Vous êtes sur la page 1sur 104

‫األربعاء ‪ 30 ,‬مايو ‪2018‬‬

‫األخالق في ضوء القرآن‬

‫االستاذ الدكتور‬
‫عبد الستار فتح هللا سعيد‬
‫وعلوم‬ ‫التفسير‬ ‫أستاذ‬
‫القرآن‬
‫القرى‬ ‫وأم‬ ‫األزهر‬ ‫بجامعتي‬
‫(سابقا)‬

‫العالمين‪،‬‬ ‫رب‬ ‫هلل‬ ‫الحمد‬


‫والصالة والسالم على سيدنا‬
‫محمد النبي األمين‪ ،‬وعلى‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫أجمعين‪.‬‬ ‫آله وأصحابه‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫‪1-‬معنى األخالق‪ ،‬وضرورتها‪،‬‬
‫وتحديد الوحي اإللهي لها ( ‪:‬‬
‫)‬
‫القوى‬ ‫باألخالق‬ ‫يعنى‬‫ُ‬
‫والسجايا النفسية الراسخة‬
‫أنماط‬ ‫عنها‬ ‫تصدر‬ ‫التي‬
‫السلوك اإلنساني الخارجي من‬
‫خالل إرادة حرة‪ ،‬وهي تمثل‬
‫لإلنسان‪،‬‬ ‫الباطنة‬ ‫الصورة‬
‫لق يمثل الصورة‬ ‫الخَْ‬
‫كما أن ْ‬
‫ًا‬
‫الظاهرة‪ ،‬وكالهما يكون حسن‬
‫أو غير حسن‪ ،‬واألصل في‬
‫لق أن يكون اختيارً‬
‫يا‬ ‫الخُُ‬
‫والجهد‬ ‫بالتخلق‬ ‫يكتسب‬
‫يمدح به‬ ‫والمثابرة؛ ولذلك ُ‬
‫يذم‪ ،‬ويثاب عليه‬ ‫اإلنسان أو ُ‬
‫ْ‪ ،‬فهو‬ ‫َ‬
‫الخلق‬ ‫أو يعاقب بخالف‬
‫فطرة مقسومة محددة ال مدخل‬
‫ٍ فيها وال اختيار‪ ،‬وال‬ ‫ألحد‬
‫يتعلق بها لذاتها مدح أو‬
‫ذم‪ ،‬وال يترتب عليها ثواب‬
‫أو عقاب‪ ،‬على أننا ننبه أن‬
‫هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪ -‬قد فطر‬
‫اإلنسان من حيث هو على‬
‫الخير‪ ،‬وركز في فطرته أصول‬
‫األخالق والفضائل السامية‪،‬‬
‫وركب فيه حب موافقتها وبغض‬
‫مخالفتها‪ ،‬إال من انتكست‬
‫فطرته تحت وطأة البيئة‪ ،‬أو‬
‫ضالل التربية‪ ،‬وإغواء النفس‬
‫والشيطان ونحو ذلك‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫الخلقي‬ ‫واالختيار‬
‫يكون في اتجاه اإلنسان مع‬
‫أصول فطرته‪ ،‬ومقاومة عوامل‬
‫التدلي والتضليل المذكورة‪،‬‬
‫وإلى ذلك يشير قوله تعالى‪:‬‬
‫ها‬‫ََ‬
‫هم‬‫َْلَ‬
‫َأ‬‫ها ‪ $‬ف‬‫َّاَ‬
‫ما سَو‬ ‫ََ‬‫ْسٍ و‬‫نف‬‫ََ‬
‫]و‬
‫َ‬
‫لح‬ ‫َف‬
‫َْ‬ ‫د أ‬ ‫َْ‬
‫ها ‪ $‬ق‬ ‫َاَ‬ ‫ْو‬
‫تق‬‫ََ‬
‫ها و‬ ‫ََ‬
‫ُور‬‫ُج‬‫ف‬
‫ْ‬
‫من‬‫َ َ‬ ‫َاب‬ ‫د خ‬‫َْ‬
‫َق‬‫ها ‪ $‬و‬ ‫َك‬
‫َّاَ‬ ‫ْ ز‬ ‫من‬‫َ‬
‫(الشمس‪،)10-7:‬‬ ‫ه[‬ ‫َ‬
‫دسَّاَ‬
‫واإللهام هو اإللقاء بالشيء‬
‫في النفس‪ ،‬والمعنى أفهم‬
‫ًا‪،‬‬‫جميع‬ ‫األمرين‬ ‫النفس‬
‫وعرفها حالهما‪ ،‬وما يؤدي‬
‫إليه كل منهما‪ ،‬ومكنها من‬
‫اختيار أيهما شاءت؛ فيفوز‬
‫من تطهر من الدنايا‪ ،‬ويخيب‬
‫ومعنى‬ ‫فطرتها‪،‬‬ ‫طمس‬ ‫من‬
‫بالفجور‬ ‫أخفاها‬ ‫ها[‬ ‫]َ‬
‫دسَّاَ‬
‫والمعاصي‪ ،‬واآليات الكريمة‬
‫من‬ ‫قلنا‬ ‫ما‬ ‫بين‬ ‫تجمع‬
‫لإلنسان‬ ‫اإللهي‬ ‫اإللهام‬
‫بمقتضى فطرته‪ ،‬وبين الجهد‬
‫االختياري له في التزكية أو‬
‫التدسية‪.‬‬
‫وواضح أن هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪-‬‬
‫يدعو إلى طريق الخير بما‬
‫وصفه بالتقوى وفالح صاحبه‪،‬‬
‫بما‬ ‫اآلخر‬ ‫الطريق‬ ‫ويكره‬
‫وصفه بالفجور وخيبة صاحبه‪،‬‬
‫ًا‪ ،‬ولكن‬‫ولو شاء لمنعه قهر‬
‫االختيار؛‬ ‫اقتضت‬ ‫حكمته‬
‫ًا‬
‫واألخالق لذلك تمثل جانب‬
‫ًا في الحياة اإلنسانية‪،‬‬ ‫خطير‬
‫بل هي إحدى الخصائص الكبرى‬
‫التي تميز اإلنسان وتجعل له‬
‫حدوده‬ ‫من‬ ‫أكبر‬ ‫ًى‬‫معن‬
‫الحيوانية؛ ولذلك كان لها‬
‫ٌ‬
‫ِقل‬
‫في هذه الشريعة اإللهية ث‬
‫وفق‬ ‫على‬ ‫فصاغها‬ ‫ٌ‪،‬‬
‫عظيم‬
‫االعتقاد‪،‬‬ ‫في‬ ‫اتجاهها‬
‫وبناها على أساس الحقيقة‬
‫والحياة‪،‬‬ ‫للكون‬ ‫الكبرى‬
‫اإلنساني‬ ‫الجنس‬ ‫وغاية‬
‫ومآله‪ ،‬ومهمة وجوده من حيث‬
‫هو خليفة في األرض يقيم‬
‫فيها شريعة هللا ومنهاجه‪.‬‬
‫ويبين القرآن الكريم مهمة‬
‫األخالق الخطيرة مع اإلنسان‬
‫منذ النشأة األولى حين ذكر‬
‫توبة أبينا آدم‪ ،‬وأنه ثاب‬
‫أخالق‬ ‫َض‬
‫ِيّ من‬ ‫ر‬ ‫خلق‬ ‫إلى‬
‫اإليمان‪ ،‬وهو االعتذار عن‬
‫به‪،‬‬ ‫واالعتراف‬ ‫الخطأ‪،‬‬
‫مواله‬ ‫يدي‬ ‫بين‬ ‫واالنكسار‬
‫َا‬‫بن‬‫ََّ‬
‫]ر‬ ‫وزوجه‪:‬‬ ‫هو‬ ‫فقال‬
‫ْ‬
‫ِر‬‫ْف‬‫تغ‬‫ْ َ‬ ‫ن َلم‬‫ِْ‬ ‫َا و‬
‫َإ‬ ‫َنف‬
‫ُسَن‬ ‫َا أ‬ ‫ْن‬
‫لم‬‫ََ‬
‫ظ‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫َّ‬
‫ونن‬‫ُ َ‬
‫َك‬‫َا َلن‬ ‫ْن‬ ‫ْح‬
‫َم‬ ‫تر‬‫ََ‬
‫و‬ ‫َا‬‫َلن‬
‫(األعراف‪،)23:‬‬ ‫َ[‬‫ِين‬‫ِر‬ ‫ْ‬
‫الخَاس‬
‫فكان لهما في ذلك النجاة‬
‫القرآن‬ ‫ويقارن‬ ‫والقبول‪،‬‬
‫الكريم هذا الخلق الرضي‬
‫بخلق مضاد له وهو االستكبار‬
‫واإلباء عن أمر هللا ‪-‬عز وجل‪-‬‬
‫الذي أهلك إبليس وطرده من‬
‫رحمة هللا تعالى على سعتها‪.‬‬
‫تحديد األخالق‪:‬‬
‫على أن من فضل هللا علينا أنه‬
‫على‬ ‫محدد‬ ‫بخلق‬ ‫تعبدنا‬
‫ألسنة الرسل‪ ،‬ولم يتركنا‬
‫ألحاسيس الفطرة وحدها التي‬
‫قد تخطيء أو تضل أو تضلل‪،‬‬
‫وال لنظرات العقول وحدها‪،‬‬
‫وال اجتهادات األفكار التي‬
‫تتضارب وتتصاعد؛ وبذلك كان‬
‫تفصيليٌّ وافٍ‬ ‫مرجع‬ ‫لدينا‬
‫بصحيح األخالق وفاسدها‪ ،‬وما‬
‫يذم‪ ،‬وقد‬‫يحمد منها وما ُ‬ ‫ُ‬
‫اتفقت على ذلك كلمة الرسل‬
‫ًا؛ ألن هذا أحد األصول‬ ‫جميع‬
‫المشتركة التي ال تتغير في‬
‫دين هللا ‪-‬تبارك وتعالى‪ -‬على‬
‫ألسنة جميع الرسل‪.‬‬
‫المثل األعلى‪:‬‬
‫لقد جاءت األخالق في هذا‬
‫المنهاج اإللهي على أسمى‬
‫درجات السمو واالرتقاء؛ ألن‬
‫جعل‬ ‫وتعالى‪-‬‬ ‫‪-‬سبحانه‬ ‫هللا‬
‫ألخالق‬ ‫األعلى‬ ‫المثل‬ ‫نفسه‬
‫المؤمنين‪ ،‬وطلب منهم أن‬
‫يتخلقوا على نمط ما علمهم‬
‫عن نفسه ‪-‬جل شأنه‪ -‬من‬
‫د‪ ،‬وحلم‪ ،‬وعفو‪،‬‬ ‫رحمة‪ ،‬ووّ‬
‫وإحسان‪،‬‬ ‫وإتقان‪،‬‬ ‫وسخاء‪،‬‬
‫وشكر‪ ،‬وصبر‪ ،‬ومغفرة‪ ،‬وصدق‪،‬‬
‫وعدل‪ ،‬ووفاء بالعهد‪ ،‬بل‬
‫‪-‬بأعداء‬ ‫باألعداء‬ ‫وبطش‬
‫المطاولة‬ ‫بعد‬ ‫الحق‪-‬‬
‫واإلعذار‪ ،‬مع مالحظة الفارق‬
‫صفات‬ ‫بين‬ ‫الكبير‬ ‫التام‬
‫كل‬ ‫في‬ ‫والمخلوق‬ ‫الخالق‬
‫َ ال‬ ‫ِين‬ ‫شيء‪ ،‬قال تعالى‪] :‬لَّ‬
‫ِلذ‬
‫ِْ‬
‫ء‬ ‫ُ السَّو‬ ‫َل‬
‫مث‬‫ِ َ‬ ‫َة‬
‫ِاآلخِر‬
‫ن ب‬‫ُوَ‬
‫ِن‬‫ْم‬
‫يؤ‬‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َز‬
‫ِيز‬ ‫َ ْ‬
‫الع‬ ‫َُ‬
‫هو‬ ‫َْ‬
‫لى و‬ ‫ُ األَع‬
‫َل‬‫َث‬ ‫ّلِلِ ْ‬
‫الم‬ ‫ََِّ‬‫و‬
‫ُ[ (النحل‪).60:‬‬ ‫ِيم‬‫َك‬ ‫ْ‬
‫الح‬
‫ثم لقد نصب لهم من أنفسهم‬
‫فعصمهم‬ ‫األكرمين‪،‬‬ ‫رسله‬
‫وجعلهم‬ ‫وكملهم‬ ‫وطهرهم‬
‫في‬ ‫األعلى‬ ‫البشري‬ ‫المثل‬
‫التخلق بما أمر ورسم ‪-‬جل‬
‫قدوة‬ ‫خير‬ ‫وجعلهم‬ ‫شأنه‪-‬‬
‫وأحسن أسوة لقومهم وللناس‬
‫أجمعين‪ ،‬ومن الجلي أنه ال‬
‫الخلق‬ ‫مقارنة‬ ‫إلى‬ ‫سبيل‬
‫بالخالق‪ ،‬ففي جانبه تعالى‬
‫الكمال مطلق‪ ،‬وهو وصف ثابت‬
‫الكمال‬ ‫جانبهم‬ ‫وفي‬ ‫له‪،‬‬
‫نسبي إضافي‪ ،‬ثم هو لهم‬
‫يسعى إليها‪،‬‬ ‫تطلب وُ‬ ‫غاية ُ‬
‫الترقي‬ ‫يتابعون‬ ‫فالرسل‬
‫البشر‬ ‫وعامة‬ ‫نحوها‪،‬‬
‫يقاومون التدلي‪ ،‬ثم يبذلون‬
‫الجهد ليبلغوا أقصى طاقتهم‬
‫من الكمال الممكن لهم‪ ،‬وقد‬
‫أتاح هذان األمران لألخالق‬
‫البشرية أعلى قدر من السمو‬
‫والثبات‪.‬‬
‫المقياس‬ ‫عنصر‬ ‫إلى‬ ‫ننتقل‬
‫الخُلقي‪:‬‬
‫وقد جعل هللا تعالى معيار‬
‫الخُلق على هذا الطراز من‬
‫السمو‪ ،‬فلم يربطه بنفعية‬
‫محراب‬ ‫في‬ ‫تتعبد‬ ‫أنانية‬
‫ذاتها الخسيس‪ ،‬وإنما جعل‬
‫معياره طلب رضا هللا تعالى‬
‫سخطه‬ ‫من‬ ‫والخوف‬ ‫وثوابه‬
‫وعقابه‪ ،‬وبذلك اكتسب الخُلق‬
‫قدسية دينية جعلت مزاولته‬
‫من أعلى درجات اإليمان‪ ،‬كما‬
‫الصحيحين‪:‬‬ ‫حديث‬ ‫في‬ ‫جاء‬
‫“والحياء شعبة من اإليمان”‬
‫ّرته عبادة يستحق بها‬ ‫وصي‬
‫صاحبها ثواب العابدين؛ لما‬
‫وراءه من باعث تعبدي يتطلب‬
‫واجتناب‬ ‫تعالى‬ ‫هللا‬ ‫مرضاة‬
‫قد‬ ‫المعيار‬ ‫وهذا‬ ‫سخطه‪،‬‬
‫علمه هللا تعالى لإلنسان منذ‬
‫نشأته‪ ،‬وقصه هللا تعالى علينا‬
‫في قصة ابني آدم‪ ،‬وتجلى في‬
‫َا‬
‫نم‬‫َِّ‬
‫]إ‬ ‫ألخيه‪:‬‬ ‫هابيل‬ ‫قول‬
‫َ[‬
‫ِين‬ ‫َّق‬
‫ُت‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫هللا‬ ‫ُ‬ ‫َب‬
‫َّل‬ ‫َق‬
‫يت‬‫َ‬
‫ِّ‬
‫ِي‬
‫ن‬ ‫(المائدة‪ )27:‬وقوله‪] :‬إ‬
‫َ[‬
‫ِين‬ ‫َ َ‬
‫الم‬ ‫ْ‬
‫الع‬ ‫َب‬
‫َّ‬ ‫ر‬ ‫هللا‬ ‫ُ‬‫َاف‬‫َخ‬‫أ‬
‫ِّ‬
‫ِي‬
‫ن‬ ‫(المائدة‪ )28:‬وقوله‪] :‬إ‬
‫ِكَ[‬
‫ثم‬‫ِْ‬
‫َإ‬‫ِي و‬
‫ثم‬‫إْ‬‫ِ‬‫ب‬ ‫َ‬
‫ء‬ ‫و‬‫ُ‬‫ب‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫َ‬‫أ‬ ‫ُ‬
‫د‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫أِ‬
‫ر‬
‫(المائدة‪ ،)29:‬واآليات في‬
‫سورة المائدة بالتفصيل‪.‬‬
‫‪-‬‬ ‫الثالثة‬ ‫األمور‬ ‫وبهذه‬
‫والمثل‬ ‫األوفى‪،‬‬ ‫التحديد‬
‫األسمى‪-‬‬ ‫والمعيار‬ ‫األعلى‪،‬‬
‫ًا‬‫أصبحت األخالق اإلسالمية نمط‬
‫دا ال يقاربه وال يدانيه‬ ‫فريً‬
‫شيء من حكم الحكماء‪ ،‬أو‬
‫شرائع‬ ‫أو‬ ‫الفالسفة‪،‬‬ ‫نظر‬
‫المشترعين‪ ،‬أو عادات األمم‬
‫وآدابها إال أن تكون أثارة‬
‫من الوحي األعلى بقيت في‬
‫عقبه بين الناس‪ ،‬أو كانت‬
‫ًا من سالمة الفطرة التي‬ ‫أثر‬
‫فطر هللا عليها الناس‪.‬‬
‫اإللهي‬ ‫التحديد‬ ‫أهمية‬
‫لألخالق‪:‬‬
‫قلنا‪ :‬إن اإلنسان مفطور على‬
‫ومزود‬ ‫الخُلقي‪،‬‬ ‫الشعور‬
‫التي‬ ‫النفسية‬ ‫بالسجايا‬
‫تميز الخير من الشر‪ ،‬وما‬
‫يشعر‬ ‫ًا‬
‫دائم‬ ‫اإلنسان‬ ‫زال‬
‫األخالق‬ ‫بعض‬ ‫نحو‬ ‫بفطرته‬
‫ويمدحها‬ ‫والميل‬ ‫بالحب‬
‫ويثني على أصحابها‪ ،‬ونحو‬
‫بعض األخالق األخرى بالبغض‬
‫ويذمها ويمقت أصحابها‪ ،‬وقد‬
‫يختفي شعوره في الحالين‬
‫تحت وطأة انتكاس الفطرة‪،‬‬
‫ولكنه شعور ال يموت وال‬
‫يظل‬ ‫بل‬ ‫ًا‪،‬‬‫اقتالع‬ ‫يقتلع‬
‫النفس‬ ‫أعماق‬ ‫في‬ ‫ًا‬
‫كامن‬
‫يا‬ ‫قوً‬ ‫الظهور‬ ‫إلى‬ ‫ليعود‬
‫ًا عند أول فرصة مالئمة‬ ‫جارف‬
‫الحلم‬ ‫كان‬ ‫ولذلك‬ ‫له؛‬
‫واألمانة‬ ‫والصدق‬ ‫والعفو‬
‫من‬ ‫الخلق‬ ‫بين‬ ‫والتعاون‬
‫الخُلق المحمود المحبوب عند‬
‫عامة البشر األسوياء‪ ،‬وعلى‬
‫النقيض من ذلك كان الغدر‬
‫والكذب‬ ‫والحقد‬ ‫والخيانة‬
‫والشقاق‪ . . .‬إلى آخر هذه‬
‫األخالق السيئة ‪-‬والعياذ باهلل‬
‫من‬ ‫البشر‬ ‫ولكن‬ ‫تعالى‪-‬‬
‫الناحية العملية الواقعية‬
‫الشعور‬ ‫هذا‬ ‫رغم‬ ‫تفرقوا‬
‫الفطري‪ ،‬واختلفوا في أمر‬
‫األخالق‪ ،‬وحدود الخير والشر‬
‫والحق والباطل‪ ،‬ولم يتفقوا‬
‫على كلمة جامعة في تحديد‬
‫في‬ ‫وال‬ ‫الخُلقي‬ ‫المقياس‬
‫الحكم الخُلقي‪ ،‬وحين نقرأ‬
‫والنظريات‬ ‫المذاهب‬
‫الخالفات‬ ‫ونرى‬ ‫األخالقية‪،‬‬
‫الواسعة بينها وما ووجهت‬
‫بها كل منها من مطاعن‬
‫باألسى‬ ‫نشعر‬ ‫وتفنيد‪،‬‬
‫والحسرة من أجل هذا اإلنسان‬
‫الحائر المسحوق بين أرجاء‬
‫المناهج واألفكار‪ ،‬على حين‬
‫أن هداية هللا تعالى قريبة‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫ربنا‪] :‬ق‬ ‫ُّ‬ ‫منه كما قال‬
‫ٌ‬
‫ِين‬‫مب‬‫ٌ ُ‬‫َاب‬ ‫َك‬
‫ِت‬ ‫ٌ و‬ ‫ْ هللا ُ‬
‫نور‬ ‫ِن‬‫ْ م‬‫ُم‬ ‫َاَ‬
‫ءك‬ ‫ج‬
‫َ‬
‫َع‬ ‫َّ‬
‫اتب‬ ‫ْ‬
‫من‬‫ِ هللا َ‬ ‫ِه‬
‫ِي ب‬ ‫يْ‬
‫هد‬ ‫‪َ $‬‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُُ‬
‫ِج‬‫يخْر‬
‫َُ‬‫ِ و‬ ‫َ السَّالم‬‫ُل‬ ‫ه سُب‬ ‫َ َ‬
‫انُ‬ ‫ْو‬
‫ِض‬‫ر‬
‫ُّور‬
‫ِ‬ ‫الن‬ ‫َِلى‬
‫إ‬ ‫َاتِ‬‫لم‬‫ُُّ‬
‫الظ‬ ‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬
‫َاط‬
‫ٍ‬ ‫ِر‬‫َِلى ص‬
‫ْ إ‬‫ِم‬
‫ِيه‬
‫هد‬ ‫ََ‬
‫يْ‬ ‫ِ و‬ ‫ْن‬
‫ِه‬ ‫إذ‬‫ِِ‬
‫ب‬
‫ٍ[ (المائدة‪).16 ،15:‬‬ ‫َق‬
‫ِيم‬ ‫مسْت‬
‫ُ‬
‫بعض‬ ‫قال‬ ‫‪-‬كما‬ ‫ولذلك‬
‫العلماء‪ -‬ال نكاد نجد حتى‬
‫المقاييس‬ ‫بين‬ ‫من‬ ‫اليوم‬
‫ًا على‬‫النظرية مقياسًا مجمع‬
‫ًا من النقد‪ ،‬بل‬ ‫صالحيته سليم‬
‫ًا‬
‫نجد مقاييس مختلفة تبع‬
‫الختالف أنظار واضعيها في‬
‫المعنى الذي يكون به العمل‬
‫ًا؛ ألن البواعث‬ ‫ًا أو شر‬ ‫خير‬
‫في‬ ‫المعتبرة‬ ‫والمقاصد‬
‫شريته‬ ‫أو‬ ‫العمل‬ ‫خيرية‬
‫ًا‪،‬‬‫ًا بين‬‫تختلف عندهم اختالف‬
‫وهذا اختالف في المقاييس‪،‬‬
‫اللذة‬ ‫مقياس‬ ‫منها‬ ‫فكان‬
‫الفردية‪ ،‬ومقياس الواجبية‪،‬‬
‫ومقياس المنفعة العامة أو‬
‫الخاصة‪ ،‬ومقياس أصحاب مذهب‬
‫ًا‬
‫غلط‬ ‫سموه‬ ‫كما‬ ‫الكمال‬
‫وهكذا‪ ،‬بل إن أصحاب كل‬
‫مقياسٍ انقسموا على أنفسهم‬
‫ًا متضاربة رغم خطورة‬ ‫شيع‬
‫القضية‪ ،‬ودورها الحاسم في‬
‫كافة؛‬ ‫البشرية‬ ‫الحياة‬
‫ولذلك كان من فضل هللا ‪-‬تبارك‬
‫وتعالى‪ -‬ورحمته باإلنسانية‬
‫حدوً‬
‫دا‬ ‫أعطانا‬ ‫أن‬ ‫جمعاء‬
‫وأعطانا‬ ‫لألخالق‪،‬‬ ‫ومعايير‬
‫بالقيم‬ ‫ًا‬
‫تفصيلي‬ ‫ًا‬
‫مرجع‬
‫واآلداب؛ ليهدي اإلنسان إلى‬
‫وصالحه‪،‬‬ ‫سعادته‬ ‫تمام‬
‫ولينقذه من شر نفسه ومن‬
‫حيرته القاتلة المدمرة‪.‬‬
‫كان خلقه القرآن‪:‬‬
‫العنصر‬ ‫هذا‬ ‫إلى‬ ‫ننتقل‬
‫الخطير المهم تحت عنوان‬
‫كان خلقه القرآن‪ ،‬وقد تمثل‬
‫الكتب‬ ‫في‬ ‫المرجع‬ ‫هذا‬
‫اإللهية‪ ،‬وفي سلوك الرسل ‪-‬‬
‫وأقوالهم‪،‬‬ ‫السالم‪-‬‬ ‫عليهم‬
‫وإذا كانت الكتب السماوية‬
‫عليها‬ ‫دخل‬ ‫قد‬ ‫السابقة‬
‫التحريف‪ ،‬فإن تاريخ رسلها‬
‫ًا ولحقه الضياع‬ ‫ُيف أيض‬‫قد ز‬
‫أو االختراع‪ ،‬ولم يبق منه‬
‫إال مواضع الشك والريبة في‬
‫كثير من جوانبه‪ ،‬ولم يبق‬
‫على العالمين من حجة‪ ،‬بل‬
‫ٍ غير هذا‬
‫لم يبق لهم من مالذ‬
‫القرآن‬ ‫المحفوظ‬ ‫الكتاب‬
‫الكريم‪ ،‬والذي تمثل معناه‬
‫في رجل من البشر يمشي بين‬
‫أدق‬ ‫لنا‬ ‫َ‬
‫ِل‬ ‫ُ‬
‫ونق‬ ‫الناس‪،‬‬
‫التفاصيل من سيرته وسلوكه‬
‫نقً‬
‫ال‬ ‫وأعماله‬ ‫وأقواله‬
‫ًا‪ ،‬وقد أوجزت السيدة‬ ‫وثيق‬
‫عائشة ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬وأبلغت‬
‫حين سئلت عن خلقه ^ فقالت‪:‬‬
‫“كان خلقه القرآن” وهذا‬
‫الحديث رواه اإلمام أحمد‬
‫ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫فلدينا إذن من هللا تعالى‬
‫دليل وافٍ بتفاصيل األخالق‬
‫عملية‬ ‫وقدوة‬ ‫المطلوبة‪،‬‬
‫معصومة في تطبيق هذه األخالق‬
‫في واقع الناس‪ ،‬وبذلك توفر‬
‫للبشرية أزكى وأتم أنواع‬
‫األخالق النظرية والعملية‪،‬‬
‫فال تحتاج بعدهما إلى قول‬
‫ٍ‬
‫أو رأي في هذا الباب وهلل‬
‫الحمد والمنة‪.‬‬
‫في‬ ‫وشمولها‬ ‫‪2-‬سعة األخالق‬
‫اإلسالم) ( ‪:‬‬
‫سعة المعنى األخالقي وشموله‬
‫في دين هللا‪:‬‬
‫لم يقصر هذا الدين معاني‬
‫األخالق على جوانب معينة‪،‬‬
‫ًا في‬‫ًّا واسع‬‫وإنما بثها بث‬
‫كافة أوجه الحياة اإلنسانية‬
‫والباطنة‪،‬‬ ‫الظاهرة‬
‫واالجتماعية‪،‬‬ ‫والفردية‬
‫بل‬ ‫والعالمية‪،‬‬ ‫والمحلية‬
‫إلزاً‬
‫ما‬ ‫أكثر‬ ‫كان‬ ‫ربما‬
‫في‬ ‫األخالق‬ ‫ألمر‬ ‫وتأكيً‬
‫دا‬
‫تواضعت‬ ‫التي‬ ‫النواحي‬
‫واتفقت مجتمعات البشر على‬
‫تجريدها من االلتزام الخلقي‬
‫الحكم‪،‬‬ ‫وشئون‬ ‫كالسياسة‪،‬‬
‫والحروب‪،‬‬ ‫واالقتصاد‪،‬‬
‫مواقع‬ ‫في‬ ‫والمواجهة‬
‫ومعاملة‬ ‫الخصومات‪،‬‬
‫الدين‬ ‫في‬ ‫المخالفين‬
‫والجنس‪ . . .‬وغير ذلك‪ ،‬وقد‬
‫القرآنية‬ ‫الرسالة‬ ‫أضافت‬
‫ًا‬
‫دا وخطير‬‫دا جديً‬ ‫بعً‬‫لألخالق ُ‬
‫تمثل في إقامة دولة عالمية‬
‫على أساس أخالق متينة‪ ،‬فكان‬
‫دا في بابه أن‬ ‫ًا فريً‬‫ذلك شيئ‬
‫بالمحكوم‪،‬‬ ‫الحاكم‬ ‫يستوي‬
‫يقيد الحاكم من نفسه‬ ‫وأن ُ‬
‫ألدنى رعاياه‪ ،‬وأن يعف عن‬
‫أموال الدولة أو المجتمع‬
‫ولو وصل إلى الجوع أو‬
‫االستدانة‪ ،‬وأن يحرم الغدر‬
‫ولو باألعداء‪ ،‬وأن ُ‬
‫تحترم‬
‫المعاهدات معهم حتى ينبذ‬
‫إليهم على سواء‪ ،‬وغير ذلك‬
‫ّا لم يكن للدول به‬ ‫كثير مم‬
‫عهد وال اعتبار‪ ،‬وربما كان‬
‫لديهم مبادئ نظرية في هذا‪،‬‬
‫لكنها لم ترق إلى موقع‬
‫ال عن أن تصبح‬‫التنفيذ‪ ،‬فضً‬
‫ًا لحياة الناس‬ ‫ًا عملي‬‫واقع‬
‫الواسعة المتقلبة اليومية‪.‬‬
‫ومن هنا نفهم معنى قوله ^‪:‬‬
‫مكارم‬ ‫ألتمم‬ ‫بعثت‬ ‫“إنما‬
‫األخالق” وفي رواية‪“ :‬صالح‬
‫األخالق” والحديث رواه اإلمام‬
‫في‬ ‫والبيهقي‬ ‫أحمد‪،‬‬
‫في‬ ‫والحاكم‬ ‫(الشّع‬
‫َب)‪،‬‬
‫ٌ على‬ ‫ل‪ :‬صحيح‬‫(المستدرك) وقاً‬
‫شرط مسلم‪ ،‬ذلك ألن األخالق‬
‫قبله ^ لم تظفر بمثل هذا‬
‫التأسيس النظري والتطبيق‬
‫العملي مع مده إلى آفاق‬
‫وإلى‬ ‫الحياة‪،‬‬ ‫من‬ ‫شاسعة‬
‫أرجاء واسعة من األرض؛ حتى‬
‫ِقلها العظيم‬ ‫أصبح لألخالق ث‬
‫في الناس بعد أن كانت‬
‫تتوارى بينهم‪ ،‬وغدت لألخالق‬
‫معنى‬ ‫لإلنسان‬ ‫ردت‬ ‫دولة‬
‫أن‬ ‫بعد‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫اإلنسانية‬
‫الجاهليات‬ ‫سبل‬ ‫جردته‬
‫وأضاليلها من خير معانيه‪،‬‬
‫وجماع األخالق اإلسالمية يعود‬
‫الحق‪،‬‬ ‫هما‪:‬‬ ‫أمرين‬ ‫إلى‬
‫والخير‪ ،‬ولم يترك هللا تعالى‬
‫ًا من خالل الحق أو من‬ ‫شيئ‬
‫خصال الخير إال قرره وأكده‬
‫للناس‬ ‫وبغض‬ ‫به‪،‬‬ ‫وأمر‬
‫نقيضه‪ ،‬وأنذرهم على فعل‬
‫هذا النقيض‪.‬‬
‫أقسام األخالق ‪-‬حسنة وسيئة‪-‬‬
‫وبيان القرآن لكل قسم) ( ‪:‬‬
‫األخالق نوعان‪:‬‬
‫والمتأمل في القرآن الكريم‬
‫يجد أنه ما من خلق حسن في‬
‫ميزان الفضائل النفسية‪ ،‬أو‬
‫اآلداب الفردية واالجتماعية‪،‬‬
‫أو السلوك الفردي إال وقد‬
‫حض القرآن عليه‪ ،‬وحشد له‬
‫كل قوى النفس والعقيدة‪،‬‬
‫طاقات‬ ‫كل‬ ‫حوله‬ ‫وعبأ‬
‫العبادة واألسوة‪ ،‬وبعث له‬
‫كل حوافز التنفيذ‪ ،‬وحاطه‬
‫والتفصيل‬ ‫بالبيان‬
‫والتشريع‪ ،‬وجعله مسئولية‬
‫عامة للفرد واألمة والدولة‬
‫والحكومة‪ ،‬وما من خلق سوء‬
‫ًا‬
‫وتحقير‬ ‫ًّ‬
‫ذما‬ ‫وأتبعه‬ ‫إال‬
‫لوً‬
‫ما‬ ‫وأشبعه‬ ‫ًا‪،‬‬
‫وتنفير‬
‫ًا‪ ،‬وحدده وأطلق عليه‬ ‫وتقريع‬
‫والسلطة‬ ‫األمة‬ ‫قوى‬ ‫ًا‬
‫أيض‬
‫ال عن‬‫لمطاردته ومنعه‪ ،‬فضً‬
‫واالعتقاد‬ ‫النفس‬ ‫قوى‬
‫والضمير‪ ،‬وغرض القرآن من‬
‫ذلك هو التأكيد على أمر‬
‫األخالق‪ ،‬وضرورة الجمع بين‬
‫التحلية والتخلية‪ ،‬أو بين‬
‫الجانب السلبي واإليجابي؛‬
‫حتى يكفل للفرد وللمجتمع‬
‫طهارة حقيقية ال تتأتى على‬
‫وجهها الصحيح إال في ظالل‬
‫دين هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬حين قرر‬
‫سمو اإلنسان وخالفته‪ ،‬ومهمة‬
‫وجوده وغاية مصيره وإعداده‬
‫دار‬ ‫في‬ ‫الرحمن‬ ‫لجوار‬
‫الخلود‪.‬‬
‫ومن األخالق األولى الحسنة‪:‬‬
‫والعفو‪،‬‬ ‫والحلم‪،‬‬ ‫الصبر‪،‬‬
‫والسماحة‪،‬‬ ‫والصفح‪،‬‬
‫واإلحسان‪ ،‬واللين‪ ،‬واإلخالص‪،‬‬
‫والصدق‪ ،‬والوفاء‪ ،‬واألمانة‪،‬‬
‫والعدل‪ ،‬والفضل‪ ،‬والعفة‪،‬‬
‫واإليثار‪،‬‬ ‫والتعاون‪،‬‬
‫والسخاء‪،‬‬ ‫والبذل‪،‬‬
‫األرحام‪،‬‬ ‫وصلة‬ ‫والتراحم‪،‬‬
‫واالعتدال‪ ،‬والجهر بالحق‪،‬‬
‫القول‪،‬‬ ‫وطيب‬ ‫والشورى‪،‬‬
‫والروية‪ ،‬والتثبت‪ ،‬والثبات‬
‫على الحق‪ ،‬واألمر بالمعروف‪،‬‬
‫وكلها أخالق قرآنية قررها هللا‬
‫شتى‪،‬‬ ‫بأساليب‬ ‫تعالى‬
‫الحديث‪،‬‬ ‫بأحسن‬ ‫وأوردها‬
‫في‬ ‫الحق‬ ‫بالقصص‬ ‫ودعمها‬
‫كتابه الكريم‪.‬‬
‫ومن األخالق الثانية السيئة‪:‬‬
‫والغدر‪،‬‬ ‫الخيانة‪،‬‬
‫والظلم‪،‬‬ ‫واالستبداد‪،‬‬
‫وشهادة‬ ‫والنكث‪،‬‬ ‫والكذب‪،‬‬
‫الزور‪ ،‬والتنابذ باأللقاب‪،‬‬
‫والغلظة‪ ،‬والفحش‪ ،‬والسخط‪،‬‬
‫والكبر‪ ،‬والغرور‪ ،‬والفخر‪،‬‬
‫والبطر‪ ،‬والرياء‪ ،‬والحقد‪،‬‬
‫والحسد‪ ،‬والنفاق‪ ،‬والخداع‪،‬‬
‫والبغي‪ ،‬واألثرة‪ ،‬والغيبة‪،‬‬
‫والسخرية‪،‬‬ ‫والنميمة‪،‬‬
‫وظن‬ ‫واللمز‪،‬‬ ‫والهمز‪،‬‬
‫السوء‪ ،‬والتجسس‪ ،‬والبخل‪،‬‬
‫والرضا‬ ‫الحق‪،‬‬ ‫وكتمان‬
‫بالمنكر‪ . . .‬وغير ذلك‬
‫كثير‪.‬‬
‫ّا‬
‫وهذا كله غيض من فيض مم‬
‫جاء في تضاعيف هذا الكتاب‬
‫المعجز‪ ،‬والذي يعجب اإلنسان‬
‫كيف ضم كل هذا القدر من‬
‫األخالق بنوعيها‪ ،‬وعلى هذا‬
‫الوجه من التفصيل؟! وكأنها‬
‫غرضه الوحيد من كثرة ما‬
‫أبرزها وصرف فيها القول‪،‬‬
‫وضرب فيها األمثال‪ ،‬وأوردها‬
‫صورة‬ ‫في‬ ‫طريقته‬ ‫على‬
‫ً‬
‫أحيانا أو‬ ‫القواعد العامة‬
‫ً‬
‫أحيانا‬ ‫المحدد‬ ‫التفصيل‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪4-‬طريقة القرآن الكريم في‬
‫باآليات‬ ‫األخالق‬ ‫بيان‬
‫ًا‪:‬‬
‫ًا ونهي‬‫المجموعة أمر‬
‫ولنأخذ بعض األمثلة‪:‬‬
‫أ‪ -‬جوامع األخالق بنوعيها ( ‪:‬‬
‫)‬
‫ُ‬
‫مر‬‫ُْ‬
‫يأ‬‫ن هللا َ‬ ‫َِّ‬
‫قال تعالى‪] :‬إ‬
‫ِي‬‫ء ذ‬ ‫َاِ‬ ‫َإ‬
‫ِيت‬ ‫ْسَانِ و‬ ‫ِح‬‫َاإل‬
‫ِ و‬ ‫َْ‬
‫دل‬ ‫ب ْ‬
‫ِالع‬
‫ْشَاِ‬
‫ء‬ ‫َح‬ ‫ْ‬
‫الف‬ ‫ْ‬
‫َن‬‫هى ع‬ ‫َْ‬‫ين‬ ‫ََ‬
‫بى و‬ ‫َْ‬‫ُر‬ ‫ْ‬
‫الق‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ُك‬
‫ِظ‬ ‫َ‬
‫يع‬ ‫ْيِ‬‫َغ‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬ ‫و‬ ‫َر‬
‫ِ‬ ‫ُنك‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫و‬
‫ُوا‬‫ْف‬‫َو‬
‫َأ‬‫و‬ ‫‪$‬‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫َّر‬
‫ذك‬‫تَ‬‫ْ َ‬ ‫ُم‬ ‫ََّ‬
‫لك‬ ‫َلع‬
‫َال‬
‫ْ و‬ ‫تم‬‫دُ‬‫هْ‬‫َاَ‬‫َا ع‬ ‫ِذ‬‫ِ هللا إ‬ ‫َْ‬
‫هد‬ ‫ِع‬‫ب‬
‫ها‬‫َِ‬‫ِيد‬ ‫ْك‬
‫تو‬ ‫د َ‬‫َْ‬‫بع‬‫ن َ‬‫َاَ‬‫يم‬ ‫ُوا األَْ‬ ‫ُض‬
‫تنق‬ ‫َ‬
‫َِّ‬
‫ن‬ ‫ال إ‬‫ِيً‬ ‫َف‬‫ْ ك‬‫ُم‬‫ْك‬ ‫ََ‬
‫لي‬ ‫ْ هللا ع‬‫ُم‬‫لت‬‫َْ‬
‫َع‬‫د ج‬‫َْ‬‫َق‬‫و‬
‫َال‬
‫ن ‪ $‬و‬ ‫لوَ‬‫َُ‬‫ْع‬‫تف‬‫ما َ‬ ‫ُ َ‬ ‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬‫هللا َ‬
‫ها‬‫َْلَ‬‫َز‬‫ْ غ‬ ‫َض‬
‫َت‬ ‫نق‬‫ِي َ‬ ‫الت‬‫َ َّ‬ ‫ونوا ك‬ ‫ُ ُ‬‫تك‬‫َ‬
‫ِذوَ‬
‫ن‬ ‫َّخُ‬ ‫اثا َ‬
‫تت‬ ‫َ ً‬‫َنك‬‫ٍ أ‬ ‫ُو‬
‫َّة‬ ‫ِ ق‬ ‫ْد‬‫بع‬‫ْ َ‬‫ِن‬‫م‬
‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫تك‬‫ن َ‬ ‫َْ‬‫ْ أ‬‫ُم‬‫َك‬‫ْن‬
‫بي‬ ‫ًَ‬
‫ال َ‬ ‫دخ‬‫ْ َ‬ ‫ُم‬
‫انك‬‫َ َ‬
‫يم‬‫َْ‬‫أ‬
‫َا‬‫نم‬‫َِّ‬
‫ٍ إ‬ ‫مة‬‫َُّ‬
‫ْ أ‬ ‫ِن‬‫بى م‬ ‫َْ‬ ‫َر‬‫ِيَ أ‬ ‫ٌ ه‬ ‫مة‬‫َُّ‬
‫أ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َّ َلك‬ ‫َن‬ ‫ّ‬
‫ِن‬‫َي‬
‫ُب‬‫ََلي‬
‫ِ و‬ ‫ِه‬‫ْ هللا ب‬ ‫ُم‬‫لوك‬‫ُْ‬‫يب‬‫َ‬
‫ِ‬
‫ِيه‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬‫ْت‬‫ُن‬
‫ما ك‬ ‫ِ َ‬‫مة‬ ‫َاَ‬ ‫ِي‬ ‫َ ْ‬
‫الق‬ ‫ْم‬‫يو‬‫َ‬
‫(النحل‪)92-90:‬‬ ‫ن[‬‫ُوَ‬‫ِف‬‫َل‬
‫تخْت‬‫َ‬
‫فهذه أربعة من أصول الخير‬
‫يأمر هللا تعالى عباده أن‬
‫يتخلقوا بها وهي‪ :‬العدل‪،‬‬
‫ذي‬ ‫وإيتاء‬ ‫واإلحسان‪،‬‬
‫القربى‪ ،‬والوفاء بالعهد‪،‬‬
‫ويقترن بها أربع من خالل‬
‫تدمر‬ ‫التي‬ ‫السوء‬
‫المجتمعات؛ فينهى هللا تعالى‬
‫وهي‪:‬‬ ‫النهي‬ ‫أشد‬ ‫عنها‬
‫الفحشاء‪ ،‬والمنكر‪ ،‬والبغي‪،‬‬
‫ونقض العهود‪ ،‬فهذه أربعة‬
‫في مقابلة أربعة حتى قال‬
‫ابن مسعود ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬عن‬
‫َِّ‬
‫ن هللا‬ ‫اآلية األولى منها‪] :‬إ‬
‫ْسَانِ[‬‫ِح‬‫َاإل‬
‫و‬ ‫ل‬ ‫ْ‬
‫د‬‫َ‬‫ع‬ ‫ْ‬
‫ِال‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫ر‬ ‫ُ‬
‫م‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫يأ‬
‫ِ‬
‫يقول‪ :‬هي أجمع آية في‬
‫القرآن للخير والشر‪.‬‬
‫وقال اإلمام البيضاوي ‪-‬رحمة‬
‫هللا تعالى عليه‪ :‬لو لم يكن‬
‫في القرآن غير هذه اآلية‬
‫لصدق عليه أنه تبيان لكل‬
‫شيء وهدى ورحمة للعالمين‪،‬‬
‫قوله‬ ‫عقب‬ ‫إيرادها‬ ‫ولعل‬
‫ْكَ‬
‫لي‬‫ََ‬‫ع‬ ‫َا‬‫َّْلن‬
‫نز‬ ‫ََ‬
‫]و‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫ّ شَيٍْ‬
‫ء[‬ ‫ُل‬
‫ِ‬ ‫انا ِ‬
‫لك‬ ‫َ ً‬‫ْي‬
‫ِب‬‫َ ت‬‫َاب‬
‫ِت‬ ‫ْ‬
‫الك‬
‫(النحل‪ )89:‬هو للتنبيه على‬
‫اإلمام‬ ‫كالم‬ ‫انتهى‬ ‫ذلك‪.‬‬
‫البيضاوي‪.‬‬
‫وهللا ‪-‬عز وجل‪ -‬يورد هذه‬
‫األلفاظ الجامعة على علم‬
‫ٍ‬
‫وحكمة‪ ،‬فيأمر بالعدل وهو‬
‫ضد الجور‪ ،‬أو هو بمعنى‬
‫الجامع‬ ‫والتوسط‬ ‫االعتدال‬
‫لمحاسن الصفات المتعارضة‪.‬‬
‫أما اإلحسان‪ :‬فهو مرتبة فوق‬
‫العدل؛ إذ يراد به الفضل‬
‫كأن يعفو اإلنسان عن حقه‪،‬‬
‫أو يأخذ دون أجره‪ ،‬أو يؤثر‬
‫على نفسه‪ ،‬أو يراد به‬
‫الخير‬ ‫سلوك‬ ‫في‬ ‫اإلتقان‬
‫واختيار األحسن من األخالق‪.‬‬
‫القربى‬ ‫ذي‬ ‫إيتاء‬ ‫وكذلك‬
‫اإليجاز‬ ‫غاية‬ ‫على‬ ‫كلمة‬
‫واإلعجاز‪ ،‬فتشمل كل إيتاء‬
‫كالبذل المالي‪ ،‬والتعاهد‬
‫بالسؤال‪ ،‬والمودة‪ ،‬واللقاء‬
‫بالبشاشة‪ . . .‬وغير ذلك من‬
‫المادي‬ ‫العطاء‬ ‫ضروب‬
‫والمعنوي‪.‬‬
‫أما الوفاء بالعهد‪ :‬فهو‬
‫خلق أساسي من أخالق الفرد‬
‫والجماعة ال تستقيم الحياة‬
‫إال به‪ ،‬وهو يدل على اإليمان‬
‫كما يدل نقيضه على الفسوق‬
‫والنفاق‪.‬‬
‫الموبقات‬ ‫الكلمات‬ ‫وأما‬
‫التي نهى هللا عنها وهي‪:‬‬
‫والمنكر‪،‬‬ ‫(الفحشاء‪،‬‬
‫األيمان‬ ‫ونقض‬ ‫والبغي‪،‬‬
‫والعهود)‪ ،‬فلم تدع من أمر‬
‫ًا يضر الفرد أو‬ ‫القبائح شيئ‬
‫المجتمع‪ ،‬وما يتعلق باألنفس‬
‫أو بالغير‪ ،‬أو ما يتصل‬
‫مما‬ ‫دونها‬ ‫وما‬ ‫باألعراض‬
‫يحرص عليه اإلنسان ويتميز‬
‫به عن سائر الحيوان‪.‬‬
‫وقد شدد هللا تعالى في الوصية‬
‫بالتزام أمره ونهيه‪ ،‬وأكد‬
‫ذلك بعديد من األمور‪:‬‬
‫منها‪ :‬إسناد األمر والنهي‬
‫ًا‬
‫إلى ذاته العليا ترغيب‬
‫ًا وإجالً‬
‫ال وخشية‪.‬‬ ‫وترهيب‬
‫ومنها‪ :‬التصريح بلفظ األمر‬
‫ُ[‬ ‫ُْ‬
‫مر‬ ‫]َ‬
‫يأ‬ ‫يقول‪:‬‬ ‫والنهي‪،‬‬
‫بصيغتهما‬ ‫أو‬ ‫َْ‬
‫هى[‪،‬‬ ‫و]َ‬
‫ين‬
‫ُوا[ مع ما‬ ‫ُض‬
‫تنق‬‫ُوا[ و]ال َ‬
‫ْف‬‫َو‬
‫]أ‬
‫أردفه من ذكر الوعظ وهو‬
‫النصيحة؛ ليحرك النفوس إلى‬
‫‪-‬‬ ‫منه‬ ‫ًا‬‫تلطف‬ ‫االستجابة‬
‫في‬ ‫وتعالى‪-‬‬ ‫سبحانه‬
‫االستدعاء‪.‬‬
‫بعلمه‬ ‫تذكيرهم‬ ‫ومنها‪:‬‬
‫هللا‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫لت‬ ‫َع‬
‫ج‬ ‫َْ‬
‫د‬ ‫َق‬‫]و‬ ‫المحيط‪:‬‬
‫ما‬ ‫ُ َ‬
‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬ ‫َِّ‬
‫ن هللا َ‬ ‫ال إ‬ ‫َف‬
‫ِيً‬ ‫ْ ك‬‫ُم‬
‫ْك‬ ‫ََ‬
‫لي‬ ‫ع‬
‫ن‪[.‬‬ ‫َُ‬
‫لوَ‬ ‫ْع‬
‫تف‬‫َ‬
‫النكث‬ ‫إبراز‬ ‫ومنها‪:‬‬
‫بالعهود على أبشع صورة‪ ،‬إذ‬
‫يضرب له مثاً‬
‫ال محسوسًا يتقرر‬
‫به في النفس على هيئته‬
‫المنفرة‪ ،‬المشبهة بامرأة‬
‫ًّ‬
‫كدا‬ ‫تكد في الغزل‬‫ُّ‬ ‫خرقاء‬
‫ال حتى تبرمه وتحكمه‪ ،‬ثم‬ ‫طويً‬
‫ًا وتجعله‬‫تعود فتنقضه نقض‬
‫طاقات‪-‬‬ ‫‪-‬أي‪:‬‬ ‫ً‬
‫أنكاثا‬
‫بال‬ ‫تعمل‬ ‫فهي‬ ‫متفرقة‪،‬‬
‫فائدة‪.‬‬
‫ومنها ‪-‬من هذه المؤكدات‪:‬‬
‫بذكر‬ ‫الثالثة‬ ‫اآلية‬ ‫ختم‬
‫ٌ‬
‫استخدام‬ ‫وهو‬ ‫القيامة‪،‬‬
‫للعقيدة في موطنه؛ ليصل‬
‫بالتأثير إلى أعماق النفس‬
‫للنصح‬ ‫فتهتز‬ ‫اإلنسانية‪،‬‬
‫اإللهي من أعماقها‪ ،‬وتكون‬
‫ً‬
‫امتثاال‬ ‫في أرجى أحوالها‬
‫واستجابة هلل تعالى‪ ،‬وهكذا‬
‫أعلى‬ ‫إلى‬ ‫األخالق‬ ‫ترتفع‬
‫ًا‬
‫المراتب في استمدادها أمر‬
‫ًا من هللا العلي الكبير؛‬ ‫ونهي‬
‫فتصبح على مستوى العبادة‬
‫في‬ ‫لها‬ ‫وتحشد‬ ‫العليا‪،‬‬
‫اآليات كل وسائل التأكيد‬
‫ْب األمثال‬ ‫َر‬
‫والتأثير‪ ،‬حتى ض‬
‫رحمة منه تعالى لعباده‪،‬‬
‫هدايتهم‬ ‫على‬ ‫ًا‬
‫وحرص‬
‫واستنقاذهم من سوء األخالق‬
‫ً‬
‫وضمانا‬ ‫األحوال‪،‬‬ ‫وسوء‬
‫الستقرارهم على وجه طيب في‬
‫الحياة‪.‬‬
‫ولذلك ختمت اآليات الكريمة‬
‫بهذه المعاني البينة من‬
‫ِذوا‬‫َّخُ‬
‫تت‬‫َال َ‬ ‫قوله تعالى‪] :‬و‬
‫ل‬ ‫َز‬
‫َِّ‬ ‫َت‬
‫ْ ف‬ ‫ُم‬‫َك‬
‫ْن‬ ‫ال َ‬
‫بي‬ ‫ًَ‬
‫دخ‬ ‫ُم‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫انك‬ ‫َْ‬
‫يم‬ ‫أ‬
‫ُوا‬ ‫ذوق‬‫تُ‬‫ََ‬
‫ها و‬ ‫َِ‬‫ُوت‬
‫ثب‬‫د ُ‬‫َْ‬
‫بع‬‫ٌ َ‬ ‫ََ‬
‫دم‬ ‫ق‬
‫ِيل‬
‫ِ‬ ‫ْ سَب‬ ‫َن‬
‫ْ ع‬ ‫دُ‬
‫تم‬ ‫دْ‬‫ََ‬
‫َا ص‬‫ِم‬‫ء ب‬ ‫السُّوَ‬
‫ٌ[‬‫ِيم‬ ‫َظ‬
‫ع‬ ‫ٌ‬‫ذاب‬‫ََ‬‫ع‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ََلك‬
‫و‬ ‫هللا‬
‫ال‬ ‫والمعنى‬ ‫(النحل‪)94:‬‬
‫وسيلة‬ ‫أيمانكم‬ ‫تتخذوا‬
‫فتتزلزل‬ ‫والفساد‪،‬‬ ‫للغدر‬
‫قواعد القيم في المجتمع‪،‬‬
‫وتنزلق أقدامكم إلى الشك‬
‫ًا‬ ‫والحيرة في عالقاتكم تبع‬
‫لذلك بعد أن كانت ثابتة‬
‫األخالقية‪،‬‬ ‫القيم‬ ‫بثبات‬
‫سوء‬ ‫فعلتم‬ ‫إذا‬ ‫ويصيبكم‬
‫ألنكم‬ ‫واآلخرة؛‬ ‫الدنيا‬
‫أعرضتم عن تعاليم ربكم ‪-‬‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك قوله‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫ًا م‬‫لح‬ ‫َ ص‬
‫َاِ‬ ‫َم‬
‫ِل‬ ‫ْ ع‬‫من‬‫تعالى‪َ] :‬‬
‫ٌ‬
‫ِن‬‫ْم‬
‫مؤ‬‫َ ُ‬ ‫َُ‬
‫هو‬ ‫َى و‬ ‫َو أ‬
‫ُنث‬ ‫ٍ أ‬ ‫َك‬
‫َر‬ ‫ذ‬
‫ًَ‬
‫ة‬ ‫َي‬
‫ّ‬
‫ِب‬ ‫ط‬ ‫َاً‬
‫ة‬ ‫َي‬‫ح‬ ‫َُّ‬
‫ه‬ ‫َن‬ ‫ُح‬
‫ْيِي‬ ‫ََ‬
‫لن‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِأحسنِ ما‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ أجرهم ب‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫هم‬‫َُّ‬
‫ين‬ ‫َِ‬ ‫َج‬
‫ْز‬ ‫ََلن‬
‫و‬
‫ًا في‬ ‫ن[ وهي أيض‬ ‫لوَ‬‫َُ‬
‫ْم‬ ‫انوا َ‬
‫يع‬ ‫َ ُ‬‫ك‬
‫سورة النحل اآلية السابعة‬
‫والتسعين‪ ،‬وهذا بيان لسنة‬
‫هللا تعالى الماضية في ضمان‬
‫سعادة الدنيا لمن آمن وعمل‬
‫ًا‪ ،‬وتخلق بأخالق هذا‬ ‫صالح‬
‫المنهاج اإللهي العظيم‪ ،‬حيث‬
‫تقوم الحياة الطيبة على‬
‫وعدم‬ ‫والطمأنينة‬ ‫الثقة‬
‫المكر والغدر‪ ،‬وألجر اآلخرة‬
‫أزكى وأطيب‪ ،‬على أن هذه‬
‫األصول المجملة الجامعة قد‬
‫عاد عليها القرآن بالتفصيل‬
‫ال قوله‬ ‫والتحديد؛ فنجد مثً‬
‫ِلوا‬‫ْدُ‬‫َاع‬‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫لت‬‫ُْ‬‫َا ق‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫تعالى‪] :‬و‬
‫َْ‬
‫بى[‬ ‫ُر‬
‫ق‬ ‫َا‬
‫ذ‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫ََلو‬
‫ْ‬ ‫و‬
‫أمر‬ ‫فهذا‬ ‫(األنعام‪)152:‬‬
‫بالعدل في األقوال‪.‬‬
‫والعدل في الحقوق واألموال‬
‫كتابة‪ :‬يقول تعالى فيه‪:‬‬
‫ٌ‬
‫ِب‬‫َات‬‫ك‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َك‬‫ْن‬‫بي‬‫َ‬ ‫ُب‬
‫ْ‬ ‫ْت‬
‫َك‬‫َْلي‬
‫]و‬
‫(البقرة‪،)282:‬‬ ‫ِ[‬ ‫َْ‬
‫دل‬ ‫ب ْ‬
‫ِالع‬
‫ُُّ‬
‫ه‬ ‫ِي‬‫َل‬
‫و‬ ‫ْ‬
‫ِل‬‫ْل‬‫ُم‬‫لي‬‫َْ‬
‫]ف‬ ‫وإمالً‬
‫ء‪:‬‬
‫(البقرة‪،)282:‬‬ ‫ِ[‬ ‫َْ‬
‫دل‬ ‫ِ ْ‬
‫الع‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫وشهادة‪َ] :‬‬
‫ِسْط‬
‫ِ‬ ‫َ ب ْ‬
‫ِالق‬ ‫ِين‬‫َّام‬‫َو‬
‫ونوا ق‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُوا ك‬ ‫من‬‫آَ‬
‫َو‬‫ْ أ‬‫ُم‬ ‫ُس‬
‫ِك‬ ‫َنف‬‫لى أ‬ ‫ََ‬
‫ْ ع‬ ‫ََلو‬ ‫ء َِّ‬
‫ّلِلِ و‬ ‫داَ‬‫هَ‬‫شَُ‬
‫َ[‬‫ِين‬‫َب‬ ‫َاألَق‬
‫ْر‬ ‫و‬ ‫ينِ‬‫دْ‬ ‫لَ‬
‫َاِ‬ ‫ْ‬
‫الو‬
‫ٌ مع‬ ‫(النساء‪ )135:‬وهذا عدل‬
‫النفس واألولياء مهما تكن‬
‫النتائج‪ ،‬وهو بذاته العدل‬
‫ُمرنا به حتى مع‬ ‫الذي أ‬
‫الخصوم واألعداء‪ ،‬وجعل من‬
‫صميم الدين والعبادة كما‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫الذ‬‫ها َّ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫قال تعالى‪َ] :‬‬
‫َِّ‬
‫ّلِلِ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َو‬
‫َّام‬ ‫ق‬ ‫ُ ُ‬
‫ونوا‬ ‫ك‬ ‫ُوا‬‫من‬‫آَ‬
‫ْ[‬ ‫ُم‬
‫َّك‬‫من‬‫َِ‬
‫ْر‬ ‫َال َ‬
‫يج‬ ‫ِ و‬ ‫ِسْط‬
‫ِالق‬‫ء ب ْ‬ ‫داَ‬‫هَ‬‫شَُ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َّك‬
‫من‬ ‫َِ‬‫ْر‬
‫يج‬‫َال َ‬‫أي‪ :‬ال يحملنكم ]و‬
‫ِلوا‬ ‫ْدُ‬ ‫َالَّ َ‬
‫تع‬ ‫لى أ‬ ‫ََ‬
‫ٍ ع‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫ن ق‬‫َآُ‬ ‫شَن‬
‫َى‬ ‫ْو‬
‫َّق‬‫ِلت‬‫ل‬ ‫ُ‬‫َب‬ ‫َق‬
‫ْر‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫هو‬ ‫ُ‬ ‫ْدُ‬
‫ِلوا‬ ‫اع‬
‫(المائدة‪)8:‬‬ ‫هللا[‬ ‫ُوا‬ ‫َ َّ‬
‫اتق‬ ‫و‬
‫وغير ذلك في القرآن كثير‪.‬‬
‫جاء‬ ‫الفحشاء‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬
‫تفصيلها في أمور مثل الزنى‬
‫بوا‬ ‫ْر‬
‫َُ‬ ‫َال َ‬
‫تق‬ ‫]و‬ ‫ُّ‬
‫ربنا‪:‬‬ ‫يقول‬
‫َسَاَ‬
‫ء‬ ‫ة و‬‫َاحِشًَ‬
‫ن ف‬‫َاَ‬ ‫نُ‬
‫ه ك‬ ‫َِّ‬ ‫َِ‬
‫نى إ‬‫ّ‬‫الز‬
‫ال[ (اإلسراء‪).32 :‬‬‫ِيً‬‫سَب‬
‫يقول‬ ‫الباطل‬ ‫والنكاح‬
‫َح‬
‫َ‬ ‫ما َ‬
‫نك‬ ‫ُوا َ‬
‫ِح‬ ‫َال َ‬
‫تنك‬ ‫تعالى‪] :‬و‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫ما ق‬ ‫ِالَّ َ‬
‫ء إ‬ ‫ْ الن‬
‫ّ‬
‫ِسَاِ‬ ‫ِن‬‫ْ م‬‫ُم‬
‫ُك‬‫باؤ‬‫آَ‬
‫ة[‬‫َاحِشًَ‬
‫ف‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫نُ‬
‫ه‬ ‫َِّ‬
‫إ‬ ‫َ‬
‫لف‬‫سََ‬
‫(النساء‪).22:‬‬
‫والعري في الطواف يقول هللا‬
‫لوا‬ ‫َُ‬ ‫َا ف‬
‫َع‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫تعالى فيه‪] :‬و‬
‫ها‬ ‫َْ‬
‫لي‬‫ََ‬
‫نا ع‬‫دَ‬‫َْ‬
‫َج‬ ‫َ ُ‬
‫الوا و‬ ‫َاحِشًَ‬
‫ة ق‬ ‫ف‬
‫ءَ‬
‫نا[ (األعراف‪).28:‬‬ ‫باَ‬‫آَ‬
‫ًا هناك الوفاء بالعهود‬ ‫أيض‬
‫جاء تفصيله في عقد اإليمان‬
‫والتوحيد كما قال تعالى‪:‬‬
‫َال‬
‫ِ هللا و‬ ‫َْ‬
‫هد‬ ‫ِع‬
‫ن ب‬ ‫ُوَ‬ ‫يوف‬ ‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫]الذ‬
‫َ[ (الرعد‪:‬‬ ‫َاق‬ ‫ِيث‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ُض‬‫ينق‬ ‫َ‬
‫‪ )20‬وفي عقد البيعة العامة‬
‫ربنا‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫أو الخاصة كما قال‬
‫َا‬‫نم‬‫َِّ‬
‫ونكَ إ‬ ‫ُ َ‬ ‫َاي‬
‫ِع‬ ‫يب‬ ‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫]إ‬
‫ْ‬
‫ِم‬‫ِيه‬ ‫يد‬ ‫َْ‬
‫َ أ‬ ‫َو‬
‫ْق‬ ‫د هللا ف‬‫يُ‬ ‫ُوَ‬
‫ن هللا َ‬ ‫َاي‬
‫ِع‬ ‫يب‬‫ُ‬
‫لى‬‫ََ‬‫ُ ع‬ ‫ُث‬
‫ْك‬ ‫َا َ‬
‫ين‬ ‫نم‬ ‫إَّ‬
‫َِ‬‫َ ف‬ ‫َث‬
‫نك‬‫َن َ‬ ‫َم‬‫ف‬
‫هَ‬
‫د‬ ‫َاَ‬‫َا ع‬
‫ِم‬‫َى ب‬ ‫ْف‬‫َو‬
‫ْ أ‬
‫من‬‫ََ‬ ‫ِ و‬
‫ِه‬‫ْس‬
‫نف‬‫َ‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫أجر ا‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫ِيه‬‫ْت‬
‫ُؤ‬‫َسَي‬
‫ف‬ ‫هللا‬ ‫ُْ‬
‫ه‬ ‫ََ‬
‫لي‬ ‫ع‬
‫ًا[ (الفتح‪ )10:‬والمراد‬ ‫ِيم‬‫َظ‬‫ع‬
‫هنا بيعة اإليمان‪ ،‬أو بيعة‬
‫الجهاد والحرب‪.‬‬
‫وفي معاهدات الهدنة‪ ،‬أو‬
‫الصلح‪ ،‬أو الموادعة يقول‬
‫ْ‬
‫ِن‬ ‫ْ م‬ ‫ه ُّ‬
‫دتم‬ ‫َاَ‬ ‫َ ع‬ ‫ِين‬ ‫ِالَّ َّ‬
‫الذ‬ ‫ربنا‪] :‬إ‬ ‫ُّ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ُوك‬‫ُص‬
‫ينق‬ ‫ْ َ‬ ‫ثم َلم‬ ‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫ُشْر‬
‫ِك‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫لي‬‫ََ‬
‫ُوا ع‬ ‫ِر‬‫َاه‬ ‫ْ ُ‬
‫يظ‬ ‫ََلم‬
‫ًا و‬ ‫شَي‬
‫ْئ‬
‫ْ‬
‫هم‬ ‫هَ‬
‫دُ‬ ‫َْ‬
‫ْ ع‬ ‫ْه‬
‫ِم‬ ‫َِلي‬
‫ُّوا إ‬ ‫ِم‬‫َت‬
‫َأ‬‫دا ف‬ ‫َح‬
‫ًَ‬ ‫أ‬
‫ُّ‬
‫يحِب‬‫ُ‬ ‫هللا‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ْ‬
‫ِم‬‫ِه‬ ‫مَّ‬
‫دت‬ ‫ُ‬ ‫َِلى‬‫إ‬
‫َ[ (التوبة‪).4:‬‬ ‫َّق‬
‫ِين‬ ‫ُت‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫وختام اآلية الكريمة مؤذن‬
‫بأن الوفاء بالعهود ولو مع‬
‫أفراد‬ ‫من‬ ‫هو‬ ‫المشركين‬
‫التقوى المستوجبة لحب هللا ‪-‬‬
‫تبارك وتعالى‪ -‬فهذه كلها‬
‫ُلقية تدخل في جميع‬ ‫أعمال خ‬
‫جوانب الحياة‪ ،‬ويرتقي بها‬
‫ذروة‬ ‫إلى‬ ‫اإللهي‬ ‫الوحي‬
‫ّا‬ ‫متفردة حين يجعلها دين‬
‫ال لثواب هللا ‪-‬‬ ‫وعبادة ومحً‬
‫محً‬
‫ال‬ ‫أو‬ ‫وتعالى‪-‬‬ ‫تبارك‬
‫عند‬ ‫األليم‬ ‫لعقابه‬
‫المخالفة‪ .‬هذا هو النموذج‬
‫األول الذي قرأناه من سورة‬
‫النحل‪.‬‬
‫ب‪ -‬أجمع اآليات القرآنية‬
‫لألخالق بنوعيها) ( ‪:‬‬
‫ثان أطول‪،‬‬ ‫ًا نموذج‬ ‫هنا أيض‬
‫هذا موجود‬ ‫النموذج الثاني‬
‫ربنا‪:‬‬‫يقول ُّ‬ ‫في سورة اإلسراء‬
‫ِالَّ‬
‫دوا إ‬‫ُُ‬
‫ْب‬ ‫َ‬
‫تع‬ ‫َالَّ‬
‫بكَ أ‬ ‫َى ر‬
‫َُّ‬ ‫َض‬
‫َق‬‫]و‬
‫انا‬‫ْسَ ً‬ ‫ِح‬‫إ‬ ‫ينِ‬‫دْ‬‫لَ‬‫َاِ‬ ‫َب ْ‬
‫ِالو‬ ‫و‬ ‫ياُ‬
‫ه‬ ‫َِّ‬
‫إ‬
‫َ‬
‫َر‬‫ِب‬ ‫ْ‬
‫الك‬ ‫َ‬‫دك‬‫َْ‬
‫ِن‬ ‫ع‬ ‫َن‬
‫َّ‬ ‫ُْ‬
‫لغ‬ ‫يب‬‫َ‬ ‫ما‬‫َِّ‬
‫إ‬
‫ُل‬
‫ْ‬ ‫تق‬‫َال َ‬ ‫َا ف‬ ‫هم‬ ‫ِالُ‬‫َو ك‬ ‫َا أ‬ ‫هم‬‫دُ‬‫َُ‬‫َح‬‫أ‬
‫ُل‬
‫ْ‬ ‫َق‬‫َا و‬ ‫هم‬‫ُْ‬ ‫هر‬‫َْ‬‫تن‬‫َال َ‬ ‫ٍ و‬ ‫ُف‬
‫ّ‬ ‫َا أ‬ ‫هم‬‫َلُ‬
‫ِضْ‬ ‫ْف‬‫َاخ‬ ‫ًا ‪ $‬و‬ ‫ِيم‬ ‫َر‬‫ال ك‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫َا ق‬ ‫هم‬‫َلُ‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ْم‬ ‫ْ الر‬
‫َّح‬ ‫ِن‬‫ِ م‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫الذل‬ ‫َاح‬
‫َ‬ ‫َن‬‫َا ج‬ ‫هم‬‫َلُ‬
‫ِي‬ ‫َان‬ ‫بي‬‫ََّ‬
‫َا ر‬ ‫َم‬‫َا ك‬ ‫هم‬‫ُْ‬‫َم‬‫ْح‬ ‫ِّ ار‬ ‫ْ ر‬
‫َّب‬ ‫ُل‬‫َق‬‫و‬
‫ِي‬ ‫َا ف‬ ‫ِم‬‫ُ ب‬ ‫لم‬‫َْ‬‫َع‬‫ْ أ‬ ‫ُم‬‫بك‬‫َُّ‬
‫ًا ‪ $‬ر‬ ‫ِير‬ ‫َغ‬‫ص‬
‫َ‬
‫ِحِين‬ ‫َال‬ ‫ونوا ص‬ ‫ُ ُ‬ ‫تك‬ ‫ن َ‬ ‫ِْ‬
‫ْ إ‬ ‫ُم‬‫ِك‬‫ُوس‬ ‫نف‬‫ُ‬
‫ًا ‪$‬‬ ‫ُور‬ ‫َف‬‫َ غ‬ ‫ِين‬ ‫َّاب‬‫ِألَو‬
‫ن ل‬ ‫َاَ‬ ‫ه ك‬ ‫نُ‬‫إَّ‬
‫َِ‬‫ف‬
‫َُّ‬
‫ه‬ ‫َق‬ ‫ح‬ ‫بى‬ ‫َْ‬‫ُر‬
‫الق‬‫ْ‬ ‫َا‬‫ذ‬ ‫َآتِ‬ ‫و‬
‫َال‬
‫ِ و‬ ‫ِيل‬ ‫َ السَّب‬ ‫بن‬ ‫َاْ‬‫َ و‬ ‫ِين‬‫ِسْك‬‫الم‬‫َ ْ‬‫و‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ِر‬‫َّ‬
‫ذ‬ ‫ُب‬ ‫ن ْ‬
‫الم‬ ‫َِّ‬
‫ًا ‪ $‬إ‬ ‫ِير‬ ‫ْذ‬
‫تب‬‫ْ َ‬ ‫ِر‬‫َّ‬
‫ذ‬ ‫تب‬‫ُ‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫َك‬‫ِينِ و‬ ‫َاط‬ ‫ن الشَّي‬ ‫َاَ‬ ‫ْو‬‫ِخ‬
‫انوا إ‬ ‫َ ُ‬ ‫ك‬
‫ما‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫ًا ‪ $‬و‬ ‫ُور‬ ‫َف‬ ‫ِ ك‬ ‫ِه‬‫َّ‬
‫ب‬ ‫لر‬‫ن ِ‬ ‫َاُ‬‫ْط‬‫الشَّي‬
‫ْ‬
‫ِن‬ ‫ٍ م‬ ‫َة‬‫ْم‬‫َح‬‫ء ر‬ ‫َاَ‬‫ِغ‬ ‫بت‬‫ْ اْ‬ ‫هم‬‫ُْ‬ ‫َّ ع‬
‫َن‬ ‫َن‬‫ِض‬‫ْر‬‫تع‬‫ُ‬
‫ًْ‬
‫ال‬ ‫َو‬‫ْ ق‬ ‫هم‬‫ْ َلُ‬ ‫ُل‬ ‫َق‬‫ها ف‬ ‫ُوَ‬‫ْج‬‫تر‬‫ِكَ َ‬ ‫َّ‬
‫ب‬ ‫ر‬
‫َ‬
‫دك‬ ‫يَ‬‫ْ َ‬ ‫َل‬‫ْع‬‫تج‬‫َال َ‬ ‫ًا ‪ $‬و‬ ‫ْسُور‬ ‫مي‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫َْ‬‫ْسُط‬
‫تب‬‫َال َ‬ ‫ِكَ و‬ ‫ُق‬‫ُن‬‫َِلى ع‬ ‫ة إ‬ ‫ولً‬
‫ل َ‬‫ُْ‬‫مغ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫لوً‬ ‫مُ‬
‫َ‬ ‫َُ‬
‫د‬ ‫ْع‬‫َق‬‫َت‬‫ف‬ ‫َسْط‬
‫ِ‬ ‫ْ‬
‫الب‬ ‫ُل‬
‫َّ‬ ‫ك‬
‫ُ‬
‫ْسُط‬ ‫يب‬‫بكَ َ‬ ‫ََّ‬
‫ن ر‬ ‫َِّ‬
‫ًا ‪ $‬إ‬ ‫ْسُور‬ ‫مح‬ ‫َ‬
‫نُ‬
‫ه‬ ‫َِّ‬
‫ُ إ‬ ‫ِر‬‫ْد‬‫يق‬‫ََ‬‫ء و‬ ‫يشَاُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َن‬‫لم‬‫َ ِ‬‫ْق‬‫ِز‬‫ّ‬
‫الر‬
‫ًا ‪$‬‬ ‫ِير‬ ‫بص‬‫ًا َ‬ ‫ِير‬ ‫َب‬‫ِ خ‬ ‫ِه‬‫َاد‬‫ِب‬‫ِع‬‫ن ب‬ ‫َاَ‬ ‫ك‬
‫ََ‬
‫ة‬ ‫َشْي‬‫ْ خ‬ ‫ُم‬‫دك‬‫ْالَ‬‫َو‬‫أ‬ ‫لوا‬‫ُُ‬‫ْت‬‫تق‬‫َال َ‬ ‫و‬
‫َِّ‬
‫ن‬ ‫ْ إ‬ ‫ُم‬‫ياك‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫ْ و‬ ‫هم‬‫ُُ‬‫ُق‬‫ْز‬ ‫ُ َ‬
‫نر‬ ‫ْن‬‫نح‬‫ٍ َ‬‫مالق‬‫ِْ‬ ‫إ‬
‫َال‬ ‫ًا ‪ $‬و‬ ‫ِير‬ ‫ًا ك‬
‫َب‬ ‫ْئ‬‫ن خِط‬‫َاَ‬ ‫ْ ك‬‫هم‬‫لُ‬‫َْ‬‫َت‬ ‫ق‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫نُ‬
‫ه‬ ‫َِّ‬
‫إ‬ ‫نى‬‫َِ‬
‫ّ‬
‫الز‬ ‫بوا‬‫َُ‬‫ْر‬‫تق‬ ‫َ‬
‫َال‬ ‫ال ‪ $‬و‬ ‫ِيً‬ ‫ء سَب‬ ‫َسَاَ‬‫ة و‬ ‫َاحِشًَ‬ ‫ف‬
‫َ هللا‬ ‫َّم‬
‫َر‬‫ِي ح‬ ‫ْسَ َّ‬
‫الت‬ ‫َّف‬
‫لوا الن‬ ‫ُُ‬‫ْت‬‫تق‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫لوً‬ ‫ُْ‬
‫مظ‬‫َ َ‬ ‫ِل‬‫ُت‬‫ْ ق‬ ‫من‬‫ََ‬‫ّ و‬ ‫َق‬
‫ِ‬ ‫ِالَّ ب ْ‬
‫ِالح‬ ‫إ‬
‫َال‬ ‫انا ف‬ ‫َ ً‬‫لط‬‫ِ سُْ‬ ‫ّ‬
‫ِه‬‫لي‬‫َِ‬‫لو‬‫َا ِ‬ ‫لن‬‫َْ‬‫َع‬
‫د ج‬ ‫َْ‬‫َق‬ ‫ف‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ه ك‬ ‫َِّ‬
‫نُ‬ ‫ِ إ‬ ‫ْل‬‫َت‬ ‫ْ‬
‫الق‬ ‫ِي‬‫ْ ف‬ ‫ِف‬‫يسْر‬ ‫ُ‬
‫ماَ‬
‫ل‬ ‫بوا َ‬ ‫َُ‬‫ْر‬‫تق‬‫َال َ‬ ‫ًا ‪ $‬و‬ ‫ُور‬ ‫منص‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ْسَن‬ ‫َح‬‫ِيَ أ‬ ‫ِي ه‬ ‫ِالَّ ب َّ‬
‫ِالت‬ ‫ِ إ‬ ‫ِيم‬‫َت‬‫الي‬‫ْ‬
‫ُوا‬ ‫ْف‬‫َو‬‫َأ‬‫و‬ ‫دُ‬
‫ه‬ ‫َشَُّ‬‫أ‬ ‫َ‬
‫لغ‬ ‫ُْ‬
‫يب‬ ‫َ‬ ‫َّى‬‫َت‬
‫ح‬
‫ُوً‬
‫ال‬ ‫مسْئ‬‫ن َ‬ ‫َاَ‬ ‫د ك‬ ‫هَ‬ ‫َْ‬
‫الع‬‫ن ْ‬ ‫َِّ‬
‫ِ إ‬ ‫هد‬‫َْ‬ ‫ب ْ‬
‫ِالع‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َا كْ‬
‫ِلت‬ ‫ِذ‬‫َ إ‬ ‫ْل‬‫َي‬‫الك‬‫ُوا ْ‬ ‫ْف‬‫َو‬
‫َأ‬‫‪ $‬و‬
‫ِيم‬
‫ِ‬ ‫َق‬‫ُسْت‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫َاسِ‬ ‫ِسْط‬ ‫نوا ب ْ‬
‫ِالق‬ ‫ُِ‬‫َز‬
‫و‬
‫َال‬‫ال ‪ $‬و‬ ‫ِيً‬ ‫ْو‬‫تأ‬‫ُ َ‬ ‫َح‬
‫ْسَن‬ ‫َأ‬‫ٌ و‬ ‫ْر‬‫َي‬
‫ِكَ خ‬ ‫َل‬
‫ذ‬
‫َِّ‬
‫ن‬ ‫ٌ إ‬ ‫ِ عْ‬
‫ِلم‬ ‫ِه‬‫ْسَ َلكَ ب‬ ‫ما َلي‬ ‫ُ َ‬ ‫ْف‬ ‫تق‬‫َ‬
‫ُل‬
‫ُّ‬ ‫د ك‬ ‫َاَ‬‫ُؤ‬‫الف‬‫َ ْ‬‫َ و‬ ‫َر‬‫َص‬
‫الب‬‫َ ْ‬‫َ و‬ ‫ْع‬‫السَّم‬
‫َال‬‫ال ‪ $‬و‬ ‫ُوً‬ ‫ه َ‬
‫مسْئ‬ ‫ُْ‬‫َن‬
‫ن ع‬ ‫َاَ‬ ‫ِكَ ك‬ ‫َْلئ‬‫ُو‬
‫أ‬
‫نكَ َلن‬
‫ْ‬ ‫َِّ‬
‫ًا إ‬ ‫َح‬‫مر‬ ‫ض َ‬ ‫ِي األَر‬
‫ِْ‬ ‫ْشِ ف‬ ‫تم‬‫َ‬
‫َاَ‬
‫ل‬ ‫َ ْ‬
‫الجِب‬ ‫لغ‬‫ُْ‬
‫تب‬ ‫ْ َ‬ ‫ََلن‬‫ْضَ و‬ ‫َ األَر‬ ‫تخْر‬
‫ِق‬ ‫َ‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫ِن‬
‫ه ع‬ ‫ُُ‬‫ِئ‬‫ن سَي‬
‫ّ‬ ‫َاَ‬ ‫ِكَ ك‬ ‫َل‬‫ُّ ذ‬‫ُل‬‫ال ‪ $‬ك‬ ‫ُوً‬
‫ط‬
‫َى‬ ‫َو‬
‫ْح‬ ‫َّا أ‬ ‫ِم‬‫ِكَ م‬ ‫َل‬‫ها ‪ $‬ذ‬ ‫ُوً‬ ‫ْر‬‫مك‬‫ِكَ َ‬ ‫َّ‬
‫ب‬ ‫ر‬
‫ِ[‬ ‫ْم‬
‫َة‬ ‫ْ‬
‫الحِك‬ ‫ْ‬‫ِن‬‫م‬ ‫بكَ‬‫َُّ‬
‫ر‬ ‫َِلي‬
‫ْكَ‬ ‫إ‬
‫(اإلسراء‪).39-23:‬‬
‫هي‬ ‫الكريمة‬ ‫اآليات‬ ‫وهذه‬
‫أجمع اآليات لنوعي الخلق‬
‫المحمود والمذموم‪ ،‬وقد جعل‬
‫التوحيد وإفراد هللا تعالى‬
‫هذا‬ ‫رأس‬ ‫على‬ ‫بالعبادة‬
‫البرنامج الخلقي؛ ألن له في‬
‫ًا‬
‫أخالقي‬ ‫ًا‬
‫جانب‬ ‫الحقيقة‬
‫ال؛ إذ االستجابة إلى ذلك‬ ‫أصيً‬
‫العدل‬ ‫خلق‬ ‫إلى‬ ‫ترجع‬
‫واإلنصاف والصدق مع النفس‪،‬‬
‫كما أن اإلعراض عن ذلك يرجع‬
‫ًا في الحقيقة إلى بؤرة‬ ‫أيض‬
‫سوء األخالق في المقام األول‬
‫مثل الكبر عن قبول الحق‪،‬‬
‫اتباع‬ ‫عن‬ ‫االستكبار‬ ‫أو‬
‫أو‬ ‫وجهال‪،‬‬ ‫ًا‬
‫غرور‬ ‫الرسل‬
‫والجدال‬ ‫بالمراء‬ ‫الولوع‬
‫في‬ ‫ًّا‬
‫وحب‬ ‫مغالبة‬ ‫الباطل‬
‫دا وجموً‬
‫دا‬ ‫الظهور‪ ،‬أو تقليً‬
‫على اإللف والعرف مع ضالله‬
‫وبهتانه‪ ،‬وكل هذه األمور‬
‫وأمثالها أخالق سوء ُ‬
‫تهلك‬
‫أصحابها‪ ،‬وتصدهم عن الحق‬
‫بعد ما تبين لهم‪ ،‬وتصدهم‬
‫عن السعادة في الدارين مع‬
‫استيقان أنفسهم بأن طريق‬
‫الرسل هو السبيل إليها‪.‬‬
‫تذكر‬ ‫ذلك‬ ‫بعد‬ ‫واآليات‬
‫متعددة‬ ‫خلقية‬ ‫ًا‬
‫أنماط‬
‫األسرة‬ ‫شئون‬ ‫في‬ ‫الجوانب‬
‫مثل‪ :‬بر الوالدين وما جاء‬
‫يا غاية في‬ ‫فيه من وصاً‬
‫والوفاء‬ ‫واإلحسان‬ ‫السمو‬
‫بالجميل‪ ،‬ومثل بر األقارب‬
‫والضعفاء‪ ،‬وفي شئون المال‬
‫عن‬ ‫بالنهي‬ ‫واإلنفاق‬
‫التبذير‪ ،‬واألمر باالعتدال‬
‫بين الشح المطبق والبسط‬
‫ّر هللا تعالى‬ ‫المستغرق‪ ،‬وقد نف‬
‫من التبذير بإضافته إلى شر‬
‫َ ُ‬
‫انوا‬ ‫َ ك‬ ‫ِين‬‫ِر‬‫َّ‬
‫ذ‬ ‫ُب‬ ‫ن ْ‬
‫الم‬ ‫َِّ‬
‫الخلق‪] :‬إ‬
‫ِينِ[‬‫َاط‬‫الشَّي‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ْو‬‫ِخ‬
‫إ‬
‫(اإلسراء‪ )27:‬ونفر من الحرص‬
‫واإلمساك عن اإلنفاق بتصويره‬
‫ْ‬
‫َل‬‫ْع‬
‫تج‬‫َال َ‬ ‫على أبشع مثال‪] :‬و‬
‫ُق‬
‫ِكَ[‬ ‫ُن‬
‫ع‬ ‫َِلى‬
‫إ‬ ‫ولً‬
‫ة‬ ‫ُْ‬
‫ل َ‬ ‫َ‬
‫مغ‬ ‫َ‬
‫دك‬‫يَ‬
‫َ‬
‫التي‬ ‫اليد‬ ‫(اإلسراء‪)29:‬‬
‫تبخل كأنها ملتصقة بالعنق‬
‫فال تريد أن تبذل الخير‬
‫للناس‪.‬‬
‫وتأمر اآليات الكريمة بخلق‬
‫جميل غاية في السمو وهو‬
‫الحرص على الكلمة الطيبة‪،‬‬
‫َِ‬
‫دة الجميلة إذا لم يجد‬ ‫والع‬
‫اإلنسان من المال ما يسع به‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُْ‬
‫َن‬‫َّ ع‬‫َن‬
‫ِض‬‫ْر‬
‫تع‬‫ما ُ‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫الناس‪] :‬و‬
‫ها‬‫ُوَ‬‫ْج‬
‫تر‬‫ِكَ َ‬
‫َّ‬
‫ب‬ ‫ْ ر‬ ‫ِن‬
‫ٍ م‬‫َة‬‫ْم‬‫َح‬‫ء ر‬ ‫َاَ‬
‫ِغ‬‫بت‬‫اْ‬
‫ًا[‬‫ْسُور‬ ‫َ‬
‫مي‬ ‫ًْ‬
‫ال‬ ‫َو‬
‫ق‬ ‫ْ‬
‫هم‬‫َلُ‬ ‫ُل‬
‫ْ‬ ‫َق‬
‫ف‬
‫(اإلسراء‪ ،)28:‬وهو وصية ذات‬
‫أثر بالغ في إحسان العالئق‬
‫بين الناس‪ ،‬بل ربما فضلوها‬
‫أحيانا على العطاء المادي‬ ‫ً‬
‫بالمن‬ ‫اقترن‬ ‫إذا‬ ‫خاصة‬
‫واألذى‪ ،‬وقد قرر رسول هللا ^‬
‫هذا الخلق القرآني بحاله‬
‫ًا ومن ذلك قوله‬ ‫ومقاله جميع‬
‫^‪“ :‬إنكم لن تسعوا الناس‬
‫ببسط‬ ‫فسعوهم‬ ‫بأموالكم‬
‫الوجه وحسن الخلق” رواه‬
‫في‬ ‫والحاكم‬ ‫البزار‬
‫في‬ ‫نعيم‬ ‫وأبو‬ ‫المستدرك‬
‫الحلية والبيهقي في الشعب‪.‬‬
‫‪ . .‬إلى آخر ما جاء في هذا‬
‫الباب‪.‬‬
‫ثم تتحدث اآليات الكريمة عن‬
‫بالبغي‬ ‫الخلق‬ ‫سوء‬
‫واالستطالة‪ ،‬وقساوة القلب‪،‬‬
‫وجمود‬ ‫الرحمة‪،‬‬ ‫وجفاف‬
‫العاطفة الكريمة‪ ،‬ويتمثل‬
‫ذلك في مظهره الجنائي وهو‬
‫القتل‪ ،‬وخاصة قتل االبنة‬
‫الصغيرة‪ ،‬نعم القتل جريمة‬
‫قانون‬ ‫في‬ ‫تسلك‬‫ُ‬ ‫جنائية‬
‫العقوبات والقصاص‪ ،‬ولكنها‬
‫زاويتها‬ ‫من‬ ‫تعالج‬ ‫هنا‬
‫األخالقية؛ ألن اآلية المكية‬
‫نزلت قبل تشريعات العقوبات‬
‫في المدينة التي تستهدف‬
‫الوقاية‪ ،‬وتعمل على تغيير‬
‫اإلرادة‪ ،‬وعلى توجيهها وجهة‬
‫الفعل‬ ‫بتحريم‬ ‫صريحة‬
‫وتجريمه وإصالح عقيدة صاحبه‬
‫ْ[ وبهدم‬‫ُم‬‫ياك‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫ْ و‬‫هم‬‫ُُ‬
‫ُق‬‫ْز‬
‫نر‬‫ُ َ‬
‫ْن‬ ‫َ‬
‫]نح‬
‫القيم االجتماعية الجائرة‬
‫المنكر‬ ‫هذا‬ ‫صنعت‬ ‫التي‬
‫وتنهي‬ ‫نكير‪،‬‬ ‫بال‬ ‫وسوغته‬
‫اآليات عن الزنى وهو بنفس‬
‫خلقية‬ ‫جريمة‬ ‫المقياس‬
‫واالستطالة‬ ‫البغي‬ ‫أساسها‬
‫والحرمات‪،‬‬ ‫األعراض‬ ‫على‬
‫والشرف‪،‬‬ ‫العفاف‬ ‫وإهدار‬
‫من‬ ‫كريم‬ ‫بكل‬ ‫واالستهتار‬
‫العليا‪،‬‬ ‫اإلنسانية‬ ‫القيم‬
‫وتأمر اآليات وتنهى عن أمور‬
‫مردها إلى خلق األمانة أو‬
‫الخيانة‪ ،‬أو الجد والعبث‪،‬‬
‫والتواضع العزيز أو الكبر‬
‫والغرور‪.‬‬
‫مال‬ ‫حفظ‬ ‫األمانة‪:‬‬ ‫فمن‬
‫أشده‪،‬‬ ‫يبلغ‬ ‫حتى‬ ‫اليتيم‬
‫وتوفية‬ ‫بالعهد‪،‬‬ ‫والوفاء‬
‫الكيل والميزان‪ ،‬والخيانة‬
‫أضدادها‪ ،‬ومن الجد اشتغال‬
‫وعدم‬ ‫يعنيه‬ ‫بما‬ ‫اإلنسان‬
‫تتبعه ما ليس له به شأن وال‬
‫ربنا في‬ ‫ُّ‬ ‫علم‪ ،‬كما قال‬
‫ما َلي‬
‫ْسَ[‬ ‫ُ َ‬ ‫ْف‬
‫تق‬‫َال َ‬ ‫اآليات‪] :‬و‬
‫ْسَ‬‫ما َلي‬
‫ُ َ‬‫ْف‬ ‫تق‬ ‫َال َ‬‫أي‪ :‬ال تتبع ]و‬
‫َ‬
‫َر‬‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬ ‫َ و‬‫ْع‬ ‫ن السَّم‬ ‫َِّ‬
‫ٌ إ‬ ‫ِ عْ‬
‫ِلم‬ ‫َلكَ ب‬
‫ِه‬
‫ُْ‬
‫ه‬ ‫َن‬
‫ن ع‬‫َاَ‬‫ِكَ ك‬ ‫ُو‬
‫َْلئ‬ ‫ُّ أ‬‫ُل‬
‫د ك‬‫َاَ‬‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫و‬
‫ال[ (اإلسراء‪ )36:‬والعبث‬ ‫ُوً‬ ‫َ‬
‫مسْئ‬
‫كل العبث في اشتغال اإلنسان‬
‫بما نهي عنه‪ ،‬ومن التواضع‬
‫اإلنسان‬ ‫شعور‬ ‫الجميل‬
‫بحدوده‪ ،‬ومعرفته قدر نفسه؛‬
‫فيضعها في مواضعها الصحيحة‬
‫ًا‪ ،‬ومن الكبر والغرور‬ ‫دائم‬
‫ذلك التطاول المبني على‬
‫الجهل والطيش والحماقة كما‬
‫ِْ‬
‫ض‬ ‫ِي األَر‬‫ْشِ ف‬
‫تم‬‫َال َ‬‫ربنا‪] :‬و‬ ‫قال ُّ‬
‫ََلن‬
‫ْ‬ ‫َ األَر‬
‫ْضَ و‬ ‫ِق‬ ‫ْ َ‬
‫تخْر‬ ‫نكَ َلن‬
‫َِّ‬
‫ًا إ‬‫َح‬ ‫َ‬
‫مر‬
‫ال[ والمرح‬ ‫ُوً‬‫ل ط‬ ‫َاَ‬ ‫ْ‬
‫الجِب‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫لغ‬ ‫َ‬
‫تب‬
‫الكبر‬ ‫هنا‬ ‫به‬ ‫المراد‬
‫واالستهتار‪.‬‬
‫وألن هذه وصايا جامعة لكل‬
‫ما يصلح شأن اإلنسان ختمها‬
‫الحكيم‪:‬‬ ‫بقوله‬ ‫تعالى‬ ‫هللا‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫بكَ م‬‫َُّ‬ ‫َِلي‬
‫ْكَ ر‬ ‫َى إ‬ ‫َو‬
‫ْح‬ ‫َّا أ‬
‫ِم‬‫ِكَ م‬‫َل‬
‫]ذ‬
‫ها‬‫َِلً‬
‫َ هللا إ‬
‫مع‬‫ْ َ‬‫َل‬
‫ْع‬ ‫َال َ‬
‫تج‬ ‫ِ و‬ ‫ْم‬
‫َة‬ ‫ْ‬
‫الحِك‬
‫َ[ (اإلسراء‪ )39:‬فسماها‬ ‫َر‬
‫آخ‬
‫حكمة‪ ،‬وختمها بالدعوة إلى‬
‫التوحيد والنهي عن الشرك‬
‫كما بدأ اآليات بذلك؛ ألن‬
‫اإليمان باهلل تعالى هو مفتاح‬
‫وحارسه‪،‬‬ ‫وحافظه‬ ‫خير‬ ‫كل‬
‫والكفر هو مفتاح كل شر‬
‫وباعثه ومحركه‪.‬‬
‫جـ‪ -‬آيات الوصايا العشر ( ‪:‬‬
‫)‬
‫العنصر‬ ‫هذا‬ ‫إلى‬ ‫ننتقل‬
‫النماذج‬ ‫ببيان‬ ‫الجديد‬
‫ذكرنا‬ ‫فقد‬ ‫القرآنية‪،‬‬
‫وفي‬ ‫تفصيليين‪،‬‬ ‫نموذجين‬
‫القرآن الكريم آيات على‬
‫هذا النمط المجموعي الجامع‬
‫كثيرة كاآليات التي اشتهرت‬
‫في‬ ‫العشر‬ ‫الوصايا‬ ‫باسم‬
‫سورة األنعام من اآلية ‪151‬‬
‫إلى اآلية ‪ 153‬والتي تبدأ‬
‫ْا‬ ‫َ َ‬
‫الو‬ ‫تع‬‫ْ َ‬ ‫ُل‬
‫بقوله تعالى‪] :‬ق‬
‫َالَّ‬
‫ْ أ‬‫ُم‬‫ْك‬
‫لي‬‫ََ‬
‫ْ ع‬‫ُم‬
‫بك‬‫َُّ‬
‫َ ر‬ ‫َّم‬
‫َر‬ ‫ُ َ‬
‫ما ح‬ ‫تل‬‫َْ‬
‫أ‬
‫ينِ‬ ‫دْ‬‫لَ‬
‫َاِ‬ ‫َب ْ‬
‫ِالو‬ ‫ًا و‬ ‫ْئ‬‫ِ شَي‬‫ِه‬‫ُوا ب‬ ‫تشْر‬
‫ِك‬ ‫ُ‬
‫انا‪ [ . . . .‬إلى آخر‬ ‫ْسَ ً‬‫ِح‬
‫إ‬
‫اآليات الكريمة‪.‬‬
‫ًا اآليات الكريمة التي‬ ‫أيض‬
‫سماهم‬ ‫لمن‬ ‫ًا‬
‫وصف‬ ‫سيقت‬
‫في‬ ‫الرحمن‬ ‫عباد‬ ‫القرآن‬
‫سورة الفرقان يقول فيه‪:‬‬
‫ْشُوَ‬
‫ن‬ ‫يم‬‫َ َ‬ ‫ِين‬ ‫َنِ َّ‬
‫الذ‬ ‫ْم‬‫َّح‬
‫د الر‬ ‫َاُ‬ ‫َع‬
‫ِب‬ ‫]و‬
‫ْ‬
‫هم‬ ‫َب‬
‫َُ‬ ‫َاط‬‫َا خ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬‫نا و‬‫ًْ‬ ‫ض َ‬
‫هو‬ ‫لى األَر‬
‫ِْ‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫‪$‬‬ ‫ما‬‫سَالً‬ ‫الوا‬‫َ ُ‬
‫ق‬ ‫ن‬ ‫َاهُ‬
‫ِلوَ‬ ‫ْ‬
‫الج‬
‫دا‬‫ًَّ‬
‫ْ سُج‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬‫َّ‬
‫ب‬ ‫لر‬‫ن ِ‬‫ُوَ‬‫ِيت‬‫يب‬‫َ َ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫ولوَ‬
‫ن‬ ‫ُ ُ‬‫يق‬ ‫َ َ‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ما ‪ $‬و‬ ‫َاً‬
‫ِي‬‫َق‬
‫و‬
‫َّم‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫هن‬ ‫َ ج‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫َّا ع‬ ‫َن‬‫ْ ع‬ ‫ِف‬ ‫َا اص‬
‫ْر‬ ‫بن‬‫ََّ‬
‫ر‬
‫ما ‪$‬‬ ‫َاً‬‫َر‬‫ن غ‬ ‫َاَ‬‫ها ك‬ ‫بَ‬‫ذاَ‬‫ََ‬
‫ن ع‬ ‫َِّ‬
‫إ‬
‫ما ‪$‬‬ ‫َاً‬ ‫َُ‬
‫مق‬ ‫ًّا و‬ ‫َر‬‫َق‬ ‫ْ ُ‬
‫مسْت‬ ‫ءت‬‫ها سَاَ‬ ‫نَ‬‫َِّ‬
‫إ‬
‫َلم‬
‫ْ‬ ‫ُوا‬‫َق‬‫َنف‬ ‫أ‬ ‫َا‬‫ِذ‬‫إ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫َك‬‫ُوا و‬ ‫ْت‬
‫ُر‬ ‫يق‬ ‫ْ َ‬ ‫ََلم‬‫ُوا و‬ ‫ِف‬‫يسْر‬‫ُ‬
‫َ ال‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ما ‪ $‬و‬ ‫َاً‬ ‫َو‬‫ِكَ ق‬‫َل‬‫َ ذ‬ ‫ْن‬‫بي‬‫َ‬
‫َال‬ ‫َ و‬ ‫َر‬‫ها آخ‬ ‫َِلً‬ ‫َ هللا إ‬ ‫ن َ‬
‫مع‬ ‫ُوَ‬‫دع‬‫يْ‬‫َ‬
‫َ هللا‬‫َّم‬
‫َر‬‫ِي ح‬ ‫ْسَ َّ‬
‫الت‬ ‫َّف‬
‫ن الن‬ ‫لوَ‬‫ُُ‬‫ْت‬‫يق‬‫َ‬
‫ْ‬
‫من‬ ‫ََ‬
‫ن و‬ ‫نوَ‬‫ُْ‬ ‫َال َ‬
‫يز‬ ‫ّ و‬ ‫ِ‬‫َق‬ ‫ِالَّ ب ْ‬
‫ِالح‬ ‫إ‬
‫َ أثاما ‪$‬‬‫ً‬ ‫َ‬‫َ‬ ‫لق‬‫يْ‬
‫ِكَ َ‬ ‫َل‬‫ْ ذ‬ ‫َل‬‫ْع‬‫يف‬‫َ‬
‫َ‬
‫ْم‬ ‫َ‬
‫يو‬ ‫ُ‬
‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫الع‬‫ْ‬ ‫َلُ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َاع‬
‫َف‬ ‫يض‬‫ُ‬
‫انا[‬ ‫ه ً‬‫مَ‬‫ِ ُ‬ ‫ِيه‬‫د ف‬ ‫يخُْ‬
‫لْ‬ ‫ََ‬‫ِ و‬ ‫مة‬‫َاَ‬‫ِي‬ ‫ْ‬
‫الق‬
‫اآليات‬ ‫(الفرقان‪)69-62:‬‬
‫بالتفصيل مذكورة في سورة‬
‫الفرقان‪.‬‬
‫وهناك آيات تربية الجماعة‬
‫المسلمة في سورة الشورى من‬
‫َا‬ ‫َم‬
‫]ف‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫أول‬
‫َاع‬
‫ُ‬ ‫َت‬‫َم‬
‫ف‬ ‫شَيٍْ‬
‫ء‬ ‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ُوت‬
‫ِيت‬ ‫أ‬
‫د هللا‬‫َْ‬‫ِن‬
‫ما ع‬ ‫ََ‬‫َا و‬ ‫ني‬‫الدْ‬
‫ُّ‬ ‫َاة‬
‫ِ‬ ‫َي‬ ‫ْ‬
‫الح‬
‫ُوا‬ ‫من‬‫آَ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫لَّ‬
‫ِلذ‬ ‫َى‬ ‫َْ‬
‫بق‬ ‫َأ‬
‫ٌ و‬ ‫ْر‬‫َي‬
‫خ‬
‫ن[‬ ‫لوَ‬‫َُّ‬
‫َك‬ ‫َو‬
‫يت‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ِم‬‫ِه‬
‫ب‬‫َّ‬‫ر‬ ‫ََ‬
‫لى‬ ‫َع‬
‫و‬
‫بعدها‬ ‫وما‬ ‫(الشورى‪،)36:‬‬
‫إلى اآلية ‪.43‬‬
‫سورة‬ ‫في‬ ‫ًا‬
‫أيض‬ ‫وآيات‬
‫َ‬
‫ِق‬‫ُل‬
‫ن خ‬ ‫ِنسَاَ‬ ‫ن اإل‬ ‫َِّ‬
‫المعارج‪] :‬إ‬
‫ًا‬‫ُوع‬ ‫ُّ ج‬
‫َز‬ ‫ه الشَّر‬ ‫َا َ‬
‫مسَُّ‬ ‫ِذ‬
‫لوعا إ‬ ‫هُ‬‫َ‬
‫ًا‪. . .‬‬ ‫ُوع‬ ‫من‬‫ُ َ‬
‫ْر‬ ‫ه ْ‬
‫الخَي‬ ‫َا َ‬
‫مسَُّ‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫و‬
‫[ من اآلية التاسعة عشرة‬
‫الرابعة‬ ‫اآلية‬ ‫إلى‬
‫والثالثين‪ ،‬وغير ذلك كثير‬
‫يطول بنا األمر لو أردنا‬
‫إحصاءه وذكره هنا‪.‬‬
‫ومن دقائق القرآن الكريم‬
‫در هذه‬‫ومن لطائفه أنه يصّ‬
‫بتقرير‬ ‫األخالقية‬ ‫اآليات‬
‫هلل‬ ‫والعبودية‬ ‫التوحيد‬
‫تعالى‪ ،‬وهذا بدوره تأكيد‬
‫وأصول‬ ‫حقائق‬ ‫على‬ ‫أساسي‬
‫الشريعة اإلسالمية الجامعة‬
‫هذا‬ ‫جميعها‬ ‫تتبع‬ ‫التي‬
‫وبذلك‬ ‫التأسيسي‪،‬‬ ‫المدخل‬
‫يتقرر‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أن هللا تعالى هو وحده‬
‫مصدر التشريع في الشرائع‬
‫القيم‬ ‫شارع‬ ‫وهو‬ ‫ًا‪،‬‬
‫جميع‬
‫وهو‬ ‫األخالقية‪،‬‬ ‫والمعايير‬
‫وحده الذي يقرر حسنها أو‬
‫قبحها‪.‬‬
‫ًا‪ :‬أن األخالق دين ملتزم‬
‫ثاني‬
‫نثاب‬ ‫فضائل‬ ‫مجرد‬ ‫ليست‬
‫عليها‪ ،‬بل هي دين مقرر‪ ،‬بل‬
‫هي أصل من أصول المنهاج‬
‫اإللهي وليست مجرد فضائل‬
‫فردية كما يدعي بعض الناس‪،‬‬
‫أو‬ ‫اجتماعية‪،‬‬ ‫آداب‬ ‫أو‬
‫أذواق حضرية‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫ًا‪ :‬األخالق قيم أساسية‬ ‫ثالث‬
‫في حياة البشر ينبغي أن‬
‫تحظى بالثبات واالستقرار‪،‬‬
‫يمنع الطواغيت من‬‫وبالتالي ُ‬
‫التالعب بها‪ ،‬أو تشكيلها‬
‫والنظريات‬ ‫األهواء‬ ‫حسب‬
‫والمصالح‪.‬‬
‫قد احتوى القرآن‬ ‫ًا‪:‬‬
‫رابع‬
‫من‬ ‫العديد‬ ‫على‬ ‫الكريم‬
‫تعطي‬ ‫التي‬ ‫الفذة‬ ‫اآلداب‬
‫باب‬ ‫في‬ ‫التوجيهات‬ ‫أسمى‬
‫الفردية‬ ‫واآلداب‬ ‫الفضائل‬
‫واالجتماعية‪ ،‬والذي لم تبلغ‬
‫سفح ذراها أرقى المجتمعات‬
‫في أمم الحضارات قديمها‬
‫ًّا إنها كما‬ ‫وحديثها‪ ،‬وحق‬
‫ْ‬
‫من‬‫ََ‬
‫ة هللا و‬‫ََ‬
‫ْغ‬‫ِب‬ ‫ربنا‪] :‬ص‬ ‫ُّ‬ ‫وصفها‬
‫َة[‬‫ْغ‬‫ِب‬
‫ص‬ ‫هللا‬ ‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫ُ‬ ‫َح‬
‫ْسَن‬ ‫أ‬
‫ربنا‪.‬‬‫(البقرة‪ )138:‬وصدق ُّ‬
‫‪5-‬طريقة القرآن الكريم في‬
‫باآليات‬ ‫األخالق‬ ‫بعض‬ ‫بيان‬
‫ًا‪:‬‬
‫ًا ونهي‬ ‫المفردة أمر‬
‫ومن ذلك أمثلة‪:‬‬
‫أو‬ ‫التحية‬ ‫أ‪ -‬األمر برد‬
‫أحسن منها) ( ‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬آيات التربية على أدب‬
‫الحديث وحسن اختيار األلفاظ‬
‫تعالى‬ ‫فيقول‬ ‫والعبارات‪،‬‬
‫ُل‬
‫ْ‬ ‫َق‬
‫]و‬ ‫اإلطالق‪:‬‬ ‫سبيل‬ ‫على‬
‫ِيَ‬‫ه‬ ‫ِي‬ ‫َّ‬
‫الت‬ ‫ولوا‬‫ُ ُ‬‫يق‬‫ِي َ‬ ‫َاد‬ ‫ِب‬
‫لع‬‫ِ‬
‫ُل‬
‫ْ‬ ‫َق‬‫ال هكذا‪] :‬و‬ ‫ُ[ إجماً‬ ‫َح‬
‫ْسَن‬ ‫أ‬
‫ِيَ‬‫ه‬ ‫ِي‬ ‫َّ‬
‫الت‬ ‫ولوا‬‫ُ ُ‬‫يق‬‫ِي َ‬ ‫َاد‬ ‫ِب‬
‫لع‬‫ِ‬
‫ُ‬‫َغ‬‫ينز‬‫َ‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ْط‬‫الشَّي‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ُ‬ ‫َح‬
‫ْسَن‬ ‫أ‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫الشَّي‬
‫ْط‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ْ‬
‫هم‬‫َُ‬‫ْن‬
‫بي‬‫َ‬
‫ًا[‬ ‫ِين‬
‫مب‬‫ُ‬ ‫ًّا‬
‫دو‬‫َُ‬‫ع‬ ‫ِنسَانِ‬ ‫ِ‬
‫لإل‬
‫(اإلسراء‪).53:‬‬
‫أو يقول ربنا على سبيل‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ُي‬
‫ِيت‬ ‫ح‬ ‫َا‬‫ِذ‬‫َإ‬
‫]و‬ ‫التحديد‪:‬‬
‫َ‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬‫َ‬
‫ِأحسن منها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّوا ب‬
‫َي‬ ‫َح‬
‫ٍ ف‬ ‫َحِي‬
‫َّة‬ ‫ِت‬‫ب‬
‫ه[ (النساء‪).86:‬‬ ‫دوَ‬ ‫َو ر‬
‫ُُّ‬ ‫أ‬
‫اإللهي في‬ ‫ويالحظ أن األمر‬
‫بالمؤمنين‬ ‫الحالين يرتفع‬
‫من‬ ‫العليا‬ ‫الدرجة‬ ‫إلى‬
‫يأمرهم‬ ‫حيث‬ ‫التربية‪،‬‬
‫أطيب‬ ‫هو‬ ‫الذي‬ ‫باألحسن‬
‫الحسن؛ ليكون بينهم وبين‬
‫السيئ من األفعال واألقوال‬
‫يفعلوا‬ ‫فال‬ ‫واسعة‪،‬‬ ‫شُقة‬
‫ال عن األسوأ‪ ،‬ومن‬ ‫السوء فضً‬
‫هذا المعنى قوله تعالى‪:‬‬
‫ُوا ال‬ ‫َ آَ‬
‫من‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫]َ‬
‫ُ ُ‬
‫ولوا‬ ‫َق‬‫و‬ ‫َا‬‫ِن‬‫َاع‬ ‫ر‬ ‫ُ ُ‬
‫ولوا‬ ‫تق‬‫َ‬
‫ُوا[‬‫َع‬
‫َاسْم‬‫و‬ ‫نا‬‫َْ‬
‫ُر‬‫انظ‬
‫واآلية‬ ‫(البقرة‪)104:‬‬
‫ّا ال نظير له في‬ ‫الكريمة مم‬
‫باب تربية الذوق واإلحساس‬
‫االجتماعي وأدب الخطاب‪ ،‬ذلك‬
‫َا[ ال غبار‬ ‫ِن‬‫َاع‬ ‫ألن كلمة ]ر‬
‫عليها في ذاتها ألنها بمعنى‬
‫الحظنا وانظر إلينا يا رسول‬
‫هللا‪ ،‬وكان المسلمون يقولونها‬
‫للنبي ^ في مجالسه معهم‬
‫يستمهلونه بها ويستلفتون‬
‫نظره إليهم‪ ،‬فلما سمعها‬
‫تشابهها‬ ‫استغلوا‬ ‫اليهود‬
‫اللفظي مع كلمة في لغتهم‬
‫الرعونة‬ ‫تعني‬ ‫العبرية‬
‫يقولون‬ ‫فكانوا‬ ‫والحمق‪،‬‬
‫القصد‬ ‫بهذا‬ ‫^‬ ‫للنبي‬
‫محمد‬ ‫يا‬ ‫راعنا‬ ‫الخبيث‪:‬‬
‫تعالى‬ ‫هللا‬ ‫فنهى‬ ‫راعنا؛‬
‫ٍ‬
‫حينئذ‬ ‫عنها‬ ‫المؤمنين‬
‫وأمرهم أن يقولوا كلمة ال‬
‫تحتمل غير ظاهرها‪ ،‬فكان‬
‫ال في تخير األلفاظ‪ ،‬وفي‬ ‫أصً‬
‫تجنب الكلمات الموهمة التي‬
‫ًا‪،‬‬ ‫قد تستبطن ًّ‬
‫ذما أو تنقيص‬
‫مقصودين‪،‬‬ ‫غير‬ ‫كانا‬ ‫ولو‬
‫وهذا أدب فريد ال يليق إال‬
‫باإلنسان المكرم‪ ،‬وال يرقى‬
‫إليه إال مجتمع المؤمنين‪.‬‬
‫ب‪ -‬النهي عن العيب والطعن‬
‫في الناس استخفاء) ( ‪:‬‬
‫ومن هذا الباب نهيه تعالى‬
‫قال‬ ‫واللمز‬ ‫الهمز‬ ‫عن‬
‫َة‬
‫ٍ‬ ‫َز‬
‫هم‬‫ُ‬ ‫ُل‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لك‬ ‫ٌ‬
‫يل‬‫َْ‬
‫]و‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫وهو‬ ‫(الهمزة‪)1:‬‬ ‫َة‬
‫ٍ[‬ ‫ُلم‬
‫َز‬
‫العيب والطعن في اآلخرين‬
‫ء سواء في حضورهم أو‬ ‫استخفاً‬
‫في غيبتهم‪.‬‬
‫ًا من هذا ‪-‬النهي عن‬ ‫أيض‬
‫القبح‬ ‫بألقاب‬ ‫التنابذ‬
‫َال‬
‫والسوء‪ -‬قال تعالى‪] :‬و‬
‫ُوا‬
‫بز‬‫َاَ‬
‫تن‬‫َال َ‬
‫ْ و‬‫ُم‬ ‫َنف‬
‫ُسَك‬ ‫ُوا أ‬‫ِز‬ ‫لم‬‫تْ‬
‫َ‬
‫َابِ[ (الحجرات‪ )11:‬كأن‬ ‫ِاألَْلق‬
‫ب‬
‫ًا‪ :‬يا أيها‬ ‫يقول له تعييب‬
‫األعرج‪ ،‬أو األعمش‪ . . .‬أو‬
‫ما إلى ذلك‪.‬‬
‫ًا من هذا النوع آيات في‬ ‫أيض‬
‫التربية على حسن المعاشرة‬
‫والمخالطة والمعاملة بين‬
‫الناس‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫يقول‬ ‫المجالس‬ ‫في‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫َ‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َّ‬ ‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫أ‬ ‫يا‬‫]َ‬ ‫بنا‪:‬‬ ‫رُّ‬
‫ُوا‬‫َسَّح‬ ‫ْ َ‬
‫تف‬ ‫ُم‬‫َ َلك‬ ‫ِيل‬‫َا ق‬ ‫ُوا إ‬
‫ِذ‬ ‫من‬‫آَ‬
‫مجالس‬ ‫في‬ ‫ِسِ[‬‫َال‬‫َج‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫ِي‬‫ف‬
‫العلم في مجالس االجتماعات‬
‫َا‬‫ِذ‬
‫العامة وما إلى ذلك ]إ‬
‫ِسِ‬‫َال‬‫َج‬ ‫ِي ْ‬
‫الم‬ ‫ُوا ف‬ ‫َسَّح‬
‫تف‬‫ْ َ‬‫ُم‬‫َ َلك‬ ‫ِيل‬ ‫ق‬
‫َا‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫ْ و‬ ‫ْ هللا َلك‬
‫ُم‬ ‫ْسَح‬ ‫ُوا َ‬
‫يف‬ ‫ْسَح‬‫َاف‬ ‫ف‬
‫ُوا[ يعني‪ :‬انتشروا‬ ‫َ انشُز‬ ‫ِيل‬‫ق‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ْ هللا‬ ‫َع‬
‫ْف‬ ‫ُوا َ‬
‫ير‬ ‫َانشُز‬‫]ف‬
‫توا‬‫ُوُ‬‫َ أ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ْ و‬ ‫ُم‬
‫ْك‬ ‫ُوا م‬
‫ِن‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫َج‬
‫َاتٍ[‬ ‫َ‬
‫در‬ ‫َ‬ ‫العْ‬
‫ِلم‬ ‫ْ‬
‫(المجادلة‪).11:‬‬
‫ًا‪ :‬في‬ ‫ومن هذا اللون أيض‬
‫يا‬‫ًا‪َ] :‬‬ ‫البيوت هذا األدب أيض‬
‫ُوا‬‫من‬‫آَ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ها‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫أ‬
‫َت‬
‫ْ‬ ‫لك‬‫مَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْذْ‬
‫ِنك‬ ‫َأ‬‫َسْت‬
‫لي‬‫ِ‬
‫ُوا‬‫لغ‬‫ُْ‬‫يب‬‫ْ َ‬ ‫َ َلم‬ ‫ِين‬‫الذ‬‫َ َّ‬
‫ْ و‬ ‫ُم‬ ‫َ ُ‬
‫انك‬ ‫َْ‬
‫يم‬ ‫أ‬
‫َّاتٍ[‬
‫مر‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ثالث‬‫َ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬‫ِن‬‫م‬ ‫َ‬
‫لم‬‫ُُ‬ ‫ْ‬
‫الح‬
‫(النور‪).58:‬‬
‫َا‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫ربنا ويقول‪] :‬و‬ ‫وحددها ُّ‬
‫َ[‬‫لم‬‫ُُ‬ ‫ْ‬
‫الح‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫ِن‬‫ل م‬ ‫َاُ‬ ‫ْف‬‫َ األَط‬ ‫بَ‬
‫لغ‬ ‫َ‬
‫ِنوا‬‫ْذُ‬‫َأ‬
‫َسْت‬ ‫َْ‬
‫لي‬ ‫يعني‪ :‬البلوغ ]ف‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ََ‬
‫ن‬ ‫ْذ‬‫َأ‬‫اسْت‬ ‫َم‬
‫َا‬ ‫ك‬
‫ْ[ (النور‪).59:‬‬ ‫ِم‬‫ِه‬ ‫َب‬
‫ْل‬ ‫ق‬
‫ها‬‫يَ‬‫َُّ‬
‫أ‬ ‫]َ‬
‫يا‬ ‫ربنا‪:‬‬ ‫ويقول‬
‫َ‬
‫ُوت‬ ‫بي‬‫لوا ُ‬ ‫ُُ‬
‫دخ‬ ‫تْ‬‫ُوا ال َ‬ ‫َ آَ‬
‫من‬ ‫ِين‬‫الذ‬‫َّ‬
‫َِلى‬‫ْ إ‬ ‫ن َلك‬
‫ُم‬ ‫ََ‬ ‫ْذ‬ ‫ن ُ‬
‫يؤ‬ ‫َْ‬
‫ِالَّ أ‬
‫ِ إ‬‫ِيّ‬‫َّب‬
‫الن‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫ََلك‬‫ه و‬‫ناُ‬‫َِ‬
‫َ إ‬ ‫ِين‬‫ِر‬‫ناظ‬‫َ َ‬‫ْر‬‫َي‬‫ٍ غ‬ ‫َام‬ ‫َع‬‫ط‬
‫َا‬‫إذ‬‫َِ‬‫لوا ف‬ ‫ُُ‬ ‫دخ‬‫َاْ‬‫ْ ف‬ ‫ُم‬‫ِيت‬‫دع‬‫َا ُ‬ ‫ِذ‬‫إ‬
‫َال‬
‫و‬ ‫ُوا‬ ‫ِر‬‫َش‬ ‫َ ْ‬
‫انت‬ ‫ف‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْت‬
‫ِم‬ ‫َع‬‫ط‬
‫ِيثٍ[‬ ‫َد‬ ‫ِ‬
‫لح‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫ِس‬‫ْن‬‫َأ‬
‫مسْت‬ ‫ُ‬
‫(األحزاب‪).53:‬‬
‫ها‬‫يَ‬‫َُّ‬
‫أ‬ ‫]َ‬
‫يا‬ ‫ربنا‪:‬‬ ‫ويقول‬
‫لوا‬ ‫ُُ‬‫دخ‬ ‫َ‬
‫تْ‬ ‫ال‬ ‫ُوا‬‫من‬‫آَ‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َّ‬
‫َّى‬
‫َت‬‫ح‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ُوت‬
‫ِك‬ ‫ُ‬
‫بي‬ ‫َ‬
‫ْر‬‫َي‬
‫غ‬ ‫تا‬‫ُوً‬ ‫بي‬‫ُ‬
‫لى‬‫ََ‬‫ع‬ ‫ُوا‬‫ِم‬‫تسَّ‬
‫ل‬ ‫َُ‬
‫و‬ ‫ِسُوا‬‫ْن‬‫َأ‬
‫تسْت‬ ‫َ‬
‫(النور‪)27:‬‬ ‫ها[‬ ‫َِ‬
‫هل‬ ‫َْ‬‫أ‬
‫ٌ نفسي يتحسس‬ ‫واالستئناس شعور‬
‫قبل‬ ‫الدخول‬ ‫مواقع‬
‫أبلغ‬ ‫من‬ ‫فهو‬ ‫االستئذان‪،‬‬
‫ألوان التربية االجتماعية‬
‫التي تستهدف ترقية مشاعر‬
‫المؤمنين والوصول بها إلى‬
‫الرقة‬ ‫من‬ ‫عالية‬ ‫درجة‬
‫اإلحساس؛‬ ‫وصفاء‬ ‫والدقة‬
‫ولذلك يالحظ أن عامة اآليات‬
‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫أ‬ ‫يا‬‫]َ‬ ‫بنداء‪:‬‬ ‫تصدر‬
‫ُوا[ افعلوا كذا‪،‬‬ ‫َ آَ‬
‫من‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬
‫ُوا[ أي‬‫من‬‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫يا أ‬ ‫]َ‬
‫أن هذه األخالق العظيمة من‬
‫قضايا اإليمان ومن لوازمه‬
‫ٍ عن أن‬ ‫كأن الكفار بمعزل‬
‫يرتقوا إلى هذا المستوى‬
‫الكريم‪ ،‬وفي هذا النداء‬
‫للجماعة‬ ‫انتداب‬ ‫ًا‬
‫أيض‬
‫المسلمة لتقوم على حراسة‬
‫هذه المعاني في مجتمعها‬
‫على‬ ‫تطبيقها‬ ‫عن‬ ‫فضً‬
‫ال‬
‫أنفسها‪.‬‬
‫آداب‬ ‫ًا‪:‬‬ ‫أيض‬ ‫األمثلة‬ ‫ومن‬
‫قوله‬ ‫مثل‬ ‫العامة‬ ‫األمور‬
‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ِن‬‫ْم‬‫ُؤ‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫َا‬‫نم‬‫َِّ‬
‫]إ‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫ِ‬
‫له‬‫َسُوِ‬ ‫َر‬‫ِاهلل و‬ ‫ُوا ب‬ ‫َ آَ‬
‫من‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ‬ ‫انوا َ‬ ‫َ ُ‬‫َا ك‬ ‫َإ‬
‫لى أ ٍ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ه ع‬ ‫مع‬ ‫ِذ‬ ‫و‬
‫َّى‬
‫َت‬‫ح‬ ‫ُوا‬ ‫هب‬‫ذَ‬‫يْ‬‫َ‬ ‫َلم‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َام‬
‫ِع‬ ‫ج‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ِنوُ‬
‫ه‬ ‫ْذُ‬ ‫َأ‬
‫يسْت‬‫َ‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ِكَ‬‫َْلئ‬‫ُو‬‫أ‬ ‫ِن َ‬
‫ونكَ‬ ‫ْذُ‬ ‫َأ‬
‫يسْت‬‫َ‬
‫َا‬‫إذ‬‫َِ‬‫ِ ف‬ ‫له‬‫َسُوِ‬‫َر‬ ‫ِاهلل و‬ ‫ن ب‬ ‫ُوَ‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫يؤ‬‫ُ‬
‫َْ‬
‫ن‬ ‫ْذ‬‫َأ‬‫ْ ف‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫ْن‬‫ض شَأ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫و‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫َ‬‫ذ‬‫ْ‬‫َأ‬
‫اسْت‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ْ َلُ‬ ‫ْف‬
‫ِر‬ ‫َغ‬‫َاسْت‬ ‫ْ و‬ ‫هم‬‫ُْ‬ ‫َ م‬
‫ِن‬ ‫ْت‬‫ِئ‬‫ْ ش‬ ‫َن‬‫لم‬‫ِ‬
‫فاآلية‬ ‫(النور‪،)62:‬‬ ‫هللا[‬
‫غرس‬ ‫إلى‬ ‫ترمي‬ ‫الكريمة‬
‫بجماعة‬ ‫االرتباط‬ ‫خلقية‬
‫في‬ ‫وبقيادتهم‬ ‫المؤمنين‬
‫األمور الجامعة‪ ،‬كالمشاورة‬
‫قال‬ ‫كما‬ ‫َل‬
‫نز‬‫َ‬ ‫أمر‬ ‫في‬
‫المفسرون‪ ،‬أو حرب حضرت‪ ،‬أو‬
‫مجلس صلح‪ ،‬أو صالة عامة‬
‫وغير‬ ‫والعيدين‬ ‫كالجمعة‬
‫ذلك‪.‬‬
‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫ذلك‬ ‫ومثل‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫م‬‫َ األَ‬ ‫ن‬‫ِ‬‫م‬ ‫ٌ‬
‫ر‬ ‫ْ‬
‫م‬‫َ‬‫ْ أ‬ ‫ءُ‬
‫هم‬ ‫َاَ‬‫َا ج‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫]و‬
‫ِ‬
‫ََلو‬
‫ْ‬ ‫ِ و‬ ‫ُوا ب‬
‫ِه‬ ‫َاع‬‫َذ‬‫ْفِ أ‬ ‫ْ‬
‫الخَو‬ ‫َو‬‫أ‬
‫ِي‬‫ْل‬‫ُو‬‫َِلى أ‬ ‫َإ‬
‫ِ و‬ ‫َِلى الر‬
‫َّسُول‬ ‫ه إ‬‫دوُ‬‫َُّ‬
‫ر‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َُ‬
‫ه‬ ‫َل‬
‫ِم‬ ‫ْ َلع‬ ‫هم‬‫ُْ‬
‫ِن‬‫ِ م‬ ‫األَْ‬
‫مر‬
‫ْ[‬‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬‫م‬ ‫ُ َ‬
‫ونُ‬
‫ه‬ ‫ْب‬
‫ِط‬ ‫َن‬
‫يسْت‬‫َ‬
‫(النساء‪ )83:‬واآلية الكريمة‬
‫من‬ ‫المتسرعين‬ ‫على‬ ‫تنعي‬
‫الجمهور العام المتحدثين‬
‫بكل ما سمعوا مهما كانت‬
‫عواقبه‪ ،‬وهو في الحقيقة‬
‫ٌ يصدر عن خلق العجلة‬ ‫عمل‬
‫ّا‬‫مم‬ ‫األناة‬ ‫وعدم‬ ‫والطيش‬
‫أن‬ ‫المؤمنين‬ ‫على‬ ‫ينبغي‬
‫يجتنبوه‪ ،‬والجزء األخير من‬
‫إلى‬ ‫يرمي‬ ‫الكريمة‬ ‫اآلية‬
‫اقتالع هذا الخلق وما يصدر‬
‫عنه من سلوك‪ ،‬ويهدف إلى‬
‫غرس الروية واألناة والتثبت‬
‫مكان سابقه‪ ،‬وهو في المعنى‬
‫يا‬‫]َ‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫يشابه‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ءك‬‫َاَ‬‫ن ج‬ ‫ِْ‬
‫ُوا إ‬ ‫من‬ ‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫أ‬
‫َْ‬
‫ن‬ ‫أ‬ ‫ُوا‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫ف‬ ‫ٍَ‬
‫إ‬ ‫َب‬
‫ِن‬‫ب‬ ‫ٌ‬
‫ِق‬‫َاس‬‫ف‬
‫ٍ‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬‫ِج‬‫ب‬ ‫ما‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫ق‬ ‫ُوا‬
‫ِيب‬‫تص‬‫ُ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫لت‬‫َْ‬
‫َع‬‫ف‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫لى‬‫ََ‬
‫ع‬ ‫ُوا‬ ‫ْب‬
‫ِح‬ ‫َت‬
‫ُص‬ ‫ف‬
‫(الحجرات‪.)6:‬‬ ‫َ[‬ ‫ِم‬
‫ِين‬ ‫ناد‬‫َ‬
‫ويالحظ أن اآليات الكريمة‬
‫ًا لجمهور‬ ‫ًا أخالقي‬ ‫ليست تعليم‬
‫األمة فقط‪ ،‬وإنما هي كذلك‬
‫للقادة وللحكام‪ ،‬بل لعلهم‬
‫هم أحوج الناس إلى هذه‬
‫ُلق‬ ‫األخالق القرآنية مثل خ‬
‫الشورى‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والشفقة‬
‫بالجمهور‪ ،‬ورعاية مصالحهم‪،‬‬
‫بل قال هللا تعالى لرسوله وهو‬
‫ْ‬
‫َن‬‫لم‬ ‫ن ِ‬ ‫ْذ‬
‫َْ‬ ‫َأ‬
‫أكمل الحكام‪] :‬ف‬
‫ْ هللا[‬‫هم‬‫ْ َلُ‬‫ِر‬‫ْف‬
‫َغ‬‫َاسْت‬
‫ْ و‬ ‫ُْ‬
‫هم‬ ‫َ م‬
‫ِن‬ ‫ْت‬‫ِئ‬‫ش‬
‫(النور‪ )62:‬ويقول ‪-‬سبحانه‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُْ‬ ‫َن‬
‫ع‬ ‫ْف‬
‫ُ‬ ‫َاع‬‫]ف‬ ‫وتعالى‪:‬‬
‫ِي‬‫ْ ف‬ ‫هم‬‫ُْ‬
‫ِر‬‫َشَاو‬
‫ْ و‬ ‫ْ َلُ‬
‫هم‬ ‫ِر‬‫ْف‬
‫َغ‬‫َاسْت‬ ‫و‬
‫ِ[ (آل عمران‪).159:‬‬ ‫مر‬‫األَْ‬
‫كذلك تعلمهم اآليات الكريمة‬
‫األمة‪،‬‬ ‫مع‬ ‫الصراحة‬ ‫خلق‬
‫ال من‬ ‫وبيان األمور لها بدً‬
‫بالجمهور‪،‬‬ ‫االستهتار‬
‫واالستئثار بكل شيء دونه‪،‬‬
‫وفي مثل هذا تندلع األراجيف‬
‫وال‬ ‫والتخرصات‪،‬‬ ‫واألقاويل‬
‫توقف إال بامتثال أولي األمر‬‫ُ‬
‫أوالً لهذا الخلق القرآني‬
‫العظيم بالبيان والتعليم‪.‬‬
‫ًا هناك آيات في التربية‬ ‫أيض‬
‫الخلقية‬ ‫الطهارة‬ ‫على‬
‫هللا‬ ‫حض‬ ‫فقد‬ ‫واالجتماعية‪:‬‬
‫تعالى المؤمنين والمؤمنات‬
‫على العفة‪ ،‬وطهارة األعراض‪،‬‬
‫والسمو في ذاتهم وحياتهم‬
‫االجتماعية؛ ولذلك أمر بغض‬
‫األبصار‪ ،‬وحفظ الفروج‪ ،‬وستر‬
‫العورات‪ ،‬وحث النساء على‬
‫ضرب خمورهن على جيوبهن‪،‬‬
‫وعدم‬ ‫الجالليب‪،‬‬ ‫وإدناء‬
‫إبداء الزينة والتبرج أمام‬
‫األجانب عنهن‪ ،‬وحض على كل‬
‫ما يؤدي إلى طهارة المجتمع‬
‫ً‬
‫وشبانا‪،‬‬ ‫ًا‬‫ء وشيب‬ ‫ال ونساً‬ ‫رجاً‬
‫لم‬ ‫الذين‬ ‫األطفال‬ ‫حتى‬
‫يبلغوا الحلم؛ ولذلك يختم‬
‫ًا من‬ ‫المولى ‪-‬جل شأنه‪ -‬كثير‬
‫هذه الوصايا الخلقية ببيان‬
‫حفظ‬ ‫في‬ ‫وأثرها‬ ‫نتائجها‬
‫وطهارة‬ ‫اإلسالمي‪،‬‬ ‫المجتمع‬
‫وجه الحياة فيه من أدناس‬
‫في‬ ‫الحياة‬ ‫وجوه‬ ‫تغشى‬
‫َا‬‫نم‬‫ََّ‬
‫َأ‬‫مجتمعات الجاهلية ]ك‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫ًا‬‫َع‬
‫ِط‬‫ق‬ ‫ْ‬
‫هم‬‫هُ‬
‫ُوُ‬‫ُج‬‫و‬ ‫ْ‬
‫َت‬ ‫ْش‬
‫ِي‬ ‫ُغ‬
‫أ‬
‫(يونس‪)27:‬‬ ‫ًا[‬‫ِم‬‫ْل‬
‫مظ‬‫ُ‬ ‫ْل‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫اللي‬
‫يقول ربنا سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫م‬ ‫ُض‬
‫ُّوا‬ ‫َ َ‬
‫يغ‬ ‫ِين‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫ُؤ‬ ‫لْ‬
‫ِلم‬ ‫ُل‬
‫ْ‬ ‫]ق‬
‫ْ‬
‫هم‬‫َُ‬ ‫ُر‬
‫ُوج‬ ‫ف‬ ‫ُوا‬
‫َظ‬‫ْف‬
‫يح‬‫ََ‬
‫و‬ ‫ْ‬
‫ِم‬ ‫َار‬
‫ِه‬ ‫بص‬‫َْ‬
‫أ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬‫ْ‬
‫ِكَ أزكى لهم[ (النور‪)30:‬‬ ‫َ‬ ‫َل‬
‫ذ‬
‫يا‬‫مادً‬ ‫وأنظف‬ ‫أطهر‬ ‫أي‪:‬‬
‫يا‪.‬‬‫ومعنوً‬
‫ويكرر سبحانه األمر للنساء‬
‫يناسبهن‬ ‫ما‬ ‫عليه‬ ‫ويزيد‬
‫َاتِ‬ ‫ِن‬ ‫ْم‬‫ُؤ‬
‫ِلم‬‫ْ لْ‬ ‫ُل‬‫َق‬
‫يقول تعالى‪] :‬و‬
‫ْن‬
‫َ‬ ‫َظ‬
‫ْف‬ ‫يح‬ ‫َّ و‬
‫ََ‬ ‫ِن‬ ‫َار‬
‫ِه‬ ‫بص‬‫َْ‬‫ْ أ‬ ‫ِن‬‫َ م‬ ‫ْن‬ ‫ْض‬
‫ُض‬ ‫َ‬
‫يغ‬
‫ِالَّ‬‫َّ إ‬‫هن‬‫َُ‬‫َت‬‫ِين‬‫َ ز‬ ‫ِين‬‫ْد‬‫يب‬ ‫َّ و‬
‫َال ُ‬ ‫هن‬ ‫َُ‬‫ُوج‬ ‫ُر‬
‫ف‬
‫ْربن‬ ‫َض‬‫َْلي‬‫و‬ ‫َْ‬
‫ها‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫َ‬
‫هر‬‫ََ‬
‫ظ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫َّ[‬ ‫ِه‬
‫ِن‬ ‫ُوب‬‫ُي‬ ‫ج‬ ‫لى‬‫ََ‬‫ع‬ ‫َّ‬
‫ِن‬ ‫ِه‬ ‫ِخُم‬
‫ُر‬ ‫ب‬
‫(النور‪).31:‬‬
‫َ‬
‫ْن‬ ‫َر‬
‫َّج‬ ‫تب‬‫َال َ‬ ‫ويقول سبحانه‪] :‬و‬
‫َ‬
‫ْن‬ ‫َق‬
‫ِم‬ ‫َأ‬‫ولى و‬ ‫ِ األُ َ‬‫َّة‬
‫ِي‬ ‫َاه‬
‫ِل‬ ‫َ ْ‬
‫الج‬ ‫َر‬
‫ُّج‬ ‫َ‬
‫تب‬
‫َ‬
‫ْن‬ ‫َط‬
‫ِع‬ ‫َأ‬‫ة و‬ ‫َاَ‬‫َّك‬
‫َ الز‬ ‫ِين‬‫َآت‬‫ة و‬ ‫َّالَ‬
‫الص‬
‫د هللا‬ ‫ِيُ‬‫ير‬ ‫َا ُ‬ ‫َِّ‬
‫نم‬ ‫ه إ‬ ‫َسُ َ‬
‫ولُ‬ ‫َر‬ ‫هللا و‬
‫َ‬
‫هل‬ ‫َْ‬
‫أ‬ ‫ْسَ‬
‫ِج‬‫ّ‬
‫الر‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫َن‬‫ع‬ ‫َ‬
‫ِب‬ ‫ُْ‬
‫ذه‬ ‫ِ‬
‫لي‬
‫ًا[‬
‫ِير‬‫ْه‬ ‫َ‬
‫تط‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َك‬
‫ِر‬‫َّ‬
‫ه‬ ‫َُ‬
‫يط‬ ‫و‬ ‫َي‬
‫ْتِ‬ ‫ْ‬
‫الب‬
‫(األحزاب‪ )33:‬واآلية الكريمة‬
‫عامة الحكم ‪-‬كما هو واضح‪-‬‬
‫إذ العبرة بعموم اللفظ كما‬
‫هو مقرر‪ ،‬وتخصيص أهل البيت‬
‫بالذكر لورود السبب عليهم‬
‫وألنهم‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫نزولها‬ ‫في‬
‫للمؤمنين‬ ‫قدوة‬ ‫نصبوا‬
‫والمؤمنات‪.‬‬
‫ًا‪ :‬اآليات‬‫ومن هذا الباب أيض‬
‫عن‬ ‫تنهى‬ ‫التي‬ ‫الكريمة‬
‫ًا‬‫تحريم‬ ‫وتحرمها‬ ‫الخمر‬
‫رذيلة‬ ‫باعتبارها‬ ‫جازً‬
‫ما‪،‬‬
‫بالغة الخطورة واآلثار في‬
‫الفرد‬ ‫أخالق‬ ‫تدمير‬
‫وال‬ ‫كانت‬ ‫وقد‬ ‫والمجتمع‪،‬‬
‫شرور‬ ‫مبعث‬ ‫أبً‬
‫دا‬ ‫تزال‬
‫حصر‬ ‫ال‬ ‫اجتماعية‬ ‫ورذائل‬
‫لها؛ لذلك سلكت هي والميسر‬
‫في سلسلة واحدة مع األصنام‬
‫بالرجس‬ ‫ووصفت‬ ‫واألنصاب‪،‬‬
‫وبتدمير الصالت االجتماعية‬
‫قال‬ ‫الناس‬ ‫بين‬ ‫الحسنة‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ها‬‫يَ‬‫َُّ‬
‫أ‬ ‫يا‬‫]َ‬ ‫تعالى‪:‬‬
‫ُ‬
‫ِر‬ ‫ْس‬‫َي‬‫الم‬‫َ ْ‬
‫ُ و‬ ‫الخَم‬
‫ْر‬ ‫َا ْ‬ ‫نم‬‫َِّ‬
‫ُوا إ‬ ‫من‬‫آَ‬
‫َل‬
‫ِ‬ ‫َم‬‫ْ ع‬ ‫ِن‬‫ْسٌ م‬ ‫ُ ر‬
‫ِج‬ ‫َاألَز‬
‫ْالم‬ ‫ُ و‬ ‫َاب‬ ‫َاألَنص‬
‫و‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫لك‬‫ََّ‬
‫َلع‬ ‫ُوُ‬
‫ه‬ ‫ِب‬‫َن‬‫ْت‬‫َاج‬ ‫ف‬ ‫َانِ‬ ‫الشَّي‬
‫ْط‬
‫ِيُ‬
‫د‬ ‫ير‬‫ُ‬ ‫َا‬‫نم‬‫َِّ‬
‫إ‬ ‫‪$‬‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ِح‬‫ْل‬ ‫ُ‬
‫تف‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َك‬‫ْن‬‫بي‬‫َ َ‬ ‫ِع‬‫يوق‬ ‫ن ُ‬ ‫َْ‬‫أ‬ ‫َاُ‬
‫ن‬ ‫الشَّي‬
‫ْط‬
‫ْر‬
‫ِ‬ ‫ِي ْ‬
‫الخَم‬ ‫ء ف‬‫َاَ‬ ‫ْض‬‫َغ‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬ ‫ة و‬ ‫ََ‬‫داو‬‫ََ‬ ‫ْ‬
‫الع‬
‫ِ هللا‬ ‫ْر‬‫ِك‬‫ْ ذ‬ ‫َن‬‫ْ ع‬ ‫ُم‬ ‫َُّ‬
‫دك‬ ‫يص‬‫ََ‬‫ِ و‬ ‫ِر‬‫ْس‬‫َي‬
‫الم‬‫َ ْ‬
‫و‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫نت‬‫َْ‬‫أ‬ ‫ْ‬
‫هل‬‫ََ‬
‫ف‬ ‫َّالة‬
‫ِ‬ ‫الص‬ ‫ْ‬
‫َن‬‫َع‬
‫و‬
‫ن[ (المائدة‪).91 ،90:‬‬ ‫هوَ‬‫َُ‬‫منت‬‫ُ‬
‫ًا‪ :‬آيات تحريم‬ ‫ومن ذلك أيض‬
‫جريمة‬ ‫ليس‬ ‫فإنه‬ ‫الربا‪،‬‬
‫اقتصادية فقط‪ ،‬وإنما هو‬
‫قبل ذلك جريمة خلقية تنبعث‬
‫معاني‬ ‫كل‬ ‫انطماس‬ ‫من‬
‫اإلنسانية والرحمة في قلوب‬
‫المرابين‪ ،‬وأنها تمتلئ بكل‬
‫ضروب القسوة والجشع والحرص‬
‫على تنمية المال رغم كل‬
‫القيم واالعتبارات السامية؛‬
‫ًا‬
‫ولذلك كان المدين قديم‬
‫ُّ إذا عجز عن السداد؛‬ ‫ُ‬
‫يسترق‬
‫صدور‬ ‫في‬ ‫تنبعث‬ ‫ولذلك‬
‫المحتاجين في مقابل هذا كل‬
‫والكراهية‬ ‫الحقد‬ ‫معاني‬
‫وقد‬ ‫بالمرابين‪،‬‬ ‫والتربص‬
‫نسب إليه كثير من ألوان‬ ‫ُ‬
‫على‬ ‫ُبت‬‫ص‬ ‫التي‬ ‫الباليا‬
‫اليهود في كل العصور؛ ألنهم‬
‫من‬ ‫الربا‬ ‫ألنفسهم‬ ‫أحلوا‬
‫األمم‪ ،‬وهذا مصداق لقوله‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫َق‬
‫با و‬ ‫َِ‬
‫ّ‬
‫ْ الر‬ ‫ِم‬ ‫ْذ‬
‫ِه‬ ‫َخ‬
‫َأ‬‫تعالى‪] :‬و‬
‫َاَ‬
‫ل‬ ‫مو‬‫َْ‬
‫ْ أ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫ْل‬‫َك‬‫َأ‬
‫و‬ ‫ُْ‬
‫ه‬ ‫َن‬
‫ع‬ ‫هوا‬ ‫ُ‬
‫نُ‬
‫نا‬‫دَ‬
‫َْ‬ ‫َع‬
‫ْت‬ ‫َأ‬
‫و‬ ‫ِل‬
‫ِ‬ ‫َاط‬ ‫ب ْ‬
‫ِالب‬ ‫َّاسِ‬
‫الن‬
‫با‬‫ذاً‬‫ََ‬
‫ع‬ ‫ْ‬
‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ِر‬
‫ِين‬ ‫َاف‬
‫ِلك‬‫لْ‬
‫ًا[ (النساء‪).61:‬‬ ‫ِيم‬ ‫َل‬
‫أ‬
‫العام‬ ‫لنذيره‬ ‫ومصداق‬
‫للمرابين إذا لم يتوبوا عن‬
‫لوا‬ ‫َُ‬
‫ْع‬ ‫ْ َ‬
‫تف‬ ‫ن َلم‬ ‫َِ‬
‫إْ‬ ‫]ف‬ ‫الربا‪:‬‬
‫ِ‬
‫له‬‫َسُوِ‬ ‫ْ هللا و‬
‫َر‬ ‫ْبٍ م‬
‫ِن‬ ‫َر‬‫ِح‬‫نوا ب‬ ‫ْذ‬
‫َُ‬ ‫َأ‬
‫ف‬
‫ءوسُ‬ ‫ُُ‬
‫ر‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ََ‬
‫لك‬ ‫ف‬ ‫ْ‬‫ُم‬
‫ْت‬ ‫ُ‬
‫تب‬ ‫ِْ‬
‫ن‬ ‫َإ‬
‫و‬
‫َال‬
‫و‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ِم‬‫ْل‬ ‫تظ‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫ْ‬‫ُم‬
‫لك‬‫َاِ‬
‫مو‬‫َْ‬
‫أ‬
‫ن[ (البقرة‪ )279:‬وهذا‬ ‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫ُ‬
‫تظ‬
‫غاية العدل والرحمة وإقامة‬
‫على‬ ‫الناس‬ ‫بين‬ ‫التوازن‬
‫أساس من العدالة واألخالق‬
‫واإلنصاف‪.‬‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬

‫األخالق والعبادة في القرآن‬


‫سليمان داود‬
‫‪28/04/1425 - 16/06/2004,‬‬
‫‪10:33 am‬‬
‫‪1‬‬
‫‪0‬‬
‫إعجابات‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ٍ (‬ ‫َظ‬
‫ِيم‬ ‫ٍ ع‬
‫لق‬‫ُُ‬ ‫نكَ َلع‬
‫َلى خ‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫) و‬

‫هكذا خاطب الباري جل وعال‬


‫َِّ‬
‫نكَ‬ ‫َإ‬‫خير خلقه بقوله‪ (:‬و‬
‫لق‬
‫ٍ‬ ‫ُُ‬ ‫َلع‬
‫َلى خ‬
‫ٍ )القلم‪4/‬‬ ‫َظ‬
‫ِيم‬ ‫‪.‬ع‬

‫ولهذا اصطفاه سبحانه‬


‫ًا؛‬
‫وتعالى من بين قومه جميع‬
‫ليكون رسوله إليهم‪ ،‬فقال‬
‫جل‬
‫َِّ‬
‫نا‬ ‫ِيُّ إ‬ ‫َّب‬
‫ها الن‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫جالله‪َ (:‬‬
‫ّر‬
‫ًا‬‫ِ‬‫َش‬ ‫َُ‬
‫مب‬ ‫دا و‬‫ًِ‬‫َ شَاه‬‫َاك‬‫لن‬ ‫َر‬
‫ْسَْ‬ ‫أ‬
‫َِلى َّ‬
‫اّلِلِ‬ ‫ًا إ‬‫ِي‬
‫داع‬ ‫ََ‬‫ًا * و‬ ‫ِير‬ ‫ََ‬
‫نذ‬ ‫و‬
‫ًا‬
‫ِير‬ ‫ًا ُ‬
‫من‬ ‫َاج‬ ‫ِر‬‫َس‬
‫ِ و‬ ‫ْن‬
‫ِه‬ ‫ِِ‬
‫إذ‬ ‫) ب‬
‫‪.‬األحزاب‪46 -45/‬‬

‫وفي اآلية الثانية من هاتين‬


‫اآليتين الكريمتين شبهه‪-‬‬
‫‪-‬عليه الصالة والسالم‬
‫ًا )‪،‬‬
‫بالشمس ( سراج‬
‫ًا)‪ .‬فالشمس‬
‫والقمر(منير‬
‫ًا‪،‬‬
‫ينحصر ظهورها نهار‬
‫والقمر‬
‫ليالً‪ ،‬فكان رسول هللا أعظم‬
‫ًا؛ ألن هديه هو‪ (:‬سنته‬ ‫أثر‬
‫)‪ ،‬والنور هو‪ (:‬كتاب‬
‫هللا )‪ ،‬الذي بلغه للبشر‪،‬‬
‫ونورهما دائم ليالً ونهار‬
‫ًا‪،‬‬
‫‪.‬حتى قيام الساعة‬

‫ولن أتحدث في هذه الكلمة‬


‫الموجزة عن أنواع الثناء‪،‬‬
‫التي أثنى بها الباري جل‬
‫وعال على نبيه محمد صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ .‬ولكنني سأتحدث‬
‫عن األخالق في القرآن‬
‫الكريم بوجه عام‪ ،‬وأشير‬
‫إلى اقترانها بالعبادة في‬
‫سياق اآليات؛ لكي نتعرف من‬
‫خالل ذلك على مدى اهتمام‬
‫القرآن الكريم بمكارم‬
‫األخالق‪ ،‬التي كان يتحلى بها‬
‫العرب في جاهليتهم‪ ،‬والتي‬
‫أرسل رسوله صلى هللا عليه‬
‫!! وسلم؛ ليتممها‬

‫ومن هنا يظهر لنا الهدف‬


‫األول لبعثة النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم؛ وهو تتميم‬
‫مكارم األخالق‪ ،‬كما أخبر‪-‬‬
‫عليه أفضل الصالة والسالم‪-‬‬
‫عن ذلك بقوله‪ (:‬إنما بعثت‬
‫‪ ).‬ألتمم مكارم األخالق‬

‫وعندما دعا سيدنا إبراهيم‬


‫ْ‬
‫َث‬ ‫َاْ‬
‫بع‬ ‫َا و‬‫بن‬‫ََّ‬
‫ربه‪ ،‬قال‪ (:‬ر‬
‫َسُوالً‬
‫ْ ر‬ ‫ِم‬‫ِيه‬‫ف‬
‫ِكَ‬‫يات‬‫ْ آَ‬ ‫ْه‬
‫ِم‬ ‫لي‬‫ََ‬‫لو ع‬ ‫ُْ‬ ‫ْ َ‬
‫يت‬ ‫هم‬‫ُْ‬
‫ِن‬‫ّ‬
‫م‬
‫َاب‬
‫َ‬ ‫ِت‬ ‫ُ ْ‬
‫الك‬ ‫ُُ‬
‫هم‬ ‫ِم‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫َُ‬
‫يع‬ ‫و‬
‫َنت‬
‫َ‬ ‫نكَ أ‬‫َِّ‬
‫ْ إ‬‫ِم‬
‫ِيه‬ ‫َك‬
‫ّ‬ ‫َُ‬
‫يز‬ ‫ة و‬ ‫ََ‬
‫ْم‬ ‫َ ْ‬
‫الحِك‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫َك‬
‫ِيم‬ ‫ُ الح‬ ‫ِيز‬ ‫َز‬
‫‪ ).‬الع‬
‫الحظوا معي‪ :‬كيف قدم‪ -‬عليه‬
‫السالم‪ -‬تعليم الكتاب‬
‫!!والحكمة على التزكية‬

‫ولكن عندما قال الباري عز‬


‫ْ‬‫ُم‬
‫ِيك‬ ‫َا ف‬‫لن‬ ‫َر‬
‫ْسَْ‬ ‫َا أ‬‫َم‬‫وجل‪ (:‬ك‬
‫ْ‬‫ُم‬
‫ِنك‬‫َسُوالً ّ‬
‫م‬ ‫ر‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َك‬
‫ّ‬
‫ِيك‬ ‫يز‬ ‫َا و‬
‫َُ‬ ‫ِن‬
‫يات‬ ‫ْ آَ‬‫ُم‬‫ْك‬
‫لي‬‫ََ‬
‫لو ع‬ ‫ُْ‬
‫يت‬‫َ‬
‫َاب‬
‫َ‬ ‫ِت‬ ‫ُ ْ‬
‫الك‬ ‫ُم‬
‫ُك‬‫ِم‬‫َّ‬
‫ل‬ ‫َُ‬
‫يع‬ ‫و‬
‫ْ‬‫ما َلم‬‫ُم َّ‬‫ُك‬ ‫َّ‬
‫ِم‬
‫ل‬ ‫َُ‬
‫يع‬ ‫ة و‬‫ََ‬
‫ْم‬ ‫َ ْ‬
‫الحِك‬ ‫و‬
‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫ْ َ‬
‫تع‬ ‫ُ ُ‬
‫ونوا‬ ‫تك‬‫) َ‬

‫نالحظ أنه سبحانه وتعالى‬


‫قدم التزكيه( حسن الخلق )‬
‫على تعليم الكتاب‬
‫!!!والحكمة‬
‫فقد وضع هللا التزكيه قبل‬
‫تعليم الكتاب ( القرآن( ‪،‬‬
‫(والحكمة ( أحاديث النبي‬

‫(‬ ‫ًا‪ ،‬الموطئون‬


‫أحاسنكم أخالق‬
‫ًا‪ ،‬الذين َ‬
‫يألفون‬ ‫أكناف‬
‫يؤلفون‬‫!!!) وُ‬

‫بهذا القول أجاب عليه‬


‫الصالة والسالم قومه‪ ،‬بعد أن‬
‫سألهم قائالً‪ (:‬أال أخبركم‬
‫بأحبكم إلي‪ ،‬وأقربكم مني‬
‫مجالس يوم القيامة )‪.‬‬
‫كررها ثالث مرات‪ .‬فقالوا‪:‬‬
‫من يا‬
‫رسول هللا! قال ‪:‬أحاسنكم‬
‫ًا‪ 00‬الحديث‬ ‫‪.‬أخالق‬

‫فقد كان يدعو‪ -‬عليه الصالة‬


‫والسالم‪ -‬بقوله‪ ":‬اللهم‬
‫‪ ".‬اهدني ألحسن األخالق‬

‫حتى إذا نظر في المرآة‪،‬‬


‫كان يدعو‪ ،‬ويقول‪ ":‬اللهم‬
‫كما أحسنت خلقي فحسن خلقي‬
‫"‬

‫ِن‪ -‬عليه الصالة‬


‫ب ل ضم‬
‫والسالم‪ -‬بقصر بأعلى الجنة‬
‫لمن حسن خلقه‪ .‬فقد قال‪-‬‬
‫عليه‬
‫الصالة والسالم‪ ":-‬أنا زعيم‬
‫(ضامن) ببيت في أعلى الجنة‬
‫‪ ".‬لمن حسن خلقه‬

‫َْ‬
‫د‬ ‫تأمل معي قول هللا تعالى‪ (:‬ق‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ن (‪َّ )1‬‬
‫الذ‬ ‫ُوَ‬
‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫َْ‬
‫لح‬ ‫َف‬
‫أ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫هم‬
‫ن (‪( 2‬‬ ‫ُوَ‬‫ِع‬‫َاش‬‫ْ خ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫ََ‬
‫الت‬ ‫ِي ص‬ ‫ف‬
‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ِض‬‫ْر‬
‫مع‬‫ِ ُ‬‫ْو‬ ‫َّ‬
‫اللغ‬ ‫َنِ‬
‫ْ ع‬ ‫هم‬‫َ ُ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫ِ )‪(3‬‬ ‫َاة‬ ‫َّك‬
‫ِلز‬‫ْ ل‬ ‫هم‬‫َ ُ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫هم‬‫َ ُ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ن (‪ ) 4‬و‬ ‫ِلوَ‬‫َاعُ‬ ‫ف‬
‫لى‬‫ََ‬ ‫َِّ‬
‫ال ع‬ ‫ن (‪ ) 5‬إ‬ ‫ُوَ‬ ‫َاف‬
‫ِظ‬ ‫ْ ح‬‫ِم‬‫ُوجِه‬‫ُر‬‫لف‬‫ِ‬
‫ْ‬‫َت‬
‫لك‬‫مَ‬ ‫ما َ‬ ‫ْ َ‬‫ْ أو‬ ‫ِم‬‫َاجِه‬‫ْو‬‫َز‬‫أ‬
‫َ‬‫ِين‬‫لوم‬‫مُ‬‫ُ َ‬‫ْر‬‫َي‬‫ْ غ‬ ‫هم‬ ‫إَّ‬
‫نُ‬ ‫َ‬‫ف‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ْ‬
‫ي‬‫َ‬‫أ‬
‫ِ‬
‫َاء‬‫َر‬‫َى و‬ ‫َغ‬
‫بت‬‫َنِ اْ‬ ‫َم‬‫(‪ ) 6‬ف‬
‫ن (‪)7‬‬ ‫دوَ‬‫َاُ‬ ‫ُ ْ‬
‫الع‬ ‫هم‬‫ِكَ ُ‬ ‫ُو‬
‫َْلئ‬ ‫َأ‬
‫ِكَ ف‬‫َل‬
‫ذ‬
‫ْ‬
‫ِم‬‫ِه‬ ‫م َ‬
‫انات‬ ‫ْ ِألََ‬
‫هم‬‫َ ُ‬‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ن (‪ ) 8‬و‬ ‫ُوَ‬ ‫َاع‬‫ْ ر‬‫ِم‬
‫ِه‬ ‫َْ‬
‫هد‬ ‫َع‬
‫و‬
‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ِظ‬‫َاف‬ ‫ْ ُ‬
‫يح‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َات‬ ‫ََ‬
‫لو‬ ‫لى ص‬‫ََ‬‫ْ ع‬ ‫ُ‬
‫هم‬
‫(‪(9‬‬

‫ثم الحظ هذا التسلسل‪،‬‬


‫والتناوب في آيات سورة‬
‫المؤمنين‪ ،‬تجد أن هللا سبحانه‬
‫وتعالى يأتي بآية تدعو‬
‫للعبادة تارة‪ ،‬وبآية تدعو‬
‫لحسن الخلق تارة أخرى‪.‬‬
‫فاآلية‬
‫الثانية تأمرنا بالخشوع في‬
‫الصالة‪ ،‬والثالثة تأمرنا‬
‫بعمل أخالقي هو عدم اللغو‪،‬‬
‫ثم اآلية الرابعة تأمرنا‬
‫بالزكاة (عبادة)‪ ،‬والخامسة‬
‫تحضنا على أن نحفظ فروجنا؛‬
‫ألن حفظ الفروج من مكارم‬
‫األخالق!! ثم تتبعها اآلية‬
‫السابعة بخلق آخر؛ وهو حفظ‬
‫األمانة والعهد!! وتختم ذلك‬
‫كله اآلية التاسعة بأمر‬
‫ُّدي؛ وهو الخشوع في‬
‫تعب‬
‫‪.‬الصالة‬

‫وعندما يصف لنا الرحمن‬


‫عباده في سورة الفرقان‪،‬‬
‫بقوله جل شانه‪ (:‬وعباد‬
‫الرحمن‬
‫الذي يمشون على األرض هونا‬
‫‪ 00‬إلى آخر اآليات )‪ ،‬نالحظ‬
‫أيضا نفس التسلسل بين‬
‫‪.‬العبادة‪ ،‬واألخالق‬

‫حتى في سورة الماعون عندما‬


‫يتوعد هللا الساهين عن صالتهم‬
‫بالويل‬

‫يصفهم بأنهم‪ (:‬يراءون‬


‫ويمنعون الماعون )‪ .‬وهذه‬
‫ًا‬
‫‪.‬من الصفات الذميمة أخالقي‬
‫ْ‬
‫ِن‬‫ذ م‬ ‫ُْ‬‫وقال تعالى‪ (:‬خ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِرهم‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِم صدقة تطه‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫له‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫أمواِ‬‫َ‬
‫ِم‬ ‫َك‬
‫ّ‬
‫ِيه‬ ‫َُ‬
‫تز‬ ‫و‬
‫َن‬
‫ٌ‬ ‫َالََ‬
‫تكَ سَك‬ ‫ن ص‬ ‫َِّ‬
‫ْ إ‬ ‫ْه‬
‫ِم‬ ‫لي‬‫ََ‬‫ّ ع‬‫َل‬
‫ِ‬ ‫َص‬‫ها و‬‫َِ‬
‫ب‬
‫ٌ‬
‫ِيع‬ ‫ّلِلُ سَم‬
‫َاّ‬ ‫ْ و‬ ‫َّلُ‬
‫هم‬
‫ٌ‬ ‫َل‬
‫ِيم‬ ‫‪ ).‬ع‬

‫حتى أن هناك صدقات‬


‫أخالقية‪ (:‬تبسمك في وجه‬
‫) أخيك صدقة‬

‫وفي الصيام يدعونا موالنا‬


‫أن ال نرد اإلساءة باإلساءة‪.‬‬
‫بل ترد بقولك‪ :‬إني‬
‫!!صائم‬
‫وفي الحج أمرنا هللا في‬
‫مناسكنا أن ( ال رفث وال‬
‫فسوق وال عصيان ) فقد أضاف‬

‫!حسن الخلق لمناسك الحج‬

‫انظروا معي إلى هذه اآليات؛‬


‫ًا أهمية األخالق‪،‬‬
‫لنرى مع‬
‫وكيف يدعو إليها ربنا‪،‬‬
‫بحيث ال يأتي بأمر فيه‬
‫‪:‬عبادة إال ويتبعه بخلق حسن‬

‫ففي البقرة نقرأ قوله‬


‫‪:‬تعالى‬
‫(‬ ‫توا‬‫َُ‬‫َآ‬‫ة و‬‫الَ‬
‫ََّ‬‫ُوا الص‬ ‫ِيم‬ ‫َق‬ ‫َأ‬
‫و‬
‫َ‬
‫مع‬‫ُوا َ‬ ‫َع‬ ‫َار‬
‫ْك‬ ‫ة و‬‫َاَ‬ ‫َّك‬
‫الز‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َّاك‬
‫ِع‬ ‫الر‬
‫ِ )‪(43‬‬ ‫ّ‬
‫ِر‬ ‫َّاسَ ب ْ‬
‫ِالب‬ ‫ن الن‬ ‫ُوَ‬
‫مر‬ ‫ُْ‬
‫تأ‬ ‫ََ‬
‫أ‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫نت‬ ‫َأ‬‫ْ و‬‫ُم‬
‫ُسَك‬‫نف‬‫َْ‬‫ن أ‬‫َْ‬
‫ْسَو‬‫تن‬ ‫ََ‬
‫و‬
‫ِلوَ‬
‫ن‬ ‫ْقُ‬‫تع‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬ ‫َف‬
‫َ أ‬‫َاب‬ ‫ِت‬ ‫ن ْ‬
‫الك‬ ‫لوَ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬
‫تت‬
‫ِ‬ ‫َّب‬
‫ْر‬ ‫ِالص‬ ‫ُوا ب‬ ‫ِين‬ ‫َع‬‫َاسْت‬‫(‪ )44‬و‬
‫َِّ‬
‫ال‬ ‫ٌ إ‬‫َة‬‫ِير‬‫َب‬‫ها َلك‬ ‫َِّ‬
‫نَ‬ ‫َإ‬‫ِ و‬ ‫ََّ‬
‫الة‬ ‫َالص‬ ‫و‬
‫َ (‪45‬‬ ‫ِين‬ ‫الخَاش‬
‫ِع‬ ‫لى ْ‬ ‫ََ‬ ‫)ع‬

‫‪:‬وقوله تعالى‬

‫(‬ ‫ِلوا‬‫َمُ‬
‫َع‬‫ُوا و‬
‫من‬‫ََ‬
‫َ آ‬‫ِين‬ ‫ن َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫إ‬
‫الَ‬
‫ة‬ ‫ََّ‬
‫موا الص‬ ‫َق‬
‫َاُ‬ ‫َأ‬
‫َاتِ و‬
‫لح‬‫َّاِ‬
‫الص‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُُ‬
‫ْر‬‫َج‬
‫ْ أ‬‫هم‬‫ة َلُ‬
‫َاَ‬‫َّك‬‫ُا الز‬ ‫تو‬‫ََ‬
‫َآ‬‫و‬
‫ٌ‬ ‫َو‬
‫ْف‬ ‫ََ‬
‫ال خ‬ ‫ْ و‬‫ِم‬ ‫ِه‬‫َّ‬
‫ب‬ ‫د ر‬ ‫َْ‬
‫ِن‬‫ع‬
‫ن (‪)277‬‬ ‫نوَ‬‫َُ‬‫ْز‬
‫يح‬‫ْ َ‬‫هم‬ ‫ََ‬
‫ال ُ‬ ‫ْ و‬‫ِم‬ ‫ْه‬ ‫ََ‬
‫لي‬ ‫ع‬
‫ُوا‬ ‫ََ‬
‫من‬ ‫َ آ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫يا أ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ِن‬‫ِيَ م‬
‫بق‬‫ما َ‬‫ُوا َ‬ ‫َر‬‫َذ‬ ‫ُوا َّ‬
‫اّلِلَ و‬ ‫َّ‬
‫اتق‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِن‬‫ْم‬
‫مؤ‬‫ْ ُ‬ ‫ْت‬
‫ُم‬ ‫ُن‬‫ن ك‬‫ِْ‬ ‫با إ‬ ‫َِ‬
‫ّ‬‫الر‬
‫)‪(278‬‬

‫وفي آل عمران نقرأ قوله‬


‫‪:‬تعالى‬

‫ء (‬‫َّاِ‬‫ِي السَّر‬ ‫ن ف‬‫ُوَ‬ ‫ْف‬


‫ِق‬ ‫َ ُ‬
‫ين‬ ‫ِين‬ ‫الذ‬‫َّ‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫َاظ‬
‫ِم‬ ‫َ ْ‬
‫الك‬ ‫ء و‬ ‫َّر‬
‫َّاِ‬ ‫َالض‬ ‫و‬
‫َّاسِ‬
‫َنِ الن‬ ‫َ ع‬‫ِين‬‫َاف‬ ‫َ ْ‬
‫الع‬ ‫َ و‬‫ْظ‬‫َي‬‫الغ‬‫ْ‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِن‬ ‫ُح‬
‫ْس‬ ‫ُّ ْ‬
‫الم‬ ‫يحِب‬ ‫َ َّ‬
‫اّلِلُ ُ‬ ‫و‬
‫‪(134).‬‬

‫في هذه اآلية يمزج هللا سبحانه‬


‫وتعالى بين الصدقة وهي نوع‬
‫من العبادة وبين‬
‫الخلق الرفيع في العفو عن‬
‫الناس‪ ،‬وكظم الغيظ ساعة‬
‫‪.‬الغضب‬

‫وهنا في سورة النساء يدعو‬


‫هللا رسوله والمؤمنين لمقاتلة‬
‫‪:‬الكفار‪ ،‬فيقول‬

‫ُ (‬
‫لف‬‫ََّ‬
‫تك‬ ‫اّلِلِ َ‬
‫ال ُ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِي سَب‬
‫ِيل‬ ‫ْ ف‬‫ِل‬‫َات‬
‫َق‬‫ف‬
‫ض‬‫ّ‬
‫ِِ‬ ‫َح‬
‫َر‬ ‫ْسَكَ و‬
‫نف‬‫ال َ‬
‫َِّ‬‫إ‬
‫ُف‬
‫َّ‬ ‫ن َ‬
‫يك‬ ‫َْ‬ ‫َسَى َّ‬
‫اّلِلُ أ‬ ‫َ ع‬‫ِين‬ ‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬‫الم‬ ‫ْ‬
‫ُوا‬ ‫َف‬
‫َر‬ ‫َ ك‬
‫ِين‬‫الذ‬‫ْسَ َّ‬ ‫بأ‬‫َ‬
‫ِيً‬
‫ال‬ ‫ْك‬
‫تن‬ ‫َشَُّ‬
‫د َ‬ ‫َأ‬ ‫ْسًا و‬ ‫د َ‬
‫بأ‬ ‫َشَُّ‬ ‫َ َّ‬
‫اّلِلُ أ‬ ‫و‬
‫)(‪84‬‬

‫لكن انظروا إلى اآليتين‬


‫التاليتين ‪ 85‬واآلية ‪ 86‬فقد‬
‫أتبع سبحانه اآلية السابقة‪،‬‬
‫التي تحض على القتال‬
‫بآيتين تتحدثان عن التخلق‬
‫بالخلق الحسن‪ ،‬وذلك قوله‬
‫‪:‬تعالى‬

‫ْ (‬
‫ُن‬ ‫ًَ‬
‫ة َ‬
‫يك‬ ‫َسَن‬‫ة ح‬‫ًَ‬
‫َاع‬‫ْ شَف‬
‫َع‬‫يشْف‬
‫ْ َ‬
‫من‬‫َ‬
‫ْ‬
‫من‬‫ََ‬
‫ها و‬ ‫َْ‬
‫ِن‬‫ٌ م‬
‫ِيب‬ ‫نص‬ ‫َلُ‬
‫ه َ‬
‫ْ َلُ‬
‫ه‬ ‫ُن‬ ‫ة َ‬
‫يك‬ ‫ًَ‬ ‫ّ‬
‫ِئ‬ ‫ًَ‬
‫ة سَي‬ ‫َاع‬‫ْ شَف‬ ‫يشْف‬
‫َع‬ ‫َ‬
‫ن َّ‬
‫اّلِلُ‬ ‫َاَ‬‫َك‬
‫ها و‬ ‫َْ‬‫ِن‬‫ٌ م‬‫ْل‬‫ِف‬
‫ك‬
‫ًا (‪)85‬‬ ‫ِيت‬ ‫مق‬ ‫ّ شَيٍْ‬
‫ء ُ‬ ‫ُل‬
‫ِ‬ ‫لى ك‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ُّوا‬ ‫َح‬
‫َي‬ ‫ٍ ف‬‫َّة‬ ‫َحِي‬‫ِت‬ ‫ُم‬
‫ْ ب‬ ‫ِيت‬‫ّ‬
‫ُي‬‫َا ح‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫و‬
‫اّلِلَ‬
‫ن َّ‬ ‫َِّ‬
‫ها إ‬ ‫دوَ‬‫ُُّ‬ ‫ْ ر‬ ‫َو‬‫ها أ‬‫َْ‬ ‫َ م‬
‫ِن‬ ‫َح‬
‫ْسَن‬ ‫ِأ‬
‫ب‬
‫ّ شَيٍْ‬
‫ء‬ ‫ُل‬
‫ِ‬ ‫لى ك‬ ‫ََ‬‫ن ع‬‫َاَ‬‫ك‬
‫ًا (‪86‬‬ ‫َس‬
‫ِيب‬ ‫)ح‬

‫فقد جمع هللا في سياق اآليتين‬


‫َ أخالق‬
‫ٍ متنوعة؛‬ ‫مكارم‬
‫كالشفاعة الحسنة‪ ،‬وحذر من‬
‫عاقبة الشفاعة السيئة‪ ،‬ثم‬
‫أردف في اآلية ‪ 86‬بتعليمنا‬
‫‪.‬آداب التحية‪ ،‬وكيفية ردها‬
‫ولم يقل سبحانه‪ :‬إذا حياكم‬
‫المؤمنون!!! بل قال‪ :‬إذا‬
‫حييتم من أي شخص مؤمن كان‪،‬‬
‫‪.‬أو غير مؤمن‬

‫وبها الذي قدمناه نرى أن‬


‫القرآن الكريم يدعو في كل‬
‫آية من آياته إلى مكارم‬
‫األخالق‪ ،.‬ويحض على التحلي‬
‫بها؛ ألن بقاء األمم ببقاء‬
‫أخالقها‪ ،‬كما قال أحمد‬
‫‪:‬شوقي‬
‫وإنما األمم األخالق ما بقيت‬
‫ُ ذهبت أخالقهم‬‫** فإن هم‬
‫ذهبوا‬

‫اللهم كما أحسنت خلقتنا‪،‬‬


‫وهديتنا إلى طريقك‬
‫المستقيم‪ ،‬حسن أخالقنا‪،‬‬
‫واجعلنا من‬
‫عبادك المتقين‪ .‬والحمد هلل‬
‫‪.‬رب العالمين‬

Vous aimerez peut-être aussi