وكل بدعة ضللة“)‪ ،(1‬وقد رد على هذا التقسيم المام‬
‫الشاطبي رحمه الله بعد أن ذكر التقسيم وصاحبه‪" :‬والجواب أن هذا‬
‫التقسيم أمر مخترع ل يدل عليه دليل شرعي‪ ،‬بل هو في نفسه‬
‫متدافع؛ لن من حقيقة البدعة أن ل يدل عليها دليل شرعي‪ :‬ل من‬
‫نصوص الشرع ول من قواعده‪ ،‬إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع‬
‫وجوب‪ ،‬أو ندبٍ‪ ،‬أو إباحةٍ؛ لما كان ثم بدعة‪ ،‬ولكان العمل داخل ً‬
‫ٍ‬ ‫على‬
‫في عموم العمال المأمور بها‪ ،‬أو المخير فيها‪ ،‬فالجمع بين كون تلك‬
‫الشياء بدعًا‪ ،‬وبين كون الدلة تدل على وجوبها‪ ،‬أو ندبها‪ ،‬أو إباحتها‬
‫م من جهة كونها‬ ‫جمع بين متنافيين‪ .‬أما المكروه منها والمحرم فمسلّ ٌ‬
‫بدعا ً ل من جهةٍ أخرى)‪.(2‬‬

‫‪ ‬المطلب السابع‪ :‬أنواع البدع عند القبور‪:‬‬


‫النوع الول‪ :‬من يسأل الميت حاجته)‪ ،(3‬وهؤلء من جنس عباد‬
‫من‬ ‫مُتم ّ‬ ‫ع ْ‬‫ن َز َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عوا ْ ال ّ ِ‬ ‫ل اد ْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫الصنام‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪ُ } :‬‬
‫ُ‬
‫ويل ً‪ ،‬أوَلـئ ِكَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن كَ ْ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫ح ِ‬‫ول ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ْ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ف ال ّ‬‫ش َ‬ ‫كو َ‬ ‫فل َ ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ب‬ ‫مأ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قَر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة أي ّ ُ‬ ‫سيل َ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن إ ِلى َرب ّ ِ‬‫غو َ‬ ‫ن ي َب ْت َ ُ‬‫عو َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ال ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ك كا َ‬ ‫ب َرب ّ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ذاب َ ُ‬‫ع َ‬ ‫ن َ‬‫فو َ‬ ‫خا ُ‬‫وي َ َ‬‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫جو َ‬ ‫وي َْر ُ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذوًرا{ ]سورة السراء‪ ،‬اليتان‪ .[57-56 ،‬فكل من دعا نبيا‪ ،‬أو وليا‪ ،‬أو‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫صالحا ً وجعل فيه نوعا ً من اللهيّة فقد تناولته هذه الية‪ ،‬فإنها عامة‬
‫في كل من دعا من دون الله مدعوّا ً وذلك المدعو يبتغي إلى الله‬
‫الوسيلة‪ ،‬ويرجو رحمته‪ ،‬ويخاف عذابه‪ ،‬فكل من دعا ميتًا‪ ،‬أو غائبًا‪:‬‬
‫من النبياء‪ ،‬والصالحين سواء كان بلفظ الستغاثة‪ ،‬أو غيرها فقد فعل‬
‫الشرك الكبر الذي ل يغفره الله إل بالتوبة منه‪ .‬فكل من غل في‬
‫نبي‪ ،‬أو رجل صالح‪ ،‬وجعل فيه نوعا ً من العبادة مثل أن يقول‪ :‬يا‬
‫سيدي فلن انصرني‪ ،‬أو أعني‪ ،‬أو أغثني‪ ،‬أو ارزقني‪ ،‬أو أنا في‬
‫حسبك‪ ،‬ونحو هذه القوال فكل هذا شرك وضلل يستتاب صاحبه‬
‫فإن تاب وإل قتل فإن الله إنما أرسل الرسل‪ ،‬وأنزل الكتب ليُعبد‬
‫وحده‪ ،‬ول يجعل معه إله آخر‪.‬‬

‫‪ ()1‬أبو داوود‪ ،4/201 ،‬برقم ‪ ،4607‬والترمذي‪ ،5/44 ،‬برقم ‪ ،2676‬وتقدم تخريجه‪ ،‬ص‬
‫‪.42‬‬
‫‪ ()2‬العتصام‪.1/246 ،‬‬
‫ً‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬تعريف البدعة لغة واصطلحا‪ ،‬ص ‪ 27‬من هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬أن يسأل الله تعالى بالميت‪ ،‬وهو من البدع‬
‫المحدثة في السلم وهذا ليس كالذي قبله فإنه ل يصل إلى الشرك‬
‫الكبر‪ .‬والعامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بالنبياء والصالحين كقول‬
‫أحدهم‪ :‬أتوسل إليك بنبيك‪ ،‬أو بأنبيائك‪ ،‬أو بملئكتك‪ ،‬أو بالصالحين من‬
‫عبادك‪ ،‬أو بحق الشيخ فلن‪ ،‬أو بحرمته‪ ،‬أو أتوسل إليك باللوح‬
‫والقلم‪ ،‬وغير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم‪ ،‬وهذه المور من البدع‬
‫المحدثة المنكرة والذي جاءت به السنة هو التوسل والتوجه بأسماء‬
‫الله تعالى‪ ،‬وصفاته‪ ،‬وبالعمال الصالحة كما ثبت في الصحيحين في‬
‫قصة الثلثة )أصحاب الغار(‪ ،‬وبدعاء المسلم الحي الحاضر لخيه‬
‫المسلم‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬أن يظن أن الدعاء عند القبور مستجاب‪ ،‬أو أنه‬
‫أفضل من الدعاء في المسجد فيقصد القبر لذلك فإن هذا من‬
‫المنكرات إجماعا ً ولم نعلم في ذلك نزاعا ً بين أئمة الدين وهذا أمر‬
‫لم يشرعه الله‪ ،‬ول رسوله‪ ،‬ول فعله أحد من الصحابة‪ ،‬ول التابعين‬
‫ول أئمة المسلمين وأصحاب رسول الله صّلى الله عليه وسّلم قد‬
‫أجدبوا مرات ودهمتهم نوائب ولم يجيئوا عند قبر النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم بل خرج عمر بالعباس فاستسقى بدعائه وقد كان‬
‫السلف ينهون عن الدعاء عند القبور فقد رأى علي بن الحسين رضي‬
‫الله عنهما رجل ً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم فيدخل فيها فيدعو فيها فقال‪ :‬أل أحدثكم حديثا ً سمعته من‬
‫أبي عن جدي عن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬قال‪” :‬ل‬
‫تجعلوا قبري عيدا ً ول تجعلوا بيوتكم قبورا ً وصلوا عليّ‬
‫وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلمكم وصلتكم“)‪ ،(1‬ووجه‬
‫الدللة أن قبر النبي صّلى الله عليه وسّلم أفضل قبر على وجه‬
‫الرض وقد نهى عن اتخاذه عيدا ً فغيره أولى بالنهي كائنا ً ما كان ‪،‬‬
‫)‪(2‬‬

‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪” :‬ل تجعلوا بيوتكم قبورا ً ول تجعلوا قبري عيدا ً‬
‫علي فإن صلتكم تبلغني حيث كنتم“)‪.(3‬‬ ‫ّ‬ ‫وصلوا‬

‫‪ ‬المطلب الثامن‪ :‬البدع المنتشرة المعاصرة‪:‬‬

‫‪ ()1‬رواه إسماعيل القاضي في كتاب فضل الصلة على النبي صّلى الله عليه وسّلم ص‬
‫‪ ،34‬وصححه اللباني في نفس المرجع وله طرق وروايات ذكرها في كتابه تحذير‬
‫الساجد من اتخاذ القبور مساجد‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬الدرر السنية في الجوبة النجدية لعبد الرحمن بن قاسم ‪.174-6/165‬‬
‫‪ ()3‬رواه أبو داود‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬في كتاب المناسك‪ ،‬باب زيارة القبور‪ ،2/218 ،‬برقم‬
‫‪ ،2042‬وأحمد‪ ،2/367 ،‬وحسنه الشيخ اللباني في كتابه‪ :‬تحذير الساجد‪ ،‬ص ‪.142‬‬

‫‪33‬‬
‫البدع المنتشرة المعاصرة كثيرة جدًا‪ ،‬ومنها على سبيل المثال ل‬
‫الحصر ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬بدعة الحتفال بالمولد النبوي‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫الحتفال بالمولد بدعة منكرة‪ ،‬وأول من أحدثها العبيديون في‬
‫القرن الرابع الهجري‪ ،‬وقد بيّن العلماء قديما ً وحديثا ً بطلن هذه‬
‫البدعة والرد على من ابتدعها وعمل بها‪ ،‬فل يجوز الحتفال بالمولد‪،‬‬
‫لمور وبراهين منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬الحتفال بالمولد من البدع المحدثة في الدين التي ما أنزل‬ ‫أو ً‬
‫الله بها من سلطان؛ لن النبي صّلى الله عليه وسّلم لم يشرعه ل‬
‫بقوله‪ ،‬ول فعله‪ ،‬ول تقريره‪ ،‬وهو قدوتنا وإمامنا‪ ،‬قال الله عز وجل‪:‬‬
‫هوا{ ]الحشر‪:‬‬ ‫فانت َ ُ‬ ‫ه َ‬‫عن ْ ُ‬ ‫م َ‬‫هاك ُ ْ‬
‫ما ن َ َ‬ ‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬‫ما آَتاك ُ ُ‬‫و َ‬
‫} َ‬
‫ة‬‫سن َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬‫وة ٌ َ‬
‫س َ‬‫هأ ْ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو ِ‬
‫في َر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن لك ْ‬ ‫‪ ،[7‬وقال سبحانه‪} :‬لقدْ كا َ‬
‫را{ ]الحزاب‪:‬‬ ‫َ‬
‫ه كِثي ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وذَكَر الل َ‬ ‫خَر َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫جو الل ّ َ‬‫ن ي َْر ُ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫لّ َ‬
‫‪ ،[21‬وقال النبي صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬من أحدث في أمرنا‬
‫هذا ما ليس منه فهو رد“)‪.(1‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الخلفاء الراشدون ومن معهم من أصحاب النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم لم يحتفلوا بالمولد‪ ،‬ولم يدعوا إلى الحتفال به‪ ،‬وهم خير‬
‫المة بعد نبيها‪ ،‬وقد قال صّلى الله عليه وسّلم في حق الخلفاء‬
‫الراشدين‪” :‬عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومحدثات‬
‫المور‪ ،‬فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة“)‪.(2‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الحتفال بالمولد من سنة أهل الزيغ والضلل؛ فإن أول من‬
‫أحدث الحتفال بالمولد الفاطميون‪ ،‬العبيديون في القرن الرابع‬
‫الهجري‪ ،‬وقد انتسبوا إلى فاطمة رضي الله عنها ظلما ً وزورًا‪ ،‬وبهتانا؛ً‬
‫وهم في الحقيقة من اليهود‪ ،‬وقيل من المجوس‪ ،‬وقيل من‬
‫الملحدة)‪ ،(3‬وأولهم المعز لدين الله العبيدي المغربي الذي خرج من‬
‫المغرب إلى مصر في شوال سنة ‪361‬هـ‪ ،‬وقدم إلى مصر في‬

‫‪ ()1‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬برقم ‪ ،2697‬ومسلم‪ ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم تخريجه ص ‪.33‬‬


‫‪ ()2‬أبو داود‪ ،‬برقم ‪ ،4607‬والترمذي‪ ،‬برقم ‪ ،2676‬وتقدم تخريجه ص ‪.42‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬البداع في مضار البتداع‪ ،‬للشيخ علي محفوظ‪ ،‬ص ‪ ،251‬والتبرك‪ :‬أنواعه‬
‫وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع‪ ،‬ص ‪ ،373-359‬وتنبيه أولي البصار إلى‬
‫كمال الدين وما في البدع من أخطار‪ ،‬للدكتور صالح السحيمي‪ ،‬ص ‪.232‬‬

‫‪34‬‬
‫رمضان سنة ‪362‬هـ)‪ ،(4‬فهل لعاقل مسلم أن يقلد الرافضة ويتبع‬
‫سنتهم ويخالف هدي نبيه محمد صّلى الله عليه وسّلم؟‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬إن الله عز وجل قد كمل الدين فقال سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫}ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫ت‬‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ع َ‬‫م نِ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫وأ ت ْ َ‬‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫م ِديًنا{ ]المائدة‪ ،[3 :‬والنبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ‬ ‫سل ََ‬‫ما ِ ْ‬
‫ل‬ ‫ل َك ُ ُ‬
‫البلغ المبين‪ ،‬ولم يترك طريقا ً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إل‬
‫بينه للمة‪ ،‬ومعلوم أن نبينا صّلى الله عليه وسّلم هو أفضل النبياء‪،‬‬
‫وخاتمهم‪ ،‬وأكملهم بلغًا‪ ،‬ونصحا ً لعباد الله‪ ،‬فلو كان الحتفال بالمولد‬
‫لبينه صّلى الله عليه وسّلم‬ ‫من الدين الذي يرضاه الله عز وجل ّ‬
‫لمته‪ ،‬أو فعله في حياته‪ ،‬قال صّلى الله عليه وسلم‪” :‬ما بعث الله‬
‫ّ‬
‫من نبي إل كان حقا ً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه‬
‫لهم‪ ،‬وينذرهم شر ما يعلمه لهم“)‪.(1‬‬
‫خامسًا‪ :‬إحداث مثل هذه الموالد البدعية يفهم منه أن الله تعالى‬
‫لم يكمل الدين لهذه المة‪ ،‬فل بد من تشريع ما يكمل به الدين!‬
‫ويفهم منه أن الرسول صّلى الله عليه وسّلم لم يبلغ ما ينبغي للمة‬
‫حتى جاء هؤلء المبتدعون المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم‬
‫يأذن به سبحانه‪ ،‬زاعمين أن ذلك يقربهم إلى الله‪ ،‬وهذا بل شك فيه‬
‫خطر عظيم‪ ،‬واعتراض على الله عز وجل‪ ،‬وعلى رسوله صّلى الله‬
‫عليه وسّلم‪ .‬والله عز وجل قد أكمل الدين وأتم على عباده نعمته‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬صرح علماء السلم المحققون بإنكار الموالد‪ ،‬والتحذير‬
‫منها عمل ً بالنصوص من الكتاب والسنة‪ ،‬التي تحذر من البدع في‬
‫الدين‪ ،‬وتأمر بإتباع النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وتحذر من مخالفته‬
‫في القول وفي الفعل والعمل‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬إن الحتفال بالمولد ل يحقق محبة الرسول صلى الله‬
‫ّ‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬وإنما يحقق ذلك‪ :‬اتباعه‪ ،‬والعمل بسنته‪ ،‬وطاعته صّلى‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ل ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫ق ْ‬‫الله عليه وسّلم‪ ،‬قال الله عز وجل‪ُ } :‬‬
‫فوٌر‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬
‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬‫َ‬
‫م{ ]آل عمران‪.[31 :‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ّر ِ‬

‫‪ ()4‬انظر‪ :‬البداية والنهاية‪ :‬لبن كثير‪ ،268-12/267 ،345 ،273-11/272 ،‬و ‪،6/232‬‬
‫‪ ،12/266 ،12/13 ،11/161 ،12/63‬وانظر‪ :‬سير أعلم النبلء للذهبي‪–15/159 ،‬‬
‫‪ ،215‬وذكر أن آخر ملوك العبيدية‪ :‬العاضد لدين الله‪ ،‬قتله صلح الدين اليوبي سنة‬
‫‪564‬هـ‪ ،‬قال‪" :‬تلشى أمر العاضد مع صلح الدين إلى أن خلعه وخطب لبني العباس‬
‫واستأصل شأفة بني عبيد ومحق دولة الرفض‪ ،‬وكانوا أربعة عشر متخلفا ً ل خليفة‪،‬‬
‫والعاضد في اللغة‪ :‬القاطع‪ ،‬فكان هذا عاضدا ً لدولة أهل بيته‪.15/212 ،‬‬
‫‪ ()1‬مسلم‪ ،‬كتاب المارة‪ ،‬باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء‪ :‬الول فالول‪ ،2/1473 ،‬برقم‬
‫‪.1844‬‬

‫‪35‬‬
‫ثامنًا‪ :‬الحتفال بالمولد النبوي واتخاذه عيدا ً فيه تشبه باليهود‬
‫والنصارى في أعيادهم‪ ،‬وقد نُهينا عن التشبه بهم‪ ،‬وتقليدهم)‪.(1‬‬
‫تاسعًا‪ :‬العاقل ل يغتر بكثرة من يحتفل بالمولد من الناس في‬
‫سائر البلدان‪ ،‬فإن الحق ل يعرف بكثرة العاملين‪ ،‬وإنما يعرف بالدلة‬
‫الشرعية‪ ،‬قال الله سبحانه وتعالى‪} :‬وإن ت ُط َ‬
‫في‬ ‫من ِ‬ ‫ع أك ْث ََر َ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ ِ‬
‫ه{ ]النعام‪ ،[116 :‬وقال عز وجل‪:‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫َ‬
‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ك َ‬ ‫ض يُ ِ‬ ‫الْر َِ‬
‫ن{ ]يوسف‪ ،[103 :‬وقال‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ت بِ ُ‬ ‫ص َ‬‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫س َ‬ ‫ما أك ْث َُر الّنا ِ‬ ‫و َ‬ ‫} َ‬
‫كوُر{ ]سبأ‪.[13 :‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫و َ‬
‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫عاشرًا‪ :‬القاعدة الشرعية‪ :‬رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله‬
‫تعالى وسنة رسوله صّلى الله عليه وسّلم كما قال الله عز وجل‪َ} :‬يا‬
‫َ‬ ‫ل ُ‬ ‫أ َيها ال ّذين آمُنوا ْ أ َطيعوا ْ الل ّه َ‬
‫ر‬‫م ِ‬
‫وِلي ال ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سو َ َ‬ ‫عوا ْ الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ّ َ‬
‫ل ِإن‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫دوهُ إ ِلى الل ِ‬ ‫ء فُر ّ‬ ‫َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫م فِإن ت ََناَز ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫منك ْ‬ ‫ِ‬
‫ويل{‬‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر ذَل ِك َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫والي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬
‫]النساء‪ ،[59 :‬وقال عز وجل‪} :‬وما اختلفتم فيه من شيء‬
‫فحكمه إلى الله{ ]الشورى‪ ،[10 :‬ول شك أن من رد الحتفال‬
‫بالمولد إلى الله ورسوله يجد أن الله يأمر بإتباع النبي صّلى الله‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬‫عليه وسّلم كما قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫هوا{ ]الحشر‪ ،[7 :‬ويبين سبحانه وتعالى أنه قد أكمل‬ ‫فانت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫نَ َ‬
‫الدين وأتم النعمة على المؤمنين‪ .‬ويجد أن النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم لم يأمر بالحتفال بالمولد‪ ،‬ولم يفعله‪ ،‬ولم يفعله أصحابه‪،‬‬
‫فعلم بذلك أن الحتفال بالمولد ليس من الدين‪ ،‬بل هو من البدع‬
‫المحدثة‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬إن المشروع للمسلم يوم الثنين أن يصوم إذا‬
‫أحب‪ ،‬لن النبي صّلى الله عليه وسّلم سئل عن صوم يوم الثنين‪،‬‬
‫فقال‪” :‬ذاك يوم ولدت فيه‪ ،‬ويوم بعثت‪ ،‬أو أنزل عليّ‬
‫فيه“)‪ ،(2‬فالمشرع التأسي بالنبي صّلى الله عليه وسّلم في صيام‬
‫يوم الثنين‪ ،‬وعدم الحتفال بالمولد‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬عيد المولد النبوي ل يخلو من وقوع المنكرات‬
‫والمفاسد غالبًا‪ ،‬ويعرف ذلك من شاهد هذا الحتفال ومن هذه‬
‫المنكرات على سبيل المثال ل الحصر ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬أكثر القصائد والمدائح التي يتغنّى بها أهل المولد ل تخلو من‬
‫ألفاظ شركية‪ ،‬والغلو والطراء الذي نهى عنه رسول الله صّلى الله‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم‪ ،‬لبن تيمية‪،615-2/614 ،‬‬
‫وزاد المعاد‪ ،‬لبن القيم‪.1/95 ،‬‬
‫‪ ()2‬صحيح مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب استحباب صيام ثلثة‬
‫أيام من كل شهر‪ ،‬وصوم يوم عرفة وعاشوراء‪ ،‬والثنين والخميس‪ ،2/819 ،‬برقم‬
‫‪.1162‬‬

‫‪36‬‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬فقال‪” :‬ل تطروني كما أطرت النصارى ابن‬
‫مريم‪ ،‬فإنما أنا عبده‪ ،‬فقولوا‪ :‬عبد الله ورسوله“)‪.(1‬‬
‫‪ -2‬يحصل في الحتفالت بالموالد في الغالب بعض المحرمات‬
‫الخرى‪ :‬كاختلط الرجال بالنساء‪ ،‬واستعمال الغاني والمعازف‪،‬‬
‫وشرب المسكرات والمخدرات‪ ،‬وقد يحصل فيها الشرك الكبر‬
‫كالستغاثة بالرسول صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬أو غيره من الولياء‪،‬‬
‫والستهانة بكتاب الله عز وجل فيشرب الدخان في مجلس القرآن‪،‬‬
‫ويحصل السراف والتبذير في الموال‪ ،‬وإقامة حلقات الذكر‬
‫المحرف في المساجد أيام الموالد مع ارتفاع أصوات المنشدين مع‬
‫التصفيق القوي من رئيس الذاكرين‪ ،‬وكل ذلك غير مشروع بإجماع‬
‫علماء أهل الحق)‪.(2‬‬
‫‪ -3‬يحصل عمل قبيح في الحتفال بمولد النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪ ،‬وذلك يكون بقيام البعض عند ذكر ولدته صّلى الله عليه‬
‫وسّلم إكراما ً له وتعظيمًا‪ ،‬لعتقادهم أن رسول الله صّلى الله عليه‬
‫وسّلم يحضر المولد في مجلس احتفالهم؛ ولهذا يقومون له محيين‬
‫ومرحبين‪ ،‬فإن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم ل يخرج من قبره‬
‫قبل يوم القيامة‪ ،‬ول يتصل بأحد من الناس‪ ،‬ول يحضر اجتماعهم‪ ،‬بل‬
‫هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة‪ ،‬وروحه في أعل عليين عند ربه‬
‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫م إ ِن ّك ُ ْ‬
‫في دار الكرامة ‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪} :‬ث ُ ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫ك‬ ‫م بَ ْ‬
‫ن{ ]المؤمنون‪ ،[16-15 :‬وقال‬ ‫عُثو َ‬
‫ة ت ُب ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫و َ‬
‫م يَ ْ‬‫م إ ِن ّك ُ ْ‬
‫ن‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫لَ َ‬
‫مي ُّتو َ‬
‫عليه الصلة والسلم‪” :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة‪ ،‬وأول‬
‫من ينشق عنه القبر‪ ،‬وأول شافع وأول مشفع“)‪ ،(4‬فهذه‬
‫الية‪ ،‬والحديث الشريف وما جاء في هذا المعنى من اليات‬
‫والحاديث كلها تدل على أن النبي صّلى الله عليه وسّلم وغيره من‬
‫الموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة‪ .‬قال سماحة العلمة‬
‫عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله‪" :‬وهذا أمر مجمع عليه‬
‫بين علماء المسلمين‪ ،‬ليس فيه نزاع بينهم")‪.(5‬‬
‫م‪،4/171 {...‬‬ ‫مْري َ َ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬
‫ب َ‬ ‫واذْك ُْر ِ‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب النبياء‪ ،‬باب قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫‪()1‬‬

‫برقم ‪.3445‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬البداع في مضار البتداع‪ ،‬للشيخ علي محفوظ‪ ،‬ص ‪.257-251‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬التحذير من البدع‪ ،‬لسماحة العلمة المام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز‪ ،‬ص‬
‫‪.13‬‬
‫‪ ()4‬مسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب تفضيل نبينا محمد صّلى الله عليه وسّلم على جميع‬
‫الخلئق‪ ،4/1782 ،‬برقم ‪.2278‬‬
‫‪ ()5‬التحذير من البدع‪ ،‬ص ‪ ،14‬وص ‪ ،14-7‬وانظر‪ :‬البداع في مضار البتداع للشيخ علي‬
‫محفوظ ص ‪ ،258-250‬والتبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر بن عبد الرحمن‬
‫الجديع‪ ،‬ص ‪ ،373-358‬وتنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار‪،‬‬
‫ص ‪.250-228‬‬

‫‪37‬‬
‫ثانيًا‪ :‬بدعة الحتفال بأول ليلة جمعة من شهر رجب‪:‬‬
‫الحتفال بأول ليلة جمعة من شهر رجب بدعة منكرة‪ ،‬فقد ذكر‬
‫المام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله‪ :‬أنه أخبره أبو محمد المقدسي‬
‫فقال‪" :‬وأما صلة رجب فلم تحدث عندنا في بيت المقدس إل بعد‬
‫سنة ثمانين وأربعمائة ]‪480‬هـ[ وما كنا رأيناها ول سمعنا بها قبل‬
‫ذلك")‪ ،(1‬وقال المام أبو شامة رحمه الله‪" :‬وأما صلة الرغائب‬
‫فالمشهور بين الناس اليوم أنها هي التي تصلى بين العشائين ليلة‬
‫أول جمعة من شهر رجب")‪ ،(2‬وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله‪:‬‬
‫"فأما الصلة فلم يصح في شهر رجب صلة مخصوصة‪ ،‬تختص به‪،‬‬
‫والحاديث المروية في صلة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر‬
‫)‪(3‬‬
‫ب وباطل ل تصح‪ ،‬وهذه الصلة بدعة عند جمهور العلماء" ‪،‬‬ ‫رجب كذ ٌ‬
‫وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله‪" :‬لم يرد في فضل شهر رجب‪ ،‬ول‬
‫معين‪ ،‬ول في قيام ليلة‬‫ّ‬ ‫في صيامه‪ ،‬ول في صيام شيء منه‬
‫)‪(4‬‬
‫بين رحمه الله أن‬ ‫مخصوصة فيه‪ ،‬حديث صحيح يصلح للحجة" ‪ ،‬ثم ّ‬
‫الحاديث الواردة في فضل رجب أو فضل صيامه أو صيام شيء منه‬
‫على قسمين‪ :‬ضعيفة‪ ،‬وموضوعة)‪ ،(5‬ثم ذكر حديث صلة الرغائب‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬أنه يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي بين العشائين ليلة‬
‫الجمعة اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة‪،‬‬
‫و الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫ر{ ثلث مرات‪ ،‬و} ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل ُ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫قد ْ ِ‬ ‫و}إ ِّنا َأنَزل َْناهُ ِ‬
‫في ل َي ْل َ ِ‬
‫د{ اثنتي عشرة مرة‪ ،‬يفصل بين كل ركعتين بتسليمة‪ ،‬ثم ذكر‬ ‫َ‬
‫ح ٌ‬‫أ َ‬
‫كلما ً طويل ً في صفة التسبيح والستغفار‪ ،‬والسجود‪ ،‬والصلة على‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬ثم بيّن بأن هذا الحديث موضوع مكذوب‬
‫وبين أن من يصلّيها يحتاج‬ ‫على رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ّ ،‬‬
‫إلى أن يصوم‪ ،‬وربما كان النهار شديد الحر‪ ،‬فإذا صام لم يتمكن من‬
‫الكل حتى يصلي المغرب‪ ،‬ثم يقف في صلته‪ ،‬ويقع في ذلك التسبيح‬
‫الطويل‪ ،‬والسجود الطويل‪ ،‬فيتأذى غاية الذى‪ ،‬وقال‪" :‬وإني لغار‬
‫لرمضان ولصلة التراويح كيف زوحم بهذه‪ ،‬بل هذه عند العوام أعظم‬
‫وأجل؛ فإنه يحضرها من ل يحضر الجماعات")‪ ،(6‬وقال المام ابن‬
‫الصلح رحمه الله‪ ،‬في صلة الرغائب‪" :‬حديثها موضوع على رسول‬
‫الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وهي بدعة حدثت بعد أربعمائة من‬

‫الحوادث والبدع‪ ،‬لبي بكر الطرطوشي‪ ،‬ص ‪ ،267‬برقم ‪.238‬‬ ‫‪()1‬‬

‫كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬للمام أبي شامة‪ ،‬ص ‪.138‬‬ ‫‪()2‬‬

‫لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف‪ ،‬ص ‪.228‬‬ ‫‪()3‬‬

‫تبيين العجب بما ورد في شهر رجب‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪()4‬‬

‫انظر‪ :‬تبيين العجب بما ورد في شهر رجب‪ ،‬ص ‪.23‬‬ ‫‪()5‬‬

‫انظر‪ :‬تبيين العجب بما ورد في شهر رجب‪ ،‬ص ‪.54‬‬ ‫‪()6‬‬

‫‪38‬‬
‫الهجرة")‪ ،(1‬وأفتى المام العز بن عبد السلم سنة سبع وثلثين‬
‫وستمائة ]‪637‬هـ[ أن صلة الرغائب بدعة منكرة‪ ،‬وأن حديثها كذب‬
‫على رسول الله صّلى الله عليه وسّلم")‪.(2‬‬
‫وأختم كلم الئمة بتلخيص لكلم المام أبي شامة في بطلن صلة‬
‫الرغائب ومفاسدها‪ ،‬فقد بيّن رحمه الله ذلك على النحو التي‪:‬‬
‫‪ -1‬مما يدل على ابتداع هذه الصلة أن العلماء الذين هم أعلم‬
‫الدين وأئمة المسلمين‪ :‬من الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬وتابعي التابعين‪،‬‬
‫وغيرهم ممّن دوّن الكتب في الشريعة مع شدة حرصهم على تعليم‬
‫الناس الفرائض والسنن لم ينقل عن واحد منهم أنه ذكر هذه الصلة‪،‬‬
‫ول دوّنها في كتابه‪ ،‬ول تعرض لها في مجلسه‪ ،‬والعادة تحيل أن تكون‬
‫هذه سنة وتغيب عن هؤلء العلم‪.‬‬
‫وجوه ثلثة‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫‪ -2‬هذه الصلة مخالفة للشرع من‬
‫الوجه الول‪ :‬مخالفة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال‪” :‬ل تخصوا ليلة الجمعة‬
‫بقيام من بين الليالي‪ ،‬ول تخصوا يوم الجمعة بصيام من‬
‫بين اليام‪ ،‬إل أن يكون في صوم يصومه أحدكم“)‪ ،(3‬فل‬
‫يجوز أن تخص ليلة الجمعة بصلة زائدة على سائر الليالي لهذا‬
‫الحديث)‪ ،(4‬وهذا يعم أول ليلة جمعة من رجب وغيرها‪.‬‬
‫ب فيهما‬ ‫الوجه الثاني‪ :‬صلة رجب وشعبان صلتا بدعة قد كُذِ َ‬
‫على رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬بوضع ما ليس من حديثه‪،‬‬
‫ب على الله بالتقدير عليه في جزاء العمال ما لم يُن َّزل به‬ ‫وكذِ َ‬
‫ُ‬
‫سلطانًا‪ ،‬فمن الغيرة لله ولرسوله صّلى الله عليه وسّلم تعطيل ما‬
‫ب فيه على الله ورسوله صّلى الله عليه وسّلم وهجره‬ ‫ُكذِ َ‬
‫واستقباحه‪ ،‬وتنفير الناس عنه؛ فإنه يلزم من الموافقة على ذلك‬
‫مفاسد هي‪:‬‬
‫المفسدة الولى‪ :‬اعتماد العوام على ما جاء في فضلها‬
‫وتكفيرها فيحمل كثيرا ً منهم على أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬التفريط في الفرائض‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬النهماك في المعاصي‪ ،‬وينتظرون مجيء هذه الليلة‬
‫ويصلون هذه الصلة فيرون ما فعلوه مجزئا ً عما تركوه وماحيا ً ما‬
‫ارتكبوه‪ ،‬فعاد ما ظنه واضع الحديث في صلة الرغائب حامل ً على‬
‫مزيد الطاعات‪ :‬مكثرا ً من مزيد ارتكاب المعاصي والمنكرات ‪.‬‬
‫‪ ()1‬كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬للمام أبي شامة‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ ()2‬كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬للمام أبي شامة‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ ()3‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬باب صوم يوم الجمعة‪ ،2/303 ،‬برقم ‪،1985‬‬
‫ومسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬باب كراهة صوم يوم الجمعة منفردًا‪ ،2/801 ،‬برقم ‪.1144‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬كتاب الباعث على إنكار البدع‪ ،‬لبي شامة‪ ،‬ص ‪.156‬‬

‫‪39‬‬
‫المفسدة الثانية‪ :‬إن فعل البدع مما يغري المبتدعين في إضلل‬
‫الناس إذا رأوا رواج ما وضعوه وانهماك الناس عليه‪ ،‬فينقلونهم من‬
‫بدعة إلى بدعة‪ ،‬أما ترك البدع ففيه زجر للمبتدعين والواضعين عن‬
‫وضع البدع‪.‬‬
‫المفسدة الثالثة‪ :‬إن الرجل العالم إذا فعل هذه البدعة كان‬
‫موهما ً للعامة أنها من السنن فيكون كاذبا ً على رسول الله صّلى الله‬
‫عليه وسّلم بلسان الحال‪ ،‬ولسان الحال قد يقوم مقام لسان المقال‪،‬‬
‫وأكثر ما ُأوتي الناس في البدع بهذا السبب‪.‬‬
‫المفسدة الرابعة‪ :‬إن العالم إذا صلى هذه الصلة المبتدعة كان‬
‫متسببا ً إلى أن تكذب العامة على رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪،‬‬
‫فيقولون هذه سنة من السنن‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬إن هذه الصلة البدعية مشتملة على مخالفة‬
‫سنن الشرع في الصلة لمور‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المر الول‪ :‬مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫الصلة بسبب عدد السجدات‪ ،‬وعدد التسبيحات‪ ،‬وعدد قراءة‬
‫سورتي‪" :‬القدر" و"الخلص" في كل ركعة‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬مخالفة لسنة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في‬
‫الصلة‪ ،‬وتفريغه لله‪ ،‬والوقوف على معاني القرآن‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬مخالفة لسنة النوافل في البيوت‪ ،‬لن فعلها في‬
‫البيوت أولى من فعلها في المساجد‪ ،‬وفعلها على النفراد‪ ،‬إل صلة‬
‫التراويح في رمضان‪.‬‬
‫المر الرابع‪ :‬إن من كمال هذه الصلة البدعية عند واضعيها‬
‫صيام يوم الخميس ذلك اليوم‪ ،‬فيلزم بذلك تعطيل سنتين‪ :‬سنة‬
‫الفطار‪ ،‬وسنة تفريغ القلب من ألم الجوع والعطش‪.‬‬
‫المر الخامس‪ :‬إن سجدتي هذه الصلة بعد الفراغ منها سجدتان‬
‫ل سبب لهما)‪.(1‬‬
‫وكل ما تقدم من الدلة‪ ،‬وأقوال الئمة‪ ،‬وأوجه البطلن‪ ،‬وأقسام‬
‫المفاسد يبين للعاقل أن صلة الرغائب بدعة منكرة قبيحة‪ ،‬محدثة‬
‫في السلم‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬بدعة الحتفال بليلة السراء والمعراج‪:‬‬


‫ليلة السراء والمعراج من آيات الله عز وجل العظيمة الدالة على‬
‫صدق النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وعظم منزلته عند الله‪ ،‬وعلى‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬لبي شامة‪ ،‬ص ‪ ،196-153‬وهذه‬
‫المفاسد‪ ،‬وأوجه البطلن تشمل صلة الرغائب في أول جمعة من رجب‪ ،‬وليلة النصف‬
‫من شعبان‪ ،‬كما صرح بذلك أبو شامة في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬ص‬
‫‪.174‬‬

‫‪40‬‬
‫علوه عز وجل على جميع خلقه‪ ،‬قال‬ ‫ّ‬ ‫عظم قدرة الله الباهرة‪ ،‬وعلى‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ج ِ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ه لي ْل ً ّ‬
‫م َ‬ ‫د ِ‬
‫عب ْ ِ‬
‫سَرى ب ِ َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫عز وجل‪ُ } :‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ري َ ُ‬
‫ه ل ِن ُ ِ‬‫ول ُ‬ ‫ح ْ‬‫ذي َباَرك َْنا َ‬ ‫صى ال ِ‬ ‫ق َ‬ ‫د ال ْ‬ ‫سج ِ‬ ‫م ْ‬‫حَرام ِ إ َِلى ال َ‬
‫ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫صير{ ]السراء‪.[1 :‬‬ ‫ع الب َ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬
‫ه ُ‬
‫آَيات َِنا إ ِن ّ ُ‬
‫ّ‬
‫وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أنه عرج به إلى‬ ‫ّ‬
‫السماء‪ ،‬وفتحت له أبوابها‪ ،‬حتى جاوز السماء السابعة‪ ،‬فكلمه ربه‬
‫عز وجل كما أراد سبحانه وتعالى‪ ،‬وفرض عليه الصلوات الخمس‪،‬‬
‫وكان الله عز وجل فرضها خمسين صلة‪ ،‬فلم يزل نبينا محمد صّلى‬
‫الله عليه وسّلم يراجع ربه ويسأله التخفيف حتى جعلها خمسا ً في‬
‫الفرض وخمسين صلة في الجر؛ لن الحسنة بعشرة أمثالها‪ ،‬فلله‬
‫الحمد والشكر على جميع نعمه التي ل تعد ول تحصى)‪.(1‬‬
‫وهذه الليلة التي حصل فيها السراء ل يحتفل بها ول تخص بشيء‬
‫من أنواع العبادة التي لم تشرع‪ ،‬لمور منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬هذه الليلة التي حصل فيها السراء والمعراج لم يأتِ خبر‬ ‫أو ً‬
‫صحيح في تحديدها ول تعيينها ل في رجب ول في غيره‪ ،‬فقيل‪ :‬إنها‬
‫كانت بعد مبعثه صّلى الله عليه وسّلم بخمسة عشر شهرًا‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ليلة سبع وعشرين من ربيع الخر‪ ،‬قبل الهجرة بسنة‪ ،‬وقيل‪ :‬كان‬
‫ذلك بعد مبعثه بخمس سنين)‪ (2‬وقيل‪ :‬ليلة سبعة وعشرين من شهر‬
‫ربيع الول)‪ ،(3‬وقال المام أبو شامة رحمه الله‪" :‬وذكر عن بعض‬
‫القصاص أن السراء كان في رجب‪ ،‬وذلك عند أهل التعديل والتخريج‬
‫عين الكذب")‪ ،(4‬وذكر المام ابن القيم رحمه الله أن ليلة السراء ل‬
‫يعرف أي ليلة كانت)‪.(5‬‬
‫قال العلمة عبد العزيز ابن باز رحمه الله‪" :‬وهذه الليلة التي‬
‫حصل فيها السراء والمعراج لم يأت في الحاديث الصحيحة تعيينها ل‬
‫في رجب ول في غيره‪ ،‬وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم عند أهل العلم بالحديث ولله الحكمة‬
‫البالغة في إنساء الناس لها")‪ ،(6‬ولو ثبت تعيينها لم يجز أن تخص‬
‫بشي من أنواع العبادة بدون دليل)‪.(7‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬التحذير من البدع‪ ،‬للعلمة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.268-2/267 ،‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬كتاب الحوادث والبدع‪ ،‬لبي شامة‪ ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ ()4‬كتاب الحوادث والبدع‪ ،‬لبي شامة‪ ،‬ص ‪ ،232‬وانظر‪ :‬تبيين العجب بما ورد في شهر‬
‫رجب‪ ،‬لبن حجر‪ ،‬ص ‪.65 ،64 ،52 ،19 ،9‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬لبن القيم‪.1/58 ،‬‬
‫‪ ()6‬التحذير من البدع‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ ()7‬التحذير من البدع‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪41‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ل يعرف عن أحد من المسلمين‪ :‬أهل العلم واليمان أنه‬
‫جعل ليلة السراء فضيلة عن غيرها؛ ولن النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم وأصحابه‪ ،‬والتابعين وأتباعهم بإحسان لم يحتفلوا بها ولم‬
‫يخصوها بشيء من العبادة‪ ،‬ولم يذكروها‪ ،‬ولو كان الحتفال بها أمرا ً‬
‫مشروعًا؛ لبي ّنه رسول الله صّلى الله عليه وسّلم للمة‪ :‬إما بالقول‬
‫وإما بالفعل‪ ،‬ولو وقع أمر من ذلك؛ لعرف واشتهر‪ ،‬ونقله الصحابة‬
‫رضي الله عنهم إلينا)‪.(1‬‬
‫ثالثًا‪ :‬قد أكمل الله لهذه المة دينها‪ ،‬وأتم النعمة‪ ،‬قال الله عز‬
‫وجل‪} :‬ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫مِتي‬ ‫ع َ‬‫م نِ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َ‬ ‫م ُ‬‫م ْ‬ ‫وأ ت ْ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م ِديًنا{ ]المائدة‪ ،[3 :‬وقال سبحانه وتعالى‪:‬‬ ‫سل َ‬‫َ‬ ‫م ال ِ ْ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫م ي َأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شَركاءُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه الل ُ‬ ‫ذن ب ِ ِ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ن َ‬‫دي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عوا ل ُ‬‫شَر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل ُ‬ ‫}أ ْ‬
‫ب‬
‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫نل ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫ن الظال ِ ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ي ب َي ْن َ ُ‬‫ض َ‬ ‫ُ‬
‫ل لق ِ‬‫َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫ة الف ْ‬‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫ول كل ِ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫م{ ]الشورى‪.[21 :‬‬ ‫َ‬
‫أِلي ٌ‬
‫رابعًا‪ :‬حذر النبي صّلى الله عليه وسّلم من البدع‪ ،‬وصرح بأن كل‬
‫بدعة ضللة‪ ،‬وأنها مردودة على صحابها‪ ،‬ففي الصحيحين عن عائشة‬
‫رضي الله عنها عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال‪” :‬من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد“)‪ ،(2‬وفي رواية‬
‫لمسلم‪” :‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو رد“)‪ ،(3‬وحذر‬
‫السلف الصالح من البدع؛ لنها زيادة في الدين وشرعٌ لم يأذن به‬
‫الله‪ ،‬ورسوله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وتشبه بأعداء الله‪ :‬من اليهود‬
‫والنصارى في زياداتهم في دينهم)‪.(4‬‬

‫رابعًا‪ :‬الحتفال بليلة النصف من شعبان‪:‬‬


‫أخرج المام محمد بن وضاح القرطبي بإسناده عن عبد الرحمن‬
‫بن زيد بن أسلم أنه قال‪ :‬لم أدرك أحدا ً من مشيختنا‪ ،‬ول فقهائنا‬

‫انظر‪ :‬زاد المعاد لبن القيم‪ ،1/58 ،‬والتحذير من البدع‪ ،‬للعلمة ابن باز‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪()1‬‬

‫البخاري ‪ ،3/222‬برقم ‪ ،2697‬ومسلم‪ ،3/344 ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم ص ‪.33‬‬ ‫‪()2‬‬

‫مسلم‪ ،3/344 ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم تخريجه‪.‬‬ ‫‪()3‬‬

‫انظر‪ :‬التحذير من البدع‪ ،‬لبن باز‪ ،‬ص ‪.19‬‬ ‫‪()4‬‬

‫‪42‬‬
‫يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان‪ ،‬ولم ندرك أحدا ً منهم يذكر‬
‫حديث مكحول)‪ (1‬ول يرى لها فضل ً على ما سواها من الليللي")‪.(2‬‬
‫وقال المام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله‪" :‬وأخبرني أبو محمد‬
‫المقدسي‪ ،‬قال‪" :‬لم تكن عندنا ببيت المقدس قط صلة الرغائب‬
‫هذه التي تصلى في رجب وشعبان‪ ،‬وأول ما حدثت عندنا في سنة‬
‫م علينا في بيت المقدس رجل‬ ‫ثمان وأربعين وأربعمائة ]‪448‬هـ[‪ ،‬قَدِ َ‬
‫من أهل نابلس يعرف بابن أبي الحمراء‪ ،‬وكان حسن التلوة فقام‬
‫فصلى في المسجد القصى ليلة النصف من شعبان فأحرم خلفه‬
‫رجل ثم انضاف إليهم ثالث‪ ،‬ورابع‪ ،‬فما ختمها إل وهم في جماعة‬
‫كبيرة‪ ،‬ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير‪ ،‬ثم جاء من‬
‫العام القابل فصلى معه خلق كثير‪ ،‬وشاعت في المسجد‪ ،‬وانتشرت‬
‫الصلة في المسجد القصى وبيوت الناس‪ ،‬ومنازلهم ثم استقرت‬
‫كأنها سنة إلى يومنا هذا")‪.(3‬‬
‫وأخرج المام ابن وضاح بسنده أن ابن أبي ملكية قيل له إن زيادا ً‬
‫النميري يقول إن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر‬
‫فقال ابن أبي ملكية‪ :‬لو سمعته منه وبيدي عصا ً لضربته بها‪ ،‬وكان‬
‫زياد قاضيًا")‪.(4‬‬
‫ُ‬
‫وقال المام أبو شامة الشافعي رحمه الله‪" :‬وأما اللفية فصلة‬
‫و‬‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫النصف من شعبان سميت بذلك لنها يقرأ فيها ألف مرة } ُ‬
‫ق ْ‬
‫د{ لنها مائة ركعة‪ ,‬في كل ركعة يقرأ الفاتحة مرة‪ ,‬وسورة‬ ‫الل ّ َ‬
‫ح ٌ‬
‫هأ َ‬‫ُ‬
‫يأت فيها خبر‪,‬‬
‫ِ‬ ‫الخلص عشر مرات‪ .‬وهي صلة طويلة مستثقلة لم‬
‫ول أثر‪ ,‬إل ضعيف أو موضوع‪ ,‬وللعلوم بها افتتان عظيم‪ ,‬والتزم‬

‫‪ ()1‬يعني بحديث مكحول ما أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم ‪ ،512‬وابن حبان‬
‫برقم ‪ ،[12/481 ] 5665‬والطبراني في الكبير ‪ ،20/109‬برقم ‪ ،215‬وأبو نعيم في‬
‫الحلية‪ ،5/191 ،‬والبيهقي في شعب اليمان‪ 5/272 ،‬برقم ‪ ،6628‬عن معاذ بن جبل‬
‫رضي الله عنه يرفعه‪" :‬يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع‬
‫خلقه إل لمشركٍ أو مشاحن"‪ ،‬قال اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة‪ :‬حديث‬
‫صحيح روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضًا‪ ،‬وهم‪ :‬معاذ بن‬
‫جبل‪ ،‬وأبو ثعلبة الخشني‪ ،‬وعبد الله بن عمرو‪ ،‬وأبي موسى الشعري‪ ،‬وأبي هريرة‪،‬‬
‫وأبي بكر الصديق‪ ،‬وعوف بن مالك‪ ،‬وعائشة رضي الله عنهم‪ ،‬ثم خرج هذه الطرق‬
‫الثمانية‪ ،‬وتكلم على رجالها في أربع صفحات‪ .‬قلت‪ :‬فإن صح هذا الحديث في فضل ليلة‬
‫النصف من شعبان كما يقول اللباني حفظه الله فليس فيه ما يدل على تخصيص ليلتها‬
‫بقيام ول يومها بصيام‪ ،‬إل ما كان يعتاده المسلم من العبادات المشروعة في أيام‬
‫السَنة‪ ،‬لن العبادات توقيفية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ()2‬كتاب فيه ما جاء في البدع‪ ،‬للمام ابن وضاح‪ ،‬المتوفى سنة ‪287‬هـ ص ‪ ،100‬برقم‬
‫‪.119‬‬
‫‪ ()3‬كتاب الحوادث والبدع‪ ،‬للطرطوشي‪ ،‬المتوفى سنة ‪474‬هـ‪ ،‬ص ‪ ،266‬برقم ‪.238‬‬
‫‪ ()4‬كتاب فيه ما جاء في البدع‪ ،‬لبن وضاح‪ ،‬ص ‪ ،101‬برقم ‪ ،120‬ورواه الطرطوشي في‬
‫كتاب الحوادث والبدع عن ابن وضاح‪ ،‬ص ‪ ،263‬برقم ‪.235‬‬

‫‪43‬‬
‫بسببها كثرة الوقيد في جميع مساجد البلد‪ ,‬التي تصلّى فيها ويستمر‬
‫ذلك الليل كله‪ ,‬ويجري فيه الفسوق والعصيان‪ ,‬واختلط الرجال‬
‫بالنساء‪ ,‬ومن الفتن المختلفة ما شهرته تُغني عن وصفه‪ ,‬وللمتعبدين‬
‫وزين لهم الشيطان جَعَْلها من أصل‬‫ّ‬ ‫من العوامّ فيها اعتقاد متين‪,‬‬
‫شعائر المسلمين")‪.(1‬‬
‫وقال الحافظ بن رجب رحمه الله بعد كلم نفيس‪" :‬وليلة النصف‬
‫من شعبان كان التابعون من أهل الشام‪ :‬كخالد بن معدان‪ ,‬ومكحول‪,‬‬
‫ولقمان ابن عامر‪ ,‬وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها العبادة‪ ,‬وعنهم‬
‫آثار‬
‫ٌ‬ ‫أخذ الناس فضلها وتعظيمها‪ ,‬وقد قيل‪ :‬إنه بلغهم في ذلك‬
‫إسرائيلية‪ ,‬فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف تعظيمها‪ ،‬فمنهم‬
‫عباد أهل‬ ‫من قبله منهم ووافقهم على تعظيمها‪ ،‬منهم طائفة من ّ‬
‫البصرة‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫عطاء‪ ،‬وابن أبي مليكه‪ ،‬ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن‬
‫فقهاء أهل المدينة‪ ،‬وهو قول أصحاب مالك وغيرهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬ذلك كله‬
‫بدعة‪ ،‬واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين‪:‬‬
‫إحدهما‪ :‬أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد‪ ،‬كان خالد بن‬
‫معدان‪ ،‬ولقمان بن عامر‪ ،‬وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم‪،‬‬
‫ويتبخرون‪ ،‬ويكتحلون‪ ،‬ويقومون في المسجد ليلتهم تلك‪ ،‬ووافقهم‬
‫إسحاق بن راهويه على ذلك‪ ،‬وقال في قيامها في المساجد ليس‬
‫ذلك ببدعة‪ ،‬نقله عنه حرب الكرماني في مسائله‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه يكره الجتماع فيها في المساجد للصلة والقصص‪،‬‬
‫والدعاء‪ ،‬ول يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه‪ ،‬وهذا قول‬
‫الوزاعي‪ ،‬إمام أهل الشام‪ ،‬وفقيههم‪ ،‬وعالمهم‪ ،‬وهذا القرب إن شاء‬
‫الله تعالى‪ ،"...‬ثم قال‪" :‬ول يعرف للمام أحمد كلمٌ في ليلة نصف‬
‫شعبان‪ ،‬ويخرّج في استحباب قيامها عنه روايتان‪ ،‬من الروايتين عنه‬
‫في قيام ليلة العيد؛ فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة؛ لنه لم‬
‫ُينقل عن النبي صّلى الله عليه وسّلم وأصحابه‪ ،‬واستحبها في رواية؛‬
‫لفعل عبد الرحمن بن زيد بن السود لذلك‪ ،‬وهو من التابعين‪ ،‬فكذلك‬
‫قيام ليلة النصف من شعبان‪ ،‬لم يثبت فيها شيء عن النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬ول عن أصحابه‪ ،‬وثبت فيها عن طائفة من التابعين من‬
‫أعيان فقهاء أهل الشام")‪.(2‬‬
‫قال المام العلمة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله‪:‬‬
‫"وأما ما اختاره الوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للفراد‪،‬‬

‫‪ ()1‬كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث‪ ،‬لعبد الرحمن بن إسماعيل‪ ،‬المعروف بأبي‬
‫شامة‪ ،‬المتوفى سنة ‪665‬هـ‪ ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪ ()2‬لطائف المعارف‪ ،‬لبن رجب‪ ،‬ص ‪.263‬‬

‫‪44‬‬
‫واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول فهو غريب وضعيف؛ لن كل‬
‫شيء لم يثبت بالدلة الشرعية كونه مشروعا ً لم يجزْ للمسلم أن‬
‫يحدثه في دين الله‪ ،‬سواء فعله مفردا ً أو جماعة‪ ،‬وسواء أسره أو‬
‫أعلنه‪ ،‬لعموم قول النبي صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬من عمل عمل ً‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد“)‪ ،(1‬وغيره من الدلة الدالة على إنكار‬
‫البدع والتحذير منها")‪ ،(2‬فمما تقدم من كلم المام ابن وضاح‪،‬‬
‫والمام الطرطوشي‪ ،‬والمام عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف‬
‫بأبي شامة‪ ،‬والحافظ ابن رجب رحمهم الله‪ ،‬وإمام هذا الزمان عبد‬
‫العزيز ابن باز حفظه الله‪ ،‬يتضح أن تخصيص ليلة النصف من شعبان‬
‫بصلة أو غيرها من العبادة غير المشروعة بدعة ل أصل له من كتاب‪،‬‬
‫ول سنة‪ ،‬ول عمله أحد من أصحاب النبي صّلى الله عليه وسّلم‪.‬‬

‫خامسًا‪ :‬التبرك‪:‬‬
‫برك‪ :‬هو طلب البركة‪ ،‬والتبرك بالشيء‪ :‬طلب البركة‬ ‫الت ّ‬
‫ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫بواسطته ‪.‬‬
‫ول شك أن الخير والبركة بيد الله عز وجل‪ ،‬وقد اختص الله عز‬
‫وجل بعض خلقه بما شاء من الفضل والبركة‪ ،‬وأصل البركة‪ :‬الثبوت‬
‫واللزوم‪ ،‬وتطلق على النماء والزيادة‪ ،‬والتبريك‪ :‬الدعاء‪ ،‬يقال‪ :‬برّك‬
‫الشيء وبارك فيه أو بارك‬
‫َ‬ ‫عليه‪ :‬أي دعا له بالبركة‪ ،‬ويقال‪ :‬بارك الله‬
‫عليه‪ :‬أي وضع فيه البركة‪ ،‬وتبارك ل يوصف به إل الله تبارك وتعالى‪،‬‬
‫م وهذه صفة ل تنبغي إل الله‬ ‫عظ ُ َ‬
‫فل يقال‪ :‬تبارك فلن؛ لن المعنى َ‬
‫ن‪ :‬هو البركة‪ :‬فالبركة واليُمن لفظان مترادفان‪ ،‬وقد‬ ‫م ُ‬
‫والي ْ‬
‫ُ‬ ‫عز وجل‪،‬‬
‫ظهر من معاني ألفاظ القرآن الكريم أن المقصود بالبركة عدة أمور‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ثبوت الخير ودوامه‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬كثرة الخير وزيادته واستمراره شيئا بعد شيء‪.‬‬
‫‪ -3‬وتبارك ل يوصف بها إل الله‪ ،‬ول تسند إل إليه‪ ،‬وذكر ابن القيم‬
‫رحمه الله أن تباركه سبحانه وتعالى‪ :‬دوام جوده‪ ،‬وكثرة خيره‪،‬‬
‫ومجده وعلوّه‪ ،‬وعظمته وتقدسه‪ ،‬ومجيء الخيرات كلها من عنده‪،‬‬
‫وتبريكه على من شاء من خلقه‪ ،‬وهذا هو المعهود من ألفاظ القرآن‬
‫أنها تكون دالة على جملة معان)‪.(4‬‬

‫‪ ()1‬مسلم‪ ،3/344 ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم تخريجه ص ‪.33‬‬


‫‪ ()2‬التحذير من البدع‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬النهاية في غريب الحديث‪ ،‬لبن الثير‪ ،‬باب الباء مع الراء‪ ،‬مادة "برك"‪،‬‬
‫‪ ،1/120‬والتبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر الجديع‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬جلء الفهام ص ‪ ،180‬وتيسير الكريم الرحمن في تفسيره كلم المنان‪،‬‬
‫للسعدي‪.3/39 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫والمور المباركة أنواع منها‪:‬‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم مبارك‪ :‬أي كثير البركات والخيرات؛ لن فيه خير‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬وطلب البركة من القرآن يكون بتلوته حق تلوته‬
‫والعمل بما فيه على الوجه الذي يرضي الله عز وجل‪.‬‬
‫‪ -2‬الرسول صّلى الله عليه وسّلم مبارك‪ ،‬جعل الله فيه البركة‪،‬‬
‫وهذه البركة نوعان‪:‬‬
‫) أ ( بركة معنوية‪ :‬وهي ما يحصل من بركات رسالته في الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬لن الله أرسله رحمة للعالمين‪ ،‬وأخرج الناس من الظلمات‬
‫إلى النور‪ ,‬وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث‪ ،‬وختم به‬
‫الرسل‪ ،‬ودينه يحمل اليسر والسماحة‪.‬‬
‫حسيّة‪ ،‬وهي على نوعين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫)ب( بركة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النوع الول‪ :‬بركة في أفعاله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهي ما‬
‫أكرمه الله به من المعجزات الباهرة الدالة على صدقه‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬بركة في ذاته وآثاره الحسية‪ :‬وهي ما جعل الله له‬
‫صّلى الله عليه وسّلم من البركة في ذاته؛ ولهذا تبرك به الصحابة‬
‫في حياته‪ ،‬وبما بقي له من آثار جسده بعد وفاته)‪.(1‬‬
‫والتبرك بالنبي صّلى الله عليه وسّلم في حياته ل يقاس عليه أحد‬
‫من خلق الله عز وجل؛ لما جعل الله فيه من البركة‪ ،‬ول شك أن‬
‫النبياء عليهم الصلة والسلم قد جعل الله فيهم البركة‪ ،‬وكذا‬
‫الملئكة‪ ،‬والصالحين‪ ،‬ولكن ل يتبرك بهم لعدم الدليل‪ ،‬وكذلك بعض‬
‫الماكن مباركة‪ :‬كالمساجد الثلثة‪ :‬المسجد الحرام‪ ،‬والمسجد النبوي‪،‬‬
‫والمسجد القصى‪ ،‬ثم سائر المساجد‪ ،‬وقد جعل الله في بعض‬
‫الزمنة بركة‪ :‬كرمضان‪ ،‬وليلة القدر‪ ،‬وعشر ذي الحجة‪ ،‬والشهر‬
‫الحرم‪ ،‬ويوم الثنين والخميس‪ ،‬والجمعة‪ ،‬ووقت النزول اللهي في‬
‫الثلث الخر من الليل‪ ،‬وغير ذلك من الزمنة المباركة‪ ،‬التي ل يتبرك‬
‫بها المسلم وإنما يطلب البركة من الله عز وجل بقيامه بالعمال‬
‫الصالحة المشروعة فيها)‪.(2‬‬
‫‪ -3‬هناك أشياء مباركة‪ :‬كما زمزم‪ ،‬وكالمطر؛ لن من بركاته‪:‬‬
‫شرب الناس منه والنعام والدواب‪ ،‬وإنبات الثمار والشجار وشجرة‬
‫الزيتون مباركة‪ ،‬واللبن مبارك‪ ،‬والخيل مباركة‪ ،‬والغنم مباركة‪،‬‬
‫والنخيل مباركة)‪.(3‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر الجديع‪ ،‬ص ‪.96-21‬‬ ‫‪()1‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر الجديع‪ ،‬ص ‪.182-70‬‬ ‫‪()2‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر الجديع‪ ،‬ص ‪.197-183‬‬ ‫‪()3‬‬

‫‪46‬‬
‫والتبرك المشروع يكون بأمور‪ ،‬منها ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬التبرك بذكر الله وتلوة القرآن الكريم‪ ،‬ويكون ذلك على الوجه‬
‫المشروع‪ ،‬وهو طلب البركة من الله عز وجل بذكر القلب‪ ،‬واللسان‪،‬‬
‫والعمل بالقرآن والسنة على الوجه المشروع؛ لن من بركات ذلك‬
‫اطمئنان القلب‪ ،‬وقوة القلب على الطاعة‪ ،‬والشفاء من الفات‪،‬‬
‫والسعادة في الدنيا والخرة‪ ،‬ومغفرة الذنوب‪ ،‬ونزول السكينة‪ ،‬وأن‬
‫القرآن يكون شفيعا ً لصحابه يوم القيامة‪ ،‬ول يتبرك بالمصحف‬
‫كوضعه في البيت أو في السيارة وإنما التبرك يكون بالتلوة والعمل‬
‫به)‪.(1‬‬
‫‪ -2‬التبرك المشروع بذات النبي صّلى الله عليه وسّلم في حياته؛‬
‫لن النبي صّلى الله عليه وسّلم مبارك في ذاته وما اتصل بذاته؛‬
‫ولهذا تبرك الصحابة رضي الله عنهم بذاته صّلى الله عليه وسّلم‪،‬‬
‫ومن ذلك‪ ،‬ما ثبت عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال‪" :‬خرج رسول‬
‫الله صّلى الله عليه وسّلم بالهاجرة إلى البطحاء‪ ،‬فتوضأ ثم صلى‬
‫الظهر ركعتين‪ ،‬والعصر ركعتين‪ ،‬وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه‬
‫فيمسحون بها وجوههم‪ ،‬قال‪ :‬فأخذت بيده فوضعتها على وجهي‪ ،‬فإذا‬
‫هي أبرد من الثلج‪ ،‬وأطيب رائحة من المسك")‪ ،(2‬وعن أنس رضي‬
‫الله عنه أن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم أتى منى‪ ،‬فأتى الجمرة‬
‫فرماها‪ ،‬ثم أتى منزله بمنى ونحر‪ ،‬ثم قال للحلق‪” :‬خذ“ وأشار إلى‬
‫جانبه اليمن‪ ،‬ثم اليسر‪ ،‬ثم جعل يعطيه الناس"‪ ،‬وفي رواية‪” :‬ثم‬
‫دعا أبا طلحة النصاري فأعطاه إياه‪ ،‬ثم ناوله الشق‬
‫اليسر“)‪ ،(3‬فقال‪” :‬احلق“ فحلقه‪ ،‬فأعطاه أبا طلحة فقال‪:‬‬
‫”أقسمه بين الناس“)‪ ،(4‬وكان الصحابة يتبركون بثياب النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم ومواضع أصابعه‪ ،‬وبماء وضوئه‪ ،‬وبفضل شربه‪،‬‬
‫وهو كثير)‪ ،(5‬ويتبركون بالشياء المنفصلة منه‪ :‬كالشعر‪ ،‬والشياء التي‬
‫استعملها وبقيت بعده‪ :‬كالثياب‪ ،‬والنية‪ ،‬والنعل‪ ،‬وغير ذلك مما اتصل‬
‫بجسده صّلى الله عليه وسّلم)‪.(6‬‬
‫ول يقاس عليه غيره صّلى الله عليه وسّلم؛ فإنه لم يؤثر عنه صّلى‬
‫الله عليه وسّلم أنه أمر بالتبرك بغيره من الصحابة رضي الله عنهم‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر الجديع‪ ،‬ص ‪.241-201‬‬


‫‪ ()2‬البخاري‪ :‬كتاب المناقب‪ ،‬باب صفة النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،4/200 ،‬برقم‬
‫‪.3553‬‬
‫‪ ()3‬أي‪ :‬ناول الحلق‪.‬‬
‫‪ ()4‬مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي‪ ،‬ثم ينحر‪ ،‬ثم يحلق‪،‬‬
‫والبتداء في الحلق بالجانب اليمن من رأس المحلوق‪ ،2/947 ،‬برقم ‪.1305‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬التبرك‪ ،‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.250-248‬‬
‫‪ ()6‬انظر‪ :‬التبرك‪ ،‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.260-252‬‬

‫‪47‬‬
‫أو غيرهم‪ ،‬ولم ينقل أن الصحابة رضي الله عنهم فعلوا ذلك مع غيره‬
‫ل في حياته ول بعد مماته‪ ،‬ولم يفعلوه مع السابقين الولين من‬
‫المهاجرين والنصار‪ ،‬ول مع الخلفاء الراشدين المهديين‪ ،‬ول مع‬
‫العشرة المشهود لهم بالجنة‪ ،‬قال المام الشاطبي رحمه الله‪:‬‬
‫"الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلة والسلم‪ ،‬لم يقع من‬
‫أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه‪ ،‬إذ لم يترك النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم بعده في المة أفضل من أبي بكر الصديق‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬فهو كان خليفته‪ ،‬ولم يفعل به شيء من ذلك‪ ،‬ول‬
‫عمر رضي الله عنه‪ ،‬وهو كان أفضل المة بعده‪ ،‬ثم كذلك عثمان‪ ،‬ثم‬
‫علي‪ ،‬ثم سائر الصحابة الذين ل أحد أفضل منهم في المة‪ ،‬ثم لم‬
‫يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركا ً تبرك به على‬
‫أحد تلك الوجوه أو نحوها")‪ ،(1‬ول شك أن النتفاع بعلم العلماء‪،‬‬
‫والستماع إلى وعظهم‪ ،‬ودعائهم‪ ،‬والحصول على فضل مجال الذكر‬
‫معهم فيها من الخير والبركة والنفع الشيء العظيم‪ ،‬ولكن ل يتبرك‬
‫بذواتهم وإنما يعمل بعلمهم الصحيح‪ ،‬ويقتدى بأهل السنة منهم)‪.(2‬‬
‫‪ -3‬التبرك بشرب ماء زمزم؛ لنه أفضل مياه الرض‪ ،‬ويُشبع من‬
‫شربه ويكفيه عن الطعام‪ ،‬ويُستشفى بشربه مع النية الصالحة من‬
‫السقام؛ لنه لما شرب له؛ قال النبي صّلى الله عليه وسّلم في ماء‬
‫زمزم‪” :‬إنها مباركة‪ ،‬إنها طعام طعم ]وشفاء سقيم[“)‪،(3‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه يرفعه‪” :‬ماء زمزم لما شرب له“)‪،(4‬‬
‫ويذكر أن النبي صّلى الله عليه وسّلم "كان يحمل ماء زمزم في‬
‫الداوي والقرب‪ ،‬فكان يصب على المرضى ويسقيهم")‪.(5‬‬
‫‪ -4‬التبرك بماء المطر‪ ،‬ل شك أن المطر مبارك لما جعل الله فيه‬
‫من البركة‪ :‬من شرب الناس منه‪ ،‬والنعام‪ ،‬والدواب‪ ،‬وإنبات‬
‫ّ‬
‫الشجار‪ ،‬والثمار‪ ،‬وأحيى به الله كل شيء‪ ،‬وقد ثبت عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسّلم من حديث أنس رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬أصابنا ونحن‬

‫‪ ()1‬العتصام للشاطبي‪ ،9 ،2/8 ،‬ونظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص‬
‫‪.269-261‬‬
‫‪ ()2‬انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.278-269‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه‪،‬‬
‫‪ ،4/1922‬برقم ‪ ،2473‬وما بين المعكوفين عند البزار‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬والطبراني‪ ،‬قال‬
‫الهيثمي في مجمع الزوائد‪" :‬رجاله ثقات"‪.3/286 ،‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬كتاب المناسك‪ ،‬باب الشرب من زمزم‪ ،2/1018 ،‬برقم ‪،3062‬‬
‫وصححه اللباني في صحيح سنن ابن ماجه‪ ،2/183 ،‬وإرواء الغليل‪.4/320 ،‬‬
‫‪ ()5‬الترمذي بنحوه‪ ،‬عن عائشة رضي الله عنها‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب‪ :‬حدثنا أبو كريب‪،‬‬
‫‪ ،3/286‬برقم ‪ ،963‬والبيهقي‪ ،5/202 ،‬وصححه اللباني في صحيح سنن الترمذي‪،‬‬
‫‪ ،1/284‬والحاديث الصحيحة‪.2/572 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫مع رسول الله صّلى الله عليه وسّلم مطر‪ .‬قال‪ :‬فحسر)‪ (1‬رسول‬
‫الله صّلى الله عليه وسّلم ثوبه حتى أصابه من المطر‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الله لم صنعت هذا؟ قال‪” :‬لنه حديث عهد بربه“)‪ ،(2‬قال‬
‫المام النووي رحمه الله‪" :‬ومعنى حديث عهد بربه‪ :‬أي بتكوين ربه‬
‫إياه‪ ،‬ومعناه أن المطر رحمة وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها‪،‬‬
‫فيتبرك بها")‪.(3‬‬

‫والتبرك الممنوع منه ما يأتي‪:‬‬


‫‪ -1‬التبرك بالنبي صّلى الله عليه وسّلم بعد وفاته ممنوع إل في‬
‫أمرين‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬اليمان به وطاعته وإتباعه‪ ،‬فمن فعل ذلك حصل له‬
‫الخير الكثير والجر العظيم والسعادة في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫المر الثاني‪ :‬التبرك بما بقي من أشياء منفصلة عنه صلى الله‬
‫عليه وسّلم‪ :‬كثيابه‪ ،‬أو شعره‪ ،‬أو آنيته‪ ،‬وقد تقدم بيان ذلك‪.‬‬
‫وما عدا ذلك من التبرك فل يشرع‪ ،‬فل يترك بقبره‪ ،‬ول تشد‬
‫الرحال لزيارة قبره‪ ،‬وإنما تشد الرحال لزيارة أحد المساجد الثلثة‪:‬‬
‫المسجد الحرام‪ ،‬والمسجد القصى‪ ،‬والمسجد النبوي‪ ،‬وإنما تستحب‬
‫الزيارة لقبره لمن كان في المدينة‪ ،‬أو زار المسجد ثم زار قبره‪،‬‬
‫وصفة الزيارة‪ :‬إذا دخل المسجد صلى تحية المسجد‪ ،‬ثم يذهب إلى‬
‫القبر ويقف بأدب مستقبل ً الحجرة فيقول بأدب وخفض صوت‪:‬‬
‫"السلم عليك يا رسول الله" وكان ابن عمر رضي الله عنهما ل يزيد‬
‫على ذلك‪ ،‬وإن زاد "السلم عليك يا رسول الله‪ ،‬يا خيرة الله من‬
‫خلقه‪ ،‬أشهد أنك رسول الله حقًا‪ ،‬وأنك قد بلغت الرسالة‪ ،‬وأديت‬
‫المانة‪ ،‬وجاهدت في الله حق جهاده‪ ،‬ونصحت المة" فل بأس بذلك‬
‫لن ذلك من صفاته)‪ ،(4‬ول يدعو عند القبر؛ لظنه أن الداء عنده‬
‫مستجاب‪ ،‬ول يطلب منه الشفاعة‪ ،‬ول يتمسح بالقبر ول يقبله ول‬
‫شيء من جدرانه‪ ،‬ول يتبرك بالمواضع التي جلس فيها أو صلى فيها‪،‬‬
‫ول بالطرق التي سار عليها‪ ،‬ول بالمكان الذي أنزل عليه فيه الوحي‪،‬‬
‫ول بمكان ولدته‪ ،‬ول بليلة موله‪ ،‬ول بالليلة التي أسري به فيها‪ ،‬ول‬
‫بذكرى الهجرة‪ ،‬ول غير ذلك مما لم يشرعه الله ول رسوله صّلى الله‬
‫عليه وسّلم)‪.(5‬‬

‫‪ ()1‬أي‪ :‬كشف بعض بدنه‪ .‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.6/448 ،‬‬
‫‪ ()2‬أخرج مسلم‪ ،‬كتاب صلة الستسقاء‪ ،‬باب الدعاء في الستسقاء‪ ،2/615 ،‬برقم‬
‫‪.898‬‬
‫‪ ()3‬شرح النووي على صحيح مسلم‪.6/448 ،‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز في الحج والعمرة‪.5/289 ،‬‬
‫‪ ()5‬انظر‪ :‬التبر‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.380-315‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ -2‬من التبرك الممنوع‪ :‬التبرك بالصالحين‪ ،‬فل يتبرك بذواتهم‪ ،‬ول‬
‫آثارهم‪ ،‬ول مواضع عباداتهم‪ ،‬ول مكان إقامتهم‪ ،‬و بقبورهم‪ ،‬ول تشد‬
‫الرحال إلى زيارتها‪ ،‬ول يصلى عندها‪ ،‬ول تطلب الحوائج عند قبورهم‪،‬‬
‫ول يتمسح بها‪ ،‬ول يعكف عندها‪ ،‬ول يتبرك بمواليدهم‪ ،‬وغير ذلك ومن‬
‫فعل شيئا ً من ذلك تقربا ً إليهم فقد أشرك بالله شركا ً أكبر‪ ،‬إذا اعتقد‬
‫أنهم يضرون أو ينفعون‪ ،‬أو يعطون أو يمنعون‪ ،‬أما من فعل ذلك‬
‫يرجو البركة من الله بالتبرك بهم فقد ابتدع بدعة نكراء‪ ،‬وعمل عمل ً‬
‫قبيحا ً)‪.(1‬‬
‫‪ -3‬من التبرك الممنوع‪ :‬التبرك بالجبال والمواضع‪ ،‬لن ذلك يخالف‬
‫ما كان عليه النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬والتبرك بذلك يسبب تعظيم‬
‫هذه الجبال والمواضع‪ ،‬ول يجوز القياس على تقبيل الحجر الأسود أو‬
‫الطواف بالبيت‪ ،‬فإن ذلك عبادة لله عز وجل توقيفية‪ ،‬ول يمسح غير‬
‫الحجر السود والركن اليماني من الكعبة‪ ،‬لن النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم لم يستلم من الركان إل الركنين‪ ،‬اليمانيين باتفاق العلماء)‪،(2‬‬
‫قال المام ابن القيم رحمه الله‪" :‬ليس عل وجه الرض موضع يشرع‬
‫تقبيله واستلمه وتحط الوزار فيه غير الحجر السود والركن‬
‫اليماني")‪.(3‬‬
‫وقال رحمه الله عند كلمه على خصائص مكة‪" :‬ليس على وجه‬
‫الرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها‪ ،‬والطواف بالبيت الذي‬
‫فيها غيرها")‪ ،(4‬وقال شيخ السلم في حكم الطواف بغير الكعبة‪:‬‬
‫"وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البدع المحرمة‪ ،‬ومن اتخذه دينا ً‬
‫يستتاب‪ ،‬فإن تاب وإل قتل")‪ ،(5‬ول يجوز التمسح ول تقبيل مقام‬
‫إبراهيم ول الحجر‪ ،‬ول شيئا ً من جدران المسجد‪ ،‬ول يتبرك بجبل‬
‫حراء‪ ،‬ويسمى جبل النور‪ ،‬ول تشرع زيارته‪ ،‬ول الصعود إليه ول‬
‫قصده للصلة‪ ،‬ول يتبرك بجبل ثور‪ ،‬ول تشرع زيارته‪ ،‬ول جبل‬
‫عرفات‪ ،‬ول جبل أبي قبيس‪ ،‬ول جبل ثبير‪ ،‬ول يتبرك بالدور‪ :‬كدار‬
‫الأرقم ول غيرها‪ ،‬ول تشرع زيارة جبل الطور‪ ،‬ول تشد الرحال إليه‪،‬‬
‫ول يتبرك بالشجار والحجار ونحوها)‪.(6‬‬
‫وأسباب التبرك الممنوع‪ :‬الجهل بالدين‪ ،‬والغلو في الصالحين‪،‬‬
‫والتشبه بالكفار‪ ،‬وتعظيم الثار المكانية)‪.(7‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.418-381‬‬ ‫‪()1‬‬

‫انظر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقيم‪ ،‬لبن تيمية‪.2/799 ،‬‬ ‫‪()2‬‬

‫زاد المعاد في هدي خير العباد‪.1/48 ،‬‬ ‫‪()3‬‬

‫زاد المعاد‪.1/48 ،‬‬ ‫‪()4‬‬

‫مجموع فتاوى ابن تيمية‪.26/121 ،‬‬ ‫‪()5‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.464-419‬‬ ‫‪()6‬‬

‫انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪.481-420‬‬ ‫‪()7‬‬

‫‪50‬‬
‫وآثار التبرك الممنوع كثيرة منها‪ :‬الشرك الكبر‪ ،‬وهو أعظم‬
‫الثار وأشدها خطرًا‪ ،‬إذا كان الترك في حد ذاته شركًا‪ ،‬وإذا كان‬
‫التبرك يؤدي إلى الشرك فيكون من وسائل الشرك الكبر‪ .‬ومن آثار‬
‫التبرك الممنوع البتداع في الدين‪ ،‬واقتراف المعاصي‪ ،‬والوقوع في‬
‫أنواع الكذب‪ ،‬وتحريف النصوص وتحميلها ما ل تحمل‪ ،‬وإضاعة‬
‫السنن‪ ،‬والتغرير بالجهال‪ ،‬وإضاعة الجيال‪ ،‬كل هذه المور من آثار‬
‫التبرك المحرم المذموم‪.‬‬
‫أما وسائل مقاومة التبرك الممنوع‪ ،‬فمنها‪ :‬نشر العلم‪،‬‬
‫والدعوة إلى منهج الحق‪ ،‬وإزالة وسائل الغلو ومظاهر التبرك‪،‬‬
‫وتحطيم كل وسيلة من هذه الوسائل)‪.(1‬‬
‫قال العلمة السعدي رمه الله في تعليقه على كتاب التوحيد‪ :‬باب‬
‫من تبرك بشجرة أو حجرة أو نحوهما‪" :‬أي فإن ذلك من الشرك‬
‫ومن أعمال المشركين‪ ،‬فإن العلماء اتفقوا على أنه ل يشرع التبرك‬
‫بشيء من الشجار‪ ،‬والحجار‪ ،‬والبقع‪ ،‬والمشاهد وغيرها؛ فإن هذا‬
‫التبرك غلوّ فيها‪ ،‬وذلك يتدرج به إلى دعائها وعبادتها وهذا هو الشرك‬
‫الكبر كما تقدم انطباق الحديث عليه‪ ،‬وهذا عام في كل شيء حتى‬
‫مقام إبراهيم‪ ،‬وحجرة النبي صّلى الله عليه وسّلم وصخرة بيت‬
‫المقدس‪ ،‬وغيرها من البقع الفاضلة‪.‬‬
‫وأما استلم الحجر السود وتقبيله‪ ،‬واستلم الركن اليماني من‬
‫الكعبة المشرفة فهذا عبودية لله وتعظيم لله‪ ،‬وخضوع لعظمته‪ ،‬فهو‬
‫عبدٌ له‪ ،‬وذلك تعظيم للمخلوق‪،‬‬ ‫عبد‪ .‬فهذا تعظيم للخالق وتَ ّ‬
‫روح التّ ّ‬
‫وتأله له‪ .‬والفرق بين المرين كالفرق بين الدعاء لله الذي هو إخلصٌ‬ ‫ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫وتوحيد‪ ،‬والدعاء للمخلوق الذي هو شرك وتنديد" ‪.‬‬‫ٌ‬

‫سادسًا‪ :‬بدع منكرة مختلفة‪ ،‬كثيرة جدًا‪:‬‬


‫منها على سبيل المثال ل الحصر ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الجهر بالني‪ :‬كأن يقول المسلم‪ :‬نويت أن أصلي لله كذا وكذا‪،‬‬
‫أو نويت أن أصوم هذا اليوم فرضا ً أو نفل ً لله تعالى‪ ،‬أو يقول نويت‬
‫أن أتوضأ‪ ،‬أو نويت أن أغتسل‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬وهذا التلفظ بالنية بدعة؛‬
‫لن ذلك ليس من هدي النبي صّلى الله عليه وسّلم؛ ولن الله عز‬
‫ق ْ َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬
‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ه يَ ْ‬‫والل ّ ُ‬
‫م َ‬‫دين ِك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه بِ ِ‬ ‫مو َ‬‫عل ّ ُ‬
‫ل أت ُ َ‬ ‫وجل يقول‪ُ } :‬‬
‫م{ ]الحجرات‪:‬‬ ‫ل َ‬‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫والل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ما ِ‬
‫و َ‬‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫‪ ،[16‬والنية محلها القلب‪ ،‬فهي عمل قلبي ل عمل لساني‪ ،‬قال‬
‫‪ ()1‬انظر‪ :‬التبرك‪ :‬أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور الجديع‪ ،‬ص ‪ ،506-483‬واقتضاء الصراط‬
‫المستقيم‪ ،‬لبن تيمية‪ ،‬ص ‪ ،802-795‬وكتاب التوحيد‪ ،‬للعلمة الدكتور صالح الفوزان‪،‬‬
‫ص ‪.93‬‬
‫‪ ()2‬القول السديد في مقاصد التوحيد‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪51‬‬
‫الحافظ ابن رجب رحمه الله‪" :‬النية هي‪ :‬قصد القلب ول يجب‬
‫التلفظ بما في القلب في شيء من العبادات")‪.(1‬‬
‫‪ -2‬الذكر الجماعي بعد الصلوات؛ والمشروع أن يقول كل واحد‬
‫الذكر الوارد منفردًا‪ ،‬كما كان النبي صّلى الله عليه وسّلم يذكر الله‬
‫عز وجل أدبار الصلوات‪ ،‬وكما عمله الصحابة رضي الله عنهم؛ لنهم‬
‫المطبقون لسنته عليه الصلة والسلم‪ ،‬فل شك أن الذكر الجماعي‬
‫بدعة مخالف لهدي النبي صّلى الله عليه وسّلم‪.‬‬
‫‪ -3‬طلب قراءة الفاتحة على أرواح الموات‪ ،‬أو تقرأ على الموات‪،‬‬
‫أو قراءتها بعد الدعاء للموات أو عند خطبة النكاح‪ ،‬كل ذلك من‬
‫البدع المنكرة التي لم ترد عن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪،‬‬
‫ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬وهم أعلم الناس بأحوال النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬فعلم بذلك أن هذا الفعل بدعة محدثة منكرة‪.‬‬
‫‪ -4‬إقامة المآتم على الموات وصناعة الطعمة‪ ،‬واستئجار‬
‫المقرئين لقراءة القرآن‪ ،‬يزعمون أن ذلك من باب العزاء‪ ،‬وأنه ينفع‬
‫الميت‪ ،‬وكل ذلك من البدع‪ ،‬والغلل التي ما أنزل الله بها من‬
‫سلطان‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -5‬الذكار الصوفية بأنواعها التي تخالف هدي محمد صلى الله‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬سواء كانت المخالفة في الصيغة‪ ،‬والهيئة‪ ،‬أو الوقت‪،‬‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم‪” :‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد“)‪.(2‬‬
‫‪ -6‬البناء على القبور‪ :‬واتخاذها مساجد‪ ،‬وبناء المساجد عليها‪،‬‬
‫ودفن الموات فيها‪ ،‬والصلة إلى القبور‪ ،‬وزيارتها لجل التبرك بها‪،‬‬
‫والتوسل بأصحابها أو غيرهم من الموتى‪ ،‬والتبرك بالصلة عند‬
‫قبورهم‪ ،‬أو الدعاء عندها‪ ،‬وزيارة النساء للقبور‪ ،‬واتخاذ السرج عليها‬
‫كل ذلك من البدع المنكرة القبيحة)‪.(3‬‬

‫‪ ‬المطلب التاسع‪ :‬توبة المبتدع‪:‬‬


‫لشك أن البدعة أخطر من المعاصي؛ فإن المعاصي إذا اجتمعت‬
‫على النسان وأصر عليها أهلكته‪ ،‬والبدعة أشد هلكا ً من المعاصي‪،‬‬
‫كما قال سفيان الثوري رحمه الله‪" :‬البدعة أحب إلى إبليس من‬
‫المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها والبدعة ل يتاب منها")‪ (4‬قال شيخ‬
‫السلم ابن تيمية رحمه الله‪" :‬ومعنى قولهم‪ :‬إن البدعة ل يتاب منها‪:‬‬
‫أن المبتدع الذي يتخذ دينا ً لم يشرعه الله ول رسوله قد زين له سوء‬
‫جامع العلوم والحكم‪.1/92 ،‬‬ ‫‪()1‬‬

‫مسلم‪ ،3/344 ،‬برقم ‪ ،1718‬وتقدم تخريجه ص ‪.33‬‬ ‫‪()2‬‬

‫انظر‪ :‬كتاب التوحيد‪ ،‬للعلمة الدكتور صالح الفوزان‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫‪()3‬‬

‫شرح السنة‪ ،‬للبغوي‪.1/216 ،‬‬ ‫‪()4‬‬

‫‪52‬‬
‫عمله فرآه حسنا ً فهو ل يتوب ما دام يراه حسنًا؛ لن أول التوبة العلم‬
‫بأن فعله سيء ليتوب منه‪ ،‬وبأنه ترك حسنا ً مأمور به أمر إيجاب أو‬
‫استحباب؛ ليتوب ويفعله‪ ،‬فما دام يرى فعله حسنا ً وهو سيء في‬
‫نفس المر؛ فإنه ل يتوب")‪ ،(1‬ثم قال‪" :‬ولكن التوبة ممكنة وواقعة‬
‫بأن يهديه الله ويرشده حتى يتبين له الحق‪ ،‬كما هدى سبحانه وتعالى‬
‫من هدى من الكفار والمنافقين‪ ،‬وطوائف أهل البدع والضلل")‪،(2‬‬
‫وقال رحمه الله‪ :‬ومن قال‪ :‬إنه ل يقبل توبة مبتدع مطلقا ً فقد غلط‬
‫غلطا ً منكرًا")‪ ،(3‬فقد فسر شيخ السلم حديث حجب التوبة عن‬
‫صاحب البدعة بكلمه هذا تفسيرا ً واضحا ً ولله الحمد‪ ،‬فعن أنس‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬إن‬
‫الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة“)‪ ،(4‬وقد وضح المعنى‬
‫لهذا الحديث في كلم ابن تيمية رحمه الله آنفًا‪ ،‬ول شك أن النصوص‬
‫بين لعباده أنه يقبل توبة التائبين‬ ‫يفسر بعضها بعضًا‪ ،‬والله عز وجل ّ‬
‫إذا أقلعوا عن جرائمهم‪ ،‬وندموا وعزموا على أن ل يعودوا‪ ،‬وردوا‬
‫الحقوق إلى أهلها إن وجدت فقال سبحانه بعد أن ذكر المشركين‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫من َتا َ‬ ‫والقتلة‪ ،‬والزناة وتوعدهم بالهانة‪ِ} :‬إل َ‬
‫ّ‬ ‫عملً صال ِحا َ ُ‬
‫ه‬
‫ن الل ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫سَنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ك ي ُب َدّ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ‬
‫من‬ ‫ّ‬
‫فاٌر ل َ‬ ‫غ ّ‬ ‫َ‬
‫وإ ِّني ل َ‬ ‫ما{ ]الفرقان‪ ،[70 :‬وقال عز وجل‪َ } :‬‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫َ‬
‫دى{ ]طه‪ [82 :‬وقال سبحانه‬ ‫هت َ َ‬‫ما ْ‬ ‫حا ث ُ ّ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬‫ب َ‬ ‫َتا َ‬
‫َ‬
‫عَلى أن ُ‬ ‫َ‬
‫مل‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫وتعالى‪ُ } :‬‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ءا أ ْ‬ ‫سو ً‬ ‫ل ُ‬ ‫ع َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م{ ]الزمر‪ ،[53 :‬وقال تعالى‪َ } :‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬
‫ما{ ]النساء‪:‬‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ر الل ّ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ي َظْل ِ ْ‬
‫‪ ،[110‬وهذه التوبة تعم من تاب من الملحدين والكافرين‪،‬‬
‫والمشركين‪ ،‬والمبتدعين‪ ،‬وغيرهم ممن تاب من أهل المعاصي‪ ،‬إذا‬
‫اكتملت شروط التوبة‪ ،‬ولله الحمد‪.‬‬

‫المطلب العاشر‪ :‬آثار البدع وأضرارها‬


‫البدع لها آثار خطيرة‪ ،‬وعواقب وخيمة‪ ،‬وأضرار مهلكة‪ ،‬منها ما‬
‫يأتي‪:‬‬

‫‪ ()1‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.10/9 ،‬‬


‫‪ ()2‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.10-10/9 ،‬‬
‫‪ ()3‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.11/685 ،‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه الطبراني في المعجم الوسط‪ ،8/62 ،‬برقم ‪] 4713‬مجمع البحرين في زوائد‬
‫المعجمين‪ .‬وقال الهيثمي في مجمع الزوائد‪ :‬ورجاله رجال الصحيح‪ ،‬غير هارون بن‬
‫موسى الفروي وهو ثقة‪ ،10/189 ،‬وصحح إسناده اللباني في سلسلة الحاديث‬
‫الصحيحة ‪ ،4/154‬برقم ‪ ،1620‬وذكر طرقه الخرى‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -1‬البدع بريد الكفر‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم قال‪” :‬ل تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي‬
‫ع“ فقيل‪ :‬يا‬ ‫ٍ‬ ‫بأخذ القرون قبلها شبرا ً بشبرٍ‪ ،‬وذراعا ً بذرا‬
‫رسول الله‪ ،‬كفارس والروم؟ فقال‪” :‬ومن الناس إل أولئك“)‪،(1‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صّلى الله عليه‬
‫ن سنن من كان قبلكم‪ ،‬شبرا ً بشبر‪،‬‬ ‫”لتتبع ّ‬
‫ُ‬ ‫وسّلم قال‪:‬‬
‫وذراعا ً بذراعٍ‪ ،‬حتى لو دخلوا جحر ضبّ تبعتموهم“ قلنا‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ ،‬اليهود والنصارى؟ قال‪” :‬فمن“)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬القول على الله بغير علم؛ لن الناظر في سير المبتدعة يجدهم‬
‫أكثر الناس كذبا ً على الله ورسوله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬وقد حذر‬
‫و َ‬
‫ل‬ ‫ق ّ‬‫و تَ َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫قول عليه فقال سبحانه وتعالى‪َ } :‬‬ ‫الله تعالى عن التّ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض ال َ َ‬ ‫عل َي َْنا ب َ ْ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫عَنا ِ‬ ‫م لقط ْ‬ ‫ن‪ ،‬ث ُ ّ‬‫مي ِ‬‫ه ِبالي َ ِ‬ ‫خذَْنا ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ل‪ ،‬ل َ‬
‫وي ِ‬‫قا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن{ ]الحاقة‪ [46-44 :‬وحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن‬ ‫وِتي َ‬ ‫ْ‬
‫ال َ‬
‫ّ‬
‫الكذب عليه‪ ،‬وتوعد من فعل ذلك بالعذاب الشديد‪ ،‬فقال صلى الله‬
‫عليه وسّلم‪” :‬من تعمد علي كذبا ً فليتبوأ مقعده من‬
‫النار“)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬بغض المبتدعة للسنة وأهلها‪ ،‬وهذا مما يدل على خطورة البدع‪،‬‬
‫قال المام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله‪" :‬وعلمات‬
‫أهل البدع ظاهرة على أهلها بادية‪ ،‬وأظهر آياتهم وعلماتهم‪ :‬شدة‬
‫معاداتهم لحملة أخبار النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،‬واحتقارهم‬
‫لهم")‪.(4‬‬
‫‪ -4‬رد عمل المبتدع؛ لقول النبي صّلى الله عليه وسّلم‪” :‬من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"‪ ،‬وفي رواية للمسلم‪” :‬من‬
‫عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو رد“)‪.(5‬‬
‫‪ -5‬سوء عاقبة المبتدع؛ لن الشيطان يريد أن يظفر بالنسان في‬
‫عقبة من عدة عقبات‪ :‬العقبة الولى‪ :‬الشرك بالله تعالى‪ ،‬فإن نجا‬
‫العبد من هذه العقبة طلبه الشيطان على عقبة البدعة‪ ،‬وهذا يؤكد أن‬
‫‪ ()1‬أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب قول النبي صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪” :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم“‪ ،8/191 ،‬برقم ‪.7319‬‬
‫‪ ()2‬متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب العتصام‪ ،‬باب قول النبي صّلى الله عليه وسّلم‪:‬‬
‫”لتتبعن سنن من كان قبلكم“‪ ،8/191 ،‬برقم ‪ ،7320‬ومسلم‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب‬
‫اتباع سنن اليهود والنصارى‪ ،4/2054 ،‬برقم ‪.2669‬‬
‫‪ ()3‬متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب إثم من كذب‬
‫على النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،1/41 ،‬برقم ‪ ،108‬ومسلم في المقدمة‪ ،‬باب تغليظ‬
‫الكذب على رسول الله صّلى الله عليه وسّلم‪ ،1/7 ،‬برقم ‪.2‬‬
‫‪ ()4‬عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث ص ‪.299‬‬
‫‪ ()5‬متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها‪ :‬البخاري‪ ،1/9 ،‬برقم ‪ ،1‬ومسلم‪،‬‬
‫‪ ،2/1515‬برقم‪ ،1907 :‬وتقدم تخريجه ص ‪.33‬‬

‫‪54‬‬
‫البدع أخطر من المعاصي)‪ ،(1‬ولهذا قال سفيان الثوري رحمه الله‪:‬‬
‫"البدعة أحب على إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يتاب منها‬
‫والبدعة ل يتاب منها")‪ ،(2‬وهذا في الغالب‪ ،‬والله عز وجل يهدي من‬
‫يشاء إلى صراط مستقيم‪.‬‬
‫‪ -6‬انعكاس فهم المبتدع‪ ،‬فيرى الحسنة سيئة‪ ،‬والسيئة حسنة‪،‬‬
‫والسنة بدعة‪ ،‬والبدعة سنة‪ ،‬فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه‬
‫ركت‬ ‫ك منها شيء قالوا‪ :‬تُ ِ‬ ‫ن البدع حتى إذا ُترِ َ‬ ‫قال‪" :‬والله لتفشُوَ ّ‬
‫السنة" ]أخرجه المام محمد بن وضاح‪ ،‬في كتاب فيه ما جاء في البدع‪ ،‬ص ‪،124‬‬
‫برقم ‪ ،162‬وانظر‪ :‬آثارا ً في ذلك لبن وضاح في كتابه هذا ص ‪.[156-124‬‬
‫‪ -7‬عدم قبول شهادة المبتدع وروايته‪ ،‬فقد أجمع أهل العلم من‬
‫المحدثين والفقهاء وأصحاب الصول على أن المبتدع الذي يكفر‬ ‫ّ‬
‫ببدعته ل تقبل روايته‪ ،‬وأما الذي ل يكفر ببدعته فاختلفوا في قبول‬
‫روايته‪ ،‬ورجح المام النووي رحمه الله أن روايته تقبل إذا لم يكن‬
‫داعية إلى بدعته‪ ،‬ول تقبل إذا كان داعية ]انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح‬
‫مسلم ‪.[1/176‬‬
‫‪ -8‬المبتدعة أكثر من يقع في الفتن‪ ،‬وقد حذر الله عز وجل من‬
‫م‬‫منك ُ ْ‬ ‫موا ْ ِ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫صيب َ ّ‬ ‫ة ل ّ تُ ِ‬ ‫فت ْن َ ً‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫الفتن فقال‪َ } :‬‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب{ ]النفال‪ ،[25 :‬وقال عز‬ ‫قا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ديدُ ال ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫عل َ ُ‬‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ص ً‬ ‫خآ ّ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫فت ْن َ ٌ‬
‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬
‫ه أن ت ُ ِ‬ ‫ر ِ‬
‫م ِ‬‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬‫ر ال ّ ِ‬ ‫حذ َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬‫وجل‪َ } :‬‬
‫م{ ]النور‪ ،[63 :‬فهل هناك فتنة أخطر من‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬‫و يُ ِ‬‫أ ْ‬
‫مخالفة سنة رسول الله صّلى الله عليه وسّلم وعصيان أمره؟‪.‬‬
‫وقد حث النبي صّلى الله عليه وسّلم على العمال الصالحة قبل‬
‫وقوع الفتن فقال‪” :‬بادروا بالعمال فتنا ً كقطع الليل‬
‫المظلم‪ .‬يصبح الرجل مؤمنا ً ويمسي كافرًا‪ ،‬أو يمسي‬
‫مؤمنا ً ويصبح كافرا ً يبيع دينه بعرض من الدنيا“ ]مسلم عن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب الحث على المبادرة بالعمال قبل تظاهر‬
‫الفتن‪ ،1/110 ،‬برقم ‪.[118‬‬
‫‪ -9‬المبتدع استدرك على الشريعة؛ لنه ببدعته نصب نفسه‬
‫مشرعا ً مكمل ً للدين‪ ،‬والله عز وجل قد أكمل الدين وأتم النعمة‪ ،‬قال‬
‫سبحانه وتعالى‪} :‬ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫م‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َ‬ ‫م ُ‬‫م ْ‬
‫وأ ت ْ َ‬‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م ِديًنا{ ]المائدة‪ ،[3 :‬وبيّن سبحانه‬ ‫سل ََ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬‫ت ل َك ُ ُ‬‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ع َ‬‫نِ ْ‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ون َّزل َْنا َ‬ ‫وتعالى في القرآن الكريم كل شيء‪ ،‬قال عز وجل‪َ } :‬‬
‫ن{‬‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫شَرى ل ِل ْ ُ‬ ‫وب ُ ْ‬
‫ة َ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬‫دى َ‬
‫ه ً‬ ‫و ُ‬
‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ب ت ِب َْياًنا ل ّك ُ ّ‬
‫ال ْك َِتا َ‬
‫]النحل‪.[89 :‬‬

‫انظر‪ :‬مدارج السالكين‪ ،‬لبن المقيم‪.222-1 ،‬‬ ‫‪()1‬‬

‫شرح السنة‪ ،‬للبغوي‪.1/216 ،‬‬ ‫‪()2‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -10‬المبتدع يلتبس عليه الحق بالباطل‪ ،‬لن العلم نور يهدي الله‬
‫م التقوى التي ُيوفّقُ صاحبها‬ ‫حرِ َ‬ ‫به من يشاء من عباده‪ ،‬والمبتدع ُ‬
‫قوا ْ‬ ‫َ‬
‫مُنوا إن ت َت ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ِ‬ ‫لصابة الحق‪ ،‬قال الله تعالى‪ِ} :‬يا أي ّ َ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫فْر لك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬
‫م َ‬‫سي َّئات ِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫فْر َ‬ ‫قانا ً َ‬
‫وي ُك َ ّ‬ ‫فْر َ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫م{ ]النفال‪.[29 :‬‬ ‫ظي ِ‬ ‫ع ِ‬‫ل ال ْ َ‬‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو ال ْ َ‬‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ -11‬المبتدع يحمل إثمه وإثم من تبعه‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن رسول الله صّلى الله عليه وسّلم قال‪” :‬من دعا إلى هدى‬
‫كان له من الجر مثل أجور من تبعه ل ينقص ذلك من‬
‫أجورهم شيئًا‪ ،‬ومن دعا على ضللة كان عليه من الثم‬
‫ا“ ]مسلم‪،‬‬ ‫مثل آثام من تبعه ل ينقص ذلم من آثامهم شيئ ً‬
‫‪ ،4/2060‬برقم ‪ ،2674‬وتقدم تخريجه ص ‪.[41‬‬
‫دخل صاحبها في اللعنة‪ ،‬ففي الحديث الذي رواه‬ ‫‪ -12‬البدعة ُت ِ‬
‫ّ‬
‫أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيمن‬ ‫ّ‬
‫أحدث في المدينة‪” :‬من أحدث فيها حدثا ً أو آوى محدثا ً فعليه‬
‫لعنة الله‪ ،‬والملئكة‪ ،‬والناس أجمعين‪ ،‬ل يقبل الله منه‬
‫ل“ ]متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب العتصام‪ ،‬باب إثم من آوى محدثا‪ً،‬‬ ‫صرفا ً ول عد ً‬
‫‪ ،8/187‬برقم ‪ ،7306‬ومسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب فضل المدينة‪ ،‬ودعاء النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم فيها بالبركة‪ ،2/994 ،‬برقم ‪ ،[1366‬قال المام الشاطبي رحمه‬
‫الله‪" :‬وهذا الحديث في سياق العموم فيشمل كل حدث أحدث فيها‬
‫مما ينافي الشرع‪ ،‬والبدع من أقبح الحدث" ]العتصام‪.[1/96 ،‬‬
‫‪ -13‬المبتدع يحال بينه وبين الشرب من حوض النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم‪ ،‬يوم القيامة‪ ،‬فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن‬
‫النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال‪” :‬أنا فرطكم على الحوض‬
‫علي‬
‫ّ‬ ‫من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدًا‪ ،‬وليردنّ‬
‫م أعرفهم ويعرفوني‪ ،‬ثم ُيحال بيني وبينهم“ ]متفق‬ ‫أقوا ٌ‬
‫عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب في حوض النبي صّلى الله عليه وسّلم‪،7/264 ،‬‬
‫ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب إثبات حوض نبينا صّلى الله عليه وسّلم وصفاته‪،4/1793 ،‬‬
‫برقم ‪ ،[2290‬وفي لفظ فأقول‪” :‬إنهم مني“ فيقال‪ :‬إنك ل تدري ما‬
‫غير بعدي“ ]البخاري‪،‬‬ ‫أحدثوا بعدك‪ ،‬فأقول‪” :‬سحقا ً سحقا ً لمن ّ‬
‫كتاب الرقاق‪ ،‬باب في حوض النبي صّلى الله عليه وسّلم‪ ،7/264 ،‬برقم ‪،[6583‬‬
‫وعن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صّلى الله عليه‬
‫ب أصحابي أصحابي‪ ،‬فيقال‪ :‬إنك ل تدري ما‬ ‫وسّلم‪” :‬يا ر ّ‬
‫أحدثوا بعدك“ ]متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الرقائق‪ ،‬باب في حوض النبي صّلى‬
‫الله عليه وسّلم ‪ ،7/262‬برقم ‪ ،6575‬ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب إثبات حوض نبينا‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪ ،4/1796 ،‬برقم ‪ ،[2297‬وعن أسماء بنت أبي بكر‬
‫رضي الله عنهما عن النبي صّلى الله عليه وسّلم قال‪” :‬إني على‬
‫الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم‪ ،‬وسيؤخذ ناسٌ من‬

‫‪56‬‬
‫عْرت‬ ‫ش َ‬
‫دوني فأقول‪ :‬يا ربّ مني ومن أمتي فيقال‪ :‬هل َ‬
‫ما عملوا بعدك والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم“‪،‬‬
‫فكان ابن أبي ملكية يقول‪" :‬اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا‬
‫أو أن نفتن في ديننا" ]متفق عليه‪ :‬البخاري‪ ،‬كتاب الرقائق‪ ،‬باب في حوض النبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‪ ،7/266 ،‬برقم ‪ ،6593‬ومسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب إثبات حوض‬
‫نبينا صّلى الله عليه وسّلم وصفاته‪ ،4/1794 ،‬برقم ‪.[2293‬‬
‫‪ -14‬المبتدع معرض عن ذكر الله‪ ،‬لن الله عز وجل شرع لنا‬
‫أذكارا ً و دعوات في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صّلى الله عليه‬
‫وسّلم‪ ،‬فمنها ما هو مقيد‪ :‬كأذكار أدبار الصلوات‪ ،‬وأذكار الصباح‬
‫والمساء‪ ،‬وأذكار النوم والستيقاظ منه‪ ،‬ومنها ما هو مطلق لم يحدد‬
‫َ‬
‫مُنوا اذْك ُُروا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫بزمان ول مكان‪ ،‬قال الله عز وجل‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ل{ ]الحزاب‪،[42-41 :‬‬ ‫صي ً‬ ‫الل ّه ذك ْرا ك َِثيرا‪ ،‬وسبحوه بك ْرةً َ‬
‫وأ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ ُ ُ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫َ ِ ً‬
‫فالمبتدعة معرضون عن هذه الذكار‪ :‬إما بانشغالهم ببدعهم وافتتانهم‬
‫بها‪ ،‬وإما باستبدال الذكار المشروعة بأذكار بدعية‪ ،‬استغنوا بها عما‬
‫شرع الله ورسوله صّلى الله عليه وسّلم فأعرضوا بها عن ذكر الله‬
‫تعالى ]انظر‪ :‬تنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع من الخطار‪ ،‬للدكتور‬
‫صالح بن سعد السحيمي‪ ،‬ص ‪.[189‬‬
‫‪ -15‬المبتدعة يكتمون الحق ويخفونه على أتباعهم‪ ،‬وقد توعد الله‬
‫ما‬‫ن َ‬ ‫مو َ‬‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫هؤلء وأمثالهم باللعنة‪ ،‬قال عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫س ِ‬ ‫ما ب َي ّّناهُ ِللّنا ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال ْب َي َّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫أنَزل َْنا ِ‬
‫ن{ ]البقرة‪.[159 :‬‬ ‫عُنو َ‬ ‫م اّلل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫وي َل ْ َ‬ ‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫ك َيل َ‬ ‫ب ُأوَلـئ ِ َ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫فر عن السلم‪ ،‬فإذا عمل بخرافات بدعته‬ ‫‪ -16‬عمل المبتدع ي ُن َ ّ‬
‫ب ذلك سخرية أعداء السلم بالدين السلمي‪ ،‬وهو من هذه‬ ‫سب ّ َ‬‫َ‬
‫البدع بريء ]انظر‪ :‬تنبيه أولي البصار‪ ،‬لدكتور صالح السحيمي‪ ،‬ص ‪.[195‬‬
‫‪ -17‬المبتدع يفرق المة؛ فإنه ببدعته يفرق هو وأتباعه المسلمين‪،‬‬
‫فيوجد بسبب ذلك أحزابا ً وشيعا ً متفرقة‪ ،‬قال الله عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ما‬
‫ء إ ِن ّ َ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫ت ِ‬ ‫س َ‬ ‫عا ل ّ ْ‬ ‫شي َ ً‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ْ ِدين َ ُ‬ ‫فّر ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن{ ]النعام‪.[159 :‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫م ي ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫م إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫‪ -18‬المبتدع المجاهر ببدعته تجوز غيبته؛ لتحذير المة من بدعته‪،‬‬
‫ول شك أن من أظهر بدعته فهو أشد خطرا ً ممن أظهر فسقه‪،‬‬
‫والغيبة محرمة بالكتاب والسنة‪ ،‬ولكن تباح بغرض شرعي لستة‬
‫أسباب ]انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ ،16/142‬وانظر‪ :‬تنبيه أولي البصار‪،‬‬
‫للدكتور السحيمي‪ ،‬ص ‪ :[198-153‬التظلم‪ ،‬والستعانة على تغيير المنكر‪،‬‬
‫والستفتاء‪ ،‬وتحذير المسلمين من الشر‪ ،‬وإذا جاهر بفسقه‪ ،‬وبدعته‪،‬‬
‫والتعريف ]انظر‪ :‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬لبن حجر‪،[7/86 ،10/471 ،‬‬
‫وقد جمع بعضهم هذه المور الستة في قوله‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫ف ومحذٍر‬
‫متظلم ٍ ومعر ٍ‬ ‫ة‬
‫ح ليس بغيبةٍ في ست ٍ‬
‫القد ُ‬
‫)*(‬
‫طلب العانة في إزالة منكر‬ ‫ومجاهر فسقا ً ومستفت ومن‬

‫)*( ]انظر‪ :‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬لبن أبي العز‪ ،‬ص ‪.[43‬‬
‫‪ -19‬المبتدع متبع لهواه معاند للشرع‪ ،‬ومشاق له ]انظر‪ :‬العتصام‬
‫للشاطبي‪.[1/61 ،‬‬
‫‪ -20‬المبتدع قد نّزل نفسه منزلة المضاهي للشارع؛ لن الله وضع‬
‫الشرائع وألزم المكلفين بالجري على سننها ]انظر‪ :‬العتصام للشاطبي‪،‬‬
‫‪.[70-1/61‬‬
‫والله أسأل لي ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫* القرآن الكريم‪:‬‬
‫‪ -1‬البداع في مضار البداع‪ ،‬للشيخ علي محفوظ‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -2‬اجتماع الجيوش السلمية‪ ،‬للمام شمس الدين أبي عبد‬
‫الله محمد ابن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الشهير بابن قيم‬
‫الجوزية‪ ،‬ت ‪751‬هـ‪ ،‬تحقيق عواد عبد الله المعتق‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1408‬هـ‪ ،‬مطابع الفرزدق التجارية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬أربعون حديثا في مدح السنة وذم البدعة‪ ،‬يوسف بن‬
‫إسماعيل النبهاني‪ ،‬بعناية بسام بن عبد الوهاب الجابي‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1415 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -4‬إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل‪ ،‬للعلمة‬
‫محمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1399 ،‬هـ‪ ،‬المكتب‬
‫السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -5‬إصلح المساجد من البدع والعواند‪ ،‬محمد بن جمال‬
‫الدين القاسمي‪ ،‬تخريج ناصر الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،‬‬
‫‪1403‬هـ المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -6‬أصول في البدع والسنن‪ ،‬محمد بن أحمد العدوي‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1415 ،‬هـ‪ ،‬دار الفتح‪ ،‬الشارقة‪.‬‬
‫‪ -7‬العتصام‪ ،‬للمام إبراهيم بن موسى الشاطبي‪ ،‬ت ‪790‬هـ‪،‬‬
‫تحقيق سليم الهللي‪ ،‬الطبعة الولى‪1412 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن عفان‪ ،‬الخبر‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -8‬إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان‪ ،‬للمام أبي عبد الله‬
‫بن أبي بكر ابن قيم الجوزية‪ ،‬ت ‪751‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬مكتبة حميدو‪ ،‬السكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -9‬اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم‪،‬‬
‫لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم‪ ،‬ابن تيمية‪ ،‬ت ‪ ،728‬تحقيق‬
‫الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل‪ ،‬الطبعة الولى‪1404 ،‬هـ‪ ،‬مكتبة‬
‫الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -10‬المر بالتباع والنهي عن البتداع‪ ،‬للحافظ جلل الدين‬
‫السيوطي‪ ،‬تحقيق مشهور بن حسن بن سلمان‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1416‬هـ‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -11‬البداية والنهاية‪ ،‬للفظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل‬
‫بن عمر ابن كثير‪ ،‬ت ‪774‬هـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1979 ،‬م‪ ،‬مكتبة‬
‫المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -12‬البدع والمحدثات وما ل أصل له‪ ،‬لبن باز‪ ،‬وابن عثيمين‬
‫مود بن عبد الله المطر‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬ ‫ومجموعة العلماء‪ ،‬جمع ح ّ‬
‫‪1419‬هـ‪ ،‬دار ابن خزيمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -13‬البدع‪ :‬أسبابها ومضارها‪ ،‬للشيخ محمود شلتوت‪ ،‬ت‬
‫‪1383‬هـ‪ ،‬تحقيق علي بن حسن عبد المجيد‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1408‬هـ‪ ،‬مكتبة ابن الجوزي‪ ،‬الحساء‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -14‬بهجة قلوب البرار وقرة عيون الخيار‪ ،‬للعلمة عبد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬ت ‪1376‬هـ‪ ،‬تخريج بدر البدر‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1408 ،‬هـ‪ ،‬مكتبة السندس‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪ -15‬التبرك أنواعه وأحكامه‪ ،‬للدكتور ناصر بن عبد الرحمن‬
‫الجديع‪ ،‬الطبعة الثانية‪1413 ،‬هـ دار الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ -16‬تبين العجب بما ورد في شهر رجب‪ ،‬للحافظ أحمد بن‬
‫علي بن حجر العسقلني‪ ،‬تحقيق طارق بن عوض الدارعي‪ ،‬طبع‬
‫ونشر مؤسسة قرطبة‪ ،‬الندلس‪.‬‬
‫‪ -17‬تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد‪ ،‬محمد ناصر‬
‫الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1398 :‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -18‬تحذير المسلمين عن البتداع والبدع في الدين‪ ،‬أحمد‬
‫بن حجر آل بوطامي‪ ،‬الطبعة الثانية‪1403 ،‬هـ‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪ -19‬التحذير من البدع‪ ،‬للعلمة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1412 ،‬هـ‪ ،‬دار إمام الدعوة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ -20‬تفسير ابن كثير )تفسير القرآن العظيم(‪ ،‬للمام أبي‬
‫الفداء إسماعيل ابن الخطيب عمر ابن كثير القرشي الدمشقي‪ ،‬ت‬
‫‪774‬هـ‪ ،‬طبعة ‪1407‬هـ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -21‬تفسير الطبري )جامع البيان عن تأويل آي القرآن(‪،‬‬
‫للمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬ت ‪310‬هـ‪ ،‬تحقيق محمود‬
‫وأحمد محمد شاكر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار المعارف بمصر‪.‬‬
‫‪ -22‬تنبيه أولي البصار إلى كمال الدين وما في البدع‬
‫من أخطار‪ ،‬الدكتور صالح بن سعد السحيمي‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1410‬هـ‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -23‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان‪،‬‬
‫العلمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬ت ‪1376‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫زهري النجار‪ ،‬طبعة ‪1404‬هـ‪ ،‬طبع ونشر الرئاسة العامة لدارات‬
‫البحوث العلمية والفتاء‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ -24‬جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا ً من‬
‫جوامع الكلم‪ ،‬للمام الحافظ زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن‬
‫أحمد ابن رجب الحنبلي‪ ،‬ت ‪795‬هـ‪ ،‬تحقيق شعيب الرناؤوط‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪1411 ،‬هـ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -25‬جامع بيان العلم وفضله‪ ،‬لبي عمر يوسف بن عبد البر‪،‬‬
‫ت ‪463‬هـ‪ ،‬تحقيق أبي الشبال الزهيري‪ ،‬الطبعة الولى ‪1414‬هـ‪،‬‬
‫دار ابن الجوزي‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -26‬جلء الفهام في فضل الصلة والسلم على محمد‬
‫خير النام‪ ،‬للمام شمس الدين أبي عبد الله بن أبي بكر بن أيوب‬
‫الزرعي الدمشقي الشهير بابن القيم‪ ،‬ت ‪751‬هـ‪ ،‬تحقيق شعيب‬
‫وعبد القادر الرناؤوط‪ ،‬الطبعة الثانية‪1407 ،‬هـ دار العروبة‪ ،‬الصفاة‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪ -27‬حقيقة البدعة وأحكامها‪ ،‬سعيد بن ناصر الغامدي‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪1412 ،‬هـ‪ ،‬دار الرشد‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -28‬الحكمة في الدعوة إلى الله‪ ،‬سعيد بن علي بن وهف‬
‫القحطاني‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1417 ،‬هـ‪ ،‬توزيع مؤسسة الجريسي‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -29‬حلية الولياء وطبقات الصفياء‪ ،‬للحافظ أبي نعيم أحمد‬
‫بن عبد الله الصفهاني‪ ،‬ت ‪ 430‬هـ‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار الكتب العربية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -30‬دراسات في الهواء والفرق والبدع وموقف السلف‬
‫منها‪ ،‬للدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل‪ ،‬الطبعة الولى‪،1418 ،‬‬
‫مركز الدراسات والعلم‪ ،‬دار إشبيليا‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ -31‬الدرر السنية في الجوبة النجدية‪ ،‬جمع عبد الرحمن بن‬
‫محمد بن قاسم‪ ،‬ت ‪1392‬هـ الطبعة الثانية‪1385 ،‬هـ‪ ،‬المكتب‬
‫السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -32‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬للمام شمس الدين أبي‬
‫عبد الله محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية‪ ،‬ت ‪751‬هـ‪ ،‬تحقيق‬
‫شعيب الرناؤوط وعبد القادر الرناؤوط‪ ،‬الطبعة الولى‪1399 ،‬هـ‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬بنان‪.‬‬
‫‪ -33‬سلسلة الحاديث الصحيحة‪ ،‬للعلمة ناصر الدين اللباني‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪1399 ،‬هــ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -34‬سنن أبي داود‪ ،‬لسليمان بن الشعث السجستاني‪ ،‬ت‬
‫‪275‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ -35‬سنن ابن ماجه‪ ،‬لمحمد بن يزيد القزويني‪ ،‬ت ‪275‬هـ‪،‬‬
‫تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -36‬سنن الترمذي‪ ،‬لبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة‪ ،‬ت‬
‫‪279‬هـ‪ ،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1398‬هـ‪ ،‬مطبعة‬
‫مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -37‬سنن الدارمي‪ ،‬عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي‪ ،‬ت‬
‫‪255‬هـ‪ ،‬طبعة ‪1404‬هـ‪ ،‬تحقيق عبد الله بن هاشم اليماني‪ ،‬توزيع‬
‫الرئاسة العامة لدارة البحوث العلمية والفتاء‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -38‬سنن النسائي‪ ،‬لبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب‪303 ،‬هـ‪،‬‬
‫بشرح الحافظ جلل الدين السيوطي‪ ،‬ت ‪911‬هـ‪ ،‬وحاشية السندي‪،‬‬
‫ت ‪1138‬هـ‪ ،‬الطبعة الولى‪1406 ،‬هـ‪ ،‬اعتنى به ورقمه عبد الفتاح‬
‫أبو غدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1406 ،‬هـ‪ ،‬دار البشائر السلمية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -39‬سير إعلم النبلء‪ ،‬للمام شمس الدين محمد بن أحمد بن‬
‫عثمان الذهبي‪ ،‬ت ‪748‬هـ‪ ،‬تحقيق شعيب الرناؤوط‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪1406‬هـ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -40‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬للمام أبي‬
‫القاسم هبة الله ابن حسن الطبري الللكائي‪ ،‬ت ‪418‬هـ‪ ،‬تحقيق د‪.‬‬
‫أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،1416 ،‬هـ‪ ،‬دار‬
‫طيبة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -41‬شرح السنة‪ ،‬للمام الحافظ أبي محمد الحسين بن مسعود‬
‫الفراء البغوي‪ ،‬ت ‪519‬هـ‪ ،‬تحقيق شعيب الرناؤوط‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1396‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -42‬شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬للعلمة علي بن علي بن محمد‬
‫بن أبي العز الدمشقي‪ ،‬ت ‪792‬هـ‪ ،‬تخريج محمد ناصر الدين اللباني‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة‪1390 ،‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -43‬شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬ت‬
‫‪728‬هـ‪ ،‬بقلم العلمة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬الطبعة‬
‫الخامسة‪1411 ،‬هـ‪ ،‬طبع تحت إشراف الرئاسة العامة لدارة البحوث‬
‫العلمية والفتاء‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -44‬شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬تأليف‬
‫العلمة محمد خليل هراس‪ ،‬تخريج علوي السقاف‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1411‬هـ‪ ،‬دار الهجرة‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -45‬شرح صحيح مسلم للنووي‪ ،‬لمحيي الدين أبي زكريا بن‬
‫شرف النووي‪ ،‬ت ‪676‬هـ‪ ،‬تحقيق لجنة من العلماء بإشراف الناشر‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -46‬شرح لمعة العتقاد‪ ،‬عبد الله بن أحمد بن قدامة‬
‫المقدسي‪ ،‬ت ‪620‬هـ‪ ،‬بقلم الشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1407 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن القيم‪.‬‬
‫‪ -47‬شعب اليمان‪ ،‬للمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪،‬‬
‫ت ‪458‬هـ‪ ،‬تحقيق أبي هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1410 ،‬هـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -48‬صحيح ابن حيان بترتيب ابن بلبان‪ ،‬للمام أبي حاتم‬
‫محمد بن أحمد ابن حيان البستي‪ ،‬ت ‪354‬هـ‪ ،‬رتبه المير علء الدين‬
‫علي بن سليمان بن بلبان الفارسي‪ ،‬ت ‪739‬هـ‪ ،‬تحقيق شعيب‬
‫الرناؤوط‪ ،‬الطبعة الثانية‪1414 ،‬هـ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -49‬صحيح البخاري‪ ،‬لبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري‪،‬‬
‫ت ‪256‬هـ‪ ،‬طبعة ‪1414‬هـ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت لبنان‪ .‬وطبعة ‪1315‬هـ‪،‬‬
‫المكتبة السلمية‪ ،‬إستانبول‪ ،‬تركيا‪ ،‬والنسخة المطبوعة مع فتح‬
‫الباري‪ ،‬ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وإشراف محب الدين‬
‫الخطيب‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬مكتبة الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -50‬صحيح سنن أبي داود باختصار السند‪ ،‬ناصر الدين‬
‫اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1409 ،‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -51‬صحيح سنن ابن ماجه باختصار السند‪ ،‬لمحمد ناصر‬
‫الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1407 ،‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -52‬صحيح سنن الترمذي باختصار السند‪ ،‬لمحمد ناصر‬
‫الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1408 :‬هـ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -53‬صحيح مسلم‪ ،‬لبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري‬
‫النيسابوري‪ ،‬ت ‪261‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -54‬الطبقات الكبرى‪ :‬لمحمد بن سعد بن منيع الهاشمي‬
‫البصري‪ ،‬ت ‪230‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد عبد القادر عطا‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1410‬هـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -55‬ظلل الجنة في تخريج السنة‪ ،‬للعلمة ناصر الدين‬
‫اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1400 ،‬هـ المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -56‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪ ،‬المام إسماعيل بن‬
‫عبد الرحمن الصابوني‪ ،‬ت ‪449‬هـ‪ ،‬تحقيق ناصر بن عبد الرحمن‬

‫‪63‬‬
‫الجديع‪ ،‬الطبعة الولى ‪1415‬هـ‪ ،‬دار العاصمة الرياض‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -57‬علم أصول البدع‪ ،‬علي بن حسن بن عبد الحميد‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1417 ،‬هـ‪ ،‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -58‬الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة‪،‬‬
‫الدكتور عبد الرحمن معل اللويحق‪ ،‬الطبعة الثانية‪1416 ،‬هـ مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -59‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن‬
‫علي بن حجر العسقلني‪ ،‬ت ‪852‬هـ‪ ،‬ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي‬
‫وإشراف محب الدين الخطيب‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬مكتبة الرياض‪ ،‬المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -60‬فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد‪ ،‬لعبد الرحمن بن حسن‬
‫بن محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬ت ‪1285‬هـ‪ ،‬دار الصميعي‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬وطبعة دار المنار‪ ،‬بعناية صادق بن سليم‬
‫بن صادق‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -61‬فتح رب البرية بتلخيص الحموية‪ ،‬لشيخ السلم ابن‬
‫تيمية‪ ،‬ت ‪728‬هـ‪ ،‬بقلم العلمة محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪1404 ،‬هـ‪ ،‬مطبعة جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -62‬فضل الصلة على النبي صّلى الله عليه وسّلم‪:‬‬
‫إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي‪ ،‬ت ‪282‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫ناصر الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1397 ،‬هـ المكتب السلمي‪.‬‬
‫‪ -63‬القاموس المحيط‪ ،‬للعلمة مجد الدين محمد بن يعقوب‬
‫الفيروز آبادي‪ ،‬ت ‪817‬هـ الطبعة الولى‪1406 ،‬هـ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -64‬القول السديد في مقاصد التوحيد‪ ،‬للشيخ عبد الرحمن‬
‫بن ناصر السعدي‪ ،‬ت ‪1376‬هـ‪ ،‬بعناية وتخريج د‪ .‬المرتضي الزين‬
‫أحمد‪ ،‬الطبعة الولى‪1416 ،‬هـ‪ ،‬مجموعة التحف النفائس الدولية‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -65‬كتاب الباعث على إنكار البدع البدع والحوادث‪،‬‬
‫للمام‪ ،‬شهاب الدين أبي محمد عبد الرحمن بن إسماعيل‪ ،‬المعروف‬
‫بأبي شامة‪ ،‬ت ‪665‬هـ‪ ،‬تحقيق مشهور بن حسن بن سلمان‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1410 ،‬هـ‪ ،‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -66‬كتاب التوحيد للدكتور صالح بن فوزان الفوزان‪،‬‬
‫طبعة خيرية بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -67‬كتاب الحوادث والبدع‪ ،‬للعلمة إبراهيم بن أحمد‬
‫الطرطوشي‪ ،‬ت ‪579‬هـ تحقيق عبد المجيد تركي‪ ،‬الطبعة الولى‪،‬‬
‫‪1410‬هـ‪ ،‬دار الغرب السلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -68‬كتاب السنة‪ ،‬للحافظ أبي بكر عمر بن أبي عاصم الضحاك‬
‫بن مخلد الشيباني‪ ،‬ت ‪ 287‬هـ‪ ،‬ومعه ظلل الجنة في تخريج السنة‬
‫لمحمد بن ناصر الدين اللباني‪ ،‬الطبعة الولى‪1400 ،‬هـ المكتب‬
‫السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -69‬كتاب فيه ما جاء في البدع‪ ،‬للمام محمد بن وضاح‬
‫القرطبي‪ ،‬ت ‪287‬هـ‪ ،‬تحقيق بدر البدر‪ ،‬الطبعة الولى‪1416 ،‬هـ‪ ،‬دار‬
‫الصميعي‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -70‬لسان العرب‪ ،‬للمام أبي الفضل جمال الدين بن مكرم بن‬
‫علي بن منظور‪ ،‬ت ‪711‬هـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1414 ،‬هـ‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -71‬لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف‪،‬‬
‫للحافظ عبد الرحمن ابن أحمد بن رجب‪ ،‬ت ‪795‬هـ‪ ،‬تحقيق ياسين‬
‫بن محمد السواس‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1416 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -72‬مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة‪ ،‬للدكتور ناصر‬
‫بن عبد الكريم العقل‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬دار الوطن‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -73‬مجمع البحرين في زوائد المعجمين‪ ،‬نور الدين علي بن‬
‫أبي بكر الهيثمي‪ ،‬تحقيق عبد القدوس بن محمد نذير‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪1415‬هـ‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -74‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬للحافظ نور الدين علي بن‬
‫أبي بكر الهيثمي‪ ،‬ت ‪807‬هـ‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1402 ،‬هـ‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -75‬مجموع فتاوى ابن تيمية‪ ،‬لشيخ السلم أحمد بن عبد‬
‫الحليم بن عبد السلم ابن تيمية‪ ،‬ت ‪728‬هـ‪ ،‬جمع وترتيب عبد‬
‫الرحمن بن محمد بن قاسم‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫المغرب‪.‬‬
‫‪ -67‬مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‪ :‬للعلمة عبد العزيز بن‬
‫عبد الله ابن باز‪ ،‬جمع وترتيب د‪ .‬محمد بن سعد الشويعر‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى ‪1408‬هـ‪ ،‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ -77‬مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ -78‬مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك‬
‫نستعين‪ ،‬للمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن أيوب ابن قيم‬
‫الجوزية‪ ،‬ت ‪751‬هـ‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬الطبعة بدون تاريخ‪،‬‬
‫مكتبة السنة المحمدية‪ ،‬ومكتبة ابن تيمية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -79‬مسند المام أحمد بشرح أحمد شاكر‪ ،‬للمام أحمد بن‬
‫محمد بن حنبل‪ ،‬ت ‪241‬هـ‪ ،‬شرحه وضع فهارسه أحمد محمد شاكر‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -80‬مسند المام أحمد‪ ،‬للمام أحمد بن محمد بن حنبل‪ ،‬ت‬
‫‪241‬هـ‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬دار صادر بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -81‬معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الصول‬
‫في التوحيد‪ ،‬للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي‪ ،‬ت ‪377‬هـ‪ ،‬تخريج‬
‫عمر بن محمود أبو عمر‪ ،‬الطبعة الثانية‪1413 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن القيم‪،‬‬
‫الدمام‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -82‬معجم الطبراني الكبير‪ ،‬للحافظ أبي القاسم سليمان بن‬
‫أحمد الطبراني‪ ،‬ت ‪360‬هـ‪ ،‬تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬وزارة الوقاف والشؤون الدينية‬
‫بالجمهورية العراقية‪.‬‬
‫‪ -83‬معجم المقاييس في اللغة‪ ،‬لبي الحسين أحمد بن‬
‫فارس بن زكريا‪ ،‬ت ‪385‬هـ‪ ،‬تحقيق شهاب الدين أبي عمرو‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪1415 ،‬هـ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -84‬مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬العلمة الراغب الصفهاني‪ ،‬ت‬
‫‪502‬هـ‪ ،‬تحقيق صفوان عدنان داوودي‪ ،‬الطبعة الولى‪1412 :‬هـ‪ ،‬دار‬
‫القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار الشامية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -85‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‪ ،‬لبي‬
‫العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي‪ ،‬ت ‪656‬هـ‪ ،‬تحقيق محيي‬
‫الدين مستو وجماعة‪ ،‬الطبعة الولى‪1417 ،‬هـ‪ ،‬دار ابن كثير‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -86‬النهاية في غريب الحديث‪ ،‬للمام أبي السعادات المبارك‬
‫بن محمد بن الثير‪ ،‬الجزري‪ ،‬ت ‪606‬هـ‪ ،‬تحقيق طاهر أحمد الزاوي‬
‫ومحمود محمد الطناحي‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -87‬النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير لعزيز‬
‫الحميد‪ .‬للدوسري‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الفهـرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫المقدمة‪..................................................... .‬‬
‫المبحث الول‪ :‬نور السنة‪........................ .‬‬
‫* المطلب الول مفهومهما‪..................... .‬‬
‫أول ً مفهوم العقيدة لغة واصطلحًا‪..................... .‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مفهوم أهل السنة‪.................................. .‬‬
‫ثالثُا‪ :‬مفهوم الجماعة‪..................................... .‬‬
‫* المطلب الثاني‪ :‬أسماء أهل السنة وصفاتهم‪.‬‬
‫‪ -1‬أهل السنة والجماعة‪................................. .‬‬
‫‪ -2‬الفرقة الناجية‪......................................... .‬‬
‫‪ -3‬الطائفة المنصورة‪.................................... .‬‬
‫‪ -4‬المعتصمون المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله‪.‬‬
‫‪ -5‬هم القدوة الصالحة الذين يهدون إلى الحق‪..... .‬‬
‫‪ -6‬أهل السنة خيار الناس ينهون عن البدع‪.......... .‬‬
‫‪ -7‬أهل السنة هم الغرباء إذا فسد الناس‪............ .‬‬
‫‪ -8‬أهل السنة هم الذين يحملون العلم‪............... .‬‬
‫‪ -9‬أهل السنة هم الذين يحزن الناس لفراقهم‪..... .‬‬
‫* المطلب الثالث‪ :‬السنة نعمة مطلقة‪........ .‬‬
‫* المطلب الرابع‪ :‬منزلة السنة‪.................. .‬‬
‫* المطلب الخامس‪ :‬منزلة صاحب السنة وصاحب البدعة‪.‬‬
‫ل‪ :‬منزلة صاحب السنة‪................................ .‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬علمات أهل السنة‪................................. .‬‬
‫ثالثًا‪ :‬منزلة صاحب البدعة‪.............................. .‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ظلمات البدعة‪................. .‬‬
‫* المطلب الول‪ :‬مفهومها‪...................... .‬‬
‫* المطلب الثاني‪ :‬شروط قبول العمل‪........ .‬‬
‫* المطلب الثالث‪ :‬ذم البدعة في الدين‪....... .‬‬
‫ل‪ :‬من القرآن‪........................................... .‬‬ ‫أو ً‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬من السنة النبوية‪................................... .‬‬
‫ثالثًا‪ :‬من أقوال الصحابة رضي الله عنهم في البدع‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬من أقوال التابعين وأتباعهم بإحسان‪.......... .‬‬
‫خامسًا‪ :‬البدع مذمومة من وجوه‪...................... .‬‬
‫* المطلب الرابع‪ :‬أسباب البدع‪................. .‬‬
‫ل‪ :‬الجهل‪ ،‬آفة خطيرة‪................................. .‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬إتباع الهوى‪.......................................... .‬‬
‫ثالثًا‪ :‬التعلق بالشبهات‪................................... .‬‬
‫رابعًا‪ :‬العتماد على العقل المجرد‪..................... .‬‬

‫‪67‬‬
‫خامسًا‪ :‬التقليد والتعصب‪................................ .‬‬
‫سادسًا‪ :‬مخالطة أهل الشر ومجالستهم‪............. .‬‬
‫سابعًا‪ :‬سكوت العلماء وكتم العلم‪..................... .‬‬
‫ثامنًا‪ :‬التشبه بالكفار وتقليدهم‪......................... .‬‬
‫تاسعًا‪ :‬العتماد على الحاديث الضعيفة والموضوعة‪.‬‬
‫عاشرًا‪ :‬الغلو أعظم أسباب انتشار البدع‪............. .‬‬
‫* المطلب الخامس أقسام البدع‪............... .‬‬
‫القسم الول‪ :‬البدعة الحقيقة والضافية‪. . . . .‬‬
‫‪ -1‬البدعة الحقيقية‪....................................... .‬‬
‫‪ -2‬البدعة الضافية‪....................................... .‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬البدعة الفعلية والتركية‪....... .‬‬
‫‪ -1‬البدعة الفعلية‪......................................... .‬‬
‫‪-2‬البدعة التركية‪.......................................... .‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬البدعة القولية العتقادية والبدعة العملية‪.‬‬
‫‪ -1‬البدعة القولية العتقادية‪............................ .‬‬
‫‪ -2‬البدعة العملية وهي أنواع‪........................... .‬‬
‫النوع الول‪ :‬بدعة في أصل العبادة‪.................... .‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما يكون من الزيادة على العبادة‪...... .‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬ما يكون في صفة أداء العبادة‪........ .‬‬
‫النوع الرابع‪ :‬ما يكون بتخصيص وقت العبادة‪....... .‬‬
‫* المطلب السادس‪ :‬حكم البدعة في الدين‪. . .‬‬
‫فمنها ما هو كفر‪........................................... .‬‬
‫فمنها ما هو من وسائل الشرك‪........................ .‬‬
‫ومنها ما هو من المعاصي‪............................... .‬‬
‫* المطلب السابع‪ :‬أنواع البدع عند القبور‪.... .‬‬
‫النوع الول‪ :‬من يسأل الميت حاجته‪.................. .‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬أن يسأل الله تعالى بالميت‪............ .‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬أن يظن أن الدعاء عند القبور مستجاب‪.‬‬
‫* المطلب الثامن‪ :‬البدع المنتشرة المعاصرة‪.‬‬
‫ل‪ :‬بدعة الحتفال بالمولد النبوي‪.................... .‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬بدعة الحتفال بأول ليلة جمعة من شهر رجب‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬بدعة الحتفال بليلة السراء والمعراج‪......... .‬‬
‫رابعًا‪ :‬الحتفال بليلة النصف من شعبان‪.............. .‬‬
‫خامسًا‪ :‬التبرك‪............................................. .‬‬
‫التبرك المشروع‪.......................................... .‬‬
‫التبرك الممنوع‪............................................ .‬‬
‫أسباب التبرك الممنوع‪................................... .‬‬
‫آثار التبرك الممنوع‪....................................... .‬‬
‫وسائل مقاومة التبرك الممنوع‪........................ .‬‬

‫‪68‬‬
‫سادسًا‪ :‬بدع منكرة مختلفة‪............................. .‬‬
‫‪ -1‬الجهر بالنية‪............................................ .‬‬
‫‪ -2‬الذكر الجماعي بعد الصلوات‪....................... .‬‬
‫‪ -3‬طلب قراءة الفاتحة على أرواح الموات‪......... .‬‬
‫‪ -4‬إقامة مآتم على الموات‪............................ .‬‬
‫‪ -5‬الذكار الصوفية بأنواعها‪............................. .‬‬
‫‪ -6‬البناء على القبور‪ ،‬واتخاذها مساجد‪............... .‬‬
‫* المطلب التاسع‪ :‬توبة المبتدع‪................ .‬‬
‫* المطلب العاشر‪ :‬آثار البدع وأضرارها‪....... .‬‬
‫‪ -1‬البدع بريد الكفر‪...................................... .‬‬
‫‪ -2‬القول على الله بغير علم‪........................... .‬‬
‫‪ -3‬بغض المبتدعة للسنة وأهلها‪........................ .‬‬
‫‪ -4‬رد عمل المبتدع‪....................................... .‬‬
‫‪ -5‬سوء عاقبة المبتدع‪................................... .‬‬
‫‪ -6‬انعكاس فهم المبتدع‪................................. .‬‬
‫‪ -7‬عدم قبول شهادة المبتدع وروايته‪................. .‬‬
‫‪ -8‬المبتدعة أكثر من يقع في الفتن‪................... .‬‬
‫‪ -9‬المبتدع استدرك على الشريعة‪.................... .‬‬
‫‪ -10‬المبتدع يلتبس عليه الحق بالباطل‪.............. .‬‬
‫‪ -11‬المبتدع يحمل إثمه وإثم من تبعه‪................ .‬‬
‫‪ -12‬البدعة تدخل صاحبها في اللعنة‪.................. .‬‬
‫‪ -13‬المبتدع يحال بينه وبين الشرب من حوض النبي صــّلى اللــه‬
‫عليه وسّلم‪........................................... .‬‬
‫‪ -14‬المبتدع معرض عن ذكر الله‪..................... .‬‬
‫‪ -15‬المبتدعة يكتمون الحق ويخفونه عن أتباعهم‪. .‬‬
‫‪ -16‬عمل المبتدع ينفر على السلم‪.................. .‬‬
‫‪ -17‬المبتدع يفرق المة‪................................. .‬‬
‫‪ -18‬المبتدع المجاهر ببدعته تجوز غيبته‪............. .‬‬
‫‪ -19‬المبتدع متبع لهواه معاند للشرع‪................. .‬‬
‫‪ -20‬المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‪................................. .‬‬
‫الفهرس‪............................................. .‬‬

‫م الكتاب ولله الحمد‪.‬‬


‫ت ّ‬

‫‪69‬‬

Vous aimerez peut-être aussi