Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على سيدنا محمد الصادق الوعد األمين ،اللهم ال علم لنا إال ما علمتنا
إنك أنت العليم الحكيم ،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ،وأرنا الحق حقا ً وارزقنا اتباعه،
وأرنا الباطل باطالً وارزقنا اجتنابه ،واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،وأدخلنا برحمتك في عبادك
.الصالحين
:الدين في أصله نق ٌل والعقل مهمته التأكُّد من صحة النقل ثم فهم النقل
وبعد :فيا أيها األخوة الكرام ،يطيب لإلنسان أحيانا ً أن يتحدث في أصول الدين ،كما أنه في حاجة ماس ٍة أحيانا ً
أخرى إلى فروع الدين ،والمزاوجة بين أصول الدين وبين فروع الدين يعطي تصورا ً شامالً وكامالً لهذا الدين
.العظيم
في ظاهرة خطيرة جدا ً في األوساط اإلسالمية وهي تحكيم العقل بالنقل ،فاإلنسان يتو َّهم أن عقله مقياس ُمطلق
للمعرفة ،هذا كالم غير صحيح إطالقاً ،هناك مجموعة حقائق سوف أحاول أن أعالجها ،لتكون هذه الحقائق
.تمهيدا ً لحقيقة كبرى وهي أن الدين في أصله نقلٌ ،والعقل مهمته التأ ُّكد من صحة النقل ،ثم فهم النقل
يا أيها األخوة ،اإلنسان مخلوق لسعادة أبدية،
اإلنسان مخلوق للجنة ،اإلنسان مخلوق ليرحمه
هللا ،في سعادة متنامية إلى أبد اآلبدين ،اإلنسان
.نفخةٌ من روح هللا ،وقبضةٌ من تراب األرض
علَ ْينَا َربُّكَ قَا َل إِنَّ ُك ْم
ض َ ﴿ َونَاد َْوا يَا َما ِلكُ ِليَ ْق ِ
َما ِكثُونَ ﴾
] سورة الزخرف[ 77 :
اإلنسان ال يفنى ،يفنى جسده ،لكن نفسه باقيةٌ إلى
أبد اآلبدين ،واإلنسان يذوق الموت وال يموت،
ضها السماوات أول حقيقة أن هذه الجنة التي َع ْر ُ
أذنواألرض ،التي فيها ما ال عين رأت ،وال ٌ
سمعت ،وال خطر على قلب بشر ،هذه الجنة ذات
السعادة المتنامية المتعاظمة إلى أبد اآلبدين لها
ثمن في الدنيا واحد ،سأذكر أسماء عديدة ٌ
وال ُمسمى واحد ،ثمن هذه الجنة الضبط ،ثمن هذه الجنة
عز وجل ،ثمن هذه الصبر ،ثمن هذه الجنة أن تطيع هللا َّ
.الجنة أن تطبق منهجه،
ٌ
كائن من مكان، اإلنسان أودع هللا فيه الشهوات ،أي إنسان
بشر تجريحتى األنبياء ،لوال أن النبي صلى هللا عليه وسلم ٌ
عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر ،يخاف،
ويجوع ،ويشتهي ،هو بشر ،لكنه انتصر على بشريته وحقق
غاية هللا من خلقه ،واصطبغ بالكمال اإللهي ،هذا تعريف
.النبي عليه الصالة والسالم
:ثمن الجنة هو التناقض الظاهري بين الطبع وبين التكليف
اإل ْن َ
سانُ َ
ع ُجوال ﴾ ﴿ َوكَانَ ْ ِ
] سورة اإلسراء[ 11 :
:وخلق اإلنسان هلوعا ً
سهُ الش َُّّر ق َهلُوعا* ِإذَا َم َّ سانَ ُخ ِل َ اإل ْن َ
﴿ ِإنَّ ْ ِ
ص ِلّينَ ﴾سهُ ا ْل َخ ْي ُر َمنُوعا* ِإ َّال ا ْل ُم َ*و ِإذَا َم ََّج ُْزوعا َ
] سورة المعارج[ 22-19 :
.فعندنا خصائص للنفس البشرية هذه ثوابت
اآلن هذا القرآن الكريم كالم رب العالمين ،فيه
نصوص قطعية الداللة ،أي تقرأها ،فال تحتاج ال
إلى مفسر ،ال إلى بيضاوي ،وال إلى زمخشري،
وال إلى قرطبي ،واضحة كالشمس ،فالنصوص
والمحرمات ،فالفريضة شرطٌ َّ معنى واحداً ،هذه النصوص متعلقة بالفرائض ً القطعية الداللة التي ال تحتمل إال
ً
أساسي لسالمتك وسعادتك ،والمحرمات عنصر أساسي في هدم سعادتك ،فاإلنسان أحيانا ال يوجد معه ثمن
فواكه ،يعيش شهر من دون فواكه ،لكنه ال يستطيع أن يعيش من دون هواء ،الهواء فرض ،ال يستطيع أن
يعيش بال ماء ،الماء فرض ،أما إذا لم يأكل كرز ال يموت ،في أنواع كثيرة من الفواكه إذا لم يتناولها يبقى حيا ً
يشتر باقة
ِ وال شيء عليه ،ففي أشياء أساسية في الحياة كالهواء والماء والطعام ،وفي أشياء ثانوية ،أما إذا لم
ورد ال يحدث شيء إطالقاً ،يعيش حياة سعيدة جدا ً بال ورد طبيعي ،ففي أشياء كالهواء والماء هذه فرائض،
.الفرائض التي هي شرط أساسي لسالمتك وسعادتك نصوصها قطعية الداللة
حب التملك
:المال شقيق الروح واإلنسان مجبول على ّ
:قال تعالى
س ِارقَةُ فَا ْق َطعُوا أ َ ْي ِديَ ُه َما ﴾
ق َوال َّ
س ِار ُ
﴿ َوال َّ
]سورة المائدة[ 38 :