Vous êtes sur la page 1sur 79

‫لماذا‬

‫أعدموني ؟‬

‫سيد قطب‬

‫‪-1-‬‬
‫مقدمة الناشر‬
‫نرجو أن ل يتبادر إلى الذهن أن هذه الوثيقة التي كتبهسسا شسسهيد السسسلم‬
‫) سيد قطب ( كاملة غير منقوصة ‪.‬‬

‫هذه الوثيقة التي أخذنا لها عنوانسسا هسسو ) لمسساذا أعسسدموني ؟ ( قسسد مسسرت‬
‫على أيد كثيرة ابتداءا من المحققين وغير المحققين من الذين عسسذبوا الشسسهيد‬
‫ورفاقه‪ ،‬وانتهاء بكبار المسؤولين في الدولة وأذنابهم‪.‬‬

‫هذه الوثيقة هي ول شسسك بخسسط الشسسهيد سسسيد قطسسب‪ ،‬ولكننسسا يجسسب أن‬
‫نقسسول بشسسأن هسسذه الوثيقسسة أنهسسا كتبسست بطلسسب مسسن المحققيسسن السسذين كسسانوا‬
‫يستجوبون الشسسهيد ورفسساقه‪ ،‬ولهسسذا جسساءت وكأنهسسا إجابسسات لسسسئلة محسسددة أو‬
‫سؤال واحد عام ‪.‬‬

‫عندما نشسسرت " المسسسلمون " هسسذه الوثيقسسة علسسى حلقسسات ابتسسداءا مسسن‬
‫عددها الثاني‪ ،‬تباينت ردود فعل المهتمين بالشهيد سيد قطب‪ ،‬فمنهم من قال‬
‫أنها مزورة‪ ،‬وأكثرهم جزم بصحتها ‪.‬‬

‫من ناحيتنا نحن فإننسسا نؤكسسد أن هسسذه الوثيقسسة أو الشسسهادة وهسسي الجابسسة‬
‫الكاملة على سؤال المحققين قد وصلتنا بخط يسسد الشسسهيد‪ ،‬ونؤكسسد فسسي نفسسس‬
‫الوقت أنها ناقصة غير كاملة‪ ،‬فقد حرص أذناب نظام الطاغية علسسى الحتفسساظ‬
‫في مكان غير معروف وعند شخص معسروف بسسالجزء الخساص بالتعسسذيب السذي‬
‫تعرض له الشهيد سيد قطب ورفاقه‪ ،‬ظنا منهسسم أن خل سوّ الوثيقسسة أو الشسسهادة‬
‫من تلك الصفحات السوداء سيّبض وجوه الطغاة وأذنسسابهم‪ ،‬السسذين لسسم يسستركوا‬
‫وسيلة عرفوها لتعذيب الشهيد سيد قطب إل واستعملوها‪.‬‬

‫ولكن هل نجحوا في التأثير على روح الشهيد وضميره ؟‬

‫أبدا ! إنهم تمكنوا من جسده الفاني‪ ،‬أما روحه فلم يقدروا أبسسدا عليهسسا‪،‬‬
‫ولذلك أعدموه ‪.‬‬

‫نعم ‪ ..‬لذلك أعدموه‪ ،‬بالرغم من النداءات التي وجهت في ذلك السسوقت‬


‫من قادة المسلمين وعلمائهم بعدم اعدامه ‪.‬‬

‫كيف ل يعدموه ؟‬

‫أيتركوا جسده شاهدا على وحشيتهم ؟‬

‫يقول رفاق الشهيد سيد قطب في السجن قبسسل إعسسدامه أنهسسم عسسذبوه‬
‫عذابا شديدا‪ ،‬وشوهوا جسده ووجهه يريدون بذلك الوصول إلى روحه ليتمكنوا‬
‫منها ‪.‬‬

‫ولكن الله سبحانه وتعالى لم يمكنهم من روحه‪ ،‬وأبلغ دليسسل علسسى ذلسسك‬
‫هو إعدامهم لصاحب ) في ظلل القرآن ( ‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫رحم الله الشهيد سسسيد قطسسب وأجسسزل لسسه الثسسواب علسسى كسسل مسسا قسسدمه‬
‫للسلم والمسلمين‪ ،‬وإنا لله وإنا إليه راجعون ‪.‬‬

‫هشام ومحمد علي حافظ‬

‫‪-3-‬‬
‫تقريــر وبيــان‬

‫مقدمة مختصرة‬

‫لقد كتبت بيانا ً مجمل ً قبل هذا تنقصسسه تفصسسيلت كسسثيرة‪ ،‬كمسسا تنقصسسه‬

‫وقائع وبيانات كثيرة‪ .‬ولقد أسىء فهم مسسوقفي وتقسسدير دوافعسسي فسسي كتسسابه‬

‫ذلسسك البيسسان علسسى ذلسسك النحسسو‪ .‬وأرجسسو أن يكسسون فسسي هسسذا التقريسسر الجديسسد‬

‫المفصل ما يفي بالمطلوب وما يجعل موقفي مفهوما ً على حقيقته‪.‬‬

‫والله يعلسم أننسسي لسسم أكسن حريصسا ً علسى نفسسسي ول قصسدت تخليسص‬

‫شخصي بذلك الجمال‪ .‬ولكنني – ويجب أن أعترف بذلك – كنت أحاول أول ً‬

‫وقبل كل شيء حماية مجموعة مسسن الشسسباب السسذي عمسسل معسسي فسسي هسسذه‬

‫الحركة بقدر ما أملك لعتقادي أن هذا الشباب من خيرة من تحمسسل الرض‬

‫في هذا الجيل كله‪ ،‬وأنه ذخيرة للسسسلم وللنسسسانية حسسرام أن تبسسدد وتهسسدر‪.‬‬

‫وإنني مطالب أمام الله أن أبذل ما أملك لنجاتهم‪ ،‬وإن ذلك البيان المجمسسل‬

‫الذي ل يحتوي كل التفاصيل الدقيقة هو كل ما أملكه في الظسسرف الحاضسسر‬

‫للتخفيف عنهسسم‪ ،‬وقسسد يشسسملني هسسذا التخفيسسف ضسسمنًا‪ ،‬ولكسسن اللسسه يعلسسم أن‬

‫شخصي لم يكن في حسابي‪ ،‬وقد احتملت المسؤولية كاملة منذ أول كلمسسة‬

‫وقلت‪:‬‬

‫إنه آن أن يقــدم إنســان مســلم رأســه ثمن ـا ً لعلن وجــود‬

‫حركة إسلمية وتنظيم غير مصرح به قام أصل ً على أساس أنــه‬

‫قاعــدة لقامــة النظــام الســلمي‪ ،‬أيــا ً كــانت الوســائل الــتي‬

‫سيستخدمها لذلك‪ .‬وهذا فــي عــرف القــوانين الرضــية جريمــة‬

‫تستحق العدام!‪.‬‬

‫‪-4-‬‬
‫ويجب أن أبين في هذه المقدمسسة القصسسيرة أن تقسسديمي ذلسسك البيسسان‬

‫الول المجمل بهذا القصد هو واجبي كمسلم‪ .‬فالسير المسلم ل ينبغسي لسه‬

‫أن يسسدل علسسى مسسا وراءه مسسن جنسسد السسسلم ول يكشسسف مقاتسسل المسسسلمين‬

‫وعوراتهم ما أمكنه‪.‬‬

‫وقد كنت أؤدي واجبي بمفهومي السلمي متعامل ً فيه مع الله بغسسض‬

‫النظر عن نظرة القوانين والهيئات البشرية‪.‬‬

‫ولكني الن وقد بينت أن هسذا الشسباب قسد قسرر كسل تفاصسيل أدواره‬

‫الخاصة والعامة‪ ،‬وإننسسي أنسسا ل أدل عليهسسم بشسسيء‪ ،‬فقسسد ارتفسسع الحسسرج عسسن‬

‫صدري في ذكر كل التفاصيل‪ ،‬مع محاولة ترتيبها ترتيبا ً زمنيا ً بقدر المكسسان‪.‬‬

‫فإذا غاب بعضها عن ذاكرتي فيمكن السؤال عنها وتذكيري بها عسسن طريسسق‬

‫أفوال مجموعة الشباب الخمسة أو غيرهسسم ممسسن ورد فسسي أقسسوالهم شسسيء‬

‫عنها‪ .‬والترتيب الزمني التاريخي هو خير وسيلة تساعدني على التذكر‪.‬‬

‫ولبد أن أقول للسادة المشرفين علسسى القضسسية إننسسي ل أسسستطيع أن‬

‫أكتب إل بطريقتي الخاصة ‪ ..‬طريقة الكاتب الذي زاول الكتابة أربعين سنة‬

‫بأسلوب معين وطريقة معينة ‪ ..‬فبعض الوقائع لبد من التعليسسق عليهسسا عنسسد‬

‫ذكرها وبيان أسبابها ودوافعها والظروف المحيطة بها‪ ،‬وبعضها يمكن ذكسسره‬

‫مجردا ً بل تعليق ول تعقيب‪ .‬وهذا قسسد يضسسايقهم أحيانسا ً لنهسسم يريسسدون فقسسط‬

‫سلسلة الحوادث والوقائع والشخاص‪.‬‬

‫ولن أذكر على كل حال من التعليقات إل ما أرى ضرورته وأهميته‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫سرد تاريخي لنشاطي في حركة الخوان المسلمين‬
‫وبيان للحوادث‬

‫سأختصر في بياني هذا النشاط مسسن وقسست التحسساقي بالجماعسسة سسسنة‬

‫‪ 1953‬إلى سنة ‪ 1962‬لتوسع فيمسسا بعسسد ذلسسك‪ .‬إذ أن هسسذه الفسسترة الولسسى‬

‫ليس فيها – بالنسبة لي شيء ذو أهمية‪ ،‬أكثر من أنه تمهيد للفسسترة التاليسسة‪.‬‬

‫ثم إن أحداثها قد انتهى أمرها فيما عدا حادثا ً واحدا ً شديد الهمية‪ ،‬ولو ثبسست‬

‫فقد يغير وجه تاريخ العلقات بين الدولة والخوان المسسسلمين‪ ،‬ويغيسسر وضسسع‬

‫قضية ‪ 1954‬وسأذكره في مناسبة في سياق التقرير‪.‬‬

‫لم أكن أعرف إل القليل عن الخوان المسلمين إلى أن سافرت إلى‬

‫أمريكا في ربيع ‪ 1948‬في بعثة لوزارة المعارف )كما كان اسمها في ذلسسك‬

‫الحين( وقد قتل الشهيد حسن البنا وأنا هناك فسي عسام ‪ ،1949‬ولقسد لفست‬

‫نظري بشدة ما أبدته الصحف المريكية‪ .‬وكذلك النجليزية التي كانت تصل‬

‫إلى أمريكا من اهتمام بالغ بالخوان ومن شسسماتة وراحسسة واضسسحة فسسي حسسل‬

‫جماعتهم وضربها وفي قتل مرشدها‪ ،‬ومن حديث عن خطسسر هسسذه الجماعسسة‬

‫على مصسسالح الغسسرب فسسي المنطقسسة وعلسسى ثقافسسة الغسسرب وحضسسارته فيمسسا‪،‬‬

‫وصدرت كتب بهذا المعنى سنة ‪ 1950‬أذكر منها كتابا ً لجيمس هيسسوارث دن‬

‫بعنوان‪ :‬التيارات السياسية والدينية في مصر الحديثة‪ ..‬كل هذا لفت نظري‬

‫إلى أهمية هذه الجماعة عند الصهيونية والستعمار الغربي ‪ ..‬فيا لوقت ذاته‬

‫صدر لي كتاب )العدالة الجتماعية في السلم( سنة ‪ 1949‬مصدرا ً بإهسسداء‬

‫هذه الجملة‪) :‬إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين‬

‫جديدا ً كما بدأ‪ ،‬يجاهدون في سبيل الله ل يخافون لومسسة لئم ‪ ..‬السسخ( ففهسسم‬

‫‪-6-‬‬
‫الخوان في مصر أنني أعنيهم بهذا الهداء‪ ،‬ولم يكن المسسر كسسذلك‪ ،‬ولكنهسسم‬

‫من جانبهم تبنوا الكتاب‪ ،‬واعتسسبروا صسساحبه صسسديقًا‪ ،‬وبسسدأوا يهتمسسون بسسأمره‪،‬‬

‫فلما عدت في نهاية عام ‪ 1950‬بدأ بعسض شسسبابهم يزورنسي ويتحسدث معسي‬

‫عن الكتاب ولكن لسسم تكسسن لهسسم دار لن الجماعسسة كسسانت ل تسسزال مصسسادرة‪.‬‬

‫واستغرقت أنا عام ‪ 1951‬في صراع شديد بسالقلم والخطابسة والجتماعسات‬

‫ضد الوضاع الملكية القائمة والقطسساع والرأسسسمالية وأصسسدرت كتسسابين فسسي‬

‫الموضوع غير مئات المقالت في صحف الحزب السسوطني الجديسسد والحسسزب‬

‫الشتراكي ومجلة السسدعوة السستي أصسسدرها السسستاذ صسسالح عشسسماوي ومجلسسة‬

‫الرسالة وكل جريسسدة أو مجلسسة قبلسست أن تنشسسر لسسي‪ ،‬بل انضسسمام لحسسزب أو‬

‫جماعة معينة وظل الحال كذلك إلى أن قامت ثورة ‪ 23‬يوليو سنة ‪.1952‬‬

‫ومرة أخرى استغرقت كذلك فسي العمسل مسع رجسال ثسورة ‪ 23‬يوليسو‬

‫حتى فبراير سسسنة ‪ 1953‬عنسسدما بسسدأ تفكيسسري وتفكيرهسسم يفسسترق حسسول هيئة‬

‫التحرير ومنهج تكوينها وحول مسائل أخرى جارية في ذلك الحيسسن ل داعسسي‬

‫لتفصسسيلها‪ ..‬وفسسي السسوقت نفسسسه كسسانت علقسساتي بجماعسسة الخسسوان تتوثسسق‬

‫باعتبارها في نظسسري حقل ً صسسالحا ً للعمسسل للسسسلم علسسى نطسساق واسسسع فسسي‬

‫المنطقة كلها بحركة إحياء وبعث شاملة‪ ،‬وهي الحركة السستي ليسسس لهسسا فسسي‬

‫نظري بديل يكافئها للوقسسوف فسسي وجسسه المخططسسات الصسسهيونية والصسسليبية‬

‫الستعمارية التي كنت قد عرفت عنها الكثير وبخاصة في فترة وجودي في‬

‫أمريكا‪.‬‬

‫وكانت نتيجة هذه الظسروف مجتمعسة انضسمامي بالفعسل سسنة ‪1953‬‬

‫إلى جماعة الخوان المسلمين‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫ومع ترحيبهم – على وجه الجمسسال‪ -‬بانضسسمامي إلسسى جمسساعتهم إل أن‬

‫مجال العمل بالنسبة لي في نظرهم كان في المسسور الثقافيسسة لقسسسم نشسسر‬

‫الدعوة ودرس الثلثاء والجريدة التي عملت رئيسسا ً لتحريرهسا وكتابسة بعسض‬

‫الرسائل الشهرية للثقافة السلمية ‪ ..‬أما العمال الحركية كلها فقد ظلسست‬

‫بعيدا ً عنها‪.‬‬

‫ثم كانت حوادث ‪ 1954‬فاعتقلت مع مسسن اعتقلسسوا فسسي ينسساير وأفسسرج‬

‫عنهم في مارس! ثم اعتقلت بعسسد حسسادث المنشسسية فسسي ‪ 26‬أكتسسوبر كسسذلك‪،‬‬

‫واتهمت بأني في الجهاز السري ورئيس لقسم المنشسسورات بسسه‪ ،‬ولسسم يكسسن‬

‫شيء من هذا كله صحيحًا!‪.‬‬

‫وأرجو أن يلحظ أنني ل أقصد تبرئة نفس من عمل سجنت من أجله‬

‫عشر سنوات وانتهى أمره ول قيمة لتبرئة نفسي منه الن‪ .‬وإنما هذا جانب‬

‫منا لصورة التي لها دخل قوي في الوقائع الجديدة وهذه كل أهميتها ‪ ..‬وهنا‬

‫يجئ ذكسسر الحسسادث الوحيسسد ذي الهميسسة بالبالغسسة فسسي حسسوادث ‪ 1954‬السسذي‬

‫أشرت إليه وهو حادث المنشسسية ومسسا يحيسسط بسسه‪ .‬وأرجسسو أن يفسسسح السسسادة‬

‫المشرفون على قضية اليوم صدورهم لسماع كسسل التفصسسيلت والمقسسدمات‬

‫التي أحاطت به وسبقته وعندي عنها علم أو استنتاج‪ ،‬وأل يعتبروهسسا متعلقسسة‬

‫بقضية تاريخية انتهى أمرها ول داعي لضياع الوقت في الحديث عنهسسا‪ ،‬فسسإن‬

‫لها علقة قوية جدا ً بالقضية الجديدة وبكل وقائعها وحوادثها ودوافعها‪.‬‬

‫في عام ‪ 1951‬سافر الدكتور أحمد حسين وزير الشؤون الجتماعيسسة‬

‫في وزارة الوفد إلى أمريكا‪ ،‬وعاد منهسسا مسسستقيل ً مسسن السسوزارة‪ ،‬ورغسسم كسسل‬

‫الترضيات التي قدمها له النحاس باشا فقسسد أصسسر علسسى السسستقالة ثسسم أخسسذ‬

‫بعسسدها فسسي تكسسوين )جمعيسسة الفلح( وفسسي مقدمسسة أهسسدافها تحقيسسق العدالسسة‬

‫‪-8-‬‬
‫الجتماعية للفلحين والعمال وبرنامج ضخم حسسول هسسذه الهسسداف‪ ..‬وهللسست‬

‫الصحافة المريكية للجمعية بصورة كشفت عن طبيعة العلقة بين الجمعيسسة‬

‫والسياسة المريكية في المنطقة‪ ..‬ووضعت الهالت الكسسبيرة حسسول الشسساب‬

‫الدكتور أحمد حسين وحرمه المتخرجة على ما أذكر من الجامعة المريكيسسة‬

‫– وانضم إلى هذه الجمعيسة رجسال كسثيرون برياسسسة الشساب السسدكتور أحمسسد‬

‫حسين مع أنهم أكبر منه شأنا ومقاما ً في ذلك الحين‪ ،‬منهم السسدكتور محمسسد‬

‫صلح الدين وزير خارجية وزارة الوفد والدكتور عبد الرزاق السنهوري وزير‬

‫المعارف في وزارة السعديين ورئيس مجلس الدولسسة مسسن قبسسل وأمثسسالهم‪..‬‬

‫وهي ظاهرة تلفت النظر‪ .‬وكان الشيخ الباقوري ممسسن انضسسم إليهسسا‪ ،‬المهسسم‬

‫فيما يتعلق بالخلف بين رجال الثورة والخوان المسلمين‪ .‬وكنت فسسي ذلسسك‬

‫الوقت ألحظ نموه عن قرب‪ ،‬لنني أعمسسل أكسسثر مسسن اثنسستي عشسسرة سسساعة‬

‫يوميا ً قريبا ً من رجال الثورة ومعهم ومع من يحيسسط بهسسم‪ ..‬أقسسول المهسسم أن‬

‫السسستاذ فسسؤاد جلل )تسسوفي وكسسان وزيسسرا ً فسسي أول وزارة برياسسسة الرئيسسس‬

‫السسسابق محمسسد نجيسسب( كسسان مسسن بيسسن أعضسساء جمعيسسة الفلح وكسسان وكيل ً‬

‫للجمعية‪ .‬وكنت ألحظ في مناسسسبات كسسثيرة أنسسه يغسسذي الخلف بيسسن رجسسال‬

‫الثورة والخوان المسلمين‪ ،‬ويضخم المخاوف منهم‪ .‬ويستغل ثقسسة الرئيسسس‬

‫جمال عبد الناصر به‪ ،‬ويبث هذه الفكار في مناسبات كثيرة لم يكن يخفيهسا‬

‫عني لنه كسسان يرانسسي كسسذلك مقربسا ً مسسن رجسسال الثسسورة وموضسسع ثقتهسسم مسسع‬

‫ترشيحهم لي لبعسسض المناصسسب الكسسبيرة الهامسسة ومسسع تشسساورنا كسسذلك علسسى‬

‫المفتسسوح فسسي الحسسوال الجاريسسة إذ ذاك‪ ،‬مثسسل مسسسائل العمسسال والحركسسات‬

‫الشيوعية التخريبية بينهم بل مثل مسألة النتقسسال ومسسدتها والدسسستور السسذي‬

‫يصدر فيها ‪ ..‬الخ‪..‬‬

‫‪-9-‬‬
‫المهسسم أننسسي كنسست أربسسط بيسسن خطسسة السسستاذ فسسؤاد وجمعيسسة الفلح‬

‫كمنظمسسة أمريكيسسة التجسساه والتصسسال وبيسسن إشسسعال الخلف بيسسن الثسسورة‬

‫والخوان‪ ،‬وقد حاولت في وقتها مسسا أمكسن منسسع التصسسادم السسذي كنسست المسسح‬

‫بوادره‪ ،‬ولكني عجزت‪ ،‬وتغلب التجاه الخر في النهاية‪.‬‬

‫ولكن ما علقسة هسذه المقدمسة الطويلسة بحسادث المنشسية؟ والقضسية‬


‫الجديدة؟ منذ أن وقع هذا الحادث وأنا أشك في تدبيره لم أكن أعلسسم شسسيئا ً‬

‫يقينيا ً عن ذلك‪ .‬ولكن كل الظروف المحيطة كسسانت تجعلنسسي أشسسك فسسي أنسسه‬

‫ليس طبيعيًا‪ .‬كان شيء ما يلح على تفكيري في أنسسه مسسدبر لتكملسسة الخطسسة‬

‫التي تنتهي بالتصادم الضخم بين الثورة والخوان تحقيقسا ً لهسداف أجنبيسة ‪..‬‬

‫ارجح من اسسستقراء الحسسوال ومسسن خطسسة السسستاذ فسسؤاد جلل وكيسسل جمعيسسة‬

‫الفلح أنها أمريكية!‬

‫وعندما كان السيد صلح دسوقي يستجوبني هنا في السجن الحربسسي‬

‫عام ‪ 1954‬صارحته برأيي في تدبير الحادث‪ ..‬وقد انتفض وقتها بشدة وهسسو‬

‫يقول لي‪ :‬هل أنت كذلك بكل ثقافتك من الذين يقولون أنها تمثيلية؟ وقلت‬

‫له‪ :‬أنا ل أقول أنها تمثيلية ولكني أقول أنها مدبرة لهدف معيسسن وأن أصسسبعا‬
‫أجنبيا ً ذات دخل فيها‪ ..‬قال لي وقتها وقد هدأ اضطرابه‪ :‬جايز! ولكن واحدا ً‬

‫من الخوان المسلمين هو السسذي قسسام بالحسسادث! ثسسم أعسسود لسسسرد الحسسداث‬

‫المتعلقة بنشاطي بعد عام ‪ 1954‬أن شعوري وتقديري بأن حادث المنشية‬

‫مدبر تدبيرًا‪ ،‬جعل يمل نفسي رغبة في معرفة الحقيقسسة غيسسر أننسسي لسم أجسسد‬

‫أحدا ً ممن التقيست بهسم فسي سسجن طسره عسام ‪ 1955‬وكسانوا كسثيرين قبسل‬

‫ترحيلهم إلى الواحات يدلني على هذه الحقيقة ‪ ..‬كسسل مسسن سسسألتهم ومنهسسم‬

‫ناس قريبون جدا ً من محمود عبد اللطيف السسذي انطلقسست الرصاصسسات مسسن‬

‫‪- 10 -‬‬
‫مسدسسسه ومسن هنسسداوي دويسر كسسذلك قسالوا لسي‪ :‬المسسسالة غامضسة ومسوش‬

‫عارفين الحكاية دي حصلت ازاي‪ .‬وبعضهم قال‪ :‬المسألة فيها سر ل يمكسسن‬

‫الن معرفته ‪ ..‬وكانت كل الجوبة ل تملك أن تعطيني الحقيقة ‪..‬‬

‫غيسسر أن هسسذا كلسسه كسسان يزيسسد نفسسسي شسسعورا ً مسسن ناحيسسة أخسسرى بسسأن‬

‫السياسة المخططة مسسن جسسانب الصسسهيونية والصسسليبية السسستعمارية لتسسدمير‬

‫حركة الخوان المسلمين فسسي المنطقسسة تحقيقسا ً لمصسسالح ومخططسسات تلسسك‬

‫الجهات قد تحققت بنجاح ‪ ..‬وأنه في الوقت ذاته لبد من محاولة الرد على‬

‫تلك المخططات بإعادة حيسساة ونشسساط الحركسسة السسسلمية حسستى ولسسو كسسانت‬

‫الدولة لسبب أو أكثر ل تريد‪ .‬فالدولة تخطئ وتصيب!‬

‫كما أنها كانت تمل نفسي شعورا ً بسسالظلم السسذي أصسساب آلف الفسسراد‬

‫وآلف السر والبيوت‪ .‬بناء على حادث واضح جدا ً تدبيره‪ -‬حتى ولو لم يعلم‬

‫بالضبط في ذلك الوقت من دبسسره‪ -‬وبنسساء علسى الرغبسسة مسن حمايسة النظسسام‬

‫القائم من خطر ضخمته أجهزة غريبسسة الهسسداف واضسسحة كسسذلك مسسن كتبهسسم‬

‫وجرائدهم وتقريراتهم وفي مقدمتها تقريسسر جونسسسون عسسن نهسسر الردن‪ .‬ثسسم‬

‫تضخم هذا الشعور وأنا أرى النتائج الواقعية في حياة المجتمع المصري من‬

‫انتشسسار هسسائل للفكسسار اللحاديسسة وللنحلل الخلقسسي نتيجسسة لتسسدمير حركسسة‬

‫الخوان المسلمين ووقف نشاطها التربوي‪ .‬وكأنما كان وجود هذه الجماعة‬

‫سدا ً قد انهار وانطلق بعده التيار‪.‬‬

‫وكنت أسمع عن ذلك كله في السجن‪ ،‬ولما خرجت وجدت أن كل ما‬

‫سمعت كان دون الحقيقة بكثير لقد تحول المجتمع إلى مستنقع كبير!‬

‫‪- 11 -‬‬
‫إن المسألة أكبر بكثير مما يبسطها الذين ينظرون لما حدث على انه‬

‫مجرد تطور‪ ،‬أنها تتعلق بالمخططات الصهيونية والصليبية السسستعمارية فسسي‬

‫تدمير المقومات الساسية للعناصر البشرية في المنطقة بحيث تصبح هسسذه‬

‫المليين حطاما ً منهارا ً ل يملك المقاومسسة حستى لسسو وضسعت فسسي يسسده أقسسوى‬

‫السلحة‪ .‬فالرجال هم الذين يحركون السلحة وليسسست السسلحة هسي الستي‬

‫تحرك الرجال‪ .‬والمجتمعات حين تنهار عقيديا ً وخلقي سا ً تصسسبح الملييسسن فيهسسا‬

‫غثاء ل يقف في وجه التيار‪.‬‬

‫ويستطيع النسان أن يلحظ بسهولة علقة هذا النحدار بتدمير حركة‬

‫الخوان المسلمين ومنع نشاطها‪ ،‬كما يستطيع أن يربسسط بيسسن هسسذا التسسدمير‬

‫وبين الخطسسط الصسسهيونية والصسسليبية السسستعمارية بخصسسوص هسسذه الجماعسسة‬

‫وبخصوص المنطقة بجملتها‪.‬‬

‫هذه هي رؤيتي للموقف السستي انطلسسق منهسسا التصسسميم علسسى ضسسرورة‬

‫العمسسل لحركسسة إسسسلمية امتسسدادا ً لحركسسة الخسسوان المسسسلمين المصسسادرة‬

‫الموقوفة‪ .‬مع النتفاع بالتجربة وبالتجارب التي سبقتها‪.‬‬

‫وفيما بين عام ‪ 1955‬وعام ‪ 1962‬كسسان التفكيسسر فسسي منهسسج الحركسسة‬

‫وطريقة البدء بها ‪..‬‬

‫وهنا تبدأ مرحلة جديدة ذات وقائع محددة سأذكرها تفصي ً‬


‫ل‪.‬‬

‫ملحظة‪:‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫تذكرت الن حادثة أخرى تضاف إلى حادث المنشية وظروفها تقع ما‬

‫بين سنتي ‪،1955‬س ‪ 1957‬لذلك سأؤجل مؤقتا ً الحديث عن محاولة تكسسوين‬

‫حركة في سنة ‪ 1962‬كما قلت في الفقرة السسسابقة‪ ،‬حسستى اسسسرد ظسسروف‬

‫تلك الحادثة التي تذكرتها ‪..‬‬

‫مذبحة طرة‬

‫إنه بعد كل ما قاسسساه الخسوان المسسسلمين بعسد حسادث المنشسسية مسن‬

‫اعتقسسال اللسسوف منهسسم‪ ،‬وتعرضسسهم للسسوان مسسن التعسسذيب الطويسسل‪ ،‬وسسسجن‬

‫المئات منهم وهم حوالي اللف وتخريب بيوتهم‪ ،‬وتشريد أطفالهم ونسائهم‬

‫الذين لم يشتركوا في أي نشاط دون أية كفالة من الدولة ول حسستى معونسسة‬

‫للبيوت التي انقطعت أرزاقها وللطفال والنساء البرياء‪.‬‬

‫بعد هذا كله رأيت أن هناك محاولت تبذل لخلق ظسسروف وملبسسسات‬

‫يمكن بها إيقاع مذبحة كسسبرى للمسسسجونين والمعتقليسسن تحسست سسستار كسسستار‬

‫حادث المنشية‪..‬‬

‫حوالي إبريل ومايو ‪ 1955‬كان الخوان مقسمين على ثلثة سسسجون‪:‬‬

‫ليمان طرة وبه حوالي ‪ 400‬أو أقسل أو أكسثر )ل أتسذكر( وسسجن مصسر وبسه‬

‫حوالي هذا العدد‪ .‬والسجن الحربي وبه أكسسثر مسسن ألفيسسن ممسسن لسسم يقسسدموا‬

‫للمحاكمة أو حكم عليهم مع إيقاف التنفيذ‪ ..‬في مجموعة طسسرة كسسان هنسساك‬

‫بعض الضباط السابقين‪ :‬فؤاد جاسر‪ ،‬وحسين حمودة‪ ،‬وعبد الكريم عطيسسة‪،‬‬
‫وجمال ربيع‪ ..‬وفي السجن الحربي كسسان معسسروف الخضسسري ول أذكسسر أحسسدا ً‬

‫غيره‪.‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫المهم أن جمال ربيع أخذ يعرض مشروعا ً يتلخص في محاولة موحدة‬

‫التوقيت بين المجموعات الثلث في السسسجون الثلثسسة للخسسروج بسسالقوة مسسن‬

‫السجون بعسسد السستيلء علسى أسسسلحة الكتسائب بهسا ‪ ..‬ثسسم التجمسع مسع بقيسسة‬

‫الخوان في الخارج – حسب خطته العسكرية التي ل أفهسسم فسسي تفصسسيلتها‬

‫الفنية! بعد عبور النيل لمحاولة عمل انقلب بعد التصال بوحدات عسسسكرية‬

‫يتصل هو بها‪ ،‬أو هو على اتصال بها )ل أتذكر تماما ً لني لسسم أعسسر الموضسسوع‬

‫اهتماما ً جديا ً من هذه الوجهة(‪.‬‬

‫عرض هسذا المشسسروع – كمسا قسال لسي‪ -‬علسي فسسؤاد جاسسسر‪ ،‬وحسسين‬

‫حمودة فلم يوافقا‪ ،‬وعرض علي الستاذ صالح أبو رقيق فشتمه وعنفه كمسسا‬

‫قال لي فيما بعد الستاذ صالح ‪ ..‬وعرضه جمال ربيع علي قائ ً‬
‫ل‪ :‬إنسسه ل يجسسد‬

‫في الخوان خمسين رجل ً قلسسوبهم حديسسد لتنفيسسذ خطتسسه‪ .‬ومسع عسسدم خسسبرتي‬

‫بالمسائل العسكرية الفنية فقد أحسسسست أنهسسا محاولسسة انتحاريسسة جنونيسسة ل‬

‫يجوز التفكير فيها ‪ ..‬ولكنه هسو أخسذ يلسح علسي إلحاحسا ً شسديدا ً فسي ضسرورة‬

‫التفكير الجدي في الخلص‪ ،‬وفق خطتسه الستي يضسمن نجاحهسا مسن الوجهسة‬

‫الفنية‪.‬‬

‫في ذلك الوقت أنا كنت في طرة معتقل ً ولم يصسسدر علسسى حكسسم بعسسد‬

‫ولم أحاكم‪ ،‬وذلك بسبب تمزق في الرئتني ونزيف حسساد اقتضسسى نقلسسي مسسن‬

‫السجن الحربي في ‪ 25‬يناير ‪ 1955‬إلى مصحة ليمان طسسرة للعلج‪ ..‬وفسسي‬

‫إبريل كانت حالتي تحسنت نوعا ً وتقرر إعسسادتي للسسسجن الحربسسي لتقسسديمي‬

‫للمحاكمة ‪ ..‬فجاءني ربيع قائ ً‬


‫ل‪ :‬إنه تدبير اللسسه أن أذهسسب الن إلسسى السسسجن‬

‫الحربي لمقابلة معروف الحضري هناك وعرض خطتسسه عليسسه للتفسساق فيمسسا‬

‫بعد على التفصيلت وتوحيد التسسوقيت ‪ ..‬ومسسع عسسدم اقتنسساعي لحظسسة واحسسدة‬

‫‪- 14 -‬‬
‫بجدية خطة كهذه فقد عرضت المسألة على معروف وقبسسل أن يعلسسم منسسي‬

‫من هو صاحب الخطة قال فسي عصسبية‪ :‬دى دسيسسة لتسدبير مذبحسة كسبرى‬

‫للخوان الذين في السجون والذين في الخارج جميعًا‪ ،‬ثم سأل من صسساحب‬

‫هسسذه الخطسة؟ فقلست لسه‪ :‬جمسال ربيسع! وكنسست أعسسرف أنهمسا صسديقان وأن‬

‫معروف اعتقل هو وجمال في بيت خال الخيسسر وهنسا قسال لسي‪ :‬ل‪ .‬ل تقسول‬

‫له‪ :‬دي عملية انتحارية ‪ ..‬ول يجوز التفكير فيها أص ً‬


‫ل‪.‬‬

‫ثم حوكمت وعدت إلى ليمان طرة وأبلغت جمال رأي معروف ولكنه‬

‫ظسسل كمسا علمسست يحسساول إقنسساع الخسسوان بضسسرورة تنفيسسذ الخطسسة حيسسث لسسم‬

‫يستجيبوا له‪ .‬في ذلك الوقت كان قائد كتيبة ليمسان طسره وهسو إلصساغ عبسد‬

‫الباسط البنا وقد رأيته يزور مصحة الليمان ثلث مرات ويسلم علي – على‬

‫غيسسر معرفسسة سسسابقة‪ -‬ويحسسدثني فسسي ضسسرورة تخليسسص الخسسوان السسذين فسسي‬

‫السسسجون لنهسسم هكسسذا يسسستهلكون تمامسا ً وخصوصسا ً هسسؤلء السسذين يقطعسسون‬

‫الحجار في جبل طرة مع كبار المجرمين‪ .‬ومع معرفتي أنه لم يكن يوما ً ما‬

‫من الخوان في حياة أخيه الشسسهيد حسسسن البنسسا فقسسد سسسألته‪ :‬وكيسسف ذلسسك؟‬

‫فقال‪ :‬إنه كقائد لكتيبة يضع نفسه وأسلحة الكتيبة تحت تصرفنا لنه لم يعد‬

‫يطيق منظر طابور الخوان في الجبل‪.‬‬

‫وهنسسا تسسذكرت خطسسة جمسسال ربيسسع ورنسست فسسي أذنسسي كلمسسات معسسروف‬

‫الحضري العصسسبية‪ :‬دى دسيسسسة لتسسدبير مذبحسسة كسسبرى للخسسوان السسذين فسسي‬

‫السسسجون والسسذين فسسي الخسسارج جميع سًا‪ ..‬وقلسست لسسه‪ :‬إحنسسا متشسسكرين علسسى‬

‫عواطفك ولكن نحن نرى أننا أدينا واجبنا وانتهسست مهمتنسسا بسسدخول السسسجون‬

‫ولم نعد نستطيع عمل شيء فمن أراد أن يعمل غيرنا فليعمل ‪ ..‬وانقطعسست‬

‫زيارته عني بعد ذلك‪ .‬ثم نقل من الكتيبة ورحل بعسسدها عسسدد مسسن الخسسوان –‬

‫‪- 15 -‬‬
‫وفيهم كل كبسسار المسسسؤولين وكسسل أعضسساء النظسسام الخسساص كمسسا سسسمعت أو‬

‫معظمهم‪ -‬ولم يبق من كبار الخوان إل الستاذ منير الدلة‪ ،‬وكان جمال ربيع‬

‫فيمن رحلوا إلى اللوحات وقد ظل هناك كما علمت من السسستاذ صسالح أبسسو‬

‫رقيق فيما بعد يحاول محاولته بين الخوان‪.‬‬

‫لم تفح المحاولة للمذبحة على هسسذا النطسساق الواسسسع‪ .‬ولكسسن محاولسسة‬

‫أخرى قد أفلحت في ليمسسان طسسرة عسسام ‪ .. 1957‬كسسان هنسساك ضسسابط برتبسسة‬

‫ملزم أول في ذلك الوقت أو يوزباشي اسمه عبسسد اللسسه مسساهر علسسى علقسسة‬

‫ظاهرة بالخمسة الشبان اليهود المسجونين في حادث جاسوسية يؤدي لهم‬

‫خدمات واضحة حتى ليحمل لهم طعامهم التي من بيوتهم بنفسه المر غير‬

‫المعهود في الليمان‪ .‬ويحتفي بأخت واحد منهم حفاوة مكشوفة للسسسجانين‬

‫والنوبتجية من المذنبين ‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫هذا الضابط بدأ التحرش والستفزاز للخوان بشكل ظسساهر ممسسا أدى‬

‫شيئا ً فشيئا ً إلى خلق جو مشحون بسسالتوتر بيسسن إدارة الليمسسان والخسسوان ثسسم‬

‫انسسدفع معسسه ضسسابط آخسسر برتبسسة صسساغ ل يحضسسرني اسسسمه الن حسستى احتسسك‬

‫بمجموعة من الشبان الطائشين المعروفيسن بيسن إخسوانهم ولدارة السسسجن‬

‫بطيشهم‪-‬وكان الستاذ منير قد أفرج عنه ولم تعد لمجموعة الشباب الباقية‬

‫في الليمان أية قيادة عاقلة مجربسة‪ -‬ووقسع بيسن ذلسك الضسسابط وبيسن هسؤلء‬

‫الشبان تماسك باليدي فع ً‬


‫ل‪-‬ثم انتهت المسألة بوضع عدد من الخوان فسسي‬

‫التأديب‪.‬‬

‫وظلت خطة الستفزاز وشحن الجو بالتوتر من جسسانب الضسسابط عبسسد‬

‫الله ماهر ورئيسه هذا حتى جاء يوم علم الخوان الذين يخرجون للجبسسل أن‬

‫هناك خطة لضربهم بالرصاص في الجبل بحجة محاولتهم التمرد أو الهسسرب‪،‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫فرأوا تفويتا ً لهذه الخطة أن يعتصموا بالزنسازين فسي اليسوم التسالي ويطلبسوا‬

‫حضور النيابة لخطارها بما وصل إلى أسماعهم من تلك الخطة السستي تسسدبر‬

‫لهم وهنا أمرت الكتيبة بضربهم بالرصاص داخل عنبرهم بل داخل الزنسسازين‬

‫بالنسبة لعدد كبير منهم‪ ..‬وقتل ‪ 21‬وجرح حوالي ذلك‪.‬‬

‫وواضح أنه كان في المكان وهم داخل عنسسبر مغلسسق اتخسساذ إجسسراءات‬

‫أخرى إذ يكفي في هذه الحالة سحب السجانة القلئل مسسن العنسسبر وإغلقسسه‬

‫من الخارج وقطع الماء والزاد عنهم ‪ 24‬ساعة فقط‪ .‬وهنا يستسلمون حتى‬

‫لو كانوا فعل ً متمرديسن! ولكسن الجسراء السذي اتخسذ وفسي ظسل ذلسك الخسط‬

‫المتسلسل من الحوادث يدل بوضوح على أنها خطة مذبحة متصلة وراءهسسا‬

‫يد مدبرة‪ .‬ل يهمني الن تعيينها بقسسدر مسسا يهمنسسي مسسا تركتسسه هسسذه السلسسسلة‬

‫مقصودة بالذات القضاء عليها لصسسالح جهسسات أجنبيسسة‪ .‬وأن شسستى التسسدبيرات‬

‫تتخسسذ وشسستى الوسسسائل لتسسدمير أشخاصسسها بالتعسسذيب أو تسسذبيحهم أو تخريسسب‬

‫بيوتهم للقضاء في النهاية على التجاه من أساسه‪.‬‬

‫ولعله لم يكن من المصادفات كذلك أن يكون السيد صسسلح دسسسوقي‬

‫هو المشرف على التحقيق في مذبحة طسسرة‪ .‬وقسسد شسساع بيسسن الخسسوان فسسي‬

‫ذلك الحين أن التحقيق الذي تسسدريه النيابسسة كسسان يتجسسه فسسي أول المسسر إلسسى‬

‫اعتبارهم مجنيا ً عليهم وأنه بعد حضور السيد صلح وحضور محقق آخر اتجه‬

‫التحقيق إلى اعتبارهم جناة‪ ،‬ول يهم الن تقدير قيمة هذا الذي شاع‪ .‬ولكسسن‬

‫يهم تقدير سير الحداث حتى أدت إلى تلك النتيجة‪ ..‬وما تتركه في النفسسس‬

‫من شعور بمؤامرات على الخوان ل من الخوان فيها!‬

‫‪- 17 -‬‬
‫الحركة السلمية تبدأ من القاعدة‬

‫أعود الن إلى سرد الحوادث وفق الخط الزمني التسساريخي ‪ ..‬وأوجسسه‬

‫النظر إلى أهمية الفقرات التالية بوصفها قاعدة للتنظيم الجديد الذي تقسسوم‬

‫عليه القضية الجديدة‪:‬‬

‫لقد امتلت نفسي بضسسرورة وجسسود حركسسة إسسسلمية كحركسسة الخسسوان‬

‫المسلمين في هذه المنطقة وضسسرورة عسسدم توقفهسسا بحسسال مسسن الحسسوال ‪..‬‬

‫الصسسهيونية والصسسليبية السسستعمارية تكسسره هسسذه الحركسسة وتريسسد تسسدميرها ‪..‬‬

‫ومخططاتهسسا الواضسسحة مسسن كتبهسسا ومسسن إجراءاتهسسا ومسسن تقريراتهسسا ومسسن‬

‫دسائسها تقوم كلها على أساس أضعاف العقيدة السسسلمية‪ ،‬ومحسسو الخلق‬

‫السلمية‪ ،‬وإبعاد السلم عن أن يكون هو قاعدة التشسسريع والتسسوجيه وذلسسك‬

‫للوصول إلى تدمير العقائد والخلق‪ ،‬وبالتسالي تسدمير المقومسات الساسسية‬

‫للمجتمسسع فسسي هسسذه المنطقسسة وإحسسداث انهيسسار يسسسهل معسسه تنفيسسذ تلسسك‬

‫المخططات‪ ..‬ووقف نشاط الخسسوان حقسسق الكسسثير مسسن هسسذه المخططسسات‪،‬‬

‫وساعد على نشر الفكار اللحادية والنحلل الخلقي‪.‬‬

‫الخوان المسلمون تدبر لهسسم المذابسسح فسسي حسسادث المنشسسية وحسسادث‬

‫طرة … جمعيسسة الفلح عسسن طريسسق أعضسسائها القريسسبين مسسن رجسسال الثسسورة‪،‬‬

‫تشسسحن الجسسو بسسالتوتر والمخسساوف وتعمسسل علسسى توسسسيع الهسسوة وتعميقهسسا ‪..‬‬

‫التعذيب والقتل والتشريد ينسسال اللسسوف مسسن العناصسسر المتدينسسة المتماسسسكة‬

‫الخلق‪ ،‬المينة المخلصة‪ ،‬وبيسسوتهم وأطفسسالهم ونسسساءهم‪ ..‬إلسسى آخسسر هسسذه‬

‫الصورة المزعة الكئيبة ‪ ..‬هذه هي الحصسسيلة السستي تجمعسست لسسدي فيمسسا بيسن‬

‫‪- 18 -‬‬
‫سنة ‪ 1954‬وسنة ‪ ،1962‬ليس معنى ذلك أنه لم تكن هناك أخطاء إطلقسسا ً‬

‫في حركة الخوان‪ ،‬ولكنها إلى جانب تلك الحصيلة تعد ضئيلة‪.‬‬

‫إن الحركة السلمية يجب أن تستمر‪ .‬إن القضاء عليها في مثل تلسسك‬

‫الحوال يعد عمل ً فظيعا ً جدا ً يصل إلى حد الجريمسسة‪ .‬إن الخطسساء الحركيسسة‬

‫يمكن أن تستبعد‪ ،‬ويمكن الستفادة من التجربة في تجنبها‪..‬‬

‫وبعد مذبحة طره لم يعد في الليمان أحد مسسن الخسسوان معسسي إل الخ‬

‫محمد يوسف هواش‪ ،‬والخ محمد زهدي سلمان‪ .‬وهذا الخير بحكم ثقسسافته‬

‫المحدودة ل يتمكن من المشاركة في أي تفكير مسسن هسسذا النسسوع‪ .‬فلسسم يبسسق‬

‫معي إل هواش‪.‬‬

‫وبعد مراجعة ودراسة طويلسسة لحركسسة الخسسوان المسسسلمين ومقارنتهسسا‬

‫بالحركة السلمية الولى للسلم اصبح واضحا ً في تفكيري – وفي تفكيسسره‬

‫كذلك‪ -‬أن الحركة السلمية اليوم تسواجه حالسسة شسسبيهة بالحالسة الستي كسانت‬

‫عليها المجتمعات البشسسرية يسسوم جسساء السسسلم أول مسسرة مسسن ناحيسسة الجهسسل‬

‫بحقيقة العقيدة السلمية‪ ،‬والبعسسد عسسن القيسسم والخلق السسسلمية – وليسسس‬

‫فقطا لبعد عن النظام السلمي والشريعة السسسلمية‪ -‬وفسسي السسوقت نفسسسه‬

‫توجد معسكرات صهيونية وصسسليبية اسسستعمارية قويسسة‪ ،‬تحسسارب كسسل محاولسسة‬

‫للسسدعوة السسسلمية وتعمسسل علسسى تسسدميرها عسسن طريسسق النظمسسة والجهسسزة‬

‫المحلية‪ ،‬بتسسدبير الدسسسائس والتوجيهسسات المؤديسسة لهسسذا الغسسرض‪ ،‬ذلسسك بينمسسا‬

‫الحركات السلمية تشغل نفسها في أحيان كثيرة بالستغراق في الحركات‬

‫السياسية المحدودة المحلية‪ ،‬كمحاربة معاهدة أو اتفاقية‪ ،‬وكمحاربسة حسزب‬

‫أو تأليب خصم في النتخابات عليه‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫كما أنها تشغل نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق النظسسام السسسلمي‬

‫والشريعة السلمية بينمسسا المجتمعسسات ذاتهسسا بجملتهسسا قسسد بعسسدت عسسن فهسسم‬

‫مدلول العقيدة السلمية والغيرة عليها‪ ،‬وعن الخلق السلمية‪ ..‬ولبد إذن‬

‫أن تبسسدأ الحركسسات السسسلمية مسسن القاعسسدة‪ :‬وهسسي إحيسساء مسسدلول العقيسسدة‬

‫السسسلمية فسسي القلسسوب والعقسسول‪ ،‬وتربيسسة مسسن يقبسسل هسسذه السسدعوة وهسسذه‬

‫المفهومات الصحيحة‪ ،‬تربية إسسسلمية صسسحيحة‪ .‬وعسسدم إضسساعة السسوقت فسسي‬

‫الحداث السياسية الجارية‪ .‬وعدم محسساولت فسسرض النظسسام السسسلمي عسسن‬

‫طريسسق السسستيلء علسسى الحكسسم قبسسل أن تكسسون القاعسسدة المسسسلمة فسسي‬

‫المجتمعات هي التي تطلسسب النظسسام السسسلمي لنهسسا عرفتسسه علسسى حقيقتسسه‬

‫وتريد أن تحكم به‪.‬‬

‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬ومع المضي في برنامسسج تربسسوي كهسسذا‪ ،‬لبسسد مسسن‬

‫حماية الحركة من العتسسداء عليهسسا مسسن الخسسارج‪ ،‬وتسسدميرها ووقسسف نشسساطها‬

‫وتعذيب أفرادها‪ ،‬وتشريد بيوتهم وأطفالهم تحت تأثير مخططات ودسسسائس‬

‫معادية‪ ،‬كالذي حدث للخسسوان سسسنة ‪ ،1948‬ثسسم سسنة ‪ 1954‬وسسسنة ‪،1957‬‬

‫وكالسسذي نسسسمع ونقسسرأ عنسسه ممسسا يحسسدث للجماعسسات الخسسرى‪ ،‬كالجماعسسة‬

‫السلمية في باكستان‪ ،‬وهسسو يسسسير علسسى نفسسس الخطسسة وينشسسأ عسسن نفسسس‬

‫المخططات والدسائس العالمية‪.‬‬

‫وهذه الحماية تتم عن طريق وجود مجموعسسات مدربسسة تسسدريبا ً فسسدائيا ً‬

‫بعد تمام تربيتها السلمية من قاعدة العقيدة ثم الخلق‪ ..‬هذه المجموعسسات‬

‫ل تبدأ هي اعتداء‪ ،‬ول محاولة لقلب نظام الحكم‪ ،‬ول مشاركة في الحسسداث‬

‫السياسسسية المحليسسة‪ .‬وطالمسسا الحركسسة آمنسسة ومسسستقرة فسسي طريسسق التعليسسم‬

‫والتفهيم والتربية والتقويم‪ ،‬وطالما الدعوة ممكنة بغير مصادرة لها بسسالقوة‪،‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫وبغير تدمير لها بالقوة‪ ،‬وبغيسسر تعسسذيب وتشسسريد وتذبيسسح وتقتيسسل‪ ،‬فسسإن هسسذه‬

‫المجموعات ل تتدخل في الحداث الجارية‪ ،‬ولكنها تتدخل عند العتداء على‬

‫الحركة والدعوة والجماعة لرد العتداء وضرب القوة المتعدية بالقدر السسذي‬

‫يسمح للحركة أن تستمر في طريقها‪ ،‬إذ أن الوصسسول إلسسى تطسسبيق النظسسام‬

‫السلمي والحكم بشريعة الله ليس هدفا ً عاجل ً لنه ل يمكن تحقيقه إل بعد‬

‫نقل المجتمعات ذاتها‪ ،‬أو جملسسة صسسالحة منهسسا ذات وزن وثقسسل فسسي مجسسرى‬

‫الحياة العامة‪ ،‬إلى فهسسم صسسحيح للعقيسسدة السسسلمية ثسسم للنظسسام السسسلمي‪،‬‬

‫وإلى تربية إسلمية صحيحة على الخلق السلمي‪ ،‬مهما اقتضسسى ذلسسك مسسن‬

‫الزمن الطويل والمراحل البطيئة‪.‬‬

‫وأصبحت هذه الصورة للحركة السلمية واضسسحة فسسي حسسسي تمام سًا‪-‬‬

‫كما أصبحت واضحة في حس الخ هواش – وبقيت مهمة نقلهسسا إلسسى أفسسراد‬

‫ومجموعات أخرى من الخوان بأية وسيلة‪ ،‬لبدء حركة على أساسسسها‪ .‬وفسسي‬

‫سنة ‪ 1962‬بدأت الحركة فع ً‬


‫ل‪.‬‬

‫***‬

‫بدأت بحضور أفراد مسسن الخسسوان المسسسجونين‪ ،‬أكسسثريتهم مسسن سسسجن‬

‫القناطر وأقليتهم من سجن الواحات‪ ،‬للعلج في مستشفى ليمان طسسره‪ ،‬أو‬

‫مستشفى سجن مصر كذلك ثسسم سسسجن طسسره حسسسب المكانيسسات العلجيسسة‬

‫بهما‪ .‬وإن كان التصال بهم في فترات الرياضة في فناء المستشسسفى وفسسي‬

‫كل فرصة تسنح‪ ،‬وإن كان اتصال ً محدودا ً وقصيرا ً من ناحية الزمن اليسسومي‬

‫ومسسن ناحيسسة زمسسن بقسسائهم بالمستشسسفى لعمليسسة أو علج ينتهسسي فسسي فسسترة‬

‫محدودة ويعودون إلى سجونهم‪ ،‬ما عدا أفرادا ً منهسسم مكثسسوا فسسترات طويلسسة‬

‫‪- 21 -‬‬
‫وسأذكر شأنهم معي تفصي ً‬
‫ل‪ :‬ولكن قبل ذلك لبد من تصوير الظروف السستي‬

‫تمت فيها هذه التصالت التي حاولت فيها نقل مفهوماتي لهؤلء القادمين‪:‬‬

‫أنا إلى ذلك الوقت في محيط الخوان المسلمين مجرد أخ مسسسلم ‪..‬‬
‫حقيقة أن له من نفوسهم قيمتسسه ومكسسانته الشخصسسية بوصسسفه كاتبسا ً مفكسسرا ً‬

‫إسلميا ً له خبرته وتجربته في المجالت العامسسة‪ ،‬ولسسه شسسهرته ومكسسانته فسسي‬

‫العالم السلمي ‪ ..‬ولكنه مع ذلك كله ليسسست لسسه صسسفة حركيسسة إداريسسة فسسي‬

‫الجماعة تعطي له الحق الشرعي فسسي رسسسم خطسسة حركيسسة ول مسسن تسسوجيه‬

‫الخوان إليها‪ .‬لن هسسذا الحسسق لمكتسسب الرشسساد وحسسده ولمسسن يكلفسسه بسسذلك‪.‬‬

‫ولست من أعضاء المكتب ول مكلفا ً منه بشسسيء‪ .‬هسسذا الظسسرف كسسان يحتسسم‬

‫علي أن ابدأ مع كل شاب وأسسسير ببطسسء وحسسذر مسسن ضسسرورة فهسسم العقيسسدة‬

‫السسسلمية فهمسسا ً صسسحيحا ً قبسسل البحسسث عسسن تفصسسيلت النظسسام والتشسسريع‬

‫السلمي‪ ،‬وضرورة عسسدم إنفسساق الجهسسد فسسي الحركسسات السياسسسية المحليسسة‬

‫الحاضرة في البلد السلمية للتوفر على التربية السلمية الصسسحيحة لكسسبر‬

‫عدد ممكن‪ .‬وبعد ذلك تجئ الخطوات التالية بطبيعتها بحكسسم اقتنسساع وتربيسسة‬

‫قاعدة في المجتمع ذاته لن المجتمعات البشرية اليوم‪-‬بما فيها المجتمعات‬

‫في البلد السلمية‪ -‬قد صارت إلسسى حالسسة مشسسابهة كسسثيرا ً أو مماثلسسة لحالسسة‬

‫المجتمعات الجاهلية يوم جاءها السلم‪ .‬فبدا معها مسسن العقيسسدة والخلسسق ل‬

‫من الشريعة والنظسسام‪ .‬واليسسوم يجسسب أن تبسسدأ الحركسسة والسسدعوة مسسن نفسسس‬

‫النقطة التي بدأ فيها السلم‪ ،‬وأن تسير في خطوات مشسسابهة مسسع مراعسساة‬

‫بعض الظروف المغايرة‪.‬‬

‫ولم يكن الزمن الذي يقضيه كل منهم يسمح بتكسسوين فهسسم كامسسل ول‬

‫واسع لهذا المنهج‪ ،‬ولكن فقط يفتح له نافسسذة للتفكيسسر مسسن جديسسد والقسسراءة‬

‫‪- 22 -‬‬
‫في الكتب التي تساعده على هذا التصور والتي كنت أسمي له عددا ً منهسسا‪.‬‬

‫وبعضها كان عندي في الليمان ومن مكتبتسسه فيقسسرأ منهسسا مسسا يمكسسن ويكمسسل‬

‫الباقي بعد عودته‪ ،‬أول ً في صورة فردية‪ .‬وفيما بعد تكونت أسر فسسي سسسجن‬

‫القناطر لدراسة هذه الكتب بالضافة إلسسى كتسسب أخسسرى اختاروهسسا بأنفسسسهم‬

‫هناك كات أول مجموعة تكلمت معها في هسسذه المفهومسسات بتوسسسع – سسسنة‬

‫‪ 1962‬على مسسا أذكسسر‪ -‬مكونسسة مسسن الخسسوان‪ :‬مصسسطفى كامسسل‪ ،‬وسسسيد عيسسد‬

‫ويوسسف كمسال مسن سسجن القنساطر فسي فسترة أقسل مسن أسسبوع‪ ،‬ولكنهسم‬

‫تحمسوا لهذه المفهومات وعادوا فتكلموا فيها مع بعسسض إخسسوانهم بحماسسسة‬

‫كان لها رد فعل شديد في وسطهم‪ .‬فبعضهم أخذ يتحمس لهذا التجاه مسسن‬

‫التفكير ويطلب منه المزيد‪ .‬وبعضهم أخذ يتحمسسس ضسسده بشسسدة باعتبسسار أن‬

‫فيه مخالفة للخط الحركي الذي سارت عليه الجماعة من قبل وتخطئه لهسسا‬

‫في بعض تحركاتهسسا‪ .‬وباعتبسسار آخسسر وهسسو أنسسه صسسادر عسسن جهسسة غيسسر شسسرعية‬

‫بالنسبة لهم‪.‬‬

‫وتوالى خلل هسسذه الفسسترة‪-‬مسسن سسسنة ‪ 1962‬إلسسى سسسنة ‪-1964‬مجسسئ‬

‫أفراد آخرين أذكر منهم مسسن تعيسسه ذاكرتسسي علسسى غيسسر ترتيسسب زمنسسي‪ ،‬ومسسن‬

‫السهل معرفة الجميع سواء من أحد الخسوان السذين كسانوا فسي القنسساطر أو‬

‫من السجلت‪..‬‬

‫أذكر منهم‪ :‬رفعت الصياد‪-‬عبد الحميد ماضسسي‪ -‬سسسعيد منسسسي‪ -‬عبسسده‬

‫صالح‪-‬فسسوزي نجسسم‪-‬الحسساج عبسسد السسرزاق أمسسان السسدين‪-‬مصسسطفى ديسساب‪-‬سسسيد‬

‫دسوقي‪-‬موسى جاويش‪-‬صبري عنتر‪-‬محمسود حامسسد‪-‬رشسسسدي عفيفسسي‪-‬عبسسسد‬

‫السلم عماره‪-‬عبد الرؤوف كامل‪-‬سيد …‪ -‬رجب …‪ -‬سسسعد عفيفسسي‪-‬حسسسن‬

‫عبد العظيم‪-‬صلح النوار‪.‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫***‬

‫ملحظة‪:‬‬

‫محاولة تذكر السماء تسبب لي إجهادا ً شديدًا‪ ،‬وتستغرق وقتا ً طويل ً‬

‫يمنعني عن المضي في التقرير للوصول إلى الوقائع الخيرة‪ .‬فقد اسسستغرق‬

‫تذكر هذه السماء حوالي ساعتين‪ .‬ول أهمية فسسي الحقيقسسة لسسسردها هكسسذا‪،‬‬

‫ويمكن السسستعانة بسسذاكرة الخ هسسواش‪ ،‬أو بسسذاكرة الخ الطسسوخي السسذي لسسم‬

‫يحضر ولكنه كان بين المسؤولين عن الخسوان فسي القنساطر‪ ،‬أو بسأي واحسد‬

‫من الذين حضروا ‪ ..‬وذلك لكي أستطيع كتابة ما هو أهسسم‪ ،‬وهسسو نسسوع علقسسة‬

‫كل منهم بي‪ ،‬ثم تصرفاتهم وتصرفات المعارضين لهم من إخوانهم‪.‬‬

‫***‬

‫هؤلء الذين حضروا من القناطر وسسسمعوا منسسي مسسا ينبغسسي أن يكسسون‬

‫عليسسه منهسسج الحركسسة السسسلمية‪ ،‬وسسسمعوا المفهومسسات العقيديسسة الصسسحيحة‪،‬‬

‫ومدى بعد المجتمعات النسانية اليوم عنها‪ -‬بما فيها المجتمعسسات السسسلمية‬

‫التقليدية ذاتها –ليسوا كلهم من سسسن واحسسدة ول مسسن ثقافسسة واحسسدة‪ ،‬فعسسدد‬

‫منهم عمال‪ ،‬وعدد طلب متفسساوتو المسسستوى‪ ،‬والسسستعداد‪ ،‬كمسسا أن بعضسسهم‬

‫أقام أياما ً لقيني ساعة أو سسساعتين فسسي المجمسسوع‪ ،‬وبعضسسهم أقسسام أسسسابيع‪،‬‬

‫وبعضهم أقام أشهر طويلة‪ ،‬لذلك كله اختلفت الصور التي نقلوها لخسسوانهم‬

‫في القناطر‪ ،‬وبعض هذه الصور كانت شوهة أو مبتورة‪ ،‬وبعضها كان كسسامل ً‬

‫وصحيحًا‪ ،‬مما جعل المسؤولين عنهم في القناطر‪-‬وكانوا يختارون من بينهم‬

‫مجموعة مسسن خمسسسة أو أقسسل أو أكسسثرن تشسسرف علسسى شسسؤونهم فسسترة مسسن‬

‫الزمن حتى تتعب فيختارون غيرها‪ -‬تطلب مني أسماء مجموعة من الكتسسب‬

‫‪- 24 -‬‬
‫تكون مراجع لدراسة الخوان‪ ،‬لن الكتاب ينقل الفكرة نقل ً كسسامل ً صسسحيحًا‪،‬‬

‫فكتبت لهم أسماء نحو أربعين كتابًا‪ ،‬اختاروا هم من بينهسسا بعضسسها‪ ،‬وأضسسافوا‬

‫بعضا ً آخر‪ ،‬وجعلوها برنامجا ً ثقافيا ً تدرسه فيما بينهسسا أسسسر بقسسدر مسسا يسسسمح‬

‫نظام السجن‪ ،‬والسرة عادة سكان زنزانة فيما أظن‪ ،‬ول أعرف على وجسسه‬

‫الدقة تفصيلت ذلك‪ .‬ولكن هسذا لسم يضسع حسدا ً للمشسكلة الستي نشسأت مسن‬

‫رفض مجموعة منهم أن تتلقى أفكارا ً أو تدرس برنامجا ً لم يأت مسسن الجهسسة‬

‫الشسسرعية فسسي الجماعسسة ومعسسي البسساقون مسسن أعضسساء مكتسسب الرشسساد فسسي‬

‫السجون وكانوا إذ ذاك في الواحات‪.‬‬

‫وفي خلل الفترة من سنة ‪ 1962‬إلى سنة ‪ ،1964‬انتهى الحال إلى‬

‫أن تكون المجموعة التي في القناطر‪-‬وعددها حوالي المئة‪-‬مصنفة كسسالتي‪:‬‬

‫حوالي ‪ 35‬انسسدمجوا فسسي الدراسسسة‪ ،‬وأصسسبحت لهسسم مفهومسسات واضسسحة فسسي‬

‫العقيسسدة السسسلمية وفسسي منهسسج الحركسسة السسسلمية‪ ..‬وحسسوالي ‪ 23‬آخريسسن‬

‫يعارضون تماما ً هذا التجاه‪ ،‬ويرفضون مبدأ السماع إل من قيسسادة الجماعسسة‬

‫في الواحة‪ .‬وحوالي ‪ 50‬يدرسون ولكنهم لسسم يصسسلوا إلسسى الوضسسوح الكسسافي‬

‫وهم في الطريق إلى أن انتهت مدة سجن الجميع وخرجوا خلل ‪.1965‬‬

‫وفسي مقدمسسة السسذين يعتسسبرون قسسد درسسوا وفهمسسوا‪ :‬مصسسطفى كامسل‬

‫ورفعت الصياد – سيد عيد‪ -‬فوزي نجم‪-‬الطوخي‪-‬صسسبري عنسستر‪-‬عبسسد الحميسسد‬

‫ماضي‪ .‬ول أملك تذكر كسسل السسسماء‪ ،‬لنسسي أعتمسسد دائم سا ً فيهسسا علسسى ذاكسسرة‬

‫الخريسسن‪ ،‬ويمكسسن السسستعانة بسسذاكرة الخ هسسواش أو الخ الطسسوخي أو الخ‬

‫فوزي نجم ليذكرني بهذه السماء فهم يعرفونها معي ‪..‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫وفي مقدمة الذين عارضوا بشدة وأقاموا ضجة‪ :‬أمين صسسدقي وعبسسد‬

‫الرحمن البنان‪-‬لطفي سليم‪ -‬عبد العزيز جلل‪ -‬والبقية يتذكرها الطسسوخي أو‬

‫فوزي نجم أو مصطفى كامل‪.‬‬

‫وبعسسض هسسؤلء أوصسسلوا إلسسى السسستاذ عبسسد العزيسسز عطيسسة وغيسسره فسسي‬

‫الواحات صورة مضخمة ومشوهة عسن النقسسسامات الخطيسسرة الستي وقعست‬

‫في مجموعة القناطر‪ ،‬وصورة كسسذلك مشسسوهة عسسن أصسسل الفكسسار والمنهسسج‬
‫الذي يدور حوله الخلف‪ .‬مما جعلهم في الواحات ينزعجون انزعاجا ً شديدا ً‬

‫سواء من الفكرة ذاتها أو من الخلف حولها‪.‬‬

‫وقد حضر من عندهم للعلج فسي طسره الخ عبسسد السسرؤوف أبسو الوفسا‬

‫فأبلغني خبر هذا النزعاج من ناحية واتجاه المجموعة في الواحة إلى عسسدم‬

‫تكفير الناس من ناحية أخرى!‬

‫وقد قلت له‪ :‬إننا لم نكفر الناس وهذا نقل مشسسوه إنمسسا نحسسن نقسسول‪:‬‬

‫إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة‪ ،‬وعدم تصور مدلولها الصحيح‪،‬‬

‫والبعد عن الحياة السلمية‪ ،‬إلى حال تشبه حال المجتمعات فسي الجاهليسة‪،‬‬

‫وإنه من أجل هذا ل تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامسسة النظسسام‬

‫السلمي‪ ،‬ولكن تكسون إعسادة زرع العقيسسدة والتربيسسة الخلقيسسة السسلمية‪..‬‬

‫فالمسألة تتعلق بمنهسسج الحركسسة السسسلمية أكسسثر ممسسا تتعلسسق بسسالحكم علسسى‬

‫الناس!‬

‫ولما عاد أبلغهم الصورة الصحيحة‪ ،‬بقسسدر مسسا فهسسم منهسسا‪ ،‬ولكسسن ظسسل‬

‫الخرون في القناطر يلحون عليهم بوجسسوب وقسسف مسسا أسسسموه بالفتنسسة فسسي‬

‫صسسفوف الجماعسسة‪ .‬وظسسل الحسسال كسسذلك حسستى نقسسل إلسسى مستشسسفى طسسره‬

‫‪- 26 -‬‬
‫الستاذان عبد العزيز عطية وعمر التلمسسساني مسسن أعضسساء مكتسسب الرشسساد‬

‫الباقين في السجون‪ ،‬والتقيا بي وأفهمتهما حقيقة المسألة فاستراحا لها‪.‬‬

‫ولما حضر أمين صدقي وعبد الرحمن البنسسان إلسسى مستشسسفى طسسره‪-‬‬

‫وكنت قد خرجت بعفو صحي بعد سوء حالة الذبحة الصدرية التي أصبت بها‬

‫في السجن مع بقية أمراضي الخرى‪ .‬بلغني من الخ هسسواش بعسسد خروجسسه‪،‬‬

‫وكان حضارا ً لقاء عضوي المكتب بالشابين الحاضرين مسسن القنسساطر‪ ،‬إنهمسسا‬

‫حاول إفهامها أن المر ليس كما فهموا‪ ،‬ولكنهما ظل مصرين على موقفهما‬

‫بعد عودتهما إلى القناطر هما والمجموعة التي معهم‪ .‬وخرج هؤلء وغيرهم‬

‫على الصورة والتقسيم الذي أشرت إليه من قبل‪.‬‬

‫المهم أن المجموعسسة الولسسى السستي تعتسسبر داعيسسة للمفهسسوم السسسلمي‬

‫الصحيح‪ ،‬جعل معظم أفرادها يزوروني بعد خروجهم‪ .‬وإن كان قصر الفسسترة‬

‫التي قضيتها في القاهرة‪ ،‬وكلهسسا مسسن الخسسروج إلسسى العتقسسال ثمانيسسة أشسسهر‬

‫بالضبط‪ ،‬جعل هذه الزيسارات معسدودة ‪ ..‬فمصسطفى كامسل مثل ً رأيتسه مسرة‬

‫واحدة‪ ،‬ورفعت الصياد ربما خمس أو ست مرات‪ ،‬وسيد عيد أكثر من عشر‬

‫مسسرات‪ ،‬وفسسوزي نجسسم ثلث مسسرات‪ ،‬والطسسوخي ثلث مسسرات سسسريعة‪ ،‬وسسسيد‬

‫دسوقي ربما ثلث مرات أو أربع‪ ،‬والباقون كذلك أو أقل وفيهسسم مسسن رأيتسسه‬

‫مرة واحدة‪ .‬وكذلك زارني أفراد من المجموعة الثانية التي لم تنضسسج‪ ،‬مسسرة‬

‫واحدة أو مرتين‪ ،‬وكانت علقتي أكسسثر بسسالخ هسسواش باعتبسساره الرجسسل السسذي‬

‫عشت معسسه قرابسسة عشسسر سسسنوات‪ ،‬وفكرنسسا معسا ً فسي المنهسسج واتفقنسسا علسسى‬

‫تصورنا له كل التفاق والسسذي كنسست أرشسسحه فسسي نفسسسي لن يتسسولى إكمسسال‬

‫عمليسسة التوعيسسة سسسواء للمجموعسسة الثانيسسة أو الولسسى الخارجسسة مسسن سسسجن‬

‫القناطر‪ ،‬كما كنت أرشحه للتصال بالتنظيم الجديد ولكن ذلك لم يتم‪.‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫ولكن لم يقسع أن وضسعت تنظيمسا ً لهسؤلء الخسارجين مسن السسجن ول‬

‫حتى للمجموعة الولى المؤلفة من نحو ‪ 25‬شابا ً لعدة أسباب‪:‬‬

‫)‪ (1‬إنها معتبرة كبقية الخوان ضمن الجماعة في حالسسة سسسكون عسسن‬

‫الحركة في الظروف الحاضرة‪ ،‬وليس لها وضع مستقل يربطها بسسي إل نسسوع‬

‫التفكير‪ ..‬ولم أكن أريد أن أدخل في أية إشكالت كالتي أثارتهسسا المجموعسسة‬

‫المعارضة في القناطر‪.‬‬

‫)‪ (2‬إن الخارج من السجن بعسسد عشسسر سسسنوات يكسسون كسسالعمى مسسن‬

‫ناحية الرؤية الجتماعية‪ ،‬ولبد أن تترك لسسه فرصسسة للتعسسرف إلسسى المجتمسسع‪،‬‬

‫ولمعالجسسة أحسسواله وأوضسساعه الجتماعيسسة‪ .‬فض سل ً علسسى أن تحركسساته مراقبسسة‬

‫بشدة‪.‬‬

‫)‪ (3‬إن الجسسو فسسي الخسسارج غيسسره فسسي السسسجن‪ ،‬ففسسي السسسجن تكسسون‬

‫الطاقة حبيسة ومتجمعة ومندفعة في التجاه السسذي دخسسل صسساحب العقيسسدة‬

‫من أجله السجن‪ ..‬أما وهسسو فسسي الخسسارج فستسسستغرقه مشسساغل ومشسسكلت‬

‫واهتمامات متنوعة‪ ..‬ولم يكن بد من تركهم فترة يتبين فيهسسا مسسن تسسستغرقه‬

‫الحياة الدنيا ممن تبقى فيه بقية لعقيدته ودعوته‪..‬‬

‫لذلك كله‪ ،‬كنت أؤجل الحديث في مسألة تنظيمهم سسسواء إذا تحسسدث‬

‫فيه أحد منهم‪ ،‬أو إذا سسسألني أحسسد مسسن الشسسبان الخمسسسة المشسسرفين علسسى‬

‫التنظيم الجديد الذي وجد في غيبتي في السجن والتقيت به بعسسد خروجسسي‪-‬‬

‫والذي هو الموضوع الساسي للجزء التالي من هسسذا التقريسسر‪-‬مسا رأيسسك فسسي‬

‫فلن من الخارجين من السجن؟ ‪ ..‬ولماذا ل ينضمون كلهم أو بعضسسهم إلسسى‬

‫تنظيمنا؟‪..‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫ومرة قلت لهم‪ :‬إننا لبد أن نتركهم ستة أشهر على القل‪ ،‬وحتى لسسو‬

‫عملنا لهم تنظيما ً فسيبقى مستقل ً ‪ ..‬وإنني أفكر في أنه –عند ذلك‪ -‬يشرف‬

‫عليهم الخ هواش وهو وحده يتصل بالتنظيم الجديد ‪ ..‬إل أن شيئا ً مسسن هسسذا‬

‫كله لم يتم ‪..‬‬

‫والذي حدث فقط أنني استدعيت الخ الطوخي لعسسرف منسسه حقيقسسة‬

‫كل واحد من الذين خرجسسوا‪ ،‬وتصسسنيف فئاتهسسم مسسن ناحيسسة الفهسسم والسسوعي‪..‬‬

‫وذلك لنه كسان ملصسقا ً لهسم أكسثر منسي‪ ،‬وأنسا أثسق بحسسن تقسديره وصسدق‬

‫شهادته‪.‬‬

‫وقد تذكرت الن أنه هو السسزائر السسذي ذكسسر الخ علسسي عشسسماوي فسسي‬

‫أقسسواله أنسسه حضسسر فسسي أثنسساء اجتماعسساتهم عنسسدي‪ ،‬وأن أخسسي محمسسد قطسسب‬

‫استدعاني لمقسسابلته‪ ،‬فجلسسست معسسه‪ ،‬ولمسسا عسسدت قلسست لهسسم‪ :‬إننسسي عجلسست‬

‫بمقابلته‪ ،‬لينصرف من عندي‪ ،‬لنه فسسي مركسسز حسسرج‪ ،‬أو حسسساس‪ ،‬ل أتسسذكر‪،‬‬

‫حسب ما ورد في أقواله‪ ،‬وهو ذاكرته أحسن‪.‬‬

‫والظروف التي كانت محيطة بالخ الطوخي في ذلك الحين‪ ،‬أنه كان‬

‫قد تسلم عمل ً في السماعيلية‪ ،‬في مكتسسب التسسوكيلت فيمسسا أظسسن‪ ،‬وكسسانت‬

‫مباحث السماعيلية تراقب تحركاته بشدة ربما نظرا ً لنه كان فسسترة طويلسسة‬

‫مسؤول ً عن إخوان القناطر‪ ،‬أو لسباب أخرى ل أعلمها وكان عليه أن يعسسود‬

‫إلى السماعيلية ليل ً ليكون هناك في الصباح‪ .‬ولم يكن يحسسب أن يسسراه أحسسد‬

‫عندي أو يحس بوجوده حتى في القاهرة‪ .‬وكنت في حاجة إليه لسسسأله عسسن‬

‫تصنيف الخارجين من القناطر‪ ،‬فحضر على عجل‪ ،‬وتحدث إلي فيمسسا أردت‪.‬‬

‫فأشرت إلى هذا الظرف بالجمال للخمسة المجتمعيسسن معسسي بسسسبب أننسسي‬

‫‪- 29 -‬‬
‫قمت سريعا ً وتركتهم بمجرد أن محمد قطب ذكر لي اسمه في أذنسسي وأنسسه‬

‫يريد أن يراني سريعًا‪ .‬وكنت على علم بظروفه هذه‪.‬‬

‫***‬

‫ملحظة‪:‬‬

‫العادة المتبعة في بيتي أنني إذا كنت مع ضيوف وأراد أي واحد‪ :‬أخي‬

‫أو أبناء أخي أو الخادم استدعائي لمر في الداخل‪ ،‬أو لزائر علسسى البسساب أو‬

‫في حجرة جلوس أخرى‪ ،‬أن يهمس في أذني ول يجهر باسسستدعائي وسسسببه‪.‬‬

‫وهو أدب عادي في البيت‪ ..‬ومحمد لم يكن يعرف الخ الطوخي ول المهمة‬

‫التي جاء من أجلها‪ ،‬وقد ل يتذكر هذا الحادث‪.‬‬

‫وفيما عدا هذا الستفهام من الخ الطوخي عن أحوال الخسسارجين لسسم‬

‫تقع مني خطوة أخسسرى لتنظيمهسسم مسسستقلين أو متصسسلين بسسالتنظيم الجديسسد‪،‬‬

‫ولكني علمت من الخ الطوخي أنهم‪-‬قبل خروجهم من السسسجن‪ -‬كسسانوا قسسد‬

‫كلفوا واحدا ً من كل ثلثة أو أربعة أو أكثر‪ ،‬ل يقيمون فسسي مسسساكن متقاربسسة‬

‫أن يتعهد الخرين معه بالزيارة والسؤال عسسن أحسسوالهم دون أن يعرفسسوا هسسم‬

‫ذلك ول يشعروا بأن وراءه شيئًا‪ .‬وذلك فقط كمجرد رابطة‪-‬ول يزيد‪ -‬وذلسسك‬

‫في انتظار أية تعليمات أخرى إذا سمحت الظروف بإعادة تنظيمهم‪ .‬فقلسست‬

‫له‪ :‬هذا يكفي‪..‬‬

‫ولم يزد المر على ذلك شيئا ً فيمسسا يختسسص بالخسسارجين مسسن السسسجون‬

‫ولم يتسع الوقت لعرف إن كان هذا الجراء الذي اتفق عليه فسسي القنسساطر‬

‫بالنسبة للخارجين‪ ،‬إجراء محليا ً فكروا فيه مسسن أنفسسسهم‪ ،‬أو أنسسه تنسسبيه عسسام‬

‫وارد لهم من جهة قيادتهم من أعضاء المكتب فأنا لم أكن المر به‪ .‬ولكنسسي‬

‫‪- 30 -‬‬
‫أرجح أنه إجراء ذاتي من عندهم‪ ،‬لنه كما فهمسست يتعلسسق فقسسط بالمجموعسسة‬

‫الواعيسسة والتاليسسة‪ ،‬ول يشسسمل جميسسع الخسسارجين‪ .‬وقسسد رأيتسسه أنسسا كافي سا ً فسسي‬
‫الظروف الحاضرة لن موضوع تنظيم الخارجين من السجون كان مستبعدا ً‬

‫مؤقتا ً في تقسسديري‪ ،‬اكتفسساء بسسالتنظيم الجديسسد السسذي خرجسست فوجسسدته قائمسا ً‬

‫واشتغلت معه واهتممت بتعديل وتحسين وتكوين عقليته ومفهوماته ومنهسسج‬

‫حركته كما سسسيأتي بالتفصسسيل ‪ ..‬وفسسي السسوقت نفسسسه لسسم أخسسبر أحسسدا ً منهسسم‬

‫بشيء عن التنظيم الجديد‪ .‬وفيما عدا الخ هواش الذي ذكرت له عموميات‬

‫عنه وليس تفصيلت‪ ،‬فإن أحدا ً غيره لم يعلم مني شيئا ً عن ذلك التنظيسسم ل‬

‫من الخارجين من السجون ول من الخوان بصفة عامة ول من الناس علسسى‬

‫العموم‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫البحث عن السلح والمال‬

‫التنظيم الجديد‬

‫خرجت من السجن‪ ،‬وفي تصوري صورة خاصة محددة لمسسا يجسسب أن‬

‫تكون عليه أية حركة اسسسلمية فسسي الظسسروف العالميسسة والمحليسسة الحاضسسرة‬

‫وصورة لخطوات المنهج الذي يجب أن تسير عليسسه‪ .‬وقسسد ذكسسرت ذلسسك مسسن‬

‫قبل ولكني ألخصه هنا قبل البدء في التفصيلت ‪:‬‬

‫المجتمعات البشرية بجملتها قد بعدت عن فهسسم وادراك‬ ‫‪-1‬‬

‫معنسسى السسسلم ذاتسسه ‪ .‬ولسسم تبعسسد فقسسط عسسن الخلق السسسلمية‪،‬‬

‫والنظسسام السسسلمي‪ ،‬والشسسريعة السسسلمية‪ .‬وإذن فأيسسة حركسسة‬

‫اسلمية يجب أن تبسسدأ مسسن اعسسادة تفهيسسم النسساس معنسسى السسسلم‬

‫ومدلول العقيدة وهو أن تكسسون العبوديسسة للسسه وحسسده‪ .‬سسسواء فسسي‬

‫العتقاد بألوهيته وحده‪ ،‬أو تقسدير الشسعائر الشسعائر التعبديسة لسه‬

‫وحده‪ ،‬أو الخضوع والتحاكم إلى نظامه وشريعته وحدها ‪.‬‬

‫الذين يسسستجيبون لهسسذا الفهسسم يؤخسسذ فسسي تربيتهسسم علسسى‬ ‫‪-2‬‬

‫الخلق السسسلمية ةفسسي تسسوعيتهم بدراسسسة الحركسسة السسسلمية‬

‫وتاريخها وخط سير السلم فسسي التعامسسل مسسع كسسل المعسسسكرات‬

‫والمجتمعات البشرية‪ ،‬والعقبات التي كانت في طريقه والسستي ل‬

‫تسسزال تتزايسسد بشسسده ‪ ،‬وبخاصسسة مسسن المعسسسكرات الصسسهيونية‬

‫والصليبية الستعماريه‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫ل يجوز البدء بأي تنظيم إل بعد وصول الفراد إلى درجة‬ ‫‪-3‬‬

‫عالية من فهم العقيدة ومن الخذ بالخلق السلمي في السلوك‬

‫والتعامل ومن الوعي الذي تقدم ذكره‪.‬‬

‫ليسسست المطالبسسة بإقامسسة النظسسام السسسلمي وتحكيسسم‬ ‫‪-4‬‬

‫الشريعة السلمية هو نقطة البدء‪ .‬ولكن نقطسسة البسسدء هسسي نقسسل‬

‫المجتمعات ذاتها – حكامسسا ومحكسسومين – عسسن الطريسسق السسسالف‬

‫إلسسى المفهومسات السسسلمية الصسسحيحة – وتكسوين قاعسسدة إن لسم‬

‫تشمل المجتمع كله فعلى القل تشمل عناصر وقطاعسسات تملسسك‬

‫التوجيه والتأثير في اتجاه المجتمع كله إلى الرغبة والعمل علسسى‬

‫إقامة النظام السلمي وتحكيم الشريعة السلمية ‪.‬‬

‫وبالتالي ل يكون الوصول إلى اقامسسة النظسسام السسسلمي‬ ‫‪-5‬‬

‫وتحكيم الشريهة السلمية عن طريق انقلب في الحكسسم يجيسسء‬

‫من أعلى‪ ،‬ولكن عن طريق تغير في تصورات المجتمع كلسسه – أو‬

‫مجموعسسات كافيسسة لتسسوجيه المجتمسسع كلسسه – وفسسي قيمسسه وأخلقسسه‬

‫والتزامه بالسلم يجعسسل تحكيسسم نظسسامه وشسسريعته فريضسسة ل بسسد‬

‫منها في حسهم !‬

‫في الوقت ذاته تجب حماية هذه الحركسسة‪ ،‬وهسسي سسسائرة‬ ‫‪-6‬‬

‫في خطواتها هسسذه بحيسسث إذا اعتسسدى عليهسسا وعلسسى أصسسحابها يسسرد‬

‫العتداء‪ .‬وما دامت هي ل تريد أن تعتدى ‪ ،‬ول أن تستخدم القوة‬

‫في فرض النظام الذي تسسؤمن بضسسرورة قيسسامه – علسسى السسساس‬

‫المتقسسدم وبعسد التمهيسسدات المسسذكورة – والسسذي ل يتحقسق اسسلم‬

‫الناس إل بقيامه حسب ما يقرر الله سبحانه ‪ ،‬ما دامسست ل تريسسد‬

‫‪- 33 -‬‬
‫أن تعتدى ول أن تفرض نظام الله بسسالقوة مسسن أعلسسى فيجسسب أن‬

‫تسسترك تسسؤدي واجبهسسا وأل ُيعتسسدى عليهسسا وعلسسى أهلهسسا ‪ .‬فسسإذا وقسسع‬

‫العتداء كان الرد عليه من جانبها ‪.‬‬

‫***‬

‫‪- 34 -‬‬
‫هسسذه كسسانت الصسسورة المتكاملسسة فسسي تصسسوري ليسسة حركسسة إسسسلمية‬

‫حاضرة ‪ ..‬ولكن حدث أن التقيت بعد خروجي على التسسوالي بالشسسبان التيسسة‬

‫أسماؤهم‪ -‬من بين من التقيت بهم مسسن الخسسوان وغيسسر الخسسوان ممسسن لهسسم‬

‫اتجاه إسلمي‪ :‬عبد الفتاح إسماعيل –على العشسسماوي‪ -‬أحمسسد عبسسد المجيسسد‬

‫)وقد عرفت بقية اسمه هنا في السجن الحربي( مجدي‪ -‬صبري ‪ ...‬وعلمت‬

‫منهم بعد لقاءات متعددة أنهم مكونون بالفعل تنظيم سا ً يرجسسع تاريسسخ العمسسل‬

‫فيه إلى حوالي أربع سنوات أو أكثر‪ ،‬وأن أقليسسة منسسه ممسسن سسسبق اعتقسسالهم‬

‫من الخوان والكثريسسة ممسن لسسم يسسسبق اعتقسالهم أو ممسن لسم يكونسوا مسن‬

‫الخوان من قبل‪ ،‬وأن هذا التنظيم تم بأن كل ً منهم علسسى انفسسراد فكسسر فسسي‬

‫وقت من الوقات السابقة‪ -‬في هذه السسنوات مسن ضسرورة العمسل لعسادة‬

‫حركسسة الخسسوان المسسسلمين وعسسدم الكتفسساء بهسسذه الصسسورة القائمسسة لوجسسود‬

‫الجماعة‪ ،‬وهي أن تكون هناك بعض الشتراكات والمساعدات لعالة السر‬

‫التي لسسم يعسسد لهسسا مسسورد رزق‪ ،‬مسسع مجسسرد التجسساوب الصسسامت بيسسن الخسسوان‬

‫والقعود والنتظار‪ ،‬وأنهم في أثناء تحركهم كل علسسى حسسدة لتنظيسسم أي عسسدد‬

‫من الخوان الراغبين في الحركة أو تحريكهم التقوا بعضهم ببعسسض‪ ،‬وبعسسض‬

‫أن استوثق بعضهم من بعض انضموا كل بالمجموعة التي كانت قد انضمت‬

‫إليه وكونوا هذا التنظيم الواحد‪ .‬وأنهم – وكلهم من الشبان القليلي الخسسبرة‬

‫– ظلوا يبحثون عن قيادة لهم من الكبار المجربين فسسي الجماعسسة‪ ،‬فاتصسسلوا‬

‫بالستاذ فريسسد عبسسد الخسسالق‪ ،‬كمسسا اتصسسلوا بسإخوان الواحسسات )السسذين اتصسسلوا‬

‫بالستاذ فريد كلهم والذي اتصل بالواحات عبد الفتاح( وبغيرهم‪ ،‬ولكنهم لم‬

‫يجدوا حتى الن قيادة لهم‪ ،‬وهم يريدون أن أتولى أنا هذا بعد خروجي‪ ،‬ذلك‬

‫أنهم بعد أن قسسرأوا كتابسساتي وسسسمعوا أحسساديثي معهسسم قسسد تحسسولت أفكسسارهم‬

‫وتوسعت رؤيتهم إلى حد كبير‪ .‬وقد كانوا يفكرون من قبل على أسسساس أن‬

‫‪- 35 -‬‬
‫المسألة مسألة تنظيم مجموعسسة فدائيسسة لزالسسة الوضسساع والشسسخاص السستي‬

‫ضربت جماعة الخوان المسلمين وأوقفت دعوتهم‪ ،‬وإقامة الجماعة وإقامة‬

‫النظام السلمي عن هذا الطريق ‪ ..‬أما الن فقد فهموا أن المسألة أوسسسع‬

‫من ذلك بكثير وأن طريق العمل طويل‪ ،‬وأن العمل في المجتمسسع يجسسب أن‬

‫يسبق العمل في نظام الدولة‪ ،‬وأن تكوين وتربيسسة الفسسراد يجسسب أن يسسسبق‬

‫التنظيم‪ ..‬إلى الخر ‪ ..‬وأن من وراءهم من الشبان أخذوا يتصسسورون المسسور‬

‫على هذا النحو إلى حسسد مسسا ‪ ..‬ولكنهسسم هسسم فسسي حاجسسة إلسسى قيسسادة تزودهسسم‬

‫بالمزيد فسي التحسسرك ليسسستطيعوا هسسم أن يسسؤثروا فيمسسن وراءهسسم‪ ،‬ويوسسسعوا‬

‫إدراكهم‪ ،‬ويغيروا تصوراتهم ‪...‬‬

‫وكنت أمام أمرين‪ :‬إما أن أرفسسض العمسسل معهسسم ‪ ..‬وهسسم لسسم يتكونسسوا‬

‫على النحو الذي أنا مقتنع به‪ ،‬فلسسم يتسسم تكسسوين الفسسراد وتربيتهسسم وتسسوعيتهم‬

‫قبل أن يصبحوا تنظيما ً وقبل أن يأخسسذوا فسسي التسسدريب الفعلسسي علسسى بعسسض‬

‫التدريبات الفدائية‪ ..‬وإما أن أقبل العمل علسسى أسسساس إدراك مسسا فسساته مسسن‬

‫المنهج الذي أتصوره للحركة وعلى أساس إمكان ضسبط حركساتهم بحيسث ل‬
‫يقع اندفاع في غير محله خصوصا ً وبعضهم ينوي فع ً‬
‫ل‪ ،‬وعقلية البسسدء بإقامسسة‬

‫النظام السلمي من قمة الحكم قد تغلب على الفهم الجديد وعلسسى عقليسسة‬

‫البدء بإقامة العقيدة والخلق والتجاه في قاعدة المجتمسسع‪ ..‬وقسسررت اختيسسار‬

‫الطريق الثاني والعمل معهم وقيادتهم‪..‬‬

‫ولكني قلت لهم مخلصا ً في ذلك‪ ،‬حقيقسسة أن الحركسسة السسسلمية فسسي‬

‫الظروف الحاضسسرة تحتسساج إلسسى نظسسرة واسسسعة وفهسسم ووعسسي السسسلم ذاتسسه‬

‫وتاريخ حركته وكذلك فهم للظسسروف العالميسسة المحيطسسة بالسسسلم وبالعسسالم‬

‫السلمي‪ ..‬الخ‪ ..‬وأنتم تقولون أنكم لم تجدوا قيادة‪ ،‬وتريدون أن أقوم لكم‬

‫‪- 36 -‬‬
‫بهذا الدور ‪ ..‬ولكنني كمسا تعلمسون رجسل مريسض بسأمراض مستعصسية علسى‬

‫الطلب حتى الن وخطيرة والجال نعم بيد الله ولكن قدر الله يتم بأسسسباب‬

‫يوجدها الله ‪ ..‬لذلك يجب أن تعتمسسدوا علسسى اللسسه وتحسساولوا أن تكونسسوا أنتسسم‬

‫قيادة‪ ،‬ومهمتي الحقيقية معكم هي بذل كل مسسا أملسسك لتسسوعيتكم وتكسسوينكم‬

‫العقلي لتكونوا قيادة ‪ ..‬أما دينكم وخلقكم وتقواكم وإخلصكم وتعاملكم مع‬

‫الله فأنا أرى وأحس أنكم سسائرون فيهسا بخيسر والحمسد للسه ‪ ..‬وكنست أكسرر‬

‫عليهم هذه المعاني وأتجه بهم هذا التجاه ‪ ..‬وكانت الوسسسيلة لتحقيسسق ذلسسك‬

‫هي اجتماعي بهم أحيانا ً مرة كل أسبوع‪ ،‬وأحيانا ً مرة كل أسسسبوعين‪ ..‬وفسسي‬

‫فترات انشغالي مرة كل ثلثة أو كل شهر ‪ ..‬وقد بدأت أدرس معهسسم تاريسسخ‬

‫الحركة السلمية‪ ،‬ثسسم موافسسق المعسسسكرات الوثنيسسة والملحسسدة والصسسهيونية‬

‫والصليبية قديما ً وحديثا ً من السلم‪ ،‬مع إلمام خفيف بالوضاع في المنطقة‬

‫السلمية في التاريخ الحديث منذ عهد الحملسسة الفرنسسسية‪ ،‬وأحيان سا ً التعليسسق‬

‫علسسى الحسسداث والخبسسار والذاعسسات‪ ،‬مسسع محاولسسة تسسدريبهم علسسى تتبعهسسا‬

‫بأنفسهم‪ ..‬فقد كلفتهم أن يخصصوا منهم ومن بعض مسسن يختسسارونهم ممسسن‬

‫وراءهم تتبع الصحف العالمية والذاعات العالميسسة‪ ،‬وإذا أمكسسن الكتسسب السستي‬

‫تصدر باللغتين النجليزية والفرنسية وتهتم بالسلم وبالمنطقة السلمية‪.‬‬

‫وحدث أربع مرات أن جاءني أحمد عبد المجيد بحصيلة تتبعهم للخبار‬

‫الصحفية العالمية والمحلية والذاعات كذلك‪ .‬وكانت صورة بدائيسسة سسساذجة‪،‬‬

‫ولكنهسسا الخطسسوات الولسسى الضسسرورية‪ ،‬ومنهسسا كنسست أعسسرف مسسدى عقليتهسسم‬

‫العامة ‪ ..‬غير أن جلساتي معهسسم كسسانت محسسدودة بحكسسم قصسسر المسسدة السستي‬

‫اتصلوا بي فيها فهي في مجموعها إذا استبعدنا الفترات التي كنت مشغول ً‬

‫فيها أو مريضا ً أو بعيدا ً عن القاهرة ل تزيد على ستة أشهر‪ ،‬ول تحتمل أكثر‬

‫‪- 37 -‬‬
‫مما يتراوح بيسسن عشسسرة واثنسسي عشسسر اجتماع سًا‪ ،‬ل يتسسسنى فيهسسا إل القليسسل‬

‫وبعضها كان يشغل بمسائل عملية أخرى تختص بموقف التنظيسسم مسسن بقيسسة‬

‫الخوان كما تتعلق بمسسسائل التسسدريب وأسسسلحته ‪ ..‬وبخطسسة مقابلسسة العتسسداء‬

‫على التنظيم مسسن بقيسسة الخسسوان كمسسا تتعلسسق بمسسسائل التسسدريب وأسسسلحته‪..‬‬

‫وبخطة مقابلة العتداء على التنظيم وتوقع ضربه حسب ما يتردد من أخبار‬

‫وإشاعات ‪ ..‬وأظن أن هذه هي المسألة الرئيسية التي تهم المشرفين على‬

‫القضية أكثر من غيرهسسا‪ ..‬ولكننسسي كنسست أرى أنسسه لبسسد مسسن عسسرض الصسسورة‬

‫الكاملة التي تساعد على فهم هذه المسألة من كل جوانبها‪.‬‬

‫***‬

‫كنا قد اتفقنسسا علسسى اسسستبعاد اسسستخدام القسسوة كوسسسيلة لتغييسسر نظسسام‬

‫الحكم أو إقامة النظام السلمي وفي الوقت نفسه قررنسا اسستخدامها فسي‬

‫حالة العتداء على هسذا التنظيسم السذي سيسسير علسى منهسج تعليسم العقيسدة‬

‫وتربية الخلق وإنشاء قاعدة للسلم في المجتمع‪ .‬وكان معنى ذلسسك البحسسث‬

‫في موضوع تدريب المجموعات التي تقسسوم بسسرد العتسسداء وحمايسسة التنظيسسم‬

‫منه‪ ،‬وموضوع السلحة اللزمة لهذا الغرض‪ ،‬وموضوع المال اللزم كذلك‪.‬‬

‫فأما التدريب فقد عرفسست أنسسه موجسسود فعل ً مسسن قبسسل أن يلتقسسوا بسي‪،‬‬

‫ولكن لم يكن ملحوظا ً فيه أن ل يتسسدرب إل الخ السسذي فهسسم عقيسسدته ونضسسج‬

‫وعيه‪ ،‬فطلبت منهم مراعسساة هسسذه القاعسسدة‪ ،‬وبهسسذه المناسسسبة سسسألتهم عسسن‬

‫العدد الذي تتوافر فيه هذه الشروط عندهم وبعد مراجعة بينهسسم ذكسسروا لسسي‬

‫لسراع في تدريبهم نظرا ً لما كانوا يرونه مسسن‬


‫أنهم حوالي السبعين‪ ،‬وتقرر ا ٍ‬
‫أن الملل يتسرب إلى نفوس الشباب إذا ظل كل زادهم هو الكلم من غير‬

‫‪- 38 -‬‬
‫تدريب وإعداد‪ ..‬ثم تجدد سبب آخسسر فيمسسا بعسسد عنسسدما بسسدأت الشسساعات ثسسم‬

‫العتقالت بالفعل لبعض الخوان ‪ ..‬وأما السلح فكان موضوعه له جانبان‪:‬‬

‫الول‪ :‬أنهم أخبروني‪-‬ومجدي هو الذي كسسان يتسسولى الشسسرح فسسي هسسذا‬

‫الموضوع‪-‬أنه نظرا ً لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حسستى للتسسدريب فقسسد‬

‫أخذوا في محاولت لصسسنع بعسسض المتفجسسرات محليسًا‪ ،‬وأن التجسسارب نجحسست‬

‫وصسسنعت بعسسض القنابسسل فع ً‬


‫ل‪ ،‬ولكنهسسا فسسي حاجسسة إلسسى التحسسسين والتجسسارب‬

‫مستمرة‪...‬‬

‫والثاني‪ :‬أن علي عشماوي زارني على غير ميعاد وأخسسبرني أنسسه كسسان‬

‫منذ حوالي سنتين قبل التقائنا قد طلب من أخ في دولة عربيسسة قطع سا ً مسسن‬

‫السلحة‪ ،‬حددها له في كشف‪ ،‬ثم تسسرك الموضسسوع مسسن وقتهسسا‪ ،‬والن جسساءه‬

‫خبر منه أن هذه السلحة سترسل – وهي كميات كبيرة حوالي عربية نقسسل‪،‬‬

‫وأنها سترسل عن طريق السودان مع توقسسع وصسسولها فسسي خلل شسسهرين ‪..‬‬

‫وكان هذا قبل العتقالت بمدة ولم يكن في الجو ما ينسسذر بخطسسر قريسسب ‪..‬‬

‫ولما كان الخبر مفاجئا ً فلسسم يكسسن ممكنسا ً البسست فسسي شسسأنه حسستى نبحثسسه مسسع‬

‫الباقين‪ ،‬فاتفقنا على موعد لبحثسسه معهسسم ‪ ..‬وفسسي اليسسوم التسسالي – علسسى مسسا‬

‫أتذكر‪ -‬وقبل الموعد جاءني الشيخ عبد الفتاح إسسسماعيل وحسسدثني فسسي هسسذا‬
‫المر وفهمت أنه عرفه طبعا ً من علي وكان يبدو غير موافق عليه ومتخوفا ً‬

‫منه‪ ،‬وقال‪ :‬لبد من تأجيل البث في الموضوع حسستى يحضسسر صسسبري‪ ،‬وقلسست‬

‫له‪ :‬إننا سنجتمع لبحثه‪.‬‬

‫وفي الموعد الول –على ما أتذكر لم يحضسسر صسسبري‪ -‬لسسذلك لسسم يتسسم‬

‫تقرير شيء في المر‪ ،‬وفي موعد آخر كان الخمسسسة عنسسدي وتقسسرر تكليسسف‬

‫علي بوقف إرسال السلحة من هناك حتى يتم الستعلم من مصسسدرها عسن‬

‫‪- 39 -‬‬
‫مصسسدر النقسسود السستي اشسستريت بهسسا‪ ،‬فسسإن كسسان مسسن غيسسر الخسسوان ترفسسض‪،‬‬

‫والسسستفهام كسسذلك عسسن طريسسق شسسرائها دفعسسة واحسسدة أو مجسسزأة وطريقسسة‬

‫إرسالها‪ ،‬وضمانات أنها مكشسسوفة أم ل؟ وبعسسد ذلسسك يقسسال للخ المرسسسل أل‬

‫يرسلها حتى يخطره بإرسالها‪..‬‬

‫ومضى أكثر من شهر – على ما أتذكر – حتى وصل للخ علسسي رد مضسسمونه‬

‫الباقي في ذاكرتي‪ :‬أن هسسذه السسسلحة بسسأموال إخوانيسسة مسسن خاصسسة مسسالهم‪،‬‬

‫وأنهم دفعوا فيها ما هم في حاجسسة إليسسه لحيسساتهم تلبيسسة للرغبسسة السستي سسسبق‬

‫إبداؤها من هنا وأنها اشتريت وشحنت بوسائل مأمونة‪..‬‬

‫ول أتذكر إن كان هذا الرد أو رد تال جاء بعده قد تضمن أن الشسسحنة‬

‫أرسلت فعل ً ول يمكن وقف وصولها وأنهسم يفكسرون فسي طريسق ليبيسا إلسى‬

‫جانب طريق السودان أو لنه قد يكون أيسر من طريق السودان )ل أتسسذكر‬

‫النص بالضبط( والرجح أنه رد واحد‪ .‬وعند ذكر ليبيا قلسست‪ :‬أنهسسم إذا فكسسروا‬

‫في طريق ليبيا فإن أعرف من يستطيعون مسسساعدتنا فسسي نقسسل مثسسل هسسذه‬

‫الشياء‪ ..‬وكنت أفكر وقتها في اثنين من إخوان ليبيا عرفتهما بعسسد خروجسسي‬

‫مسسن السسسجن‪ :‬أحسسدهما )الطيسسب الشسسين( وكسان يسسدرس فسي مركسسز التعليسسم‬

‫الساسي بسرس الليان وله علقة بسائقي عربسسات النقسسل بخسسط الصسسحراء‬

‫بين ليبيا ومصر‪ ،‬والخر )المبروك( ول أذكر إن كان اسمه الول )محمد( أم‬

‫ل لني أعرفه باسم واحد ‪ ..‬وكسسان فسسي مناسسسبة ذكسسر لسسي أن بعسسض أقسساربه‬

‫يشتغلون بالقوافل بين مصر وليبيا ‪ ..‬ولم أستوضحه وقتها عن القوافل لنه‬

‫كان كلما ً عابرا ً بخصوص ما إذا كان يلزمنسسي أي شسسيء ليسسس موجسسودا ً فسسي‬

‫مصر ويمكن الحصول عليه من ليبيا أو من الخارج وقوله لي أن أطلسسب أي‬

‫شيء فنقله مأمون تماما ً لن أقاربه في القوافل ‪ ..‬كذلك ل أعرف بالضبط‬

‫‪- 40 -‬‬
‫نوع التجارة التي يزاولها هو ويحضر من أجلها إلى مصر ‪ ..‬إل أنه فسسي مسسرة‬

‫قال لي‪ :‬أنه يسستورد مسن السسسكندرية السسبرانس الستي تلبسسس فسي المغسسرب‬

‫وتصنع هنا في مصر وليس في المغرب ‪ ..‬ومرة قسسال لسسي أنسسه معسسه شسسحنة‬

‫كتب ‪ ..‬ولكني غير متأكد من نوع التجارة التي يزاولها‪.‬‬

‫وأمسا مسسألة المسال فقسد جساء ذكرهسا مسرات فسي اجتماعاتنسا أو فسي‬

‫أحاديثهم متفرقين معي‪ ،‬وعرفت أن لدى الشيخ عبسسد الفتسساح مبالغ سا ً ولكنسسه‬

‫كان يقول لهم دائمسًا‪ :‬أنسسه هسسو مسسؤتمن عليسسه وهسو وديعسة عنسسده لينفسق فسي‬

‫أغراض معينة ولذلك فهو ل يملك أن ينفق منه في إعانسسات السسبيوت مثل ً ول‬

‫يملك التصرف في شيء إل بإذنه ‪ ..‬وقد قال لسسي الشسسيخ عبسسد الفتسساح مثسسل‬

‫هسسذا الكلم‪ ،‬ولكسسن لمسسا عرضسست مسسسألة النفسساق علسسى الصسسناعة المحليسسة‬

‫للمتفجرات وعلى النفاق لتسلم شحنة السلحة التي أرسسسلت بعسسدما تسسبين‬

‫أنه ل يمكن وقفها ول يمكن تركها كذلك قسسال أن أي مبلسسغ تحسست تصسسرفكم‪.‬‬

‫واستأذنني في هذا فأذنت له‪ ،‬وفهمت أنه كان يعتبر المبلغ أمانة ل يتصسرف‬

‫فيه إل بإذن قيادة شرعية‪ .‬ولكني لم أعلم بالضسسبط مصسسدر هسسذا المبلسسغ ول‬

‫مقداره ‪ ..‬كل ما كان واضحا ً أنه من إخوان في الخارج وليس من أيسة جهسة‬

‫أخرى‪ ..‬فهذا ما كنت أحب أن أتأكد منسسه فسسي علقسساتهم السسسابقة لنسسي كمسسا‬

‫قلت لهم ل أجيز للحركة السلمية أن تستعين بأجنبي عنها ل فسسي مسسال ول‬

‫في سلح ول في حركة ‪ ..‬كذلك لم أعرف بالضبط مقداره ولكنسسي أسسستنتج‬

‫أنه أكثر من ألف جنيه ‪ ..‬فقد جاء ذلك في كلمات عرضسسية ‪ ..‬وكسسان الشسسيخ‬

‫عبد الفتاح يقول كذلك‪ ،‬أنه في مكان أمين ‪ ..‬ولم أكن أستوضحه عن هسسذه‬

‫التفصيلت ‪ ..‬لننسسي كنسست أكتفسسي بأقسسل قسسدر منهسسا ‪ ..‬وكسسذلك كسسل أعمسسالهم‬

‫التنفيذية فقد كان يكفي منها عنده ما يتعلق بالخطة العامة‪ ..‬أما التفصيلت‬

‫‪- 41 -‬‬
‫فكانت متروكة لهم لنهم أخبر بها مني ‪ ..‬ولكن تبعتها بالطبع تقع علسسي لن‬

‫الخطة العامة كانت تتم بموافقتي ‪ ..‬كذلك جاءنا مبلغ مئتي جنيه من إخوان‬

‫العراق سلمتها للخ على فور تسسسلمها‪ ،‬وكسسان حاضسسرا ً لتكسسون فسسي عهسسدتهم‬

‫وتحت تصرفهم ‪ ..‬وسيجيء تفصيل علقتنا بإخوان العراق في موضعه فيما‬

‫بعد‪..‬‬

‫خطة رد العتداء على الحركة السلمية‬

‫‪- 42 -‬‬
‫كما تقدم كنا قد اتفقنا على مبدأ عدم استخدام القوة لقلب نظسسام الحكسسم‪،‬‬

‫وفرض النظام السلمي من أعلى‪ ،‬واتفقنا في السسوقت ذاتسسه علسسى مبسسدأ رد‬

‫العتداء على الحركة السسسلمية السستي هسسي منهجهسسا إذا وقسسع العتسسداء عليهسسا‬

‫بالقوة‪.‬‬

‫وكان أمامنا المبدأ الذي يقرره اللسسه سسسبحانه‪" :‬فمسسن اعتسسدى عليكسسم‬

‫فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" وكان العتسداء قسد وقسع علينسا بالفعسل‬

‫في سنة ‪ 1954‬وفي سنة ‪ 1957‬بالعتقسسال والتعسسذيب وإهسسدار كسسل كرامسسة‬

‫آدمية في أثناء التعذيب ثم بالقتل والتعذيب وإهسسدار كسسل كرامسسة آدميسسة فسسي‬

‫أثناء التعذيب ثم بالقتل وتخريب البيوت وتشريد الطفسسال والنسسساء‪ .‬ولكننسسا‬

‫كنا قررنا أن هذا الماضي قد انتهى أمره فل تفكر في رد العتداء الذي وقع‬

‫علينا فيه‪ ،‬إنما المسألة هي مسألة العتداء علينا الن‪ .‬وهذا هو السسذي تقسسرر‬

‫الرد عليه إذا وقع ‪ ..‬وفي الوقت نفسه لسسم نكسسن نملسسك أن نسسرد بالمثسسل لن‬

‫السلم ذاته ل يبيح لمسلم أن يعذب أحسسدًا‪ ،‬ول أن يهسسدر كرامسسة الدميسسة ول‬

‫أن يترك أطفاله ونسسساءه بسسالجوع‪ ،‬وحسستى السسذين تقسسام عليهسسم الحسسدود فسسي‬

‫السلم ويموتون تتكفل الدولة بنسائهم وأطفالهم‪ ،‬فلم يكن في أيسسدينا مسن‬

‫وسائل رد العتداء التي يبيحها لنا ديننا إل القتال والقتسسل‪ :‬أول ً لسسرد العتسسداء‬

‫حتى ل يصبح العتداء على الحركة السلمية وأهلها سهل ً يزاولسسه المعتسسدون‬

‫في كل وقت‪ .‬وثانيا ً لمحاولة إنقسساذ وإفلت أكسسبر عسسدد ممكسسن مسسن الشسسباب‬

‫المسلم النظيف المتماسك الخلق في جيل كله إباحية وكلسسه انحلل وكلسسه‬

‫انحراف في التعامل والسلوك كمسسا هسسو دائر علسسى السسسنة النسساس وشسسائع ل‬

‫يحتاج إلى كلم‪.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫لهذه السباب مجتمعة فكرنا في خطة ووسيلة ترد العتداء ‪ ..‬والذي‬

‫قلته لهم ليفكروا في الخطة والوسيلة باعتبار أنهم هم الذين سيقومون بها‬

‫بما في أيديهم من إمكانيات ل أملك أنا معرفتها بالضبط ول تحديدها‪ ..‬الذي‬

‫قلته لهم‪ :‬إننا إذا قمنا برد العتداء عند وقسسوعه فيجسسب أن يكسسون ذلسسك فسسي‬

‫ضربه راجعة توفق العتداء وتكفل سلمة أكبر عدد من الشباب المسلم‪.‬‬

‫ووفقا ً لهذا جاءوا فسسي اللقسساء التسسالي ومسسع أحمسسد عبسسد المجيسسد قائمسسة‬

‫باقتراحات تتناول العمال التي تكفي لشسسل الجهسساز الحكسسومي عسسن متابعسسة‬

‫الخوان في حالة ما إذا وقع العتداء عليهم كما وقع فسسي المسسرات السسسابقة‬

‫لي سبب إما بتدبير حادث كحادث المنشية الذي كنا نعلسسم أن الخسسوان لسسم‬

‫يدبروه أو مذبحة طرة التي كنا على يقين أنها دبرت للخوان تدبيرًا‪ ،‬أو لية‬

‫أسباب أخرى تجهلها الدولة أو تدس عليها وتجيء نتيجسسة مسسؤامرة أجنبيسسة أو‬

‫محلية ‪ ..‬وهذه العمال هي الرد فور وقوع اعتقالت لعضاء التنظيم بإزالة‬

‫رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ومدير مكتب المشير‬

‫ومدير المخابرات ومدير البوليس الحربي‪ ،‬ثم نسف لبعض المنشسسآت السستي‬

‫تشل حركة مواصلت القاهرة لضمان عسسدم تتبسسع بقيسسة الخسسوان فيهسسا وفسسي‬

‫خارجها كمحطة الكهرباء والكباري‪ ،‬وقد استبعدت فيما بعد نسسسف الكبسساري‬

‫كما سيجيء‪.‬‬

‫وقلت له‪ :‬إن هذا إذا أمكن يكون كافيا ً كضربة رادعة رد على العتداء علسسى‬

‫الحركة وهو العتداء الذي يتمثل في العتقال والتعسسذيب والقتسسل والتشسسريد‬

‫كما حدث من قبل‪ -‬ولكن ما هي المكانيات العملية عندكم للتنفيذ ‪..‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫وظهر من كلمهسسم أنسسه ليسسس لسسديهم المكانيسسات اللزمسسة‪ ،‬وأن بعسسض‬

‫الشخصيات كرئيس الجمهورية ورئيس الوزارة –فيما يذكر‪ -‬وربمسسا غيرهمسسا‬

‫كذلك عليهم حراسة قوية ل تجعل التنفيذ ممكنًا‪ ،‬فضسل ً علسسى أن مسسا لسسديهم‬

‫من الرجال المدربين والسلحة اللزمسسة غيسسر كساف لمثسسل هسسذه العمليسسات ‪..‬‬

‫وبناء على ذلك اتفق على السراع في التدريب بعسسدما كنسست مسسن قبسسل أرى‬

‫تأجيله ول أتحمس له باعتبسساره الخطسسوة الخيسسرة فسسي خسسط الحركسسة وليسسس‬

‫الخطوة الولى ‪ ..‬ذلك أنه كانت هناك نذر متعددة تسسوحي بسسأن هنسساك ضسسربة‬

‫للخوان متوقعة‪ ،‬والضربة كما جربنا معناها التعذيب والقتل وخراب البيوت‬

‫وتشرد الطفال والنساء فقد أخذ الشسسيوعيون ينسسثرون الشسساعات فسسي كسسل‬

‫مكان بأن الخوان المسلمين يعيدون تنظيم أنفسهم واختيسسار قيسسادة جديسسدة‬

‫لهم وبلغتنا إشاعة أن الشيوعيين وضسسعوا منشسسورات فسي نقابسسة الصسسحفيين‬

‫يبدو فيها طابع الخوان للتحريض عليهم‪ ،‬ولم يكن هذا غريبا ً فقد سمعنا من‬

‫قبل أنه ضبطت منشورات معسسدة للتوزيسسع فسسي حقيبسستي رجليسسن مسسن رجسسال‬

‫السسدين المسسسيحي ماتسسا فسسي حسسادث منسسذ سسسنوات وعليهسسا توقيسسع الخسسوان‬

‫المسلمين بقصد اليقاع بهم ‪..‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫كذلك كان الستاذ منير الدلة قد قال لي فسسي أثنسساء تحسسذيره وتخسسوفه‬

‫من شبان متهورين يقومون بتنظيم‪ :‬أنه يعتقد أنهم دسيسسسة علسسى الخسسوان‬

‫بمعرفة قلم مخابرات أخبار أمريكي عن طريق الحاجة زينسسب الغزالسسي وأن‬

‫المخابرات "كاشسفاهم" وأنهسم يفكسرون فسي مكتسب المشسير فسي التعجيسل‬

‫بضربهم أو في تركهم فترة ‪ ..‬كما قال لي مسسن قبسسل قريبسا ً مسسن هسسذا الكلم‬

‫الحاج عبد الرازق هويدي نقل ً عن الستاذ مراد الزيات صسسهر السسستاذ فريسسد‬

‫عبد الخالق والستاذ منير وبينهما توافق في التفكير والتجاه‪ ،‬وكسسان الحسساج‬

‫عبد الرازق هويدي قد ذكر لي كسسذلك أن هسسؤلء الشسسبان متصسسلون بالسسستاذ‬

‫عبد العزيسسز علسسي )السسوزير السسسابق( أو اتصسسلوا بسسه وأنسسه يقسسال‪ :‬أنسسه متصسسل‬

‫بالمريكان ومدسوس عليهم وكنت قد عرفت من الشبان أنهسسم فعل ً التقسسوا‬

‫مع الستاذ عبد العزيز علي والستاذ فريد في بيسست الحاجسسة زينسسب الغزالسسي‬

‫في أثناء بحثهم عن قيادة‪ ،‬ولكنهم لم يستريحوا له‪ ،‬فلسسم يكاشسسفوه بأسسسرار‬

‫تنظيمهسسم‪ ،‬وفسسي كلم السسستاذ فريسسد معسسي أشسسار إلسسى اتصسسالهم بأشسسخاص‬

‫مشكوك فيهم وكنت أعرف أنسسه يشسسير إلسسى اتصسسالهم بالسسستاذ عبسسد العزيسسز‬

‫وبالحاجة زينب‪ ،‬ورأيه من رأي الستاذ منير أنهما مدسوسان لعمسسل مذبحسسة‬

‫للخوان ‪..‬‬

‫وكنت قد عرفت أن اتصالهم بالستاذ عبد العزيسسز علسسى منقطسسع‪ ،‬أمسسا‬

‫الحاجة زينسب فكنسست قسسد عرفسست أنهسسا قسامت بمجهسود كسبير فسي السسسنوات‬

‫الخيرة في مساعدة البيوت‪ ،‬وأنهسسا متصسسلة بسسبيت السسستاذ المرشسسد ومحسسل‬

‫ثقتهم‪ ،‬وأن الشيخ عبد الفتاح هو وحده المتصل بها‪ ،‬ولم يكن عنسسدي خسسوف‬

‫من ناحية أن يستخدمها أي قلم مخابرات لنها مكشوفة‪.‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫المهم أن هذه كلها كانت تنذر بقرب ضربة واعتداء يقع على الخوان‬

‫وعلى هسسذا التنظيسسم بشسسكل خسساص‪ ...‬فقررنسسا السسسراع فسسي التسسدريب بقسسدر‬

‫المكان‪ ،‬وانصرفنا على انه ليس لدينا المكانيات الن‪.‬‬

‫وأتذكر أن هذا كان آخر اجتمسساع للمجموعسسة‪ ،‬فلسسم التسسق بعسسد ذلسسك إل‬

‫بالشسسيخ عبسسد الفتسساح وبسسالخ علسسي العشسسماوي فسسي رأس السسبر‪ ،‬ولسسم أتسسبين‬

‫تفصيلت ما اتخذوه بينهم مسسن إجسسراءات التسسدريب‪ ،‬ول أيسسة خطسسوات أخسسرى‬

‫تنفيذية‪ ،‬ول أذكر أنه جاء ذكر شيء من هذا سواء في مقسسابلتي مسسع الشسسيخ‬

‫عبد الفتاح أو مع الخ علي في رأس البر‪ ،‬إلى أن وقعت العتقالت الولسسى‬

‫للخسسوان بالفعسسل‪ ،‬ولسسم يكسسن منهسسم أحسسد مسسن أعضسساء التنظيسسم بعسسد‪ ،‬وكسسانت‬

‫المسافة قصيرة بين آخر اجتماع‪ ،‬والعتقالت ل تمكنهم من تدريب حقيقي‬

‫‪ ..‬وهنا أرسلت إليهم عن طريق الحاجة زينب – في تعسسبيرات ملفوفسسة غيسسر‬

‫صريحة‪ ،‬أن يوقفوا نهائيا ً عملية السودان )أي الخاصة بالسلحة( بأي شسسكل‬

‫وأن يلغوا كل عملية أخرى )أي الخاصة برد العتداء( فجاءني استفهام مسسن‬

‫الخ علي عن طريق الحاجة زينب كذلك عما إذا كانت هذه تعليمسات نهائيسة‬

‫حتى لو وقع التنظيم‪ ،‬فأجبته بأنه فسسي هسسذه الحالسسة فقسسط وعنسسد التأكسسد مسسن‬

‫إمكان أن تكون الضربة رادعة وشاملة يتخذ إجراء وإل فصرف النظسسر عسسن‬

‫كل شيء‪ .‬وكنت أعلم أن ليس لديهم إمكانيات بالفعل وأنه لسسذلك لسسن يقسسع‬

‫شيء‪.‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫وكان قد جرى في أثناء المناقشات الولية عن الجراءات التي تتخسسذ‬

‫للرد على العتداء إذا وقع على الخوان اعتداء حسسديث غيسسر تسسدمير القنسساطر‬

‫الخيرية الجديدة وبعض الجسور والكباري كعملية تعويق‪ ،‬ولكن هذا التفكير‬

‫استبعد لنه تدمير لمنشآت ضرورية لحياة الشعب وتؤثر في اقتصاده‪ ،‬وجاء‬

‫استبعاد هذه الفكرة بمناسبة حديث لي معهم عسسن أهسسداف الصسسهيونية فسسي‬

‫هذه المرحلة من تدمير المنطقة‪:‬‬

‫أو ً‬
‫ل‪ :‬من ناحية العنصر البشري بإشاعة النحلل العقيدي والخلقي‪..‬‬

‫وثانيًا‪ :‬من ناحية تدمير القتصاد ‪ ..‬وأخيرا ً التدمير العسكري ‪ ..‬فقسسال‬

‫الخ علي عشماوي بهذه المناسسسبة‪ :‬أل يخشسسى أن نكسسون فسسي حالسسة تسسدمير‬

‫القناطر والجسور والكباري مساعدين علسسى تنفيسسذ المخططسسات الصسسهيونية‬

‫من حيث ل ندري ول نريد؟‬

‫ونبهتنا هذه الملحظة إلى خطورة العملية فقررنا استبعادها والكتفاء‬

‫بأقل قدر ممكن من تدمير بعض المنشآت في القاهرة لشل حركة الجهزة‬

‫الحكومية عن المتابعة إذ أن هذا وحده هو الهدف من الخطة‪ ..‬ولكن المسسر‬

‫في هذا كله سواء في القضاء علسى أشسخاص أو منشسآت لسم يتعسد التفكيسر‬

‫النظري كما تقدم ‪ ..‬ذلك أنه إلى آخر لحظة قبسسل اعتقالنسسا لسسم تكسسن لسسديهم‬

‫إمكانيات فعلية للعمل – كما أخبروني من قبسسل – وكسانت تعليمسساتي لهسم أل‬

‫يقدموا على أي شيء إل إذا كانت لديهم المكانيات الواسعة‪..‬‬

‫وكانت هذه هي صورة الموقف إلى يسسوم اعتقسسالي ول أعلسسم بطبيعسسة‬

‫الحال ماذا حدث بعد ذلك‪ ،‬إل أنه واضح أنه لم يقع شيء أص ً‬
‫ل‪ ..‬وقسسد كسسانت‬

‫لديهم فرصة ثلثة أسابيع على القل لو كانوا يريدون القيام بأي عمل‪.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
- 49 -
‫اتصالتنا بالخوان في الخارج‬

‫فسسي العسسام الماضسسي ول أتسسذكر التاريسسخ بالضسسبط أخسسبرني الخ علسسي‬

‫العشماوي أن أحد إخوان العراق يحب أن يقسسابلني وأنسسه هسسو ممثسسل إخسسوان‬

‫العراق في مصر أو مندوبهم وكان يدرس في مصر وهسسو مسسسافر لنسسه أتسسم‬

‫دراسته وأخذ موعدا ً مني لمقابلته معي في منزلسسي‪ ،‬وكسسان ذلسسك ‪ ..‬واسسسمه‬

‫حازم أو عاصم ول أتذكر بالضبط‪.‬س‬

‫ودار حديث ل أملك تذكر تفصيلته ولكن موضوعه كان حسسول أوضسساع‬

‫الخسسوان فسسي البلد المختلفسسة واختلف ظروفهسسم حسسسب اختلف الظسسروف‬

‫حولهم‪ .‬وأنهم يتطلعون إلى القيادة في مصر ولكن القيادة هنا ل تتصل بهم‬

‫ول توجههم ولذلك فسإن كسل مجموعسة تتخسذ لنفسسها السياسسة الستي تراهسا‬

‫باجتهادها‪ .‬وأن الخوان في العراق مسسن أجسسل ذلسسك اتخسسذوا لنفسسسهم قيسسادة‬

‫مستقلة وخطة مستقلة يكيفونها هم بأنفسهم وفق ظروفهسسم‪ ،‬ولكنهسسم مسسع‬

‫ذلك يحاولون التصال بالمجموعات الخرى في البلد المختلفة ولكن مجرد‬

‫اتصال‪ ،‬ول يطالعون أحدا ً من المجموعات الخسسرى علسسى تكسسوينهم ول حسستى‬

‫على قيادتهم‪ ،‬وإنما يتصل مندوب فقط لمتابعة الحوال‪-‬وأنه رغم أنه تكون‬

‫مكتب في بيروت يمثل إخوان العراق والردن وسورية والخوان المصريين‬

‫الذين في السعودية‪ ،‬فإن خطة إخوان العسسراق هسسي هسسذه السستي ذكرهسسا‪ .‬لن‬

‫التشكيلت الخرى ذات عقلية تقليدية ويحتاج المر إلى فسترة حستى تتلقسى‬

‫أفكارهم مع أفكارهم‪.‬‬

‫حسدثته أنسا عسن تفكيرنسا السذي انتهينسا إليسه مسن ناحيسة منهسج الحركسة‬

‫وضسسرورة بسسدئه مسسن شسسرح حقيقسسة العقيسسدة قبسسل النظسسام والشسسريعة‪ ،‬ومسسن‬

‫‪- 50 -‬‬
‫التكوين الفردي قبل التنظيم الجماعي‪ ،‬ومسسن عسسدم محاولسسة فسسرض النظسسام‬

‫السلمي عن طريق إحداث انقلب من القمة وبالذات عدم إضسساعة الجهسسد‬

‫بالتدخل في الحداث السياسية المحلية الجارية إلى آخر ما سبق بيانه مسسن‬

‫منهجنا الجديد‪.‬‬

‫وهنا قال‪ :‬إنه على اتصال بالستاذ فريد عبد الخالق باعتباره الممثسسل‬

‫للخوان هنا الذي له حق التصال به‪ .‬وأنه يرى أن هناك اختلفا ً في التفكيسسر‬

‫والمنهسج بيسن مسا أقسوله وبيسن مسا يعرفسه مسن تفكيسر السستاذ فريسد ومنهسج‬

‫الجماعة كما يفهمه‪ ،‬وأنه لماذا ل يوجد التفكيسسر فسسي الجماعسسة؟ وقلسست لسسه‪:‬‬

‫على كل حال هذا تفكيرنا نحسن وفسي الظسسروف الحاضسرة ل نملسسك الحركسسة‬

‫على نطاق واسع لتوحيد تفكير الجماعة‪ ،‬فهسسذه ثمسسرة التجربسسة السستي مررنسسا‬

‫بها‪ ،‬والزمن كفيل بها‪ .‬ولم أخبره بشيء من التفصيلت عن تنظيمنا‪ .‬ولكنسسه‬

‫كان مستاء لن يظهر الخوان كأنهم فرقة أو فرقتان‪ .‬وانصرف مسسن عنسسدي‬

‫على أنه سيظل على اتصاله بالستاذ فريد كممثل للجماعة وأنه في الوقت‬

‫نفسه سيبلغ الخوان في العراق ما سمعه مني والصورة التي عليها الحالسسة‬

‫عندنا‪ .‬وبعد اشهر عاد هذا الخ من الخارج وقابلني مرة أخسسرى عسسن طريسسق‬

‫الخ علي أيضا ً وكان معه أخ عراقي آخر‪ ،‬وأخسسبرني هسسو وزميلسسه أنسسه عسسرض‬

‫الصورة الواقعة في مصر على إخوانهم هناك‪ ،‬فكلفوه أن يكون التصال بنا‬
‫لن منهجنا وتفكيرنا أقرب إلسسى منهجهسسم وتفكيرهسسم‪ ،‬وإن لسسم يكسسن موحسسدا ً‬

‫لختلف الظروف بيننا‪ .‬وسلمني مبلغ مئتسسي جنيسسه هديسسة مسسن إخسسوانه هنسساك‬

‫للمساعدة على ظروفنا‪ ..‬هكذا إجمسسال ً بسسدون تحديسسد‪..‬فسسسلمت المبلسسغ للخ‬

‫علي كما ذكرت من قبل ولم يتم اتصال آخر غير هذا في هذه المقابلة‪.‬‬

‫***‬

‫‪- 51 -‬‬
‫وفي مايو الماضي زارنسسي بمفسسرده أحسسد إخسسوان الردن‪ .‬وهسسو طسسبيب‬

‫اسمه عبد الرحمن ‪ ..‬أما بقية اسمه فل أتذكرها‪ ،‬ومن السهل معرفة اسمه‬

‫من السسستاذ فريسسد عبسسد الخسسالق‪ ،‬وذكسسر لسسي أنسسه منتسسدب مسن إخسسوان الردن‬

‫لمقابلة الخوان هنا‪ ،‬وأنه حضسر إلسي لتهنئتسي بسالخروج مسن السسجن باسسم‬

‫إخوان الردن‪ ،‬وأبلغني تحيات مراقبهم العام الستاذ عبسسد الرحمسسن خليفسسة‪.‬‬

‫ثسسم تحسسدث حسسديثا ً طسسويل ً عسسن المسسسألة السستي يريسسد أخسسذ تعليمسسات فيهسسا أو‬

‫توجيهات‪ ،‬وهي مسألة علقتهم بمنظمسسة التحريسسر وبالشسسقيري‪ ،‬وهسسي سسسرد‬

‫طويسسل لعلقتهسسم بالشسسقيري منسسذ بسسدأ التمهيسسد لتشسسكيل منظمسسة فلسسسطين‬

‫وأحاديثهم معه وأحاديثه معهم‪ ،‬ل تسعفني ذاكرتي الن باستحضاره لني لم‬

‫أكن أتتبعه باهتمسسام إل فسسي النقطسسة الساسسسية فيسسه وهسسي تتلخسسص‪ :‬فسسي أن‬

‫الشقيري طلب مساعدتهم في الدعوة للمنظمة وأنهم فهموا منه أنسسه جسساد‬

‫في قضسسية فلسسسطين فبسسذلوا لسسه كسسل مسسساعدة‪ .‬ولكسسن عنسسد تشسسكيل الهيئة‬

‫التنفيذية –أو ما يشبه هذا‪ -‬وجدوا أنه استبعد الخوان المسلمين منهسسا‪ ،‬وأن‬

‫أغلبية منهسا مسن المعروفيسن بميسسولهم الشسسيوعية‪ ،‬وأنهسسم راجعسسوه فسسي هسسذا‬

‫وكشفوا له عن حقيقة هؤلء فوعد بالهتمام بهسسذه المسسسألة وإعسسادة النظسسر‬

‫في الموضوع‪ ،‬وأن المسألة بينهم وبينه عند هذا الحد‪.‬‬

‫وشكا من أن القيادة في مصر ل تتصل بهم ول تعطيهم أي توجيهسسات‬

‫في حين أنهم يعتبرون أنفسهم مرتبطين بالقسساهرة‪ ..‬وذكسسر لسسي أن السسسفير‬

‫المصري في وقت من الوقات سأل السستاذ عبسد الرحمسن خليفسة عمسا إذا‬

‫كان يلبي دعوة لو جاءته من القاهرة‪ ،‬فرد الستاذ عبد الرحمن عليه قسسائ ً‬
‫ل‪:‬‬

‫إن لك قيادة وأنت تتبعها وتطيسسع أوامرهسسا‪ .‬فأنسسا كسسذلك لسسي قيسسادة‪ ،‬وسسسألبي‬

‫الدعوة لو جاءت لي من الستاذ المرشد أو بموافقته وأن السفير قسسال لسسه‪:‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫يجب أن تعلقوا مصيركم ول علقاتكم بمصير الخوان في مصر‪ .‬فقسسال لسسه‪:‬‬

‫إننا مرتبطون بمصر باعتبارها قطاعا ً من قطاعات الخوان‪ .‬ثم طلسسب منسسي‬

‫توجيهات في الموقف‪ ،‬فقلت له‪ :‬إنني ل أملك أن أعطيكم توجيهات محددة‬

‫فسسي موقسسف داخلسسي‪ :‬أول ً لننسسي لسسست المرشسسد‪ .‬وثانيسا ً لنكسسم أنتسسم أعسسرف‬

‫بظروفكم‪ ،‬وأقرب إلى القضية الفلسسسطينية‪ ،‬وأقسسرب إلسسى المنظمسسة وأخسسبر‬

‫بكل ما يحيط بها‪ .‬فطلب مقابلة المرشد فقلت له كذلك‪ :‬إننسسي ل أملسسك أن‬

‫أوصله بالمرشد لنني أعرف أن حالته الصحية لم تعد تمكنه من بسسذل جهسسد‬

‫في مثل هذه المشاغل والمشاكل‪ ،‬ولننسسي أعسسرف كسسذلك عسسدم رغبتسسه فسسي‬

‫مثل هذه المقابلت‪ ،‬وكنت سمعت هذا فعل ً نقل ً عن أهل بيته‪.‬‬

‫فقال لي‪ :‬إنه سيقابل السسستاذ فريسسد فمسساذا انصسسح لسسه هسسل يقسسابله أم‬

‫يكتفي بمقسسابلتي؟ فقلسست لسسه‪ :‬إنسسه يسسستطيع أن يقابسسل السسستاذ فريسسد بل أي‬

‫مانع‪ ..‬وكان قد سألني قبل ذلسسك عسسن توجيهسساتي العامسسة قبسسل سسسؤالي عسسن‬

‫التوجيهات بخصوص منظمة فلسطين‪ ،‬فذكرت له أرائي في منهسسج الحركسسة‬

‫السلمية على أنها مجرد آراء لي ل على أنهسا توجيهسسات لهسسم‪ ،‬لنسي أعسسرف‬

‫منذ سنة ‪ 1953‬عندما كنسست فسسي الردن أن إخسسوان الردن منغمسسسون فسسي‬

‫الحركات السياسية المحلية‪ ،‬فل يمكن أن أنصح لهم بالنسحاب منهسسا وهسسم‬

‫ل يستجيبون لهذا بحسب ظروفهم وتاريخهم في الحركة‪.‬‬

‫وقد علمت من الستاذ فريد في المقابلة التي كانت بيني وبينسسه بعسسد‬

‫ذلك وهي المقابلة الوحيدة باستثناء حضوره لتهنئتي بعد خروجي في العسسام‬

‫الماضي والستي اقتصسسرت علسى التهنئة‪ ..‬علمست أن الخ الردنسي زاره وأنسه‬

‫قابل الستاذ المرشد كذلك‪ .‬وأنه لم يأخذ منهما أيسسة توجيهسسات فسسي مسسسألة‬

‫المنظمسسة‪ .‬وأن المرشسسد أبسسدى رغبتسسه فسسي عسسدم الحسسديث فسسي مثسسل هسسذه‬

‫‪- 53 -‬‬
‫المسائل‪ .‬وكذلك عرفت هذا مسسن المرشسسد عنسسدما زرتسسه للسسسؤال عنسسه فسسي‬

‫مرضه وللعزاء في ابن عمه وذكرت له طلب ذلك الخ زيسسارته وردي عليسسه‪.‬‬

‫كذلك كان مما قاله لي ذلك الخ الردني‪ :‬إن القوميين العرب فسسي سسسورية‬

‫اتصلوا بالستاذ عصام عطار ليتعاون معهم في صسراعهم مسع حسزب البعسث‬

‫وأمين الحافظ باعتبار أن حزب البعث والحكومة السسسورية تطسسارد الخسسوان‬

‫كما تطارد القوميين العرب‪ .‬فقال لهم الستاذ عصام‪ :‬إن هذا التعاون يكون‬

‫منتقدا ً من إخوان سورية وجميع الخوان في البلد العربية الخرى مع وجود‬

‫إخواننا في مصر في المعتقلت والسسسجون‪ ،‬ومعسسروف أن حركسسة القسسوميين‬

‫العرب متصلة بالقاهرة‪ ،‬فالوضع ل يكسسون سسسليما ً فسسي مثسسل هسسذه الظسسروف‬

‫ويحسن إنهاء قضسسية الخسسوان فسسي مصسسر ليصسسبح لمثسسل هسسذا التعسساون محسسل‬

‫وفرصة‪.‬‬

‫***‬

‫وأذكر أن الخ علسي العشسماوي أخسبرني أن فسي مصسر أخسا ً سسودانيا ً‬

‫زائرا ً وهو مندوب عن الخوان هناك‪ ،‬وقد يزورنسسي‪ .‬ولكسسن لسسم يحسسدد موعسسد‬

‫ولم تتم الزيارة‪ ،‬غير أني علمت من الخ علي أنه قابله مرة أو مرتيسسن فسسي‬

‫الغالب‪ ،‬وأنه وصف له حوادث السودان ودور الخوان الساسي فيهسسا‪ ،‬ممسسا‬

‫أدى إلى إنهاء الحكم العسكري هناك على مسسا هسسو معسسروف‪ .‬كمسسا أبسسدى لسسه‬

‫تفاؤله الكبير بقرب قيام حكم إسلمي في السودان نتيجة للنتخابات السستي‬

‫كانت لم تجر بعد‪.‬‬

‫وأذكر أنني علقت وقتها مع هذا كله إن قيسسام حكسسم إسسسلمي فسسي أي‬

‫بلد لن يجئ عن مثل هذه الطرق‪ .‬وأنه لن يكون إل بمنهسسج بطيسسء وطويسسل‬

‫المدى‪ ،‬يستهدف القاعدة ل القمسسة‪ ،‬ويبسسدأ مسسن غسسرس العقيسسدة مسسن جديسسد‪،‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫والتربية السلمية الخلقية‪ .‬وأن هذا الطريق الذي يبدو بطيئا ً وطسسويل ً جسسدا ً‬

‫هو أقرب الطرق وأسرعها‪.‬‬

‫وقلت له كذلكن إنه لم يمروا بعد بالتجارب التي مررنا بها في مصر‪،‬‬

‫ولذلك لبد أن يتركوا ليجربوا غذ أنني أظن أنهم لن يقبلوا منسسا توجيه سا ً فسسي‬

‫فورة الحماسة والتفاؤل‪.‬‬

‫ولما ظهرت نتيجة النتخابات مخيبة لهذا التفاؤل تقابل مع الخ علسسي‬

‫فيما أذكر‪ ،‬وكانت صدمة له ظاهرة في حديثه كمسسا نقسسل لسي الخ علسسي‪ ،‬ول‬

‫أذكر تفصيلت أخرى لن المقابلة لم تكن معي على ما أتذكر‪.‬‬

‫***‬

‫وحضر من ليبيا لمقابلتي فسي أول أغسسطس مسن هسذا العسام‪ ،‬وقبسل‬

‫اعتقالي بأسبوع واحد ثلثة من إخوان ليبيا أحدهم اسمه )الفاتسسح( ول أذكسسر‬

‫أسماء الخرين‪ .‬وكان الخ )الطيب الشين( قبل سفره أخسسبرني برغبسسة الخ‬

‫الفاتح في مقابلتي وأنها كانت أمنية له منذ زمسسن طويسسل وأنسسا فسسي السسسجن‬

‫وأنه قد يحضر في أواخر يوليو‪.‬‬

‫وبالفعل كان ذلك‪ .‬وكانت معهم الخ المبروك‪ .‬وقد قابلتهم مجتمعين‬

‫في الفندق السسذي كسسانوا نسسازلين بسسه وهسسو فنسسدق أطلسسس‪ .‬وكسسان أول سسسؤال‬

‫توجهوا إلي بسسه الستفسسسار عسسن حقيقسسة حسسادث المنشسسية فسسي أكتسسوبر سسسنة‬

‫‪ 1954‬وعدم تصديقهم بأنه عمل الخوان لنه ظاهر فيه من الوصسسف السسذي‬

‫سسسمعوه أنسسه ل يمكسسن لنسسسان عاقسسل أن يحسساول ارتكسسابه علسسى هسسذا البعسسد‬

‫بمسدس‪ .‬وقد أخبرتهم بما بلغنا عن تدبيره بواسطة صلح دسوقي واللسسواء‬

‫الذي مات أخيرا ً في السكندرية وثالث لم نعرفه بعد‪.‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫وكان أخي محمد قطسسب قسسد اعتقسسل قبسسل مقسابلتي معهسسم بيسسومين أو‬

‫ثلثة‪ ،‬وقد سألوا عنه وعن مكان اعتقاله ولم أكسسن أعسسرف مكسسانه ول سسسبب‬

‫اعتقاله إذ أن علمي المؤكد عنه أنه لم ينضم في حياته إلسسى تنظيسسم أو هيئة‬

‫أو حزب أو جماعة‪ .‬كذلك أخبرتهم بتوقع اعتقالي لن العتقالت كسسانت قسسد‬

‫أخذت تتسع وتوحي بأنها ستشمل جميع الخوان‪.‬‬

‫وبمناسبة الحديث عن تدبير حادث ‪ 26‬أكتوبر في المنشسسية بواسسسطة‬

‫السيد صلح دسوقي واللواء الذي توفي أخيرا ً في السكندرية وثالث‪ ،‬وأخذ‬

‫الخوان به‪ ،‬تحدثنا في التخوف من تكسسرار مثسسل هسسذا التسسدبير مسسن أيسسة جهسسة‬

‫يهمها إغراء الحكومة بالخوان وخاصة العناصر الشسسيوعية السستي كسسان يشسساع‬

‫في وقتها أنها سترتكب بعض الحوادث بقصد نسبتها إلى الخوان‪.‬‬

‫وكان الخ الفاتح سيسافر لزيارة لبنان والردن‪ ،‬وقسسال‪ :‬إنسسه سسسيقابل‬

‫هناك الستاذ عصسسام عطسسار والسسستاذ عبسسد الرحمسسن خليفسسة وسسسينقل أخبسسار‬

‫العتقالت وحادث المنشية والخوف من تدبير مثله‪ .‬فلسسم أمسسانع فسسي ذلسسك‪.‬‬

‫ولكنسي قلست لسه‪ :‬إن أسسرار حسادث المنشسية تحتسساج إلسى بحسث واسسستيفاء‪،‬‬

‫فيحسن أن يعرف ول يذاع عنه شيء حتى تكون لنا عنسسه بيانسسات كاملسسة‪ ،‬إل‬

‫إذا دبر للخوان حسسادث مثلسسه مسسن أيسسة جهسسة فيحسسسن عنسسدئذ نشسسره‪ .‬وكنسست‬

‫سمعت أن في النية مصادرة بعض كتبي وعدم إعادة طبعها‪ .‬فقلت له‪ :‬إنسسه‬

‫إذا حدث هذا فهناك إذن مني لي ناشر فسي الخسسارج بطبسع هسذه الكتسب فل‬

‫يحتاج إلى إذن‪ .‬وبهذه المناسبة ذكروا أن في نيتهم فتح مكتبة ومطبعة في‬

‫ليبيا‪ ،‬وأنهم يعتسسبرون هسسذا إذنسا ً لهسسم‪ .‬وقسسد يجعلسسون لهسسم فرعسا ً فسسي بيسسروت‬

‫باعتبارها سوقا ً حرة وليس فيها قيود تصدير ول استيراد‪ .‬فتركت المر كلسسه‬

‫‪- 56 -‬‬
‫في أيديهم إذا حدث ما كنت سمعته من بعض أصحاب المكتبات عن اتجسساه‬

‫النية لعدم طبع بعض كتبي‪.‬‬

‫وقد عرضوا أن يدفعوا مقدما ً مبلغا ً من المال مقابل طبع الكتب كما‬

‫هو المتبع مع الناشرين ولما كان هسسذا سسسابقا ً لوانسسه فقسسد شسسكرتهم‪ .‬وتركنسسا‬

‫مثل هذه الشؤون لحينها عندما يتخذ فيها إجراء عملسسي‪ .‬ولكنسسي قلسست لهسم‪:‬‬

‫إنه إذا حدث هذا فتسلم أيسسة حصسسيلة لهلسسي‪ .‬ولمسسا كسسان محمسسد معتقل ً فقسسد‬

‫ذكرت لهم اسم ابن أختي رفعت أو ابسسن أخسستي عزمسسي‪ ،‬علسسى أن أي واحسسد‬

‫منهما يتسلم بدل ً مني‪ ،‬ما يكون لي من حصيلة كتبي‪ .‬وذلك ظنا ً مني أنهمسسا‬

‫ل يعتقلن لنهما ليسا من التنظيم الجديد‪ ،‬ولم تكن لهما سابقة انتظام فسسي‬

‫جماعة الخوان من قبل!‬

‫***‬

‫وهناك زيارة من أحد إخوان سوريا كانت بعسسد خروجسسي مسسن السسسجن‬
‫بقليل في العام الماضي‪ .‬ولم يبق في ذاكرتسسي عنهسسا إل صسسورة باهتسسة جسسدا ً‬

‫وقد تعبت في تذكرها‪ ،‬ولكن لعلني ذكسرت عنهسا شسيئا ً فيمسا بعسد للخ علسي‬

‫العشماوي ولعله يذكر اسم الزائر فأظن أنه يعرفه ولكنسي غيسر متأكسسد مسن‬

‫شيء عن هذا‪ .‬والذي استطعت أن استجمعه في ذاكرتي الن عنها أن هسسذا‬

‫الخ كان قادما ً من سورية في طريقه إلى إنجلترا لسسستكمال دراسسسته بهسسا‪،‬‬

‫وأنه من قبل كان يدرس في مصر وأتم دراسته‪.‬‬

‫وقد أبلغني تحيات الستاذ عصام العطار رئيسسس الخسسوان المسسسلمين‬

‫في سورية وتهنئته لي بالخروج مسن السسسجن‪ .‬وذكسسر لسي شسسيئا ً عسسن موقسسف‬

‫الخوان في سورية وتوقعهم لضربة لهم من البعثيين‪ .‬وسألني عما إذا كسسان‬

‫‪- 57 -‬‬
‫لدي أية توجيهسات؟ وأذكسر أننسي قلست لسه‪ :‬إننسي ل أملسك إعطساء توجيهسات‬

‫محددة لموقف معيسسن‪ ،‬فهسسذا مسستروك للمباشسسرين للحسسداث والوضساع وهسسم‬

‫يكونون أعلم بها‪ .‬ولكن لي فقط توجيها ً عاما ً لكل الخوان ولكسسل الحركسسات‬

‫السلمية‪ ،‬وهسسو أل تسسستغرقهم الحسسداث الجاريسسة‪ ،‬وأل ينغمسسسوا فيهسسا وفسسي‬

‫المناورات الحزبية والسياسية‪ ،‬فإن لهسسم حقل ً آخسسر أوسسسع وأبعسسد مسسدى وإن‬

‫كان بطيئا ً وطويل المد وهو حقل البعث السلمي للعقيدة وللقيم وللخلق‬

‫وللتقاليد السلمية في صلب المجتمعات حتى يسسأذن اللسسه‪ -‬بالجهسسد الطويسسل‬

‫والصبر‪ -‬بقيام النظام السلمي‪.‬‬

‫وإننسسي ألحسسظ شسسدة انغمسساس إخسسوان سسسورية بالسسذات‪ ،‬ومنسسذ نشسسأة‬

‫الجماعة هناك في الحداث السياسية وقلة التفرغ للتربية‪ .‬وأذكر كذلك أنسسه‬

‫قال لي‪ :‬إنا إذا لم نشارك في الحداث وانعزلنا عسسن بقيسسة القسسوى الشسسعبية‬

‫يسهل على البعث ضربنا‪ .‬وإننسسي قلسست لسه‪ :‬إنسي أعتقسد باسستقراء الحسداث‬

‫الماضية أن ضسسرب الخسسوان والحركسسات السسسلمية ل يتعلسسق فقسسط بعوامسسل‬

‫محلية‪ ،‬ولكنه يتعلق بمخططات صهيونية وصسسليبية اسسستعمارية مدربسسة علسسى‬

‫إنشاء الظروف وتكييف الحداث بحيث تصبح الضربة كأنهسسا بسسسبب عوامسسل‬

‫محلية ‪ ..‬وإنه يجسسب أن يكسسون فسسي حسسسابنا أن أعسسداءنا وأعسسداء هسسذا السسدين‬

‫وأعداء حركات البعث السلمية في الخارج أكثر مما هم في الداخل‪.‬‬

‫وقد حدث بعد ذلك أن ترك السسستاذ عصسسام سسسورية إلسسى لبنسسان فيمسسا‬

‫أذكر‪ .‬وأذكر كذلك انه حدثني عن الستاذ سعيد رمضسسان‪ ،‬وأن الخسسوان فسسي‬

‫سورية‪ ،‬وفي الردن كذلك غير مسسستريحين لتصسسرفاته‪ ..‬لنسسه ل يستشسسيرهم‬

‫فيها ويتصرف بمفرده حتى عندما يكسسون بينهسسم‪ ،‬فينسسزل فسسي فنسسادق ويسسزور‬

‫شخصيات ل يرغبون هم أن ينزل فيها أو أن يزورها باعتبارهم أدرى ببلدهم‬

‫‪- 58 -‬‬
‫وما فيها ومن فيها‪ ،‬ولكنه هو ل يستمع لتوجيههم وفسق تقاليسد الخسوان فسي‬

‫أن الزائر يكون في عهدة أهل البلد وقيادتهم المحلية‪.‬‬

‫وأنهم كلما أخذوا عليه أشياء في تصسسرفاته قسسال لهسسم‪ :‬إن عنسسده إذنسا ً‬

‫بالتصرف من الجماعة‪ .‬وسألني عما إذا كان هنا تفويض فعل ً للستاذ سسسعيد‬

‫بأن يتصرف من نفسه؟ وقد أجبته بأنه ل علم لي كلية بمثل هذه الشسسؤون‪-‬‬

‫ل‪ -‬وأنني خارج حديثا ً من السجن وأنني بطبيعتي ل أحسسب‬


‫وهذا هو الواقع فع ً‬

‫الدخول في هذه المسائل‪ ..‬وبهذه المناسبة أذكر أن الخ الردنسسي )السسدكتور‬

‫عبد الرحمن ‪ (..‬الذي ذكرت زيارته مسسن قبسسل تحسسدث معسسي بمثسسل هسسذا عسسن‬

‫الستاذ سعيد رمضان وأنني أجبته نفس الجابة‪.‬‬

‫***‬

‫وعقب خروجي من السجن في العام الماضي حضسرت إلسي السسيدة‬

‫خيريسسة الزهسساوي بنسست أخسسي السسستاذ الشسسيخ الزهسساوي كسسبير علمسساء العسسراق‬

‫للستشفاء واستشارة الطباء‪ .‬وقد حضرت عندنا تحمل إلسسي تحيسسات وتهنئة‬

‫فضيلة عمها الستاذ أمجد‪ ،‬وفرحه بخروجي بعد قلقه عما كان يترامى إليسسه‬

‫من أخبار سوء صسسحتي فسسي السسسجن وإشسساعات مسسوتي أحيانسًا‪ .‬وأنسسه تحسسدث‬

‫بشأني مع سيادة الرئيس عبسسد السسسلم عسسارف‪ ،‬ووجسسد عنسسده كسسل اسسستعداد‬

‫للتوسط لدى سيادة الرئيس جمال عبد الناصر‪ .‬بل إنه فكسسر فسسي ذلسسك مسسن‬

‫نفسه فقد كان كتابي "فسسي ظلل القسسرآن" هسسو أنيسسسه فسسي فسسترة اعتقسساله‪.‬‬

‫وبالعل قام بهذه الوساطة ونجحت والحمد لله‪ .‬وأنه بعد عودته من القاهرة‬

‫كلف من يذهب إلى فضيلة الشيخ أمجد ليبشره بنجاح وساطته فسسور نزولسسه‬

‫من الطائرة في المطار‪ ،‬وأن الشيخ فرح بهذا هو وجميع إخوانه وأبنائه في‬

‫جمعية علماء العراق‪ .‬وقد شكرتها على زيارتها وطلبت منهسسا شسسكر فضسسيلة‬

‫‪- 59 -‬‬
‫الشيخ والسؤال عن صحته فقد علمت منها أنه لم يعد يستطيع الخروج من‬

‫البيت لثقل المرض عليه‪ .‬وقد أقامت معنا يومين ولما سسسافرت بعثسست إلسسى‬

‫أختي أمينة قطب برسسسالة بعسسد فسسترة طويلسسة مسسن سسسفرها تتضسسمن تحياتهسسا‬

‫وتحيات بنت عمها الشيخ وكذلك خبرا ً بأن عمها يشسستد عليسسه المسسرض‪ ،‬وأنسسه‬

‫يبلغنا تحياته ودعواته‪.‬‬

‫***‬

‫كذلك زارنسي عقسب خروجسي سسيادة سسفير العسراق فسي الجمهوريسة‬

‫العربية المتحدة وأبلغني تحيات سسسيادة الرئيسسس عبسسد السسسلم عسسارف‪ ،‬كمسسا‬

‫أخبرني السفير أن الرئيس سعيد بنجاح وساطته لدى سيادة الرئيس جمال‬

‫عبد الناصر‪ ،‬وهو يسأل عن صحتي وعمسسا إذا كسسانت لسسي أيسسة طلبسسات يملسسك‬

‫إجابتها‪ .‬وذكر لي كذلك أن كتاب "في ظلل القرآن" كان أنيسسسه فسي فسسترة‬

‫اعتقاله أيام عبد الكريم قاسم‪ ،‬وقد شكرته على زيارته وطلبسست إليسسه تبليسسغ‬

‫شكري لسيادة الرئيس العراقي‪ ،‬وأنه ليس لسسي طلبسسات سسسوى أنسسه إذا رأى‬

‫سيادته أن يواصل مساعيه الحميدة لنها قضية الخوان بجملتها فلعسسل اللسسه‬

‫أن يوفقه إلى ذلك‪ .‬ووعد السفير بحمل هذه الرغبة إلى الرئيس العراقي‪.‬‬

‫وعندما حضر الرئيس عبد السلم عارف إلى مسسؤتمر القمسسة أرسسسلت‬

‫له برقية شكر وتحية‪ ،‬وقد رد علي برسالة لم تصسسلني ولكنسسي عرفسست فيمسسا‬

‫بعد بخبرها‪ .‬فقد حضر السفير لزيارتي مرة أخرى في هذا العسسام وكسسان قسسد‬

‫صار وزيرا ً للتربية والتعليم – قبيل أن يكون وزيرا ً فسسي المجلسسس المشسسترك‬

‫للوحدة مع الجمهورية العربية – ومعه هدية لسسي مسسن الرئيسسس عسسارف معهسسا‬

‫بطاقته‪ .‬وفي أثناء الحديث العابر فهمت أن الرئيس كان قد بعث برد علسسى‬

‫برقيتي‪ ،‬ولم أقل له طبعًا‪ ،‬ان الرد لم يصلني!‬

‫‪- 60 -‬‬
‫وقد أرسلت بمجموعة كتبي مجلدة هدية للرئيس عارف وبمجموعسسة‬

‫أخرى للوزير وذلك عن طريق السفارة العراقية في القسساهرة‪ ،‬وكانسسا لسسوزير‬

‫قد اتفق معي على أنه عنسسد إتمسسام تجليسسدها أرسسسلها للسسسفارة وهسسي تتسسولى‬

‫إرسالها‪.‬‬

‫***‬

‫كسسذلك زارنسسي بعسسد خروجسسي السسسيد ضسسياء شسسيت خطسساب المستشسسار‬

‫بمحكمة التمييز العراقية للتهنئة ‪ ..‬وأخسسبرني كسسذلك بوسسساطة الرئيسسس عبسسد‬

‫السلم عارف في شأني‪ ،‬وفرحه أصدقائي الكسسثيرين فسسي العسسراق السسذين ل‬

‫أعرفهم من رجال الدين والفكر والعلم بنبأ خروجي الذي نشر فسسي صسسحف‬

‫العراق كلها‪ .‬وتحسسدث عسن الرئيسس عبسسد السسلم عسارف بسأنه رجسل متسسدين‬

‫ووالده قبله وعائلته كلها‪ ..‬ثم زارني ابسن أختسه واسسمه فيمسا أذكسر )حسازم(‬

‫وأبلغني تحيات خاله الثسساني اللسسواء محمسسود شسسيت خطسساب ومعسسه كتسساب لسسه‬

‫بعنوان "محمد القسسائد" هديسسة منسسه لسسي‪ ،‬وقسسد طلبسست منسسه أن يسسسكره عنسسي‬

‫وأهديت له بعض كتبي‪.‬‬

‫ومسن نحسسو سسستة أشسهر وردت إلسي رسسالة مسسسجلة مسن دار الذاعسسة‬

‫السعودية مرفق بها تحويل بمبلسسغ ‪ 143‬جنيه سا ً )مئة وثلثسسة وأربعيسسن جنيه سًا(‬

‫على بنك بورسعيد وذكر في الرسسسالة أن هسسذا المبلسسغ هسسو قيمسسة مسسا أذاعتسسه‬

‫الذاعة السعودية من أحاديث مقتبسة من كتابي "فسسي ظلل القسسرآن" فسسي‬

‫شهري شعبان ورمضان سنة ‪ .1385‬وكنت قد علمت أن الذاعة السعودية‬

‫تذيع أحاديث منتظمة مقتبسة من كتابي منذ سسسنوات‪ ،‬وأنهسسا مسسستمرة فسسي‬

‫إذاعتها‪ .‬فلما قررت هي مكافأة معينسسة عسسن فسسترة معينسسة رأيسست أن أطالبهسسا‬

‫بقيمة السابق واللحق من الذاعات وهذا حقي الطبيعي كمؤلف‪.‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫ولكني قبل تسسلم المبلسغ وقبسل المطالبسة ببقيسة المسستحقات رأيست‬

‫إطلع المباحث العامة على الموضوع حسستى ل يسسساء تسسأويله فسسي وقسست مسسن‬

‫الوقات‪ .‬وبالفعل قابلت السيد المقسسدم محمسسود الغمسسراوي‪ ،‬وأطلعتسسه علسسى‬

‫الرسالة والتحويل وعلى نيتي فسسي المطالبسسة بمسسستحقاتي‪ .‬فسسرأي أن أكتسسب‬

‫مذكرة بالموضوع لتحفظ في سجلتهم بدل الحديث الشفوي الذي ل يمكن‬

‫الرجوع إليه عند اللزوم‪ .‬فكتبت له هذه المذكرة وتركتهسسا لسسه‪ ،‬مسسع مسسوافقته‬

‫على أن أتسلم المبلغ وأن أطالب بالباقي‪.‬‬

‫وقد تسلمت المبلغ وكتب رسالة إلى السسسيد وزيسسر العلم السسسعودي‬

‫فصلت له فيها موضسسوع الحسساديث وطسسالبت بصسسرف بقيسسة المسسستحقات مسسا‬

‫دامت الذاعة هي التي قررت مبدأ دفع مكافسسأة عسسن فسسترة ليسسس هنسساك مسسا‬

‫يميزها عن بقية الفترات‪ .‬وصورة الرسالة قد اطلعت عليها المباحث العامة‬

‫كذلك ولكنسسي لسسم أتسسسلم ردا ً رسسسميا ً مسسن وزارة العلم السسسعودية ول مسسن‬

‫محطة الذاعة غير أني عرفت من الخ عبد الفتاح إسسسماعيل ومسسن الحاجسسة‬

‫زينب الغزالي نقل ً عن بعض العائدين من الحج في هذا العام‪-‬ول أعرف من‬

‫هم‪ -‬أنه تقرر هناك تخصيص مكافأة عن هذه الذاعات السابقة تسسودع تحسست‬

‫تصرفي مع الستمرار في إرسال المكافسسآت السستي تسسستجد بالطريقسسة السستي‬

‫أرسل بها المبلغ السابق‪ ..‬إل أن شيئا ً من هذا لم يتحقق‪.‬‬

‫***‬

‫وفي أثناء انعقاد مؤتمر علماء المسلمين في القاهرة في هسسذا العسسام‬

‫زارني مندوب الجزائر في المؤتمر واسمه الشيخ ‪) ..‬ل أتذكر السسسم ولكسسن‬

‫الحاجة زينب الغزالي تعرفه لنه كلمنسي تليفونيسا ً مسن عنسدها للتفساق علسى‬

‫موعد الزيارة( وقد تحدث معي عن الحوال والوضاع فيا لجزائر من ناحيسسة‬

‫‪- 62 -‬‬
‫التيارات العقيدية‪ .‬يقول إن قاعدة الثورة إسلمية ل شك في ذلسسك‪ ،‬واتجسساه‬

‫الشعب كله إلى السلم وإن كان البعض ل يعسسرف حقيقتسسه‪ ،‬لن السسستعمار‬

‫الفرنسي الطويل حرص على تجهيل الشعب بدينه غير أنسه توجسد الن عنسد‬

‫القمة تيارات شيوعية فكرية منظمسسة تعمسسل علسسى نشسسر الفكسسار الشسسيوعية‬

‫تحت اسم الشتراكية وتحت ستار الثقافسسة الجتماعيسسة والقتصسسادية وليسسس‬

‫هناك ما يقابلها من ناحية الفكر السلمي‪ ،‬لن المشسسايخ والوعسساظ يتجهسسون‬

‫اتجاها ً تقليديا ً ل يكسافئ تلسسك التيسسارات ولسسذلك فسالخوف شسسديد مسسن تضسسليل‬

‫الشعب بهذه الوسيلة‪ .‬وكان هذا قبل النقلب الجزائري الخيسسر‪ .‬ثسسم طلسسب‬

‫مني أن أكتب له بيانا ً مختصرا ً عسن النظسام الجتمساعي السسلمي ووسسائله‬

‫في تحقيق العدالسسة الجتماعيسسة ليسسساعده هسسو وإخسسوانه هنسساك علسسى مقابلسسة‬

‫التيارات الشيوعية‪ .‬فقلت له‪ :‬إن لي ثلثسسة كتسسب فسسي هسسذا الموضسسوع هسسي‪:‬‬

‫العدالة الجتماعية في السلم‪ ،‬والسلم العالمي والسلم‪ ،‬ومعركة السلم‬

‫والرأسمالية‪ .‬وأن للستاذ المودودي كذلك كتبا ً فسسي الموضسسوع سسسميتها لسسه‪.‬‬

‫فقال‪ :‬إن هذا ليس ما يطلبه‪ ،‬إنه يطلسسب مختصسسرا ً يسسستطيع أن يقسسرأه مسسن‬

‫يستطيعون قراءة العربية ثسسم يسسترجم إلسسى الفرنسسسية لن معظسسم المثقفيسسن‬

‫عنسسدهم ل يقسسرأ إل بالفرنسسسية‪ ،‬أمسسا هسسذه الكتسسب فل يسسستطيع قراءتهسسا إل‬

‫المثقفسون ثقافسسة عربيسسة كاملسة وهسم قليلسون جسدًا‪ .‬ووعسسدته أن أكتسسب هسسذا‬

‫المختصسسر‪ ،‬ولكنسسي علمسست أنسسه سسسافر سسسريعا ً قبسسل أن أكتسسب لسه شسسيئا ً فسي‬

‫الموضوع الذي يريده‪.‬‬

‫***‬

‫وزارني مفتي طرابلس بلبنان ول أتذكر اسمه ولعله )جو زو( بصحبة‬

‫اللواء سعد )وأظنه السكرتير المساعد للمؤتمر السلمي( والسسستاذ جمسسال‬

‫‪- 63 -‬‬
‫السنهوري وتحدث معي في ضرورة العمل على إحيسساء المسسؤتمر السسسلمي‬

‫بكامل نشاطه‪ ،‬والبعد به عن تيارات الخلفات السياسية بين البلد العربيسسة‪،‬‬

‫ي لنهم في حاجة إلى جهدي ورأيي في هذا الموضوع‪.‬‬


‫وأنهم جاءوا إل ّ‬

‫وكان معهم مشروع إنشاء مجلة للمؤتمر مطبوع ومبين فيه أهسسدافها‬

‫ن لي من ملحظات واقتراحات وافقوا‬


‫وأبوابها فاطلعت عليه‪ ،‬وأبديت ما ع ّ‬
‫عليها‪ .‬وانصرفوا على أنهم عند إتمام الجراءات لصدار المجلة ولسسستئناف‬

‫النشاط الفعلي للمؤتمر سيعودون إلي‪ .‬وكان هذا آخر ما هنالك ‪..‬‬

‫وأذكر من هذه التصالت عدة رسائل تهنئة بالخروج من السجن مسن‬

‫أعضاء ندوة العلماء بالهند ومن الجماعة السسسلمية بباكسسستان‪ ،‬كلهسسا باللغسسة‬

‫النجليزية‪ .‬ول أذكر الن من مرسسسليها إل واحسسدا ً اسسسمه )غلم أحمسسد( أظنسسه‬

‫رئيس الجماعة السلمية بكراتشي )وكان الستاذ المودودي أمير الجماعسسة‬

‫معتق ً‬
‫ل(‪ ،‬وواحد اسمه )الصديقي( وثالث من ندوة العلماء بالهند أظنه وكيل‬

‫الندوة‪.‬‬

‫ومما جاء في الرسالة الولى على ما أتسسذكر أو فسسي إحسسدى الرسسسائل‬

‫الخرى من باكستان بعد التهنئة بخروجي وخروج من معي )فقد كان يظسسن‬

‫أنه عفو شامل عن جميع الخوان المسلمين( إن هذا الخروج جاء بعد عشر‬

‫سنوات في حين أن نهرو الهندي وهو من أمة وثنية مثلثة )يقصد أنها تعتقسسد‬

‫أن الله ثلثة في واحد قريبا ً من عقيدة المسسسيحيين( وأقسسوام منهسسا يعبسسدون‬

‫البقر‪ ،‬إل أنه أصدر عفوا ً عن الذين اعتدوا عليه فعل ً وأصابوه ولم يسجنهم‪.‬‬

‫ولكن الحكسسام فسسي البلد السسسلمية ل يتسسسامحون هسسذا التسسسامح‪ ،‬ثسسم يكسسرر‬

‫تهنئته على كل حال‪ .‬وإن كان المسلم في رعاية الله سواء كسسان سسسجينا ً أو‬

‫طليقًا‪.‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫ومما جاء في الرسالة الثانية )رسالة صديقي( بعسسد التهنئة أن كتسسابين‬

‫من كتبي فسي طريقهمسا إلسى المطبعسة بعسد مراجعسة ترجمتهمسا إلسى اللغسة‬

‫الوردية )وكان من قبل قد ترجم لي كتسساب العدالسسة فسسي السسسلم للورديسسة‬

‫ونشره في باكستان( وأن هناك تفكيرا ً في ترجمة هذين الكتابين إلى اللغسة‬

‫النجليزية التي يتحدث بها ويقرأ معظم المثقفين في باكسسستان والهنسسد‪ .‬ثسسم‬

‫قال‪ :‬إنه يأسف لنه لم يرسل لسسي حسستى الن نصسسيب المؤلسسف مسسن حصسسيلة‬

‫كتاب العدالة الجتماعية الذي نشر منذ سنوات‪ ،‬لنهسسا حصسسيلة غيسسر مناسسسبة‬

‫وذلك نظرا ً لنهم يحرصون على بيع الكتاب بسعر زهيد ل يزيسسد كسسثيرا ً علسسى‬

‫سعر التكلفة رغبة فسسي سسسعة نشسسره‪ ،‬ولكسسن بعسسد نشسسر الكتسسابين الجديسسدين‬

‫ستكون مجموعة الحصيلة لئقة وسيرسلها‪ ..‬ولم يفع هذا بعد‪.‬‬

‫ومما جاء فسسي الرسسسالة الثالثسسة التيسسة مسسن نسسدوة العلمسساء بالهنسسد بعسسد‬

‫التهنئة الرغبة في تبادل المؤلفات والفكار بيني وبينهم‪ ،‬لن المسلمين في‬

‫أنحاء الرض ينبغي أن يتبادلوا أفكارهم بقصد توحيدها وتنقيتها من الخطسساء‬

‫والنحرافات‪.‬‬

‫ولم أجد وقتا ً للرد على هذه الرسسسائل وغيرهسسا مسسن الهنسسد وباكسسستان‬

‫لنها جاءت متأخرة ولم يقع بيني وبينهم اتصال آخر غير هذه الرسسسائل مسسن‬

‫جانبهم ولم احتفظ بها‪.‬‬

‫ول أتذكر أنه كانت هناك اتصالت أخرى غير ما سردته في الصفحات‬

‫السابقة‪.‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫السلم نظام حياة كامل‬

‫علقات أخرى في الداخل‬

‫ذكرت فيما سبق أهم علقاتي بالخوان الذين كانوا فسسي السسسجون أو‬

‫في خارجها بعد خروجي من السجن‪ .‬وهي العلقسسات السستي دار فيهسسا حسسديث‬

‫عن الجماعة والحركة من قريب أو من بعيد‪ ..‬ول أتذكر الن غير مسسا ذكرتسسه‬

‫إل زيارة "محمد عبد العزيز عطية" لي هذا العسسام وأنسسا فسسي رأس السسبر‪ ،‬مسسع‬

‫واحد آخر اصله من دمياط ومقيم بالسكندرية واسسمه "‪ ..‬مسؤمن" ومعهمسا‬

‫واحسسد مسسن ليبيسسا ل أذكسسر اسسسمه ومسسن كلمسسه بسسدا أنسسه ل علقسسة لسسه بالحركسسة‬

‫السلمية ول حتى التجاه السلمي‪ .‬وكان عندي ي وقت زيارتهم الخ علي‬

‫العشماوي هو وعروسه حيث كان يقضي بعد زواجه أيام سا ً قليلسسة فسسي رأس‬

‫البر‪.‬‬

‫ثلثة أيام على ما أتذكر ‪ ..‬وقد ذكسر محمسد عبسد العزيسز أنسه بلغسه أن‬

‫السيد زكريا محيي الدين تكلم مع بعض الخوان في دخول الخوان التحسساد‬

‫الشسستراكي للوقسسوف فسي وجسسه التيسسار الشسسيوعي‪ -‬أو كلمسا ً كهسسذا ل أتسسذكره‬

‫بالضبط‪-‬كما بلغه أن السيد زكريا قد زار السسستاذ المرشسسد حسسسن الهضسسيبي‬

‫للتحدث معه في هذا الشأن‪ ،‬أو في إعادة الجماعة بصورة ما لهذا الغرض‪.‬‬

‫وقد قلت له‪ :‬إنني استبعد هذه الشاعة‪ .‬وكسسل مسسا أعرفسسه أن السسسيد زكريسسا‬

‫محيي الدين زار معسكر قادة الشباب الذي كسسان مقام سا ً فسسي حلسسوان لعسسدة‬

‫أسابيع على إثر مسسا حسسدث فيسسه مسسن تسسذمر مسسن الشسسباب بسسسبب أن معظسسم‬

‫المحاضرات فيه ومعظم المحاضرين كانوا يتجهون اتجاه سا ً شسسيوعيا ً ويبثسسون‬

‫الفكار الماركسية تحت ستار الشتراكية وبعضها يمسسس العقيسسدة السسسلمية‬

‫‪- 66 -‬‬
‫بطريق غير مباشر‪ .‬وأنه قال لهم‪ :‬إن الدولة ليست شيوعية‪ .‬وأيسسة أفكسسار ل‬

‫تعبر إل عن أصحابها‪ .‬وأنه تحدث مع الدكتور كمال أبو المجد وهو مسسن بيسسن‬

‫الساتذة المحاضرين يمثل التجاه السلمي‪ ،‬في أن ينشر الفكر السسسلمي‬

‫داخل التحاد الشتراكي‪ .‬أو في كيفية تمثيل الفكر السلمي داخسسل التحسساد‬

‫الشتراكي‪ .‬أو في كيفية تمثيل الفكر السلمي داخل التحاد الشتراكي‪ .‬أو‬

‫شيئا ً من هذا القبيل‪.‬‬

‫وكان الذي نقل إلى هذا الخبر شاب من قريتي اسسسمه )‪ ..‬الشسساذلي(‬

‫مدرس بمعهد المعلمين بأسيوط ومن بين فوج قسسادة الشسسباب السسذي حضسسر‬

‫معسكر حلوان‪ .‬وكانت المناسبة التي نقل فيها هذا الحديث‪ ،‬أنه قسسد زارنسسي‬

‫بمناسبة وجوده في حلوان ومعه مجموعة المحاضرات التي ألقيسست عليهسسم‬

‫ودرسوها وناقشوها –أو معظمها‪ -‬فلما عرفت منه أنها محاضرات المعسكر‬

‫ألقيت عليها نظرة فلفت نظري فيهسسا اللسسون الشسسيوعي الصسسارخ فيهسسا‪ -‬وإن‬

‫كان الستار هو الشتراكية – حتى أنهسسم ل يريسسدون أن يقولسسوا‪" :‬الشسستراكية‬

‫العربيسسة" عسسن التجربسسة القائمسسة فسسي الجمهوريسسة العربيسسة‪ ،‬وإنمسسا يسسسمونها‪:‬‬

‫"التطبيق العربي الشتراكي" ليجعلوا الصل هو اشسستراكية كسسارل مسساركس‪،‬‬

‫والموجود في مصر هو مجرد تطبيق لهسا محسسور بحسسسب الظسروف الواقعسة‬

‫في الجمهورية العربية‪ .‬فطلبت منه تركها لي وقتا ً قصيرا ً لقراءتها وردها له‬

‫وكان ذلك‪.‬‬

‫ولما أبديت له هذه الملحظة – ملحظة غلبة الطابع الشسسيوعي علسسى‬

‫المحاضرات‪-‬ذكر لي هو أن هذا فعل ً ما آثار تذمرا ً فسسي وسسسط الطلب‪ ،‬وأن‬

‫السيد زكريا محيي حضر وقال كذا وكذا مما سبق ذكره‪.‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫ولكنه ذكر لي كذلك أن الشباب الذي تلقى هذه المحاضرات ولو أنه‬

‫يتذمر حين تمس العقيدة السلمية مسا ً ظاهرا ً في أثناء المناقشات ولكنسسه‬

‫خالي الذهن من الثقافة السلمية الحقيقية‪ .‬ومن أجل هذا فسسإنه يتسسأثر فسسي‬

‫النهاية بهذه المحاضرات وتصبح الفكار التي تقوم عليها هي قاعدة تفكيسره‬
‫مع بقاء الحماسة لعقيدته عندما تمس مساسا ً ظاهرًا‪ .‬مما ينشئ اضسسطرابا ً‬

‫في تفكير هذا الشباب بين اتجاهه العاطفي وتكوينه الفكري‪.‬‬

‫وهي ملحظة صحيحة وفسسي محلهسسا‪ .‬وخصوص سا ً إذا أضسسيف إلسسى هسسذه‬

‫المعسسسكرات لقسسادة الشسسباب غلبسسة التسسوجيه الشسسيوعي والتجسساه النحللسسي‬

‫الخلقي على ما ينشر في الصحف بوجه عام وخاصة مجلة الطليعة ومجلسسة‬

‫الكاتب ومجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير مما يوجد جسسوا ً وبيئة فكريسسة‬

‫ل يقف في وجهها التوجيه التقليدي الهزيل القليل السسذي يتمثسسل فيسسه الفكسسر‬

‫السلمي‪ .‬ومما يجعسسل الكفسستين غيسسر متسسساويتين‪ ،‬ويجعسسل الغلبسسة الحقيقيسسة‬

‫للتوجيه المادي اللحادي والتوجيه النحللي الخلقي‪.‬‬

‫وعن العلقات والتصالت خارج محيط الخوان‪:‬‬

‫‪ -1‬في أواخر سنة ‪ 1960‬وكنت في ليمان طرة وقسسد سسساءت حسسالتي‬

‫الصسسحية ولسسم يعسسد العلج فسسي مستشسسفى الليمسسان نافع سا ً لقلسسة المكانيسسات‬

‫العلجية سمعت من إخسواني أن بيست الحساج حسسين صسدقي فسي المعسادي‬

‫تعرفوا عليهم وهم مهتمون بأنباء صحتي وأنهم قراوا شيئا ً عسسن كتسسبي وهسسم‬

‫يريدون المساعدة في نقلي إلى أي مستشفى جامعي للعلج‪.‬‬

‫ولم أتبين على وجه التحديد مبعث هذا الهتمام من ناس ليسسست لنسسا‬

‫بهم سسسابق معرفسسة‪ .‬هسسل هسسو فعل ً قسسراءة بعسسض الكتسسب‪ ،‬أم لن لهسسم علقسسة‬

‫‪- 68 -‬‬
‫بالحاجة زينب الغزالي التي عرفت أنها تسساهم مسسساهمة فعالسة فسي إعانسسة‬

‫البيوت التي لم يعد لها مسسورد رزق وذلسسك حسسوالي هسسذا السسوقت‪ .‬أم لصسسلتهم‬

‫كذلك بالشيخ الودن‪ .‬وقد عرفت فيما بعد أنه كان كثير الهتمام بمسسا يبلغسسه‬

‫مسسن سسسوء صسسحتي وأننسسي مشسسرف علسسى المسسوت‪ ..‬أم لهسسذه السسسباب كلهسسا‬

‫مجتمعة ‪ ..‬ولكن لم يتم شيء ‪ ..‬والسسذي حسسدث بعسسد هسسذا أن سسساءت حسسالتي‬

‫أكثر‪ ،‬وأن الهيئة الطبية لمصسسلحة السسسجون طلبسست علجسسي فسسي مستشسسفى‬

‫جامعي وأن الطبيب الشرعي في لجنة مع كبير أطبسساء المصسسلحة قسسرر هسسذا‬

‫فنقلت إلى مستشفى المنيل الجامعي‪ .‬حيث تبين من التشخيص أن الحالة‬

‫الجديدة حالة ذبحة صدرية‪ ،‬ولم تكن اكتشفت في مستشفى السسسجن لقلسسة‬

‫إمكانيات الفحص الطبي وعدم وجود الخصسسائيين مسسن الطبسساء فسسي حسسالت‬

‫القلب‪ .‬وذلك إلى حالة الرئتين والمعاء وأمراض أخرى‪ .‬وقسسد قضسسيت فسسترة‬

‫ستة أشهر في مستشفى المنيل‪ .‬ثم أعدت إلى مستشسسفى السسسجن‪ .‬وفسسي‬

‫العام التالي عادت الحالة إلى السوء ونقلت مرة أخسسرى إلسسى المنيسسل حيسسث‬

‫قضيت ستة أشهر أخرى ثم أعدت إلى السسسجن‪ .‬ولمسسا سسساءت الحالسسة مسسرة‬

‫ثالثة صدرت عفو صحي وخرجت‪.‬‬

‫وقد جاء الحاج حسسين صسدقي وأهسل بيتسه لزيسارتي وتهنئتسي ‪ ..‬وهنسا‬

‫ذكروا لي اهتمام الشيخ الودن بأخبار صحتي‪ ،‬ووصفوه لي بأنه رجسسل تقسسي‬

‫ورع زاهد من جيل الصحابة‪ .‬ولم تكن لي به معرفة سابقة‪-‬وإنه هو مريسسض‬

‫بسسانزلق غضسسروفي فل يملسسك النتقسسال والحركسسة‪ .‬لسسذلك تقسسرر أن أزوره أنسسا‬

‫لشكره على اهتمامه‪.‬‬

‫وفي هذه الثناء كنت قد تعرفت الحاجة زينب الغزالي حيسسث التقيسست‬

‫بها لول مرة في بيت الحاج حسين صدقي على الغداء‪ .‬ثم في بيتها كسسذلك‬

‫‪- 69 -‬‬
‫للغداء بمناسبة خروجي ‪ ..‬ثم تمت أول زيارة لي للشسسيخ الودن مسسع الحسساج‬

‫حسين صدقي وأهل بيته والحاجة زينسسب الغزالسسي وأظسسن كسسان معسسي كسسذلك‬

‫أخي محمد قطب‪ ..‬وقد ذهبنا في عربة الحاج حسين‪.‬‬

‫وأتذكر أنني زرت الشيخ بعد ذلك مرتين أو ثلثًا‪ ،‬مرة فيها كان معسسي‬

‫محمد ومرة كنت بمفردي‪ .‬وفي المسسرة السستي كسسان معسسي محمسسد فيهسسا كسسان‬

‫يزوره شخص آخر لم يعرفنسا بسه‪ .‬وحضسر السدكتور مظهسر عاشسور للكشسف‬

‫عليه ثم انصرف‪.‬‬

‫وفي المرة التي زرته فيهسسا منفسسردا ً كسسان يتحسسسر علسسى شسسباب البلسسد‬

‫وانصرافه عسسن دينسسه وانحللسسه الخلقسسي‪ .‬فقلسست لسسه أطمئنسسه‪ :‬إن هنسساك بقيسسة‬

‫صالحة من الشباب المتدين العامل لسدينه المستمسسك بسأخلقه وأنهسا بقيسة‬

‫تبشر بالخير‪-‬وكنت أشير إلى المجموعة التي اشتغل معهسسا دون تصسسريح لسسه‬

‫بطبيعتها‪ -‬فاستوثق مني من وجود هذه البقية فع ً‬


‫ل‪ ،‬فأكسسدت لسسه مسسا ذكرتسسه‪.‬‬

‫فسأل وأنت على اتصال بهذه البقية الصالحة‪ .‬فقلت له‪ :‬نعسسم‪ .‬وأنسسا أوجههسسا‬

‫وهسسي تقبسسل توجيهسساتي‪ .‬فقسسال‪ :‬اللسسه يبشسسرك بسسالخير طمنتنسسي‪ .‬ودعسسا لسسي‬

‫بالتوفيق‪.‬‬

‫وكان الحديث هكذا مجمل ً ل يتعدى الشارة إلى وجود بقيسسة صسسالحة‪.‬‬

‫وكان في أثناء الحديث قد قال‪ :‬أنا قلت للشيخ حسن )يقصد الشهيد حسن‬

‫البنا( بلش تدخلوا في المشسساكل السياسسسية وكفايسسة تربسسوا للبلسسد جيسسل مسسن‬

‫الباب المسلم‪ .‬لكن الحوادث جرفته‪ .‬نهايته‪ .‬الله‪ .‬وأهو كانت النتيجة ضرب‬

‫الخوان‪ .‬وانتشار النحلل‪ .‬وانصراف الشباب عن دينه وأخلقه‪ .‬وهنسسا قلسست‬

‫له ما قلت عن وجود بقية صالحة متمسكة عاملة‪ ..‬بالجمال الذي ذكرته‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫علقات متفرقة‬

‫وفي خلل الشهر الثمانية التي قضيتها في القاهرة بين خروجي من‬

‫السجن واعتقالي مرة أخرى‪ -‬إذ أنني قضيت ستة أشسسهر أخسسرى فسسي العسسام‬

‫الماضي وفي هذا العام في مصسسيف رأس السسبر هربسا ً مسسن الحسسر السسذي كسسان‬

‫يجدد لي أزمة القلب والصدر باستمرار – زارني أفسسواج كسسثيرة مسسن النسساس‪،‬‬

‫بعضهم مسسن معسسارفي القسسدامى السسذين ل علقسسة لهسسم بالحركسسات السسسلمية‪،‬‬

‫ولكن ربطت بيني وبينهم إما صسسلت أدبيسسة وفكريسسة أو شخصسسية ومعظمهسسم‬

‫من الشباب الذي قرأ كتبي إما من البلد العربية والسلمية عامة‪ ،‬وإما من‬

‫المصريين‪ ،‬وكلهم ممن لم يسبق لي التعرف إليهسسم مسسن قبسسل سسسجني‪ .‬لن‬

‫غالبيتهم من الشباب الحديث السن بين العشرين والثلثين ممن كانوا قبسسل‬

‫سجني فتية صغارا ً ل علقة لي بهم‪.‬‬

‫وكانت زياراتهم تنقضي في إثارة مسائل مما قرأوه في كتبي أو في‬

‫كتب غيري أو تتعلق بالحداث الجارية في المنطقة‪ ،‬حيسسث تسسدور فيهسسا كلهسسا‬

‫أحسساديث مفتوحسسة غيسسر مقصسسورة علسسى أحسسد دون أحسسد‪ .‬ويشسسارك فيهسسا مسسن‬

‫يحضرون المجلس بدون قيد‪ .‬وبعضهم يخسسرج وبعضسسهم يبقسسى ويحضسسر إليسسه‬

‫زائرون جدد‪ ..‬وهكذا‪..‬‬

‫وكان التعريف بالسسسماء فسسي مثسسل هسسذه الزيسسارات المختلطسسة عسسابرا ً‬

‫وليس محل اهتمام في زيارات الغسسرض منهسسا – مسن نسساحيتهم التعسسرف إلسى‬

‫رجسسل سسسمعوا عنسسه أو قسسرأوا لسسه ومناقشسسته فسسي أفكسساره والسسستزادة منهسسا‬

‫والغرض منها من ناحيتي التعرف إلى تفكير هذا الجيل مسسن الشسسباب السسذي‬

‫لم ألتق به مسن قبسل ثسم شسرح بعسض أفكساري لسه بقسدر مسا تسسمح طبيعسة‬

‫مجالس مشتركة غير منتظمة في زيارات مفتوحة لكل من أراد‪.‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫وإن كان هذا ل يمنع أن أستشعر من بعضهم صدق الرغبة والنية في‬

‫خدمة دينه والخلص في السؤال للمعرفة والتأهل للسلم الصسسحيح ولكسسن‬

‫المسألة لم تتعد هذا الحسد‪ :‬معرفسة بالشخصسيات دون احتفساظ بالسسماء ‪..‬‬

‫وبخاصة أن ذاكرتي بطبيعتها حتى قبل المرض والتعسب ل تمسسك بالسسماء‬

‫وهو أمر معسسروف عنسسي بيسسن أصسسدقائي اكتفسساء بسسأني أحفسسظ شسسكل الوجسسوه‬

‫والشخصيات‪ -‬مع المل في أن بعض هذه الشخصيات خامة صالحة للتربيسسة‬

‫والتكوين والنضمام إلى صفوف العاملين فيما بعسسد‪ .‬ولكنسسي كنسست مشسسغول ً‬

‫بالتنظيم الذي وجد فع ً‬


‫ل‪ ،‬وغير راغب في ضم أحد إليه حتى يتم تكوينه على‬

‫المستوى الذي أريده‪ .‬ول حتى مسسن شسسباب الخسسوان الموجسسود بالفعسسل‪ -‬بسسل‬

‫وإني كثيرا ً ما قلت لرؤساء هذا التنظيم‪ :‬أنهم تعجلوا بسسالتنظيم كمسسا تعجلسسوا‬

‫في ضم عدد كبير إليسسه ل تمكسسن تربيتهسسم‪ .‬ولسسم هسسو بهسسذه السسسعة والكسسثرة!‬

‫والمر في نظري كان يجب أن يبدأ بآحاد وأفراد‪ .‬هذه هسي الصسسورة العامسسة‬

‫لعلقاتي بهذا الشباب الذي كان يتدافع إلى زيارتي أفواجا ً كسسثيرة فسسي هسسذه‬

‫الفترة‪ .‬سواء منهم المصريون وغيسسر المصسسريين‪ .‬صسسورة ليسسس فيهسسا تركيسسز‬

‫على أسماء ول على أشخاص إل في حدود النية للمستقبل مسسع المشسسغولية‬

‫عنهم في هذه الفترة بما لدي من تنظيم لم يتم إعداده كما أريسسد‪ ،‬ول أريسسد‬

‫أن أزيد عدده‪ ،‬ولو استطعت لنقصت منه‪ .‬وذلك غير حسسالتي الصسسحية السستي‬

‫تجعل جهدي محدودا ً ل أحب أن أبعثره مع نسساس جسسدد إل فسسي تلسسك الحسسدود‬

‫العابرة‪ .‬وغيسسر انشسسغالي بمسسا أريسسد كتسسابته مسسن كتسسب والتحضسسير لسسه وقسسراءة‬

‫المراجع اللزمة‪.‬‬

‫ولكي تكون الصورة كاملة تمامًا‪ ،‬فإن معظم من كانوا يحضرون كان‬

‫يحضرون إما اثنين أو ثلثة أو أربعة‪ .‬وسواء فسي ذلسك المصسريون وغيرهسم‪.‬‬

‫‪- 72 -‬‬
‫وكنت أفهم من أحاديثهم أنهم يقرأون معًا‪ ،‬أو يتبادلون الكتب‪ .‬أعني أن كل ً‬

‫منهم يتبادل أفكاره مع واحد أو أكثر كزملء‪.‬‬

‫ولكن لسسم يحسسدث أننسسي زدت علسسى مسسا أسسسمعه منهسسم شسسيئا ً فسسي ذاك‬

‫السبيل لم اشر علسى أحسد منهسم بتجمسع ول تنظيسم‪ .‬كسان كسل مسوقفي هسو‬

‫الملحظة على من يصلح من هؤلء في المستقبل أن ينضم للصف العامسسل‬

‫بدون زيادة ونظرا ً لقصر الوقت‪ ،‬وكثرة المشاغل‪ ،‬وكثرة الزبسسائن‪ ،‬لسسم تسسزد‬

‫الصورة شيئا ً على هذا الذي ذكرته‪.‬‬

‫وأحسسب أن تكسسون هسسذه الصسسورة واضسسحة ومفهومسسة ومتصسسورة علسسى‬

‫حقيقتها‪ .‬وإذا كنت قد قلت – كما جاء في أقوال الخ علي العشماوي‪-‬إنني‬

‫أحتفظ بأفراد أو مجموعات متناثرة ل أضمها للتنظيم – فقسسد كسسان هسسذا هسسو‬

‫الذي قصدته‪ ،‬وأل يفسر بغيسسر حقيقتسسه الواقعسسة‪ .‬إننسسي أحتفسسظ بهسسم كمجسسرد‬

‫ملحظسسة لهسسم ولسسستعدادهم أن يكونسسوا فسسي الصسسف فسسي المسسستقبل وذلسسك‬

‫استنتاجا ً من أحاديثهم وأسئلتهم وما قرأوه وما فهموه وما يبدو في حديثهم‬

‫مع جدية وإخلص واستعداد‪ .‬واعتمادا ً على أنهم يتصلون بي هذه الصلة‪.‬‬

‫‪- 73 -‬‬
‫كلمة ختامية‬

‫هذا أهم ما يحضرني الن عن أوجه نشسساطي فسسي الحركسسة السسسلمية‬

‫منذ انضمامي لصفوف الخوان‪ ،‬فإن كانت هنالك تفصيلت أو جوانب أخرى‬

‫فيمكن تذكيري بها بسؤالي عنها‪.‬‬

‫ويتبقى بعد ذلك كله كلمة ختامية أقولها‪ :‬سسسواء فهمسست علسسى وجههسسا‬

‫الن أم لسسم تفهسسم‪ ،‬فمسسن واجسسبي التبليسسغ بهسسا‪ .‬وهسسي تتلخسسص فسسي النقسسط‬

‫المختصرة التية‪:‬‬

‫‪ -1‬إن العنف الذي عومل به الخسسوان سسسنة ‪ 1954‬بنسساء علسسى حسسادث‬

‫مدبر لهم وليسس مسسدبرا ً منهسم – وهسو حسادث المنشسية‪ -‬والسسذي عوملسسوا بسه‬

‫وحدهم دون سائر الفراد أو الطوائف الذين اتهموا بمؤامرات لقلسسب نظسسام‬

‫الحكم أو للتجسسسس أو لغيسسر ذلسسك‪ .‬العنسسف السسذي يتضسسمن التعسسذيب والقتسسل‬

‫والتشريد وتخريب البيوت ‪ ..‬هسذا العنسف هسو السذي أنشسأ فكسرة السرد علسى‬

‫العتداء إذا تكرر بالقوة ‪ ..‬ولو كنا نعلسسم أن العتقسسال مجسسرد اعتقسسال ينتهسسي‬

‫بمحاكمة عادلة وعقوبات قانونيسسة – حسستى علسسى أسسساس القسسوانين الوضسسعية‬

‫المعمول بها‪ -‬لما فكر أحد في رد "العتداء بالقوة"‪ .‬وأنا أعرف أنسسه ليسسست‬

‫هناك قيمة عملية الن لتقرير هذه الحقيقة‪ ،‬ولكنها حقيقة يجب أن أسسسجلها‬

‫في كلماتي الخيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬إنه مما ل شك فيه أن تدمير حركة الخوان المسلمين والحركسسات‬

‫السلمية المماثلة في المنطقة هسدف صسهيوني وصسسليبي اسستعماري‪ .‬وهسو‬

‫وسيلة من وسائل تدمير العقائد والخلق فسسي المنطقسسة‪ .‬وأنسسه تبسسذل جهسسود‬

‫ومؤامرات مستمرة لتحقيق هذا الهدف‪ ،‬وأنه لو استخدم في معاملة حركة‬

‫‪- 74 -‬‬
‫الخوان أسلوب آخر غير ما حدث سواء في سنة ‪ 1954‬أو في هذه المسسرة‬

‫لمكن تدمير المخططات الصسهيونية والصسليبية السستعمارية فسي المنطقسة‬

‫بدل ً من تدمير الحركة السلمية التي مهما قيل فسسي أخطائهسسا فإنهسسا وقفسست‬

‫في وجه حركة اللحاد المادي والنحلل الخلقي التي كانت قد أخذت فسسي‬

‫المد بعد حركة أتسساتورك اللدينيسسة فسسي تركيسسا وتأثيرهسسا فسسي منطقسسة الشسسرق‬

‫الوسط‪.‬‬

‫‪ -3‬إنه أعقسسب ضسسرب الخسسوان فسسي سسسنة ‪ 1954‬موجسسة مسسن النحلل‬

‫الخلقي والتجاه اللحادي‪ .‬وسسستعقب ضسسربهم الن موجسسة أشسسد ل يعلسسم إل‬

‫الله مداها‪ .‬فلحساب من هذا النهيار؟ إنه قطعا ً ليس لحساب هذا البلسسد ول‬

‫حتى لحساب النظام القائم على المدى الطويل والنظرة البعد‪ .‬فكل نظام‬

‫في الدنيا وخصوصسا ً النظسام الناشسئ فسي طسور التجربسة يحتساج إلسى أخلق‬

‫ويحتاج إلى عناصر متماسكة العقيدة والخلق لتنصر به وتحرسه‪ ،‬ول يحتسساج‬

‫فقط إلى مجرد القسسوة فض سل ً علسسى أعسسداء المنطقسسة الحقيقييسسن هسسم السسذين‬

‫سيجدون طريقهم سهل ً في النهاية في وجه مجتمع منحل عقيديا ً وخلقيًا‪.‬‬

‫ومهما كانت الذان الن غير مسسستعدة لسسسماع هسسذا الكلم‪ ،‬فسسإن مسسن‬

‫واجبي إبلغه وتبرئة ذمتي بقوله‪.‬‬

‫‪ -4‬لقد سمعت عدة مرات من يقول‪ :‬وهل أنتم وحدكم المسسسلمون؟‬

‫أو ل يكفيكم المؤتمر السلمي وبرنامج نور على نور‪ ،‬والمساجد تقام فيهسسا‬

‫الصلة والناس يذهبون إلى الحج ‪ ..‬الخ‪.‬‬

‫ويجب أن أقرر إن السلم شيء أكبر من هذا كله ‪ ..‬إنه نظسسام حيسساة‬

‫كاملة‪ ،‬وإنه ل يقوم إل بتربية وتكوين للفراد‪ ،‬وإل بتحكيم شسسريعة اللسسه فسسي‬

‫‪- 75 -‬‬
‫حياة الناس بعد تربيتهم تربية إسلمية‪ .‬وإنه ليس مجرد أفكار تنشر أو تذاع‬

‫بدون الخذ في تطبيقها عمليا ً في التربيسسة أول ً وفسسي نظسسام الحيسساة والحكسسم‬

‫أخيسسرًا‪ .‬وأن حركسسة الخسسوان المسسسلمين كسسانت هسسي أنجسسح تجربسسة للتربيسسة‬

‫والعسسداد‪ ،‬وإن أي خطسسأ فسسي الطريسسق ل يسسبرر تسسدميرها‪ ،‬وخصوصسا ً إذا كسسان‬

‫الخطأ منها ناتجا ً عن خطأ في معاملتها‪.‬‬

‫ولقد أردت فسي سسنة ‪ ،1952‬القيسام بتجربسة مثلهسا فسي هيئة شسباب‬

‫التحرير وكان التجاه معي في أول المر‪ .‬ولكسسن فسسي النهايسسة تغلسسب تسسوجيه‬

‫جمعيسسة الفلح المريكيسسة وأشسستات المنتفعيسسن السسذين أرادوا هيئة التحريسسر‬

‫بالصورة المهلهلة التي وجدت بهسسا والسستي تخسسالف كسسل مسسا كنسسا اتفقنسسا عليسسه‬

‫بشأنها‪ .‬وبقيت حركة الخوان هي وحدها القائمة بهذا الواجب‪.‬‬

‫إن السلم ل يقوم ول يوجد في بلد ليس فيه حركسسة تربيسسة ثسسم قيسسام‬

‫نظام إسلمي يحكم بشريعة الله في النهاية‪.‬‬

‫هذه هي النهاية كلمات رجل يستقبل وجسسه اللسسه يخلسسص بهسسا ضسسميره‬

‫ويبلغ بها دعوته إلى آخر لحظة‪ ،‬والسلم على من اتبع الهدى‪.‬‬

‫السجن الحربي في ‪ 22‬أكتوبر سنة ‪.1965‬‬

‫سيد قطب‬

‫‪- 76 -‬‬
- 77 -
‫الفهرس‬

‫الموضوع‬

‫رقم الصفحة‬

‫مقدمة‬

‫الناشر ‪......................................................‬‬

‫‪.......‬‬

‫تقرير‬

‫وبيان ‪.......................................................‬‬

‫‪.......‬‬

‫سرد تاريخي لنشاطي في حركة الخوان‬

‫المسلمين وبيان للحوادث ‪.......‬‬

‫‪ -‬مذبحة‬

‫الطرة ‪..................................................‬‬

‫الحركة السلمية تبدأ من‬

‫القاعدة ‪.........................................‬‬

‫البحث عن السلح‬

‫والمال ‪.................................................‬‬

‫‪ -‬التنظيم‬

‫الجديد ‪.................................................‬‬

‫‪ -‬خطة رد العتداء على الحركة‬

‫السلمية ‪......................‬‬

‫اتصالتنا بالخوان في‬

‫‪- 78 -‬‬
‫الخارج ‪............................................‬‬

‫السلم نظام حياة‬

‫كامل ‪...................................................‬‬

‫‪ -‬علقات أخرى في‬

‫الداخل ‪......................................‬‬

‫‪ -‬وعن العلقات والتصالت خارج محيط‬

‫الخوان ‪..............‬‬

‫‪ -‬علقات‬

‫متفرقة ‪...............................................‬‬

‫كلمة‬

‫ختامية ‪......................................................‬‬

‫‪........‬‬

‫‪- 79 -‬‬

Vous aimerez peut-être aussi