Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
إسقاطات تاريخية:
إن عام 115ق م تاريخ مشهور عند العرب حيث دونته كل شعوبهم وقبائلهم وهو
اليوم الذي أنهدم فيه سد مأرب الشهير والذي كان قد بناه الملك عامر الملطوم الزدي
جد الدواسر والذي دفع العديد من القبائل العربية إلى الهجرة في جميع المصار.
في القرن الول الميلدي تقريبا عقب سيل العرم من اثر انهدام السد الشهير بمأرب
كانت مذحج قبيلتي (جنب وشمران)من القبائل النازحة والمهاجرة تاركة اليمن وقاصدة
مكانا اخر للعيش فيه ,إقتربت مذحج من مكة واوديتها فرأت أن خزاعة قد سبقتها إليها,
ورأت أن مكة يسكنها من القبائل العدنانية بني عدوان ونضر وسدانة والبطحاء ,فتكاتف
العدنانيون واتحدوا ضد هذا النزوح الذي اعتبروه استيطانا سافراً والتحم الطرفان في
حرب طاحنة تعرف بيوم البيداء بقيادة عامر بن الظرب العدناني ,الملقب بالعدواني,
وانتصر على قحطاني مذحج وأجبرهم على النزوح إلى تهامة وهي سلسلة الجبال التي
تحجز شرق شبه الجزيرة عن غربها.
وصف ابن الظرب يوم البيداء ,فأنشد:
ومن ذالك الوقت الى يومنا هذا وما زالت “شمران العصاة” تسكن تهامة وقريبا من
مكة ولها بعض العوائل القديمة التي تسكن مكة المكرمة .وبذالك فإن شمران كانت
معروفة في الجاهلية قبل ان تسكن السراه في القرن الثالث والرابع الهجري وكانت من
عتاة مذحج الطعان ومن جنب ,فأحياناً تأتي تحت مسمى مذحج واحيانا تحت مسمى
جنب واحيانا تأتي صريحة هكذا كما اورد ذكرها ابن الظرب ,وهذا ان دل عل شيء
فإنما يدل على قوة شمران وسطوتها ناهيك عن اخوانها الجنبيين والمذحجيين ,ولكن
في نهايات القرن الثالث الهجري وبدايات القرن الرابع الهجري توسعت شمران في
نفوذها الى الحجاز اعالي السراة ,ونجد في تبالة وبيشة ,وكان قبلها هاهناك شهران
واكلب وناهس فتحالفت مع تلك القبائل تحت اسم الحلف التاريخي الشهير خثعم حيث
قاموا بنحر جمل ثم خثعموا ايديهم بدم البعير ,أي لطّخوا ايديهم وتصافحوا على ان
يكونوا يدا واحدة ,ذاك مايسمى التحالف والحلف وبسبب هذا الحلف وقع الكثير من
النسابة في اخطاء ولكن بقية شمران صريحة ونقية النسب عند اوثق النسابة في جنب
ثم في مذحج ,ولكن بقي الخلف في القبائل الباقية وقد استطاعت شمران ان تفرض
نفسها في هذه الديار الجديدة ,الى ان اصبح يظن الناس وبعض النسابة ان ناهس
واجزاءا من شهران هم من شمران وذالك لشهرتها ولصيتها الذائع.
ويعتبر اسم الحلف تاريخا وفخرا لهذه القبائل الربعة (شمران واكلب وشهران
وناهس ) وليس نسبا او جدا ,آثرت كل قبيلة ان تستقل باسمها ونسبها الول القديم,
فمنها شمران وهم ابناء يزيد بن جنب بن مذحج ,وكذالك شهران وهم ابناء انمار,
وكذالك اكلب وهم ابناء ربيعة التغلبية على ارجح القوال ,وناهس ابناء انمار وهم الن
في شهران وبقي قليل من ناهس تحت اسم خثعم الحلف ,وهم خثعم السيل وتفرعت
بطون من ناهس او خثعم السيل حاليا ,واصبحت لها ايضا استقللية كاملة مثل عليان
والعوامر ,وقد اختلف في عدنانية او قحطانية شهران واكلب (وناهس هم خثعم وعليان
والعوامر اليوم).
اذن لقد مرت شمران عبر مراحل عدة استطاعت فيها ان تذروا سنائم المجد والعل.
ففي الجاهلية كانت مذحج تعابرها من ابناء عمومتها وأنها بطن من بطونها الفتّاكة كما
شمّر يهرعش بن ياسر يهنعم300،م و هو الملك أثناء حكم الملك شمر يهرعش هو َ
الذي تنسب إليه الخبار كثيرا من البطولت والمجاد ،بل هو من أبرز الشخصيات
الملحمية في قصص أهل اليمن ،وقد استطاع هذا الملك أن يوحد الكيانين السياسيين
الباقيين وهما سبأ وحمير في في كيان واحد ،وأقام حكما مركزيا قويا وحمل لقب ملك
سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمانة وانتهت مأرب كعاصمة للبلد وحلت محلها ظفار،
وقد عرفت هذه الفترة التي تبدأ بتوحيد المناطق اليمنية في وطن واحد وسلطة واحدة
مركزية عاصمتها ظفاربفترة حمير ،وهي الفترة التي بقيت ذكراها عالقة في أذهان
الناس ،وتناقل الرواة أخبارها قبل السلم أكثر من أية فترة سابقة في تاريخ اليمن
القديم.
البجدية السبأية
كتابة سبأية.
إذا طبقنا الحرف السبأية على النص نجد أن الترجمة أتت من أبجدية مختلفة
عميمر بن معد كري بحق
عب عم حص غق حقم اكين
يترعبك مقح عبضط
عندعب طضبع ميمخ
عدم عبكر كعب بم
ع ميرم عب يمعه
عضرخم ك
ويذكر نقش يمني أن عامل شَمّر يهرعش 300م في صعدة ريمان ذو حزفر اشترك في
عدة حملت وجهها هذا الملك شمال ،ثم استمر غازيا ،أو في سرية حتى بلغ أرض
تنوخ ،وتنوخ هو اتحاد القبائل العربية الذي كان أساس ما عرف بعد ذلك بدولة
اللخميين في الحيرة ،ويبدو أن امرؤ القيس بن عمرو من مؤسسي تلك الدولة – كان
ممن وقف في سبيل تلك الحملة اليمنية ،ويذكر نقش النمارة الذي عثر عليه على قبر
امرئ القيس أنه قام بحملت عسكرية باتجاه جنوب الجزيرة بلغت نجران مدينة شمر ،
ويشهد نقش عامل شمر يهرعش على أن كل شبه الجزيرة العربية كانت امتدادا حيويا
للدولة اليمنية حيث ل حدود إل حدود القوة والتمكن ،ويؤكد ذلك أيضا الحملت
العسكرية المظفرة التي شنها خلفاء شمر يهرعش في منتصف القرن الرابع الميلدي
في نجد والبحرين على الساحل الغربي للخليج العربي.
نقش النمارة :
يقال أنه مكتوب بالحرف النبطية ,ولكن إذا دققنا وقارنا الحرف النبطية مع النقش
لوجدنا أن النقش نبطي ولكن بشكل موصل تماماً كما يكتب الخط الشوري ,والذي هو
بداية ولدة الخط العربي الغساني مع بعض الختلفات :
كإختلف حرف الهاء ,والشين وغياب حرف الصاد ,والطاء والضاد والثاء وتشابه
حرفي الراء والدال ,وزيادة الهمزة ,حيث أن عرب مكة لم يستعملوا الهمزة في كتاباتهم
غير أن الغساسنة كانوا يستخدمونها كما نرى من نقش النمارة هذا.
تنوخ :
ورد ذكر تنوخ في النصوص السبئية والحميَرية وفي الكتابات الحسائية وفي
كتب بطليموس .حيث تشكلت قبيلة تنوخ من اتحاد قبلي شمل أكبر القبائل العربية،
ضمت:الزد،قضاعة ،وقبيص ،وإياد ،وتميم ،والعماليق .واتفق زعماء هذه القبائل على
تمليك زعيمهم مالك بن فهم الدوسي الزدي والمناداة به ملك ًا على المنطقة المحصورة
بين نجد غرباً والخليج العربي شرقاً وحدود عُمان جنوباً ،وحدود البصرة شمالً ،وقد
سميت هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة بالبحرين.
ومن تاريخ المناطق الشمالية التابعة للفرس نورد لكم نبغة تاريخية عن أراضيها
وسكانها الصليون حيث يعتبر وادي الرافدين في المنظار الضيق ،هو الرض
المحصورة بين نهري دجلة والفرات ،شمالي أو شمالي غرب التخصر الواقع عند
بغداد ،في العراق الحديث ،والمسماة الجزيرة .وجنوبي هذه المنطقة الممتدة من الخليج
العربي من الجنوب الشرقي الى قمم جبال طوروس في الشمال الغربي وتحدها جبال
زاغروس من الشمال الشرقي والهضبة العربية من الجنوب الغربي.
ان التفوق التراثي للقسم الشمالي لبلد مابين النهرين والذي استمر لغاية حوالي
4000ق.م ،كان قد سبقه سكان الجنوب عندما استجاب السكان هناك الى التحدي الذي
يفرضه الموقف عليهم.
من النادر ان تتوسع المبراطوريات على مساحات واسعة تؤمن لنفسها واردات وذلك
بسلب او اخضاع المناطق المجاورة.
ان المادة الخام التي اختصت بها حضارة بلد مابين النهرين هي الطين ,من خلل
المعالم المعمارية المبنية من اللبن ومن اعداد وانواع التماثيل الصغيرة وابداعات
الفخاريات ،تحمل حضارة بلد مابين النهرين الطابع الطيني كما ل تحمله حضارة
اخرى ،ول يوجد مكان آخر في العالم عدا بلد مابين النهرين ،والمناطق الذي بسطت
نفوذها عليها ،استخدم فيها الطين كواسطة للكتابة .ان مصطلحات مثل " الحضارة
المسمارية" "،الدب المسماري" ،و "القانون المسماري" ل يمكن ان تنطبق ال اناس
يمتلكون فكرة استخدام الطين الطري ل لصنع اللبن والجرار والتي كانت تختم لبيان
ملكيتها فحسب ولكن ايضا كواسطة لوضع علمات تدل على معان – انجازات ذكية ادت
الى اختراع الكتابة.
الكتابة المسمارية
امتلكت بلد مابين النهرين العديد من اللغات والحضارات؛ تاريخها مجزء الى عدة
فترات وعصور؛ ليس فيها وحدة جغرافية حقيقية ،وفوق كل شئ ل توجد عاصمة
دائمة ،فهي باختلفاتها تبرز متميزة عن باقي الحضارات ذات السياق الواحد.
تشكل النصوص والهياكل عامل توحيد ،ولكن حتى في هذه تظهر بلد مابين النهرين
ميل الى التعددية والتنوع ,جرى تصفح العديد من الوثائق المكتوبة والعديد منها غالبا
من نص واحد فقط .احتوت الهياكل على اكثر من 1000معبود ،حتى انه قد انطبق
العديد من السماء المقدسة على قائمة اسماء مختلفة لله واحد .ولقد أثرت كل حقبة
من الزمن على الحقبات التي تتالت على هذه الرقعة الجغرافية فممكن أن نعتبر أن
الحضارة السومرية التقليدية قد اثرت بالحضارة الكدية ،وامبراطورية اور الثالثة،
والتي مثلت بذاتها مركبا سومريا اكديا ،والذي ظهر نفوذه في الربع الول من اللفية
الثانية قبل الميلد.
يدين عالم الرياضيات والفلك بالكثير الى البابليين – مثل ،ان النظام الستيني لحساب
الوقت والزوايا والذي ل يزال عمليا بسبب قابلية القسمة للرقم 60؛ ان يوم الغريق
المؤلف من ضعف 12ساعة؛ والبراج الفلكية واشاراتها .وعلى اية حال ففي الكثير
من الحالت تبقى الصول ووسائل اقتباس غامضة ،كما هي الحال في مشكلة بقاء
النظرية القانونية لبلد مابين النهرين.
يمكن التعبير عن مآثر الحضارة نفسها بذكر افضل نقاطها – الخلقية ،والجمالية،
والعلمية ،و اخيرا وليس آخرا الدبية .ان النظرية القانونية ازدهرت وكانت متميزة في
البداية ،والتي عبر عنها بعدة مجموعات من القرارات القانونية ،والتي سميت بشرائع
والتي كانت افضلها شريعة حمورابي .وخلل كل هذه الشرائع يتكرر اهتمام الحاكم
بالضعيف والرملة واليتيم – حتى وان بدت النصوص احيانا وللسف تكرار ادبي.
ذكرت بلد ما بين النهرين في العهد القديم ماعدا بناء برج بابل في قرائن تاريخية حيث
غير ملوك آشور وبابل مجريات الحداث في فلسطين :وخاصة تيكلث بليصر الثالث
وسنحاريب بسياستهما التهجيرية والسبي البابلي الذي قام به نبوخذنصر الثاني .ومن
الغريق ،هيرودوتس الهاليكارنيسوس (القرن الخامس ق م في عصر خرخس الول و
ارتاخرخس الول) كان اول من ذكر عن " بابل والباقي من آشور" في ذلك التاريخ
كانت المبراطورية الشورية قد اندحرت منذ مايزيد عن 100عام .لقد ساهم
"خينوفون" في الحملة ( خلل 399 – 401ق م ) ضمن المرتزقة الغريق الذين
عبرو بلد الناضول وشقوا طريقهم على طول الفرات الى منطقة بغداد ،وعادوا صعودا
باتجاه دجلة بعد معركة "كوناكسا " المشهورة .في هذه الرواية يصف "خينوفون"
الصراع الخير بين سيروس الثاني والمبراطورية البابلية الجديدة .في النهاية تبنى
الغريق جميع اشكال القصص البديعة عن الملك نينوس والملكة سميراميس والملك
ساردانوبولوص .توصف هذه القصص عموما في العمال التاريخية ل داريوس
سيسوليوس ( القرن الول ق م ) والذي وضعها في تقرير اطباء الغريق ستيسياس (
359 – 405ق م) .
راى هيرودوتس بابل بام عينه واعطى خينوفون درجا لرحلته ومعاركه .كتب جميع
المؤرخين اللحقين بدرجة ثانية او ثالثة ماعدا بيروسوس ( 340ق م) والذي هاجر
بعصر متطور الى جزيرة كوس في بحر ايجة حيث قيل انه الف ثلثة كتب عن بابل.
وللسف لم ينج منها عدا مقاطع اعدها احد متعددي الثقافة الذين عايشو السكندر
( القرن الول ق م) والذي بدوره عمل كمصدر لب الكنيسة يوسيبيوس ( 342م).
وتطورت بعد ذلك جهود حل رموز الخط المسماري تدريجيا لتصبح فرعا من دراسة
اللغات الشرقية القديمة ،كانت قائمة ملوك السومريين على مر الزمان مركزا للهتمام.
ان هذا هو انشاء ادبي ،يعود الى ايام بابل الولى والذي يصف الملوكية ( نام لوكال
بالسومرية) في بلد مابين النهرين من العصور البدائية الى نهاية سللة إيسن الولى.
وحسب النظرية – او الفكرة – لهذا العمل ،كان هناك رسميا ملوكية واحدة في بلد
مابين النهرين ،والتي كانت منوطة بمدينة معينة واحدة في زمن معين؛ وعليه فان تغير
السللت قد جلب معه تغيرا في كرسي الملكية:
كيش –اوروك – اور – اوان – كيش – همازي – اوروك – اور – اداب – ماري –
كيش – اكشاك – كيش – اوروك -اكد – اوروك – غوتيانس – اوروك – اور – إيسن.
ان قائمة الملوك تعطينا حسب تسلسلها عدة سللت والتي تعرف اليوم بانها حكمت في
وقت واحد .انها وسيلة مفيدة للتواتر الزمني والتاريخ ،ولكن اما بالنسبة لسنوات حكم
ملك معين ،فانها تفقد قيمتها بالنسبة للزمن الذي يسبق سلللة اكد ،حيث ان هنا تكون
المدة التي حكم بها كل ملك او حاكم اكثر من 100سنة واحيانا عدة مئات من السنين.
اعتمدت مجموعة واحدة من قوائم الملوك قصة الطوفان التقليدية السومرية ،والتي
استنادا لها فان كيش كان المقعد الملكي الول بعد الطوفان ،في حين ان خمس سللت
للملوك البدائيين حكموا قبل الطوفان في اريدو ،باد-تبيرا ،لراك ،سيبار ،و شروباك.
الساسانيين :
كانت بلد مابين النهرين عند نهاية المبراطورية الخمينية مقسمة الى ولية بابل في
الجنوب ،في حين ان القسم الشمالي من بلد مابين النهرين ضم الى سوريا ضمن ولية
اخرى .ل يعرف كم استمر هذا التقسيم ،ولكن عند وفاة السكندر الكبير في 323ق م ،
سلخ شمال مابين النهرين من ولية سوريا واصبح ولية منفصلة.
عانت بلد مابين النهرين من الحروب التي خاضها خلئف السكندرالكبير من خلل
عبور تلك الجيوش وعمليات السلب التي اقترفوها .وعندما قسمت امبراطورية
السكندر في 321ق م ،استلم احد قادته سلجوق ( وعرف فيما بعد بسلجوق الول
نيكاتور) حكم ولية بابل .وعلى اية حال فمنذ حوالي 312ق م استولى انتيكونس
الول مونوفثالموس (اي العور) على حكم الولية كحاكم لكل بلد مابين النهرين،
وهزم سلجوق وقبل اللجوء في مصر .وبمساعدة البطالمة المصريين تمكن من دخول
بابل في 312ق م ( حسب اعتقاد البابليين في ) 311وتمكن من الثبات بها لفترة
قصيرة تجاه جيوش انتيكونس قبل التجاه شرقا حيث اسس حكمه .ل يعرف بالتاكيد
متى عاد الى بابل واعاد ملكه هناك؛ قد يكون في ، 308ولكن في 305اطلق على
نفسه لقب ملك .باندحار وموت انتيكونس في معركة ايبسوس في 301اصبح لسلجوق
امبراطورية كبيرة تمتد من افغانستان الحالية الى البحر المتوسط .واسس العديد من
المدن اهمها مدينة سلجوقيا على دجلة ومدينة انطاكية على نهر ارونتس في سورية.
سميت المدينة الخيرة على اسم ابيه او ابنه فكلهما يحمل اسم انطيوخوس ،واصبحت
انطاكية العاصمة الرئيسة في حين اصبحت سلجوقية العاصمة للمقاطعات الشرقية.
ل يعرف تاريخ تاسيس هاتين المدينتين ولكن من المفترض ان سلجوق اسس سلجوقية
بعد ان اصبح ملكا ،ولكن انطاكية تاسست بعد دحره لجيش انتيكونس.
نادرا مايذكر اسم بلد مابين النهرين في المصادر الغريقية فيما يخص السلجقة ،لن
حكام السلجقة كانوا مشغولين مع اليونان والناضول وبحروب مع بطليموس مصر في
فلسطين وسورية .حتى ان التقسيم السياسي لبلد مابين النهرين ليس محددا خاصة
وان كل من السكندر وسلجوق وابنه اطيوخوس الول سوتر اسسوا مدنا كانت مستقلة
مثل "بولس" الغريقية .ان تقسيم الرض سياسيا الى 19او 20ولية ،والذي وجد
اخيرا تحت حكم البارثيين ،بدأ اساسا تحت حكم السلجقة .ولكن يمكن تقسيم بلد مابين
النهرين جغرافيا ،الى اربعة مناطق :كراسين ( وتدعى ايضا ميسين ،في الجنوب؛ وبابل
والتي سميت بعدئذ اسورستان ،في الوسط؛ وشمال مابين النهرين ،حيث كانت هناك
فيما بعد سلسلة من الوليات الصغيرة مثل كوردين ،اوسرون ،اديابين ،وكراميه،
واخيرا مناطق الصحاري في شمال الفرات ،والتي اطلق عليها في عهد الساسانيين
عربستان.لهذه المناطق الربعة سجلت تاريخية مختلفة الى غاية الحكم العربي في
القرن السابع ،بالرغم من ان جميعها كانت تابعة للسلجقة اول ثم البارثيين
والساسانيين .كانت قسم من هذه المناطق مستقلة تماما نظريا وعمليا ،ولبعض الوقت،
في الوقت الذي تباينت العلقة بين بعض المدن مع الحكومة القليمية وكذلك الحكومة
المركزية .عرف من خلل الكتابات المسمارية ان الحكومات في بلد مابين النهرين قد
مارست طقوس الديانات التقليدية اضافة الى التقاليد الخرى ،كانت هناك بعض المراكز
الغريقية مثل سلجوقية وجزيرة ايكاروس ( جزيرة فيلكه الحالية) حيث كانت تمارس
تقاليد المدن الغريقية .اما المدن الخرى فكان فيها القليل من الموظفين الغريق او
المعسكرات ولكنها استمرت بممارساتها السابقة.
الكتابة الساسانية
بعد وفاة جذيمة البرش تولى عمرو بن عدي أمور تنظيم الحكم ،وحكم العراق وإقليم
البحرين نحو عشرين سنة خلل هذا الفترة حدثت حروب مع عدد من الممالك المحاذية،
بعد قيام دولة الساسانيين في إيران وبعد غزو الساسانيين للعراق اضطر عمرو بن
عدي للعتراف بسيادتهم.
عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مسعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن
لخم ( )288 -268أول ملك في سللة ملوك الحيرة ,انتقل إليه الحكم بعد وفاة خاله
جذيمة البرش الذي كان له الفضل في تنظيم أمور الحكم حيث أنه حكم عدة مناطق في
العراق .المعروف أن عمرو بن عدي هو ملك من بني لخم ولكن بعض الخباريين يرجع
أصله إلى الساطرون ملك الحضر ,ويرى بعض الباحثين أنه رابع ملك من أسرة كانت
تحكم حران ثم انتقلت عاصمتهم للحيرة .وصف الطبري عمرو بن عدي بأنه «أول من
اتخذ الحيرة منزلً من ملوك العرب ،وأول من مجده أهل الحيرة في كتبهم من ملوك
العرب بالعراق ،واليه ينسبون ،وهم ملوك آل نصر ،فلم يزل عمرو بن عدي ملكاً حتى
مات ...وكان منفرداً بملكه ،مستبداً بامره ،يغزو المغازي ويصيب الغنائم ،وتفد عليه
الوفود دهره الطول ،ل يدين لملوك الطوائف بالعراق ،ول يدينون له ،حتى قسم
أردشير بن بابك في أهل فارس» .أي انه كان مستقل بحكمه قبل غزو الساسانيين
للعراق ولكن بعد قيام دولة الساسانيين اضطر عمرو للعتراف بسيادتهم ,ونجد اسمه
في نقش "نرسي" ضمن قائمة الملوك الذين اعترفوا بسلطان الساسانيين عليهم.
جذيمة البرش هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدال بن
زهران الزدي ،الملك المشهور وأصله من زهران أحد القبائل الزدية ،وكان ثالث ملوك
تنوخ وأول ملك بالحيرة ،وأول من حذا النعال ،وأدلج من الملوك وصنع له الشمع،
وكان شاعراً ،وقيل له البرص والوضاح لبرص كان به ،ويعظم أن يسمى بذلك فجعل
مكانه البرش.
كان جذيمة بن مالك ملكًا على الحيرة والبحرين وعلى ما حولها من السواد ملك خمساً
وسبعين سنة.
وكذلك ذكر في النقوش الثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص
التالي" :جذيمة ملك تنوخ".
نقش أم الجمال.
ويخالط الغموض قصة الحلف التنوخي ،وقيام الممالك العربية في سوريا والعراق ،أل
ان مؤرخي العرب كافة أتفقوا على أن القبائل العربية بعد ان تحالفوا باسم تنوخ
وأسسوا إقليم البحرين تطلعوا إلى العراق ودخلوه ،وكان أول ملك عربي منهم هناك هو
مالك بن فهم ،وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم ،فلما مات عمر تولى الملك جذيمة
البرش.
في أيام جذيمة كان قد ملك الجزيرة وأعالي الفرات ومشارق الشام رجل من العماليق
يقال له عمرو بن الضرب بن حسان العمليقي وجرى بينه وبين جذيمة حروب فانتصر
جذيمة عليه وقتلة.
وكان لعمرو بنت تدعى الزباء واسمها نائلة فملكت بعده وبنت على الفرات مدينتين
متقابلتين وأخذت في الحيلة على جذيمة فأطمعته بنفسها حتى اغتر وقدم إليها فقتلته
واخذت بثأر أبيها.
:المناذرة
النعمان بن امرؤ القيس بن عمرو من أشهر حكام المناذرة حكم في الفترة (-403
431م) ,ويلقب بالنعمان العور و النعمان السائح ,وهو باني الخورنق ,وفي عهده
ازدهرت الحيرة ازدهارا كبيرا لم تشهد مثيله بل واقترن اسمه بالحيرة فعرفت عند
بعض المؤرخين بحيرة النعمان ,وقد وكل الملك الفارسي الساساني يزدجر الول له
رعاية أبنه بهرام الخامس فرباه منذ صغره ثم ساعده النعمان بعد ذلك على تولي
العرش بعد محاولة بعض النبلء اقصاء بهرام ,كان يؤمن بحرية الدين فكان متسامحا
.مع المسيحيين حتى أنه صهر تمثال عشتار الذهبي ووزعه على فقراءهم
خلفه إبنه المنذر بن النعمان بن امرئ القيس سابع ملوك الحيرة .أمه هي هند بنت زيد
مناة بن زيد ال بن عمرو الغساني .وبلغت الحيرة بعهده مبلغا عظيما وصار لها اسم
في التاريخ ,فقد أجبر كهنة الفرس على تتويج بهرام جور الذي رباه أبوه النعمان على
حساب مدع قوي آخر للعرش الفارسي ,وقد شارك في الحروب اتي قامت بين الفرس
والروم ,التي كان سببها اضطهاد المسيحيين في بلد الفرس ,فقد حاصر الروم نصيبين
فأسرع بهرام لنقاذها ومعه المنذر واشترك في المعارك ,كما اتجه للستيلء على
أنطاكية إل انه لم يحقق في ذلك نصرا ,وانتهت المور بعقد الصلح بين الفرس والروم
النعمان بن المنذر بن المنذر بن امرؤ القيس اللخمي الملقب بأبو قابوس (-582
610م) تقلد الحكم بعد أبيه وهو من أشهر ملوك المناذرة في عصر ما قبل السلم ,كان
.داهية مقداماً .وهو ممدوح النابغة الظبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي
وهو باني مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى ,وصاحب يوم البؤس والنعيم ,وقاتل
عبيد بن البرص الشاعر ,في يوم بؤسة ,وقاتل عدي بن زيد وغازي قرقيسيا ( بين
(.الخابور والفرات
وفي الصحاح الجوهري :قال أبو عبيدة “ :إن العرب كانت تسمى ملوك الحيرة – أي
كل من ملكها – (النعمان) لنه كان آخرهم” كان الرش أحمر الشعر ,قصيراً وكانت أمه
.يهودية من خيبر
:مقتله
قد نال ملك الحيرة إرثاً عن أبيه سنة 582م واستمر في الحكم حتى نقم عليه كسرى,
فطلب منه أن يزوجه ابنته فرفض النعمان فما كان من كسرى إل أن عزل النعمان ونفاه
إلى خانقين ,فسجن فيها إلى أن مات .وقيل :ألقاه تحت أرجل الفيلة فوطئته ,فهلك
وكانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أدت لشتعال الحرب بين العرب والفرس في
.معركة ذي قار .والذي انتصر فيها العرب انتصاراً كبيراً
يوم ذي قار هو يوم من أيام العرب في الجاهلية ،وقع فيه القتال بين العرب والفرس
في العراق وانتصر فيه العرب.
كان من أعظم أيام العرب وأبلغها في توهين أمر العاجم وهو يوم لبنى شيبان من بكر
بن وائل ,وقبيلة عنزة بن ربيعه أبناء عمهم وهو أول يوم انتصرت فيه العرب على
العجم وخبره كالتالي :
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي وكان في مجلسه رجل عربي يقال له :زيد بن
عدي وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله فقال له :أيها الملك العزيز إن النعمان
بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه
الصفة.
وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ،فلما دخل على النعمان
قال له :إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولده نساءاً من العرب فأراد كرامتك وهذه هي
الصفات التي يشترطها في الزوجات .فقال له النعمان :أما في مها السواد وعين فارس
ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى وقل له :إن النعمان لم يجد فيمن
يعرفهن هذه الصفات وبلغه عذري .ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره وقال له :إن
النعمان يقول لك ستجد في بقر العراق من يكفينك.
فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه ،ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه،
فعرف النعمان أنه مقتول ل محالة فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ
إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلحه وذهب إلى
كسرى فمنعه من الدخول إليه وأهانه وأرسل إليه من ألقى القبض عليه وبعث به إلى
سجن كان له فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه.
وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبسصة الطائي وكلفه أن يتصل بهانئ
بن مسعود ويحضر ماعنده من نساء النعمان وسلحه وعتاده ،فلما تلقى هانئ خطاب
كسرى رفض تسليم المانات ،فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده أو أن يرحل عن دياره
أو أن يحارب فاختار الحرب وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل
ويشكر وعنزة بن اسد بن ربيعه والنمر بن قاسط وبني ذهل.
وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من قيادات الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية
له وخصوصاً قبيلة إياد ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.
فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ :نحن قدمنا
إلى قتالك مرغمين فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم :بل قاتلوا مع
جنود كسرى واصمدوا إلينا أولً ثم انهزموا في الصحراء وإذ ذاك ننقض على جيش
كسرى ونمزقهم.
وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء ل ماء
فيها ول شجر وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون من
العطش ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت
قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها فضربت فيهم ومزقتهم وقتل كل
قيادات فارس الذين أرسلهم كسرى لحضار هانئ حياً ،فلما رجعت بعض فلول الفرس
إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت.
وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها فلما رآهم كسرى
على ذلك الشكل قال لهم :أين هانئ ؟ وأين قياداتكم الذين ل يعرفون الفرار فسكتوا
فصاح بهم فقالوا :لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة
وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم ،فكاد كسرى يفقد عقله ولم يمضي عليه وقت
قصير حتى مات حسرة فتولى مكانه ابنه شيروية.
وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم
وانقضوا على الجيش الفارسي فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من
بني يشكر اسمه برد بن حارث اليشكري فقتله ،وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء
الجيش الفارسي فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان
بن المنذر ،وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الخوة التي تنتظمهم فانسحب من جيش
فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلن
فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولء لهم ،وعرف العرب أنهم
كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم.
والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز ال
فيها قبائل العرب بنور السلم ونبوة محمد عليه الصلة والسلم.
لقد كوَن المناذرة مملكة قوية من أقوى ممالك العراق العربية قبل السلم فكانت هذه
المملكة هي امتداد للمالك العربية التي سبقتها مثل مملكة ميسان ومملكة الحضر ،وقد
امتد سلطان مملكة المناذرة من بلد مابين النهرين ومشارف الشام شمالً حتى عمان
جنوباً متضمنة البحرين وهجر وساحل الخليج العربي .واستمرت مملكتهم في الحيرة
من ( 266م633 -م) .احتل الفرس تلك المملكة في مهدها فأصبحت مملكة شبه مستقلة
وتابعة للفرس مع ذلك اكملت الحيرة ازدهارها وقوتها .وقد كان لهذه المملكة دور مهم
بين الممالك العربية فقد كان لها صلت مع الحضر وتدمر والنباط والقرشيين فكانت
اللهة في هذه المدن هي نفسها موجودة في الحيرة منها اللت والعزى وهبل ،ومما
يؤكد ذلك الروايات الكثيرة بصلت جذيمة البرش بملكة تدمر زنوبيا مثل وعلقتهم
وعلقة ملوك الحيرة بملوك مملكة الحضر وأحيانا ينسب المؤرخون السللة الحاكمة في
مملكة المناذرة وهم بنو لخم إلى ملوك الحضر في بلد مابين النهرين ,وكذلك نجد في
النقوش الثرية مثل نص أم الجمال الذي كتب بخط نبطي وفيه النص التالي:
"جذيمة ملك تنوخ" وهذا يدل على صلتهم الواسعة بالممالك العربية الخرى هذا سوى
الروايات الكثيرة من المؤرخين ،وكان لمملكة المناذرة سوق من أشهر أسواق العرب
يقام في الحيرة وفي دومة الجندل يتبادل فيه التجار البضائع ومنها البضائع الفارسية
التي يجلبها تجار المناذرة وكذلك يتبادلون الدب والشعر والخطب .أطلق ملوك المناذرة
على أنفسهم لقب "ملوك العرب" ومن المؤكد أن نقش قبر إمرؤ القيس الول المتوفى
سنة ( )288مكتوب عليه "هذا قبر إمرؤ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم" .وهذا
الحاكم له إنجازات عظيمة من تكوين أسطول بحري في البحرين هاجم مدن فارسية إلى
سيطرته على مدن تمتد من العراق حتى نجران.
وكانت كتابة شاهد قبره الذي عثر عليه حديثا هي من أقدم الكتابات بالخط العربي
الحالي المتطورة عن النبطية التيعثر عليها ,لذلك يعتقد العلماء أن الحيرة هي مهد الخط
العربي ويؤيد هذا الرأي المؤرخ البلذري حيث ينسب الكتابة العربية إلى الحيرة
والنبار .كانت الحيرة قاعدة عسكرية كذلك فقد ساند المنذر بن قابوس الجيش الفارسي
في حربهم ضد الرومان في معركة كالينيكوم" قرب الرهافي تركيا حاليا .يروي إبن
قتيبة الحرب الشهيرة بين المناذرة والغساسنة في “يوم حليمة” في بصرى جنوبي
سورية هي مضرب للمثال على شهرتها (ما يوم حليمة بسر).
وجاء في كتاب المؤرخ العربي البلذري أن الخط العربي قد تم إنشاءه من قبل ثلثة
أشخاص اجتمعوا في الحيرة فوضعوا الحرف الهجائية العربية مستبدينها من النبطية
القديمة وهذا هو نص الكتاب حيث قال :
حدثنا عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده ،وعن الشرقي بن
القطامي قال :اجتمع ثلثة نفر من طىء ببقة وهم مرا مر بن مرة وأسلم بن سدرة،
وعامر بن جدرة فوضعوا الخط ،وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية .فتعلمه
منهم قوم من النفار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل النبار .وكان بشر بن عبد الملك أخو
أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة أتجندل يأتي الحيرة
فيقيم بها لحين ،وكان نصرانياً .فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة.
روي أن ابن عباس قال« :أول من كتب بالعربية ثلثة رجال من بولن ،وهي قبيلة
سكنوا النبار .وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصولة .وهم مرار بن مرة
وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة ،ويقال :مروة وجدلة .فأما مرامر فوضع الصور ،وأما
أسلم ففصل ووصل ،وأما عامر فوضع العجام .وسئل أهل الحيرة :ممن أخذتم العربي؟
فقالوا:من أهل النبار» الفهرست ص 7 - 6
قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي
انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع العجام والنقط (نقط المصاحف ج 1 :ص14 :
(حدثني عباس بن هشام بن محمد السائب الكلبي عن أبيه عن جده ،وعن الشرقي بن
القطامي .قال :اجتمع ثلثة نفر من طيء ببقة ،وهم مرامر بن مرة ،وأسلم بن سدرة
وعامر بن جدرة ،فوضعوا الخط ،وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه
منهم قوم من أهل النبار ،ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل النبار()،فتوح البلدان ج 1ص
)737
-قيل لبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من
واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة غير
متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء السلم لم يكن بجميع اليمن من يقرأ
ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون بالعبراني
سير أعلم النبلء ج 17 :ص319 :
-قال له أسلم بن سدرة وسأله ممن اقتبستها فقال من واضعها رجل يقال له مرامر بن
مروة وهو رجل من أهل النبار فاصل الكتابة في العرب من النبار وقال الهيثم بن عدي
وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند.
وبعد وفاة إمرؤ القيس في عام 338م بدأ الساسانيون العمليات الهجومية ثانية في
عهد شابور الثاني ،واستمرت الحرب الولى من 337لغاية 350؛ وانتهت من دون
نتيجة لكون الرومان قد دافعوا عن نصيبس بنجاح .وفي عام 359غزا شابور
الراضي الرومانية ثانية واحتل قلعة اميدا الرومانية بعد حصار طويل ومكلف.وفي عام
363تقدم المبراطور جوليان الى ضواحي المدائن ،حيث توفى ،ليخلفه جوفيان الذي
خسر نصيبس واراضي اخرى في الشمال الى الساسانيين .اما الحرب التالية فاستمرت
من 502الى 506وانتهت دونما تغيير .واندلعت الحرب ثانية في 527واستمرت
لغاية 531وحتى الجنرال البيزنطي بيليساريوس لم يكن قادرا على السيادة؛ كالمعتاد،
بقيت الحدود على حالها دون تغيير .وفي عام 540غزا الملك الساساني خسرو الول
(خسرويس) سوريا وحتى استولى على انطاكيا ،بالرغم من ان العديد من القلع خلفه
في شمال بلد مابين النهرين بقيت بايدي البيزنطيين .وبعد قتال كر وفر ،تم الجنوح الى
السلم في . 562استمرت الحرب مع المبراطورية البيزنطية لعشر سنوات اخرى،
واستمرت في عهد من خلف خسرو ،هرمزد الرابع .ولم يستعيد البيزنطيون اراضيهم
في شمال بلد مابين النهرين ال في 591حيث هبوا للمساعدة في استعادة العرش
الساساني الى خسرو الثاني الذي فر لجئا الى الراضي البيزنطية .وبمقتل المبراطور
البيزنطي موريس في 602والذي كان لصالح خسرو ،واغتصاب فوكاس للعرش ،فقد
وجد خسرو الثاني فرصته الذهبية لتوسيع الملكية الساسانية وللثأر الى موريس.
استولت الجيوش الفارسية على كل شمال مابين النهرين وسوريا وفلسطين ومصر
وبلد الناضول .وبحلول 615كانت القوات الساسانية في خالقيدونية مقابل
القسطنطينية .وتغير الموقف تماما بمجئ المبراطور البيزنطي الجديد هرقل ،الذي ،قام
بحملة تحد شجاعة الى قلب اراضي العدو في 623م – 624م ،وهزم الساسانيين في
ميديا .وتقدم في م 628 – 627م باتجاه المدائن ولكنه انسحب بعد ان نهب القصور
الملكية في داستاكرد شمال المدائن.
وبعد وفاة خسرو الثاني ،كانت بلد مابين النهرين مدمرة ،ليس من جراء القتال وحسب
بل من فيضانات دجلة والفرات ،ومن انتشار الطاعون ،ومن التتابع السريع للحكام
الساسانيين الذي اوجد حالة من الفوضى .واخيرا في 632فرض آخر الملوك يزدجرد
الثالث النظام والستقرار ،ولكن في السنة التالية بدأ التوسع العربي السلمي وانتهت
المبراطورية الساسانية بعد بضع سنوات من ذلك.
:يوم حليمة
اقتباس:
لما تولى المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة ،واستقر في ملكه سار إلى الحارث
الغساني ملك الغساسنة طالباً بثأر أبيه عنده ،وبعث إليه :إني قد أعددت لك
الكهول على الفحول ،فأجابه الحارث :قد أعددت لك المرد على الجرد .وسار
المنذر حتى نزل بمرج حليمة ،وسار إليه الحارث أيضاً ،ثم اشتبكوا في القتال ،
ومكثت الحرب أياماً ينتصف بعضهم من بعض.
فلما رأى ذلك الحارث قعد في قصره ،ودعا ابنته حليمة ،وكانت من أجمل النساء
،فأعطاها طيباً وأمرها أن تطيب من مر بها من جنده ،فجعلوا يمرون بها
وتطيبهم ،ثم نادى :يا فتيان غسان ،من قتل ملك الحيرة زوجته ابنتي .فقال لبيد
بن عمرو الغسائي لبيه :يا أبت ؟ أنا قاتل ملك الحيرة أو مقتول دونه ل محالة ،
ولست أرضى فرسي فأعطني فرسك ،فأعطاه فرسه ،فلما زحف الناس واقتتلوا
ساعة شد لبيد على المنذر فضربه ضربة ،ثم ألقاه عن فرسه ،وانهزم أصحاب
المنذر من كل وجه ،ونزل لبيد فاحتز رأسه ،وأقبل به إلى الحارث وهو على
قصره ينظر إليهم ،فألقى الرأس بين يديه ،فقال له الحارث :شأنك بابنة عمك –
أي حليمة ، -فقد زوجتكها .فقال :بل أنصرف فأواسي أصحابي بنفسي ،فإذا
انصرف الناس انصرفت.
ورجع فصادف أخا المنذر قد رجع إليه الناس وهو يقاتل ،وقد اشتدت نكايته ،
فتقدم لبيد فقاتل حتى قتل ،ولكن لخماً انهزمت ثانية ،وقتلوا في كل وجه،
وانصرفت غسان بأحسن الظفر ،بعد أن أسروا كثيراً ممن كانوا مع المنذر من
العرب .وكان من أسرهم الحارث مائة من بنى تميم ،فيهم شأس بن عبدة ،ولما
سمع أخوه علقمة وفد إليه مستشفعاً ،وأنشده هذه القصيدة ،ومما قيل فيها:
إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي ................لكلكلها والقصـر بين وجيب
لتبلغني دار امرئ كان نائيــــــــا...........فقد قربتني من نداك قـروب
وأنت امـرؤ أفضت إليك أمانتي ...................وقبلك ربتني فضعت ربــوب
فأدت بنو كعب بن عوف ريبها...................وغودر في بعض الجـنود ربيب
فوال لول فارس الجـون منهم ..................لبوا خـزايـا والياب حبــيب
تقدمــه حتى تغيب حجــولــــه ...............وأنت لبيض الدار عين ضروب
مظاهر سربالي حديد عليهمــا.......................عقيل سيوف مخذم ورسوب
فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم..................وقد حان من شمس النهار غروب
وقاتل من غسان أهل حفاظه .......................وهنب وفأس جـالدت وشبب
تخشخش أبدان الحديد عليهـم ...................كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
تجـود بنفس ل يجاد بمثلهــــا ...............وأنت بها يوم اللقــاء خصيب
كأن رجال الوس تحت لبانــه ......................وما جمعت جل معاً وعتيب
رغا فوقهم سقب السماء فداحض .....................بشكته لم يستلب وسـليب
كأنهم صابت عليهـم سحابـة .........................صواقعها لطيرهـن ريب
فلم تنج إل شطبـة بلجامهـــا ...................وإل طمر كالقناة نجيب
وإل كمي ذو حفــاظ كأنه ....................بما ابتل من حد الظباة خصيب
وأنت الذي آثاره في عـدوه....................من البؤس والنعمى لهن ندوب
وفي كل حي قد خبطت بنعمة .......................فحث لشأس من نداك ذنوب
فل تحرمني نائلً عن جنابة ....................فإني امرؤ وسط القباب غريب
ولما بلغ إلى قوله ( :فحق لشأس من نداك ذنوب) ،قال الملك :أي وال وأذنبة ،
ثم أطلق شأساً وقال له :إن شئت الحباء ،وإن شئت أسراء قومك .وقال لجلسائه
:إن اختار الحباء على قومه فل خير فيه ،فقال :أيها الملك ،ما كنت لختار على
قومي شيئ ًا ،فأطلق له السرى من تميم وكساه وحباه ،وفعل ذلك بالسرى
جميعهم وزودهم زاداً كثيراً ،فلما بلغوا بلدهم أعطوا جميع ذلك لشأس وقالوا له
:أنت كنت السبب في إطلقنا ،فاستعن بهذا على دهرك ،فحصل له كثير من إبل
وكسوة وغير ذلك.
وفي هذا اليوم ضرب المثل :ما يوم حليمة بسر .
إنتهى القتباس.
ملوك غسان:
وكانوا عمالً للقياصرة على عرب الشام وأصل غسان من اليمن من بني الزد ابن
الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلن بن سبا.
تفرقوا من اليمن بسيل العرم ونزلوا على ماء بالشام يقال له غسان فنسبوا إِليه
وكان قبلهم بالشام عرب يقال لهم الضجاعمهَ من سليح بفتح السين المهلة ثم لم
مكسورة وياء مثناه من تحتها ثم حاء مهملة فأخرجت غسان سليحاً عن ديارهم
وقتلوا ملوكهم وصاروا موضعهم.
وأول من ملك من غسان جفنة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا وكان
ابتداء ملك غسان قبل الِسلم بما يزيد على أربعمائة سنة وقيل أكثر من ذلك ولما
ملك جفنة المذكور وقتل ملوك سليح دانت له قضاعة ومن بالشام من الروم.
وبنى بالشام عدة مصانع ثم هلك.
وملك بعده ابنه عمرو بن جفنة وبنى بالشام عدة ديورة منها دير حالي ودير أيوب
ودير هند.
ثم ملك بعده ابنه ثعلبة بن عمرو وبنى صرح الغدير في أطراف حوران.
مما يلي البلقاء ثم ملك بعده ابنه الحارث بن ثعلبة.
ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث وبنى القناطرْ واذرع والقسطل.
ثم ملك بعده ابنه الحارث بن جبلة وكان مسكنه بالبلقاء فبنى بها الحفير ومصنعه.
ثم ملك بعده ابنه المنذر الكبر بن الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ابن عمرو
بن جفنة الول ثم هلك المنذر الكبر المذكور وملك بعدها أخوه النعمان بن
الحارث.
ثم ملك بعده أخوه جبلة بن الحارث ثم ملك بعدهم أخوهم اليهم بن الحارث وبنى
دير ضخم ودير البنوة
ثم ملك أخوهم عمرو بن الحارث ثم ملك جفنة الصغر بن المنذر الكبر وهو الذي
أحرق الحيرة وبذلك سموا ولده آل محرق.
ثم ملك بعده أخوه النعمان الصغر بن المنذر الكبر ثم ملك النعمان ابن عمرو بن
المنذر وبنى قصر السويدا ولم يكن عمرو أبو النعمان المذكور ملكاً وفي عمرو
المذكور يقول النابغة الذبياني:
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ....لوالده ليست بذات عقارب
ثم ملك بعد النعمان المذكور ابنه جبلة بن النعمان وهو الذي قاتل المنذر ابن ماء
السماء وكان جبلة المذكور ينزل بصفين.
ثم ملك بعده النعمان بن اليهم بن الحارث بن ثعلبة ثم ملك أخوه الحارث بن اليهم
ثم ملك بعده ابنه النعمان بن الحارث وهو الذي أصلح صهاريج الرصافهَ وكان قد
خربها بعض ملوك الحيرة اللخميين.
ثم ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان ثم ملك أخوه عمرو بن النعمان ثم ملك أخوهما
حجر بن النعمان ثم ملك ابنه الحارث بن حجر ثم ملك ابنه جبلة بن الحارث ثم ملك
ابنه الحارث بن جبلة ثم ملك ابنه النعمان بن الحارث وكنيته أبو كرب ولقبه قطام.
ثم ملك بعده اليهم بن جبلة بن الحارث وهو صاحب تدمر وكان عامله بقال له
القين بن خسر وبنى له بالبرية قصراً عظيماً ومصانع وأظن أنه قصر برقع.
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن جبلة ثم ملك بعده أخوهما شراحيل بن جبلة ثم ملك
أخوهم عمرو بن جبلة ثم ملك بعده ابن أخيه جبلة بن الحارث بن جبلة.
ثم ملك بعده جبلة بن اليهم بن جبلة وهو آخر ملوك غسان وهو الذي أسلم في
خلفة عمر رضي الّ عنه ثم عاد إِلى الروم وتنصر وسنذكر ذلك في خلفة عمر
إِن شاء الّ تعالى وقد اختلف في مدة ملك الغساسنة فقيل أربعمائة سنة وقيل
ستمائة سنة وبين ذلك.
قامت في الشام قبل السلم ثلث دول هي دولة النباط في الجنوب ودولة تدمر في
الشمال ودولة الغساسنة في الوسط.
دولة النباط :
قامت هذة الدولة في القرن الساس قبل الميلد في المنطقة الواقعة اليوم في
الردن,
وكان التنقل والترحال الطابع السائد بين قبائل النباط .
البتراء عاصمة النباط.
واخيرا بدا استقرارهم في اواخر القرن الثاني قبل الميلد واشتغلو في الزراعة
والتجارة وكانت عاصمتهم البتراء بسبب موقعها الطبيعي.
ويعتبر الملك الحارث الثالث 62 -87قبل الميلد من اشهر ملوكهم والمؤسس
لدولة النباط ,فقد ههم هذا الملك جيش اليهود عدة مرات وحاصرو اورشليم وقد
اصبح حاكما لدمشق سنة 85ق.م
وقد سك الحارث الثالث مسكوكات نبطية على طراز مسكوكات البطالمة (اليونان)
وقد نقش الملك النبطي على مسكوكاتهة راس رجل بوضع جانبي متجة نحو
اليمين (يحتمل ان تمثل الحارث نفسه) ,اما الجانب الخر للمسكوكة فانها تحمل
صورة امراة ونقش الحارث اسمة ولقبهة بالحروف اليونانية .
عملت نبطية
وقد سك الملك النبطي عبادة الثاني مسكوكات فضية نقش عليها صورة لراس رجل وعلى
الوجة الخر لطائر النسر وعليها كتابة نبطية نصها ((الملك عبادة ملك النباط)) وتاريخ
السنة الثانية من حكمة وتطورت النقود النبطية منذ حكم الملك عبيدة الثالث 9-28ق.م .
حيث حملت المسكوكات النبطية صورة الملك والملكة ويبدو ان ملوك النباط كانو قد
تزوجوا من شقيقاتهم مقلدين بذلك عادات الفراعنة والبطالمة ,وقد ضهر على مسكوكات
) الملك النبطي مالكو الثاني 70-40م وهو ابن الحارث الرابع عبارة (شقيقة الملك
وقد اصبحت بلد النباط تحت السيطرة الرومانية خلل حكم الملك النبطي رابيل الثاني
106-71م
ابن الملك النبطي مالكو الثاني الذي يعد اخر ملوك النباط بعد ذلك ضعفت دولة النباط
بتحول طرق التجارة التي كانت تمر بعاصمتهم البتراء التي كانت تربط الشرق بالغرب
.والشمال بالجنوب
:الحجاز
لقد ذهب الكثيرون من الناس إلى أنّ العرب كانوا على أصل ولدة أمّهم ،لم يتعلموا
الكتابة ول الحساب ،فهم على جبلتهم الولى ،وهذا غمط لشأن العرب ،وافتراءات
على الحقائق التاريخية ،ومحاولة للنيل من حضارتهم في شبه الجزيرة ،التي
تشمل تهامة ونجد والحجاز والعروض واليمن.
ففي حقيقة المر ،إن كُتاباً بيثرب كانوا يكتبون بكتاب مكة ،وكان في أماكن أخرى
كُتاباً يكتبون بكتابهم أيضاً ،فضلً عن انتشار الكتابة بـ «المسند» في العربية
الجنوبية ،وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب.
ونحن ل نريد أن نثبت هنا أنّ العرب قاطبة كانت أمة قارئة كاتبة؛ جماعها يقرأ
ويكتب ،وأنها كانت ذات مدارس منتشرة في كل مكان من جزيرتهم؛ تعلّم الناس
القراءة والكتابة والعلوم الشائعة في ذلك الزمان «قبل السلم».
وهذا ل يعني أن العرب كانوا ل قارئ بينهم ول كاتب .فقد كان بينهم من يقرأ
ويكتب؛ بدليل هذه النصوص التي ترجع إلى ما قبل السلم ،وقد عثر عليها
مبعثرة في مواضع متناثرة من البوادي ،وفي أماكن نائية عن الحضارة ،وهي
كتابات أعراب ورعاة إبل وبقر وأغنام؛ َدوّنوها تسجيلً لخاطر أو للذكرى أو
رسالة لمن قد يأتي بينهم؛ فيقف على أمرهم.
ومن هنا ،نستطيع القول أن أعراب الجزيرة قبل السلم ،كانوا أحسن حالً من
أعراب هذا اليوم ،فقد كان فيهم الكاتب القارئ الذي يهتم بتسجيل خواطره،
وبإثبات وجوده ،بتدوينه هذه الكتابات ،وأنّ المية لم تكن أمّيّة عامة جامعة ،بل
أمّيّة نسبية ،على نحو ما نشاهده اليوم في مجتمعاتنا ،من غلبة نسبة المية على
نسبة المتعلمين والمثقفين.
أما أهل الحواضر ،فقد كان بينهم من يقرأ ويكتب،كما كان بينهم المّيّ ،أي الجاهل
بالقراءة والكتابة .كان منهم من يقرأ ويكتب القلم المسند ،وكان بينهم من يقرأ
ويكتب بالقلم النبط ،وبقلم بني إرم ،وكان بينهم من يكتب ويقرأ بقلمين أو أكثر.
أهم الخطوط التي كان يستخدمها العرب بين الشمال والجنوب والشرق والغرب.
وكان الحناف يكتبون ويقرؤون ،وكانوا أصحاب رأي ومقالة في الدين وفي أحوال
قومهم ،وهم قالوا عن بعضهم مثل «ورقة بن نوفل» أنه كان «يكتب الكتاب
العبراني ،فيكتب بالعبرانية من النجيل ما شاء أن يكتب.
وقد ذكر «الهمداني» أن العرب كانت «تسمي كلّ من قرأ الكتب أو كتب :صابئاً،
وكانت قريش تسمي النبي أيام كان يدعو الناس بمكة ويتلو القرآن :صابئاً».
فالصبأة على تفسير «الهمداني» هم الكتبة وكل من قرأ الكتب ،وعلى ذلك يكون
الحنفاء في جملة الصباة.
إن العرب من الشعوب التي عرفت الكتابة ومارستها في الجزيرة العربية قبل
السلم بزمان طويل ،وقد عثر في مواضع من جزيرة العرب على كتابات ُدوّنت
باليونانية وبلغات أخرى .وتبيّن من دراسة النصوص ،أن العرب كانوا يدوّنون قبل
السلم بقلم ظهر في اليمن بصورة خاصة ،هو القلم الذي أُطلق عليه (القلم
المسند) أو (قلم حمير) ،وهو قلم يباين القلم الذي نكتب به الن .ثم تبيّن أنهم
صاروا يكتبون في ميلد المسيح بقلم آخر ،أسهل وألين في الكتابة من القلم
المسند؛ أخذوه من القلم النبطي المتأخر ،وذلك قبيل السلم.
كما بينا أنّ النبط وعرب بلد مابين النهرين وعرب بلد الشام ،كانوا يكتبون
أمورهم بالرمية وبالنبطية ،وذلك لشيوع القلمين بين الناس ،حتى بين من لم يكن
من «بني إرم» ول من «النبط» ،كالعبرانين الذين كتبوا بقلم إرمي ،إلى جانب
القلم العبراني .ولختلط العرب الشماليين ببني إرمن فقد تأثروا بهم ثقافيّا ،فبان
هذا الثر في الكتابات القليلة التي وصلتنا مدوّنة بنبطية متأثرة بالعربية ,كنقش أم
الجمال الذي يعود إلى عام 520م
ويظهر من عثور الباحثين على كتابات مدونة بالمسند في مواضع متعددة من
جزيرة العرب ،ومنها سواحل الخليج العربي ،أن بعضاً منها قديم ،والبعض الخر
قريب من فترة ظهور السلم.
وفي أعالي الحجاز ،عثر على أقلم تشبه القلم المسند شبهاً كبيراً ،لذلك رأى
الباحثون أنها من صلب ذلك القلم ومن فروعه ،ولنها متأخرة بالنسبة له ،وقد
سُمي قلم منها بـ «القلم الثمودي» نسبة إلى قوم ثمود ،وسمي قلم آخر بـ «القلم
اللحياني» نسبة إلى «لحيان» ،وهي مملكة وشعبها من شعوب العربية الجنوبية،
وعرف القلم الثالث بـ«الكتابة الصفوية» نسبة إلى أرض «الصفاة».
الثمودي والليحاني والسبأي
البجدية الصفائية
ومن الدلة على معرفة عرب اليمن للكتابة والقراءة قبل السلم؛ الوامر
والقوانين التي دونّها ملوكهم وأعلنوها للناس ،بوصفها في المحلت العامة وفي
الماكن البارزة.
إن تدوين تلك الكتابات ووضع الحجارة الفخمة المكتوبة للعلن ،دليل على أن في
الناس قوم ًا يقرؤون ويكتبون ويفهمون ،وأن الحكومات إنما أمرت بتدوينها لعلم
الناس بمحتوياتها للعمل بها ،كما تفعل الحكومات في الوقت الحاضر عند إصدارها
أمراً أو قانوناً؛ بإذاعته عبر الوسائل المعروفة على الناس.
وكان غُلمان اليمن يتعلمون الكتابة والقراءة ،ويرددون قراءة ما يكتبون
ويقرؤون ،وقد أُشير إلى ذلك في شعر «لبيد» ،قال:
فنعاف صارة فالقنان كأنها
ُزبُرٌ يرجعها وليدٌ يمانِ
متعوّد لحنٌ يعيد بكفهِ
ن وبانِقلماً على عُسب ،ذبل َ
وذكر أهل الخبار أن قوماً من أهل يثرب من الوس والخزرج ،كانوا يكتبون
ويقرؤون عند ظهور السلم ،ذكروا فيهم :سعد بن زرارة ،والمنذر بن عمرو،
وأُبي بن كعب ،وزيد بن ثابت ،وكان يكتب بالكتابات العربية والعبرية والسريانية،
ورافع بن مالك ،وأسيد بن حُضير ،ومعن بن عدي البلوي ،وأبو عبس بن كثير،
وأوس بن خولى ،وبشير بن سعيد ،وسعد بن عبادة ،والربيع بن زياد العبسي،
وعبد الرحمن بن جبر ،وعبدال بن أُبي ،وسعد بن الربيع.
وقد أرجعوا أصل علم هؤلء إلى قوم من يهود يثرب ،مارسوا تعليم الصبيان
القراءة والكتابة ،دعوهم (بني ماسكة).
وإن صحّت هذه الرواية يظهر أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية أيضاً ،وأنهم
كانوا يعلمونها للعرب ،وقد تعرض البلذري لهذا الموضوع فقال:
(كان الكُتاب من الوس والخزرج قليلً ،وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية،
وكان تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الول ،فجاء السلم ،وفي الوس
والخزرج عدّة يكتبون
ويظهر أن يهود يثرب ،وربما بقية يهود ،مثل يهود خيبر وتيماء وفدك ووادي
القرى ،كانوا يكتبون بقلمهم ،كما كانوا يكتبون بالعربية .ويظهر من استعمال
«البلذري» جملة« :وكان بعض اليهود قد علم الكتابة العربية ،وكان تعلمه
الصبيان بالمدينة في الزمن الول»؛ أن يهود يثرب كانوا يكتبون بالعربية ،كما
كان يكتب بها صبيان المدينة ،وكانوا يعلمون الكتابة لصبيان يثرب في مدارسهم.
لنحاول أن نلقي بعض الضوء على قبيلة الوس والخزرج وآثارهم :
الوس والخزرج
يتفق المؤرخون على أن الوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان ،جاءتا من مملكة
سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب ،وعندما وصلتا إلى يثرب أعجبتا بما فيها
من أرض خصبة وينابيع ثرة ،وقد كان سكانها ـ وخاصة اليهود ـ في حاجة إلى
اليدي العاملة لستثمار الراضي ،فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة
الشرقية وقباء ،وكانت ظروف عملهم أول المرقاسية وبمرور الزمن تحسنت
أحوالهم ،فبدأ اليهود يخافون من منافستهم ،فتداعى عقلء الطرفين إلى عقد حلف
ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلم والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة ،فتحالفوا
على ذلك والتزموا به مدة من الزمن ،ازداد خللها عدد الوس والخزرج ونمت
ثرواتهم ،ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على إذللهم ،وبقي
الوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلن الذي استنجد
بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود
فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة ،فعندما هاجم تبع بن حسان
(يثرب) وأراد تخريبها وقف الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم
وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الوس والخزرج خارج الحزام الذي
كانوا محتبسين فيه وبنوا المنازل والطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في
المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة ،حينئذ خطط اليهود لستعادة
سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض
فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من القبيلتين الوس
والخزرج تمهيداً ليقاع الفتنة بينهم ،فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع
الوسيين ،وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين ،وبدأت كل فئة يهودية تسعر النار
في حليفتها على الطرف الخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما ،ونجحت الخطة
الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة ,
واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء السلم فأطفأها.
ولقد رأينا في بحث مدينة العل الثرية كيف أن عرب الوس والخزرج هم الذين
أتوا إلى المنطقة فجلبوا معهم الحرف السبأي العربي ونشروه في المنطقة وأنهم
بعد أن انتصروا على اليهود كانت لهم الصدارة والحكم في المنطقة ,لهذا كان
انتشار كتاباتهم التي تتبع الخط المسند منتشرة في المنطقة.
وفي هذا الخبر وأمثاله -كما يقول الدكتور جواد علي -دللة على أن الكتابة كانت
معروفة بين أهل يثرب قبل السلم ،وأنها كانت قديمة فيهم؛ ولهذا فل معنى لزعم
من زعم أنها انتشرت بيثرب في السلم ،وأن الكتابة كانت قليلة -بها قبل هذا
العهد -وقصد أهل الخبار بجملة «وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية»؛
الكتابة بالخط العربي الشمالي ،ل بالقلم المسند.
,ويظهر أن اليهود قد تعلموا الخط العربي من عرب النبار وبلد الشام وهذا يعيدنا
إلى النظرية الولى التي تقول أن الخط العربي قد جاء من العرب الشماليين
النبار( أهل الحيرة) ولكن عن طريق يهود يثرب.
-قيل لبي سفيان ممن أخذ أبوك الكتابة قال من ابن سدرة وأخبره أنه أخذها من
واضعها مرامر بن مرة قال وكانت لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة
غير متصلة وكانوا يمنعون العامة من تعلمها فلما جاء السلم لم يكن بجميع
اليمن من يقرأ ويكتب قلت هذا فيه نظر فقد كان بها خلق من أحبار اليهود يكتبون
بالعبراني
سير أعلم النبلء ج 17 :ص319 :
إن بعد التدقيق في النقشين الشهيرين نقش إمرؤ القيس العائد لعام 338م ونقش
أم الجمال العائد لعام 565م تبين لنا التالي :
نقش إمرؤ القيس
نقش أم الجمال
لقد حاولت أن أجزء الحرف الموجودة على النقش وأقارنها بالبجدية النبطية
فنتج التالي :
البجدية رقم واحد لقد أخذتها من نقش إمرء القيس فوجدت أن الحرف نبطية مع
اختلف بسيط بطريقة كتابة حرف الياء في نهاية الكلمة وحرف الشين والهاء.
كما أن حرف الدال والذال فيهم نوع من الختلف البسيط الشبيه بكرف الكاف في
كلمة (عكدي)
(عكدي) .
وغياب حرف الضاد والطاء والظاء والذال والثاء من النقش قط جعلنا نقع في
حيرة كيفية اختيار تلك الحرف.
كما لحظنا أنه هناك همزة يستخدمها الغساسنة في كتابتهم وهي تشبه الفاصلة ’
وهذا دليل على أن الخط العربي الجديد هو ذاته الخط النبطي القديم ولكنه متصل.
كما أن نقش أم الجمال الذي كتب اسم جذيمة نلحظ أن التاء المربوطة “ـة“ قد
اخذت من الحرف الشورية بدلً من الحرف النبطية التي تفتقر لذلك الرمز الذي
لم يكن واضحاً في كلمة (مدينة) التي كتبت (مدينت),
جذيمة
حاول مقارنة حرف ال (ــة ) مع البجدية الشورية ستجد تطابق في الحرف.
كما نلحظ أن الشين والسين كتبت بشكل واحد ولكننا إذا دققنا لوجدنا أن الشين
تختلف عن السين بإنحناء مدتها :
ولقد تبين لنا أنه قد جاءت فكرة توصيل الحرف من الشوريين الذين بدأوا
بتوصيل حروفهم من عام 200ق م كما في الشكل التالي :
نقش بالبجدية الشورية ذات الحرف الموصلة
كما تبين لنا أن حرف الصاد والضاد هم حروف قد اخذت من أبجدية أخرى
موجودة في بلد ما بين النهرين تدعى بالبجدية المندائية :
نجد من هذه البجدية أصل حرف الصاد والضاد ,والحاء والفاء وإنقلب السين
بشكل أفقي بدلً من الشكل العامودي النبطي.
خط أشوري موصل من القرن العاشر الميلدي
ونرى أنه من أسباب انتشار البجدية الشورية في العالم العربي هو نشر الديانة
المسيحية عبر المبشرين الدينيين السريان في بلد ما بين النهرين والجزيرة
العربية ,وأنه عندما استقر السلم على إختيار الخط النبطي الموصل الذي بدأ
بتسميته بالخط العربي فيما بعد وبوجود القرآن ونشر الديانة السلمية في البلد
العربية أن جميع البلد بدأت تتأثر بالخط العربي الجديد حيث أن الفرس وبلد
الشرق مثل الهند (الردو) والصين ومنغوليا جميعهم تأثروا بالخط الجديد وبدأو
للنتقال إلى استخدام البجدية الجديدة وإليكم بعضاً من هذه الكتابات التابعة لتلك
البلد التي تقبلت السلم وأخذت الرسالة من المسلمين العرب واتقلوا إلى إستخدام
أبجديتهم ولكن مع الحفاظ على لسانهم الغريب عن العربية :
كتابات منغولية بعد السلم
كتابات مسلمي الصين بالخط العربي بعد السلم
بعد السلم
علمة مكتوب عليها خان العادل العظم ومن الطرف الثاني محمد رسول ال بعد
إسلم المغول.
عملة سلجوقية عليها أحرف عربية
وهكذا نكون قد برهنا على أن البجدية العربية الجديدة هي تطور الحرف النبطية مع
استعارة بعض الحرف الشورية والمندائية.