Vous êtes sur la page 1sur 64

‫شروط الدعاء‬

‫وموانع الجابة‬
‫في ضوء الكتاب‬
‫والسنة‬
‫تأليف الفقير إلى الله تعالى‬
‫سعيد بن علي بن وهف القحطاني‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد لله‪ ،‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من‬
‫شرور أنفسنا‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪،‬‬
‫ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما ً كثيرًا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذه رسالة مختصرة في شروط الدعاء وموانع إجابته‪ ،‬أخذتها‬
‫وأفردتها من كتابي ”الذكر والدعاء والعلج بالرقى“)‪ (1‬وزدت‬
‫عليها فوائد مهمة يحتاجها المسلم في دعائه‪ ،‬ورتبتها كالتالي‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬مفهوم الدعاء وأنواعه‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل الدعاء‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬شروط الدعاء وموانع الجابة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬آداب الدعاء وأحوال وأوقات الجابة‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬عناية النبياء بالدعاء واستجابة الله لهم‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬الدعوات المستجابات‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬أهم ما يسأل العبد ربه‪.‬‬
‫ل‪ ،‬نافعا ً لي ولكل من‬‫والله أسأل أن يجعله عمل ً صالحا ً متقب ً‬
‫انتهى إليه؛ فإنه ولي ذلك والقادر عليه‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك‬
‫على عبده ورسوله‪ ،‬وخيرته من خلقه‪ ،‬نبينا‪ ،‬وإمامنا‪ ،‬وقدوتنا‪،‬‬
‫وحبيبنا‪ ،‬محمد بن عبد الله‪ ،‬وعلى آله‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬ومن تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫حرر في ضحى يوم الجمعة ‪17/6/1416‬هـ‬

‫‪() 1‬‬
‫من ص ‪ 123-186‬نشر مكتبة الرشد بالرياض عام ‪‍1407‬هـ‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬مفهوم الدعاء وأنواعه‬
‫المبحث الول‪ :‬مفهوم الدعاء‬
‫ت الله أدعوه دعاًء‪:‬‬ ‫الدعاء لغة‪ :‬الطلب والبتهال‪ُ :‬يقال‪ :‬دعو ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ابتهلت إليه بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير ودعا الله‪:‬‬
‫طلب منه الخير ورجاه منه‪ ،‬ودعا لفلن‪ :‬طلب الخير له‪ ،‬ودعا على‬
‫فلن‪ :‬طلب له الشر)‪.(2‬‬
‫والدعاء‪ :‬سؤال العبد ربه على وجه البتهال‪ ،‬وقد يطلق على‬
‫التقديس والتحميد ونحوهما)‪.(3‬‬
‫والدعاء نوع من أنواع الذكر؛ فإن الذكر ثلثة أنواع‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬ذكر أسماء الله وصفاته ومعانيها والثناء على‬
‫الله بها‪ ،‬وتوحيد الله بها وتنزيهه عما ل يليق به‪ .‬وهو نوعان أيضًا‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء الثناء عليه بها من الذاكر وهذا النوع هو المذكور في‬
‫الحاديث نحو‪” :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول إله إل الله‪،‬‬
‫والله أكبر“‪.‬‬
‫‪ -2‬الخبر عن الرب تعالى بأحكام أسمائه وصفاته نحو قولك‪ :‬الله‬
‫عز وجل على كل شيء قدير‪ ،‬وهو أفرح بتوبة عبده من الفاقد‬
‫لراحلته‪ ،‬وهو يسمع أصوات عباده‪ ،‬ويرى حركاتهم‪ ،‬ول تخفى عليه‬
‫خافية من أعمالهم‪ ،‬وهو أرحم بهم من أمهاتهم وآبائهم‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ذكر المر‪ ،‬والنهي‪ ،‬والحلل والحرام‪ ،‬وأحكامه‬
‫ل‪ ،‬وهو‬‫ل الحل َ‬ ‫م وُيح ّ‬
‫م الحرا َ‬
‫فيعمل بالمر ويترك النهي‪ ،‬وُيحّر ُ‬
‫نوعان أيضًا‪:‬‬
‫‪ -1‬ذكره بذلك إخبارا ً عنه بأنه أمر بكذا ونهى عن كذا‪ ،‬وأحب كذا‪،‬‬
‫وسخط كذا‪ ،‬ورضي كذا‪.‬‬
‫‪ -2‬ذكره عند أمره فيبادر إليه ويعمل به‪ ،‬وعند نهيه فيهرب منه‬
‫ويتركه‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬ذكر اللء والنعماء والحسان‪ ،‬وهذا أيضا ً من‬
‫ل أنواع الذكر‪ ،‬فهذه خمسة أنواع‪.‬‬ ‫ج ّ‬
‫أ َ‬
‫وهي تكون ثلثة أنواع أيضًا‪:‬‬
‫‪ -1‬ذكٌر يتواطأ عليه القلب واللسان‪ ،‬وهو أعلها‪.‬‬
‫‪ -2‬ذكٌر بالقلب وحده‪ ،‬وهو في الدرجة الثانية‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ -3‬ذكٌر باللسان المجرد‪ ،‬وهو في الدرجة الثالثة ‪.‬‬

‫‪() 1‬المصباح المنير ‪.1/194‬‬


‫‪() 2‬المعجم الوسيط ‪.1/268‬‬
‫ً‬
‫‪() 3‬القاموس الفقهي لغة واصطلحا ص ‪.131‬‬
‫‪ () 4‬مدارج السالكين لبن القيم ‪ 2/430‬و ‪ ،1/23‬والوابل الصيب لبن القيم ص ‪.181-178‬‬
‫ومفهوم الذكر‪ :‬هو التخلص من الغفلة والنسيان‪ ،‬والغفلة‪:‬‬
‫ك بغير اختياره‪.‬‬ ‫ك باختيار النسان‪ ،‬والنسيان تر ٌ‬ ‫هي تر ٌ‬
‫والذكر على ثلث درجات‪:‬‬
‫‪ -1‬الذكر الظاهر‪ :‬ثناًء على الله تعالى كقول‪” :‬سبحان الله‬
‫والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر“‪.‬‬
‫َ‬
‫فْر‬ ‫غ ِ‬‫م تَ ْ‬‫وِإن ل ّ ْ‬‫سَنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا أن ُ‬ ‫قال َ َرب َّنا ظَل َ ْ‬ ‫أو ذكر دعاء‪ :‬نحو } َ‬
‫ن{)‪ .(1‬ونحو قوله‪” :‬يا حي‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬‫مَنا ل َن َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ل ََنا َ‬
‫وت َْر َ‬
‫يا قيوم برحمتك أستغيث“‪ .‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ي‪ ،‬الله‬ ‫أو ذكر رعاية‪ :‬مثل قول القائل‪ :‬الله معي‪ ،‬الله ينظر إل ّ‬
‫شاهدي‪ ،‬ونحو ذلك مما يستعمل لتقوية الحضور مع الله‪ ،‬وفيه‬
‫رعاية لمصلحة القلب‪ ،‬ولحفظ الدب مع الله والتحرز من الغفلة‪،‬‬
‫والعتصام بالله من الشيطان وشر النفس‪.‬‬
‫والذكار النبوية تجمع النواع الثلثة‪ ،‬فإنها تضمنت الثناء على‬
‫الله‪ ،‬والتعرض للدعاء والسؤال‪ ،‬والتصريح به‪ .‬وهي متضمنة لكمال‬
‫الرعاية‪ ،‬ومصلحة القلب‪ ،‬والتحرز من الغفلت‪ ،‬والعتصام من‬
‫الوساوس والشيطان‪.‬‬
‫‪ -2‬الذكر الخفي‪ :‬وهو الذكر بمجرد القلب والتخلص من‬
‫الغفلة‪ ،‬والنسيان‪ ،‬والحجب الحائلة بين القلب وبين الرب سبحانه‪،‬‬
‫وملزمة الحضور بالقلب مع الله كأنه يراه‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ -3‬الذكر الحقيقي‪ :‬وهو ذكر الله تعالى للعبد‬
‫َ‬
‫ول َ ت َك ْ ُ‬ ‫شك ُُروا ْ ِلي َ‬ ‫وا ْ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬ ‫} َ‬
‫)‪(3‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫فُرو ِ‬ ‫م َ‬
‫وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم‪” :‬يقول الله تعالى‪ :‬أنا‬
‫ن عبدي بي‪ ،‬وأنا معه إذا ذكرني‪ ،‬فإن ذكرني في‬ ‫عند ظ ّ‬
‫نفسه ذكرته في نفسي‪ ،‬وإن ذكرني في مل ٍ ذكرته في‬
‫ت إليه ذراعًا‪،‬‬ ‫ي شبرا ً تقّرب ُ‬ ‫ر منهم‪ ،‬وإن تقّرب إل ّ‬ ‫مل ٍ خي ٍ‬
‫ت إليه باعًا‪ ،‬وإن أتاني يمشي‬ ‫ي ذراعا ً تقرب ُ‬ ‫وإن تقّرب إل ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫أتيته هرولة“ ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الدعاء‬
‫النوع الول‪ :‬دعاء العبادة‪ :‬وهو طلب الثواب بالعمال‬
‫الصالحة‪ :‬كالنطق بالشهادتين والعمل بمقتضاهما‪ ،‬والصلة‪،‬‬
‫والصيام‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬والذبح لله‪ ،‬والنذر له‪ ،‬وبعض هذه‬
‫العبادات تتضمن الدعاء بلسان المقال مع لسان الحال كالصلة‪.‬‬
‫‪ () 1‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.23 :‬‬
‫‪ () 2‬مدارج السالكين ‪.435-2/434‬‬
‫‪ () 3‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪.152 :‬‬
‫‪ () 4‬البخاري واللفظ له برقم ‪ ،7405‬ومسلم ‪ ،4/2061‬برقم ‪ ،2675‬من حديث أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه‪.‬‬
‫فمن فعل هذه العبادات وغيرها من أنواع العبادات الفعلية فقد دعا‬
‫ربه وطلبه بلسان الحال أن يغفر له‪ ،‬والخلصة أنه يتعبد لله طلبا ً‬
‫لثوابه وخوفا ً من عقابه‪ .‬وهذا النوع ل يصح لغير الله تعالى‪ ،‬ومن‬
‫صرف شيئا ً منه لغير الله فقد كفر كفرا ً أكبر مخرجا ً من الملة‪،‬‬
‫َ‬
‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫)‪(1‬‬
‫م‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫وعليه يقع قوله تعالى ‪َ } :‬‬
‫م‬‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سي َدْ ُ‬ ‫عَبادَِتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫صل َِتي َ‬ ‫ق ْ‬ ‫رين{ ‪ .‬وقال تعالى‪ُ } :‬‬ ‫(‬ ‫‪2‬‬ ‫)‬
‫ي‬‫حَيا َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫كي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ون ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫َ‬
‫وأن َا ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وب ِذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ري َ‬ ‫ن‪ ،‬ل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ت َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫كأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫كل ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫مي َ‬ ‫عال ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ماِتي ل ِل ِ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫)‪(3‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫أ ّ‬
‫النوع الثاني‪ :‬دعاء المسألة‪ :‬وهو دعاء الطلب‪ :‬طلب ما ينفع‬
‫الداعي من جلب نفع أو كشف ضر‪ ،‬وطلب الحاجات‪ ،‬ودعاء‬
‫المسألة فيه تفصيل كالتالي‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان دعاء المسألة صدر من عبد لمثله من المخلوقين وهو‬
‫قادر حي حاضر فليس بشرك‪ .‬كقولك‪ :‬اسقني ماًء‪ ،‬أو يا فلن‬
‫أعطني طعامًا‪ ،‬أو نحو ذلك فهذا ل حرج فيه‪ ،‬ولهذا قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬من سأل بالله فأعطوه‪ ،‬ومن استعاذ بالله‬
‫فأعيذوه‪ ،‬ومن دعاكم فأجيبوه‪ ،‬ومن صنع إليكم معروفا ً‬
‫فكافئوه‪ ،‬فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا‬
‫أنكم قد كافأتموه“)‪.(4‬‬
‫‪ -2‬أن يدعو الداعي مخلوقا ً ويطلب منه ما ل يقدر عليه إل الله‬
‫وحده‪ ،‬فهذا مشرك كافر سواء كان المدعو حي ّا ً أو ميتًا‪ ،‬أو حاضرا ً‬
‫أو غائبًا‪ ،‬كمن يقول‪ :‬يا سيدي فلن اشف مريضي‪ ،‬رد غائبي‪ ،‬مدد‬
‫مدد‪ ،‬أعطني ولدًا‪ ،‬وهذا كفر أكبر مخرج من الملة‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫وِإن‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫} َ‬
‫دير{ ‪ .‬وقال سبحانه‪:‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫ق ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬‫ر َ‬ ‫خي ْ ٍ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فِإن َ‬ ‫ك َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ول َ ي َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ل َ َين َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ول َ ت َدْ ُ‬ ‫} َ‬
‫فل َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ذا ّ‬ ‫ك إِ ً‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ب بِ ِ‬ ‫ه ُيصي ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫فل َ َرآدّ ل ِ َ‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ٍ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ردْ َ‬ ‫وِإن ي ُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫َ‬
‫)‪(6‬‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شآءُ ِ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫َ‬

‫‪ () 1‬انظر‪ :‬فتح المجيد ص ‪ 180‬والقول المفيد على كتاب التوحيد للعلمة ابن عثيمين ‪،1/117‬‬
‫وفتاوى ابن عثيمين ‪.6/52‬‬
‫‪ () 2‬سورة غافر‪ ،‬الية‪.60 :‬‬
‫‪ () 3‬سورة النعام‪ ،‬اليتان‪.163 ،162 :‬‬
‫‪ () 4‬أبو داود برقم ‪ ،1672‬والنسائي ‪ ،5/82‬وأحمد في المسند ‪ ،99 ،2/68‬وانظر‪ :‬التعليق المفيد‬
‫على كتاب التوحيد لسماحة الشيخ العلمة ابن باز ص ‪ 91‬وص ‪.245‬‬
‫‪ () 5‬سورة النعام‪ ،‬الية‪.17 :‬‬
‫‪ () 6‬سورة يونس‪ ،‬اليتان‪.107 ،106 :‬‬
‫د‬
‫عَبا ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن{)‪.(1‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مَثال ُك ُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{ ‪.‬‬‫)‪(2‬‬
‫صُرو َ‬ ‫م َين ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ول َأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫صَرك ُ ْ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ه َ‬ ‫عب ُدُ الل ّ َ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ه ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ب َ‬ ‫قل َ َ‬ ‫ة ان َ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ه ِ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫مأ ّ‬ ‫خي ٌْر اطْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫أ َ‬
‫من‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ن‪ ،‬ي َدْ ُ‬ ‫مِبي ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫و ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫خَرةَ ذَل ِ َ‬ ‫وال ِ‬ ‫سَر الدّن َْيا َ‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫د‪،‬‬‫عي ُ‬ ‫ل ال ْب َ ِ‬ ‫ضل ُ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ل َين َ‬ ‫و َ‬ ‫ضّرهُ َ‬ ‫ما ل ي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س‬‫ولب ِئ ْ َ‬ ‫ولى َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ال َ‬ ‫ه لب ِئ ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ن ّف ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ضّرهُ أقَر ُ‬ ‫من َ‬ ‫عوا ل َ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫شيُر{ ‪.‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫عوا ْ ل َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫مث َ ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫ر َ‬ ‫ض ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ} :‬يآ أي ّ َ‬
‫عوا ْ‬ ‫م ُ‬ ‫جت َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫قوا ْ ذَُباًبا َ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫ه َلن ي َ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ف‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ذوهُ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫سَتن ِ‬ ‫شي ًْئا ل ي َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫م الذَّبا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫سل ُب ْ ُ‬ ‫وِإن ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫قدْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قدَُروا ْ الل ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ب‪َ ،‬‬ ‫مطُْلو ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫طال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫زيٌز{)‪.(4‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ي َ‬ ‫و ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫لَ َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫وقال تبارك وتعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ن ال ْب ُُيو ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ت ب َي ًْتا َ‬ ‫خذَ ْ‬ ‫ت ات ّ َ‬ ‫عنك َُبو ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ول َِياءَ ك َ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫عنك َُبو ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ل َب َي ْ ُ‬
‫ل‬ ‫مَثا ُ‬ ‫َ‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫من َ‬
‫ك ال ْ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫ن{ ‪.‬‬‫)‪(5‬‬
‫مو َ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫هآ ِإل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫قل َ‬ ‫ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫ها ِللّنا ِ‬ ‫رب ُ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫هل‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫مُتم ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َز َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عوا ْ ال ّ ِ‬ ‫ل ادْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫وقال سبحانه‪ُ } :‬‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ع‬
‫ف ُ‬ ‫ول َتن َ‬ ‫ر‪َ ،‬‬ ‫هي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫من ظ ِ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ه ِ‬
‫َ‬
‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫شْر ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ِ‬ ‫في‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫ذا ُ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫قلو)ب ِ‪ِ (6‬‬ ‫ع َ‬ ‫فّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن أِذ َ‬ ‫م ْ‬ ‫عندَهُ ِإل ل ِ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫فا َ‬
‫ي ال ْك َِبيُر{ ‪.‬‬ ‫عل ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫قاُلوا ْ ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل َرب ّك ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما َ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ه َرب ّك ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫قال عز وجل‪} :‬ذَل ِك ُ ُ‬
‫عوا ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ر‪ِ ،‬إن ت َدْ ُ‬ ‫مي ٍ‬ ‫قطْ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫جاُبوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عاءَك ُ ْ‬ ‫دُ َ‬
‫مث ْ ُ‬ ‫ول ي ُن َب ّئ ُ َ‬ ‫شْرك ِك ُ ْ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫)‪(7‬‬
‫ر{ ‪.‬‬ ‫خِبي ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫فُرو َ‬

‫‪() 1‬‬
‫العراف‪ ،‬الية‪.194 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 2‬‬
‫العراف‪ ،‬الية‪.197 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 3‬‬
‫الحج‪ ،‬اليات‪.13-11 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 4‬‬
‫الحج‪ ،‬اليتان‪.74-73 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 5‬‬
‫العنكبوت‪ ،‬اليات‪.43-41 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 6‬‬
‫سبأ‪ ،‬اليتان‪.23 ،22 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 7‬‬
‫فاطر‪ ،‬اليتان‪.14 ،13 :‬‬ ‫سورة‬
‫من‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫من ي َدْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عآئ ِ ِ‬ ‫عن دُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ه إ َِلى َيوم ِ ال ْ ِ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫دآء َ‬ ‫ع َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫كاُنوا ْ ل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫شَر الّنا ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫فُلو َ‬ ‫غا ِ‬ ‫َ‬
‫ن{)‪ .(1‬وكل من استغاث بغير الله أو دعا غير‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫الله دعاء عبادة أو دعاء مسألة فيما ل يقدر عليه إل الله فهو‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫قاُلوا ْ إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فَر ال ّ ِ‬ ‫قدْ ك َ َ‬ ‫مشرك مرتد كما قال سبحانه‪} :‬ل َ َ‬
‫ل‬‫سَرآِئي َ‬ ‫ح َيا ب َِني إ ِ ْ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫حّر َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ك ِبالل ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫ُ‬
‫وَرب ّك ْ‬ ‫ه َرّبي َ‬ ‫ّ‬
‫دوا الل َ‬ ‫ْ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫ما ِلل ّ‬ ‫ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫ر{ ‪.‬‬ ‫صا ٍ‬ ‫ن أن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫واهُ الّناُر َ‬ ‫مأ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ما‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫فُر َأن ي ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ضل َل ً‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ِبالل ّ ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫شآءُ َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫دا{ ‪.‬‬ ‫عي ً‬ ‫بَ ِ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫فت َ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ها آ َ‬ ‫ه إ ِل َ ً‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫فل ت َدْ ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{)‪.(4‬‬ ‫عذِّبي َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ك‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫وإ َِلى ال ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫قدْ ُأو ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫وقال عز وجل‪َ } :‬‬
‫ل‬
‫ن‪ ،‬ب َ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ول َت َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫حب َطَ ّ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ل َئ ِ ْ‬
‫ن{)‪.(5‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫و ُ‬ ‫عب ُدْ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫كوا ْ ل َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{)‪.(6‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫الفرق بين الستغاثة والدعاء‪:‬‬
‫الستغاثة‪ :‬طلب الغوث‪ :‬وهو إزالة الشدة‪ ،‬كالستنصار‪ :‬طلب‬
‫النصر‪ ،‬والستغاثة‪ :‬طلب العون‪.‬‬
‫فــالفرق بيــن الســتغاثة والــدعاء‪ :‬أن الســتغاثة ل تكــون إل مــن‬
‫المكروب‪ ،‬والدعاء أعم مــن الســتغاثة‪ ،‬لنــه يكــون مــن المكــروب‬
‫وغيره‪.‬‬
‫ف على الدعاء الستغاثة فهو من باب عطف العام على‬ ‫فإذا ع ُط ِ َ‬
‫الخاص‪ ،‬فبينهما عموم وخصوص مطلق‪ ،‬يجتمعان في مادة‪ ،‬وينفرد‬
‫الدعاء عنها في مادة‪ ،‬فكل استغاثة دعاء وليس كل دعاء استغاثة‪.‬‬

‫‪() 1‬‬
‫الحقاف‪ ،‬اليتان‪.6 ،5 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 2‬‬
‫المائدة‪ ،‬الية‪.72 :‬‬ ‫سورة‬
‫ما{‪.‬‬ ‫ظي‬‫ع‬ ‫ما‬‫ْ‬
‫ِ ً َ ِ ً‬ ‫ث‬‫إ‬ ‫رى‬
‫َ َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ا‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫}‬ ‫‪48‬‬ ‫آية‬ ‫وفي‬ ‫‪،‬‬‫‪116‬‬ ‫النساء‪ ،‬الية‪:‬‬ ‫سورة‬ ‫‪() 3‬‬
‫‪() 4‬‬
‫الشعراء‪ ،‬الية‪.213 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 5‬‬
‫الزمر‪ ،‬اليتان‪.66 ،65 :‬‬ ‫سورة‬
‫‪() 6‬‬
‫النعام‪ ،‬الية‪.88 :‬‬ ‫سورة‬
‫ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة‪ ،‬ودعاء العبادة مستلزم‬
‫لدعاء المسألة‪ ،‬ويراد بالدعاء في القرآن دعاء العبادة تارة‪ ،‬ودعاء‬
‫المسألة تارة‪ ،‬ويراد به تارة مجموعهما)‪.(7‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬فضل الدعاء‬


‫جاء في فضل الدعاء آيات وأحاديث كثيرة منها‪:‬‬
‫ب‬
‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫فإ ِّني َ‬ ‫عّني َ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫‪ 1‬ـ قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫مُنوا ْ ِبي‬ ‫ول ْي ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫جيُبوا ْ ِلي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ع إِ َ‬ ‫ِ‬ ‫دا‬ ‫وةَ ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب دَ ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ن{)‪.(2‬‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ي َْر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م إِ ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫‪ 2‬ـ وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سي َدْ ُ‬ ‫عَبادَِتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫)‪.(3‬‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ة إ ِن ّ ُ‬ ‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عا َ‬ ‫ضّر ً‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫‪ 3‬ـ وقال تعالى‪} :‬ادْ ُ‬
‫َ‬ ‫دوا ْ ِ‬
‫ه‬
‫عو ُ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ ِ‬ ‫عدَ إ ِ ْ‬ ‫ض بَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫في الْر‬ ‫س ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬ ‫دين‪َ ،‬‬ ‫عت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن{)‪.(4‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫عا إ ِ ّ‬ ‫م ً‬‫وط َ َ‬ ‫فا َ‬ ‫و ً‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫ه الــ ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫‪ 4‬ـ وقال تبارك وتعالى‪َ } :‬‬
‫ن {)‪.(5‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫رهَ ال ْ َ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عو ُ‬ ‫و فادْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ه إ ِل ُ‬ ‫َ‬
‫ي ل إ ِل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫و ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ 5‬ـ وقال عز وجل‪ُ } :‬‬
‫)‪(6‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ 6‬ـ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫م‬‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫ة“‪ .‬وقرأ‪َ } :‬‬ ‫و العباد ُ‬ ‫دعاءُ ه َ‬ ‫عليه وسلم قال‪” :‬ال ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫عَبادَِتي‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫ادْ ُ‬
‫)‪(7‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سي َدْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ 7‬ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النــبي صــلى اللــه عليــه‬
‫م علــى اللــه تعــالى مــن‬ ‫وســلم قــال‪” :‬ليــس شــيءٌ أك ـَر َ‬
‫الدعاء“)‪.(8‬‬

‫‪ ()7‬انظر‪ :‬فتح المجيد ص ‪.180‬‬


‫‪ ()2‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪.186 :‬‬
‫‪ ()3‬سورة غافر‪ ،‬الية‪.60 :‬‬
‫‪ ()4‬سورة العراف‪ ،‬اليتان‪.56 ،55 :‬‬
‫‪ ()5‬سورة غافر‪ ،‬الية‪.14 :‬‬
‫‪ ()6‬سورة غافر‪ ،‬الية‪.65 :‬‬
‫‪ ()7‬أبو داود ‪ ،2/77‬برقم ‪ ،1479‬والترمذي ‪ 5/211‬برقم ‪ ،2969‬وابن ماجه ‪ ،2/1258‬والبغوي‬
‫في شرح السنة ‪ ،5/184‬وانظر‪ :‬صحيح الجامع الصغير ‪ 3/150‬برقم ‪ ،3401‬وصححه الشيخ‬
‫محمد ناصر الدين اللباني في صحيح الترمذي ‪.1/138‬‬
‫‪ ()8‬الترمذي ‪ ،5/456‬برقم ‪ ،3373‬وابن ماجه ‪ ،2/1258‬وأحمد ‪ ،2/442‬وحسن إسناده اللباني‬
‫في صحيح الترمذي ‪.3/138‬‬
‫‪ 8‬ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال النبي صلى الله‬
‫ه“)‪.(9‬‬
‫ب علي ِ‬
‫ض ْ‬
‫غ َ‬
‫ل الله ي َ ْ‬‫ن لم َيسأ ِ‬ ‫عليه وسلم قال‪” :‬م ْ‬
‫وأنشد القائل‪:‬‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ي آدم حاج ً‬
‫ن ب ُن َ ّ‬
‫ل َتسأل ّ‬
‫ب‬
‫ل الذي أبوابه ل تحج ُ‬
‫وس ِ‬
‫ب إن تركت سؤاله‬
‫ه يغض ُ‬
‫الل ُ‬
‫ب‬
‫ي آدم حين ُيسأل يغض ُ‬
‫وُبن ّ‬

‫‪ 9‬ـ وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه‬
‫م‬
‫ة ليس فيها إث ٌ‬ ‫وسلم قال‪” :‬ما من مسلم يدعو الله بدعو ٍ‬
‫ة رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث‪ :‬إما أن‬ ‫ول قطيع ُ‬
‫تعجل له دعوته‪ ،‬وإما أن يدخرها له في الخرة‪ ،‬وإما أن‬
‫يصرف عنه من السوء مثلها“‪ .‬قالوا‪ :‬إذا ً نكثر‪ .‬قال‪” :‬الله‬
‫أكثر“‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫ي‬
‫كم تبارك وتعالى حي ّ‬ ‫ن رب ّ ُ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬إ ّ‬
‫دهما‬
‫ه إذا رفع يديه إليه أن ير ّ‬ ‫ن عبد ِ‬
‫م ْ‬
‫م يسَتحي ِ‬ ‫ري ٌ‬
‫ِ‬ ‫كَ‬
‫صفرًا“)‪.(2‬‬ ‫ِ‬
‫والدعاء من أقوى السباب في دفع المكروه‪ ،‬وحصول‬
‫المطلوب‪ ،‬وهو من أنفع الدوية‪ ،‬وهو عدو البلء‪ ،‬يدافعه‬
‫ويعالجه‪،‬ويمنع نزوله‪،‬ويرفعه‪ ،‬أو يخففه إذا نزل‪،‬وهو سلح المؤمن‪،‬‬
‫وللدعاء مع البلء ثلث مقامات‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الدعاء أقوى من البلء فيدفعه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكــون أضــعف مــن البلء فيقــوى عليــه البلء فيصــاب بــه‬
‫العبد‪ ،‬ولكن يخففه وإن كان ضعيفًا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه)‪.(3‬‬
‫وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صّلى الله عليه وسّلم‬
‫قال‪” :‬الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد‬
‫الله بالدعاء“)‪.(4‬‬
‫‪ ()9‬أحمد في المسند ‪ ،3/18‬وفي الترمذي عن جابر بن عبد الله برقم ‪ ،3381‬وعن عبادة بن‬
‫الصامت برقم ‪ ،3573‬وحسنهما اللباني في صحيح الترمذي ‪.181 ،3/140‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود ‪ 2/78‬برقم ‪ ،1488‬والترمذي ‪ ،5/557‬وابن ماجه ‪ ،2/1271‬والبغوي في شرح السنة ‪ ،5/185‬وصححه اللباني في صحيح‬
‫الترمذي ‪ 3/179‬وصحيح ابن ماجه برقم ‪.3865‬‬
‫‪ ()3‬الجواب الكافي للمام ابن القيم ص ‪ .24 ،23 ،22‬نشر مكتبة دار التراث ‪1408‬هـ الطبعة الولى‪ ،‬وطبع دار الكتاب العربي‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫‪1407‬هـ ص ‪ ،25‬وطبع دار الكتب العلمية ببيروت‪ ،‬ص ‪ ،4‬وهي طبعة قديمة بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ ()4‬الحاكم ‪ ،1/493‬وأحمد ‪ 5/234‬وحسنه اللباني في صحيح الجامع ‪ 3/151‬برقم ‪.3402‬‬
‫وعن سلمان رضي الله عنه قــال‪ :‬قــال رســول اللــه ص ـّلى اللــه‬
‫ر‬
‫عمــ ِ‬‫عليه وسّلم‪” :‬ل يردّ القضاء إل الدعاء‪ ،‬ول يزيد في ال ُ‬
‫إل البر“)‪.(1‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬شروط الدعاء وموانع الجابة‬


‫ح بضـاربه‪ ،‬ل بحـده‬ ‫”الدعية والتعـوذات بمنزلــة الســلح‪ ،‬والســل ُ‬
‫مـا ً ل آفــة بــه‪ ،‬والســاعد ُ ســاعدا ً‬
‫ح ســلحا ً تا ّ‬
‫فقط‪ ،‬فمتى كان السل ُ‬
‫قويًا‪ ،‬والمانعُ مفقودًا‪ ،‬حصلت به النكايــة فــي العــدو‪ ،‬ومــتى تخل ّــف‬
‫واحد ٌ من هذه الثلثة تخّلف التأثير‪ ،‬فإن كان الدعاُء في نفســه غيــر‬
‫م مـانعٌ مـن‬ ‫صالح‪ ،‬أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسـانه‪ ،‬أو كـان َثـ ّ‬
‫الجابة‪ ،‬لم يحصل التأثير“)‪ ،(2‬وإليك شروط الــدعاء وموانــع الجابــة‬
‫في المبحثين التيين‪:‬‬

‫المبحث الول‪ :‬شروط الدعاء‬


‫الشرط‪ :‬لغة العلمة‪ ،‬واصطلحًا‪ :‬مـا يلــزم مـن عــدمه العــدم ول‬
‫يلزم من وجوده وجود‪ ،‬ول عدم لذاته)‪.(3‬‬
‫من أعظم وأهم شروط قبول الدعاء ما يأتي‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬الخلص‪ :‬وهو تصفية الدعاء والعمل من كل ما‬
‫يشـوبه‪ ،‬وصـرف ذلــك كلـه للـه وحـده‪ ،‬ل شـرك فيــه‪ ،‬ول ريـاء ول‬
‫سمعة‪ ،‬ول طلبا ً للعرض الزائل‪ ،‬ول تصنعا ً وإنما يرجــو العبــد ثــواب‬
‫الله ويخشى عقابه‪ ،‬ويطمع في رضاه)‪.(4‬‬
‫وقد أمر اللـه تعـالى بـالخلص فـي كتـابه الكريـم فقـال تعـالى‪:‬‬
‫د‬
‫ج ٍ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عندَ ك ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬ ‫موا ْ ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬‫ط َ‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫مَر َرّبي ِبال ْ ِ‬ ‫لأ َ‬
‫ق ْ َ‬ ‫} ُ‬
‫َ‬
‫ما ب َـدَأك ُ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫)‪(5‬‬
‫ن{ ‪ .‬وقــال‪:‬‬ ‫دو َ‬ ‫عــو ُ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫عوهُ ُ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(6‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫ْ‬
‫رهَ الك َــا ِ‬ ‫و ك َـ ِ‬ ‫ولـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫َ‬
‫نل ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫عوا الل َ‬ ‫ْ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫} َ‬
‫َ‬
‫مــن‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خـ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّـ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫خــال ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ه ال ـ ّ‬ ‫وقال تعــالى‪} :‬أل ل ِل ّ ِ‬
‫ه ُزل ْ َ‬ ‫دون ِ َ‬
‫ن‬‫فــى إ ِ ّ‬ ‫قّرُبون َــآ إ ِل َــى الل ّـ ِ‬ ‫م ِإل ل ِي ُ َ‬ ‫ه ْ‬‫عب ُـدُ ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫ول َِيآءَ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫هل‬ ‫ّ‬
‫ن الل ـ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫فــو َ‬ ‫خت َل ِ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫في ـ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫هـ ْ‬ ‫مــا ُ‬ ‫فــي َ‬ ‫م ِ‬ ‫هـ ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬‫حك ُ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫الل َ‬

‫‪ ()1‬الترمذي بلفظه برقم ‪ ،2239‬والحاكم بنحوه ‪ 1/493‬من حديث ثوبان وصححه‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ ،‬وحسنه الترمذي ‪ ،2/225‬لشاهده من‬
‫حديث ثوبان عند الحاكم كما تقدم‪ ،‬وعند ابن ماجه برقم ‪ ،4022‬وأحمد ‪.5/277‬‬
‫‪ ()2‬الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي للمام ابن القيم رحمه ال تعالى ص ‪ 36‬دار الكتاب العربي الطبعة الولى ‪1407‬هـ‪.‬‬
‫‪ ()3‬الفوائد الجلية في المباحث الفرضية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز ص ‪ 12‬وعدة الباحث في أحكام التوارث للشيخ عبد‬
‫العزيز الناصر الرشيد ص ‪.4‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬مقومات الداعية الناجح للمؤلف ص ‪.283‬‬
‫‪ ()5‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.29 :‬‬
‫‪ ()6‬سورة غافر‪ ،‬الية‪.14 :‬‬
‫مُروا ْ ِإل‬ ‫ُ‬ ‫)‪(1‬‬
‫ب كَ ّ‬ ‫و َ‬
‫مآ أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫فاٌر{ ‪ .‬وقال سبحانه‪َ } :‬‬ ‫كاِذ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ء{)‪.(2‬‬ ‫فآ َ‬ ‫حن َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كنت خلف النــبي‬
‫م إنــي ُأعّلمــك كلمــات‪:‬‬ ‫غل ُ‬ ‫صّلى الله عليه وس ـّلم فقــال‪” :‬يا ُ‬
‫ظ الله تجدْهُ ُتجاهــك‪ ،‬إذا ســألت‬ ‫ك‪ ،‬احف ِ‬ ‫احفظ الله يحفظْ َ‬
‫لمة‬ ‫نا ُ‬ ‫فاسأل الله‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بالله‪ ،‬واعلم أ ّ‬
‫ك إل بشيء‬ ‫و اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعو َ‬ ‫لَ ِ‬
‫قد كتبه الله لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم‬
‫م‬‫ت القل ُ‬ ‫يضروك إل بشــيء قــد كتبــه اللــه عليــك‪ُ ،‬رفع ـ ِ‬
‫ف“)‪.(3‬‬ ‫صح ُ‬ ‫فت ال ّ‬ ‫وج ّ‬
‫وسؤال اللــه تعــالى‪ :‬هــو دعــاؤه والرغبــة إليــه كمــا قــال تعــالى‪:‬‬
‫مــا{‬ ‫عِلي ً‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫شـ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ب ِك ُ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫سـئ َُلوا ْ الل ّ َ‬ ‫و ْ‬ ‫} َ‬
‫)‪.(4‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬المتابعة‪ ،‬وهي شرط في جميع العبادات‪ ،‬لقوله‬
‫َ‬ ‫مآ أ ََنا ب َ َ‬
‫م إ ِل َ ٌ‬
‫ه‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫مآ إ ِل َ ُ‬ ‫ي أن ّ َ‬ ‫حى إ ِل َ ّ‬ ‫م ُيو َ‬ ‫مث ْل ُك ُ ْ‬ ‫شٌر ّ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫تعالى‪ُ } :‬‬
‫ول‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مل ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قآءَ َرب ّ ِ‬ ‫جوا ْ ل ِ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫حدٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫دا{)‪ .(5‬والعمل الصالح هو ما كان موافقا ً‬ ‫َ‬ ‫ر ْ‬ ‫يُ ْ‬
‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ة َرب ّ ِ‬ ‫عَبادَ ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ش ِ‬
‫لشرع الله تعالى وُيراد به وجه الله سبحانه‪ .‬فل بد أن يكون الدعاء‬
‫والعمل خالصا ً لله صوابا ً على شريعة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم)‪ ،(6‬ولهذا قال الفضيل بن عياض في تفسير قوله تعالى‪:‬‬
‫ذي‬ ‫ديٌر‪ ،‬ال ّ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫د ِ‬ ‫ذي ب ِي َ ِ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫}ت ََباَر َ‬
‫خل َق ال ْموت وال ْحياةَ ل ِيبل ُوك ُم أ َيك ُ َ‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫مل ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ّ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫فوُر{ ‪ .‬قال‪ :‬هو أخلصه وأصوبه‪ .‬قالوا‪ :‬يا أبا علي ما‬ ‫)‪(7‬‬
‫غ ُ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أخلصه وأصوبه؟ فقال‪” :‬إن العمل إذا كان خالصا ً ولم يكن صوابا ً‬
‫لم يقبل‪ ،‬وإذا كان صوابا ً ولم يكن خالصا ً لم يقبل‪ ،‬حتى يكون‬
‫خالصا ً صوابًا‪ .‬والخالص أن يكون لله‪ ،‬والصواب أن يكون على‬
‫م‬ ‫مث ْل ُك ُ ْ‬ ‫شٌر ّ‬ ‫مآ أ ََنا ب َ َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫السنة“)‪ .(8‬ثم قرأ قوله تعالى‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫ه‬
‫قآءَ َرب ّ ِ‬ ‫جو ل ِ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫حدٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِل َ ٌ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫مآ إ ِل َ ُ‬ ‫ي أن ّ َ‬ ‫حى إ ِل َ ّ‬ ‫ُيو َ‬
‫َ‬
‫دا{ ‪ .‬وقال‬ ‫)‪(9‬‬
‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ة َرب ّ ِ‬ ‫عَبادَ ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ول ي ُ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مل ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه لل ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِديًنا ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫‪()1‬‬
‫سورة الزمر‪ ،‬الية‪.3 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة البينة‪ ،‬الية‪.5 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫أخرجه الترمذي ‪ 4/667‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وأحمد ‪ ،1/293‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.2/309‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬الية‪.32 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫سورة الكهف‪ ،‬الية‪.110 :‬‬
‫‪()6‬‬
‫انظر‪ :‬تفسير ابن كثير ‪.3/109‬‬
‫‪()7‬‬
‫سورة الملك‪ ،‬اليتان‪.2 ،1 :‬‬
‫‪()8‬‬
‫انظر‪ :‬مدارج السالكين لبن القيم ‪.2/89‬‬
‫‪()9‬‬
‫سورة الكهف‪ ،‬الية‪.110 :‬‬
‫م‬‫هي َ‬ ‫ه إ ِب َْرا ِ‬ ‫خذَ الل ّ ُ‬ ‫وات ّ َ‬ ‫فا َ‬ ‫حِني ً‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫مل ّ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن وات ّب َ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫و‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ه إ ِلى الل ِ‬ ‫َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ ْ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬
‫خِليل{ وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ً )‪(1‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫قب َ ُ‬‫عا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وإ َِلى الل ّ ِ‬ ‫قى َ‬ ‫وث ْ َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫عْر َ‬ ‫ك ِبال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫دا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ر{ ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مو ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ص القصــد والــدعاء والعمــل للــه وحــده‪،‬‬ ‫م الــوجه‪ :‬إخل ُ‬ ‫فإســل ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫ن فيه‪ :‬متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ‪.‬‬ ‫والحسا ُ‬
‫فيجب على المسلم أن يكون متبعا ً للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ِ‬ ‫في َر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫في كل أعماله‪ ،‬لقوله تعالى‪} :‬ل َ َ‬
‫ُ‬
‫وذَك ََر الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫خَر َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫جوا ْ الل ّ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ة لّ َ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫أ ْ‬
‫عوِني‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ك َِثيًرا{)‪ .(4‬وقال‪ُ } :‬‬
‫م{)‪.(5‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫ق ْ‬ ‫ن{ ‪ .‬وقال‪ُ } :‬‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫عوهُ ل َ َ‬
‫)‪(6‬‬
‫ل‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫وات ّب ِ ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫وّلوا ْ َ‬ ‫فِإن ت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا ْ الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫أ ِ‬
‫عَلى‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫وِإن ت ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مل ْت ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫ن{ ‪.‬‬‫)‪(7‬‬
‫مِبي ُ‬ ‫ْ‬
‫ل إ ِل الَبلغ ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫ول شك أن العمل الذي ل يكون على شريعة النبي صلى الله‬
‫ل‪ ،‬لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي‬ ‫عليه وسلم يكون باط ً‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪” :‬من أحدث في أمرنا هذا ما‬
‫د“‪.‬‬ ‫ليس منه فهو ر ّ‬
‫الشرط الثالث‪ :‬الثقة بالله تعالى واليقين بالجابة)‪:(8‬‬
‫فمن أعظم الشروط لقبول الدعاء الثقة بالله تعالى‪ ،‬وأنه على‬
‫كل شيء قدير‪ ،‬لنه تعالى يقول للشيء كن فيكون‪ ،‬قال سبحانه‪:‬‬
‫ن{)‪.(9‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ذآ أ ََردَْناهُ َأن ن ّ ُ‬ ‫ء إِ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫ول َُنا ل ِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما َ‬ ‫}إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه كُ ْ‬
‫ن‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫شي ًْئا أ ْ‬ ‫ذآ أَرادَ َ‬ ‫مُرهُ إ ِ َ‬ ‫مآ أ ْ‬ ‫وقال سبحانه‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن{)‪ .(10‬ومما يزيد ثقة المسلم بربه تعالى أن يعلم أن جميع‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫وِإن ّ‬ ‫خزائن الخيرات والبركات عند الله تعالى‪ ،‬قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫)‪(11‬‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫م ْ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ِ َ‬ ‫ما ن ُن َّزل ُ ُ‬ ‫ء إ ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫علو ٍ‬ ‫ر ّ‬ ‫قدَ ٍ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫خَزآئ ِن ُ ُ‬ ‫عندََنا َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬

‫‪ ()1‬سورة النساء‪ ،‬الية‪.125 :‬‬


‫‪ ()2‬سورة لقمان‪ ،‬الية‪.22 :‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬مدارج السالكين ‪.2/90‬‬
‫‪ ()4‬سورة الحزاب‪ ،‬الية‪.21 :‬‬
‫‪ ()5‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.31 :‬‬
‫‪ ()6‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.158 :‬‬
‫‪ ()7‬سورة النور‪ ،‬الية‪.54 :‬‬
‫‪ ()8‬انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم ‪ 2/407‬ومجموع فتاوى ابن باز جمع الطيار ‪.1/258‬‬
‫‪ ()9‬سورة النحل‪ ،‬الية‪.4 :‬‬
‫‪ ()10‬سورة يس‪ ،‬الية‪.82 :‬‬
‫‪ ()11‬سورة الحجر‪ ،‬الية‪.21 :‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي رواه عن‬
‫كم‬ ‫ولكم وآخر ُ‬ ‫ربه تبارك وتعالى‪ ...” :‬يا عبادي لو أن أ ّ‬
‫د فسألوني‪،‬‬ ‫د واح ٍ‬ ‫كم وجّنكم قاموا في صعي ٍ‬ ‫س ُ‬ ‫وإن َ‬
‫ن مسألته‪ ،‬ما نقص ذلك مما عندي إل‬ ‫ل إنسا ٍ‬ ‫تك ّ‬ ‫فأعطي ُ‬
‫حَر“)‪ .(1‬وهذا يدل على كمال‬ ‫خ َ‬ ‫ُ‬ ‫خي َ ُ‬ ‫كما ي َن ْ ُ‬
‫ل الب َ ْ‬ ‫ط إذا أد ِ‬ ‫م ْ‬‫ص ال ِ‬ ‫ق ُ‬
‫قدرته سبحانه وتعالى‪ ،‬وكمال ملكه‪ ،‬وأن ملكه وخزائنه ل تنفد ول‬
‫تنقص بالعطاء‪ ،‬ولو أعطى الولين والخرين‪ :‬من الجن والنس‬
‫جميع ما سألوه في مقام واحد)‪ ،(2‬ولهذا قال صلى الله عليه‬
‫ل‬‫حاءُ)‪ (4‬اللي َ‬ ‫ةس ّ‬ ‫فق ٌ‬ ‫ضها ن َ َ‬ ‫غ ُ‬ ‫وسلم‪” :‬يدُ الله)‪ (3‬ملى ل ي َ ِ‬
‫ق السماءَ)‪ (5‬والرض فإنه‬ ‫مذْ خل َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫والنهاَر أرأيُتم ما أنف َ‬
‫)‪(6‬‬
‫ء وبيده‬ ‫ه على الما ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ض ما في يده وكان عر ُ‬ ‫غ ْ‬ ‫لم ي ِ‬
‫)‪(7‬‬
‫الميزان يخفض ويرفع“ ‪.‬‬
‫فالمسلم إذا علم ذلك فعليه أن يدعو الله وهو موقن بالجابة‪،‬‬
‫لما تقدم‪ ،‬ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫)‪(8‬‬
‫عليه وسلم قال‪” :‬ادعوا الله وأنتم موقنون بالجابة‪“...‬‬
‫الحديث‪ .‬ولهذا بين صلى الله عليه وسلم أن الله يستجيب دعاء‬
‫المسلم الذي قام بالشروط وعمل بالداب‪ ،‬وابتعد عن الموانع‬
‫فقال‪” :‬ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ول‬
‫قطيعة رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث“)‪ (9‬الحديث‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬حضور القلب والخشوع والرغبة فيما عند الله‬
‫من الثواب والرهبة مما عنده من العقاب‪ ،‬فقد أثنى الله تعالى‬
‫بل‬ ‫ه َر ّ‬ ‫دى َرب ّ ُ‬ ‫رّيا إ ِذْ َنا َ‬ ‫وَزك َ ِ‬ ‫على زكريا وأهل بيته فقال تعالى‪َ } :‬‬
‫فردا َ‬
‫هب َْنا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫جب َْنا ل َ ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫رِثي َ‬‫وا ِ‬ ‫خي ُْر ال ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫وأن َ‬ ‫ت َذَْرِني َ ْ ً َ‬
‫يحيى َ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫سا‬ ‫كاُنوا ْ ي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ُ‬‫و َ‬‫ه َز ْ‬‫حَنا ل َ ُ‬ ‫صل َ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫)‪(10‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ْ ل ََنا َ‬ ‫و َ‬ ‫هًبا َ‬ ‫وَر َ‬ ‫غًبا َ‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فل بد للمسلم في دعائه من أن يحضر قلبه‪ ،‬وهذا أعظم شروط‬
‫قبول الدعاء كما قال المام ابن رجب رحمه الله تعالى)‪ ،(11‬وقد‬
‫‪ ()1‬مسلم عن أبي ذر رضي ال عنه برقم ‪.2577‬‬
‫‪ ()2‬جامع العلوم والحكم ‪.2/48‬‬
‫‪ ()3‬في رواية مسلم‪” :‬يمين ال ملى“ رقم ‪.993‬‬
‫حاُء‪ :‬أي دائمة الصب تصب العطاء صّبا ول ينقصها العطاء الدائم في الليل والنهار‪ ،‬انظر‪ :‬الفتح ‪.13/395‬‬ ‫‪ ()4‬س ّ‬
‫‪ ()5‬في رواية للبخاري بالجمع للسموات والرض برقم ‪.7441‬‬
‫‪ ()6‬وفي رواية للبخاري ومسلم ”وبيده الخرى“ رقم ‪ ،7411‬وفي مسلم ‪ ،993‬والترمذي برقم ‪.3045‬‬
‫‪ ()7‬البخاري بلفظه عن أبي هريرة رضي ال عنه برقم ‪ ،4684‬ومسلم بنحوه برقم ‪ ،993‬والترمذي بلفظ‪” :‬يمين الرحمن ملى“ برقم‬
‫‪.3045‬‬
‫‪ ()8‬الترمذي ‪ 5/517‬وحسنه الشيخ ناصر الدين اللباني‪ ،‬في الحاديث الصحيحة برقم ‪ ،594‬وفي صحيح الترمذي برقم ‪ ،2766‬وأخرجه‬
‫أحمد ‪ ،2/177‬والحاكم ‪.1/493‬‬
‫‪ ()9‬أحمد في المسند ‪ ،3/18‬وفي الترمذي عن جابر بن عبد ال برقم ‪ ،3381‬وعن عبادة بن الصامت برقم ‪ ،3573‬وحسنهما اللباني في‬
‫صحيح الترمذي ‪.181 ،3/140‬‬
‫‪ ()10‬سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.90 ،89 :‬‬
‫‪ ()11‬جامع العلوم والحكم ‪.2/403‬‬
‫جاء في حديث أبي هريرة عند المام الترمذي‪” :‬ادعوا الله‬
‫وأنتم موقنون بالجابة‪ ،‬واعلموا أن الله ل يستجيب دعاءً‬
‫ه“)‪ .(1‬وقد أمر الله تعالى بحضور القلب‬ ‫من قلب غافل ل ٍ‬
‫في‬ ‫ك ِ‬ ‫كر ّرب ّ َ‬ ‫واذْ ُ‬‫والخشوع في الذكر والدعاء‪ ،‬فقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫و‬
‫غدُ ّ‬ ‫ل ِبال ْ ُ‬‫و ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫م َ‬
‫ر ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ج ْ‬ ‫دو َ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬‫ف ً‬‫خي َ‬ ‫و ِ‬‫ضّرعا ً َ‬ ‫س َ‬
‫ك تَ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ف ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫فِلي َ‬ ‫غا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫صا ِ‬‫وال َ‬ ‫َ‬
‫جد ّ في الدعاء‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫وال‬ ‫جزم‬ ‫َ‬ ‫وال‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫العز‬ ‫الخامس‪:‬‬ ‫الشرط‬
‫المسلم إذا سأل ربه فإنه يجزم ويعزم بالدعاء‪ ،‬ولهذا نهى صلى‬
‫الله عليه وسلم عن الستثناء في الدعاء‪ ،‬فعن أنس رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬إذا دعا أحدكم‬
‫ل اللهم إن شئت فأعطني‬ ‫فليعزم في الدعاء ول يق ْ‬
‫مك ْ ِ‬ ‫ست َك ْ ِ‬
‫)‪(3‬‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫ه“ ‪ .‬وفي رواية‪” :‬فإن الله ل ُ‬ ‫رهَ ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫فإن الله ل ُ‬
‫له“)‪.(4‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه‬
‫ن أحدكم‪ :‬اللهم اغفر لي إن شئت‪ ،‬اللهم‬ ‫قول َ ّ‬ ‫وسلم‪” :‬ل ي َ ُ‬
‫ظم الرغبة‬ ‫ارحمني إن شئت‪ ،‬ولكن ليعزم المسألة ولُيع ّ‬
‫ه شيءٌ إل أعطاه“)‪.(5‬‬ ‫م ُ‬ ‫فإن الله ل يتعاظ ُ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬موانع إجابة الدعاء‬


‫المانع‪ :‬لغة‪ :‬الحائل بين الشيئين‪ ،‬واصطلحًا‪ :‬ما يلزم من وجوده‬
‫العدم ول يلزم من عدمه وجود‪ ،‬ول عدم لذاته‪ ،‬عكس الشرط)‪.(6‬‬
‫ومن هذه الموانع ما يأتي‪:‬‬
‫ل‪ ،‬وشربًا‪ ،‬ولبسًا‪،‬‬ ‫المانع الول‪ :‬التوسع في الحرام‪ :‬أك ً‬
‫وتغذية)‪.(7‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫ل إل طيبًا‪،‬‬ ‫ب ل يقب ُ‬ ‫عليه وسلم‪” :‬يا أيها الناس إن الله طي ّ ٌ‬
‫وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين‪،‬‬
‫مُلوا ْ‬ ‫َ‬
‫ع َ‬
‫وا ْ‬
‫ت َ‬ ‫ن الطّي َّبا ِ‬
‫م َ‬ ‫ل ك ُُلوا ْ ِ‬
‫س ُ‬
‫ها الّر ُ‬
‫فقال تعالى‪َ} :‬يآ أي ّ َ‬

‫‪ ()1‬الترمذي برقم ‪ ،3479‬وله شاهد عند أحمد ‪ 2/177‬من حديث عبد ال بن عمر ولكنه من طريق ابن لهيعة‪ ،‬والحديث حسنه اللباني في‬
‫الحاديث الصحيحة برقم ‪ ،594‬وفي صحيح سنن الترمذي برقم ‪.2766‬‬
‫‪ ()2‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.205 :‬‬
‫‪ ()3‬البخاري برقم ‪ ،6338‬ومسلم برقم ‪.2678‬‬
‫‪ ()4‬والمراد باللفظين جميعًا أن الذي يحتاج إلى التعليق بالمشيئة هو الذي يحصل إكراهه على الشيء فُيخفف المر عليه حتى ل يشق عليه‬
‫وال ُمنّزه عن ذلك فتح الباري ‪ 11/140‬وشرح النووي ‪.17/10‬‬
‫‪ ()5‬البخاري برقم ‪ ،339‬ومسلم واللفظ له برقم ‪.2679‬‬
‫‪ ()6‬الفوائد الجلية في المباحث الفرضية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد ال بن باز ص ‪ ،12‬وعدة الباحث في أحكام التوارث للشيخ عبد‬
‫العزيز الناصر الرشيد ص ‪.7‬‬
‫‪ ()7‬جامع العلوم والحكم ‪.1/277‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫م{ ‪ .‬وقال‪َ} :‬يآ أي ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫حا إ ِّني ب ِ َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫َ‬
‫م{ ‪ .‬ثم ذكر الرجل‬ ‫‪2‬‬
‫قَناك ُ ْ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫ت َ‬ ‫َ‬
‫من طي َّبا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫مُنوا ك ُلوا ِ‬ ‫آ َ‬
‫ب!‬ ‫يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء‪ :‬يا ر ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫ه حرا ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫م‪ ،‬وملب ُ‬ ‫ه حرا ٌ‬ ‫م‪ ،‬ومشرب ُ ُ‬ ‫ه حرا ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫ب! ومطع ُ‬ ‫يا ر ّ‬
‫ي بالحرام فأّنى ُيستجاب لذلك“)‪ .(3‬وقد قيل كما ذكر‬ ‫ذ َ‬ ‫و ُ‬
‫غ ِ‬
‫ابن رجب رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث‪ :‬إن الله ل يقبل‬
‫من العمال إل ما كان طيبا ً طاهرا ً من المفسدات كلها‪ :‬كالرياء‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فإن الطيب توصف‬ ‫والعجب‪ ،‬ول من الموال إل ما كان طيبا ً حل ً‬
‫به العمال‪ ،‬والقوال‪ ،‬والعتقادات)‪ (4‬والمراد بهذا أن الرسل‬
‫وأممهم مأمورون بالكل من الطيبات والبتعاد عن الخبائث‬
‫والمحرمات‪ ،‬ثم ذكر في آخر الحديث استبعاد قبول الدعاء مع‬
‫ة‪ .‬ولهذا كان‬ ‫ل‪ ،‬وشربًا‪ ،‬ولبسًا‪ ،‬وتغذي ً‬ ‫التوسع في المحرمات‪ :‬أك ً‬
‫الصحابة والصالحون يحرصون أشد الحرص على أن يأكلوا من‬
‫الحلل ويبتعدوا عن الحرام‪ ،‬فعن عائشة رضي الله عنها قالت‪:‬‬
‫ج وكان أبو بكر يأكل من‬ ‫م ُيخرج له الخرا َ‬ ‫”كان لبي بكر غل ٌ‬
‫خراجه)‪ ،(5‬فجاء يوما ً بشيء فأكله أبو بكر فقال له الغلم‪ :‬أتدري ما‬
‫ن في الجاهلية‬ ‫ت لنسا ٍ‬ ‫ت تكّهن ُ‬ ‫هذا؟ فقال أبو بكر‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬كن ُ‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫ه فأعطاني بذلك‪ ،‬فهذا الذي أكل َ‬ ‫خدعت ُ ُ‬‫ة إل أني َ‬ ‫كهان َ‬‫ن ال ِ‬‫س ُ‬ ‫وما أح ِ‬
‫ل شيء في بطنه“)‪ .(7‬وُروي في‬ ‫منه‪ ،‬فأدخل أبو بكر يده)‪ (6‬فقاَء ك ّ‬
‫رواية لبي ُنعيم في الحلية وأحمد في الزهد ”فقيل له يرحمك الله‬
‫ل هذا من أجل هذه اللقمة؟ قال‪ :‬لو لم تخرج إل مع نفسي‬ ‫ك ّ‬
‫لخرجتها‪ ،‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬ك ّ‬
‫ل‬
‫ت فالناُر أولى به“ فخشيت أن ينبت‬ ‫ح ٍ‬‫س ْ‬ ‫جسد نبت من ُ‬
‫)‪(8‬‬
‫شيء من جسدي من هذه اللقمة ‪.‬‬
‫ففي حديث الباب أن هذا الرجل الذي قد توسع في أكل الحــرام‬
‫قد أتى بأربعة أسباب من أسباب الجابة‪:‬‬
‫الول‪ :‬إطالــة الســفر‪ ،‬والثاني‪ :‬حصــول التبــذل فــي اللبــاس‬
‫)‪(9‬‬
‫ث‬‫ع َ‬ ‫شــ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫والهيئة‪ ،‬ولهــذا قــال صــلى اللــه عليــه وســلم‪” :‬ر ّ‬

‫‪ ()1‬سورة المؤمنون‪ ،‬الية‪.51 :‬‬


‫‪ ()2‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪.172 :‬‬
‫‪ ()3‬مسلم برقم ‪.1015‬‬
‫‪ ()4‬جامع العلوم والحكم ‪.1/259‬‬
‫‪ ()5‬أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه‪ .‬الفتح ‪.7/154‬‬
‫‪ ()6‬فأدخل أبو بكر يده‪ :‬أي أدخلها في حلقه‪.‬‬
‫‪ ()7‬البخاري برقم ‪ ،3842‬مع الفتح ‪.7/149‬‬
‫‪ ()8‬أخرجه أبو نعيم في الحلية ‪ ،1/31‬وأحمد في الزهد بمعناه ص ‪ ،164‬وصححه اللباني في صحيح الجامع عن جابر عند أحمد‬
‫والدارمي والحاكم‪ .‬انظر‪ :‬صحيح الجامع ‪.4/172‬‬
‫‪ ()9‬الشعث‪ :‬الملبد الشعر المغبر غير مدهون ول مرجل‪.‬‬
‫مدفوع بالبواب لو أقسم علــى اللــه لبــره“)‪ .(1‬والثــالث‪:‬‬
‫يمد يديه إلى السماء ”إن الله حيي كريم يستحي من عبــده‬
‫إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا ً خــائبتين“)‪ .(2‬والرابــع‪:‬‬
‫اللحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيته وهو من أعظـم مـا يطلــب بـه‬
‫إجابة الدعاء ومع ذلك كله قــال صــلى اللــه عليــه وســلم‪” :‬فأنى‬
‫يســتجاب لــذلك“ وهــذا اســتفهام وقــع علــى وجــه التعجــب‬
‫والستبعاد)‪.(3‬‬
‫فعلى العبد المسلم التوبة إلى الله تعالى من جميع المعاصي‬
‫والذنوب‪ ،‬ويرد المظالم إلى أهلها حتى يسلم من هذا المانع‬
‫العظيم الذي يحول بينه وبين إجابة دعائه‪.‬‬
‫المانع الثاني‪ :‬الستعجال وترك الدعاء‪:‬‬
‫من الموانع التي تمنع إجابة الدعاء أن يستعجل النسان المسلم‬
‫ويترك الدعاء‪ ،‬لتأخر الجابة)‪ ،(4‬فقد جعل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم هذا العمل مانعا ً من موانع الجابة حتى ل يقطع العبد‬
‫دعائه ولو طالت المدة‪ ،‬فإنه سبحانه يحب‬ ‫رجاءه من إجابة ُ‬
‫)‪(5‬‬
‫الملحين في الدعاء ‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫ل فيقول‪ :‬قد‬ ‫وسلم قال‪ُ” :‬يستجاب لحدكم ما لم يعج ْ‬
‫ب لي“)‪.(6‬‬‫ج ْ‬‫ت فلم ُيست َ‬ ‫دعو ُ‬
‫وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫ة رحم ٍ‬ ‫ع بإثم أو قطيع ِ‬ ‫ل يستجاب للعبد ما لم يد ُ‬ ‫”ل يزا ُ‬
‫ما لم يستعجل“‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول الله! ما الستعجال؟ قال‪:‬‬
‫ب لي‬ ‫ت فلم أَر يستجي ُ‬ ‫ت‪ ،‬وقد دعو ُ‬ ‫”يقول قد دعو ُ‬
‫)‪(8‬‬
‫ء“ ‪.‬‬ ‫فيستحسر)‪ (7‬عند ذلك ويد ُ‬
‫ع الدعا َ‬
‫فالعبد ل يستعجل في عدم إجابة الدعاء‪ ،‬لن الله قد يؤخر‬
‫الجابة لسباب‪ :‬إما لعدم القيام بالشروط‪ ،‬أو الوقوع في الموانع‪،‬‬
‫أو لسباب أخرى تكون في صالح العبد وهو ل يدري‪ ،‬فعلى العبد‬
‫إذا لم يستجب دعاؤه أن يراجع نفسه ويتوب إلى الله تعالى من‬
‫جميع المعاصي‪ ،‬ويبشر بالخير العاجل والجل‪ ،‬والله تعالى يقول‪:‬‬
‫‪ ()1‬مسلم برقم ‪.2622‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود ‪ 2/78‬برقم ‪ ،1488‬والترمذي ‪ ،5/557‬وابن ماجه ‪ ،2/1271‬والبغوي في شرح السنة ‪ ،5/185‬وصححه اللباني في صحيح‬
‫الترمذي ‪ 3/179‬وصحيح ابن ماجه برقم ‪.3865‬‬
‫‪ ()3‬جامع العلوم والحكم ‪ 275 ،1/269‬و ‪.275-1/269‬‬
‫‪ ()4‬جامع العلوم والحكم ‪.2/403‬‬
‫‪ ()5‬جامع العلوم والحكم ‪.2/403‬‬
‫‪ ()6‬البخاري برقم ‪ ،6340‬ومسلم برقم ‪.2735‬‬
‫ن{ أي ل ينقطعون عنها‪ .‬انظر‪:‬‬
‫سُرو َ‬
‫ح ِ‬
‫سَت ْ‬
‫عَباَدِتِه َول َي ْ‬
‫ن ِ‬
‫عْ‬
‫ن َ‬ ‫‪ ()7‬ومعنى يستحسر‪ :‬أي ينقطع عن الدعاء ومنه قوله تعالى‪} :‬ل َي ْ‬
‫سَتْكِبُرو َ‬
‫شرح النووي‪ ،‬والفتح ‪.11/141‬‬
‫‪ ()8‬مسلم ‪.4/2096‬‬
‫و ً‬
‫فا‬ ‫خ ْ‬‫عوهُ َ‬ ‫وادْ ُ‬‫ها َ‬‫ح َ‬‫صل َ ِ‬‫عدَ إ ِ ْ‬‫ض بَ ْ‬‫ِ‬ ‫في ال َْر‬‫دوا ْ ِ‬ ‫س ُ‬‫ف ِ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬ ‫} َ‬
‫ن{)‪ .(1‬فما دام‬ ‫سِني َ‬‫ح ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ت الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬‫ن َر ْ‬‫عا إ ِ ّ‬ ‫م ً‬‫وط َ َ‬‫َ‬
‫ح في الدعاء ويطمعُ في الجابة من غير قطع فهو قريب‬ ‫العبد يل ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫من الجابة‪ ،‬ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له ‪.‬‬
‫وقد ُتؤخُر الجابة لمدة طويلة كما أخر سبحانه إجابة يعقوب في‬
‫رد ابنه يوسف إليه‪ ،‬وهو نبي كريم‪ ،‬وكما أخر إجابة نبيه أيوب عليه‬
‫الصلة والسلم في كشف الضر عنه‪ ،‬وقد ُيعطى السائل خيرا ً مما‬
‫يسأل‪ ،‬وقد ُيصرف عنه من الشر أفضل مما سأل)‪.(3‬‬
‫المانع الثالث‪ :‬ارتكاب المعاصي والمحرمات‪:‬‬
‫قد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعا ً من الجابة ‪ ،‬ولهذا‬
‫)‪(4‬‬

‫قال بعض السلف‪ :‬ل تستبطئ الجابة وقد سددت طريقها‬


‫بالمعاصي‪ ،‬وأخذ هذا بعض الشعراء فقال‪:‬‬
‫ب‬‫ل كر ٍ‬ ‫ن ندعو الله في ك ّ‬ ‫نح ُ‬
‫ب‬
‫م ننساه عند كشف الكرو ِ‬
‫ث ّ‬
‫دعاٍء‬
‫ةل ُ‬
‫كيف نرجو إجاب ً‬
‫)‪(5‬‬
‫دنا طريقها بالذنوب‬
‫قد سد ْ‬

‫ول شك أن الغفلة والوقوع في الشهوات المحرمة من أسباب‬


‫ما‬
‫غي ُّر َ‬ ‫ه ل َ يُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫الحرمان من الخيرات‪ .‬وقد قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫فسهم وإ َ َ‬ ‫َ‬
‫ءا‬‫سو ً‬‫وم ٍ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه بِ َ‬‫ذآ أَرادَ الل ّ ُ‬ ‫غي ُّروا ْ َ‬
‫ما ب ِأن ْ ُ ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ل{)‪.(6‬‬ ‫وا ٍ‬‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫دون ِ ِ‬‫من ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫مَردّ ل َ ُ‬‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫المانع الرابع‪ :‬ترك الواجبات التي أوجبها الله‪:‬‬
‫كما أن فعل الطاعات يكون سببا ً لستجابة الدعاء فكذلك ترك‬
‫الواجبات يكون مانعا ً من موانع استجابة الدعاء)‪ ،(7‬ولهذا جاء عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى‪ ،‬فعن حذيفة رضي الله‬
‫عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪” :‬والذي نفسي بيده‬
‫ْ‬
‫ه‬
‫ن الل ُ‬ ‫شك َ ّ‬ ‫ن عن المنكر‪ ،‬أو لُيو ِ‬ ‫و ّ‬
‫ف ولتنه ُ‬ ‫ن بالمعرو ِ‬ ‫مُر ّ‬‫لتأ ُ‬

‫‪()1‬‬
‫سورة العراف‪ ،‬الية‪.56 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫جامع العلوم والحكم ‪.2/404‬‬
‫‪()3‬‬
‫انظر‪ :‬مجموع فتاوى العلمة ابن باز ‪ 1/261‬جمع الطيار‪.‬‬
‫‪()4‬‬
‫جامع العلوم والحكم ‪.1/275‬‬
‫‪()5‬‬
‫جامع العلوم والحكم ‪ ،1/377‬وانظر‪ :‬الحاكم ‪ 2/302‬وسلسلة الحاديث الصحيحة برقم ‪.1805‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة الرعد‪ ،‬الية‪.11 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫جامع العلوم والحكم ‪.1/275‬‬
‫ب‬
‫ه فل ُيستجا ُ‬ ‫م تدعون َ ُ‬ ‫عقابا ً منه ث ّ‬
‫ث عليكم ِ‬‫ن يبع َ‬‫أ ْ‬
‫لكم“)‪.(1‬‬
‫المانع الخامس‪ :‬الدعاء بإثم أو قطيعة رحم‪.‬‬
‫المانع السادس‪ :‬الحكمة الربانية فُيعطى أفضل مما سأل‪:‬‬
‫عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ة ليس فيها إثم ول‬ ‫قال‪” :‬ما من مسلم يدعو الله بدعو ٍ‬
‫جل‬ ‫قطيعة رحم إل أعطاه الله بها إحدى ثلث‪ :‬إما أن ُتع ّ‬
‫له دعوته‪ ،‬وإما أن يدخرها له في الخرة‪ ،‬وإما أن يصرف‬
‫عنه من السوء مثلها“‪ .‬قالوا‪ :‬إذا ً نكث َِر‪ .‬قال‪” :‬الله أكثر“)‪.(2‬‬
‫فقد يظن النسان أنه لم يجب وقد أجيب بأكثر مما سأل أو صرف‬
‫خره له إلى يوم‬ ‫عنه من المصائب والمراض أفضل مما سأل أو أ ّ‬
‫القيامة)‪.(3‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬آداب الدعاء وأماكن وأوقات الجابة‬


‫المبحث الول‪ :‬آداب الدعاء‬
‫يبدأ بحمد الله‪ ،‬ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم‬
‫بذلك‪.‬‬
‫دعاٍء محجوب‬ ‫عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‪” :‬ك ّ‬
‫ل ُ‬
‫حّتى ُيصّلى على محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد“ ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫‪ ()1‬الترمذي ‪ 4/468‬وحسنه برقم ‪ ،2169‬والبغوي في شرح السنة ‪ ،14/345‬وأحمد ‪ ،5/388‬وانظر‪ :‬صحيح الجامع برقم ‪،6/97 ،6947‬‬
‫وفي الباب عن عائشة رضي ال عنها ترفعه‪” :‬يا أيها الناس إن ال تبارك وتعالى يقول لكم‪ :‬مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن‬
‫تدعوني فل أستجيب لكم‪ ،‬وتسألوني فل أعطيكم‪ ،‬وتستنصروني فل أنصركم“ أحمد ‪ .6/159‬وانظر‪ :‬المجمع ‪.7/266‬‬
‫‪ ()2‬أحمد في المسند ‪ 3/18‬وتقدم تخريجه ص ‪.20‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز ‪ 268-1/258‬جمع الطيار‪.‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه الطبراني في الوسط ‪ 4/448‬مصورة الجامعة السلمية موقوفًا على علي رضي ال عنه‪ .‬قال الهيثمي في مجمع الزوائد‬
‫‪ :10/160‬رجاله ثقات‪ ،‬ووافقه اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ ،5/57‬والحديث له شواهد كثيرة عن معاذ بن جبل مرفوعًا‪ ،‬وعن‬
‫عبد ال بن بسر مرفوعًا‪ ،‬وعن أنس رضي ال عنه‪ ،‬وعن عمر قال‪” :‬إن الدعاء موقوف بين السماء والرض ل يصعد منه شيء حتى‬
‫تصلي على نبيك صّلى ال عليه وسّلم“‪ .‬الترمذي برقم ‪ 490‬قال العلمة اللباني‪ :‬وخلصة القول‪ :‬أن الحديث بمجموع هذه الطرق‬
‫والشواهد ل ينزل عن مرتبة الحسن إن شاء ال تعالى على أقل الحوال‪ .‬انظر‪ :‬الحاديث الصحيحة ‪ ،5/57‬رقم ‪ ،2035‬وصحيح الجامع‬
‫‪ ،4/73‬وصحيح الترمذي ‪.1/150‬‬
‫عن فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه قال‪ :‬سمع رسول الله‬
‫جد الله تعالى‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم رجل ً يدعو في صلته لم يم ّ‬
‫ل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى‬ ‫ولم يص ّ‬
‫جل هذا“ ثم دعاه فقال له أو لغيره‪” :‬إذا‬ ‫الله عليه وسلم‪” :‬ع ّ‬
‫صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه‪ ،‬ثم يصلي‬
‫على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم يدعو بعدُ بما‬
‫شاء“)‪ .(1‬ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ً آخر يصلي‬
‫جد الله‪ ،‬وحمده‪ ،‬وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‬ ‫فم ّ‬
‫ب‬‫ج ْ‬‫ع تُ َ‬‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬أيها المصلي اد ُ‬
‫ط[“)‪.(2‬‬‫ع َ‬ ‫ل تُ ْ‬‫س ْ‬ ‫]و َ‬
‫عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬كنت أصلي والنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه فلما جلست بدأت بالثناء‬
‫على الله‪ ،‬ثم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم دعوت‬
‫س ْ‬
‫ل‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ل ُتعطَ ْ‬ ‫س ْ‬‫لنفسي‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ ” :‬‬
‫ه“)‪.(3‬‬ ‫ُتعطَ ْ‬
‫وقد ذكر المام ابن القيم رحمه الله تعالى أن للصلة على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عند الدعاء ثلث مراتب‪:‬‬
‫المرتبة الولى‪ :‬أن يصلي عليه صلى الله عليه وسلم قبل‬
‫الدعاء وبعد حمد الله تعالى‪.‬‬
‫المرتبة الثانية‪ :‬أن يصلي عليه صلى الله عليه وسلم في أول‬
‫الدعاء‪ ،‬وفي أوسطه‪ ،‬وفي آخره‪.‬‬
‫المرتبة الثالثة‪ :‬أن يصلي عليه صلى الله عليه وسلم في‬
‫أوله‪ ،‬وآخره‪ ،‬ويجعل حاجته متوسطة بينهما)‪.(4‬‬
‫الدعاء في الرخاء والشدة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫د‬
‫شدائ ِ‬ ‫عندَ ال ّ‬‫ه ِ‬ ‫ب الله ل ُ‬ ‫ن يسَتجي َ‬‫سّرهُ أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عليه وسلم‪” :‬م ْ‬
‫)‪(5‬‬
‫ء“ ‪.‬‬ ‫دعاءَ في الّرخا ِ‬ ‫ب فل ُْيكِثر ال ّ‬ ‫والك َُر ِ‬
‫والمعنى‪ :‬من أحب أن يستجيب الله له عند الشدائد‪ ،‬وهي‬
‫الحادثة الشاقة‪ ،‬والك َُرب‪ :‬وهي الغم الذي يأخذ النفس‪ ،‬فليكثر‬
‫الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية‪ ،‬لن من شيمة المؤمن‬

‫‪ ()1‬أبو داود ‪ 2/77‬برقم ‪ ،1481‬والترمذي ‪ 5/516‬برقم ‪ ،3477‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود برقم ‪ ،1314‬وصحيح الترمذي‬
‫برقم ‪.2767‬‬
‫‪ ()2‬النسائي ‪ ،3/44‬والترمذي ‪ 5/516‬برقم ‪ ،3476‬وما بين المعكوفين عند النسائي‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح النسائي برقم ‪،1217‬‬
‫وفي صحيح الترمذي برقم ‪.2765‬‬
‫‪ ()3‬الترمذي ‪ ،2/488‬وقال حديث حسن صحيح‪ ،‬وحسنه اللباني في مشكاة المصابيح ‪ 1/294‬برقم ‪.931‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬جلء الفهام في فضل الصلة والسلم على محمد خير النام صّلى ال عليه وسّلم ص ‪.375‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه الترمذي ‪ ،5/462‬برقم ‪ ،3382‬والحاكم ‪ ،1/544‬وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬وحسنه اللباني في صحيح الترمذي ‪،3/140‬‬
‫وانظر‪ :‬الحاديث الصحيحة برقم ‪.593‬‬
‫أن يلجأ إلى الله تعالى ويكون دائم الصلة به‪ ،‬ويلتجئ إليه قبل‬
‫الضطرار)‪ .(1‬قال الله تعالى في يونس عليه الصلة والسلم حينما‬
‫َ‬
‫ن‪،‬‬‫حي َ‬ ‫سب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ول أن ّ ُ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫دعاه فأنجاه واستجاب له‪َ } :‬‬
‫ن{)‪.(2‬‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫في ب َطْن ِ ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫ل َل َب ِ َ‬
‫ل يدعو على أهله‪ ،‬وماله‪ ،‬أو ولده‪ ،‬أو نفسه‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي لعن بعيره‪ ،‬فقال‬
‫ه“؟‬ ‫ن بعيَر ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬من هذا الل ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ه فل تصحبنا بملعو ٍ‬ ‫قال‪ :‬أنا يا رسول الله! قال‪” :‬انزل عن ُ‬
‫ل تدعوا على أنفسكم‪ ،‬ول تدعوا على أولدكم‪ ،‬ول‬
‫ة ُيسأ ُ‬
‫ل‬ ‫قوا من الله ساع ً‬ ‫تدعوا على أموالكم‪ ،‬ل تواف ُ‬
‫ب لكم“)‪.(3‬‬ ‫فيها عطاءٌ فيستجي ُ‬
‫ض صوته في الدعاء بين المخافتة والجهر‪:‬‬ ‫ف ُ‬ ‫‪ -4‬يخ ِ‬
‫ه لَ‬ ‫ة إ ِن ّ ُ‬
‫في َ ً‬ ‫خ ْ‬‫و ُ‬ ‫عا َ‬ ‫ضّر ً‬ ‫م تَ َ‬ ‫عوا ْ َرب ّك ُ ْ‬ ‫أ ـ قال الله تعالى‪} :‬ادْ ُ‬
‫ن{)‪.(4‬‬ ‫دي َ‬ ‫عت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫ة‬
‫ف ً‬‫خي َ‬ ‫و ِ‬ ‫ضّرعا ً َ‬ ‫ك تَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫كر ّرب ّ َ‬ ‫واذْ ُ‬ ‫ب ـ وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫كن ّ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫صا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫و َ‬ ‫غدُ ّ‬ ‫ل ِبال ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ر ِ‬‫ه‪ِ(5‬‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫)‬
‫فِلي َ‬ ‫غا ِ‬‫ال َ‬‫ْ‬
‫جـ ـ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال‪ :‬كنا مع النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬أيها الناس اربعوا على‬
‫م ول غائبًا‪ ،‬إنكم تدعون‬ ‫أنفسكم إنكم ]ل تدعون[ أص ّ‬
‫سميعا ً قريبًا‪ ،‬وهو معكم“)‪ .(6‬والمعنى وهو معكم بعلمه‬
‫واطلعه‪ ،‬لن المعية معيتان‪ :‬معية عامة ومعية خاصة‪ ،‬فالعامة‪:‬‬
‫معية العلم والطلع وهو مستوٍ على عرشه‪ ،‬كما يليق بجلله‪،‬‬
‫ويعلم ما في نفوس عباده ل تخفى عليه خافية‪.‬‬
‫والمعية الخاصة‪ :‬معية النصر‪ ،‬والتأييد والتوفيق‪ ،‬واللهام لعباده‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ يتضرع إلى الله في دعائه‪:‬‬
‫ة‪:‬‬‫ضَرع ُ ضراع ً‬ ‫ع‪ ،‬ي َ ْ‬ ‫ضَر َ‬ ‫الضراعة‪ :‬الذل والخضوع والبتهال‪ ،‬يقال‪َ :‬‬
‫ل واستكان وتضرع إلى الله‪ :‬ابتهل)‪.(7‬‬ ‫خضع وذ ّ‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬تحفة الحوذي ‪.9/324‬‬


‫‪ ()2‬سورة الصافات‪ ،‬اليتان‪.144 ،143 :‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه مسلم ‪ 4/2304‬برقم ‪.3009‬‬
‫‪ ()4‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.55 :‬‬
‫‪ ()5‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.205 :‬‬
‫‪ ()6‬البخاري برقم ‪ 4205‬ومسلم بلفظه برقم ‪ 2704‬إل ما بين المعكوفين لفظ البخاري‪.‬‬
‫‪ ()7‬انظر‪ :‬المصباح المنير ص ‪ ،361‬والقاموس المحيط ص ‪ ،958‬والمعجم الوسيط ص ‪ ،538‬ومفردات ألفاظ غريب القرآن للصفهاني‬
‫ص ‪.506‬‬
‫ْ‬ ‫فأ َ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ء لَ َ‬ ‫ضّرآ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫م ِبال ْب َأ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫خذَْنا ُ‬ ‫أ ـ قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ْ‬
‫ت‬‫س ْ‬ ‫ق َ‬ ‫كن َ‬ ‫وَلـ ِ‬ ‫عوا ْ َ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫سَنا ت َ َ‬ ‫م ب َأ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫جآءَ ُ‬ ‫ول إ ِذْ َ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫وَزي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫ت ال ْب َّر‬ ‫ما ِ‬ ‫من ظُل ُ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫من ي ُن َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ب ـ وقال سبحانه‪ُ } :‬‬
‫ه ل َن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كون َ ّ‬ ‫ذ ِ‬ ‫هـ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫جاَنا ِ‬ ‫ن أن َ‬ ‫ة ل ّئ ِ ْ‬ ‫في َ ً‬‫خ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ضّرعا ً َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫عون َ ُ‬ ‫ر ت َدْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ة{‬ ‫ف ً‬ ‫خي َ‬ ‫و ِ‬ ‫ضّرعا ً َ‬ ‫ك تَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫في ن َ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫كر ّرب ّ َ‬ ‫واذْ ُ‬ ‫جـ ـ وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫)‪.(3‬‬
‫ح على ربه في دعائه‪:‬‬ ‫‪ 6‬ـ يل ّ‬
‫ح‬
‫اللحاح‪ :‬القبال على الشيء ولزوم المواظبة عليه‪ ،‬يقال‪ :‬أل ّ‬
‫ح الجمل‪:‬‬ ‫حت الناقة‪ :‬لزمت مكانها‪ ،‬وأل ّ‬ ‫ب‪ :‬دام مطره‪ ،‬وأل ّ‬ ‫السحا ُ‬
‫ح فلن على الشيء‪ :‬واظب عليه‪ ،‬وأقبل‬ ‫حَرن‪ ،‬وأل ّ‬ ‫لزم مكانه و َ‬
‫ل‬‫ظوا ْ بياذا الجل ِ‬ ‫عليه)‪ .(4‬وعن أنس رضي الله عنه يرفعه‪” :‬أل ّ‬
‫والكرام“)‪.(5‬‬
‫ح على الله بتكرير ربوبيته‬ ‫فالعبد يكثر من الدعاء‪ ،‬ويكرره‪ ،‬ويل ّ‬
‫وإلهيته‪ ،‬وأسمائه وصفاته‪ ،‬وذلك من أعظم ما يطلب به إجابة‬
‫الدعاء‪ ،‬كما ذكر صلى الله عليه وسلم)‪” :(6‬الرجل يطيل‬
‫ب“‪.‬‬ ‫ب يا ر ّ‬ ‫السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا ر ّ‬
‫الحديث)‪ .(7‬وهذا يدل على اللحاح في الدعاء‪ ،‬ولهذا قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬يستجاب لحدكم ما لم يعجل‪ ،‬فيقول‪ :‬قد‬
‫دعوت فلم يستجب لي“)‪.(8‬‬
‫‪ 7‬ـ يتوسل إلى الله تعالى بأنواع التوسل المشروعة‪:‬‬
‫والوسيلة لغة‪ :‬القربة‪ ،‬والطاعة‪ ،‬وما يتوصل به إلى الشيء‬
‫ل‪ :‬عمل‬ ‫سل فلن إلى الله تعالى توسي ً‬ ‫ويتقرب به إليه‪ .‬يقال‪ :‬و ّ‬
‫س ُ‬
‫ل‬ ‫ل فلن إلى الله تعالى بالعمل ي َ ِ‬ ‫س َ‬ ‫عمل ً تقرب به إليه‪ .‬ويقال‪ :‬و َ‬
‫ل‪ :‬رغب وتقرب إليه‪ .‬أي‪ :‬عمل عمل ً تقرب به‬ ‫سل ً وتوسي ً‬ ‫سل ً وتو ّ‬ ‫وَ ْ‬
‫)‪(9‬‬
‫إليه ‪.‬‬
‫قال الراغب الصفهاني‪ :‬الوسيلة‪ :‬التوصل إلى الشيء برغبة‪،‬‬
‫منها معنى الرغبة‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫وهي أخص من الوصيلة لتض ّ‬

‫‪()1‬‬
‫سورة النعام‪ ،‬اليتان‪.43 ،42 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة النعام‪ ،‬الية‪.63 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫سورة العراف‪ ،‬الية‪.205 :‬‬
‫‪()4‬‬
‫انظر‪ :‬النهاية في غريب الحديث لبن الثير ‪ ،4/236‬والمصباح المنير ص ‪ ،550‬والقاموس المحيط ص ‪.306‬‬
‫‪()5‬‬
‫الترمذي برقم ‪ 3775-3773‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/172‬‬
‫‪()6‬‬
‫انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم لبن رجب ‪.275-1/269‬‬
‫‪()7‬‬
‫مسلم برقم ‪.1015‬‬
‫‪()8‬‬
‫البخاري مع الفتح ‪ ،11/140‬ومسلم ‪.4/2095‬‬
‫‪()9‬‬
‫انظر‪ :‬النهاية في غريب الحديث لبن الثير ‪ ،5/185‬والقاموس المحيط ص ‪ ،1379‬والمصباح المنير ص ‪.660‬‬
‫ة{)‪ .(1‬وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى‬ ‫سيل َ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫غوا ْ إ َِلي ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬‫} َ‬
‫مراعاة سبيله بالعلم‪ ،‬والعبادة‪ ،‬وتحري مكارم الشريعة‪.‬وهي‬
‫ل‪ :‬الراغب إلى الله تعالى)‪.(2‬‬ ‫س ُ‬ ‫كالقربة‪ ،‬والوا ِ‬
‫ة{ أي تقربوا إليه‬ ‫سيل َ َ‬‫و ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫غوا ْ إ َِلي ِ‬ ‫واب ْت َ ُ‬ ‫ومعنى قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫بطاعته والعمل بما يرضيه)‪.(3‬‬
‫النوع الول‪ :‬التوسل في الدعاء باسم من أسماء الله تعالى أو‬
‫صفة من صفاته‪ ،‬كأن يقول الداعي قي دعائه‪ :‬اللهم إني أسألك‬
‫بأنك أنت الرحمن الرحيم‪ ،‬اللطيف الخبير‪ ،‬أن تعافيني‪ ،‬أو يقول‪:‬‬
‫أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ها{ ‪.‬‬ ‫سَنى َ‬ ‫مآءُ ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫عوهُ ب ِ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫ولهذا قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ومن دعاء سليمان عليه الصلة والسلم ما قال الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عل َ ّ‬
‫ي‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬‫ع ْ‬‫ك ال ِّتي أن ْ َ‬
‫َ‬
‫مت َ َ‬
‫ع َ‬ ‫شك َُر ن ِ ْ‬ ‫عِني أ ْ‬
‫َ‬
‫ز ْ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫بأ ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫} َ‬
‫مت ِ َ‬
‫ك‬ ‫ح َ‬‫خل ِْني ب َِر ْ‬ ‫وأدْ ِ‬ ‫ضاهُ َ‬ ‫حا ت َْر َ‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫وال ِدَ ّ‬‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫)‪(5‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫عَباِد َ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول صلى الله عليه وسلم‬
‫سمع رجل ً يقول‪” :‬اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله ل إله‬
‫إل أنت‪ ،‬الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد‪ ،‬ولم يكن له كفوا ً أحد“‬
‫قال فقال‪” :‬والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه‬
‫)‪(6‬‬
‫سئل به أعطى“ ‪.‬‬ ‫دعي به أجاب‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫العظم الذي إذا ُ‬
‫وفي رواية‪” :‬لقد سألت الله عز وجل باسمه العظم“‪.‬‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم جالسا ً ورجل يصلي ثم دعا ”اللهم إني أسألك بأن‬
‫لك الحمد ل إله إل أنت المنان‪ ،‬بديع السماوات والرض‪ ،‬يا ذا‬
‫الجلل والكرام‪ ،‬يا حي يا قيوم“‪ .‬فقال النبي صلى الله عليه‬
‫دعي به‬ ‫وسلم‪” :‬لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا ُ‬
‫سئل به أعطى“)‪.(7‬‬ ‫أجاب وإذا ُ‬
‫وعن محجن بن الدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫دخل المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلته وهو يتشهد‪ ،‬وهو‬
‫يقول‪” :‬اللهم إني أسألك يا الله الواحد الحد الصمد الذي لم يلد‬
‫‪ ()1‬سورة المائدة‪ ،‬الية‪.35 :‬‬
‫‪ ()2‬مفردات غريب ألفاظ القرآن ص ‪.871‬‬
‫‪ ()3‬تفسير ابن كثير ‪ ،2/53‬وانظر‪ :‬قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬ص ‪ .160-5‬والتوسل أنواعه وأحكامه للشيخ‬
‫اللباني‪ ،‬ص ‪.156-8‬‬
‫‪ ()4‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.180 :‬‬
‫‪ ()5‬سورة النمل‪ ،‬الية‪.19 :‬‬
‫‪ ()6‬أبو داود ‪ ،2/79‬والترمذي ‪ ،5/515‬وأحمد ‪ ،5/260‬وابن ماجه ‪ ،2/1267‬والحاكم ‪ ،1/604‬وقال‪ :‬صحيح على شرط الشيخين‪ ،‬ووافقه‬
‫الذهبي‪ ،‬وابن حبان وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/163‬‬
‫‪ ()7‬أبو داود بلفظه ‪ 2/80‬وابن ماجه ‪ 2/1268‬والترمذي ‪ 5/550‬وأحمد ‪ ،3/120‬والنسائي ‪ 3/52‬وصححه ابن حبان برقم ‪) 2382‬موارد(‬
‫والحاكم ‪ 1/503‬ووافقه الذهبي وهو كما قال‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪.1/279‬‬
‫ولم يولد ولم يكن له كفوا ً أحد‪ ،‬أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور‬
‫الرحيم“‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬قد غفر له‪،‬‬
‫قد غفر له‪ ،‬قد غفر له“ ثلث مرات)‪.(1‬‬
‫وعن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬دعوة‬
‫ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت‪ :‬ل إله إل أنت‬
‫سبحانك إني كنت من الظالمين‪ ،‬فإنه لم يدع بها رجل‬
‫مسلم في شيء قط إل استجاب الله له“)‪.(2‬‬
‫ل صالح قام به‬ ‫النوع الثاني‪ :‬التوسل إلى الله تعالى بعم ٍ‬
‫الداعي‪ ،‬كأن يقول المسلم‪ :‬اللهم بإيماني بك‪ ،‬أو محبتي لك‪ ،‬أو‬
‫اتباعي لرسولك أن تغفر لي‪.‬‬
‫أو يقول‪ :‬اللهم إني أسألك بمحبتي لمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وإيماني به أن تفرج عني‪ .‬ومن ذلك أن يذكر الداعي عمل ً‬
‫صالحا ً ذا بال‪ ،‬فيه خوفه من الله سبحانه‪ ،‬وتقواه إياه‪ ،‬وإيثاره‬
‫رضاه على كل شيء‪ ،‬وطاعته له جل شأنه‪ ،‬ثم يتوسل به إلى الله‬
‫في دعائه‪ ،‬ليكون أرجى لقبوله وإجابته‪.‬‬
‫ن َرب َّنآ‬‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ويدل على مشروعية ذلك قوله تعالى‪} :‬ال ّ ِ‬
‫ر{)‪.(3‬‬ ‫ب الّنا ِ‬ ‫ذا َ‬‫ع َ‬
‫قَنا َ‬ ‫فْر ل ََنا ذُُنوب ََنا َ‬
‫و ِ‬ ‫فا ْ‬
‫غ ِ‬ ‫مّنا َ‬
‫إ ِن َّنا آ َ‬
‫َ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫عَنا الّر ُ‬ ‫وات ّب َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مآ أنَزل َ ْ‬ ‫مّنا ب ِ َ‬
‫وقوله تعالى‪َ} :‬رب َّنآ آ َ‬
‫ع ال ّ‬ ‫فاك ْت ُب َْنا َ‬
‫َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫دي َ‬
‫ه ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫م َ‬
‫ومن ذلك ما تضمنته قصة أصحاب الغار فإن كل ً منهم ذكر عمل ً‬
‫صالحا ً تقرب به إلى الله ابتغاء وجهه سبحانه‪ ،‬فتوسل بعمله‬
‫الصالح فاستجاب الله له)‪.(5‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح‬
‫الحي الحاضر‪:‬‬
‫كأن يقع المسلم في ضيق شديد‪ ،‬أو تحل به مصيبة كبيرة‪ ،‬ويعلم‬
‫من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى‪ ،‬فيحب أن يأخذ‬
‫بسبب قوي إلى الله تعالى‪ ،‬فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلح‪،‬‬
‫والتقوى‪ ،‬أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة فيطلب منه أن يدعو له‬
‫ربه‪ ،‬ليفرج عنه كربه‪ ،‬ويزيل عنه همه‪ .‬ومن ذلك ما رواه أنس بن‬
‫ة على عهد النبي صلى‬ ‫سن َ ٌ‬‫مالك رضي الله عنه قال‪ :‬أصابت الناس َ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في‬

‫‪ ()1‬أحمد ‪ 4/338‬والنسائي ‪ 3/52‬وأبو داود‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪ ،1/280‬وصحيح أبي داود ‪.1/185‬‬
‫‪ ()2‬الترمذي ‪ ،5/529‬وأحمد ‪ ،1/170‬والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ‪ ،1/505‬قال الرنؤوط في تخريجه للكلم ص ‪ 86‬وهو كما قال‬
‫وحسنه ابن حجر‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/168‬‬
‫‪ ()3‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.16 :‬‬
‫‪ ()4‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.53 :‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه البخاري ‪ 4/37‬ومسلم ‪.4/3099‬‬
‫يوم الجمعة قام أعرابي فقال‪ :‬يا رسول الله! هلك المال وجاع‬
‫العيال فادع الله لنا‪ .‬فرفع يديه ثم قال‪” :‬اللهم أغثنا‪ ،‬اللهم‬
‫ة‪ ،‬فوالذي نفسي‬ ‫أغثنا‪ ،‬اللهم أغثنا“ وما نرى في السماء قََزع ً‬
‫بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال‪ ،‬ثم لم ينزل من‬
‫منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فمطرنا يومنا ذلك‪ ،‬ومن الغد‪ ،‬وبعد الغد‪ ،‬والذي يليه‪ ،‬حتى الجمعة‬
‫الخرى‪ ،‬وقام ذلك العرابي أو قال غيره فقال‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬
‫تهدم البناء‪ ،‬وغرق المال‪ ،‬فادع الله لنا‪ ،‬فرفع يديه فقال‪” :‬اللهم‬
‫حوالينا ول علينا“ فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إل‬
‫انفرجت وصارت المدينة مثل الجوبة‪ ،‬وسال الوادي قناة شهرا ً ولم‬
‫دث بالجود“)‪.(1‬‬ ‫يجيء أحد من ناحية إل ح ّ‬
‫ومن ذلك سؤال أبي هريرة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أن يدعو لمه بالهداية إلى السلم‪ ،‬فدعا لها صلى الله عليه‬
‫وسلم فهداها الله تعالى)‪.(2‬‬
‫ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يطلب من‬
‫العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم الله عز وجل‬
‫أن يغيثهم فيغيثهم سبحانه)‪.(3‬‬
‫ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه‪:‬‬
‫”يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد ثم من‬
‫قرن‪ ،‬كان به برص فبرأ منه إل موضع درهم‪ ،‬له والدة هو بها بر‪،‬‬
‫)‪(4‬‬
‫لو أقسم على الله لبره‪ ،‬فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل“ ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ العتراف بالذنب والنعمة حال الدعاء‪:‬‬
‫عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬سيد الستغفار أن تقول‪” :‬اللهم أنت ربي‪ ،‬ل إله‬
‫إل أنت‪ ،‬خلقتني وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك ووعدك ما‬
‫استطعت‪ .‬أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك‬
‫علي‪ ،‬وأبوء بذنبي‪ ،‬فاغفر لي فإنه ل يغفر الذنوب إل‬
‫أنت“‪ .‬قال‪” :‬ومن قالها من النهار موقنا ً بها فمات من‬
‫يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة‪ ،‬ومن قالها من‬
‫الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح‪ ،‬فهو من أهل‬
‫الجنة“)‪.(5‬‬

‫‪ ()1‬أخرجه البخاري ‪ ،1/224‬ومسلم ‪ 2/612‬برقم ‪.897‬‬


‫‪ ()2‬مسلم ‪ 4/1939‬ويأتي تخريجه في ص ‪.107‬‬
‫‪ ()3‬انظر‪ :‬البخاري مع الفتح ‪ 2/494‬كتاب الستسقاء باب سؤال الناس المام الستسقاء إذا قحطوا‪ .‬حديث رقم ‪.1008‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه مسلم ‪ ،4/1968‬برقم ‪.2542‬‬
‫‪ ()5‬البخاري ‪ 7/144‬و ‪ 150‬برقم ‪ 6306‬والترمذي ‪ ،5/467‬والنسائي ‪ ،8/279‬في الستعاذة باب الستعاذة من شر ما صنع وأحمد‬
‫‪.4/122‬‬
‫‪ 9‬ـ عدم تكلف السجع في الدعاء‪:‬‬
‫عن ابن عباس قال‪ :‬حدث الناس كل جمعة مرة‪ ،‬فإن أبيت‬
‫فمرتين‪ ،‬فإن أبيت فثلث مرار‪ ،‬ول تمل الناس هذا القرآن‪ ،‬ول‬
‫ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقص عليهم‬
‫فتقطع عليهم حديثهم فتملهم‪ ،‬ولكن أنصت فإذا أمروك فحدثهم‬
‫وهم يشتهونه‪ ،‬فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه‪ ،‬فإني عهدت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ل يفعلون إل ذلك –‬
‫يعني ل يفعلون إل ذلك الجتناب –)‪.(1‬‬
‫‪ 10‬ـ الدعاء ثلثًا‪:‬‬
‫عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه‬
‫ب له جلوس‪ .‬إذ قال‬ ‫وسلم كان يصلي عند البيت‪ ،‬وأبو جهل وأصحا ٌ‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬أيكم يجيء بسل جزور بني فلن فيضعه على ظهر‬
‫محمد إذا سجد‪ ،‬فانبعث أشقى القوم فجاء به‪ ،‬فنظر حتى إذا سجد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وضعه على ظهره بين كتفيه‪ ،‬وأنا أنظر‬
‫ل أغني شيئا ً لو كان لي منعة‪ .‬قال‪ :‬فجعلوا يضحكون ويميل‬
‫بعضهم على بعض‪ ،‬ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد ل‬
‫يرفع رأسه‪ ،‬حتى جاءته فاطمة فطرحته عن ظهره‪ ،‬فرفع رأسه ثم‬
‫قال‪” :‬اللهم عليك بقريش“ ثلث مرات‪ .‬فشق عليهم إذ دعا‬
‫عليهم قال‪ :‬وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة ثم‬
‫سمى‪” :‬اللهم عليك بأبي جهل‪ ،‬وعليك بعتبة بن ربيعة‪،‬‬
‫وشيبة بن ربيعة‪ ،‬والوليد بن عتبة‪ ،‬وأمية بن خلف‪،‬‬
‫وعقبة بن أبي معيط“‪ .‬وعد السابع فلم نحفظه قال‪ :‬فوالذي‬
‫نفسي بيده لقد رأيت الذين ع َد ّ رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫صرعى في القليب‪ .‬قليب بدر)‪.(2‬‬
‫‪ 11‬ـ استقبال القبلة‪:‬‬
‫عن عبد الله بن زيد قال‪ :‬خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫هذا المصلى يستسقي فدعا واستسقى‪ ،‬ثم استقبل القبلة وقلب‬
‫رداءه)‪.(3‬‬
‫‪ 12‬ـ رفع اليدي في الدعاء‪:‬‬
‫قال أبو موسى الشعري رضي الله عنه‪ :‬دعا النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ثم رفع يديه‪ ،‬ورأيت بياض إبطيه)‪.(4‬‬

‫‪ ()1‬البخاري ‪ ،7/197‬برقم ‪.6337‬‬


‫‪ ()2‬أخرجه البخاري ‪ 1/74‬في كتاب الوضوء باب إذا ألقي على ظهر المصلي جيفة لم تفسد صلته برقم ‪ ،240‬ومسلم ‪ 3/1418‬كتاب‬
‫الجهاد والسير باب ما لقي النبي صّلى ال عليه وسّلم من أذى المشركين والمنافقين حديث رقم ‪.1794‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه البخاري بلفظ ‪ ،7/99‬برقم ‪ 6343‬في كتاب الدعوات باب الدعاء مستقبل القبلة‪.‬‬
‫‪ ()4‬البخاري ‪ 7/198‬كتاب الدعوات باب رفع اليدي في الدعاء قبل رقم ‪.6341‬‬
‫وقال ابن عمر رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال‪:‬‬
‫”اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد“)‪.(1‬‬
‫وعن أنس أن النبي صّلى الله عليه وسّلم رفع يديه حتى رأيت‬
‫بياض إبطيه)‪.(2‬‬
‫وعن سلمان رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫ي كريم‪ ،‬يستحي‬ ‫عليه وسلم‪” :‬إن ربكم تبارك وتعالى حي ّ‬
‫ً )‪(3‬‬
‫من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا“ ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ الوضوء قبل الدعاء إن تيسر)‪:(4‬‬
‫عن أبي موسى رضي الله عنه قال‪ :‬لما فرغ النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس‪ ،‬فلقي‬
‫دريد بن الصمة فقتل دريد وهزم الله أصحابه‪ .‬قال أبو موسى‪:‬‬
‫ي‬
‫ي أبو عامر في ركبته‪ .‬رماه جشم ّ‬ ‫م َ‬
‫وبعثني مع أبي عامر فُر ِ‬
‫بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا عم من رماك؟‬
‫فأشار إلى أبي موسى فقال‪ :‬ذاك قاتلي الذي رماني‪ ،‬فقصدت له‬
‫فلحقته‪ ،‬فلما رآني وّلى فاتبعته وجعلت أقول له‪ :‬أل تستحي أل‬
‫تثبت فكف‪ .‬فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته‪ ،‬ثم قلت لبي عامر‪:‬‬
‫قتل الله صاحبك قال‪ :‬فانزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء‬
‫فقال‪ :‬يا ابن أخي ! انطل ِقْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ه مّني السلم‪ ،‬وقل له‪ :‬يقول لك أبو عامر‪ :‬استغفر لي‪ .‬قال‪:‬‬ ‫فأقرئ ُ‬
‫واستعملني أبو عامر على الناس فمكث يسيرا ً ثم مات‪ ،‬فرجعت‬
‫فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير‬
‫ل وعليه فراش قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبه‪.‬‬ ‫م ٍ‬
‫مْر َ‬
‫ُ‬
‫فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقلت له‪ :‬قال‪ :‬قل له‪ :‬استغفر لي‪،‬‬
‫فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماٍء فتوضأ منه ثم رفع‬
‫يديه فقال‪” :‬اللهم اغفر لعبيد أبي عامر“ ورأيت بياض إبطيه‬
‫ثم قال‪” :‬اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك‪،‬‬
‫أو من الناس“‪ .‬فقلت‪ :‬ولي يا رسول الله‪ ،‬فاستغفر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫”اللهم اغفر لعبد الله ابن قيس ذنبه وأدخله يوم‬
‫خل ً كريمًا“)‪.(5‬‬
‫مدْ َ‬‫القيامة ُ‬
‫‪ 14‬ـ البكاء في الدعاء من خشية الله تعالى‪:‬‬

‫‪ ()1‬البخاري ‪ 7/198‬كتاب الدعوات باب رفع اليدي في الدعاء قبل رقم ‪.6341‬‬
‫‪ ()2‬البخاري ‪ 7/198‬كتاب الدعوات باب رفع اليدي في الدعاء قبل رقم ‪.6341‬‬
‫‪ ()3‬أبو داود ‪ 2/78‬والترمذي ‪ 5/557‬وغيرهما وقال ابن حجر سنده جيد‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/179‬‬
‫‪ ()4‬الوضوء قبل الدعاء مستحب‪ .‬وقد كان النبي صّلى ال عليه وسّلم يذكر ال على كل أحيانه وعلى هذا فالدعاء جائز للجنب‪ ،‬لكنه ل يقرأ‬
‫شيئًا من القرآن حتى يغتسل‪.‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه البخاري ‪ 5/101‬ومسلم ‪ ،4/1943‬وانظر‪ :‬الفتح فهناك فوائد ‪.8/42‬‬
‫عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه‬
‫ن‬‫ضل َل ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ب إ ِن ّ ُ‬ ‫وسلم تل قول الله عز وجل في إبراهيم‪َ} :‬ر ّ‬
‫عِني َ‬ ‫س َ‬ ‫ك َِثيًرا ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫مّني{ ‪ .‬وقول عيسى‪:‬‬ ‫ه ِ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫من ت َب ِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ن الّنا‬ ‫م َ‬
‫فإن ّ َ َ‬
‫ت‬
‫ك أن َ‬ ‫م َ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فْر ل َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫وِإن ت َ ْ‬ ‫ك َ‬‫عَبادُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عذّب ْ ُ‬ ‫}ِإن ت ُ َ‬
‫م{)‪ .(2‬فرفع يديه وقال‪” :‬اللهم أمتي أمتي‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وبكى“ فقال الله عز وجل‪” :‬يا جبريل اذهب إلى محمد –‬
‫وربك أعلم – فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلة‬
‫والسلم فسأله‪ ،‬فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال‪.‬‬
‫وهو أعلم‪ ،‬فقال الله‪ :‬يا جبريل اذهب إلى محمد فقل‪ :‬إنا‬
‫ءك“)‪.(3‬‬ ‫سنرضيك في أمتك ول نسو ُ‬
‫‪ 15‬ـ إظهار الفتقار إلى الله تعالى‪ ،‬والشكوى إليه‪:‬‬
‫ضّر‬ ‫ي ال ّ‬ ‫قال الله تعالى‪} :‬وأ َيوب إذْ َنادى رب َ‬
‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه أّني َ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ)‪ِ (4‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت أْر َ‬ ‫وأن َ‬ ‫َ‬
‫خي ْـُر‬ ‫ت َ‬ ‫َ‬ ‫ب ل ت َـذَْرِني َ‬
‫وأنـ َ‬ ‫دا َ‬ ‫فـْر ً‬ ‫ومــن ذلــك دعــاء زكريــا‪َ} :‬ر ّ‬
‫ن{)‪.(5‬‬ ‫رِثي َ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬‫ال ْ َ‬
‫من‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ودعاء إبراهيم عليه الصلة والسلم‪ّ} :‬رب َّنآ إ ِّني أ ْ‬
‫موا ْ‬ ‫قي ُ‬ ‫حّرم ِ َرب َّنا ل ِي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عندَ ب َي ْت ِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫واٍد َ‬ ‫ذُّري ِّتي ب ِ َ‬
‫ر َ ِذي َزْر ٍ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫هم‬ ‫ق ُ‬ ‫واْرُز ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫صل َةَ َ‬
‫وي إ ِلي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫ن الّنا )‪ِ(6‬‬ ‫م َ‬ ‫فئ ِدَةً ّ‬ ‫ج َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫‪ 16‬ـ يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره‪:‬‬
‫ي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ُ‬
‫عن أب ّ‬
‫وسلم كان إذا ذكر أحدا ً فدعا له بدأ بنفسه)‪ .(7‬وثبت أنه صلى الله‬
‫م‬
‫عليه وسلم لم يبدأ بنفسه‪ ،‬كدعائه لنس‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وأ ّ‬
‫إسماعيل رضي الله عنهم)‪.(8‬‬
‫‪ 17‬ـ ل يعتدي في الدعاء‪:‬‬
‫عن ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‪ :‬سمعني أبي‬
‫وأنا أقول‪ :‬اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها‪ ،‬وبهجتها‪ ،‬وكذا وكذا‪،‬‬
‫وأعوذ بك من النار وسلسلها وأغللها‪ ،‬وكذا وكذا فقال‪ :‬يا بني‪:‬‬
‫إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬سيكون‬
‫قوم يعتدون في الدعاء“ فإياك أن تكون منهم‪ ،‬إن ُأعطيت‬
‫‪()1‬‬
‫سورة إبراهيم‪ ،‬الية‪.36 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة المائدة‪ ،‬الية‪.118 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫مسلم ‪ 1/191‬كتاب اليمان باب دعاء النبي صّلى ال عليه وسّلم لمته وبكائه شفقة عليهم‪.‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة النبياء‪ ،‬الية‪.83 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫سورة النبياء‪ ،‬الية‪.89 :‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة إبراهيم‪ ،‬الية‪.37 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫أخرجه الترمذي ‪ 5/463‬وقال‪ :‬حديث حسن غريب صحيح‪ .‬وحسنه الشيخ عبد القادر الرناؤوط في تخريجه لجامع الصول ‪.4/175‬‬
‫‪()8‬‬
‫انظر‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم ‪ 15/144‬وفتح الباري ‪ ،1/218‬وتحفة الحوذي شرح سنن الترمذي ‪.9/328‬‬
‫الجنة ُأعطيتها وما فيها‪ ،‬وإن ُأعذت من النار ُأعذت منها وما فيها‬
‫من الشر)‪.(1‬‬
‫وعن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول‪ :‬اللهم إني‬
‫أسألك القصر البيض عن يمين الجنة إذا دخلتها‪ ،‬فقال‪ :‬أي بني‪:‬‬
‫سل الله الجنة‪ ،‬وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪” :‬سيكون في هذه المة قوم يعتدون‬
‫في الطهور والدعاء“)‪.(2‬‬
‫‪ 18‬ـ التوبة ورد المظالم‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬أيها الناس إن الله طّيب ل يقبل إل طّيبًا‪،‬‬
‫وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال‪َ} :‬يآ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫حا إ ِّني ب ِ َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مُلوا ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ن الطّي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ك ُُلوا ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫أي ّ َ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫مُنوا ْ ك ُُلوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫م{ ‪ .‬وقال‪َ} :‬يآ أي ّ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬
‫م{)‪ (4‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫ت َ‬ ‫طَي َّبا ِ‬
‫أشعث أغبر‪ ،‬يمد يديه إلى السماء يا رب‪ ،‬يا رب‪،‬‬
‫ي‬‫ذ َ‬ ‫غ ِ‬‫ومطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪ ،‬و ُ‬
‫ب لذلك“)‪.(5‬‬ ‫بالحرام فأّنى ُيستجا ُ‬
‫‪ 19‬ـ يدعو لوالديه مع نفسه‪:‬‬
‫ة‬
‫مـ ِ‬‫ح َ‬ ‫ن الّر ْ‬ ‫مـ َ‬‫ل ِ‬ ‫ح ال ـذّ ّ‬ ‫جن َــا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ض لَ ُ‬‫ف ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫وا ْ‬
‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫غيًرا{)‪ .(6‬وقــال تعــالى عــن‬ ‫ص ِ‬ ‫ما َرب َّياِني َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ه َ‬‫م ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ب اْر َ‬ ‫قل ّر ّ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫وال ِ ـدَ ّ‬ ‫ول ِ َ‬
‫ف ـْر ل ِــي َ‬ ‫ْ‬
‫إبراهيــم عليــه الصــلة والســلم‪َ} :‬رب ّن َــا اغ ِ‬
‫ب{)‪.(7‬‬ ‫سا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬ ‫َ‬
‫فْر‬ ‫غ ِ‬ ‫با ْ‬ ‫وقال تعالى إخبارا عن نوح عليه الصلة والسلم‪َ} :‬ر ّ‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬
‫مًنا َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ي ُ‬ ‫ل ب َي ْت ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫من دَ َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫وال ِدَ ّ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ِلي َ‬
‫ن إ ِل ّ ت ََباًرا{ ‪.‬‬
‫)‪(8‬‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫زِد ال ّ‬ ‫ول ت َ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ 20‬ـ يدعو للمؤمنين والمؤمنات مع نفسه‪:‬‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬‫ك َ‬ ‫ذنب ِ َ‬ ‫فْر ل ِ َ‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ت{)‪.(9‬‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ 21‬ـ ل يسأل إل الله وحده‪:‬‬

‫‪()1‬‬
‫أبو داود ‪ 2/77‬وصحيح الجامع ‪ 3/218‬برقم ‪ 3565‬وحسنه اللباني في صحيح أبي داود ‪.1/277‬‬
‫‪()2‬‬
‫أبو داود ‪ 1/24‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪ 1/21‬وإرواء الغليل ‪ 1/171‬برقم ‪ ،140‬وأخرجه أحمد ‪.4/87‬‬
‫‪()3‬‬
‫سورة المؤمنون‪ ،‬الية‪.51 :‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬الية‪.172 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫مسلم ‪.4/703‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة السراء‪ ،‬الية‪.24 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫سورة إبراهيم‪ ،‬الية‪.41 :‬‬
‫‪()8‬‬
‫سورة نوح‪ ،‬الية‪.28 :‬‬
‫‪()9‬‬
‫سورة محمد‪ ،‬الية‪.19 :‬‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كنت خلف رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪” :‬يا غلم إني أعلمك كلمات‪:‬‬
‫احفظ الله يحفظك‪ ،‬احفظ الله تجده تجاهك‪ ،‬إذا سألت‬
‫فاسأل الله‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بالله‪ ،‬واعلم أن المة‬
‫لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل بشيء‬
‫قد كتبه الله لك‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم‬
‫يضروك إل بشيء قد كتبه الله عليك‪ ،‬رفعت القلم‬
‫وجفت الصحف“)‪.(1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أوقات وأحوال وأوضاع الجابة‬


‫‪ 1‬ـ ليلة القدر‪:‬‬
‫َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ك َ‬ ‫مآ أدَْرا َ‬ ‫و َ‬
‫ر‪َ ،‬‬ ‫قدْ ِ‬ ‫في ل َي ْل َ ِ‬ ‫قال الله تعالى‪} :‬إ ِّنآ أنَزل َْناهُ ِ‬
‫َ‬
‫ملئ ِك َ ُ‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ر‪ ،‬ت َن َّز ُ‬‫ه ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫خي ٌْر ّ‬‫ر َ‬‫قدْ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ر‪ ،‬ل َي ْل َ ُ‬ ‫قدْ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ل َي ْل َ ُ‬
‫َ‬ ‫من ك ُ ّ‬
‫حّتى‬ ‫ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل ٌ‬ ‫ر‪َ ،‬‬ ‫م ٍ‬ ‫لأ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫ها ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ح ِ‬ ‫والّرو ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ر{ ‪.‬‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ع الف ْ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مطل ِ‬ ‫َ‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله! أرأيت‬
‫ة القدر‪ .‬ما أقول فيها ؟ قال‪” :‬قولي‪:‬‬ ‫إن علمت أي ليلةٍ ليل َ‬
‫)‪(3‬‬
‫اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني“ ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ دبر الصلوات المكتوبات‪:‬‬
‫عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال‪ :‬قيل يــا رســول اللــه!‬
‫أي الدعاء أسمع ؟ قال‪” :‬جوف الليل الخر‪ ،‬ودبــر الصــلوات‬
‫المكتوبات“)‪.(4‬‬
‫‪ 3‬ـ جوف الليل الخر‪:‬‬
‫وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول اللــه صــلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪” :‬أقرب ما يكون الرب من العبــد فــي‬
‫جوف الليل الخر‪ ،‬فــإن اســتطعت أن تكــون ممــن يــذكر‬
‫الله في تلك الساعة فكن“)‪.(5‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪” :‬ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬حين يبقى ثلث الليل الخر فيقول‪ :‬من يدعوني‬

‫‪ ()1‬أخرجه الترمذي ‪ ،4/667‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وأحمد ‪ ،1/293‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.2/309‬‬
‫‪ ()2‬سورة القدر‪ ،‬اليات‪.5-1 :‬‬
‫‪ ()3‬الترمذي ‪ 5/534‬وصححه‪ ،‬وابن ماجه ‪ 2/1265‬وأحمد ‪ 6/182‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪ ،3/170‬وصحيح ابن ماجه‬
‫‪ ،2/328‬وانظر‪ :‬مشكاة المصابيح بتحقق الشيخ اللباني ‪.1/648‬‬
‫‪ ()4‬الترمذي ‪ 5/526‬برقم ‪ 3499‬وحسنه وله شواهد انظرها في جامع الصول ‪ ،4/143‬وحسنه اللباني في صحيح سنن الترمذي ‪.3/168‬‬
‫‪ ()5‬الترمذي ‪ 5/569‬برقم ‪ 3579‬وصححه وهو كما قال وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه والنسائي والحاكم وصححه‪ .‬انظر‪ :‬جامع‬
‫الصول ‪ 4/144‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/173‬‬
‫فأستجيب له‪ ،‬من يسألني فأعطيه‪ ،‬من يستغفرني‬
‫فأغفر له“)‪.(1‬‬
‫وعن عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫”تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد‪ :‬هل من‬
‫فُيعطى‪ ،‬هل من‬ ‫ع فيستجاب له‪ ،‬هل من سائل َ‬ ‫دا ٍ‬
‫فرج عنه‪ ،‬فل يبقى مسلم يدعو بدعوة إل‬ ‫في ُ َ‬
‫مكروب َ‬
‫استجاب الله تعالى له‪ ،‬إل زانية تسعى بفرجها‪ ،‬أو‬
‫عشارًا“)‪.(2‬‬
‫وقد مدح الله المستغفرين بالسحار فقال سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ر ُ‬
‫حا ِ‬
‫س َ‬
‫وِبال ْ‬
‫ن‪َ ،‬‬‫عو َ‬‫ج ُ‬
‫ه َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬‫قِليل ً ّ‬ ‫كاُنوا ْ َ‬ ‫} َ‬
‫ن{)‪.(3‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪ 4‬ـ بين الذان والقامة‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪” :‬الدعاء ل يرد بين الذان والقامة‬
‫فادعوا“)‪.(4‬‬
‫‪ 5‬ـ عند النداء للصلوات المكتوبات‪:‬‬
‫عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫”ثنتان ل تردان‪ ،‬أو قلما تردان‪ :‬الدعاء عند النداء‪ ،‬وعند‬
‫البأس حين يلحم بعضهم بعضًا“)‪.(5‬‬
‫‪ 6‬ـ عند إقامة الصلة‪:‬‬
‫وعن سهل رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى اللــه عليــه‬
‫وسلم‪” :‬ساعتان ل ت َُردّ على داع دعوته‪ :‬حين تقام الصلة‬
‫وفي الصف في سبيل الله“)‪.(6‬‬
‫‪ 7‬ـ عند نزول الغيث وتحت المطر‪:‬‬
‫عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫”ثنتان ل تردان أو قلما تردان‪ :‬الدعاء عند النداء‪ ،‬وعند‬
‫البأس حين يلحم بعضهم بعضًا“‪ .‬وفي الحديث من طريق‬

‫‪ ()1‬البخاري ‪ ،2/59‬برقم ‪ ،1145‬ومسلم ‪ ،1/521‬برقم ‪ ،758‬وانظر‪ :‬روايات مسلم ‪.523-4/521‬‬


‫‪ ()2‬أخرجه الطبراني في المعجم الوسط‪ ،‬وصحح إسناده الشيخ اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ 3/126‬رقم ‪ ،1073‬وصحيح‬
‫شار هو الذي يأخذ أموال الناس بالباطل عن طريق القوة والجاه ومثلها الضرائب وهي المكوس‪،‬‬
‫الجامع الصغير ‪ 3/47‬برقم ‪ .2968‬والع ّ‬
‫انظر‪ :‬المرجع السابق ‪.3/126‬‬
‫‪ ()3‬سورة الذاريات‪ ،‬اليتان‪ .18 ،17 :‬وانظر‪ :‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.17 :‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه الترمذي ‪ 1/415‬و ‪ ،5/577‬وأبو داود ‪ ،1/144‬وأحمد ‪ 3/155‬و ‪ ،3/225‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪،3/185‬‬
‫وإرواء الغليل رقم ‪ 1/261 ،244‬وصحيح الجامع ‪.3/150‬‬
‫‪ ()5‬أبو داود ‪ ،3/21‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪ ،2/483‬وفي رواية له ووقت المطر‪ .‬والدارمي ‪ 1/217‬وقال الحافظ ابن حجر‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح‪ ،‬وانظر تخريجه في الدارمي ‪ 1/217‬وانظر ما بعده‪.‬‬
‫‪ ()6‬ابن حبان في صحيحه )موارد( وصححه الشيخ ناصر اللباني في صحيح الترغيب والترهيب ‪ 1/106‬برقم ‪ ،256‬ورقم ‪.262‬‬
‫موسى عن رزق عن أبي حازم عن سهل ابن سعد به‪” :‬ووقت‬
‫المطر“ ولفظ الحاكم‪” :‬وتحت المطر“)‪.(1‬‬
‫‪ 8‬ـ عند زحف الصفوف في سبيل الله‪:‬‬
‫عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪” :‬ثنتان ل تردان‪ ،‬أو قلما تردان‪ :‬الدعاء‬
‫عند النداء‪ ،‬وعند البأس حين يلحم يعضهم بعضًا“)‪.(2‬‬
‫‪ 9‬ـ ساعة من كل ليلة‪:‬‬
‫عن جابر رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪” :‬إن في الليل لساعة‪ ،‬ل يوافقها رجل‬
‫مسلم يسأل الله خيرا ً من أمر الدنيا والخرة إل أعطاه‬
‫إياه‪ ،‬وذلك كل ليلة“)‪.(3‬‬
‫‪ 10‬ـ ساعة من ساعات يوم الجمعة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ذكر يوم الجمعة فقال‪” :‬فيه ساعة ل يوافقها عبد‬
‫مسلم‪ ،‬وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا ً إل أعطاه‬
‫إياه“ وأشار بيده يقللها)‪.(4‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اللــه عليــه وســلم‬
‫قال‪” :‬إن في الجمعة لساعة ل يوافقها عبد مسلم يسأل‬
‫الله فيها خيرا ً إل أعطاه إياه وهي بعد العصر“)‪.(5‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫”يوم الجمعة اثنا عشر ساعة‪ ،‬فيها ساعة ل يوجد مسلم‬
‫يسأل الله فيها شيئا ً إل أعطاه‪ ،‬فالتمسوها آخر ساعة‬
‫بعد العصر“)‪.(6‬‬
‫وعن أبي بردة بن أبي موسى الشعري قال‪ :‬قال عبد الله بن‬
‫عمر‪ :‬أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫في ساعة الجمعة ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم سمعته يقول‪ :‬سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬هي ما بين أن يجلس‬
‫المام إلى أن ُتقضى الصلة“)‪.(7‬‬

‫‪ ()1‬أخرجه أبو داود ‪ 3/21‬وحسنه الشيخ ناصر اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة برقم ‪ ،454-3/453 ،1469‬وأخرجه الحاكم‬
‫وصححه ووافقه الذهبي ‪.2/114‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود ‪ 3/21‬والدارمي ‪ 1/217‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪.2/283‬‬
‫‪ ()3‬مسلم ‪.1/521‬‬
‫‪ ()4‬البخاري ‪ ،1/253‬برقم ‪ ،935‬ومسلم ‪ ،2/583‬برقم ‪.852‬‬
‫‪ ()5‬أحمد ‪ 2/272‬ويشهد له ما بعده‪.‬‬
‫‪ ()6‬أبو داود ‪ 1/275‬برقم ‪ 1048‬والنسائي ‪ 100-3/99‬في الجمعة باب وقت الجمعة وإسناده جيد وصححه الحاكم ‪ 1/279‬ووافقه الذهبي‪.‬‬
‫وانظر‪ :‬زاد المعاد بتحقيق الرناؤوط ‪ 2/391‬والفتح ‪.2/351‬‬
‫‪ ()7‬مسلم ‪ ،1/584‬برقم ‪.853‬‬
‫ورجح ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره من أهل العلم‪ :‬أن‬
‫الساعة في يوم الجمعة هي بعد العصر)‪.(8‬‬
‫قال ابن القيم‪” :‬وعندي أن ساعة الصلة ساعة ُترجى فيها‬
‫الجابة أيضًا‪ ،‬فكلهما ساعة إجابة‪ ،‬وإن كانت الساعة المخصوصة‬
‫هي آخر ساعة بعد العصر فهي ساعة معينة من اليوم‪ ،‬ل تتقدم ول‬
‫تتأخر‪ .‬وأما ساعة الصلة فتابعة للصلة تقدمت أو تأخرت‪ ،‬لن‬
‫لجتماع المسلمين وصلتهم وتضرعهم وابتهالهم إلى الله تعالى‬
‫تأثيرا ً في الجابة‪ .‬فساعة اجتماعهم ساعة ُترجى فيها الجابة‬
‫وعلى هذا تتفق الحاديث كلها‪.(2)“...‬‬
‫‪ 11‬ـ عند شرب ماء زمزم مع النية الصالحة‪:‬‬
‫عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫ب له“)‪.(3‬‬
‫ر َ‬
‫ش ِ‬‫”ماء زمزم لما ُ‬
‫‪ 12‬ـ في السجود‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد‬
‫فأكثروا الدعاء“)‪.(4‬‬
‫‪ 13‬ـ عند الستيقاظ من النوم ليل ً والدعاء بالمأثور‪:‬‬
‫عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪” :‬من تعاّر من الليل فقال‪ :‬ل إله إل الله وحده‬
‫ل شريك له‪ ،‬له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء‬
‫قدير‪ .‬الحمد لله‪ ،‬وسبحان الله‪ ،‬ول إله إل الله‪ ،‬والله‬
‫أكبر‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪ .‬ثم قال‪ :‬اللهم اغفر لي‬
‫– أو دعا ‪ -‬استجيب له‪ .‬فإن توضأ وصلى قبلت صلته“)‪.(5‬‬
‫‪ 14‬ـ عند الدعاء بـ”دعوة ذي النون“‪:‬‬
‫عن سعد قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬دعوة‬
‫ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت ل إله إل أنت‬
‫ع بها رجل مسلم‬ ‫سبحانك إني كنت من الظالمين‪ ،‬لم يد ُ‬
‫في شيء قط إل استجاب الله له“)‪.(6‬‬
‫‪ 15‬ـ عند الدعاء في المصيبة بالمأثور‪:‬‬

‫‪ ()8‬انظر‪ :‬زاد المعاد ‪.397-2/388‬‬


‫‪ ()2‬زاد المعاد بتحقيق الرناؤوط ‪.2/394‬‬
‫‪ ()3‬ابن ماجه ‪ 2/1018‬وأحمد ‪ 3/357‬و ‪ 372‬وصححه اللباني في إرواء الغليل ‪ 4/320‬برقم ‪ 1123‬وفي الحاديث الصحيحة برقم ‪883‬‬
‫وفي صحيح الجامع ‪ 5/116‬برقم ‪ ،5378‬وفي صحيح ابن ماجه ‪.3/386‬‬
‫‪ ()4‬مسلم ‪.1/350‬‬
‫‪ ()5‬البخاري مع الفتح ‪ 3/39‬برقم ‪ ،1154‬والترمذي ‪.5/480‬‬
‫‪ ()6‬الترمذي ‪ 5/529‬برقم ‪ 3505‬وأحمد ‪ 1/170‬والحاكم ‪ 1/505‬وصححه ووافقه الذهبي‪ .‬قال عبد القادر الرنؤوط في تخريجه للكلم‬
‫الطيب ص ‪ :86‬وهو كما قال‪ :‬وحسنه ابن حجر وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/168‬‬
‫عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬ما من مسلم تصيبه مصيبة‬
‫فيقول ما أمره الله‪ :‬إنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬اللهم‬
‫ف لي خيرا ً منها إل أخلف الله‬ ‫جْرني في مصيبتي‪ ،‬وأ َ ْ‬
‫خل ِ ْ‬ ‫أ ُ‬
‫له خيرا ً منها“)‪.(1‬‬
‫‪ 16‬ـ عند دعاء الناس بعد وفاة الميت‪:‬‬
‫عن أم سلمة رضي الله عنها قالت‪ :‬دخل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫”إن الروح إذا قبض تبعه البصر“ فضج ناس من أهله فقال‪:‬‬
‫”ل تدعوا على أنفسكم إل بخير‪ ،‬فإن الملئكة يؤمنون‬
‫على ما تقولون“‪ .‬ثم قال‪” :‬اللهم اغفر لبي سلمة‪،‬‬
‫وارفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه في‬
‫الغابرين‪ ،‬واغفر لنا وله يا رب العالمين‪ ،‬وأفسح له في‬
‫قبره ونور له فيه“)‪.(2‬‬
‫‪ 17‬ـ عند قولك في دعاء الستفتاح‪:‬‬
‫”الله أكبر كبيرًا‪ ،‬والحمد لله كثيرًا‪ .‬وسبحان الله بكرة وأصي ً‬
‫ل“‬
‫استفتح به رجل من الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫”عجبت لها فتحت لها أبواب السماء“)‪.(3‬‬
‫‪ 18‬ـ عند قولك في دعاء الستفتاح‪:‬‬
‫”الحمد لله حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه“ استفتح رجل به صلته‬
‫فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلته قال‪” :‬أيكم‬
‫المتكلم بالكلمات“ فأرم القوم‪ .‬فقال‪” :‬أيكم المتكلم فإنه‬
‫لم يقل بأسًا“ فقال رجل‪ :‬جئت وقد حفزني النفس فقلتها‬
‫فقال‪” :‬لقد رأيت اثني عشر ملكا ً يبتدرونها أيهم‬
‫يرفعها“)‪.(4‬‬
‫‪ 19‬ـ عند قراءة الفاتحة في الصلة بالتدبر‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪” :‬من صلى صلة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي‬
‫خداج“‪ .‬ثلثا ً ”غير تمام“ فقيل لبي هريرة‪ :‬إنا نكون وراء‬
‫المام‪ .‬فقال‪ :‬اقرأ بها في نفسك‪ ،‬فإني سمعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪” :‬قال الله تعالى‪ :‬قسمت الصلة‬
‫بيني وبين عبدي نصفين‪ ،‬ولعبدي ما سأل‪ ،‬فإذا قال‬
‫العبد‪ :‬الحمد لله رب العالمين‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬حمدني‬
‫‪()1‬‬
‫مسلم ‪ 2/632‬و ‪.633‬‬
‫‪()2‬‬
‫مسلم ‪.2/634‬‬
‫‪()3‬‬
‫مسلم ‪.2/420‬‬
‫‪()4‬‬
‫مسلم ‪.2/419‬‬
‫عبدي‪ ،‬وإذا قال‪ :‬الرحمن الرحيم‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬أثنى‬
‫علي عبدي‪ .‬وإذا قال‪ :‬مالك يوم الدين‪ ،‬قال‪ :‬مجدني‬
‫عبدي‪) .‬وقال مرة‪ :‬فوض إلي عبدي( فإذا قال‪ :‬إياك‬
‫نعبد وإياك نستعين‪ .‬قال‪ :‬هذا بيني وبين عبدي‪ ،‬ولعبدي‬
‫ما سأل‪ .‬فإذا قال‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم صراط‬
‫الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ول الضالين‪.‬‬
‫قال‪ :‬هذا لعبدي و لعبدي ما سأل“)‪.(1‬‬
‫‪ 20‬ـ عند رفع الرأس من الركوع وقولك‪:‬‬
‫”ربنا ولك الحمد حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه“‪:‬‬
‫عن رفاعة قال‪ :‬كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما‬
‫رفع رأسه من الركعة قال‪” :‬سمع الله لمن حمده“‪ .‬قال رجل‬
‫وراءه‪” :‬ربنا ولك الحمد حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه“ فلما انصرف‬
‫قال‪” :‬من المتكلم“؟ قال‪ :‬أنا‪ .‬قال‪” :‬رأيت بضعة وثلثين‬
‫ملكا ً يبتدرونها أيهم يكتبها أول“)‪.(2‬‬
‫‪ 21‬ـ عند التأمين في الصلة إذا وافق قول الملئكة‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫منوا فإنه من وافق تأمينه‬ ‫م فأ ّ‬ ‫من الما ُ‬ ‫وسلم قال‪” :‬إذا أ ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫تأمين الملئكة‪ ،‬غفر له ما تقدم من ذنبه“ ‪.‬‬
‫وعنه رضي الله عنه أيضا ً أن رسول الله صلى اللــه عليــه وســلم‬
‫قال‪” :‬إذا قال المام‪ :‬غير المغضوب عليهم ول الضالين‪،‬‬
‫فقولوا‪ :‬آمين‪ ،‬فإنه من وافق قوله قــول الملئكــة غفــر‬
‫له ما تقدم من ذنبه“)‪.(4‬‬
‫‪ 22‬ـ عند قولك في رفعك من الركوع‪:‬‬
‫”اللهم ربنا ولك الحمد“‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪” :‬إذا قال المام سمع الله لمن حمده‪ ،‬فقولوا‪:‬‬
‫اللهم ربنا ولك الحمد‪ ،‬فإنه من وافق قوله قول‬
‫الملئكة غفر له ما تقدم من ذنبه“)‪.(5‬‬
‫‪ 23‬ـ بعد الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫التشهد الخير‪:‬‬
‫عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‪ :‬كنت أصلي والنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر معه‪ ،‬فلما جلست بدأت‬
‫‪()1‬‬
‫مسلم ‪.1/296‬‬
‫‪()2‬‬
‫البخاري مع الفتح ‪ 2/284‬وموطأ مالك ‪ 1/212‬والترمذي ‪ 2/254‬وأبو داود ‪ 2/204‬وأحمد ‪.4/340‬‬
‫‪()3‬‬
‫البخاري ‪ 1/190‬ومسلم واللفظ له ‪.1/307‬‬
‫‪()4‬‬
‫البخاري واللفظ له ‪ 1/190‬ومسلم ‪.1/307‬‬
‫‪()5‬‬
‫البخاري ‪ 1/193‬ومسلم ‪.1/306‬‬
‫بالثناء على الله‪ ،‬ثم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم‬
‫ل ُتعطه‪.‬‬ ‫دعوت لنفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬س ْ‬
‫ل ُتعطه“)‪.(1‬‬ ‫س ْ‬
‫وعن فضالة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع‬
‫رجل ً يصلي فمجد الله وحمده وصلى على النبي صلى الله عليه‬
‫ع تجب‪ ،‬وسل‬ ‫وسلم‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬اد ُ‬
‫ع َ‬
‫ط“)‪.(2‬‬ ‫تُ ْ‬
‫‪ 24‬ـ عند قولك قبل السلم في الصلة‪:‬‬
‫”اللهم إني أسألك يا الله الواحد الحد الصمد الذي لم يلد ولم‬
‫يولد‪ ،‬ولم يكن له كفوا ً أحد‪ ،‬أن تغفر لي ذنوبي‪ ،‬إنك أنت الغفور‬
‫الرحيم“‪ ،‬قال نبي الله صلى الله عليه وسلم عندما سمع هذا‬
‫الدعاء من رجل يصلي‪” :‬قد غفر له‪ ،‬قد غفر له‪ ،‬قد غفر‬
‫له“ ثلث مرات)‪.(3‬‬
‫‪ 25‬ـ وكذلك عند قولك‪:‬‬
‫”اللهم إني أسألك بأن لك الحمد‪ ،‬ل إله إل أنت المنان بديع‬
‫السماوات والرض‪ ،‬يا ذا الجلل والكرام‪ ،‬يا حي يا قيوم“‪ .‬قال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمع رجل ً يصلي يدعو بهذا‬
‫دعي به‬ ‫الدعاء‪” :‬لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا ُ‬
‫سئل به أعطى“)‪.(4‬‬ ‫أجاب‪ ،‬وإذا ُ‬
‫‪ 26‬ـ وكذلك عند الدعاء بهذا الدعاء‪:‬‬
‫”اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله‪ ،‬ل إله إل أنت الحد‬
‫الصمد الذي لم يلد ولم يولد‪ ،‬ولم يكن له كفوا ً أحد“ قال صلى‬
‫الله عليه وسلم لرجل سمعه يدعو بهذا الدعاء‪” :‬لقد سألت الله‬
‫عز وجل باسمه العظم“ وفي رواية‪” :‬لقد سألت الله‬
‫)‪(5‬‬
‫دعي به أجاب“ ‪.‬‬ ‫سئل به أعطى‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫بالسم الذي إذا ُ‬
‫‪ 27‬ـ عند دعاء المسلم عقب الوضوء بالمأثور‪:‬‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪” :‬ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم‬

‫‪ ()1‬أخرجه الترمذي ‪ 2/488‬وقال حديث حسن صحيح‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وأحمد ‪ 1/26‬و ‪ 38‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي برقم ‪،2765‬‬
‫وفي صحيح النسائي برقم ‪.1217‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه النسائي ‪ 3/44‬و ‪ 45‬باب فضل التمجيد والصلة على النبي صّلى ال عليه وسّلم والترمذي ‪ 5/516‬قال الشيخ عبد القادر‬
‫الرناؤوط‪ :‬وصححه ابن خزيمة وابن حبان "موارد" برقم ‪ 510‬والحاكم ‪ 1/268‬ووافقه الذهبي‪ .‬انظر‪ :‬شرح السنة للمام البغوي بتحقيق‬
‫الرناؤوط ‪ ،3/187‬وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪.1/275‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه أحمد ‪ 4/338‬وأبو داود والنسائي ‪ 3/52‬وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪ 1/279‬وقال الشيخ اللباني وأخرجه ابن خزيمة‪:‬‬
‫وصححه الحاكم ووافقه الذهبي‪ .‬انظر‪ :‬تخريج صفة صلة النبي صّلى ال عليه وسّلم ص ‪.203‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه أبو داود ‪ 2/80‬وابن ماجه ‪ 2/1268‬والترمذي ‪ 5/550‬وأحمد ‪ 3/120‬والنسائي ‪ 3/52‬وصححه ابن حبان برقم ‪) 2382‬موارد(‬
‫والحاكم ‪ 1/503‬ووافقه الذهبي وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪.1/279‬‬
‫‪ ()5‬أبو داود ‪ 2/79‬والترمذي ‪ 5/515‬وأحمد ‪ 5/360‬وابن ماجه ‪ 2/1267‬والحاكم ‪ 1/504‬وصححه وأقره الذهبي وصححه اللباني في‬
‫صحيح الترمذي ‪.3/163‬‬
‫يقول‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد‬
‫ب الجنة‬ ‫ت له أبوا ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫فت ِ َ‬‫أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬إل ُ‬
‫الثمانية يدخل من أيها شاء“)‪.(1‬‬
‫‪ 28‬ـ عند الدعاء يوم عرفة في عرفة للحاج‪:‬‬
‫عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪” :‬خير الدعاء يوم عرفة‪ ،‬وخير ما قلت أنا‬
‫والنبيون من قبلي‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير“)‪.(2‬‬
‫‪ 29‬ـ الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر‪:‬‬
‫عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم كان يصلي أربعا ً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر‪،‬‬
‫وقال‪” :‬إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء‪ ،‬وأحب أن‬
‫يصعد لي فيها عمل صالح“)‪.(3‬‬
‫وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال‪” :‬إن أبواب السماء تفتح‬
‫صّلى الظهر‪ ،‬فأحب أن‬ ‫إذا زالت الشمس فل ترتج حتى ي ُ َ‬
‫يصعد لي إلى السماء خير“)‪.(4‬‬
‫‪ 30‬ـ في شهر رمضان‪:‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت‬
‫أبواب جهنم وسلسلت الشياطين“)‪.(5‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صــلى اللــه‬
‫فتحــت أبــواب الرحمــة‪،‬‬ ‫ن ُ‬ ‫عليــه وســلم‪” :‬إذا كــان رمضــا ُ‬
‫)‪(6‬‬
‫وغلقت أبواب جهنم‪ ،‬وسلسلت الشياطين“ ‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪” :‬إن لله ملئكة يطوفون في الطرق يلتمسون‬
‫أهل الذكر‪ ،‬فإذا وجدوا قوما ً يذكرون الله تنادوا‪ :‬هلموا‬
‫إلى حاجتكم‪ ،‬قال‪ :‬فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬فيسألهم ربهم عز وجل – وهو أعلم منهم –‬
‫ما يقول عبادي؟ قالوا‪ :‬يقولون يسبحونك‪ ،‬ويكبرونك‪،‬‬
‫‪ ()1‬أخرجه مسلم ‪ 1/210‬وأحمد ‪ .4/146‬وانظر‪ :‬تخريجه بتمامه في إرواء الغليل ‪ 1/134‬برقم ‪.96‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه الترمذي ومالك في الموطأ ‪ .1/422‬وحسنه اللباني في صحيح الترمذي ‪ .3/184‬وانظر‪ :‬تخريج مشكاة المصابيح ‪ 2/797‬برقم‬
‫‪ 2595‬وصحيح الجامع ‪ 3/121‬برقم ‪ 3269‬وسلسلة الحاديث الصحيحة ‪ 4/6‬رقم ‪.1503‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه الترمذي ‪ 2/342‬برقم ‪ 478‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪ 1/147‬انظر‪ :‬مشكاة المصابيح لللباني ‪ 1/237‬وأخرجه‬
‫أيضًا أحمد ‪.3/411‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه أحمد مرفوعًا ‪ 5/420‬وأبو داود وحسنه اللباني في صحيح الجامع ‪ 2/39‬برقم ‪ 1529‬وصحيح الترغيب ‪ 1/238‬برقم ‪،584‬‬
‫وصحيح سنن أبي داود ‪.1/236‬‬
‫‪ ()5‬البخاري مع الفتح ‪ 6/336‬ومسلم ‪.2/758‬‬
‫‪ ()6‬مسلم ‪.2/758‬‬
‫ويحمدونك‪ ،‬ويمجدونك‪ “...‬الحديث وفيه‪” .‬فيقول‪:‬‬
‫فأشهدكم أني قد غفرت لهم‪ .‬قال‪ :‬يقول ملك من‬
‫الملئكة فيهم فلن ليس منهم إنما جاء لحاجة قال‪ :‬هم‬
‫الجلساء ل يشقى بهم جليسهم“)‪.(1‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪” :‬ل يقعد قوم يذكرون الله عز‬
‫وجل إل حفتهم الملئكة‪ ،‬وغشيتهم الرحمة‪ ،‬ونزلت‬
‫عليهم السكينة‪ ،‬وذكرهم الله فيمن عنده“)‪.(2‬‬
‫‪ 32‬ـ عند صياح الديكة‪:‬‬
‫”إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله‪،‬‬
‫فإنها رأت ملكًا‪ ،‬وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله‬
‫من الشيطان‪ ،‬فإنه رأى شيطانًا“)‪.(3‬‬
‫‪ 33‬ـ حالة إقبال القلب على الله واشتداد الخلص‪:‬‬
‫ومن الدلة على ذلك قصة أصحاب الصخرة)‪.(4‬‬
‫‪ 34‬ـ الدعاء في عشر ذي الحجة‪:‬‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪” :‬ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله‬
‫من هذه اليام“ ‪ -‬يعني أيام العشر – قالوا‪ :‬يا رسول الله! ول‬
‫الجهاد في سبيل الله؟ قال‪” :‬ول الجهاد في سبيل الله إل‬
‫رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء“)‪.(5‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬أماكن تجاب فيها الدعوات‬


‫‪ 1‬ـ عند رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام‬
‫التشريق‪:‬‬
‫”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى الجمرة التي‬
‫تلي مسجد منى يرميها بسبع حصيات‪ ،‬يكبر كلما رمى بحصاة‪ ،‬ثم‬
‫تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعا ً يديه يدعو وكان يطيل‬
‫الوقوف‪ ،‬ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما‬
‫رمى بحصاة‪ ،‬ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي‪ ،‬فيقف‬
‫مستقبل القبلة رافعا ً يديه يدعو‪ ،‬ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة‬

‫‪ ()1‬البخاري ‪ 7/168‬كتاب الدعوات باب فضل ذكر ال عز وجل‪ ،‬ومسلم ‪ 4/2069‬كتاب الذكر والدعاء‪.‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه مسلم ‪ 4/2074‬في كتاب الذكر والدعاء باب فضل الجتماع على تلوة القرآن والذكر من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري‬
‫رضي ال عنهما‪ .‬رقم ‪.2700‬‬
‫‪ ()3‬أخرجه البخاري بلفظه ‪ ،4/89‬وأخرجه مسلم ‪ 4/2092‬من حديث أبي هريرة رضي ال عنه وأبو داود ‪ 4/327‬والترمذي ‪5/508‬‬
‫وأحمد ‪.2/307‬‬
‫‪ ()4‬وتقدم تخريج الحديث‪ ،‬وانظر‪ :‬صحيح البخاري ‪ ،4/37‬ومسلم ‪.4/2099‬‬
‫‪ ()5‬البخاري برقم ‪ ،969‬وأبو داود واللفظ له برقم ‪ ،2438‬وغيرهما‪.‬‬
‫فيرميها بسبع حصيات يكبر عند كل حصاة‪ ،‬ثم ينصرف ول يقف‬
‫عندها“)‪.(1‬‬
‫‪ 2‬ـ الدعاء داخل الكعبة أو داخل الحجر‪:‬‬
‫عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل‬
‫البيت دعا في نواحيه كلها)‪.(2‬‬
‫وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬رأيت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد‪ ،‬وبلل‪،‬‬
‫وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم‪ ،‬فلما فتحوا كنت في أول من‬
‫ل‪ ،‬فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه‬ ‫ولج‪ ،‬فلقيت بل ً‬
‫وسلم؟ قال‪ :‬نعم صلى بين العمودين اليمانيين“)‪.(3‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬سألت رسول الله صلى الله‬
‫)‪(4‬‬
‫م‬
‫عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو؟ قال‪” :‬نعم“ قلت‪ :‬فل ِ َ‬
‫لم يدخلوه في البيت؟ قال‪” :‬إن قومك قصرت بهم‬
‫النفقة“)‪.(5‬‬
‫جـَر مـن‬ ‫ح ْ‬
‫جـرِ فقــد دعــا داخــل الكعبــة‪ ،‬لن ال ِ‬ ‫ح ْ‬‫ومن دعا داخل ال ِ‬
‫البيت‪ ،‬لما سبق من الحاديث‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الدعاء على الصفا والمروة للمعتمر والحاج‪:‬‬
‫قال جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل في حجة النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ثم خرج من الباب إلى الصفا‪ ،‬فلما دنا من الصفا‬
‫ه{)‪” (6‬أبدأ بما بدأ‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫عآئ ِ ِ‬ ‫من َ‬
‫ش َ‬ ‫وةَ ِ‬‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬
‫فا َ‬ ‫ص َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫قرأ }إ ِ ّ‬
‫الله به“ فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة‪.‬‬
‫ه‪ ،‬وقال‪” :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪،‬‬ ‫حد الله‪ ،‬وكّبر ُ‬ ‫فو ّ‬
‫له الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ .‬ل إله إل‬
‫الله وحده‪ ،‬أنجز وعده‪ ،‬ونصر عبده‪ ،‬وهزم الحزاب‬
‫وحده“ ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلث مرات‪ .‬الحديث‪ .‬وفيه‪:‬‬
‫”ففعل على المروة كما فعل على الصفا“)‪.(7‬‬
‫‪ 4‬ـ الدعاء عند المشعر الحرام يوم النحر للحاج‪:‬‬
‫قال جابر رضي الله عنه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة‪ ،‬فدعاه‬
‫حده فلم يزل واقفا ً حتى أسفر جدًا‪ ،‬فدفع قبل‬ ‫وكّبره‪ ،‬وهّلله‪ ،‬وو ّ‬
‫أن تطلع الشمس“ الحديث‪.‬‬
‫‪()1‬‬
‫أخرجه البخاري ‪ 2/194‬من حديث عبد ال بن عمر رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪()2‬‬
‫أخرجه مسلم ‪ 2/968‬برقم ‪.1320‬‬
‫‪()3‬‬
‫أخرجه مسلم ‪ 2/967‬برقم ‪ 1329‬والبخاري مع الفتح ‪ 3/463‬برقم ‪.1598‬‬
‫‪()4‬‬
‫حجر الكعبة المعروف‪.‬‬
‫الجدر‪ِ :‬‬
‫‪()5‬‬
‫أخرجه مسلم ‪ 2/973‬برقم ‪ 1333‬والبخاري مع الفتح ‪ 3/439‬برقم ‪.1584‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬الية‪.158 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫مسلم ‪ ،2/888‬برقم ‪.1218‬‬
‫‪ 5‬ـ دعاء الحاج في عرفة يوم عرفة‪.‬‬
‫عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪” :‬خير الدعاء يوم عرفة‪ ،‬وخير ما قلت أنا‬
‫والنبيون من قبلي‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير“)‪.(1‬‬

‫الفصل الخامس‪ :‬اهتمام الرسل بالدعاء واستجابة الله‬


‫لهم‬
‫اهتم النبياء والرسل عليهم الصلة والسلم وأتباعهم من عباد‬
‫الله الصالحين بالدعاء‪ ،‬فاستجاب الله دعاءهم‪ ،‬وهذا كثير في‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬وأنا أذكر نماذج من باب المثلة ل من باب الحصر‬
‫ومن ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫مَنآ‬ ‫قال َ َرب َّنا ظَل َ ْ‬ ‫‪ 1‬ـ آدم صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫مَنا ل َن َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وت َْر َ‬ ‫فْر ل ََنا َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫سَنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َأن ُ‬
‫ه‬
‫مــن ّرب ّـ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫قى آدَ ُ‬ ‫فت َل َ ّ‬ ‫)‪ .(2‬فغفر الله لهمــا كمــا قــال ســبحانه‪َ } :‬‬
‫م{)‪ .(3‬ثم أكرمه اللــه‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فَتا َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ك َل ِ َ‬
‫م‬‫فى آدَ َ‬ ‫صــطَ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الّلــ َ‬ ‫بالصــطفاء فقــال ســبحانه وتعــالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن{ ‪ .‬وخصــه‬ ‫)‪(4‬‬
‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫حا َ‬ ‫وُنو ً‬ ‫َ‬
‫)‪(5‬‬
‫دى{ ‪.‬‬ ‫ه‬
‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫تا‬
‫ّ ْ َ َ ُ َ ّ ُ َ َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫با‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫فقال‬ ‫بالجتباء‬
‫داَنا‬ ‫قدْ َنا َ‬ ‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫‪ 2‬ـ نوح صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫م{‬ ‫ظي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن ال ْك َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫جي َْناهُ َ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫جيُبو َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫فل َن ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ُنو ٌ‬
‫ه‬
‫جي َْنا ُ‬ ‫فن َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫جب َْنا ل ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫دى ِ‬ ‫حا إ ِذْ َنا َ‬ ‫وُنو ً‬ ‫‪ .‬وقال‪َ } :‬‬
‫)‪(6‬‬

‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫وم ِ ال ّ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫صْرَناهُ ِ‬ ‫ون َ َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ظي‬ ‫ع ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن ال ْك َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ء فأغَرقَنا ُ‬ ‫و ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫م كاُنوا ق ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫كذُّبوا ِبآَيات َِنآ إ ِن ّ ُ‬
‫عب ْدََنا‬ ‫فك َذُّبوا َ‬‫ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫‪ .‬وقال تعالى‪} :‬ك َذّب َ ْ‬
‫)‪(7‬‬
‫م َُنو ٍ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫قب ْل ُ‬
‫صْر‪،‬‬ ‫فانت َ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫غُلو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ه أّني َ‬ ‫عا َرب ّ ُ‬ ‫فدَ َ‬ ‫جَر‪َ ،‬‬ ‫واْزدُ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جُنو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫عُيوًنا‬ ‫ض ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جْرَنا الْر َ‬ ‫وف ّ‬ ‫ر‪َ ،‬‬ ‫م ٍ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ء ّ‬ ‫مآ ٍ‬ ‫ء بِ َ‬ ‫مآ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫وا َ‬ ‫حَنآ أب ْ َ‬ ‫ففت َ ْ‬
‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫على َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قدْ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فال ْت َ َ‬ ‫َ‬
‫وا ٍ‬ ‫ت أل َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ملَناهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬ ‫دَر‪َ ،‬‬ ‫ق ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫على أ ْ‬
‫َ‬
‫مآءُ َ‬ ‫قى ال َ‬
‫ن كُ ِ‬ ‫من َ‬ ‫جَزآءً ل ّ َ‬
‫)‪(8‬‬
‫فَر{ ‪ .‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫كا َ‬ ‫عي ُن َِنا َ‬ ‫ري ب ِأ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ر‪ ،‬ت َ ْ‬ ‫س ٍ‬ ‫ودُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن دَّياًرا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن الكا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫على الْر ِ‬ ‫ب ل ت َذْر َ‬ ‫ح ّر ّ‬ ‫وقال ُنو ٌ‬ ‫} َ‬
‫‪ ()1‬أخرجه الترمذي ومالك في الموطأ ‪ .1/422‬وحسنه اللباني في صحيح الترمذي ‪ .3/184‬وانظر‪ :‬تخريج مشكاة المصابيح ‪ 2/797‬برقم‬
‫‪ 2595‬وصحيح الجامع ‪ 3/121‬برقم ‪ 3269‬وسلسلة الحاديث الصحيحة ‪ 4/6‬رقم ‪.1503‬‬
‫‪ ()2‬سورة العراف‪ ،‬الية‪.23 :‬‬
‫‪ ()3‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪.37 :‬‬
‫‪ ()4‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.33 :‬‬
‫‪ ()5‬سورة طه‪ ،‬الية‪.122 :‬‬
‫‪ ()6‬سورة الصافات‪ ،‬اليتان‪.76 ،75 :‬‬
‫‪ ()7‬سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.77 ،76 :‬‬
‫‪ ()8‬سورة القمر‪ ،‬اليات‪.14-9 :‬‬
‫فاًرا‪،‬‬ ‫جًرا ك َ ّ‬ ‫فا ِ‬ ‫دوا ْ إ ِل ّ َ‬ ‫ول ي َل ِ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫عَبادَ َ‬ ‫ضّلوا ْ ِ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ِإن ت َذَْر ُ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬ ‫مًنا َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ُ‬ ‫ل ب َي ْت ِ َ‬ ‫خ َ‬ ‫من دَ َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫وال ِدَ ّ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫فْر ِلي َ‬ ‫غ ِ‬ ‫با ْ‬ ‫َر ّ‬
‫ن إ ِل ّ ت ََباًرا{ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫زِد ال ّ‬ ‫ول ت َ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪ 3‬ـ إبراهيم صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى عن دعائه‪:‬‬
‫عل ّلي‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫قِني ِبال ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫وأ َل ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫حك ْ ً‬ ‫ب ِلي ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ‬ ‫}َر ّ‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرث َ ِ‬ ‫من َ‬ ‫عل ِْني ِ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ص‪2‬دْ( ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫لِ َ‬
‫قدْ آت َي َْنآ‬ ‫ف َ‬ ‫م{ ‪ .‬فاستجاب الله له فقال في طلبه الول‪َ } :‬‬ ‫)‬
‫ِ‬ ‫عي‬ ‫الن ّ ِ‬
‫ما{)‪.(3‬‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫كا َ‬ ‫مل ْ ً‬ ‫هم ّ‬ ‫وآت َي َْنا ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫هي َ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫آ َ‬
‫ة‬ ‫ح ْ‬ ‫وأل ْ ِ‬ ‫َ‬
‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫ن{ } َ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫قِني ِبال ّ‬ ‫وقال في قوله‪َ } :‬‬
‫عل ّلي ل ِ َ‬ ‫لَ ِ‬
‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫)‬
‫ن‬
‫سا َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن{ ‪ .‬وقال في قوله‪َ } :‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬
‫م‬ ‫سل ٌ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫وت ََرك َْنا َ‬ ‫ن{ } َ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫صدْ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫ن‪ ،‬إ ِن ّ ُ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِّنا ك َذَل ِ َ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عَلى ُنو‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫عَباِدَنا ال ْ ُ‬
‫)‪(5‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ب إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫َ‬
‫وأّيو َ‬ ‫‪ 4‬ـ أيوب صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضر َ‬ ‫َنادى رب َ‬
‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت أْر َ‬ ‫وأن َ‬ ‫ي ال ّ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫سن ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ه أّني َ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫هم‬ ‫مث ْل َ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫وآت َي َْناهُ أ ْ‬ ‫ضّر َ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫ش ْ‬ ‫فك َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫جب َْنا ل َ ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن{)‪.(6‬‬ ‫دي َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫وِذك َْرى ل ِل ْ َ‬ ‫دَنا َ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫م َر ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ذا‬ ‫و َ‬ ‫‪ 5‬ـ يونس صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫في‬ ‫دى ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن َأن ّلن ن ّ ْ‬ ‫فظ َ ّ‬ ‫ضًبا َ‬ ‫غا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِإذ ذّ َ‬ ‫الّنو ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫ك إ ِّني ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه ِإل أن َ‬ ‫ت أن ل إ ِل َ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫جي‬ ‫ك ُنن ِ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫جب َْنا ل َ ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن{)‪.(7‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫هَنال ِ َ‬
‫ك‬ ‫‪ 6‬ـ زكريا صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى‪ُ } :‬‬
‫ك‬‫ة إ ِن ّ َ‬ ‫ة طَي ّب َ ً‬ ‫ك ذُّري ّ ً‬ ‫من ل ّدُن ْ َ‬ ‫ب ِلي ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫رّيا َرب ّ ُ‬ ‫عا َزك َ ِ‬ ‫دَ َ‬
‫في‬ ‫صّلي ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫قآئ ِ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫فَنادَت ْ ُ‬ ‫ء‪َ ،‬‬ ‫عا ِ‬ ‫ع الدّ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫قا ب ِكل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫صدّ ً‬ ‫م َ‬ ‫حَيـى ُ‬ ‫ك ب ِي َ ْ‬ ‫شُر َ‬ ‫ه ي ُب َ ّ‬ ‫ن الل َ‬ ‫بأ ّ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن{)‪ .(8‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ون َب ِّيا ّ‬ ‫صوًرا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫و َ‬ ‫دا َ‬ ‫سي ّ ً‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫خي ُْر‬ ‫ت َ‬ ‫أن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫دا‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ني‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫دى‬ ‫نا‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫يا‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫}‬
‫َ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫َ ّ ُ َ ّ‬ ‫َ َ ِ ّ ِ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َز ْ‬ ‫حَنا ل ُ‬ ‫صل ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫حَيى َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫هب َْنا ل ُ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫جب َْنا ل ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫رِثي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ال ْ َ‬

‫‪()1‬‬
‫سورة نوح‪ ،‬اليات‪.28-26 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة الشعراء‪ ،‬اليات‪.85-83 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬الية‪.54 :‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة البقرة‪ ،‬الية‪.30 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫سورة الصافات‪ ،‬اليات‪.111-108 :‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.84 ،83 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.88 ،87 :‬‬
‫‪()8‬‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬اليتان‪.39 ،38 :‬‬
‫هًبا‬ ‫وَر َ‬ ‫غًبا َ‬ ‫عون ََنا َر َ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫كاُنوا ْ ي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ن{)‪.(1‬‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ْ ل ََنا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫‪ 7‬ـ يعقوب صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله في قصة يعقوب‬
‫ت‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذ ٍ‬ ‫ه ب ِدَم ٍ ك َ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫مي ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ءوا ْ َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫و َ‬ ‫مع أبنائه‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫م َأن ُ‬
‫ما‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫عا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫مًرا َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫من ُك ُ ْ‬ ‫لآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن{)‪ .(2‬وقال الله تعالى عنهم‪َ } :‬‬ ‫فو َ‬ ‫ص ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫ف ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ظا َ‬ ‫حا ِ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫فالل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خي ِ‬ ‫عَلى أ ِ‬ ‫م َ‬ ‫منت ُك ُ ْ‬ ‫مآ أ ِ‬ ‫إ ِل ّ ك َ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ل بَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ن{)‪ .(3‬وقال يعقوب‪َ } :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫أْر َ‬
‫ْ‬ ‫عسى الل ّ َ‬ ‫مًرا َ‬ ‫ف سك ُ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ه أن ي َأت ِي َِني ب ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل َ َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬ ‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫أن ُ ُ ْ‬
‫ل َيآ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫وّلى َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عِلي ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حْز ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫عي َْناهُ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ض ْ‬ ‫واب ْي َ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫على ُيو ُ‬ ‫فى َ‬ ‫أ َ‬
‫ضا‬ ‫حَر ً‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫حّتى ت َ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ؤا ْ ت َذْك ُُر ُيو ُ‬ ‫فت َ ُ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫قاُلوا ْ َتالل ّ ِ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫ظي ٌ‬ ‫كَ ِ‬
‫حْزِني إ َِلى‬ ‫و ُ‬ ‫كوا ْ ب َّثي َ‬ ‫ش ُ‬ ‫مآ أ َ ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫كي َ‬ ‫هال ِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫و تَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫هُبوا ْ‬ ‫ي اذْ َ‬ ‫ن‪َ ،‬يا ب َن ِ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ما ل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ح الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫و)‪ِ(4‬‬ ‫من ّر ْ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫ول َ ت َا ْي ْئ َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫خي ِ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫من ُيو ُ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه إ ِل ّ ال ْ َ‬ ‫ح الل ّ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َ ي َا ْي ْئ َ ُ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫قاُلوا ْ‬ ‫ثم استجاب الله دعاءه ورد عليه يوسف وأخيه قال الله‪َ } :‬‬
‫ه‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫قدْ َ‬ ‫خي َ‬ ‫ذآ أ َ ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫س ُ‬ ‫ل أن َا ْ ُيو ُ‬
‫قا َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫س ُ‬ ‫ت ُيو ُ‬ ‫ك لن َ‬
‫أ َإن ّ َ َ‬
‫ِ‬
‫جَر‬ ‫فإن الل ّه ل َ يضيع أ َ‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫َ‬
‫ُ ِ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫َ ّ ِ َ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ع ْ َ ِّ ُ َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫نآ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وِإن كّنا‬ ‫علي َْنا َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫قدْ آث ََر َ‬ ‫هل َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قالوا َتالل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫فُر الل ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ل ل َ ت َث َْري َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫خاطِِئي َ‬ ‫لَ َ‬
‫ه‬
‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫قوهُ َ‬ ‫فأ َل ْ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫هـ َ‬ ‫صي َ‬ ‫مي ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫هُبوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن‪ ،‬اذْ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫أْر َ‬
‫َ‬
‫هل ِك ُ َ‬ ‫وأ ُْتوِني ب ِأ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫صل َ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫صيًرا َ‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫أِبي ي َأ ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫دو ِ‬ ‫فن ّ ُ‬ ‫ول َ َأن ت ُ َ‬ ‫ف لَ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ح ُيو ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫جدُ‬ ‫َ‬
‫م إ ِّني َل ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل أ َُبو ُ‬ ‫قا َ‬ ‫عيُر َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫َ‬
‫شيُر‬ ‫جآءَ ال ْب َ ِ‬ ‫مآ أن َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫دي ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ضل َل ِ َ‬ ‫في َ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ه إ ِن ّ َ‬ ‫قاُلوا ْ َتالل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َل ْ َ‬
‫م إ ِّني‬ ‫قل ل ّك ُ ْ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ل أل َ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫صيًرا َ‬ ‫فاْرت َدّ ب َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫و ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫قاهُ َ‬
‫فْر ل ََنا‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫قاُلوا ْ َيآ أَباَنا ا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ما ل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ل سو َ َ‬
‫ه‬
‫ي إ ِن ّ ُ‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫فُر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫قا َ َ ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫خاطِِئي َ‬ ‫ذُُنوب ََنآ إ ِّنا ك ُّنا َ‬
‫)‪(5‬‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 8‬ـ يوسف صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله تعالى عنه وعن‬
‫عن‬ ‫ه َ‬ ‫ودت ّ ُ‬ ‫قدْ َرا َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫مت ُن ِّني ِ‬ ‫ذي ل ُ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫فذَل ِك ُ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫النسوة‪َ } :‬‬
‫ن‬‫جن َ ّ‬ ‫س َ‬ ‫مُرهُ ل َي ُ ْ‬ ‫ءا ُ‬ ‫مآ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َِئن ل ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬ ‫ع َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫نّ ْ‬
‫‪()1‬‬
‫سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.90 ،89 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬الية‪.18 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬الية‪.64 :‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬اليات‪.87-83 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬اليات‪.98-90 :‬‬
‫ما‬ ‫ب إ ِل َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ول َي َ ُ‬
‫م ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ري َ‬ ‫غ ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كوًنا ّ‬ ‫َ‬
‫وأ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عّني ك َي ْدَ ُ‬ ‫َ‬
‫كن‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ب إ ِلي ْ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫وإ ِل ّ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عون َِني إ ِلي ْ ِ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫ه‬
‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ه ك َي ْدَ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫صَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫عِلي ُ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫‪ 9‬ـ موسى صلى الله عليه وسلم‪ :‬قال الله عن دعائه‪َ } :‬‬
‫من‬ ‫ع ْ‬ ‫حل ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬
‫قدَةً ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ري‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬ ‫ري‪َ ،‬‬ ‫صدْ ِ‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫َر ّ‬
‫َ‬
‫هِلي‪،‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫زيًرا ّ‬ ‫و ِ‬ ‫عل ّلي َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫وِلي‪َ ،‬‬ ‫ق ْ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ساِني‪ ،‬ي َ ْ‬ ‫لّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ري‪ ،‬ك َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫في أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫رك ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ري‪َ ،‬‬ ‫ه أْز ِ‬ ‫شدُدْ ب ِ ِ‬ ‫خي‪ ،‬ا ْ‬ ‫نأ ِ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫صيًرا‪َ ،‬‬ ‫ت ب َِنا ب َ ِ‬ ‫كن َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ك ك َِثيًرا‪ ،‬إ ِن ّ َ‬ ‫ون َذْك َُر َ‬ ‫ك ك َِثيًرا‪َ ،‬‬ ‫ح َ‬ ‫سب ّ َ‬ ‫نُ َ‬
‫سى{ ‪ .‬وقال الله تعالى عن موسى‬ ‫)‪(2‬‬ ‫ؤل َ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫ك َيا ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫قدْ أوِتي َ‬
‫ة‬
‫زين َ ً‬ ‫ملهُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ع ْ‬ ‫فْر َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك آت َي ْ َ‬ ‫سى َرب َّنآ إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫وهارون‪َ } :‬‬
‫ضّلوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك َرب َّنا‬ ‫سِبيل ِ َ‬ ‫عن َ‬ ‫ة الدّن َْيا َرب َّنا ل ِي ُ ِ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫وال ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ْ‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ُ ْ َ‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ ْ َ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ا‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫ْ َ ِ ِ ْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫وت ُك ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫جيَبت دّ ْ‬ ‫قدْ أ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫ب الِلي َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫وا ْ ال ْ َ‬ ‫حّتى ي ََر ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ ‪ .‬وقال‬ ‫)‪(3‬‬
‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫َ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ل ال ِ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ن َ‬ ‫عآ ّ‬ ‫ول ت َت ّب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫فْر ِلي‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ب إ ِّني ظَل َ ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫تعالى عن موسى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫عل َ ّ‬
‫ي‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫مآ أن ْ َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫فَر ل َ ُ‬
‫َ‬
‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫هيًرا ل ّل ْ ُ‬ ‫كو َ َ‬ ‫نأ ُ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫نظ ِ‬
‫‪ 10‬ـ محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه‪ :‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫فاست َجاب ل َك ُ َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫كم ب ِأل ْ ٍ‬ ‫مدّ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫م أّني ُ‬ ‫ْ‬ ‫م َ ْ َ َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫}إ ِذْ ت َ ْ‬
‫ه‬
‫ن بِ ِ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ول ِت َطْ َ‬ ‫شَرى َ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ُ ْ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫في َ‬ ‫مْرِد ِ‬ ‫ة ُ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م{‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ُك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫قوا ْ‬ ‫م أِذل ّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فات ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫صَرك ُ ُ‬ ‫ول َ َ‬ ‫(‬‫‪5‬‬ ‫)‬
‫وأنت ُ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ه ب ِب َدْ‬ ‫قدْ ن َ َ‬ ‫‪ .‬وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫م َأن‬ ‫في َك ُ ْ‬ ‫ن أ ََلن ي َك ْ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِذْ ت َ ُ‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن‪ ،‬ب ََلى ِإن‬ ‫منَزِلي َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ة آل َ ٍ‬ ‫كم ب ِث َل َث َ ِ‬ ‫م َرب ّ ُ‬ ‫مدّك ُ ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫ْ‬
‫كم‬ ‫م َرب ّ ُ‬ ‫ددْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ذا ي ُ ْ‬ ‫هـ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫كم ّ‬ ‫وي َأُتو ُ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫وت َت ّ ُ‬ ‫صب ُِروا ْ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫مي َ‬ ‫و ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ة آل ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫د‬
‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫كم ب ِ ِ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ول ِت َطْ َ‬ ‫م َ‬ ‫شَرى ل َك ُ ْ‬ ‫بُ ْ‬
‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م{ ‪ .‬وقال تعالى‪} :‬ال ّ ِ‬ ‫ز ال ْ َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫)‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫كي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫فَزادَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫عوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ة‬‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫قل َُبوا ْ ب ِن ِ ْ‬ ‫فان َ‬ ‫ل‪َ ،‬‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫مانا ً َ‬ ‫ِإي َ‬
‫‪()1‬‬
‫سورة يوسف‪ ،‬اليات‪.34-32 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫سورة طه‪ ،‬اليات‪.36-25 :‬‬
‫‪()3‬‬
‫سورة يونس‪ ،‬اليتان‪.89 ،88 :‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة القصص‪ ،‬اليتان‪.17 ،16 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫سورة النفال‪ ،‬اليتان‪.10 ،9 :‬‬
‫‪()6‬‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬اليات‪.126-123 :‬‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وا َ‬
‫ض َ‬
‫ر ْ‬‫عوا ْ ِ‬
‫وات ّب َ ُ‬
‫سوءٌ َ‬ ‫م ُ‬
‫ه ْ‬
‫س ُ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ل لّ ْ‬
‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫م{ ‪.‬‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫ظي ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫والل ُ‬‫َ‬
‫والدعية التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وشوهدت إجابتها كالشمس في رابعة النهار كثيرة جد ّا ً ل ُتحصر‪،‬‬
‫ولكن منها على سبيل المثال‪:‬‬
‫أ ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لنس بن مالك رضي الله عنه‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪” :‬اللهم أكثر ماله‪ ،‬وولده‪ ،‬وبارك‬
‫له فيما أعطيته)‪] (2‬وأطل حياته‪ ،‬واغفر له[)‪ (3‬قال أنس‪:‬‬
‫فوالله إن مالي لكثير‪ ،‬وإن ولدي وولد ولدي ليتعادون نحو المائة‬
‫اليوم)‪] (4‬وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم الحجاج‬
‫البصرة بضع وعشرون ومائة[)‪ (5‬وطالت حياتي حتى استحييت من‬
‫الناس وأرجو المغفرة“)‪.(6‬‬
‫وكان له رضي الله عنه بستان يحمل في السنة الفاكهة مرتين‪،‬‬
‫وكان فيها ريحان يجيء منها ريح المسك)‪.(7‬‬
‫ب ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لم أبي هريرة فأسلمت فورًا‪،‬‬
‫قال أبو هريرة رضي الله عنه‪ :‬كنت أدعو أمي إلى السلم وهي‬
‫مشركة‪ ،‬فدعوتها يوما ً فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ما أكره‪ ،‬فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي‪.‬‬
‫ي‬‫قلت‪ :‬يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى السلم فتأبى عل ّ‬
‫م أبي‬ ‫فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره‪ ،‬فادع ُ الله أن يهدي أ ّ‬
‫م‬‫هريرة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬اللهم اهد أ ّ‬
‫أبي هريرة“ فخرجت مستبشرا ً بدعوة نبي الله صّلى الله عليه‬
‫ف)‪ (8‬فسمعت أمي‬ ‫وسّلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجا ٌ‬
‫)‪(9‬‬
‫ت خضخضة‬ ‫ي فقالت‪ :‬مكانك يا أبا هريرة‪ ،‬وسمع ُ‬ ‫خشف قدم ّ‬
‫الماء)‪ (10‬قال‪ :‬فاغتسلت ولبست درعها‪ ،‬وعجلت عن خمارها‬
‫ففتحت الباب ثم قالت‪ :‬يا أبا هريرة‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وأشهد‬
‫أن محمدا ً عبده ورسوله‪ .‬قال‪ :‬فرجعت إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وأتيته وأنا أبكي من الفرح‪ ،‬قال قلت‪ :‬يا رسول الله‬
‫م أبي هريرة‪ ،‬فحمد الله‬ ‫أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أ ّ‬
‫‪ ()1‬سورة آل عمران‪ ،‬اليتان‪.174 ،173 :‬‬
‫‪ ()2‬البخاري مع الفتح ‪ 4/228‬و ‪ ،11/144‬ومسلم ‪.4/1928‬‬
‫‪ ()3‬البخاري في الدب المفرد برقم ‪ ،653‬وصححه اللباني في صحيح الدب المفرد ص ‪.214‬‬
‫‪ ()4‬مسلم ‪.4/1929‬‬
‫‪ ()5‬البخاري مع الفتح ‪.4/228‬‬
‫‪ ()6‬الدب المفرد وصححه اللباني في صحيح الدب المفرد ص ‪.244‬‬
‫‪ ()7‬الترمذي ‪ ،5/683‬وانظر‪ :‬صحيح الترمذي ‪.3/234‬‬
‫‪ ()8‬أي مغلق‪.‬‬
‫‪ ()9‬أي صوتهما في الرض‪.‬‬
‫‪ ()10‬خضخضة الماء‪ :‬أي صوت تحريكه‪.‬‬
‫وأثنى عليه وقال خيرًا‪ ،‬قال‪ :‬قلت يا رسول الله! ادع ُ الله أن‬
‫يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا‪ .‬قال‪ :‬فقال‬
‫عبيدك هذا‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬اللهم حبب ُ‬
‫مه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين“ فما‬ ‫وأ ّ‬
‫ن يسمع بي ول يراني إل أحببني)‪.(1‬‬ ‫م ٌ‬
‫مؤ ِ‬
‫خل ِقَ ُ‬
‫ُ‬
‫جـ ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعروة بن أبي الجعد البارقي‪،‬‬
‫وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ً يشتري له به‬
‫شاة‪ ،‬فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار‪ ،‬فجاء بدينار وشاة‪،‬‬
‫فدعا له بالبركة في بيعه‪ ،‬وكان لو اشترى التراب لربح فيه)‪ .(2‬وفي‬
‫مسند المام أحمد أنه قال له‪” :‬اللهم بارك له في صفقة‬
‫يمينه“ فكان يقف في الكوفة ويربح أربعين ألفا ً قبل أن يرجع‬
‫إلى أهله)‪.(3‬‬
‫د ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم على بعض أعدائه فلم تتخلف‬
‫الجابة‪ ،‬ومن ذلك أن المشركين آذوا رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في مكة وأمر أبو جهل بعض القوم أن يضع سل الجزور بين‬
‫كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد ففعل ذلك عقبة بن‬
‫أبي معيط فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلته رفع صوته‬
‫ثم دعا عليهم‪” :‬اللهم عليك بقريش“ ثلث مرات‪ .‬فلما سمعوا‬
‫صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ثم قال‪” :‬اللهم عليك‬
‫بأبي جهل بن هشام‪ ،‬وعتبة بن ربيعة‪ ،‬وشيبة بن ربيعة‪،‬‬
‫والوليد بن عتبة‪ ،‬وأمية بن خلف‪ ،‬وعقبة بن أبي معيط“‪.‬‬
‫قال ابن مسعود‪ :‬فوالذي بعث محمدا ً صلى الله عليه وسلم بالحق‬
‫حبوا إلى القليب‪،‬‬ ‫س ِ‬
‫مى صرعى يوم بدر‪ ،‬ثم ُ‬ ‫لقد رأيت الذي س ّ‬
‫قليب)‪ (4‬بدر“)‪ .(5‬وفي رواية‪ :‬فأقسم بالله لقد رأيتهم صرعى على‬
‫بدر قد غيرتهم الشمس وكان يوما ً حاّرًا“)‪.(6‬‬
‫هـ ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم على سراقة بن مالك رضي‬
‫الله عنه‪ .‬لحق سراقة النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقتله‬
‫وأبا بكر‪ ،‬لكي يحصل على دية كل واحد ٍ منهما‪ ،‬لن قريشا ً جعلوا‬
‫لمن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر أو أسرهما‬
‫دية كل واحد منهما‪ ،‬فلحق سراقة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫س قد لحق بنا‪،‬‬ ‫وعندما رآه أبو بكر قال‪ :‬يا رسول الله! هذا فار ٌ‬
‫‪()1‬‬
‫مسلم ‪.4/1939‬‬
‫‪()2‬‬
‫البخاري مع الفتح ‪.6/632‬‬
‫‪()3‬‬
‫مسند أحمد ‪.4/376‬‬
‫‪()4‬‬
‫القليب‪ :‬البئر التي لم تطَو‪.‬‬
‫‪()5‬‬
‫مسلم ‪.3/1418‬‬
‫‪()6‬‬
‫مسلم ‪.3/1420‬‬
‫فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪” :‬اللهم‬
‫اصرعه“ وساخت يدا فرس سراقة في الرض حتى بلغت‬
‫الركبتين‪ .‬فقال سراقة‪ :‬يا رسول الله! ادع الله لي‪ ،‬فدعا له‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ونجحت فرسه‪ ،‬ورجع يخفي‬
‫عنهما‪ ،‬فكان أول النهار جاهدا ً على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وكان آخر النهار مسلحة)‪ (1‬له يخفي عنه)‪.(2‬‬
‫و ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم بدر‪ ،‬عن عمر بن الخطاب‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف‪ ،‬وأصحابه ثلثمائة وتسعة‬
‫ل‪ ،‬فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة‪ ،‬ثم مد‬ ‫عشر رج ً‬
‫يديه فجعل يهتف)‪ (3‬بربه‪” :‬اللهم أنجز لي ما وعدتني‪ ،‬اللهم‬
‫ت ما وعدتني‪ ،‬اللهم إن ُتهلك هذه العصابة من أهل‬ ‫آ ِ‬
‫السلم ل تعبد في الرض“ فما زال يهتف بربه ماد ّا ً يديه‬
‫مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ‬
‫رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال‪ :‬يا نبي الله‬
‫كذاك)‪ (4‬مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك‪ .‬فأنزل الله عز‬
‫مدّ ُ‬ ‫فاست َجاب ل َك ُ َ‬
‫كم‬ ‫م ِ‬
‫م أّني ُ‬
‫ْ‬ ‫م َ ْ َ َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬‫غيُثو َ‬ ‫ست َ ِ‬‫وجل‪} :‬إ ِذْ ت َ ْ‬
‫َ‬
‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ب ِأل ْ ٍ‬
‫)‪(6‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫ن{ ‪ .‬فأمده الله بالملئكة ‪ .‬قال‬ ‫في َ‬ ‫مْرِد ِ‬‫ة ُ‬ ‫م َ‬ ‫ف ّ‬
‫ابن عباس‪ :‬بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من‬
‫المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه‪ ،‬وصوت الفارس‬
‫يقول أقدم حيزوم‪ ،‬فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيًا‪ .‬فنظر‬
‫إليه فإذا هو قد خطم أنفه‪ ،‬وشق وجهه كضربة السوط فاخضّر‬
‫ذلك أجمع‪ ،‬فجاء النصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقال‪” :‬صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة“ فقتلوا‬
‫يومئذ سبعين وأسروا سبعين)‪.(7‬‬
‫ز ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم الحزاب‪ ،‬كان المحاربون‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحزاب خمسة‬
‫أصناف هم‪ :‬المشركون من أهل مكة‪ ،‬والمشركون من قبائل‬
‫العرب‪ ،‬واليهود من خارج المدينة‪ ،‬وبنو قريظة‪ ،‬والمنافقون‪ ،‬وكان‬
‫من حضر الخندق من الكفار عشرة آلف‪ ،‬والمسلمون مع النبي‬

‫‪ ()1‬المسلحة‪ :‬القوم الذين يحفظون الثغور من العدو‪ ،‬ويرقبون العدو لئل يطرقهم‪ ،‬فكذلك سراقة كان مدافعًا ومخفيًا عن النبي صّلى ال عليه‬
‫وسّلم‪ ،‬انظر النهاية ‪ ،2/388‬والقاموس المحيط ص ‪.287‬‬
‫‪ ()2‬البخاري مع الفتح ‪ 7/238‬و ‪ 240‬و ‪ ،249‬برقم ‪.3911 ،3908 ،3906‬‬
‫‪ ()3‬يهتف‪ :‬يستغيث بال ويدعوه‪.‬‬
‫‪ ()4‬كذاك‪ :‬أي كفاك‪ ،‬وفي بعض النسخ كفاك‪ ،‬والمعنى صحيح‪.‬‬
‫‪ ()5‬سورة النفال‪ ،‬الية‪.9 :‬‬
‫‪ ()6‬مسلم ‪.3/1384‬‬
‫‪ ()7‬مسلم ‪.1385-3/1384‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ثلثة آلف‪ ،‬وقد حاصروا النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم شهرا ً ولم يكن بينهم قتال إل ما كان من عمرو بن وُد ّ‬
‫العامري مع علي بن أبي طالب فقتله علي رضي الله عنه‪ ،‬وكان‬
‫ذلك في السنة الرابعة من الهجرة)‪ .(1‬ودعا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم عليهم فقال‪” :‬اللهم منزل الكتاب‪ ،‬سريع‬
‫)‪(2‬‬
‫الحساب‪ ،‬اهزم الحزاب‪ ،‬اللهم اهزمهم وزلزلهم“ ‪.‬‬
‫وض خيامهم‪،‬‬ ‫وأرسل الله على الحزاب جندا ً من الريح فجعلت تق ّ‬
‫ول تدع لهم قدرا ً إل كفأته‪ ،‬ول طنبا ً إل قلعته‪ ،‬ول يقر لهم قرار‪،‬‬
‫وجند الله من الملئكة يزلزلونهم ويلقون في قلوبهم الرعب‬
‫َ‬
‫ة‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬‫مُنوا ْ اذْك ُُروا ْ ن ِ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫والخوف ‪ .‬قال الله تعالى‪َ} :‬يآ أي ّ َ‬
‫)‪(3‬‬

‫سل َْنا َ َ‬ ‫عل َيك ُم إذْ جآءَت ْك ُم جُنود َ َ‬


‫دا‬‫جُنو ً‬ ‫و ُ‬‫حا َ‬ ‫ري ً‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فأْر َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ه َ ْ ْ ِ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫من‬ ‫كم ّ‬ ‫ءو ُ‬ ‫جآ ُ‬ ‫صيًرا‪ ،‬إ ِذْ َ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه بِ َ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫و َ‬ ‫م ت ََر ْ‬ ‫لّ ْ‬
‫وب َل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫غ ِ‬ ‫صاُر َ‬ ‫ت الب ْ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وإ ِذْ َزا َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬‫ل ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ف ْ‬‫َ‬
‫ي‬‫ك اب ْت ُل ِ َ‬ ‫هَنال ِ َ‬ ‫ه الظُّنون َْا‪ُ ،‬‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫وت َظُّنو َ‬ ‫جَر َ‬ ‫حَنا ِ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫دا{)‪.(4‬‬ ‫دي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫زل َْزال ً َ‬ ‫وُزل ْ ِ ُ ْ‬
‫زلوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ح ـ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم حنين‪ ،‬عن سلمة بن‬
‫الكوع رضي الله عنه في حديثه عن قتال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في غزوة حنين قال‪” :‬فلما غشوا رسول الله صلى الله‬
‫ب من الرض ثم‬ ‫عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض من ترا ٍ‬
‫استقبل به وجوههم فقال‪” :‬شاهت الوجوه“)‪ (5‬فما خلق الله‬
‫منهم إنسانا ً إل مل عينيه ترابا ً بتلك القبضة‪ ،‬فولوا مدبرين‪ ،‬فهزمهم‬
‫الله عز وجل‪ ،‬وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم‬
‫بين المسلمين“)‪.(6‬‬

‫الفصل السادس‪ :‬الدعوات المستجابات‬


‫كل من عمــل بالشــروط‪ ،‬وابتعــد عــن الموانــع‪ ،‬وعمــل بــالداب‪،‬‬
‫وتحّرى أوقات الجابة‪ ،‬والماكن الفاضلة فهــو ممــن يســتجيب اللـه‬
‫دعاءه‪ ،‬وقد بينت السنة أنواعا ً وأصنافا ً ممــن طبــق هــذه الشــروط‬
‫واستجاب الله دعاءهم ومنهم‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ دعوة المسلم لخيه المسلم بظهر الغيب‪:‬‬

‫‪()1‬‬
‫انظر‪ :‬زاد المعاد ‪.276-3/269‬‬
‫‪()2‬‬
‫البخاري مع الفتح ‪ 7/406‬برقم ‪.415‬‬
‫‪()3‬‬
‫زاد المعاد ‪.3/274‬‬
‫‪()4‬‬
‫سورة الحزاب‪ ،‬اليات‪.11-9 :‬‬
‫‪()5‬‬
‫شاهت الوجوه‪ :‬أي قبحت‪.‬‬
‫‪()6‬‬
‫مسلم ‪.3/1402‬‬
‫عن أم الدرداء رضي الله عنها أنها قالت لصفوان‪ :‬أتريد الحج‬
‫العام ؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ :‬فادع ُ الله لنا بخير فإن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم كان يقول‪” :‬دعوةُ المرء المسلم لخيه‬
‫بظهر الغيب مستجابة‪ ،‬عند رأسه ملك كلما دعا لخيه‬
‫بخير قال الملك الموكل به‪ :‬آمين ولك بمثل“)‪ .(1‬وعن أبي‬
‫الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫”ما من عبد مسلم يدعو لخيه بظهر الغيب إل قال‬
‫ل“)‪.(2‬‬‫مث ٍ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫مل َ ُ‬
‫ك ول َ‬ ‫ال َ‬
‫‪ 2‬ـ دعوة المظلوم‪:‬‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ق دعوة‬ ‫”وات‪ِ (3‬‬ ‫بعث معاذا ً إلى اليمن وساق الحديث وقال فيه‪:‬‬
‫المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب“) ‪ .‬ومن هذه‬
‫الجابة قصة سعد رضي الله عنه مع أبي سعدة عندما قال لمن‬
‫سأله عن سعد‪” :‬أما إذ نشدتنا فإن سعدا ً كان ل يسير بالسرية‪ ،‬ول‬
‫يقسم بالسوية‪ ،‬ول يعدل في القضية‪ ،‬قال سعد‪ :‬أما والله لدعون‬
‫بثلث‪ :‬اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ً قام رياء وسمعة فأطل‬
‫عمره‪ ،‬وأطل فقره‪ ،‬وعرضه بالفتن‪ ،‬وكان بعد إذا سئل يقول‪ :‬شيخ‬
‫كبير مفتون أصابتني دعوة سعد‪ ،‬قال عبد الملك‪ :‬فأنا رأيته بعد قد‬
‫سقط حاجباه على عينيه من الك َِبر‪ ،‬وإنه ليتعرض للجواري في‬
‫هن“)‪.(4‬‬‫الطريق يغمُز ُ‬
‫وخاصمت أروى بنت أويس سعيد بن زيد رضي الله عنه عند‬
‫مروان ابن الحكم وادعت عليه أنه أخذ من أرضها‪ ،‬فقال‪ :‬أنا كنت‬
‫آخذ من أرضها شيئا ً بعد الذي سمعته من رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم؟ قال‪ :‬وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم؟ قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫وقه إلى سبعين‬ ‫”من أخذ شبرا ً من الرض بغير حقه طُ ّ‬
‫أرضين“ ثم قال‪ :‬اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها‪ ،‬واجعل‬
‫قبرها في دارها‪ ،‬قال‪ :‬فرأيتها عمياء تتلمس الجدر تقول‪ :‬أصابتني‬
‫دعوة سعيد بن زيد‪ ،‬فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في‬
‫الدار فوقعت فيها فكانت قبرها)‪.(5‬‬

‫‪()1‬‬
‫مسلم ‪ 4/2094‬برقم ‪.2733‬‬
‫‪()2‬‬
‫مسلم ‪.4/2094‬‬
‫‪()3‬‬
‫البخاري برقم ‪.2448 ،1395‬‬
‫‪()4‬‬
‫البخاري ‪ 2/236‬برقم ‪ 755‬ومسلم ‪ 1/334‬برقم ‪ ،453‬وهو أسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة‪.‬‬
‫‪()5‬‬
‫مسلم برقم ‪.2/1230 ،1610‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ً‬
‫ففجوره على نفسه“)‪.(1‬‬
‫وأنشد بعضهم فقال‪:‬‬
‫مقتدرا ً‬
‫ن إذا ما كنت ُ‬
‫ل تظلم ّ‬
‫فالظالم آخره يأتيك بالندم‬
‫نامت عيونك والمظلوم منتبه‬
‫يدعو عليك وعين الله لم تنم‬

‫‪ 3‬ـ دعوة الوالد لولده‪.‬‬


‫‪ 4‬ـ دعوة الوالد على ولده‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ دعوة المسافر‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬ثلث دعوات ُيستجاب لهن ل شك فيهن‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫دعوة المظلوم‪ ،‬ودعوة المسافر‪ ،‬ودعوة الوالد لولده“‬
‫وفي رواية أحمد والترمذي‪” :‬على ولده“)‪.(3‬‬
‫فينبغي الحذر من دعوة هؤلء‪ ،‬فإن دعوتهم مستجابة‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ دعوة الصائم‪:‬‬
‫عن أبي هريرة يرفعه‪” :‬ثلثة ل ترد دعوتهم‪ :‬الصائم حتى‬
‫يفطر‪ ،‬والمام العادل‪ ،‬ودعوة المظلوم يرفعها الله‬
‫ح لها أبواب السماء ويقول الرب‪:‬‬ ‫فوق الغمام‪ ،‬وَيفت َ ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫وعزتي لنصرنك ولو بعد حين“ ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ دعوة الصائم حتى يفطر‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ المام العادل‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديثه الطويل عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في صفة الجنة ونعيمها قال في آخره‪ ...” :‬ثلثة‬
‫ل ُتردّ دعوتهم‪ :‬المام العادل‪ ،‬والصائم حين يفطر‪،‬‬
‫ح لها أبواب‬ ‫ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام‪ ،‬وت ُ َ‬
‫فت ّ ُ‬

‫‪ ()1‬أحمد ‪ ،2/367‬وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم ‪ ،1266‬وحسنه اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ 2/407‬برقم ‪ ،767‬وفي‬
‫صحيح الجامع ‪ 3/145‬برقم ‪.3377‬‬
‫‪ ()2‬الترمذي ‪ 4/314‬برقم ‪ ،5/502 ،1905‬برقم ‪ ،3448‬وأبو داود ‪ ،2/89‬وابن ماجه ‪ ،2/1270‬وحسنه اللباني في صحيح أبي داود‬
‫‪ ،1/286‬وفي صحيح الترمذي ‪ 3/156‬وصحيح ابن ماجه ‪.2/331‬‬
‫‪ ()3‬الترمذي ‪ ،5/502‬برقم ‪ ،3448‬وأحمد ‪.2/258‬‬
‫‪ ()4‬الترمذي بلفظه ‪ ،5/578‬برقم ‪ 3598‬ورواه الترمذي بإسناد آخر بعد شيخه عن أبي هريرة رضي ال عنه ولكن قال‪” :‬الصائم حين‬
‫يفطر“ ‪ 4/672‬برقم ‪ 2526‬وصححه اللباني في صحيح سنن الترمذي ‪ ،2/311‬وابن ماجه ‪ ،1/557‬وأخرجه أيضًا البغوي ‪.5/196‬‬
‫ب عز وجل‪ :‬وعزتي لنصرنك ولو بعد‬ ‫السماء‪ ،‬ويقول الر ّ‬
‫حين“)‪.(1‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يرفعه‪” :‬إن للصائم‬
‫عند فطره لدعوةً ما ُترد“)‪.(2‬‬
‫د‬
‫وعــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه يرفعــه‪” :‬ثلثــة ل ُيــر ّ‬
‫ؤهم‪ :‬الــذاكر للــه كــثيرًا‪ ،‬ودعــوة المظلــوم‪ ،‬والمــام‬ ‫دعــا ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫سط“ ‪.‬‬ ‫مق ِ‬ ‫ال ُ‬
‫‪ 9‬ـ دعوة الولد الصالح‪:‬‬
‫لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه‪” :‬إذا مات النسان‬
‫ة‪ ،‬أو علم ٍ‬ ‫ة جاري ٍ‬‫انقطع عمله إل من ثلث‪ :‬إل من صدق ٍ‬
‫ح يدعو له“)‪.(4‬‬ ‫د صال ٍ‬ ‫ينتفع به‪ ،‬أو ول ٍ‬
‫‪ 10‬ـ دعوة المستيقظ من النوم إذا دعا بالمأثور‪:‬‬
‫عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪” :‬من تعاّر من الليل فقال‪ :‬ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل‬
‫شيء قدير‪ ،‬الحمد لله‪ ،‬وسبحان الله‪ ،‬ول إله إل الله‬
‫والله أكبر‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله ثم قال‪ :‬اللهم‬
‫اغفر لي أو دعا اسُتجيب ]له[ ]فإن عزم فتوضأ ثم صلى‬
‫قبلت صلته[“)‪.(5‬‬
‫‪ 11‬ـ دعوة المضطر‪:‬‬
‫ف‬
‫ش َ‬‫عاهُ ويك ِ‬‫ب المضطَّر إذا د َ‬ ‫من ُيجي ُ‬ ‫قال الله تعالى‪} :‬أ ّ‬
‫ء{)‪.(6‬‬ ‫سو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ومما يدل على أن من أقوى أسباب الجابة الضطرار حديث‬
‫الثلثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانحطت على فم الغار صخرة‬
‫من الجبل أغلقت الغار عليهم‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬انظروا أعمال ً‬
‫عملتموها صالحة لله تعالى واسألوا الله بها لعله يفرجها عنكم‪،‬‬
‫فدعوا الله تعالى بصالح أعمالهم فارتفعت الصخرة فخرجوا‬
‫يمشون)‪.(7‬‬
‫)‪(8‬‬
‫ي من‬ ‫وعن عائشة رضي الله عنها أن وليدة كانت سوداء لح ّ‬
‫العرب فأعتقوها فكانت معهم‪ .‬قالت‪ :‬فخرجت صبية لهم عليها‬
‫‪()1‬‬
‫الترمذي ‪ ،4/672‬برقم ‪ ،2526‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.2/311‬‬
‫‪()2‬‬
‫ابن ماجه ‪ 1/557‬وحسنه الحافظ في تخريج الذكار ‪.4/342‬‬
‫‪()3‬‬
‫البيهقي في الشعب ‪ ،2/399‬وحسنه اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ 3/212‬برقم ‪.1211‬‬
‫‪()4‬‬
‫مسلم ‪.3/1255‬‬
‫‪()5‬‬
‫ب“ برقم ‪.3414‬‬
‫البخاري برقم ‪ 1154‬والترمذي بلفظه إل قوله‪ :‬اللهم فإنها عنده ”ر ّ‬
‫‪()6‬‬
‫سورة النمل‪ ،‬الية‪.62 :‬‬
‫‪()7‬‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب الدب‪ ،‬باب إجابة دعاء من بر والديه‪ ،‬برقم ‪ ،5974‬ومسلم ‪.4/2099‬‬
‫‪()8‬‬
‫وفي رواية للبخاري في حديث رقم ‪” 3835‬أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب“‪.‬‬
‫وشاح أحمر من سيور‪ ،‬قالت فوضعته أو وقع منها فمرت به‬
‫حدّياة)‪ (1‬وهو ملقى فحسبته لحما ً فخطفته قالت‪ :‬فطفقوا يفتشوا‬ ‫ُ‬
‫حتى فتشوا قُُبلها‪ .‬قالت‪ :‬والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدّياةُ‬
‫فألقته‪ ،‬قالت‪ :‬فوقع بينهم‪ .‬قالت‪ :‬فقلت هذا الذي اتهمتموني به‬
‫زعمتم وأنا منه بريئة وهوذا‪ ،‬قالت فجاءت إلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فأسلمت‪ .‬قالت عائشة فكانت لها خباء في‬
‫المسجد أو حفش)‪ (2‬قالت فكانت تأتيني فتحدث عندي‪ ،‬قالت‪ :‬ل‬
‫تجلس عندي مجلسا ً إل قالت‪:‬‬
‫ب رّبنا‬
‫ح من تعاجي ِ‬
‫ويوم الوشا ِ‬
‫أل إنه من بلدةِ الكفر أنجاني‬

‫قالت عائشة‪ :‬فقلت لها‪ :‬ما شأنك ل تقعدين معي مقعدا ً إل قلت‬
‫هذا؟ قالت‪ :‬فحدثتني بهذا الحديث)‪ (3‬وهذا سبب إسلمها‪ ،‬فرب‬
‫ضارة نافعة‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ دعوة من بات طاهرا ً على ذكر الله‪:‬‬
‫عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ت على ذكر الله طاهرا ً فيتعاّر‬ ‫قال‪” :‬ما من مسلم يبي ُ‬
‫من الليل فيسأل الله خيرا ً من الدنيا والخرة إل أعطاه‬
‫الله إياه“)‪.(4‬‬
‫‪ 13‬ـ دعوة من دعا بدعوة ذي النون‪:‬‬
‫ن أن ّلن‬ ‫َ‬
‫فظ َ ّ‬ ‫ضًبا َ‬‫غا ِ‬ ‫م َ‬‫ب ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِإذ ذّ َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫و َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حان َ َ‬
‫ك‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ه ِإل أن َ‬ ‫ت أن ل إ ِل َ َ‬ ‫ما ِ‬‫في الظّل ُ َ‬ ‫دى ِ‬ ‫فَنا َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬‫نّ ْ‬
‫م‬
‫غ ّ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬
‫ون َ ّ‬‫ه َ‬ ‫جب َْنا ل َ ُ‬ ‫ست َ َ‬
‫فا ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫مي َ‬‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫إ ِّني ُ‬
‫جي ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫)‪(5‬‬
‫ن{ ‪.‬‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ك ُنن ِ‬ ‫َ‬
‫عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪” :‬دعوة ِذي النون إذ دعا بها وهو في‬
‫بطن الحوت‪ :‬ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من‬
‫م في شيء قط إل‬ ‫ل مسل ٌ‬ ‫الظالمين‪ ،‬فإنه لم يدع بها رج ٌ‬
‫استجاب الله له“)‪.(6‬‬
‫‪ 14‬ـ دعوة من أصيب بمصيبة إذا دعا بالمأثور‪:‬‬
‫حديا“ رقم ‪.3835‬‬‫‪ ()1‬وفي رواية البخاري ”ال ُ‬
‫‪ ()2‬الحفش‪ :‬هو البيت الضيق الصغير‪.‬‬
‫‪ ()3‬البخاري برقم ‪ ،439‬و ‪.3835‬‬
‫‪ ()4‬أبو داود برقم ‪ ،5042‬وأحمد ‪ 4/114‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪ ،3/951‬وصحيح الترغيب والترهيب ‪.1/245‬‬
‫‪ ()5‬سورة النبياء‪ ،‬اليتان‪.88 ،87 :‬‬
‫‪ ()6‬أخرجه الترمذي ‪ ،5/529‬وأحمد في المسند ‪ ،1/170‬والحاكم ‪ ،1/505‬وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬قال عبد القادر الرناؤوط في تخريج‬
‫الكلم‪ :‬ص ‪ :86‬وهو كما قال‪ .‬وحسنه ابن حجر‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪ ،3/168‬وانظر‪ :‬ص ‪ ،56‬وص ‪ 79‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫عن أم سلمة رضي الله عنها قالت‪ :‬سمعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪” :‬ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول‪:‬‬
‫جرني في مصيبتي‬ ‫ْ‬
‫إنا لله وإنا إليه راجعون‪ ،‬اللهم أ ُ‬
‫خِلف لي خيرا ً منها إل آجره الله في مصيبته وأخلف‬ ‫وأ َ ْ‬
‫له خيرا ً منها“‪ .‬قالت‪ :‬فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف لي خيرا ً منه‪ .‬رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم)‪.(1‬‬
‫‪ 15‬ـ دعوة من دعا بالسم العظم‪:‬‬
‫عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال‪ :‬سمع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم رجل ً يدعو وهو يقول‪ :‬اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت‬
‫الله ل إله إل أنت الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد‪ ،‬ولم يكن له‬
‫كفوا ً أحد‪ ،‬قال فقال‪” :‬والذي نفسي بيده لقد سأل الله‬
‫سئل به‬ ‫دعي به أجاب‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫باسمه العظم الذي إذا ُ‬
‫عطى“)‪.(2‬‬ ‫أ ْ‬
‫وعن أنس رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم جالسا ً ورجل يصلي ثم دعا‪ :‬اللهم إني أسألك بأن لك الحمد‬
‫ل إله إل أنت‪ ،‬المنان‪ ،‬بديع السماوات والرض‪ ،‬يا ذا الجلل‬
‫والكرام‪ ،‬يا حي يا قيوم‪ .‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬لقد‬
‫سئل‬ ‫دعي به أجاب وإذا ُ‬ ‫دعا الله باسمه العظيم الذي إذا ُ‬
‫به أعطى“)‪.(3‬‬
‫‪ 16‬ـ دعوة الولد البار بوالديه‪:‬‬
‫عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول‪:‬‬
‫إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وقال بيده نحو السماء‬
‫فرفعهما)‪ .(4‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪” :‬إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح‬
‫ب أّنى لي هذه ؟ فيقول‬ ‫في الجنة فيقول‪ :‬يا ر ّ‬
‫باستغفار ولدك لك“)‪.(5‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪” :‬إذا مات النسان انقطع عمله إل من ثلثة‪:‬‬
‫إل من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو‬
‫له“)‪.(6‬‬
‫‪ ()1‬مسلم ‪ 2/632‬برقم ‪.918‬‬
‫‪ ()2‬الترمذي ‪ 5/515‬وأبو داود ‪ ،2/79‬وأحمد ‪ ،5/360‬وابن ماجه ‪ ،2/1267‬والحاكم ‪ ،1/504‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي‬
‫‪.3/163‬‬
‫‪ ()3‬أبو داود ‪ ،2/80‬والترمذي ‪ ،5/550‬وابن ماجه ‪ ،2/1268‬والنسائي ‪ ،3/52‬وصححه اللباني في صحيح النسائي ‪.1/279‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه المام مالك ‪ 1/217‬وقال المحقق عبد الباقي‪ :‬قال ابن عبد البر هذا ل يدرك بالرأي وقد جاء بسند جيد‪.‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه أحمد في المسند ‪ ،2/509‬وصحح إسناده ابن كثير في تفسيره‪.4/243 ،‬‬
‫‪ ()6‬أخرجه مسلم ‪ 3/1255‬في كتاب الوصية باب ما يلحق النسان من الثواب بعد وفاته رقم ‪.1631‬‬
‫ومن ذلك حديث الثلثة الذين انحدرت عليهم الصخرة‪ ،‬فإن منهم‬
‫رجل ً كان بّرا ً بوالديه فتوسل بذلك العمل الصــالح‪ ،‬فاســتجاب اللــه‬
‫دعاءه‪.1‬‬
‫ومن ذلك إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل التابعين‪،‬‬
‫وأنه لو أقسم على الله لبره‪ ،‬والسبب أن له والدة هو بها بٌر‪.‬‬
‫فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬يأتي عليكم أويس بن عامر مع‬
‫أمداد أهل اليمن‪ ،‬من مراد‪ ،‬ثم من قرن‪ ،‬كان به برص‬
‫فبرأ منه إل موضع درهم‪ ،‬له والدة هو بها بر‪ ،‬لو أقسم‬
‫على الله لبره‪ ،‬فإن استطعت أن يستغفر لك‬
‫فافعل“)‪.(2‬‬
‫‪ 17‬ـ دعوة الحاج‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ دعوة المعتمر‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ دعوة الغازي في سبيل الله‪:‬‬
‫لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪” :‬الغازي‬
‫في سبيل الله‪ ،‬والحاج‪ ،‬والمعتمر وفد الله‪ :‬دعاهم‬
‫فأجابوه‪ ،‬وسألوه فأعطاهم“)‪.(3‬‬
‫‪ 20‬ـ دعوة الذاكر لله كثيرًا‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ؤهم‪ :‬الذاكر لله كثيرًا‪ ،‬ودعوة‬ ‫دعا ُ‬
‫قال‪” :‬ثلثة ل ُيردّ ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫المظلوم‪ ،‬والمام المقسط“ ‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ دعوة من أحبه الله ورضي عنه‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪” :‬إن الله تعالى قال‪ :‬من عادى لي وليا ً فقد‬
‫ي مما‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ي عبدي بشيء أح ّ‬ ‫آذنته بالحرب‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫افترضته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل‬
‫حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪،‬‬
‫وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله‬
‫التي يمشي بها‪ ،‬وإن سألني لعطيّنه‪ ،‬ولئن استعاذني‬
‫لعيذنه‪ ،‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس‬
‫ه“)‪.(5‬‬
‫ءت ُ‬
‫المؤمن يكره المؤت وأنا أكره مسا َ‬

‫‪ ()1‬البخاري ‪ 4/37‬ومسلم ‪.4/2099‬‬


‫‪ ()2‬أخرجه مسلم ‪ 4/1968‬في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أويس القرني رقم ‪.2542‬‬
‫‪ ()3‬ابن ماجه برقم ‪ ،2893‬وحسنه اللباني في صحيح ابن ماجه ‪ ،2/149‬وسلسلة الحاديث الصحيحة برقم ‪.4/433 ،182‬‬
‫‪ ()4‬أخرجه البيهقي في شعب اليمان ‪ ،2/399‬والطبراني في الدعاء برقم ‪ ،1211‬وحسنه العلمة اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة‬
‫‪ 3/211‬برقم ‪.1211‬‬
‫‪ ()5‬البخاري‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب التواضع برقم ‪.6502‬‬
‫وهذا المحبوب المقرب الذي له عند الله منزلة عظيمة إذا سأل‬
‫الله شيئا ً أعطاه‪ ،‬وإن استعاذ به من شيء أعاذه‪ ،‬وإن دعاه أجابه‪،‬‬
‫فيصير مجاب الدعوة لكرامته على ربه عز وجل‪ ،‬وقد كان كثير من‬
‫السلف الصالح معروف بإجابة الدعوة)‪ ،(1‬وفي الصحيحين أن الّربّيع‬
‫بنت النضر كسرت ثنية جارية فعرضوا عليهم الرش فأبوا‪ ،‬فطلبوا‬
‫منهم العفو فأبوا‪ ،‬فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫بالقصاص‪ ،‬فقال أنس بن النضر‪ :‬أُتكسر ثنية الّربّيع؟ والذي بعثك‬
‫بالحق ل تكسر ثنيتها‪ ،‬فرضي القوم وأخذوا الرش‪ ،‬فقال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬إن من عباد الله من لو أقسم‬
‫على الله لبره“)‪ .(2‬وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى‬
‫عف)‪ (3‬ذي‬‫الله عليه وسلم قال‪” :‬كم من ضعيف متض ّ‬
‫طمرين لو أقسم على الله لبره منهم البراء بن‬
‫مالك“)‪ .(4‬ولفظه عند الترمذي‪” :‬كم من أشعث أغبر ذي‬
‫ه)‪ (6‬لو أقسم على الله لبّره منهم‬ ‫هل ُ‬ ‫طمرين)‪ (5‬ل ي ُ ْ‬
‫ؤب َ ُ‬
‫البراء بن مالك“)‪ .(7‬وكان الحرب إذا اشتدت على المسلمين‬
‫في الجهاد يقولون‪ :‬يا براء أقسم على ربك‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب‬
‫أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم‪ ،‬فَُيهزم العدو‪ ،‬فلما كان يوم‬
‫ُتستر قال‪ :‬أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وجعلتني أول‬
‫شهيد‪ ،‬فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا ً)‪.(8‬‬
‫وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم أمثلة‬
‫كثيرة على استجابة الله تعالى لكثير من عباده المؤمنين)‪ ،(9‬وشيخ‬
‫السلم ذكر أمورا ً عظيمة من ذلك في كتابه الفرقان بين أولياء‬
‫الرحمن وأولياء الشيطان)‪ ،(10‬وأبو بكر بن أبي الدنيا ذكر في كتابه‬
‫”كتاب مجابي الدعوة“ أمورا ً عظيمة)‪.(11‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم ‪.2/348‬‬


‫‪ ()2‬البخاري برقم ‪ ،2703‬ومسلم برقم ‪ 1635‬وغيرهما‪.‬‬
‫‪ ()3‬الذي يتضعفه الناس ويتجبرون عليه في الدنيا للفقر ورثاثة الحال‪.‬‬
‫‪ ()4‬الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ‪.3/292‬‬
‫‪ ()5‬ذي طمرين‪ :‬أي صاحب ثوبين خلقين‪.‬‬
‫‪ ()6‬ل يؤبه له‪ :‬ل ُيبالى به ول يلتفت إليه‪.‬‬
‫‪ ()7‬الترمذي ‪ 5/693‬برقم ‪ ،3854‬وقال صحيح حسن‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/239‬‬
‫‪ ()8‬أخرجه أبو نعيم في الحلية ‪ 1/350‬وانظر‪ :‬أسد الغابة ‪ ،1/172‬وابن كثير في البداية والنهاية ‪.7/95‬‬
‫‪ ()9‬انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم ص ‪.356-348‬‬
‫‪ ()10‬ص ‪.320-306‬‬
‫‪ ()11‬ذكر مائة وثلثين إجابة ص ‪.18-17‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬أهمية الدعاء ومكانته في الحياة‬
‫المبحث الول‪ :‬افتقار العباد وحاجتهم إلى ربهم‬
‫جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم ودفع‬
‫س‬
‫مضارهم‪ ،‬في أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬قال تعالى‪} :‬يا أيها الّنا ُ‬
‫د{)‪ .(1‬ومما‬‫حمي ُ‬‫ي ال َ‬
‫و الغن ّ‬‫هه َ‬‫ه والل ُ‬
‫فقراءُ إلى الل ِ‬ ‫م ال ُ‬
‫أنت ُ ُ‬
‫يوضح ذلك ويبينه حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال‪” :‬يا عبادي إني‬
‫حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما ً فل‬
‫تظالموا‪ ،‬يا عبادي كلكم ضال إل من هديته فاستهدوني‬
‫أهدكم‪ ،‬يا عبادي كلكم جائع إل من أطعمته‬
‫فاستطعموني أطعمكم‪ ،‬يا عبادي كلكم عار إل من‬
‫كسوته فاستكسوني أكسكم‪ ،‬يا عبادي إنكم تخطئون‬
‫بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا ً فاستغفروني‬
‫أغفر لكم‪ ،‬يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني‪،‬‬
‫ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني‪ ،‬يا عبادي لو أن أولكم‬
‫وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل‬
‫واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا‪ ،‬يا عبادي لو أن‬
‫أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب‬
‫رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا‪ ،‬يا عبادي‬
‫لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد‬
‫واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك‬
‫مما عندي إل كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر‪ ،‬يا‬
‫عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها‪،‬‬
‫فمن وجد خيرا ً فليحمد الله‪ ،‬ومن وجد غير ذلك فل‬
‫يلومن إل نفسه“)‪.(2‬‬
‫وهذا يقتضي أن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب‬
‫مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم‪ ،‬وأن العباد ل‬
‫يملكون لنفسهم شيئا ً من ذلك كله‪ ،‬وأن من لم يتفضل الله عليه‬
‫بالهدى والرزق‪ ،‬فإنه يحرمها في الدنيا‪ ،‬ومن لم يتفضل الله عليه‬
‫قْته خطاياه في الخرة)‪.(3‬‬‫بمغفرة ذنوبه أوْب َ َ‬

‫‪()1‬‬
‫سورة فاطر‪ ،‬الية‪.15 :‬‬
‫‪()2‬‬
‫مسلم برقم ‪ 2577‬وغيره‪.‬‬
‫‪()3‬‬
‫جامع العلوم والحكم لبن رجب رحمه ال ‪.2/37‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهم ما يسأل العبد ربه‬
‫العبد يسأل ربه كل شيء يحتاجه في أمر دينه ودنياه‪ ،‬لن‬
‫ء‬
‫ن من شي ٍ‬ ‫الخزائن كلها بيده سبحانه وتعالى‪ ،‬قال سبحانه‪} :‬وإ ْ‬
‫م{)‪ .(1‬وهو سبحانه‬ ‫معلو ٍ‬ ‫ر ّ‬ ‫ه إل بقدَ ٍ‬ ‫ه وما ن ُن َّزل ُ‬ ‫دنا خزآئ ِن ُ ُ‬ ‫إل عن َ‬
‫ل مانع لما أعطى ول معطي لما منع‪ ،‬كما كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول‪” :‬اللهم ل مانع لما أعطيت ول معطي‬
‫د“)‪ .(2‬أي ل ينفع ذا‬ ‫لما منعت ول ينفع ذا الجدّ منك الج ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫الغنى منك غناه وإنما ينفعه اليمان والطاعة ‪.‬‬
‫والله تعالى يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم‪،‬‬
‫من المطاعم والمشارب‪ ،‬كما يسألونه الهداية‪ ،‬والمغفرة‪ ،‬والعفو‬
‫والعافية في الدنيا والخرة‪ ،‬قال الله تعالى‪} :‬وسئ َُلوا ْ الل َ‬
‫)‪(4‬‬
‫ه من‬
‫ء عليمًا{)‪ .(5‬وعن أبي مسعود‬ ‫ل شي ٍ‬ ‫ن بك ّ‬ ‫ه كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫هإ ّ‬ ‫فضل ِ ِ‬
‫البدري رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫”سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن ُيسأل وأفضل‬
‫العبادة انتظار الفرج“)‪ .(6‬وعن أنس بن مالك رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪” :‬ليسأل أحدكم‬
‫ه إذا انقطع“)‪.(7‬‬ ‫عل ِ ِ‬ ‫عن ْ‬ ‫س َ‬‫ش ْ‬ ‫ه كّلها حتى يسأل ِ‬ ‫رّبه حاجت ُ‬
‫ولكن العبد يهتم اهتماما ً عظيمـا ً بــالمور المهمــة العظيمــة الــتي‬
‫فيها السعادة الحقيقية ومن أهم ذلك ما يأتي‪:‬‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ف ُ‬‫ه َ‬ ‫د الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬‫من ي َ ْ‬ ‫‪ 1‬ـ سؤال الله الهداية‪ ،‬لقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫جدَ ل َ ُ‬
‫فَلن ت َ ِ‬ ‫ل َ‬‫ضل ِ ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(8‬‬
‫دا{ ‪ .‬والهداية‬ ‫ش ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫ول ِّيا ّ‬ ‫ه َ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬‫د َ‬ ‫هت َ ِ‬‫م ْ‬
‫نوعان‪ :‬هداية مجملة‪ ،‬وهي الهداية لليمان والسلم وهي حاصلة‬
‫للمؤمن‪ ،‬وهداية مفصلة‪ ،‬وهي هدايته إلى معرفة تفاصيل أجزاء‬
‫اليمان والسلم‪ ،‬وإعانته على فعل ذلك‪ ،‬وهذا يحتاج إليه كل‬
‫مؤمن ليل ً ونهارًا‪ ،‬ولهذا أمر الله عباده أن يقرأوا في كل ركعة من‬
‫ن{)‪ .(9‬وكان‬ ‫ك نسَتعي ُ‬ ‫ك نعب ُدُ وإّيا َ‬ ‫صلتهم قوله تعالى‪} :‬إّيا َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه الذي يستفتح به صلته‬
‫بالليل‪ ...” :‬اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك‬
‫‪ ()1‬سورة الحجر‪ ،‬الية‪.21 :‬‬
‫‪ ()2‬أخرجه مسلم ‪.1/415‬‬
‫‪ ()3‬النهاية في غريب الحديث لبن الثير ‪.1/244‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم لبن رجب ‪.40-2/38‬‬
‫‪ ()5‬سورة النساء‪ ،‬الية‪.32 :‬‬
‫‪ ()6‬الترمذي برقم ‪ 3571‬في الدعوات‪ ،‬باب رقم ‪ ،116‬وحسنه الشيخ عبد القادر الرناؤوط في تحقيقه لجامع الصول ‪.4/166‬‬
‫‪ ()7‬أخرجه الترمذي‪ ،‬ولم أجده في نسختي قال عبد القادر الرناؤوط في تحقيقه لجامع الصول ‪” :4/166‬أخرجه الترمذي رقم ‪،3607‬‬
‫‪ 3608‬في الدعوات‪ ،‬باب ‪ ،149‬وحسنه الترمذي وهو كما قال“‪.‬‬
‫‪ ()8‬سورة الكهف‪ ،‬الية‪.17 :‬‬
‫‪ ()9‬سورة الفاتحة‪ ،‬الية‪.6 :‬‬
‫تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم“)‪ .(1‬وأوصى معاذ بن‬
‫جبل رضي الله عنه أن يقول دبر كل صلة‪” :‬اللهم أعني على‬
‫ذكرك وشكرك وحسن عبادتك“)‪ .(2‬ومن دعائه صلى الله‬
‫عليه وسلم في استفتاح صلة الليل‪ ...” :‬اهدني لحسن‬
‫الخلق ل يهدي لحسنها إل أنت‪ ،‬واصرف عني سّيئها ل‬
‫يصرف عني سيئها إل أنت“)‪ .(3‬وقد أمر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يسأل الله الُهدى‬
‫هدى والسداد“)‪ .(4‬وعلم‬ ‫والسداد‪” :‬اللهم إني أسألك ال ُ‬
‫الحسن بن علي رضي الله عنهما أن يقول في قنوت الوتر‪:‬‬
‫”اللهم اهدني فيمن هديت“)‪.(5‬‬
‫‪ 2‬ـ سؤال الله مغفرة الذنوب‪ ،‬لن من أهم ما يسأل العبد‬
‫ربه مغفرة ذنوبه أو ما يستلزم ذلك كالنجاة من النار ودخول‬
‫الجنة)‪.(6‬‬
‫والعبد محتاج إلى الستغفار من الذنوب‪ ،‬وطلب مغفرة ذنوبه‬
‫من الله تعالى‪ ،‬لنه يخطئ بالليل والنهار‪ ،‬والله يغفر الذنوب‬
‫جميعًا‪ ،‬ولعظم هذا المر قال عليه الصلة والسلم‪” :‬يا أيها‬
‫الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة‬
‫مرة“)‪ .(7‬وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬إن كّنا لنعد ّ لرسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول‪:‬‬
‫ب الرحيم“)‪.(8‬‬ ‫ي إنك أنت التوا ُ‬ ‫ب اغفر لي وتب عل ّ‬ ‫”ر ّ‬
‫ولفظ الترمذي ورواية عند المام أحمد‪” :‬رب اغفر لي وتب‬
‫ي إنك أنت التواب الغفور“)‪.(9‬‬ ‫عل ّ‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪” :‬من قال أستغفر الله‬
‫العظيم الذي ل إله إل هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر‬
‫الله له وإن كان فّر من الزحف“)‪.(10‬‬
‫ل سو ً َ‬
‫ه‬
‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬
‫م نَ ْ‬ ‫ءا أ ْ‬ ‫م ْ ُ‬ ‫ع َ‬‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬‫والله عز وجل يقول‪َ } :‬‬
‫ه َ‬
‫غ ُ‬ ‫د الل ّ َ‬ ‫ر الل ّ َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫)‪(11‬‬
‫وإ ِّني‬‫ما{ ‪ .‬وقال‪َ } :‬‬ ‫حي ً‬‫فوًرا ّر ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ه يَ ِ‬ ‫ف ِ‬
‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫م يَ ْ‬
‫‪ ()1‬مسلم ‪ ،1/534‬برقم ‪.770‬‬
‫‪ ()2‬أبو داود ‪ ،2/86‬والنسائي ‪ 3/53‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪.1/284‬‬
‫‪ ()3‬مسلم ‪ ،1/534‬برقم ‪.771‬‬
‫‪ ()4‬مسلم ‪ 4/209‬برقم ‪.2725‬‬
‫‪ ()5‬أخرجه أصحاب السنن‪ ،‬وصححه اللباني في إرواء الغليل ‪ ،2/172‬وفي صحيح سنن الترمذي ‪ ،1/144‬وفي صحيح ابن ماجه‬
‫‪.1/194‬‬
‫‪ ()6‬جامع العلوم والحكم ‪.404 ،2/41‬‬
‫‪ ()7‬مسلم ‪.4/2076‬‬
‫‪ ()8‬أبو داود برقم ‪ ،1516‬وابن ماجه برقم ‪ ،3814‬وصححه اللباني في صحيح أبي داود ‪ ،1/283‬وصحيح ابن ماجه ‪ ،2/321‬وأخرجه‬
‫أحمد بهذا اللفظ أيضًا ‪.1/21‬‬
‫‪ ()9‬الترمذي برقم ‪ 3444‬وأحمد بلفظ الترمذي إل أنه قال بالشك ”التواب الرحيم أو التواب الغفور“ ‪.1/67‬‬
‫‪ ()10‬أبو داود ‪ 2/85‬والترمذي واللفظ له ‪ 5/569‬والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ‪ ،1/511‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪،3/182‬‬
‫وانظر‪ :‬تحقيق الرناؤوط لجامع الصول ‪.4/389‬‬
‫‪ ()11‬سورة النساء‪ ،‬الية‪.110 :‬‬
‫دى{)‪ .(1‬وعن‬ ‫هت َ َ‬
‫ما ْ‬‫حا ث ُ ّ‬
‫صال ِ ً‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫ب َ‬
‫من َتا َ‬ ‫فاٌر ل ّ َ‬ ‫لَ َ‬
‫غ ّ‬
‫أنس رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪” :‬قال الله تعالى‪ :‬يا ابن آدم إنك ما دعوتني‬
‫ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ول أبالي‪ ،‬يا ابن‬
‫ن السماء ثم استغفرتني غفرت‬ ‫عَنا َ‬
‫آدم لو بلغت ذنوبك َ‬
‫لك ول أبالي‪ ،‬يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الرض خطايا‬
‫ثم لقيتني ل تشرك بي شيئا ً لتيتك بقرابها مغفرة“)‪.(2‬‬
‫ن الستغفار بذكر التوبة فيكون الستغفار حينئذ‬ ‫وكثيرا ً ما ي ُ ْ‬
‫قَر ُ‬
‫عبارة عن طلب المغفرة باللسان‪ ،‬والتوبة عبارة عن القلع عن‬
‫)‪(3‬‬
‫الذنوب بالقلوب والجوارح‪ ،‬وقد وعد الله في سورة آل عمران‬
‫بالمغفرة لمن استغفر من ذنوبه ولم يصر على ما فعله فتحمل‬
‫النصوص المطلقة في الستغفار كلها على هذا المقيد‪ ،‬وأما‬
‫استغفار اللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن‬
‫شاء الله أجابه وإن شاء رده‪ ،‬وقد يكون الصرار مانعا ً من‬
‫الجابة)‪ ،(4‬فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪” :‬ارحموا ُترحموا‪ ،‬واغفروا‬
‫يغفر الله لكم‪ ،‬ويل لقماع القول)‪ (5‬ويل للمصرين‬
‫الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون“)‪.(6‬‬
‫وإن قال أستغفر الله وأتوب إليه فله حالتان‪:‬‬
‫الحالة الولى‪ :‬أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على المعصية‬
‫فهذا كاذب في قوله‪ :‬وأتوب إليه‪ ،‬لنه غير تائب‪ ،‬فهو يخبر عن‬
‫نفسه بأنه تائب وهو غير تائب‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أن يكون مقلعا ً عن المعصية بقلبه‪ ،‬ويسأله توبة‬
‫نصوحا ً ويعاهد ربه على أن ل يعود إلى المعصية‪ ،‬فإن العزم على‬
‫ذلك واجب عليه فقوله ”وأتوب إليه“ يخبر بما عزم عليه في‬
‫الحال)‪.(7‬‬
‫‪ 3‬ـ سؤال الله الجنة والستعاذة بــه مــن النــار‪ ،‬لحــديث أبــي‬
‫هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليــه وســلم‬
‫ل‪” :‬ما تقول في الصـلة“؟ قــال‪ :‬أتشــهد ثــم أســأل اللــه‬ ‫لرج ٍ‬
‫‪ ()1‬سورة طه‪ ،‬الية‪.82 :‬‬
‫‪ ()2‬الترمذي ‪ 4/122‬والدارمي ‪ ،2/230‬وحسنه اللباني في صحيح الجامع ‪ ،5/548‬وانظر‪ :‬تحفة الحوذي ‪ 9/525‬وجامع العلوم والحكم‬
‫‪.418-2/400‬‬
‫‪ ()3‬سورة آل عمران‪ ،‬الية‪.135 :‬‬
‫‪ ()4‬جامع العلوم والحكم ‪.411-2/407‬‬
‫‪ ()5‬جمع‪ :‬قمع كضلع وهو الناء الذي يترك في رؤوس الظروف لتمل بالمائعات من الشربة والدهان شبه أسماع اللذين يستمعون القول‬
‫ول يعونه ول يحفظونه ول يعملون كالقماع التي ل تعي شيئًا مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجازًا كما يمر الشراب في القماع اجتيازًا‪.‬‬
‫‪ ()6‬أخرجه أحمد ‪ ،219 ،2/165‬ورواه البخاري في الدب المفرد برقم ‪ 380‬وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري ‪ ،1/112‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الدب المفرد ص ‪ ،151‬وفي سلسلة الحاديث الصحيحة برقم ‪.482‬‬
‫‪ ()7‬انظر‪ :‬جامع العلوم والحكم ‪.412-2/410‬‬
‫الجنة‪ ،‬وأعوذ به من النار‪ .‬أما والله مــا أحســن دنــدنتك‪ ،‬ول دندنــة‬
‫ن“)‪ (1‬يعني حول سؤال الجنــة والنجــاة‬ ‫معاذ‪ .‬فقال‪” :‬حولها ندند ُ‬ ‫ُ‬
‫من النار‪ .‬وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول اللــه‬
‫صلى اللــه عليــه وســلم‪” :‬من سأل اللــه الجنــة ثلث مــرات‬
‫قالت الجنة‪ :‬اللهم أدخله الجنة‪ ،‬ومن اســتجار مــن النــار‬
‫ثلث مرات قالت النار‪ :‬اللهم أجره من النار“)‪.(2‬‬
‫وعن ربيعة بن كعب السلمي رضي الله عنه قال‪ :‬كنت أبيت مع‬
‫ضوئهِ وحاجته فقال لي‪:‬‬ ‫ه ب ِوَ ُ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فأت َي ْت ُ ُ‬
‫ل“ فقلت‪ :‬أسألك مرافقتك في الجنة‪ .‬قال‪” :‬أو غير‬ ‫س ْ‬
‫” َ‬
‫ذلك“؟ قلت‪ :‬هو ذاك‪ .‬قال‪” :‬فأعني على نفسك بكثرة‬
‫السجود“)‪ .(3‬وهذا يدل على كمال عقل ربيعة رضي الله عنه‬
‫ورغبة في أعظم المطالب العالية الباقية وقد دله صلى الله عليه‬
‫وسلم على كثرة السجود‪ ،‬لحديث ثوبان أنه قال للنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال‪:‬‬
‫بأحب العمال إلى الله فقال‪” :‬عليك بكثرة السجود‪ ،‬فإنك ل‬
‫تسجد لله سجدة إل رفعك الله بها درجة وحط عنك بها‬
‫خطيئة“)‪.(4‬‬
‫‪ 4‬ـ سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والخرة‪ ،‬لحديث‬
‫العباس ابن عبد المطلب قال‪ :‬قلت يا رسول الله علمني شيئا ً‬
‫أسأله الله ؟ قال‪” :‬سل الله العافية“ فمكثت أياما ً ثم جئت‬
‫فقلت يا رسول الله علمني شيئا ً أسأله الله ؟ فقال لي‪” :‬يا‬
‫م رسول الله‪ :‬سل الله العافية في الدنيا‬ ‫س‪ ،‬يا ع ّ‬ ‫عبا ُ‬
‫)‪(5‬‬
‫والخرة“ ‪.‬‬
‫ولحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صّلى الله‬
‫عليه وسّلم قال على المنبر‪” :‬سلوا الله العفو والعافية‪،‬‬
‫فإن أحدا ً لم يعط بعد اليقين خيرا ً من العافية“)‪.(6‬‬
‫‪ 5‬ـ سؤال الله تعالى الثبات على دينه وحسن العاقبة‬
‫في المور كلها‪ ،‬لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله‬
‫ن قلوب‬ ‫عنهما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬إ ّ‬
‫بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب‬
‫‪ ()1‬أبو داود برقم ‪ 793 ،792‬عن جابر وبعض أصحاب النبي صّلى ال عليه وسّلم‪ ،‬وابن ماجه عن أبي هريرة برقم ‪ 910‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح أبي داود ‪ 1/150‬وصحيح ابن ماجه ‪.1/150‬‬
‫‪ ()2‬الترمذي ‪ 4/700‬وابن ماجه ‪ ،2/1453‬وغيرهما‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪ 2/319‬وصحيح النسائي ‪.3/1121‬‬
‫‪ ()3‬مسلم ‪ 1/353‬برقم ‪.489‬‬
‫‪ ()4‬مسلم ‪ 1/353‬برقم ‪.488‬‬
‫‪ ()5‬الترمذي ‪ 5/534‬برقم ‪ 3761‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/170‬‬
‫‪ ()6‬الترمذي برقم ‪ 3811‬وحسنه اللباني في صحيح الترمذي ‪ ،3/180‬وصحيح ابن ماجه برقم ‪ .3849‬وللحديثين شواهد في مسند المام‬
‫أحمد بترتيب أحمد شاكر ‪ .157-1/156‬ومن حديث أنس بن مالك في الترمذي برقم ‪ ،3846‬وانظر‪ :‬صحيح الترمذي ‪،180 ،3/170‬‬
‫‪.185‬‬
‫واحد‪ ،‬يصّرفه حيث شاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪” :‬اللهم مصرف القلوب صّرف قلوبنا على‬
‫)‪(1‬‬
‫سِئلت عن‬ ‫طاعتك“ ‪ .‬وحديث أم سلمة رضي الله عنها عندما ُ‬
‫أكثر دعائه إذا كان عندها قالت‪ :‬كان أكثر دعائه‪” :‬يا مقلب‬
‫القلوب ثبت قلبي على دينك“‪ .‬قالت‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول الله‬
‫ل أكثر دعائك‪” :‬يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك“؟‬ ‫ما ِ‬
‫قال‪” :‬يا أم سلمة‪ ،‬إنه ليس آدمي إل وقلبه بين إصبعين‬
‫من أصابع الله فمن شاء أقام‪ ،‬ومن شاء أزاغ“)‪.(2‬‬
‫ولحديث بسر بن أرطأة رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يدعو‪” :‬اللهم أحسن عاقبتنا في‬
‫المور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الخرة“)‪.(3‬‬
‫‪ 6‬ـ سؤال الله تعالى دوام النعمة والستعاذة به من‬
‫زوالها‪ ،‬وأعظم النعم نعمة الدين‪ ،‬لحديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪” :‬اللهم‬
‫أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري‪ ،‬وأصلح لي دنياي‬
‫التي فيها معاشي‪ ،‬وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي‪،‬‬
‫واجعل الحياة زيادة لي في كل خير‪ ،‬واجعل الموت‬
‫راحة لي من كل شر“)‪ .(4‬وعن عبد الله ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما قال‪ :‬كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫”اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك‪ ،‬وتحول عافيتك‪،‬‬
‫وفجاءة نقمتك‪ ،‬وجميع سخطك“)‪.(5‬‬
‫‪ 7‬ـ الستعاذة بالله من جهد البلء ودرك الشقاء‪ ،‬وسوء‬
‫القضاء وشماتة العداء‪ ،‬لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪” :‬كان يتعوذ من سوء القضاء‪،‬‬
‫ومن درك الشقاء‪ ،‬ومن شماتة العداء‪ ،‬ومن جهد‬
‫البلء“)‪.(6‬‬
‫فلهــا‪،‬‬
‫وهذه نماذج من أهم المطــالب الــتي ينبغــي للعبــد أن ل ي ُغْ ِ‬
‫وعليــه أل يغفــل الــدعاء بالصــلح لــه ولــذريته ولجميــع المســلمين‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومــن‬
‫تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫‪()1‬‬
‫مسلم ‪ 4/2045‬برقم ‪.2654‬‬
‫‪()2‬‬
‫الترمذي ‪ ،5/238‬وأحمد ‪ ،4/182‬والحاكم ‪ 1/525‬و ‪ 528‬وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي ‪.3/171‬‬
‫‪()3‬‬
‫أحمد ‪ 4/181‬وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ 10/178‬إلى الطبراني في الكبير وقال‪ :‬رجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات‪.‬‬
‫‪()4‬‬
‫مسلم ‪ 4/2087‬برقم ‪.2720‬‬
‫‪()5‬‬
‫مسلم ‪ 4/2097‬برقم ‪.2739‬‬
‫‪()6‬‬
‫مسلم ‪ 4/2080‬برقم ‪.2707‬‬
‫الفهـرس‬
‫الموضـوع‬
‫المقدمة ‪..........................................‬‬
‫الفصل الول‪ :‬مفهوم الدعاء وأنواعه ‪.............‬‬
‫المبحث الول‪ :‬مفهوم الدعاء ‪.......................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الدعاء ‪........................‬‬
‫النوع الول‪ :‬دعاء العبادة ‪................................‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬دعاء المسألة ‪.............................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬فضل الدعاء ‪........................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬شروط الدعاء وموانع الجابة ‪....‬‬
‫المبحث الول‪ :‬شروط الدعاء ‪......................‬‬
‫الشرط الول‪ :‬الخلص ‪.................................‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬المتابعة ‪.................................‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬الثقة بالله تعالى واليقين بالجابة ‪..‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬حضور القلب والرغبة فيما عند الله‬
‫الشرط الخامس‪ :‬العزم والجزم والجد في الدعاء ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬موانع إجابة الدعاء ‪................‬‬
‫المانع الول‪ :‬التوسع في الحرام ‪.......................‬‬
‫المانع الثاني‪ :‬الستعجال وترك الدعاء ‪................‬‬
‫المانع الثالث‪ :‬ارتكاب المعاصي والمحرمات ‪........‬‬
‫المانع الرابع‪ :‬ترك الواجبات ‪............................‬‬
‫المانع الخامس‪ :‬الدعاء بإثم أو قطيعة رحم ‪.........‬‬
‫المانع السادس‪ :‬الحكمة الربانية فُيعطى خير مما سأل‬
‫الفصل الرابع‪ :‬آداب الدعاء وأماكن وأوقــات وأحــوال الجابــة‬
‫‪..................................................................‬‬
‫المبحث الول‪ :‬آداب الدعاء ‪.........................‬‬
‫‪-1‬يبدأ الداعي بحمد الله والثناء عليه والصــلة علــى النــبي‬
‫صّلى الله عليه وسّلم‬
‫‪....................-2‬الدعاء في الرخاء والشدة‬
‫‪..........-3‬ل يدعو على أهله أو ماله أو ولده‬
‫‪-4‬يخفض صوته في الدعاء بين المخافتة والجهر‬
‫‪....................-5‬يتضرع في دعائه إلى ربه‬
‫‪...................................-6‬يلح في دعائه‬
‫‪-7‬يتوسل إلى الله تعالى بأنواع التوسل المشروعة‬
‫أنواع التوسل ثلثة‪....................................... :‬‬
‫النوع الول‪ :‬التوسل باسم من أسماء الله أو صــفة مــن صــفاته‬
‫‪...............................................................‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به الداعي‬
‫‪...............................................................‬‬
‫النــوع الثــالث‪ :‬التوســل إلــى اللــه تعــالى بــدعاء المســلم الحــي‬
‫الحاضر ‪.....................................................‬‬
‫‪-8‬العتراف بالذنب والتوبة منه والعتراف بالنعمــة وشــكر‬
‫الله عليها‪...............................................‬‬
‫‪...............-9‬عدم تكلف السجع في الدعاء‬
‫‪....................................-10‬الدعاء ثلثا ً‬
‫‪................................-11‬استقبال القبلة‬
‫‪.......................-12‬رفع اليدي في الدعاء‬
‫‪..............-13‬الوضوء قبل الدعاء إن تيسر‬
‫‪. .-14‬البكاء في الدعاء من خشية الله تعالى‬
‫‪-15‬إظهار الفتقار إلى الله تعالى والشكوى إليه‬
‫‪..........-16‬يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره‬
‫‪..........................-17‬ل يعتدي في الدعاء‬
‫‪..........................-18‬التوبة ورد المظالم‬
‫‪......................-19‬يدعو لوالديه مع نفسه‬
‫‪.....-20‬يدعو للمؤمنين والمؤمنات مع نفسه‬
‫‪.......................-21‬ل يسأل إل الله وحده‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أوقات وأحوال وأوضاع الجابة ‪.‬‬
‫‪........................................-1‬ليلة القدر‬
‫‪......................-2‬دبر الصلوات المكتوبات‬
‫‪..............................-3‬جوف الليل الخر‬
‫‪............................-4‬بين الذان والقامة‬
‫‪..............-5‬عند النداء للصلوات المكتوبات‬
‫‪...............................-6‬عند إقامة الصلة‬
‫‪..............-7‬عند نزول الغيث وتحت المطر‬
‫‪.........-8‬عند زحف الصفوف في سبيل الله‬
‫‪................................-9‬ساعة من الليل‬
‫‪............-10‬ساعة من ساعات يوم الجمعة‬
‫‪. .-11‬عند شرب ماء زمزم مع النية الصالحة‬
‫‪....................................-12‬في السحر‬
‫‪-13‬عند الستيقاظ من النوم ليل ً والدعاء بالمأثور‬
‫‪-14‬عند الدعاء بـ ـ ل إلــه إل أنــت ســبحانك إنــي كنــت مــن‬
‫الظالمين ‪..............................................‬‬
‫‪-15‬عند الدعاء في المصيبة بـ إنــا للــه وإنــا إليــه راجعــون‬

‫‪......-16‬عند الدعاء بعد وفاة الميت بالمأثور‬


‫‪-17‬عند قولك في دعاء الستفتاح ”الله أكبر كبيرًا“‬
‫‪-18‬عند قولك في دعاء الستفتاح ”الحمد لله حمدا ً كــثيرًا“‬

‫‪-19‬عند قراءة الفاتحة في الصلة واستحضار ما يقول فيها‬

‫‪-20‬عند رفع الرأس من الركوع والدعاء بالمأثور‬


‫‪-21‬عند التأمين في الصلة إذا وافق قول الملئكة‬
‫‪-22‬عن قول ”ربنا ولك الحمد“ في الرفع من الركوع‬
‫‪-23‬بعد الصــلة علــى النــبي ص ـّلى اللــه عليــه وس ـّلم فــي‬
‫التشهد الخير والدعاء بالمأثور‪.....................‬‬
‫‪-24‬عند قولك قبل السلم في الصلة‪ :‬اللهم إني أسألك يا‬
‫الله ‪.....................................................‬‬
‫‪-25‬عند قولــك قبــل الســلم ”اللهــم إنــي أســألك بــأن لــك‬
‫الحمد“ ‪.................................................‬‬
‫‪-26‬عند الدعاء بـ”اللهم إني أســألك بــأني أشــهد أنــك أنــت‬
‫الله“ ‪....................................................‬‬
‫‪ -27‬عند دعاء المسلم عقب الوضوء بالمأثور‬
‫‪...-28‬عند الدعاء في عرفة للحاج في عرفة‬
‫‪....-29‬الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر‬
‫‪.............................-30‬في شهر رمضان‬
‫‪-31‬عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر‬
‫‪.............................-32‬عند صياح الديكة‬
‫‪-33‬الدعاء حالة إقبال القلب على الله تعالى‬
‫‪................-34‬الدعاء في عشر ذي الحجة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أماكن تجاب فيها الدعوات ‪......‬‬
‫‪-1‬عند رمــي الجمــرة الصــغرى والوســطى أيــام التشــريق‬
‫للحاج ‪...................................................‬‬
‫‪-2‬داخل الكعبة ومن دعا أو صــلى داخــل الحجــر فهــو مــن‬
‫البيت ‪...................................................‬‬
‫‪-3‬الدعاء على الصفا والمروة للحاج والمعتمر‬
‫‪-4‬الدعاء عند المشعر الحرام للحاج يوم النحر‬
‫‪..........-5‬الدعاء في عرفة يوم عرفة للحاج‬
‫الفصل الخامس‪ :‬اهتمام النبياء بالدعاء واســتجابة اللــه لهــم‬
‫‪...............................................................‬‬
‫‪.....................-1‬آدم عليه الصلة والسلم‬
‫‪.....................-2‬نوح عليه الصلة والسلم‬
‫‪................-3‬إبراهيم عليه الصلة والسلم‬
‫‪...................-4‬أيوب عليه الصلة والسلم‬
‫‪..................-5‬يونس عليه الصلة والسلم‬
‫‪...................-6‬زكريا عليه الصلة والسلم‬
‫‪.................-7‬يعقوب عليه الصلة والسلم‬
‫‪.................-8‬يوسف عليه الصلة والسلم‬
‫‪.................-9‬موسى عليه الصلة والسلم‬
‫محمد عليه الصلة والسلم‬ ‫‪-10‬‬
‫‪-1‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم لنس بن مالك‬
‫م أبي هريرة‬ ‫دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم ل ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫‪-3‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم لعروة البارقي‬
‫‪-4‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم على بعض أعدائه‬
‫‪-5‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم على ســراقة بــن مالــك‬
‫‪.....................................................‬‬
‫‪. . .-6‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم يوم بدر‬
‫‪-7‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم يوم الحزاب‬
‫‪. -8‬دعاؤه صّلى الله عليه وسّلم يوم حنين‬
‫الفصل السادس‪ :‬الدعوات المستجابات ‪.........‬‬
‫‪. -1‬دعوة المسلم لخيه المسلم بظهر الغيب‬
‫‪.................................-2‬دعوة المظلوم‬
‫‪..............................-3‬دعوة الوالد لولده‬
‫‪........................-4‬دعوة الوالد على ولده‬
‫‪..................................-5‬دعوة المسافر‬
‫‪....................................-6‬دعوة الصائم‬
‫‪......................-7‬دعوة الصائم حين يفطر‬
‫‪............................-8‬دعوة المام العادل‬
‫‪...................-9‬دعوة الولد الصالح لوالديه‬
‫‪-10‬دعوة المستيقظ من النوم إذا دعا بالمأثور‬
‫‪................................-11‬دعوة المضطر‬
‫‪......-12‬دعوة من بات طاهرا ً على ذكر الله‬
‫‪............-13‬دعوة من دعا بدعوة ذي النون‬
‫‪ -14‬دعوة من أصيب بمصيبة إذا دعا بالمأثور‬
‫‪.............-15‬دعوة من دعا بالسم العظم‬
‫‪....................-16‬دعوة الولد البار بوالديه‬
‫‪...................................-17‬دعوة الحاج‬
‫‪.................................-18‬دعوة المعتمر‬
‫‪...............-19‬دعوة الغازي في سبيل الله‬
‫‪.......................-20‬دعوة الذاكر لله كثيرا ً‬
‫‪...........-21‬دعوة من أحبه الله ورضي عنه‬
‫الفصل السابع‪ :‬أهمية الدعاء ومكانته في الحياة‬
‫المبحث الول‪ :‬افتقار العباد وحاجتهم إلى ربهم ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهم ما يسأل العبد ربه ‪...........‬‬
‫‪..............................-1‬سؤال الله الهداية‬
‫‪....................-2‬سؤال الله مغفرة الذنوب‬
‫‪. .-3‬سؤال الله الجنة والستعاذة به من النار‬
‫‪-4‬سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والخرة‬
‫‪-5‬سؤال الله الثبات على دينه وحسن العاقبة‬
‫‪-6‬سؤال الله دوام النعمة والستعاذة به من زوالها‬
‫‪-7‬الستعاذة بالله من جهد البلء ودرك الشقاء‬

‫انتهى الكتاب ولله الحمد‪.‬‬

Vous aimerez peut-être aussi