Vous êtes sur la page 1sur 12

‫شاهدورت جافان‬

‫فَليُنَزع‬
‫الحجاب‬
‫ترجمة‪ :‬فاطمة‬
‫بالحسن‬
‫مراجعة‪ :‬إلهام‬
‫سعد الله‬

‫الناشر‪ :‬دار بترا للنشر والتوزيع‬

‫‪1‬‬
‫بيانات الكتاب‪:‬‬

‫‪ -‬فلينزع الحجاب‬
‫‪ -‬تأليف‪ :‬شاهدورت جافان‬
‫‪ -‬ترجمة‪ :‬فاطمة بالحسن‬
‫‪ -‬الطبعة الولى ‪ .2005‬موافقة وزارة العلم ‪/79602/‬‬
‫‪-‬الناشر‪ :‬بترا للنشر والتوزيع سوريا ـ دمشق‪5128483 .‬‬
‫‪ -‬التوزيع‪ :‬دار بترا‬

‫نشر هذا الكتاب برعاية وإشراف رابطة العقلنيين العرب‬

‫‪2‬‬
‫فلينزع الحجاب‬
‫توضع ف مت مؤلف من ثلثة أقسام‪ .‬فهل سيمتنعون نائيا عن تبليط جحيم‬
‫الخرين بسن نواياهم‪ ،‬جاهزين لفعل أي شيء ليشاهدوا اسهم ف ذيل مقال‬
‫ف صحيفة؟‬
‫حجّ ْبتُ طَوال عشر سنوات‪ .‬كان المر الجاب أو الوت‪ .‬لذا فأنا أعرف‬ ‫َت َ‬
‫أيستطيع هؤلء الفكرون إعطائي جوابا؟‬
‫َعمّا أتدث‪ .‬بعد الكارثة التاريية الت شهدها العام ‪ ،1979‬احتَلّ السلم‬
‫جبُ البنات‪ ،‬والبنات فقط‪ ،‬الراهقات ذوات الستة عشر عاما‪ ،‬والربعة عشر‪،‬‬ ‫لاذا ُتحَ ّ‬
‫وفروعه مكانا بارزا ف أنظومة إيران التربوية‪ ،‬الت أصبحت إسلمية جذريا‪،‬‬
‫والصغيات ذوات الثن عشر عاما‪ ،‬والعشرة والتسعة والسبعة أعوام؟‬
‫منذ الدرسة البتدائية حت الامعة أيا كان نوع الدراسة‪ ،‬بواضيعها اللزامية‬
‫س َدهُنّ وشَعرَهن؟ ماذا يعن فعلً حجاب البنات؟ وما الذي ياولون ترسيخه فيهن‬ ‫لاذا نُ َغطّي جَ َ‬
‫الت ل تنضب‪ :‬سور القرآن وتفاسيها‪ ،‬والحاديث‪ ،‬والشريعة‪ ،‬والذاهب‬
‫وطبعه ببطء ف أذهانن؟ ذلك أنن ف البدء ل َيخْتَرن الجاب‪ .‬بل ُحجّبْن‪.‬‬
‫السلمية‪ ،‬والخلق السلمية‪ ،‬والجتمع السلمي‪ ،‬والنظرة السلمية إل‬
‫حجّب‬ ‫شنَ‪ ،‬ويَسْ ُكنّ جسدَ مراهقة مجبة؟ وعلى كل حال‪ ،‬لاذا ل ُي َ‬ ‫وكيف يَعِ ْ‬
‫العال‪ .‬وكان الشعار الذي يقرع الساع على مدار السنة‪« :‬ما الفائدة من‬
‫الصبيان السلمون؟ أل يكن أن تثي أجسامهم وشعورهم رغبة البنات؟ إل أن‬
‫العلم إن ل يكن ف خدمة السلم»؟‬
‫البنات ل يُصنَ ْعنَ ليملكن الرغبة النسية‪ ،‬إنن ف السلم أداة لشهوة الرجال‬
‫كنت تلميذة متهدة‪َ .‬م ّر عل ّي زمن كان باستطاعت أن أصبح إماما أو آية‬
‫فحسب‪.‬‬
‫ال‪ ،‬لو وجد مكان للنساء ف هذه المور‪.‬‬
‫أل نُخفي ما نَخجلُ منه؟ عيوبَنا‪ ،‬ونقائصَنا‪ ،‬وتقصياتِنا‪ ،‬وضعفنا‪ ،‬وحرماناتنا‪،‬‬
‫ُقمِعتُ منذ الثالثة عشرة إل الثالثة والعشرين من عمري‪ ،‬مكومة بكون‬
‫وشذوذنا‪ ،‬وتشوهاتنا‪ ،‬وعَجْزنا‪ ،‬ودناءاتنا‪ ،‬و َخوَرنا‪ ،‬وأخطاءنا‪ ،‬ودونيّتنا‪،‬‬
‫مسلمة‪ ،‬خاضعة ومسجونة تت سواد الجاب‪ .‬من الثالثة عشرة إل‬
‫وخولنا‪ ،‬وهشاشتنا‪ ،‬وأخطاءنا‪ ،‬وخِداعَنا‪ ،‬وجرائرنا‪ ،‬وآثامنا‪ ،‬وسرقاتنا‪،‬‬
‫ي كان أن يقول إنا كانت أجل سنوات‬ ‫الثالثة والعشرين‪ .‬ولن أسح ل ٍ‬
‫واغتصاباتنا‪ ،‬وخطايانا‪ ،‬وجرائمنا؟‬
‫حيات‪.‬‬
‫منذ ولدة البنت عند السلمي‪ ،‬تعتب عارا ينبغي ستره‪ ،‬لنا ليست ولدا‬
‫ليس بوسع من يعيشون ف البلدان الديقراطية أن يعرفوا كيف تغدو‬
‫ذكرا‪ ،‬وهي تُمثّل ف ذاتا الَنقْصَ وال َعجْز والدونية… وتُعتَب أداة كامنة‬
‫القوق‪ ،‬الطبيعية جدا ف نظرهم‪ ،‬أمرا ل يكن تصوره ف النظمة الدينية‬
‫للجنوح‪ .‬وإل خطيئتِها تعود كل ماولة لمارسة الفعل النسي يقوم با الرجل‬
‫السلمية‪ .‬كنت أستحق‪ ،‬كما كل كائن بشري‪ ،‬أن أولد ف بلد‬
‫قبل الزواج‪ .‬وهي أداة الغتصاب الُحتَملة وأداة الطيئة وزنا الحارم‪ ،‬بل‬
‫ديقراطي‪ ،‬فلم أحظ بذا النصيب‪ ،‬لذلك وُلدتُ ثائرة ناقمة‪.‬‬
‫والسرقة‪ ،‬لن الرجال يستطيعون سرقة حيائها بنظرة مردة‪ .‬وباختصار‪ ،‬هي‬
‫جبٍ؟ وأن أكون‬ ‫ولكن ما هو هذا الجاب‪ ،‬وماذا تعن سُكنَى جسدٍ ُمحَ ّ‬
‫شخّصا‪ ،‬لنا تلق الرغبة النسية‪ ،‬وهذه الرغبة نفسها آثة عند الرجل‪.‬‬ ‫الث مُ َ‬
‫حجّب لنه مؤنث؟ من له الق بالكلم ف هذا‬ ‫مكومة بالبس ف جسد ُم َ‬
‫تشكل البنت تديدا دائما للمبادئ والخلق السلمية‪ .‬إنا أداة الرية‬
‫الشأن؟‬
‫ا ُلحْتَملَة‪ ،‬مذبوحة بيد الب أو الخوة من أجل غَسْل الشرف ا ُل َلطّخ‪ .‬ذلك أن‬
‫كنت ف الثالثة عشرة عندما فُرض القانون السلمي على إيران تت‬
‫شرف الرجال السلمي يغسل بدم البنات‪.‬‬
‫سيطرة المين العائد من فرنسا مع بركات كثيين من الفكرين‬
‫إن الذي ل يسمع صراخ اليأس تطلقه نساء ف غرف التوليد بعد أن وضعن‬
‫الفرنسيي‪ ،‬الذين َقرّروا‪َ ،‬م ّرةً إضافية‪ ،‬كيف ينبغي أن تكون حرية غيهم‬
‫بنتا ول َيضَعن الصب الرغوب؛ ومن ل يسمع بعض النساء يتضرعن ويطلب‬
‫ومستقبلهم‪ .‬وأفاضوا‪ ،‬أيضا وأيضا‪ ،‬بإلقاء الواعظ الخلقية وبإعطاء‬
‫الوت للبنت الت وضعنها أو يطلبنه لنفسهن؛ ومن ل يشاهد استغاثة أم وضعت‬
‫الدروس السياسية‪ .‬وفشلوا مرة أخرى ف رؤية ما هو قادم‪ ،‬ول يفهموا‬
‫لتوها مثيلتَها‪ ،‬هذه الت ستلقي ف وجهها آلمها وعذاباتا الذاتية؛ ومن ل يسمع‬
‫شيئا‪ .‬كما أنم نسوا‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬كل شيء‪ ،‬وتيأوا ـ تعضدهم‬
‫أمهات يَ ُقلْن‪« :‬أرموها ف صندوق القمامة‪ ،‬اخنقوها إذا كانت بنتا» من خوفهن‬
‫أخطاؤهم السالفة ـ لكي يرصدوا الحنَ الت تنل بالخرين دون أن‬
‫من الضرب أو التطليق‪ ،‬ل يستطيع أن يفهم ذل أن تكون امرأة ف البلد‬
‫يشوا عقابا ول عاقبة‪ ،‬ولكي يتألوا بالوكالة‪ ،‬مع احتمال القيام ببعض‬
‫السلمية‪ .‬أود هنا أن أحي ّي فيلم جعفر باناهي ـ الدائرة ـ الذي يقدم إلينا‬
‫الراجعات الؤلة‪ ،‬ف اللحظة الناسبة‪ :‬مراجعات ل تس راحة ضمائرهم‬
‫لعنة ولدة بنت ف بلد السلم‪.‬‬
‫ول كبياءهم وغطرستهم‪ .‬يتكلم بعض الفكرين الفرنسيي نيابة عن‬
‫لنص ِغ إل آلة فصاحة بعض الثقفي الفرنسيي وهي تعمل‪ .‬إنا مروضة ومُزيّتة‬
‫الخرين بكل طيبة خاطر‪ .‬وها هم اليوم يتكلمون مكان اللوات ل نستمع‬
‫حرّكها ذو ثلثة أزمنة‪ .‬الول‪ :‬نن لسنا من أنصار‬ ‫سرّ‪ُ .‬م َ‬
‫جيدا وهذا ما يَ ُ‬
‫إليهن ـ هذا الكان الذي ينبغي لي كائن سواهن أن يكون له القدر‬
‫الجاب (من دواعي الرتياح معرفة ذلك)‪ .‬الثان‪ :‬نن ضد الستبعاد من‬
‫الكاف من اللياقة كيل ياول احتلله‪ .‬إن هؤلء الثقفي يواصلون على‬
‫الدرسة (يعن‪ :‬ضمينا مرتاح بشكل مضاعف)‪ .‬الثالث‪ :‬لنترك للزمن وللتربية‬
‫الطريق نفسه ويُوقّعون ويُقدّمون العرائض‪ .‬يتكلمون عن الدرسة‪ ،‬حيث ل‬
‫أن يفعل فعلهما (لنفهم جيدا‪ :‬دعوا الخرين يتصرفون‪ ،‬مرةً أخرى)‪ .‬البنات‬
‫يضعوا أقدامهم منذ مدة طويلة‪ ،‬وعن الضواحي الت ما سكنوها قط‪ ،‬وعن‬
‫الحجبات يعشنَ مجبات‪ ،‬والعلمون يتدبرون أمورهم‪ .‬لقد تكلم «بيلطيسيو»‬
‫الجاب الذي ل يقيموا تته أبدا‪ .‬ويضعون الطط ويدبّرون وينظّمون‪،‬‬
‫الفكر‪ .‬وبوسعهم العودة إل شؤونم الصغية‪ ،‬ليتفلسفوا وليعالوا المور‬
‫ناسي أن من يتكلمون عنهن موجودات‪ ،‬يعشنَ ف فرنسا‪ ،‬بلد القانون‪،‬‬
‫بإسهاب بانتظار العريضة القادمة‪ .‬التاريخ ير‪« ،‬وكلب الراسة تنبح»‪.‬‬
‫وأنن لسن موضوع مبحث أو معالة مسهبة‪ ،‬ول نتاج حصيلة جعية‬
‫‪3‬‬
‫مجبي! سيكون هذا فعلً اختراع القرن الادي والعشرين! لن حجب النساء‬ ‫عن الجاب ف الدرسة‪ ،‬ولكن الجاب بذاته‪ .‬هل ينبغي للمرء أن يكون‬
‫أمر مبتذل منذ العهد القدي‪.‬‬ ‫أعمى‪ ،‬وأن يرفض النظر إل الواقع وجها لوجه‪ ،‬لكي ل يرى أن مسألة‬
‫لكن الجاب السلمي ل معن له إل لنه يُخفي ويستر أو يمي‪ .‬ماذا يبئ‬ ‫الجاب هي مسألة بذاتا‪ ،‬سابقة لكل جدلٍ حول الدرسة أو العلمانية!‬
‫الجاب؟ وما الذي يُغطّيه؟ وماذا يمي؟‬ ‫ليس الجاب علمة دينية بسيطة أبدا‪ ،‬كالصليب الذي بوسع الفتيات‬
‫تستند عمارة الوية الؤنثة والذكّرة ف السلم إل مفهوم الستر والياء عند الرأة‪ ،‬وإل مفهوم‬ ‫والشباب حله ف أعناقهم‪.‬‬
‫الناموس والغية عند الرجل‪ .‬تنقل هاتان الكلمتان الشحونتان بالعن أوزانا‬ ‫مرد منديل على الرأس‪ ،‬بل يب أن يفي السم كليا‪ .‬وهو يلغي قبل كل‬
‫تراثية ثقيلة‪ ،‬وصفات خاصة بكل جنس تتناقلها الجيال عب القرون‪ .‬ل يوجد‬ ‫شيء اختلط الكان ويسد ماديا الفصل الذري الائر والتعسفي للفضاء‬
‫لذه الكلمات معادل دقيق بالفرنسية‪ ،‬ولكن يكن ترجتها بصورة تقريبية إل‪:‬‬ ‫الؤنث عن الفضاء الذكر‪ ،‬أو بتعبي أكثر دقة‪ ،‬إنه يُحدد ويدّ الفضاء‬
‫حشمة وحياء عند الرأة‪ ،‬وإل الشرف عند الرجل‪.‬‬ ‫الؤنث‪ .‬الجاب هو البدأ السلمي الكثر هجية الدون على السد‬
‫«الناموس» هو الشرف النسي للرجل‪ .‬وهو مُحرّم مظور‪ ،‬ومكبوت ف أعمق أعماق الرجل‬ ‫النثوي والستول عليه‪.‬‬
‫السلم‪ .‬وبصفته خاصا بكل رجل مسلم‪ ،‬فإنه ينبغي أن يبقى مميا من أنظار‬ ‫يكشف فص ُل الرجال عن النساء ف الساجد‪ ،‬حيث يسود قانون اللل‪،‬‬
‫الرجال الخرين‪ ،‬أي النظار غي الشروعة‪ .‬ناموس الرجل (أو عرضه) يب أن‬ ‫ماهية ارتداء الجاب‪ :‬يب على الرأة البقاء ف ملجأ يميها من أنظار‬
‫يُحمى ويُستَر‪ .‬وهو يرمز إل ما ف الداخل‪ ،‬ول يكن أن يكون ف الارج‪ .‬له‬ ‫الرجال‪ .‬ومن أجل تفعيل القواعد السلمية تفعيلً تاما ف إيران حاولوا‬
‫كفيل ضامن ف الم والخت والزوجة والبنة والسد الؤنث‪ .‬والجاب هو‬ ‫تطبيق قانون الساجد على سائر أناء البلد‪ ،‬ونقل فضاء الساجد إل‬
‫ملجأ لناموس الرجل السلم وشرفه‪ ،‬ويَخلق عنده تبعيةً نفسية‪ .‬ذلك أن جوهر‬ ‫الفضاء العام‪ :‬مداخل منفصلة للرجال وللنساء‪ ،‬قاعات طعام ومكتبات‬
‫هوية الرجل السلم يتجذر تت حجاب النثى‪ .‬وترمز الغية إل فحولة الرجل‬ ‫وقاعات عمل منفصلة… ومسابح منفصلة‪ .‬ولا كان البحر ل يستسلم‬
‫السلم وإل مقدرته على حفظ عِرضه‪ :‬أي شرفه النسي‪ ،‬وأداته‪ :‬أي السد‬ ‫بسهولة لثل هذا النوع من التقاسم‪ ،‬مُنعت النساء من السباحة ف البحر‪.‬‬
‫الؤنث‪ .‬هذا الضامن لشرف الرجل النسي‪ ،‬هذا الُحرّم غي العترف به‪ ،‬ل‬ ‫وف الامعة‪ ،‬مُنعت الفتيات من النتساب إل الفروع الت تتطلب تنقلت‬
‫يكن أن يكون ف الارج حرا‪ ،‬تت النظار غي الشروعة للرجال الغرباء‪ .‬لنه‬ ‫جاعية‪ ،‬مثل علم النبات وعلم الثار واليولوجيا‪.‬‬
‫مرتبط بوية الرجل السلم‪ ،‬وبشرفه من حيث كونه رجلً‪ ،‬والرأة غي الحجبة‬ ‫نن ف فرنسا‪ ،‬بلد القانون‪ ،‬حيث تنح بعض العائلت لنفسها سلطة‬
‫بوسعها زعزعة عمارة الوية الذكورية ف السلم‪ .‬لقد قَدّم لنا الدب والسينما‬ ‫إجبار بناتا القاصرات على ارتداء الجاب‪ .‬ماذا يعن هذا المر‪ :‬إلباس‬
‫الَدّامان ـ أحيانا ـ رجا ًل مسلمي اناروا نائيا لن واحدة من بناتم أو‬ ‫البنات الجاب؟ هذا يعن جعلهن أدوات جنسية‪ :‬أدوات أولً لن‬
‫زوجاتم أو أخواتم أو أمهاتم انتهكت مبادئ الياء الكلية القداسة‪.‬‬ ‫الجاب مفروض عليهن ويشكل وجوده الادي من الن جزءا من كيانن‬
‫إن حياء الرأة وخجلها ها الضامنان الُفصِحان عن غية الرجل السلم‪ .‬وكلما‬ ‫منذ الن‪ ،‬ومن مظهرهن ومن وجودهن الجتماعي‪ .‬وجنسية ثانيا‪ :‬ل لن‬
‫كانت الرأة حَييّ ًة خجولة‪ ،‬كلما ازداد الشرف والغية عند أبيها وأشقائها‬ ‫الشعر ا ُلخَبّأ هو رمز جنسي فحسب‪ ،‬ول لن هذا الرمز يمل معنيي (ما‬
‫وزوجها‪ .‬وبتعبي آخر‪ ،‬تضع عمارة الوية الذكورية عند السلمي لياء الرأة‬ ‫نُخفيه نَعرضُه‪ ،‬والمنوع هو الوجه الخر للرغبة)‪ ،‬ولكن لن ارتداء‬
‫وخجلها‪ .‬أما شرف الرجل وغيته‪ ،‬وهو بدونما لشيء‪ ،‬فهما بتناول حجاب‬ ‫الجاب يضع الطفلة أو الراهقة الشابة ف سوق النس والزواج‪،‬‬
‫الرأة‪ .‬وكل تاس‪ ،‬وكل ماولة تقارب بي النسي تلوث شرف الرجل السلم‪.‬‬ ‫وُيحَدّدها ويُ َعرّفُها جوهريا بنظرة الرجال ومن أجل نظرتم هذه‪ ،‬بالنس‬
‫ليست العلقة النسية هي الحرّم الحظور‪ ،‬بل النس الخر‪ ،‬السد النثوي‪،‬‬ ‫والزواج ومن أجلهما‪.‬‬
‫هو الحرّم الحظور بذاته‪.‬‬ ‫غي أن أداة الشهوة الذكورية هذه تُعبّر عن منوع آخر وعن ازدواجية‬
‫يكم الجابُ على السد النثوي بالبس لن هذا السد هو ا َلحَ ّل الذي‬ ‫أخرى‪.‬‬
‫يُ َدوّن عليه شرف الرجل السلم‪ ،‬وهو بذه الصفة يستوجب الماية‪ .‬أل ُيتَرجِم‬ ‫البنت ليست شيئا‪ ،‬الصب هو كل شيء‪ .‬ليس للبنت أي حق‪ ،‬وللصب‬
‫الجاب قبل كل شيء عن الستلب النفسي للرجل السلم الذي يبن كينونته‬ ‫القوق كلها‪ .‬يب على البنت البقاء ف الداخل‪ ،‬ف مكانا‪ ،‬ول تستطيع‬
‫وهويتّه بالشية الستمرة من النتهاك النثوي‪ ،‬أو من تاوز مقلق لصلة شعر‬ ‫التجول ف الواء الطلق‪ .‬وليس بوسع أي كان أن يهل كون الرجال‪،‬‬
‫أو طرف بشرة تعرضتا للنظار؟‪.‬‬ ‫والرجال وحدهم‪ ،‬يتجمعون ف الساحات العامة ف البلدان السلمية‪ .‬أل‬
‫البنة هي ضامنة شرف أبيها وأشقائها‪ .‬وإذا ُزوّجتْ‪ ،‬بِي َعتْ‪ ،‬خرجت من‬ ‫نراهم‪ ،‬هنا ف فرنسا‪ ،‬يشغلون مقدمة الشهد؟‬
‫وصاية الب‪ ،‬لتصبح ضامنة لشرف زوجها‪ .‬وف حال الطلق‪ ،‬تعود إل‬ ‫لاذا يريد الرجال السلمون إل يومنا هذا حجب النساء؟ لاذا يعنيهم هم‬
‫الوصاية البوية‪ ،‬ويرتبط حياؤها بذه الوصاية من جديد‪ .‬والرأة الُطلّقة تت‬ ‫حجاب النساء؟ لاذا ولي سبب يتعلقون إل هذه الدرجة بالجاب‬
‫السقف البوي هي مصدر قلق للب وللشقاء‪ ،‬كالبضاعة ا ُل ْرَتجَعة‪.‬‬ ‫النسائي؟ وإذا كانوا يعبدون الجاب إل هذا الد‪ ،‬فلماذا ل يرتدونه هم‬
‫أنفسهم؟‪ .‬والق أنه لو تقق حدث من هذا القبيل لصار هناك معن‬
‫للمناداة «بوية جديدة» عن طريق الجاب‪ .‬تصوروا الرجال السلمي‬

‫‪4‬‬
‫الخرين وغيهم من الذين يعتبوهن بل إرادة ول مزايا‪ ،‬هن بالفعل من ل‬ ‫يقول بعض الفكرين السلمي‪ ،‬الدافعي عن الجاب‪ :‬زوجت‪ ،‬ابنت ل‬
‫يتلكن الق بالكلم ول القوة اللزمة لذلك‪ .‬لقد عشن معاناة ذل عدم ولدتن‬ ‫ترتديان الجاب‪ ،‬توكيدا منهم بأن موقفهم ليس ذاتيا‪ .‬وماذا عن أمهاتم‪،‬‬
‫ذكورا‪ ،‬وذل ارتداء الجاب‪ ،‬هذا السجن التنقل‪ ،‬كأنه وصمة‪ ،‬كالنجمة‬ ‫أل ي ُكنّ ُمحَجّبات؟‬
‫الصفراء معلقة على الشرط النثوي( )‪.‬‬ ‫الم بالجاب‪ .‬الجاب الضَمّخ برائحة الم‪ .‬الم الُحرّمَة‪ .‬الجاب‬
‫تدور أجساد النساء كالظلل حول الرجال‪ ،‬ذليلة‪ ،‬مذنبة‪ ،‬تلب القلق‪،‬‬ ‫الذي ترتديه الم دائما‪ .‬هذا الذي لن تتركه أبدا لطفلها‪ ،‬لبنها‪ .‬الجاب‬
‫ُمهَ ّد َدةً‪ ،‬قذرة‪ ،‬نسة‪ ،‬مصدر ضيق وخطيئة؛ هذه الدوات الوبوءة‪ ،‬الطموع با‪،‬‬ ‫حرّمة‪ .‬الم موضوع الشهوة الذنبة‪،‬‬
‫الذي يمل رائحة الث‪ ،‬رائحة الم ا ُل َ‬
‫حرّمة‪ ،‬الخفية والعروضة‪ ،‬الحبوسة‪ ،‬الغصوبة وال ْك َرهَة‪ .‬إن السد‬
‫الشتهاة وال َ‬ ‫الت تقمعها وتكبتها قواني السلف‪ .‬يرمز الجاب‪ ،‬ف نظر الرجل‬
‫الؤنث أداة جنسية مبأة‪ ،‬ومذمومة ومعابة‪ ،‬كأنا بعض اللوازم الت ل بد منها‬ ‫السلم‪ ،‬إل صورة الم الحبوبة‪ ،‬والشتهاة‪ .‬كما لو أن هذا الجاب الذي‬
‫لمارسة النس والت نجل ف الوقت نفسه من استعمالا‪.‬‬ ‫غطىّ شَعر الم قد اختلَسَها من ابنها ف الوقت نفسه‪ .‬لذا السبب تنجذب‬
‫تشعر الفتيات الحجبات بالذنب‪ ،‬منذ الطفولة‪ ،‬كأنن ضحايا اغتصاب‪ ،‬ويُشبه‬ ‫أنظار الرجال السلمي ـ انذابا أكب ـ إل النساء الحجبات‪ .‬القوة‬
‫العنفُ الذي تعرضن له وعاني منه‪ ،‬الغتصاب‪ ،‬ف الواقع‪ :‬إنه الغتصاب فعلً‪.‬‬ ‫الباطنية العميقة للصلة بي الم وابنها‪ ،‬هذه الصلة الت كان حجاب الم‬
‫اغتصاب قدي سالف‪ ،‬تمل المهات السلمات علمته‪ ،‬ويَطبَ ْعنَها بدورهن‬ ‫حرّم‪ ،‬وزنا الحارم‬
‫ترجانا ف الطفولة الول والت تلقي بظلّها (ظل ال َ‬
‫على أجساد بناتن‪ .‬اغتصاب سالف تتحمل المهات جزءا كبيا من السؤولية‬ ‫والشهوة) على الرأة الرغوبة‪ .‬إن الرجل السلم يكره الجاب الذي يفي‬
‫عنه‪ .‬ذلك أن العقائد السلمية‪ ،‬الت تبثها المهات السلمات وتستبطنها بناتن‪،‬‬ ‫الرأة ويرغبه ف آن‪ .‬يُ َذكّر الجاب بب الم‪ ،‬ولكنه يُذكّر أيضا بالرح‬
‫تكتسب سةً ذاتية أصلية‪ ،‬كأنا نابعة من الداخل ل مفروضة من الارج‪.‬‬ ‫الول‪ ،‬بالجاب الذي خطف الم‪.‬‬
‫وط الحرّمات غريزيةَ النظرة؟ ذلك أن الجاب يُ َذكّر بواحدة من الحُرَمّاتأسوق هنا بعض اللحظات‪ ،‬لتلف العتراضات والمثلة الضادة‪.‬‬
‫إن الدين‪ ،‬أي دين كان‪ ،‬يوجد تارييا؛ فهو يصي ما نفعل به‪ ،‬ولكنه هو أيضا ما فَ َع َلهُ‪ .‬الدين هو‬ ‫البارزة ف السلم‪ :‬السد النثوي‪ .‬وما نفيه عن النظار يزيدها‬
‫الدين كما تواجد ف الجتمعات عب القرون‪ .‬وليس بقدرونا اختصار الدين إل‬ ‫ب انتباه الرجال وطاقاتم النفسية على مشهد ينبغي‬
‫اضطراما‪ .‬يَُثّبتُ الجا ُ‬
‫ضرُها بشأنه بعض الثقفي أو الُدّعي‪ ،‬أو بعض ذوي الضمائر‬
‫ح ّ‬
‫الفكار الت يُ َ‬ ‫أن يَتَكَشّف عن كونه ذا فائدة كبى‪ ،‬بكم منطق الشياء‪.‬‬
‫الرتاحة‪.‬‬ ‫تاهل النظرات ا ُل ِلحّة والتشبثة الت ترسلها عيون الرجال ف البلدان السلمة‪.‬‬
‫ومنقُ ث ينبغي‪ ،‬لفهم دين ما فهما فعليا ومعرفة آلية نقله نفسيا واجتماعيا من جيل إل آخر‪ ،‬أن‬
‫النظرة البشعة‪ ،‬النظرة غي الشروعة‪ ،‬النظرة الت َرصّدة‪ ،‬النظرة الت تَختر‬
‫نياه ذاتيا‪ ،‬وننخرط فيه إيابيا أو سلبيا‪ .‬ول تتمكن اللحظات الارجية أبدا‪،‬‬ ‫الجاب‪ .‬ث تتلقى الفتيات التوبيخ والتأنيب‪ ،‬لنن رغم الجاب‪ ،‬ورغم‬
‫ت وثيقة الصلة به‪ ،‬من النفوذ إل داخل الؤمن واختراق ما يشعر به‪.‬‬
‫مهما بَ َد ْ‬ ‫أجسادهن الخفية‪ ،‬جذبن النظرات الحرّمة‪.‬‬
‫يب العيش داخل عقيدة أو إيان ما‪ ،‬وتلقي تربية دينية وتعليم دين‪ ،‬لكي‬ ‫ُترَ ّسخُ المهاتُ ف بناتن الشية من النظرة ومن الخاطر الت تنقلها‪.‬‬
‫نتوصل إل فهم ماذا يعن أن نؤمن بالسلم‪ ،‬أو بالكاثوليكية أو باليهودية‪ ،‬أو‬ ‫ومنذ نعومة أظافرهن‪ ،‬تستبطن الُبنَيّاتُ الفكرة القائمة على أن وجودهن‬
‫أل نؤمن‪.‬‬ ‫يشكل تديدا للصب وللرجل‪ ،‬وأن ـ هذين الخيين ـ قد يفقدان كل‬
‫سيطرة على نفسيهما إن شاهدا خصلة من شعرهن أو جزءا صغيا منلقد عشتُ التوتاليتارية السلمية والمجيات الدينية بظاهرها كلها‪ .‬ولا وصلتُ إل فرنسا‪ ،‬تكوّن‬
‫ي انطباع بعدم الوجود على الكوكب نفسه‪ .‬وأحسستُ بثل ما يس به من‬
‫لد ّ‬ ‫جسدهن‪ .‬وتُواصل المهاتُ‪ ،‬ف البيئات التقليدية‪ ،‬إنتاج البادئ نفسها‬
‫قد يأت إل دنيانا بعد أن تمّل عذاب ماكم التفتيش السيحية ف العصر‬ ‫النقولة من جيل إل آخر‪ .‬إنن وَجِلت‪ ،‬يرعبهن قطع الصلة بالنيّر الدين‪،‬‬
‫الوسيط‪ .‬أنا ل أشعر بأي تسامح نو الدين‪ .‬وف ما يتصل باليان‪ ،‬فأنا ـ‬ ‫ويشَيْن كسر حلقة الوية‪ ،‬ول يرُؤن على مابة حكم المهات‬
‫والشكر للّه ـ لست حت ملحدة‪ .‬ببساطة‪ ،‬أنا واعية وجودي‪ ،‬مدركة للظلم‬ ‫الُخريات ف جاعتهن‪ .‬ولكن رغم حجاب النساء يفتك الغتصاب‬
‫الخيم على هذه الرض‪ ،‬وللجحيم الوجود فيها‪ .‬وال‪ ،‬إذا كان موجودا‪ ،‬فهذا‬ ‫والدعارة بالبلد السلمية‪ ،‬وينتشر الي ُل إل الصبيان‪ .‬ولئن كانت العلقة‬
‫شأنه‪.‬‬ ‫النسية بي راشدين‪ ،‬خارج إطار الزوجية‪ ،‬رغم رضى الثني ـ الرأة‬
‫ل يشك السلمون إطلقا بدود الي والشر‪ .‬وعندهم أن كل ما ل يضمه‬ ‫والرجل ـ تعاقبها القواني السلمية بشدة‪ ،‬إل أنه ل وجود لقانون يمي‬
‫القرآن ويويه فهو الشر الطلق‪ .‬كل شيء موجود ف القرآن‪ :‬فقد فكّر بكل‬ ‫الولد‪ .‬ويوجد ما يكفي من الولد الهمَلي الذين يتدبرون أمورهم‬
‫شيء‪ ،‬بالكائن البشري ف ُكلّيته‪ ،‬وبالبشر من كل الفئات وتت كل الظروف‪.‬‬ ‫بأنفسهم‪ ،‬لتحمل أعباء الاجات النسية العاجلة لرجال تلك البلدان‪.‬‬
‫ول يُفلتُ من النص الدين أي أمر متعلق بالنسانية‪ .‬والشك بذه المور إث‬ ‫من له الق بالكلم عن عار سُ ْكنَى جسدٍ ُمخْجلٍ‪ ،‬جسدٍ مجّب‪ ،‬وعن‬
‫بذاته وانتهاك للحرمات‪ .‬تقوم شرعية الديان التوحيدية الثلثة على واقعة كونا‬ ‫ألسى الناجم عن جسد مذنب… كل ذنبه أنه موجود؟ وعن هذا الشعور‬
‫إلية‪ ،‬وبالتال فهي إطلقية وخارج أي نقاش‪ .‬ولا كان ال ف التوراة والنيل‬ ‫بالذنب وهذا العار الفطريي؟ ربا يق الكلم للّوات عشن قبل مراهقتهن‬
‫والقرآن [ال ـ ديو ‪ Dieu‬ـ يهوه] نادرين‪ ،‬يب على الؤمني إطاعة مثليهم‬ ‫بدة طويلة وتَ ّم ْلنَ عواقب العقائد السلمية الت آذت أنفسهن‪ .‬إل أن‬
‫على الرض‪.‬‬ ‫اللوات يشعرن بوطأة نظرات الرجال من عائلتن‪ ،‬ونظرات الرجال‬

‫‪5‬‬
‫مواجهة هذه بتلك‪ .‬وهكذا ت العثور على السوّغ الفكري لسائر‬ ‫إن انفاض قيمة الرأة ف السلم‪ ،‬قانونيا واجتماعيا‪ ،‬ووضعها تت‬
‫اللديقراطيات ما بعد الكولونيالية‪.‬‬ ‫الوصاية الذكورية‪ ،‬يسي جنبا إل جنب مع حالا كأداة جنسية‪ ،‬ولوضعها‬
‫أن ترتدي شابات راشدات الجاب‪ ،‬فهذا شأنن‪ ،‬غي أننا ند ف موقف‬ ‫هذا مصدره ف القرآن‪.‬‬
‫بعضهن ضربا من انراف جنسي مزدوج‪ .‬ذلك أن ارتداءه ف فرنسا ل يُشْكّل‬ ‫تتاج الرأة ف البلد السلمية‪ ،‬انطلقا من قواني السلم‪ ،‬إل موافقة‬
‫وسيل َة النصهار ف المهور الغفل‪ ،‬بل على النقيض‪ ،‬لنه يذب النظار‪،‬‬ ‫ول أمرها إذا أرادت السفر خارج البلد (زوجها أو والدها أو شقيقها)‪.‬‬
‫ويشكل نوعا من حب الظهور ويعب عن نزعة إل الستعراضية والستفزاز‪ :‬أنا‬ ‫وتذهب الشريعة إل أبعد من هذا‪ :‬ليس للمرأة مغادرة بيت الزوجية دون‬
‫امرأة أداة‪ ،‬وفخورة بكون كذلك‪ ،‬امرأة أداة جنسية‪ ،‬على وجه أكثر دقة‪ .‬حت‬ ‫موافقة زوجها وول أمرها‪ .‬وهي ليست مُعتَبة شخصا تاما أبدا‪ .‬وف‬
‫هذا النوع من النراف‪ ،‬فهو شأنن أيضا‪ .‬ولكن الوضوع يرج عن كونه‬ ‫إيران‪ ،‬ل يوز للنساء النتقال من مدينة إل أخرى وحيدات‪ ،‬وهذا‬
‫كذلك ـ وأتوسل إليكم إعارته الهتمام ـ عندما تواكبه رسالة تبشيية‬ ‫الجراء اتُخذ ف العام ‪ .1998‬وأنا أتكلم عن النساء‪ ،‬ل عن الراهقات‬
‫حجَبةٌ هي الخرى لنا تفي طبيعتها‬
‫موجهة إل من هن أصغر سنا‪ ،‬رسالةُ ُم َ‬ ‫القاصرات‪.‬‬
‫القيقية تت غطاء كلمات «الرية» و«الوية» و«الثقافة»‪ .‬إن فرض الجاب‬ ‫تُفرِد الشريعة صفحات طويلة لسفل بطن الرجل‪ ،‬ولتعته النسية‬
‫على قاصر‪ ،‬يعن تاما إغواءها ـ إن ل نقل هتك عفتها ـ والتصرف بسدها‪،‬‬ ‫وواجبِ النساء ف إشباع شهوات أزواجهن‪ .‬وهي تتحدث أيضا عن متعَ‬
‫وبيان صفتها كأداة جنسية مهيأة للرجال‪.‬‬ ‫الرجال ف الفردوس‪ ،‬وتبئ للمسلمي الصالي ولشهداء السلم‬
‫والقانون الفرنسي‪ ،‬الذي ل ينع شيئا عن الراشدين ـ الوافقي بإرادتم على‬ ‫حوريات أبديات المال‪ ،‬أبديات الشباب‪ ،‬يرجعن عذراوات دائما بعد‬
‫ما يفعلون ـ يمي القاصرين من هذا النوع من الغواء‪ .‬وكل شك ٍل من‬ ‫كل وصال‪ .‬يثل هذا المر لدى الرجال تقيق استيهام النشوة الت ل‬
‫الضغوط الباشرة أو غي الباشرة الادفة إل فرض الجاب على القاصرات‬ ‫تنتهي ول تكل ول تل‪ ،‬وناية وسواس القذف البكر والسابق لوانه‪.‬‬
‫يضفي عليهن ـ بذه المارسة نفسها ـ صفة الداة النسية الماثلة لصفة‬ ‫أتصور كيف سيكون الرجال فحولً متميزين‪ ،‬ذوي عضو جنسي من‬
‫الدعارة‪ .‬لذلك ينبغي منعها بقوة القانون‪ .‬ذلك أن التشوهات النفسية والعنوية‬ ‫الفولذ‪ ،‬ل يتعب‪ .‬ل شيء إل التعة‪ ،‬والغبطة والسعادة‪ .‬وأتساءل بين‬
‫هي تشوهات جنسية‪ ،‬كما أن التشوهات النسية هي أيضا تشوهات نفسية‬ ‫وبي نفسي عن فضل هذه الوعود القدّسة‪ ،‬وعن دورها ف جعل التديني‬
‫ومعنوية‪ .‬ولقد وُجِد علماء سللت دافعوا عن التان باسم الختلف الثقاف‪،‬‬ ‫يؤمنون بكلية قداس ِة نصوص الشريعة‪ :‬أي رجل ل يلم بثلها؟ يكفي أن‬
‫لكنهم كانوا أقلية لسن الظ‪ .‬إنا خطيئة ضد العقل وضد الجتمع بالتأكيد‪.‬‬ ‫نؤمن با‪ .‬بالتأكيد‪ ،‬يقول القرآن‪« :‬النة تت أقدام المهات»( ) ولكنه‬
‫فلنحاذر من ارتكاب الطأ نفسه ف ما يتصل بالجاب السلمي‪ .‬ول ينبغي ـ‬ ‫ل يشي ـ ف ما يتعلق بن ـ إل أية متعة مضاهية لتلك الت يص با‬
‫باسم العلمانية ـ منع القاصرات من ارتداء الجاب ف الدرسة أو ف غيها من‬ ‫الرجال‪ .‬لا كان الفردوس غي مفتوح إل للمهات‪ ،‬ل للعاقرات سيئات‬
‫المكنة‪ ،‬بل باسم حقوق النسان وباسم حاية القاصرات‪.‬‬ ‫الظ‪ ،‬ولا كان من غي السموح مارسة الزنا بأم أي رجل (فقد تؤدي‬
‫ماذا يريدون إساعنا غي ذلك؟ ما الذي تُغَنيه لنا مسموعات الكلمة اللوات‬ ‫الشتيمة النسية بق الم ف البلد السلمية إل إراقة الدم) فلربا تكتفي‬
‫«تررن» بالجاب؟ من أي شيء تَحرّرْن على وجه الدقة؟ إنن يؤكدن‬ ‫المهات‪ ،‬وهن ف الفردوس‪ ،‬بشاهدة الرجال يضاجعون الوريات‪.‬‬
‫هويتهن‪ ،‬كما يقلن‪ .‬أية هوية؟ تتحدث بعض الفتيات من ذوات العاطفة‬ ‫ألح الن استنكا َر بعض الحجبات الستَحدثات لا أقول‪ ،‬واللوات يرفعن‬
‫الساذجة كما لو أنن بعبقريتهن اخترعن الجاب أو اكتشفن فضائله‪ .‬إنن‬ ‫أصواتن بقوة مطالبات بريتهن وبويتهن‪ ،‬ولكنهن ل يقبلن الزاح بشأن‬
‫يتبنّينه‪ ،‬بعد أن مررن مرورا عابرا بقاعد الكلية‪ ،‬كأنه رمز جديد‪ ،‬وكما لو كان‬ ‫القرآن‪ .‬وقد نشاهدهن ف الشارع أو ف وسائط النقل‪ ،‬متباهيات‪ ،‬معلنات‬
‫الجاب من اختراع القرن الادي والعشرين‪ .‬إن هذا الجاب يرقى إل غياهب‬ ‫تصميمهن‪ ،‬ونشعر باستعدادهن للرد بعنف على السئلة الت ل يطرحها‬
‫الزمنة‪ ،‬ويشكل رمزا للعتيق الخذ بالندثار ف أقاصي الرياف التخلفة من‬ ‫عليهن أحد‪ ،‬ولكن تستدعيها تلقائيا نظراتن‪ ،‬وما يضعن على رؤوسهن‪،‬‬
‫أوروبا الرمة‪ ،‬وهاهو يريد صنع شباب جديد لنفسه‪ ،‬وأن يُحسب على غي ما‬ ‫وثِقتُهن بأنفسهن الت تستفز الخرين‪ .‬وسيأت يوم ـ بل شك ـ سيقترح‬
‫هو‪.‬‬ ‫علينا فيه من يوحون إليهن بذا السلوك قراءة جديدة للقرآن‪ .‬فالديان‬
‫ذلك أننا نعرفه جيدا‪ .‬فما هو بالرمز الغري لوية جديدة‪ ،‬بل تعبي عن‬ ‫الوّحدة تعيد قراءةَ نفسها دائما‪ ،‬لكي يُقنعونا بالوصفة القدية‪ ،‬وبأن‬
‫الستلب‪ ،‬وف غالب الحايي يُعبّر عن النكفاء أمام قسوة البلدان الت تستقبل‬ ‫السألة هي ف معرفة تفسي النص‪ ،‬وفك رموز ما ليس مكتوبا فيه إذا‬
‫الهاجرين‪ ..‬إن النساء الحجبات ف فرنسا أو ف الدول الديقراطية يذبن‬ ‫دعت الاجة‪ .‬غي أننا لّا نصل بعد تاما إل هذه النقطة مع السلم‪ .‬بل‬
‫النظارَ‪ ،‬وُيضْرِمْنها ويرقي إل مقام الصورة‪ ،‬تاما كالنساء اللوات نشاهد‬ ‫مازلنا مع العلمات الارجية لغن الوية ومع القراءات الصولية للنص‪.‬‬
‫صورهن على أغلفة الجلت الذكورية‪ .‬كون الرأة مجبة‪ ،‬وعرض نفسها على‬ ‫الجاب هو ثقافت‪ .‬والجاب هو حريت‪ .‬إنا حكاية «إبريق الزيت»‬
‫أنا كذلك‪ ،‬يعن أن تكون باستمرار وقبل كل شيء الرأة الداة النسية‪ .‬هذه‬ ‫والنغمة الستعادَة من أيام إزالة الستعمار‪ ،‬عندما كان يُقال‪ :‬الرية شيء‪،‬‬
‫الحجبة هي أداة تمل لفت ًة غي مرئية تقول‪« :‬الرؤية مظورة‪ .‬للستيهام‬ ‫لكن الرية الثقافية هي شيء آخر‪ .‬كانوا يُميّزون ويُ َفرّقون بي حقوق‬
‫النسان (الفردية) وبي حقوق الثقافات (الَمعية) قبل أن يصلوا إل‬

‫‪6‬‬
‫يتحمل الثقفون السلمون مسؤولية ثقيلة ف هذا الشأن‪ .‬عندما نتحدث عن‬ ‫فقط»‪ .‬وهكذا تصبح الرأة أداة تستدعي بوجودها استيهامات الرجال‬
‫مثقفي كاثوليكيي ف فرنسا‪ ،‬فذلك من أجل تييزهم عن الذين ينتمون إل تيار‬ ‫الدائمة‪ .‬فلنجرؤ على العتراف بذه الستيهامات‪.‬‬
‫دين آخر‪ ،‬كما من أجل تييزهم عن الذين ل ينتمون إل أي تيار من هذا النوع‬ ‫وبا أن الجاب موضة‪ ،‬فالرأة تنهض بعبئه‪ ،‬وتتاره‪ ،‬وتفخر به‪ .‬والنساء‬
‫ويعلنون ـ َعرَضا ـ ل أدريتهم أو إلادهم‪ .‬إذن‪ ،‬ل تنطبق تسمية «مثقف‬ ‫اللوات ل يكن يلفت نظر أي كان‪ ،‬صرن أخيا به يسترعي النتباه‪.‬‬
‫كاثوليكي» إل على قسم من الفكرين‪ .‬ليس الال على هذا النوال عند الثقفي‬ ‫ويُخفي ما لن ينظر إليه أحد ـ ربا ـ لو ل يُخفينه‪ .‬وكما تفي بنات‬
‫السلمي‪ ،‬لنم جزء من كُلّ كبي هو‪« :‬السلم»‪ .‬وهم يتمايزون عن الخرين‬ ‫الوى أجسادهن‪ ،‬ف ظلم الليال لداع الزبائن‪ ،‬تفي النساء الحجبات‬
‫بكونم مثقفي‪ ،‬ل كمسلمي‪ .‬أين هم إذن الثقفون غي التديني [اللحدين] ف‬ ‫أجسادهن لكي يتارهن زوج بعيني مغلقتي ف ناية الطاف‪.‬‬
‫العال السلمي؟‪ .‬ف إيران‪ ،‬وف مصر‪ ،‬وف الزائر‪ ،‬وف العربية السعودية؟ عب‬ ‫الجاب هو ف الوقت نفسه ملجأ لخفاء التهميش الجتماعي ف الوقت‬
‫تريف غريب للكلم‪ ،‬تريف يسمح بالماثلة بي الدين والثقافة وبالعكس‪ ،‬ند‬ ‫نفسه‪ .‬فالهاجرات من البلدان الشرقية‪ ،‬العاطلت عن العمل غالبا‪ ،‬أو‬
‫أنفسنا معتادين على اعتبار مموعات بشرية كاملة‪ ،‬وآداب وفلسفات‪،‬‬ ‫الستخدمات ف أعمال ثانوية‪ ،‬يتوجب عليهن التنافس والتخبط ف سوق‬
‫«مسلمة» ببساطة‪ .‬البدأ‪ :‬كلمة «إسلم»‪ .‬ومن ث نُ َقرّر [وجود] الفن‬ ‫العمل الذي تتزايد مصاعبه ويُهيمن عليه التمييز‪ ،‬من أجل الصول على‬
‫السلمي‪ ،‬والنمنمات السلمية والعمارة السلمية‪ ،‬والشعر السلمي‪ ،‬وأرض‬ ‫الد الدن للجور الذي تقرره الدولة‪ .‬ويأتي بعد الرجال‪ ،‬وبعد النساء‬
‫السلم‪ .‬حت أن ورد أصفهان اعتُب رائحة السلم‪ .‬ول يبقى بعدئذ إل ذكر‬ ‫غي الشرقيات‪ ،‬كأدوات لتهميش اجتماعي واقتصادي بل رحة‪.‬‬
‫الناط الختلفة‪ :‬السلم الصول‪ ،‬السلم السلفي‪ ،‬السلم العتدل‪ ،‬وآخر ما‬ ‫تَستَب ِعدُهن جاعتهن السلمة عندما يناضلن من أجل انعتاقهن (هذا النعتاق‬
‫ُحرّر‪ :‬السلم العلمان‪ .‬هل نيا ف قرن الذيان؟‬ ‫الذي لن يلب إليهن أكثر من الد الدن للدخل الضروري للندماج)‪.‬‬
‫ل يوجد دين علمان‪ .‬فالعلمانية على وجه الدقة هي الفصل ما بي الدولة‪،‬‬ ‫ويسَتبْعدهن الجتمع الفرنسي‪ ،‬وسوق العمل‪ ،‬ليدفعن ثنا فادحا‬
‫ذات الجال العام‪ ،‬وبي الدين‪ ،‬وهو شأن شخصي خاص‪ .‬ليس بوسعنا من‬ ‫لستقللن‪ .‬والق أن الجتمع الفرنسي ل يقم با يكفي من أجل استيعابن‬
‫الناحية الدللية إلصاق صفة «العلمانية» باسم أي دين‪ .‬ول يوجد من يتحدث‬ ‫ودمهن‪ .‬فكيف نستغرب لوء بعضهن إل الختفاء تت الجاب‬
‫عن كاثوليكية علمانية أو عن بروتستانتية علمانية‪ .‬هنا ـ ف فرنسا ـ يَقبَل‬ ‫ماولت العثور على زوج يقوم بأ َودِهِن لقاء عُذريتهن؟‬
‫أكثرُ الكاثوليكيي والبوتستانتيي اليوم مبدأَ العلمانية؛ بذا العن هم علمانيون‪،‬‬ ‫إنن لن يتشردن ف الشوارع‪ ،‬على القل‪ ،‬كالنساء اللوات نراهن‬
‫كما يكن أن يكون اللحدون علمانيي؛ إنم كاثوليكيون وعلمانيون‪،‬‬ ‫يستجدين ف مطات قطارات النفاق‪ ،‬بأعداد متزايدة‪ ،‬ولن يعرفن معاناة‬
‫بروتستانتيون وعلمانيون‪ .‬وهم ل ينتمون إل أشكال (علمانية) من الكاثوليكية‬ ‫الشردات بل مأوى ثابت‪ .‬ل تنجو هاته النساء من التهميش إل‬
‫أو البوتستانتية تعارض أشكا ًل أخرى منهما‪ .‬ل يدث هذا كله بي عشية‬ ‫بالستلب‪.‬‬
‫وضحاها‪ .‬لكنه نتيجة تاريخ طويل وصراعات شديدة‪ .‬بالبداهة ليست العلمانية‬ ‫لقد آن الوان‪ ،‬ربا‪ ،‬للمفكرين الفرنسيي‪ ،‬للهتمام بالبؤس الصارخ‬
‫من جوهر التوحيد السيحي (والتمييز النيلي بي ما يعود إل ال وما يعود إل‬ ‫للمهمشي والهمشات ف هذا البلد الذي نعيش فيه والذي تسوء حاله‬
‫قيصر ل علقة له البتة بالعلمانية)‪ .‬فهي قد فرضت عليها فرضا‪.‬‬ ‫يوما بعد يوم‪ .‬فهم ركزوا اهتمامهم على أفغانستان‪ ،‬وعلى مسعود‪ ،‬وعلى‬
‫إن إطلق تعبي «إسلم علمان» يرجع إل زلة اللسان أو الفوة الكاشفة أكثر‬ ‫العراق‪ ،‬وعلى البنامج التلفز ‪ …Loft story‬وعلى الجاب‪.‬‬
‫من كونه إيازا فكريا واختصارا‪ .‬هفوة كاشفة‪ ،‬لن القصد النطلق من كلٍ ل‬ ‫وعليهم الن الهتمام بالرجال والنساء الفرنسيي أو الهاجرين‪ ،‬أي بتلك‬
‫يُناقَش‪ ،‬أي السلم‪ ،‬لوصف واحد من الناط‪ .‬وهذا يعن‪ ،‬النطلق من مسعى‬ ‫الشباح الت يصنعها الستبعاد من سوق العمل والت يعلنا وجودُها قربنا‪،‬‬
‫مضاد للمسعى العلمان الذي يُميّز منذ البداية بي الدائرة العامة وبي الدائرة‬ ‫نشعر بالعار‪ ،‬سواء صمتوا أو رفعوا الصوت احتجاجا‪.‬‬
‫الاصة‪.‬‬ ‫أخاطب العدد الذي ل يكاد يذكر من النساء السلمات‪ ،‬اللوات وجدن‬
‫أخشى أل يكون أكثر الفكرين السلمي قد فهموا حقا‪ ،‬بل أخشى أل يكونوا‬ ‫عملً لئقا‪ ،‬واخترن ارتداء الجاب‪ ،‬لقول لن‪ :‬رغبة الشذوذ والنراف‬
‫أرادوا أن يفهموا معن كلمة علمانية ومستتبعاتا الضمنية‪ .‬وهذا أمر ل يدعو‬ ‫موجودة (هناك بنات هوى يبعن أجسادهن ـ كما يقال ـ دون أن يكنّ‬
‫إل الدهشة لنه ل مكان لكلمة علمانية ل ف فكر العال السلمي ول ف‬ ‫باجة مادية‪ ،‬بل من أجل التعة)‪ .‬إنن راشدات‪ .‬ويستطعن إخفاء‬
‫كلمه‪ ،‬حيث يب أن ُتلَ ِقنّ مبادئ السلم وتُ َعلّم من منظور السلم أدقَ‬ ‫أجسامهن ف غطاء من الصوف ف جو شديد الرارة‪ .‬وإذا كن يستمتعن‬
‫تفاصيل الياة اليومية لكل فرد‪ .‬كما أن كلمة علمانية ليس لا ما يكافئها ل ف‬ ‫بذا‪ ،‬فهو شأنن‪ .‬ولكن‪ ،‬ما أن يتعلق المر بالبنات الصغيات‪ ،‬البنات‬
‫العربية ول ف الفارسية( )‪ .‬لنا ل يُفَكرُ با ف هاتي اللغتي‪ .‬غي أن هذا ل يعن‬ ‫اللت يعشن ف فرنسا‪ ،‬واللت نتول توجيههن وتربيتهن على الستلب‬
‫أبدا عجز هاتي اللغتي عن تشكيل مفهوم العلمانية‪ ،‬بل يعن عجز مفكّريهما‪.‬‬ ‫بفرض العلمة النسية الت تعن تبعية أجسادهن‪ ،‬هنا أقول ل‪ ،‬إنه انتهاك‬
‫انطلقا من هذه النقطة يكون بالستطاع إضافة مفهوم (العلمانية) ف كل‬ ‫لقوق النسان‪ .‬وأخشى ما أخشاه هو أن يكون نسيان حقوق النسان‬
‫الطبخات‪ ،‬واللعب بل ماطر بفهوم فارغ أو بَدْس أعمى‪ ،‬كما ف لغة كانط‬ ‫هذه هو ما ألم بعض علماء الجتماع السلمي تليلت تبعث على‬
‫[الفيلسوف]‪ .‬إن هؤلء الثقفي السلمي‪ ،‬أو على الصح هؤلء السلمي‬ ‫الذهول حقا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الديقراطية الغربية أفضل النظومات الوجودة رغم نواقصها‪ .‬وأظن أنا مهددة‬ ‫الثقفي‪ ،‬يريدون حشر السلم ف كل مكان‪ ،‬وإلصاقه على كل شيء‪،‬‬
‫بأخطار فعلية نتيجة صعود الليبالية التوحشة واليمي التطرف والديان‬ ‫حت على الفصل بي الدولة وبي الدين‪ .‬إنم باختصار ل يريدون أن‬
‫و«الطوائفيات العرقية»‪.‬‬ ‫يكون التعليم علمانيا‪ ،‬بل أن يكون «مؤَسْلما» بطريقة علمانية‪.‬‬
‫لو أن السلم كان لرة واحدة عامل انعتاق للنساء‪ ،‬أو ترياقا يقي من العنف‪،‬‬ ‫ن قراره القاضي بتصدير السلم إل العال كله‪ ،‬ظننتُه منونا‪ ،‬لكن جنونه على‬
‫لكنا علمناه! أل يهيمن العنف الوحشي على أكثر البلدان السلمية؟ أل‬ ‫ما يبدو جاعيا ومُعْديا‪ .‬وهو آخذ بالنتشار‪.‬‬
‫يُستهان فيها يوميا بقوق النسان‪ ،‬باصة حقوق النساء والولد؟ نتساءل‬ ‫مثقفي العال السلمي جيعا ف سلة واحدة بل تييز‪ .‬فلقد دان بعضُهم‬
‫أحيانا ما هي القضية الت يدافع عنها الثقفون السلمون على وجه الدقة؟‬ ‫الستبداد السلمي وقمْعه الوجه إل النساء‪ .‬غي أن الواقع يفرض علينا‬
‫أل يطر ببال النساء السلمات اللوات تلصن بفضل قواني التربية المهورية‬ ‫العتراف بفوت أصوات هؤلء الثقفي النقديي‪ ،‬فليسوا هم الذين‬
‫والعلمانية ف فرنسا‪ ،‬واللوات يتبنيّن الجاب اليوم‪ ،‬أن يفكرن بغيهن من‬ ‫نسمعهم‪ .‬ل يعلن الثقفون الذين يقال عنهم «إسلميون» سخطهم إل‬
‫النساء الدفونات تت الجاب‪ ،‬والحرومات من كل حق ف بلدهن؟‬ ‫على من يطعن أو يهي شرف السلم وممد‪ .‬ول ينهضون لتحمل الشَقّة‬
‫أتساءل ع ّم إذا كن يُقَدّرن موقف النساء الحرومات من أدن مستويات‬ ‫إل من أجل الدفاع عن قداسة السلم والقرآن‪ .‬نن ل نشاهدهم يثورون‬
‫التعليم‪ ،‬من ل تلك أكثرهن فقرا حت وثيقة ميلد‪ ،‬هاته النساء السحوقات‪،‬‬ ‫ضد العتقالت والقمع والغتيالت والعنف والخدرات والفقر‬
‫هاته النساء الكثيات القيمات ف أكثر الناطق جفافا وانعزالً ف البلدان‬ ‫والنذاب النسي للراشدين نو الولد‪ ،‬وغياب حقوق النساء والولد‬
‫السلمة؟ ربا تصل هؤلء الدّعيات من النساء «اللوات َحرّرهن الجاب» على‬ ‫ف البلدان السلمية‪ .‬نن ل نسمعهم يتجون على الهل الذين يبون‬
‫أكب فائدة من إقامة أيامٍ ف بلد مثل أفغانستان! ربا يتمكنّ من تقاسم حريتهن‬ ‫بناتم على ارتداء الجاب‪ ،‬ول ضد الزيات بالكراه الفروضة على‬
‫مع النساء الفغانيات!‬ ‫الراهقات هنا ف فرنسا (ينبغي مشاهدة فيلم كولي سِيّرو «‪»chaos‬‬
‫بعد الثورة السلمية ف إيران‪ ،‬اصطنع بعض علماء الجتماع اليرانيي‬ ‫بذا الصوص)‪ .‬هل انتزعتْ منهم صرخةَ استنكار مشاهد عمليات قتل‬
‫القيمي ف فرنسا نظرية «الجاب كوسيلة للنعتاق»‪ .‬أما النساء الجرورات من‬ ‫النساء التّهمات بالزنا رجا؟ إنم يُبدون اندفاعا ف الدفاع عن أسباب‬
‫شعورهن‪ ،‬والرميات أرضا‪ ،‬والضروبات ف شوارع طهران لنن رفضن ارتداء‬ ‫التزمت والتشدد وعن فضائلهما أكثر بكثي من اندفاعهم إل استنكار‬
‫الجاب‪ ،‬فإن علماء الجتماع ل يروهن‪ .‬وهم مازالوا إل اليوم ل يرون حراسَ‬ ‫المجية‪ .‬وهم بذا يشبهون ليوت( ) [ماريشال فرنسي أنشأ نظام الماية‬
‫السلم يعتقلون النساء اللوات يتركن بعض خصلت متمردة من شعرهن تبدو‬ ‫على الغرب من [‪ 1912‬ـ ‪ ،]1925‬إذ يعيدون اكتشاف الدور الَيّر‬
‫خارج الجاب‪.‬‬ ‫الذي يقوم به السلم ف الحافظة على النظام‪ ،‬ويبدون مستعدّين لعل‬
‫إنه نسيان غريب أصاب هؤلء التخصصي بالجتمع اليران‪ .‬لقد نسوا التنويه‬ ‫ضواحي الدن الفرنسية ذات الاليات الهاجرة من بلدان مسلمة تستفيد‬
‫بأن ارتداء الجاب قد فُرض على النساء جيعا ف أناء البلد كلها‪ :‬الجاب أو‬ ‫من هذه الاصية‪ .‬ويؤكدون أمام البورجوازيي الذعورين أن الشباب‬
‫الوت‪ .‬كما أنم نسوا أيضا مسألة فرض ارتداء الجاب ف سائر الدارس‬ ‫التديني الورعي سيكونون ف كل الحوال أكثر انضباطا من الزعران‬
‫اليرانية‪ ،‬با فيها الدارس البتدائية‪ ،‬على البنات القاصرات تبعا للقواني‬ ‫الذين ل مبدأ لم‪.‬‬
‫القرآنية‪ ،‬ذوات السنوات الست أو السبع (فسن الرشد للبنات ف السلم هو‬ ‫دعوا السلم يعمل‪ .‬ياطبون الدنيي بإطناب‪ ،‬وقد لحت على ساتم‬
‫سن التاسعة)‪ .‬ففي الدارس حيث ل يعمل أي رجل‪ ،‬وف صفوف البنات حيث‬ ‫علئم الدهشة والسرور بالدور الذي يلعبونه مع اعتراف الخرين بم‪،‬‬
‫العلمة نفسها مجبة بالطبع‪ ،‬ليس للفتيات اللوات بلغن السابعة الق ف خلع‬ ‫ويبدون مؤهلي ـ ف الظاهر ـ من أجل توفي شروط الصعود‬
‫حجابن‪ .‬إنه يشكل جزءا من هويتهن‪ ،‬بالفعل‪ ،‬وعليهن أن يتعلّمْن العيش معه‪.‬‬ ‫الجتماعي للمرأة السلمة‪ ،‬ومن أجل إعادة الدوء أيضا إل الحياء الت‬
‫لقد أثبتت نظري ُة النعتاق والتحرر بارتداء الجاب قيمتها وإمكاناتا بالتأكيد‪.‬‬ ‫يطلقون عليها باستحياء صفة الحرومة أو الصعبة‪ .‬فمت ُيطَبق نظام الماية‬
‫لطِر وقليل الردود ف الامعة هو التوقف على مشهد اللوات فُرض‬
‫لكن المر ا َ‬ ‫على الضواحي؟‪.‬‬
‫عليهن الصمت منذ الطفولة‪ ،‬معميات ومنوقات تت أقنع ِة وأحجِبة كنا ل نزال‬ ‫ل يعد سرا يفى على أحد واقع دعم الكومات الغربية للنظمة‬
‫نرؤ على تسميتها بـ(الظلمية) ف ما مضى‪.‬‬ ‫الديكتاتورية والتيوقراطية‪ ،‬وتسابقها إل عقد اتفاقات ف كل مال معها‬
‫وبالفعل‪ ،‬إن القصد هو تأمي الصعود الهن والجتماعي‪ ،‬وبالتال البقاء ف‬ ‫باسم النافسة القتصادية العالية‪ .‬وأيا كانت درجة إدانة هذه السياسة‬
‫الوجود من أجل ذلك‪ .‬هل تتصورون مفكرا مسلما يفكك آليات الستلب‬ ‫الدولية الت تُمارَس باسم الصال الوطنية‪ ،‬إل أنا ل تد أية معارضة جدية‬
‫الدين؟ كل‪ ،‬بالتأكيد‪ .‬يوجد هويلبك( ) للقيام بذلك [كاتب فرنسي كتب‬ ‫لا ف أي بلد ديقراطي‪ .‬فهل ستؤثر نسبوية السياسة الارجية‪ ،‬على الدى‬
‫رواية هاجم فيها السلم والسلمي والسيحيي أيضا]‪ .‬هويلبك الذي ما كان‬ ‫البعيد‪ ،‬على السياسة الداخلية؟ وأية سياسة تتصورها الكومة الفرنسية‬
‫يعرف عن السلم ما يستحق الذكر‪ ،‬ليس لديه بالتال ما يفككه وما يُقَشره‪.‬‬ ‫من أجل حل السائل ذات الهية التفاقمة ف الضواحي الأهولة بهاجري‬
‫أما الثقفون السلمون فليسوا ذوي ميول تدعوهم لكي يكونوا مثل جيوردانو‬ ‫العال الثالث؟ هل سيختار سياسيونا أسلوب السلطات الحلية‪ ،‬أو أسلوب‬
‫برونو( ) أو مثل فولتي‪ ،‬كل‪ .‬الفضل للمثقف السلم أن يبقى مسلما‪ ،‬فهذا‬ ‫«الديكتاتوريات العتدلة» من أجل حفظ المن ومنع التجاوزات؟ تبقى‬

‫‪8‬‬
‫شرسة‪ .‬غي أن ما يفاجئنا من الثقفي السلمي نسيانُهم أن العال السلمي عرف‬ ‫أكثر حصافة وأكثر ذكاء أو مكرا‪ .‬وهو يستطيع ـ بالفعل ـ أن يشرح‬
‫قرنَه الثامن عشر منذ القرن الادي عشر والثان عشر والثالث عشر للميلد‪،‬‬ ‫للخرين أن السلم ليس ما يظنون‪ ،‬ويصبح هذا المر سة تصصية له ـ‬
‫حيث اتذ الشعراء العظام اليرانيون مواقف هرطوقية تاه مبادئ السلم‪ ،‬مثل‬ ‫إنه أسلوب قدي أثبت قيمتَه ومازال صالا دائما‪ :‬اتاذ مواقف معارضة‬
‫الفردوسي‪ ،‬ف القرن الادي عشر [مؤلف الشاهنامة ‪ 932‬ـ ‪ ،]1020‬وعمر‬ ‫للكليشيهات الكرورة‪ ،‬وتطوير القترحات الناجة عن هذا النقلب‬
‫اليام ف القرن الادي عشر‪ ،‬ونظامي ف القرن الثان عشر‪ ،‬وسعدي والرومي‬ ‫بأسلوب معرف متحذلق‪ .‬ليس الطلوب التساؤل عما إذا كانت تلك‬
‫[جلل الدين] ف الثالث عشر وحافظ ف القرن الرابع عشر‪ .‬أضف إل ذلك‬ ‫القوال الكرورة تتوافق مع أي شيء كان‪ .‬الطلوب إثبات الوجود‬
‫سهْروردي ف‬
‫اللّج ف القرن التاسع‪ ،‬صاحب القولة الرمزية «أنا الق»‪ ،‬وال ّ‬ ‫باقتراح مفارقات تظهر‪ ،‬للناظرين من الارج‪ ،‬كأنا ثار التجربة والكمة‬
‫القرن الثان عشر‪ ،‬وها فيلسوفان إيرانيان حُكم عليهما بالوت لفكارها‬ ‫والعتدال‪« :‬أنا القادم منه [من السلم]‪ ،‬أنا السلم‪ ،‬بوسعي التأكيد لكم‬
‫الرطوقية‪.‬‬ ‫بأنه ليس كما تظنون»‪.‬‬
‫عندما ل ينسى الثقفون السلمون أولئك الشعراء والفلسفة‪ ،‬ينسون الشارة‬ ‫تعطي هذه العملية أول مردودا غي عادي‪ .‬تعطيكم مكانة بادئ ذي بدء‪،‬‬
‫إل أنم كانوا هراطقة‪ ،‬ويقدمونم بصفتهم كانوا من مفكري السلم وشعرائه‪.‬‬ ‫بتَكم الُفترضة‪ .‬وبالنظر إل ذلك يكن القيام بالعملية نفسها باسم‬
‫وتُبز ِخ َ‬
‫وعمر اليام‪ ،‬الذي تتضمن رباعياته أفكارا ل دينية‪ ،‬تقدّمه الكتب الدرسية‬ ‫أقلية عرقية‪ ،‬أو باسم حزب سياسي‪ ،‬أو طائفة ما‪ ،‬ولكن الرجعية إل‬
‫اليرانية بصفته واحدا من علماء الرياضيات السلميي‪ .‬لقد كان فعلً رياضيا‬ ‫السلم‪ ،‬ذات أهية أكب‪.‬‬
‫عظيما وفلكيا وشاعرا‪ ،‬ولكنه كان باصة صاحب فكر متحرر وذواقة مب‬ ‫تضعكم هذه العملية ـ ف القام الثان ـ تلقائيا ف موقف الوسيط‪،‬‬
‫للحياة واللذات‪ .‬إن الثقفي السلمي الذين أحكي عنهم موجودون‪ .‬وتأثيهم‬ ‫الوسيط بي من هم ف السلم ومن ليسوا كذلك‪ .‬وبالتال تصبحون‬
‫ملموس‪ ،‬ل ف فرنسا فحسب منذ نو عشرين سنة‪ ،‬ولكن ف بلدهم الصلية‬ ‫معدودين من «العتدلي»‪ .‬لن صفتكم كمثقفي تعلكم تفهمون وجهات‬
‫أيضا‪ .‬وف إيران‪ ،‬ل يكف اللل عن التنويه بالهتمام الذي لدى العال كله‬ ‫النظر كلها‪ ،‬وتبددون سائر أنواع سوء التفاهم‪ .‬فأنتم تعرفون ما يعرفه‬
‫بالقرآن ويقولون‪ :‬يعكف العلماء الكثر اطلعا وثقافة ف أكثر الامعات الغربية‬ ‫«من هم فيه»‪ ،‬ولكنكم تدركون أسئلة الذين «ليسوا فيه»‪ .‬ولا كنتم‬
‫شهرة على القرآن ليكتشفوا فيه مفتاح ألغاز الكون‪ :‬ذلك أن كل ما ل يدركه‬ ‫تفهمون لغتهم‪ ،‬تردون عليهم ببذل جهد ضئيل ف الترجة‪ :‬نعم‪ ،‬حرية‬
‫العلم موجود ف القرآن‪ .‬وتعل سلطة التكرار وقوة العادة من الصعب عدم‬ ‫العتقد‪ ،‬والق بالختلف‪ ،‬والساواة بي النسي‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬نن عندنا‬
‫تصديقهم‪ .‬فعندما وصلت إل فرنسا كنت أتصور أن الهتمام الرئيسي ف‬ ‫كل هذه المور‪ ،‬ف حالة وجود بالكمون على أية حال‪« .‬ينبغي أن نعرف‬
‫الامعات الفرنسية ينصب على السلم والقرآن‪ .‬إن منبع هذا التلعب بعقولنا‬ ‫كيف نتفاهم» يضيف الذين هم فيه‪ ،‬إلاحا منهم إل «التراث القيقي»‪،‬‬
‫نده ف تصرفات بعض علماء السلميات والجتماعيات السلمي التباهي‬ ‫إل «السلم القيقي»‪ .‬ث يقدمون تناز ًل طفيفا باتامهم حفنة من‬
‫بشهرتم الغربية ف بلدهم الصلية‪ .‬ل أجد صعوبة ف تصور الصداء‬ ‫التطرفي‪ .‬وتنطلي اليلة وتصبح ناجزة‪ .‬يأت دور من هم ليسوا فيه‪ ،‬ولكن‬
‫والنعكاسات الت سَيُحدِثها ـ أو أحدثها وانتهى المر ـ ف بلدان السلمي‬ ‫من هم من ذوي الرادة الطيبة ومن تعتمل فيهم الرغبة ف التنكر‬
‫الدلُ الدائر ف فرنسا حول الجاب‪ .‬سيهتف اللل إعجابا‪« :‬عودة الغرب إل‬ ‫والرتداد على أفكارهم السبقة‪ ،‬وعلى قصر نظرهم‪ ،‬وعلى تركزهم‬
‫الجاب»! وسوف يضيفون‪« :‬حت النساء الغربيات‪ ،‬وهن رمز التهتك والياة‬ ‫الغرب على ذاتم‪ .‬وتبقى بعد ذلك خطوة واحدة إذا تت انقلَبتْ القِيَم‪:‬‬
‫النحلة‪ ،‬بدأن يفهمن فضائل الجاب السلمي»‪.‬‬ ‫تُتّه ُم العلمانية بكونا دينا جديدا‪ ،‬ويدور الكلم عن طغيان حقوق‬
‫يُقدّ ُم الدلُ حول الجاب‪ ،‬بسبب التجاوزات اليديولوجية الت يتيحها‪،‬‬ ‫النسان ـ فهي فكرة‪ ،‬كما هو معروف عند الميع‪ ،‬متمركزة عرقيا على‬
‫والتأويلت غي الوضوعية الت ستتخذه موضوعا لا ف البلدان ذات الكومات‬ ‫الذات بشكل رهيب ـ ويُنادى بإعادة النظر بالفاهيم التحجرة الامدة‪.‬‬
‫التيوقراطية‪ ،‬يُقَدّم ضمانةً لظلمية تلك الكومات وطغيانا‪ .‬ينبغي على الثقفي‬ ‫يكن أن تتيح هذه «الوضعية» الفكرية‪ ،‬أخيا‪ ،‬الصول على وظيفة عمل‬
‫الفرنسيي‪ ،‬الجاهرين بعدائهم لدرس ٍة علمانية ل تتسامح مع القاصرات‬ ‫مرموقة ف الوليات التحدة‪ ،‬نظرا لفرط ولوعهم با‪ ،‬أو حت ف فرنسا‪،‬‬
‫الحجبات‪ ،‬أن يدركوا كيف أن التزامهم بذا الوقف سيكون داعما‬ ‫حيث يسبب مفهوم البة من الفتك والتلف بقدار ما يسببه مفهوم‬
‫للديكتاتوريات السلمية‪ .‬أما تغنجات الساذجات الحجبات ف فرنسا‪ ،‬فإنا‬ ‫الثقافة‪ .‬هكذا يتمكن البي بالثقافة السلمية ـ إذا كان متمكنا قليلً من‬
‫تشكل تشجيعا على قمع سائر النساء اللوات ياولن ف البلدان السلمة التخلص‬ ‫مفردات الفكر اللئق سياسيا ـ الذي يتخذ هنا شكل السلم «العتدل»‬
‫من سلطان الجاب التوتاليتاري‪ ،‬ماطرات بياتن‪ .‬عندما يعلن بعض الدافعي‬ ‫ـ من جعل المال تُعقَد عليه‪.‬‬
‫عن الجاب‪« :‬أن زوجت وابنت ل ترتديان الجاب» ننتشي ونُفْتَت‪ ،‬ل بل‬ ‫لنعقد هدنة مع السخرية‪ .‬لئن ل يتلك الثقفون السلمون جرأةَ القرن‬
‫نلحظ بالناسبة ـ مع رسم ابتسامة خلبة ـ أنم تناولوا كأسا من النبيذ أو‬ ‫الثامن عشر‪ ،‬فهذا أمر يكننا فهمه‪ .‬فالسلم‪ ،‬من جهته‪ ،‬متأخر بعدة قرون‬
‫رووا حكاية خليعة قليلً‪ .‬لكن غالبا ما يكون هؤلء هم أنفسهم الذين نشروا‬ ‫عن السيحية‪ ،‬وبوسعنا توقع تطوره خلل القرون القادمة (إنا مسألة قدرة‬
‫بذورَ الشعارات النادية بالجاب «بكونه مطالبة بوية جديدة»‪ .‬ومنذ نو‬ ‫على الصب)‪ .‬ث أن النكسات مَُتوَقّعة دائما ف مثل هذه المور‪ .‬ونن نرى‬
‫اليوم تت اسم (مسيحية) تعايشَ فلسفات ذات منحى إنسان‪ ،‬وأصوليات‬

‫‪9‬‬
‫هذا القبيل‪ .‬إن الطالبة با فرضَه سلفا علينا الهلُ والعنصرية والحكا ُم السبقة‬ ‫عشرين سنة‪ ،‬يدافع هؤلء عن (حق) مُدّعى للفتيات السلمات ف فرنسا‬
‫أو احتقارُ الخرين‪ ،‬هي الل الذي يلجأ إليه ا ُل َهمّشُون الستعدون للنراط ف‬ ‫بالطالبة بارتداء الجاب‪.‬‬
‫أعمال عنيفة وميئوس منها ف هذه الدنيا‪ .‬أما من يوحون إليهم بثل هذه الفكار‬ ‫لقد أسهموا بكلماتم الغشوشة‪ ،‬من دون أن نشعر‪ ،‬بإشاعة جو غريب‬
‫فهم إما مهلسون وأصحاب رؤى وإما خبثاء‪ ،‬ولكنهم أيضا‪ ،‬وف بعض الحيان‪،‬‬ ‫ووبيل تنمو فيه وتتفتح أكثر الوضاع تناقضا‪ .‬فالرية تصبح حرية‬
‫إما مرّضون أو مداورون أو مفسدون‪.‬‬ ‫استلب ذاتنا‪ .‬والوية تصي إل الوية الدينية (يطلقون عليها اسم «ثقافة»‬
‫يب علينا أن نتذكر‪ ،‬لكي نتفظ بدوئنا‪ ،‬أن الناقشات حول الجاب ف‬ ‫لعلها تساير زمنها) وياولون‪ ،‬تت ستار الديث بلهجة العتدال (دعوا‬
‫الدرسة تتعلق بدَث أ َقلّوي على وجه الطلق‪ .‬وقضية الجاب ليست‬ ‫الفوارق تعب عن نفسها)‪ ،‬إضفاء ألوان جذابة وطبيعية وعصرية على‬
‫مطروحة ف الكثرية الساحقة من الدارس والصفوف‪ .‬ويب التذكي‪ ،‬أيضا‪،‬‬ ‫الشكال العتيقة للستلب والتهميش‪.‬‬
‫بأن أكثرية الهاجرين الكبى أو الواطني من ذوي الصول السلمة يقولون‬ ‫توم فوق الفكر الفرنسي‪ ،‬منذ بعض الوقت‪ ،‬رائحة غريبة من السكونية(‬
‫بأنم غي معنيي بالسألة الدينية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬أتكون الطالبة بالجاب ظاهرة‬ ‫ي الواعظ الت يترها الثقفون‬
‫) أرى فيها ـ بي عوامل أخرى ـ تأث َ‬
‫يكن التفكي باختفائها تلقائيا عب السنوات والجيال؟ كل بالتأكيد‪ .‬والثقفون‬ ‫السلمون‪ .‬لقد أفلحوا ف فرض بعض التصورات‪ ،‬ونحوا بعل بعض‬
‫العارضون لطرد الفتيات الحجبات من الدرسة بذريعة أن هذا الطرد سيفاقم‬ ‫التوكيدات خارج متناول أي مُساءلة أو استجواب‪.‬‬
‫من أوضاعهن‪ ،‬بينما يتعلمن ف الدرسة كيف يتحررن‪ ،‬هؤلء يطئون بأمرين‪:‬‬ ‫كنت أستمع ذات يوم ـ من الذاعة ـ إل مثل رابطة حقوق النسان‬
‫بالدف الذي يسددون صوبه‪ ،‬وبالعصر الذي يعيشون فيه‪ ،‬ف آن معا‪ .‬لن‬ ‫وهو يصرح با خلصته أن العلمانية ل تفرض على ألبسة التلمذة أية‬
‫الوافقة على ارتداء الجاب ف الدرسة سيكون تشجيعا على ارتدائه هنا ف‬ ‫قيود‪ ،‬وأنا ل تنعهم أيضا من عرض رموز انتماءاتم الدينية؛ وخلص إل‬
‫فرنسا‪ .‬وسيعيد الراهقات القيمات الحياء القفلة وف الضواحي إل ني‬ ‫القول بأنه ل يكننا منع فتاة مسلمة من توكيد خيارها الدين بارتداء‬
‫العادات السلمية ويعل تطلعاتن الشروعة إل الساواة أكثر صعوبة‪ .‬ولقد‬ ‫منديل إسلمي‪.‬‬
‫رأينا ـ سلفا ـ كيف تعرضت بعض من رفضن ارتداء الجاب للعتداء‬ ‫لنتوقف قليلً ولنفتح معترضتي‪ :‬فاستعمال كلمات مثل «منديل» أو‬
‫عليهن بعنف ولنعتهن بالعاهرات‪ .‬فهل سنسمع قريبا ف الضواحي من يقول‬ ‫«وشاح» إسلمي‪ ،‬يستهدف وضع الجاب ف الدروج ا ُل َطمْئِنَة لزانات‬
‫مدافعا عن رجل متهم بالغتصاب‪« :‬البنت هي الت تسببت ف ما جرى لا‪ .‬ولو‬ ‫اللبس الكثر تقليدية‪ ،‬وهذا الستعمال ينم عن جب دِلل‪ ،‬وعن خدعة‬
‫أنا ل ترغب بأن تُغَتصَب‪ ،‬لرتدت الجاب»… إذن الغتصاب أو الجاب‪.‬‬ ‫بلغية بائسة‪ ،‬تفصح كثيا عن حال الراب الذي وصل إليه الفكر‬
‫لن لغة الزم ل تُستَ ْعمَل ـ على وجه التحديد ـ منذ عشر سنوات أو‬ ‫النقدي الراهن‪ .‬ولكن لنأت إل ما هو مهم‪ :‬ليس هنا ما يُحرِج مثلَ رابطة‬
‫عشرين‪ ،‬استطاع تيار فكري إسلمي ومناهض للعلمانية أن ينمو ويََتجَسّد‪ .‬كان‬ ‫حقوق النسان‪ .‬فواقع أن يكون رمز انتماء دين هو أيضا رمز للتمييز‬
‫ينبغي القول منذ زمن بعيد‪ ،‬إن الوسم «الثقاف» والتمييزي لجساد البنات‬ ‫النسي‪ ،‬وواقع أن تعلن فتاة مسلمة إيانَها عب الجاب ل يثي‪ ،‬لدى مثل‬
‫القاصرات من قبيل التان والجاب هو أمر منوع بتاتا‪.‬‬ ‫الرابطة‪ ،‬أيّ إشكال‪ .‬فهل يظن‪ ،‬ببساطة‪ ،‬أن الجاب من اختيارها‪ ،‬كما‬
‫هذا النع يب أن يسبق كل جدل حول العلمانية‪ :‬يب أن يُحمَى الولد‬ ‫يقولون ف التلفزيون؟ من أين جاءت هذه «الرية» وهذا «اليار»؟ وهل‬
‫خارج الدرسة‪ .‬وإذا فُقدت هذه الماية‪ ،‬فإن أولد الهاجرين وأحفادهم‬ ‫إن التمييز النسي والط من شأن السد منذ الطفولة هو شكل من‬
‫سيكونون فرائس موصوفة للتبشي السلمي‪ ،‬نتيجةً للظروف القاسية الت‬ ‫أشكال التوضيب والتحضي أقل خطورة من التصنيف بواسطة الشّيَع‬
‫يواجهها آباؤهم‪ ،‬ولكآبة بيئة حياتم اليومية‪ .‬وبد ًل عن مناقشة حفنة من‬ ‫والطوائف؟ وهل سيكون علينا ـ قريبا ـ إعلن رأينا والتصويت على‬
‫السلميي حول الجاب ف الدرسة‪ ،‬يب على السؤولي الهتمام بأوضاع‬ ‫سن الرشد الدين للبنات‪ ،‬لكون السألة أقل استعجا ًل بالنسبة للصبيان؟‬
‫الراهقات القاصرات‪ ،‬ضحايا التجاوزات النسية‪ ،‬وتول شؤونن ومتابعتهن‬ ‫أيكون بوسعنا قريبا أن نقرر ف أي عمر يكون بوسع البنات «اختيار»‬
‫بواسطة الساعِدات الجتماعيات‪ .‬لن إجبار القاصرات على ارتداء الجاب‪،‬‬ ‫ارتداء الجاب؟ ثلثة عشر عاما أو تسعة أو سبعة أعوام؟‪.‬‬
‫يعن التصرف بأجسادهن‪ ،‬وإغواءهن جنسيا وإفسادهن‪ ،‬وهذا ما أعود إل‬ ‫هل الثقفون السلميون هم الكثر أهلية لعطاء دروس ف التسامح‬
‫تأكيده أيضا وأيضا‪ ،‬كما يعن وضعهن ف سوق النس بأكثر الوسائل فجاجة‪،‬‬ ‫والعلمانية‪ ،‬حت يقدموا اليوم على الدعاء بتعريف مبادئ التسامح‬
‫وإخضاعهن لسوء معاملة نفسية جنسية‪ ،‬وإحداث صدمة لديهن تترك سِمتها‬ ‫والعلمانية‪ ،‬عب تديدها؟ لديهم هذا الدعاء على أي حال‪ ،‬ومهارتم‬
‫على أجساد نساء الستقبل وعلى عقولن ونفوسهن‪.‬‬ ‫بذلك كادّعائهم‪ .‬وهم يعرفون اللعب على وتر الشعور بالذنب وتأنيب‬
‫كيف لنا أن ندهش من انتشار الجاب ـ حت غدا دُ ْرجَة ـ ونن نعيش ف‬ ‫الضمي الهن لدى عدد من الثقفي الفرنسيي‪ ،‬ويريدون إعطاء الشباب‬
‫حجّبة»؟‬
‫دنيا وف عصر حقائقهما كلها « ُم َ‬ ‫السلمي الرغبة بقلب معن الرموز والشارات‪« .‬الجاب لنن أستحقه‬
‫إن مسأل ُة الجاب تجب مسائل جوهرية ليست دون صلة با مع ذلك‪.‬‬ ‫تاما»‪ .‬هذا هو الضمون العلن للرسالة الت يررونا‪ .‬لكن السألة‬
‫ل يأت الهاجرون كلهم من بلد تنتشر فيها اللغة الفرنسية‪ ،‬والذين يأتون من‬ ‫ليست مسألة مستحضرات تميل‪ .‬وهؤلء الثقفون السلمون هم أدوات‬
‫بلد يتحدث أهلها الفرنسية‪.‬ل يتعلموا كلهم ف مدارس فرنسية‪ .‬ول يتحدث‬ ‫ج كثية من‬
‫ترر مزيف‪ ،‬أدوات ترر ف اليال‪ .‬ويقدم إلينا التاريخ ناذ َ‬

‫‪10‬‬
‫تتبع القوال؟ فقد تتمكن سياس ًة متمركزةٌ على مسألة تعليم الهاجرين تعليما‬ ‫كثيون من الهاجرين ف فرنسا منذ سنوات بعيدة اللغة الفرنسية‪ ،‬أو أنم‬
‫عاما وعلمانيا‪ ،‬من التوصل إل إدخال البادئ الديقراطية إل قلب العائلت‪،‬‬ ‫يعرفونا بشكل سيء‪.‬‬
‫والياء إل أولد الجرة باحترام آبائهم والنظومة السياسية الت استقبلتهم‪،‬‬ ‫يستحضر السؤولون الفرنسيون بناسبة ومن دون مناسبة الفرانكفونية‪،‬‬
‫مزيل ًة بذلك واحدا من أكب أسباب العنف‪.‬‬ ‫لكن سياسة الدفاع عن اللغة الفرنسية خارج فرنسا ل ند لا تطبيقا‬
‫ينبغي أن يكون تعلّم اللغة مواكبا أيضا لتعلم الديقراطية واكتساب الوعي‬ ‫عمليا داخلها‪ .‬إنه من واجب فرنسا أن تضع بتصرف الهاجرين مؤسسات‬
‫الديقراطي‪ .‬هنالك ثلثة مبادئ جوهرية من أجل حسن اشتغال الديقراطية‬ ‫جهورية ومانية لتعليم الفرنسية‪ .‬ليس هذا فحسب‪ .‬بل أن تعل تعلمها‬
‫يب على كل فرد أن يستبطنها‪ :‬وهي العلمانية والتسامح والحترام‪ .‬ولكن أية‬ ‫إلزاميا لكل الهاجرين الراشدين الذين ل يعرفون اللغة‪ .‬أيكون بالستطاع‬
‫علمانية؟ والتسامح إل أي مدى؟ واحترام ماذا؟‪.‬‬ ‫العيش ف بلد ما بكرامة دون القدرة على التعبي بشكل صحيح؟‪.‬‬
‫ل تأت الديقراطية من تلقاء نفسها‪ :‬بل هي ُتكْتَسَب وتدافع عن نفسها‪ ،‬وهي‬ ‫بالضافة إل ما سبق‪ ،‬يب أن يشمل تعليم الفرنسية للمهاجرين‬
‫ف الغرب ثرة قرني من النضال‪ .‬وهي تُ َقدّم اليوم [كهدية] إل الهاجرين الذين‬ ‫الراشدين أهدافا تتجاوز الناحية اللغوية الباشرة‪ ،‬بيث يكن جعله مناسبة‬
‫غادروا‪ ،‬ف سن الرشد‪ ،‬بلدانا أنظمتها متفاوتة ف مستوى ديكتاتوريتها‪.‬‬ ‫لفهم الؤسسات المهورية‪ ،‬والقيم الوهرية للديقراطية ولتاريخ فرنسا‬
‫يب أن تُنال الديقراطية عن جدارة‪ ،‬ويتطلب استبطان قيمتها وقتا وتفكيا‬ ‫منذ الثورة‪ .‬سيساهم تعليم الهاجرين الراشدين ـ بشكل غي مباشر ـ‬
‫وشجاعة‪.‬‬ ‫بدمج اليل الثان عن طريق الردم التدريي للهّوة الفاصلة بي الباء‬
‫ل يوجد أثر للعلمانية‪ ،‬كقيمة جهورية‪ ،‬ل ف عقلية أكثرية الهاجرين الساحقة‪،‬‬ ‫والبناء‪ .‬إن هذه الوة‪ ،‬الت تعزز تميش الباء والبناء‪ ،‬تشكل عاملً من‬
‫ول ف مارساتم العملية‪ ،‬ول ف كلمهم‪ .‬أن تكون علمانيا‪ ،‬يعن العتراف بأن‬ ‫عوامل المود ومصدرا للعنف‪ .‬وبالفعل يتخذ العنف الناجم عن الرمان‬
‫الواطني جيعا‪ ،‬بصرف النظر عن معتقداتم‪ ،‬وعن أصولم‪ ،‬وعن ظَرفهم‬ ‫عدة أشكال بالفعل‪ :‬النكوص‪ ،‬والنطواء على الوّيات‪ ،‬والتشنج الدين‪،‬‬
‫الجتماعي‪ ،‬وعن جنسهم‪ ،‬متساوون ف نظر القواني المهورية! والقبول‪ ،‬على‬ ‫وغيها من أشكال العنف والنوح‪ .‬وأول ضحاياها صغار الشباب‪،‬‬
‫وجه الصوص‪ ،‬بوجود أماكن ومؤسسات ل مكان فيها للنتماء الدين ول‬ ‫والفتيات باصة‪.‬‬
‫لطقوس مارسة هذا النتماء‪ .‬إنه من الفيد بقاء الله خارج باب الدرسة‪ .‬أن‬ ‫هل ما سبق قوله تنيات طيبة ل يكن تقيقها‪ ،‬وتكلفتها مرتفعة؟ كل‬
‫ترغب نساء راشدات بارتداء حجاب ف الشارع‪ ،‬فهو أمر يصهن‪ .‬لكن يب‬ ‫بالتأكيد‪ .‬يضع الهاجرون لقواني الضرائب كالواطني الخرين‪ .‬أفل‬
‫وجود أماكن تطبق فيها قواني المهورية على الميع وأن تكون فوق القواني‬ ‫يكن أن نعتب أن هذا المر يعطيهم أيضا حقا بتعلم اللغة وبدراسة تقدمها‬
‫الدينية‪ ،‬حيث ل ينبغي لبادئ السلم ول لسواه من الديان أن تكون ظاهرة‪.‬‬ ‫لم المهورية؟ إن فرنسا تُعلّم أبناءها؛ فلماذا ل ينطبق هذا الق على‬
‫التسامح والحترام كلمتان تستعملن ف غي موضعهما‪ .‬لطول ما نسمع ما‬ ‫اليل الول‪ ،‬وعلى الهاجرين الراشدين‪ ،‬الحرومي من تربية ديقراطية‬
‫يتردد باستمرار عن ضرورة احترام كل شيء ونقيضه‪ ،‬صار المر إل عدم‬ ‫فعلية‪ ،‬وهم الذين عانوا طوال سنوات ف بلدانٍ تُنتَهكُ فيها القوق‬
‫احترام أي شيء وأيا كان‪ .‬وكيف نارس التسامح دون الوقوع ف النسبوية؟ أن‬ ‫النسانية كلها؟‬
‫نكون متسامي‪ ،‬كما يبدو ل‪ ،‬يعن قبولنا بأن الخر يكن أن يطئ‪ ،‬وأن له‬ ‫هنالك من ل يكفّون عن استنكار فقدان المان والعنف الناجي عن‬
‫الق بذلك‪ .‬أعود إل الوضوع الكثر التهابا‪ ،‬موضوع الدين‪ .‬ف ما يصن‪ ،‬ل‬ ‫مارسات الشباب والراهقي ذوي الصول الغاربية والفريقية ف الغالب‪.‬‬
‫يهبط أي كتاب مقدس‪ ،‬ول أي دين من السماء‪ ،‬ول يوجد أي كلم مقدس‪،‬‬ ‫ولكن نادرا ما يقولون لنا شيئا عن العنف الذي ل حدود له الذي يارسه‬
‫ويب على سائر ماميّ الله (من ملل وحاخامي وخوارنة من أعلنوا أنفسهم‬ ‫الجتمع على هؤلء الهاجرين منذ نعومة أظفارهم‪ .‬أيوجد ما هو أكثر‬
‫بأنفسهم مفسرين للقول اللي) أن تكون لديهم اهتمامات أكثر دنيوية‪ .‬ولكنن‬ ‫إثارة للغضب ف نفس أي طفل من رؤية أبويه مُهانَيْن أو ُمهَمشّيْن ف‬
‫أقبل بإمكان أن يطئ مثلو الديان وأولئك الذين يتبعونم‪ ،‬وأن يفكروا على‬ ‫متمع توقعا منه استقبالما وتريرها‪ ،‬بعد أن قاسيا العذاب وبذل جهودا‬
‫نقيض ما أفكر به‪ .‬أنا ل أطالبهم إل بنظي موقفي‪ ،‬أو العاملة بالثل‪ :‬أي أن‬ ‫كبية ليتمكنا من مغادرة بلدها الصلي؟‪.‬‬
‫يترموا حقي بأل أفكر مثلهم‪ ،‬أن أفكر بشكل باطل‪ ،‬وأن أخطئ قياسا على‬ ‫يبدو ل أن تسي شروط استقبال الهاجرين‪ ،‬وتعليمهم‪ ،‬واندماجهم‪،‬‬
‫معاييهم‪ .‬ما أحترمُه ليس عقيدةَ الخر‪ ،‬عقيدة ل أنتمي إليها‪ ،‬ولكن أحترم حقه‬ ‫يشكل أولوية عاجلة جدا‪ .‬ويوجد ما يكفي من الفرنسيي الستعدين‬
‫ف أن يؤمن با‪ ،‬حقه بالرية‪ .‬ما يب على كل منا احترامه هو حق الكائن‬ ‫للعمل والبذل‪ ،‬من معلمي وأساتذة متقاعدين قادرين على الشاركة ف‬
‫البشري بصفته فردا حرا ف أن يفكر وأن ييا حياته على طريقته‪ ،‬دونا أي قسر‬ ‫مشروع ينبغي أن يتجاوز كثيا من ناحية اتساعه بعض دروس مو المية‬
‫أو إكراه‪.‬‬ ‫الوجودة حاليا‪ .‬نلحظ وجود مؤسسات من النوع الذي نقترحه ف بعض‬
‫أجد من بواعث القلق‪ ،‬من وجهة النظر هذه‪ ،‬ميل اللغة السياسية إل حبس‬ ‫الوليات الميكية‪ .‬وإذا َعمّمت فرنسا إقامة مثل هذه الؤسسات يكون‬
‫الهاجرين ف طوائفية ذات أساس دين وعرقي‪ ،‬وذلك تت تأثي علم اجتماع‬ ‫بوسعها القيام بدور طليعي‪ ،‬مبهنةً بذلك عن وفائها لصورتا كدولة‬
‫رخو‪.‬‬ ‫للثقافة والساواة‪ .‬لقد استمعنا مؤخرا إل رئيس المهورية وإل مافظ‬
‫يقال دائما‪ ،‬على سبيل الثال‪ ،‬هنالك أربعة مليي مسلم ف فرنسا‪.‬‬ ‫باريس يذكّران بضرورة بذل مثل هذا الهد‪ :‬أيكون بوسع الفعال أن‬

‫‪11‬‬
‫يغرقوا ف نسبوية تدعو إل الستقالة والتخلّي‪ .‬فليكن باستطاعتهم ـ أخيا ـ‬ ‫ولكن أكثرية هؤلء «السلمي» ـ أكرر ـ يعلنون أنم غي مهتمي‬
‫أن يرفعوا الرأس والنظر‪ ،‬وليسترجعوا حاسة التوجه الصحيح وليطالبوا بأفضل‬ ‫بكونم متديني‪ ،‬وقد غادر كثيون منهم بلدانم هربا من السلم‪ .‬هم‬
‫جزء من أجزاء مياثهم‪ ،‬لكي ل تغدو أوروبا نسخة رديئة من الوليات التحدة‪.‬‬ ‫مكومون بالوت ف بلدهم‪ ،‬فهل سوف يرون أنفسهم وقد كُتب عليهم‬
‫يتوجه هذا الطاب ـ ف آخر الطاف ـ بشكل خاص إل النساء‪ ،‬إل النساء‬ ‫السر ف الطوائفية الدينية والتزام الصمت ف البلدان الديقراطية؟‬
‫جيعا مسلمات وغي مسلمات‪ ،‬وإل المهات‪ .‬لقد انتهى زمان الذلل‬ ‫ينبغي أل تصبح الضجة الثارة حول الجاب وسيلة للتملص من بث‬
‫والستلب‪ .‬إن طلب الوسائل والطرق الؤدية إل ترير النساء‪ ،‬من الذكور‬ ‫السائل القيقية وهي اللمساواة القتصادية‪ ،‬والسكن‪ ،‬والستبعاد‬
‫الؤتَمني على العقائد الدينية‪ ،‬يشكل ِقمّةَ الذلل والستلب‪ .‬ويقع على عاتق‬ ‫والتعليم‪ .‬وينبغي على السؤولي السياسيي أل يتقاعسوا عن مارسة‬
‫النساء‪ ،‬وباصة النساء القادمات من بلد مسلمة‪ ،‬توكيد عدم حاجتهن إل‬ ‫مسؤولياتم‪ ،‬وأل يهملوا الهاجرين‪ ،‬وأل يتركوهم لصائرهم ف أحياء‬
‫الساومة حول شروط وجودهن‪ .‬إنن كائنات ذوات حقوق كاملة! ومن هذا‬ ‫العازل‪ ،‬ليبتعدوا كل يوم أكثر فأكثر عن الجتمع الفرنسي! وأل يُتيحوا‬
‫النطلق ل يستطعن تمل وجود بنات صغيات ـ ل ف فرنسا ول ف غيها ـ‬ ‫قيام عوال ثالثة مصغرة ف أماكن مددة كما هي الال ف بريطانيا‬
‫ُي َربّيْن ف ظل الجاب‪ ،‬وف إطار روح السلبية والدونية‪ ،‬كما ل يستطعن تمل‬ ‫والوليات التحدة‪.‬‬
‫جعل الثقافة ذريعة وبديل عن الدين‪ ،‬ول أن يكون الدين ذريعة للتمييز النسي‪.‬‬ ‫ما أطلبه هو زيادة الهتمام بالشاكل الت تواجه الهاجرين‪ ،‬وهو اهتمام‬
‫ولكن هذا النداء موجه أيضا إل الباء السلمي الذين ل يتمنون مستقبلً‬ ‫تتعاظم ضرورته‪ ،‬لن أوروبا ـ كما يبدو ـ ستكون باجة من اليوم‬
‫لبناتم تت الجاب‪.‬‬ ‫وخلل عدة سنوات قادمة إل يد عاملة أجنبية جديدة‪ .‬وإذا انعدم هذا‬
‫صرّ جيعا‪ ،‬نساءً ورجالً‪ ،‬فرنسيي ومهاجرين‪ ،‬على حكومة‬
‫أطلب أن ُن ِ‬ ‫الهتمام‪ ،‬فسوف يستفحل العنف واللأمان‪ ،‬رغم الترتيبات القرر اتاذها‬
‫شرّع لكي تنع القاصرات من ارتداء الجاب ف الدرسة وخارج‬
‫المهورية أن تُ َ‬ ‫من عدم إفلت من القصاص‪ ،‬ومن زيادة قوة الشرطة وتعزيزها‪ ،‬وبناء‬
‫الدرسة‪ ،‬وأن تدرس اللول اللزمة لكي تأخذ على عاتقها الراهقات من‬ ‫سجون أكثر اتساعا‪ .‬ل تردع أي ُة أنظومة قامعة قط الاني‪ ،‬ول أتاحت‬
‫ضحايا التبشي السلمي‪.‬‬ ‫فعلً خفض مستوى العنف‪ .‬نرى هذا بوضوح ف بلد العال الثالث‪ ،‬حيث‬
‫عندما أستعيد ذكرى البنات الصغيات الحجبات وصورهن ف الدارس‬ ‫يعاقب أي انراف أو أية مالفة يرتكبها الراهقون والولد بشدة‪ ،‬ومع‬
‫اليرانية‪ ،‬وعندما أفكر باللوات يُستَ ْع َملْ َن ف فرنسا رغما عنهن‪ ،‬أو بطوعهن‪ ،‬من‬ ‫ذلك يشكل العنف وفقدان المان جزءا مقوّما من الجتمع‪.‬‬
‫جراء وقوعهن تت تأثي تلعبٍ إسلموي رهيب ليصبحن معه رموزا وشعارات‬ ‫ف غياب مثل هذا الهتمام بأسباب العنف القيقية‪ ،‬سوف نشهد نوّ‬
‫للدعائيي النادين بـ«الوية الجاب»‪ ،‬يتنازعن الزنُ والغضبُ‪.‬‬ ‫الطاب السلمي وخطاب اليمي التطرف‪ ،‬متشاركي بذق‪ ،‬متواطئي‬
‫هل سنصحو أخيا؟‬ ‫موضوعيا‪ ،‬واحدها يغذي الخر بالتبادل‪.‬‬
‫اللصة‪ ،‬ل أستطيع إل أن أتوجه إل الس السليم وإل الشعور‬
‫بالسؤولية‪ .‬هذا النداء موجه إل الفرنسيي جيعا والهاجرين القادمي من‬
‫البلدان السلمة‪ ،‬سواء أكانوا لأدريي أم ملحدين أم مؤمني‪ ،‬ول يشعرون‬
‫بكونم معنيي‪ ،‬ل من قريب ول من بعيد‪ ،‬بدالت كنا نتمن أن تكون قد‬
‫ماتت‪ ،‬مثل مكان النساء ف الجتمع؛ وهو موجه إل الذين ل يدون‬
‫أنفسهم أيضا ف الرجعيات الشوشة لوية مشتركة مزعومة‪ ،‬ل يشكل‬
‫الجاب إل واحدا من رموزها؛ والذين ل يريدون أن يظهروا كمتضامني‬
‫مع من يارسون قسرا هجيا يفرضون بواسطته على أجساد البنات‬
‫القاصرات وعلى نفوسهن علمات ل تحى تصيبهن بصدمات عميقة‪.‬‬
‫ينبغي على هؤلء جيعا خرق جدار الصمت‪ ،‬هذا الصمت الذي يكن أن‬
‫يُعتَب برهانا على تواطئهم أو على عدم اهتمامهم‪.‬‬
‫يتوجه هذا النداء أيضا إل الثقفي الفرنسيي وإل الشخاص ذوي‬
‫الرادة الطيبة‪ .‬ليكن باستطاعة اللوات والذين هم اليوم مثلو اللغة والفكر‬
‫الفرنسيي إدراك خطورة وسرعة التقهقر الذي ينم عنه وجود جدل حول‬
‫«الجاب ف الدرسة»‪ .‬ليكن بقدورهم التخلي عن الذر‪ ،‬والب‪ ،‬أو‬
‫الشكوك الت أثارتا لدى كثيين منهم تارب التاريخ الريرة‪ ،‬أو إدراك‬
‫إخفاقاتم أو أخطائهم‪ .‬ليكن بوسعهم العودة إل مثالية عصر التنوير دون‬
‫أن تعميهم أنواره‪ ،‬والعثور على آثار التقدم هناك حيث توجد‪ ،‬دون أن‬

‫‪12‬‬

Vous aimerez peut-être aussi