Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
حسن العلوي
كانون الثان (يناير) .2007
1
كتاب عمر والتشيع
إل ابن أعظمية النعمان بن ثابت إمام الساحل الشرقي
عثمان بن علي العبيدي
ل أنقذ سبع أرواح من الوت غرقا من بي الشود الت سقطت ف النهر على طريقها إل إمام
إليه رج ً
الساحل الغرب
وعند الثامنة تعانقت الروحان وهبط السدان معا تت مياه السر الشترك.
حسن العلوي
دمشق الشام 1/1/2007
تدافعت حشود عابرة على جسر ف بغداد لقامة الهرجان السنوي لذكرى استشهاد المام موسى الكاظم
بن جعفر الصادق الدفون ف مقبة خصصها لقريش أبو جعفر النصور عام 150للهجرة ،سيت بدافن قريش،
فدفن فيها ابنه ث المام موسى بن جعفر وحفيده ،وعندما توف المام أبو حنيفة النعمان دفن ف مقبة اليزران،
على الانب الشرقي من دجلة ،وهي لعامة الناس ،فسميت الول بالكاظمية نسبة إل المام الكاظم على
الساحل الغرب ،وسيت الثانية بالعظمية نسبة للمام العظم أب حنيفة ،وعلى الانب الشرقي من دجلة ،خرج
الشاب عثمان العبيدي ،وهو من السكان الصليي ،فرمى بنفسه إل النهر سبع مرات ،أنقذ ف كل مر ٍة طفلً
أو رجلً أو امرأةً شيعية ،وف الرة الثامنة أمسكه الغريق وقد أرهقه التعب ،وخارت قواه ،فلم يقدر على حله إل
الشاطئ ،وغرق عثمان بثقل من كان يستنقذه!.
2
كتاب عمر والتشيع
أول الكـــلم
3
كتاب عمر والتشيع
الكرادة والكتاب
ما لبن السبعي مرميّا إل العباب متارا ،وأكثر من نصفه معطل عن العمل؟
لاذا ل يركن إل دعة الضيعة عند أصغر صغاره ،أوف دمشق الشام وأكب كباره ،وبينهما ثلث يتقحمّن الياة
بعد الامعة بشجاعة العال؟.
ما الذي يغريه ف تعب الواجهة وهو ف هذه السن؟.
أقول :لو كان المر بيدي لركنت إل صُلب وسكينت ،لكنّي خلقت غي مُوادع ولمُساكن ،والمر أمر ضاحية
ت وترعرتُ فيها على ضفة دجلة اليمن ،حيث هي اليوم بساتي النطقة الضراء ..والياة
الكرادة وبساتينها الت ولد ُ
على ضفاف النار والغامرة صنوان ،فأنت صاعود نلة عيطاء ف الامسة ،وعابور دجلة سابا ف العاشرة ،وقاحوم
ليل البساتي الت ل تعرف نور الكهرباء إل ف السنة الخية من الدراسة ف ثانوية الكرخ .وأشجار البساتي حرة
ي منا ينتقل ف لظات من قعر النهر إل قمة نلة مترامية ف السماء ،أو فوق غصن توت .ولنا
وشبه مشاعة ،وكان أ ّ
القدرة على التقاط الناضج ،وانتظار موسه الذي نعد أيامه على الصابع.
كان النهر مصدر التحدي ..يأكل منا بعضنا ونأكل منه جيعا .وبواسق النخل تتحدى قممنا الصغية ،وكان
علينا أن نعانق قممها فنصعد وتصعد اليام ،فإذا َج َرفَ النهر شقيقا عُدنا إليه وكأن من ذهب كان قربانا يضحي به
ت من أعلى نلة ،فقد سقط جدي وخال ،ول يوت من يسقط من
الصيف للنهر الذي فقد نصف قوته .فإذا سقط ُ
فوق نلة .ول نعرف سرّ هذا السر؟.
ل أظن المر قد اختلف عل ّي كثيا .والبار ل يكن ف الجهول .ولشيء مهولً ف بساتي الكرادة حت مكامن
الفاعي ومتارب العقارب ،فلم يدث أن لدغ أحدنا وهو شبه حافٍ ف لي ٍل دامس يبحث ف البستان عن شيء ف لعبة
الليل ،بل الخاطرة وأكب الخاطرة أن تعب الألوف الجتماعي أو تصعد فوقه وهنا الشجاعة والقدام.
ع طويل ،وبثا ف بستان الفاعي
أظن الكتاب أصبح مفهوما ..،سباحة فوق نرٍ عريض وصعودا على جذ ٍ
والعقارب عن مفقودٍ بي البساتي والاء.
4
كتاب عمر والتشيع
أما صاحب الكتاب فكان من ذلك كله وهو فوق ذلك كله ،ل يأنس العيش ف مقطع زمن حددته له القدار،
وأقعدته فيه العقائد ،فصار ابن الكرادة الفتوح على الاء والسماء والتحرك مابي قعر النهر وقمة النخلة كاتبا ،وكان
لبد إلّ أن يكون هكذا مفتوحا على ثلثة أجيال وسبعة أطياف.
فإذا َهرُم جيل فله جيلن .وإذا نكث طيف فعنده الطياف الستة.
وسلمٌ على النخل ذي السعفات الطوال وسلمٌ على التشيّع.
وعلى ابن حنتمة ألف سلم.
حسـن العلـوي
بغداد -الكرادة
26/7/2006
ثنائية الكتاب
هذه كتابة حرة مفتوحة التاهات ف عمر بن الطاب ،وف سياسة الطاب الشيعي إزاءه ،ول أبتغيها كتابا
موصد البواب ،وبثا مشروطا مكبلً بسلسل اليدولوجيا وشروط النتماء .وهي ف ناتها كتابة تاريية ف إشكال
سياسي راهن ،نطل منها على الطوفان العراقي ،ف وقت ختم الات أن ل نب بعده ،ول أمل لتقي ف دعاء نوح
الستجاب ،ول سفينة للنجاة ول جبل يعصمنا ،حت الودي مغمورٌ تت طوفان الدم ،وماء الهوار يغور ،وليست ف
مستوطنة الطيور السومرية مهاجرات قادمات من أقاصي الند ف طريقها إل أقاصي أوربا.
5
كتاب عمر والتشيع
والعراق منقسم على ثنائية عمر وعلي ،الت تسلّكت ف قنواتا السرية إل السياسة الدولية ،منذ مطلع القرن
الاضي ،فيخطط إستراتيجيون بريطانيون طريقهم إل البصرة آملي كسب النبوذين الشيعة ف الرب على التراك
السنة.
وتغي الرب المريكية على دولة الفقيه الشيعي ،الذي حجز ف طهران على موظفي أكب سفارة أمريكية ف خليج
العرب والنطقة .ليكون العراق وليس باكستان وتركيا السنيتان والليفتان مكان الغارة ف حرب تستمر ثان سنوات،
فتتخم أساك نر كارون وشط العرب بلحوم النود قبل أن يي الوقت الجهول لرب أمريكية على السنة .فجاءهم
الغيث من كهوف طورا بورا وهجوم تنظيم القاعدة على نيويورك بطائرات مدنية قطرت الرؤوس العليا لعماريات ماناتن
قبل انيارها مع ثلثة ألف أمريكي أعلن عن هلكهم ف الجوم.
وكان التوقع ،وقد حددت الوليات التحدة المريكية ،مساقط رؤوس الهاجي ،أن تبدأ الرب المريكية على
السنة ف بلد هم فيه أغلبية مطلقة .لكنهم وجدوا ف العراق موطنا للحروب ل يضيق برب أمريكية رفضت تركيا
اندلعها على أرضها وكذا الباكستان والسعودية ومصر رغم اختلفها السياسي مع شيعة إيران ،ول برب أمريكية
على سنة العراق سترفض دول العال السلمي والعرب وهي سنية بالجاع الستسلم لا .لكن ثنائية علي وعمر،
شكلت جاذبا لوجستيا مغريا ومضمون النتائج يوفر الناخ الصال لروب البيت البيض على الشيعة والسنة وحروب
ل بروف عمر النقوشة على جداريات القصر ،ومادام شاه تبيز
الباب العال وغريه الصفوي ،مادام قصر يلدز حاف ً
قد أقام مصنعا للكاشان المهور باسم عليّ ،وستجد السياسة البيطانية وحليفتها المريكية ،ما وجده الشاه والسلطان
شعبا ف بغداد يهلل للمنتصر على ساحلها الغرب وشعبا يستقبل الشاه النتصر ،وقد وسع ف الصحن الشريف غرفا
جديدة بعد أن قذف على الساحل الشرقي جثثا ضاقت با بساتي العظمية .أما أساك دجلة ،فلم تعد تأكل صغياتا،
ففي ثنائية عمر وعلي ،الساك تأكل البشر ،مابي بغداد وخرّم شهر ،ومابي القرن العاشر والقرن العشرين.
هو ذاته حقل اهتمامنا التليد يأتيك طارفا وطريا ف كتب ربع القرن الخي.
ففي الشيعة والدولة القومية عالنا ثلث قضايا أساسية :أولا تعجيم الشيعة با يعل العرب ف العراق أقلية أمام
الكثرية غي العربية ،لو نح مشروع التعجيم هذا ،وبإبطالنا تعجيم الشيعة إنا ندعو لغلبية عربية تفظ الوجود
القومي ف العراق.
6
كتاب عمر والتشيع
والثانية أن كتاب الشيعة والدولة القومية ،يستهدف نقد تذهب الدولة ،وظهور مذهب حاكم يستأثر بالسلطة
وامتيازاتا ،ومذهب مكوم ومروم ف دولة واحدة ،تطرح خطابا قوميا ف الداخل والارج .ومن العدالة انتصار.
كتابنا للمذهب الحكوم والحروم.
والثالثة أن الشيعة والدولة القومية ل يتحدث على الطلق عن حقوق طائفية بل عن حقوق مدنية .وقد جاء ف
مقدمة الكتاب الصفحة 11الطبعة الثانية أن الكاتب ل يرجّح ،حت هذه اللحظة مذهبا على آخر ،وأنكر أن يكون
اللف ف العراق خلفا بي أب حنيفة وجعفر الصادق وأعطى مثلً أن السلطة الت سيت سنية ل تعرف شيئا عن
مذاهب السلم ،ول تترم رئيس الذهب النفي المام العظم النعمان بن ثابت ،فأقامت على أمتار من مسجده دار
سينما حرة ف عرض الفلم ،وعلى شاطئه صالت تسمح باحتساء المور والرقص الختلط ف الوقت الناسب.
إن كتاب الشيعة والدولة القومية يدعو للغاء فكرة التمذهب ،أما وقد سقط النظام القدي ،وظهر نظام أعطى
للشيعة دورا أساسيا ف صناعة القرار السياسي وبرلانا هم فيه الغلبية شبه الطلقة ،فقد أوشك أن يكون الشيعة هم
الذهب الاكم وأهل السنة هم الذهب الحكوم.
وبسبب نفوذ حركات إسلمية شيعية ،شاعت ف الطاب الشيعي السياسي لغة تضعف موقفي ف مواجهة
مشروع تعجيم الشيعة الذي اعتن به وتعهده سنة السلطة ف نطاق نظري على القل ،بينما أوشكت التاهات
الراهنة لبعض السياسات الشيعية ف العراق أن تكرس عجمة التشيع بأفكار ومشاريع وخطاب كان بعضه رد فعل
لمارسات نظام قومي عرب استأثر بالسلطة طائفيا ونكّل بواطنيه ف الغلبية العربية الداعي لقيام نظام حكم مشترك،
غي أن تبيرا ليل شيعة السلطة الالية نو عزلة خارج الحيط العرب سيجد معارضة الغلبية العربية ومثقفيها
الستقلي.
ف هذا الكتاب يستمر منهجنا من منطلقه العرب والعراقي واعتماد منهج تاريي يؤصل للصراع وييله إل
القائلي أول بالقطيعة التامة والكاملة والؤبدة بي المام علي وسلطة اللفاء الراشدين الثلثة واستخدام خطاب
تقليدي يتعرض فيه الدعاة والطباء لقامات الصحابة فيثيون حفيظة الغلبية العربية والسلمية ،ف وقت ل يشكل
فيه الشيعة نسبة قادرة على تمل أعباء العزلة والقطيعة وهي تنتقل من توم التاريخ إل درابي الاضر.
7
كتاب عمر والتشيع
والكتاب يروج لنظرية الشاركة ف سعيه لرفع الصار عمن ينحدر الكاتب من أصلبم ...وجدا بعمر وسيا
على طريق السلم الهلي الذي يبدأ عندي من لظة التصال مع التاريخ حت يسهل لدعاة الشاركة أن يتصافحوا ف
الاضر.
وبئس كتاب يزعم الدفاع عن عمر ...فمن يتاج إل هيئة لكتب الدفاع هم الذين ل يكتشفوا عمر حت الن.
وجزء من الكتاب هو ليس الكتاب،وان كان التجزيئيون من أهل القطيعة سيفعلونا ،مثلما جّزأوا التاريخ الشترك
لعلي وعمر ف القرار وروح السؤولية الت أدير با الركز الديد لدارة الشرق القدي على حصية من سعف النخيل
فوق تراب السجد النبوي.
8
كتاب عمر والتشيع
السفر إل ابن حنتمة
ليس ف ذاكرت القروية جديد يستحق التدوين ،فكأي طفل ف ميطه ،يرتسم عمر ف ميلت الصغية ،شخصا
يشتغل ف وظيفة مسؤولة عن عذاب المام علي وعائلته .ول يكن لعمر ف ذهن من عمل غي صب الذى على ابنة
الرسول وزوجها وولديها.
وربا أمتد دوره إل ناية العهد الموي ،مشفوعا باسم يزيد قاتل السي ف سجع شعب يكرره الطفل ،كلما أكل ثرة
لول مرة ،أو لبس جديدا( ،إلبس جديد والعن عمر ويزيد!) .وقد يكون عمر ف أذهاننا هو الذي قتل المام علي! .ول
نكن نعرف أن المام علي توف بعد وفاة عمر!.
وعلى كراهة ميطنا ليزيد ،فإن "العدو"الذي كان اسه يتردد بكثرة ،هو عمر .فقد كنت أراه ف ليلة مددة من
كل عام شخصا من سوقة الحلة ،يري خلفه الصبيان ،وقد لفت بطنه بخدة فوقها ثياب نسوية ما ترتديها الامل،
مصحوبا بزفّة من شعر الزجل الشعب ف يوم يسمى "فرحة الزهرة".
فإذا سألنا الذين هم أس ّن منا قيل :إنه اليوم الذي قتل فيه عمر بن الطاب ففرحت الزهراء بقتله .ول نكن نعلم
أن فاطمة الزهراء توفيت قبل مقتل عمر بثلثة عشر عاما.
كنت أعيش ف ضاحية كرادة مري حي العباسية ،مابي مبن الجلس الوطن العراقي والقصر المهوري ف النطقة
الضراء حاليا ،حيث بستان جدي لمي ،حت إذا دخلت الدرسة الثانوية ف الكرخ ،الت يؤمها الطلب من (أبو غريب)
ل عن أبناء جانب الكرخ ،اتيحت ل فرصة العيش مع طلب معظمهم من السنة،
واليوسفية والحمودية والكرادة ،فض ً
فصحبن أحدهم وكان يتدرب على ترتيل القرآن إل جامع ماور يرتل فيه الافظ خليل إساعيل الذي صدمن بسؤال عن
أهل الكرادة ،ولاذا هم يكرهون عمر؟.
فلم أملك جوابا ،لكنه أيقظ ف ذهن عددا من التساؤلت المزوجة بالستغراب أحيانا .فنحن ل نب عمر لنه
عمر وهل يوجد هناك من يب عمر؟! .وف أيام أخرى صحبن صديق أخر ف الدرسة إل مركز حزب الستقلل
الجاور لدرستنا ،وكان الطالب توفيق الؤمن ،الذي يكبنا بعدة سنوات مسؤول الزب ف ثانوية الكرخ ،قد سبقنا
9
كتاب عمر والتشيع
إل الركز .فاستمعت إل ماضرة عن القومية العربية فيها إشارات إل تاريخ المة ورجالا الوائل أمثال عمر بن
الطاب وخالد بن الوليد!.
كانت الحطة الول ثانوية الكرخ ،والافظ خليل إساعيل والركز العام لزب الستقلل ،وتوفيق الؤمن،
والعروبة ف أيامها الول تملن طفلً إل أحضان عمر قبل أن يأخذن عمر إل العروبة لحقا.
بدأت علمات التحول واضحة على قناعات ف حينّا الفقي ،وكان شقيقي هادي العلوي الذي يكبن بعامي شبه
معتكف ف صومعة دينية ،جعلت بيتنا الصغي حوزة علمية صغرى .فكان ينعن من الستماع إل أغنية ف الراديو،
ويأخذ عل ّي عدم قيامي بالفرائض الواجبة ،ث صرت أترد على الشاركة ف مهرجان " فرحة الزهرة " فيما انرط
شقيقي بكل وجدانه واهتماماته ف النشاط الوزوي رغم مواظبته على الدراسة الكاديية ،ول تض سوى شهور حت
توفيت والدت ول تبلغ الربعي من عمرها ،فكان من تأثي هذه الصدمة على شقيقي هادي العلوي أن شرع يتحول
عن أسلوبه الدين يوما بعد آخر ،احتجاجا على القادير والجال ،حت ترد نائيا من أي أثر دين وإن كان مازال
على صلة براجع التاريخ العرب والسلمي كالسعودي والطبي واليعقوب وابن خلكان وابن الثي والاحظ.
وهو مع موقفه السلب هذا ل يبح دائرة الضارة العربية السلمية ،حت أواخر حياته() عندما تصدى بعنف
لسليمان رشدي ،فانعكس ذلك على علقاته القدية مع كتاب اليسار الاركسي ومع الليباليي الذين انتصروا
لرشدي.
وبالعودة إل المسينات اليلدية ،كان هادي يلقنن تلقي الستاذ لتلميذه مايقع عليه ف الراجع والكتب من
تقييم لشخصية عمر التماهية بشخصية علي.
أمّا والدي ،وقد صار وعيي أكثر نضجا ،فقد أثار استغراب ،وهو سيد علوي ،أنه ل يكن يمل ضغينة على عمر
كضغينة والدت ،وكان من الذين ييلون المور إل النوايا وإل ال الذي سيحكم بي الناس.
وعن اللف التداول الشتعل ف أروقتنا بي علي وعمر ،كان والدي يفضل المام علي بل شك ،إذا ماقورن
بغيه من الصحابة ،وفيما عدا ذلك كان ينظر إل عمر وأب بكر باحترام .وقد شغلن موقفه فيما بعد ،وما إذا كان
اعتداله غي التوقع موروثا عن أبيه السيد سلمان فقيه الكرادة وإمامها ،فاكتشفت أن عاملً آخر هو الذي أثر فيه،
10
كتاب عمر والتشيع
فقد كان صديقا حيما للقاضي مصلح الدين الدراجي ،عضو الحكمة الكبى ف اللة ،وهو من أهل السنّة وقد
يكون هذا الصديق الذي كان والدي يله ويسرف ف الديث عن عدالته وعلمه هو الذي أوجد هذا النعطاف فيه.
كان العام يضي فأقترب خطوة إل موقع متقدم ف رحلت إل ابن حنتمة ،فإذ دخل عامل مهم بعد تولت هادي
العلوي ،كانت مفاجأت كبية فيما سعت من والدي ،ول اكتشف حت ذلك الي تلك العلقة بي عصا اليزران
بقبضتها اللدية البنية الت ل تفارق ين والدي ف النل والزقاق والعمل ،وبي ِدرّة عمر.
ظل والدي حت أيامه الخية يفق الارة بدرته ،إذا مارأى ف بعضهم خروجا على الذوق العام ،أو خروجا على ما
هو شرعي .وكان الناس ف تلك الحلة() ،يتقبلون الفق عن طيب خاطر ،وكأنا رحة!.
ول أكن حينها قد اكتشفت درة عمر ،لكن صديقي الديد ف الثانوية الشرقية الت انتقلت إليها فهد السعدون
قد عرفن على والده وهو عقيد طيار متقاعد له اهتمامات تاريية وحاسة قومية ،جعلته يكرر القول ،بأن العروبة أهم
ل قوميا وليس خليفة .وكان يعزو ناحات السلم إل درة
من السلم ،لكنه يستثن عمر بن الطاب وينظر إليه بط ً
عمر ،وإذ نت قدرات الفكرية وصرت أستقي العلومات من مصادرها ،اكتشفت أن الرحوم عبد الالق السعدون إنا
كان يشي إل ما نقله ابن الوزي عن العامة أنا كانت تسخر بكامها ،وتقول (ل ِدرّة عمر أهيب من سيوفكم)().
وف كلية الداب انشرحت أمامنا أبواب التاريخ العرب ،وحضرتْ مراجع الحداث إل صفوف الدرس اللغوي
والنحوي ف فترة كانت بغداد اللكية والمهورية الصق ببغداد الأمون ،فاستمعنا إل أستاذنا علي الوردي عال
الجتماع يكتب لحات من التاريخ بنهج شعب ولغة مفهومة ،ونتلس ملس مصطفى جواد يدثنا عن درابي بغداد
وأيامها العباسية ،وعرفنا منهج عمر القتصادي من الؤرخ الختص بالنظم القتصادية ف السلم عبد العزيز الدوري
وعرفنا عروبته من عروبة ناجي معروف .واستمعنا إليه ياور المام علي على لسان الدكتور الوردي ،وهو من عائلة
شيعية تسكن حول ضريح المام موسى بن جعفر ،لكنه يترق ميطه خارجا بعمر إل رحابة إنسانية تتسع له ساخرا
من الشعوذين ،فيد على كتابه وعاظ السلطي ثانية أدباء وفقهاء ،خسة منهم كانوا من رجال التشيع .وخرجت إل
بلدة فوق جزيرة على الفرات مدرسا ف ثانوية حديثة ،فصرت أحدثهم عن عمر ،وهي مدينة ل تلتق بشيعي قبلي على
ما أظن ،لن بعضهم كان يسأل عن الشيعة وكأنم من أهل المازون.
11
كتاب عمر والتشيع
وعند أهل حديثة تأكدت أن كتابات على الوردي تعيش ف هذه الدينة النائمة على حضن الفرات ،ويعيش عمر
وعلي مثلما كان صال الديثي وكاتب السطور ،فشغفت بعمر الذي تشرف ابن الثان بمل اسه ،وكان هادي العلوي
يهديه النسخة الول من أي كتاب يصدر له ويلقبه بعمر الثالث.
وعند عمر ألتقي بشقيقي الذي طالت خلفاتنا منذ الطفولة حت الكهولة ،وكان ما يمعنا ف رأي واحد ،انتهاؤنا
من قراءة طه حسي ،أو علي الوردي ،وها من العجبي بالمامي علي وعمر ،ونن هادي وأنا من العجبي بذين
الباحثي الكبيين.
وقبل وفاته بثلث سنوات أسررت هادي بأن بدأت بوضع دراسة عنوانا (الفتوح السفيانية) حيث يلس العليان
أو العمران على صفحات البحث متقابلي باعتبارها من مثلي الط الحمدي الول ،فبارك ل مشروعي هذا ول أشأ
طبعه ونشره لا يثيه عل ّي من صخب واحتجاج قد ل أكون قادرا على صده ،فرأيت أن أتوسع با يتصل منه بعمر
وأمامي مشاهد يوم القيامة ف العراق الحروق .ويدفعن إل تدوين كتاب فيه وازع من حب المة واحترام التاريخ
وتميع الناس من بن قومي عرب الشيعة ف مراكز الكتل الكبى والنسجام معها كي ل يكونوا أقلية ملومة وصوتا
غي مسموع.
إن الوقف من الصحابة ومن عمر بالذات تتوقف عليه ف عصر ثورة التصالت أمور ل تكن مسوبة قبل هذه الثورة،
وسنواجه بتجريح الصحابة إشكالت اجتماعية حادة ف مناخ يسمح بنشر أحكام التكفي والترويج لا ف الفضائيات.
يدفعن إل كتاب عن عمر حاجة المة إل "حاد يدوها ل يتعال عليها ول يلدها وف الوقت نفسه ل يتملقها أو
ينافق حادٍ يب قومه و"قبيلته" ،ويريد لم الي والتقدم ،لكنه ل يكره الغي ول يتقرهم "().
وإن لرجو ال أن أكون ف صف هذا الادي الذي ينكر على بعضهم هجاء المة وتاريها ولغتها وعقيدتا ،ول
يرى ف المة خيا ل ف قديها ول ف حاضرها .يدفعن إل عمر حاجة المة إل شيء من بعض عمر.
البــاب الول
12
كتاب عمر والتشيع
كونية عمـر
13
كتاب عمر والتشيع
جاذبية العروض التاريي
بي منثور العناوين وتشابك الفكار ،وانفلت السيطرة على حركة الوجدان وف لظة النسجام مع جاذبية العروض
التاريي ف شخصية عمر وسياسته ،تترابط برية النشوء ونشوء الدولة بنشوء الضمان القانون للبشرية السلمية ،مكومة
بصي إيديولوجي وروحي واحد ،يتصل ف نايته العليا بالرادة اللية وف نايته الرضية بالذراع الحمدية ،وتت ظللما
وبوح ّي منهما تفسح النشأة البية لعمر أن يسوح بنفس تتطلع إل حرية اللق الطلق ،وتشكل الدولة الديدة منّظما
قانونيا لموح البية ف نفسه ،فيتحقق قدر من التوازن ف شخصيته وسلوكه بي الرية والقانون ،وبالجانسة بينهما يتحقق
الستجمام للمخلوق البشري ف هدفه السامي .نظن أن هذا الزيج أنز عصرا عربيا ،هو زيت العصور السلمية.
وف الطريق إل هذه الكونية يتدفق ذهن عمر وتُعتصر أذهان الصحابة لنتاج علقات نوذجية بي السلطة والناس،
وقبل ذلك بي السلطة وذاتا.
وكان المام علي الشريك الول ،وليس الستشار الول ،ف صياغة مشروع الدولة الناهضة وإدارتا ،فيما منعت سياسة
عمر ،القائمة على التمثيل الوسّع للمجتمع السلمي الول وتوزيع دقيق وذكي للمواقع الساسية با يشبه حكومات الوحدة
الوطنية والبهة الوطنية ف أيامنا هذه ،حصول توترات داخلية كالت حصلت بعد رحيله البكر ،وقد ساعد على تاوز ما ل
يظهر من الشكالت حق الجتهاد ف تدبي شؤون دولة ناشئة ل تقم على سابقة من النظم القدية .وبانفتاح ثقاف على تارب
الشعوب ،ل يد رئيس الدولة الديدة ما ينعه من استعارة تارب المم وتطويعها لصال الدارة الديدة.
14
كتاب عمر والتشيع
الكون البي
السماء فوقه ناعمة متدة إل ناية القدرة على النظر ،والرض تته ناعمة منبسطة متدة إل ناية القدرة على البصر.
فإذا أخذته الرمال ،وقد ضاعت الصوى شد حركة قدميه بواقع النجوم ،وأعاده السرى إل ماء لبن عدي فيتوي،
ويرتوي القطيع الصغي الذي عهد الطاب إل صغيه رعيه ورعايته.
والرض ل تستغن ف مرابع الزيرة عن السماء ،وإ ّل ضاع القطيع ،وانقطع السبيل ودخل الناس ف التيه!.
أظنها ذاتا عناصر الدلية ف فكرة الوجود اللي عند العرب ،الذي يهدي التائهي بضوء النجوم قبل أن يغمرهم نور
ال.
فمن الصعوبة إذن ،تنكر العرب ف باديته للسماء ،وصدوده عنها ،فهل توصلنا إل قاعدة لسنا حذرين ف العلن
عنها ،وتقضي بصعوبة انتشار اللاد ف الزيرة العربية؟ .وإن كان ذلك ل ينسينا برية النسان ف الزيرة وفهمه للمطلق،
وحصره الطلق بالرية والركة والنتقال .والنطلق بالقليل من الضوابط والقل من القواعد القانونية العليا ،فهو يؤمن
بفكرة ال وينتفع با ،ول يؤمن با يترتب عليها من ضوابط ف متمع غي متثل إل لاجاته القبلية والعيشية .وعمر بن
الطاب من هذه البيئة ،وعليها ربا ونا ،وربت سريرته ونا وعيه ،فوق برية ليس فيها حواجز وتضاريس ،فنشأ ملوقا
سهل النفس ،منبسط السريرة ،بعيد النظر .ول تكن الياة خاضعة لسلطان يتزلف إليه .ول ذهبت به طبيعة العيش إل
الداورة والداجاة .فانكشفت سايكولوجيته عن وحدة ل ازدواج فيها ،مشرقة واضحة .وليس عنده لحد حاجة .ومعه
ضرع العزى ،وظهر الدابة ،وشكيمة النفس فوق شكيمة القادير.
لقد تعاشق عمر والبية ،با ل يتوفر مثاله لرجال سينتمي لحقا إل ميطهم.
فهو ل يشبه أبا بكر الذي تشايخ صبيا فثقلت حركة يديه ورجليه .وليس له مثله عشر ًة سابقة مع ممد بن عبد ال
بن عبد الطلب الهموم بصي البشر قبل اتصال الوحي وبعده.
ول يكن كعثمان ابن الدينة وسليل المارة ،الجرب العارف بياة الشعوب وأنظمة الدول ف تارته مابي الزيرة
والبشة وبلد الشام.
15
كتاب عمر والتشيع
ول كان عمر كعلي بن أب طالب ،وارث النبالة الاشية ف بيت قضت الرادة اللية أن يقام فيه بيت النبوة .كان
عمر ف حي متواضع من أحياء قريش ،ليس له تاريخ من الروب ،ول أساطي يرددها الشعراء ،ول أطلل ير عليها
أصحاب العلقات .لكنه خرج إل ما وراء اليمة بعيدا ف عمق الياة ،وإل ما وراء الديار الحصنة قريبا إل السواق
كاسبا ل تاجرا ،خابرا نوايا الناس ،عاركا دروبم ،فارتبطت برية الطفولة ف ضنك العيش .عاش عمر بريته الاهلية على
فرس اجرد ،وترك للطبيعة الرة أن تطبع اتاهاته نو الرية ف مفهومها الاهلي الطلق ،قبل أن يتداركها ف إطارها
السلمي النظم.
والبية تنتج إنسانا طبيعيا ،خلوا من شائبة الداراة صفوا من كدر النفاق.
ول يكن يوم إسلمه آخر عهد له مع البية .وسلوكه مع أخته وزوجها كان بريا خالصا ف لظة إسلمه .فصرع ابن
أخيه سعيد كما لو كان ف حلبة عكاظ .وأدمى وجه أخته كما اعتاد ف بريته .ث عاد إل صفاء النفس .وعادت رجولته
البية ف هاتف من الضمي.
واستمر الرجل بعد إسلمه على برية واضحة ف سلمة القصد وسهولة الياة ،ومزاجية شفيفة ل تثقل على
الخر وقع كلمه .وكانت من آثار البية عليه معترضاته الشهية الت ف أعلى مراحلها موقفه من نص ف صلح
الديبية.
وكان عمر بري الياة ،وهو رئيس أكب دولة ف الشرق القدي ،ف هزئه بالترف ،وافتراشه الرض ،وزهد عيشه،
وبساطة لباسه .وف مهابة التباسط بعض منعكسات حياته البية الول.
ول أجد تفسيا لعلقة عمر بالبّرية دون غيه من اللفاء سوى الدرة من صلة مع بريته الول يوم كان مسؤو ًل عن
ف الفرات لشيت
رعي إبل وأغنام ،وقد تول إل مسؤول عن رعية ،متفظا بدور الراعي وهو يردد :لو أن جديا مات بط ّ
أن ياسب ال به عمر .وقيل ف الرواية صيغة :لو أن عناقا "أنثى العزى" أخذت لخذ با عمر.
ويلحق بعيا ن ّد "أي هرب" من إبل الصدقة وهو على قتب يعدو ،ويسأله المام علي ولّا عرف سره ،قال لقد اذللت
اللفاء من بعدك .وكان متيسرا لعمر أن يكلف أحدا غيه بالبحث عن ذلك البعي ،لكنها مسؤولية الراعي وحده ،وحيدا
ف البية ،وكأن الياة ل تتغي ،ول يكن عمر ساعتها أميا يكم أعظم دولة ناشئة ف الشرق .فلعل ف قولنا هذا ماتلي له
16
كتاب عمر والتشيع
قلوب بعض الكتاب ف العلمانية ومن أهل القطيعة ،التسائلي باستهجان :عن سبب ملحقة عمر بنفسه لكثي من القضايا
الصغية ،وتت سلطته مليي التباع .وعدّوا ذلك من الغلو والبالغة ف تعظيم عمر.
وف ظننا أن الستاذ عباس ممود العقاد ل يرسم شخصية عمر بدقة ف منهج استقراه واستقاه من حياة الندية.
إن عمر ليس نتاج مكوّن وحيد ،وإذا كانت البية من بعض صغرى مكوناته .فلم تكن جندية العقاد ذات صلة بتلك
الشخصية.
إن البية ،ول بأس أن يدد مصطلحها العلمي الديث ،أي الطبيعة ،تعطي إحساسا فطريًا بالولدة الرة لرادة
الكائن البشري مضونا الكرم التجول ف جغرافيا اللمدود ،وتت سيادة شبه مطلقة لطلق الرية ،على حساب القانون
الذي يتنحى ف البية إل الراتب الدنيا ،أعرافا وتقاليد ،ل تؤسس قواعد قانونية عامة .وما هو قانون ف العرف القبلي قد
ل يكون كذلك ف مفهوم دستوري واسع ،والطبيعة سعة إل ما وراء المكن للحرية ،وضيق إل حد قطع النفس ف
الساحات الخصصة للقانون.
وفيما يقترب من الاجة الادية ف التطور البشري لقانون ينظم الياة وعلقات النسان مع بعضهم ومع الكائنات
العليا ،كان ظهور السلم ف الزيرة العربية استجابة متوقعة لتحقيق التوازن بي الرية والقانون.
إن شخصية الصحاب إل ما بعد عصر الصحابة بقليل يتعاون على تشكيلها وصياغتها عنصرا الطبيعة والسلم ،أي
الرية والقانون وإذا كان البشر متلفي ف الستعداد الذهن والنفسي للنذاب نو أحد هذين القطبي ،فإن النفوس القدر لا
النهوض بأدوار ف التأسيس الضاري ستنع نو القانون بدية قد تثي حفيظة الستقرات الطبيعية ف الجتمعات البية.
إن عمر بن الطاب شاخص مادي وروحي لجتماع الرية والقانون .ولكون القانون طارفا أو ناشئا ف تلك
الجتمعات ،وليل عمر نو إلزامية القانون ،كانت وليته صعبة وثقيلة على قطاع من التمرسي على الياة بالقليل من
القانون.
وكان القانون ف شخصيته يتكلم بأطراف الدرّة ف قضايا الخالفات العابرة والصغية ويأخذ مداه ف مؤسسة القضاء،
الت كتبت القادير أن تنتعش بستخرجات هذا البي النادر.
17
كتاب عمر والتشيع
إن درة عمر ،وسيأت حديث عنها ،تشبه الشارات الضوئية ف أيامنا ف تنبيه الارة إل حق الركة والتوقف ،فكانت
بداية بسيطة لعصر سيدخل الجتمع العرب فيه إل عال القضاء السلمي التشابك ف عروق الحتمالت والشكالت
ومزدحم اللول الطروحة ف مذاهب الفقه.
ودرة عمر الجلى تعبيا عن مشترك الذاكرة البية وقانون الدينة.
فت عكـاظ
التقى رجل راعيا ً ،فقال له :أشعرت أن ذلك العسر أسلم؟.
فقال الراعي :إنه الذي كان يصارع ف سوق عكاظ .فلما أجابه الرجل أنه هو ذاك .قال الراعي :أما وال ليوسعهم
خيا أو شرا.
وسبب شهرته ف الصارعة ،أن له طريقة خاصة ف منازلته الصم على اللبة .فيتركه زمنا ياوره ويتال لصرعه وهو
منه ف موقف الدافع ل يبذل من الهد ،ما يبذله خصمه ،فإذا شعر أن صاحبه قد هاضه ونال منه الهد انقض عليه فركب
أكتافه وألقاه على الرض صريعا ،وهو السلوب الذي يستخدمه اللكم العالي ممد علي كلي ذاته .فيتوجه عمر وسط
ترحيب الراهني عليه وكثرة منهم من النساء إل إحدى المارات حيث الميلت يته ّن دل ًل وعمر يشرب بالكبي وهو
الكاسب الرهان ،ويشرب غيه بالصغي ،وكان له شاربان مفتولن من نايتهما إل العلى على الطريقة التقليدية للرجل
الدرزي .وقد اعتاد عمر أن ينفخ ويفتل شاربه قبل نزول اللبة ،وهو يقول :لست للخطاب إن ل أصرعه لول مالقاه.
كما عرف ف مسابقات اليل ،وكانت له شهرة ف الصارعة .وكان لسان حاله يقول ماقاله أبو نؤاس بعد أن تاب
فصام وصلى.
وأست سرح اللهو حيث ولقد نزت مـع الغواة
أساموا بدلوهـم
18
كتاب عمر والتشيع
قامته تربو على مترين
يوصف عمر بن الطاب بانه ضخم جسيم ،مديد القامة ،تعلو هامته هامات المع كلها .فإذا كانت أعلى قامة ف
العدل تزيد على الائة والتسعي سنتيمترا ف قياساتنا فإن هامة تعلو هامات المع كلها ستربو على الترين إ ّل قليلً.
وسيكون تقدير وزنه ،مابي مائة وعشرة كيلوغرامات ال مائة وخسة وعشرين تقريبا وهذا ظن لنقطع به.
يروى أن الناس جعوا ف مكة على صعيد واحد ،فإذا رجل قد علهم جيعا فكان هو عمر بن الطاب ،وف رواية
لبن سعد ف الطبقات أنه علهم بثلثة اذرع! وهذا من البالغة غي العقولة.
يقول ممد حسي هيكل ف كتابه الفاروق عمر ":لقد بلغ من إكبار الؤرخي لسيته أن أضافوا أمورا أدن إل
ص با النبياء ،وإن ذكروا ما ل يستطيع الؤرخ اثباته ،وعمر ف غي حاجة ال شيء من ذلك يضاف ال
العجزات الت خ ّ
سيته ،ولو أن الؤرخي القدمي ل يضيفوا هذه الوارق إل عمر لغنوا من جاء بعدهم عن بذل الهد ف تحيصها
ولنّبوهم الختلف على مبلغ صحتها .ولا طفف ذلك من قدر عمر.
هل وأد ابنته؟
أصحيح أنه وأد ابنته على طريقة بعض قبائل العرب ف بعض أماكنهم والجهول من أزمانم..؟.
لعلها فرية كبى أراد با أتباعه ومبوه أن يبهنوا على ما أحدثه فيه السلم من انعطاف وما كان هو عليه ف
جاهليته من جهل وقسوة تكون ذروتا أن يدفن الب ابنته حيّة وكأنا ظاهرة يومية وعرف ل تيد عنه ،فيما يروى أن
عمه عمرو بن نفيل كان بسبب إحساسه النسان ونبذه لتلك العادة الت فرضت أخبارها علينا يدفع ثن من يراد وأدها
فيتبناها أو أن يترك لهلها ما ًل يعيلون به الوؤدة.
ل أو جلي ثنا لشراء ابنته لتبقى حية؟ إذا كان عمر ل يد ف قبيلته من يعيل طفلة؟ كما
فلماذا ل يدفع لبن أخيه ج ً
يقول العقاد.
ولاذا ل يئد ابنته حفصة الت ولدت قبل البعثة النبوية ،وهل عرف عن بن عدي أنم يئدون بناتم ،أم أن العروف
والسائد ف الروايات أن زعماءهم كانوا على سُنة عمرو بن َنفَيل.؟
19
كتاب عمر والتشيع
عندما أم ّر على هذه الرواية أتذكر الرحوم حندش ابن عمة والدت ممد بن ممود وهو دليمي من قرية الكرابلة هذه
الت صارت اسا يتداوله صحافيو العال لرفضها الوجود المريكي ،أقول أتذكر حندش بطيبته وفطرته ونقائه يبارك لصديقه
ل بي حشد من أهل الكرادة :سبحان ال سبحان ال ،كيف يتغي النسان
الاج مهدي عودته من أداء فريضة الج قائ ً
بالج وماذا يفعل اليان ،أتذكر يا حاج مهدي قبل ثلثة شهور كيف كنت تسرق الدجاج من بيت جوري؟؟.
إن الؤرخي الذين يتحدثون عن وأد عمر لبنته ،ل يتلفون عن رأي حندش بالجي مهدي.
إن التشهي بعمر الاهلي ،ل يدم عمر السلمي ،وخياركم ف الاهلية خياركم ف السلم.
أما حياة عمر بأسلوب الياة الاهلية ،فهو ل ينتقص منه مثلما ل ينتقص من أي صحاب قادم إل السلم من العصر
الاهلي.
البية أم الندية
يقول عباس ممود العقاد ف عبقريته:
" إن طبيعة الندي ف صفتها الثلى ،هي أصدق مفتاح للشخصية العمرية ف أهم الصائص الت تتمع لطبيعة الندي
ف صفتها الثلى ،كالشجاعة والزم والصرامة والشونة والغية على الشرف والنجدة والنخوة والنظام والطاعة وتقدير
الواجب واليان بالق وحب الناز ف حدود التبعات أو السؤوليات.
هذه الصائص تتجمع ف ألوف السني من تارب المم ف تعبئة اليوش ،حت عرف الناس أخيا أنا لزمة للجندي
ف أمثل حالته ،وكل هذه الصائص عمرية ل شك فيها .وعمر وحده واضح بي أمثاله ف جيع هذه الصائص ".
ونقول :إن هذا التشخيص ل يتسق مع ما عرف عن موسوعية العقاد وتنوع أدواته ف التحليل العلمي ،فيدور بعمر
حول فرضية جعلها مفتاحا لشخصه ،وهي ل تشكل ف مراتبها العليا سوى سلك دقيق غي مشع ف الشخصية العمرية
النسوجة با يصعب إحصاؤه من خيوط الرير الناعمة والصوف الشنة والكتانية التينة.
شخصية مركبة ف نسيج مركب ومنشور بألوان البّية والعقيدة والياة والزاج والضرورة والطموح والستجابة
والتحدي والتطبيقات الفتوحة للنصوص وإبداع ما اعتب ف ما بعد نصوصا سارت عليها المم والشعوب السلمية ،ما ل
يصح اختزاله بوضع البام والنصر على رأس خيط منها ليكون ذلك مفتاحا لشخصية عمر.
20
كتاب عمر والتشيع
والعقاد شاعر كبي وناقد ل غيه يفهم شخصية الشاعر .لكنه ابن مدينة القاهرة ل يرج إل البية ليى عمر هناك
ل للخطاب ،وينشأ على يومياتا وخلئقها .وأعجب منه أنه ل يكتشف ف عمر شخصية الشاعر ،ليس بعناها
يرعى إب ً
السائب ،بل بإحساسه وقدرته على اللتقاط ورهافته .شاعر له عشق الرية والعدل والناس .فأي جندي هذا الذي يشبه
عمر وإن كان القصود من جندية العقاد الفروسية بعناها الواسع؟.
يبدو تليل العقاد من البساطة ف هذه النقطة ،وليس ف غيها ،وكأنه يدخل ف صالة النادي العسكري ويتطلع إل
لئحة التعليمات العلقة عن أخلق الندي وشروطه ،فيمليها فقرة بعد أخرى بتسلسل يبدأ من الشجاعة والشهامة واللياقة
البدنية وطريقة الشية العسكرية شديدة الوطأة على الرض ،وتنتهي بالطاعة وحسن أدائه للواجب.
إن واقع عمر والرويات عنه وخطوط شخصيته ل تؤشر على كثي من شروط النادي العسكري .فهو يكره الوطأ
الشديد على الرض خشية أن يكون الشي مرحا وقد تعرض لعمرو بن العاص لا رآه يشي مشية الضباط فخفقه بالدرة،
لكنه يشي سريعا لنه أروح القدمي ،وهذه حالة طبية معروفة لسكان البادية .من جانب آخر ،لسنا نعرف أن العسكريي
ف العال إ ّل أقلية تتفظ با تصفهم لوائح الثكنات العسكرية ،نوة وندة وشهامة.
إن مزاجية عمر القائمة على اليوية والنفتاح ،تتعارض وجودية العسكري وبواعث البداع ف الرويات عنه،
وتتعارض مع إلزامية ترسم حياة الندي وعقله ،وتضعه على سكة إن مال عنها سقط على الرض ،وليس كالندية حقل
تتكرر فيه الشاهد الرتيبة والكلمات والركات.
من الثابت والبديهي أن صاحبنا على سكة صاحبيه ،ل ييد عنها لكنه قد يتزود من وقود شخصي وطاقة ذاتية،
ليستمر على مواصلة سيه ،وقد يفتح للسكة فروعا عندما تصل به إل حافة مغلقة .وإذا ما منع عمر مشية اليلء ،فقد
ل أقبل مرخيا يديه طارحا رجليه يتبختر ،بعد أن عجز عن ترويض مشيته بصورة طبيعية ،فكأنه رأى فيه ميوعة
جلد رج ً
النثى!.
أغلب الظن أن العقاد ،وقد استمالته الندية فالبسها قميصا لعمر سع قول الشّفاء بنت عبد ال:
إنه كان إذا تكلم أسع ،وإذا مشى أسرع ،وإذا ضرب أوجع ،وهو الناسك حقا .والعقاد الديب والشاعر عان
ويعان ما تفعله القافية ،وما يفعله السجع وضروراته ،فيملي على الساجع مفرداته ليستقيم الصوت الواحد ،وإن جنح به
العن على غي قصده.
21
كتاب عمر والتشيع
صحيح أن عمر كان إذا تكلم أسع ،وكانت لقريش قبل السلم مؤسسة خاصة تشرف على كلم الجاج ،فل
تترك أحدهم يعلو الضجيع ،وهي الت ورد ذكرها ف القرآن الكري وتدعى عمارة السجد ،ول تكن العرب تمس ف
الكلم ،با ل يسمع لنه من فعل النساء أو من فعل الوسواس الناس.
أما أن يكون عمر إذا ضرب أوجع ،فهو غي صحيح ،إل إذا كان الضرب أقامة لد ،وهو متروك لغيه عادة .أما أن
تقصد الشفاء درة عمر فلم تكن توجع ،ولذا عرفت ف استخدامها جلة (علهم بالدرة) أو (خفقهم).
ول تستخدم الدرة لليذاء والياع أو للعقوبات ،بل كانت عصا الشارة والتنبيه فلم يضق با كبار الصحابة الذين
علهم با.
ولو استمر سجع الشفاء بنت عبد ال لقالت مثل ما نقول اليوم ،وإذا أكل شبع ،يوم ل يكن عمر يصل ح ّد الشبع ف
وجبة زهيدة.
أسلم على طريقته البية :بالصوت أم بصدمة الصوت
يقول العقاد :وقد تعددت الروايات ف إسلم عمر واختلف بعض هذه الروايات ف اللفظ واتفق ف الغزى ،وجعل
أناس ينظرون فيها ،كأنا الصحيح منها ل يكون إل رواية واحدة وسائرها باطل ل يشتمل على حقيقة ،فلم ل تكون
ل من الشو
صحاحا كلها؟ .ول ل تكون أسبابا متعددات ف أوقات متلفات؟ .فمن الستطاع العقول أن نسقط منها قلي ً
هنا وهناك ث نلص منها إل جلة أسباب ل تعارض بينها ف الوهر ،وقد يعزز بعضها بعضا ف نسق السية وف لباب
النتيجة.
الرواية الول:
روى عن عمر رضي ال عنه أنه قال( :كنت للسلم مباعدا ،وكنت صاحب خر ف الاهلية أحبها وأشربا ،وكان لنا
ملس يتمع فيه رجال من قريش .فخرجت أريد جلسائي أولئك فلم أجد منهم أحدا .فقلت :لو أنن جئت فلنا المار!.
وخرجت فجئته فلم أجده .قلت :لو أنن جئت الكعبة فطفت با سبعا أو سبعي! .فجئت السجد أريد أن أطوف بالكعبة
فإذا رسول ال صلى ال عليه وسلم قائم يصلي ،وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبي الشام واتذ مكانه
بي الركني :الركن السود والركن اليمان ،فقلت حي رأيته :وال لو أن استمعت لحمد الليلة حت أسع ما يقول ،وقام
22
كتاب عمر والتشيع
بنفسي أنن لو دنوت أسع منه لروعنه ،فجئت من قبل الجر فدخلت تت ثيابا ما بين وما بينه إل ثياب الكعبة ،فلما
سعت القرآن رق له قلب فبكيت ودخلن السلم).
وبتنجيم سيته واستقراء قراراته وانعطافاته ،وما يروى عنه نتوقف عند لظة يتوقف فيها عمر أو يتحرك منها ،وهو ف
هذه وتلك يضع إل ما نسميه بنظرية الصدمة.
إن إسلم عمر يقترن ف الروايتي الختلفتي باستماعه إل الصوت القرآن مثلما هي حالة الكثي من أسلموا تت
التأثي البلغي والروحي لذا الصوت.
ف الرواية الول دخل عمر إل الكعبة متفيا وراء ثيابا والنب يقرأ القرآن فاستهواه ذلك فأعلن إسلمه .ل نرجح
هذه الرواية لفتقارها إل عنصر الصدمة.
ل كان يكتب ويقرأ وهو العروف بناقضة السلم ومناضلة
إن عمر من مثقفي الاهلية وهو واحد من ( )17رج ً
ق له قلبه فيبكي ويسلم؟.
القرآن ،فهل يعقل أن ل يكون سع القرآن ف ست سنوات خلت ول ير ّ
الرواية الثانية:
وروى ابن اسحق ف سبب إسلمه( :أن عمر خرج يوما متوشحا بسيفه يريد رسول ال صلى ال عليه وسلم ورهطا
من أصحابه قد اجتمعوا ف بيت عند الصفا وهم قريب من أربعي بي رجال ونساء ،ومع رسول ال صلى ال عليه وسلم
عمه حزة بن عبد الطلب وأبو بكر بن أب قحافة الصديق وعلي بن أب طالب ف رجال من السلمي رضي ال عنهم .فلقيه
نعيم بن عبد ال فقال له :أين تريد يا عمر؟ .فقال :أريد ممدا هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش وسفّه أحلمها وعاب
دينها وسب آلتها فأقتله .فقال نعيم :وال لقد غرتك نفسك يا عمر!.أترى بن عبد مناف تاركيك تشي على الرض وقد
قتلت ممدا؟ .أفل ترجع إل أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ .قال :وأي أهل بيت؟ .قال :أختك وابن عمك سعيد بن زيد بن
عمرو ،وأختك فاطمة بنت الطاب ،فقد وال أسلما وتابعا ممدا على دينه ..فعليك بما..
قال :فرجع عمر عامدا إل أخته وختنه ،وعندها خباب ف مدع لم أو ف بعض البيت ،وأخذت فاطمة بنت الطاب
الصحيفة فجعلتها تت فخذها ،وقد سع عمر حي دنا إل البيت قراءة خباب عليهما ،فلما دخل قال :ما هذه الينمة الت
سعت؟ .قال له :ما سعت شيئا! .قال :بلى وال ،لقد أخبت أنكما تابعتما ممدا على دينه ،وبطش بتنه سعيد بن زيد،
فقامت إليه أخته فاطمة لتكفه عن زوجها ،فضربا فشجها..
23
كتاب عمر والتشيع
فلما فعل ذلك قالت له أخته :نعم قد أسلمنا وآمنا بال ورسوله فاصنع ما بدا لك ،فلما رأى عمر ما بأخته من الدم
ندم على ما صنع فارعوى ،وقال لخته :أعطن هذه الصحيفة الت سعتكم تقرأون آنفا ،أنظر ما هذا الذي جاء به ممد..
وقرأ سورة طه ،فلما قرأ منها صدرا قال :ما أحسن هذا الكلم وأكرمه ،لا سع ذلك خباب خرج إليه فقال له :ياعمر،
وال إن لرجو أن يكون ال قد خصك بدعوة نبيه ،فإن سعته أمس وهو يقول :اللهم أيد السلم بأب الكم ابن هشام أو
بعمر بن الطاب ،فال ال ياعمر! .فقال له عند ذلك عمر :دلن يا خباب على ممد حت آتيه فأسلم ،فقال له خباب :هو
ف بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه ،فأخذ عمر سيفه فتوشحه ث عمد إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه
فضرب عليهم الباب ،وقام رجل من أصحاب رسول ال فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا بالسيف ،فرجع إل رسول ال
وهو فزع ،فقال :يارسول ال! .هذا عمر بن الطاب متوشحا السيف ،فقال حزة بن عبد الطلب :تأذن له ،فإن كان يريد
خيا بذلناه له ،وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه! .فقال رسول ال :ائذن له .ونض إليه حت لقيه بالجرة فأخذ بجزته أو
بجمع ردائه ث جذبه جذبة شديدة وقال :ما جاء بك يا ابن الطاب؟ .فو ال ما أرى أن تنتهي حت ينل ال بك قارعة،
فقال عمر :يارسول ال! .جئتك لومن بال وبرسوله وبا جاء من عند ال!..
هاتان الروايتان ها أجع الروايات للسباب (الباشرة) الت قربت بي عمر والسلم .وتتفرع منهما روايات منوعة
يزيد بعضها تارة أن عمر قد أوفد لقتل النب من قبل قريش ،ويزيد بعضها تارة أخرى آيات من القرآن الكري قرأها عمر
ف بيت أخته غي اليات الت تقدمت الشارة إليها ف سورة طه .وأشبهها بالتصديق أنه لا أطلع على الصحيفة قرأ فيها اسم
" الرحن الرحيم " فذعر وألقاها .ث رجع إل نفسه فتناولا وجعل كلما م ّر باسم من أساء ال ذعر .فلما بلغ " ..ومالكم ل
تؤمنون بال والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم أن كنتم مؤمني "..قال :أشهد أن ل اله إل ال ،وأن ممدا
رسول ال .وهذه على اختلفها روايات متقاربة يبدو لنا أنا قصة واحدة.
إذا كان ذلك صحيحا ،فما الذي كان يستفزه ف كتاب ل يسمع منه آية واحدة ،فإذا استبعدنا الرواية الول ،فالثانية
الت أوردها ابن إسحاق تنتهي هي الخرى باعلن عمر إسلمه لظة قراءته اليات الول من سورة طه.
مناقشة الرواية
يبدو منهج العقاد هنا وكأنه يستخدم مهاراته الدبية وآليات الدل الصوري وماورات الناطقة للتوفيق بي
التعارضات وجع النقيضي وجعلهما واحدا مع اختلف الرواية .ولعله يتحاشى الوقوع ف منلق الشكوك الاصة
24
كتاب عمر والتشيع
بصداقية رواة ثقاة .أما منهجنا ف فحص الروايات فيعتمد على استيعاب الوحيات النفسية الت نتذوق با الب العمري.
إذعانا لنصيحة الستاذ العقاد نسقط الشو ف هذه الرواية بناقشتها أو ًل على ضوء التحليل النفسي لشخصية عمر
ونظرية الصدمة وملئمة الرواية للواقع الجتماعي آنذاك.
-1ل نظن أن عمر خرج ليقتل النب .إذ كيف سيتمكن من ذلك وهو يتوجه إليه والنب ف بيت ماط بفرسان
الصحابة أمثال المزة بن عبد الطلب وعلي بن أب طالب وعدد كبي منهم.
-2ل نعتقد أن نصيحة نعيم بن عبد ال وتديد عمر با سيفعله بنو عبد مناف به ف حال قتله للنب قد غيّر فيه لن
ذلك سيعزز من عزية عمر العروف بعنفوانه وإقدامه.
إن قارئ عمر وعارف سايكولوجيته سيفض رواية يبدو فيها عمر وكأنه شخصية مهزوزة يثن إرادته تويف عابر
سبيل ،فكيف والمر يتعلق بسألة على مستوى اغتيال النب ممد؟.
الرجح هو أن عمر كان ف زيارة روتينية لشقيقته فاطمة وزوجها سعيد ابن عمها وف بيت فاطمة واجه عمر عددا من
الصدمات التلحقة.
الصدمة الول :ساعه هينمة أو صوتا خافتا.
الصدمة الثانية :وجود الصحاب الباب بن الرت.
الصدمة الثالثة :إحساسه السريع بأنما قد أسلما .أي أن السلم أصبح ف عقر داره .ومن أسلمت هي أخته وابن
عمه ،فأين هو مقام عمر ومكانه ف العائلة؟ .الصدمة ،أن تصبح أخته وابن عمه وها عدويان من قريش تلميذين بإمرة ألقي
مول أم انار بنت سباع الزاعية الذي أهداه والدها إليها.
إن الباب ف تلك اللحظة ل يكن بالنسبة لعمر العضو السادس ف أول خلية إسلمية شكلها أبو بكر ،وإنا هو عبد
لسباع بن عبد العزى.
الصدمة الرابعة :أنه أهان ابن عمه سعيد أمام زوجته ،وأهان أخته أمام هذا الول الغريب.
وعليك أن تقترب من وجدان عمر ومنظومته القيمية ليتسم أمامك حجم ر ّد فعله ،وهو الاضع دائما للشعور بالث
وعتاب الضمي لعمال هي أقل ما حدث له ف بيت أخته .فإذا نض نضت من لوعيه احتجاجات ضاربة وصراعات
متضاربة ،فماذا كان عليه أن يفعل؟.
25
كتاب عمر والتشيع
لقد أستفرغ شحنة الغضب بوطأه ابن عمه على الرض ،ونفحه أخته ف وجهها فبدا يستعيد توازنه ،فيأخذ الصحيفة
ويقرأ ث يصاب بالذعر ،ويتوقف بعد ذكر البسملة قبل أن يستعيد عزمه لقراءة اليات الول من سورة طه.
ف ظننا أنه أسلم عند قراءة البسملة وإذا كان اسم ال معروفا ،وليس له ذلك الوقع فإن (الرحن الرحيم) استلت من
عمر جبوت القسوة ،وكأنا علج عاجل لزمة الشعور بالذنب فانلت عنده عقدة وانزاح عن صدره تأنيب الضمي ،فهو
الن ف بطن الرحة والرحة ف بطنه تت ظلل الرحن الذي تنتشر رحته على وجه فاطمة الدمي وظهر سعيد العفر
بالتراب وامتعاض الشاهد.
فعسى أن يغفر ال لنا إن نن استبعدنا جلة قيلت حقا ف حوار عمر مع أخته طالا أن إنكار بعض فقرات الوار يبقى
ملحا على أصابع الكتابة .ننكر أن ترأ أخت لعمر صفعه بكلمات مثل إنك نس أو إننا أسلمنا رغما عن انفك ،لن مثل
هذا الكلم ليصدر ل عن فتاة جاهلية شقيقها عمر بن الطاب ،ول عن سيدة مسلمة نبيها بعث بكارم الخلق ،ول
نكاد نصدق أن عمر استجاب لا كالطفل فغسل يديه وتوضأ قبل أن يسك بالصحيفة ،وهو بعد لا ينطق بالشهادة ،ول
يكن اليان قد مل قلبه ول يكن الرجل من صنف الذين يستجيبون لوامر امرأة ،وكأنه طفل بي يديها.
لكن الرواية أرادت أن تنح شقيقة عمر هذا المتياز السلمي.
أجل ،لقد أسلم عمر بالصوت القرآن عندما أحدثت البسملة فيه تلك الصدمة.
رقم اسلمه : 67
ل وإحدى وعشرين امرأة فيكون رقمه ف اللئحة الول للمسلمي
الشهور أن عمر بن الطاب اسلم بعد 45رج ً
.67
وقيل :إنه أسلم بعد هجرة السلمي إل البشة ،وكانوا تسعي بي رجل وامرأة ،فيكون رقم عمر ف تلك اللئحة
يتجاوز الائة.
وف رواية أقرب إل مزاجه وواقع حياته ،وتسند إل عمر نفسه أنه كان يقول :كنت للسلم مباعدا وكنت صاحب
خر ف الاهلية ،أحبها واشربا وكان لنا ملس يتمع فيه رجال من قريش ،فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك ف ملسهم
فلم أجد فيه منهم أحدا ،فقلت لو أن جئت فلنا المار وكان بكة يبيع المر ،فخرجت إليه فلم أجده ..وبقية الرواية
تنتهي بالكعبة ولقائه بالنب وإسلمه.
26
كتاب عمر والتشيع
لتتعارض هذه الرواية مع قولنا بإسلمه بالصدمة وبالاتف الوجدان ،بل هي تؤكد أمرين :الول أن بيئة عمر
"الاصة" وميط صداقاته صار للنسار حد شعوره بالوحدة والغربة وهم ذهبوا إل الدين الديد .والثان أن هذه الالة ل
ل ل يكن معظمهم من رواد ذلك الوسط وهم معروفون بانتماءاتم الجتماعية ،فيكون
تكون وعدد من أسلم هو 45رج ً
رقمه ف السلم تاوز الائة كثيا ،وإن كان حب الؤرخي له يعلهم يتزلون ف زمنه الاهلي لصال زمنه السلمي،
فيستعجلون عليه بأرقام متقدمة لينتقص من دوره طولا ،وليطيل ف قامته قصرها .فحيث تقفر الانات والحلت ويهجر
ل وإحدى وعشرين امرأة ول
المار حانته فمعن ذلك أن غالبية الجتمع قد أسلم .ومتمع مكة ل يكن يتكون من 45رج ً
من تسعي هاجروا إل البشة ،فإذا أسلموا وهاجروا أقفرت مكة من أهلها!.
إن رقم عمر ف لئحة السلمي قد يرتفع إل ضعف أعلى رقم حدده الؤرخون لو أخذنا بروايته .وعمر فيها كما كان
ف غيها صادقا مع نفسه واضحا مع الناس ،فصدقت مروياته ووضحت ملمه.
27
كتاب عمر والتشيع
عبقري السقيفة:
ليس من شأن هذا الكتاب الولوج ف بطون العقائد،ول القتراب من هوامشها وحواشيها ،وليس ف منهجنا
الوقوف بي مشتجر اللف وسطا ،ول نذهب إل سوق الشتجار براية اللل الحر.
وكقارئ يفزعن ما تقع عليه عين من ماولت التوفيق الت تصفق لا الصالة ،وتبتسم لا النصة ،حت إذا انفرط
المع وولوا الدبر ،عاد أي منهم إل كهفه القدي.
ول نرج ف هذا الكتاب عن أفكار تضمنتها كتبنا الطبوعة ،ل سيما الشيعة والدولة القومية ،الذي ل نتعرض فيه
للف الذاهب وتفضيل مذهب على آخر أو الترويج لذهب ضد آخر .فمثل هذا القل سيكون خاصا بالشتغلي ف
العلوم الدينية والفقهية .ونن نشتغل بعلوم الفكر العام والسياسة العامة .فإذا اهتزت مشاعرنا لرأي أو لوقف أو
لجراء ،فلن ف ذلك قربا عاطفيا أو إنسانيا أو اجتماعيا لا نبغيه وليس لطابعه الذهب الاص.
وبذا النظور ندخل سقيفة بن ساعدة الت ل يكن للنص الدين رأي فيها .فقد كانت من اجتهاد الصحاب سعد
بن عبادة وجع من النصار.
والسقيفة سقف ليس تته نوافذ .مشرع لرياح النوب والشمال .وزمان متقن مأزوم ف يوم قد ينقطع عن يوم
قبله ،أو يتصل بيومه السابق ،فتمتد السلسلة الزمنية والروحية للمشروع السلمي إل حيث نن الن ف اليوم الول
من الشهر الول للعام الجري السابع والعشرين بعد الربعمئة واللف.
عرب مسلمون ومسلمون عجم نتلف ف الختلف ،ونتفق ف التفاق ،وننشق بأنفسنا فرقا وطوائف ،لكن
مشروع ابن آمنة آمن متماسك ،واحده ال ونبيه ممد والشهادة قائمة والصلة قائمة.
إن دور عمر ف الكان الفتوح منحه دورا مفتوحا ف زمان دائم .أنبته تلك اللحظة الضارية الت أغرب ما فيها
وما ف ذلك الكان غياب القدس عنها .فلم ينص عليها ف قرآن ،ول يشر إليها ف حديث شريف .ول يكن لعمر دور
ف تأسيس ذلك الكان الذي قدح فكرة خاطفة لصحاب من النصار ،فأجتمع إل جع من قومه مدفوعا بالنية الطيبة
وبإحساس استراتيجي وشعور بالسؤولية ف وقت قضى ال فيه أمره ،وتوف النب ممد صلى ال عليه وسلم،
وسيحدث فراغ ف إدارة الشروع الحمدي إن تركت المور على غاربا .فكانت دعوة النصاري سعد بن عبادة
28
كتاب عمر والتشيع
إل اجتماع السقيفة ،هي اللبنة الول لستمرار الشروع الحمدي ف غياب صاحبه .ث جاء دور عمر بن الطاب
ليختطف اللحظة ويدد أطار الؤسسة الديدة ورجالا الذين سيتحملون السؤولية.
وقد ضرب عمر ضربته وكأن ل يقل قائلنا اليوم إل فيه وعنه.
وآل أن يكونما فكانا فت خبط الدن والناس طرا
ل يكن الوحي حاضرا ف غياب الرسول .وليس للقرآن رأي ف السقيفة ،فهي فكرة بشرية خالصة ،وقرار
سياسي ورغبة جاعة من الصحابة صيها عمر با أوت له من حيوية قريش ومهارتا ف تصريف الزمات حدثا ليزال
الرجل يواجه العترضي عليه! .فبدا مُجيل اللحظة ،وقابض الزمن برغبة ليس لا سقف ،لعل يوم السقيفة هو اليوم
الول والخي لفراغ السلطة ،فيتقدم اليوم التال متصلً باليوم السابق حي كان للمشروع صاحبه منذ أربع وعشرين
ساعة .ول يدث الفراغ ،ول حت الفجوة ول تترك فرصة لسباب اللف أن تتنفس ف حينها لكنها ظلت تلحق
تاريخ عمر وتاريخ السلم ،فتصي السقيفة مكان الكيد عند فئة ،ومكان الفتح عند باقي السلمي.
إن السقيفة كانت الكان الذي غاب عنه القدس ،فكان بداية الزمان لياتنا القدسة بعد أربعة عشر قرنا .وكان
عمر قامع الفرقة ف ذلك اليوم وحَ ّق له أن يظى بلقب قفل المة.
حركة عمر ف السقيفة أنبت حركة حضارية لمة كانت تتشكل على الرض ،فصارت حركة خلف مذهب
يتصاعد مع التصاعد الضاري للمة ،ومشكلة دينية تقوم على رفضها عقائد وعلى احترامها عقائد .وبالحتكام إل
العايي السياسية ف نشوء الدول والضارات ،تصبح السقيفة بأعمدتا الربعة الت أنبت أربعة خلفاء ل يتكرروا ف
التاريخ .قرارا وليس مؤترا بأن ل توت الدولة الناشئة بوت مؤسسها.
29
كتاب عمر والتشيع
الدود ،فأبلغ الليفة أن جيش الفتح ف الراضي الصرية ووضعه أمام المر الواقع ووضع نفسه تت مراقبته
الستمرة وملمة مكاتيبه ومبعوثيه .أما عبد ال بن أب سرح ،فكانت قواته ترح ف سهول ليبيا.
ل من
وعلى جبهة البصرة ،كان عمر يرغب بعدم ذهاب قواته إل ما بعد الحواز (عربستان الالية) متمنيا جب ً
نار يفصله عن بلد فارس ،فل يقاتلهم ول يقاتلونه ،لكن قادة الفتوح تملوا مسؤولية إقناعه بالتوغل ف بلد فارس
وملحقة مراكز القيادة الكسروية التنقلة والستقرة آنئذٍ ف خراسان ،وتبن الحنف بن قيس هذه السؤولية ف
الدبلوماسية مع عمر والعسكرية ف النطلق إل خراسان بعد أن اقتنع عمر بأن وجود كسرى ف جوارهم سيثي
الكثي من التاعب وقد انتقضت مدن كثية ف بلد فارس فأعاد عمر فتحها ثانية .وف ظننا أن شبح الكسروية
والقيصرية والوف من الوقوع ف نوذجها ،هو الذي كان يدد رغبة عمر ف الوقوف عند مشارف ماكان يعتبه
وطنا عربيا ول يتجاوزه.
وكان القليل من الروقات القيصرية والكسروية يدفع الدولة الراشدة للتفكي ببناء مؤسسات وتقاليد،
واستخدام مهارات ليس للجزيرة العربية عهد با .وكان بعض قادة الفتوح يتحركون ف فسحة قيصرية ،مدودة
لكنها مفيدة ،وناجحة ،فضلً عن أمثلة النسياح إل أبعد من الشارف القصوى لركة الفتوح عند عمر.
كانت الدبلوماسية ترب أول نشاطاتا ف وفد يبعثه الليفة إل سعد بن أب وقاص ف طريقه لناظرة كسرى
يزدجرد ،فيضيف سعد إليه آخرين أختيوا بواصفات دولة قيصرية وكسروية تأخذ بالقيافة واحجام الطول وعرض
الناكب ،وسعة التجربة .وملحظة اندار البعوث من أسر ذات تقاليد "ارستقراطية " بصطلح يومنا ،وكان ذلك من
بعض أسباب ناح الوفد ف كسب الناظرة.
كان عمر يأخذ ببدأ الضرورة فيلتقط برامج وآليات العمل الداري من دولت كسرى وقيصر ،فيستحدث
مكاتب الديوان والسجلت وتأرخة الحداث بعام هجرة النب صلى ال عليه وسلم ،بعد مناقشة مستفيضة انتهت
بترجيح مقترح المام علي.
إن النب ممد (ص) أنكر ف الكسروية والقيصرية ،زخارفها البيوقراطية وترفها السلطان وأمورا دينية،
وسياسية ،لكن ذلك النقد ل يستهدف رفض تربتها التكنوقراطية وتطور أساليب الدارة .وتوزيع العمل وتوثيق
السجلت .وتنظيم وسائل التصال ف البعوث الدبلوماسية ،ومؤسسات البيد.
30
كتاب عمر والتشيع
وكان عمر يرب أول ماولت الستفادة من ذلك أو بعض ذلك ،فاستطاعت الدولة الراشدة مع حذرها البالغ،
من اختراق هذا الشبح الذي كان من السباب الت عرقلت نو مؤسسات الدولة الراشدة با ل يعلها قادرة على
الستجابة لحتمالت الستقبل ،فلم يتحول اجتماع السجد النبوي إل ملس شورى كامل العضوية والصلحية وبناء
هيكل للدولة شاسعة الطراف وضوابط لتعتمد فقط على شخصية الليفة.
إن النب (ص) الذي رفض استبدال الصي بقعد وثي ف جوابه الاص بعمر وانتقال الديث عن طريقه ،حّل
عمر مسؤولية نبوية بعدم استبدال حصران النخيل بعروش قيصر وكسرى.
وهذا بعض سرّ نزوع عمر ف زهد الدولة ،كي لتصل أو يصل با إل مشارف كسروية ففضلها ممدية على
غرار بري وطبيعي وعفوي .وهنا الشترك الوثق والوضح بي سايكولوجية علي وعمر وروحية كلٍ منهما وسرّ
مبدأ الشاركة ،وكلٌ منهما قد نَفِس الخر على النوم فوق التراب.
لقد كان المام علي وعمر يشتركان ف هذا الذر بدرجة أكثر حساسية ما لدى أصحابما الخرين ،الذين لو
أتيح لبعض منهم إدارة دفة الدولة ف القام الول لخذوا الكثي ما تنب عمر وعلي أخذه من تربة الدولتي
الكسروية والقيصرية.
وكان متوقعا وشبه حتمي سيورة الدولة الراشدة إل الكسروية والقيصرية فوقع الحذور النبوي وحصل
النقسام بي الفهوم الراشدي للدولة والفهوم القيصري للمويي ،وكان مفترضا وقوع الناع بي العمريي
والمويي ،وف أكثر من مرة ،كان المويون يشون تربة عمر ،فإذا اكتشف أحد زعمائهم ف خليفة منهم ،ميلً إل
الزهد أو الساواة أو رجوع الدولة إل بعض ماكان ف عصرها الراشدي خرجت عبارتم الشهية ..اتريدها عمرية؟.
لكن أسبابا لسنا بصددها هنا استدارت باللف العمري الموي إل ثنائية اللف العمري والعلوي .فخرج
المويون من هذا الصراع بهارة عالية وساعدهم على النجاح تيار القطيعة الذي استجمع الوصاف والحداث
والسالك الموية ونسبها إل عمر ،فأصبح ابن الطاب أمويا بفهوم أهل القطيعة وباجتلب المويي لسه
يصنون به دولتهم من الطعون .ونسبتها إل عمر بن الطاب لترسيس طعنه باحتضان القادة المويي وهو
مايتمناه الخرون من سعيهم الذي ل ينقطع إل يومنا هذا ،باجتلب تاريخ عمر وسيته إل جانب دولتهم
يصنون به سيتم من طعون الفقهاء وتيارات العارضة عند الشيعة والوارج وسواها.
31
كتاب عمر والتشيع
سـياسة التعيينات:
وف تليل سـياسة التعيينات ،استخدم عمر أسلوب البيد ف مراقبة الولة ,إذ يكلف رجلً بالسـي ف أحياء
الولية ،مُناديا أنّ من له بريد إل الليفة فعليه أن يسلمه إليه ،وهذا يمله بدوره إل عمر متوما ل يطلع عليه أمراء
الولية ول عاملها ،فيعرف عمر ماذا يري ف المصار يوما بيوم.
وهذه الطريقة بصطلحنا الاضر ،تمل طابعا إستخباريا اعتدنا أن نسميه التقرير الزب .والرسالة ف لغة
السلمي سوى أنّ عمر بن الطاب جعل الستخبارات علنّيةً وليست سرّية .حت ل يكيد الناس لبعضهم ويتحولوا إل
جواسيس ولعل هذا هو الفارق بي الستخبارات العمرية وبي مفهوم التجسس.
اعتاد عمر أن يقرأ البيد وحده وييب على مُرسليه باستحضار الوال أو بإرسال مثله الشخصي الذي هو ف
العادة الصحاب ممد بن مسلمة النصاري ،والذي كان يتمتع بصلحيات التحقيق مع العمال واعتقالم وتريهم،
ويعتب قراره نائيا على الغلب.
كان عمر يدعم جهاز الولية بصحاب ٍة من الرعيل الول ومن هم ف مدارج اليان أعلى درجة من أمي الولية
وبعض قادتا.
بعد أن أخفقت تربته الول بتعيي هؤلء الصحابة ولةً ،كسلمان الفارسي ف الدائن ،وبلل ف بعض وليات
الشام ،اكتشف أن العلى ف درجة اليان والقدم ف السلم ،قد ل يكون هو القدر على إدارة الزمات وتصريفها
ف فترة التأسيس الول للدولة ،والعرب مازالت على لقاحيتها تنفر من الذعان للسلطة الركزية ،فكيف وهي سلطة
عمر الصارمة إزاء الختللت الجتماعية؟ ما دعاه إل اختيار أسلوب إداري آخر يقضي بالتفريق بي درجة اليان
ودرجة الكفاءة والهلية ،ففضّل من نسميهم اليوم بالتكنوقراط وحي ينفّذ هذه الفكرة فسيكون رجال قريش عمالً
وأمراء وقادة إداريي ف الرتبة العليا.
وف إحدى الروايات أن عمر بن الطاب استقبل سيد بن كلب امرؤ القيس بن عدي بن أوس ،وكان ل يزال
على نصرانيته وبضور المام علي بن أب طالب وولديه السن والسي ،حيث أعلن إسلمه ،فلم يتردد عمر كما
تقول بنت الشاطىء ف كتابا (سكينة بنت السي) أن يعقد له اللواء على من أسلم من قضاعة بالشام ودعا عمر
برمح وقلّده إياه ،وليس للرجل سابقة ف السلم لكن له سابقة ف الزعامة والدارة والسمعة الطيبة.ومن
32
كتاب عمر والتشيع
الصادفات ف ذلك اللقاء أن امرأ القيس بن عدي قد زوّج ثلثا من بناته لكلٍ من المام علي والمام السن
والمام السي ،وكانت بنته الرباب من نصيب المام الُسي ،وهي الت أنبت له سُكينة.
أشرنا أن عمر كان يكلف ف مثل هذه الالة صحابةً من الرعيل الول ليكونوا مراقبي ،فاختار مثلً عبد ال بن
مسعود للقضاء وبيت الال ف الكوفة وعثمان بن حنيف على سَقي الفرات ،وعمار بن ياسر على الصلة وأرزاق
الند .وكان عبد ال بن مسعود حرفيا ،يتصرف مع سياسة النفاق من بيت الال ،وكأنه مدير مكتب للمحاسبة
القانونية ف وول ستريت ،فل يتساهل بدينارٍ ،وقد ترتف يداه وهو يأخذ من بيت الال ليوزعه خشية أن يذهب الال
إل غي مستحقيه .ولو كنا نصنع مصطلحنا ،وننتج لغتنا ول نستعي النتوج اللغوي والصطلحي من صانعيه
الوربيي ،لكان مصطلح السعودية كافيا للدللة على ما يعنيه مصطلح الحاسبة القانونية.
وف أكثر من مرة كلّف عمر بلل البشي للتحقيق مع العمال والولة وشلت واحدة من تلك الهمات التحقيق
مع خالد بن الوليد لنحه الشعث بن قيس عشرة آلف دينار ،فوضع عمر له سيناريو التحقيق بأن ينع بلل قلنسوة
خالد ويربط با يديه إل اللف ،بضور أب عبيدة بن الراح ،فاستسلم من ل يستسلم للباطرة فحن رأسه لتكون
العمامة بي يدي بلل وأرسل يديه إل الوراء ليشدها با إل بعض .يقول الؤرخون السلميون والفقهاء والدعاة من
بعدهم إن مبادىء السلم هي الت أذعن لا خالد بن الوليد وهذا صحيح ،فما ينع من أن يكون إل جانب هذه
البادىء سببٌ أخر أو عامل آخر يُدعى عمر بن الطاب .لن أشك أن يدث هذا الذي حصل لالد مع رج ٍل غي
عمر ل قبله ول بعده إل ف استثناءات ل يكن التهم هو خالد ول الحقق هو بلل .أقول ....هل كان خالد بن الوليد
سيذعن لمر بلل ،لو كان أبو ذر بد ًل من عمر ودرجة إيان أبو ذر وأسلوبه ل تقاسان بالقاسات التقليدية؟.
هل كان غي عمر قادرا أن يقاضي شرحبيل بن حسنة ويسحبه إل الدينة ،ويضع سعد بن أب وقّاص موضع
التهم فيحقق معه ممد بن مسلمة؟.
كانت لعمر ف سياسة التعيينات جرأتان وسابقتان وقوتان:
جرأته ف تكليف رجال قريش السابقي ورجال مكة شديدي الِراس ،وبعضهم من أسلم قبيل الفتح قليلً أو بعده
ليعودوا من قادة ف معسكر قريش إل قادة ف دولة السلم.
33
كتاب عمر والتشيع
وجرأته الثانية ف الحاسبة والكافأة واستبدال الولة والعمال بسهولةٍ ويسر .ويسرد أكثر من راوٍ بأن أبا بكر
س ّن أول ماولت الفادة من خبة قريش ولكنه ل ينع نزعة عمر ف شدة الحاسبة والرقابة والقالة ،وإن كان شديدا
على أهل الردة وحازما.
ويتمتع عامل البيد باستقلل إداري ول يرتبط إلّ بالليفة ،وكانت قرارات عمر تشمل العاملي ف إدارة الولية
من الاشية ليس صعودا إل الوال بل بدًأ منه وبه .إن الولة الذين أطيح بم هم من ذروة قريش أو من قادة
الفتوحات ومن مصّروا المصار ووسعوا دار السلم .وعمر يعلن بعد عزل الوال عن سبب عزلِه حت ل تُنسج عنه
الروايات ،وكان يقول ف عزل سعد بن أب وقاص إنه ل يعزله عن سخطةٍ.
وكان يكرر أن من الي له أن يعزل كل يوم واليا من أن يبقي ظالا ساعة نار .وبالغ عمر ف تطبيق هذا البدأ،
فعزل ولة لسباب طفيفة كأن ل يرج لزيارة مريض وإسعاف ضعيف ،أو يتجب الوال ف مكتبه ،وكان أكثر ما
يغضبه خبٌ ينم عن نيّة لنظام الجابة ،فيتحسس من وضع البواب الكبية ف بيوت الولة والمراء وُيعَ ّد ذلك
تأسيسا لنظام القِلع والقصور المبطورية .وقد أرسل مبعوثه الشخصي ممد بن مسلمة النصاري ،ومعه قادحة
النار لرق البواب الت قيل لعمر إن واليه ســعد بن أب وقّاص قد أقامها على بيتٍ بناه بعد فتح فارس،
وسُــمي بقـصر سَـ َعدْ وجرى بي البعوث الشـخصي وسعد حوار .وعزل عامله على ميسان (العمارة) النعمان
بن عدي .يقول علي ممد بن الصلب ف كتابه عمر بن الطاب :إن عمر عيّن النعمان بن عدي أميا على ميسان،
وهي مدينة العمارة العراقية .فذهب إليها وامتنعت زوجته أن ترافقه ،فأراد أن يبعث ف نفسها الرغبة ف صحبته ما
يعرف عن غية النساء ،فكتب إليها أبياتا من فضل القول ل تثل حقيقةً ف كثيٍ وقليلٍ
بيسان يُسقى ف زجاجٍ وحنتمِ فمن مُبلغ السناء أن حليلها
سمِ
وصناجـةٌ تدو على كل ميَ ْ إذا شئتُ غنّتن دهاقيُ قري ٍة
تنادُمنـا ف الوسـق التهدمِ لعّـل أمي الؤمني يسـؤوُ ُه
فلما سعها عمر عزله.
الستبطان العمري وتوزيع السؤوليات:
34
كتاب عمر والتشيع
وُهبَ عمر القدرة على معرفة الرجال وقراءة نفسياتم،با كان يسمى آنذاك بالستبطان .وشي ٌء من الارمون
ل فيهم كان ل
الجتماعي والتجانس ف الركة والداء يربط أهل الدارة ببعضهم وبعمر ،ول ينفي ذلك أنّ رج ً
يرتاح للخر ،وأن بي هذا وذاك ما ينغّص تلك العلقة ،فإذا اختلف اثنان أو فريقان استحال اللف بضور عمر إل
وفاق .وف عمر روح جامعة وهَبهَا ال لناسٍ معدودين وإلّ كيف اتفق رجاله مع بعضهم فتفرقوا ف غيابه؟.
أمامي قائمة برجال الدارة والقضاء وضع عمر كل واحدٍ منهم ف موضعه الدقيق وصُولً إل تقيق التجانس
ببدأ التوازن.
إن مبدأ التجانس بالتوازن مأخوذٌ به ف عصرنا هذا ،فالتاد ل يعن اتادَ التجانسي وفقَ أحادية النس والعُنصر
والدين والذهب والطبقة ومثل هذه الحادية نادرة الوجود ف معظم الجتمعات البشرية والطريق إل تانس الختلفي
هو ف تشكيل إداري متوازن بالقدر واللوان.
ولذا اختار عمر عبد ال بن مسعود لقضاء الكوفة وبيت الال وعمار بن ياسر لصلةِ الكوفة وسلمان بن ربيعة
لقضاء البصرة وقيس بن أب العاص القريشي لقضاء مصر ونافع الزاعي لولية مكة ويُعلى بن أمية لولية صنعاء
وسفيان بن عبد ال الثقفي لولية الطائف وأبو موسى الشعري اليمن لولية البصر ِة وأبقى زيد بن ثابت قاضيا على
الدينة.
أمّا رؤساء أركان اليوش وقادة الفيالق واللوية فهم طراز آخر ل يأخذ فيه ببدأ التوازن ولا عُرفت قريش
بقدرتا العسكرية الدارية كان نصيبها كبيا وإن ل يكن غالبا.
فكان من قادته خالد بن الوليد قبل عزله وعبيدة بن الراح ويزيد بن أب سفيان والنعمان بن الُقرن والثن بن
حارثة وشرحبيل بن حسنة .ولن هؤلء عسكريون أقحاح وهو يدرك أن علقة العسكري بقواني الفكر والفقه
وعلوم التفسي والديث هي ف مرتبة أدن ما اعتن به فقهاءٌ ودعاةٌ دأب عمر على إرسالم مع اليوش فتشكلت ما
يسمى الن مؤسسة التوجيه العنوي.
وكان يستبطن أصحابه فإذا اكتشف ف أحدهم جانبا خاصا به ذخره لهمة ستأت وكان قد عرف ف بعضهم قوة
الضور الشخصي وقوة الجة ف الوار آخذا بعي العتبار أن ل يكون الوفودون إل ماورة اللوك والقادة الجانب
من ذوي الصول التواضعة ،فكأنه يعال النوع بنوعه النظي الطبقي بنظيه الجتماعي من يسمون عند العرب بأهل
35
كتاب عمر والتشيع
الحساب فشكّل وفده لناظرة ملك الفرس من النعمان بن القرن وبسر بن أب رُهم الهن وحنظلة بن الربيع التميمي
والفرات بن حيان العجلي وعدي بن سهيل والغية بن زرارة.
الستفادة من الباء
كتب عمر إل أمراء اليش ف العراق أن يستفيدوا من خبة العسكريي القُدماء ف اليش الساسان وإن كانوا
على دين الجوسية لنم متدربون وخباء ف الشأن العسكري والجتماعي ،وكان بعض هؤلء العسكريي ،إن ل يكن
معظمهم ،ملصي ف نصائحهم ،فساعدت خبتم قادة اليش السلمي على رسم الطط العسكرية ف ضوء الرائط
والعلومات والساليب الفنية الت يتزنا العسكريون الفُرس.
إنّ رغبة عمر ف الحتفاظ بالباء الفرس قد تدعم ظننا أنه ل يكن ف أعماقه راغبا ف قتل الُرمزان وقد يكون
فكّر ف الستفادة من خبته الكبية ف شؤون فارس فقبل إسلمه ،وهو أدرى أن النطق بالشهادتي يعل الرء مسلما
ول يعله ف الال مؤمنا.
لنعتمد ف هذا الستنتاج على أن من يأمر بالستفادة من العسكريي الصغار بسبب خبتم فما الذي ينعه من أن
يستفيد من خبة الكبار؟.
ف هذا السياق نضع رغبة عمر ف الستفادة من قادة عسكريي شاركوا ف تزعم حركة الردّة ف خلفة أب بكر ،ول
يُوافق الليفة آنذاك رغم إعلن توبتهم على إرسالم ف الهاد أو تعيينهم براتب عليا .فرأى عمر غي ذلك وأرسلهم إل
الثغور حيث كشفوا عن مهارات قيادية عالية ساعدت ف فتح بلد فارس ،ومن هؤلء طليحة السدي وعمرو بن معدي
يكرب.
إلزام الوال بالكشف عن أمواله:
تنفرد النظمة الدستورية الديثة بالزام رئيس الوزراء النتخب والوزير عند تعيينه ،وعلى رؤساء البنوك الركزية
والحافظي وشاغلي الدرجات الاصة الكشف عن حساباتم قبل توليهم السؤولية لقياس نو ثروته بعد التولية وقياس
أمانته با.
وكان عمر ف مطلع التاريخ الجري ،قد سبق الدستوريي العاصرين بإخضاع الولة والقادة والمراء بالعلن
عن حيازتم من الموال السائلة والموال الامدة .وعمر يراقب نو هذه الموال.فيستدعي من يرتفع عنده الرقم
36
كتاب عمر والتشيع
على العدل العقول ،ويشاطره نصف أمواله .أو أن يرسل مندوبه الشخصي ،مراقب السابات العام ممد بن سلمة
النصاري ،إل مراكز الوليات فيعقد مع الوال جلسة للتحقيق ف أمانته .وينع نصف ماله إذا كان النمو غي طبيعي.
وكان من شله التحقيق وقرار الناصفة أبو هريرة وعمرو بن العاص وآخرون.
ينع دخول الولة والمراء ليلً
وكما قيّد عمر حركة الصحابة الوائل ومنعهم من السفر ،منع دخول العمال والمراء والقادة إل الدينة ليلً
قافلي من المصار ،واوجب عليهم وعلى رواحلهم الناقلة أن تدخل نارا حت يتسن لعامة أهل الدينة أن يروا ما
تمله وتنقله رواحلهم من متاع وأموال ،فإذا عثروا على ما يزيد عن العقول أحالوا القادم إل الساءلة وقد تصادر
الزيادات أو يشاطرها الليفة ف نصفها إل بيت الال.
ولا ل تكن البنوك والسابات السرية معروفة ،وعيون الليفة تراقب حركة الوال ف سكنه ولباسه وخيوله وهو
ف الارج ،فليس لن يور على بيت الال أو يكسب بطرق غي شرعية إل أن يمل موجوداته إل الدينة،فيلقي عمر
القبض عليهم وهم ف الرم الشهود.
وتسمى هذه الالة ف أيامنا بالرقابة الشعبية على السلطة ول يؤخذ بذا السلوب ف خلفة عثمان.
يول الوال إل راعي غنم:
كان عمر يعال الولة بإدخالم ف ميدان العمل ،مثلما فعل الصينيون مع آخر إمباطور قبل ناح ثورة ماوتسي
يونغ ،عندما عينوه بستانيا ف حديقة عامة .فقد بلغه أن عياض بن غان واليه على إحدى مدن الشام قد اتذ لنفسه
زمرة من الصدقاء يسامرونه ويسهرون عنده ،وقيل إن هذا الوال قد أخذه ترف القصور وجعل لنفسه ولزمرته
حامات خاصة ،فاستدعاه إل الدينة وتركه ينتظر ثلثة أيام ث أذن له بالدخول ،وكان قد أحضر له جبّة صوف ما
يرتديه الرعاة وعصا وثلثائة شاة من أموال الصدقة ،وطلب إليه أن يرعى با ف الباري وليسمنها ،وتركه هكذا
ثلثة شهور ث استدعاه وأعاده إل عمله.
جرى ذلك وعياض ينفذ أمر عمر صامتا ،ولعله فهم أن العناية بأغنام السلمي هي أكثر أجرا وأسلم له من رعاية
زمرة من الترفي.
نظرية منع التراكم
37
كتاب عمر والتشيع
عمر مستعجل فالحداث أسرعت ف زمنه ،وأسرع الزمن ،وتراكضت اليول ،وعابرات اليوش تطوي
السافات والعارك الكبى تسم بأيام ،والقادسية الت ل يكن لا نظي ل تدم أكثر من ثلثة أيام.
فكيف ل يستعجل الرجل وهو أروح القدمي ومن طبيعة الروح أن يُغذّ السي بطوات أسرع وأقوى من رجل
بقدمي عاديتي.
وكان على مبدأ (تنظيف يومه من أزماته) فل يدع لزمة أو ثروة أو ظلم فرصة للتراكم .فيطفئ قدحة الفتنة
ونفوذ التنفذ وبارقة الظال .فل تبيت شكوى من فساد ليلتها تت مدته وليؤجل مالفة يأت با البيد ،صغر الشتكى
عليه أم كب ،صغرت الشكوى أم كبت .وهو يعال الفوة بالدرة ،والطيئة بلسة قضاء على قارعة الطريق ،وإن
كان التهم صحابيا كبيا .فقضى بسياسة عدم التراكم على الفساد .الذي تراكم بعده ول يستطع الليفة من إطفائه.
ول يذكر عنه أنه توسّد حصية ،وافترش رملته وأخذه النوم ،وبانبه أزمة ساهرة.
وتتمع عنده السرعة وروح العدل ،فكان القضاء عنده سريعا وعادلً ،ورفع عدل عمر خراج العراق إل مائة
مليون درهم وانزله ظلم الجاج إل ثانية عشرة مليونا.
إن النظام الذي أقامه عمر بن الطاب ،كما يقول طه حسي ف "الفتنة الكبى" ل يكن مستلهما من أمة أخرى.
ل يكن نظام الكم السلمي ف ذلك العهد نظام حكم مطلقا ولنظاما ديقراطيا على نو ما عرف اليونان ولنظاما
ملكيا أو جهوريا أو قيصريا مقيدا على نو ما عرف الرومان وإنا كان نظاما عربيا خالصا ،بيّّن السلم له حدوده
العامة من جهة وحاول السلمون أن يلئوا ما بي هذه الدود من جهة أخرى.
وليتج أحد بشدة عمر ،فالرجل بالتأكيد كان شديدا لكنه ل يكن عنيفا .وكان لينا ول يكن ضعيفا.
عمر والعارضة السياسية:
تتقلص الروايات وتشح العلومات الاصة بنشاط سياسي معارض لعمر بن الطاب ف وليته ،لكن ذلك ل ينفي
وجودها ،وقد تكون صامتة أو أن ردّ الفعل عليها كان صامتا .فلم يكن لتلك العارضة شعراء ناطقون بلسانا حت
تسمع أصواتم ،ول يكن لعمر جهاز قمع مزود بسلسل الديد حت يسمع صريرها ،ول يتأسس سجن سياسي بعد،
ول تتشكل أجهزة الشرطة التقليدية ،لكنه كان يتلك آلية استخبارية تعرف ماذا ف حامات المراء والولة ،وهذه
أول دولة ف التاريخ توجه نشاطها المن نو إدارتا الرسية ومقاماتا العليا ،وليس لا عيون على الناس ول نسمع عن
38
كتاب عمر والتشيع
جلسات تقيق وماكمة ،أبطالا من عامة الناس بل كانت مثل هذه اللسات تعقد لحاكمة قادة من طراز خالد بن
الوليد وسعد بن أب وقاص والغية بن شعبة وعمرو بن العاص وأب موسى الشعري وأب هريرة الدوسي.
لبد أن زعماء قريش وأصحاب الصال الذين رأوا عطاء العبيد السابقي ف السلم أكثر من عطائهم وجدوا فيه
إخلل ف القانون الجتماعي الذي نشأوا عليه.
وكانت بعض فروع قريش لسيما المويي غي مرتاحة لسياسة عمر الالية والدارية ،ول نقرأ ف الصادر أن
للمام علي بن أب طالب الذي وضعه الوروث الذهب غريا وخصما ف جدول الصراع مع عمر ،رسالة احتجاج ضد
تلك السياسة.
يقول هاشم معروف السن وهو مؤرخ شيعي معاصر ف كتابه سية الئمة الثن عشر:
" إن أحدا من الؤرخي ل ينقل عن المام علي أنه وقف موقف العارض للفة بن الطاب وبدا منه ما يسيء إل
صلته به ،بل رضي لنفسه أن يكون كغيه من الناس ،ول ينطق إل بلسان البرة الطهار بنحه النصيحة ويزوده
برأيه ،كلما أشكل عليه أمر من المور " .وكانت قريش والتنفذون منها هم الذين ينادونه فيما بينهم بابن حنتمة أو
العيسر ويعيبون عليه لبس القطوانية وهي عباءة يصنعها الكوفيون ،ول ينقل الؤرخون عن المام علي أنه تاوش
الكلم مع عمر ،أو تساجل معه كما يتساجل العارضون.
منا شـي عمرية ضد أمراء الدولة:
ل يكتف عمر باستخدام مبدأ الكفاءة والستفادة من أصحاب البة وإن ل يكونوا من الهاجرين الولي بإصدار
مراسيم التعيي وترك حبالم على غواربم.
ففي مراسلته إليهم وهم قادة ف الثغور أو ولة ف المصار يظهر عمر صرامة إذا ما وجد بعضهم ميلً عن نجه
السياسي.
فإذا كان القائد من طراز عمرو بن العاص وخالد بن الوليد ردوا عليه با يفظ لم ارستقراطيتهم ودينهم.
فيكتب إليه عمرو :أما بعد ،فأما ما ظهر ل من مال ،فإنا قدمنا بلدا رخيصة السعار ،كثية الغزو ،فجعلنا ما
أصبنا ف الفضول الت اتصل بأمي الؤمني نبؤها ،ووال لو كانت خيانتك حل ًل ما خنتك ،وقد ائتمنتن ،فإن لنا
39
كتاب عمر والتشيع
أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن خيانتك .وذكرت أن عندك من الهاجرين الولي من هو خي منّا ،فإذا كان ذاك فو
ال ما دققت لك يا أمي الؤمني بابا ،ول فتحت لك قفلً.
فكتب إليه عمر :أما بعد ،فإن لست من تسطيك الكتاب وتشقيقك الكلم ف شيء ولكنكم معشر المراء
قعدت على عيون الموال ،ولن تعدموا عذرا ،وإنا تأكلون النار ،وتتعجلون العار ،وقد وجهت إليك ممد بن مسلمة،
فسلم إليه شطر مالك.
فلما قدم ممد صنع له عمرو طعاما ودعاه فلم يأكل ،وقال :هذه تقدمة الشر ،ولو جئتن بطعام الضيف لكلت،
ح عن طعامك ،وأحضر ل مالك ،فأحضره ،فأخذ شطره .فلما رأى عمرو كثرة ما اخذ منه ،قال :لعن ال زمانا
فن ّ
صرت فيه عاملً لعمر ،وال لقد رأيت عمر وأباه على كل واحد منهما عباءة قطوانية لتاوز مأبض ركبتيه ،وعلى
عنقه حزمة حطب ،والعاص بن وائل ف مزررات الديباج .فقال ممد :أيها عنك ياعمرو! .فعمر وال خي منك ،وأما
أبوك وأبوه فإنما ف النار ،ولول السلم للفيت معتلقا شاة ،يسرك غزرها ،ويسوءك بكؤها .قال :صدقت فاكتم
علي ،قال :أفعل.
مظاهرة على بابه!
يكن أن تكون أول مظاهرة سياسية ف تاريخ العرب وبعناها الديث قد اجتمعت بباب عمر قادمة من أحياء
العرب ،احتجاجا على شدته ،لكن الظاهرة انقسمت إزاء هذا الشعار ،فرأى بعضهم ف هذه الشدة حزما يثي
العجاب ،وأصل خروج الظاهرة العفوية يرتبط برد فعل شعب ضد موقف عمر من جبلة بن اليهم ،وهو من ملوك
بن غسان ف الشام أسلم بعد أن رأى مصي هرقل فتوجه إل الدينة مع ( )500من أهل بيته ،واعد له عمر استقبالً
ل مع ما تعارفت عليه نفسه وهو
شعبيا كان الول ف تاريخ الدينة والول ف تاريخ عمر خروجا على عادته وتساه ً
العروف بكراهة الظاهرة والهرجانات ورؤية اللوك على خيول مطهمة معقودة الذناب ،وتاج بن اليهم يأخذ بأبصار
الناس فتنبهر الدينة وعمر صامد حابس لشاعره ،خاضع لول مرة لرسوم الستقبال اللكي ،مقدرا أن ضيفه مازال
طري النتساب للسلم ،تليد النتساب إل طقوس اللكية.
ولشك أن مقبض الدرة قد ترطب بعرق يده .وقد يكون تذكر لظتها مشهد أمراء الشام يزيد بن أب سفيان
وخالد بن الوليد على خيولم فحصبهم بالجارة ،وهم بلشك أعلى مقاما عنده من جبلة .كان عمر يراقب هذا
40
كتاب عمر والتشيع
اللك كيف يرج ويتبختر؟ .ويتحدث من زاوية الفم أو بأطراف النف ،فدعاه إل زيارة الكعبة وأظن أن عمر أعد
سيناريو الزيارة مسبقا ،وإذ ها يطوفان بالبيت الرام وطيء أزار اللك رجل من بن فزارة ،فضرب وهو يقيل عثرته،
وجهَ الفِزاري بكفه فشكا الرجل إل عمر ،فعقد كعادته جلسة ماكمة للملك الزائر الداخل ف السلم حديثا!.
قال عمر لبلة :عليك أن ترضي الرجل أو أن أقيده منك ،فأنكر جبلة ماسع وكيف ذلك وهو سوقة وأنا ملك
وهنا كان على عمر أن يلقن ضيفه الدرس النسان الول ف نظرية السواء السلمي ..وأنت لتفضله بشيء إل
بالتقوى والعافية.
قال جبلة ..لقد ظننت يا أمي الؤمني أن أكون ف السلم أعز من ف الاهلية.
قال عمر :دع عنك هذا ،فإنك أم ل ترض الرجل عقدته منك .قال جبلة :إذن سأعود نصرانياًَ!.
فطلب جبلة أن ينتظره هذه الليلة ،وتقول الرواية انه خرج ف جنح الظلم متسلل ووصل بلد الروم حيث
استقبله هرقل وأقطعه ربوعا ملكية شاسعة.
ولا علم الناس بأن اللك الغسان فرّ هاربا مرتدا عن السلم حل بعضهم السؤولية على شدة عمر معه ،فاصطدم
التظاهرون أمام بيت الليفة ،وكادت أن تصل فتنة.
الطبـاق العمري
حركته تشبه حركة الناس العاديي ،ولذا رأى الناس فيه صور ًة منهم ،ول يشعر أحد أنه مكوم باكم ،فقلص
السافة بي الاكم والحكوم وهذه سة تلقّاها المام علي مثلما تلقاها عُمر عن النب ،تعلُ الاكم مكوما .وهو
مكوم بالنصوص ،فعاشَ سنوات حكمه العشر وكأنه يقود حركة معارضة .لحركة سلطة فحسب ،وعرض مقطعا
كما عرض المام علي ف تاريخ السياسة العالية يستحيل فيها رئيس الدولة ،زعيما للمعارضة ف آن .فياقب سي
الدارة بعي العارض ويبعث برسائله إل الولة وكأنا مناشي العارضة السرية.
وعمر ل يعد نفسه من المراء وأهل السلطان وهو أمي الؤمني ،وأغلب الظن أن إضافة المي إل الؤمني
أخضعت ولو على مستوى الياء النفسي هذا المي إل الؤمني وفقا لنطوق الضاف إليه الذي يعد الالك والضاف
ملوكا.
41
كتاب عمر والتشيع
ل يصطنع لنفسه طقوسا خاصة ،ولعالا يتعرف الناس عليه بهِ ،لكنك إذا تابعت تاريه ،وحدقت ف حركته
اليومية ،فستشكل أمامك صورة عالٍ خاص ،واضح اللمح والسمات ،يقوم على العفوية والبساطة وعدم التصنع
والسهولة ،فينعكس هذا على طقوس العبادات عنده ل تَكلف فيها ول اصطناع.
كان ينع جلبة الظاهر الدينية ،ويقاوم السابقة قبل أن تتفشى ،ويأخذ على بعضهم الغُلو ف العبادات« ،فمن
أدركته الصلة فليصلِ وإ ّل فليمضِ إل سبيله"
وينع أن يضفي التقديس على غي الُقدس ،والقدس عنده قرآن وسنة ويبقى من هو خارجها خُلوا من القداسةِ.
ومع بساطته كان رجل الستراتيجية.
ولعمر كاريزما كما نقول ف أيامنا هذه ،وأجل ما فيه عندي ،أن أراه يُسرع ف أ َم ْر من هامش المور فيندفع
لظة ث ينسحب قبل مرور اللحظة التالية ،فيتأث وهو غي آث ،وتتحول حركة خاطفة من درت ِه يعلو با كتف رجلٍ أو
امرأة إل حركةٍ ضد نفسه ،فيطالب الُخفَقي خطأً أن يفقوه ،وهو من يارس النقد الذات على نفسهِ برارة ...ثكلتكَ
أمك يا ابن الطاب أأفقه منك امرأة ،ثكلتك أمك يا ابن الطاب إن ل تقلها ،وأراه لظتها يسارع إل رأس المام
علي فيقبله ول أقامن ال ف أرضٍ ليس فيها أبو السن.
وعمر ليس له باط ٌن وظاهر ،وليست له سياستان سرية ومُعلنة ،وليست له جلتان واحدة لنفسه وأخرى للناس.
ليس لعمر مثنيات ،وقد أتاحت له عشر سنوات من اللفة الستقرة تنفيذ البامج السلمية واجبة التنفيذ
فأطبقت النظرية على الياة.
إن مناهج الدعاة قد تغري السامع والقارئ باذبية الرواية ،وجال الستشهاد ،ما تزهو به النظرية السلمية،
فتنسب إل صحاب وخليفة أو تابع وفقيه ،وكأنا حسمت بالستشهاد النظري ،إشكالً لستشكل ،أو اعتراضا لناقد.
لكنك وأنت ف الشاهد العمرية ،قد تتوقف عن ترتيب الروايات ،وصياغة الستشهادات وأمامك حركة الناس تتحد
بركة القرآن ،فتتيسر الستجابة من طرفيها...استجابة النظرية للحياة ،واستجابة الياة للنظرية.
وكأنك ترى عقيدة السماء تتمشى فوق أدي الرض ،وتر مع الارة .أو كأنّ الناس عرجوا إل السماء معلقي
على تعاليمها.
42
كتاب عمر والتشيع
ف عصره ،اختفى اللف البدي الذي كان بي أهل الرض وسكنة السماء! .والرض تسمو والسماء تدنو أو
تتدان ،ليولد ما نسميه الطباق العمري .وشخصيته مكشوفة حيّ على الصلة.
ليكيد والكيد سلوك باطن ،ول يبّ ف الس ّر ما ل يبه ف ال َعلَن .إذا ضاق بوقف أو مشهد ،فهو ليكتم ضيقه
ول يصب على الخالِف.
إن علماء النفس يسمون هذه الشخصية بالنبساطيّة.
منبسط النفس مثل الرض الت خرج منها وعاد إليها ل التواء فيها ول زوايا ول يجبَ الرؤية حاجز من
تضاريس النفس .والعي تتد حت الفق ،فإذا ارتفعت أخذت من صفاء السماء ف ندٍ والجاز صفاء النفس والرُوح.
وأخذ من وضوح الصحراء والسماء وضوح العقيدة وتسهيل الياة للناسِ .عاش جاهلية واضحة ،وأ َسلَم ف
ح وكان غادره من
ح الصُب ُ
وضح النهار ،وهاجر ف وضح الشمس ،وحكم ف وضح الشريعة ،وغُدرَ به قبل أن يتوض َ
أهل العُتمة.
فتساءل بعد أن استعاد وَعيه :أعن مل منكم؟.
فذكروا له اسم الغادر .والمد ل الذي ل يعل موته على يد رجلٍ سجد ل ولو سجدة.
وعُمر ل تقتله العرب.
كيف صُيّر الرج ُل زعيم فرقة ورئيس مذهب وعنوانا لطائفة ،وهو الذي كان يُنكر على الناس اختصاصهم
بجالس خشية أن يدعوهم ذلك لن تكون لم آراء متفرقة متباينة تنتهي بالتحزب والنقسام.
روى ابن عباس أن عُمر قال لناس من قريش :بلغن أنكم تتخذون مالس ،ل يلس اثنان معا حت يُقال من
صحاب ُة فلن؟ من جلساء فلن؟ حت توميت الجالس أي تاشاها الناس.
وأ َي ال إن هذا سريعٌ ف دينكم .سريع ف شرفكم .سريع ف ذات بينكم.
ولكأن بن يأت بعدكم ،فيقول :هذا رأي فلن ،قد قسموا السلم أقساما .أفيضوا مالسكم بينكم ،وتالسوا
معا ،فإنه أدوم للفتكم وأطيب لكم ف الناس.
أتُراه أصدر فتوى بتحري العمل السري؟ لعله فعل ،ولو أصاخ الناس سعا لفتواه لتجنبوا الكثي من كوارث
الحزاب والنظمات السرية والساء الستعارة بالباء والبناء زورا وبتانا.
43
كتاب عمر والتشيع
خل فـة السلم الهلي
كانت خلفته نزهة ف زورق على بية زرقاء ،ل ريح اليمي تزعجها ول الشمول تضربا ،فكانت الياة
والجراءات واليام وحركة التاريخ تسيل بدوء وسلمة وسلسة .وبصيغة اسم التفضيل ،ستأخذ خلفته منّا أجل
الفردات فهي :أسهل خلفة ف انتقالا إليه من أب بكر وحركة سيها .وهي أسلم خلفة فلم تسفك فيها دماء ول
تواجه احتجاجات ،ولعلها الفترة الذهبية الت عزّ تكرارها ف تاريخ اللفة السلمية ،كونا جدارا ل يتشقق ونسيجا
ل يتهلهل.
فصارت اللفة الول ف التاريخ العرب الت تلو من التمرد ،وانفرد عهد عمر بعدم ظهور معارضة مسلحة أو
انشقاق ،بينما واجه أبو بكر ف أيامه الول عدم مبايعة المام علي وانشقاق الردة وترد القبائل العربية على خلفته.
وف خلفة عثمان كان النشقاق اجتماعيا وطبقيا ،اتذ صيغة العارضة السياسية والفكرية الت انتهت بالجوم
على داره وقتله بوحشية.
أما المام علي فقد تكالبت على عهده ثلثة انشقاقات كبى ،فعالها مرة بالسيف ومرة بالسلم كانشقاق
أصحاب المل ،وانشقاق معاوية ،وانشقاق الوارج ،لقد شنت على المام علي حرب استناف متعددة البهات،
لكنها موحّدة العوامل والسباب.
أما عمر بن الطاب فقد حصد ثار السلم الهلي وغنائم الفتوحات ف بلد كسرى وقيصر ورضى الصحابة،
فأتيح له أن يقدم أوضح تشكيل لارطة السلم على الرض ،لكن رأيا يقول :إن العارضة ف زمن عمر كانت
مؤجلة ،فانفجرت ف عهد عثمان.
ونقول :ان ذلك سيكون صحيحا ،لو أن البنية الجتماعية والشخصية لركة العارضة ف عهد عثمان هي نفسها
الت كانت صامتة ف عهد عمر ،ول يظهر ف تاريه الكشوف الزوايا والبعاد ،أن القاليم أو العراب ،والفقراء،
وبعض الصحابة وأبنائهم ،قد احتجوا على سياسته ،إنا صدرت إشارات عن بعض رجال قريش وقادتا با يعن
ضيقهم من شدة عمر وجرأته بنعهم من السفر ومساواتم بن كانوا من عبيدهم ومواليهم ،وهذا التاه وجد انفراجا
لزمته ف عهد عثمان.
مفهوم جديد للدولة ونظام سياسي خاص
44
كتاب عمر والتشيع
إنه بالتأكيد نظام غي مسبوق كما يقول طه حسي ،فل يشبه أنظمة الرومان واليونان ،ول يتصل بشكل النظمة
العاصرة.
ل يكونوا يعرفون ما اصطلح عليه اليوم بالنظام الديقراطي ،لكن جوانب كثية منه تقوم على ما قامت عليه
أساليب الكم الديقراطي.
ول يكن الؤسسون ،قد تعرفوا على مشكلت النظام البيوقراطي ،عندما عزفوا عن البيوقراطية .وسارت
العلقة بي السلطة والجتمع على شيء من التواحد من جهة واختزال الوسائل ف الخاطبات من جهة.
كان النظام السلمي يمل نزعات اشتراكية واضحة وهو يأخذ باقتصاد السوق ،ول يعرف تديد اللكيات وبالكثي
ما عرف ف النظام الرأسال لحقا بنظام الضرائب على الدخل .ولكن اقتصاديات الرض مزيج من النص والبداع والتأثر
بالتجارب القدية للمباطوريات الفتوحة.
وطبيعي أل يعرف عصر أب بكر التوزع السياسي بي السلطة والعارضة ول أن يعرف الناس آلية العمل عندما
يكونون معارضي ،فكانوا يلجأون إل آلية السلح ،قبل أن تظهر المعيات الباطنية والفرق السرية ،وكانت هذه
بشكل عام تنتهي بمل السلح ضد السلطة تعبيا عن رفضها النضواء ف النظام السياسي القائم عندئذ ،ويكن أن
يسجل للتشيع ف أصله المامي الوسع ذ أن المامية اتهت بعد مقتل المام السي إل نبذ العنف الثوري ،واعتماد
أساليب تربوية وثقافية وإعلمية ف نشر أفكار مدرسة أهل البيت.
ول يتزعم أي إمام بعد السي ،حركة مسلحة أو يقف وراءها ،واستقل الفرع الزيدي بزعامة زيد بن علي بن
السي بالعمل السلح والثورات الشعبية السلحة عند الشيعة.
ف العصر السلمي الول يتحول الصحاب الكبي والرجل البسيط والرأة العادية إل معارض ف ملس الليفة
ضد قرار أو رأي يصدر عنه ،فإذا تطابق رأي العترض مع النص ،أخذ به وتنازل الليفة عن قراره أو رأيه ف ذات
اللحظة.
لكن عمر بن الطاب كان يعترض على قرارات وإجراءات معمول با ف زمن سابق لزمنه ،وقد يتوقف عن
الخذ با صدر عن أب بكر ذاته.
45
كتاب عمر والتشيع
ســيا سـته القُرشـــية
السيادة منوعة اللقيم
46
كتاب عمر والتشيع
عمـر وعثـــمان
ها ف النهج السلفي واحد ،وعند منهج القطيعة الشيعي واحد .لكنهما متلفان ف مناهج التحليل العلمي
الستقل.
ل أظن عثمان بن عفان مرّ بأيام الفتوة ول مرت عليه فترة الصبا ،على مافيه من جاه ووسامة ،ووجاهة الثراء
والنتساب الرستقراطي،وكان وزنه الجتماعي أرزن من أقرانه ،وشخصيته أقرب إل مسالك الشيوخ ،فأضفى عليه
ذلك هالة من الوقار ف سن مبكرة.
وبالقارنة مع شخصية عمر ستبدو جليا حيوية عمر الت رافقته إل فجر اغتياله .كان عمر واحدا من أبناء البية
مشربا بتقاليدها ،وحياته متصلة بياة الناس البسطاء .وهم يعيشون على سطح طبقي واحد ،وحركته تشبه حركة
الناس العاديي ،وحركة عثمان تشبه حركة أبناء المراء ،فرأى الناس ف عمر بعد استخلفه صورة منهم ،وقد قلص
عمر الساحة بينه وبي الناس ،ول يكن سهلً على عثمان أن يترسم خطى عمر ،فيعسّ ف الليل ويفق بالدرة ويلتحف
الرمل ويلس على قارعة الطريق أو يقوم يهنأ بعيه بالقطران أو يعدو على قتبٍ باحثا عن بعي ند من إبل الصدقة ،أو
ينفي شابا وسيما لنه وسيم ،ولير ببال عثمان أن يسأل عن طفل يبكي طارقا باب أمه لعرفة أسباب بكائه ،ول كان
مكنا لعثمان حت مرد التفكي بسك ستارة معلقة على نافذة أحد ولته فيمزقها.
لقد نشأ كل منهما على إحساس طبقي واجتماعي وتربوي ،فصار عمر الاكم الوحيد ف التاريخ ،الذي ليس له
معارضة سياسية أو سجون سياسية .أما جهازه المن فكان مصصا لراقبة المراء والقادة والولة ورجال السلطة ول
يرج عنهم إل الناس.
أما عثمان ،ففي القسم الثان من خلفته تكاملت أسباب الدولة القائمة على فكرة التعال كما يقول هشام جعيط
ف كتابه (الفتنة) الصادر عن دار الطليعة.
ويرى أن عثمان كان ف أعماقه مسكونا بفكرة تعال الدولة ،الرتبطة بفكرة تعال ال .وأنه ل يكن مرد ألعوبة بي
يدي مروان .لعله التقاط ذكي وسيكون ميسورا لنا السؤال عما إذا كانت فكرة التعال إذا ارتبطت بفكرة تعال ال غائبة
47
كتاب عمر والتشيع
عن النب وأب بكر وعمر وعلي .وأغلب الظن أن فكرة التعال هنا ترتبط بطفولة عثمان وارستقراطيته ولصلة لا بغي
ذلك .كان عمر بن الطاب كاسبا ،وكان عثمان تاجرا كبيا تغن له النساء ف تنوية الطفال.
وكان تاريخ كل من عمر وعثمان متلفا ف الاهلية .إذ ل يذهب عثمان إل حلبات اللكمة ول يشترك ف
سباقات اليل ،ول يعرف عنه كثرة الشروب.
وف التحليل السيكولوجي ،كان عثمان بعد إسلمه يعان من أزمة وحرج اجتماعي ،وكان ف مأزق قيمي .إذ
خرج وحيدا من بن أمية إل السلم ف أيامه الول ،فخذل قومه ،وكانت آيات القرآن تصب اللعنة على الشركي
والنافقي ،والسلمون يعرفون أسباب النول ومن هو الفاسق والنافق ومدى قرابته من عثمان .وكانت قبيلة عثمان
تقود قريش ف حروبا ضد السلم ،وعثمان يول اليش السلمي بعدات القتال والنتقال وإن بلغت أرقاما ليس
لغي عثمان بن عفان أن يسدد قيمتها.
إن شعورا كهذا ل يدخل إل نفس عمر ،فهو من حي متواضع من أحياء قريش ،وقبيلته عدي ل يكن لا دور كبي
ف الروب ضد السلم ،وأن عمر نفسه أعطى جهده للدفاع عن معتقدات قبيلته ،فلم يسلم ف وقت مبكر .ول يترك
أقرباءه يقاتلون اليش الذي انتسب إليه كما هي حال عثمان .حت إذا أسلم ل يكن هو من أوائل الارجي على
قبيلته ،وقد أسلم قبله ابن عمه زيد وأخته فاطمة .فليس لديه شيء من الحساس بالذنب والث أو من عتاب الضمي
فيما يتعلق برحلتيه الاهلية والسلمية.
وكان من الطبيعي ،وعثمان تت ضغط هذا العامل النفسي ،أن يعوض بن قومه عما فاتم ليضي نفسه قبل أن
يرضيهم ،فكان سخاؤه عليهم يوازي به سخاءه على اليش السلمي .ولدى عثمان مسوغ .فأقرباؤه قد أعلنوا
إسلمهم والسلم يب ما قبله.
فتيسرت أو لعله هو الذي يسر الوسائل الادية والشرعية استنادا إل موقعه وصلحياته لتسيي الال وسواه لن يعتقد أنه
مطلوب ولو نفسيا لرد ماعليه من ديون أدبية أكثر منها مادية .ول يكن عمر قد م ّر بذات التجربة.
ومن مطوء الحكام والتقويات التاريية شيوع القول بضعف عثمان ،وكأنه ل يلع ولة قريش القوياء مثل
الغية بن شعبة وعمرو بن العاص ،وسيعد عثمان أكثر جرأة أدبية وقوة إرادة عندما يعي عبد ال بن أب سرح واليا
48
كتاب عمر والتشيع
على مصر ووليد بن عقبة واليا على الكوفة ويعب مشاهد ورسوما لعمر فعطل قراره بإمساك قريش والصحابة الكبار
عن مغادرة الدينة ،والنتشار ف البلد الفتوحة ،وفتح أمامهم آفاقا جديدة.
ومنعت عثمان عن النول إل الحياء والصفق ف السواق نزعة ارستقراطية بتعبينا العاصر ،تقابلها نزعة شعبية
لعمر هيأته لسن قواني ف الضمان الجتماعي ورعاية الطفال الرضع ومنع الجتماعات السرية.
كان عمر من طبقة أو من حي بلغة العرب هو دون حي أمية ،وكانت له أعرافه وملعبه وكان عثمان ينحدر من
سللة لا أعراف صارمة وليست لا ملعب مفتوحة.
السلم وقريش:
خرج منها السلم إل العال وخرج عليها وخرجت عليهِ ،وحي قرر النب الجرة التحق منها نفر معدود وعاد
إليها بعد ثان سنوات وعديد جيشه اللوف ،فخُيّل لبعض أنصاره أن فتح مكة سيكون ناية قريش فيما كان الفتح
بدايتها الديدة ونَصرها الؤزر (وهي الكسورة) وخيوط حلمها ف دولة ليست لوثان الكعبة بل على أرض الزيرة
بشاركة خاصة ورقابة صارمة من السماء والاكمون ُه ُم ُهمُ.
واللفة ف قريش ،وهذا بعض س ّر ما وراء قرار القائد القرشي حامل الهمة السماوية والكلّف اللي ،بإصداره
عفوا عاما عن مقاتليها وزعيمهم ،ول يستثن سوى أحد عشر رجلً وجدوا طريقهم فيما بعد إل الرية وصوت النب
يعلو والفرح يل قلبه...ل يُقت ُل قرشيٌ صَبا بعد اليوم.
ومنذ الجرة والكتاب النل يقدّم الهاجرين ف تسلسل الية قبل النصار.
ول يهجرُ النب انتسابه القرشي ف متدم الصراع مع قريش ،فيسأل شاعره حسان بن ثابت ...كيف تجو قريشا
وأنا منها؟.
فيقول حسان :أَسّلكَ كما تَسّلُ الشعرة من العجي يا رسول ال.
وف نفس النب لو كان هذا العجي بل شعرة .صافيا للسلم .وقد تقق ذلك ف فتح مكة.
ب مترامي الحياء والبيوت ينفرد بصائص ل تتوفر لغي شعب
ش ُر ف مصنفات القبائل ،وهي شع ٌ
إن قريشا لتُح َ
قريش ف الزيرة ،وتقوم على الهارة ف السياسة والقتصاد .وتتاج السياسة إل الدبلوماسية ،فإذا أخفقت كانت
الرب وقريش تعرف هذا الفن وذاك.
49
كتاب عمر والتشيع
وهي ف اقتصاد الزيرة مثل وول ستريت ف أمريكا والِست ف لندن.
وشخصية القرشي أميلُ إل الواقعية بفعل السياسة والقتصاد وأفصح ف التعبي عما يسمى بالباغماتية مع شيء
من الوعي الستراتيجي والقدرة على التكيف والتأقلم مع الواقع.
وهذه من خصائص التُجار ،وقد يُفسّر منحى قريش هذا أنا كانت تفتقر إل الشعراء ،وأن أبناءها ل يُهيموا ل ف وادي
عبقر ول ف وديان عذرا.
فإذا ظهر منهم شاعر كبي كعمر بن أب ربيعة بعد عقود ،كان الرجل زعيم الواقعية ف الغزل.
إن السلم ُوِلدَ ف قريش ،لكنها ل تكن الاضنة الوف ،مثلما كانت الوس والزرج وقبائل الدينة ،فإذا انتصر
السلم حصدت ،وهي الاسرة ،ثار النتصار.
إن قريش منذ فتح مكة وتوّل زعمائها وقادتا إل السلم صارت الالك الرسي للمركز الول ف الدولة .ل
يقترب من هذا الوقع قرشيٌ غي مُعتقد بق الرومة ،حت أقرّ عُمر وهو ف منعطف تأسيسي بعد وفاة الرسول وثيقة
خطية بإعلن سيادة قريش ف الدولة السلمية واللفة فيها وليس ف غيها.
أمّا المام علي ،وهو من زعماء قريش وفرعها السلم بن هاشم ،فقد استوعب معن العفو الحمدي عن قريش
بعد فتح مكة ،لكن قريش ل تستوعب رؤيته على منصة الزعامة.
وما ساعد قريشا ف استرجاع مكانتها إل جانب العفو النبوي تلك القاعدة الفريدة ف السلم الذي يب ما
قبله .أي يدفن ماضي السلم ليس ف حفرة بل ف ُجبٍ عميق وتدفن معه موبقات الفعل والقول وأدوار وصراعات،
فقطع النب على متمعه الديد أية ماولة لتذكي بعضهم بتاريخ بعض.
أما علقة عمر الليفة بقريش فقد اتهت نو منحىً آخر ،فبعد قرار منع السفر الذي أحال بي رجالا والنتشار
ف البلد الفتوحة حُلما ف بناء إقطاعيات ومراكز تارية ،ما يضعف قوة الراكز ف دولة مترامية الصقاع وف آليات
اتصال بدائية ،توترت العلقة بي عمر وقريش ،فوقف ف منفذ حدودي هو شِعب الرة قائلً :إنه سيأخذ قريشا من
حلقيهما.
وكان رد قريش عليه بالفخر ف انتسابه ليٍ متواضع منها وعدم مشاركة قبيلته عدي بدور كبيٍ ف الروب،
وهي تعبّر عن نيةٍ غي صافية عندما تكنّيه بابن حنتمة بأحاديثها الاصة.
50
كتاب عمر والتشيع
ذكرنا أن عمرو بن العاص بعد فتحه مصر قد تعرض لساءلة ماليّة ،وكان مندوب عمر إليه ممد بن مَسلمة،
فاستكثر ابن العاص ذلك ،فغمز عمر قائلً :كنت أراه وأباه وعلى كل واحدٍ منهما عباءة قطوانية ل تستر ركبتيهما،
وكان العاص بن وائل (والده)على مزرارة الديباج.
وكان آخرون يكررون عليه كلما مشابا :فقد كنت وضيعا فرفعك ال ،وراعيا فحملك على رقابنا.
إن انتقادات قريش لعمر ل ترتفع نبتا بعد إعلن إسلمه ،وإنا بعد إعلن خلفته.
أمّا موقفهما من المام علي فقبل استلمه اللفةِ وبعدها .لسيما وقد مال نو أحياء وقبائل ل يكن لا نفوذ
قريش.
كان عُمر يستخدم طريقتي ل يشأ المام علي السي فيهما .رغم أنه ل يعترض عليهما ،ينقل طه حسي ف (الفتنة
الكبى) حوارا بي المام علي وعثمان يتج فيه المام على تقريب الخي أقرباءه ف المارة والوليات ،فيقول عثمان
لعلي :إن عمر ولّى الغية بن شعبه على الكوفة والبصرة ،وولّى معاوية على دمشق ،فقال له المام علي :إن عمر كان
يراقب ولته وييفهم وإن ولتك يستبدون بالمر من دونِك.
وعندما قيلَ :إن المام علي عيّن ثلثا من أبناء عمه ولًة قال طه حسي :إن سية علي مع ولت ِه من بن عمه هي سية
عمرُ ،فكان شديدا عليهم ،مراقبا لم ،ل يتحرج عن عزلم إن قصرّوا .على حي ل يعزل عثمان واليا من بن أمية وآل أب
معيط إ ّل حي أكرهته المصار على ذلك.
كان هدف عمر تطويع قريش بإشراكها ف إدارة السلطة والفادة من مهاراتا ف السياسة والقتصاد والرب
والدارة ،فأخذ منها ما يستفاد منه ف بناء الدولة الديدة ف الوقت الذي كان فيه زعماء قريش تت إمرته وطوّع
يديه.
وإن كان التذمر القرشي واضحا ف رؤي ِة من كانوا ف عداد العبيد ،أصحاب قرار وأمراء وول ٍة وقضاة ومندوبي
عن الليفة مُخولي بنع عمامة خالد بن الوليد وربط يديه با من اللف كما فعل بلل بأمر من عمر الذي كان يقدّم
اسم بلل أو سلمان الفارسي على أب سفيان عند القابلت.
ل ينهج علي نج عمر ف الستفادة من قريش ،ول كانت قريش لينةً طائع ًة معه ،كما كانت مع عمر ول هي
ستخضع لقرا ٍر يصدر من الليفة علي بن أب طالب بعزل أحد رجالا عن ولية أو إمارة وليس لحدٍ منها أن يستسلم
51
كتاب عمر والتشيع
لعمار بن ياسر ف ولية المام علي ،كما استسلم زعماء قريش لحمد بن مسلمة النصاري ،عندما كان يشاطر بعض
أموالم لصال بيت الال.
إن مرونة عمر مع قريش أوسع من مرونة المام علي معها ،وشدة عمر عليها أكثر من شدة المام ،ول يكن
المام علي يوافق على مرونة واسعة كهذه ،ول تكن قريش ستقبل منه شدة كتلك عليهم.
ومُختصر القول :إن المام علي ما كان يرضيه رؤية التنفذين من قريش نافذين ف السلم ول كانت قريش قد
استكانت لمامته منذ اليام الول ،فلم يتهيأ للمام علي الستعانة بم فيستخدم الرونة أو الشدة ،وليس أمام المام
قبل انشقاق قريش عليه ،متسعٌ شرعي وقد أعلنوا إسلمهم وتقبله النب (ص) بعد فتح مكة .والمام علي مُريد قبل
أن يكون وبعد أن يكون حاكما أو ثائرا.
حلقيم قريش
عُمر منها لنه قرشي ،من القائلي بدور أساسي لا ف إدارة الدولة الديدة ،وهو ليس منها ف النوع القرشي نو
السيادة والستحواذ ما يتعارض مع مبدأ العدالة ،حينها سيكون مع العدالة على قريش .فرضيت على سياسة عمر
حينا وغضبت عليه أحيانا.
إنّ عُمر الذي وَضَعَ موضعَ التطبيق شعارَ اللفة ف قريش ،فجال على بيوت الصحابة ،وخاض أخطر معركة ف
تاريخ السلم بعد وفاة النب (ص) ،ليأخذ البيعة للقرشي أب بكر ،وُيفِهمَ النصار أن اللفة ستبقى ف قريش ،هو
الذي قال( :سآخذ قريش من حلقيمها).
وإذا كان يُعزز من نفوذ قريش ،أو على القل ل يُهمل رجالَا من الذين تأخر إسلمهم ،فإنه كان يُحذر من
فتيان قريش ذوي الرومة فيها ،وهو الذي حجرَ عليها وعليهم ،ومنعهم من مغادرة الدينة ف أول قرار يصدر ف
تاريخ العرب بنع السفر.
غي أن عمر ل يكن على وفاق تام مع هذه الفئة ومثلها القوى الفرع الموي وسياسة عمر إزاء قريش أن يُرخي
سمَ ":لئن عشتُ لذه الليلة من قابلٍ ،للقنّ أخرى الناسَ بأولهم،
ويَشدُ،يُعطي ويُراقب حت إذا امتلت بالثروة أق َ
حت يكونوا بالعطاء سواء".
وف رواية أخرى يقول:
52
كتاب عمر والتشيع
إن رسول ال ق َدرَ فوضع الفضولَ ف مواضعها ،وتبلغَ بالتزجية ،وإن قدرت فو ال لضعنّ الفضول مواضعها ول
تبلغنّ بالتزجية.
أي أن يأخذ الموال الزائدة ويتبلغ بالتزجية كنايةً عن عيش الكفاف.
وقد خَُبرَ عُمر حياة قريش ورجالا ،و َع َرفَ ما يستبطن رجالا فاستبطنهم ،وتدث فيهم حديث عال النفس،
ورسم شخصياتم بأسلوب الروائي العاصر ،وكان أمينَا على علمهِ وخبتهِ ،فيعطي الرج َل منهم ف السلب والياب،
فعنيت فئة بسلبه وأخذت أخرى بالياب .ول يت عمر حت ملّته قريش كما يقول الشُعب.
وعمر كما يقول الوردي يتهم أشراف قريش بأنم ل يلصون ف الهاد للسلم وليعرضون أنفسهم للموت ف
سبيله.
يقال :إن خالدا بن الوليد رأى عكرمة بن أب جهل (وهو ابن عمه) مصروعا ف إحدى معارك الشام فوضع رأسه
على فخذه ،وأخذ ينظر إليه ويقول ":زعم ابن حنتمة أننا ل نستشهد ".
يقول الطبي :إن قريشا ملت عمر بن الطاب ،فهو قد حصرها ف الدينة ومنع عليها التجول ف
المصار ،وقال بصريح العبارة :أل إن قريشا أن يتخذوا مال ال معونات دون عباده .ألّ فأما وابن الطاب
حي ،فل ،أن قائم دون شعب الرة آخذ بلقيم قريش .وحجزها أن يتهافتوا ف النار.
ومن الغرائب الت قام با عمر ،والكلم للوردي ،أنه عيّن عمار بن ياسر واليا على الكوفة ،وعيّن سلمان
الفارسي واليا على الدائن ،ول يكن ذلك هينا على قريش.
يقول طه حسي:
كان زعماء قريش وسادتم يسون أنم الطلقاء ،وأنم أقل درجةً من الذين سبقوا إل السلم وأبلوا فيه بلءً
حسنا ،فكان ذلك يغيظهم ويفظهم ويشعرهم بشيء يشبه ما نسميه عقدة النقص أو مركب النقص.
ث كانوا يعرفون رأي عمر خاصة فيهم ،فكان ذلك يغيظهم من عمر ،ويدعوهم إل أن يسنوا البلء ف الهاد،
ليظهروا لعمر أن رأيه فيهم جائر ،عن القصد ،وليظهروا ذلك للناس ،وليظهروا ذلك لنفسهم قبل أن يظهروه للناس.
وهذا هو تأويل ما روي من أن خالد بن الوليد أتى بعكرمة بن أب جهل ،وقد صرع ف يوم من أيام الشام ،فوضع
رأسه على فخذه وجعل ينظر عليه ،ويقول:
53
كتاب عمر والتشيع
زعم ابن حنتمة أننا ل نستشهد! وابن حنتمة عمر.
كان عمر إذن يسوس قريشا هذه السياسة العنيفة على علم بدخائل نفوسها وبعد هها وحرصها على الستمساك
با بلغت والوصول إل ما تبلغ ،حت ولو خاضت إليه الغمرات خوضا.
وقد روي أن النب رخص لعبد الرحن بن عوف ف لبس الرير لكّة كانت به ،فيُقبل عبد الرحن ذات يوم على
عمر ومعه فت من بنيه قد لبس قميصا من حرير,فينظر إليه عمر ،ث يقول :ما هذا؟ ث يدخل يده ف جيب القميص
فيشقه إل أسفله.
قال عبد الرحن :أل تعلم أن رسول ال (صلى ال عليه وسلم) ،قد رخص ل ف لبس الرير؟.
قال عمر :بلى! لشكوى شكوتا ،فأما لبنيك فل.
وعلى هذا النحو ،كان يشفق على الهاجرين أن يتوسعوا فيما رخص لم فيه النب (ص) ،ويشفق على غي
الهاجرين من قريش أن يتوسعوا حت فيما ل يرخص فيه النب (ص) .وقد قام عمر دون معاوية يأب عليه غزو البحر
إشفاقا على السلمي من هوله.
وأكب الظن أنه كان يرى غزو البحر هذا الذي كان معاوية يلح فيه مغامرة من هذه الغامرات ،الت ل تترد
قريش ف ركوبا ،وكان يرى أن الق عليه للمسلمي أن ينبهم مغامرات فتيان قريش.
نستنتج من لئحة ع َرضَها طه حسي لعمّال عُمر ف المصار أنه أعطى لقريش ثلثة عُمّال من بي ( )12عاملً،
ووزّع السؤوليات الخرى على عمّال ،واحدةٌ لزاعة ،وثلثة لثقيف ،وواحدة لليمن ،وواحدة لبن َسهْم ،وواحدة
للنصار وواحدة لكنانة.
لكن أيا من هؤلء ال ُعمّال عندما يسمى ،فسنكون أمام الساء ذات الدوار الكبية ف معسكر قريش سابقا ومعسكر
السلم لحقا من نصفهم اليوم بالتكنوقراط كعمرو بن العاص ومعاوية بن أب سفيان وأب موسى الشعري..
وقد أقرهم عثمان على أعمالم لدة عام بوصية من عُمر ،فقد أشفق عُمر كما يقول طه حسي أن يتعجل المام
َبعَده ف الستمتاع بالسُلطان ،فيعزل ويولّي ويقطع بذلك ما استأنف العمال من أعمالم ،ويضطرب لذلك أمر
السلم والسلمي ف المصار والثغور.
54
كتاب عمر والتشيع
وف استقرائنا للسباب العتمدة ف سياسة العزل والتعيينات ل نعثر على حالة واحدة كان سبب العزل فيها
سياسيا ،ول عثرنا ف أسباب التعيي على دافع سياسي أو شخصي وكانت مسافته واحدة مع رجال الدارة عند
ترشيحهم للتعيي وعند عزلم لسببٍ ما.
وف سياسة التعيينات تبز ثقة الرجل بنفسه ،وهو ييطها بقادة عسكريي من الطراز الول ،ودهاة يصعب على
غي عمر ترويضهم!.
ويردّ علي الوردي على من ينكر على عثمان سياسة التعيينات ،لن عمر هو الذي عيّن معاوية ،فيقول :إن
معاوية مع عمر هو غيه مع عثمان " أوشك الوردي أن يرى معاوية ف زمن عمر مكوما ومع عثمان حاكماً
عمر وخالد بن الوليد
لشيوع الرواية بعزل عمر بن الطاب خالدا بن الوليد مرتي ،كنا نؤثر عبورها وقد اشبعت نقاشا ونقدا ودفاعا.
فالدرسة السلفية تنفي أو على القل ل تقترب من قصة زواجه من زوجة قتيله مالك بن نويرة ف حروب الردة .وقد
تسبها من فعل أعداء السلم ،وتصر الشكال بي الثني با نصح به عمر بن الطاب أبا بكر الصديق بتقليص
صلحيات الولة والمراء ومنهم خالد بن الوليد ،وأن ليعطي شا ًة مال يرجع إل الليفة .فرفض خالد بن الوليد تديد
صلحيات.
ولتتعرض الكتب السلفية لرواية تقول :إن عمر بن الطاب أبلغ بواسطة بريده الاص أن خالد بن الوليد يتدلك
بالمرة ،فكتب عمر" :أن ال قد حرم ظاهر المرة وباطنها ومسّها ،فل تسوها أجسادكم".
فأجابه خالد "إنا قد فتناها فعادت غسولً ،غي خر".
ول يعجب عمر هذا الواب ،فرد عليه مغضبا ،كما يقول ممد حسي هيكل" :إن آل الغية ابتلوا بالفاء فل
أماتكم ال عليه " .وف قصة تبعه للشعث بن قيس بعشرة الف درهم اعترض عمر أن هذا الال يب أن يبس على
ضعَفةَ الهاجرين وليس أعطيات لذوي البأس والشرف واللسان .فيما كان عمر يفرض عليه أن ليعطي شا ًة أو بعيا
َ
إل بأذنه .فكان جواب خالد أما أن تدعن وعملي وإل وشأنك وعملي.
وسح عمر لبلل أن يأخذ عمامة خالد ويشد با يديه من اللف.
55
كتاب عمر والتشيع
ول نظن أن عمر بن الطاب قد فعل ذلك مع عامة السلمي ،ومازلنا نتذكر غضبه على أب موسى الشعري لنه
شهر بشارب المر الذي شكا الشعري عنده ،وكان واليا على البصرة .فطلب إل الوال العتذار منه وقبول شهادته
إن تاب وعوضه بال عما لقه من إهانة .فكيف يهان خالد بن الوليد بسلسلة من التامات تتدرج ف لئحة التام
على الصورة التالية :تمة قتل مالك بن نويرة ،ول يكن من أهل الردة.
زواجه من أرملة مالك.
استحمامه بالمرة.
تبعه بعشرة الف درهم للشعث بن قيس.
فإذا أضفنا إليها لئحة أخرى من هذا الغرار يستعرضها خليل عبد الكري ف كتابه إياه واتامه بقتل النساء
وحرق البيوت ف غزواته ،فسيكون خالد بن الوليد نوذجا لضابط إفريقي أو من أمريكا اللتينية وما إل ذلك من ل
يلتزمون بأخلقيات العسكر.
وف اعتقادنا أن الكثي من هذه الروايات مردود لتعارضه مع طبيعة الياة ف تلك الرحلة البكرة من بدء التطبيقات
التجريبية للسلم وتت إشراف عمر شخصيا .ولعلي أنفي بعضها على القل ،لسيما رواية استحمامه بالمرة والوار بي
عمر وخالد حولا ،وكأن خالد ناشيء ل يعرف موقف السلم من المرة ،أو كأن صاحب الرواية يصوّره على صورة
أباطرة الشام ف وقت ل يكن لؤلء الباطرة حامات من هذا القبيل .وانفي عن خالد أن يقتل امرأة ضعيفة .أما ما حدث
ف قتل مالك فالقاعدة الفقهية تقول :إن السلب للقاتل .لكن عمر ل يقتنع بذه السوغات.
أما من قتل خطأ ف غزوات خالد ،فالعروف عسكريا حت ف الناورات ،سقوط عدد من القتلى بالنيان
الصديقة.
ول يأسف القائد العسكري على قتلى يقعون من قبل جيشه ،وفقا لقاعدة النيان الصديقة.
ل فيطيعه ،هو
إن رجلً عسكريا بجم خالد بن الوليد يتقبل إمارة من يصدر الليفة قرارا بتأميه حت لو كان طف ً
طراز مترف من الذين وهبوا عبقريةً عسكرية تون أمامها أخطاء القادة.
يروى عن خالد بن الوليد بعد أن عزله عمر بن الطاب ،وكان أميا على قنسرين ف بلد الشام:
لقد استعملن على الشام حت إذا كانت بثينة وعسلً عزلن.
56
كتاب عمر والتشيع
فقام إليه رجل فقال:
أجد أنا الفتنة
فقال خالد :أما وابن الطاب حي فل.
والبثينة هي النطة .وعلى لونا سيت النساء بذا السم.
الغية وأم جيْل:
نعتمد على مصْدر من مؤسسي الدرسة الصرية العروفة برجعيتها العادلة ومنهجها العلمي وتساميها عن
شطحات الفِرق وغ ّل الرواة ،فيقول ممد حسي هيكل ف كتابه الفاروق عمر بطبعته العاشرة" :إن أم جيل كانت
إحدى نساء بن هلل وأنا كانت تغشى المراء والشراف فغشيت الغية بنِ شُعبه ،وهو على ولية البصرة فأطعنه
ق قصة أم جيل هذه ،وأنا كانت تغشى المراء والشراف ويقول:
فيها قوم عند عمر فعزله عن وليته ِ .والطبي يسو ُ
ض النساء يفعل َن ذلك ف زمانا ،أي ف عهد عُمر.
وكان بع ُ
فأُستدعي الغية لحكمةٍ عُليا برئاسة عُمر ،فشهد ثلثة ضد التهم ،وارتبك الرابع وتلجلج حت قيل ف ذلك
كلم خطي أن الشاهد رأى ف وجه عُمر ملمح من عدم الرضا ومن الرج إذا ما ثبت ذلك على بن شعبة وأقيم
عليه الد ،فصدر القرار بباء ِة التهم وما يترتب على كذبِ الشهود من حد ،لكن عُمر ل يوافق على إعادة الغية إل
ولية البصرة وأبقاه ف الدينة.
يقول علي الوردي ف عدالةٍ كهذه ،وهي وجهة نظر لفكرٍ خالص النية لوجهِ العلمانية "إن الذي يريد أن يعدل
بي الناس يب عليه أن يراعي مشاعرهم قبل أن يراعي نص القانون ،فالنص القانون قد يستخدمه العادل والظال
معا".
عمر ومكمة نورنبغ لب سفيان:
خرجت مكمة نورنبغ الت شكلها اللفاء ضد مرمي الرب النازيي بعد سقوط برلي ،تنفيذَا لتصريح أصدرته أمريكا
وفرنسا وبريطانيا والتاد السوفيات ضد مرتبكي الروب العدوانية،من كونا خاصة بالظرف الذي ظهرت فيه إل سابقة
دولية .وقد أوشك عمر بن الطاب أن يعقد مكمة على هذا الغرار ،لو ترك له اليار عند فتح مكة ،لحاكمة مرمي الرب
من قريش ،وف القدمة منهم أبو سفيان بن حرب.
57
كتاب عمر والتشيع
لكن شفاعة العباس بن عبد الطلب أو دوره حال دون ذلك.
كان العباس يشى أن يدخل الرسول مكة عنوة قبل أن يستأمنوه حت ل تلك قريش آخر الدهر .فخرج على
بغلة رسول ال البيضاء .وطلب إل المام علي أن يبعث بعض الصحابة أو الارة فيخب أهل مكة بكان رسول ال
ليأتوا إليه ويستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة.
وإذ كان يسي عليها ويلتمس ما خرج له ،فإذ سع صوتا لب سفيان وبديل بن ورقاء وها يتراجعان ،وأبو سفيان
يقول :مارأيت كاليوم قط نيانا ولعسكرا.
فعرف العباس صوته ،وقال :ويك يا أبا سفيان .هذا رسول ال ف الناس ،قال :فما اليلة؟.
قال العباس :لئن ظفر بك ليضربن عنقك ،فاركب معي هذه البغلة حت آت بك رسول ال ،فأستأمنه لك .فركب أبو
سفيان خلف العباس ،وكلما مروا بنار من نيان السلمي ،قالوا :من هذا؟ .فإذا رأوا بغلة رسول ال قالوا :ع ّم رسول ال
على بغلته .حت مروا بنار عمر بن الطاب (والنار تعن الاجز العسكري) .فقال من هذا؟ .وقام ،فلما رأى أبا سفيان على
عجز البغلة ،قال عمر :أبو سفيان عدو ال .المد ال الذي أمكن ال منك بغي عقد ول عهد ،ث خرج يشتد نو رسول
ال ،وركضت البغلة فسبقته .فدخل العباس على الرسول .ودخل عمر ،فقال :يا رسول ال .هذا أبو سفيان .فلضرب
عنقه .فاعترض العباس قائلً :يا رسول ال إن أجرته فجلس إل جانب الرسول .وأقسم أن ل يناجيه رجل دونه .وكان
عمر يكثر ف شأن أب سفيان ويفصل القول ،وكأنه مدع عام .يتلو حيثيات الرية .فأوقفه العباس وغمزه قائلً :أما وال أن
ل يا عباس.
لو كان من رجال عدي بن كعب ما قلت هذا .ولكنك عرفت أنه من رجال بن عبد مناف .فقال عمر :مه ً
وال لسلمك يوم أسلمت أحب إل من إسلم أب لو أسلم.
فأمر النب (ص) بإرسال أب سفيان مع العباس ،وبات عنده .ول يكن أبو سفيان قد أسلم حت صباح اليوم التال.
أقول :لو جرى تثقيف الناس بتاريهم لعلم خلق مهموم بربط عمر حت هذه اللحظة بتاريخ المويي أن الرجل وحده
عند فتح مكة كان مهموما بإنزال القصاص بأب سفيان وجاعته .لكن لرسول ال رؤية إلية.
عمر والسلفية:
السلفية مدرسة أخلقية أكثر منها علمية .وتاريية أكثر منها سياسية .ومافظة أكثر منها متحركة .ومن يتعامل
مع جانبها الخلقي سيكتشف فيها دعوة للسلم الهلي ،لكن ف بطون التاريخ .فهي تيل إل التسوية بي الفرقاء
58
كتاب عمر والتشيع
وتدعو إل نظرية وحدة الصحابة وعدالتهم ول تتساهل مع اختلف الناس على رأي ييل لذا عن ذاك.
ف السياسة السلمية كانت السلفية منهجا وفكرا ورجالً هي الفضلى عند أهل السلطة ،مادام السلفيون ل
يتحرشون بأمن الدولة ،خوف الفتنة .وف الق أنم يرصون على أن ل تضيع الدولة ،وليس على السلطان ذاته.
فكيف هي مع السلطان الظال مادامت ل تقرّ بظلمه؟.
وجوابا أن ظلم السلطان ل يلغي إسلم الدولة ،فالسلطان قد يكون ظالا ،وقد يكون بعيدا عن التزاماته
الشرعية ،لكن الجتمع إسلمي .والياة إسلمية ،والقضاء إسلمي والدولة إسلمية.
إن أحكامهم منعكسات لقناعات إيانية .وهم حسنو الظن برجال صدر السلم وإن اختلف بعضهم عن بعض.
وقاتل بعضهم بعضا .وليس صحيحا أن السلفيي أعداء للمام علي وكارهون لهل البيت ،إل من كان منهم ناصبيا
سفيان الوى ،وليس منهم من يفضل معاوية على المام علي ،وهم ملتزمون بقاعدة التراتب الرباعي .ومن خرج عن
هذا التراتب خرج منهم .وقد ل يرضيهم ف كاتب السطور أنه من ل يأخذ بنظرية التراتب الزمن للخلفاء.
أما منتقدو النهج السلفي ،فهم ليسوا فقط الخذين بالنهج العلمي الديث ،ف دراسة التاريخ .بل هم أولً
النتمون إل الدارس الثورية ف الفرق السلمية ،ومنهم مفكرو التشيع.
لقد واجهت السلفية أربعة اتاهات نقدية صارمة ف البلد العربية .كالنهج العلمي الليبال لدرسة طه حسي.
والنهج الاركسي الذي سار عليه اليسار العرب كحسي مروة وهادي العلوي وأحد عباس صال وصادق العظم
وآخرين .ث منهج العلمانية النقة الت ظهرت مؤخرا بتحريضها على القدس .واستخفافها بالدين والروح والغيب ،ث
مدرسة التشيع وهي القدم ف التاريخ.
ولو أريد ل أن أفصح عن ميل لنهج أرجحه فليس سوى منهج طه حسي والدرسة الصرية .وواقع الال أن
الركات الدينية والسياسية ف أيامنا هذه ل ترج عن الفهم السلفي للتاريخ الاص با ،فإذا كان السلفيون السنة
يرون ف الصحابة سلفهم الصال ،فالئمة الثنا عشر عند أهل التشيع هم السلف الصال القدس العصوم .كما
للساعيليي والزيديي سلفهم الصال .وللماركسيي سلفهم اللينين الاركسي الصال وياول أصحاب الشروع
القومي العرب أن يتفقوا على سلف صال لم.
59
كتاب عمر والتشيع
ولو اعتن هؤلء القوم بياثهم العرب السلمي الذي أغفلوه ،لكتشفوا ف عمر بن الطاب ما توصل إليه أبو
عمرو الاحظ ف كتاب (العثمانية) وقد بدا له الرجل متعربا .والتعرب ف لغة عصر الاحظ هو مب العرب ،والنافح
عنهم كيد أعدائهم .ومانع السب عن نسائهم .وراسم خارطتهم القومية الول .والتعربون غي الستعربي ،ولو كان
دعاتنا متعربي لعلوا عمر بن الطاب سلفهم الصال.
مستطـرف الرعية
هوم العقيدة والكينونة البشرية
60
كتاب عمر والتشيع
احترام الكرامة النسانية
كان لعمر والٍ على الية يكثر من الزل ،وقد حدث مرة ،أن دعا رجلً ،فأمال عليه بالطعام والشراب ،مادعا
ل ما
به ،فمسح بلحيته ،فركب الرجل من العراق إل الدينة ليشكو عمر قائل :لقد خدمت كسرى وقيصر فما أتى إ ّ
أتى ف مُلكك .قال :وماذاك؟ قال :نزل ب عاملك فلن فأملنا عليه بالطعام والشراب مادعا به ،فاحتبس الزل فدعان
فمسح بلحيت .فأرسل إليه عمر ،فقال :هيه؟ أمال عليك بالطعام والشراب مادعوت به ث مسحت بلحيته؟.
وال لول ،أن تكون سُّن ًة ماتركت ف ليتك طاقة إلّ نتفتها .ولكن اذهب فو ال ل تلي عملً أبدا.
وأبلغ عمر أن قائدا عسكريا كان يمع رجاله ويطلب إليهم أن يبوه بكل ذنب أذنبوه ،وهم يعترفون بذنوبم
طاعة له ،فقال عمر :ماله ل أم له يعمد إل ستر ستره ال فيهتكه؟ وال ل يعمل ل أبدا.
وكتب عمر لرجل كتابا بتعيينه واليا .فدخل الرجل عليه ،فرأى بعض أولد عمر ف حجر أبيهم يُقبلّهم ،فقال الوال
الرشح مستغربا :تفعل هذا يا أمي الؤمني؟ فو ال ما قبلّت ولدا ل قط! .فقال عمر :فأنت وال بالناس أقل رحة ،لتعمل
ل عملً ،وردّه ،ول يستعمله ..أي ألغى قرار تعيينه!.
وعزل قائدا عسكريا أمر أحد جنوده أثناء فتح فارس بالنول إل النهر ف يوم شديد البد لينظر للجيش ماضة
يعب منها ،فتوف الرجل بعد دخوله الاء ،وكان عمر يتجول ف سوق الدينة حينما بلغه الب ،فاستدعى أمي اليش،
ووبّخه قبل عزله.
إعفاء العيل من خدمة العلم:
أعفى عمر بن الطاب العيل الوحيد لبيه من الذهاب إل الهاد إل بوافقة أبيه ،وكان قانون التجنيد اللزامي
العراقي قد أخذ بذا البدأ بإطلق ،واستمر العمل به إل أن استلم السلطة الرئيس صدام حسي فعطّل هذا الستثناء
العُمري اللّب ،ومازال العمل مستمرا به ف نظام التجنيد اللزامي السوري حاليا.
ل عاجزا ،فالتقى مع عمر بن الطاب وقرأ له
وملخص الرواية أن شابا اشترك ف فتوح الشام تاركا والده كه ً
أبياتا كتبها إل ابنه خراش.
أل من مبلـغ عنّي خراشـا وقـد يأتيـك بالنبـأ البعيد
61
كتاب عمر والتشيع
أل فاعلم خراش بأن خي الـ مهاجـر بـعد هجرته زهيد
كمخضوب اللبـان ول يعيد رأيتـك وابتغـاء البّدونـي
فتأثر عمر وكتب بعودة خراش إل أبيه وأمر بأن ل يغزو من كان له أب شيخ ال بعد أن يأذن له.
أبو العيال ياطبُ الذاهبي إل الثغور:
" ولكم عل ّي ألّ ألقيكم ف الهالك ول أجركم " أي أبقيكم مدةً طويلة " ف ثغوركم ،وإذا غبتم ف البعوث ،فأنا
أبو العيال .حت ترجعوا إليهم "
ولنه أبو العيال أصدر قرارا بنفي نصر بن الجاج فاتن النساء ،حرصا على نساء الجاهدين .وهو يقول:
" لو سَلمن ال لدفعنّ عن كل أرملةٍ بيث ل تتاج لحدٍ بعدي".
والرملة كما هو العروف عندنا ،هي من فقدت زوجها ،وكانت الرأ ُة ف العصور الت صُنعت فيه اللغة العربية
تلتصق بالرمال عَوزَا وفقرا لفقدِ مُعيلها فيعلوها الرمل ...و تترمل!
يوع ما جاع الناس
اشفق عليهم بسّري وعلنيت مااستمرأوا الترف وما رددوا اسم عمر ،وهم سلطي الاضر ،الذين يتدللون على
الزمان كما اشتهت شهواتا قبّ البطون وحام على قول القائل ،فإذا حاربوا فقراء شعبهم شهروا ،عليهم سيفا
ينسبون لعمر ،وادعوا شهادة ل يفظونا حبا لعمر ضد الارجي عليه! وعمر ألصق بن وقع عليهم سيفه السروق،
واسه النتحل ،وإ ّل فما الذي يمع الترفي بانب من شخصية عمر ،وهم يرفعون لفتة شد الزام على البطون ف
سنوات الصار والوع وعمر يوع ماجاع الناس ول يشبع بشبعهم.
حدث بعدما اشتدت الجاعة أن جيء عمر ببز مفتون بسمن ،فدعا رجلً بدويا فأكل معه فجعل البدوي يتبع
باللقمة الودك إل جانب الصفحة ،فقال له عمر :كأنك مقفر من الودك؟ وأجابه الرجل :أجل! ما أكلت سنا ول زيتا
ل له منذ كذا وكذا إل اليوم .فحلف عمر ل يذوق لما ول سنا حت ييا الناس ،وظل على هذا العهد
ول رأيت آك ً
حت أذن ال فعاد الطر وزال عن الناس الدب.
62
كتاب عمر والتشيع
ب من لب ،فاشتراها غلم له بأربعي درها ،وذهب
وقد كان جادا ف هذا العهد كل الدّ .قدمت ُعكّة من سن ووط ٌ
إليه الغلم فقال له :قد أبر ال يينك وعظم أجرك .قدم السوق وطب من لب وعكة من سن فابتعتهما بأربعي .قال عمر:
أغليت فتصدق بما فإن أكره أن آكل إسرافا .وأطرق هنيهة ث قال :كيف يعنين شأن الرعية إذا ل يسن ما يسهم.
قال عمر لرسوله الذي بعثه يلتقي عي الشام ":أما ما لقيت من الطعام فمل به إل أهل البادية .فأما الظروف فاجعلها
لُحفا يلبسونا ،أما البل فأنرها لم يأكلون من لومها ويملون من ودكها ول تنتظر أن يقولوا ننتظر با اليا .وأما الدقيق
فيصطنعون ويرزون حت يأت أمر ال بالفرج".
ل يبعث عمر جباته عام الرمادة ليقبضوا الزكاة ،بل أخّرهم إل أن ارتفع الدب .فلما أطمأن الناس إل العيش
وكثرت عندهم مادته أمر الباة أن يسيوا إليهم وأن يأخذوا من كل قادر حصتي :حصة عن عام الرمادة ،وأخرى
عن العام الذي بعده ،وأن يقسموا إحدى الصتي على العوزين ،ويقدموا عليه بالثانية .بذلك زاد ف تفيف الفقر عن
الفقراء ،ث ل يرهق غيهم ول يملهم ما ل طاقة لم به.
عزل الصابي بأمراض معدية
رأى عمر امرأة مذومة تطوف بالكعبة فقال لا :يا أمة لو تقعدين ف بيتك ل تؤذين الناس فقعدت فم ّر با رجل
بعد ذلك فقال :إن الذي قد ناك قد مات فأخرجي فقالت :وال ما كنت ل طيعه حيا وأعصيه ميتا.
أهدى أبو موسى الشعري لمرأة عمر عاتكة بنت زيد طنفسة فرآها عمر عندها فقال :أن لك هذه؟.
فقالت :أهداها ل أبو موسى الشعري ،فأخذها عمر فضرب با رأسها حت نفض رأسها وطلب الشعري وأوت
به وقد أتعب وهو يقول :لتعجل عليّ يا أمي الؤمني.
فقال عمر :ما يملك أن تدي لنسائي ث أخذها عمر فضرب با فوق رأسه وقال :خذها فل حاجة لنا فيها.
يفظ عروبة السيحي حت ل ينفّره من السلم:
يقول ممد حسي هيكل ف الزء الول من كتابه "الفاروق عمر" وإنا أصر نصارى بن تغلب على أل يؤدوا
الزية إن كان ف قومهم عزّ وامتناع يرون ف أداء الزية آية خضوع ومذلة ل تليق بم ول تتفق وما عرف الناس لم
من إكرام وكرامة .وكرامتهم وقوتم ها اللتان جعلتا الوليد بن عقبة يريدهم على السلم ليكون لم به قوة ومنعة.
ولقد كان تشدد عمر معهم ف أمر الزية بادئ الرأي ث قبول صدقتهم مضاعفة بعد مشورة المام علي بن أب طالب،
63
كتاب عمر والتشيع
سياسة منه يمد عليها ،مع مالفتها لوقف أب بكر من أهل الردة ،ومالفتها لوقفه هو من أعدائه القوياء ف فارس
والروم .فبنو تغلب عرب ،وكان عمر حريصا على عزة العرب .ولئن أقام على نصرانيته منهم من أقام ليجعن هؤلء
جيعا إل السلم ولو بعد حي .والرفق ف هذا الوقف أبلغ .وقد دلت اليام على حسن فراسة عمر وبعد نظره إذ
نصرت تغلب السلمي من بعد نصرا عزيزا ،وأيدتم على أعدائهم ف مواقف كثية.
ل يكتف عمر بقبول الصدقة من هؤلء النصارى! بل رأى أن ما بينهم وبي الوليد بن عقبة من خلف قد يدفعهم
إل إخراجه فيضعف صبه فيسطو عليهم .لذلك عزله عنهم وأمر عليهم فرات بن حيان كيما يطمئن إل استتباب
المن واستقرار الطمأنينة ف ربوعهم .ت ذلك كله ف السنة السابعة عشرة من الجرة فتم استقرار السلطان للمسلمي
بالشام من أقصى النوب إل أقصى الشمال.
عهد عمر إل النصارى ف بيت القدس
" بسم ال الرحن الرحيم .هذا ما أعطى عبد ال عمر أمي الؤمني أهل إيليا من المان :أعطاهم أمانا لنفسهم
وأموالم ،ولكنائسهم وصلبانم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها ،إنه ل تسكن كنائسهم ول تدم ول ينتقص منها ول
من حيزها ،ول من صليبهم ول من شيء من أموالم ،ول يكرهون على دينهم ول يضار أحد منهم ،ول يسكن
بإيليا معهم أحد من اليهود ،وعلى أهل إيليا أن يعطوا الزية كما يعطى أهل الدائن .وعليهم أن يرجوا منها الروم
واللصوص .فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حت يبلغوا مأمنهم ،ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما
على أهل إيليا من الزية ومن أحّب من أهل إيليا أن يسي بنفسه وماله مع الروم ويلى بيعهم وصلبهم فإنم على
أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم أن يبلغوا مأمنهم .ومن كان با من أهل الرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما
على أهل إيليا من الزية ،ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إل أهله .فإنه ل يؤخذ منهم شيء حت يصد
حصادهم .وعلى ما ف هذا الكتاب عهد ال وذمة رسوله وذمة اللفاء ،وذمة الؤمني إذا أعطوا الذي عليهم من
الزية" .وختم عمر الكتاب بتوقيعه.
سفط ناوند
عثر السلمون ف غنائم ناوند على سفطي() ملوءين جوهرا نفيسا من ذخائر كسرى فأرسلهما حذيفة بن اليمان
أمي اليش إل عمر مع السائب بن القرع ،فلمّا أوصلهما له ،قال ":ضعها ف بيت الال ،والق بندك".
64
كتاب عمر والتشيع
فركب راحلته ورجع ،فأرسل عمر وراءه رسولً يّب السي ف أثره حت لقه بالكوفة فأرجعه.
فلما رآه عمر قال :مال وللسّائب ،ماهو إل أن نت الليلة الت خرجت فيها ،فباتت اللئكة تسحبن إل
السفطي يشتعلن نارا؟ يتوعدون بالك ّي إن ل أقسمها ،فخذها عنّي ،وبعهما ف أرزاق السلمي .فبيعا بسوق الكوفة.
وبعد معركة ناوند تسارع زعماء الفرس من هدان ،وطبستان ،وأصبهان ،وطلبوا الصّلح ،و ّت لم ذلك على
التوال.
خضياء الوال
حذر النب (ص) ف واحدة من أبلغ صور الكلم العرب الرجال من الطمئنان للمرأة الميلة ف منبت سيء قائلً:
إياكم وخضراء الدمن ،وشاعت كلمة الضراء ف الدللة على الرأة الميلة الزاهية الذابة الغرية الت تعيش ف حأة
العفن ،مثلها مثل العشب الخضر الزاهي الذي ينبت عادة فوق الزابل والدمن فتنجذب البل إليه فإذا اقتربت من
أنوفها عافتها البل لزفرة فيها.
أما الضياء عند عمر فهي الزوجة أو الرأة الدللة أو الت لا على زوجها تأثي وغنج .لقد بلغه أن زوجة ماشع
بن مسعود كانت تدد بيتها أكثر من مرة فعّد ذلك من السرف والتبذير وربا د ّل ذلك عند عمر على أن لجاشع
فضلً من الال ،فكتب إليه:
" بلغن أن الضياء تُحدّث بيوتا فإذا أتاك كتاب هذا فعزمت عليك أل تضعه من يدك حت تتك ستورها " .أي
تزيل الديكورات والضافات الت أحدثتها الضياء.
فأتاه الكتاب وهو ف ملس فانطلق بالكتاب إل داره ومعه بعض مالسيه فهدموا ما جددته الضياء.
ينع زوجاته من السياسة:
وكان عمر ينع أزواجه من التدخل ف شؤون الدولة .فعندما كتب على بعض عماله فكلمته امرأته فيه قائلة :يا
أمي الؤمني فيم وجدت عليه ،أي ما الذي أغضبك منه؟.
قال :يا عدوة ال ،وفيم أنت وهذا إنا أنت لعبة يلعب بك ث تتركي .وف رواية :فأقبلي على مغزلك ول تعرضي
فيما ليس من شأنك .ولعلي أقرب إل تصديق الرواية الثانية ،حيث يدد عمر مهمة الرأة ف ذلك الوقت أما أن تكون
لعبة فهو ما ل يتوافق والذائقة العمرية .لكن الراوي أراد أل يغال ف عزل الرأة لغراض الفراش ،فيما عمر أعطاها
65
كتاب عمر والتشيع
الغزل ويعن به الوظيفة النسانية وليس التحديد .وهو القائل :وال لئن سلمن ال لدعّن أرامل أهل العراق ل يتجن
إل أحد بعدي أبدا.
ويستمع إل امرأ ٍة برزت على ظهر الطريق ،وهو خارج من السجد ،فسلم عليها فردت عليه السلم ،وقالت:
ياعمر .عهدتك وأنت تسمى عميا بسوق عكاظ تذعر الصبيان بعصاك فلم تذهب اليام حت سيت عمر .ول تذهب
اليام حت سيت أمي الؤمني .فاتق ال ف الرعية ،واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد.
فقال جارود العبدي وكان مرافقا لعمر :أكثرت يا امرأة على أمي الؤمني.
فقال عمر :دعها .أما تعرف هذه؟ هذه خولة بنت ثعلبة الت سع ال قولا فوق سبع سنوات .وعمر أحق أن
يسمع لا وكان يشي إل آية كرية نزلت فيها:
)قد سع ال قول الت تادلك ف زوجها(.
ينع التشهي بشارب المرة
قضى أبو موسى الشعري وال البصرة على رجل شرب المرة بضربه وتسويد وجهه والتطواف به ف الدينة،
وني الناس أن يالسوه .فأوشك الرجل أن يهم بقتل الشعري ،لكنه رأى من الكمة أن يتوجه إل الدينة ليشكوه
عند عمر ،فقال عمر للمشتكي:
إن كنت من شرب المر فلقد شرب الناس المرة ف الاهلية ،وأمر له بكسوة ومائت درهم .وكتب لب
موسى الشعري بأن يأمر الناس ان يالسوه ويالطوه ،حت قبل التوبة فإذا تاب فاقبل شهادته.
وكانت المرة قد شاعت ف الجتمع أثناء الفتوحات .وهي مشكلة جعلت عمر ف أول قضاء شرعي لد
حدّ شارب المرة ل ف زمن الرسول ول ف ولية أب بكر،
الشارب ،أن يعقد ملسا يستفت به الصحابة حيث ل ُت َ
فاقترح المام علي حده بثماني جلدة ،وهذا هو حد القذف .إذ اعتب المام كل شارب خرة خارجا عن إرادته فاقدا
للسيطرة على عقله ولسانه فيأخذ بالشك والقدح والقذف.
إن القضاء عند عمر يفرق بي الد القانون للعقوبة ،وبي التشهي باعتباره مساسا مباشرا بكرامة النسان.
ينفي الوسيم البطران!
66
كتاب عمر والتشيع
سع عمر ،وهو ف ال َعسّ ،امرأة تتغن ببيت من الشعر ،عن فت يدعى النصر بن حجاج ،ولو أن ال أعطاها رجلً
على تامه!.
وف اليوم التال استفسر عمر عن هذا السم ،وأمر باستدعائه فشخص الفت أمامه وهو على جانب من الوسامة،
فسأله عن عمله ،ولا أيقن أن الفت بطران ،يعتاش من العطاء ،ويتجول ف حارات الدينة .وكانت أوصافه أقرب إل
وسامة الغن المريكي الشهي " إلفس برسلي" ،قضى عمر بلقة شعره التهدل .فإذا به أكثر وسامة ! .فقرر نفيه إل
البصرة ،ليكون قريبا من ثغور الجاهدين ،بعيدا عن نسائهم اللئي قد يُفتّ به ،ول يوافق عمر على توسلته بالعودة
إل الدينة قائلً:
أما وأنا حي ...فل!.
ول ندري إذا ما أعاده عثمان بن عفان ف خلفته ،مع من أعيدوا من الطرودين إل الدينة؟.
إن قصص عمر وحركته واجتهاده ،تكسر القول بوحدة الصحابة ،وتنحه فرادة هي مزيج من صلبة العتقد،
وانفتاح الياة ،وطول التجربة ،والشجاعة ف الرأي ..،واللام الاص ،والرص على مصال الناس ..وامتلك الزاج
الميل.
ينع ثياب اليطان
ف زيارته إل الشام دخل عمر إل بيت أحد ولِتهِ هناك يزيد بن أب سفيان ،فرأى قماشا يتدل على الائط،
فاستغرب أن تلبس اليطان ثيابا زاهية من مصنوعات حلب أو دمشق ،فاته إليها قبل أن يأخذ مكانه ف اللوس
وشرّعَ يُقطع أوصالا
قائلً" :ويك أتلبس اليطان ما لو ألبسته قوما من الناس لسترهم من الرِ والبد".
يفضل لغة الصحافة:
وأنت تصغي لرواية عن عمر تطوي القرون والتواريخ ،فتراه على شاشة التلفزيون قاضيا يتحدث ف القوق
الدستورية للمتهم ،وداعية اشتراكيا مهموما بالسحوقي ،وتراه قائدا عسكريا يشرح على خارطة الائط حركة
الفيالق ويؤشر على منافذ التسلل خطوط الرجعة .أمّا أن يفرق هذا الرجل بي مفهوم الديب ووظيفته والصحفي
ووظيفته با يلتبس المر علينا ف عصر الثورة العلمية والنترنت ،فهو الصدمة ل شخصيا كون أمتهن الصحافة.
67
كتاب عمر والتشيع
تقول الرواية:
إن رجلً يدعى صحّار العبدي ُب ِعثَ إل عمر عندما فتح السلمون أرض مكران ف بلد فارس ،فوصله مع
أصحاب الغنائم .وكان من عادته أن يسأل القادم من الرض الفتوحة عن أهل تلك البلد وعاداتم وطبيعة الرض،
ض سهلها جبل .وماؤها وشل .وثرها دقل() .وعدوها
وكيف يعيش العرب خارج الزيرة .فانطلق العبدي قائلً:أر ٌ
بطل .وخيها قليل وشرّها طويل .والكثي فيها قليل .والقليل با ضائع وما وراءها شرٌ منها.
فقال عمر :أسجّاع أنت أم مب؟ .أجابه :بل مب!.
والسجاع هو الطيب الذي يتحدث ساعة قبل أن يصل إل البضاعة ،فيأخذه السجع وينسيه التحليل العلمي ،أو
الوصف الطبيعي للشياء وهذا فعل الصحفي الذي عرفه عمر آنذاك ومن نسميه اليوم بالندوب الحلي والخب ف
الريدة.
لقد أستكثر عمر على التحدث خروجه من الواقع إل البلغة .وطالبه بأن تكون لغته مثل مرر الخبار الحلية ف
وكالة النباء العراقية سابقا.
فكتب عمر إل أمي اليش أن ل يوز مكران وأن يقصر إل مادون النهر.
جرائم النس ف عهده..
أحصينا لدى ممد الصلب ف كتابهِ العمري الامع الانعَ خسا وعشرين جنحةً وجناية من هذه الت تنشرها
الصحافة العربية عن سجلت الشرطة اليومية ف أيامنا هذه وهي تعكس جانبا من حركة الرية اليومية ف عهد عمر
خلوا من جريةٍ سياسية لن تعاليم الليفة ل تتحدث عن حظر النشاط السياسي أو مراقبة الناشطي ،فَلم يُسجن أو
يعاقب شخصٌ يتفظ برأي مالف لرأي الكومة ،ول تُراقب حركة أب لؤلؤة ما سهّل له فع َل الغتيال الشي على
تلك الصورة السهلة.
ومن بي ( )25حادثة مسجلة احت ّل النس الرتبة الول واستق ّل بإحدى عش َر قضية يشك ّل الزنا مورها الساسي أو
أن تتصل بقضية زواج غي شرعي ،وتشي الالت الدونة إل مفارقات جريئة ل يلك القارىء العاصر إ ّل أن يقد َر المانة
العلمية والصحفية للمؤرخي العرب ،الذين ل يغفلوا تدوي َن أخبار الزنا ولو كان التهم با صحابيا كالغية بن شعبة.
68
كتاب عمر والتشيع
ف
إن أخبار النس ف عصر الصحابة ف الكتب السلمية ل تُور ُد إ ّل إذا كان التهم قد أخذ حكم الباءة فيما ُتسِر ُ
ج البحث الخرى ف استعراض تفاصيل الرائم النسية با يُخرجها من التاريخ إل التشهي السياسي.
مناه ُ
من طرائف هذا السجل أن امرأ ًة قد تسرّت بغلمها أي عاشرته العاشرة الزوجية فلما سُئلت قالت ،أليس ال
يقول ما ملكَت أيانكم فهذا مُلك يين.
ك ملكُ يينك.
ورُفع المر إل عُمر فقال لا :ل يلّ ل ِ
وف رواية أخرى :وفرّق بينهما وج َلدَها مئةَ جلدة تعزيرا ل حدّا واسقط عنها الد لهلها بالتحري.
ومعروف شرعا أن الرجل وَحدَه له حق التسري والعاشرة الزوجية مع ما ملكت يَميُنهُ من النساء.
والذي يبدو أن هذه الرأة أرادت أن تتساوى ف هذا الق مع الرجلِ .ول أظنها جاهلةً مادامت أشارت إل
النص.
وأوت عمر بجنون ٍة قد زنت فاستشار الناس فأمر با أن ترجم لكن القدر أنقذها عندما مرّ با المام علي بن أب
طالب ،فقال :ارجعوا با وقالَ لعمر أما علمت أن القلم قد رُفع ،فذكر الديث وف أخره قال عمر بلى ،فقال المام
ل غي مسلم اغتصب مسلمةً واستكرهها
ص َلبَ رج ً
علي ما بال هذه تُرجم .فأرسلها وجعل عمر يُكبّر ،لكنّه أي عمر َ
على الزن.
وكان عمر ل يُعاقب الُستكرهات على الزن .وقد أُت بنساء من إماء المارة استكرههن غلمان من غلمان المارة
فضرب الغلمان ول يضرب الماء.
وتدخل المام علي مر ًة أخرى فأنقذ متهمةً بالزن كانت استسقت راعيا فأب أن يسقيها إ ّل أن تكنه من نفسها
ففعلت ،ورُفع أمرها إل عمر فقال لعلي :ما ترى فيها يا أبا السن.
قال المام :إنا مضطرة فأعطاها عمر شيئا وتركها.
وكما يتزوجُ الرجلُ أكثر من واحد ٍة ف وقتٍ واحدٍ ،تزوجت امرأة رجلً على زوجها وقد تكتمت على زواجها
فرجها عُمر ول يَر ِجمُ الزوج لعدم عِل ِمهِ بزواجها.
النس والشاهي:
69
كتاب عمر والتشيع
كما تطارد عدسات الصورين حت الوت زوايا الياة الاصة بالشاهي لتنشر أخبارهم الشخصية مكبّرةً بانشيت
عريض ف صحف التابلويد الفاضحة .كانت عيون الرواةِ تُحصي على مشاهي الصحابة ومتمع الدينة عثراتِ القدم
ث ما هو أفضحُ لغيهم تُسِترَ بالهال وعدم الكتراث.
وشطحات اللسان ولو ح َد َ
وبأسباب تتصل بثراء الفتوحات واتساع الجتمع وتلون أطيافه ،أُثقل هذا العصر بقصص النس والشاهي ما
التقطه مؤرخون مترفون ثقاة كالطبي والبلذري وابن الثي ولو كان اللقوط صحابيا أو قائدا عسكريا بجم خالد
بن الوليد والغية بن ُشعْبَه.
فماذا كان موقف عمر من قصص النس ف عهده؟
تبدو ل أن سياسته تشبه السياسة البيطانية والوربية بشك ٍل عام حاليا باعتبار الديث ف أسرار الياة الشخصية
مُباحا عندهم إذا كان صاحب القِصة من يعملُ ف الدمة العامة كالرؤساء والمراء والوزراء ورجال العمال .ويُح ّرمُ
الديث ف هذه القصص إذا شلت ناسا بُسطا ْء من عامة الجتمع.
وبذا يكن أن نلص إل حل الشكال بي موقفي لعمر :أحدها ينحو منحى الشهار وإقامة الحاكمة وتنفيذ
الكم .وآخر هو الستار وقد عزل واليا على مدينةٍ صغي ٍة حي بلغه أنه كان يَجمعُ الن َد ويطلب إليهم الكشف عن
أسرارهم الاصة وما يفعلونه وراء الكواليس .فقالَ له عمر :أتكشف ما ستره ال؟
وف حادثةٍ أخرى عرضَ عليه رجل قصة ابنته الت جنحت والوقف منها وبعد أن فصّل له الرج ُل فروعَ القصة
َف َردَعُه قائلً :أتكشف ما ستره ال :انكحها نكاح العفيفة.
ول ينبغي أن يُفهم من كلمنا أن عمر كان يتساهل مع الرية النسية .إنّه إنا ينع الشهار وتداول الب
النسي ،لكنه ل يسكت عن جريةٍ جنسية.
وف السياق ذاته يورد الفقهاء مسائل النس ف كتبهم إل ح ّد طغيانا على مسائل القوق الدنية والسياسية ف
الجتمع السلمي ،ما أنكره المام المين على فقهاء عصره احتجاجا على انشغالم با اساه بقضايا اليض والنفاس.
وتُدرس جرائم النس ف كتب القضاء السلمي وما صدر فيها من أحكام.
أربعة خلفاء وأربع دعاوى:
70
كتاب عمر والتشيع
وجد اللفاء الراشدون الربعة أنفسهم أمام إشكال قانون سياسي إزاء متهمي بالقتل ،فماذا عليهم أن يفعلوا
إزاءهم ،وكان أي منهم يواجه من شركائه الصحابة رأيا متلفا.
إن عمر بن الطاب كان مصرا على معاقبة خالد بن الوليد التهم بقتل مالك بن نويرة ،لكن الليفة أبو بكر
رأى غي ذلك فقبل تبيرا لالد ل يقبله عمر ،ومازالت التهمة ملتصقة بابن الوليد ف كتابات جيع الؤرخي عدا
أصحاب النهج السلفي ،لكن عمر يواجه إشكالً ماثلً مع الرمزان القائد الفارسي الذي غدر بعد إعطائه
المان ،ث ألقي القبض عليه وهو متهم بقتل اثني من الصحابة فعرض إسلمه الش فقبل به عمر.
أما عثمان فهو الخر يواجه ف اليوم الول لستخلفه مشكلة عبيد ال بن عمر الذي قتل الرمزان ورجلً
مسيحيا وابنة أب لؤلؤة .وكان رأي بعض الصحابة ومنهم علي بن أب طالب أن يقتل عبيد ال بم .فعفا عثمان ودفع
الدّيات من جيبه وكانت تلك بداية مشكلة مع عبيد ال ضد المام علي الذي كان يصر على معاقبته كإصرار عمر
على معاقبة ابن الوليد ،وترسم القادير وضعا ماثلً لوضع عثمان عندما استخلف المام علي بعد مقتل عثمان فطالبه
الصحابة بقتل قاتله ،والتهم هذه الرة هو ممد بن أب بكر ،فالتبست المور واشتبكت الراء قبل اشتباك السيوف ف
معركة المل وماتلها من انشقاق معاوية على مركز اللفة.
العفو عن الرمزان:
لا أسر الرمزان حل إل عمر من تستر إل الدينة ،ومعه رجال من السلمي ،منهم الحنف بن قيس ،وأنس بن
مالك ،فأدخلوه الدينة ف هيئته وتاجه وكسوته ،فوجدوا عمر نائما ف جانب السجد ،فجلسوا عنده ينتظرون انتباهه،
فقال الرمزان :أين عمر؟ قالوا :ها هو ذا ،قال :أين حرسه؟ قالوا :ل حاجب له ول حارس .قال :فينبغي أن يكون
هذا نبيا ،قالوا :إنه يعمل بعمل النبياء .واستيقظ عمر ،فقال :الرمزان؟ فقالوا :نعم ،قال :ل أكلمه أو ل يبقى عليه
من حليته شيء ،فرموا ما عليه ،وألبسوه ثوبا صفيقا ،فلما كلمه عمر ،أمر أبا طلحة أن ينتضى سيفه ويقوم على
رأسه ،ففعل .ث قال له :ما عذرك ف نقض الصلح ونكث العهد؟ -وقد كان الرمزان صال أو ًل ذ ث نقض وغدر ذ
فقال :أخبك ،قال :قل ،قال :وأنا شديد العطش! فاسقن ث أخبك .فأحضر له ماء ،فلما تناوله جعلت يده ترعد،
قال :ما شأنك؟ قال :أخاف أن أمد عنقي وأنا أشرب فيقتلن سيفك .قال :ل بأس عليك حت تشرب ،فألقى الناء
عن يده ،فقال :ما بالك؟ أعيدوا عليه الاء .ول تمعوا عليه بي القتل والعطش ،قال :إنك قد أمنتن ،قال :كذبت!
71
كتاب عمر والتشيع
قال :ل أكذب ،قال أنس :صدق يا أمي الؤمني ،قال :ويك يا أنس! أنا أومن قاتل مزأة بن ثور والباء بن مالك!
وال لتأتين بالخرج أو لعاقبنك ،قال :أنت يا أمي الؤمني قلت :لبأس عليك حت تشرب .وقال له ناس من
السلمي ذلك فأقبل على الرمزان وقال خدعتن وال ل أخدع إل لسلم فأسلم فعرض له على ألفي أي خصص له
راتبا وأنزله الدينة.
ســياســته العـلـــويــة
72
كتاب عمر والتشيع
علي الؤسس ل الستشار:
بنوايا بيضاء ورغبة ملصة لتوشيج النسيج السلمي يكتب ممد الاجي مؤلفه علي بن أب طالب مستشار أمي
للخلفاء الراشدين .وبذات النية والدف والتاه يكتب الدكتور الفقيه ممد سعيد رمضان البوطي عن التعاون التميز
الصاف بي عمر وعلي ،فيقول " :إن المام علي هو الستشار الول لعمر ف سائر القضايا والشكلت وما اقترح علي
على عمر رأيا إل واته عمر إل تنفيذه عن قناعة ".
ويستعرض الدكتور علي ممد الصلب ف مفصله عن عمر بن الطاب جوانب من هذه الستشارات الكبية
منها والصغية.
وف تذوق لغوي وذائقة تاريية وسياسية ل أجد ف مصطلح الستشار إل ماتعافه نفسي ،أما أن يكون أو ًل فليس
ذاك عندي سوى أن جعلنا من المام علي واحدا من عشرات الستشارين .وهو ما تستنكره سية ابن هشام وطبقات
ابن سعد وتاريخ الطبي ومروج السعودي .فالريد الراضع حليب القرآن ف يوم مولده والولود ف رحاب الكعبة
والفت والسيف والذر والصهر والمامة وبيت النبوة ف بيته ليس موظفا تت الطلب يتاج إليه ف يوم وينسى شهرا
أو شهورا.
ل يكن مركز إدارة الصراع العالي الذي تأسس ف السجد النبوي ،والدينة عاصمة العال الديد ،دائرة حكومية
فيها رئيس ووزراء تنفيذيون وجلة مستشارين من ل يلصق بم اللقب إل لعجز ف القدرة على القيادة أو لبطالة.
ل نشك أن مصطلح الستشار الستخدم ف الكتابات التأخرة عند التوفيقيي أو ف الدرسة السلفية إنا يراد به
الردّ على فريق من السلمي القائلي باعتكاف المام علي ف حجرة واصّرارهم على أخذ المام علي إليها ليعلن
القطيعة الكاملة ليس فقط بي علي وعمر وعلي ودار اللفة ،بل بي علي ومركز إدارة الصراع الديد وإخراجه من
دائرة الصراع ،فيقول العلمة السيد كاظم القزوين ف كتابه (المام علي من الهد إل اللحد) إن المام علي كان
جليس البيت منذ وفاة النب إل ظهور اسه ف هيئة الشورى ،الذي أوصى به عمر قبيل وفاته عام 23للهجرة.
73
كتاب عمر والتشيع
وليس هذا من القطوع به عند جيع فقهاء التشيع ،فالعلمة الؤرخ هاشم معروف السن ف كتابه (سية الئمة
الثن عشر) يقول غي هذا ويرى أن أية معارضة ل تصدر من المام علي على خلفة عمر ل ف القول ول ف الفعل،
وهو ذاته ماقال به الرجع الشيعي الكبي الشيخ ممد حسي آل كاشف الغطاء ف كتابه (أصل الشيعة وأصولا).
ومرجع ماذهب إليه القائلون بصطلح الستشار أن آلية إصدار القرار ف ولية عمر تعتمد على مبدأ الشورى
الذي توسع به الليفة الثان بالقارنة مع ولية أب بكر وولية عثمان بن عفان .فلم يوسع أبو بكر فيها حرصا على أن
ليرج عما سار عليه النب (ص) قبله.
ولكون عثمان قد أحيط بستشارين من السلمي الدد القادمي من الفرع الموي فلم يعد قدماء الصحابة
يدون ف ملسه ماكان متوفرا ومتاحا لم ف شورى عمر .وقد يكون مصطلح الستشار اشتقاقا لغويا غي سليم عن
مصدر الشورى إذ ل يُدعى عضو الشورى مستشارا ول تستخدم حت الن صيغة اسم الفاعل لذا الصدر.
وف الشورى مشاورة ومناقشة ف ملس يتساوى فيه العضاء ف الكانة النوعية كمنتخبي والكمية كأعداد ف
التصويت ،وإن كانت آلية عمر ف الشورى تيل إل الترجيح وليس إل التصويت.
وبسبب ثقل المام علي واتساع خبته وعمق صلته بالسلم وتفرغه الكاديي لدراسة القرآن والديث
الشريف ف فترة اعتكافه بعد مبايعة أب بكر ،والت استمرت ستة أشهر فقط ،فيما أحالا فريق من السلمي إل قطيعة
مازالت قائمة حت يومنا هذا ،كان رأي المام مرجّحا والقترح الذي يشي به إل عمر كما يقول البوطي مقبولً عند
عمر عن قناعة.
كان الشريف الرضي فقيها وشاعرا معاصرا لب العلء العري ومن أحفاد المام موسى الكاظم ييز العمل مع
السلطان ،ول يرى ف الدولة العباسية دولة غصبية أو مغتصبة ،خلفا للسائد الشيعي.
ويشترك معه شقيقه الشريف الرتضى ف هذا الرأي ،وكانت لما صلة طيبة مع دار اللفة أعادت إل الذهان
اليام العمرية ذ العلوية.
لكن الشريف الرضي ل يستسغ ف أعماقه أن يكون أقل من الليفة شأنا ومكانة مع أنه ل يكن المام ول الفقيه
الول فخاطب الليفة ذات يوم بقصيدة تبدو ل الن وكأنا تنقّط على معجمات الروف ف مصطلح الستشارة
والستشار.
74
كتاب عمر والتشيع
ف دوحة العلياء ل نتفّرق عطفا أمي الؤمني فإننا
وكلها الرضي والليفة ف العال معرّق .لكن الرضي ح ّر مطلق من مسؤولية اللفة والليفة مطوقا.
ول يكون القبول ف علقة المام الول علي بن أب طالب بعمر بن الطاب بأقل من مقبول علقة الشريف
بالليفة.
ف يوم السقيفة:
عمر منع الفراغ وعلي منع النشقاق
هل أوصى النب (ص) للمام علي من بعده ف غدير خم ،وهو حديث توثقه الراجع السلمية الول عند
الفريقي ،ويتلفون فيه على حدود الولية وكيفية التعامل مع خب الولية ف كتاب عن عمر والتشيع وما بي الثني
خلف على النص هو الصل ف ظهور التشيع عند بعض الؤرخي؟.
وما الوقف ف قول عمر ف النب (ص) حينما حضرته الوفاة وطلب أن تدون له وصية (انه ليهجر)؟.
وما الوقف من السقيفة؟.
أما إيراد الروايات فل يزيد الديث معلومة جديدة على التداول ف أروقة السجال منذ وفاة النب (ص) حت
اليوم.
وإذا كان مؤرخو السلم وفقهاء وأئمة الذاهب ل يتوصلوا إل اتفاق مشترك فهل سينتهي السجال با يقوله كاتب
ل يرج من ضلع الوزة ول دخل الدرس ف مشيخة السلم ول وضع نفسه ف مشتجر اللف؟.
السبيل السلم أن نتعامل مع تلك التساؤلت والحداث والسجالت بطريقة المام علي ،الذي تتحدث
ل ستة شهور قرر ف ناية المر أن
الروايات عن اعتراضه واحتجاجه وعدم ذهابه إل بيعة أب بكر فدخل ف القطيعة فع ً
ل يكون أوائل بناة مشروع الدولة السلمية سببا ف تقويضها وهي مهددة بارتداد قبائل العرب ،حت ل يبق مع مركز
اللفة سوى الوس والزرج وقريش وثقيف ،فأنى المام شهور القطيعة وقرر البدء برحلة الشاركة ف العملية
السياسية قائدا بارزا واسا لمعا ف تاريخ التأسيس السلمي الول.
وف فترة احتجابه سيطر المام علي على مستوى لدرجة الحتجاج ل يتحول فيه اللف إل معارضة والعارضة
إل حركة مسلّحة خلفا للمألوف العرب الطويل وتقاليد العارضة والحتجاج ،الت كانت ل تضع حواجز بي الرأي
75
كتاب عمر والتشيع
واللف واللف والتعبي السلح عنه ،فلم يكن ثة برلان تتحادث داخله العارضة ،ول صالة يتمع إليها السلطة
والعارضة ،والقاعدة العربية العمول با ف تاريخ العرب والسلمي أن العتراض السياسي ينتهي ف أقصر زمن
بالحتكام إل السيف .وقومي تيم والفلة ورائيا.
خرج المام علي على تقليد سائد ف اللجوء إل قوة السلح أو حت إل حجج اللسان ،فأحال شهور القطيعة
الستة إل معتكف علمي لدراسة القرآن ومراجعة الحاديث النبوية وترتيب الوراق والولويات وأوراقه الشخصية
وتنشيط الذاكرة وتسجيل شهادته ف أسباب النول ،فأسست ف شهور القطيعة الستة لول مرة ف تاريخ العرب
والسلمي ظاهرة السياسي الثقف والليفة الفقيه ومن يسمى الن آية ال أو الرجع الدستوري ف الدولة .فجددت
تلك الرحلة عشرين عاما من التلمذة الروحية لريد النب (ص) والتربية العائلية لربيب ابن عمه والشاركة اليومية ف
حياة داخل مسكن واحد فكب مقامه الكبي ف نفوس السلمي وأضيفت لنفوذه الروحي أسباب الورع والزهد والبعد
عن الَنفَس ف الرياسة وتعالٍ عن اللف ،ول يكن لرجل بدور المام ف بناء السلم إن يبتعد ف القطيعة إل أكثر ما
انتهى إليه قراره .وكان من الطبيعي أن يكون أصحاب المام وهم من رجال الصحبة الوائل قد بايعوا معه ومعهم
الاشيون الذين ل يباعوا بعد ،ول يقاطع أي من أصحاب المام وبن هاشم مركز اللفة ،واندموا ف الدولة الديدة
ول ًة وقادةً وأمراء مابي البصرة والكوفة والدائن.
كانت سابقة للمام علي قد تبدو فريدة ف التقاليد السياسية للخلف ف الدولة السلمية ،حيث ل يلجأ إل
الثورة ول إل شيء من التنظيم السياسي لزب معارض فاعتمدت الشيعة المامية بعد مقتل المام السي ذلك نظرية
عمل مقابل فريق شيعي آخر تزعمه المام زيد بن علي بن السي ،وكان تواصلً للطريقة العربية ف ربط العارضة
بالثورة الت عبّر عنها المام السي ف معركة الطف بكربلء.
لبد أن اتاهات داخل الفرع المامي كانت ف وضع حرج بي إعلن الصالة والشاركة حيث تصال المام
علي وبي فكرة الروج على اللفة إل الثورة السلحة ف النظرية الزيدية ،فتكون قد خرجت على شروطها ،ول
تتمل تلك التاهات رؤية المام علي ف السجد النبوي إل جانب أب بكر وعمر وأب ذر وسلمان وعمار بن ياسر
ومعهم صحابة قادمون من العسكر السفيان ،الذين دخلوا السلم بعد فتح مكة ،استفادت تلك التاهات من
انقطاع المام علي ف الشهور الستة الول عن مركز اللفة لصياغة نظرية القطيعة الستمرة ورفض الروي عن
76
كتاب عمر والتشيع
تصال المام مع مركز اللفة واستبعادها أن تكون علقة المام حسنة مع عمر بن الطاب الذي يّمله مياث
التشيع الرسي مسؤولية عدم الخذ بديث الغدير ومنع النب (ص) من تدوين وصيته وأخذه بيعة أهل السقيفة لب
بكر ومهاجة بيت المام علي وكسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها.
حدث ذلك ف يوم واحد ،وهو اليوم العمري عند فريق الغلبية من أهل التشيع الكرر كل يوم والوجود ف
التاريخ والنقوش ف الذاكرة والوروث للجيال .هو ليس يوما ف التاريخ ،إنا اليوم الذي ألغى التاريخ ،فخرجت
حركة ذلك اليوم عن كونا فعلً سياسيا وخطة قرشية إل البعد العياري القدس الذي ترب على ضوء القبول به
ورفضه نوايا التباع واختبار القائق ،ودخل مصطلح السقيفة أو يوم السقيفة وأهل السقيفة ف العجم السياسي
للتشيع با يفقد الكان دللته الكانية إل دللته العيارية ،ويكتسب ميكافيلية مبكرة معجونة بالكيد والصرار على
التآمر والتفاق على استلب الق وانتهاك القدس النبوي .ولذا كان السؤال الكثر إحراجا عند السائل يصوّب نو
كاتب السطور من موقفٍ عند السقيفة ستتبناه هذه السطور ،وكيف سيكون الوقف الشرعي إزاءه وإزائي؟.
أما جواب فليس معقدا وليس فيه من الحراج ما يعل الروج منه صعبا.
وسيكون التعامل مع مصطلح السقيفة بطريقة سياسية واقعية ،والسقيفة مكان غاب عنه القدس ،وهي فعل
بشري خالص ،لكنها يوم التأسيس الثان للدولة السلمية بعد اليوم الذي أعلن فيه النب (ص) نزول الوحي وليس
مهما ،أمام مشروع دولة ناهضة وكبى ،من سيكون الرجل الول ف السلطة سواء كانت البيعة لسعد بن عبادة أم
لعلي بن أب طالب أم لب بكر مادام مؤتر السقيفة سياسيا ل يأت به قرآن ولحديث نبوي ولسنة ولسابقة.
وأظنه موقفا مشتركا للمؤرخي والكتاب والعاملي ف السياسة العربية ،الذين هم خارج ميدان اللف الفقهي
ف موضوع الولية نصا كانت أم انتخابا .وعندهم أن السقيفة يوم تقرر فيه مواصلة العمل ف مشروع الدولة فلم يؤد
اللف إل انشقاق مسلح وانقسام بي أتباع وأتباع وظهور إمامي أو خليفتي .
والسؤال الذي يوّجه من كاتب السطور إل سائليه ،لو أن المام علي بن أب طالب ذهب إل اتاذ قرار بإعلن
خلفته وحوله صحابة مؤيدون وأتباع ،وحدث النشقاق السلح ،هل كان ليوم السقيفة أن يواصل بي مرحلتي رحل
النب فيها عن الول وبدأت الثانية متصلة بالول ،دون فراغ ف السلطة والدارة؟.
77
كتاب عمر والتشيع
أقول ..إذا كانت براعة عمر بن الطاب ،الت سأتدث عنها ف صفحات لحقة قد سجلت ليوم السقيفة أن يل
الفراغ ،فالذي منع النشقاق وحال دون النقسام هو المام علي بن أب طالب الذي أكتفى بالحتجاج العلمي والعيش
مع البحث العلمي ف القرآن وإل جانبه زوجته بنت النب ممد صلى ال عليه وسلم ،وقد أكل الزن جسدها النحيل فلم
تقاوِم سوى تلك الشهور لتبقى حيةً ،وقد فارق والدها الياة.
إن المام علي رافض النشقاق ،ول يكن من روافض خلفة الشيخي.
الفقه الشترك
يقول ممد حسي هيكل :جاءوا إل عمر يوما بامرأة ،وأقرت ،فأمر برجها .فقال علي بن أب طالب :لعل با
عذرا؟.
ث قال لا :ماحلك على ما فعلت؟ قالت :كان ل خليط ،وف إبله ماء ولب ،ول يكن ف إبلي ماء ول لب،
فظمئت فاستسقيته فأب أن يسقين حت أعطيه نفسي ،فأبيت عليه ثلثا .فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته
الذي أراد ،فسقان .فقال علي :ال اكب!( .فمن اضطّر غي باغ ول عاد فل إث عليه إن ال غفور رحيم) .وف السنن
للبيهقي عن أب عبد الرحن السلمى أن عمر أت بامرأة جهدها العطش ،فمرت على راع فاستسقت فأب أن يسقيها إل
أن تكنه من نفسها ففعلت ،فشاور الناس ف رجها فقال علي :هذه مضطرة أرى أن تلى سبيلها ،ففعل.
وروى أن غلمانا لاطب بن أب بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة ،فأتى بم عمر فأقروا ،فأمر كثي بن الصلت
بقطع أيديهم .فلما ولّى رده ث قال :أما وال لول أن أعلم أنكم تستعملونم وتيعونم حت إن أحدهم لو أكل ما
حرم ال عليه حل له ،لقطعت أيديهم.
ث قال :يامزن ،بكم أريدت منك ناقتك؟ .قال :بأربعمائة .قال عمر لبن حاطب :اذهب فأعطه ثانائة ،وأعفِ
الغلمان السارقي من الد ،لن حاطبا اضطرهم إل السرقة لوعهم وحاجتهم إل سد رمقهم.
ومن صميم الفقه الذي واجه به عمر التطور الديد ف الياة العربية اجتهاده ف تفصيل ما ل يرد عنه نص صريح
ف كتاب ال ،فقد وضع القرآن نظاما للتوريث ل يكن معروفا قبل السلم ،وفرض لكل ذي حق من الورثة حقه.
على أن من التفاصيل مال يكن عليه نص ف هذا النظام .وقد رفعت لعمر مسائل أخرى ل يكن عليها نص ف كتاب
ول سنة ،فلم يكن بد للها من اجتهاد الرأي.
78
كتاب عمر والتشيع
من ذلك السألة العروفة بالسألة العمرية ،أو السألة الجرية ،فقد قسمت تركة فأصاب أخو الورث لمه فرضه،
ول يبق لخي الورث الشقيق ما يرثه .فلما رفع المر إل عمر أفت بأن الخ الشقيق أخ لم وأخ لب معا ،فليس من
النصاف أن يرم لنه شقيق ،ولذلك قال :هبوا أباه كان حجرا ،وف رواية كان حارا ،وورثه من التركة على أنه أخ
لم يشترك مع غيه من الخوة لم.
وقد واجه عمر الشيء الكثي من مشاكل الياث بعد طاعون عمواس بالشام ،فقد هلك ألوف بذا الطاعون،
وتداخلت مواريثهم تداخل كان يشغل دور القضاء ف أية أمة .وكان ما صنعه أن قسم الواريث فورث بعض
وأخرجها إل الحياء من ورثة كل منهم .وتستطيع أن تتصور الدقة ف هذا المر ،وما يكن أن يثور بسببه من نزاع.
وليس من غرضي أن أفصل شيئا من ذلك ،وإنا أشي إليه تنويها باجتهاد عمر ف مشكلة عويصة حلها ف أسابيع حل
رضيه السلمون جيعا مع تعلقه بنافعهم الاصة ،وهذا دليل بالغ وحجة على أن الناس يطمئنون إل اجتهاد الرأي ما
قام على أساس عادل نزيه.
أنتقل الن إل مسألة كان اجتهاد عمر فيها متأثرا بسياسته العامة لمور المباطورية الناشئة ،وبرصه على
مواجهة أطوارها الديدة،وكان له أثره ف ازدياد رقعتها فسحة وسعة ،ذلك اجتهاده ف شأن الرض الت فتحت عنوة
بالعراق والشام.
وقد رأيت السلمي ف العراق والشام انتصروا بالقادسية ،وفتحوا الدائن وجلولء وحص وحلب وغيها من الدن
ل
وغنموا منها ،فكان ما غنموه يفرز خُسه ويرسل إل أمي الؤمني ،وتقسم أربعة أخاسه بي الند النتصرين ،وذلك عم ً
بقوله تعال " :واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأن ل خسه وللرسول ولذي القرب واليتامى والساكي وابن السبيل "().
فلما فتحوا أرض السواد بالعراق أرادوا قسمتها على هذا النحو ،يكون خسها لبيت الال ،ويقسم سائرها بي الند
الذين اشتركوا ف فتحها .وخالفهم عمر عن رأيهم ف قسمة الرض ،وقال :فكيف بن يأت من السلمي فيجدون
الرض بعلوجها قد قسمت وورثت عن الباء وحيزت! ما هذا برأي .قال عبد الرحن بن عوف :ما الرض والعلوج إل
ما أفاء ال عليهم! أي على الفاتي ورد عليه عمر :ما هو إل كما تقول ،ولست أرى ذلك ،وال ما يفتح بعدي بلد
ل على السلمي .فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها ،وأرض الشام بعلوجها
فيكون فيه كبي نيل ،بل عسى أن يكون ك ّ
فماذا تس ّد به الثغور ويكون للذرية والرامل بذا البلد وبغيه من أرض الشام والعراق!.
79
كتاب عمر والتشيع
ل يسترح الفاتون إل قول عمر ،فأكثروا عليه ،وقالوا :أتقف ما أفاء ال علينا بأسيافنا على قوم ل يضروا! أما
عمر فأصر على رأيه ،ول يزد على أن قال :هذا رأيي ،فلما رأوا إصراره عليه قالوا :فاستشر .فجمع الهاجرين الولي
فاختلفوا :بقى عبد الرحن بن عوف على رأيه أن تقسم لم حقوقهم ،ورأى عثمان وعلى وطلحة رأى عمر .وأرسل
عمر إل عشرة من كباء النصار وأشرافهم ،خسة من الوس وخسة من الزرج وقال لم ":إن ل أزعجكم إل
لتشتركوا ف أمانت فيما حلت من أموركم ،فإن واحد كأحدكم وأنتم اليوم تقرون بالق ،خالفن من خالفن ووافقن
من وافقن ،ولست أريد أن تعبوا هذا الذي هو هواي ،فلكم من ال كتاب ينطق بالق .فوال لئن كنت نطقت بأمر
أريده ما أريد به إل الق!" قالوا ":قل نسمع ياأمي الؤمني؟" قال عمر ":قد سعتم كلم هؤلء القوم الذين زعموا أن
أظلمهم حقوقهم ،وإن أعوذ بال أن أركب ظلما! لئن كنت ظلمتهم شيئا هو لم وأعطيته غيهم لقد شقيت .لكن
رأيت أنه ل يبق شيء يفتح بعد أرض كسرى ،وقد غنمنا ال أموالم وأرضهم وعلوجهم ،فقسمت ما غنموا من أموال
بي أهله ،وأخرجت المس فوجهته على وجهه ،وأنا ف توجيهه .وقد رأيت أن أحبس الرضي بعلوجها وأضع عليهم
فيها الراج وف رقابم الزية يؤدونا ،فتكون فيئا للمسلمي :القاتلة والذرية ولن يأت بعدهم .أرأيتم هذه الثغور ،ل
بد لا من رجال يلزمونا!
أرأيتم هذه الدن العظام ،ل بد لا من أن تشحن باليوش ،ولبد من إدرار العطاء عليهم! فمن أين يعطي هؤلء
إذا قسمت الرضون والعلوج؟!"
المام علي يقترح على عمر :التاريخ الجري
وعقد عمر اجتماعا للمهاجرين والنصار .فقال :مت نكتب التاريخ؟ .فقال له علي بن أب طالب :منذ خرج النب
(ص) من أرض الشرك ،يعن من يوم هاجر ،فكتب ذلك عمر بن الطاب .وبدأ العمل بالتاريخ الجري ،منذ ذلك الي.
المام علي يؤيد مصصات لعمر!
أب عمر أن يأخذ نفقة من بيت الال مقابل عمله كخليفة ،حت دخلت عليه ف ذلك خصاصة ،ول تعد له تارة
تكفيه وقد انشغل عنها بأمور الرعية ،فعقد ملسا للشورى ،فأشار عثمان بن عفان إليه ،أن ..كُل وأطعِم.
فسأل عمر المام علي ما تقول أنت ف ذلك؟.
80
كتاب عمر والتشيع
قال المام :غداء وعشاء ،فأخذ عمر بذلك ،وقد بيّ َن عمر حظه من بيت الال .فقال :إن أنزلت نفسي من مال
ال بنلة قيّم اليتيم ،إن استغنيت عنه تركت ،وإن افتقرت إليه أكلت بالعروف.
علي ينصح بذهاب عمر إل فلسطي
تناول عمر كتابا من قائد اليش السلمي ف فلسطي يدعوه فيه للحضور هناك فقرأه على السلمي ف السجد
ل له :إنك إن أقمت وإن ل تسر إليهم رأوا أنك بأمرهم
واستشارهم فيه .ورأى عثمان بن عفان أن ل يبح عمر الدينة قائ ً
مستخف ولقتالم مستعد فلم يلبثوا إل اليسي حت ينلوا على الصغار ويعطوا الزية .وخالف علي بن أب طالب رأي
عثمان وأشار إل عمر بالسي إل إيلياء فقد أصاب السلمي جهد عظيم من القتال وطول القام فإذا أنت قدمت عليهم كان
لك وللمسلمي المن والعافية والصلح والفتح ولست أأمن أن ييئسوا منك ومن الصلح ويسكوا حصنهم ويأتيهم الدد
من بلدهم وطاغيتهم ل سيما وبيت القدس معظم عندهم واليه يجون .وآثر عمر رأي علي وأخذ به فاستخلفه على
الدينة وأمر الناس بالتأهب للسي معه.
ودخل إل بيت القدس ف قصة معروفة.
المام علي ل ينصح عمر بالذهاب ال بلد فارس:
ف العامي الخيين من خلفة عمر بن الطاب ،استكملت فئات اجتماعية ف الكوفة ،أسباب الرفاه ،فضربم
البطر ،فضعفت روح الندفاع ،وتراخت النفوس ،فانضاف ذلك إل ماعرف عند القبائل العربية الت تشكل منها
الجتمع الكوف ،من ميل إل الصومة والشاكسة ،فتنافسوا مع بعضهم البعض ،ول يكن وال الكوفة سعد بن أب
وقاص إداريا حازما ،مثلما كان قائدا عسكريا فريدا .وقد استبطن عمر هذا الانب ف سعد .فاستدعاه إل الدينة،
وكان طبيعيا لهاز الستطلع الفارسي التغلغل ف الدن الفتوحة ،أن ينقل صورة ما عن اضطراب الكوفة الت هي
مركز النشاط ،وقاعدة الفتح الول ،ما بث ف قادة اليش الفارسي قوة ارتدادية وتشكيل بؤر ثورية لطرد العرب من
بلدهم فتقدمت قوات منهم لستعادة بعض الدن من سلطة العرب ،وكان القائد الفارسي الغيزان يدير حربا نفسية.
ويتقدم نو مدينة هدان الستراتيجية ،حت خيل لهل الكوفة النشغلي بصراعاتم ،أن الغيزان على أبوابم،
فأبلغ مركز اللفة ف الدينة بذه التطورات .وكان البعوث الشخصي لعمر ،ممد بن سلمة قد اخفق هذه الرة ف
معالة الشكالت بي أهل الكوفة وسعد بن أب وقاص ،فاستدعى عمر أهل الدينة إل الصلة ف السجد النبوي
81
كتاب عمر والتشيع
وارتقى النب ،ونقل لم أخبار الوضع العسكري على الثغور ،وما قيل عن كثرة العدو واستعداداته ،وأن الكوفة
أصبحت مهددة بالسقوط! .وهذا أسلوب ممدي التزم به اللفاء الراشدون ،ويقضي بكاشفة الناس بأسرار الواقع
العسكري والسياسي ،مثلما هو ،على طريقة الدول الديقراطية الديثة ،وعليه سار المام علي ف حربه مع معاوية،
ول يلتزم الخي به ،إذ اعتب ذلك اختراقا يبيح "للعدو " الوقوع على معلومات عسكرية ل يب الطلع عليها.
واعتب ذلك من أسباب ناح سياسة معاوية كما أعلن ذلك مرة.
أقول :إن عمر بعد أن عقد الؤتر الاص وصول إل الشترك ،عرض على الؤترين استعداده للتوجه شخصيا إل
العراق .وأشار بعض الاضرين بأن يسي الليفة باليوش إل العراق ،ويدعو قواته باليمن والشام لواجهة الركة
الرتدادية والت كان مركزها ف ناوند .وأشار عليه آخرون بأن يقيم ف الدينة ويرسل اليوش من تلك المصار
لوقف الغزو الفارسي التوقع.
أما المام علي فقد رفض فكرة ذهاب عمر إل الثغور ،ورفض فكرة استدعاء الند من اليمن والشام ،وعرض
مقطعا يوجز مالدى المام علي من فكر استراتيجي ف جانب ،وحرصه على سلمة عمر بن الطاب ف جانب آخر
قائلً:
" يا أمي الؤمني ،إنك إن أشخصت ذ أي استدعيت ذ أهل الشأم شأمهم صارت الروم إل ذراريهم ،وإن
أشخصت أهل اليمن من ينهم سارت البشة إل ذراريهم ،وإنك إن أشخصت من هذه الرض ،انقضت عليك
الرض من أطرافها وأقطارها ،حت يكون ما تدع وراءك أهم اليك ما بي يديك من العورات ذ والعيالت ،وإنا
مكانك من العرب مكان النظام من الرز يمعه ويسكه ،فإن تفرق ما فيه وذهب ث ل يتمع بذافيه أبدا .وان
العاجم إن ينظروا إليك غدا قالوا هذا أمي العرب وأصل العرب ،فكان ذلك أشد لكلبهم فتألبوا عليك ،أما ما
ذكرت من عدد القوم ،فإنا ل نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ،ولكنا كنا نقاتل بالنصر ،فاقم مكانك ،واكتب إل أهل
الكوفة فهم إعلم العرب ورؤساؤهم ،فليذهب منهم الثلثان ،وليقم الثلث ،واكتب إل أهل البصرة يدونم".
اقتنع عمر برأي المام ،وسرّ به ،وطلب إل مؤتر السجد النبوي أن يرشح أميا للجيش الذي سيتوجه إل قتال
الفيزان وقواته ،واقترح أن يكون المي الرشح عراقيا .فوقع الختيار على النعمان بن القرن.
82
كتاب عمر والتشيع
فصاح الاضرون ..هو ..لا .فوضع المي العراقي خطة عسكرية للهجوم ،بدأت باستطلع سري تسلسل
خلله عمرو بن معدي يكرب إل مقربة من قلب القوات الفارسية ف ناوند فعاد ومعه خارطة ومعلومات خاصة
سرعان ما أخذ با النعمان والتحم اليشان وسالت الدماء فزلق جواده واستثمر الفرس كبوة الواد فأصابه سهم ف
خاصرته وكان إل جانبه شقيقه نعيم بن مقرن ،فسجاه بثوبه ،وأخذ اللواء من يده ودفعه إل الذيفة بن اليمان ،وسار
باللواء إل حيث كان النعمان وانتهت العركة بنصر كبي وترير ناوند الت أصبحت ف وسط العراق العرب ،وهي
الت يرد ذكرها ف الخبار اليومية باعتبارها موقعا مناسبا لرمي الثث القطوعة الرؤوس لعراقيي من عامة الناس.
وكان الذيفة بن اليمان ،من أصحاب المام علي وأشد الوالي له ،وهو قائد جيش عمر الذي منع الغزو
الفارسي وطرد الفرس من قلب العراق ف أخطر مواجهات الفتوح وف ناوند تلتقى الرادتان والعبقريتان وتنجح
العرب.
لكن منطق السياسة الطائفية ومناهج القطيعة تقضي بأن تقدم جاعة تمل اسم ،جيش الفاروق عمر ،لذبح الارة
السلمي وهم ف طريقهم إل منطقة قد تبعد قليل عن مكان قوات تمل اسم أهل البيت والوالي للمام علي فتداهم
بيوت الدائن وتتار عشواء وتقتل عشواء لتضع الثث الكبلة اليادي والعصوبة الرؤوس ف موقع ناوند ذاته!.
عمر يبسط رداءه للمام علي
إن السيد شرف الدين صاحب "الراجعات" ل ينكر العلقة الطيبة الت كانت قائمة بي عمر والمام علي ،فيؤيد
الرواية الت تتحدث عن بسط عمر رداءه للمام قائلً :وسأل علي عمر أيام خلفته ،فقال له :أرأيت لو جاءك قوم من بن
إسرائيل ،فقال لك أحدهم :أنا ابن عم موسى أكانت له عندك إثرة على أصحابه ،قال :نعم ،قال ،فأنا وال أخو رسول ال
وابن عمه ،فنع عمر رداءه فبسطه ،وقال :وال ل يكون لك ملس غيه حت نتفرق ،فلم يزل جالسا عليه ،وعمر بي
يديه حت تفرقوا بوعا لخي رسول ال وابن عمه!.
عمر يُقبّل رأس المام علي:
شكا رجل عليا إل عمر فلما جلس عمر لينظر ف الدعوى ،قال عمر لعلي :ساو خصمك يا أبا السن! فتغي
وجه علي ،وقضى عمر ف الدعوى ،ث قال لعلي :أغضبت يا أبا السن! لن سويت بينك وبي خصمك؟ فقال علي:
83
كتاب عمر والتشيع
بل لنك ل تسو بين وبي خصمي يا أمي الؤمني! إذ كرمتن ،فناديتن يا أبا السن! بكنيت ،ول تناد خصمي بكنيته،
فقبّل عمر رأس علي وقال :ل أبقان ال بأرض ليس فيها أبو السن.
عمر للمام السي :انتم على الراس:
عن الدكتور علي ممد الصلب ف كتابه عمر بن الطاب وقد جع فيه كل جيل ف عمر .وكل جليل لعمر.
جاء فيما رواه السي بن علي :أن عمر قال ل ذات يوم :أي بن! لو جعلت تأتينا ،وتغشانا؟ فجئت يوما وهو
خال "بعاوية ،وابن عمر بالباب ل يؤذن له ،فرجعت ،فلقين بعد ،فقال :يا بن ل أرك أتيتنا؟ قلت :جئت ،وأنت خال"
بعاوية ،فرأيت ابن عمر رجع ،فرجعت .فقال :أنت أحق بالذن من عبد ال بن عمرو ،إنا أنت من رؤوسنا ما ترى!
ال ،ث أنتم ،ووضع يده على رأسه.
وروى ابن سعد عن جعفر بن ممد الباقر عن أبيه علي بن السي ،قال قدم على عمر حلل من اليمن ،فكسا
الناس ،فراحوا ف اللل ،وهو بي القب والنب جال ،والناس يأتونه ،فيسلمون عليه ويدعون له ،فخرج السن،
والسي من بيت أمهما فاطمة يتخطيان الناس ،ليس عليهما من تلك اللل شيء ،وعمر مقطب بي عينيه ،ث قال:
وال ما هنأ ل ما كسوتكم! قالوا :يا أمي الؤمني! كسوت رعيتك ،فأحسنت ،قال :من أجل الغلمي يتخطيان
الناس ،وليس عليهما من شيء ،كبت عنهما ،وصغرا عنها ،ث كتب إل واليه ف اليمن أن ابعث بلتي لسن،
وحسي ،وعجل .فبعث إليه بلتي ،فكساها.
وعن أب جعفر :أنه لا أراد أن يفرض للناس بعدما فتح ال عليه ،جع ناسا من أصحاب النب (ص) فقال عبد
الرحن بن عوف :أبدأ بنفسك ،فقال :ل وال ! بالقرب من رسول ال (ص) ،ومن بن هاشم رهط رسول ال (ص)،
وفرض للعباس ،ث لعلي ،حت وال بي خس قبائل ،حت انتهى ال بن عدي بن كعب ،فكتب من شهد بدرا من بن
أمية بن عبد شس ،ث القرب ،فالقرب ،ففرض العطيات لم ،وفرض للحسن والسي لكانما من رسول ال
(ص).
يقول العلمة شبلي النعمان ف كتاب " الفاروق" حول عنوان " رعاية القوق والداب بي الل والصحاب ":
إن عمر ذ رضي ال عنه ذ ل يكن يبت برأي ف مهمات المور قبل أن يستشي عليا الذي كان يشي عليه بغاية من
النصح ،ودافع من الخلص ،ولا سافر إل بيت القدس ،استخلفه ف جيع شؤون اللفة على الدينة ،وقد تثل مدى
84
كتاب عمر والتشيع
النسجام ،والتضامن بينهما حينما زوجه علي من السيدة أم كلثوم ،الت كانت بنت فاطمة وسى أحد أولده عمر،
كما سى أحدهم أبا بكر ،وسى الثالث عثمان ول يسمي النسان أبناءه إل بأحب الساء ،وبن يرى فيهم القدوة
الثالية.
وكان عمر يستشيه ف المور الكبية منها ،والصغية ،وقد استشاره حي فتح السلمون بيت القدس ،وحي
فتحت الدائن ،وعندما أراد عمر التوجه إل ناوند ،وقتال الفرس ،وحي أراد أن يرج لقتال الروم ،وف موضوع
التقوي الجري وغي ذلك من المور ،وكان علي طيلة حياة عمر ناصحا لعمر خائفا عليه ،وكان عمر يب عليا،
وكانت بينهما مودة ،ومبة ،وثقة متبادلة ،ومع ذلك يأب أناس إل أن يزوروا التاريخ ،ويقصوا بعض الـروايات ،الت
تناسب أمزجتهم ،ومشاربم ،ليصوروا لنا فترة اللفاء الراشدين عبارة عن :أن كل واحد منهم كان يتربص بالخر
الدوائر ،لينقض عليه.
عطاء أهل البيت ف عهده
إن النتقادات الت رميت با سياسة العطاء ف ولية عمر بن الطاب لتزال متواصلة ،لكونا جرت على تصنيف
الشمولي إل مراتب تأخذ بنظر العتبار القرب والقرابة من النب صلى ال عليه وسلم ،والقِدم ف السلم على رأس
الشروط الول ،وهو يعتقد أن من غي العدل مساواة من قاتل رسول ال ومن قاتل معه ،وليس من العدل عنده أن
تكون مصصات العطاء واحدة لزوجة النب أو لعمه أو لبن عمه ،ولحفاده مع عامة الناس لشعور عمر بأن هذه
الساواة ستغب أهية البيت النبوي ،وهو ل يأخذ من حصة الناس ،فيعطيها للعائلة الحمدية ،ولقدماء السلمي .وإنا
يزيد حصتهم بعد أن يوزع الصص وينال كل واحد منهم نصيبه ،وكان لذا البدأ دور ف ظهور الثراء عند شرية
من أقرباء النب صلى ال عليه وسلم.
كعمه العباس بن عبد الطلب ،وابنه ،وأم الؤمني عائشة ،وكثي من الصحابة الوائل سواء كانوا من أشراف
قريش كعبد بن الرحن بن عوف ،وطلحة والزبي ،أم من عبيدهم ومواليهم السابقي ،كبلل البشي ،والبّاب بن
الرت ،وصهيب الرومي..
بعن أن حصة المام السن والمام السي كانت أكثر من حصة أبناء الصحابة الخرين .لكن تعفف المام
علي وفرضه الزهد والكفاف على نفسه وعائلته جعلت تلك الموال توزع على فقراء السلمي ،لن المام علي كان
85
كتاب عمر والتشيع
يأخذ بآية تري الكن ،وقد اختلف الفقهاء والفسرون ،ما إذا كانت منسوخة بآية الزكاة .فل يفظ ف بيته مال سائل،
ول جامد ،ول يتمتع عياله برفاه الفتوحات ،وعلى هذا جرى أصحابه كأب ذر الغفاري ،وسلمان الفارسي ،ول يرِ
عليه صحابة آخرون ،منهم عمه العباس وعائلته مادام ما يكسبه حللً طيبا.
ولّا ولّ المام علي ،عاد إل التسوية ف العطاء ،وألغى مبدأ التفضيل ،فشمل ذلك قدماء الصحابة ،وأهل البيت
الذين كانت حصتهم أكب ف عهد عمر من أموال العطاء.
وكان هادي العلوي نشر رسالة فقهية ناقش فيها آية الكن ،واعتب القول بأنا من النسوخ ،بداية تول خطي ف
اليل ،عن الزهد السلمي ،لصال الطبقة الرستقراطية الديدة ،فاصطدم رأيه بعموم السياسيي السلميي الشيعة ،إذ
ل يعتب الثرياء وكانزو الموال من الفقهاء والتجار موالي للمام علي ،على قاعدة تري الكن.
وبالعودة إل سياسة عمر ف العطاء ،فقد تن لو عاش إل " قابل " أي إل العام التال ،ليأخذ الفضول من اغتنوا
بالموال ،ويعيد توزيعها على مبدأ التسوية.
وعند هذا يعود العليّان لللتقاء مرة أخرى ،لكن النجر السموم كان قد أخذ مكانه ف أمعاء عمر ،وأحال بينه
وبي ذلك اللقاء النتظر على سياسة العطاء.
أما موقفي الشخصي ،فمازلت على حاسة القالت الت كتبتها ف الستينات والسبعينات إعجابا بسياسة عدم
الساواة ف العطاء ،لنا تأخذ بق القِدم .وامتياز العائلة النبوية ...ول أساوي من قاتل رسول ال(ص) ،ومن قاتل
معه.
عمر والعلويون ضد الجتثاث !.
أظهر أبو بكر ف معالة حركة الرتداد ف اليام الول من خلفته بعد وفاة الرسول (ص) حزما يتعاشق بالعنف ما ل
يكن متوقعا من شيخ مسال طالا عرض نفسه وسيطا لدرئ الذى عن أسرى قريش والتهمي بقضايا وجنح فيستحيل عند
خلفته قائدا ثوريا صارما ل يلي.
وبلغة الصحافة اليومية استحال أبو بكر من جناح المائم إل جناح الصقور ،ول يتساهل مع الرتدين حت بعد
أن عادوا إل السلم من جديد وأعلنوا توبتهم ،وأرسلوا بوفود الصلح إليه ،لكنه ل يترك لم شرطا فأملى شروطه
كاملةً :فل يول أي زعيم ف القبائل الرتدة ،وإن أعلن توبته وعودته إل السلطة الركزية.
86
كتاب عمر والتشيع
ول يتسلم مسؤولية إدارية ول يرسل أيا منهم إل الهاد .ومن يراجع لئحة أب بكر ،الت أصدرها ف حروب
الردة يد فيها سابقة واضحة الفقرات لقواني الجتثاث السائدة ف أيامنا هذه.
أما عمر العروف بشدته ،والذي وصفه النب (ص) بأنه يشبه النب نوح ف القسوة على قومه ،فقد تول إل
صفوف المائم عندما أملى أبو بكر بضور عمر على وفد الصلح ف حروب الردة خيارين .أما الرب الجلية وإما
السلم الخزية.
قالوا :هذه الجلية فقد عرفناها فما الخزية؟.
قال أبو بكر :ننع عنكم اللفة والكراع ،ونغنم ما أصبنا منكم ،وتردون علينا ما أصبتم منا ،وتدون قتلنا ،أي
تدفعون الدية ،وتُترَكون أقواما يتبعون أذناب البل.
نض عمر فوافقه على شروط واعترض على أخذ الديات منهم على قتل السلمي بعذر شرعي مقبول ،وإن كنت
أميل إل وجود عامل آخر دفع عمر إل العتراض لرؤيته زعماء القبائل ف ذلك الوضع الذليل ،فأراد أن يفف عنهم
ماداموا قد عادوا إل السلم مرة أخرى .قائلً حول رفض الدية :إن قتلنا قاتلت على أمر ال وأجورها على ال
وليس لا ديّات ،فتتابع القوم على ما قال عمر .وتعجب مع عجب طه حسي أن يستثن أبا بكر من زعماء الردة،
الشعث بن قيس الكندي ذلك الذي أسلم أيام النب (ص) ث ارتد بعد وفاته .وألب قومه حت ورطهم ف الرب،
وأسرع إل الدينة تائبا ،فلم يعصم دمه من أب بكر فحسب .ولكنه أصهر إليه وتزوج اخته أم فروة ث هل ف أيام
عمر ،وظهر ف أيام عثمان .وانتهى به الطاف إل المام علي لكنه كما يقول طه حسي ل يلص له نفسه وقلبه ول
يكن ناصحا له!.
ول يستطع أن يثن صاحبه وشيخه عن قراره باجتثاث الرتدين إل يوم وفاة أب بكر وإعلن خلفة عمر ،وقد
انشغل ف أسبوعه الول براجعة قرارات أب بكر مع أهل الردة فقرر عمر ما يلي:
إطلق سراح السرى من القبائل العربية وتريرهم ووضع سابقة لعدم جواز سب الرأة العربية فحرر السبايا
وأعادهن إل قبائلهن.
رأى من الفيد للدولة أن يستخدم ذوي الكفاءات العسكرية العالية لزعماء الردة بإرسالم إل الثغور والستفادة
من تاربم ف وضع الطط العسكرية على أن ل يول أي تائب من الرتدين ف مناصب قيادية عليا .فاستدعى طلحة
87
كتاب عمر والتشيع
بن خويلد السدي وعمرو بن معدي يكرب الزيدي وأرسلهما بهمة عسكرية إل العراق وفارس .وقد أبلى كل
منهما بلء حسنا وساهوا ف إناح الطط العسكرية كما استعان بم ف وفد التفاوض الذي شكله إل كسرى
انيشيوان.
وسياسة عمر كان لا أمثلة ف الدعوات العلوية ،فإذ تعرض العلويون لسياسة الستئصال والجتثاث ف الوان
الموي ،فاستثمرت ذلك الركة العباسية للتشهي بالمويي ،وليس حبا أو احتراما لياة العلويي .باشرت الدولة
العباسية بسياسة استئصال واجتثاث جذري لكل أموي زعما منها أنا تثأر للعلويي والاشيي وكان القائد العباسي
داود بن علي أكثر أقرانه حاسة لسياسة الستئصال .وبعض الشعراء يشجعون عليها ويطالبون بالزيد فتبن الزعيم
العلوي الثائر عبد ال بن السن العارضة العلنية ضد سياسة اجتثاث واستئصال المويي فقال لداود بن علي " :يا ابن
أخي إذا قتلت هؤلء كلهم فمن تباهى بلك ال ".
وكان هذا العلوي يظن أن إثارة هذا الانب ستكون كافية لنع سفك دماء المويي ،لكن داود بن علي العباسي
واصل حلة الجتثاث والستئصال حت النهاية .فيما واصل عبد ال بن السن العلوي احتجاجاته ضد الستئصال
الدموي لبن أمية.
لقد اجتمع رأي عمر والعلويي فيما بعد على رفض سياسة الجتثاث وان كان الطلوب اجتثاثه تائبا من أهل الردة أم
أمويا متهما بقتل العلويي.
فيتصدى ضحاياه بعد حي لنع وقوع الستئصال عليه رحة إلية وكرما علويا.
تقول سية الليثي ف كتابا "جهاد الشيعة " إن عبد ال بن السن العلوي أبدى سخطه على السياسة الت
انتهجها الوال العباسي داود بن علي ف التنكيل بأنصار بن أمية حيث أسرف ف سفك دمائهم.
وعند فتح مكة وضع النب (ص) لئحة بأحد عشر مطلوبا .كان منهم عبد ال بن أب ربيعة .والرث بن هشام ،ول
يشمل بالعفو العام فلجأ الطلوبان إل بيت شقيقة المام ،علي ،وتكنّى أم هان بنت أب طالب ،فعثر عليهما المام علي،
وكان مدججا بالديد ،فلم تتعرف عليه اخته الت وقفت بي علي وبينهما وحالت دون قتلهما حت بعد أن اكتشفت هوية
شقيقها .وقيل ف رواية أغلقت عليهما الباب وذهبت إل النب (ص) وشكت إليه .أسوة بثاله الاذب عمر بن الطاب
وبده الجاهد عبد ال بن السن.
88
كتاب عمر والتشيع
لقد نح عمر ف منع الجتثاث ،وأخفق عبد ال بن السن وحفيده لن الخيين ل يتلكا السلطة .ول يلك أي
منهما بعضا من قوة عمر وإن سارا على سيته.
والمد ل أن العلوي كاتب السطور والذي طارده نظـام البعث ف العراق ربع قرن لستئصاله وقف بعد
سقوط نظام الزب ف 9/4/2003على منصات التلفزيون وأمام اليكروفونات ناصحا أصدقاءه ف السلطة الديدة
بعدم الضي ف سياسة الستئصال وكان من أبرز معارضي قانون الجتثاث.
المام علي يرثي عمر
يروى عن أب طلحة كما يقول الؤرخ الصري ممد حسي هيكل ف كتابه الفاروق عمر أنه قال :ما من أهل
بيت من العرب حاضر ولبد إل وقد دخل عليهم بقتل عمر نقص ف دينهم وف دنياهم .وروي عن السن انه قال:
أي أهل بيت ل يدوا() فقد عمر فهم أهل بيت سوء.
وكان الضعفاء والبؤساء أقوى شعورا لوقع الكارثة الت نزلت بم وكان لم حصنا حصينا ويستغرب هيكل أن
ل يورد الؤرخون من رثاء أصحاب الرأي يومئذ لعمر مثلما أوردوا لب بكر من رثاء يوم قبض .وقد دخل المام
علي بن أب طالب على عمر إثر وفاته فألفاه مسجى بثوب ف ناحية من غرفته فرفع الثوب عن وجهه .يرحك ال أبا
حفص ما أحد أحب إلّ بعد النب (ص) أن التقى ال بصحيفته منك .والكثر تواترا أن عليا وقف على عمر بعد أن
غسل وكفن وحل إل سريره فأثن عليه وقال وال ما على الرض رجل أحب إلّ من أن ألقى ال بصحيفته من هذا
السجى بالثوب .فلما صليّ على عمر جاء عبد ال بن سلم ،فقال :لئن كنتم سبقتمون بالصلة عليه لتسبقون
بالثناء عليه.
أحد عشر عاما و 18الف صلة
مازال البحث جاريا ورغبتنا متواصلة ف العثور على أحد عشر عاما ف مطلع التاريخ الجري ،فقدت أو
بالحرى أم متوياتا مفقودة .وتتصل بياة المام علي وأين أمضى تلك السنوات عند ما كان عمر خليفة .العروف
فقط لدينا عنوان مسكن المام ف حي بالدينة يلتف حول مسجد بناه الرسول والصحابة ف اليام اللول للهجرة
النبوية ،وعلى بعد أذرع كان بيت لعائشة ،وثالث لعمر ،ورابع للعباس بن عبد الطلب ،والامس لعثمان بن عفان،
والسادس لسعد بن أب وقاص ،والسابع لطلحة بن عبد ال والثامن لزبي بن العوام ،والتاسع لسعد بن عبادة والعاشر
89
كتاب عمر والتشيع
لعبد الرحن بن عوف حت لنصل بترقيم الي إل أقل من نصف ألف ،حيث تنداح مساكن الصحابة وأهل الدينة.
نعرف أيضا أنم مسلمون ،والسلمون مرتبطون بواقيت الصلة المسة ،وليس لم إل مسجد واحد ،يقيمون فيه
الصلة .نعرف أن العرب تلتقي ف مال الضيافة ،وتتسامر على ضوء القمر ،وتتزاوج وقد تر الرأة الواحدة على
أربعة رجال ،إذا ما ترملت ،أو طلقت ،فينشأ ف البيت الواحد ثلثة أبناء من أباء متلفي إذا وضعنا جدولً حسابيا
لنحصي أعداد الصوات الت أقيمت ف السجد النبوي ،حيث سكان أهل الدينة القدماء والدد يتوجهون للصلة فيه
منذ افتتاحه ف العام الول للهجرة حت اغتيال عمر ،فسيبو الرقم على ( )41ألف مرة ،منها ( )18ألف مرة التقى
فيها السلمون للصلوات ف عهد عمر ،وسيكون سكان الي الذي يتوسطه السجد ،قد التقوا هناك ( )41ألف لقاء
نستقطع منها أيام الغياب ،الت يكون فيها بعض هؤلء السكان مسافرين إل مكان آخر ،وهم قلما يسافرون .وقد
جرت العادة أن يلس الصلون مع إمامهم ف حلقات بعد كل صلة ،يتساءلون عن أمور دينهم ودنياهم ،فإذا امتدت
اللسة نصف ساعة بعد كل صلة ،فسيكون مواطنو الدينة قد التقوا ف عهد عمر عند السجد ( )9000ساعة ،عدا
ساعات الغياب .فهل كان من بي هؤلء الصلي رجل يدعى عليا ،وأخر يسمى عمر ،وثالث يدعى عثمان ،أم تراهم
كانوا يصلون ف بيوتم؟! ،وإذا ما حضروا والتقوا تسعة آلف ساعة ،هل كان الواحد منهم يلس وظهره على
الخر ،أل يتحدثوا ف أمر هذه الدولة الديدة وشؤونا ،ويتشاوروا ف أزمتها؟ .أو يتحدثون عن عرسهم الديد.
الطلوب أن يتفرغ جيل من الدعاة والباحثي ،للبحث عن هذه السنوات الفقودة ف حياة المام علي ،والت حجبها
الفريقان إل قليلً لكي ل يرى أتباع علي العاصرون ،أن إمامهم كان إل جنب عمر ،إذنا لفم ،ولكي ل يعترف
الفريق الخر أن عمر كان على هذه الصلة بعلي .نشعر بالاجة إل مزيد من السئلة الساذجة ،لنقفو أثر المام،
خارجاتً من بيته ليسأل عن صغرى بناته أم كلثوم ،الت طلبها عمر ،فاستجاب علي ليولد لما زيد حفيدا مشتركا.
أل يدث أن زار المام علي ابنته ،وداعب حفيده ،وقد رأى بأم عينيه ،كيف كان جد أولده يلطف السن والسي
فيكبان ظهره وهو يصلي ،أم أن المام قاطع ابنته ،لنا تزوجت من عمر دون رغبته! .فتكون أم كلثوم مارقة ،وهو
ما ل يدث لبنات العرب حت ونن ف عصر الشاعية النسية؟.
أم لن الزواج ل يصل كما يقول بعض مؤرخي الشيعة؟.
90
كتاب عمر والتشيع
إن العثور على الحاضر الشفوية لـ %10فقط ،من 18ألف جلسة و 9000ساعة ،سيجهز الؤرخي
والدعاة بادة تزيد على ما كتبه الطبي والبلذري أضعافا! .فكيف اختفت إحدى عشر سنة ،و 18ألف صلة ،و
9000ساعة ،ومن وضع الجر على سكان الدينة ،فمنعهم من التجوال ،ومكثوا ف بيوتم ل يرى الواحد منهم
الخر ،ول يزاوجه و ل يضاحكه أم أنم كانوا حيي ،مثل أحياء فلسطي وإسرائيل ،يترامى فيها الطفال ،بالجارة
على جال السلطة ،أو أن تكون سلطة الدينة ف وضع البحث عن الارقي والنشقي عن دين ال؟ .لبد من أنّ واحدا
من هذه الشاهد ،كان قائما .والذي يبدو أن الصراع السياسي والطائفي قد فضل مشهد الحياء الفلسطينية على
الشهد النبوي ف مسجده .وهذا اجتهاد الفعل أما برهان النقل ،فلم يذكر الؤرخون أن المام علي كان ل يضر إل
الصلة ف السجد احتجاجا مثلً على الليفة .وإنا ذكروا أن سعد بن عبادة مرشح الزرج وصاحب السقيفة ،هو
الذي قاطع الصلة ف السجد أيام أب بكر وف السنة الول من خلفة عمر.
عـمــر والـعــراقـيـون
حرر مصر فأوف له الصريون
وحرر أرض السواد فكبا أهلها!
91
كتاب عمر والتشيع
العراق العمري:
تارييا وبإجاع ل يرج عليه مؤرخ ،أن عمر بن الطاب هو ناشر السلم العراقي ومؤسس العراق العرب الول.
ولو كان عمر من أباطرة المم والشعوب ،الت مرت على العراق فأقامت أو رحلت ،لكان "العمريون"هو السم
الذي يتسمى به سكان الرافدين ،بد ًل من لقبهم الوطن حاليا ،مثلما سُمي أهل تلك البلد بالسومريي والشوريي
والبابليي ث العثمانيي.
وتاريخ العراق العمري يبدأ ف العام الثان عشر للهجرة بقرار بناء مدينة البصرة ،ث الكوفة من بعدها ،لتشكل
هاتان الدينتان الذر الزروع لضارة عربية إسلمية ،ستنشأ وتربو وتيّء لب جعفر النصور بناء الدينة الثالثة الت
استعصم فيها ،فصارت بغداد مركز تلك الضارة ،والبصرة والكوفة جناحيها اللذين طارت بما من الصي إل أبواب
فرنسا.
إن عمر من هذا الانب مؤسس حضارة رافدية مثلما كان سرجون الول وحوراب ونبوخذ نصر.
ولعله أضاف إل سكان بلد الضارات الرافدية ،حضار ًة أخرى إل جانب السومرية والبابلية والكادية
والشورية.
وسيكون الهتمام بعمر والقتراب منه من باب الهتمام بالتاريخ العراقي وتكري مؤسسيه الوائل.
وسيكون حُب عمر بن الطاب من حُب العراق والعتزاز به من باب اعتزاز الشعوب برجال استقللا وإناء
شخصيتها الضارية الت كانت نب الناهبي ،والعراق آنذاك ف منطقة فراغ ،إذ ل يغط الحتلل الفارسي للعراق
الكتلة السكانية والغرافية وإنا عاش مصورا ف قطع صغية ،وانتشر بأسلوب الرخبيل على جزر ل تشكل أكثر من
ربع مساحته الغرافية ،بينما أنساح العراق العمري على جغرافية العراق من بصرتا إل موصلها.
إن عمر بن الطاب بدوره هذا ،إنا مَنَح دورا للعراقيي ولبقاع مغمورة كالبصرة ومهجورة كالكوفة وغي
معروفة كبغداد أن تكون جاذبا لستقطاب القبائل العربية الكبى ،فاستقرت الضرية ف البصرة واليمانية ف الكوفةِ
وبما أخذ العراق شكله العرب الول.
92
كتاب عمر والتشيع
وخلل وقت ل يسب بداول الزمن ،صارت الكوفة مركز القيادة لركة الفتوحات ،وأصبحت مصائر دول عريقة
وشعوب آسيوي ٍة تتد من جنوب العراق ومن بر قزوين حت مشارف الصي ،مرهون ًة بالقرار الذي سيصدر من الكوفة.
والعرب ف العراق لبدّ أن يكون خارجا إل مدينته الالية من الكوفة ،ولو كان جنوبيا ،إذا ل تتحرك اليوش
العربية صاعدةً من البصرة ،بل نازلةً من الكوفة إل مدن الفرات النوبية ،أو عابرةً إل دجلة ومنها إل بر القزوين،
بعد أن تكون قد التفتت إل الشمال لتتربع الوصل على جذرها العرب القادم من الكوفة.
و بفضلِ عمر مؤسس البصرة ومُصر الكوفة ،تعرفت العرب على مدارس النحو واللغة وعلوم الكلم والفلسفة.
إن دور عمر ف العراق مثل دوره ف مصر ،والعراق العمري صنو مصر العمرية الت أضافت إل حضارتا حضارةً
جديدة ومدنا جديدة.
الفرق أن الصريي كانوا مع عمر أنقى ومع تاريه أوف.
افتخر الصريون ببطلهم الديد،فأنصفوه وحلوه أسلوبا للدارة ،وأنوذجا للزهد والتسامي ،وروحا للعدالة
اللية .فيما كبا أهل العراق كبوتم ،فلم يكتب فيه مثقف ينتسب إل ثقافة التسنن .أو آخر منسوب على التشييع
سوى علي الوردي وآخرين خارج الحيط الدين.
إن مؤسس العراق العرب أهلهُ العروبيون ،فلم يصدر كتاب مستقل فيه عن مؤرخي "فطاحل" ،وأُدباء "فُحول"،
أمثال الشيخ ممد بجت الثري والدكتور عبد العزيز الدُوري ،وأستاذ التاريخ العرب ناجي معروف ،كما ل تصدر
الؤسسة الدينية ومركزها العظمية أو الوصل كتابا يُعرّف العراقيي بؤسس حضارتم السلمية ومّصر بصرتم
وكوفتهم.
بيد أن الصريي أخلصوا الو ّد لؤسس حضارتم العربية .فكتب العقاد عبقرياته منشورةً ف غرف الدرس وعلى
أرصفة الدن العربية .وكتب طه حسي "الشيخان" و"الفتنة الكبى" بزئيها مُنصفا مستلهما روح السلم ومنهج
البحث العلمي الديث.
وكتبت بنت الشاطىء والستشار عبد الليم الندي وأبو زُهرة وعبد الرحن الشرقاوي ف المام علي وف تلك
الفترة السلمية الثية ،فتشكلت الدرسة الصرية مرجعا سنوليه الهتمام ف صفحات قادمة.
93
كتاب عمر والتشيع
أمّا العراق فَخُل ٌو من هذا النهج ،وتلك الدرسة ،رغم كونه ميدان الصراع الطائفي القدي والاضر ،وإذ يعزو
الُطلعون على أسبابه إل جهل الناس بتاريهم السلمي ،فَلم يسأل أح ٌد إل من تُعزى أسباب هذا الهل.
إنم يكتبون من فوق ،ناشرين طُعونم على العامة ،وكأنم يتوقعون أن يولد العراقي وهو يرضع العلم ،ويتسي
أكواب الثقافة من مشارب ل يتلكها أساسا.
إن الجتمع بؤسساته الدينية والدولة بؤسساتا الثقافية هي الت تتحمل السؤولية عن جهل الناس بتاريهم ،ول
تلتفت الوزات العلمية الشيعية والدارس الدينية السُنية إل التعريف بثروة من التراث السلمي القيم ف معماريات
الئمة والشيوخ والولياء ،فياها الناس شاخصة ،ول يعرفون شيئا عن أسرار القيمي ف ثراها سوى ما يقدمه السدنة
من أوراد وإذكار.!..
إن وزارات الثقافة العراقية كان يكن لا أن تنهض بهمة تُجنّب العراقيي شيئا من هذا الصراع ،لو عُنيت
بإصدار سلسلة كتب للتعريف بن تنتسب إليهم تلك العماريات ،لكن وزارة الثقافة أصدرت مرةً كتابا عن ألعاب
الصبيان ف سامراء متجاهلةً معمارية سامراء العباسية ،تلف أحزانا ملتويةً إل السماء ،وتمل شاخصة السلم
العَلوي ف معمارية المامي علي الادي والسن العسكري ،الت تعرف عليها الناس مقطوعة الساء ومزقة الحشاء!.
ومن الفارقات أن حكومات العراق ذات الطابع السُن ،ف قرارها ،وف أغلبيتها خلل الثماني عاما الاضية ،ل
تلتفت إل هذا الانب فتنشر كتابا مستقلً بأب حنيفة القيم ف العظمية ،وبعماريته الفقهية ،ول توقفت يوما ف باب
الشيخ ودخلت مسجد الشيخ السن عبد القادر الكيلن ،فلم يُعرف عنه سوى أنه (أبو قبقاب).
إن علماء السنة وشيوخها ومثقفيها ل يُنصفوا إمامهم العظم ،ول ينشروا علم العلماء الدفون ف مساجد الشيخ
معروف الكرخي والشيخ جنيد والشيخ السهروردي وآخرين.
ومثلهم ف التقصي والغفال كان فقهاء التشيع ،وحوزاتم العلمية الت ل تنشر بعد ألف عام على تأسيسها كتابا
عن المام علي بن أب طالب يطلع عليه جيل عن جيل ،ول كتابا مستقلً عن المام الُسي ،لكن بعض أتباعهم من
الدرجات الوسطى ربا اهتموا اهتماما خاصا بفاجعة كربلء فكتبوا عن الفاجعة دون الكتابة عن السي.
94
كتاب عمر والتشيع
وباستثناء كتابات ف التاريخ العام للعتبات القدسة ،ومدن التشييع العراقي وكتب الرجال ،وقد صدرت من
خارج الوزات العلمية ،فلم يتوفر لشيعة العراق كتاب يُعرفهم بأئمتهم على الطريقة ،الت كتب فيها العقاد وطه
حسي والشرقاوي وأبو زهرة.
ومن الغريب أن الذين أعتنوا بذا الانب من التاريخ السلمي ،هم من خارج الطار الدين ،ومن الحسوبي
على العلمانية ،وربا اتموا بالزندقة واللاد ،كالدكتور علي الوردي وهادي العلوي وفيصل السامر.
أما التاريخ العام فقد حظي باهتمام فريق من علماء التاريخ كالدكتور عبد العزيز الدوري والدكتور مصطفى
جواد والدكتور جواد علي والستاذ ناجي معروف ،من ابتعدوا عن تاريخ سي الئمة والفقهاء الذين تدور حولم
اهتماماتنا.
الكوفة ججمة العرب
ولنا مركز القوة العربية الول وفاتة فارس فقد أحبّها عُمَر وفضّلها على الدن الت أقامها ،كالبصرة ف العراق،
والفسطاس ف مصر ،ول يُعرف ِلعُمر عشقُ الشام با نعرفه عنه من عشق الكوفة ،فأطلق عليها أجل اسي تمِلهما
مدينة :رأس السلم مرةً وججمة العرب مر ًة أخرى.
فهي العروبة والسلم وليست الشقاق والنفاق كما تزعمون.
أما البصرة فكانت ف مركز هامشي ل يتوجه إليها سوى قبائل غي متمرسة ف القتال كما يقول هشام جعيط ف
كتاب الفتنة وكان مركزها هامشيا ولَعلها قامت ف بعض الحيان بدور مساعد للكوفة.
وإن كان ذلك ل يعن أنّه فضّل أهلها على أهل البصرة ،وإنا كان الهتمام بسبب دورها أمّا العطا ُء فكان واحدا
لهل البصرة وأهل الكوفة ولعطاء غيهم من القاتلي.
ومع ذلك فقد َن ِفسَ أهل البصرة كما يقول ممد حسي هيكل ف كتابه الفاروق على أهل الكوفة موقع ب َلدِهم
وما تدر عليهم من الي.
وكان وف ٌد من البصرة قدم إل الدينة وشكا من سوء أحوالم الناخية فقال الحنف بن قيس ِلعُمر:
يا أمي الؤمني إن مفتاح الي بيد ال وإن إخواننا من أهل النصار نزلوا منازل المم الالية بي الياه العذبة
والنان اللتفة وإنا نزلنا سبخ ًة ملتفة ل يف نداها ول ينبُت َمرْعَاها فليس لنا زرعٌ ول قرع ،ويرج الرجل الضعيف
95
كتاب عمر والتشيع
ب الاء ف فرسخي وترج الرأة لذلك فَتُربقُ وَل ْدهَا كما يُربقُ العن "أي يربط بالبل" ياف بادرة العدو ،وأكلِ
يستعذ ُ
السبع ،فان ل ترفع خسيستنا وتب فاقتنا نكن كقومٍ هلكوا.
اتذ عمر ساعتها قرارين ،أن يزيد عطاءَهم وأمر عامله على الكوفة أبا موسى الشعري ليجري لم نرا على بُعد
ث الاءُ هناك أعذب ل يتلوث بياه البحر َبعْد.
ثلثة فراسِخ إل شال البصرة حي ُ
وكانت قبائل البصرة تتنافس مع قبائل الكوفة ،ونافست الدينتان على أمادها ودخلت القبائل ف هذا التنافس
فدَخَ َل معها شعرُ التفاخر ،وهو أول تفاخرٍ للمكان بعد الفخر بالقبيلة.
فهل كانت تلك بداية لختلف أهل البصرة وأهل الكوفة ف علم النحو ،فيكون لكل منهم مدرسة خاصة وأن
يتلفا ف الذائقة البلغية ،فيكون لدرسة الكوفة ذوق أقرب إل طبيعة البداوة ونقاء الصحراء وسهولة القاصد
والفكار ،فيما جنحت البصرة نو التعقيد مُستعين ًة بعلم النطق والرياضيات ف كتابة النحو والبلغة؟.
ول يكن ذلك كافيا لسترِ الكوفة وحايتها عن الطعون على مرّ القرون العربيّة.
وأهل الكوفة ما يزالون يوصمون بالتمرد والحتجاج ومناكدة الولة وإثارة القلقِل وأضيفت إليهم طعون بعد
ضرِبَ الثل ف الكوفة حت سُميت حص بالكوفة
مقتلِ المام السي ف معركة الطف وخذلنه بعد تأييدهمَ ،ف ُ
الصغرى لكثرة احتجاجها على الولة.
ف واحد :كونما على أطراف البادية وارتياح القبائل العربية للسكن فيهما
وف ظننا أن ما يمع الكوفة وحص ظر ٌ
وخضوعهما لذات الؤثرات.
ض معروفة برملتها المراء غي الأهولة ،فأخذت اسها من رملتها الت تسمى عند
الكوفة ناشئة ول تكن سوى أر ٍ
العرب بالكوفة لمرتا .وإنا كان ظاهرها عامرا ويُدعى بالية ملكة الناذرة الشهية ِ ،والعروفة بالعصر الاهلي
باسم الغَري قبل أن تأخذ لقبها الال وتسمى بالنجف ،والنجف هي ما ارتفع من الكان ولذا يُسمي الصريون ثريات
الضوء بالنجفة لنا مرتفعة ومتألقة.
وكانت الية معروفةً بدياراتا السيحية الدهونة بالطلء البيض فكأنا تبدو من بعيد نوما متألقة ،فكيف وصل
الصريون إل هذه النتيجة ول يصل إليها العراقيون؟.
هذا شيء عن كوفة الفرات ،فعن أي كوفةٍ تتحدثون؟.
96
كتاب عمر والتشيع
كوفة السلم ف عنفوانه العُمري وصراعه مع الارج الجنب الناكر للسلم ،أم كوفة السلم ف مثاله العَلوي
تصارع النشق عن اللفة لتستعيد وحدة الدولة العربية السلمة كما رسها عمر بن الطاب؟.
سنحتكم ف الواب إل الكوفة ذاتا ،وإل مناهجها الول ،فهي ف عهدها الول بنت لعمر ولفقهه وتاريه ،وأبو
حنيفة النعمان بن ثابت هو فقيه الكوفة وعند هذا الرجل يلتقي العُمران والعَليان ف الدرس الفقهي الواحد ،وليس
ج والُخدرون بالال الموي والترياق الصفوي.
سذّ ِ
على حلبةِ اللكمة كما يشطح الاهلون وال ُ
ب آخر
الكوفة ججمة عمر ورأس علي ،توأم الط الحمدي ،الذي سارت عليه قاطرة العرب .لكن فيها من جان ٍ
س بفقه الدينة الحافظ
صراعا شفيفا ليس بي عمر وعلي ،بل صراع مدارس وثقافة وتربية ورأي يُمسك مالك بن أَن ْ
ويسك أبو حنيفة بفقه الكوفة النفتح أو الراديكال كما يُسمى ف أيامنا.
ح بي الدينتي سياحة
ونترك الستشار عبد الليم الندي ف كتابه عن أب حنيفة الصادر عن دار العارف ف القاهرة يَسو ُ
العال العارف بدقائِقها.
كان للمدينة من السلطان الروحي ما عب عنه مالك لليث بن سعد بقوله" :إن الناس تبع لهل الدينة الت إليها كانت
الجرة وبا نزل القرآن".
وكانت حضارتا بسيطة غي معقدة ول مشوبة بتخليط ،الشاكل فيها قلئل ،والوقائع تتشابه وتتشاكل .فإذا
عرضت مسألة ،فإن أشباها ف السوابق حِكما ف النصوص :يسيطر على أهلها اعتقادهم أنم لن يصنعوا خيا ما صنع
آباؤهم ،لنم تابعون وآباؤهم متبوعون ،ومن عقيدة التابع أنه ليس كالتبوع ،وأنه لن يكون جيل التابعي ول أي
جيل بعده أو قبله كجيل الصحابة رضوان ال عليهم.
أما الكوفة ففي ذلك القليم من أقصى الزيرة حيث ل تك ُن مادة الفقه والحاديث والسنن هي الواء الذي
يتنفس الناس فيه ف كل مكان كالدينة ،فإذا أقبل بنوها على العلم أقبلوا من تسامح الحيط الواسع الذي ينادي
بالجتهاد بالرأي ،حيث الناس من كل الجناس ،يقبلون على الدين الديد تؤنسهم مدينة كبية وتكتنفهم معاملت
وتارات ونوازع شت وفنون حضارة تتاج ف كل وقت إل الرأي الديد ،ل تغن عنه النصوص القليلة التداولة.
جاءوا يدلون بدلوهم ف الدلء ،يتحرون ويتقرون ل تكد تدأ رحلتهم بعد ،ول تكن لتهدأ إل بعد أن تستنفدها شت
ضروب النشاط الادي والفكري أو يعتورها الكلل والرم.
97
كتاب عمر والتشيع
لقد تلزم الجتهاد والهاد ف تاريخ السلم ،وتالف الركود الفكري والركود العسكري من ألف عام:
قامت مدرسة الكوفة تقول باللق والبتكار ،واستعصم أبو حنيفة فيها مستمسكا بالرأي وبالتشدد ف قبول
الحاديث ورواتا وعارض فقهاء الدينة وأشياعهم.
ث تطاول اللف الفقهي فتحول إل خصام ،وأعلنت حرب الذاهب بي كلمات قارصة كقول القائل " :وضع
أبو حنيفة أشياء ف العلم ،مضغ الاء أحسن منها ".ومستشنعات من اللفاظ سنرى أمثا ًل منها بعد :وغدا فقه العراق
ِهمّ الجاز القيم العقد"...
لكن سياسة عثمان أولَت البصرة اهتماما جعلَها الركز الساسي لرسال اليوش الت زحفت إل كرمان
وسجستان وخراسان سنة 31للهجرة وعُن عثمان بالبصرة وأهلها عناية عمر بالكوفة وأهلها.
إن المام عليا عندما فكّر ف جعل الكوفة عاصمةً للخلفة فكأنه يستلمها من عُمر بعد معركة المل بي البصرة
العثمانية والكوفة العمرية وكان المام علي يسعى لن تستعيد الكوفة مدها السابق.
وبتعبي الذاهب والفرق كانت الكوفة من شيعة عمر وعلي وعمار بن ياسر.
والبصرة من شيعة عثمان وعائشة والزُبي وطلحة بن عبيد ال ،والفريقان ها ،من أتباع ممد (ص).
إن الؤرخي يتداولون بظلم معلوماتٍ وأحكاما عن أهل الكوفة كمثال للشخصية العربية العروفة عندهم
بالشقاق والنفاق وقطع العناق والرزاق ،فيما أخذت الكوفة قطعَ العناق والشقاق مرةً من قبائل الردة الت
استوطنتها ،ومر ًة من انشقاق البصرة على خليفتها الشرعي ،وبقيت الكوفة عربيةً خالصة ول يكن للعراقيي الصليي
عليها شي ٌء من عناصر النفوذ والقوة وشعبها متسلح بتقاليده اللقاحية الصارمة وعقيدته السلمية النافذة .فتعرب با
من تعرّب من ل يكن عربيا ول تتعرق الكوفة إلّ ف القرن الثان للهجرة.
أي أن العراقيي ل يقتلوا المام السي،لن أهل الكوفة ل يكونوا عراقيي آنذاك.
واستمرت مدينة أُحادية النس قبل أن تتحول ف القرن الثان إل مدينة عالية متعددة الثقافات والعراق.
إن الكوفة ف فجرها الول هي على ما رأيتم.
والكوفة ف فجرها الثان هي مدينة الثقافة والعلوم والشعر واللغة مهمومة بموم النُعمان بن ثابت ومدرسته
وبنحو الكسائي ومدرسته.
98
كتاب عمر والتشيع
أهل الكوفة ليسوا عراقيي !
مازلت مُترددا ف أي منهما سيكون نَسَبا تنتسبُ إليه الكوفة ،وهل َيصِحّ القول :إنا عراقية وأهلها عراقيون،
وليس فيها من العراق إلّ أرضها وموقعها على الريطة.
أهل الكوفة هم أه َل اليام من الحاربي الوائل ف مأثرة الفتح وعناصر من الشاركي السابقي ف حروبِ الردة،
الذين تابوا وشاركوا ف فتح بلد فارس فاستوطنت الكوفة ،ول تكن من قبل مأهولة قبل صعود قبائل عربية من اليمن
ومُضر ومذحج وكندة وتيم وأسد ،فتشكل منها الركز العسكري العرب الكبي ف العال الساسان السابق ومركز
القوة العربية ،وكان أهل الكوفة هم الذين سيطروا أساسا على وسط إيران وشاله ،من ميديا وقوقس وجرجان إل
طبستان وأذربيجان.
ولن مُجتمعها من تلك الصول القبليّة العريقة العروفة بثقافتها اللقاحية أي رفضها للسيطرة الركزية والضوع
لقو ٍة فوقها وتردها على الخر الُتسلط ،فقد ُطعِنَت الكوفة بالنشقاق والنفاقِ ،كونا عراقية ،ول تكن َبعْد قد تأثرت
بناخ العراق.
نلة العراق أم زيتون الشام:
ل عن فاكهة الشام وعلقة العرب بالزيتونة ،الت يلتقونا حديثا ،أقولُ:
بعد استطراد تاريي وسياسي أشغلنا قلي ً
ي فهل تُفضِل عليها مرارة الزيتون؟.
إن العرب فضلت رُطَبةَ التمر على الت ِ
أل ترى أن العرب حت الن ل يستسيغون الزيتون مثلما يتلفتون ف موائدهم بثا عن الرُ َطبِ الفقود.
أقولُ :إن الشجرة العربية الفضلة هي النخلة بل منازع وليست الزيتونة وسنحتكم إل أحاديث نبويّة وشواهد
ح النخلة منجما لغوي ُا ترج منه الصطلحات إل يومنا هذا ،فتستقل با ل تستقل شجر ٌة أخرى
من شعر العرب لتصب َ
باسمٍ خاص لغصانا وهو السَعفُ ،وجعلوا من سُعفتها أداة لغاثة الستغيث وجب الكسور فقالوا :أسع ْفهُ ،أي قدّم
إليه السَعفة فأغاثه ونّاه من الغرق أو طبّبه با ومنها عرفنا السعاف الطب .فهل رأيتم أثرا للزيتونة ف لغة العرب؟.
كان َعصُر عمر امتحانا لقبائل الزيرة واليمن لختيار شجرتم ومدينتهم .فصدقوا للنخلة وانتسبوا للبصرة
والكوفة ،فكيف استطالت صراعات الذاهب فصارَ العراق لعلي والشام ِلعُمر ،فريقي متصارعي ،وهُما جيش واحد
ومدينة واحدة وسلوك ممدي ل ينشطر الواحد فيه شطرين إلّ بناشي القطيعة؟.
99
كتاب عمر والتشيع
الـمثــالب الـلـيـلـة
إذا كـان عمـر خاطـئـا
فالشـــورى خـاطئـة!
100
كتاب عمر والتشيع
الجتهدات العمرية:
أحصينا لدى الدكتور على ممد الصلب أربعا وثلثي مسألة فقهية اختار عمر العمل با ،وعنه أخذتا الدارس
الفقهية السلمية كلها ،أو بعضها.
ومع ذلك فالؤرخ الدكتور ممد حسي هيكل ل يرى ف عمر ميلً نظريا أو أن ما يصدر عنه من اجتهادات
جاءت من هذا الانب وهذا صحيح.
إن الياة الجتماعية ومستجدات السياسة اليومية ،والتغيات الكبى الت أحدثتها الفتوحات والتساع الغراف
والسكان للدولة الناشئة ،هي الت أملت على عمر بن الطاب هذه الختيارات ،ومنها:
كراهة الصلة ف جلود الثعالب().
إن جلد اليتة يطهر بالدباغ إذا كانت طاهرة ف حال الياة.
إنه إذا شرط :أنه مت حلّ القّ ،ول يوفّ ،فالرهن بالدين ،فهو مبيع بالدين الذي عليك ،فهو شرط فاسد.
إذا وجد الغري عي ماله عند الفلس ،فهو أحق با.
أن عي الدابة تضمن بربع قيمتها.
أن الشفعة ل تكون إل ف الشاع غي القسوم.
توز الساقاة ف جيع الشجر.
لتلزم البة إل بالقبض.
من وهب لغي ذي رحم ،فله الرجوع ما ل يثب عليها ،ومن وهب لذي رحم ،فليس له الرجوع.
إن مدة تعريف اللقطة سنة.
يوز أخذ اليسي من اللقطة ،والنتفاع به من غي تعريف.
إن اللقطة إذا تاوزت الدة العتبة ،فلم يعرف مالكها،صارت كسائر أمواله غنيا كان ،أو فقيا.
اللقيط يقر بيد من وجده ،إن كان أمينا.
جواز الرجوع ف الوصية ،وقال :يغي الرجل ما شاء من وصيته.
101
كتاب عمر والتشيع
إن الخوات مع البنات عصبة ،لن ما فضل.
إن للجدات وإن كثرت السدس ،وهو قول أب بكر .ف أم ،وأخت ،وجد ،للخت النصف ،وللم ثلث ما بقي،
وما بقي للجد .إذا كان زوج ،وأبوان ،أعطى الزوج النصف ،والم ثلث ما بقي ،وما بقي فللب ،وإذا كانت زوجة،
وأبوان ،أعطيت الزوجة الربع ،والم ثلث ما بقي ،وما بقي فللب ،وهاتان السألتان تسميان بالعمريتي ،لن عمر ذ
رضي ال عنهذ قضى فيهما بذا اختيار توريث ذوي الرحام إذا ل يكن ذوي فرض ،ول عصبة.
يستهدي بالنص لتوليد النصوص
تشكلت ف عهده دولة كبى بأجهزة صغية ومؤسسات صغرى وبآليات شبه بدائية ،وبثل عليا سامية أضفت
على الدولة طابعها ،فحكمت الدولة ل بنظومة إدارية أو بشبكة أمنية متراصة ،بل بنظومة قيم متعاشقة .وباجتهادات
قائمة على شراكة .فكأن حكمه أقرب إل حكم البهة الوطنية ف أيامنا ،ف جانب الشاركة .لكن دولة أخرى ل
تتوصل بعد ال التطبيقات العمرية للمثل العليا ف السلم .وهو ماسيّناه بالطباق العمري .حيث تنعدم الفروق بي
النص النظري والقطع التطبيقي على الرض ،فاستكملت ف زمنه أحكام الليات القرآنية والحاديث النبوية ،فعاد إل
فقهاء الصحابة وعلى رأسهم المام علي ليتشاوروا ف مراجعة النص ،ويستخرجوا أحكاما تتواءم مع مستجدات
الواقع السلمي الديد ،فنسب إل عهده الكثي من التطورات الفقهية والفكرية.
ولذا فلم تكن نسبة السائل الفقهية إل عمر مبالغا فيها ،لنا ف الساس حصيلة للية وضعت لتوسيع الشاركة
ف التطورات السياسية والعسكرية والفقهية.
تري زواج التعة
ل أتوقع أن تكون لزواج التعة الذي حرمه عمر هذه الساسية لدى بيئت الشيعية ،حت عندما نددت بامش
سريع بأهل التعة ف كتاب (الشيعة والدولة القومية).
وكنت أحسب أن معيار تليلها وتريها مرهون بالعايي الجتماعية ،وقد عشت خسي عاما ف ميطي البغدادي
بي الكرادة الشرقية وكرادة مري ،وكلتاها كانت شيعية ،فلم أسع قارئا حسينيا أو حديثا على لسان أب وجد،
يدور حول التعة ،وهكذا ينطق با دون مضاف .وهي ترد مفردةً على غي العبارة الفقهية "زواج التعة".
ولكنن كنت أسع أن بعض الرجال الوسرين يذهبون إل إيران ويستمتعون بالنساء هناك().
102
كتاب عمر والتشيع
وعند خروجي إل سوريا ولبنان ،كثر السموع عن زواج التعة ،بكم وجودي كمعارض سياسي سابق قريبا من
بيئة إسلمية مضة وكان جواب على إشكال التحليل والتحري ،أن لست إسلميا ،وأن اللل فيها والرام ل أستمده
من نص فقهي لل إشكال كهذا ،وإنا من موقف الجتمع إزاءه وهل هو من الفضائل الت يصرح با أم من الالت
الت إذا حدثت فعلى نطاق الستور؟!.
ل أحب تكرار السؤال الكرر والوجه إل التحدثي عن حللا ،وإذا كانوا يوافقون على تزويج أحد نسائهم
زواج متعة! .ول أدخل ف مساجلت يثار فيها زواج السيار عند أهل السنة وأنواع أخرى بدأت تنشأ ف حجر
موصدة وأمام عيون مفتوحة.
أقول ..لست بذا الصدد،ولكن أرى ف التعة مشهدا ل يتقبله العرف العام ،والذوق العام ،والشرف العام،
ل مع شقيقت يتغي ثلث مرات بالسنة ،إذا كان زواج التعة بشروطه وعدته،
والتقليد العام ،إذ ليعقل أن أرى رج ً
وإ ّل فالارجون على الشروط يكن لم أن يروا مئة رجل لشقيقة واحدة ف العام الواحد! .فإذا كان ذلك مقبولً ف
الشرع ،فلست من يتقيد بذا اللل .وهذه مسألة اجتماعية ل أقترب فيها من نص يللها أو يرمها ،ولو كان مرّمها
من أهل الاهلية .لا تغي ف المر شيء ولتبعته عرب الاضر ،عن طيب خاطر ،مادام ذلك نابعا من طبيعة الجتمع
وأخلقياته الت درج عليها ،وِلمَ ل والكثي من مرّمات الاهلية ،بقيت على حالا ف السلم؟.
وف رواق علمي خالص ،تثار روايات استفهام على جلة إجراءات وقرارات دينية وسياسية واجتماعية ما يروى
ويسمع من نقد بعيد عن منابر القطيعة والتشهي ،طففناها مسرعي ف ثنايا الصفحات مادامت طفيفة.
أما العلمات العريضة ،فتستوجب مراجعة أوف وأكرم ومنها:
هل اغتال عمر،سعد بن عبادة النصاري زعيم الزرج ،وأول مرشح ف السقيفة؟.
هل كان مصيبا باجلء اليهود والنصارى من جزيرة العرب؟.
من أين يستمد صلحياته ف الجتهاد با ل يكن لغيه؟.
هل يتلك عمر حق إدخال عبارة الصلة خي من النوم ف أذان الصبح؟
هل كان الزهد مطلوبا منه ف عصر الفتوحات؟.
لاذا ل تتفظ سيته بالكم والوصايا؟.
103
كتاب عمر والتشيع
مشكلت الدرة الت يفق با الناس؟.
هل أحرق مكتبة السكندرية؟.
ف بعض هذه التساؤلت تلتبس الثالب بالكارم ،وقد ينتهي التطواف با إل شاطيء الفضائل ،وتكون ذاتا..
الثالب الليلة؟.
مثلما كان الوقف ف السقيفة من وجهة نظر سياسية ،وكما هي الال مع تري التعة من وجهة نظر اجتماعية ،فلنكتم
أنفسنا لخر الطاف.
غي أن اعتراضات فقهية تتصدر لئحة الستفهام الول ضد اجتهادات عمر بن الطاب ف قضايا خطية.
ولننا نتعامل بالسياسي والجتماعي ،وننأى الوض فيما نن لسنا مؤهلي له ف مسائل اللف الفقهي ،فكان
طبيعيا أن تندرج اجتهادات عمر معنا ،حيث اندرجت ف الدرسة الصرية ،وعند التنويريي ،وهي عندنا من مفاخر
العقل السلمي ،دونا حاجة إل شيء من التوسل بالسوغات الفقهية والستدارات النطقية لتمييع الجتهدات العمرية
وحشدها ف مسائل التباع والتقليد ،وهي ما انفرد با عمر ،فأبدع بالمكن وأعطى السلم زخا ظل الفقهاء يفتقرون
إليه.
وما يتيح حرية البحث ف النتقادات الوجهة إل عمر بن الطاب ،أنه ل يدخل ف العصمة حسب القواعد
السلمية ،وكان على ظننا يتعمد إشهار بشريته فيمنع اعتبار ما يقوله إ ّل رأيه هو وليس رأي ال .ويعلو صوته ف
انتقاد خطأ وقع فيه ،وترتفع نبته درجة أعلى عند تصيص من قال بطئه امرأة كانت أم رجلً ..صحابيا كبيا أم
عابر سبيل .ول يكن وهو "يلد" نفسه ،إثر حوار يُخَطّأ فيه ،إ ّل متعمدا تقيقا لبشريته واحتمالت الطأ والصواب.
إن الانب البشري ف عمر بن الطاب يغري الناس ف مساءلته واستجوابه دونا حرج ،ول أخفي انبهاري بذا
الانب ،وإباحة سري ،ف اليل نوه ،والرأة على الكتابة فيه ،إن بشرية عمر تعل "مثالب القطيعة" جليلة وانتقادات
الحايدين قابلة للرأي وضده.
الصلة خي من النوم
أرى أن أذان الفجر ينطوي على روح طبقية ف ذات النب (ص) ،ثائرة على البطرين والدللي والكسال
والفارغي الذين ينامون حت الضحى ،وكنا نتمن لو كان صوت الؤذنِ حيا ،تس فيه برارة الوجدان ،وليس مسجلً
104
كتاب عمر والتشيع
على شريط مروط.
إن بعض التحدثي ينسبون إل عمر بن الطاب إضافة جلة والصلة خي من النوم إل الذان ،فهل لدينا من
العرفة التاريية والفقهية مايدفعنا إل تأييد هذا الرأي أو نفيه؟.
إن بعض الؤرخي إذا كانوا من أهل الذاهب ،فهم مثل أهل السياسة والعقائد الذين يكتبون التاريخ الديث على
ضوء عقائدهم ،وليس على منعكس الحداث والوقائع .لكن الرواية تعكس شخصية صاحبها وعندي شيء من الثقة
بالقدرة على فحص الرواية العمرية على ضوء سايكولوجية الرجل ،وما نتعارف عليه بعاله الاص ف الذائقة والعرفة،
والوجدان والسلوب ،وسيكون اجتهادنا أنا ل تصدر عن عمر ،ليس بالدليل النقلي ،كما قلنا وإنا بواءمتها مع
روحية عمر وأسلوبه ،وها معروفان لدينا.
العتقد أنا ترتبط بالسنوات الول للبعثة النبوية ،والناس ل يعتادوا بعد على الستفاقة ف ذلك الوقت ،إل لل أو
مرض أو َهمّ من هوم العشق ،فيسألون النجوم مت تغيب ليوا ف الصباح التال من يبون رؤيته ،فل بد من حث
السلمي على اليقظة البكرة ،وإفهامهم أن الصلة أفضل وأجل من الستغراق بالنوم.
وننكر أن يكون ذلك حصل ف خلفة عمر ،ورغبة منه ،لن الدينة تعودت على صلة الفجر بعد تلك
السنوات ،وصار مألوفا أن تبدأ نارها قبيل ظهور الط البيض ف الفق ،فيستمر بعضهم يقظا ،ويعود آخرون إل
افتراش أرضهم.
وف جانب السلوب ننكر أن تكون العبارة لعمر ،وهي تشي إل طلب شفيف ،يدل على مرحلة مبكرة تستدعي
الرفق الشديد بالسلمي الناشئي والذر من أن يغلبهم النوم ،فيما السلم ف عهد عمر قد تذر وتذرت طقوسه ف
نفوس السلمي،حت صارت العبادة عادة.
أما آخر ما نزعم به لنكار صدورها عن عمر ،أنا لو ل تصدر ف زمن الرسول (ص) واجتهد عمر إضافتها لسباب
موجبة لوردت العبارة بلغة ناهية أو آمرة مشبعة بإحساس القوة الت وصل إليها السلمون ف عصره ،وليست من طبيعة
عمر تلك الوادعة والليونة ،فيترك الكلفي مستغرقي بنومهم ،وهو الذي يعال أسباب صراخ الطفل الذي ل ينم ليلته.
وهو صاحب العسس ،جّواب الليل .فكيف يدع البطرين نائمي والصلة قائمة؟.فيلمسهم با هو بديهي .والبديهي أن
الصلة خي من النوم!.
105
كتاب عمر والتشيع
كان عمر على طريقته هذه ،سيخرج النائمي والدرة تعلو رؤوسهم ،ولو كانوا قادة من وزن سعد بن أب وقاص أو
شعراء من وزن حسان بن ثابت.
أقول لو أن الضرورة دفعت بعمر لضافة عبارة ،الصلة خي من النوم إل الذان ،لكان النص كما أتيله هذه
الساعة يل مسامعي على الصورة الفترضة معاذ ال.
حيّ على الفلح ذ حيّ على الفلح
لخي ف نائم ،والفجر لح
استغفر ال ل ولكم.
هل كان الزهد مطلوبا ف ثراء الفتوحات ؟
يرى كتّاب علمانيون أن زهد عمر فيه بعض التكلف والصطناع ،وقد يكون غي مبر ف دولة انفتحت على
بيت الال ،فيها خزائن الاس والذهب وأموال الراج من أغن دولتي ف الشرق القدي ،وطَفر معدل الدخل الفردي
إل أكثر من مئة ضعف ،ودخلت أموال إل الدينة فقيل أن بعض الصحابة كانوا يكسرون أحجار الذهب بالفؤوس.
ويدعمُ القائلي بذا الرأي أ ّن الدولة السلمية ل تكن ترّم الثراء ،والشرع يدفع السلمي إل التجارة الت ترد ف
النص القرآن والديث الشريف ف موارد الثناء.
إ ّن المام علي ييبُ على سؤال العترضي من أهل العلمنة والداثة ف حوار مع الربيع بن زياد الارثي منقولً
سكَ
عن الحنف بن قيس أنّ الارثي جاءَ إل علي وقال :يا أمي الؤمني إنّ أخي عاصم بن زياد لبس العباءة وتن ّ
وهجر أهله فقال له المام:
عليّ به ،فجاءه وقد ائتزر بعباءة وارتدى بأخرى ،أشعث أغب ،فقال له :ويك يا عاصم ،أما تستحي من أهلك.
أما ترحم وِلدك؟.
أل تسمع قوله تعال ):ويّلُ لم الطيبات( ،أترى أن اللّه أباحها لك ولمثالك ،وهو يكره أن تنَا َل منها ،أما سعت
قول رسولَ ال (ص) إ ّن لنفسك عليك حقا ولولدك عليكَ حقا؟.
فقال له عاصِم:
فما بالك يا أمي الؤمني ف خشونة ملبسكَ وخشونة مطعمك وإن أقتدي بزيك؟.
106
كتاب عمر والتشيع
فقال له المام :ويك إنّ ال فرض على أئمة الق أن يتصفوا بأوصاف أفقر رَعيتهم ،لئل يزدري الفقي بفقره،
وليحمد ال على غناه.
ودخَلَ سويد بن غفلة على المام علي ف بيت المارة بالكوفة ،وبي يديه رغيف من شعي وقدح من لب،
والرغيف يابس ،فأنكر سُويد علي ِه ذلك فالتفت إليه المام قائلً:
و َيكَ يا سُويد ما شبع رسول ال (ص) من خبزٍ ثلثا تباعا ،حت لقي ال ،ولنُخل له طعام.
ي رثٍ ،وهو جالسٌ عليه
وف رواية ثانية عن سُويد أنّه قال :دخلتُ على عليٍ يوما ،وليس ف داره سوى حص ٍ
فقلتُ يا أمي الؤمني أنت ملك السلمي والاكم عليهم وعلى بيت الال ،وتأتيك الوفود ،وليس ف بيتك سوى هذا
الصي فقال:
إن البيت ل يتأثث ف دار النقلة.
وف النص تتركز الجابة على مبدأ قد نتعارف عليه بإشعاع النموذج أو جاذبية الثال يتصل بتعفف الاكم
فيتعفف من معه.
وهذا جانب أخلقي وسياسي كان له دور ف انذاب الجتمع السلمي نو حكامه الزاهدين.
ويتصل البدأ الثان بالألوف السلمي الدين ،الذي يعافَ متاع الياة الدنيا ،زاهدا بدار النقلة مطمئنا إل ما
ستوفره دار القامةِ.
ل يستمر زهدُ اللفاء بعد أب بكر وعمر وعلي ويعزو مؤرخون كطه حسي وعلماء اجتماع مثل علي الوردي
ومفكرون يساريون كهادي العلوي وحسي مروة إل عثمان بن عفان مسؤولية الروج على زهد عمر وعلي إل حياةٍ
أكث َر رفاها وترفا.
يقول هادي العلوي ف كتابه فصول من تاريخ السلم السياسي:
إن البناء الذي شرع عمر بن الطاب ف إرسائهِ على صعيد السياسة الداخلية انار بعد مقتله مباشرةً ،وذلك حي
ض با عثمان إجراءات عُمر عدم متانة
توصلت الرستقراطية السلمية إل تعيي عثمان ف حي أثبتت السرعة الت نق َ
الساس الذي قامت عليه ،وقد عبّرت سياسة عثمان .عن نقاو ِة موقفهِ (الطبقي) كان انيازه الاسم إل الرستقراطية
قد رافقه وقطَعَ أوهى الصلتِ ،الت ربا كانت تمع السلم الرسي بالعناصر الستضعفة ف الجتمع الديد.
107
كتاب عمر والتشيع
قد ل أتفق مع هذا التحليل ،لعدم اعتمادي أساسا على النهج الطبقي ف تفسي التاريخ ،ولِظن أن التطور
الجتماعي الذي أحدثته الفتوحات ف زمن عمر واستمر إل خلفة عثمان كان سينقل الدولة الديدة إل مرحلة
أخرى ل يكن للجزيرة العربية عهدٌ با ،وكان رأس الدولة سيتصرف سواءً كان عثمان أم غيه على ضوء العناصر
الديدة والواقع الرأسال الديد لذه الدولة.
لكن عثمان كان دائما يدفعُ ثن التطورات الفاجئة اقتصادية أم سياسية أم إدارية ،لن نصيبه الُق ّدرَ قد وضعهُ
خليفةً لعمر وأمامه إمام تتطلعُ إليه قلوب الستضعفي من أهل السلم الوّل.
إن عثمان كان ف مأزق سيكون مثله أي ُمرَشح من الستة الذين تنافسوا على اللفة ف ملس الشورى.
كان المام علي يستحوذ على أحلم ومشاعر عامة فقراء الدينة وأرجاء الدولة السلمية ،فيما التاهات العامة
للدولة ل يكن باستطاعتها أن تضعَ للتاهات الطبقية الت يعزُزها تعفف عمر وزهد علي .ول يستوعب هذا الط أن
يُقاوِم النقلة ،الت أحدثتها الفتوحات ف الجتمع والقتصاد والثقافة وما يترتب على ذلك من تأثي ف الزاج والطموح
لدى السلمي.
باعتقادي فإن أول من استجاب لذه النقلة القتصادية والضارية هو عثمان ،الذي ل يد ف مزاجهِ وتربيته منذ
الطفولة ،وحت الشيخوخة ما يتناقض ومفهوم الرفاه .وقد نشأ أميا ف ميطه وصاحب ثروة ومولً للحركة السلمية
الديدة الت قادها النب (ص).
وكان التطور الذي حدث عند عائشة مشابا لواقع عثمان ،فهي زوجة مؤسس الدولة السلمية ،وقائدها
نب السلمي وابنة أول خليفة ف السلم ،والصحابية الت كان الصحابة يتنافسون على رواية حديثها ،وقد امتدّ
با العُمْر إل ما بعد الثماني ،وأصابت حِصَتَها من الغنائم طيلة سبعي عاما .وسيكون لعائشة دور المية
الُعاصِرة ،وهي تُطّلُ على أعرابِ وفقراء متمردين على الليفة فتُعب بكلم ينقله الطبي ،ويد فيه الاركسيون
مبتَغاهم لوصفها مثلة الرستقراطية السلمية الديدة.
تقول عائشة:
108
كتاب عمر والتشيع
إن المر ل يستقيم ولذه الغوغاء أمرٌ ،ويردد الزبي بن العوام شيئا من روح حديثها ،وقد تول هذا الصحاب إل
طبقة جديدة مدعوما بشرف الصُحبة ونبالة النَسَب القريب من النب (ص) ليقول عمن يُسميهم بغوغاء المصار ،وقد
ظاهرهم العراب والعبيد يتزاحون لجوم على بيتِ الليفةِ الثالت فيقُتلُوَنهُ.
( إذا ل يُفطَم الناس من أمثالا .ل يب َق إمام إ ّل قَتَلهُ هذا الضرب).
ليس لعمر حكم ووصايا
يضفي النهج الكلسيكي على عمر بن الطاب معظم العناصر والسمات الت يشترك فيها من هم ف درجة أدن
من النبياء حواريي وصحابة أئمة ومريدين وأتباعا من الرعيل الول.
ومن هذه السمات أن يكون الواري والصحاب والمام ف عداد الكماء ،الذين ينقطعون إل أنفسهم ،فيتعلقون
بعال الثل اللية ،وتتحد ميلة الصحاب والمام والواري والفقيه الول بالنشور الروحي ،ويستحيل الواحد منهم
حكيما كلقمان أو أفلطون أو كونفيشيوس.
إن بعض الدارسي والتحدثي صنفوا عمر بن الطاب ف هذا الطراز النقطع إل فكره والقيم مع ميلتهِ.
أما تيار القطيعة فلطالا تدث عن فقر الياث العمري من الكم والوصايا ،وهي عندي من الثالب الليلة
وسنرى دليل قولنا هذا.
إن عمر ليس معدودا ف الكماء ول تتسق ظروف الكمة مع مزاجه أو طبيعة عملهِ ف الاهلية والسلم.
فهو أولً رجل عملي واقعي ،يعيش تفاصيل الياة اليومية ،ويبه الصغي فيها با يبه الكبي ،فيما الكيم منقطعِ
ج من عزلته
معتكف ،جسده على الرض وعيناه إل السماء أو أن تستديرا نو الكائنات الصغية مشغولً با لعله ير ُ
قواعد للناسِ.
وعمر من أصحاب الشاريع الكبية ،وهؤلء أقل الناس كلما وأوجزهم نصائح وأبعدهم عن الوصايا ،فإذا
ع على تاربم
ل حافلً غي مُسجل على لسانم بل هو مطبو ٌ
انقضى عهدهم تركوا للشعراء وللتقطي الكمة سج ً
اليومية.
109
كتاب عمر والتشيع
ل يكن عمر بن الطاب مسوبا على الفكرين والبدعي ،لكنه كان يتلك حاسةً مشبعةً بروح العدالة ،وروحا
شعرية شفيفة ،ول يضع عمر أمامه فكرةً يكرهها على أن تتحول إل الياة بالقوة ،وإنا تتحول التجربة عنده إل
فكرة.
إنه أقرب إل صنف التكنولوجيا وليس من صنف التنظي الثال.
ل يقرأ عمر بن الطاب كتابا ف أخطار الجرة الريفية على القتصاد الوطن ،عندما قرر إجلء أبناء القبائل الذين
لأوا إل الدينة النورة ف عام الرمادة بعد عودة الطر والظهور الول للعشب والاء ف الزيرة ،عند انتهاء الفاف ف
ذلك العام.
ول يكن عمر يبحث ف الثيولوجيا ول ف النثربولوجيا حي منع أبناء الشعوب الفتوحة من القامة ف الدينة.
فهو ف ذلك الوقت كان معنيا ببناء متمع ناشىء متجانس وبتجربة حديثة العهد ،قد تتضرر من اتصالا واحتكاكها
بثقافات سابقة وتارب عريقة لليهودية والسيحية والجوسية ولنظريات الكم الساسان والرومان.
لكن بعض الصحابة كانوا يستقدمون معهم أشخاصا معدودين كاصطحاب سعد بن وقاص شخصا يدعى جُفينة،
واصطحاب الغية بن شعبة لرجل يُدعى فيوز الكن بأب لؤلؤة .وهو الذي اغتال عمر بن الطاب بنجر مسموم.
إن عمر منع ف السنوات الول الحتكاك الجنب بجتمع الدينة حفاظا على نقائه وسلمةِ دينه ووحدته ،وف
ذهن عمر حذر أن ل يتمع دينان ف جزيرة العرب ،وكما يقول أبو يوسف صاحب الراج ،فإن الفاروق خاف من
النصارى على السلمي.
وهكذا أجلى نصارى نران ويهود خيب من قلب الزيرة إل الشام والعراق وشل الجلء مراكزهم النظمة
ومؤسساتم وأبقى الفراد البُسطاء الذين ل يشكلون خطرا .
يذكر أن النب ممد (ص) قد أبقى اليهود والنصارى ف أيامه وأجلهم عمر ف أيامه.
وعمر يعطي للمستجدات الجتماعية والقتصادية حقها ودورها ،فقد انتزع أرضا أقطعها النب (ص) إل بلل
بن الارث الُزن ،وطلب عمر منه أن يتفظ بزء يسي ويُوزع باقي الرض على مستحقيها.
110
كتاب عمر والتشيع
سّره غي الخفي ومفتاح سيته وشرط فهمه وتفهمه مصورٌ ف قاعدة وشرط عدم المتثال السريع ،فهو ل
يركض إذا ركض أقرانه من صبيان بن عدي وراء صوتٍ أو صخبٍ ،ول يستسلم لرأي استسلم الريد ،وف
شخصيته حصانة داخلية تول بينه الستقبال السريع للمعلومة والفكرة والب.
وعلى صعيد التنفيذ فهو ل يقدم على أَم ٍر دون أن يناقشه حت يقتنع به .على أن يفتح أذنيه للصغاء قبل أن يفتح
صدره للمناقشة والعتراض.
وكانت روح العارضة تل صدره ،وكأنه ليس رئيس هذه الدولة وأميها فيندد بخالفات الولة ويقاضي رجال
الصف الول من الصحابة.
ويفق رؤوسهم بالدرة ،وإن كان الخفوق بستوى سعد بن أب وقاص وأب موسى الشعري وطلحة والزُبي
والغية بن شُعبه.
كان إحساسه بالعدالة يلتقط ظلم الولة وجنوح المراء ،فيبدو دوره أقرب إل رئيس الحكمة الدستورية ف
دولة ديقراطية.
أجلء اليهود والنصارى عن جزيرة العرب :
كان قرار عُمر إجلء السيحيي واليهود من شبه الزيرة العربية مفاجئا ،فهم ف الحكام أهل ذمة وحقوقهم على الدولة
ع فيها .وهم ف الواطنة عرب ،وعمر بن الطاب مُتعرب ،والتعربون كما يقول الاحظ ف كتاب العثمانية
وواجباتم مقطو ٌ
هم من لم ميل وحب للعرب تاريا ولُغ ًة ومَصالِح.
فعلى أي مُسوغ قام قرار الليفة؟.
من حق الستشرقي التقاط هذا الجراء ،ووضعه على سطور التشريح والنقد والنتقاد ،فكأنه قرار يصدر من
خارج عُمر .لو فَصلّنا ثيابه ومزا َجهُ وعقيدَت ُه فما الذي َحصَلَ؟.
إذا كان الدافع الشية من الكيد ،فقد أُُت ِهمَ اليهود على مرّ العصور وتغيّر المكنة بذه الثلبة الت أُلصقت بم
بق أم بغي حق ،فما الذي فعله النصارى حت يلي الزيرة منهِم؟
ب فقهاء ومؤرخون على هذه التساؤلت بقواعد الفقهِ وأحكامه ما لسنا ضليعي به ،لسيما والكتاب يبتعد
أجا َ
عن ملمسةِ الوانب الفقهيةِ ،ويركز على ما هو سياسي واجتماعي حت ف تناول السائل الدينية.
111
كتاب عمر والتشيع
ل دورٌ ف رأيه ،فيقولُ:
وهو رأي .وعمر يرفض أن يكون ِ
انه رأيي .فإن أصبت فهو ل ،وإن أخطأت فهو عليّ.
ص عليهِ.
أمّا ما هو ل فهو منصو ٌ
وَلكَ أن تقول بطأ ف قرار لعُمر ،وتعترض مثلما اعترضت امرأة ف السجد النبوي على مسألة تديد مهور
النساء ،فذكرته بالية الت أط َل َقتْ الهور واعتذر وقال حكمته الشهورة :اخطأ عمر وأصابت امرأة.
فهل أخطأ ولاذا ل يعترض عليه أعضاء الحكمة الدستورية ف ملس الشورى الُنعقد خس جلسات ف اليوم بعدَ
الصلوات المس.؟
ولننا لسنا من أهل الفقه ،فسنقتصر الجابة على مُقرارات سياسية واجتماعية وما يتعلق بما ،فنقول ف دوافع هذا
القرار :إن صحو ًة ديني ًة كانت رياحها تضرب أناء الزيرة قبل السلم ،الذي لو تأخر ظهوره نصف قرن لكانت الزيرة
العربية حاليا جزيرة مسيحية مع أقليّة يهودية وموسية.
ولن جوارها ،الدولة الرومانية ف بلد الشام ،كانت السيحية مُرشحةًُ لذا الدور ،فقطع ظهور السلم عليها
فرصة النتشار العرب .والنافسة كانت ستكون شرسة ف الزيرة لو تأخر ظهور السلم قليلً.
أمّا اليهود فهم وبسبب عدم أخذهم بأسلوب التبشي ،فلم يكن ثة خوف من انتشارهم ،لكنهم أصحاب
مهارات ل يرت ِق إليها سُكان الزيرة ،لسيما الهارة الالية والدارية والتنظيمية ما كانت بدايةَ تأسيس الدولة السلمية
تفتقر إليه وتتاجه.
وكان مكنا لو ل يرِ عليهم ذلك الجراء وفيض الموال يزخ عليهم من بلد الشام وبلد فارس ومصر وظهور
طبقة رجال العمال من الصحابة ،وهم تّار مُتمرسون ،وباتساع الموال والؤسسات أن ترى مع كلُ رجل أعمال
صحاب مدير أعمال يهودي يصرف أعماله ،وصاحب الال يدري أو ل يدري ،كما هي حال أهل الليج ف أيامنا
هذه ،فلكل رجل أعمال مدير لعماله من مسيحيي لبنان الاهرين أو من مسيحيي أوروبا.
ونَميل إل سبب آخر ربا فكّر عمر به ،وال أعلم ،لتفسي قرار إجلء اليهود والسيحيي من الزيرة العربية،
حاجة المم والدول ف سنوات نشوئها الول للتجانس الجتماعي ،الذي بدونه قد تقع مكوناتا الناشئة تت ضغط
112
كتاب عمر والتشيع
النموذج الضاري لديانات متمرسة ومقتدرة على أن تد لا مكانا ف زحة انشغال الجتمع السلمي بآثر
الفتوحات.
إحراق عمر مكتبة السكندرية
ف التداول التاريي أن عمر بن الطاب أمر عمرو بن العاص إحراق مكتبة السكندرية ،الت أنشئت ف عهد
البطالسة ،وفيها 700ألف ملد ،فأسعفت آلف المامات بوقود لدة ستة أشهر.
يرى ممد حسي هيكل ف كتابه الفاروق إن هذه الرواية "إحراق عمر مكتبة السكندرية" ،نشأت ف بيئات شيعية.
قائلً " :ولعل هذه السطورة نمت ف بيئات الشيعة ،فذكرها أبو السن القفطي ف كتابه" :تاريخ الكماء" ،ونقلها عنه
أبو الفرج بن العِبى ،وكلها عاش ف القرن الثالث عشر اليلدي ،وقد تداولا عنهما من جاء بعدها من الؤرخي .وقد
أحكموا حبكها .وف وسعك أن تتبيّن هذا الحكام من طريقة روايتها .فقد ذكروا أن قسيسا من القبط يدعى حنّا()
النحوي عزله ممع الساقفة لزيغ ف عقيدته ،كان قد اتصل بعد الفتح بعمرو بن العاص ،فلقى عنده حظوة لذكائه وصفاء
ذهنه وغزارة علمه .فلما اطمأن إل إقبال عمرو عليه ،قال له يوما ":لقد رأيت الدينة كلها وختمت على ما فيها من
التحف .ولست أطلب إليك شيئا ما تنتفع به ،بل شيئا ل نفع له عندك وهو عندنا نافع ".
وسأله عمرو :ما يعن بقوله ،فأجاب ":أعن بقول ما ف خزائن الروم من كتب الكمة " .فقال له عمرو ":إن
ذلك أمر ليس ل أن أقتطع فيه رأيا دون إذن الليفة" .ث إنه بعث إل عمر يسأله رأيه ف المر ،فجاءه الرد من الدينة
وفيه ما يأت ":وأما ما ذكرت من أمر الكتب فإذا كان ماجاء با يوافق ما جاء ف كتاب ال فل حاجة لنا به ،وإذا
خالفه فل أرب لنا فيها وأحرقها " .فلما جاء هذا الكتاب إل عمرو ،وأمر بالكتب فوزّعت على حامات السكندرية
لتوقد با ،فما زالوا يوقدون به ستة أشهر .هذه خلصة وجيزة لرواية القفطي ،وقد أردفها بقوله ":فاسع لا جرى
وأعجب!"
أنت ترى براعة البك ف هذه القصة .فحوار بي حنا وعمرو ،وكتاب من عمرو إل الليفة ،ورّد من الليفة
يأمر بإحراق الكتبة ،وتفصي ٌل دقيق للطريقة الت نفّذ با هذا المر .كيف يبقى بعد ذلك كله أي ريب ف صحة هذه
الوقائع؟! وكيف يال الؤرخي السلمي فيها الشك وقد كتبت ف القرن السادس السلمي حي جد التفكي والنقد،
وأصبح جهد الؤلفي مقصورا على نقل الروايات الت ذكرها من سبقهم دون تحيصها لعرفة صحيحها من باطلها.
113
كتاب عمر والتشيع
فليثبت الؤرخون السلمون هذه القصة العجيبة كما هي ،ولينقلها اللف منهم عن السلف ،وليذكرها الؤرخون
السيحيون مؤمني بصحتها ،وليعلّقوا عليها با يشاءون ،فهم ل يكونوا يتصوّرون السلم والسلمي إل اقترنا ف
أذهانم بالتعصب الذموم والقسوة الوحشية .ولتبق هذه الوقائع مقطوعا بصحتها حت يلقي عليها النقد العلمي ضياءه
الكشاف فيظهر بطلنا ،فيزيفّها "جبّن" ،ويزيّفها "سدّيو" ،ويزيفها "رينان" ،ويزيفها "جستاف ليبون" ،ويزيفها "بتلر"،
ويزيفها غي هؤلء من الؤرخي ،ث تزيفها دوائر العارف البيطانية والسلمية وغيها ويزيفها تاريخ الؤرخ ،ويذكر
ف تزييفها ونفيها ما قرره علماء السلمي صراحة من" أن ما يغنم ف الرب من كتب اليهود والسيحيي الدينية ل
يوز بال أن يقدم طعاما للنار ،وأن مؤلفات العلماء والؤرخي والشعراء وعلماء الطبيعة والفلسفة ي ّق النتفاع با
لي الؤمني" .ول تسب أن الؤرخي اكتفوا ف نفي هذه السطورة بالسناد إل مثل هذا العتبار العام ،فقد تناولوها
بالتمحيص حت ثبت لم أنا لتثبت له ،ث نفوا حوادثها واحد ًة واحدة نفيا علميا دقيقا مستندا إل أوثق الصادر".
إبطال الرواية
ويبطل ممد حسي هيكل هذه الرواية ونوجز مناقشته ف هذه النقاط.
إن الباحثي الستشرقي ،ومنهم الستشرق البيطان ألفرد باتلرسون صاحب كتاب " فتح العرب لصر" اكتشفوا
زيف رواية إحراق الكتبة ،ونفوا أن يتحدث حنا النحوي إل عمرو بن العاص ف أمر الكتبة ،لنه مات قبل دخول
السلمي مصر بـ 115عاما.
وإن مكتبة البطالسة ل تكن قائمة عند فتح العرب مصر .وقد احترقت سنة 48للميلد أثناء هجوم قيصر على
السكندرية .وإحراق الصريي السفن حت ليصل إليهم ،فوصلت النيان إل الكتبة .وجاءت على متوياتا .وليس
صحيحا أن الكتبات الت نقلت متوياتا بعد احتراق مكتبة البطالسة ،وأقامت أخرى كانت باقية عند الفتح ،فقد
أهديت الكتبة إل كيلوباترا عوضا عن السارة الت لقتها بضياع مكتبة أبائها ملوك مصر البطالسة.
ويأخذ الستشرقون على الؤرخ عدم حياده إذ تنتهي الرواية بقوله استنكارا لا فعله عمر فاسع لا جرى واعجب.
أما الستاذ عباس ممود العقاد ف عبقرية عمر فيتوقف عند هذه الرواية ،ويصها بست صفحات من الكتاب
وباهتمام ل يوله لوضوعات أكب منها أهية لصلة العقاد بقضايا الفكر وأهية الكتبات عنده وسخر من رواية إشعال
المام بجلدات مكتوبة على الرق الذي ل يشتعل!.
114
كتاب عمر والتشيع
ل تكن الرواية شيعية
ول يتحدث العقاد عن بيئات شيعية صدرت عنها الرواية ،با كان يوحي عند هيكل أن أبا السن القفطي وابن
العبي من بعده كانا من أهل التشيع ،لكن العقاد يثي نقاطا جديدة ،فيلقي الضوء على القفطي أو ابن القفطي ،وكان
له أب معجب بصلح الدين اليوب ،فوله قضاء القدس .أخطر مهمة ف الروب الصليبية ،وعاصر ابن القفطي ،عبد
اللطيف البغدادي العجب مثله بصلح الدين ،فتلقيا ف القدس ،وسع منه هذه السطورة الت توسع ابن القفطي ف
نقلها ،فكان أول من ألف هذه السطورة من حاشية صلح الدين لتزكية حاكم مصر الديد.
وبذا القطع يبطل القول بأن الشيعة كانوا وراء الحرقة الكذوبة.
وصلح الدين حارب الشيعة ،فليس معقولً أن تصدر من مؤسسته السنية رواية شيعية تسيء إل عمر بن
الطاب.
وبالقدر الاص بكاتب السطور الستبطن .مناهج القطيعة ،والقيم سبعي عاما ف البيئات الشيعية الالصة ،له أن
ينفي دورا للشيعة ف ترويج خب حرق الكتبة ،رغم أنن أجد احتمالً لمكان أن يكون الشيعة وراء الب الدوّن ف
القرن السادس الجري ف عصر اللف الذهب واتاذ الدولة السلجوقية إجراءات ضدهم وخروج فقهائهم من بغداد
إل ظاهر الكوفة وتأسيس جامعة النجف السلمية.
وهذه اللحظة لتقوم أساسا لنتحال تلك السطورة لتعارضها مع حركة التشهي بعمر وسقفه العروف ف
تيار القطيعة ،والذي يدور حول تنكيل عمر بأهل البيت "واغتصاب اللفة من علي" و"مواجهة الرسول"
و"صلته باليهود والنصارى" وكسر ضلع الزهراء و"إسقاط جنينها مسن" والسكوت على أب بكر ف وضع اليد
على عقار كان للرسول ويدعى فدك ،ول يرتق مستوى التشهي" إل مافوق ذلك! فيشمل إقدام عمر على حرق
مكتبة تضم الياث الوثن والسيحي فيحرم البشرية من الستفادة منها.
لقد عشت ف ميطي منذ سنوات الوعي حت الن ستي عاما ،ل اسع قارئا وخطيبا من العروفي بكراهيتهم
لعمر ،وهو يشي إل إحراق مكتبة السكندرية ،والسبب أن هذا العمل ل يعد من معايب عمر ،وهو يرق كتب
الوثنيي والسيحيي ،ويفضلون رواية إحراق بيت فاطمة على إحراق مكتبة السكندرية! .ويروجون لا كلما مرّ
اسم عمر على متحدث منهم!.
115
كتاب عمر والتشيع
شطحات الدرة
درّة عمر ليست آلة للقمع ول عصا للهانة ،ولهي ما يسميه العسكريون بعصا التبختر الضغوطة تت البط
بي ذراع الرجل وجنبه ،وإنا هي كما نكرر القول شطبة من غصن رمان على الكثر ،أخذت اسها من وظيفتها
الول ،حينما كانت تستعمل لداعبة فخذ الصان لثه على السراع وملمسة ضرع الناقة أو البقرة لكي تدر حليبها
فسميت بالدرة .ومعن هذا أنا ل تصلح لليذاء والياع ،لكنها عندي أداة إشارة وتنبيه لغافل او لخالف ،فكأنا
تتحرك مثل عصا الايسترو على مسرح الوبرا ف توزيع هارمون ،ل يعلوه صخب ،ول لغو من القول ،ول استخفاف
بالداب ،ول طفيف من الروج على القبول الجتماعي ،والدين .أما ما زاد على ذلك فهو من مهمة من سينفذ
القصاص جلدا بالسوط أو بعصا العقاب .وإل ما كان لعمر أن يفق با كبار الصحابة ،ومنهم البشرون بالنة ،ول ير
فيها الخفوق إهانة أو أذى يوجع السد والنفس.
ولعله ل يكن ينظر إل من هو أمامه سوى أنه من الرعية ،فيعلوه بالدرة اذا ما خالف هامشا من تلك المور.
وكان من الخفوقي با طلحة والزبي بن العوام وسعد بن أب وقاص وعمرو بن العاص وأبو موسى الشعري والغية
بن شعبة.
لكن الرويات ل تتحدث أنه خفق أًحدا من بن هاشم ما يثي التساؤل العريض عما وراء ذلك؟.
فلماذا خفق با كبار الصحابة ،ول يفق با صغار بن هاشم ،وهم عنده سواء ،ومالفة الوامش توجب الفق
صدرت عن هاشي أم من غيه .أل يفسر هذا أن عمر كان يضع بن هاشم ف مواضع أخرى؟ .فإذا كان عمر يتوقف
عند عامة بن هاشم فماذا كان مقام زعمائهم كالعباس بن عبد الطلب وابنه؟.
يروى أن عمر خفق رجال ونساءً ف الرم ،كانوا يتوضأون سواسية ،ففرقهم ،ث قال لرجل من إدارة الرم:
أل آمر أن تتخذ حياضا للرجال وحياضا للنساء؟.
ث اندفع فلقيه المام علي ،فقال عمر :أخاف أن أكون هلكت.
قال المام علي :وما أهلكك؟.
قال :ضربت رجالً ونساءً ف حرم ال.
116
كتاب عمر والتشيع
قال المام علي :إنك راع من الرعاة ،فإن كنت على نصح وإصلح ،فلن يعاقبك ال ،وإن كنت ضربتهم عن
غش فأنت الظال.
ويروى أن رجل جاء إل عمر فقال :يا أمي الؤمني انطلق معي ،فأعن على فلن فإنه ظلمن .وكان عمر،
مشغولً ببعض المور العامة .وقد يكون ،وال اعلم ،أنه شعر أن استجابته لثل هذه الدعوات ،تول مركز اللفة إل
مركز شرطة ف قرية ،فانتفض عمر وخفقه بالدرة قائلً:
تتركون عمر وهو مقبل عليكم أي عندما يقوم بولته ف أحياء الدينة ذ حت إذا اشتغل بأمور السلمي
أتيتموه .فانصرف الرجل متذمرا .فهاجم عمر الاضع دائما لعتاب الضمي شعور عاجل بالث ،فاستدعاه على الفور،
وألقى إليه بالدرة وطلب إليه أن يفقه با .لكن الرجل تركها ل .فأخذه معه إل بيته وصلى ركعتي ،فما كان من
الحنف بن قيس وكان معه إل أن يوجه كلما لعمر لو وجه بعضه لأمور الدود أو ضابط المارك على حدود عربية
لرمك من دخول البلد وتتركك ف عراء عرعر وحفر الباطن ،أو عند الرطبة وأبو الشامات .فلم ياطبه بلقبه أميا
للمؤمني قائلً :يا ابن الطاب كنت وضيعا فرفعك ال .وكنت ضا ًل فهداك ال .وكنت ذليلً فأعزك ال .ث حلك
على رقاب السلمي ،فجاء رجل يستعديك فضربته فماذا تقول غدا لربك إذا أتيته؟.
ويتتم الحنف روايته قائلً:
فجعل أي عمر يعاتب نفسه معاتبة ظننت أنه خي أهل الرض.
ل كان عرض الطريق ،وأراد عمر بذلك إماطته عن سبيل الناس .فلم تصب الدرة إل ذيل ثوبه ،فم ّر
وخفق بالدرة رج ً
عام فلقيه ف السوق ،فقال له عمر:
إنـي أردت الج هذا العام ،وأخذه إل بيته .ويده بيده فأخرج كيسا من ( )600درهم ،فقال له:
استعن با .واعلم أنا من الفقة الت خفقتك عام أول.
فأجابه الرجل :وال يا أمي الؤمني ما ذكرتا حت ذكرتنيها.
قال عمر :وال مانسيتها.
لاذا يدث لعمر ذلك كله ،ولاذا تشطح الدرة؟.
117
كتاب عمر والتشيع
يبدو أن الدرة تتحرك عنده بفعل انعكاسي يتصل برؤية الخالفة فل يطيقها ول تتجاوز مهمتها هذه الدود .ولو
كان عمر يستعمل الدرة للعقاب كما ف بعض الصادر الديثة ،وكونا سياطا يلهب با ظهور الصحابة ،لفعل ذلك
بعد جلسة مساءلة تنتهي بتجري الخالف وضربه ،وعمر مؤسس قضاء ،ان ل يكن واحدا من بناة العدالة ف القضاء
السلمي ،وليس جلدا يوقع بالسياط على ظهور الناس.
وَلدَرة عمر أهيب من سيوف حكام ظهروا ف الاضي والاضر.
بغصن البان ،قاد عمر بن الطاب قبائل العرب ،وهي صعبة القياد ،ونظّم الياة اليومية وحذّر الخالف ،ونبّه
الغافل.
هل اغتال سعد بن عبادة؟
ف كتابه الغتيال السياسي ف السلم ،يرجّح هادي العلوي أن تكون وفاة الصحاب سعد بن عبادة جاءت ف
سياق الغتيال السياسي عام 14للهجرة أي ف عهد عُمر.
وابن عبادة كان زعيما ف الاهلية والسلم فلُ ِقبَ بالكامل ،وكان قائد النصار ف الروب النبوية الول.
وكان متعففا عن الغنائم ،فإذا خرج النب (ص) إل الروب الت كان يقودها بِنَفسهِ تول سعد بن عبادة حاية
الدينة.
وكان يتمسك بزعامة النصار ،ويعارض زعامة قريش ،وقيل :إنه ف يوم فتح مكة وبيده راية النصار هتف با
يوحي برغبته ف سقوط سيادة قريش .فأخذ منه النب (ص) الراية وأعطاها لبنه قيس.
كان ابن عبادة أول من رشح نفسه للخلفة بعد وفاة النب (ص) ،وهو صاحب فكرة السقيفة ومُقيمها ،ول يكن
لعمر بن الطاب علمٌ با ف أول المر ،ولكن عمر كان لظتها خطّاف الزمن ،خاطف الكان ،فدخل السقيفة على
حي غفلة ومعه أبو بكر وأبو عبيدة بن الراح فاستحصلَ البيعة لب بكر.
وابن عبادة ل يقر نتائج الجتماع فاختار العزلة أولً ،ث الجرة عن الدينة إل بلد الشام ،بعد فتحها ومات هناك
ف ظروفٍ غامضة.
إن الؤرخي السلمي أثاروا الشكوك بوته ،وذكر ابن عساكر أن سعد بن عبادة با َل وهو واقف فماتَ ،فسمع
قائل يقول من أهل النِ:
118
كتاب عمر والتشيع
ورميناه بسهمٍ ،فلم نطي فؤاده نن قتلنا سيد الزرج سعد بن عبادة
ويورد صاحب العقد الفريد ثلث روايات لقتل سعد بن عبادة تفيد إحداها:أن عمر بن الطاب بعث رجلً إل
الشام ،فقال لهُ :أُدعه إل البيعة ،وأحل له بكل ما قدرت عليه فإن أب فاستعن بال عليه.
فقدم الرجل إل الشام ،ولقيه ف حوران ف حائط (أي بستان) ،فدعاه إل البيعة ،فقال له :ل أبايع قرشيا أبدا.
قال رسول عمر :فإن قاتلك ،فقال سعد :وإن قتلتن.
قال رسول عمر :أفخارج أنت على ما دخلت فيه المة؟.
قال :أما من البيعة ،أنا خارج ،فرماه بسهم فقتله.
إن الشيخ عامر الكردي ،وهو من علماء السُنة ف سوريا ،وقد استشيعَ يقول بأن الصحاب ممد بن مسلمة هو
الذي انتدبه عمر لتلك الهمة.
والسؤال أن العرب ما اعتادت أن تقتل شخصا تبادره برمية سهم ،إذ الفروض أن يتم القتل بالسيف ،لسيما
وها يتحاوران جنبا إل جنب!.
وف رواية ثانية لبن عبد ربه نفسه :أن سعد بن عبادة رُمي بسهم من بعيد فمات فبلته الن ،ورددت بيت الشعر
الشار إليه.
ل يستعمل عمر الغتيال أداة ف عمله السياسي ،وهو يفضل الواجهة الباشرة حيث ل تذله شجاعته عن ماكمة
أي صحاب إ ّن ماندّ عن الطار التأسيسي الول للسلم ودولته.
ومن جانب آخر ،فقد كان سعد بن عبادة ف يوم السقيفة مريضا ومنهكا ،وإنا الفاجئة ف وفاة رجل يعان من
إشكالت أمنية؟
إن هادي العلوي كتب الغتيال السياسي ف السلم ف مطلع الثمانينيات وكنا هو وأنا نعان من تديد
السفارات العراقية ف أي بلد لأنا إليه وقد هدد أخي من إدارة الخابرات العراقية ف سفارة بكي فتركها والتحق ب
إل إسبانيا وعدنا منها إل دمشق ،وف ظروف كهذه وحيث كان رجال العارضة معرضي للغتيال السياسي باستمرار
كان طبيعيا لشقيقي هادي أن يضع الغتيال السياسي على قائمة الحتمالت الول لرحيل أي معارض سواء كان ف
أيامنا هذه أم ف أيام سعد بن عبادة.
119
كتاب عمر والتشيع
ولعل كتابه كان متأثرا ف دافع تأليفه وممل أفكاره بالناخ العام لغتيالت متعاقبة كان وراءها رجال السفارات
العراقية ف لندن والرطوم والكويت وإسلم آباد وباريس وكوبنهاغن والمارات العربية التحدة ودمشق وبيوت.
120
كتاب عمر والتشيع
ميدان مفضل للحروب!
ترك أمي الؤمني علي بن أب طالب ابن عم النب (ص) وصهره مسقط رأسه ف مكة وهجر الدينة .وتركت أم
الؤمني عائشة بنت أب بكر زوج النب (ص) مسقط رأسها مكة ،وخرجت من مدينة الجرة ،فاختارا اللقاء ف البصرة
ليس لناقشة ما قد ينجم ونم من إشكالت بعد مقتل عثمان بل لعركة المل الت نقلت السلم الناشئ إل
العراقيي ،وهو منقسم على نفسه وكبار ضحاياهم كبار الصحابة ف السلم.
واختار المام السي الكوفة مكانا مناسبا لواجهة فاصلة مع الاكم الموي والمام السي من أهل الدينة،
ويزيد بن معاوية متحصن بأهل الشام.
ورأى عبد اللك بن مروان أن يدّ الناس عن بيعة عبد ال بن الزبي القيم ف مكة والقضاء على حركته بالرب
على أخيه وال الكوفة الت شهدت حربا طاحنةً انقسم فيها السلمون مرة ثالثة.
واختارت حركة سرية لب مسلم الراسان وجاعة هاشية من الفرع العباسي العراق ميدانا لثورة عارمة وحرب
أهلية على الدولة الموية السـتعصمة ف دمشـق الشـام ،فيما يبعد مركـز الثورة عن مركز اللفة ()1000
ميل قريبا من الكوفة ،فيما يسمى اليوم بالفرات الوسط.
ول تد الدولة الصفوية بعد 1000عام أفضل من العراق مكانا لتحقيق أحلمها الستراتيجية وحروبا الضارية
مع الدولة العثمانية.
إن القادة السلمي منذ العصر الول قد حلوا الدين الديد إل العراق جسدا مشطورا شطر ،بدوره العراق إل
نصفي ث اتم العراقيون بأنم أهل شقاق ونفاق ومساقط رأس الفتنة .وأن أهل الكوفة خاصة ل عهد لم ول ذمة.
وأن الرب ف العراق نتاج للطبيعة البشرية لؤلء القوم الولعي بالعنف والنشقاق .وقرأ الوربيون أثناء احتكاكهم
بالدولة العثمانية وبعد انيارها شيئا من تاريخ النشقاق ف السلم ف مرحلة ازدهار ظاهرة الستشراق واستشراء
الشركات الرأسالية العاملة ف الدولة العثمانية ،حت إذا دخل البيطانيون إل البصرة كان التوقع عندهم أن يستجيب
النبوذون والحرومون والضطهدون ف الدولة العثمانية وهم الشيعة لنداءات النرال مود ،الت كانت تدعو العراقيي
إل مواجهة العثمانيي وأنم مررون ل متلون .ول تكن إدارة الحتلل تتوقع أن تتبن جغرافيا التشيع ،وفقهاؤها
121
كتاب عمر والتشيع
حركة الهاد ،ويستجيب الشيعة العراقيون الضطهدون لنداء الشيخة السلمية الت اضطهدتم ف اسطنبول فيخرج
الجاهدون مع قوات اليش العثمان ويوقفون زحف القوات البيطانية ثلث سنوات قبل وصولا إل بغداد ف آذار
.1917
وهنا طرح النكليز مشروع دولة متمذهبة تقصي الشيعة عن دور أو تثيل صحيح لم ف صنع قرارها .فكان
العراق البيطان سن القرار والدارة دون أن يكون سن الفقه ،ول يكن على البال أن يفكر اللان وبعض اللفاء
لعل العراق مسرحا للحرب ضد اللفاء بتحريض السفي اللان كروبا سياسيي وعسكريي عراقيي على فك
ارتباطهم مع بريطانيا قبل وصول القوات ،ووصل إل القاهرة ،ومنها إل بغداد ،فإذا هي حرب عراقية ذ بريطانية
تندلع ف شهر مارس من عام 1941فيما مدن العال العرب تتفرج على حرب اللان واللفاء .ولن الثوار الذين
طردوا الكومة العراقية الوالية للنكليز بإسناد من اليش وضباطه الربعة هم جيعا من السنة فقد رأت السياسة
البيطانية مغازلة الشيعة ،وعرضت لندن على السيد صال جب فكرة أن تكون للشيعة حصة كبى ف إدارة الدولة
بعد خيبتهم مع الوطنيي السنة ،ول توافق الراجع المسة ف النجف وكربلء والكاظمية على العرض البيطان ،وكان
متوقعا لو قُبل العرض أن يشهد العراق صراعات طائفية كالت حدثت بعد سقوط النظام ف 9نيسان ،2003وظهور
العراق المريكي مبشرا بعراق شيعي القرار.
ومر ًة أخرى يتذب العراق بدون دعوة أو إرادة حربا جديدةً عندما اصطدمت الصال المريكية ف الليج
بظهور الثورة السلمية ،الت قادها فقيه شيعي وقضت بالجوم على السفارة المريكية بطهران وأس ّر من فيها.
فكان متوقعا أن يأت الردّ المريكي عاجلً والمهورية السلمية ف أيامها الول وهي شيعية ف ميط سن فتقدم
دولة سنية صيغة لمريكا بإعلن الرب كتركيا العضو القدي ف صف الطلسي أو باكستان العضو الركزي ف حلف
بغداد أو أن تقوم السعودية بدور سن لواجهة الثورة الشيعية .ول يأت الردّ عن هذا الوار التوقع دخوله ف الواجهة.
وإنا كان العراق من جديد مسرحا للحرب المريكية على الشيعة.
وإذ ينتهي عقد التخادم السياسي بي الوليات التحدة والكومة العراقية بانتهاء الرب وغزو العراق للكويت ف
2آب ،1990بدأت صلت غزل أمريكية بريطانية مع العارضة العراقية ذات النفوذ السلمي الشيعي الواضح
وبدأت فكرة إسقاط نظام صدام حسي تنمو ف واشنطن وتتعهدها لندن ودول الليج ،فيقوم تالف أمريكي مع
122
كتاب عمر والتشيع
العارضة العراقية وفيها أطراف تتمركز ف إيران .وكلما سألت العارضة عن موعد مدد لسقاط نظام صدام حسي ف
العراق جاء الواب ملتبسا حت هجوم تنظيم القاعدة السن على ناطحات السحاب ف نيويورك ،فاستدارت
الستراتيجية المريكية بثقلها نو الشيعة ف العراق ،وقد أصبح السلفيون السنة خصمها العقائدي ،فاختي العراق
مكانا للحرب المريكية على السنة بعد عشر سنوات من الرب المريكية على الشيعة.
إن الرب المريكية على السنة مستمرة منذ أربع سنوات ف العراق فهل تستمر أربعا أخرى ليتساوى الزمن
الفترض للحرب على السنة مع الزمن الذي خصص ما بي عامي 1988 – 1980للحرب على الشيعة؟.
كان اسم عمر بن الطاب يتردد ف جيع تلك الروب على رأس فريق يتفي خلف اسه مقابل فريق يسبه بكرةً
وأصيلً ،مع أن عمر بن الطاب أدخل السلم إل العراق يوم كان واحدا ،فأسس البصرة قبل حرب المل والكوفة
قبل حرب صفي ،وعمر مسوب ف إعلم اليقظة العراقية وقيادة حركتها الستقللية عن بلد فارس ومهندس خارطة
العراق الال.
ولن الرب العراقية ذ اليرانية كانت الكثر تأثيا ف إحداث التغيات الراهنة فسنتوقف عندها قليلً.
عمر ف الروب الحمولة
فتحت ف ولية عمر بلد الشام والعراق ومصر ومعظم بلد فارس وجزء من شال إفريقيا وهي ليبيا الالية.
ل تدث لعمر مشكلة ف البلد العربية والدن الت مصّرها ،وبقيت بلد الشام على ولئها الول ،وأحسن الصريون
لحرر بلدهم ،والليبيون على وئام مع سياسة عمر .وبقيت مشكلته مع العراقيي قائمة ,مع أن دوره ف العراق أكب من
دوره ف بقية المصار العربية ،وقد أصبح واحدا بارطته الالية ،ويسمى بأرض السواد لدكنة الضرة فيه ،ومنح العراقيي
جيعا بل تييز النسية العربية إن كانوا راغبي با ،وترك الخرين يتمتعون بنسياتم ،وعرض السلم على الراغبي به ،ول
يكره أحدا من الراغبي عنه .فبقي يهود السب البابلي على ديانتهم ،ولم ف العراق خسة أضرحة أنبياء على القل ،تركها
عمر أماكن للعبادة .مثلما أبقى كنائس السيحيي ودياراتم على أمتار من ظاهر الكوفة .وترك الجوسيي على موسيتهم
إل إن أسلموا عن قناعة وإيان.
123
كتاب عمر والتشيع
وحل عمر إل العراقيي إسلما واحدا ل تطرأ عليه بعد بثور الفت والنقسامات الت انتشرت على جسد السلم
فيما بعد .وكان عمر قد أسس للعراقيي مدينة البصرة ث الكوفة الت طارت بما الضارة العربية إل العال والكوفة
ججمة العرب ورأس السلم عنده.ول تكن البصرة سنيّة ول الكوفة شيعية.
ول تكن البصرة والكوفة قد بلغتا سن العشرين حينما اختارت عائشة بنت أب بكر وطلحة بن عبيد ال والزبي
بن العوام وأبناؤها مدينة البصرة للقاء عسكري ضد جيش اللفة ف مدينة الكوفة ووقوع معركة المل ،فبدا
السلم أمام العراقيي مشطورا إل نصفي ف يومٍ واحدٍ ،ول يض على توحيده سوى عشرين عاما بيش الفتوحات
العمرية.
وف الكوفة كانت الرب بي المام الليفة والوال النشق ف الشام .قبل أن تنتشر ف بقاع عراقية أخرى.
وكتبت القادير للكوفة أن تكون موطن الثورة السينية للمام القادم من الجاز ،ووقوع مزرة كربلء .وأفاقت
الكوفة بعدها على حركة ثأرية استئصالية للفتك بكل من فتك أو ساهم بقتل المام وأصحابه ،وما لبث عبد ال بن
الزبي الذي بويع ف اللفة بالجاز أن وجه لخيه مصعب لرب ف الكوفة انتهت بقتل الختار الثقفي وأتباعه
والكثي من بقي حيا من أتباع السي.
فإذا انتهى مصعب من حربه ووضع رأس الختار ف قصر المارة بالكوفة وجد عبد اللك بن مروان الظرف مهيئا
لرسال جيش ومقاتلة مصعب ابن الزبي والنتصار عليه وتعليق جثته ووضع رأسه القطوع ف قصر المارة بالكوفة.
فما هي مسؤولية العراقيي ف هذه الروب ،ومن الذي أحدث النقسام فيه و ّحّوله إل متمع منشطر ،وما مسؤولية عمر
بن الطاب والمام علي ف ذلك حت يتسن لفريق أن يمل اسم أحدها ويمل الفريق الخر اسم الثان؟.
وما الق ف اعتبار العراقيي أهل شقاق ونفاق ،وقد اختارت الركة الاشية الضادة للحكم الموي مكانا قريبا
من الكوفة لعلن ثورتا باسم العباسيي على اللفة الموية .ووقوع الروب بينهما داخل الراضي العراقية ،وما
شأن العراقيي وقد انقسم الاشيون إل عباسيي وعلويي ،فاشتعلت الثورات ف بلدهم ،وما دور العراقيي ف انشقاق
بي اثني من أبناء هارون الرشيد ،فتحدث الرب بي المي والأمون؟.
يكن أن يكون للعراقيي دور اجتذاب الصراع القليمي إل بلدهم من خلل ثنائية عمر وعلي ،فاتهت الدولة
العثمانية والدولة الصفوية لتصفية حساباتما فوق أرض عراقية ولكل من الدولتي أنصار ومؤيدون من جاعة علي وعمر.
124
كتاب عمر والتشيع
وف العصر الديث التقطت مراكز البحث الستراتيجي ف الدول الغربية الناهضة جانبا من قدرة الثنائية الطائفية
على النرار والصطفاف لعسكر ما ،فدخلت قوات اللفاء بوحدات بريطانية إل ميناء البصرة ف الرب العالية
الول أملً ف اجتذاب الحرومي والنبوذين ف مدن النوب العراقي وتريضهم على السلطنة العثمانية وسياساتا
العنصرية والطائفية ،ول يكن إستراتيجيو اللفاء يتوقعون أن يتحد هؤلء الفقراء مع جيوش السلطة العثمانية لواجهة
القوات البيطانية وحصرها ثلث سنوات قبل سقوط بغداد .الت سقطت ف عشرة أيام بعد إنزال ماثل قام به
المريكان ف آذار نيسان من عام .2003
وشجعت ثنائية النقسام غرف القرار الدول بتوظيف الانب الطائفي فيظهر العراق البيطان سنّي القرار،
والقيادة والدارة مع تثيل طفيف للمكونات الخرى وحرمان العراقيي الشيعة من تثيل ينسجم وحجمهم السكان
والوطن.
وف ذات السياق استخدمت الوليات التحدة المريكية العامل الطائفي بشن الرب من العراق على الفقيه
الشيعي ف إيران ،والت أدت ف ناية المر إل وحدة إيرانية وانقسام عراقي كما سنرى ف فصل قادم.
ولواجهة تنظيم القاعدة ذي الصول السنية بعد الجوم على الركز العالي للتجارة ف سبتمب/أيلول ،2001بدأ
التفكي برب أمريكية على السنة ليس ف أفغانستان ول ف باكستان ول ف دول العال السلمي السن ،وإنا على
سنة العراق .لن الرث الستراتيجي للسياسة الدولية يتناغم مع الرث الطائفي ف العراق ،والنجاح الذي تقق ف
كسب السنة ضد الرب المريكية على شيعة إيران سيتجدد بكسب الشيعة العراقيي واليرانيي إل حدٍ ف الرب
المريكية على السنة.
وكانت الستراتيجية المريكية قبيل هذه الرب ،تبحث عن حليف عقائدي لواجهة خصمها العقائدي الديد،
فأعطى الرئيس المريكي بوش ف خطابه بالمم التحدة قبيل الرب خس رسائل وإشارات واضحة ليران لكسبها أو
لتحييدها ف الرب ،فضلً عن الرسائل السرية الت نقلتها العارضة العراقية من البيت البيض والبنتاغون إل طهران،
ث قيام العراق المريكي ،فتجددت الظاهرة البيطانية الت تدثنا عنها ف كتابنا الشيعة والدولة القومية وكتابنا العراق
المريكي لنح قرار الدولة لطائفة حت لو كان رئيس الوزراء من الطائفة الخرى .إذ يصطبغ القرار بلون الطائفة الت
125
كتاب عمر والتشيع
بويعت قبل الخرى ،فصار العراق البيطان سنيا حت بوجود رئيس وزراء شيعي .وصار العراق المريكي شيعيا حت
لو اختي واحد من الزعماء السنة لرئاسة الوزراء.
إن السألة ل تعد ترتبط بأرقام وزارية أو نيابية تتشكل منها الدولة سنية أو شيعية بقدر ما تتعلق بصاحب القرار ف
الالتي البيطانية والمريكية.
عمر ف الرب العراقية اليرانية
بهارة عالية ف صياغة خطاب لدبلوماسية الرب استخدم الانب العراقي هوية الصم ثلثية البعاد ،موزعة على
ثلثة اتاهات متباعدة نح الطاب العراقي ف تطويع كل جهة لصاله باستخدام البعد النظي ،إن الصم ف الطاب
العراقي سيكون فارسيا ف الطاب القومي الوجه إل الحيط العرب الواسع ،فيوظف البعد القومي العرب لقارعة البعد
القومي الفارسي.
من هنا أستحدث الصراع العرب الفارسي لكي تصبح سواحل الليج القابلة للخصم الفارسي شريكة ف الصراع
وميدانا استراتيجيا مشروعا بنطق هذا البعد.
وف لقاءات عراقية مع الؤسسات الدينية وحركاتا السياسية سيجري الديث عن شيعة روافض ،بل هي حرب عمر
بن الطاب وقادسية صدام قادسيته وعلى الليج السن والعال السلمي السن ودون تفضل منه أن يهيئ لقادسية عمر
الديدة أسباب النتصار.
ول بأس أن تكتب عبارة (ال أكب) على العلم القومي للعراق.
وف الطاب الدول يستخدم البعد الثالث والخفي والتواري من الطاب ف بعديه الول والثان وسيكون مور
الديث الثنائي بي وزير خارجية العراق ،الذي اختي من بي البعثي السيحيي أنا حرب الضارة الوروبية ،أو على القل
حرب العلمانيي ذوي التاهات العصرية ضد ثورة إسلمية ونظام ظلمي يهدد حضارة الغرب وعلى فرنسا الت كانت
المثل الكاثوليكي للمسيحية الوربية أن تكون ف الوقت ذاته مثلة دون تفضل كما الليج منها للجانب العراقي ف حايته
ل عما ينفلت ف العلم الوروب من
من ضغوط اللجان الدولية لقوق النسان ونشاط معارضي عراقيي ف أوروبا فض ً
كتابات حول استبداد السلطة العراقية.
126
كتاب عمر والتشيع
إن كاتب السطور الذي وضع كتابا ف إشكالية الغزو والرب بعنوان (أسوار الطي) الصادر للعام 1995سيجدد
القول هنا :إن صاحبه القدي الرئيس العراقي صدام حسي هو ليس عمر بن الطاب بالتأكيد ،وأن المام المين هو ليس
كسرى يزدجرد ،وكان كل النظامي يعتمد على نظرية ولية الفقيه .ففي إيران تقوم الدولة على سلطة المام الفقيه وف
العراق كانت ولية الزب لمينه العام ومرشده الروحي ومفكره القومي الول ،الذي ل يعلوه اسم رئيس المهورية وأن
القيادة القومية متلطة بي مسيحيي ومسلمي عربا وعراقيي.
أما الرئيس صدام حسي فقد أمر مرافقه الشخصي بأن يصدر تعميما حزبيا لنع قياديي ف الزب رآهم يضرون
صلة المعة ف الساجد وقال بالنص :إن ذلك يشكل خطرا على أجيالنا الزبية وهي ترى قياديي ف الزب منغمسي
بقضايا دينية .ول أر الرجل وبيده نسخة من الصحف إل ف صالة مكمة النايات الكبى ،فتمنيت على صاحب أن يكون
أكثر انسجاما مع أصوله العلمانية .وإن كان المر بعدئذ للـه فهو الذي يهدي ويضل ول يعلم الناويا إل اللـه.
إن الانب العراقي ف ثلثية هوية الصم ،ل يد ف مرشده الروحي روحا تضخ فيه البأس على الصم ،فاستعان بعمر
بن الطاب وانتحل قادسيته ،لكنه ل يستطيع ف خطوة واحدة صغية أن ينتحل روحه وعقيدته الت تتعارض ف ضلعي من
مثلث الدبلوماسية العراقية وخطابا العلمي والدبلوماسي .ول يكن عمر ممع الضداد لكن زجه ف الرب قد ساهم
بتجديد النقسام ف الجتمع العراقي وف العالي العرب والسلمي وبظهور مؤسسات للكسب الطائفي والتشهي بالخر.
فكان العراق من جانبه ومعه مؤسسات دينية استجابت لطابه تروج لكتب مدفوعة الثمن وشراء ذمم لكتاب عرب
وباكستانيي وإيرانيي ،فيما استعد الانب اليران لواجهة ماثلة مستخدما خطاب الركة الستقللية العربية ف مواجهة
النفوذ الغرب والصهيون ،والوقوف إل جانب الثورة الفلسطينية واستقبال زعمائها فيما كانت شخصية المام المين
تذكر عامة السلمي بزهد عمر وترابية علي .وتأسست حركات إسلمية ف الجتمعات السنية تأخذ بنظرية الثورة لتأسيس
نظام إسلمي.
إن معارك الرب العراقية اليرانية على الرض ،أورثت معارك أخرى بي الؤسسات السلمية السنية وأنظمتها
ومعارك بي السنة والشيعة على الورق وف مراكز البحث ،وتولت معارك الورق ومراكز البحث إل دماء وسكاكي على
مسرح الرض العراقية ،فيما إيران تنمو وتزدهر.
127
كتاب عمر والتشيع
إن ظاهرة الستبصرين توضع ف هذا السياق ،ول تلو من انذاب حيم لتاهات الثورة السلمية وشخصية المام
المين عند عدد من التحولي ،بينما كانت أغلبية التحولي تت عامل الغراء والشراء .والفرق بي الثني أن النجذبي
إل اتاهات الثورة اليرانية قد حافظوا على توازنم ول يتمرغوا ف حأة السب والشتيمة ،ومثال هذا التاه السليم كتابات
الفكر صائب عبد الميد الديثي.
بيد أن حلة (الستبصار) ف مملها دخلت ف النقسامات الذهبية وأعادت النشر العرب والثقافة العربية إل سنوات
الصراع العثمان الصفوي ،وكان عمر نقطة الدف ومركز العصب ومرمى القلم ف هذه الظاهرة.
وف الطرف الخر كانت أعراض الشيعة ودماءهم مباحة ف الفتاوى اليومية.
إن مبدأ القطيعة يغادر التاريخ ف لظات ليكون حاضرا ف اللف السياسي اليومي وف خلفات الدول ،والبواب
مشرعة أمام الفريق الخر ليدخل من القطيعة القيمة ف دفاتر الكركي والجلسي إل أسواق الكرادة وبيوت الصفيح ف
مدينة الصدر ،تقابلها مليشيا القطيعة ف غزوات تذكرنا بغارات حسان بن حسان الذي دخل النبار فأزال خيلها عن
مسالها.
استباحة العثمانيي وحصانة الصفويي
أقامت حركة التنوير ف مطالع النهضة العربية العاصرة قواعدها الفكرية على فهم جديد للسلم مغاير ومناهض
للفهم العثمان .وزعماء الركة فقهاء أهل السنة ومفكروها من كابول بلد جال الدين الفغان ومرورا بالمام ممد
عبده ف القاهرة وعبد الرحن الكواكب ف حلب حت احد بن أب الضياف وخي الدين التونسي ف الغرب العرب.
وف قلب الزيرة العربية وجهّت حركة الشيخ ممد بن عبد الوهاب نقدا للسياسات العثمانية القائمة على
احتضان التصوف الشوه والدروشة الت أنكرها السلم على السلمي .ول يتهم أهل السنة هؤلء الفقهاء والشيوخ
بالروق والرتداد على السلم.
وف القابل ل تتعرض سياسة الدولة الصفوية إل نقد ماثل صادر عن الؤسسة الشيعية إلّ ف نطاق ضيق تصدر فيه
الفقيه إبراهيم القطيفي تيارا لعارضة شرعية السلطنة ،لكن الشاه الصفوي سبقه باستجلب ( )120فقيها كبيا من
لبنان والقطيف والعراق والبحرين .وفضل فقهاء آخرون العزلة ف معتكف الدرس والعرفان ،لعلنا نتحدث أيضا عن
موقف الفكرين والدباء الشيعة إزاء اللك القهري الصفوي وتراجع واضح ف مقدامية الشعراء العراقيي.
128
كتاب عمر والتشيع
ففي الانب السن يتصدى معروف الرصاف برأته العهودة مرضا العرب على الدولة العثمانية
يسوسهم ف الوبقات عميدها عجبت لقـوم يضعون لدولة
وأموالم منهم ومنهم جنودها وأعجب من ذا أنم يرهبـونا
ف وقت تتعت الدولة الصفوية بصانة من النقد والتعريض ،وفرتا جهود مشتركة للسلطة والؤسسة الدينية
خلل أكثر من مئتي وعشرين عاما .بينما تعرضت خليفتها الدولة القاجارية إل حلة نقدية لعلماء التشيع شبيهة بملة
علماء السنة على الدولة العثمانية.
وحت هذه اللحظة يكن لكتابة مناهضة للشاه القاجاري الرور ف أروقة الوزة العلمية دون أن تترك الثر الذي
ستتركه ماولة ماثلة تس الدولة الصفوية.
إن الفكر الدكتور علي شريعت ينفرد بوقف نقدي صارم وبرأة أدبية ل تتوفر لنظي عراقي ،وكان س ّر قوته ل
ينفصل عن صلته القدية بركة الثورة الديدة للمام المين الت يصح اعتبارها فاصلً تارييا بي زمني شيعيي ،يتد
الول من مطلع القرن السادس عشر اليلدي ويسقط ف يوم انتصار الثورة اليرانية ف شباط .1979
ومع هذا التطور تراجعت حركة نقد الدولة الصفوية ف التأليف الرسي وبرزت ماولة نافرة لتماهي ثورة المام
المين بركة إساعيل الصفوي ،وكونما تأسيسا لدولة التشيع برؤيتي.
إن التطي من نقد النهج الصفوي ف الوسط العراقي خاصة ،قد يكون له مبر بعد أن صار مصطلح الصفويي مفردة
يومية ف مشروع تعجيم الشيعة ،وطعن عروبتهم ووطنيتهم .وف غي هذا ل نرى مبرا للنزعاج من ماولة نقدية تفك
الرتباط الوهوم بي الدولة الصفوية والمام علي نظيا للمحاولة السنية الناجحة ف فك ارتباط السلطنة العثمانية اليوم
بعمر بن الطاب.
فروق طائفية:
ربع علي يسبون عمر ،وربع عمر يسبون الشيعة
سبُ عمر على الشفاه ،إذا كان من عامة الناس ،ويسبّه على ملدات السفار إذا
إن الشيعي ف فريق القطيعة قد ي ّ
كان عالا موسوعيا أو شاعرا أي شاعر ،فيما يتحرك التأثرون بنظرية الُشاركة وهم أقلية قليلة ف الجتمع الشيعي
129
كتاب عمر والتشيع
على استحياء فيلوذون بالصمت إلّ من أُعطي جرأة ممد حُسي كاشف الغطاء وعلي الوَردي ومعهما قلة من الفقهاء
والكتّاب.
سنّي ،والديث عن العراقيي فل يضع إل قواني الجاء ومناقضاته ،والسُنّي ف ثنائية عمر وعلي ل
أما الردّ ال ُ
يتعرض للمام علي بسوء ف رده على من ينال من عُمر ،وإنا بفتح شهيته التاريية على الُرويات الفقهية لسَب
الشيعة وليس إمام التشيع ،فظهر ف وقتٍ مبكر مشروع تعجيم الشيعة ف الرويات السُنّية ،والتقاط ناذج شيعية ف
التاريخ السلمي والتشهي با على أن يكونوا دون مقام الئمة فانتشرت روايات يفيض با تاريخ بغداد ويتراجون با
مع فريق القطيعة.
وعلى قسوة النقسام الجتماعي ،ومنذ العهد العثمان ف العراق ل تظهر لدى سُنّة العراق كتابات أموية ،ول
يتحدث خطيب جعة ف نظرية وحدة الصحابة ف منهج القارنات بي علي ومعاوية.
سنّة
وعندما ظهر كتاب يروّج للدولة الموية لؤلفه أنيس النُصول ،وهو مدرّس وفد العراق من الشام ،ل يقف فقهاء ال ُ
ف العراق إل جانبهِ ،مع انتصار كتاب ليباليي وقوميي لصاحب الكتاب الذي قرر ملس الوزراء باقتراح من وزير
العارف السيد عبد الهدي النتفكي إلغاء عقده وإعادته إل بلده.
يُستثن أيضا ما كتبه عبد الرزاق الصّان ف رسالة تشهيية ف الثلثينات من القرن الاضي بالشيعة ،لكن المر ل
يتطور إل فتنة بي الفريقي.
حت ف أصعب مراحل الصراع بي الصفويي والعثمانيي وقد اتذ الفريقان من العراق ميدان حرب لما ،واليش
سنّة.
الصفوي يدمّر أضرحة أئمة ال ُ
وف الطرف الخر كان السلطان العثمان يقاتل الشيعة ف بغداد ،ث يأمر بتجديد أو بناء ضريح للمام موسى بن جعفر
ف الكاظمية قبل أن يتوجه إل النجف وكربلء لزيارة أئمة أهل البيت.
سنّة بالقرار السياسي ورئاسة الدولة وملس الوزراء والواقع
وخلل ثاني عاما من حكم العراق الذي انفرد فيه ال ُ
العُليا بنسب شبه مُطلقة ،ل تُصدر السلطة السنيّة قرارا بإطلق اسم أحد المويي على شارع أو معهد أو ساحة.
130
كتاب عمر والتشيع
لكن تصرفا نزقا صدر عن الكومة العراقية ف عهد الرئيس عبد السلم عارف عام 1964بتأسيس الكتب
الموي ،ومنحه إجازة عمل وتوفي مكان له ف مبن مقابل لسوق الشورجة ف شارع الرشيد ببغداد ف وقت كانت
تلك السوق الركز التجاري ،الذي يغذي الرجعيات الشيعية.
وأغلق الكتب بعد وفاة الرئيس عبد السلم عارف وميء شقيقه عبد الرحن عارف العروف باعتداله وحياده.
فل يذهب الظن بنا إل حُسن الظن بالتمييز الطائفي ف السياسة العراقية ،لكننا نود أن نصر القاعدة الجتماعية
سنّة على
ف ثنائية عمر وعلي بعدم حصول شيء من التبادل السُن ف مواجهة الشتم الشيعي للصحابة ،فيقتصر أهل ال ُ
مالت أخرى تس الشيعة دون أئمتهم.
وكان هذا هو منهج الاحظ ف كتابه (العثمانية) وعليه سار سُنة العراق .ومن هنا تُكشّر الذابح الطائفية ف
العراق عن أنياب غي عراقية.
وكما قلت ف كتاب (أسوار الطي) الصادر عام ،1995إن الطائفية مستقرة ف العراق .لكن القتل الطائفي كان
يف ُد دائما من خارج العراق.
وكما ف باب الفرق بي الطائفي الشيعي والطائفي السن من كتابنا (الشيعة والدولة القومية) أن الطائفية الشيعية
تاريية ،تصب جهدها على تشريح من َح َرمَ المام عليا من اللفة الول ،وما يترتب على ذلك من إشكالت مع
الطائفة السنية التصالة مع التاريخ ،لكنها ذات بُعد سياسي ف الاضر ،يستهدف حرمان الشيعي من امتيازات
السلطة .ول ينسحب هذا التفريق بينهما على واقع الصراع ما بعد سقوط نظام صدام حسي ،فقد تطورت الطائفية
الشيعية فصارت سياسة تعيش ف الاضر فضلً عن جانبها التاريي ،ولعلنا أشرنا إل ذلك ف كتابنا (العراق
المريكي) الصادر سنة ،2006وتطورت الطائفية السنية إل مراتب أخرى ل يكن معظمها عراقيا.
والظنون أن المور تسي ف العراق حاليا على قاعدة ليست بعيدة عما نستعرضه ،فالطاب الشيعي عند أهل
القطيعة ،يواصل التعريض بالصحابة والنيل منهم بل تفظ.
ويكون ذلك كافيا لتحريض بقية السلمي وهم الغلبية العظمى على منابر التشهي ،ليس بسبعي ألف منب
أقامها معاوية ف الشام للتعريض بالمام علي ،وإنا بإرسال سبعي ألف انتحاري يؤمن بأن ف موته موتا للشيعة وثأرا
للصحابة.
131
كتاب عمر والتشيع
فإذا تصدى أحد القائلي بنظرية الشاركة أمثالنا ،وتدث عن قرارات مشتركة اتذت ف ركن السجد النبوي
بي عمر وعلي ،صار خارجا على الِلّة.
عمر والصالة العراقية:
رأيناه ف مطلع الكتاب مُحرر العراق ومؤسسه وناقل إرادته من عجمة القرار إل فصاحة العرب ،وهو مُمصر
البصرة والكوفة وهذا حسَ ْبهُ.
ولعلنا نبحث لعمر عن مقام يقضي فيه بي التخاصمي على حصي تت نل ٍة من نيل الكوفة ،وفضائيات العرب
تتناقل أخبارا عن مؤترات لـ"مصالة وطنية" فهل سيحضرُ ف منتهى مطاف الكتاب ف سلسلة من الوشائج يُمسك
بطرفٍ منها وطرفُه ف ظاهر الكوفة عند صاحبه وشريكه ومرجع قضائه المام علي بن أب طالب؟
أول ملحظاتنا أ ّل تسحبنا الحداث السياسية من وقار التاريخ إل سطوح العناوين اليومية ،وثانيهما أن الوطن ليس
طرفا ف هذه الصالة ،وليست له مشكلة مع أح ٍد منهما وليس لما مشكلة معه حت تكون مصالة وطنية.
وهي بذا العن تمل هوية أطرافها .مصالة طائفية .وعندها سيدخل إليها عمر دون الخلل بنهج الكتاب.
فهل سيقتنع القائلون بالقطيعة أنم ل يصروا استشكالم ف زمانه بعيدا ف أعماق التاريخ السلمي الول ،أم
أنم أيقنوا بعد جريان الدم ،أن القطيعة تنتقل من الاضي إل الاضر بلحظات ربا هي أسرع من جريان الدم؟.
إن منهج القطيعة يقتضي بتبيان أسبابا ،وهذه ل تستقيم بدون أن يوضع عمر على مشارح النقد والتشريح حت
يتوفر السوغ الشرعي لقطيعة المام علي ومقاطعته مركز السلطة السلمية ف الدينة ،ويقود هذا إل تري عمر وسبّه
على مسمع من آذان الفضاء وعيون التابعي للسجالت والطابات ،وقد تولت من منابر منوية إل عيون
الفضائيات والقمار الصناعية ،فيستفزُ الطرف الخر الحسوب على عمر فل يرد على شاتيه بشتم أئمة أهل البيت،
بل بالبحث ف الرويات والقصص وصياغة الليات لصياغة مرافعة ومشروع دفاعي وهجومي على الصم سيكون منه
تعجيم الشيعة ث تكفيهم ما يتيح لفرق الذبح بي الدود العراقية والنبار وبي اليوسفية والحمودية ف طريق الئمة
أن يشهروا سكاكينهم ليؤدوا (الواجب الشرعي).
إن أهل القطيعة قد ل يكفرون أهل السنة ،بل يكفرون عمر وأبا بكر وعائشة ،فتنل القطيعة من أعاليها إل أسافلها
وتدور الدورة الطائفية ف مدن العراق.
132
كتاب عمر والتشيع
ولذا فإن وضع مشروع للمصالة الطائفية إذا أريد له النجاح ،سيقتضي أن يبدأ من التاريخ والتصال معه
لترجيح كفة الشاركة على القطيعة حت تقبل الشاركة ف الاضر.
أما أن يستشري دعاة القطيعة ويستحوذوا على فضائيات عراقية وعربية ،وأخرى أُسست لذا الغرض بالذات،
فيما هو يضر اجتماعا للمصالة فهذا خداع النفس والضحك على الذات ،وسينتهي مفعول الصالة مع انتهاء
الصورين من التقاط زواياهم الفضلة.
ب للتشهي وآخر للتكفي ،يتحول العراق إل مسرح مفتوح للموت الطائفي ،وسيصبح ف شهور مسرحا
وبي من ٍ
مهجورا تنع ُق فيه الغربان.
ول أخفي قلقا وشعورا بالسف أن السنة العراقيي ل يعودوا يسكون بامتياز تتعوا به عب التاريخ بعدم الرد على
سب الصحابة بالساءة إل أهل البيت مادام هؤلء الئمة عندهم الشترك السلمي الوحد بي الطائفتي ،ففقدوا هذا
المتياز ف لظة تدمي نازي لعمارية الضارة العربية ف سامراء والقامة على جدث المامي الادي والعسكري،
فانكسرت معادلت اجتماعية ،واختلت موازنات ،وتساوى السبابون ،وتول مرى الناع من مواجهة الحتل إل
ضرب القدس الشترك .ودخلت إل الصراع تيارات شيعية كانت مايدة ،فاندفعت بالوازع العاطفي قبل الطائفي برد
فعلٍ كان لبد أن يصل ،والنيان تأكل معمارية القدس الشترك ،فحدث انعطاف هائل أضعف الركز السن ،وكأن
الادثة تذكرنا ف لظة هبوط منحن دولة طالبان حينماضربت بالدافع الثقيلة تثال بوذا .فأثارت استياء الريصي
على التراث النسان ،رغم أنه تثال وثن فوق أرض إسلمية ،وليس ثة وجه للمقارنة بي أن يفجر السلمون معماريةً
إسلمية ،أو أن يفجروا صنما من أصنام الوثان ،وانتهى الشهد بضاعفات ل تنتهي فقط عند ترحيل العائلة الشيعية
ف بلدة سنية والعائلة السنية ف شارع شيعي.
إن عمر والكتابة ف عمر وترويج تيار الشاركة بينه وبي المام علي هو الذي سيبن معمارية الوطن الوحد.
ل يبق إمام إل وقتله هذا الضرب
وتشبه إيديولوجيا القطيعة نظيتا العاصرة القائمة على نبذ وتري وتري وإبطال أي اشتراكية أو فكرة صالة خارج
الدلية الاركسية وقواني التطور التاريي القائل بالشتراكية العلمية .ول نكتشف أن اشتراكية أخرى هي الت تدف لا
133
كتاب عمر والتشيع
الياة ومازالت تغطي فقراء اسكندنافيا وأوربا الغربية بالدفء الجان والتعليم الجان والعلج الجتماعي وضمان العاطل
عن العمل.
لقد كان خارج دائرة القطيعة عال من الفكر والثقافة والتجارب حُرمت منها أجيال لكونا صادرة عن طرف
ليعترف أهل القطيعة بم ،ومن دول سيت بالدول الغصبية وماعاد مكنا الخذ بالميل من تاربا والصال من
أفكارها بعد أن وضعت ف دائرة الجر الطائفي.
ومن طبيعة القطيعة أن تقاطع ماصدر عنه أئمة السلم من روايات يشم منها روح التصال مع الطرف الخر،
وقد ينلق طرف ف مشروع لو طرح على أئمته لصنفوا ف مواقع الصوم.
وإذا ما رأينا أن أهل القطيعة ل يتجون بكلم للمام علي أو للمام السن ولبقية أهل البيت ضمن هذا السياق،
فإن الطرف الخر قد يقاطع أو يغفل أو ليأخذ برواية ولو صدرت عن أم الؤمني عائشة والصحاب الزبي بن العوام.
ففي رواية لعائشة احتجاجا على طريقة التغيي الثوري وقتل عثمان تقول ":إن المر ليستقيم ولذه الغوغاء أمر
أي أن الدولة لتأخذ أبعادها الدستورية والسياسية إذا كانت الرجعية متروكة لن هم ف الشارع والظاهرة ،وكأن
الدولة غي مصنة بأفكار وأحكام وتدابي.
ويقول الزبي بن العوام وهو ابن عمة المام علي وقد انشّق عنه بعد مقتل عثمان :إذا ل يُفطم الناس من أمثالا ل
يبق إمام إل قتله هذا الضرب.
ويكن القول افتراضا أو استدللً برأي ابن الزبي ،إن السلمي الحتجي على الغوغاء وهذا الضرب سيحتج
أتباعهم بالطريقة نفسها والقوة على أسلوب يستخدمه هذا الضرب ف العراق حاليا .فلم يترك إماما إل قتله ول
أستاذا ف قاعة درس ول طبيبا ف عيادة.
لعلي الن أقرب إل قول الزبي بن العوام من أي وقت مضى لرفع كلمه شعارا فوق خرائب العراق وأشلء
ضحاياه مناديا :أيها الناس إذا ل تفطموا هؤلء عن أمثالا ل يبق إمام إل وقتله هذا الضرب .وأستحضر كلم أم
الؤمني ف أمر الدولة والناس والقانون والرية ،وأتساءل :كيف يستقيم لنا أمر ولذه الغوغاء أمر؟.
134
كتاب عمر والتشيع
إن الصراع ينبغي أن يفهم ف سياق القانون ،وليس ف جوح الرية ،وأن احتجاج الحرومي ل يعن الروج عن
الشرعية والقانون الذي هو حاضن الرية ومرجعها بقدر ماكان الحتجاج رغبة ف العودة بالدولة إل الزدهار ومالسة
الحرومي كما كان ذلك سائدا ف عهد الستقرار العمري.
البــاب الثان
135
كتاب عمر والتشيع
عمر والقطيعة ..الناصفة الاسرة
التفرج على الاضر السلمي ،وقارئ الرويات التاريية ،وجليس النابر والشاشات مقتنع ،دون ريب ،بانشطار
السد السلمي إل فريقي ،هذا لعمر وذاك عليه .فربح القائلون بالقطيعة نصف التاريخ ،واستقلوا بنصف الطاب
ونصف الهتمام ،وأكثر من نصف الستشكالت الراهنة.
وهذه خطيئة الخطاء ،وخديعة الرؤية ،والقصور عن التفريق بي ظاهرت النشطار والنشقاق.
إن عمر ف رؤية النشطار ،يتطفف نصفا من التاريخ ،ونصفا من الناس ،ونصفا من الكانة .فخرج الرجل خاسرا
ف قسمة تعطي النشقي صفة النشطار ،وتترك السد السلمي وكأنه مقسوم من الوسط.
وعمر تسعون ،وانزل إل السبعي وليس للخرين مابقي من الائة .إذ ل يمع التشيّع على كراهة عمر ،وإنا
انشق من داخله تيار سرعان مااتسع حجمه ،هو الذي نصطلح عليه بالقطيعة ،معتمدا منهج القلية ف اللجوء إل
التشهي.
إن منهج القطيعة ل يظهر ف العصور السلمية الول ،يوم كان أهل البيت يقودون أتباعهم على منهج المام
الول ،شريكا مع شريك ،ومؤسسا مع مؤسس.
والشيعة تعن ف أصلها اللغوي التباع والنصار والعوان ،وكل جاعة اجتمعوا على أمر فهم شيعة ،واشتهرت
هذه اللفظة عند إطلقها على من يوال المام علي بن أب طالب وأهل بيته ،حت صار اسا خاصا بم ،وإل ذلك
يذهب ابن خلدون ف مقدمته ،فيقول:
الشيعة لغة هم الصحب والتباع ،ويطلق ف عرف الفقهاء والتكلمي من اللف والسلف على أتباع علي وبنيه.
تذهب مصادر شيعية إل أن أول اسم ظهر ف السلم على عهد رسول ال (ص) هو الشيعة .ويؤيد مرجع سن
هو الستاذ ممد كرد علي ،ف كتاب (خطط الشام) أن جاعة من كبار الصحابة عرفوا بوالة علي ف عصر الرسول
(ص) ،مثل سلمان الفارسي وأب سعيد الدري وأب ذر الغفاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ،وخزية بن ثابت،
وأبو أيوب النصاري ،وخالد بن سعيد بن العاص ،وقيس بن سعد بن عبادة ،ويضاف إليهم صحابة آخرون كعامر بن
وائله والقداد بن السود.
136
كتاب عمر والتشيع
لعل القائلي بالقطيعة قد استفادوا من هذه الالة التاريية ،فأوحوا ف مروياتم أن هؤلء الصحابة الذين شكلوا
تمعا تنظمه رؤية واحدة ف مولة المام علي كأنم مؤسسو تمع مذهب وحزب وسياسي .وال هذا انتبه الفقيه
الشيعي عبد ال النعمة ف كتابه روح التشيع ،فأنكر أن يكون لذه الماعة أهداف خاصة.
ول يكن لؤلء الفراد ف ذلك العهد أي مركز قوة معارضة داخل ذلك الجتمع ،وكانت رؤيتها قائمة على
قناعة بأن هذه الوالة هي من صميم السلم وروحه.
إ ّل أن اتاهات القطيعة كرست عكس ما يذهب إليه الشيخ عبد ال النعمة ،فصار هؤلء الصحابة هم اللبنة
الول ف مذهب التشيّع ،مقابل جاعة من الصحابة يتزعمهم أبو بكر الذي شكل أول خلية ف تنظيم السلم ضمّت
عبد الرحن بن عوف وطلحة بن عبيد ال وعثمان بن عفان وآخرين .وكان سعد بن أب وقاص أصغر عضو فيها،
وهي الت كبت سنة بعد أخرى .ول يشكل هؤلء مموعة من الوالي لب بكر ،وإنا اجتمعوا على ضوء ماكان
يصلهم من تعاليم النب (ص) ،ول يكن عمر بن الطاب قد أسلم بعد ،ول يلتق بأب بكر إل بعد ست سنوات ،ول
يكن المام علي هو الخر عضوا ف هذه اللية لداثة سنه قياسا لعدل أعمار هذه اللية ،إذ الفرق سيبو على أكثر
من عشرين عاما .ولن المام علي كان ف ذلك الوقت ربيب النب (ص) ومريده ،وقد توهج اسه بعد أن كلفه النب
(ص) بالنوم ف فراشه أثناء هجرته إل الدينة ،وما تركه هذا التكليف على تركيز الهتمام بشخصية هذا الفت
وفدائيته العالية.
وبدأت إشعاعات المام علي تتذب إل شخصيته الكثي من الصحابة بعد عشر سنوات على القل من ظهور
خلية أب بكر ،فلم تكن الوالة للمام ردّ فعل على تلك الماعة ول نقيضا لا .وكانت معارك الرسول الول ف
الدينة قد ألقت أضواءً أخرى على شخصية المام علي الذي ل يسر أو يتراجع أو يتردد ف معركة منها.
إن تسع نظريات على القل اختلفت ف زمن ظهور التشيّع ،فالصادر الشيعية تسحب الزمن إل الوراء وصولً
إل زمن صدر السلم ،وبعض الصادر السنية تؤخر ف ظهور التشيّع ،حت نسب بعضها ظهوره إل فاجعة كربلء
ومقتل المام السي .وبي هذين التاريي يكن الشارة إل يوم السقيفة باعتباره اليوم الذي ظهر فيه التشيّع ،عندما
تلف المام علي عن مبايعة أب بكر ف طائفة من الصحابة.
137
كتاب عمر والتشيع
ومنهم من يفترض ولدة الشيعة يوم الشورى ،بعد وفاة عمر بن الطاب ،ومنهم من يفترض يوم الدار حي
أحاط التظاهرون بعثمان بن عفان وحاصروه ف داره وقتلوه ،ومنهم من يفترض يوم واقعة المل.
لكن كثيين يشيون إل معركة صفي بي المام علي ومعاوية.
ول ننسى من يؤرخ ولدة الشيعة بظهور عبد ال بن سبأ ،وهي الرواية الشائعة حاليا ،والضعفة عند كثي من
الؤرخي.
وقد ننل مع التاريخ إل الائة الثانية للهجرة ،فينسب ظهور التشيّع إل زمن المام جعفر الصادق وتلميذه هشام
بن الكم ،الذي قام بدور التشكيل الندسي والبناء الفكري لفكر المام جعفر الصادق ،يشبه إل حد دور الفقيه أب
يوسف تلميذ أب حنيفة ف صياغة الذهب النفي.
ولو أجرى معهد غالوب العروف بدقته استبيانا ف أروقة القطيعة لصل الجاع على يوم السقيفة ،حيث
يشخص عمر بن الطاب وجها لوجه ،فيصب على وجهه مصبوب الرويات منذ ذلك التاريخ .فكأن المة قد
انشطرت بالسقيفة إل شطرين .وعنهما نمت ثنائية عمر وعلي ،ولعل هذه النتائج الفترضة ستكون أخف ضررا من
تأصيل الفرقة بزمن النب (ص) ،وكأن السلم ولد مشطورا .وكأن النب (ص) كان يتحرك بناحي ،على غرار الواقع
السياسي الراهن ،جناح لعلي وآخر لب يكر ،ول بأس أن يسارع حلة اليدولوجيا إل تسمية أحدها باليسار،
وثانيهما باليمي ،ويصبح المام علي زعيم اليسار ،وأبو بكر زعيم اليمي ،فيسقط التاريخ بإسقاطات الاضر.
فقهاء التنقيص!!.
إن الكتابة الن ف عمر اختراق لملة التنقيص الت تضرب التاريخ السلمي والسلميي من خارجهم ،بعد أن
كان منهج التنقيص مصورا ف إطار الثقافة والثقفي السلميي الستغرقي ف صراعاتم ،فل يدخل ميدان التنقيص،
إل فقيه بالذاهب ،وعال بالرجال ،ومدث يستوعب علم الديث ومدارسه .ومنطيق درس أرسطو ،وأديب تعلم ف
مدارس البلغة.
وباستمرار الناقصات ،تتضاءل حجوم الرجال الوائل ،وتطغى الثالب على الكارم.
إن فقهاء اللف هم التخصصون بذا النهج ،ل يشاركهم غيهم فيه ،فإذا كتب العلمانيون ف مطلع القرن
الاضي ،وحت ربعه الثالث ،فإنا يضعون لقواني الصراع الجتماعي ،ومفسرات السايكولوجية البشرية ،وف الالتي
138
كتاب عمر والتشيع
يبدو عامة الناس عاجزين عن دور كهذا .والناس مبأون من مثالب التنقيص .لكنهم يتلقون معلومات العلماء
والؤرخي عن طريق وسيط فتتحول الحداث ف ميلتهم إل نقائضها .أو يضاف إليها ،فإذا ضعفت العلومات بعوامل
النسيان والندثار ،طلع عليهم الدعاة با يدد شبابا ،فيعيد الياة إل عمر ذئبا يترصد عليا ،أو قد يصبح قاتل
السي هو قاتل الفتنة.
ولذا فإن العتقاد بدور كبي للمتنورين من علماء اجتماع وكتاب وشعراء سيبدو غي دقيق ،وعاجزا عن التأثي
ف معتقدات معمرة ،ومشاعر متأصلة.
إن التنقيص ،هو القابل اللغوي لنعة الجاء الت تد لا دعاة ومستمعي ،سوى أنه هجاء يستهدف الشخصيات
الكبية ،من أهل البيت ،والصحابة ،ورؤوساء الذاهب ،ومن هنا خطورة التنقيص على سلمة العلومات التاريية .ل
سيما أنه من شغل الكبار ،فقد اشتغل أعظم أديب عرب ،كالاحظ ف منهج التنقيص ،ف كتابه (العثمانية) الذي ل
يتورع فيه عن سلب المام علي فضائله النصوص عليها ف كلم ال .وحديث رسوله ،وعلى لسان الصحابة ،فيد
على معتزل البصرة معتزل من مدرسة بغداد ،هو أبو جعفر السكاف ،مدافعا عن المانة التاريية ،والكارم العلوية،
فما الذي يستطيع فعله الفقراء والهلء والدهاء التهمون ،بأنم حلة الفصل والتشهي الطائفي؟.
وتؤكد الوجة الالية لملة التنقيص وجهة نظرنا هذه ورجال التنقيص أدباء ومؤرخون وكتاب ،خرجوا من حأة
الصراع الطائفي متسامي عليه ،متساقطي ف حأة التشكيك ،لينالوا بالدرجة الول من شخصية النب (ص) ،وفصل
حركته عن إرادة السماء ،واعتبارها سلكا موصولً بلم السيادة القرشية ،والرغبة الاشية القدية بإقامة دولة مكة.
وأوغل كتاب الوجة النقة ف التعريض الشخصي ،فدخلوا غرفة نومه ،وبي أزواجه ،ما تشكل الرسوم
الداناركية ،قياسا لكتابات تصدرها مؤسسات عربية مسلمة ،مرد طرفة!.
وطالا أن الملة أنزت مشروع الفصل وسارت على النب ممد(ص) رجلً حالا ،بدولة قرشية ،سهل عليهم أن
يردوا أصحابه ورجاله الؤسسي من حلة الحترام ،مستفيدين من مياث وافر لفقهاء التنقيص الوائل ،يردون على
أقوال من يطعنهم بالتشهي ،وليس عليهم أن يصنعوا الروايات ،أو يكتبوا التاريخ من جديد ،فالتناول من القوال
مٌستمد من كتب الفقهاء والعلماء والدباء الوائل التورطي ف حلة التنقيص.
139
كتاب عمر والتشيع
ومن النصاف أن كتاب الوجة النقة قد يتوقفون عن نقل روايات ل يتوقف عن ترديدها فقهاء الصراع تنبا
لساءلت قانونية أو ردات فعل شعبية .ول يرؤ كاتب من اللحدة أن يترضى عن قاتل عمر بن الطاب فيقول أبو
لؤلؤة رضي ال عنه ،ول أن يترضى عن قاتل حفيد نب السلمي،وسب حفيداته ،حافيات من الكوفة إل الشام .فيما
كان عمر يرفض سب نساء العرب ف قبائل مرتدة ،معترضا على صاحبه أب بكر ،فأعاد السب إل ديارهم .إن كتب
الفرق والطوائف والذاهب شكلت مادة أساسية للتشهي الستشراقي والعلمان بالسلم.
ثنائية القطيعة والشاركة:
أغلب الظن أن النشقاق السلمي سيأخذ بعدا تلتبس فيه النتماءات لو استفرغ الفقهاء والثقفون بعض
جهدهم ،فيما نتعارف عليه بثنائية القطيعة والشاركة ،وهل كان المام علي ف الول أم ف الثانية بعد وفاة النب (ص)
وظهور اللفة الراشدة .فلعل الناس سنة وشيعة ينفون حدة القسمة وهم فريقان :أحدها يأخذ بنظرية القطيعة،
والخر بنظرية الشاركة.
وأغلبية الناس على مبدأ الشاركة ،وأن المام ل يستمر ف معتكف القطيعة بعد وفاة النب (ص) أكثر من ستة
أشهر ،فأعطى بيعته وتبعه بنو هاشم وبعض الصحابة من ل يكن قد دخل ف البيعة بعد.
إن التاريخ السلمي العام ،وهو مدون برفية أكاديية عالية ،يصادق على القول بنظرية الشاركة .ول يتحفظ مؤرخ
إسلمي مترف ،عن القول با ،وإن قطيعة المام ل تكن أبدية ،وأنه جّد أو أجّل ماكان ينسب إليه من اعتراض على
الليفة الول ،وإن ل تكن درجة التصال بدار اللفة قد تطورت إل مرتبة الشاركة الواسعة ف اللفة الثانية.
فنشأت بي المام والليفة ثنائية استعاد فيها عمر ثنائيته مع أب بكر ،وكان يصغي للمام علي ،والمام ل يضن عليه
برأي الناصح ،ول بوقف عاضد.
ويتفق على حصول تطور إل حد النعطاف ف نظرية الشاركة كل من ابن سعد ف طبقاته والطبي ف تاريخ
اللوك والسعودي ف مروج الذهب واليعقوب ف تاريه والصبهان ف أغانيه.
والثلثة الخيون مسوبون على التشيع.
وعند رجال البحث الكاديي العاصر إجاع ل يرج عنه إسلمي أو علمان على القول بالشاركة .فيلتقي طه حسي
بغريه عباس ممود العقاد ،والزهري ممد أبو زهرة بالعلمان عبد الرحن الشرقاوي ،وتنفرد الدرسة الصرية بثقة ل
140
كتاب عمر والتشيع
تكتسبها مدرسة معاصرة أخرى ،وواحد من عناصر الثقة با يقوم على نشاطها الحمدي ف حقل الشاركة العلوية ذ
العمرية.
إن نفوذ القائلي بنظرية الشاركة هو الؤكد علميا ،والغالب عدديا ،والنافذ الفعول ف الثقافة الدنية القائمة على
دراسة مستقلة وحرة للتاريخ ،فطرقت أبواب التشيع ف مركز عصب اللف ،ول تكن الستجابة كبية ف عصرنا،
لكن مرجعا كالمام ممد السي كاشف الغطاء ل يتأخر عن إصدار العلن الشيعي الشجاع والصيل ف كتابه
(أصل الشيعة وأصولا) الصادر منتصف المسينات اليلدية والقائل بثقل حجية الشاركة .وكان باحثون أكادييون
وموسوعيون ف الانبي السلمي والعلمان من دعاة الشاركة ،كجعفر الليلي وعلي الوردي وحسي مروة وهادي
العلوي وهاشم معروف السن ،وهم أصحاب كتب ودراسات.
ولربا أيقظت هذه الدرسة ف باحث إيران شاب روحا نقدية ألبت إحساسه السلمي ،هو الدكتور علي
شريعت ،ليصبح أخطر مفكر إيران وشيعي ياهر بفكرة الشاركة ف تديات خرجت من عقر حسينية إرشاد ف
طهران ،وهو صاحب نظرية التشيع العلوي والتشيع الصفوي ،وواضع أسباب النقسام ومذر رسومها وأصولا
بظهور الدولة الصفوية عام 1500ميلدية.
ومن النصاف أن الصفويي ل يبتدعوا نظرية القطيعة ،وقد كانت قائمة ف مرويات مدودة لكن الصفويي نحوا
ف أدلة القطيعة ووضع مناهج خاصة با ف البحث التاريي وثبتت لا القواعد القائمة على (الدلة النقلية والباهي
العقلية) ووضعت موازنات لذا الشروع ،تت تصرف أرفع العقول وأبى الساء الفقهية ف لبنان والعراق وإيران.
ومنح فقيه الدولة الول الشيخ علي الكركي صلحيات الشاه ،فصار حرامه حرام الدولة وحلله حللا .فعارضته
الؤسسة الدينية ف العراق والبحرين والحساء والقطيف ،واصطدمت بعارضة كان طرفاها يتلفان ف شرعية
السلطان الصفوي ويتفقان ف نظرية القطيعة ،وإن كانت العارضة أقل اندفاعا ف هذا التاه ،وأسلس روحا وألطف
عبارة .بينما دجج العلماء والثقفون الصفويون القائلون بروح القطيعة الصارمة والبدية ،فنشروا الرويات الغريبة
وأشاعوا الضعيف من السانيد .وكأنم يستعيدون مرحلة مرت ف التاريخ السلمي كانت الدولة الموية تشتط بعيدا
ف هذا التاه ،وكأن التاريخ ل يبدو حيويا إل بتوازن السوء فينشأ تشيع صفوي وتسنن أموي.
141
كتاب عمر والتشيع
ومادامت الكثرية العددية بي السلمي والنوعية ف البحث الكاديي التاريي العام ،منذ طبقات ابن سعد ،تأخذ
بنظرية الشاركة العلوية مع الدارة العمرية لتصريف أمور الدولة ،فكيف أتيح للقائلي بالقطيعة كالسيد العلمة كاظم
القزوين ف أحدث كتاب له هو المام علي من الهد إل اللحد وضع فصل مستقل :إن المام علي كان جليس البيت ،منذ
وفاة النب (ص) حت وفاة عمر عام ،23للهجرة مسلوب المكانيات على حد تعبيه .بينما كانت جيوش السلمي تدق
أبواب أسيا القصوى وإفريقيا الشمالية؟.
إن النهج الصفوي يسعف العلمة القزوين بقواعد فقهية وإخراج رواية على لسان المام الصادق ياطب أتباع
أهل البيت ،قائلً :ف حالة اختلف الروايات واتفاق بعضها عند بعض الئمة من أهل البيت:
خذوا ما خالف القوم أو خالفوا ماوافق العامة.
ولن القوم السلم قد أجع على نظرية الشاركة العلوية ف إدارة الدولة ،وإل جانبه روايات عن الئمة ،ومنهم
الصادق وعن أهل البيت ،ومنهم زيد بن علي ،فالصحيح الصفوي هو الخذ برواية القطيعة مادامت تالف أهل
السنة.
وهكذا حسم الناع ويسم ف قضايا اللف ،فيكون إجاع السلمي على أمر سببا للشك ف الرواية ،والطلوب
الخذ با خالف القوم!.
ول يعد ما يقوي الشيعي القائل بالشاركة،الستشهاد برواية تقر حصول بيعة المام علي ومشاركته أبا بكر
وعمر ف إدارة الدولة.
فمن الذي حرم المام علي من الشاركة ف إدارة الدولة سوى القائلي بالقطيعة؟ .وما الذموم ف أصل فكرة
الشاركة الصادرة أساسا من وعي عقائدي حيم إل من يُعتم على دور المام الؤسس والشريك؟.
إن فكرة العتزال إن ل تكن مرمة فهي لتليق بالشريك الؤسس حامل أول لقب لفت السلم.
وف ذات السياق تركزت الهود الفكرية والفقهية والدعائية على ربط عمر بن الطاب ف التأسيس السفيان
للدولة الموية بتعيي معاوية واليا على الشام وتوزيع الناصب القيادية على صحابة قادمي من العسكر السفيان أو من
البيت الموي ،وهو المر الذي لقى ويلقي رضا الفريقي.
142
كتاب عمر والتشيع
ب ماقبله ،وبقوة الدوار الت نض با هؤلء القادة ف
فأهل السنة ،وبسب مبدأ وحدة الصحابة ،وكون السلم ي ّ
عصر الفتوحات سيكون من لطف ال عندهم أن تتعاشق وشائج الود والفهم الشترك بي سياسة عمر وفقهه وإدارته
للزمات بتاريخ رجاله من قريش ومن بن أمية فيتساوى الرجل مع غيه ف وحدة الصحابة ويدفع اللوم والتأنيب ونبش
الاضي عن رجال قريش إذعانا لقاعدة السلم يب ماقبله ،وهي عندي من أرقى البادئ ف العلقات النسانية وأذكاها ف
إطفاء حرائق الفت وأكثرها علمية ف نشوء الدول.
إن عمر بن الطاب يكاد أن يدمج مع المويي عند بعض أهل السنة وعند عموم أهل التشيع ،والهمة النبيلة
للفقهاء والباحثي العمل على امتلك القدرة العلمية والذهنية لستلل عمر من انتساب ل ينتسب إليه ،وبيت ل يكن
منه ،ولعل الدرسة الصرية أجابت عن هذه الاجة الضارية وحسمت المر لصال القول بالشاركة.
يروى أن عثمان بن عفان قال للمام على :إنن ل أخرج عما كان عليه عمر ف أمر تعيي المراء والولة والقادة،
فلماذا رضيتم به؟.
أجابه المام علي :إن عمر كان يتابعهم ويراقبهم ويعاقبهم بالعزل وبغيه إن ل يسيوا سية حسنة .ول يترك لم
المر.
ويقول الدكتور علي الوردي:
إن معاوية مع عمر ل يكن ذاته مع عثمان ،كان معاوية مع عمر مكوما مطيعا ،لكنه ف ولية عثمان كان حاكما
وصاحب صلحيات ،وقد صارت الشام كأنا عاصمة اللفة.
ومن المثلة على طريقة عمر الت أشار إليها المام علي أنه كان يعزل الوال ،وإن كان العزول من أبلوا ف الفتوح
بلءا مثيا للعجاب ،وقد عزل الغية بن شعبة عن البصرة وأمره أن يشخص إليه ليحاكمه ف تمة زنا ،ف الوقت الذي
كان فيه الغية يلحق الزائم ف اليش الفارسي ف الهواز.
وعزل قائدا وصحابيا كسعد بن أب وقاص عن ولية الكوفة ،كما عزل شرحبيل بن حسنة عن ولية الشام
لسبب سئل عنه عمر ،فأشار إل تفضيله الداري القوي على الداري الضعيف ،وليس لسخطه عليه.
وقصته مع خالد بن الوليد وعزله معروفة.
رضي ال عنه وعليه السلم:
143
كتاب عمر والتشيع
من وظائف فقه اللف توسع الفقيه ف الرويات والراء وإناب لُغة ومصطلحات تُرضي نزعة الفتراق.
فصار لكل فئةٍ لغة خاصة يتعرف الناس با على مذهب الكاتب والُتحدث ،وشل ذلك جلة الصلة والسلم على
النب ،هل هي له وحده أم يلحق به آله فقط كما يقول الشيعة ،أم هي عليه وعلى آله وأصحابه ،كما يقول أهل
السنة؟
وهل سنقف عند هذه الصيغة أم نلحقها بفرد ٍة أخرى ،مثل أجعي ،فيتشارك مع النب ف الصلة والسلم أبو
بكر وعمر وعثمان وعلي وأبو سفيان وعبد ال بن أب سرح وعمرو بن العاص .حسب منطوق وحدة الصحابة.
ومبدأ التسوية بينهم فيعترض فري ٌق من السلمي على مفردة أجعي .ويعترض أغلبية السلمي على الذان الشيعي ف
أكثر من مورد كحي على خي العمل والشهادة الثالثة؟.
و فقهاء التشيع يرون ف حي على خي العمل ،جلة واجبة الوجود ف الذان.
أما الشهادة الثالثة فهي مستحبة عند فريق من الفقهاء ،ويكن الستغناء عنها ،وعلى ذلك جرى المام ممد
مهدي الالصي فأثيت حوله وعليه ضجة ل تدأ.
فلماذا ل يترك الُستحب ويُستغن عما أضيف هنا وهناك كي يكون الذان واحدا؟.
أجيب ،ومن وجهة نظر ل علقة لا باجتهادات الفقهاء ،أن المر ليس بذه البساطة ،فاللغة عند أهل الذهب قد
توظف للتعبي عن اللمح ،قبل الضامي ،فإذا صرنا إل الستغناء عن مفردة خاصة ضاعت اللمح ول يعد مكنا التعرف
على هوية الُتحدث والؤذن وستنتفي الاجة إل فقه اللف!..
و ف هذا السياق ل يُترك النب ممد وحده ليصلي ال عليه ويُسلم .فألق معه الل أو الصحاب ولو أن الية
56من سورة الحزاب تقول" :إن ال وملئكته يصلون على النب .ياأيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليما"
فيكون السلم والجل أن يصلي ال ويُسلم على نبي ِه دون أن يشترك معه أحدٌ من أهل القرابة والصحابة.
ولعلّي أميل إل عبارة صلى ال عليه وسلم ،وأستخدمها ف أحاديثي ،فحدث وكنت أُحاضر ف حسينية الولية ف
حي السيدة زينب بدمشق عن استشهاد المام الُسي بي جع من الدعوين شيعة وسُنّة ،ولدى انتهائي من الحاضرة.
كان أحد الفقهاء يتصدر الجلس ،فهمس ف أُذن أن ل ألتزم بلغة السلم ،وظننت المر يتعلق بنهجي الُستقل
الارج عن مناهج البحث الفقهي.
144
كتاب عمر والتشيع
لكن السيد الفقيه استدلّ بعبارة (صلى ال عليه وسلم) ليكون النطق با سببا لعلي غي ملتزم بلغة السلم .إذ
القطوع نائيا أن تُلحق بالعبارة إياها جلة وعلى آله.
ولو نطقت با لعترض الاضرون من أهل السنة ،ولتمت بالمالة.
فهل كثيٌ على النب أن يُخص بصلة ال وسلمه وقد خصه ال وحده بالية الكرية؟.
وف هذا السياق استبدّت صيغتان بأساء أئمة أهل البيت والصحابة ،با يعل الروج عنهما أشبه بالروج عن
القبول الدين لدى الفريقي ،فاختص أهل السنة بصيغة رضي ال عنه للصحاب وللئمة من أهل البيت ورفض الشيعة
إطلقها على الثني ،فهي عندهم كثية على الصحابة وقليلة على الئمة ،إلّ إذا كان الصحاب مقربا من المام علي
وللمام صيغة عليه السلم وليس لبقية الصحابة صيغة رسية ف لغة التشيع.
وف التحليل اللغوي وعلقة كل من الصيغتي بالروح ،تبدو صيغة رضي ال عنه مُناسبة للجميع إذ ل تقوي يعلو
على تقوي ال الاصل ف الرضا والرضوان عمن هو جدير برضوان ال فإذا رضي ال عنك فما قيمة أن تغضب
الليقة عليك؟
ومن رضي ال عنهم ل يتاجون إل طلبِ أح ٍد منا إل ال بالترضي والرضوان عليهم بعد أكثر من 1420عاما
على صدور الرادة اللية بنحهم رضوانه وقوله تعال ف سورة الفتح الية " 18لقد رضي ال عن الؤمني إذ
يبايعونك تت الشجرة فعلم ما ف قلوبم فانزل السكينة عليهم وأثابم فتحا عظيما "
لكن منهج القطيعة يطوي السافات وقد يعب اليات ،فإذا وصل إل تلك الشجرة ورأى عمر بن الطاب تتها
ي مقطع من
مع من بايع الرسول ونزل فيه قرآن توقف النهج سالكا طريقا ل ير عند تلك الشجرة ،ولو أننا اخترنا أ ّ
هذه الية الكرية وألقنا به اسم رجلٍ من كانوا تت الشجرة لا خرجنا على مضمون الية فنقول :إن عمر رضي ال
عنه ،أو أن عمر أنزل ال عليه السكينة ،أو عمر الثاب بالفتح العظيم.
ونن نيل إل ترك المر إل ال وهو صاحب الرضوان.
أمّا السلم عليه الذي يُلحق بأساء الئمة من أهل البيت ،فلعلها صيغة مستعارة من آيات قرآنية منها:
" سلم عليكم با صبت فنعم عقب الدار " /الرعد / 24
" وسلم عليه يوم ولد ويوم يوت ويوم يبعث حيّا " /مري / 15
145
كتاب عمر والتشيع
" قل المد ل وسلم على عباده الذين اصطفى " /النحل / 59
" سلمٌ على نوح ف العالي " /الصافات / 79
" سلم على إبراهيم " /الصافات / 109
" سلم على موسى وهارون ف العالي " /الصافات / 120
" وسلم على الرسلي " /الصافات / 181
ص أئمة أهل البيت با خُصّ
فالذين ألقى ال عليهم بالسلم هم النبياء ،والنبياء بدرجة أعلى من الصحابة ،فخ ّ
به النبياء والرسلون وعباده الذين اصطفى والصابرون فنعم عُقب الدار.
يبدو أنا خيارات لتلوين اللغة وتطويعها حت تكون خاصةً بذا الفريق أو ذاك ،وليست خاصةً بجموع السلمي.
إن إشكالً آخر سيقع فيه الستمع للتلوة القرآنية.
فكما أن النب (ص) هو الشترك للمسلمي كافة وضرورة اللف تستدعي وضع إشارة بانبه ،حت يعرف
التحدث شيعيا أم سنيا ،فالشترك العظم والول للمسلمي هو القرآن.
فإذا تلي على الناس ،فقد يضيعُ على الستمع هوية القرئ وهوية الكان ،هل هو ف جامع سُن أم شيعي؟ وتدعو
ضرورة اللف إزالة الشكال عند مستمع التلوة.
وقد ت ذلك مؤخرا إذ يعرف القارئ الشيعي عند انتهاء تلوته بملة «صدق ال العلي العظيم» بد ًل من «صدق
ال العظيم» الت أصبحت سُنيّة.
روزه خون القطيعة!
لعب النب السين الدور الشعب الوسع تأثيا ف شحذ الوجدان الشيعي وصياغة ذهنية التشيع عند عامة الناس.
فأدى وظيفة إعلمية ضخمة يوم ل تظهر بعد وسائل التصال والعلم ،وقبل أن يتحول العزاء السين إل فضائية
مرتبطة بالقمار الصناعية .وكان الصدر الرئيسي لعلومات القارئ الذي يسمى الروزخون() ،كما يقول د .علي
الوردي ،ملدات بار النوار للمل ممد باقر الجلسي الذي يصفه علي شريعت ،بأنه داعية السلطنة الصفوية ومروّج
مشروعها السياسي والروحي.
146
كتاب عمر والتشيع
ويدير الروزخون حديثه على روايات عاطفية ترتكز على قلة العدد وقسوة العدو وخذلن الناصر الت تنتهي
عاد ًة بالفجيعة.
وساهم النب السين بلق وحدة نفسية لدى حاضري الجلس ،تتجاوز انتماءات الطبقة والعنصر ومستوى
التحصيل العلمي ،فيبكي الميع ،وف القدمة منهم كاتب السطور الذي تتسارع دموعه ف اللحظة الت يتنحنح
با القارئ ،قبل النطق بالبسلمة .وهي لظة شعورية موروثة تستحضر رمم جدي ،وعظام أخي .وعباءة أمي،
وشجى الصوت بلحن الفاجعة ،ويدٌ مقطوعة الصبع ،وعمامة ممدية معلقة بوافر اليول ،ومن بقي من أحفاد
الرسول ورؤوس على الرماح ،وبنات النب سبايا فأين منهن عمر ،وقراره الول ف اليوم الول من وليته بعد
وفاة أب بكر بنع سب العرب وإطلق نسائهم وإن كانوا من أهل الردة.
وقد قال المام السي لعبد ال بن عمر الذي طالبه بعدم الذهاب إل العراق ،ومقاتلة الليفة الموي ف الشام:
لو كان أبوك معنا لنصرنا .لكن الروزخون يتعامى عن هذا النص ،فيشتط به الجلسي إل عمر بن الطاب ليكون هو
خصم السي وعدوه ،فيستقر كلمه ف أذهان التباع والريدين والاضرين ،وكأن حقائقه ل ينفيها إ ّل قتلة المام
السي.
وف تطور متوقع ،حدث انعطاف ف اتاهات النب السين ،الذي اعتله مفكرون ومؤرخون وكان رائدهم
الشيخ الدكتور أحد الوائلي خريج جامعة النجف وجامعة القاهرة والفقيه الؤرخ والديب الشاعر ول يعد الجلس
السين دعوةً للبكاء واستخداما غي مفيد لحداث التاريخ.
تشريع قانون لسب عمر:
وف النهج الصفوي ،يوز لفقيه صغي الروج على مرجع اكب ،وتفنيد رأي له أو خب ،إذا تعلق المر بنفي
فضيلة وإبطال رواية تورط الرجع بذكرها والستفاد منها (أبناء العامة) ،وسيكون المهور مع الفقيه الصغي ضد
الرجع الكبي.
وهذا ما حدث مؤخرا للمفكر والرجع السلمي السيد ممد حسي فضل ال ،الذي شكك ف رواية هجوم
عمر على بيت المام علي وكسر ضلع الزهراء.
147
كتاب عمر والتشيع
إن الشيخ ممد جيل حود يكتب ف هذا التأسيس القدي ،فيقول" :لكبار ول سلطي ول فقهاء أمام تراب
أقدام آل ممد " .ول يكن هؤلء الكبار والسلطي والفقهاء ف حقيقة المر إل من مريدي هذا التراب الطاهر ،لكن
الشيخ حود كان بصدد إبطال رواية تدثت عن حصول زواج عمر من بنت المام علي بن أب طالب.
إن وحدة القياس ف النهج الصفوي تتصل عند فحص الرواية بدى قوتا لحداث نوع من النشقاق ،وقدرتا على
ترويع الطرف السلمي الخر .وعندما يقول المام جعفر الصادق " :إننا نبأ إل ال من يسب أبا بكر وعمر" فهي رواية
غي معترف با ،وليس فيها رشاد لنا ما يوافق العامة.
وكان الشاه الصفوي قد وجه مبعوثي إل فقهاء النجف وجبل عامل لللتحاق به ،وأرسل الدايا الثمينة،
فاستجاب لدعوته الشيخ علي الكركي ،وهو من أهال قرية (كرك نوح) ف بعلبك بلبنان ،وكان عند استدعائه يسكن
النجف ،ورفضها فقيه آخر كان يقيم معه ف النجف ،ويناظره ف الرتبة العلمية ،وهو الشيخ إبراهيم القطيفي -من
أهال القطيف والحساء ذ ورفض هدية الشاه ،وحرم على الشاه أخذ الراج من الناس واعتبه غصبا.
يقول على الوردي :إن الشيخ على الكركي أفرط ف تأييد مستحدثات الدولة الصفوية ،بيث وافق على أمور ل
يوز ف الشرع الوافقة عليها كلها أو بعضها ذ ولعل هذا هو الذي جعل الصوم ذ خصوم التاه الصفوي ذ يطلقون
على الكركي لقب مترع الشيعة.
ومن مترعاته ،رسالة فقهية قدمت السوغات الشرعية لسب عمر بن الطاب وأب بكر ،بعنوان نفحات اللهوت
ف لعن البت والطاغوت ..ول يكن البت والطاغوت ف عرفه سوى عمر بن الطاب.
إن الدال الشديد الذي نشب بي الكركي والقطيفي أدى إل انقسام علماء الشيعة ف حينه إل فريقي متنازعي،
ل حت انتهى بانتصار الكركي وأتباعه كما يقول الوردي وليس من الصعب اكتشاف
ولكن هذا النقسام ل يدم طوي ً
السبب الذي أدى إل هذا النتصار ،وهو متوقع وينسجم مع طبيعة الياة الجتماعية ،فالدولة با لديها من أموال
ومناصب مغرية قادرة أن تقوي جانب العلماء الذين يؤيدونا وتضعف جانب الذين يعارضونا.
ول تتراجع السيادة الصفوية وسيطرة مناهجها ،على اتاهات البحث العلمي وقواعد الحتجاج التاريي ،منذ
ذلك الوقت من عام 1530إل أيامنا هذه ،ول يعد منهج الشيخ إبراهيم القطيفي معروفا ف تلك الوساط.
148
كتاب عمر والتشيع
وكان عمر بن الطاب ضحية هذا النتصار الؤسف ،ولينبغي إغلق هذا اللف قبل الشادة بدور المام السيد
مسن المي العاملي ،الذي كانت موسوعته أعيان الشيعة وكتاباته الخرى الصدر العتمد ف تسجيل تلك الحداث
ومنه أخذ الدكتور علي الوردي العلومات الاصة بذلك الصراع.
الجلسي رائدا:
يقول علي الوردي ف كتابه لحات اجتماعية من تاريخ العراق ذ الزء الول:
إن الل ممد باقر الجلسي الذي توف ف عام 1699كان شديد التعصب لعقيدته ،وقد أغرى الدولة باضطهاد
جيع الخالفي ،الذين كانوا موجودين ف داخل الدود اليرانية ،وقد أوقف الشاه الصفوي بعض أملكه الاصة ف
سبيل نسخ كتابه بار النوار ،الذي يقع ف ( )25جزء وتوفيه للطلبة.
ويُعد (بار النوار) أضخم كتاب لدى الشيعة ،وف رأي بعض الباحثي والكلم للوردي أن الجلسي أساء
للتشيع بذا الكتاب أكثر ما نفعه ،فهو قد جع فيه كل ما عثر عليه من الخبار والقصص والساطي ،ل فرق بي
الغث والسمي منها ،ث وضعها ف متناول كل من يريد الغتراف منها ،وجاء بعدئذ قرّاء التعزية وخطباء النابر
فصاروا يأخذون منه ما يروق لم وبذا ملوا أذهان الناس بالغلو والرافة وجعلوهم يلقون ف عال من الوهام .وقد
تبنت الدولة القاجارية هي الخرى هذا الكتاب ،فكان أول الؤلفات الت طبعت بعد دخول الطبعة الجرية ف إيران،
وقد وردت إل العراق منه نسخ كثية ما أدى إل انتشار معلوماته الغثة ف أوساط الشعب العراقي على منوال ما
حدث ف إيران.
ولك أن تتزل خسي كتابا صدر لماعة " الستبصرين " بكونا استنسخت الكثي من تلك العلومات ف الكتب الت
صدرت لؤلء التحولي.
وكان المام المين قد أوقف طباعة أجزاء من موسوعة البحار حرصا على وحدة السلمي ،وحفظ الجيال
الديدة من تسرب تلك العلومات اليها.
والجلسي متخصص ف روايات التشهي بعمر بن الطاب ،حيث يكن ر ّد ما يتداوله العلميون والتعلمون
والتحدثون وبعض الفقهاء من معلومات حول عمر إل مصادر الجلسي.
ويشترك مع الجلسي مؤرخ موسوعي آخر هو السيد البوجردي الكاظمين ف كتابه جواهر الولية.
149
كتاب عمر والتشيع
يقول علي شريعت ف كتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي ،إن الجلسي ،وهو أبرز وجوه التشيع الصفوي،
يرسم للمام السجاد صورة أعتقد أن أعداء آل علي الذين نصبوا لم السيف يجلون من نسبتها إليه .فإن العزة
والوقار واليبة واليها صفات معروفة لبن هاشم لتنكرها حت الاهلية ،وإن الجلسي ينقل أخبارا مثية للغثيان!.
إن علي شريعت يشك ف علمية الجلسي ،ويسخر من رواياته ويقدم نوذجا لا قصة زواج المام السي من
ابنة كسرى يزدجرد.
إفحام الفحول :الشيخ ممد جيل حود
توشجت العلقات بي عمر والمام علي بعد وفاة أب بكر ،واستمرت ف التلحم والتفاهم إل الد الذي يدفعنا لعل
ولية عمر بن الطاب حكما مشتركا مع المام علي.
وكان عمر حريصا على تطور وتطوير تلك العلقة ،فلم يدث بينهما ما يعكرها إل ف ميلة رواة القطيعة ومن
يتلذذ ويستأنس العيش ف توم اللف.
كان عمر يسعى لن يرحل عن الدنيا وله نسب وسبب مع رسول ال ،إذ ل يوفق ال ابنته حفصة زوجة النب
(ص) سبالناب وحديثه كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إل سبب ونسب يغري عمر وبقية الصحابة ف مصاهرة
بن هاشم ،ول يكن للرسول إل فاطمة ،ول يكن للزهراء سوى بنت غي متزوجة أم كلثوم ،وهي آخر حفيدة لرسول
ال ،وأم كلثوم كانت ماتزال يافعة ،وقد اختلف ف عمرها عند طلب عمر الزواج منها كما اختلف ف عمر عائشة ف
سنة زواجها بالرسول (ص) ،وأنبت أم كلثوم لعمر ابنا اساه زيدا تيمنا باسم أحب أشقائه إليه زيد بن الطاب .غي
أن العاملي ف مدرسة النشقاق قد ساءهم أن يكون لعلي وعمر حفيد مشترك وأن يصبح مقام أم كلثوم عند عمر
كمقام عائشة عند النب (ص) حبا ودل ًل ومصاهرة.
إن روايات أهل البيت ل تنف حصول الزواج ،فكيف يتصرف منهج القطيعة مع خب مرفوع عن الئمة؟.
هنا يتدخل منطق النشقاق فتقحم روايات ،إما باعتبار الزواج اغتصابا أو تديدا أو أنه ل يصل أساسا ،وأن ال
بعث إل عمر كما يقول الجلسي ف (بار النوار) جنية تشبهها فيما ت إخفاء أم كلثوم عن النظار حت وفاة عمر.
150
كتاب عمر والتشيع
حول هذه القضية ،كتب العلمة اللبنان الشيخ ممد جيل حود رسالة بعنوان (افحام الفحول) ف شبهة تزويج
عمر بأم كلثوم صدرت عن مركز الفكر ف بيوت عام ،2003ونفذت طبعتها الول ف عشرين يوما والت بي
أيدينا هي الطبعة الثانية الصادرة ف العام نفسه.
ولن خب الزواج ،متواتر عند أهل البيت ،فقد استعان الشيخ حود بقولة ابن حنظلة ،وقد توفر له خب بنفي
حصول الزواج ،وباعتبار أن أهل السنة من يوافقهم خب الزواج ل نفيه واستنادا إل الب النسوب إل المام الصادق
(إذ ورد عليكم حديثان متلفان فخذوا با خالف القوم) فقد أخذ الشيخ بب عدم حصول الزواج.
ولياد مسوغ آخر لناقشة خب حصول الزواج ،أن ال سبحانه وتعال قد أرسل جنية من أهل نران يهودية
يقال لا سحيقة بنت جريرة فأمرها فتمثلت بثال أم كلثوم ،وحجبت البصار عن أم كلثوم ،وبعث با إل عمر ،فلم
تزل عنده حت أنه استراب با يوما ،فقال :ما ف الرض أهل بيت أسحر من بن هاشم.
ث أراد أن يظهر ذلك للناس ،فقتل وانصرفت النية إل نران ،واظهر أمي الؤمني المام علي أم كلثوم.
ويقول الشيخ الجلسي :إن هذا ليدل على وقوع تزويج أم كلثوم (رض) من (اللعون النافق) ،وكان فقيه
عراقي معاصر هو السيد علي اليلن قد استنكر هذا الب لنه يشتمل على ما ل يصدقه الناس فهوجم السيد اليلن
لصال الشيخ ممد باقر الجلسي وجاعته.
ويروي الشيخ حود ما تسمى حسنة زرارة ،إذ ينسب للمام الصادق قوله با يشي إل حصول الغصب ف
الزواج واجل ًل لقام المام أحجمنا عن إيراد نص الب لا يتضمنه من إساءة بالغة للمام ومقام المامة.
أبو لؤلؤة رضي ال عنه
يقول الشيخ ممد جيل حود :إن عمر بن الطاب هدد المام علي بقطع يده بعد اتامه بالسرقة إن ل يوافق على
تزويه من أم كلثوم ،وينسب كلمه هذا إل رواة ثقاة ف مدرسة أهل البيت وأن عمر كان يسعى لهانة المام علي
باهانة عرضه وتقيه وتوهينه بالدوس على كرامته ،وهو أي المام علي مكتوف اليدي تكبله وصية رسول ال بعدم
جهاد عصابة النفاق .ولنه أي عمر ماكر خبيث ،فإن إصراره على الزواج كان يفي وراءه حقدا دفينا على أمي
الؤمني علي بن أب طالب .من هنا ارتأى أن يقهر كرامته بوطء عرضه الغال والقدس ،لكن يد الغيب الطاهرة كانت
151
كتاب عمر والتشيع
له بالرصاد فكانت طعنات نافذة من أب لؤلؤة (رض) فأودت بياة من أراد التطاول على شرف الرتضى قبل أن
يتمكن من أن يتبع خطوته الول بأي خطوة أخرى.
ويستكمل صاحب إفحام الفحول مناقشته لنفي زواج عمر من أم كلثوم أن المام علي قد وكلّ العباس عم
النب (ص) بهمة قتل عمر إن أصّر على الزواج ،كما أنه من القطوع به أن المام علي كان يعلم بدنو قتل عمر
بواسطة أب لؤلؤة إن ل يكن قتله إياء منه .وكل هذه الحتمالت صحيحة.
إن كتاب إفحام الفحول هو النموذج الخي التكامل الوانب للمنهج االذي ل يتأخر عن جعل المام علي كما
ل ومهانا بل ومهددا بقطع يده ،كما لو كان طفلً يتلعب بشيئة خاطف متمرس بالقتل ،
يقول صاحب الكتاب ذلي ً
مقابل أن ل يتحدث التاريخ عن وشيجة إنسانية وشرعية بي اثني من الصحابة الحمديي ،ويستخدم خبا على لسان
المام الصادق تستنكف من تدوينه ملت النس الشاعة ف بيوت ،لكن ما ل يكن ف بال عرب ومسلم ومستشرق
ومؤرخ وقارئ سية أن يردف أحد القتلة بعبارة رضي ال عنه الاصة بالصحابة الوائل والولياء الطهار.
ولكي يبعد هذا النهج عليا عن عمر بنفي حصول الزواج ،يقدم الشيخ حود شهادة مكتوبة ضد المام علي بن
أب طالب بأنه هو الذي أوصى لب لؤلؤة بقتل عمر ،وهو ما ل تقله منابر التشهي السبعي ألفا الت نشرها المويون
لشتم المام علي والطعن به.
موقف الدولة اليرانية حاليا:
حلت كتاب افحام الفحول إل مسؤول كبي جدا ف المهورية السلمية اليرانية وفقيه من مساعدي السيد
المام الامنئي .وأشرت إل مسؤولية المهورية السلمية عن صدور مثل هذه الكتب والواقف ،الت توسع
الفجوة بينها وبي السلمي ،واستغربت أن يترضى عال دين مسلم على قاتل مثل أب لؤلؤة وهو موسي ،واقترحت
أن يوصل رأيي هذا إل ساحة المام الامئن ،ودعوت إل تشكيل هيئة شيعية عليا لفحص الطبوعات التاريية،
أسوة با هو موجود ف الزهر الشريف ،صونا لكرامة الئمة واحتراما لتاريخ السلم وحفظا لوحدة السلمي،
وكانت الفاجأة بعد أن أصغى إلّ الرجل باهتمام قوله :إنّ هناك روايات متوفرة لدى رواة أهل البيت أن الذي قتل
ف الدينة بعد مقتل عمر هو ليس أبا لؤلؤة ،الذي تكن من الرب والوصول إل إيران وسألته :وهل هذا يعن أن ما
152
كتاب عمر والتشيع
يقال عن وجود قب يزار لب لؤلؤة ف إيران صحيح ،وهو عندي من الدسوس على اليرانيي؟ .قال السؤول
الفقيه :نعم.
السيد كاظم القزوين :المام علي جليس البيت
ليس من الصعوبة أن نعثر على مكان وجود المام علي ف الفترة الت غيّب عنها ف مصادر القطيعة.
يُجيبنا العلّمة الطيب السيد ممد كاظم القزوين على هذا التساؤل ف كتابه الرائج (المام علي من الهد إل
ل وقد وضع عنوانا لفصل من كتابه هو :المام علي (ع) جليس
اللحد) منشورات مؤسسة النور بيوت / 1993قائ ً
البيت :جاء فيه (حديثنا الليلة حول الفترة الت انقضت على أمي الؤمني (ع) وهو جليس البيت ،مسلوب
المكانيات ،وقد ابتدأت تلك الفترة من يوم وفاة رسول ال (ص) واستيلء أب بكر على مسند الكم ,ولّا انقضت
أيام أب بكر ،أوصى من بعده إل عمر بن الطاب وكانت أيام حكمه عشر سنوات وشهورا ،ولّا طعن وأحسّ بالوفاة,
جعل اللفة شورى ورشح ستةً من الصحابة وأمرهم أن ينتخبوا واحدا من أنفسهم)ـ.
انتهى نص العلمة القزوين فشرع يروي أحداث الشورى ،حيث ظهر فيها المام علي لول مرة على مسرح
الياة السياسية بعد أن أمضى ما يقارب ثلثة عشر عاما جليسَ البيت مسلوب المكانيات.
إن جواب على جواب العلمة ممد كاظم القزوين ،سيظهر عليه شيء من ميول النياز الكبي للمام علي ما ل
أستطيع السيطرة عليه ف حالةٍ تعترين كلما صدمتن رواية وصفعن مشهد يزكم النفس ،فتتضرى عبارت وتتوحش
آداب ومن سيمنع عن ذلك ،وأنا العلوي الحب لبن قومي ،وأهلي الذاب عنهم كيد خصومهم ومبيهم فأرى إمامي
الول ف معتكف الختيار ،وأبو بكر يؤدب الرتدين ويعيدهم إل حيازة الدينة ،وعمر يصول بي جرجان وطبستان
ويولُ ف إيلياء وف بيت ماله مرصعات التيجان؟.
كيف أسكت عن رواية تجر المام جليس بيت مسلوب المكانيات ،ف أخطر مرحلة تأسيسية ف تاريخ السلم،
معزو ًل عن الشاركة ف الهاد ،تاركا لغيه لواءه ،فتدخل جيوش الفتح إل العراق ،وتقيم البصرة والكوفة وتدخل الشام
وتفتح أبواب السكندرية ،وبيد عمر مفاتيح بيت القدس ،وتشاد الفسطاط والسلمون ف سواحل بر قزوين ،فتقام على
س البيت مسلوب المكانيات ،فيتحول العصوم إل معتصم ف عقر
ظاهر الشرق دول ٌة عظمى ،وإمام السلمي الول جلي َ
داره ،ول ياول السيد القزوين أن يكسر هذا العتصام ليُط ّل عليه لعل خبا يأتينا من داخل معتصمهِ.
153
كتاب عمر والتشيع
إن لوحة المام علي ف خطاب القطيعة هي دائما هكذا ...رجل منكسر ونفس مطمة ،مسلوب المكانيات ،ل
يدافع عن نفسه ول يدفع عنه شر خصومه مد َة ثلثة عشر عاما .ويتكرر مشهده كلما رغب صانع الطاب
باستخراج قيح الكراهية والبغضاء بي أب بكر وعمر فيجرده من عناصر القوة للستدلل على رواية يرج الفقيه منها
رابا جهوره الخدوع وإن خسر المام.
و إذا كان الناتج السلب حاصلً عن كون هذا الطاب مسوبا ف باب الغلو فهو ليس غلوا ف حب المام ،وقد
كثر هذا اليل عند السلمي وتوزع على كافة الذاهب والدارس ،وإنا يركز النهج على الغلو ف الكراهية.
إنه ل يغلو ف حب المام علي كما يغلو ف بغض عمر وكراهية الصحابة ،ول بأس عنده وهو ممور بروح الكيد
أن تكون الرواية والرأي اللذان يستدل بما مسيئي للمام علي ،كما يصل ف كتاب السيد ممد كاظم القزوين
وف كتب أخرى تعبيا عن هذا النهج.
وستُعرض علينا لوحات يؤخذ فيها الفارس ،الذي ل يسر معركةً مكتوف اليدين مسلوب الركة ليغم على
بيعة أو أن عمر بن الطاب يغتصب بالقوة ابنته الصغرى من فاطمة ليتزوج منها.
وكمحب لهل البيت ومريد للمام علي الذي يتعرض تاريه للتشويه ،أناشد السيد المام علي الامنئي من
موقعه ،أن يؤسس هيئ ًة علميةً عُليا للنظر ف صلحية الكتاب التعلق بأهل البيت ،وبتاريخ السلم عامةً ،أسو ًة با عليه
مشيخة الزهر الشريف ،وأسو ًة بالطاب الرسي ف الؤسسات اليرانية الرسية ،الت تنع الساءة والتشهي وما يس
وحدة السلمي.
وإذ ل نطوي صفحة الخفاء غي النيه لذا القطع الساسي من تاريخ نشوء الدولة السلمية والسلم ،نطل
على صفحة أخرى من الكيد والهال والغفال لعلي بن أب طالب ف روايات وكتب ودراسات تنشر ف هذه
الدرسة أو تلك .إذ يصدم التابع أن بعض الصادر تتحدث ف قضايا تس مصائر المة ،وأحداث ساخنة ،فل ترى فيها
المام عليا حاضراًَ ،وإذا ماحضر ،فليس لك أن ترى اسه إلّ بكبة الروف.
إن مساحة الدينة وتعدادها السكان يعلن من غي العقول غياب شخصية بجم علي بن أب طالب عن أحداث
التاريخ.
154
كتاب عمر والتشيع
ففي وفاة أب بكر استشار الليفة عددا من الصحابة ل يظهر علي بينهم ،والليفة يتضر ،ويستشي ف لظة مصيية تتعلق
بإمامة السلمي.
تقول تلك الصادر :إن أبا بكر دعا عبد الرحن بن عوف ،ث عثمان بن عفان ،ث أُسيد بن خُضي ،ث سعيد بن
زيد ،وعددا من الهاجرين والنصار.
فإذا كان المام علي حاضراّ ،فلربا أستعيضَ عن اسم حضوره ،بملة عدد من الهاجرين والنصار!!..
وكان رأي من استشارهم أبو بكر واحدا ف عمر ،إل طلحة بن عبيد ال الائف من شدته وغلظته.
إن هذه الرويات تكرس أمرين ،مثلهما مثل خطباء القطيعة الذين يركزون ف كتاباتم على مقاطعة المام لب
بكر ،أو أنا تؤكد للجانب الخر عدم أهية المام علي عند أب بكر وف تلك الالة فهناك غد ٌر وظلم يلتقيان ف
مشاهد مُدوّنة عند الفريقي ،وهذا يدخل ف مذهب التنقيص.
ف ذات السياق فإن العلمة الشيخ علي الكوران أعاد النظر ف حقيقة اعتكاف المام علي بداره فيما السلمون
يفتحون المصار ،فيقر بديث نقلته فضائية النوار (الشيعية) يوم 9/9/2006بأن المام علي هو فاتح بلد فارس
وأنه هو الذي أشار على عمر بذلك ,وإن معظم تلمذته كانوا ف مقدمة جيوش الفتح (انتهى كلم الشيخ الكوران).
وهذا الكلم خطوة متقدمة قد تعيد للمام علي دورا أنكره عليه مبوه والوالون له ،وهو اعتراف ضمن وواضح
بأن عمر بن الطاب والمام علي كانا يشتركان ف الكثي من القرارات الستراتيجية().
كسر ضلع الزهراء
يستند شارع القطيعة على رواية ل ينفها كثي من الؤرخي السلميي ف توجه عمر بن الطاب مع جع من
مؤيديه إل بيت المام علي ,لخذ البيعة لب بكر ف يوم السقيفة ،لكنها تتلف ف ما حصل عند الباب ،وهل تسبب
ذلك ف كسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها مسن؟
ليس من منهج الكتاب الوض ف روايات اللف ,والرواية تندرج ف هذا السياق .وقد شكك با بعض الفقهاء
الشيعة ،وجعلها الؤرخ الشيعي هاشم معروف السن واحدة من ثلث روايات أخرى ف تلك الادثة ،وليس من
شك عندي أن عمر بن الطاب قد توجه ف ذلك اليوم الطي إل بيت المام علي ،وليس من شك عندي أن فاطمة
الزهراء قد أسقطت جنينها بعد وفاة والدها ,إنا الشك ف ربط هذا بذاك.
155
كتاب عمر والتشيع
إن حركة عمر ف هذه الرواية هي أقرب إل شخصيته وإل طريقته ,ل سيما ف لظة تأسيسية لشروع الدولة بعد
رحيل قائدها ومؤسسها ,وأن يتصرف عمر بعنفوانه العهود ,وأن يدث شيء من الوار الساخن بينه وبي من كان
حاضرا ف بيت المام ومنهم الزبي بن العوام الذي تقترب شخصيته ف بعض جوانبها من عنفوان عمر,وان يكون
أحدها أو كلها قد شهر سيفه ،فما موقع الزهراء ف ذلك الوار الطي؟.
ل استسلم بعد إل زج فاطمة الزهراء ف تلك الادثة ،وليس معقولً ول لئقا أن تتحدث الرواية عن إسراعها إل
الباب ف تلك اللحظة.
إن الهابة والكانة والناسبة اعتبارات تنع وحيدة النب أن تقترب من الباب بي أفواج من رجال قريش ،ومن
وضع الرواية تاهل حزن الزهراء ،على فقد أبيها ووفاتا كمدا عليه ف روايات أبعدها زمنا ستة شهور ،وتاهل
مهابتها فجعلها واحدة من التخاصمات ف يوم الزن وأحال إسقاط الني إل مصرع الباب بد ًل من أن يكون بسبب
مصرع والدها النب (ص) مثلً.
إن وفاة النب (ص) عند فاطمة الزهراء ،كان سيجهضها دون سجال .ولطالا أجهضت نساء لوفاة ابن أو زوج
أو أب ،فكيف والسيدة هي فاطمة .وكيف والفقيد نب ال الات ،فلماذا يقلل من شأن رحيل النب(ص) ف رواية
الجهاض سوى أن يكون عمر هو التهم؟.
ل يكن من عادات العرب ر ّد الرأة على طارق الباب ،وف البيت رجالٌ آخرون ،ول يكن بيت علي قصرا من
تلك القصور العباسية ذات البواب والري والواري ف العصور الت كتبت فيها الرواية حت ترج امرأة لطارق
الباب ،فهل يعقل أن تترك فاطمة حزنا القيم وفجيعتها الرّة لكي تفتح الباب أو ترج إليه؟.
ربا لحظت الرواية هذا الانب فاستعانت بالزهراء لتصد مع الرجال هجوم عمر.
وتقول :إن الزهراء توجهت إل عمر وأخذته من تلبيبه .وهذه فقرة ستكون الزهراء أج ّل وأعلى من أن تنسب
إليها ول نقترب من معالتها ،وإن كان السؤال قائما .إذ كيف تكنت الزهراء منه وهو طويل القامة وضخم ،فهل
أراد صاحب الرواية ومروجها أن الزهراء قفزت عليه؟.
إن الرواية ل تتوقف عند شيء من أنفة الزهراء وعزتا وكبيائها وروحها الستشهادية ،الت سجلت ف ألواح
الفداء .وكأنا استشهدت طوعا بعد رحيل النب .ول تكن امرأة ف بن هاشم ،تنافس مكانا ومقامها وفضلها ف الزعامة،
156
كتاب عمر والتشيع
لو أتيح للمرأة أن تتزعم ول يدث لفتاة ف ريعانا أن يدث موت أبيها رد فعل يودي بياتا ،وإذا ما سحت مناهج
الدفاع عن أهل البيت بالساءة إليهم ،إذا تعلق المر بالساءة إل عمر بن الطاب ،وضعت فاطمة الزهراء على باب
الصومة وأجهضتها وراء الباب ،فمرويات أخرى ف مناهج القطيعة تأخذ بالزهراء مع المام علي إل أقل من ذلك.
وتستشهد كتب القطيعة وآخرها كتاب (الواجهة مع رسول ال) للمحامي الردن أحد حسي يعقوب التحول للتشيع،
ل إل بيوت النصار،
إذ يكرس رواية لصاحب كتاب (المامة والسياسة) أن عليا حل فاطمة على حار ،وسار با لي ً
يسألم النصرة وتسألم فاطمة النتصار ،فكان النصار يقولون يا بنت رسول ال .قد مضت بيعتنا لذا الرجل .ولو أن
ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به.
وروي عن معاوية أنه أعاب على المام علي حل قعيدة بيته على حار ،ويداه ف يدي السن والسي ،يوم بويع
أبو بكر ،فلم يدع (المام علي) أحدا من أهل بدر والسابقي ،إل دعاه إل نفسه ،ومشى إليهم بامرأته (وإدللت إليهم
بأبنيك فلم يبك منهم إل أربعة أو خسة) .وقد ورد كلم معاوية هذا ف شرح نج البلغة لبن أب الديد.
وبذه السهولة يفترى على المام علي .وترسم عنه لوحة تقشعر لا البدان .وكلتا الروايتي ل تدثا ،فل علي
يسمح لنفسه طارقا البواب ف الليل على حار ،ومعه الفجوعة برحيل والدها ،وليس لعاوية أن يستشهد با ل يكن
معروفا آنذاك.
إن التباع يفخرون عادةً بشعبية زعمائهم ،وكثرة جهورهم ،لكن روايات القطيعة تعل المام عليا دائما وحده.
وهكذا كان وحدهم جيع الئمة ،فلم يستجب حت النصار لعلي ،أما فاطمة ف هذه الرواية ،فهي الغلوبة الكسية
الت تسترحم عطف الناس ول من ميب.
وإذا كانت ف الرواية الول ،قد سارعت إل طارق الباب ،ففي الرواية الثانية كانت هي الت تطرق البواب.
فأين منها الزن الذي قتلها بعد أشهر؟ .وأين الني القتيل الذي أجهضه عمر بن الطاب قبل ساعات؟ وفاطمة
ف ذات الليلة تركب مع علي حارا .وتطرق أبواب النصار؟.
وتعود ذات الرواية النسوبة لبن قتيبة() ف المامة والسياسة ،على لسان اليعقوب ،ف تاريه ويضيف ابن قتيبة ،أن عمر
هدد عليا بالقتل أمام الهاجرين والنصار .ول يركوا ساكنا ،ول ينكر منهم منكر .فأضفت الرواية على النصار ما تضفيه
الروايات على أهل الكوفة الذين ل ينتصروا للمام السي فيما التداول التاريي أن النصار كانوا أقرب إل المام من قريش.
157
كتاب عمر والتشيع
التنافس على قصور الكوثرية ف النة:
كتب الفقيه السيد ممد رضا الندي ،وهو من علماء النجف ،قصيدته على زنة الية الكرية ،إنا أعطيناك
الكوثر ،وسيت فعلً بالكوثرية الت هي الن وبعد أكثر من سبعي عاما على نشرها مطلوبة ومقروءة ولا شعبية
وقدسية.
والسيد ممد رضا الندي عاش تقيا ورعا ،لكنه أهال العاصي على نفسه ف هذه القصيدة ،فأغرقها ف خرة ل
يذقها ،وكسرها بعود ل يسمعه ،ودعا الناس للمعاقرة والراقصة والعاشرة ،لكي يقول لم ،إن هذه العاصي والوبقات
والكبائر لن تُسألوا عنها إذا ما اعترفتم بولية المام علي ،الذي جيع (الصوم الناوئي) له لن يساووا نعلي خادمه
الرحوم قنب.
وعندما اطلع عليها الفقيه الؤرخ العلمة المين صاحب الغدير أشهر موسوعة إمامية رأى ف منامه أن قصره ف
النة أصغر من قصر صاحب الكوثرية ،فأحتج العلمة المين على الوكلي ف النة ،كيف يكون ذلك؟ .وكتاب
الغدير أحد عشر ملدا وكان تعب عليه لدة عشرين سنة متواصلة؟ .فأجابه الوكلون :هكذا كان الكم اللي!.
وعند الصباح ،مضى المين لزيارة صاحب الكوثرية السيد ممد رضا الندي ،وطلب منه استبدال ثواب
القصيدة الكوثرية بثواب كتاب الغدير فرفض السيد الندي ،وقال له :هيهات ،هيهات ،فإن منامك قد رأيته!.
لكن الشيخ عبد ال نعمة ،رئيس الحكمة العفرية ف لبنان والفقيه الؤرخ الرموق يعدها ويعد قائلها من الغلة.
ف كتابه " روح التشيع" الصادر عن دار الفكر ف بيوت .ول أظن الشيخ نعمة ،وهو قاض ومؤرخ شيعي كبي،
يهل قائل البيتي اللذين استشهد بما على الغلو ،أو أنه ل يعرف الكوثرية .ولتعزيز موقفه الستدلل ،استعرض
الشيخ نعمة الوقف الشرعي ،ف روايات للمام علي زين العابدين ،والمام الصادق ،ف هذا النص النقول عن روح
التشيع:
" لكن هذه الرؤية قد تولت لدى بعض العوام ال ذهنية خاطئة ،مغرقة ف النراف ،بتأثي الغلة والتصوفة،
وسرت هذه الذهنية بسوء فهم لبعض تلك الحاديث ،والخذ بظاهرها ،وتفسيها على غي وجهها .ويقوم هذا الفهم
الاطئ على أن مبة المام علي وأهل بيته هي الوسيلة الوحيدة لنيل رضا رب العالي ،وللنجاة يوم الدين ،دون حاجة
158
كتاب عمر والتشيع
إل أي عمل صال ،ول يضر من رزق هذه الحبة والولء ما يفعله من الوبقات والكبائر ،مهما كانت ،وانعكس هذا
الفهم الاطئ على قول بعض الغلة:
ل يـافَنّ عظيـم السـيئات كُ ّل من والـى عل ّي الرتضـى
سيئات اللق عادت حسـنات حبة الكسـي لـو ُذرّ علـى
ويبدو أن هذه الذهنية كانت سائدة عند بعضهم منذ القرن الثان الجري ،فقد جاء ف رواية ممد بن مارد" :
قلت للمام الصادق :حديث روي لنا أنك قلت :إذا عرفت المام فاعمل ما شئت؟ فقال :قد قلت ذلك ،قال :قلت
وإن زنوا أو سرقوا أو شربوا المر فقال ل :إنا ل وإنا إليه راجعون ،وال ،ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل ووضع
عنهم ،إنا قلت :إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الي ،وكثيه فإنه يقبل منك ".
وأولئك قد اعتمدوا ظاهر بعض الحاديث دون أن يلقوا با ًل على الحاديث الخرى ،الت تعل القياس لنيل رضا ال
والنجاة يوم الساب هو العمل الصال ،منه قول المام الباقر " :ل تنال ول يتنا إل بالعمل والورع ".
وقول المام علي بن السي وهو ياطب طاووس اليمان وقد رآه يطوف حول الكعبة ويتضرع ويبكي ،فقال
له :يا ابن رسول ال ،ما هذا التضرع والبكاء؟ نن أول بذا ،أما أنت فأبوك السي وأمك فاطمة وجدك رسول ال،
فنظر إليه زين العابدين وقال " :هيهات هيهات ياطاووس ،دع عنك حديث أب وأمي وجدي ،خلق ال النة لن
أطاعه وأحسن ،ولو كان عبدا حبشيا ،وخلق النار لن عصاه ولو كان سيدا قرشيا .أما سعت قوله تعال﴿ :فإذا نفخ
ف الصور فل أنساب بينهم يومئذ ول يتساءلون﴾ وال ل ينفعك غدا إل تقدمة تقدمها من عمل صال"
وقول رسول ال ":يا فاطمة ابنة ممد اعملي ،فإن ل أغن عنك من ال شيئا ،يا عباس ياعم رسول ال اعمل،
فإن ل أغن عنك من ال شيئا ،ث اقبل على الناس وقال :أيها الناس ،ل يدّعي مدعٍ ول يتمن متمنٍ ،والذي بعثن
بالق نبيا ل ينجين إل عمل مع رحة ،ولو عصيت لويت ،اللهم هل بلغت قالا ثلثا ".
إن هذه الحاديث وغيها تفسر لنا تلك الحاديث الطلقة ،بأن القياس الذي ننال به مرضاة ال والنجاة يوم
الدين هو العمل الصال .فالب والوالة دون أتباع علي وأهل بيته ف أعمالم وورعهم وطاعتهم ،ليس من الب
والوالة ف شيء ،وال هذا العن يشي ال تبارك وتعال﴿ :قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم
ذنوبكم﴾ آل عمران31:
159
كتاب عمر والتشيع
وكان الشيخ ممد هويدي قد حقق وأشرف على طبعة أنيقة من الكوثرية ،والشيخ هويدي من فقراء شيوخ التشيع
وكادحيهم ،فسألته عن حقوق النشر ،فاستشهد بالية الكرية 23من سورة الشورى قال تعال:
﴿قل ل أسألكم عليه أجرا ،إل الودة ف القرب ﴾
يقول السيد الندي:
وِ ،فصـف ُو العيـش لن بكـر بَكّر للهو ونيل الصـفـ
س وخـلّ يسـارك للمزهـر و اشغل يناك بصب الكأ
ِد يعيـدُ اليـر وينفي الشـر فدمُ العنقود ولن العـو
وياطب المام علي:
وهل سـاووا نعـلي قنـب؟. أنّى سـاووك بن ناووك
وعمر ف الكوثرية هو حبتر ،أي الثعلب الاكر.
أقول :إذا كانت وحدة القياس ،تتب الناس بدى كراهيتهم لعمر ،فلن يكونوا مؤهلي للقب (مب أهل
البيت) ،فوحدة القياس عند أهل البيت ترتبط بدى قدرة مبيهم على استيعاب منهجهم السلمي ف الوحدة
والتوحيد ،وحاية الط ،الذي اقتفاه أهل البيت الحمدي .وعلي شريعت من منتقدي القصيدة الكوثرية ،ويشي
إليها بالشارة إل مقطع مشهور فيها ذ سوّدت صحيفة أعمال فيقول ف كتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي:
قانون (يبدل ال سيئاتم حسنات) تفهمه الصفوية على هذا النوال:
إن سيئات النسان تتبدل يوم القيامة إل حسنات ،وليس أنا تحى عنه فقط .ومعن ذلك أن النسان يعتب مغفلً
للغاية إذا ل يسرف ف ارتكاب الذنوب ،ول يسود صحيفة أعماله ،إذ لن تكون لديه مادة وفية صالة لتبديلها إل
حسنات.
كيف يكن الحتيال على ال الذي ليغرب عنه مثقال ذرة ف الرض ول ف السماء ،وإن كل شيء عنده إل
بقدار ،كل ذلك على أساس قرآنه الذي يوجه لوما للنب العزيز(ص) لجرد أنه عبس وجهه ف وجه العمى الذي
زاحه ،وهو عاكف على تبليغ رسالة السماءس.
160
كتاب عمر والتشيع
كيف يغفر ذات الله عن سيئات اللق...؟ ولاذا تضع الصفوية أبا الئمة ،وفت السلم وشيخه وشهيده ،شفيعا
للسكارى والعصاة ومرتكب الكبائر؟ .أيدخل هذا ف غلو الب ،أم ف غلو الكراهية ،والتعرض للكرامات العلوية
السامية؟.
يدث هذا عندما يسخّر الدين لهداف العنصر القوي ف مزيج ينتهي بسب عمر وخسارة علي.
يظهر من هذا أن ف مقابل أي فقيه ومؤرخ على النهج القطيعة ،فقيها ومؤرخا على منهج التشيع العلوي .ما
يبطل قول التقول بتعميم ما يصدر عن الفريق الصفوي ،وكأنه لسان التشيع ،وأن ما يكم به وما يرويه مقطوع به
عند عموم الشيعة.
إن تقسيم التشيع إل علوي وصفوي ،رغم أنه يستخدم للتشهي العلمي بدافع سياسي ضد عامة الشيعة ،فإنه
يدرأ الذى عن أهل البيت .ويصد عن مبيهم كيد منهج قد ل ينل مرتبة عن الراتب الصفوية ف رفض الخر
وإلغائه ،وقذفه بمم الفتوى إل حم جهنم .فلماذا يتطي بعض الدعاة الشيعة من قسمة لتنيه أهل التشيع عن الوقوع
ف العزلة ،وهم يوضون غمرات السياسة اليومية ،ويتصارعون على الفضاء وعند أزقة بغداد وف أحياء كراتشي؟.
أما الكوثرية ،فلم تعد ثنا لقصر العلمة الندي ف النة ،والذي أثارت ضخامته احتجاج العلمة المين على الوكلي
لكون قصره هناك دون قصر صاحبها .فهي اليوم موضع افتراق بي منهجي ومدرستي ،وكلتاها تزاحم الخرى على
صدق النتماء ،واستقامة النهج!.
ومن يدريك ،فقد يكون قصري ف النة قد انتهى تشييده ف اليوم الذي انتهيت به من تشييد كتاب هذا عن عمر
بن الطاب ،مادامت قصور النة مجوزة للشعراء والكتاب .وإن كانت مشكلت أكب من صاحب الكوثرية ،إذ
يرفض ابن حنتمة الوقوف على باب النة ،لنه يرفض الشفاعة وليس من يرشى بكتاب ،ولست من يرتضي لمامه
الول أن يقف شفيعا لمثال وإن كنت من أحفاده ،يوم يعرف الجرمون بسيماهم.
القطيعة ستحاصر الشيعة العرب
وعلى سعة نفوذها الحكم على الؤسسة الدينية وسيطرتا على الذهن الشعب ،ل يقدر لنظرية القطيعة أن تد لا صالة
أكاديية ومريدين متنورين ف الوسط الشيعي على القل ف مقاسات النخب النوعية.
161
كتاب عمر والتشيع
إن أكثر السـماء بريقا ف العراق وأحيانا ف البلدان العربية والسلمية تنتمي إل القول ببدأ الشـاركة
والتجـانس بي المامة واللفة ف العهد الراشد.
ففي الانب الشارك تلمع أساء ريادية ل ينافسها اسم ف مدرسة القطيعة ،الت تبدو أكادييا شبه مهجورة ف
العراق ليس لغلبة النشاط السن الداعم والبشر بنظرية الشاركة ،بل لعبقريات خرجت من مدن التشيع إل العالي
العرب والسلمي برؤية تنويرية رائدة.
فعسى أن نلملم شتاتنا لقيام مدرسة لوحدة الشاركة بأساتذتا وأتباعها وإنتاجها الفكري والعلمي ،وبذا قد
نصون وحدة التاريخ العرب ونصون قبل ذلك حياة النتمي لدرسة أهل البيت ،ونتسامى من حأة الكراهية والدماء إل
رحاب السلم الهلي ،لسيما وأهل التشيع هم القلية ف ميطهم العرب ،ومثل ذلك ف عالهم السلمي ،بدل
الواجهة العلمية الت طالا تقود ف مرحلة تالية أصحابا إل سكاكي الذبح.
إن دعاة القطيعة ل يقتصر أداؤهم السلب على مرحلة ف التاريخ السلمي فحسب ،بل أيضا على قطيعة
اجتماعية وسياسية وحياتية بشكل عام مع متمعنا العرب.
ومع ارتفاع وتية التحريض ف خطاب القطيعة ترتفع إجراءات القطيعة العربية لاملي هوية التشيع ،فيصبح
الوسط الشيعي هو القاطَع والركون ف حجر العزلة.
وإذا كانت نظرية القطيعة قد أقامت ف إيران إمباطوريات كبى ،وساهت ف إياد وحدة تقوم على التمذهب
القومي ،فلن إيران عال خاص يعيش ف شبه قارة ،لا عناصر قوة ل تتوفر لهل التشيع ف بلد آخر .وليس ليران
مال حيوي غي بلد فارس ،فيما الجال اليوي للشيعة العرب مفتوح على عال يتد من ثراء الليج وينتهي بثراء
الحيطات ،وسيحول بي أبنائنا وحق الياة ف امتدادهم العرب ،قول أبائهم بنظرية القطيعة ما يدفعن إل التصريح أن
نظرية الشاركة لتقف عند اندماج المام علي مع الدولة والحيط ف التاريخ السلمي الول ،وإنا تدعو إل اندماج
بشري وقومي وإنسان واندماج الصال للمنحدرين من سللت شيعية مع متمعهم العرب ،ومن دون ذلك فسيكون
عبور شيعي عراقي إل الليج كعبور الليجي السن إل جنوب العراق ف هذه اليام من أواخر عام .2006وهكذا
يتحد الرص على الصالة التاريية بالرص على الصلح الجتماعي مع الاضي والاضر.
162
كتاب عمر والتشيع
إن كتاب (أصل الشيعة وأصولا) للمام كاشف الغطاء ومهزلة العقل البشري لعلي الوردي وفصول من تاريخ
السلم لادي العلوي وشيء من هذه الحاولة هي جوازات مرور تترق جدران القطيعة ،الت يستفاد منها ف إيران
لكنها ستضرب مصال الشيعة العرب أينما ولوّا وجوههم.
ل سينتبه إل أهيتها مثلما استيقظ العراقيون بعد الرب
وف منهج الوردي يكن عرض اللحظات التالية لعل جي ً
العراقية ذ اليرانية على صوت الوردي وعادوا يستنجدون بناهجه العلمية.
لقد أشاح الوردي عن التاريخ " ابراده القشب" وتدث إليه بثل ماتدث طه حسي وجها إل وجه ،وأتاح ذلك
له التحاور النسان مع القدس ،ووضع رجاله على طاولت التشريح الجتماعي العلمي باعتبارهم بشرا ،وقد
استخرج من تاريخ الصراع الذهب الرويات الشتركة والاصة لبطال القائلي بنظرية القطيعة ليس فقط بي عمر
وعلي بل أعطى أمثلة ونصوصا لفقهاء الذاهب الربعة وميلهم لهل البيت ،واستل الوردي عمر بن الطاب بهارة
وعفوية من امويته الخترعة ،وعاد به إل الط الحمدي فأبطل مطروحات فقهاء اللف وأحالا إل عاملي:
صراع الصال الاصة ،وعامل يتصل بطبيعة النفس البشرية وتعقيداتا ،والتقط المتع والاذب من تاريخ
السلم .فحبب إليه من ل تك ّن لم مصال ف القطيعة ،بينما كان الفقهاء ورجال الدين من أوائل التطوعي لوضع
كتب ف الرد عليه ،وأبرز من كتب ف نقد الوردي آية ال السيد مرتضى العسكري ورضا صادق و عبد النعم
الكاظمي وصال القزوين.
مـثـالب الـمسـتبصـريـن
رجال دين وكتاب سُــنّة تولوا
163
كتاب عمر والتشيع
إل التشيّع ولُقبوا بالستبصرين
مثالب الستبصرين
هم كما ستعلم التحولون من التسنن إل التشيّع ف أعقاب الثورة السلمية ف إيران ،من شكلوا ظاهرة
إعلمية أكثر منها فقهية ،باستثناء نفر دفعته قناعاته السياسية ،والوجدانية ،إل التحول نو التشيّع أمثال السيد
علي البدري الستشيّع قبل الثورة اليرانية بسنوات ،والسيد صائب عبد الميد ،الذي انفجرت مواهبه الفكرية
والذهنية بعد استشيّاعه ،وهو مهموم بدرء الذى الذي أوقعه بعض الفقهاء السلمي بسمعة التشيّع وسلمة
قصده ،ف سياق الناظرات والراجعات ،والتصويبات ،بلغة الحاور السلمي وليس الداعية ،وكلها من العراق،
ولبد أن آخرين كانوا من الصنف العتدل.
أما عامة الستبصرين الندرجي ف موسوعة الشيخ هشام آل قطيط ،وتقع ف أكثر من ثلثة ألف صفحة،
لسيما من أسرع ف " استبصاره " ودبّج الكتب والذكرات ،فهم يتفقون على ما اتفق عليه روزخونية النابر ف
الدرجة الرابعة ،من عناية واهتمام وشراسة ورغبة ف استجماع روايات وأساطي لنتاج الثالب وصبها على عمر
بن الطاب أولً ،وكأنم حلقة حزبية توزع عليها التعاميم والتعاليم والتوجيهات ،فينطق أعضاؤها بفردة واحدة،
وعلى نج واحد ،يتكرر ويتكور ويدور عليهم مثلما تدور القداح على الفواه ف مالس الشراب ،فيخيل إليك
أن صاحب الجلس هو الجلسي .وأن الساقي واحد والشراب العتق ف دنّ الشاعر الباكستان ممد إقبال ،لكن
خرة إقبال غي خرتم!.
كَرمُ الجاز ونبعِها الغينان أنـا أعجمي الد ّن لكن خرت
إن هذا الصوت من عدنان إن كان ل ن َغمُ النود ولنهم
روزه خون السوربون:
عمر ضال ...وجاهل ...ومعارض للسلم!
هو التونسي ممد التيجان السماوي ،دكتوراه فلسفة من السوربون ،كتب قصة استشياعه ،تت عنوان " ث
اهتديت " وكتابا آخر ،هو " الشيعة هم أهل السنة" .وقد اختار فيه اثن عشر صحابيا بينهم صحابية واحدة هي عائشة،
164
كتاب عمر والتشيع
ل ف مقابلة عددية ،مع الئمة الثن عشر ،وكأنه يفتح ملف الفساد لجلس وزراء عرب معاصر ،أو
وهو يرسم تشكي ً
لجلس إدارة نادي ليلي ،بلغة الفضائح والتشهي ،والرجل ف هذا النهج ما كان سيبذل العناء والتعب ف دراسة
السوربون ،وكان يكفيه كثيا أن يتتلمذ على شيخ ناشئ ،وروزخون شاب من قراء الساطي والناتج الطلوب هو ذاته،
واللغة ذاتا ،والسطورة الحشوة ف صواوين مسامعنا ف طفولة الكرادة ،ستغنيه عن عِلم السوربون ولغتها ،وستزوده
بثالب يتطلع الرجل لتسويقها.
وأقول بياد السؤولية ،إن الدكتور التيجان يتلك القدر الكبي من الهلية العلمية ليبسط حصران النخيل ف
ل من رجال النب صلى ال عليه وسلم ،إل جانب اثن عشر إماما من أهل
مسجد حسين .ويستدعي اثن عشر رج ً
بيته ،ويستل الشتركات من طبقات ابن سعد وسية ابن هشام ،وتواريخ الطبي والبلذري واليعقوب والصبهان
والسعودي وسواهم ،فتتوفر له مستخرجات إسلمية ف كتاب حاضن ومضون ،بد ًل من تقمص دور مكرر ومل
وساذج وعدوان ،وانشقاقي ،سبقه إليه مئات من قراء " بار النوار " الذي منع المام المين ،فقيه التشيّع ،نشر
بضعة أجزاء منه لقلة علميتها وكثرة عدوانيتها ،وهي الت اعتمدها التيجان والستبصرون معه.
وإذا كان الدكتور التيجان يتطلع إل فقه التشيّع ،الشبع بروح الثورة والحتجاج على الظلم ،والدفاع عن روح
السلم ،فأمامه متسع من العنواني القصودة ،وإذا كان معجبا مثلي بتشيّع المام المين ،فالرجل مُعرّف بكتبه
وأقواله ،أما تشيّعه فسرّه عند تلميذه الشهيد الدكتور علي شريعت ،وكتبه منشورة وأفكاره قيد السجال العلمي ف
حسينيات ومساجد أصفهان وخراسان وطهران.
ومن بي الصحابة الثن عشر ،جرى التركيز على " مثالب عمر " خاصة وذلك يعنينا ،منهجيا على القل.
الثالب التيجانية !
ويأت الدكتور التيجان على قائمة الخالفات الوزعة على الراكز العلمية والعلمية منذ عشرة قرون ،فيلوكها
الناس وهو ليدري أنه آخر من اطلع على نسخة منها ،فلدى أي روزه خون ،ما هو أكثر ،لكن الرجل وعدنا أنه
سيوجز مالفات عمر ،لنا لتصى إل ف كتاب ،ولعل الكتاب إياه قد صدر له أو لغيه ،بعنوان مساوئ عمر بن
الطاب.
يقول التيجان ف كتابه الشيعة هم أهل السنة:
165
كتاب عمر والتشيع
عرفنا ف أباث سابقة من كتبنا بأن عمر كان بطل العارضة للسنة النبوية الشريفة ،وأنه الريء الذي قال :إن
رسول ال يهجر وحسبنا كتاب ال يكفينا ،وحسب قول الرسول الذي ل ينطق عن الوى ،فإن عمر هو الذي تسبب
ف ضللة من ضل ف هذه المة.
وعرفنا بأنه عمل على إهانة الزهراء وإيذائهاَ ،ف َروّعَها وأدخل الرعب عليها وعلى صغارها عندما هجم على
بيتها وهدد برقها.
وعرفنا بأنه عمل على جع كل ما كتب من السنة النبوية ،فأحرقها ومنع الناس من التحدث بأحاديث النب
(ص).
وقد خالف عمر سنّة النب (ص) ف كل أدوار حياته وبحضر النب(ص) ،كما خالف سنة النب (ص) ف تسييه
ضمن جيش أسامة ،ول يرج معه بدعوى إعانة أب بكر على أعباء اللفة.
كما خالف القرآن ف منع سهم الؤلفة قلوبم.
كما خالف القرآن والسنة ف متعة الج وكذلك ف متعة النساء.
كما خالف القرآن والسنة ف الطلق الثلث فجعله طلقة واحدة.
كما خالف القرآن والسنة ف فريضة التيمم ،وأسقط الصلة عند فقد الاء.
كما خالف القرآن والسنة ف عدم التجسس على السلمي ،فابتدعه.
كما خالف القرآن والسنة ف إسقاط فصل من الذان وإبداله بفصل من عنده.
كما خالف القرآن والسنة ف عدم إقامة الدّ على خالد بن الوليد ،وكان يتوعده بذلك.
كما خالف السنة النبوية ف النهي عن صلة النافلة جاعة ،فابتدع التراويح.
كما خالف السنة النبوية ،ف العطاء ،فابتدع الفاضلة وخلق الطبقية ف السلم.
ض من فيض لا فعله هو وأبو بكر تاه السنة النبوية الشريفة ،وما لقيت منه
وهذه المثلة الت أخرجناها هي غي ٌ
من إهانة وحرق وإهال ،ولو شئنا لكتبنا ف ذلك كتابا مستقلً.
فكيف يطمئن السلم إل شخص هذا مبلغه من العلم ،وهذه علقته بالسنة النبوية الشريفة ،وكيف يتسمى أتباعه
بـ " أهل السنة "؟؟!.
166
كتاب عمر والتشيع
وإذا كان عمر بن الطاب يعمل على طمس السنن النبوية ويسخر منها ويعارضها حت بضور النب نفسه ،فل
غرابة أن تسلم له قريش قيادتا وتعله زعيمها الكب ،لنه أصبح بعد ظهور السلم لسانا الناطق وبطلها العارض،
كما أصبح بعد وفاة النب (ص) قوتا الضاربة وأملها العريض ف تقيق أحلمها وطموحاتا للوصول إل السلطة،
وإرجاع عادات الاهلية الت يعشقونا ومازالوا ينون إليها.
وهذا نز ٌر يس ٌي من بدعه الت أحدثها ف السلم .وهي مالفة كلها لكتاب ال وسنة رسوله ،ولو شئنا جع البدع
والحكام الت قال فيها برأيه وحل الناس عليها ،لكتبنا ف ذلك كتابا مستقلً ،لول توخي الختصار.س
وهذه لو أرعوى التخاصمون وكلهم أرحام ،اجتهادات عقل مبدع ،ومعالات مؤسس وشريك ،وصاحب قرار،
وقائد أمة ناشئة ،وزعيم دولة يافعة ،وإمام ،وقاضٍ ،ومفتٍ ،وصاحب الوحى إليه ،وتلميذه ،والهاجر ف وضح النهار،
والهيب ف عتمة الليل ،وهو يستجيب لتحديات الستجد من الحداث والزمات والسائل الت ل تر على السلمي
قبل عهده ،فهل يتجاهل إرادة الياة ،وحاجات الناس .ومستلزمات الطارئ ،وضرورات التأسيس ،فيحدث الضرر ف
الدولة والناس ،وها الركنان الاديان اللذان بما يتسور الدين الديد وإليهما يعود بيه .أم يستفرغ الهد وجهد
الدارة الحمدية ف السجد النبوي ،فيستهدي بالنص لتوليد النصوص وبآلية ل ينفرد فيها بقرار؟
فإذا أخطأ ،فهي أخطاء الدارة الشتركة ف مسجد الشورى ،والسؤولية تتوزع على من كانوا معه ،والصحابة
أول أن يثوروا على مالف ومبتدع يقودهم إل الضللة.
إن تري عمر ،وطعنه بالروق عن النص ،ل تقع مسؤوليته عليه وحده ،وكأنه تري لعامة الشاركي من مسلمي
الدينة ،فلم يكن عمر دكتاتورا ،يبسط سطوته على ملس شكلي ،وعلى أعضاء تت إمرته ،فيفعون اليادي قبل
التصويت ،ويهزّون رؤوسهم بالوافقة قبل توجيه السؤال ،وقد يضحكون إذا ضحك رئيس الجلس ويعطسون إذا
عطس!.
وهدف رجال القطيعة ليس التنقيص من عمر بن الطاب ،ول تريه وإدانته وطعنه ،بل يتد ضمنيا وشرعيا إل
عامة الذين وافقوا عمر على " زمروقه" أو سكتوا عنه ،ولذوا بالسلمة! .ول نظن أحدا من رجال النب (ص) كان
على هذا الطراز وهذه الشاكلة.
167
كتاب عمر والتشيع
وهو مسوّر بصحابة من أمثال علي وسلمان الفارسي ،وممد بن سلمة ،وعثمان بن عفان ،وسعد بن أب وقاص
وطلحة والزبي ،وأب ذر وعمار بن ياسر .فَمَن مِن هؤلء كان سيحن رأسه لعمر ليمرر عليه قانونا خارجا على قواني
السلم؟ وف عهد كان كل صحاب حاكما؟ ول يكن أي من الرعية مكوما ،وكان للسكارى حق العتراض والناقشة
والرد على الليفة وهم متلبسون باحتساء المرة ،فيتفهم ردودهم ويتراجع عن خطأ وقع فيه مقابل ان يضع الد ف
الخالف.
هل كان أهل الدينة ينتظرون فقهاء القطيعة والثالب لتلقينهم الصائب الشرعي ،ويدلوهم على سواء السبيل؟ أم
كان السجد النبوي ساعتها ينتظر وصول السيد التيجان السماوي ،ليعلم المام علي وعمر بن الطاب وأبا ذر
وعمارا أصول دينهم ويرشدهم إل الصراط الستقيم؟.
أغلب الظن أن الثالبة إنا رأوا أنفسهم وتيلوا مواقعهم ف أسر سلطات قاهرة ،وبإمرة سلطان معاصر ،فكتبوا عن
خوفهم إزاءه ،وتصوروا حال الصحابة مع عمر ،حالم مع سلطان وقتهم ،وإ ّل فلماذا ل ينشقوا على هؤلء الكام ،ويفتحوا
ملفات الفساد ،ويطاردوهم على شاشات الفضاء ،وف الكتب الجلدة ،فتركوهم وانصرفوا عنهم إل ماكمة بناة الضارة ف
ماضينا العادل؟.
الستبصر الردن أحد حسي يعقوب:
عمر حليف النافقي !
وتتداخل صورة عمر ف الكتابات الستشيعة وتشتبك خيوطها ،فتصبح لعمر صورتان.
واحدة عند أهل القطيعة وأخرى لدعاة الشاركة .وإذ يكتفي الخيون بالديث عن مشتركات علي وعمر ف
إدارة الركز العالي الديد ،يتخبط كتاب القطيعة ف أحكامهم غي عابئي بهارة التاريخ وأصول البحث وملس
القيقة ،فإذا عمر عند الستيشع الردن الحامي أحد حسي يعقوب رجل ليس له قوة من تاريه ،وإنا من قوة
النافقي الذين أحبوه حبا شديدا من يوم الرزية ،وهو اليوم الذي حال فيه عمر وحزبه بي الرسول وبي كتابة ما
أراد .وقد تابع النافقون بشغف بالغ معارضات عمر بن الطاب التكررة لرسول ال واعتراضاته عليه ،وقد أحيطوا
علما بارتيابه.
168
كتاب عمر والتشيع
واللصة والديث مازال للستاذ يعقوب أن الواجهة الت حدثت بي الرسول من جهة وعمر وحزبه من جهة
ثانية ف بيت الرسول ،قد رفعت أسهم عمر بن الطاب عند النافقي إل القمة.
ومنذ ذلك التاريخ ل يرو راوٍ قط أن أحدا من النافقي قد عارض عمر أو تلف عن دعوته لي أمر من المور.
إن عمر بن الطاب مدين بزء كبي من نفوذه ووجوده للمنافقي والرتزقة من العراب كما جاء ف كتابه (الواجهة)
الصادر عن دار الغدير عام ،1996ومن هؤلء وهؤلء تشكل حزب عمر .وعمر هو رئيس التحالف العادي لل
ممد.
وهنا من سيكون الصدق الرواية والرأي الؤرخ القدي الارج من طينة كربلء والدارس منذ الطفولة ف حوزات
النجف والقائل :إن أحدا من الؤرخي ل ينقل عن المام علي أنه وقف موقف العارض للفة ابن الطاب أو بدا منه
ما يسيء إل صلته به ،بل رضي لنفسه أن يكون كغيه من الناس ل يذكر عما مضى ولن جاء من بعده إلّ الحاسن،
أم سنأخذ بالروايات الت ينقلها التحولون من الشاركة إل القطيعة والقائلون بأن النافقي والرتزقة هم الذين ل
يعارضوا عمر؟.
الستبصر الصري أحد راسم نفيس:
التشيع المنوع ف مصر
يعلن الستاذ أحد راسم نفيس الذي يبدو أن حاسته الوطنية يعلو صوتا على أية حاسة أخرى ،أنه تشيع إعجابا
بالمام المين وثورته السلمية وموقفها من إسرائيل .وهو بكم تربيته الصرية يبدو أقل هجا ًء للصحابة من زملئه
الستبصرين .وإن كان ليرج عن النهج الستبصاري ذاته ف تسليط العتمة على إشراقة عمر ف التاريخ السلمي.
يستعرض الستاذ نفيس ف كتابه (التشيع منوع ف مصر) وجهة نظره ضد الجراءات الكومية التخذة ضد
الصريي التشيعي ،وهذا الكتاب ل يُنصف الدرسة الصرية ،ولعله يس حياد التسنن الصري وموقعه وعدالته
وعلميته.
إن الصري ل يتاج إل التشيع حت يب أهل البيت أو يكتب عنهم .والدرسة الصرية سنية إل ناية عصر
الراشدين .فتتوقف عن مواصلة التسنن الموي الشائع حاليا ف البلدان العربية السلمية.
169
كتاب عمر والتشيع
ولعلي عرفت حجم الذى الذي وقع على السي عندما قرأت كتاب عباس ممود العقاد عن أب الشهداء.
وكنت تلميذا ف المسينات لؤرخ الفلسفة السلمية الدكتور علي سامي النشّار ف كتابه نشأة الفكر الفلسفي ف
السلم ،والتقيت بعفر الصادق ف كتاب الشيخ ممد أبو زهرة ،وف كتاب الستشار عبد الليم الندي،
واستمتعت بالرافعة التاريية الت كتبتها عائشة عبد الرحن بنت الشاطئ عن السيدة سكينة بنت السي .وتابعت
شيخ الزهر سليم البشري ف حواراته المتعة مع الفقيه الشيعي السيد شرف الدين .ودرست شرح نج البلغة للمام
الشيخ ممد عبده وأحببت إنصاف عبد الرحن البدوي وسية الليثي وأحد الشرباصي لدور الشيعة ف الفكر
السلمي .فما الذي يزعج الشيعي ف مدرسة مصر؟ وماذا يريد أكثر ما توفره الدرسة الصرية الت انتصر عميدها طه
حسي للمام علي ف كتابه "علي وبنوه" وفتح بذلك منهجا إسلميا يتزج فيه التسنن والتشيع بحمدية علي وعمر.
أما أن يتصدى باسم التشيع كاتب مصري أو تونسي ليضع عمر ف أحضان اليهود حاملً راية الضلل ،أو أن يثن
آخرون ف الدرسة الخرى على قاتل السي فيُكرم ويصبح سب أحفاد النب(ص) مسكوتا عنه أو مبرا ،فليس مكان
هؤلء مصر والقاهرة .إن هنالك مدنا أخرى تشتغل بالتقاذف والتشهي ،ولو كنت ف مكان أي مسؤول مصري
لنعت أي فريق من هؤلء عن تلويث الدرسة الصرية .ليبقى المام ممد عبده عند منهجه ،والعقاد مع أب الشهداء،
وطه حسي مع علي وبنيه.
إن الصريي ممديون ف عمريتهم وعلويتهم ،ول يوز لطرف أن يرق هذا النسيج با يؤذي كرامة المامة ومقام
اللفة.
الستبصر السوري عامر الكردي:
النب آدم يبغض عمر !.
وأما التحولون ،أو الستبصرون ،وهم مرة أخرى ،علماء دين انتقلوا من التسنن إل التشيّع ،فلعلهم رأوا من مستصغر
التشيع أن يظهر ف زمن النب ممد (ص) ،فنقلوه إل زمن النب آدم ،وأثبتوا بالدليل القاطع ،وبالبهان الناصع أن النب آدم ،ث
النب نوح كانا على مذهب التشيّع!.
أظن أن السادة الستبصرين يضحكون على عقول التباع الشيعة .وليعقل أن يستخفوا بأنفسهم ،ويضحكون
على ذقونم الت مازالت سوداء ل يالطها إل القليل من البياض.
170
كتاب عمر والتشيع
لكن القصود أوسع ما نتخيل ،إنم يريدون الوصول إل إشاعة مفهوم أن البشرية ،من خلل أبيها آدم تناصب العداء
لعمر،
وأن النشطار ضئيل وغي عادل ،وأن السلمي ليسوا سنة وشيعة ،وإنا تتحد البشرية على كراهة عمر بن
الطاب منذ زمن النب آدم ،ث النب نوح إل اليوم الذي أصبح الشيخ عامر الكردي مستبصرا ،فأبصر النب آدم بأم
عينيه ،وببصيته حاملً لواء القطيعة معلنا الرب على صحابة النب ممد صلى ال عليه وسلم.
وليس على بن آدم سوى اقتفاء سية أبيهم ،وليس لم سوى ذلك وظيفة ف الياة.
التحولون إل التشيع :والسلم الهلي ف العراق
سيحتاج (التحولون) ال وقت غي قصي ليقتنع الناس بأن انتقالم إل الذهب الديد ناجم عن مراجعة ذاتية،
لن عال دين وطالب علم نشأ على عقيدة مذهبية حت صار فيها فقيها أو داعية أو خطيبا سيصعب عليه الظهور بي
عشية وضحاها ف ثياب مذهب آخر .وإذا كان ذلك مألوفا ،والنفس البشرية مفتوحة ومتحركة والعقل النسان
يتقبل المر ونقيضه ،فمن غي العقول أن يبذل الرء جهدا ويترق حاجزا نفسيا ويرج على ميطه وذائقته ويتحمل
ردود أفعالم فتكون حصيلة التحول كتابا يستعيد التحول فيه ثالت الل ممد باقر الجلسي ورواياته التخصصة ف
النيل من شخصية إسلمية كان التحول قبل عام وربا قبل شهر واقعا تت تأثيه الروحي والتربوي والعرف.
ل بنفسي .فمنذ خسي عاما ،وعمر بن الطاب يشكل خطوط صورة مغرية للكتابة والتأليف ،وقد
وسأضرب مث ً
استكملت أدوات العلمية منذ ترجي من كلية الداب عام ،1958ول يكن الوقت مناسبا إل ف السنوات الثلث
الخية ،بعد اشتعال النيان الطائفية ف العراق وانتقال الرب من صفحات الكتب وأعمدة النابر ف فترة الرب
العراقية ذ اليرانية ،وماتلها من تطورات ف العراق إل واجهات النازل وأجساد الضحايا وسكاكي الذبح،
فأصبحت الكتابة ف عمر بن الطاب وف نقد الطاب الطائفي واجبة وجوب الاء لطفاء النار.
وكان ما عجل ف إصدار هذا الكتاب على سوء صحة كاتبه أن الفضائيات العربية صارت تنقل شهادات لعلماء دين
من الشيعة يتنافسون على مسبة عمر بن الطاب وأب بكر ،وكأنم بذا يوفرون (الدليل الشرعي) ،والسوغ الفقهي
للنتحاريي الذين يستهدفون الدن والبلدات الشيعية بالسيارات الفخخة (نكالً) لم على شتمهم عمر وتشهيهم بعائشة!!.
171
كتاب عمر والتشيع
أل يعن هذا أن السلم الهلي ف العراق يرتبط بالكتابة التاريية ابتداء من العصر النبوي وإبطال الناهج
والوسائل والستحدثات الت قدمها الشيخ علي الكركي ومدرسته؟ دون أن نغفل الدرسة الموية الت سبقت
السلطان طهماسب ف أسلوب السب وشتم المام علي بأكثر من عشرة قرون.
الـتنــويــر الشـــيعي
الـمُشرق والحدود التأثي
172
كتاب عمر والتشيع
الـمـدرســة الـمصرية:
طبيعة الصريي اليّالة إل العتدال ،غلبت الفكار والعقائد والتاهات التشددة من أي مصدر صدرت ،وأفرغت
جانب التراكم الطائفي ف الرحلة الفاطمية إزاء عمر بن الطاب ،مثلما أقصت التراكم الطائفي للمرحلة اليوبية وأنتجت
ثقافةًإسلمية تستلهم ف حيادها الذهب روح زيد بن علي ومثله الفخري ف العراق أب حنيفة النعمان بن ثابت.
ومع تواضع الداء السياسي والفكري للزيدية ف العصور التأخرة حت رُكنت مهمل ًة ف تكايا اليمن التوكلية ،إل أن
التماس التأثي الكشوف على بعض الدارس العربية التأخرة لوقفها العملي من اللفة الراشدة يكن رؤيته بسهولة ف
الدرسة الصرية وتأثياتا العربية.
إن طه حسي والعقاد وممد حسي هيكل وبنت الشاطىء وعبد الليم الندي وعبد الفتاح مقصود وعبد
الرحن الشرقاوي إنا يثلون الط الحمدي ،والفهم الزيدي القائم على استلل عمر وأب بكر وعثمان من العجينة
الموية ،فشكلوا موقفا وسطا بي خطي ،ها النهج الموي من جهة والنهج الصفوي من جهة أخرى ،وهذان يسعيان
بل يقرّان نائيا بانتماء عمر بن الطاب وأب بكر للنهج الموي فيبدو سيّان عندهم عمر ومعاوية وأبا بكر ومروان بن
الكم.
إن الشيعة المامية يرتاحون لطاب يُعطي عمر للمويي ويملونه مسؤولية تأسيس الط الموي .إن الشاركة
مبدأ عرضته الدرسة الصرية قبل أن يلتفت إليه فقهاء ومفكرون شيعة ف تاريخ السلم.
فقهاء الشاركة
الفقيه الشيعي ف مراتبه العليا مرجع وليس داعية؛ ينقطع عن الجتمع ف وقت مبكر ،فل يعود صديقا ف
الستشفى ول يعزي آخر ،ول يتحدث ف وسائل العلم ،ول يكتب ف وسائل النشر ،ويلزم بيته ول يرج إل إل
الصلة ف صحن المام ،الذي يقيم الفقيه حول ضريه .وقد يرتب لسؤول الدولة الول موعد معه داخل الصحن.
فإذا تدث مع ضيفه فل يكاد يسمع له صوت ،ولول حركة طفيفة ف نايات شعرات ليته لا حسبته يتكلم!.
إن تقاليد الرجعية صارمة ،ويتفق عندها فقهاء القطيعة والشاركة.
173
كتاب عمر والتشيع
لكن بعضهم خرج على هذه الحكومات الشرطية فصار يتحدث ف السياسة اليومية ويقف خطيبا بي التباع،
ويقود مظاهرة يعب فيها السر من مدينة الكاظمية الشيعية إل مدينة العظمية السنية كالشيخ الثائر المام ممد
مهدي الالصي ليصلي ف مسجد أب حنيفة.
()
وقد يكتب ف الجلت العربية ويراسل الؤسسات ويضر الؤترات ويناظر الدباء ويقق دواوين الشعراء
ويكتب لبعضهم مقدمة الديوان ويضي شهورا ف جولت عربية كالرجع الكبي الشيخ ممد السي كاشف الغطاء (
)1954 - 1876والرجع الال السيد ممد حسي فضل ال ،وان كان الخي أبطأ حركة من شيخه وأستاذه
كاشف الغطاء.
ويتفق هؤلء الراجع ف كونم خارج النهج الصفوي وهم ليرون مايضر (بالعامة) نافعا للشيعة ،وليرتاحون
لديث يثن على المام علي بن أب طالب بجاء عمر بن الطاب ،ول يأخذون بروايات الفرقة والنقسام ،أي ليسوا
من دعاة القطيعة.
إن كاشف الغطاء من رواد نظرية الشاركة يكتب ف (أصل الشيعة وأصولا) نصا تترجرج أمامه أقانيم اليكل
الذي بناه الشيخ علي الكركي والل ممد باقر الجلسي والسيد الكاظمين البوجردي!.
ول تكن الراجع العليا تشتغل بقول الدب والشعر ،بل التاه العام ليلو من ازدراء بالشعر والدب،
ويعزو بعض الؤرخي ذلك إل عجمة بعض الراجع الذين يفتقرون إل الذائقة الدبية .بنيما تاوز هذه العقدة
الفقهاء من أصول عربية وربا هجر بعضهم الدراسات الفقهية ،واناز إل البداع الدب كالواهري وعبد الرزاق
مي الدين ومهدي الخزومي وممد رضا الشبيب ،و حاول فريق آخر مزاوجة الدب والفقه كالشيخ احد الوائلي
والسيد مصطفى جال الدين ،فلم يطغ أحدها على الخر.
أما الفقهاء الدباء فعميدهم ممد سعيد البوب ،وأبرزهم ممد السي كاشف الغطاء وجيع من وردت
أساؤهم ف هذه الاشية هم من أهل التشيع العرب القائلي ببدأ الشاركة .وجرى التقييم عليهم ف معظم الحكام
والروايات والدراسات ف الوزات الدينية.
يقول نص الرجع المام الشيخ ممد السي كاشف الغطاء منقول عن كتابه أصل الشيعة وأصولا الطبعة
الثالثة الصادرة عن دار الضواء ف بيوت عام ،2003تقيق العلمة الشيخ ممد جعفر شس الدين.
174
كتاب عمر والتشيع
" ث لا ارتل الرسول من هذه الدار إل دار القرار ،ورأى جع من الصحابة أن ل تكون اللفة لعلي(ع) ،إما
لصغر سنه ،أو لن قريشا كرهت أن تتمع النبوة واللفة لبن هاشم ،زعما منهم أن النبوة واللفة إليهم يضعونا
حيث شاؤوا ،أو لمور أخرى لسنا ف صدد البحث عنها ولكنه باتفاق الفريقي امتنع أول عن البيعة ،بل ف صحيح
البخاري ف باب غزوة خيب أنه ل يبايع إل بعد ستة أشهر ،وتبعه على ذلك جاعة من عيون الصحابة كالزبي وعمار
والقداد وآخرين.
ث لا رأى تلفه يوجب فتقا ف السلم ل يرتق ،وكسرا ل يب ،فكل واحد يعلم أن عليا ما كان يطلب
اللفة رغبة ف المرة ،ولحرصا على اللك والغلبة والثرة ،وحديثه مع ابن عباس بذي قار مشهور ،وإنا يريد
تقوية السلم وتوسيع نطاقه ومد رواقه وإقامة الق وإماتة الباطل ،وحي رأى أن الليفتي ذ أعن الليفة الول
والثان ذ بذل أقصى الهد ف نشر كلمة التوحيد وتهيز النود وتوسيع الفتوح ول يستأثرا ول يستبدا ،بايع وسال
وأغضى عما يراه حقا له مافظة على السلم أن تتصدع وحدته ،وتتفرق كلمته ،ويعود الناس ال جاهليتهم الول،
وبقي شيعته منضوين تت جناحه ومستنيين بصباحه ،ول يكن للشيعة والتشيع يومئذ مال للظهور لن السلم
كان يري على مناهجه القوية ،حت إذا تيز الق من الباطل ،وتبي الرشد من الغي ،وامتنع معاوية عن البيعة لعلي
وحاربه ف " صفي" ،انضم بقية الصحابة إل علي حت قتل أكثرهم تت رايته ،وكان معه من عظماء أصحاب
النب(ص) ثانون رجل كلهم بدري عقب كعمار بن ياسر وخزية ذي الشهادتي وأب أيوب النصاري ونظرائهم ".
ل يكتب الرواج والنتشار لنص صادر عن الرجع السلمي الكبي الشيخ ممد السي كاشف الغطاء ،لنه
يتعارض مع الناهج الت تستبد بالؤسسات الدينية وتكاد تتكر النتاجات الفقهية والفكرية قبل أن تتحول مؤخرا
إل مؤسسات سياسية بقي كاشف الغطاء دون الدرجات العليا ف تقويات هذه الؤسسة قياسا إل من كانوا أقل منه
علما وعدلً.
ويسجل لكاتب السطور إنه يقود حلة منذ ثلثي عاما لتسليط الضوء على هذه الشخصية ف متلف جوانبها.
وكان الشيخ كاشف الغطاء رائد التاه الذي ساد الوساط السلمية مؤخرا ف تعارض حقيقي بي السلم
والدول الستعمارية والرأسالية ،منذ أن وضع "الثل العليا ف السلم ل ف بمدون" .ردا على دعوة من الوليات
175
كتاب عمر والتشيع
التحدة المريكية له بالشتراك ف مؤتر إسلمي ف مدينة بمدون اللبنانية ،للتنسيق الشترك ومواجهة التحديات ف
النطقة.
علي شريعت:
نظرية النطف الكسروية:
نترك للدكتور علي شريعت الستفاضة ف طرح وشرح ومناقشة نظريته ف النطف الكسروية ول بأس بعدها بداخلة
قد ل تبتعد عنها كثيا.
ففي ربيع البرار للزمشري وهو من علماء السنة الشهورين أن ل خيتي :من العرب بنو هاشم ومن العجم
فارس .وأن المام زين العابدين علي بن السي معروف بي الحدثي بابن اليتي.
إن الدكتور شريعت استثمر إضطراب الرواية ،وتعارضها مع بعضها للطعن با ،وإن كانت شائعة حت يومنا هذا،
عند الؤرخي ولدى القوميي الفرس والقوميي العرب.
والثابت عندهم حصول سب بنات كسرى يزدجرد ،فإذا حدث ذلك ف زمن عمر بن الطاب ,كما تروج
الرواية فسيحدث السب عام 18للهجرة أو ف أقصى تاريخ وهو العام 22منها ،فيكون كما يقول شريعت ذلك
سببا ف رفضها ،وقد ولد المام علي بن السي ف عام 38للهجرة وقيل 37للهجرة أي بعد الزواج الفترض
بعشرين عاما.
لكن الصرار على وقوع السر ف زمن عمر ،ينسجم مع فتح بلد فارس ف ذلك الوقت ,والرغبة ف صياغة
حوار بي بنت كسرى أو بناته وبي الليفة صحيح حيث تشي الرواية إل أن بنت كسرى كانت تلعن الزمن الذي
صار فيه سادة فارس أسارى تت حكم رجل كعمر ،وأن المام علي كان يترجم لعمر ،وهذه وظيفة جديدة للمام ل
يتحدث عنها الؤرخون ،ول يُشَر إل معرفة المام علي باللغة الفارسية .فإذا كانت الرواية قد أدخلته ف علقات
(سرية) ل نعرفها مع بلد فارس مكنته من إتقان الفارسية ،فلم نعرف أية لغة فارسية منها كانت هذه وهم يتحدثون
بأكثر من واحدة تتلف كليا عن الخرى.
فهل أرادت الرواية أن توثق صلة المام بصحاب جليل كسلمان الفارسي واحتمال أنه تعلم منه لغته الم ،ول
يتحدث مؤرخ عن شي ٍء من هذا.؟ .وإنا هي فرضية نفترضها.
176
كتاب عمر والتشيع
ف العودة إل الرواية ،أراد عمر بيعها ،فلم يوافق المام علي قائلً :إن بنات اللوك ل تباع ،ولو ك ّن كفارا،
فأعطاها حق اختيار الزوج بنفسها فاختارت المام السي.
والذي نعرفه أن كسرى يزدجر كان ينسحب من الدن ،الت يتلها السلمون فيتراجع إل مدينة أخرى ،حت استقر ف خراسان،
فتوقف الحنف بن قيس عن ملحقته ،وبقي معزو ًل ف تلك الصقاع إل أن توف ف خلفة عثمان.
فهل ترك كسرى بناته ف الدائن عام 18فأسرهن السلمون؟ أم أنه انسحب مع عائلته وجيشه إل ما بعد
خراسان ,وف هذه الالة ،كيف أُخذت بنات كسرى أسارى؟.
تقول رواية أخرى :إن اثنتي من بنات كسرى توفيتا عند النفاس ،ومنهما زوجة المام السي ،لكن وليدها
عاش وهو زين العابدين.
ويبدو أن الرواية ل تشأ ترك المام السي بل زوجة فارسية ,ولكي تستمر نظرية النطف ،فقد قيل :إن بنت
كسرى الخرى تزوجت عبد ال بن عمر ,وأنبت ابنه سال .وإن الثالثة تزوجت ممد بن أب بكر فولدت منه
القاسم .وبعد وفاة ممد بن أب بكر تزوج المام السي أرملة بنت كسرى الثانية ،وهي الت أشرفت على تربية زين
العابدين.
وف رواية رابعة قيل :إن عثمان بعد فتح خراسان أخذ اثنتي فقط من بنات كسرى ،وزوجهما للحسن والسي
وماتتا ف النفاس.
وحت يتم التخلص من إشكالت أخرى ،وتستقيم نظرية النطف ،فقد زعمت رواية سادسة أن واليا للمام علي
قد حصل على اثنتي من بنات كسرى فتم زواج السي.
وهكذا تعرضت بنات كسرى للسر ف ثلثة عهود لثلثة خلفاء ,لكن الزوج هو السي ف كل مرة ويشاركه
شقيقه ,أو ابن أب بكر وعمر.
وبعد أن أعلنوا عن وفاة بنت كسرى ف النفاس ،وقد وضعوا لا عددا من الساء ،تقدمت رواية جديدة أن بنت
كسرى عاشت مع السي إل معركة الطف ،فألقت بنفسها ف الفرات حزنا على مقتل المام،وطبيعي أن يروج لذه
الرواية لنا تؤدي دورا أكب ف ترسيخ النطف الفارسية،ما لو ماتت بنت كسرى ف وقت مبكر ول تشهد الفاجعة.
177
كتاب عمر والتشيع
تقول مصادر أخرى :إنه ل يكن أحد من أهل الدينة يرغب ف نكاح الواري حت ولد علي بن السي،فصاروا
يرغبون بالزواج منهن.
وإذا كان الشيعة قد ذهبوا إل الفرس بزواج المام السي من بنت كسرى ,فلماذا ل تذهب العرب الخرى
بعد زواج عبد ال بن عمر وممد بن أب بكر من بنتيه الخريي إل بلد العجم ويصبحوا فرسا مثلما أمسى التشيع
عليه ف مشروع تعجيم الشيعة؟..
إن الديث عن مصي بنات اللوك بعد الروب يغري الرواة وناسجي القصص الثية منذ عهود تسبق كسرى،
وحت يومنا الذي يتحدث فيه الستاذ ممد حسني هيكل ف تلفزيون الزيرة عن شقيقات وبنات اللك فاروق بعد
الثورة الصرية ف يوليو .1952
وكنت شخصيا قد أوشكت أن أقنع الشريف الرحوم حسي بن علي والد الشريف علي بن السي ،قبل ربع
قرن لنشر قصة آخر بنات ملك الجاز وزعيم الثورة العربية زوجته بديعة بنت الشريف السي بن علي ،وهي الن
ف العقد العاشر وما حدث لا بعد سقوط العرش الاشي ف العراق عام ,1958فحالت أمور دون ذلك ،إل أن نشر
الستاذ فائق الشيخ علي كتابا موسعا عنها ل يأخذ مداه الفترض.
عروس الدائن ف الدينة:
ل أجد مناصا من أن أترك لقلم شريعت وحده وبلغته التدفقة وأصالته السلمية ودفاعه عن أهل البيت منقولً
عن كتابه التشيع الصفوي والتشيع العلوي يعال أخطر رواية تداولا الؤرخون السلميون وبقيت راسخة بالذور
التاريية للتشيع الذي استقر ف إيران.
يروي العلمة الجلسي ف بار النوار(ج 11ص )4ذ بعد نقل أخبار حول زواج المام مثية للغثيان ذ إن
والدة المام هي بنت يزدجرد الت جيء با أسية ف زمان الليفة عمر ،وقد أعجب با المام السي ،وتزوجها فولد
له منها ابن واحد هو المام زين العابدين (ع)().
من جهة نن نعلم أن المام السجاد ولد عام 37هـ ،أي بعد عشرين عاما من زواج أمه من المام السي!.
وقد صرحت هذه القصة بأن (شهر بانو) كانت من أسرى فتح الدائن ،وأن عمر كان ينوي قتلها ،ولكن المام
علي هو الذي أناها من الوت ،وواضح جدا أن واضعي هذه القصة هم من أنصار الشعوبية اليرانية ،وأنم أرادوا
178
كتاب عمر والتشيع
من ذلك إظهار أن عليا(ع) كان يساند الساسانيي ،ويدافع عنهم وذلك ف مقابل عمر الذي كان عدوهم وهازم
جيوشهم!.
غي أن هؤلء فاتم أنم حينما أرادوا إثبات أن المام السجاد هو حفيد يزدجرد وأمه شهربانو ،أوقعوا أنفسهم
ف إشكال تاريي عويص وهو لزوم أن يكون المام السي تزوج ف العام 18للهجرة (عمره حينها 15سنة) بينما
المام السجاد ولد العام 38للهجرة ،ومن النصوص عليه أنه ل يولد له من شهر بانو سوى المام السجاد ،وهذا
يعن أنا ل تلد من المام السي إل بعد مضي عشرين عاما.
غي أن العلمة الجلسي عندما تنبه إل هذه الشكلة بالرواية حاول ترقيعها بالقول :إنه ليس من الستبعد أن
تكون كلمة (عمر) الواردة ف الرواية تصحيفا لكلمة (عثمان) فيكون الزواج قد ت ف عهد عثمان ل ف عهد عمر!.
والواقع أن هذه الحاولة ذ إذا قبلت ذ فإنا سوف تل إشكال التفاوت الكبي بي وقت الزواج ووقت الولدة،
ولكن إشكال آخر أكثر إحراجا سوف يظهر فيها وهو طول السافة الزمنية بي انكسار جيش يزدجرد وبي أسر بناته!.
هذا مضافا إل أن الرواية تضمنت التصريح بأن السرى هم أسرى (الدائن) فهل يقول العلمة الجلسي أنا مصحفة
أيضا؟.
ويتطرق العلمة الجلسي إل بيان اسم أم المام وهل هي سلمة أو خولة أو غزالة أو شاه زنان أو ..فيقول :إنم
جاءوا ببنت يزدجرد إل الدينة وما أن وقعت عينها على عمر حت غضبت وسبت عمر ،فسبها هو أيضا ،وأمر بأن
تباع شأن سائر السرى فاعترضه أمي الؤمني بالقول :إن بنات اللوك ل تباع وتشترى ،وإن كانوا كفارا وأشار عليه
ل من السلمي ويدفع صداقها من بيت الال! وف ذيل هذه الرواية النسوبة إل المام الصادق ،نصغي
بأن يزوجها رج ً
إل الوار الت بي المام علي وابنة يزدجرد:
فقال " جه نام داري أي كنيزك؟" يعن ما اسك ياصبية؟!.
قالت :جهان شاه.
فقال :بل شهربانويه.
قالت :تلك اخت.
قال ":راست كفت " أي صدقت!...
179
كتاب عمر والتشيع
ويبدو أن الناقل (أو الختلق) لذه الرواية ،ل يكن يدري أن المام علي حت لو سلمنا أنه تدث معها بالفارسية،
إل أن اللغة الت كان سيتحدث با ل تكن مفهومة عند بنت يزدجرد ،وذلك لن المام يتحدث باللهجة الفارسية
الدرية ،وهي لجة ملية لهال خراسان بينما كانت بنت يزدجرد تتحدث باللغة البهلوية الساسانية! هذا أول ،وثانيا
أن عبارة " أي كنيزك" الواردة ف الرواية من الواضح أنا من الصطلحات الرائجة ف زمان (الراوي) ل ف زمان
الدث.
وإذا أمعنا النظر ف الرواية نلحظ شيئا غريبا ،وهو أن المام كان ياطبها بالفارسية بينما هي تيب بالعربية.
والغرب من ذلك التوجيه الذي ذكره العلمة الجلسي بإزاء تسمية المام لا بـ(شهربانويه) بد ًل من (جهان شاه)
حيث أعزا العلمة ذلك إل أن كلمة (شاه) هي من أساء ال تعال مستد ًل على ذلك با جاء ف الب من أن علة النهي عن
الشطرنج وجود عبارة الشاه مات ،ووال أن الشاه ل يوت!!.
شريعت والعسكري:
السيد مرتضى العسكري فقيه بدرجة آية ال وهو أكب معمر بي فقهاء التشيع حاليا وسنه عبت الئة ،وهو عندي
البقية الباقية من مؤرخي العصور السلمية كالطبي وابن الثي واليعقوب ،حيث تتجاوز اهتماماته ف التاريخ العام
اهتماماته الفقهية ،وهو صاحب كتاب معال الدرستي وكتاب خسون ومئة صحاب متلق ،والخي على غرار كتابات طه
حسي ف الدب الاهلي.
طلب السيد العسكري إل ف لقاء جعنا ف لندن منتصف الثمانينات اليلدي وبضور السياسي العراقي سعد صال
جب ،أن أتتلمذ عليه قائلً :إنه شديد العتزاز بأن أكون ثالث تلميذ له بعد السيد ممد باقر الصدر والدكتور داود العطار،
وكان السيد العسكري قد أعد نقدا لكتاب ف عبد الكري قاسم ،فاعتذرت له بأن من تلمذة الوردي وعارف فضل شريعت
.فقال :وما الانع من أن يستقيم الرء بعد اعوجاج .وكان السيد العسكري قد تبن حلة للرد على كتابات علي الوردي،
ونشر كتابا لبطال ما جاء ف وعاظ السلطي للوردي ف مطلع المسينات ،مثلما تبن حلة لحقة ضد الدكتور علي
شريعت ،فنشر بيانا مع فقهاء آخرين يصف شريعت باوصف به الوردي .ونقل شريعت نص الامش الذي كتبه السيد
العسكري بط يده عن البيان الذكور .وهنا نص السيد العسكري منقو ًل عن التشيع العلوي والتشيع الصفوي.
يقول السيد العسكري:
180
كتاب عمر والتشيع
مت كان عمر بن الطاب شريف بن عدي ،أما نسبه ففي كتاب الدرر بإسناده عن السن بن مبوب عن ابن
الزيات عن المام الصادق (ع) أنه قال :كانت صهاك جارية لعبد الطلب .وكانت ذات عجز وكانت ترعى البل
وكانت من البشة ،وكانت تيل إل النكاح ،فنظر إليها نفيل جد عمر ف مرعى البل فوقع عليها فحملت منه بأم
الطاب ،فلما ولدتا خافت من أهلها فجعلتها ف صوف وألقتها بي أحشام مكة فوجدها هشام بن الغية بن الوليد
فحملها إل منله وساها بنتمة ،وكانت شيمة العرب من يرب يتيما يتخذه ولداًَ ،فلما بلغت حنتمة نظر إليها الطاب
فمال إليها وخطبها من هشام ،فتزوجها ،فأولد منها عمر ،وكان الطاب أباه وجده وخاله وكانت حنتمة أمه وأخته
وعمته ،وينسب إل الصادق ف هذا العن شعرا:
من جــده خـاله ووالده وأمـه أختــه وعمتـه
أجدر أن يبغض الوصي وأن ينكـر ف الغـدير بيعـته
ويواصل الدكتور علي شريعت قائلً :واكتفى بنقل هذا القدار من الوامش (العلمية) لذه الشخصية العلمائية
الصفوية ،واعتقد أنا كافية لتوضيح طبيعة النطق العلمي والدين الذي يتعاطى به رجالت التشيع الصفوي ،واقتصر
هنا على الشارة إل مفارقة طريفة وهي إنن أوعزت منلة أب بكر وعمر واللوب الذي يعمل بالتنسيق معهما إل زمان
الاهلية ،أما الذين يصرون على أن أبا بكر وعمر ل يكونا قبل السلم سوى أولد خدم وجامعي حطب فإنم قد
اعترفوا من حيث يشعرون أو ل يشعرون بأن الرجلي اكتسبا هذه النلة والكانة من السلم ل من الوضاع
الجتماعية والطبقية للجاهلية.
وإذا كانت حية شريعت الفكر الشيعي اليران الفارسي على هذا القدر من العلو والتسامي والنفعال لدرأ
الذى عن عمر بن الطاب فما الذي علي أن أقوله بعد وأي مبرات ستهدئ من روع الكتابة؟
لعلنا ف مأزق يقف فيه عمر بن الطاب حاجزا نفسيا يقطع ما بعده ما قبله ،فيستحيل مفكر ومؤرخ وفقيه بجم
مرتضى العسكري إل سباب وشتام يدخل ف أعراض الناس ول أقول السلمي ،وأتوقف عن توصيف من جعله ابنا
غي شرعي ونسب إل أعظم أئمة الفقه السلمي المام الصادق شعرا من هذا القبيل التردي .فما الذي سيتغي ف
أوساط تتلقى العرفة بشحنة الكراهية؟ أما السباب والشتيمة فهي من أدوات الستدلل ف النهج الصفوي.
181
كتاب عمر والتشيع
ويعقب شريعت :إن القرآن ينهي عن السباب والشتيمة معتبا أن الكلم الفاحش يعب عن هبوط شخصية التكلم
قبل السامع.
قال المام علي لصحابه ف حرب صفي :إن أكره لكم أن تكونوا سبّابي.
غي أن السباب والشتيمة يثلن الشكل المثل ،من أشكال الستدلل ف النطق الصفوي .يشار إل أن الترجة
الفارسية لكتاب نج البلغة تتحايل على النص عندما يتعلق بوقف ودي للمام علي من عمر ،وحت ف عبارته بنع
السب لأ الترجم إل التأويل قائلً :ليس الراد من هذه العبارة هو عدم جواز شتم الخالف واللعن عليه ،بل على
العكس هذا واجب وتكليف.
وبالعودة إل لقائنا مع السيد العسكري ف لندن فقد تناول الديث الوضاع السياسية ف العراق وإيران،
وفهمت من السياق قبل أن يسرن الرحوم صادق العطية الذي كان حاضرا هو الخر ،بأن زيارة آية ال العسكري
إل لندن تتصل بتلك الوضاع ،واحتمال إحداث انعطاف ف الرجعية استعدادا لرحلة ما بعد المام المين،
واحتمال أن يكون للسيد العسكري دور ف النعطاف الفترض ،ل سيما وأنه ف جناح بعيدا عن اتاهات المام
المين الذي ل يعط للعسكري دورا ما ،وكانت الدائرة الصغرى حوله ،تشي إليه با يضعه ف صف النظام
الشامنشاهي.
وبإحساس سياسي عال الوتية ،سارعت إل كتابة مقال صحفي استعملت لول مرة فيه مصطلح زالعمائم
البديلةس مشيا إل الجموعات التطوعة للعمل ف البامج الغربية ،والت تركت طلبا الفقراء ف حوزات قم،
والسيدة زينب ،واختارت القامة ف دول القرار الغرب .وكان تيار عريض من الثقفي السلميي الشيعة يشتركون ف
هذه الرؤية إزاء العمائم البديلة.
وبشكل عام ،فإن خطا موجودا بقوة داخل مؤسسة الرجعية ييل إل التعامل الواقعي مع الدولة صاحبة القرار أو
الدولة الرسية أيا كانت ويسمى هؤلء علماء زالفيزس أي الوفيس! وقد شكلوا جناحا أثناء الثورة اليرانية .برعاية
من دولة قرار أوروب ولؤلء ثلث خصائص:
الواقعية ،والعتدال ،والبقاء بعيدا عن العمل الثوري الذي يتبناه فقهاء آخرون ،والدعوة إل عدم الشاركة ف
النشاط الوطن.
182
كتاب عمر والتشيع
تنصب فوق مستوى الد القبول ،من العداء والكراهية للصحابة ،ولعمر بن الطاب بالذات.
احتضان الفكار والشاريع الطروحة ف السياسة الدولية.
ممد باقر الصدر وشريعت
كان المام موسى الصدر من دعاة الشاركة القوياء ،ومن رافضي منهج القطيعة ومنتقدي رجاله ،ومروجيه ،فلم
يكن غريبا عليه إقامة ملس تأبين بوفاة الدكتور علي شريعت ،تناقلت وقائعه الصحافة اللبنانية ،ما أثار استياء آية ال
السيد مرتضى العسكري ،فكتب إل السيد موسى الصدر رسالة يلومه بعنف لقامة ملس فاتة (للفاسق الفاجر
القبور علي شريعت) وقاد السيد العسكري حلة ابتهاج برحيل خصمه التنور .فكيف يرؤ السيد الصدر على تكريه
ف بيوت؟
أما موسى الصدر فكان جوابه ،أنه بعث برسالة السيد العسكري كما هي مقرونة برسالة شخصية منه ،إل السيد
ممد باقر الصدر ف النجف الشرف ،الذي كتب بدوره رسالة تعنيف إل السيد العسكري قائلً له :من جعلك قيما
على الفكر الشيعي منتصرا لوقف الزن على رحيل علي شريعت ،الذي سبق له القول بعد الطلع على رسالة
للسيد ممد باقر الصدر ف (الولية) إن التشيع إذا طرح بذا الفهوم فالستقبل لذا الطرح العظيم.
والسيد ممد باقر الصدر كان ف ذلك الوقت يتزعم التاهات الديدة للحوزة العلمية .وربا تنفس خصومه
الصعداء لقدام صدام حسي على إعدامه مع شقيقته بنت الدى ،فحُرم السلم من أخطر مفكريه العاصرين
والداعي إل فهم جديد للتاريخ السلمي با يعزز الشتركات ،ويضعف النهج التقليدي لفقهاء القطيعة بي السلمي.
إن الشيخ خي ال البصري ،وهو من بناة العمل السلمي ف العراق ،يتفظ بشهادة مثية حول هذا اللتباس.
التشيع العراقي ،والتشيع اللبنان.
الفرق اللقوط بي مدرسة التشيع العراقي وشقيقتها اللبنانية أن التنور ف الول يطّل على الناس من خارجها،
فكأن حركة التنوير تتوشج مع خيوط النشقاق عن الؤسسة الدينية ،وقد يكون التنور رائدا علمانيا كعلي الوردي،
أو تراثيا ماركسيا كهادي العلوي ،ويندر أن يلتقي التنوير والنتظام ف إطار الوزة كحالة الشيخ ممد حسي
كاشف الغطاء الت ل تتكرر ف هذا النتظام.
183
كتاب عمر والتشيع
أما ف الدرسة اللبنانية ،فقد يسطع نم التنور من مؤسسة التشيع ،كما ف مدرسة السيد مسن المي العاملي،
والمتدة والتفرعة إل بعض أبنائه والستقرة ف حارة حريك ف الضاحية النوبية ،على عنوان السيد ممد حسي فضل ال،
والواضحة العال ف كتابات السيد هان فحص.
وتتلف الدرستان لدى السلميي العراقيي واللبنانيي الذين يتغذون من الوريد اليران ،ففي الالة العراقية يبدو
السلميون ،وهم ألصق بغرافيا إيران ،ألصق بالألوف التقليدي وأعراف الوزة ف تيار القطيعة ،ولو أنم تلمذةً
وأحزابا ،مسوبون على المام المين وثورته .والسبب غي الواضح أن السلمي العراقي الشيعي قادم دائما أو على
ن مادام ف بركة الفيض النجفي،
الكثر من سللة دينية ذات نفوذ يستمد منها تراثه الوزوي والعائلي ،وكأنه ف غ ً
عن التأثر بالدرسة الديدة للمام المين ،حت ف جانبها السياسي ،ولول موقفه التشدد من النظام العراقي ف عهد
صدام حسي ،لكانت طرق التصال بالثورة السلمية اليرانية أضعف ما صارت عليه ف الثمانينات اليلدية كملذ
ومول لركة العارضة السلمية .والدليل أن السلميي العراقيي الحسوبي حت اللحظة على إيران يفضلون
التحالف مع الوليات التحدة المريكية ،وهو عند المام المين تالف شيطان مريب.
وف التاهات الفقهية ،ل يُأخذ السلميون العراقيون من مدرسة المام المين إ ّل القليل منهم رغبتها ف صياغة خطاب
الشاركة ،وتستثن من ذلك الهود الية للمام السيد ممد باقر الكيم.
ويسجل على الدرسة العراقية الراهنة أنا لتنتهي فقط إل تراث القطيعة ف التاريخ ،بل إل شيء من القطيعة مع
الحيط العرب ،وهو المر الذي يبر بكونه استجابة طبيعية لقطيعة الحيط العرب ضد التشيع العراقي بعد تغيي النظام
السياسي ف نيسان .2003
ولطالا أشبعت رسائلي إل السيد ممد باقر الكيم رحه ال ،باللاح على ضرورة ميل السلميي نو جذورهم
العربية ،ولعله أقتنع بقبول الفكار الدائرة حول الفصل بي العروبة والقومية العربية ،وكون النب ممد كان عربيا ول
يكن قوميا عربيا.
ل تستفيد من الوريد اليران
أما الدرسة اللبنانية فهي ألصق بحيطها العرب وبشخصيتها الوطنية .فهي مث ً
وتندمج عقائديا مع الثورة السلمية ،لكنها تتفظ بشيء من الستقللية الت ورثتها من التربية الليبالية ومن جذور
مدرسة المي العاملي وظروفها الحلية.
184
كتاب عمر والتشيع
وكرد على خطاب الشاركة السائد ف التشيع اللبنان ظهرت كتابات ف زخم تيار القطيعة وثقافتها الصفوية،
فتنشر ف بيوت أكثر الراء تطرفا ضد عمر بن الطاب وصحابة النب(ص).
عمر بي الجلسي وشريعت
يقول علي الوردي ف كتابه لحات اجتماعية من تاريخ العراق ذ الزء الول :إن الل ممد باقر الجلسي
الذي توف ف عام ،1699كان شديد التعصب لعقيدته ،وقد أغرى الدولة باضطهاد جيع الخالفي ،الذين كانوا
موجودين ف داخل الدود اليرانية ،وقد أوقف الشاه الصفوي بعض أملكه الاصة ف سبيل نسخ كتابه بار
النوار الذي يقع ف ( )25جزءا وتوفيه للطلبة.
ويُعد بار النوار أضخم كتاب لدى الشيعة ،وف رأي بعض الباحثي ،والكلم للوردي ،أن الجلسي أساء
للتشيع بذا الكتاب ،أكثر ما نفعه؛ فهو قد جع فيه كل ما عثر عليه من الخبار والقصص والساطي ،ل فرق بي
الغث والسمي منها ،ث وضعها ف متناول كل من يريد الغتراف منها ،وجاء بعدئذ قرّاء التعزية وخطباء النابر،
فصاروا يأخذون منه ما يروق لم ،وبذا ملوا أذهان الناس بالغلو والرافة ،وجعلوهم يلقون ف عال من الوهام .وقد
تبنت الدولة القاجارية ،هي الخرى ،هذا الكتاب فكان أول الؤلفات الت طبعت بعد دخول الطبعة الجرية ف
إيران ،وقد وردت إل العراق منه نسخ كثية ،ما أدى إل انتشار معلوماته الغثة ف أوساط الشعب العراقي على
منوال ما حدث ف إيران.
ولك أن تتزل خسي كتابا صدر لماعة " الستبصرين " بكونا استنسخت الكثي من تلك العلومات ف
الكتب ،الت صدرت لؤلء التحولي.
وكان المام المين قد أوقف طباعة أجزاء من موسوعة البحار حرصا على وحدة السلمي ،وحفظ الجيال الديدة من
تسرب تلك العلومات إليها.
والجلسي متخصص ف روايات التشهي بعمر بن الطاب ،حيث يكن ردّ ما يتداوله العلميون والتعلمون والتحدثون
وبعض الفقهاء من معلومات حول عمر إل مصادر الجلسي.
ويشترك مع الجلسي مؤرخ موسوعي آخر ،هو السيد البوجردي الكاظمين ف كتابه جواهر الولية.
185
كتاب عمر والتشيع
يقول علي شريعت ف كتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي :إن الجلسي وهو أبرز وجوه التشيع الصفوي
يرسم للمام السجاد صورة أعتقد أن أعداء آل علي الذين نصبوا لم السيف يجلون من نسبتها إليه .فإن العزة
والوقار واليبة وإليها صفات معروفة لبن هاشم لتنكرها حت الاهلية ،وإن الجلسي ينقل أخبارا مثية للغثيان!.
إن علي شريعت يشك ف علمية الجلسي ،ويسخر من رواياته ويقدم نوذجا لا قصة زواج المام السي من
ابنة كسرى يزدجرد.
النهج الصفوي بدلً من التشيع الصفوي
قد نتجنب مصطلح التشيع الصفوي مااستطعنا إل ذلك سبيل ً،لن فريقا من السياسيي صاروا يلحون
باستخدامه ،من باب التشهي بالتشيع ،ف إطار مشروع تعجيم الشيعة ،الذي ظهر لول مرة أثناء الحتلل البيطان
للعراق وتصدى الفقهاء الشيعة بشكل خاص له.
ومن المانة العلمية أن كاتب السطور ل يكن مبتدع هذا الصطلح ،حيث صدر لول مرة من منابر حسينية إرشاد ف
طهران ،على لسان الفكر السلمي الشهيد علي شريعت ،وإن كنت معنيا بالدور الصفوي ف مصادرة التشيع قبل أن
تترجم كتابات علي شريعت إل العربية بأكثر من عشر سنوات ،وعندما اطلعت عليها ف منتصف الثمانينات ،وجدت أن
الشترك بيننا يتسع باتساع الوة ما بيننا وبي التشيع الصفوي .واكتشفت أن هذا الفكر الذي وجد ميتا ف شقته بلندن
عام ،1977عن ثلثة وأربعي عاما ،كان مثلي من التأثرين بكتابات الدكتور علي الوردي .ومن جانب آخر يبدو الرجل
وهو إيران فارسي قح ،كأنه من الدعاة القوميي العرب ف منهجه الثوري الديد ،والذي دفع حياته ثنا له.
وإذا عزفنا عن استخدام مصطلح التشيع الصفوي ،لذلك السبب ،وأسباب أخرى فل يعن عدم وجوده.وقد
أنكر بعض التحدثي من العلميي الشيعة تقسيم التشيع إل علوي وصفوي وقالوا بوحدته .فإذا اتفقت جد ًل مع
هذا الرأي ،فالراجح عندنا عدم إغفال النهج الصفوي ف البحث التاريي ،ووحدة القياس الذهب وف أولويات
دعاته .والصفويون أسسوا أول إمباطورية شيعية كسروية لواجهة الدولة العثمانية ،وأعطوا للفقيه سلطة ودورا
أساسيا ف قيادة الدولة .وأقاموا مؤسسات ومعاهد ومالس علمية وأعرافا وتقاليد ليس من السهولة أن تناح عن
تاريخ التشيع.
صاحب نظرية النطف – تلميذ المين
186
كتاب عمر والتشيع
الكشف العلمي لنتحال رواية تزويج المام السي من بنت كسرى ،وإنابه منها المام علي زين العابدين،
ل من الفريقي
الوحيد الذي نا من مزرة الطف ف كربلء .وانتهت إليه المامة الرابعة سيصيب بالنكسار واليبة ك ً
البتهجي برواية الزواج ،ففي الانب العرب يقدّم الزواج الفترض مادة تاريية صالة لدعاة تعجيم الشيعة .وجعل
هذا الزواج سببا ف اليل الشيعي ليران()! .وقد بنيت على الرواية النتحلة أحكام قومية تس النتماء العروب للتشيع
العراقي وسواه .وف الانب الفارسي يوفر الزواج مادة تاريية صالة لدعاة نظرية النطف ،الت اكتشفها الدكتور علي
شريعت ف الساطي اليرانية ،ومن القصاصي اليرانيي الذين ليتورعون عن إلقاء النطفة الت تثل جوهرهم
العنصري .ومظهر استمرارهم القومي ،ف رحم أعدائهم حفاظا على هذا (الوهر القدس) من الندثار ،وقد يبادرون
إل انتحال علقات مصاهرة من هذا القبيل ،إذا أدرك صناع الساطي أن سللة معينة ،هي ف طريقها إل النقراض،
فيمهدون إل اختلق قصص وأساطي لربط آخر حلقات السلسلة الت كانت هي السبب ف النقراض .وف هذا
السياق نستطيع أن نفهم اللفيات الت تقف وراء افتعال زواج المام السي ابن بنت النب ،من شهربانو بنت اللك
يزدجرد ،حيث يثل ذلك آخر ماولة يلجأ إليها الساسانيون ف إنقاذ وجودهم من النقراض.
إن زواج فت من بن هاشم بفتاة من بن يزدجرد ،يعب ف الوجه الخر من القضية ،عن اقتران أول السلسلة
الديدة ،بآخر حلقات السلسلة القدية ،والمام كما قال فيه الشاعر:
لكرم من نيطت عليه التمائم وإن غلما بي كسرى وهاشم
وكأن نسبه القريشي ذ الاشي ذ العلوي ليؤهله لن تناط عليه الكمالت البشرية .ولكن المر حصل مع
السكندر ،الذي يطيح بالسللة الخامنشية ف إيران ذ ومن ث يولد له منها أولد وذرية ،ويستمر بم الوهر مفوظا،
ولكن بعنوان إمباطورية السكندر بعد إمباطورية هخامنش ،وقبلهم كان قوروش قد استمر وجودا ف صلب
الاذيي.
أما كيف ت الزواج الحمدي ذ الكسروي ذ فالقصة مستمرة :إذ سبق النب جنوده ف الوصول من الدينة إل
إيران بنفسه ،لكي يعقد الصلح ،وأنه دخل قصر يزدجرد قبل إسلم ابنته ،وعقدها على حفيده المام السي ،ث
جاءت فاطمة لتدخل كنتها ف دين السلم.
187
كتاب عمر والتشيع
وهكذا دخل كسرى ف أهل بيت الرسول ،لكي تبقى القومية القدية خالدة ف الذهب الديد ،بتعبي الدكتور
شريعت ويصبح الذهب الديد مركبا من الشاه ،والنب ف نسب المام زين العابدين.
إن الدكتور شريعت كان سيموت بالعبقرية ميتة أب تام ،أو يوت بالغيلة بعد الكشف الطي ،الذي ل نستعرض
سوى جوانب منه .وهو ماحدث لعبقري التشيع العلوي ذ العرب ذ فيقول ف النتائج الستهدفة من أسطورة الزواج
الاشي الكسروي:
-1إظهار عمر بنلة العدو رقم واحد لعلي وشجب مناوأته لامل لواء السلم .واللقة الول ف سلسلة أهل
البيت وأب الئمة .وذلك انتقاما من دور عمر البارز ف القضاء على الدولة الساسانية ،وتقويض وجودها.
-2إلقاء تبعة انقراض الدولة الساسانية على عمر لعلى السلم.
-3تلقي الناس على أن اللفة كانت تعادي السلطة الساسانية أما المامة فكانت بنلة الدافع عنها.
-4إن تسنن عمر هو عدو السلطنة الساسانية (قصة بنت يزدجرد) بينما كان علي ماميا عنها!!.
-5إن دخول إيران ف السلم ل يقع إثر فتح الدائن بواسطة عمر ،أو غزو السلمي ليران ،بل هو نتيجة ميء
النب وابنته فاطمة إل الدائن ودخول قصر يزدجرد وعقد شهربانو لبنه السي ذ ومن ث دعوتا إل السلم.
-6إن يزدجرد آخر أكاسرة الساسانيي كان قد انكسر بواسطة عمر ،وإن النب هو الذي أعاد له شأنه ومكانته
الرموقة بالجتمع اليران .وذلك من خلل إدخاله ف بيت النب عب أحدوثة الزواج ليصبح أحد طرف السلسلة
وطرفها الخر هو النبوة.
-7إن بنت يزدجرد تثل البقية الباقية من السللة الساسانية وقد أسلمت بدعوة من فاطمة بنت النب وزوّجها النب
لبنه .وشفاعة علي لدى عمر نّت شهربانو من مالبه.
-8إن عمر هو الذي حرم السللة الساسانية من حق الكم كما أنه حرم السللة الحمدية من حق اللفة.
ل يتوقف علي شريعت عند هذه الشارف الطية .وكان لبد من أن ينتقل إل مراحل أخرى يصبح فيها الرجع
الجدد والصلحي الثوري ف تاريخ التشيع .فقتل قبل اندلع الثورة الت كان شريعت مفكرها .ول يكن مكنا للمام
المين أن يقوم بدور تلميذه علي شريعت ف التصدي للمنهج الصفوي الكسروي على صعيد نظري ،لكنه وف ممل
مسالكه السياسية وف خطابه العلمي بعد ناح الثورة كان يعزز منهج السلم الواحد .إن الدخل الرحب
والوضح إل عال المين .ير أول فوق ارض مفروشة بسجادة شريعت ،ومصنوعة من أوراقه الحمدية.
188
كتاب عمر والتشيع
علي شريعت قتل ف شقته بعد كشوفاته التاريية والفلسفية ،والقاتل ليس الشاه ممد رضا بلوي وحده ،بل معه
الماعات الت قطعت الطريق على عبقري الثورة التوحيدية ،الذي كان متوقعا له ،لو عاش ف الثورة أن يكون فيها
الرجع الشترك الفكري لسلمي إيران والنطقة.
استشهد علي شريعت كما لو كان ماهدا على الثغور ف جيش السلم الذي أرسلته الدينة لفتح بلد فارس
غارقا بداد الب السفوح ،شاهدا وشهيدا على عدالة أهل البيت ،عارفا لمعترفا فحسب ،بالدور العمري ف ترير
شعبه من نيان الشرك ،وتطهي بلده من الكسروية الصفوية ،فاستحق من شيخه وإمامه المين إطلق اسه على
شارع كبي ف طهران وتأسيس منتدى خاص بفكره ومنهجه القوي.
منب الوائلي وهوية التشيع
شكلت ماولة الوائلي تطورا نقل التحدث على النب من روزخون إل مؤرخ أكاديي ،خرج من الوزة الدينية
ول يرج عليها ،فكان يقدم عصارة جهده بكلم تتوازن فيه المل بذر بالغ ،وكرسّ الشيخ الوائلي القول بنع أئمة
أهل البيت ،سبّ الصحابة ،واعتمد على روايات التاريخ العام .ف مؤلفات الطبي والبلذري والسعودي ،فضلً عن
الصادر التاريية الديثة .وهو بي الكتبة والحاضرة والكتاب.
وقد برز له دور استثنائي ،عندما كانت حرب على الرض العراقية ذ اليرانية ترف غابات النود والنخيل
وتزوّد الساك ف شط العرب ونر كارون بلحوم البشر ..وعلى الطروس وف الكتبات ودور النشر ،حرب استمرت
إل ما بعد توقف الرب الرضية .وقد دخل إل ميدان الصراع متطوعون لسعاف الفريقي ،واندرت السجالت إل
قيعان الزيف والزلفى وامتهان الكرامات والطعن ف أعراض السلمي ،وظهور ملدات باهظة الكلفة لساء مهولة ،ما
بي باكستان ولبنان ،وعرفت جاعة "الستبصرين" الت كانت تواجه طعن الشيعة بطعن عمر ،وترفع من شأن المام
علي ،الذي ل يتاج إل روافع بنهج تنقيص الصحابة.
ف هذا الحتدم ،وعند مزدحم الصراع ،كتب الشيخ الدكتور أحد الوائلي (هوية التشيع) .وكأنه كان يرد أصلً
على مرويات القطيعة .ف الوقت الذي يواجه عند الطرف الخر ماولت لتعجيم التشيع ،وطعن الشيعة بإسلمهم،
فقدم الوائلي أطروحته العلمية بترسيس الذر العرب للتشيع ،ومسقط رأسه الزيرة العربية ،وزعيمه هاشي من
189
كتاب عمر والتشيع
قريش ،ولسانه لسان عرب مبي ،ودعوته إل عروبة اللفة ،بلفة المام القريشي ،ووجوب الذان وكتابة العقود
بالعربية ،فاستعرض لئحة بعلماء اللغة والنحو والصرف وهم من أهل التشيع.
والوائلي صعب الراس ،والصعب ف النرار إل مساجلت الفرق ،وكان ينأى بنفسه عن إشكالت العمل
السياسي ،ورفض زيارة إيران ،كما رفضها كاتب السطور ،مادامت الرب قائمةً بي البلدين .وحصر حركة كتابه
بالعصور السلمية التقدمة ،حت ل ينل إل مشتجر اللف بعد الدولة الصفوية .وهو يبدأ مقدمة كتابه (بالصلة
والسلم على ممد وآله الطهار ،وأصحابه البرار والتابعي) وف هوية التشيع الذي صدرت منه ثلث طبعات ف
ل أن يي بن يعمر كان شيعيا من القائلي بتفضيل أهل البيت ،من غي تنقيص
الثمانينات ،ينقل من كتب التراجم مث ً
لغيهم ،كما ف وفيات العيان ،وف الستيعاب أن أبا الطفيل عامر الليثي أدرك من حياة النب ثان سنوات ،وقيل:
إنه آخر من مات من أدرك النب عن مئة عام .وكان مبا لعلي ومن أصحابه ف مشاهده وكان ثقةً مضمونا ،يعترف
بفضل الشيخي إلّ أنه يقدم عليا.
رواد الضارة العربية من أهل التشيع
ويستعرض الشيخ الوائلي لئحة بأساء الرواد الوائل من بناة الضارة العربية ،ومؤسسي علومها وثقافاتا
والنسوبي إل التشيع.
ل منهم بالقطيعة ،وليس له نشاط سياسي خاص ،ول يتكتلوا ف كوى
وباستعراض الدونة أساؤهم ،ل تواجه قائ ً
ل من أهل التشيع أم من أهل السنة أو العتزلة .وعلى بعضهم
حزبية أو طائفية ول يعرف الواحد منهم إذا كان فع ً
خلف عند الؤرخي والتباس ف انتماءاتم ،فيحسب بعضهم على هذا الفريق أو ذاك ،لياده وعلميته وتانسه مع
حركة المام علي وأصحابه الوائل ف حركة الدولة الراشدة.
وهذه لئحة يقدمها الشيخ الوائلي ف هوية التشيع لبعضهم قائلً:
فمن الرواد ف علم السي والتواريخ عبد ال بن أب رافع صاحب كتاب تسمية من شهد من الصحابة مع علي
(ع) ،وممد ابن اسحق صاحب السية النبوية ،وجابر بن زيد العفي ومن الرواد ف علم النحو :أبو السود الدؤل،
والليل بن أحد إمام البصريي ،وممد بن السي الرواسي إمام الكوفيي وأستاذ الكسائي والفراء ،وعطاء بن أب
السود الدؤل ،ويي البد بن يعمر العدوان ،ويي بن زياد الفراء ،وبكر بن ممد أبو عثمان الازن ،وممد بن يزيد
190
كتاب عمر والتشيع
أبو العباس البد ،وثعلبة بن ميمون أبو إسحق النحوي ،وممد بن يي أبو بكر الصول ،وأبو علي الفارسي السن بن
علي ،والخفش الول أحد بن عمران ،وممد بن العباس أبو بكر الوارزمي ،الذي يقول عنه الثعالب ف يتيمة الدهر:
نابغة الدهر وبر الدب وعيلم النظم والنثر وعال الظرف والفضل ،كان يمع بي الفصاحة والبلغة وياضر بأخبار
العرب وأيامها ويدرس كتب اللغة والنحو والشعر ،والتنوخي علي بن ممد ،والرزبان ممد بن عمران صاحب
التصانيف الرائعة ف علوم العربية ،وملك النحاة السن بن هان ،ومعاذ الفراء واضع علم التصريف ،وعثمان بن جن
أبو الفتح وأبان بن عثمان الحر ،ويعقوب بن السكيت صاحب إصلح النطق ،وأبو بكر بن دريد صاحب المهرة،
وممد بن عمران الرزبان صاحب الفصل ف علم البيان وصفي الدين اللي صاحب الكافية ف البديع والعال النحوي
السي بن ممد صاحب كتاب صنعة الشعر ،وال.
وعن ابن خلدون صاحب القدمة ،أن أصحاب علي عندما فاتته اللفة اكتفوا بالتأفف والسف .بعن أنه ينفي ضمنيا
حركة القاطعة وف هذه الستشهادات يستشرف الوائلي قيم الشاركة نائيا عن نظرية القطيعة.
وعلى صعيد شخصي ،كنت والشيخ الوائلي نلتقي ثنائيا ،ول يشترك معنا ف دمشق بأعمال العارضة ،وكان
يدعون سرا ليقرأن قصيدةً ف الني لبغداد .فأحفظ بعض مقاطعها .وأتثل با ف مقابلت شرط عدم الشارة إل
قائلها .وكان أول التبعي للمرضى والفقراء والحتاجي.
ولا أبلغه الطباء باقتراب أجله ،بعد إصابته بالسرطان ،طلب حله إل العراق ف السبوع الول من سقوط
النظام العراقي ف نيسان 2003فتوف بعد يوم من وصوله وسار ف موكب تشييعه ثلثة مليي حزين ،ف أكب جنازة.
فكان ذلك استفتاءً شعبيا بفضله وحياده وتوازنه ،وانتصارا لنب الشاركة على روزخون القطيعة.
الروافض
ل يطلق على أصحاب المام علي مصطلح الرافضة وقد شاركوا ف إدارة الدولة الديدة ،لكن وصف أتباعه،
وعلى وجه الدقة الشيعة ،بأنم روافض يتعارض مع أمرين :الول ذهاب أصحاب المام إل مذهب الشاركة وإناء
القطيعة .والثان أن الغلبية الطلقة للمراجع السنية وأقوال أئمة الذاهب ودعاتم حت اليوم تؤكد بيعة المام علي
وعدم مواصلة اعتكافه أكثر من ستة أشهر ،وقيل أقل من ذلك .وهذا إقرار بأن أصحاب المام وشيعته ل يكونوا من
الروافض ،إذ ل يستقيم القول بالشاركة والقول بالرفض.
191
كتاب عمر والتشيع
فإما أن يكونوا مشاركي ،وهذا ما عليه الراجع السنية وما يقول به أهل التشيع قبل ظهور نظرية القطيعة فهم
ليسوا روافض ،وإما أن يكونوا مقاطعي للبد .ويصح قول القائلي بالقطيعة ،فهم روافض .ويكون أهل السنة من
دعاة القطيعة ل الشاركة والقائل بالرفض هو القائل بالقطيعة .سوا ًء كان من أهل التسنن أم من أهل التشيع وحجم
القائلي بالقطيعة سينتعش ،وتتكرس نظريتهم ،وتكسب دعاةً جددا ،والدليل أن الشيعة روافض ،بنطوق سن،
فكيف يدعو كاتب السطور إل نظرية الشاركة الت ل يؤيدها أهل السنة بذا النطوق؟.
إن طعن الشيعة بصطلح الرافضة يؤكد عدم حصول البيعة لب بكر وعمر ،وأن المام علي كان بالفعل جليس البيت،
ل يغادره منذ وفاة النب حت ظهور اسه ف ملس الشورى .وهذا نصر مبي لا يسمونه الن بالنهج الصفوي القائم على رفض
المام علي وأصحابه الشاركة ف دولة أب بكر وعمر .فيلتقي التشدد من أهل القطيعة ،وهم من يسمونم الصفويي مع
التشددين الذين يصمون الشيعة بالروافض ف الكتب والطب والقابلت التلفزيونية ،ظاني أنم يدفعون بذا الكلم الذى
عن الشيخي.
واصل الرافضة ف قواميس اللغة (كل جندٍ تركوا قائدهم) والرافضة فرقة منهم.
والرافضة فرقة من الشيعة قال الصمعي :سّوا بذلك ،لنم بايعوا زيد بن علي ث قالوا له تبّرأ من الشيخي.
فقال :ل ..إنما وزيرا جدي .فتركوه ورفضوه وأرّفضوا عنه ،والرافضة غي الشيعة كما الناصبة غي السنة ،وكان
العقاد يستخدم هذا الفصل عندما يذكر أحدها.
وإن الفقيه الشيخ أحد الوائلي ينفي ف كتابه (هوية التشيع) أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه الباءة من
الشيخي ،ويهاجم قائلً:
-1إن هؤلء الذين طلبوا الباءة لو كانوا شيعة ،فل بد أنم حريصون على نصر زيد وكسب العركة ضرورة أن
مصيهم مرتبط بصي زيد ،فإذا هزم فمعن ذلك القضاء عليهم قضاءً تاما ً ،خاصة وأن خصومهم المويي ،الذين
يقتلون على الظنة والتهمة كل من ييل إل آل أب طالب ،فما الذي دفعهم إل خلق هذه البلبلة ،الت أدت إل
انفضاض جند زيد عنه ،وبالتال إل خسارته للمعركة فموته شهيدا على أيدي المويي ،فل بد أن يكون هؤلء
ليسوا من الشيعة ،وإنا هم جاعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على زيد واحتمال كسبه للمعركة.
192
كتاب عمر والتشيع
-2وعلى فرض التنل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخي ،فما معن سحب هذا اللقب على كل
شيعي يوال أهل البيت ،حت أصبح هذا المر من السلمات.
-3إرادة لسحب اللقب وهو رافضي على كل شيعي ،مبالغة ف التشهي بم وشحن الشاعر ضدهم ،ما سنلمح
كثيا من المثلة له ،وما يؤيد على أنا تتمشى مع تطيط شامل يستهدف ماصرة التشيع والتشهي به وبكل
وسيلة سليمة كانت أم ل.
-4قد يقال :إنه لشك ف وجود جاعة شتّامي للصحابة ،فما هو السبب ف كونم من هذا الصنف ف حي تدعون
أن الشتم ل تقره الشيعة ول أئمتهم ،وللجواب على هذا السؤال ل بد من الرجوع إل مموعة من السباب
ل عنيفا استوجب رد الفعل .منها الطاردة والتنكيل الروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل
تشكل فع ً
وإبادة على الظنة والتهمة وف أحسن الالت اللحقة لم والحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت الال
وفرض الضرائب عليهم وعزلم اجتماعيا وسياسيا وبوسع القارئ الرجوع إل التاريخ الموي ف الكوفة وغيها
من الدن الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الالة وما انتهى إليه ولة المويي من قسوة ومن هبوط ف
النسانية إل مستويات يتبأ منها ف العهدين الموي والعباسي .إن مثل هذا الضطهاد يستلزم التنفيس عن
الكبت ،فقد يكون هذا التنفيس ف عمل اياب ،وقد يكون سلبيا فيلجأ إل هذا الشتم .ولسنا نبر ذلك بال من
الحوال ،إن الذي أسس لذه الظاهرة هم المويون أنفسهم ،لنم شتموا المام عليا على النابر ثاني سنة،
واستمر هذا الوضع حت أن ماولة الرجل الطيب عمر بن العزيز ل تنجح ف منع الشتم.
-5انتهى نص الشيخ الوائلي ،فنقول :إذا كان المويون يشتمون على منابرهم المام عليا ،وينتقصون أهل البيت
كما ف الصادر السنية بشكل عام .فهل رد الفعل على المويي بشتم اللفاء الراشدين .وعمر بالذات يشتم ف
كتب تتوال ف الصدور بطبعات جديدة ف حلة منظمة ،وعلى القنوات الفضائية .فما علقة ظلم بن العباس أبناء
عمومتهم العلويي وكلها من الفرع الاشي بسب عمر وطعنه بل هوادة ودون هدنة؟ .وهل سيغضب أبو حنيفة
ومالك والشافعي وابن حنبل لنقد بن أمية وبن العباس؟.
تنوير شيعي
193
كتاب عمر والتشيع
تنهض حركة تنويرية ف الحساء والقطيف ،فيكتب الدكتور توفيق سيف ف الستبداد ونظرية السلطة ف الفكر
الشيعي .والدكتور فؤاد إبراهيم ف الفقيه والدولة ،وحزة السن وزكي اليلد ف النشور من الباث وتتمحور
اتاهاتم الفكرية نو نظرية الشاركة أو على القل ،تنيه اللة من شوائب السلطنة الصفوية.
يقول الدكتور فؤاد إبراهيم ف كتابه الرجعي (الفقيه والدولة ذ الفكر السياسي الشيعي) الصادر عن الكتبة
الدبية ف بيوت سنة .1988
"إن الشاه إساعيل الصفوي يرمي من وراء ميثولوجيا غارقة ف الغيبوبة والرافة إل إضفاء وشاح من القدسية
على سلطانة .ما يعله جامعا لرئاسة الدين والدولة ،وبالتال إل انتفاء الاجة إل اقتسام السلطة مع العلماء .فقد جع
السلطتي الدينية والدنيوية .وإن إدماج العلماء ف جهاز الدولة ف أيامه ل يتجاوز مهمة ترويج التشيع وولية المور
السبية"().
وف توق منه إل تصيل الصطفاف الشيعي الماهيي وكسب تعاطف رجال الدين الشيعة ،قام الشاه إساعيل
باعمار الشهد العلوي ف النجف ،والشهد السين ف كربلء ،وبناء حرم الكاظميي ،وتشييد جامع الصفويي بوار
حرم الكاظم على مقربة من بغداد.
وف حقيقة المر أن التشيع ل يكن يعن بالنسبة للشاه إساعيل إل بقدار ما يعزز سلطانه السياسي ،فلم يتجاوز
التشيع الصفوي ف عهد الشاه إساعيل " مسائل سطحية استحدثها ف عصره أو أحيي مواتا كاضطهاد أهل السنة
وسب أعداء الشيعة ف متلف العصور وتنظيم الحتفال بذكرى استشهاد السي على النحو البالغ فيه.
فتماهي الصفويي ف التشيع كان ف أجلى مقاصده إياد هوية سياسية للدولة وإضفاء مشروعية على السلطان
الصفوي ،ولذلك فإن الحياء الصفوي للتشيع طال أدوات الثارة والتعبئة ل أدوات التوعية ف الذهب الشيعي،
المر الذي افقد التشيع صورته الصلية ،حي أضفى وشاحا من التعصب والرافية والغيبوبة على الذهب الشيعي
لهة تصي الدولة وضمان استقلل إيران ،وتويله ف مرحلة لحقة إل أداة للتوسع ،فالتشيع الصفوي كان سياسيا
بدرجة أساس.
194
كتاب عمر والتشيع
وسنقف قليلً عند أهم نتائج واستخلصات دراسة العقل السياسي ذ اليدلوجي الصفوي ،ولعلنا ند ف تليل
د .علي شريعت للتشيع الصفوي ف جلة من كتاباته مادة ثرية ومفيدة للغاية ف هذا الوضوع ،وقد اظهر شريعت
كفاءة عالية ،قل نظيها ف الوسط اليران والشيعي بوجه عام.
إن التوظيف السياسي الصفوي للمذهب الشيعي ف بناء الشرعية السياسية والدينية لسلطانا ،وإحالة التشيع إل
أيدلوجيا قومية سياسية للدولة الصفوية ،انتهت إل شبه قطيعة مع الذهب الشيعي نفسه ،بل أن الدولة الصفوية،
الوارث التاريي والذهب للدولة البويهية أضفت لونا الاص على الذهب الشيعي الذي أفادت منه تصي الدولة
واستعملته خطابا للتعبئة العامة وإن تطلب ف أحيان كثية إضفاء مسحات عقدية مستحدثة على الذهب الشيعي
كالتصوف والعتزال ،أفضت حسب د .علي شريعت إل نشوء " خليط من فلسفة النظام الاكم والروح القومية
والتصوف ،وأن هذا الليط الكيماوي الذي غطي بلواء التشيع واسه ،إنا يدفع نو النطاط ويبره ،وهو أعدى
أعداء التشيع العلوي نفسه .هذا الليط نفسه يؤول إل ترويض التشيع وابتزازه ،يسلب منه مضمونه القيقي وييله
إل مرد أداة دعائية تعبوية مضة ،أو حسب د .شريعت إل تشيع الصلحة ل تشيع القيقة.
وقد ل نذهب مع الدكتور فؤاد ابراهيم ف اعتبار الدولة الصفوية الوارث التاريي والذهب للدولة البويهية ف
أكثر من وجه.
إن اتاهات البويهيي تتحدد برؤية زيدية ملتزمة بإمامة زيد بن علي وإقراره بلفة أب بكر وعمر .فيما قامت
الدولة الصفوية على أساس الباءة منها وجعل سبهما با يقابل إعلن الشهادة للمسلم .وكان موقف البويهيي إيابيا
من الدولة العباسية .على القل ف استمرار عمل الليفة .وثالث الفروق بينهما ،أن البويهيي وإن استحدثوا بعض
الطقوس السينية ،فقد كانوا أقرب إل فهم الضارة العربية فاندموا با.
إن الصفويي كانوا مؤسسي تيار القطيعة ،والبويهيون دعاة مشاركة.
هاشم السن:
كسر القطيعة و بواقعية المام
على خلف غالبية مؤرخي القطيعة من الرتبطي بالؤسسة الدينية ،ينفرد الؤرخ هاشم معروف السن بوقف
ثالث ويكسر مناهج القطيعة ويقر بعلقات طيبة بي المام علي وعمر بن الطاب ويطرح مسوغا للمام علي على
195
كتاب عمر والتشيع
ضوء مبدأ المر الواقع وأخلقيات المام ومسؤوليته الشرعية إزاء صراع السلم مع المباطوريات الجاورة.
وهذه مرتبة متقدمة ف الكتابات عند مؤرخي التشيع اللتزمي بناهجه التقليدية والتزامه بالقولت الشيعية
الصادق عليها.
لكنه ل يقول بالقطيعة ول يضع المام ف معتكف العزلة جليس البيت ثلثة عشر عاما حسب روايات أهل
القطيعة ،و ليذهب برواية كسر ضلع الزهراء إل مراتب عليا ،لكنه يشي إل ضرر أو أضرار أوقعها عمر بن الطاب
بابنة النب (ص) لعدم أخذه بالوصية وحرمان ابن عمها من اللفة الول وموافقة أب بكر وعمر وفاطمة الزهراء عند
مرضها ،لكنه يستخدم السيناريو التقليدي ،الذي ليقلل من أهية العتراف بوقوع الزيارة وحديث أب بكر للزهراء.
وف ما يشبه القتحام وبمية علوية ف الرد الضمن على القائلي بعزلة المام والسلمون يواجهون المباطوريات
ويقيمون دولة كبى ف الشرق يقول الؤرخ السن :سأما أمي الؤمنيي(ع) فلم ينقل أحد من الؤرخي أنه وقف
موقف العارض للفة ابن الطاب ،أو بدا منه ما يسيء إل صلته به ،بل رضي لنفسه أن يكون كغيه من الناس ،ل
يذكر لن مضى ولن جاء من بعده إل الحاسن ،ول ينطق إل بلسان البرة الطهار ،ينحه النصيحة ويزوده برأيه كلما
أشكل عليه أمر من المور أو طرأ حادث جديد ل يسبق له نظي ف حياتم من قبل تسيه مصلحة السلم وحدها ول
ينظر إل الكم والاكمي إل من هذه الزاوية ،ومادام السلم يسي بتلك السرعة ف ماوراء حدود الجاز وعروش
أولئك الكام تتهاوى تت أقدام الفاتي ،وأصوات الؤذني تنطلق من العال والسهول ومن على سطح الكنائس
ومن كل مكان ،مادام السلم يسي بتلك السرعة والسلمون بي ل يهمه من تول الكم وكيف توله ،وطالا كان
يردد على مسامع الناس ويلقي عليهم من دروسه الرائعة ،وال لسلمن ما سلمت أمور السلمي ول يكن جور إل
عليّ خاصة .لقد ساهم أمي الؤمني ف الياة العامة ما وسعه ،وأدى ما عليه للجمهور من تعليم وتفقيه وقضاء على
مدى أوسع ما أداه ف عهد أب بكر حيث اقتضت الظروف ذلك.
ويدث التاريخ عن عمر بن الطاب بأنه كان يترم قوله ،ويقف عند رأيه حت ف غي التشريع ،ويقول :ل أبقان
ال لعضلة ليس لا أبو السن ،وتنص الرويات على أن أمي الؤمني هو الذي وضع للمسلمي تاريهم الذي أرخوا به
و ليزال حت اليوم .ولقد جاء ف ذلك أن رجلً جاء إل ابن الطاب ياصم آخر ببدين له عليه ومعه صك مكتوب
196
كتاب عمر والتشيع
فيه استحقاق أصل الال وأنه يستحق شعبان ،فلما ألقى بصره عليه أدرك مواضع النقص وتوجه إل الدائن يسأله أي
شعبان هذا؟ أشعبان هذه السنة أم الت بعدها.
وأجابه الطرف الخر ،ولكنه ل يكن ليطمئن لقوله مادام كل منهما يدعي أمرا والكتابة ل تنص بصراحة على
تاريخ الداء ،والناس يوم ذاك ل يكن لديهم تاريخ خاص فكان بعضهم يؤرخ بعام الفيل ،وآخرون يعتمدون تاريخ
الدولة الجاورة لم ،فأجع رأي ابن الطاب على أن يضع للمسلمي تاريا يعتمدونه ف أمورهم ،فجمع الصحابة
ليقف على رأيهم ف هذا الوضوع واختلفت آراؤهم ف ذلك أشد الختلف ،وكادوا أن يتفرقوا بدون أن ينتهوا إل
نتيجة حاسة ،لول أن عليا(ع) قد أقبل عليهم بالعهود من رأيه السديد ،واته إليه ابن الطاب يسأله ،فقال(ع) نؤرخ
بجرة الرسول من مكة إل الدينة ،فأعجب عمر بن الطاب برأيه وهتف يقول :لزلت موفقا يا أبا السن.
واقترن رأيه هذا بإعجاب الضور أيضا لن هجرة الرسول كانت البداية لنتصار السلم على الشرك وحدثا
تارييا لعله من أبرز الحداث ف تاريخ الدعوة من حيث نتائجه ،يذكرنا بالتضحيات السام الت قدمها علي بن أب
طالب لينتشر السلم ف شرق الرض وغربا .وجاء ف شرح النهج عن السن بن ممد السبت أنه قرأ ف كتاب أن
عمر بن الطاب نزلت به نازلة فقام لا وقعد لن عنده من الضور :يا معشر من حضر ما تقولون ف هذا المر ،فقالوا
يا أمي الؤمني :أنت النفزع ،فغضب وقال{ :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قولً سديدا} أما وال إن وإياكم
لنعلم بدتا والبي با ،فقالوا :كأنك أردت علي بن أب طالب ،فقال :وأن يعدل ب عنه ،وهل طفحت حرة بثله؟
قالوا فلو دعوته يا أمي الؤمني ،فقال :هيهات أن هناك شخا من هاشم وأثره من علم ولمة من رسول ال ،إن عليا
يؤتى ول يأت فامضوا بنا إليه فمضوا نوه .لقد كان علي(ع) يتمن أن يكون ولو جنديا مع أولئك الغزاة إل ماوراء
الدود وما داموا يملون إل تلك البلد رسالة ممد(ص) الت كان يفن ف سبيلها ول يفكر بغيها ،ول يضره إذا
تققت أهدافه أن يكون أميا أو مأمورا ،وطالا كان يرمي بنظراته تلك الموع الدججة بالسلح تودع الدينة ف
طريقها لارج الجاز ويتمن لو يتاح له أن يكون معهم حيث يريدون ولكن ذلك كان مظورا عليه وعلى غيه من
كبار الصحابة فيعود طاويا قلبه على هم جديد فوق ماطواه عليه من هوم وأحزان .لقد اختزل السن ف هذا النص
عناصر منهج آخر يتعارض مع فكر القطيعة ومروياتا وميلتها ،فالمام علي ف هذه الرؤية الت يتبناها كتابنا هي موقع
المام علي ف نفس عمر وتقويه له شاما عزيزا.
197
كتاب عمر والتشيع
وف القارنة بي صورة المام علي عند عمر وصورته عند أهل القطيعة قبل وبعد أن تلتقطها الدولة الصفوية،
فتنل بالمام علي منازل تس أنفته ،وهو على حار ووراءه فاطمة ،يطرق أبواب النصار وحوله ولداه السن
والسي فإل أي مشهد ينتهي مريدو المام والسائرون على مدرسة أهل البيت ،أعلى حارٍ ف جنح الليل وحيدا إل
من ابنة الرسول وابنيه يبحث عن نصي فل يستجيب له أحدٌ من النصار أم هو ف ضمي عمر ووجدانه (يُؤتى ول
يأت) ؟.
199
كتاب عمر والتشيع
ويأت الفريق الخر فيقول" :كل وألف كل إن السبب هو عمر نفسه .إذ كان يكره عليا كراهة عميقة ويريد
الضرار به والنتقاص من فضله الذي كان كالشمس ف رابعة النهار ".
إن البحوث الجتماعية تالف هذين الرأيي معا .فالرأي الول تافه ل يعتد به.
فليس من السهل على شخص واحد ،مهما كان عبقريا ف دهائه وحيلته ،أن يعبث بالسلم ذلك العبث الائل ،دون أن
يصده صاد أو يعاقبه أحد.
أما الرأي الثان فهو سخيف ل تقره وقائع التاريخ فلو كان عمر يكره عليا كرها شديدا لا تزوج من ابنته ولا ولّى
أصحابه ف الوليات الهمة.
ل ننكر أنه قد حدث شيء من الصومة والنابذة بي علي وعمر بعد وفاة النب مباشرة ،لسيما ف حياة السيدة
فاطمة.
وقد أشار إل ذلك كثي من الؤرخي .ولكن ذلك كان أمرا مؤقتا انتهى بوت فاطمة كما هو معروف.
حيث يقول بعض الغلة :إن عليا كان يداري بعمر من باب التقية وأنه رضي بتزويج ابنته منه بعد أن هدده عمر
تديدا شديدا.
وذهب بعضهم إل القول بأن عمر ل يتزوج ابنة علي بالذات ،إنا تزوج امرأة من الن على صورتا بينما كانت
ابنة علي ل تزال ف بيت أبيها عذراء.
إن هذه القاويل يكن أن يتحدث العوام با ف القاهي ،ولكنها غي جديرة أن تطرح على بساط البحث العلمي.
الواقع أن عليا وعمر وأبا بكر كانوا من حزب واحد ،وهو حزب الثورة الحمدية.
ولذا وجدناهم يناوئون قريشا ويفضلون عليها سلمان الفارسي وبلل البشي وصهيب الرومي.
أما ما حدث بينهم من خصومة طفيفة ف يوم من اليام فل يستوجب أن يكون شعارا لناع اجتماعي عام يقتل
الناس فيه ويتلعنون.
من القائق الت يب أن يفهمها هؤلء الغفلون :أن عمر وعليا كانا من حزب واحد واتاه متقارب.
ول يستطيع أي مؤرخ أن ينكر أن أصحاب علي أيدوا عمر ف خلفته كما أن أصحاب عمر أيدوا علي ف
خلفته.
200
كتاب عمر والتشيع
فالصحابة الذين اشتهروا بالتشيع لعلي كانوا ف عهد عمر عما ًل وقُوادا يأترون بأمر الليفة ويدمون السلم
بالتعاون معه.
نص بالذكر منهم :عمار بن ياسر وسلمان الفارسي والباء بن عازب وحذيفة بن اليمان وسهل بن حنيف وعثمان بن
حنيف وحجر بن عدى وهاشم الرقال ومالك الشتر والحنف بن قيس وعدى بن حات الطائي.
وعندما سافر عمر إل الشام ولّى عليا مكانه ف الدينة.
وند من الناحية الخرى أن الذين بايعوا عمر وآزروه ف خلفته هم أنفسهم الذين بايعوا عليا بعد ذلك وقاتلوا
تت رايته.
بايع عليا أكثر الهاجرين والنصار .وهذا أمر ل مال للشك فيه .وقد صرح علي غي مرة أنه بايعه الذين بايعوا
أبا بكر وعمر من قبل .فلم يرد عليه أو يكذب دعواه أحد.
يقول اللوسي :إن ثانائة من أصحاب بيعة الرضوان كانوا يقاتلون معاوية تت راية علي ف صفي .وقد قتل
منهم ثلثائة.
وأصحاب بيعة الرضوان هؤلء هم نبة الصحابة وقوام الهاجرين والنصار.
وقد حدثت بيعة الرضوان ف عام الديبية حيث جدد الهاجرون والنصار بيعتهم للنب وعزموا على الوت.
وهم إذن يتلفون عن أولئك الناس الذين دخلوا السلم بعد الفتح وكان كثي منهم منافقي ،حيث أسلموا رهبة
أو رغبة.
إن هذه الوثائق التاريية الصارخة يب أن تكون موضع نظر لدى الشيعة وأهل السنة.
وعليهم أن يفهموها قبل أن ينشغلوا بدلم العقيم الذي ل طائل وراءه.
ماركسي وعلمان ..ونوذجه عمري !.
وجدت ف حياة شقيقي هادي العلوي أكثر من عشرين خصلة مستلهمة من تراث عمر بن الطاب ،عثرت عليها
فيما بعد أثناء دراست له.
أوشك هادي أن يزق ستائر منل ف الشام ،كما مزق عمر ستائر يزيد بن أب سفيان يوم قدم إل الشام.
201
كتاب عمر والتشيع
ورفض هادي أن يركب معي ف سيارت ،قائلً :إن عمر بن الطاب كان يرم على نفسه ركوب البذون ،وهي نوع من
المي والبغال العالية والدربة والفضلة عند الغنياء ،وقال :إنا تقابل الرسيدس ف أيامنا هذه ،ولو كان عمر حيا لا فضل غي
السيارات الروسية ،ولرّم امتطاء السيارات الفارهة.
وجاءن مرة طالبا أن أشتري منه كيسا من الرز البسمت المتاز الذي اعتاد أن يبعثه صديقه من البحرين فيتقبله
على أل يدخل بيته ويفرض عليّ شراءه بثمنه ما يزيد على ( )300كيلو من الرز التايلندي الشعب ،ليوزعه على
عوائل عراقية ف حي السيدة زينب على أن أقوم أنا بالتوزيع ،وهو معي.
وكان يقول للسلميي هناك :لاذا ل توزعون بطونكم وتتشبهون بعلي إن كنتم من مدرسة أهل البيت .ول
أقول عمر لبعده وبعدكم عنه؟ .وكان يشي بذلك إل رواية تقول :إن عمر بن الطاب كان يذهب إل القصاب الذي
يدير (ملحمة) كبية تابعة للزبي بن العوام وهي الوحيدة ف الدينة ،فإذا رأى رجلً اشترى لما يومي متتاليي ضربه
بالدرة قائلً:
أل طويت بطنك لارك وابن عمك؟.
ل مر ًة أن استنسخ على اللة الكاتبة نسخا من تعاليم عمر وتعريفه بأصحاب الكروش كما يسميهم
وطلب إ ّ
الاركسيون ،وهم البطانون بصطلح العرب.
أيها الناس إياكم والبطنة عن الطعام فإنا مكسلة عن الصلة ،مفسدة للجسم ،مورثة للسقم وعليكم بالقصد ف
قوتكم ،فإنه أدن من الصلح.
ويذكر ابن الوزي كما يقول الصلب أن عمر رأى رجلً عظيم البطن ،فقال :ما هذا؟ قال :بركة من ال.
فقال عمر :بل عذاب من ال.
وكان الواهري يستلهم عمر بصب العذاب على تلك الكروش ف قصيدته.
(أطبق دجى):
يُطّها شـحمٌ مـذاب أطبق على هذي الكروش
وينتقد هادي العلوي موقف أغنياء التشيع ومؤسساتم الدينية إزاء العراقيي الذين أخرجوا من ديارهم بغي حق،
فانتزعت أموالم ونبت ملتم التجارية ،وشرّد الخرون لسباب سياسية فتشاركوا العيش ف غرف مظلمة ف حي
202
كتاب عمر والتشيع
السيدة زينب بالشام .وكأنم دخلوا ف سنواتم إل عام الرمادة الستمر سوى أنم رعية بل راع ،وفقراء بل عمر،
وشيعة بل علي .وكأنه يشـي إل موائـد عمـر ف عام الرمادة ،الت اتسعت لعشرة آلف ،فضلً عن ( )50ألفا
يرسل إليهم الطعام ف الدينة ،فيما عشرات اللف من العراقيي ل يدوا ف رمضان مايكسرون به الصوم ف ساعة
الفطار .وموائد مثلي بعض الرجعيات الدينية ،ل ترقى إليها سوى موائد المويي ف عزّ خلفتهم.
وهادي العلوي يطبق على نفسه معتقداته الفكرية ،فإذا دوّن نصا ف الزهد سارع إل الخذ به ف حياته البسيطة،
وكان يقرّ بنظرية القدوة .والنموذج الشع والؤثر ف الجتمع .ويعطي لعمر بن الطاب نصيبا أوفر للنموذج الاذب
وف أباثه النظرية تلتحم السي الحمدية مع بعضها ف ثلثية أب بكر وعمر وعلي.
يقول ف كتابه "خلصات ف السياسة والفكر السياسي ف السلم":
فهناك نصوص تتحدث عن تفاعل أحادي بي الدولة والجتمع يترتب عليه تغي متناسب ف أخلقية الشعب باتاه
السياسة الرسية السائدة .ويدث التغي من خلل تأثي ميكانيكي يعتمد على فكرة النموذج والقدوة.
وعن ابن الثي يقول هادي العلوي:
كان الوليد بن عبد اللك صاحب بناء واتاذ الصانع والضياع ،فكان الناس يلتقون ف زمانه فيسأل بعضهم بعضا
عن البناء .وكان سليمان صاحب طعام ونكاح فكان الناس يسأل بعضهم بعضا عن النكاح والطعام .وكان عمر بن
عبد العزيز صاحب عبادة فكان الناس يسأل بعضهم بعضا عن الب :وماوردك الليلة وكم تفظ من القرآن وكم
تصوم من الشهر..؟
يريد ابن الثي من هذه الكاية ،الت ل تلو من مبالغة ،تأكيد تبعية سلوك الناس للخليفة ،بوصفه قدوة لم.
والتبعية هنا مباشرة وبسيطة تتمثل ف ملحظة سلوك الليفة والقتداء به عن وعي وقصد .وترجع فكرة القدوة إل
وقت مبكر ،وقد نص القرآن على ضرورة القتداء بالنب(ص) كأسوة حسنة للمؤمني ،تبصرهم بأبعاد السلوك الثال.
وهناك تصور مقارب يرد ف روايات من عهد عمر.
ففي الطبي :لا جيء بسيف كسرى ومنطقته وزِبرِجه إل عمر قال :إن قوما أدوا هذا لذوو أمانة ".فعقب علي بن أب
طالب " :إنك عففت فعفت الرعية".
203
كتاب عمر والتشيع
ويتردد رأي ف نفس العن يقول ابن سعد وابن الوزي :إن عمر كتب به ف جلة وصاياه إل عماله .وإحدى
صيغه تقول ":إن الرعية مؤدية إل المام ما أدى المام إل ال ،فإذا رتع المام رتعوا " وتصدر هذه اللحظات عن
فكرة القدوة ،فرجل الكم إذا كان نزيها لزم الناس ذ ومنهم السؤولون الثانويون -جانب العفة .وإذا كان سارقا
فلنا أن نتوقع أن يكون الناس سراقا مثله (هل يتاج العرب العاصر إل دليل نظري على صحة هذه القاعدة؟).
وهنا ترتد سياسة السلطة على الجتمع ،فتكسبه صبغتها الاصة با .بذا العن ترد عبارة ينسبها ابن شعبة إل
علي بن أب طالب تقول ":الناس بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم."..
الليلي والشرقي والواهري :
إن حركة التنوير ف سللت التشيع العراقي العاصر ل تتوقف عند الدكتور علي الوردي الذي ظهرت كتاباته ف
وقت متقارب مع العلن الشيعي الول الفريد الصادر عن الرجع الكبي ممد حسي كاشف الغطاء ف كتابه (أصل
الشيعة وأصولا) ف مطلع المسينات ،حول مبايعة المام علي الشيخي والعمل الشترك معهما.
ولو أتيح لباحث أن يتخصص بذا القل لتسعت أمامه فرص الكتابة لتشمل باحثي وشعراء كجعفر الليلي والشيخ
علي الشرقي والؤرخ هاشم معروف السن ،والشيخ عبد ال النعمة ومسن المي العاملي ف لبنان.
ل وضع موسوعة العتبات القدسة ،وصارت مرجعا للدراسات الدينية والكاديية ،لكنه ل
إن جعفر الليلي مث ً
يوفق ف تعميم نوذجه الستقل ف الوساط الدينية الت كان قريبا منها.
أما الشيخ علي الشرقي ،وهو فقيه وكان أستاذا للجواهري ،وابن عمته فلم يقترب من الناعات الطائفية ،وبقي
بعيدًاَ عن منهج نقد الصحابة ،وكان يرى من الفضل للجيال القادمة ،وللمجتمع السلمي العاصر أن ينأى عن
دوران الديث حول اللفات الت حصلت ف العصور السلمية واجترار روايات الناع قائلً:
وخل واقعة المل دع عنك مروان المار
والنحل تعمل للعسل للسع نعمل دائما
أرأيت مزرعـــة البصـل بلـــدي رؤوس
؟ كــــله
204
كتاب عمر والتشيع
أما الواهري ،أهم شاعر ف تاريخ العرب العاصر ،وهو نفي من سللة فقهاء ،فقد نأى بنفسه عن تداول لغة
الناع ،وتأخذ الوزات العلمية عليه أنه ل يلتفت مرة خلل ثاني عاما من تربته الشعرية إل القبب الذهبية حوله
فيشي إليها بقصيدة أو بيت أو شطر.
وف استقرائي الاص ،أنه كان يفضل أي مدينة ف العال على مدينته ومسقط رأسه النجف ،ما حدان إل إثارة
هذا الانب ف جلسة تلفزيونية نقلت من بغداد عام ،1969واشترك فيها علمة النحو الكوف الدكتور مهدي
الخزومي ،والشاعران شاذل طاقة وشفيق الكمال ،وكاتب السطور بالضافة إل مدير اللسة ،إذ قلت:
إن الواهري نفي عاق ،وعقوقه هي الت أنبت شاعرا من هذا الطراز .وبشكل عام ،فقد ترر الكتاب
القوميون واليساريون الشيعة من عقدة عمر ف مياثهم الطويل ،كما تاوزتا دوائر الصراع ،ونأى عنها ف وقت
مبكر ،الزعيم السياسي ورئيس الجمع اللغوي العراقي الشيخ ممد رضا الشبيب وشقيقه الشاعر ممد باقر الشبيب
والدكتور عبد الرزاق مي الدين ،وهم ف دائرة التشيع الدين لكنهم ل يقتربوا من تدوين ذلك ف كتاب أو مقالة.
205
كتاب عمر والتشيع
جهورية المين العلوية والتجربة العمرية
ف تاريخ الفقه الشيعي الديث ينفرد الفكر الفقيه اليران شيخ السلم ممد حسي النائين نزيل النجف ف
العراق برأي خطي ،وهو يدلل على مشروعية تول غي الجتهدين للسلطة السلمية ،فيقرر ،كما يقول الفكر
السعودي الشيعي توفيق السيف() ،ترجيح رأي الول النوعي ،ف مال عمله ومشروعية عمله تبعا لترجيحاته اذا كان
مأذونا ف الولية.
إن الول النوعي القصود هنا هو صاحب الكفاءة ،الذي يتول عمل من أعمال الدولة ،فيكون صاحب اختصاص
فيه .وهذا مشابه لا ذهب إليه قليل من الفقهاء الذين اشترطوا البة النوعية ف صاحب الولية مثل كاشف الغطاء
والمين.
وف هذا الرأي اعتراف ضمن ،وإن ل يُصرح به بصواب نظرية عمر بن الطاب ف اعتماد (غي الجتهدين) ولة
وأمراء من يطلق عليهم الشيخ النائين ف رسالته الثية( :تنبيه المة وتنيه اللة) الول النوعي .ويفهم الدكتور توفيق
السيف أن البة النوعية ف أمر الولية مقدمة على الجتهاد ف الفقه بالعن التداول مع الحتياط ونيل الذن من
الفقيه العلى.
أصدر عمر بن الطاب بعد الطاحة بالسللة الكسروية ،أمرا أبلغه سعد بن أب وقاص يستصفي ماكان لل
ل معهم من الدهاقي والقادة ،من أموال ،ووجد عمر كما يقول ممود شلب ف كتابه حياة عمر،
كسرى ،ومن ّ
طبقتي ف بلد فارس ،عالية شامة ظالة تتلك كثيا .وأغلبية مستضعفة ل تتلك شيئا ،فصادر أملك آل كسرى
وأملك الكباء والمراء والدهاقي ،فأصبحت تلك الملك ملكا للدولة ،ل يوز التعامل فيه ،ول بيعه ،ولشراؤه،
حبسا على منفعة الناس ،وكانت تلك من قرارات التأميم البكرة ف تاريخ البشرية ،كما اعتب الراضي الزراعية
الؤمة ملكا خاصا للدولة يعمل فيها الفلحون القدماء أنفسهم ،وجعل النافع العامة من ماري الياه وسلك البيد
ملكا عاما أيضا.
206
كتاب عمر والتشيع
وأقول كشاهد ومراقب لتاريخ الثورة السلمية ف إيران ،إن المين طبق هذه الجراءات عند إطاحته بنظام
كسرى بذافيها ،فصادر متلكات السرة الكسروية ووزع أراضي القطاعيي على الفلحي ،وجعلها أملكا للدولة،
رغم أن صعوبات واجهته من داخل الؤسسة ف الضي بشروع الثورة الزراعية.
ليس تشابه التجربتي والرحلتي ،وكلتاها أدت لتحويل بلد فارس من نظام كسروي إل نظام إسلمي ،مقتصرا
على السلوك الاص والسمات الشخصية كالورع والزهد والتواضع وإنا ف تشابه الجراءات كما أسلفنا.
ونضيف أن المين ل يوصِ بدور لبنه ف خلفته ،وإنا ترك المر لجلس الباء ،الذي يشبه ملس الشورى
عند عمر ،وكما أُبعد عبد ال بن عمر عن دور أساسي ف اختيار اللف ،أبعد أحد المين عن دور له حسب وصية
والده.
وتوف عمر ،ول يترك إرثا لحد من ابناءه ،وهو الذي كانت عليه عائلة المين بعد رحيله.
وعلى ما كانت عليه مهابة عمر وعلو مكانته مؤسسا لول دولة عربية بالارطة الالية للوطن العرب ،وعلى ما
فيه من شجاعة ونفوذ ،فقد سحت بعض قوى العراق وملت بغدادية بعله شخصية كاريكاتورية ،ومادة للكوميديا
الاهلية ،تغري الصبيان والسوقة بتسخيفه والضحك عليه ،سُمح أيضا ،وف البلد نفسه ،لن يتحول المين بتقواه
ومهابته وشجاعته وزهده وعزمه ،إل مادة للكوميديا ،ف مسرحيات يشترك فيها سقطة القوم بسفسان الكلم.
ولو كان المين ف دوره هذا فقيها عربيا سنيا ،وثورته ف بلد عرب سن ،لنعمت المة بعصر جديد من العصور
الحمدية العلوية ،وقد أحال بينه وبي هذا اللم أنه إيران ،والنطقة عربية ،وشيعي والنطقة سنية ،ولذا كنت أكرر
القول ف نشاطي السياسي والعلمي ،إن حرب النيابة المريكية لتحجيم ثورة المين ل تكن ضرورية ،فهذه الثورة
مجمة بالعاملي إياها ،ومددة الركة بدود إيران ،وبالجم السكان للمسلمي الشيعة ف الحيط السن الواسع.
وف التام سيكون العتراف أو السؤال :بأن المين ،مادام من أتباع المام علي ،فلم جعلتم مشترك إجراءاته
شبيها لسنة عمر ونجه ،ولاذا قد أقحمنا عمر فيها.
فأقول :إن الواب هو السؤال فحيثما كان الفقيه ملتزما بالسياسة السلمية ،مقيدا بقيودها ،فسيكون صعبا
تصنيف اتاهات الدولة إل علوية وعمرية ،لتوحدها بتوحد الصدر.
207
كتاب عمر والتشيع
وسيكون ف الوقت ذاته ،سهلً على الصنفي أن ينسبوا النهج السياسي وأسلوب الكم إل أي منهما ،فيكون
مسوبا على المام علي أم على عمر بن الطاب.
وسيكون من باب التوفيق ،والصابة لنهج الكتاب ،وعنوانه ،ومضمونه أن العلوي الالص لوجه ال والحمدي
التصل بعقيدته هو العمري الالص لوجه ال التصل بعقيدته.
وف سوى ذلك ،فالسلمون على نج التنقيص ،سواء كان الستهدف عليا أم عمر.
إن التركيز على هذا الفصل هو خلصة هذا النهج ،الذي يأب التنقصون من الطرفي أن يطلوا عليه بروح
ممدية وبروح الياد النهجي.
ولو كان حكام العراق على هذا الفهم ،أو لو كانوا عمريي ،لافظوا على إبقاء المين ف ظاهر الكوفة ،يقود
السلمي من العراق كما فعل عمر من قبل ،ل أن يطرد إل بلد غي عرب ،وغي مسلم ،فتفقد الكوفة دورا مفصليا
لا ،كان يكن أن يتصل بدورها الول ،وباعتبارها قاهرة الدولة الساسانية.
ل أكن أجهل هذا ونن ف اليام الخية من صلتنا الشتركة مع صدام حسي ،وكان نائبا فسألته هذا السؤال،
وكنا على الدود اليرانية ،لاذا ل ندعم الثورة اليرانية ،وهي تطارد مؤسسات الوساد والنظمات الاسونية والدعاة
السرائيليي هناك .فقال بالنص الرف( :إن ربعك غشون) فمن هم ربعي؟.
ربا قصد بم علماء الوزة التواطئي مع السلطة ،والذين كانوا يهزؤون من المين ونفوذه ،أو من النظمة
الزبية ف النجف الت كتبت لصدام حسي شيئا من هذا القبيل .فلم يتصور أن للخمين هذه القدرة.
وتقضي الصدف ،بلغة علمانية ،وإرادة ال ،بلغة دينية أن تكون مدة ولية عمر على رأس الدولة تتد إل 128
شهرا .وولية المين تتد إل 136شهرا .فيقترب الزمان بالكان وتتقارب التجارب ،ول يترك سوى شهور قليلة
هي بقدر اللف ف الجتهاد بي تربتي عاشتهما إيران ف صراعها ضد السللت الكسروية.
على خطى عمر:
فكما رفض عمر أن تفرش على عباءته ف السجد النبوي تيجان كسرى وصولانه وخزائن الاس والذهب ،رفض
المين أن يقترب من رؤية هذا العرش الرصع بالاس .وكما فضل عمر بن الطاب صحن الزف على الوان
الصنوعة من الذهب والرصعة باللؤلؤ ،فتركها ووزع ثنها للمستحقي ،أو أعادها إل بيت الال ،وجلس على
208
كتاب عمر والتشيع
حصيته ف السجد النبوي ،يقضم كسرة البز اليابس ويرطّبُها بقليل من اللب ف صحن الطي ،جلس المين على
حصيه ف مصلى جران ووجبته وجبة عمر ،وهي وجبة النب (ص) يشارك ابنته وزوجها.
أجل إن عاطفتنا تتسع ،فتقفز من الذاكرة اللتهبة إل شبكة العي صورة رسها الشاعر ممد مهدي الواهري لب
العلء العري ،فخرجت منه ،ومن العري إل من كانوا ظاهرة ف التاريخ البشري ،أنبياء بجم ممد (ص) ،وأئمة
بجم علي ،وخلفاء بجم عمر ،وفقهاء من طراز المين:
وذهنـه ورفوف تمـل الكتبا على الصي وكـوز الاء يرفده
شيخ أطل عليها مشفقا حـدبا أقام بالضجـة الدنيا وأقعـدها
ل منها ومرتقبـا
وشامَ مسـتقب ً بكى لوجاع ماضيها وحاضرها
ج من كان أيا كان مغتصبـا
وش ّ حّنا على كل مغصوب فضمده
وإذا ترأنا على نقل ما تدث وتتحدث به كتب ودراسات لفكرين إسلميي من غي الدرسة السلفية ،وأخرى
علمانية من ضمنها الدرسة الصرية الحايدة ،فسنكون ف مواجهة فقهية صعبة ،وعناوين تتحدث عن اجتهاد عمر بن
الطاب ف أكثر من موضع ،وهي تسي باتاهي متعاكسي.
ل يشيون إل تلك الواضع كأدلة على قدرة عمر على الجتهاد
إن طه حسي وعلي الوردي وهادي العلوي مث ً
وقوته على ماورة النص ،وفهمه الضرورة بطريقته الاصة بينما تسعى كتب الذاهب والفرق للتشهي بعمر وطعنه
بالروج على النصوص الت ل اجتهاد فيها.
وشل اجتهاد عمر منع عطاء الؤلفة قلوبم .وإمضاء طلق الثلث بكلمة واحدة ،ونى عن رواية الديث ،وكان
يأب كتابة السنن ويدرأ الد بسبب الضطرار ،ويأب قسمة الرض ف بلد فارس بي السلمي الذين فتحوها .وله
اجتهاد خاص عزله عن غيه من البلد.
إن الدرسة الصرية أقرب إل العقول والرضا ف تفسي اجتهادات عمر ،من الدرسة السعودية الت تقلل ماوسعها
ذلك من أمر الجتهاد ،وتصره با يعل عمر تابعا مثل غيه خشية من أن يوصم بالبتداع أو البدعة.
أما الدرسة الصفوية فهي تتلقف اجتهادات عمر ،ل للفخر به ،كما يفعل الصريون ،وإنا للتشهي والتجريح
والتدليل على عدم التزامه بنصوص القرآن.
209
كتاب عمر والتشيع
وبالصطلح العاصر يصبح عمر بن الطاب تريفيا عند هذا الفريق!.
وكان فقهاء التشيع ف إيران والعراق قد طعنوا المين بالتحريف ،ولن اللف ف الوزات الدينية يتخذ طابعا
تشهييا ،تطرف بعضهم ،فصار يطالب بتطهي الكأس الت يشرب ابنه مصطفى ،إشارة إل ارتداده عن الدين فتحاشوا
حضور دروسه ومالسه إل القليل منهم.
وف السياق نفسه ،واجه المين بعد الثورة السلمية ف إيران ،خصومات فقهية لدى أغلبية الفقهاء الحافظي
الذين ينكرون عليه إقامة الدولة المامية بغياب (المام العصوم) ،وهم من يصطلح عليهم بـ (الجتية) ،فضلً عن
عامة فقهاء التشيع الذين ل يأخذون بالولية الطلقة للفقيه ،ويصرونا بالحوال الشخصية دون التوسع با.
إن ولية الفقيه حسب النظور المين ،والت يتطي من ذكرها الفقهاء شيعة وسنّة ،هي السم الشيعي الذي
استخدمه المين با يعادل مفهوم اللفة السنية.
فكما الليفة خليفة رسول ال (ص) بعد رحيله ،فولية الفقيه هي خلفة المام الغائب والنيابة عنه .وصلحيات
الول الفقيه والليفة واحدة ،وهي ف الالتي ليست طرازا من الدكتاتورية والستبداد الفردي بأمور الجتمع ،وإنا
مركز سياسي وفقهي ودين ،له حق إرسال الند إل الثغور وحايتها ،وجباية أموال الراج ،والصدقة ،وما إل ذلك
من المور السبية.
ومع تتع الصحابة بق الجتهاد ،يبقى الرأي الخي لا يقره الليفة ،وهكذا المر ف ولية الفقيه.
وعرف اهتمام عمر بشؤون الرعية ،وكان عام الجاعة امتحانا ربانيا وانسانيا لرؤية عمر على الطبيعة ،فجاع مع
جوع الدينة ،واستحال وهو الليفة شخصا من فقرائها ل يأكل ما ل يقدر عليه جياع البدو النازحي من ضربم
القحط والفاف ،فشحب لونه ،ومال وجهه إل الفاف ،وبدا عليه ما يبدو على الياع ف مشاهد التاريخ والاضر
فسمي (ابو العيال).
ول عجب ،فهؤلء هم دفاعه الشعب ومركز قوته بعد ال.
وعلى هذه الصورة كانت حياة المين ،وإن ل ير ف إيران عام الرمادة وكان يقول:
إن الفاة هم أولياء نعمتنا ،ولو عملنا لم العمر بعد العمر فلن نرد لم الميل.
210
كتاب عمر والتشيع
إن الفاة الياع هم القادرون على منع الطغاة من اعتقالنا وسجننا .ومن يعتمد عليهم بعد ال ،فل يفكر بأنه
سيهلك تت وطأة الطغاة.
وف خطبته الول كرر عمر بن الطاب مبدأ القوة والتواضع ،وفقر الاكم ف ثراء الدولة ،وأقسم أن يأخذ الق
من القوي إل الضعيف.
يقول طه حسي ف الفتنة الكبى:
"إن سنة عمر جرت على أن يسمع من الرعية كل ما يعيبون على ولتم ،بشهد من هؤلء الولة والعمال ،أو
من يغيب منهم ،وكان يقق كل ما يرفع إليه من ذلك ،تريا للعدل وإبراء لذمته أمام ال والناس".
وهذا أسلوب يأخذ به أهل الديقراطيات الغربية تت قبة البلان ،أو ف صحف تنبه وتترك التحقيق لؤسسات
القانون ،وكان عمر يترك الولة يعملون فياقبهم بعيونه وبؤسسة البيد.
أما المين ،فيقول الفكر والرجع السلمي ممد حسي فضل ال ف كتاب ثورة الفقيه ودولته الذي ساهم
كاتب السطور بتدوين فصل مع كتاب آخرين :إنه أي المين كان يترك للمسؤولي أن يعيشوا تربتهم ،وكان
يراقبها ،فإذا أخطأوا ف موقف أو كلمة أو ما أشبه ذلك كان ينبههم.
ومن اليابيات الكبية الت تسجل له أنه كان ينبههم إل ذلك من خلل الشعب أو ف الواء الطلق ،ول يكن
ينبههم ف السر ،حت يتعلم الشعب أن ل يعيش الجاملت وأجواء ماوراء الكواليس ،بل كان يؤمن بالوضوح .فلما
كان واضحا مع الناس .كان يريد للمسؤولي أن يكونوا واضحي معه .وكان يريد أن يكون واضحا مع الشعب ف
تنبيه السؤولي على أخطائهم.
وف سياسة التعيينات ينهج المين أسلوبا مرّ برحلتي فقد أختار ف أول المر التكنوقراط والليباليي وأهل
الدارة ،وإن ل يكونوا من قدامى السلميي ،فاختار الليبال مهدي بازركان لرئاسة الوزراء ،وبن صدر لرئاسة
المهورية ،وإبراهيم يزدي للخارجية ،ففشلت التجربة ،فعاد إل الدوات السلمية من رجال الثورة ليكونوا على
رأس قيادات الدولة ومراتبها التقدمة.
ولعل شجاعته ،كما يقول السيد فضل ال ،أنه كان يتراجع عما يتبي فشله من خلل التجربة.
211
كتاب عمر والتشيع
لعل السيد ممد حسي فضل ال يشي إل مبدأ ف سياسة المام علي يقدم على عدم حجب السرار عن الرعية،
وكان المام علي يفتح ليشه وأصحابه قلبه ،فل يفي عليهم شيئا ما يفكر القيام به ،مادام يواجه التصدين ،وهو ما
كان عليه عمر بن الطاب الذي أثار مناقشة القضايا حت الستراتيجية منها ف جلسات مفتوحة على أرض السجد
النبوي ف الدينة.
أقول :لو وضعت هذه الفقرة ونسبت إل عمر بن الطاب ،أما كانت سليمة ،سوى أن تراتب الرحلتي متلف،
فقد بدأ عمر بن الطاب بإسناد الوليات والمارات لصحاب القدم ف السلم ،فعي عمار بن ياسر على الكوفة
وسلمان الفارسي على الدائن ،ث اكتشف بالتجربة أنم ل يكونوا حازمي وحاسي ف ضبط متمع يرج إل الياة
الديدة من بي قسوة القحط وعنفوان القبيلة ،فاستبدلم بالتكنوقراط من يتلكون مهارة قريش وتربتها ف الزعامة
والدارة والقيادة .كالغية بن شعبة ويزيد بن أب سفيان وعمرو بن العاص ،فابتلي عمر على عمره .لتعيينه التأخرين
ف السلم ،مثلما ابتلي المين ف الدرسة الليبالية ،أنه استبدل أهل الدراية والتجربة بأهل التقوى ودعاة الثورية.
انتقدت مصادر متلفة أن يزج عمر بيشه إل الثغور ف ظروف صعبة ،ما أوقع ف جيشه خسائر بشرية شلت
قادة كبارا كالنعمان بن مقرن والثن بن حارثة .ومصادر كثية انتقدت المين ،أنه زج بأتباعه لواجهة غي متكافئة
مع قوى اليش ،فمشت الدبابات على أجسادهم.
أما عمر فقد تعهد ف وقت مبكر من استلمه السؤولية للناس أن ل يلقيهم ف الهالك ول يمرهم ف الثغور،
لكنها الرب ،فالذين يقتلون هم ليسوا ضحايا سياسيي حصدتم أجهزة عمر وسلطته .وف حالة الثورة المينية
كانت تعاليم المين تركز على الواجهة الباشرة بي الشعب اليران ،وسلطته الكسروية بدل من طرق ثورية أخرى
تستخدم الغتيال السياسي وتفجي الؤسسات وتفخيخ السيارات.
212
كتاب عمر والتشيع
المام علي يذر من اغتيال عمر
هل استشرف المام علي مصي صاحبه الذي ستقتله بلد فارس ،فحذره قبيل معركة ناوند عام 21للهجرة،
من التوجه إل أرض اليدان وقيادة جيش الفتح ،وتصي الدن الفتوحة لواجهة حركة انتقاض فيها أوشكت أن تدد
مركز الكوفة؟
لقد أصغى عمر بن الطاب لرأي المام ،وأخذ به ،وأنت أمي العرب وأصل العرب فإذا اقتربت منهم اشتد
َكلَبُهم عليك ..وانفرط العقد والنظام! وكأن مسامع الرمزان الذي كان حاضرا ف السجد النبوي قد اتسعت مرتي
للتقاط النذار ،ولعله فكر بطريقة أيسر ،فإذا ل يذهب زالطلوبس سنذهب إليه ،ولاذا نذهب؟ ونن على بعد
ذراعي منه غي مروس ،وغي مسلح ...وخفق النجر السموم غي خفق الدرة!.
أما عمر فلنه تصص باستبطان العرب وقادتم ،فلم يكن يول أي َحذَر سيأتيه من سب فارسي أنقذ رأسه من
التدحرج تت قدميه ،ول سيخيفه مول من عبيد قريش ،والذر الفترض سيتجه إل سادة قريش ،وليس إل عبيدها!!
وقد طغى على سريرته حسن الظن بن أحسن بم الظن ،فيصرع فاتح العراق ،والدائن ،وميديا وخرا سان وبيت
القدس ،وبرقة ...بنجر ،ل يستطل هامته الديدة ،ول استطال قريباَ من القلب ،فأصاب إصابة ف النصف السفل،
وهي الدود السفلى لبغى الغتيال.
النطفة القاتلة
ل نظن باحثا سيضيف إل دراما مقتل عمر الحكمة اللقات بعد أن أغلق عثمان بن عفان ملف الغتيال بهارة
مشهودة ،وأفرج عن عبيد ال بتسديد دية الرمزان ،الذي ل يكن له ول أمر فصار الليفة الديد ول أمره.
وقاتل عمر بالجاع التاريي هو فيوز أبو لؤلؤة الجوسي مول الغية بن شعبة ،وأداة القتل خنجر مسموم له نصلن
ومقبض من الوسط .وسبب القتل العلن عدم انتصار عمر له ف شكواه من ثقل الضريبة الت يتقاضاها منه الغية بن شعبة،
والسبب الجمع عليه أن أبا لؤلؤة ثأر لبن قومه الفرس الذين غلبهم عمر وأخذت جيوشه نساءهم أسرى.
تبدو حادثة اغتيال عمر شبيهة باغتيال الرئيس المريكي جون كنيدي عام ،1963إذ قتل القاتل ول يعرف
خيوط الرية بعد نصف قرن وما زال من وراء القاتل مهولً.
213
كتاب عمر والتشيع
وف مقتل عمر ل ير تقيق مع شهادة الشاهد عبد الرحن بن أب بكر أنه رأى الرمزان مع جفينة ،مول لسعد بن
أب وقاص ،جاء به من العراق وكان نصرانيا مع أب لؤلؤة ورأى الشاهد خنجرا يسقط على الرض هو ذاته الذي
استخدم ف قتل عمر .ما يعده عباس ممود العقاد سيناريو مؤامرة مطط لا .فثار عبيد ال بن عمر عند ساعه كلم
عبد الرحن بن أب بكر فقتل الرمزان وجفينة وبنتا صغية لب لؤلؤة.
ووجه الشبه بي اغتيال عمر واغتيال كنيدي ورود رواية ف أكثر من مصدر تشي إل شخص يدعى ذو البنس
العراقي وقد خرج من مكان ما ليضع البنس فوق أب لؤلؤة ،وكأنه يصطاده كما تصاد السمكة بالشباك ،وانتهى المر
بالقول إن أبا لؤلؤة قتل نفسه لنه أحس بأنه سيقتل.
يكن الشك بأن ذا البنس هو الذي قتل أبا لؤلؤة ،أما من يكون هذا فليس لنا من الدلة ما يساعدنا على
كشف هويته ،وهناك احتمالن كلها يرتبط بخطط الغتيال.
إما أن يكون من قريش أو أن يكون مكلفا من قبل ذات الجموعة الفارسية الت خططت لغتيال عمر بقتل
القاتل.
وف نظرنا أن حادثة الغتيال تتد إل أبعد ما ذهب إليه الستاذ العقاد والقائلون بنظريته.
وأغلب الظن عندنا أن اغتيال عمر يرتبط بركة فارسية مضادة بدأت عام 21للهجرة ،بانتفاضات ف ناوند
واصطخر ومناطق أخرى نح فيها الفرس من إخراج الدارة العربية ،فاضطر عمر بن الطاب إل إعادة فتحها،
وبقيت مناطق قلقة ،ول يض على الوجود العرب سوى ثلثة أعوام ف بعض الناطق ،وعام ف مدن أخرى ،وهي مدة
غي كافية لتثبيت الستقرار وقد تركت مدن كثية على موسيتها مقابل دفع الزية.
وكان اغتيال عمر ،سينعش الركات الضادة هناك والبدء بانتفاضات لعادة النظام الكسروي ل سيما وأن أحد أهم
أمرائهم وهو الرمزان موجود قريبا من عمر وهو عقل استراتيجي ومطط ،ولعله هو صاحب فكرة اغتيال عمر بن
الطاب ،ول تكن شهادة عبد الرحن بن أب بكر عابرة.
هـل شاركت قريش بقتله؟
يقول بعض الباحثي بسؤولية قريش الحتملة باغتيال عمر ،وقد أثقل عليها وأرهقها وأخذها من حلقيمها ،وما
كان غيه قادرا على تطبيع قريش وترويضها.
214
كتاب عمر والتشيع
وهي وجهة نظر فيها كثي ما يغري القارئ الخذ با ،ومن أهم من أشار إل مسؤولية قريش الدكتور علي
الوردي ف كتابه (مهزلة العقل البشري) وهادي العلوي ف كتابه (الغتيال ف السلم).
يقول الوردي:
إن عمر انتهج سياسة خاصة للعطاء حسب منلة الرجل ف الدين وسابقته ف السلم وجهاده ف سبيله ،فغضبت
قريش لنا أخر الناس إسلما وأقلهم سابقة فيه ،وبقيت قريش تكره عمر وتكره خلفته حت قتل ,ويقال أنا هي الت
حرضت على قتله.
يقول هادي العلوي متشككا بدور لقريش ف اغتيال عمر ،إن خيوط مؤامرة خفية تتجمع ف ممل ما يروى ف قصة
اغتيال عمر قد تكون حيكت من خارج الجموعة الفارسية الصغية الت اتمت بالتواطؤ مع القاتل.
ولعل عبيد ال بن عمر كان مطلعاَ ،أو على القل متحسسا بلبسات من هذا القبيل حي هدد بقتل آخرين قال
إنم اشتركوا ف الرية ،إذ صح ما نقله الطبي.
وقد حال السراع بالقبض عليه دون تنفيذ تديداته ،وبالتال أدى إل كتمان أساء كان يكن أن تظهر للعلن مع
لعان سيف الولد الوتور..
ولكن لاذا ل يتفوه عبيد ال بذكر هذه الساء بعد أن قبض عليه.؟ هنا قد ند أنفسنا أمام سر آخر يتعي علينا
كي نستشفه أن نعرف من كان يقصدهم عبيد ال بالتهديد.
وهم ف حالتنا هذه أحد ثلثة :قريش أو أنصار علي بن أب طالب ،أو ورثة وأعوان سعد بن عبادة .وكان هؤلء
الثلثة قد استقطبوا ف جبهتي متخاصمتي ستخوضان حربا أهلية بعد قليل ،تضم الول قريشا وتضم الثانية الفريقي
الخرين .وقريش هي الت استلمت اللفة ف شخص عثمان ،وهي الت احتجزت عبيد ال وتكمت فيه.
وبالتال فلو أنه كان يقصد بتهديده الفريق الخر ،فقد كان من مصلحتها أن ل يسكت لكنه وقد سكت ل بد
أن يكون القصود بالتهديد رجال من قريش وبالطبع فإن قريش ،الاكمة ،تلك القدرة على إسكاته.
وثة عامل هام يفترض أنه أثر على موقف عبيد ال وهو مطالبة علي بن أب طالب بإعدامه لقتله الرمزان ،وكان
علي يصدر ف هذه الطالبة عن موقف شرعي بت.
215
كتاب عمر والتشيع
وعلي معروف بعدم مرونته ف هذا الانب ،وقد ل ف مطالبة عثمان بعد استخلفه بإعدام عبيد ال إل أن حسم
عثمان القضية بتخريج قانون قال فيه إنه ،أي عثمان ،ول الرمزان لن الرمزان ل ول له (يقصد ليس له أقرباء
يطالبون بدمه ،وف هذه الالة يكون الليفة هو الول) وإنه بالتال قد تنازل عن دمه وقرر العفو عن قاتله.
وهكذا وجد عبيد ال نفسه ف حاية قريش والمويي بالخص فكان من الطبيعي أن ينحاز إليهم ويعتب قضية
والده منتهية إل هذا الد.
ل مال مع ذلك لي قدر من الزم بنتيجة قاطعة .وإن كنت للح من الضجيج الذي أثاره القدماء والتأخرون
من رواة التاريخ حول هذه زالرية الفارسيةس دورا ف التميع والتستر رأينا له منذ عشرين سنة مثالً ف تقرير لنة
وارن المريكية حول ملبسات اغتيال جون كنيدي رئيس الوليات التحدة ،الذي دخلت سياسته ف تعارض الفئات
الكثر تطرفا ف قيادة المبيالية الميكية.
ومعروف أن هذا التقرير ل يفعل رغم لغته القانونية الحكمة أكثر من إلقاء ضوء أسود على الساء الت وقفت
وراء القاتل الفرد إوز والد.
وبقدر ما بقي الكشف عن قتلة كندي الصليي شبه متعذر قد يكون بقي كذلك بالنسبة لقتلة الليفة الثان
للمسلمي ...على أننا لنملك حق البت ف القيقة التالية ،وهي أن مقتل عمر قد استجاب لصال اجتماعية إن ل تكن
هي الت دبرت قتله ،فإنا كانت الستفيد الوحد من هذه العملية ،وأنه ليبدو لنا الن دون أن ند حافزا إضافيا
لواصلة الطخ على أب لؤلؤة الجوسي ،أن الفاتح العظيم قد ذهب ضحية متومة لتلك الفارقة الكبى (الت
تكررت أيضاُ ف خلفة علي بن أب طالب ،وانتهت إل الصي الماثل الذي سنقصه بعد قليل) بي سياسة تقوم على
الفتوحات أي بناء إمباطورية وتسعى ف الوقت نفسه لقامة نظام داخلي ف توزيع النهوبات يقوم على التساوي
بل ويسعى لصادرة أموال الغنياء (قادة الفتح ومؤسسي المباطورية) وتوزيعها على النود...
إن من يفكر ف الساواة ،وف أي إطار كانت ،ل يستطيع أن يبن إمباطورية ،ول شك أيضا أن من يبن
إمباطورية ل يسعه أن يسلك سلوك عمر.
216
كتاب عمر والتشيع
لقد خلق عمر بذه السياسة الزدوجة تناقضا ل يكن مكنا حله إل باستخلف عثمان بن عفان ،وهو اليار
الوحيد الذي أمكن معه لتاريخ السلم أن يأخذ مساره اللحق ،ول يكن خنجر أبو لؤلؤة غي الرافعة الت اختارتا
السية لزاحة عقبة ناشزة ف مراها.
الشيعة وحادثة الغتيال:
ينحدر علي الوردي وهادي العلوي من أسر شيعية رغم علمانيتهما ،لكن الستشهاد بما ل يصلح اعتباره موقفا
شيعيا .إن الوقف الشيعي يضع هو الخر لنقسام الؤرخي بي القطيعة والشاركة.
وطبيعي أن يكون دعاة الشاركي ميالي إل الرواية الصادق عليها ف التاريخ السلمي العام ،والت أخذ با ممد
حسي هيكل ف كتابه (الفاروق) والعقاد ف عبقرية عمر والوردي والعلوي.
وينلق دعاة القطيعة برويات شاذة ،لو أخذ با لوضعت الصادر العربية للتاريخ ف مرقة النفايات ولهتزت
السس العقلية والنفسية للقارئ العرب وعلقته بتاريه السلمي إذ يصل الروي عند العلمة ممد جيل حود ف
كتابه (إفحام الفحول) إل القول بأن مقتل عمر جاء بإرادة إلية وبطعنة نافذة من أب لؤلؤة رضي ال عنه بسبب
تاوزه على عرض المام علي واليلولة اللية دون تقيق زواج عمر من أم كلثوم.
وينحدر التخيل إل قيعان القطيعة فيقدم الشيخ الذكور رواية على لسانه بأن المام علي ربا كان هو الذي أمر
بقتل عمر بن الطاب.
وكأنه يريد أن يضع المام عليا ف الطرف الساند لنتفاضات الدن الفتوحة ،والمد ال أن ل أقرأ ف مكان آخر
مثل هذه الشهادة الت ربا يكون الشيخ حود قد استقاها من مصدر ليس بعيدا عن نطفة أب لؤلؤة.
شهادة مؤرخ شيعي معتدل:
وسيكون الريء والديد معا أن يتبن مؤرخ شيعي معتدل ومافظ هو السيد هاشم معروف السن النظرية
القائلة بسؤولية قريش ف اغتيال عمر كما جاء ف كتابه (سية الئمة الثن عشر) ما يلزمه العتراف الضمن والرد
الصريح على كتاب القطيعة ومنهم الستاذ الحامي الردن أحد حسي يعقوب ،وقد جعلوا عمر بن الطاب رئيسا
للتحالف القرشي ضد أهل البيت وزعيم الواجهة ضد النب وواضع السس الول لقامة الدولة الموية.
217
كتاب عمر والتشيع
إن معن اتام قريش بقتل عمر أو الشاركة ف اغتياله أن الليفة كان على نج آخر غي نجها ،فيسقط منهج
التسويغ الفقهي لدانة عمر ،وكأنه اعتراف بحمديته ف مواجهة قريش ،وعدالته وصدق الروي عنه ف كتب التاريخ
وضعف القائلي بالقطيعة ،وكانت قريش الت قتلت السي بفرعها الموي ،هي ذاتا الت قتلت قبله عمر بن
الطاب ،فكيف سيواجه الؤرخ الشيعي هذا الشكال؟.
استخدم السيد السن أفعال الحتمالت وأفعال الشكوك وأسند العتراف بفضائل عمر باستخدام الفعل البن
للمجهول مثل قيل عنه أو بإسنادها إل الانب السن واستخدام أفعال مثل تظاهر عمر بذلك.
لكن النتيجة كانت لصال عمر الذي ظهر ف هذه الشهادة الت سننقل نصها يتمشى على خط ممد (ص)
وقريش ما فتئت تكيد له.
ل أشك أن قراءا كثيين سيضيقون ذرعا بذا النص ،وقد ل يتقبلون صياغاته ومضامينه ،والفترض بؤلء القراء
ل مع نص ل يستطيع مؤرخ رسي شيعي ملتزم أن يذهب إليه فكيف إل أبعد منه؟
أن يتريثوا قلي ً
زإن الؤرخي القدامى والحدثي يروون قصة وفاة عمر بن الطاب ول يقفون عند أسبابا وملبساتا ،بينما
ياول بعض التأخرين من الكتاب أن يضعوا حولا أكثر من علمة استفهام ولكن بتحفظ لعدم توفر الدلة الادية على
التآمر والتخطيط لغتياله.
وعندما يعود الباحث إل السباب الت أدت للحادث ،ل يد عند الؤرخي سببا سوى ما يدعونه من أن الليفة
ل يتجاوب مع أب لؤلؤة ف تفيض الضريبة بعد أن عرف منه أنه يتقن أكثر من صنعة ،وهذا السبب بنظري بعيد
للغاية ،إذا كان للضريبة من تأثي على حياة العبد من الناحية القتصادية فمن اللزم أن يقد على موله وينتقم لنفسه
منه ،لن الضريبة تعود لصال الغية موله ول شأن للخليفة با ول هي تعود إل بيت الال ليكون المر منها إل
الليفة نفسه ،لذلك فإن أرجح أن تكون أسباب الرية أبعد من ذلك ،ومن غي الستبعد أن تكون داخلية ومن صنع
أولئك الذين ضيق عليهم عمر بن الطاب ،ول تتسع صدورهم لزمه وصلبته ورقابته الدائمة لميع تصرفاتم،
وكان يتظاهر ف الشطر الخي من حياته بالتقشف والعطف على الفقراء والصراحة ف ماسبة ولته ،على ما كان
يبدر منهم من التصرفات ما يتيح لحبيه أن يطروه بالعدل ويضربوا المثال بعدله ،وبلغ من السطوة واليبة حت دانت
له رقاع واسعة من المصار ،كان من ف أقصاها ياف درته ،وهو ف الجاز ،ولقد قال عمرو بن العاص يوما :لعن
218
كتاب عمر والتشيع
ل لعمر بن الطاب ،وال لقد رأيته وأباه على كل واحد منهما عباءة قطوانية ل تتجاوز
ال زمانا صرت فيه عام ً
ركبتيه وعلى عنقه حزمة حطب ،ورأيت العاص بن وائل ف مزرارة الديباج ،كما كان الغية يقد عليه أيضا لنه
عزله عن البصرة بعد اتامه بالزنا وشهود الثلثة عليه ،وقد درأ الد عنه لن الشاهد الرابع زياد بن عبيد ل يكن
صريا ف شهادته ،وكان كلما رآه بعد ذلك يقول له :كلما رأيتك خفت أن يرجن ال بجارة من السماء.
على أن رواية عبد الرحن بن أب بكر تدل على اشتراك جفينة غلم سعد بن أب وقاص ف الرية ،وسعد بن أب
وقاص ل يكن على صلة حسنة بابن الطاب ،هذا بالضافة إل نبوءة كعب الحبار بالرية قبل وقوعها ،وكعب هذا
كان على صلة متينة بالغية بن شعبة وجيع النافقي الذين ل يهمهم إل الدم والتخريب.
وما كان لعبد ملوك ف تلك الفترة من تاريخ السلمي أن يقدم على جرية من هذا النوع تز الدولة الت دانت
لا رقاع واسعة من المصار ،لجرد أنه ل يتوسط له من موله بتخفيض الضريبة عنه ،كما يدعي الؤرخون ،ول يكن
ذلك إل نتيجة لعمل مدروس ومتفق عليه بي هؤلء الذين ثقل عليهم وجود الليفة ،وكانوا يضمرون له العداء
والكراهية وكان هو بدوره يفاجئهم با يسيء إليهم.
إن أبا سفيان استطال حياة عمر بن الطاب وخاف أن تتطور المور لغي صالهم ل سيما بعد الصاهرة الت تت
بي علي (ع) وعمر بن الطاب ،وبعد التصريات الت كان يعلنها ابن الطاب ف مالسه ،وف ماوراته بق علي بن
أب طالب كما ذكرنا بعضها ،وقوله :حق لثله أن يتيه وال لول سيفه لا قام عمود السلم ،وهو أقضي المة وذو
سابقتها وشرفها ،وقوله :إن وليها حلهم على كتاب ال وسنة رسوله وقوله لمي الؤمني :أما وال لقد أرادك الق
ولكن أب قومك ،إل غي ذلك من تصرياته الت تركت عامة الناس يظنون أنا لن تعدوه ،وبل شك فإن الزب
الموي كان من أبرز العاملي ف هذا التاه وذلك كله يؤكد بأن اغتيال عمر بن الطاب كان نتيجة مؤامرة
مدروسةس .
وعن موقف المام علي من خلفة عثمان يقول السيد السن ،با ل يرتاح إليه دعاة القطيعة:
ز لقد وقف علي (ع) بي تلك الماهي الت احتشدت ف ذلك اليوم ياطبهم بالنطق السليم ،الذي اعتاد أن
ياطب به الناس ،ليكشف لم الط الذي سيمضي عليه ف هذا العهد الديد ،فقال :أيها الناس لقد علمتم أن أحق
219
كتاب عمر والتشيع
الناس بذا المر من غيي ،أما وقد انتهى المر إل ما ترون ،فو ال لسلمن ما سلمت أمور السلمي ،ول يكن جور
إل علي خاصة التماسا لجر ذلك وفضله وزهدا فيما تنافستموه من زخرفة.
وهكذا سال أمي الؤمني (ع) وبايع لعثمان كما بايعه الناس ومضى ف السبيل الذي اختاره لنفسه يعمل ما وسعه
العمل ف سبيل الصال العام ،ل يبخل عليهم بآرائه ،ول بكل إمكانياته إذا أرادوها ف سبيل السلم وانتشاره كما
سال وساير من كان قبلهس.
220
كتاب عمر والتشيع
الشهد الخي:
علي وعمر ف حقائب الصراع
يرج سؤال من مبس اللسان ،عن فاعلية النقسام ،وانشقاق ثنائي حيوي وناشط ومتحرك منذ مطلع التاريخ
الجري ،حت قرنه الرابع عشر .وهل كان ما حصل ف يوم السقيفة عنيفا بيث استمر اللف حيا .وحضارات
قامت ،وأخرى نامت ،وحروب كونية ومواثيق سلم ،ومؤترات عالية ،وانيار إمباطوريات الشرق .وظهور قارات
جديدة وقوى عالية .أحصت دموع الطاط ف الغابات الستوائية ،وحفرت ف مناجم إفريقيا مناجم الذهب،
واستخرجت النفط من أعماق الربع الال ،ومن أعماق البحار ...والسلمون يتقاتلون على حق الولية بعد رحيل
نبيهم صلى ال عليه وسلم! ويأخذ الصراع شكل اللواء البدي بي اثني من بناة الشروع السلمي منذ سنواته
الول!
أغلب الظن أنا حيوية السلم ،توجب حيوية خصمه وميطه ولو كان السلم خاملً مثل كثي من الديان
الاملة ف أقصى الشرق ،لا أثار اهتمام الضارات والمم ،ولا استمرت أحداثه الول حية ونشطة حت أيامنا هذه.
لكنها فتنة القتتال ترج من داخله والطائفية مالا الذي يتذب صراع الدول إليها .وليست هي وليدة
الستعمار العالي الديد ،وقد ولدت قبله بأكثر من ألف عام؟!
قد ل تكتشف ظاهرة ،أن الطائفية ف العراق ،هي ليست صراعا عقائديا ول مذهبيا ،ول هي من صراع
الفكار.
إن الطائفية ف العراق شكل من أشكال الصراع على السلطة ،فهل ينبغي إلغاء السلطة للغاء الطائفية أم توزيعها
على مستحقيها على قواعد يتفق عليها.
أظننا اقتربنا من حاشية الشكال ،فالتوزيع الرديء وغي العادل للمواقع العليا والمتيازات زوالقائبس
مسؤول إل حد كبي عن تردى الوضاع الجتماعية ف هذا البلد وامتداداته العربية السلمية.
حدث ذلك ف العراق البيطان السن.
ويدث الن ف العراق المريكي الشيعي.
221
كتاب عمر والتشيع
فهل سينتهي اللف برحيل البيطانيي والمريكيي أم ستكون الواجهة أشرس وأضرى؟.
إن توزيع السلطة سيكون باهظ الكلفة ،وصعبا ما دام يس القائب ،والصال الباشرة :باعتبار السلطة ،مصدر
المتيازات الكبى ،وسيتشبث أي فريق ،سن سابق أم شيعي لحق ،بقائب المتيازات مستعينا بالعوامل الباحة
وغي الباحة ،على مستوى ملي وإقليمي ودول .وبسبب ذلك كان للعاملي الخيين دور ف صناعة القرار
دائما ،أما الحلي فمن السهولة إدخاله إل معادلة الصراع على المتيازات ،فهذه القائب الوزارية هي حصة عمر بن
الطاب ،وهذه القائب الوزارية هي من حصة علي بن أب طالب ،وأن السياسيي مرد وكلء أمناء على المانة .فهل
يوز لرجل السلطة ف العراق البيطان أن يضحى بصة عمر بن الطاب وأب حنيفة؟
وماذا يقول الشيعي ف العراق المريكي للمام علي وللمام جعفر الصادق ،لو أنه تنازل عن حقائبه إل غريه
السن؟!
وكان علي بن أب طالب ومعه أهل البيت ،هم الذين ل يوافقون على إمعان النظر ف توزيع السلطة با يعل
العراقيي يعيشون بسلم!.
فإذا استحال تقسيم السلطة على قواعد العدل والنصاف وصعب ذلك على السنة ،ما قبل سقوط نظام صدام
حسي ،وإذا ما أستأثر الشيعة بالصة الكبى بعد السقوط وصعب عليهم تقسيم السلطة على قواعد الوفاق الوطن
والشاركة وليس الحاصصة الرقمية ،فإن الل السلم ،هو تقسيم الدولة ،حت تتوفر سلطة خاصة لكل طرف ف
دولته الاصة ،وقد يكتفي أحدهم بأربعة سنتيمترات لتشكل عاله الكبي ،فيغمس فيها إبامه ويبصم جيناته على وثيقة
الستقلل!
وسيشعر عمر بن الطاب بارتياح ل يشعر به عند فتح ناوند ،وسيفرح المام علي فرحه برؤية صاحبه الذيفة بن
اليمان رافعا لواء السلم ف تلك الدينة.
لقد أقحم رجال السلم ومؤسسو دولته الكبى ليتحملوا مسؤولية إحدى مكوناتا ،وتقسيم دولة قتل من أجل
تريرها الثن بن حارثة ،والنعمان بن القرن ،وعمر بن الطاب.
ما السبب أذن؟!
هل هي حيوية النطفة الت قتلت عمر؟ أم هي حيوية عمر وكلها موجود ف التاريخ ومقيم ف الاضر؟
222
كتاب عمر والتشيع
إن القاعدة القانونية ف الشرائع الوثنية والسماوية واحدة إزاء حادثة القتل ...فالقتيل طالب ،والقاتل مطلوب!.
والقتيل هنا ،هو عمر بن الطاب ،والطلوب هنا هو عمر بن الطاب ،وهي مع أنا غرست ف أمعائه نصلي من
السم ،فما تزال النطفة ذاتا تترافع لتجري القتيل على النابر وف الجالس والدارس ،وفوق مذهبات الكتب والوراد
منذ ألف وأربعمائة وأربع سنوات!.
وما موقع المام علي ف هذه الرافعة الدائمة ،وهو قامع النشقاق منذ يوم السقيفة؟.
أتراها شخصية المام هذه الرة وموحياتا الروحية تثي السى والزن والغضب ،لفقده اللفة الول مع حصوله
على المامة الول؟ ولاذا ل يظهر الوجوم والتجهم على مياه الكري ،وتظهر آثار حزنه على وجوه أتباعه البرة بعد
أربعة عشر قرنا؟.
أن العروض التاريي المي يتحدث عن ثنائية مشاركة بي علي وعمر ،فكيف استحالت بعد رحيلهما إل رحاب
اللد ،إل ثنائية كراهية وخصومة ل تنقطع؟!
ولاذا الصومة كبى ف العراق ،والشيعة ف الوار يعيشون حياتم الطبيعية ويعيشها أهل السنة.
أهو الوار اليران التركي؟ ربا كان ذلك صحيحا ،لكن قبل مائة عام! وإذا توقفنا قليلً ،سنجد هؤلء
الؤسسي من رجال السلم الول ،وقد صيوا أوراقا انتخابية ،ولفتات للناخبي ،فيوضع فاتح خيب على لئحة
الرشحي ،وفاتح بيت القدس على لئحة القاطعي!
وليتهما مكثا عند صناديق القتراع ...ل حيث تمل صناديق الديناميت ،وصناديق الوتى.
أغلب الظن أنا حيوية السلم وشخوصه ف العصر والكان أوجبت حيوية خصمه وانفعال ميطه .ولو كان
خاملً شأن كثي من أديان الوار ،لا آثار اهتمام الضارات والمم ،ولا استمرت أحداثه حية ونشطة ف سلبها
وإيابا .
لكنها فتنة القتتال ترج من داخله ،والطائفية جاذب آل وذات الركة ،لصراع الدول ،وليست ،هي ،كما
نوهم أنفسنا وأجيالنا ،وافدا غريبا تسلسل إل بلداننا على غفلة منا! ولربا ولدت قبل مولد الدول الستعمارية
الديثة بألف عام هجري ،وارتبطت كالستعمار العالي بالصال الدولية وقواني الصراع ،وهي ساعدت الدارة
223
كتاب عمر والتشيع
الستعمارية ،على تدوير شؤونا وتسهيل خياراتا ،ومن الطبيعي أن تستفيد السياسات الحلية من عامل قوي ومؤثر ل
تستخف بفاعليته إمباطوريات قدية وجديدة .
وف العراق وميطه ذ أحيانا ذ تبدو الطائفية شكل من أشكال الصراع على السلطة ،وليست انقساما اجتماعيا،
إنا النقسام ناجم أصلً من هذا الصراع .فجرى توظيف ثنائية الضد العلويذ العمري ذ لتوفي مسوغات شرعية
للستئثار بالسلطة والصول على حقائب وزارية ،ستوفر لامليها حلم الوصول السهل للمتيازات العسية !.
وبذه البساطة أصبح عمر بن الطاب ورقة سياسية ،والمام علي ورقة انتخابية .وكل منهما مرد لفتة معلقة
على خرائب التقاتلي .وأدخلت ثنائية عمر وعلي ف طريقة التوزيع الردىء وغي العادل لمتيازات السلطة.
حدث ذلك ف العراق البيطان السن القرار ،ويدث ذلك ف العراق المريكي الشيعي القرار.
ولن التنازل عن القائب الوزارية باهظ الكلفة ،وتوزيع السلطة على أسس العدل والنصاف سيؤثر على حجم
النافع من اليازات السياسية والجتماعية والالية ،فقد يصبح توزيع الدولة ،إجراءا قابلً للعمل به وشعارا يطرح على
التباع الهددين بالوت والوف من الوت .وسيوفر أكثر من سلطة للمتصارعي عليها ،مادام توزيع الدولة أيسر من
توزيع السلطة !.
أما التشاهر ف خطاب اللعنة الوجود ف التاريخ ،والقيم ف الاضر ،فقد تيسرت له سبل النتشار الفضائي،
واختُرقت حصانات التاريخ ،وحقائق الوية ،فتصبح الكوفة ججمة العجم ،ورأس الكفر.
وف منهج التلعن ،تستعيد القطيعة حيويتها ،وتترق القاعدة القانونية ،الت أجعت عليها الشرائع الوثنية
والسماوية ،ول يعد القاتل مطلوبا ،والقتيل طالبا على جانب الصراع .ففي فقه اللف العاصر ،القاتل هو الطالب ،
والطلوب هو القتيل! .والنطفة الت قتلت عمر بن الطاب ما تزال تترافع على تري القتيل ف الجالس والدارس
وعلى مذهّبات الكتب ،وشاشات الفضاء .والعصبة الت تقتل الفقراء الباحثي عند الفجر عمن يشتري قوة عملهم
بقوت أطفالم ،يُفجَرون بفخخات الجاهدين! .الساعي إل ترير العراق ،رافعي لواء الفاروق عمر بدعم فضائي
لتجري الضحايا بعد أن ُخوّل مذيع الفضاء صلحية القاضي ،الذي يصدر الحكام على الواء ،وعمر يُقتل ف العراق
عند كل صورة متلفزة مرتي!.
224
كتاب عمر والتشيع
مرة بناهج القطيعة ،وحيوية النطفة ،ومرة بناهج التكفي وحيوية الفتوى ،فيوضع مرر العراق وفاتح بيت
القدس على لئحة التام ..وليت المام الول والليفة الثان يكثان عند صناديق القتراع ..ل حيث تمل صناديق
الديناميت ،فتلتحق با صناديق الوتى.
وف الناعات الطائفية ،توري العقول والذهان ،فتقدح بأفكار جديدة وأساليب عجيبة ،وينجح الشيعة العراقيون
بعد الحتلل المريكي ،ف عرض مشهد جذاب للرأي العام العالي ،ومؤسسات الجتمع الدن ،كدعاة مشاركة
متحمسي لصناديق القتراع ،وسن دستور دائم بعد أكثر من أربعي سنة على إلغائه عام 1958م ،وأتباعهم يتحاشون
أن يوسوا مساحب الدم ف طريقهم إل صناديق القتراع ،والطرف الخر مصمم على القطيعة وضرب القترعي
وصناديق القتراع با يتيسر له من القنابل البشرية ،ما ترك انطباعا عن الانب الشيعي لدى الرأي العام العالي ،لسيما
ف الغرب ،قد يصحح لديهم النطباع السائد ،والذي تركته الثورة المينية ،ف عنفوانا العادي للغرب ،ث تبنته
تنظيمات سنية على رأسها القاعدة ،حيث ل يتورع أتباعها عن الوقوف أمام عدسات النترنت ،وقد يمل التابع
القاعدي بأطراف أصابعه ،رأسا مقطوعا من شعره فيضع الرأس ف سطل مليء بالدم ،ويظهر هؤلء التباع ف مشهد
ينقله موقع القاعدة على النترنت ،لرجال ملثمي يذبون على الواء إنسانا متطفا .وقد تصور عمليات خاطفة ،لحراق
حاملت النائز مع من فيها من أحياء ،عند منطقة «اليوسفية» وهي مضارب لقبيلة أخوال كاتب السطور.
لقد تعثرت القاعدة ومعها الكثي من سنة العراق« ،بطب استعماري» ومصيدة ماهرة .ل بأس أن نطلق عليها
مصطلح «تبشيع الصم» ف الرب النفسية لتأليب الجتمع الحلي والدول على «ارتكابات الصم» ونشرها برية
النشر على الرأي العام العالي .ما يسهل للخصم الول تنفيذ برامه العسكرية وهو ف غمرة الرب المريكية على
السنة ،لعل الغي التوحش على قرى الطي وكأنه يرش البيدات الزراعية ،على القول ! فلم يتحرك الشارع العرب
ذو الغلبية السنية الطلقة احتجاجا على رشوش الصواريخ العملقة فوق سقوف مصنوعة من جذوع النخيل ف
بلدات الفرات العلى وحت توم الفلوجة ..ولو تذكرنا للحظة رد الفعل العرب على قصف بور سعيد والساعيلية.
أثناء العدوان على مصر ف حرب السويس 1956م ،وقارنا ما كان عليه الشارع العرب والبيت العرب ،والوجدان
العرب ،مع ما حصل ف الرب على الفلوجة و النبار ،وحديثة ،لقتنعنا قليلً بأن القصور ل يتصل بالة النكماش
225
كتاب عمر والتشيع
القومي وظاهرة التراجع العرب الطويل ،فحسب ،بقدر ما يتصل بالناتج العلمي لنظرية «تبشيع الصم» والمارسات
الت تللت لا وجوه الذيعات وأصابع الشاركي الرحبي بشاهد الرؤوس القطوعة ف براميل القمامة.
إن نظرية تبشيع الصم ،أخذت با إسرائيل منذ حرب فلسطي الول عام ،1948وكنت قد سألت اللواء
طاهر الزبيدي .معاون قائد القوات العربية ف تلك الرب ،وقد عاش أيامه الخية وحيدا ف داره بدينة اليموك ،عن
ترير إشاعة كان العراقيون يتفاخرون با ،وتقول :إن اليش العراقي كان إذا ألقى القبض على يهودي ،وضعه ف
مرجل من الاء الغلي حت يتفسخ لمه ..وعظامه! قال اللواء الزبيدي ربا كان القصد تويف اليهود ،فقلت ،ولكن
اليهود يعرفون أن ذلك ل يدث ،وأن الدارة السرائيلية كانت تسعى لرساء مفهوم أنا تارب العرب باعتبارهم
متوحشي ومصاصي دماء ،وتأت الشاعة العراقية الت ربا خرجت ف سياق الرب النفسية لتدعم منهج اليهود ف
الرب مع العرب ،وذلك بتبشيع صورتم أمام الرأي العام العالي ،والغرب الذي تعتمد على دعمه وتأييده بالدرجة
الول.
يبدو أن ما حصل من ذبح على الواء ،وحرق جنائز على الطريق ،كان نوذجا متازا لتصوير العارضة السنية با
ب يقي ومصادق عليه ومنشور بإرادة فاعليه.
صور به العرب ف الروب السرائيلية ،لكنها هذه الرة خ ٌ
لكن جهات سنية عراقية لا عراقة ف السياسة الدنية ،كالزب السلمي ،والسلميي الستقلي والعلمانيي
السنة ،الذين ل تعد لم قوة مساوية ،لموح القاعدة قد تداركوا هذا النلق ،وصححوا العادلة وعادوا بالسنة إل
مياثهم الطويل ف إدارة السلطة ،بذكاء وخبة ،فأعلنوا مشاركتهم ف الستفتاء على الدستور ،والدخول ف العملية
السياسية ،وما يترتب عليها من التزامات وماطر ،صونا لياثهم الدن ،فلم يتفهم موقفهم العادل والطي ،ل رجال
القاعدة ،الذين يفتقرون إل تارب العمل الدن ،ول الشيوخ الؤيدون لسلوب القاعدة ،فضلً عن حساسية الانب
الشيعي التزاحم على السلطة ،والذي كان عليه أن يستوعب بصدر أوسع هذا اليار العراقي السن ،فيتنازل أو
يتواضع عن شروط الوار مع هذا القادم إل السلم الهلي ،من بي أنقاض الثث .فحصر السنة القادمون إل العملية
السياسية بي فكي الصراع .
ومن جانب آخر فقد تسبب استهداف القاعدة العماريات السلمية الشيعية ،وتفجي ضريح المامي علي الادي
والسن العسكري ف سامراء ،ف تأجيج عاطفي وطائفي ،لدى قوة شيعية كبية كانت تاول الوقوف على الياد ف
226
كتاب عمر والتشيع
الصراع الطائفي .فاندفع التيار الصدري وجناحه العسكري جيش الهدي إل ميدان القتتال با لديه من حشود بشرية
ومساحات جغرافية تيط ببغداد ،ففقدت اللوجستية السنية أهم مراكز قوتا.
وكان الناتج العام قد ألقى بظلله السوداء على عموم أرض السواد ،لكن الأزق الكب مابرح ياصر الزب
السلمي والعلمانيي السنة من يسميهم الدكتور علي الوردي «ربع عمر» الذين ل يعودوا قادرين على الواصلة
السلمية ول قادرين على القاطعة ،الت تلي العراق من قوة التوازن الت با تنتصب قامته وتنتظم خطواته .
ومن جانبنا فما زلنا ننتظر لظة اللقاء بي ربع عمر وربع علي ،ليعودوا إل الصلة ف السجد النبوي ،
ويستكمل ثانية عشر ألف صلة مشتركة بي علي وعمر هناك.
وبذلك يتتم الُلم القَصي...
227
كتاب عمر والتشيع
الفهرس
الهداء5 ------------------------------------
أول الكلم7 -----------------------------------
الكرادة والكتاب9 ---------------------------------
ثنائية الكتاب11 ----------------------------------
السفر إل إبن حنتمة15 -----------------------------
الباب الول كونية عمر البية والدولة والرعية
ف وضح البية23 ---------------------------
جاذبية العروض التاريي25 -------------------------
الكون البي26 ---------------------------------
فت عكاظ30 -----------------------------------
قامته تربو على مترين31 ----------------------------
هل وأد ابنته31 ----------------------------------
البية أم الندية32 -------------------------------
أسلم على طريقته البية :بالصوت أم بصدمة الصوت35 -----------
مناقشة الرواية39 --------------------------------
رقم اسلمه 41 --------------------------------67
دولة الشروع الحمدي43 ---------------------------
عبقري السقيفة45 --------------------------------
الذر من شبح القيصرية47 --------------------------
228
كتاب عمر والتشيع
سياسة التعيينات50 -------------------------------
الستبطان العمري وتوزيع السؤوليات54 ------------------
الستفادة من الباء55 -----------------------------
إلزام الوال بالكشف عن أمواله56 -----------------------
ينع دخول الولة والمراء ليلً 56 -----------------------
يول الوال إل راعي غنم 57 -------------------------
نظرية منع التراكم57 ------------------------------
عمر والعارضة السياسية58 -------------------------
مناشي عمرية ضد أمراء الدولة 60 ----------------------
مظاهرة على بابه61 -------------------------------
الطباق العمري62 --------------------------------
خلفة السلم الهلي65 ------------------------------
مفهوم جديد للدولة ونظام سياسي خاص66 ------------------
سياسته القرشية
عمر وعثمان71 ---------------------------------
السلم وقريش73 --------------------------------
حلقيم قريش77 ---------------------------------
عمر وخالد بن الوليد81 -----------------------------
الغية وأم جيل83 -------------------------------
عمر ومكمة نورنبغ للب سفيان 84 -------------------
عمر والسلفية85 ---------------------------------
مستطرف الرعية
229
كتاب عمر والتشيع
احترام الكرامة النسانية91 ---------------------------
إعفاء العيل من خدمة العلم 91 ------------------------
أبو العيال ياطب الذاهبي إل الثغور92 --------------------
يوع ما جاع الناس 92 ----------------------------
عزل الصابي بأمرض معدية94 ------------------------
يفظ عروبة السيحي حت لينفره من السلم 94 -------------
عهد عمر للنصارى ف بيت القدس95 --------------------
سفط ناوند96 ----------------------------------
خضياء الوال96 --------------------------------
ينع زوجاته من السياسة 97 -------------------------
ينع التشهي بشارب المرة 98 ------------------------
ينفي الوسيم البطران!98 ----------------------------
ينع ثياب اليطان99 ------------------------------
يفضل لغة الصحافة99 ------------------------------
جرائم النس ف عهده101 ---------------------------
النس والشاهي102 ------------------------------
أربعة خلفاء وأربعة دعاوى 104 ------------------------
العفو عن الرمزان104 -----------------------------
سياسته العلوية
علي الؤسس ل الستشار109 -------------------------
ف يوم السقيفة111 -------------------------------
الفقه الشترك115 --------------------------------
230
كتاب عمر والتشيع
المام علي يقترح على عمر :التاريخ الجري 119 --------------
المام علي يؤيد مصصات لعمر119 ----------------------
علي ينصح بذهاب عمر إل فلسطي119 -------------------
المام علي ل ينصح عمر بالذهاب إل بلد فارس120 ------------
عمر يبسط رداءه للمام علي122 ------------------------
عمر يقبل رأس المام علي123 -------------------------
عمر للمام السي :انتم على الرأس123 -------------------
عطاء أهل البيت ف عهده125 -------------------------
عمر والعلويون ضد الجتثاث126 ------------------------
المام علي يرثي عمر130 ----------------------------
أحد عشر عاما و 18الف صلة 130 ---------------------
عمر والعراقيون
العراق العمري135 --------------------------------
الكوفة ججمة العرب139 ----------------------------
أهل الكوفة ليسوا عراقيي! 143 ------------------------
نلة العراق أم زيتون الشام144 ------------------------
الثالب الليلة
الجتهدات العمرية 147 -----------------------------
يستهدي بالنص لتوليد النصوص148 ----------------------
تري زواج التعة149 -----------------------------
الصلة خي من النوم152 ----------------------------
هل كان الزهد مطلوبا ف ثراء الفتوحات؟153 -----------------
231
كتاب عمر والتشيع
ليس لعمر حكم ووصايا157 ---------------------------
أجلء اليهود والنصارى عن جزيرة العرب159 ----------------
إحراق عمر مكتبة السكندرية161 -----------------------
إبطال الرواية 163 --------------------------------
ل تكن الرواية شيعية164 ----------------------------
شطحات الدرة165 --------------------------------
هل اغتال سعد بن عبادة؟168 --------------------------
العراق ميدان الروب الحمولة!
ميدان مفضل للحروب!173 ---------------------------
عمر ف الروب الحمولة176 -------------------------
عمر ف الرب العراقية اليرانية179 --------------------
استباحة العثمانيي وحصانة الصفويي182 ------------------
فروق طائفية184 ---------------------------------
عمر والصالة العراقية187 --------------------------
ل يبق إمام إل وقتله هذا الضرب189 ---------------------
232
كتاب عمر والتشيع
روزه خون القطيعة! 208 ----------------------------
تشريع قانون لسب عمر 209 --------------------------
الجلسي رائدا211 --------------------------------
أفحام الفحول :الشيخ ممد جيل حود213 ------------------
أبو لؤلؤة رضي ال عنه214 --------------------------
موقف الدولة اليرانية حاليا216 -------------------------
السيد كاظم القزوين :المام علي جليس البيت216 --------------
كسر ضلع الزهراء220 -----------------------------
التنافس على قصور الكوثرية ف النة223 ------------------
القطيعة ستحاصر الشيعة العرب228 ----------------------
مثالب الستبصرين
مثالب الستبصرين233 -----------------------------
روزه خون السوربون
عمر ضال ..وجاهل ..ومعارض للسلم!234 -----------------
الثالب التيجانية!235 ------------------------------
عمر حليف النافقي!238 ----------------------------
التشيع المنوع ف مصر239 --------------------------
النب آدم يبغض عمر!241 ---------------------------
التحولون إل التشيع :والسلم الهلي ف العراق241 ------------
التنويــر الشيعي
الدرسة الصرية245 ------------------------------
فقهاء الشاركة245 -------------------------------
233
كتاب عمر والتشيع
علي شريعت :نظرية النطف الكسروية249 ------------------
عروس الدائن ف الدينة251 -------------------------
شريعت والعسكري254 -----------------------------
ممد باقر الصدر وشريعت257 -------------------------
التشيع العراقي ،والتشيع اللبنان258 ----------------------
عمر بي الجلسي وشريعت260 ------------------------
النهج الصفوي بد ًل من التشيع الصفوي261 -----------------
صاحب نظرية النطف ذ تلميذ المين262 -------------------
منب الوائلي وهوية التشيع265 -------------------------
رواد الضارة العربية من أهل التشيع267 -------------------
الروافض268 -----------------------------------
تنوير شيعي271 ---------------------------------
كسر القطيعة و بواقعية المام273 -----------------------
التشيع العلمان على مذهب الصري
علي الوردي رائدا279 ------------------------------
ماركسي وعلمان ..ونوذجه عمري!282 ------------------
الليلي والشرقي والواهري285 ------------------------
من تارب الشاركة العلوية العمرية
جهورية المين العلوية والتجربة العمرية291 ---------------
على خطى عمر294 -------------------------------
234
كتاب عمر والتشيع
المام علي يذر من اغتيال عمر303 ---------------------
النطفة القاتلة303 ---------------------------------
هـل شاركت قريش بقتله؟305 -------------------------
الشيعة وحادثة الغتيال307 ---------------------------
شهادة مؤرخ شيعي معتدل308 -------------------------
الشهد الخي
علي وعمر ف حقائب الصراع312 -----------------------
الفهرس321 ------------------------------------
-أخبن الدكتور عبد الساتر الرفاعي الذي أشرف على فحص ومعالة هادي العلوي ف مشفى الشامي بدمشق أن
آخر كلمة نطق با قبل دخوله ف الغيبوبة الت انتهت بوفاته يوم 27/9/1998أن الستقبل للحضارة السلمية
وليس للغرب.
-الزوية :ملة ملصقة لا يسمى الن بالادرية ،وهي تقع على ضفة دجلة اليسرى مقابل مبن القصر المهوري،
حيث يلس السر العلق على كتفها حاليا ،وكانت تسمى زاوية السيد خلف جدي لب ،ث حذف الضاف إليه
برور الزمن ،كما هي العادة عند العرب وف هذا الي كان السيد خلف يستقبل الفقيه الشاعر الجاهد ممد
سعيد البوب ف بعض أيام الصيف وقد أعطت هذه الحلة ما يقرب من ثلثائة رجل وامرأة ف عهد الرئيس
صدام حسي.
-الدِرة :بكسر الدال وتضعيف الراء عصا تسمى عندنا ف العراق شطبة كانت تستخدم لفق البقرة برفق على
ضروعها لستدرارها فسميت بالدرة على ما نعتقد وهي نفسها الت يستخدمها الن فرسان اليول ف السباقات.
235
كتاب عمر والتشيع
-العبارة بي الللي وردت ف رسالة إل الؤلف بعثها الدكتور نعمان السامرائي زعيم الزب السلمي عند تأسيسه
عام 1960والداعية السلمي والفكر الكبي نزيل الرياض حاليا والؤرخة ف 2006 /30/1
-السفط :وعاء من قضبان الشجر ،أو خوص النخيل ،توضع فيه الجوهرات والنقود ،وبعض اللبس إذا كان
كبيا .وهو اسم شائع ف العراق ومنه قول الواهري ف امه :تعال الجد ياسفط العِظام!.
-الدقل :يقول الدكتور الصلب ف هامش له أن الدقّل هو التمر الرديء ونقول نن العراقيي أن هذا النوع من
التمور مازال موجوداومعروفا باسه وتنطق القاف (بالكاف) على لجة أهل العراق وهو من النواع المتازة على
عكس ما كان عليه دقل مكران من رداءة وباعتقادي فإن سبب جودته ف العراق ورداءته هناك أنه ومن اسه
ينسب إل دجلة ول يزرع بعيدا عنها فإذا أبتعد جفت طراوته وتقلص حجمه وانكفأ على نفسه انكفاء العاشق
عندما يبتعد عن حبيبه .وقد رأيت ف بلد عربية أخذت الدكل من العراق مثل تونس والغرب والزائر ،فحدث
له هناك ما حدث له ف مكران.
-آية 41سورة النفال
-يدوا :يأخذهم الوجد عليه.
-ف الديقراطيات الغربية يتصدى العاملون ف جعيات الدفاع عن اليوانات للبسي ولبسات الفراء ثأرا للحيوانات
الت تقتل لقتناء فرائها ،وعمر بن الطاب ينع قبل اربعة عشر قرنا رؤية الفراء على أجساد الصلي ف الساجد
-كنت أقرأ على صديق قدي ف الركة السلمية العراقية .عند زيارته ل أثناء ترير الفصول لختبار موقفه من
مسألة التعة ،وهو من أنصار حللا والنافحي عنها كيد أعدائها! حت إذا وصلنا لقولنا هذا ،صعق.وقال وهو
ناصح حقا .إن هذا القول فيه تنٍ على إيران.وإن كنت تتحدث عن خسي عاما سابقا ،وسينسحب الضرر على
إيران السلمية ،وأنت صديق لا .أجبته :وأين الساس والتجريح والساءة ف الديث عن مكان يلل " زواج
"التعة مادامت هذه حللً .أما كان عليك أن تنتصر لب تسمعه عن أمة أو دولة ،أو ملة .تأخذ بللا وتارسها.
أل ترى ف أعماقك احتجاجا عليها .وإ ّل فما هو مبعث اعتراضك على العمل با "حلله ال ورسوله ،وحرمه
عمر بن الطاب؟!"
-يسميه الؤرخون السلمون "يي"
236
كتاب عمر والتشيع
-الروزه خون :فارسية مركبة تعن روضة معناها كتاب الزن ،الذي قد يكون هو كتاب الجلسي ،وخون أي
القراءة.
-ل أكن من متابعي الشيخ الكوران حت حدوث تلك الساجلة بين وبينه على فضائية الستقلة ف رمضان ،2005
وكنت أنكر عليه قسوته على عمر بن الطاب ،ولكن وجدته عالا عميقا ومتحدثا دافئا ،وإن كان مازال شديد
الوطأة على أقرب الصحابة من النب (صلى ال عليه وسلم).
-كقارئ أرجح القول بانتحال اسم ابن قتيبة ،ووضعه على كتاب المامة والسياسة ،والذي ينفرد بنهج تشهيي،
وهو ليس منهج ابن قتيبة.
-من مؤلفاته:
-الراجعات الريانية ،وهي مموعة مباحث تاريية وفلسفية جرت بينه وبي صديقه الديب اللبنان أمي
الريان.
-اليثاق الوطن العرب.
-ماورة بينه وبي السفيين البيطان والمريكي.
-وحقق ديوان ممد سعيد البوب.
-والوساطة بي التنب وخصومه.
-أحد السادة الذين طالعوا هذا الكتاب (البحار) واستمعوا للشريط التضمن لحاضرة ألقاها احد الوعاظ الحترمي
ف الرد عليّ لنن بانكاري لذه الرواية وجهت طعنة غادرة للشيعة (بالطبع الشيعة الساسانية!) يقول هذا الخ
إنه قد التقى بالواعظ الذكور شخصيا وقال له :إن هناك آخرين أنكروا هذه الرواية غي (شريعت)
-لتقتصر الرواية على ابنة واحدة لكسرى ،بل ك ّن ثلث بنات قيل انن توزعن زوجات لبناء المام علي والليفة
عمر بن الطاب .واختلف ف ابن الصحاب الثالث هل كان لب بكر أم لصحاب آخر .وأي من هؤلء هو
قريشي والنطف الكسروية ف رحم مشترك!.
-المر ل يعد على هذه الال بعد أن تول السلطنة ذ الشاه طهماسب وكان مايزال فت ،فمنحت ف عهده أوسع
الصلحيات للفقهاء ،ومنهم الشيخ علي الكركي.
237
كتاب عمر والتشيع
-راجع كتابه القيم ذ ضد الستبداد ،الركز الثقاف العرب ذ الدار البيضاء ذ 1999
238
كتاب عمر والتشيع