Vous êtes sur la page 1sur 21

‫الزراعة فى مصر الفرعونية بحث كامل بالصور‬

‫كتب محمود مندراوى في حضارة مصرية قديمة آخر تحديث منذ ‪ 4‬سنوات منذ ‪10‬‬
‫شهور‬

‫وهب ا مصر مظاهر طبيعية ساعدت على قيام الحضارة فيهااا‪ ،‬فلقااد وهااب ااا‬
‫مصر موقعاا عظيم اا بين ممالك العالم القديمة مما جعلها فى قلب العالم القااديم فسااهل‬
‫عليها عمليااات التجااارة الخارجيااة والتصااال بتلااك الممالااك ‪ ،‬وأيضااا وهااب ااا مصاار نيل ا‬
‫عظيما من أنه ار الجناة فاى الرض‪ ،‬وهاذا النيال وهاب مصار الترباة الخصابة الاتى كاان‬
‫يحملها الفيضان عاما بعد عااام ممااا أدى إلااى ظهااور الااوادي وتكااون الاادلتا‪ ،‬وتلااك التربااة‬
‫الخصبة هى صاحبة الفضل فى قيام الحضارة على ضفاف وادي النيل وخاصتا فى مصر‪،‬‬
‫فبسبب الزراعة استقر النسان وانتقل من حياة الترحال إلى عالم الستقرار وأصبح بعد‬
‫أن كان مستهلكا سار منتج اا‪ ،‬وبطبيعة الحال جني الثروة من الفائض له من المزروعااات‬
‫عن طريق التبادل والتصدير لممالك العالم القديم ‪ ،‬فمصر كانت تعتابر سالة غلل الع الم‬
‫القديم‪ ،‬وذلك بسبب توفر الغلل بصورة كبيرة كااانت تكفااى العااالم القااديم أجمااع أذا مااا‬
‫وزعت عليه‪ ،‬وهذا ما جعل ممالك العالم القديم تطمع فى مصر وتحتلها‪.‬‬
‫وقد أشرنا فى بحثنا هذا عن عدة نقاط للزراعة أهمها النياال العظياام وكيااف رباط شاعب‬
‫مصر وأرضها‪ ،‬وكيف نشأة الزراعااة وحااال الفلحا المصااري القااديم ودور الساايدات والولد‬
‫فى الزراعة وعملية حصد وجمع المحصول‪ ،‬وكيااف عاارف التقااويم الزراعااي وكيااف قساام‬
‫السنة إلى أشهر لتساعده فااى عمليااة الزراعااة‪ ،‬والشااهر المصاارية القديمااة وعلقتهااا‬
‫بالفلحا فى الوقت الحالى‪ ،‬وتحاادثنا عاان الدوات المساااعدة للفلحا فااى الحقاال وكيفيااة‬
‫الزراعة من إعداد الرض وحرثها وجني المحصول وغيرة من تلك المراحل المختلفة أثناااء‬
‫الزراعة‪ ،‬وعرضنا أيضا اللت التى كاان يسااتخدمها فااى الاري والحيواناات الااتى سااعده‬
‫الفلحا فى الحقل‪ ،‬والمنتجات التي كانت يزرعها الفلحا من قمح وشااعير وبقااول وفاكهااة‬
‫وغيرة من المنتجات الزراعية‪ ،‬وكذلك تحدثنا عن الدور الحكومي فى تطور الزراعة وزيااادة‬
‫المحصول‪ ،‬وتحدثنا عن الطفرة التى حدثت فى عصر الدولاة الوس طى نتج ا عنه ا زي ادة‬
‫رقع الراضي المزروعة وزيادة النتاج‪.‬‬
‫النيل‬
‫قبل أن نتحدث عن الزراعة فى مصر القديمة لبد لنا أن نتحدث عن العنصاار الهااام الااذى‬
‫تقوم عليه الزراعة أل وهو نهر النيل العظيم‪ ،‬حيث أن ا وهب مصاار وشااعبها نهااراا ماان‬
‫أنهار الجنة كما أخبرنا الحبيب محمد صل ا عليااه وساالم‪ ”:‬النياال والفاارات نهرياان ماان‬
‫انهار الجنة”‪.‬‬
‫ولبد أن نوضح أثر النيل وفيضانه فى تكون تربة مصر الخصبة السمراء‪ ،‬وأيضا نوضااح الثاار‬
‫الذى خلفه نهر النيل فى الحياااة الجتماعيااة والقتصااادية والدينيااة فااى مصاار القديمااة‪،‬‬
‫وكيف كان لهااذا النهاار العظياام فااى ربااط الشاامال بااالجنوب حيااث انااه كااان ماان وسااائل‬
‫ل‪ ،‬موضااحين بعااض أسااماؤه وفضااله علااى‬ ‫المواصلت وقتها هو ركوب النهاار صااعوداا وناازو ا‬
‫الشعب المصري القديم والحديث أيضا‪.‬‬
‫رسم مجرى النيل حسب خريطة بطليموس والمحفوظة بدير جبل اوتوس‬
‫النيل والمجتمع المصرى القديم‬
‫كان قدماء المصريين يجعلون للنيل احترماااا إعتقادياااا‪ ،‬لكااونه الساابب الفعااال فااى صاايانة‬
‫أرواحهم من مهالك القحااط والجاادب‪ ،‬وانتشااار الفاقااة واسااتحكام الضاايق‪ ،‬إذ كااان عااوام‬
‫الناس وخاصتهم مقبلين على الزراعة والعتناء بها أكثر من كل شئ‪(1).‬‬
‫كان لنهر النيل أثرة الكبير فى الحضااارة المصاارية إذا ليااس هناااكا أمااة تاادين بوجودهااا أو‬
‫بخصبها كما تدين تربة مصر بوجودها وخصبها للنيل‪ ،‬بل ليس هناكا نهر لعب فى توحيااد‬
‫واديه وتشابك مصالح سكانه مثل ذلك الدور الذى لعبااه نهاار النياال فااى مختلااف العصااور‬
‫التاريخية‪(2).‬‬
‫والواقع أن النيل بنظامه الخاص فى الفيضاان قااد فاارض علاى المجتماع الزراعاي القاائم‬
‫على ضفافه صفتين هامتين هما الوحدة والنظااام‪ ،‬اذ لاام تكاان فائاادة النهاار قاصاار علااى‬
‫تغذية الرض بالمياه والغرين الذي يجدد الخصب باستمرار وإنما واجه الناس أمرياان همااا‬
‫الخطر المشتركا والفائدة المشااتركة‪ ،‬أولهمااا ذلااك الخطاار الااداهم الااذي يهاادد السااكان‬
‫جميعا وقت الفيضان‪ ،‬فإذا لم تضافر الجهااود ماان اجاال صااد ذلااك الخطاار بتقويااة الجسااور‬
‫وحراستها أهلكت ماء الفيضان النسل والحرث‪.‬‬
‫أما ثانيهما فهو فائدة المشتركة التى يمكن أن تصيب الناس إذا ما نظموا الفادة من ماء‬
‫النهر‪ ،‬فالزراعة فى مصر لم تكن من النوع الفطري الذى يعتمد على المطاار وإنماا كاانت‬
‫تستلزم توحيد الجهود وتنظيمها وذلاك بحفار الاترع وشاق القناوات‪ ،‬وتنظيام جرياان م اء‬
‫النيل وتوزيعها وإقامة الجسور بين الحياض‪ ،‬ومثل هذه الجهود أنما يقوم بهااا سااكان كاال‬
‫وحدة منظمة ولذلك تعلق السكان بأرضهم من قديم الزل‪(3).‬‬
‫والطريف هنا بالذكر أن تلك المشاهد التى نراهما من إقامة الجسور لصد مياااه الفيضااان‬
‫كانت موجودة حتى بناء السد العالى‪ ،‬فقد ذكر لى احد أهالي قريتنا بالصعيد وهو رجاال‬
‫قد بلغ عمره عتي اا من الزمان قارب المائة عام أو يزيد‪ ،‬بان أثناء الفيضان كااان أهاال قريتنااا‬
‫يقومون بتنظيم ورديات حراسة على الجسور بعد إقامتها لوقف ماء الفيضان فااى الزحااف‬
‫علااى القريااة‪ ،‬فااإذا زاد الفيضااان وقااارب علااى هاادم الجساار كااان يقااوم القااائمين علااى‬
‫الحراسة بتنبيه الناس‪ ،‬وذلك التنبيه كانت تقاوم باه إحادى سايدات القرياة وهاى اجهار‬
‫النساء صوتا فى العويل والنواحا)الزعاق او الصويت( فينتبه أهل البلد جميعا ويقومااوا عاان‬
‫بكرة أبيهم لتقوية الجسور بالتراب والحجار‪ ،‬وهذا ما كان يقوم به الجااداد وتوارثااوه جيل ا‬
‫بعد جيل من الفراعنة‪.‬‬
‫وأيضا هنا الجدير بالذكر أيضا أن الشرطة قد أقيمت خصيصا فى عهد الملااك مينااا لتوزيااع‬
‫ماء النيل بالتساوي على الهالي‪ ،‬والمرور على السدود والجسور‪ .‬وعلى الرغم مان أن‬
‫النيل هو شااريان الحياااة فااى مصاار إل أن‪ ”:‬مصاار هبااة المصااريين” فمصاار أرض شااكلتها‬
‫الطبيعة‪ ،‬وشكلها النسان شيئا له ذاتيه وأهميته‪ ،‬وهى وطن مجتمع من بني النسان‬
‫تربط بعضهم ببعض روابط مادية وأدبية‪ ،‬أنها وطن مجتمع مغاير لمجتمعات بشرية أخرى‪.‬‬
‫)‪ ،( 4‬فالنيل يجتاز آلف الميال بداية مان خ ط الساتواء فاى الجناوب وحاتى مصابه فاى‬
‫ل‪ (5).‬فمصر هبه النيل فالمصري وحااده يسااتطيع جعاال تلااك الهبااه‬ ‫البحر المتوسط شما ا‬
‫نعمة وليس نقمة)‪.(6‬‬
‫النيل والعقيدة‬
‫أما فى العقيدة المصرية القديمة والتي كان المصري القديم متمسك بها بطريقة أبهاارت‬
‫الممالك القديمة كلها‪ ،‬فقد ذكر هيرودوت والذى زار مصر فى القرن السادس قباال ميلد‬
‫السيد المسيح جمالة مفادها‪”:‬لم أرى شعب متدين يحب إلهه كالمصريين “‬
‫وذكر “بوزانياس” المؤرخ اليوناااني الجغرافااي المولااود فااى القاارن الثاااني قباال الميلد أن‬
‫المصريين اعتبروا النيل فى بدء فيضانه مجموعة من دموع المعبودة ايزيس الااتى تبكااى‬
‫زوجها أوزوريس‪ ،‬وقال” رينوف” يحتماال أن يكااون هااذا تقليااداا قااديماا‪ ،‬لن إيزيااس وأختهااا‬
‫نفتيس تسميان فى كتاب الموتي بالنادبتين‪ ،‬وجاء فى نصااوص أخاارى كااثيرة أن مجاارى‬
‫النيل منسوب ليزيس أو لمعبود آخر مثل سوتيس الشبيه بإيزيس‪ (7).‬وذكري فى كتاب‬
‫الموتى” أن النيل مولود من رع” أي من الشمس التى هى أكبر اللهااة عنااد المصااريين‬
‫القدماء‪ ،‬ويقترب من هذا المعنى أنه وجد مكتوب على ورقة بردى)من ضمن أوراق كتب‬
‫التحنيط( نص بالمعني التي‪ ”:‬أنك أيها الراحل فى لحااد الخلااود‪ ،‬ساايفيض عليااك النياال‬
‫فى مضجعك الخير أثر اا من بركاااته‪ ،‬لن ماااءه آت ماان مدينااة” أبااو”)أسااوان حالياا( وهاذا‬
‫هوتههه‪ ،‬هذا” نون” الخارج من ينبوع صخري كأن الفيضان يفور من خزانتااه‬ ‫النيل ينفجر من ه‬
‫والمياه تتدفق من ينبوعها”)‪.(8‬‬
‫أسماء النيل‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫كان المصريين القدماء يطلقون على النيل أسماء كثيرة‪ ،‬جعلااوا منهااا اسااما مقدسااا لااه‬
‫وهو”حعبي” ونقش على حجر كانوب المحفوظ الن فى المتحف المصري‪ ،‬وتحته العبارة‬
‫التية‪ ”:‬إن النيل حعبي نقص نقصاا عظيما فى عهد الملك بطليموس”)‪.(9‬‬
‫والعامة كانوا يطلقون عليه أسم” آيور”‪ ،‬وقال بروكااش باشااا فااى قاموسااه الجغرافااي أن‬
‫كلمة” آيور” هذه مشتقة من كلمة” اور” المنقوشة علي مساالة اسااكندر ذى القرنياان‪،‬‬
‫وجاءت في القبطية باللفظ ذاتااه” يااور” أي نهاار وترجماات التااوراة فااي عهااد أحااد الملااوكا‬
‫البطالسة وذكر في سفر الخروج اسم النيل بلفظ”ايور” الذي يشبه في النطق المصري‬
‫القديم‪ ،‬وقد ورد اسم نيل الوجه البحري بلفظ” وعر”‪ (10).‬أمااا كلمااة نياال الحاليااة فهااى‬
‫مأخوذة من الكلمة اليونانية ذاتها بمعنى نهر‪.‬‬
‫الفيضان ومقاييس النيل‬
‫لقد كانت مناسيب مياه النياال تختلااف فااى جهااات الااوادي المختلفااة‪ ،‬وفااى ذلااك يقااول‬
‫بلوتاركا‪ :‬كانت مياه النيل عند جزيرة الفنتين تصل إلااى ‪ 28‬ذراعاااا علااى حياان أنهاا كاانت‬
‫أمام منف تصل إلى ‪ 14‬ذراع اا‪ ،‬كما كااانت تصاال قباال مصااب أحااد أفاارع النياال فااى البحاار‬
‫المتوسط بقليل نحو ‪ 6‬أذرع فقط‪.‬‬

‫مقياس النيل فى اسوان‬


‫ويقول المؤرخ بلينى‪ ”:‬أن الفيضان أذا بلغ عند منف ‪ 12‬ذراعاا فقط حدث جدب مااروع‪ ،‬أمااا‬
‫أذا بلغ ‪ 13‬ذراعاا أمنت البلد شر الجدب‪ ،‬وإذا بلغ ‪ 14‬ذراعاااا كااان الفيضااان متوسااطا‪ ،‬وإذا‬
‫بلغ ‪ 15‬ذراعاا كفى متطلبات الزراعة‪ ،‬فإذا بلغ ‪ 16‬ذراعاا كان بهجة للنفوس‪.‬‬
‫وقد حدث أعلى فيضان فى التاريخ فى عهد المبراطور كلوديوس أ إذا بلغ ‪ 18‬ذراعاا‪ ،‬أمااا‬
‫أقل فيضان سجله التاريااخ فقااد حاادث فااى عااام ‪ 48‬ق‪.‬م اذ بلااغ ‪ 5‬أذرع فقااط‪ ،‬وقااد ذكاار‬
‫أسترابون أن ماء فيضان النيل انخفضات انخفاض اا ش ديداا عاام ‪ 40‬ق‪.‬م‪ ،‬ولكناه لام ي ذكر‬
‫مقدارها‪(11).‬‬
‫مقياس النيل فى كوم امبو وعليه علمات التدريج‬
‫ولتقدير ارتفاع مياه النيل أقيمت مقاييس فى أماكن عده‪ ،‬أشااهرها فااى جزياارة الفنااتين‬
‫وطيبة ومنف‪ ،‬ويرجع بعض المؤرخين أن هذه المقاييس أقيمت فااى أوائاال عصاار الساارة‬
‫الولي‪ ،‬كما يدل على ذلك تسجيلت ارتفاعات مياه الفيضان فى حوليات الملوكا‪ ،‬وهااذه‬
‫الرتفاعات مسجلة بدقة تصل إلااى ‪16|1‬ماان البوصااة‪ ،‬ولبااد أن فيضااان النياال فااى ذلااك‬
‫الزمن كان أقل تذبذبا بدليل أنه لم يتجاوز الفرق بين النهايات الصغرى والنهايااات الكاابرى‬
‫فى مدى ‪ 49‬عام سبعة أذرع علااى حياان وصاال هااذا الفاارق إلااى ‪ 13‬ذراعااا فااى العصاار‬
‫الروماني‪ ،‬كما يظهر الختلف عن المعدل السنوي أكثر من ذراع واحد وكف واحااد علااى‬
‫قدمين أثنين‪(12).‬‬
‫الهاتمام بمشاريع الري‬
‫ولقد أدركا المصريون منذ فجر التاريخ‪ ،‬أن النهر العظيم هو عماااد الحياااة‪ ،‬فهااذبوا مجااراه‪،‬‬
‫وشقوا القنوات والمصارف وأقاموا الجسور‪ ،‬ودأبوا على رعايتهااا وتطهيرهااا‪ ،‬حااتى يمكاان‬
‫الستفادة من مائه والسيطرة عليه ‪ ،‬فكثيرا ما كانت قصااور النياال‪ ،‬كمااا كااانت فيضاااناته‬
‫العالية‪ ،‬سببا فى قصور القوات‪ ،‬مما أدى أحيانا إلي حدوث مجاعات خطيرة‪(13).‬‬
‫نشأة الزراعة‬
‫ظهرت الزراعة منذ بداية العصر الحجري الحديث فكانت كشفاا جديداا فى حياااة النسااان‬
‫وحضارته‪ ،‬بعد أن كان مجال الحياة منحصر أمامه فى جمع النبات والتقاط الثمار البريااة أو‬
‫الصيد أو القنص بدأ يزرع الحب ويجني الحصاد وأصبح يعيش بطريقة إنتاجية بعد ان كااان‬
‫يعيش على قوت يومه تحت رحمة الطبيعة وما تجود به عليه‪.‬‬
‫فبعد أن قل سقوط المطر فى شمال أفريقية وقلت موارد مي اه النيال انحسار المااء عان‬
‫مسطحات غرينية تصلح للزراعة‪ ،‬وقد قل عدد الحيوانات فااوق الهضاااب‪ ،‬وقااد أغااار علااى‬
‫مصر وقتئذ أقوام من الغرب أدخلوا حرفة الزراعة فااى البلد‪ ،‬وقااد نسااب المصااريون هاذه‬
‫التغيرات إلى المعبود أوزير وأتباعه من اللهة‪ (14).‬وقد انفردت مصر بمياازة خاصااة وهااى‬
‫أن النيل كان يمدها بالطمي والماء كما كااان شااريانا للمواصاالت والااترابط بياان سااكانها‪.‬‬
‫وقد عرفت فنون الزراعة فى مرمدة بني ساالمة والفيااوم‪ ،‬فكااانوا أول زراع فااي التاريااخ‪،‬‬
‫ويبدو أن القمح والشعير كانوا أول الحبوب المزروعة في وادي النيل‪(15).‬‬
‫وكان للكتان والكروم والزيتون شأن يذكر فى تاريخ المدينة والحضااارة‪ ،‬وكااانت الاادلتا ماان‬
‫أوائل المناطق التى غرس فيها النسان فيها الكروم والزيتااون كماا عاارف الااتين والنخياال‬
‫والجميز والساانط وبعااض الخضاار والبقااول‪ ،‬كمااا ساايأتي ذكاار المنتجااات الزراعيااة لحقااا‪.‬‬
‫وخلصة القول فإن وادي النيل كانوا يجددون ثرواتهم النباتية ويضيفون إليها باستمرار مااا‬
‫يزيد من أنتاجهم وينوع من محاصيلهم‪.‬‬
‫وقد سارت حضارة البدارى نحو تقدم ملحوظ وأدراكا أوسااع للحياااة الزراعيااة‪ ،‬فقااد اضااطر‬
‫أهل تلك البلدة إلى تجفيف المستنقعات ليكسبوا بعض الراضي الزراعية حااتي يسااهل‬
‫ريها بدل من العتماد على المطااار الااتى أدركااوا أنهااا ل تكفااى لااري الراضااي الصااالحة‬
‫للزراعة‪ .‬وهكذا وضعت أسس الزراعة وترعرعت منذ فجاار التاريااخ حيااث تحااولت القبائاال‬
‫من الصيد إلااى الزراعااة وأعااانتهم علااى ذلااك الطبيعااة الميساارة والبيئااة الصااالحة‪ ،‬وقااد‬
‫احتلت الزراعة المكان الول فى حياتهم وأضحت سبيلهم إلى العيااش‪ (16).‬وأننااا نعاارف‬
‫الكثير عن الجزء الخير من عصر ما قبل الساارات الااذى اسااتطاعت الحفااائر الحديثااة أن‬
‫تكشف عن بقايا متعددة منه‪ ،‬وقد كان المصريون فااى ذلااك الااوقت يسااكنون فااى أكااواخ‬
‫مبنية من سعف النخيل والطمي ويعيشون على الزراعة والصيد)‪.(17‬‬
‫أثر الزراعة فى استقرار البلدا وتطور العلوم‬
‫للزراعة فضاال كاابير فااى ابتكااار العلااوم‪ ،‬فالكتابااة الهيروغليفيااة مكونااة ماان عاادة رسااوم‬
‫لشخاص وحيوانات ونباتات وأدوات زراعية وصناعية وحربية وعلمية ومنزليااة وغياار ذلااك‪.‬‬
‫وقد كانت الزراعة كشفاا جديد اا فااي حياااة النسااان وترتااب علااى ذلااك انقلب كابير فااي‬
‫طريقة معيشته فأصبح منتج اا وم دخراا بعاد أن كاان مساتهلكا فحساب‪ ،‬وهك ذا انقلبات‬
‫الزراعة من حالة البداوة إلى الستقرار الحياة في مصر‪ ،‬إذ عاااش الناااس فااي دور ثابتااة‬
‫يجاور بعضها البعض‪ ،‬وقامت بذلك القرى والمدن فوق التلل المرتفعة بعيااداا عاان فيضااان‬
‫النيل‪ ،‬واختلط الناس بعضهم ببعض‪ ،‬وظهرت الحاجة إلااى تنظياام ذلااك الختلط ومعرفااة‬
‫واجبات الفرد وحقوقه‪ ،‬وخطا القوم أول خطوة في سبيل قيااام الحكومااة بساان القااوانين‬
‫والخضوع لسلطة مركزية تعمل للصالح العام‪ ،‬وكذلك اسااتلزمت الحياااة الزراعيااة خياارات‬
‫الرض وجود وحدة متماسكة لتنظيم ماااء النياال للفااادة منهااا واسااتغلل خياارات الرض‪،‬‬
‫فانتظم المصريين في جماعات صغيرة في أول المر ثاام فااي إمااارات فيمااا بعااد مااا لبااث‬
‫حتى التأم شملها فكونت الحكومات المتحدة‪(18).‬‬
‫وقد أدي اكتشاف الزراعة إلى ازدياد ثروة البلد وحصول المصريين على محاصيل وفياارة‪،‬‬
‫فبدأ الناس يكونون ثروات منقولة من الحبوب التي تدفقت بها الحقول‪ .‬فالنتاااج المنتظاام‬
‫للغذاء عن طريق الزراعة قد أمد الزراع في مصر بمقادير وفيرة من الحبااوب مكنتهاام ماان‬
‫اختزان ما زاد عن حاجتهم منهااا‪ ،‬وهااذا الفااائض الماادخر ماان الغلل أماادهم باارأس مااال‬
‫زودهم بأسباب القااوة الااتي كااانت ماان عواماال التمهيااد لظهااور حكومااات مدنيااة” وحاادة‬
‫البلد”‪(19).‬‬
‫الفلحا المصرى‬
‫عندما نتحدث عن الزراعة لبد لنا أن نتحاادث عاان الفلحا وهااو العاماال الول فااي عمليااة‬
‫النتاج الزراعي‪ ،‬وهنا ل أقصد كلمة الفلحا بالمعنى المذكر لها أي الرجال‪ ،‬باال أنااا أقصااد‬
‫هنا الفلحا والفلحة في مصر كل بسواء سواء‪.‬‬

‫صورة تظهر السيدات ودورهن فى الحقل‬


‫فالفلحة المصرية لها نفس دور الفلحا فهي ما تساعد في أعمال الحقل من زرع وحصد‬
‫ودرس وإطعام ماشية كما سيأتي دورها فااي تلااك المراحاال الزراعيااة المختلفااة لحقااا‪،‬‬
‫وتصور لنا النقااوش والمناااظر الااواردة لنااا ماان العصاار الفرعااوني علااى جاادران المقااابر أن‬
‫السيدة المصرية الفلحة كانت جنبا إلى جنب ماع زوجهااا الفلحا فاى الحقاال‪ ،‬بال وكاان‬
‫للصغار أيضا دور فى الحقل فهم من كانوا يطعمون الماشية ويقدمون الشراب له‪.‬‬
‫وهااذا الاادور الفعااال للساارة المصاارية القديمااة المكونااة ماان الفلحا وزوجتااه الفلحااة‬
‫وأولدهم‪ ،‬مازال حتى الن ف ى مصار وخاصاتنا عن دنا فاى الصاعيد أو ف ى أري اف ال دلتا‪.‬‬
‫وهكااذا الفلحا المصااري “الن” وكأنمااا يعيااش كمااا كااان يعيااش أجااداده فااى عصاار بناااة‬
‫الهرام‪ ،‬وتبدو كذلك أسس الرخاء والحكومة الصالحة واحدة فى الماضي‪ ،‬وفى الحاضر‪،‬‬
‫وترددت علااى الفااواه عبااارات التااوراة‪ ،‬فااالوزير الماااهر هااو”يوسااف” آخاار‪ ،‬والمعااان فااى‬
‫الستئثار بما فى أيدي المصريين لم يفتر منذ أيام”فرعون”‪(20).‬‬
‫والفلحا المصري القديم وإلى الن هو من أمهر الفلحين فى العالم أجمع‪ ،‬وذلااك نتيجااة‬
‫لتراكم الخبرات لدياة‪ ،‬فهاو فلحا أبان فلحا أبان فلحا أباان فلحا…‪ .‬تااوارث الهفلحاة وزراعااة‬
‫الرض من أجداده السابقين‪ ،‬مما جعله ماهرا فااى عملااه‪ ،‬يعاارف الحلاول أذا مااا صادفته‬
‫مشكلة ويعرف كيف يحلها‪.‬‬
‫وقد ساعد ا الفلحا المصري حيث وهبة أرض خصبة مباركة تفيض بالخيرات الكثيرة إذا‬
‫ما رعيت جيدا‪ ،‬وكذلك النيل العظيم كما قلنا سابقا والاذى يسااعده فااى الاري فاى أي‬
‫وقت يريده‪ ،‬وهو نهر من أنهار الجنة كما ذكرا لنا نبي ا محمااد عليااه الصاالة والساالم‬
‫في قوله” النيل والفرات نهرين من أنهار الجنة” وأيضا الجو الممتاز التى تتمتع بااه مصاار‪،‬‬
‫وكذلك الستقرار والمان والعادل الاذى كاان يساود مصار ماان قاديم الزل إلاى أن تقااوم‬
‫الساعة كما فى قولة تعالى فى القرآن الكريم‪ ”:‬أدخلوها بسلم أمنين”‬
‫كل تلك العوامل أثرت على الفلحا المصارى باليجااب وأعطتاه خابرات واسااعة‪ ،‬أساتطاع‬
‫من خللها أن يكون ماهرا حذقا فى مهنته‪ ،‬والتى عملت الحكومااات الفرعونيااة القديمااة‬
‫على تطويرها بدون شك‪ ،‬من أنتاج سماد وشق ترع وإقامااة جسااور واستصاالحا أراضااى‬
‫جديدة‪ .‬من خلل كل ذلك حول الفلحا المصرى القديم مصر إلى أنها أصاابحت أكاابر دولااة‬
‫فى العالم أنتاجا للمزروعات والتى جعلت اقتصادها بطبيعة الحال قاوى‪ ،‬مم ا ع اد علاى‬
‫الشعب بالرخاء والثراء والذى ظهر واضحا جليا فااى مقااابرهم والكنااوز الااتى وجاادت بهااا‪،‬‬
‫وحياة الطرف التى عاشوها وصوروها على جدران المقابر وفى البرديات‪ .‬ول ننسى هنااا‬
‫عبقرية الفلحا المصرى أيضا فى الدب والشااعر والخطابااة‪ ،‬ورسااائل الفلحا الفصاايح خياار‬
‫دليل على مدى ما وصل إليه الفلحا المصري القديم من رقى أخلقى وفكر وذكاء‪.‬‬
‫ولكن هانا يتبادار إلى أذهااننا سؤال ملح وهاو ما داور الفلحا المصرى فظظى نظظظام‬
‫السخرة؟‬
‫أستوجب الصالح العام تسخير العمال للمحافظة على منشآت الري والجسور وزد علااى‬
‫ذلك فإن هناكا فترة فى أوائل الصيف بعد جني المحاصيل من الرض حوالي شهر ابريل‪،‬‬
‫وهذه الفترة التي تصل إلى ثلثة أشهر)مايو ويونيه ويولياو( قبال حلااول الفيضاان ل يجاد‬
‫العمال الزراعيون فى أثنائها أي عمل فى معظم الحقول الزراعية‪ (21 ).‬وخلل تلك الفترة‬
‫تجف الترع والقنوات ولذلك يسخر العمال فى هذه الفترة أيضااا لتطهياار الااترع وتعميقهااا‪،‬‬
‫إذا فقد كانت العمال الرئيسية الخاصة بشئون الري فى البلد تتطلب العمل فيهااا فااى‬
‫وقت ل يقوم خلله الفلحا بأي عمل‪ ،‬وذلك أصبح تشغيل الفلحين فى الخدمة الجبارية‬
‫أمر طبيعي‪ (22).‬وقد كان العمل فى الخدمة الجبارية مرتين فقط فى عماار الفلحا كلااه‪،‬‬
‫تقوم خللها الدولة بتوفير الطعام والشراب والدواء للفلحا أثناااء سااير عمليااة العماال فااى‬
‫المشاريع العامة‪.‬‬
‫حالة الفلحا المصري القديم‬
‫ل يزال الفلحا المصر الذى نراه الن فى السواق وفى الماازارع حافظااا لعوائااد آبااائه منااذ‬
‫آلف السنين‪ ،‬فما نراه اليوم من قوة عزيمة ومثابرة على العمل وقوة إيمانه بااال وتجنااه‬
‫للشر ليست بنت اليوم بل هى موروثة عن آبائه وأجداده‪.‬‬
‫فبعد انقضاااء أشااهر الصاايف وانحصااار ماااء النياال فااى مجااراه الصاالي تنكشااف الراضااي‬
‫وحينئااذ تبتاادئ حياااة الفلحا العمليااة فيأخااذ أبقاااره وآلتااه ومعااه أولده إن كااان لااه أولد‬
‫ويذهب إلى حقله‪ ،‬فيبتدئ بعزق الرض التي لم تيم جفافها بعااد عزقاااا خفيفاااا بفأسااه‪،‬‬
‫أما الرض إلى تم جفافها فيشقها بالمحراث كما نشاهد ذلك فى عصرنا الحااالي‪ ،‬وفااى‬
‫أثناء ذلك يسلى نفسه بالغناء وهى عبارة عن جملتين أو ثلث جماال وجياازة ذات نغمااة‬
‫موزونة‪ ،‬يتبعها ضرب ما يتأخر من الثورين‪ ،‬ثم يأتي رجاال يبااذر الحبااوب فااى الخااط خلااف‬
‫المحراث وتحثه الرعاة على المسير وتزعجه بصليل سوط أو بأغانى يلحنها بصوت ضخم‬
‫كمرثية أو مدحه دينية أو كوصف حال الفلحا المسكين أو كوصاف العمال فيقاول معنااه‪”:‬‬
‫الفلحا مع السمك فى الماء يتكلم مع الشلبة)نوع من السمك النيلااي( ويتبااادل التحيااة‬
‫مع العبيدى‪ ،‬أيها المغرب فلحك هو فلحا المغرب”‪(23).‬‬
‫ولكن السؤال هانا كيف كان الفلحا يمضى وقته؟‬
‫عندما كان يبتدئ الفلحا بحصد القمح يخرج الزراع وبأيديهم مقاااطع صاغيرة يقطعاون بهاا‬
‫سنابل القمح قبضة فقبضة ‪ ،‬وبينمااا هاام يجاادون فااى العماال صاافاا واحاادا ا يكااون الزاماار‬
‫بالناي مشغو لا بتسليتهم بأدوار منظومة مطربة للقلب منعشة للروحا ‪ ،‬ويغنى معه رجل‬
‫أخر بصاوت رخياام مصاافق اا بياديه لظهاار النغماات وتوقياع الحركاات ويساتنهض هممهاام‬
‫بعبارات تدل على تفوقه عليهم فى العمال ‪(24).‬‬
‫مجموعة من الفلحين فى الحقل‬
‫وقد كان المصريون يقيمون عيداا عند قطع جسور الترع وعيداا عند شق الااترع وأخاار عنااد‬
‫ضم الزرع أو عند دخول المحصول فااى المخااازن‪ ،‬فااإن حصاادوا وخزنااوا الغلل قباال إقامااة‬
‫العيد واستدرار البركة من المعبودات عدو هذا المحصول محصول ا أبتراا ل بركة فيه‪(25).‬‬
‫الملكية الزراعية‬
‫للسف الشااديد فالمقولااة الشااعبية أو الغنيااة الفلكلوريااة الااتى تقااول‪”:‬محلهااا عيشااة‬
‫الفلحا” فل تنطبق على الفلحا المصرى سواء كان قديماا في العهد الفرعااوني ول حااتى‬
‫حديثا فى أيامنا تلك‪ ،‬فكثيرا ما وصل إلينا حال الفلحا فاى البردياات والاتى وصالت إلين ا‪،‬‬
‫والتى تصف حال الفلحا وما وصاال إليااه ماان بااؤس وفقاار‪ ،‬ناتااج ماان فاارض الضاارائب‪ ،‬وأن‬
‫الملكية الزراعية فى مصر القديمة لم تكن للفلحا‪ ،‬بل كانت للملوكا يهبون ماان يشاااءون‬
‫ويمنعون آخرون‪ ،‬وطبعا كان الذين ينالهم العطاء هاام صاافوة القااوم‪ ،‬ماان المااراء والثرياااء‬
‫والكهنة وغيرهم من علية القوم‪.‬‬
‫أما الفلحا البسيط فان يزرع فى الرض مقابل حق انتفاع يقوم بتسديدة منتجات زراعيااة‬
‫عناد نهايااة الادورات الزراعيااة ‪ ،‬وغالباا ماا كاانت تلااك الضارائب مان الغلل ‪ ،‬الاتى يقااوم‬
‫بجمعها الموظفين وحكام القاارى والقاااليم فااى مختلااف أرجاااء مصاار بعااد انتهاااء موساام‬
‫الحصاد‬
‫وكما توضح لنا رسائل الفلحا الفصيح مدى ما وصل إليه الفلحا المصرى القديم من رقااى‬
‫أخلقي‪ ،‬وأدب اجتماعي‪ ،‬إل أنها أيضا توضح لنا ما كان يفعل بالفلحين من عليااة القااوم‬
‫والسادة الحكام‪ ،‬فللسف هذا حال الفلحا قديما‪ ،‬والااتى يباادوا لااى أن الفلحياان يرثااون‬
‫الفقر مع المهنة من الباء والجداد جيل ا بعد جيل‪.‬‬
‫التقويم الزراعي‬
‫كان المصريون يعتمدون على ظهور نجم)ساابدت( لحساااب تقااويمهم شااأنهم فااى ذلااك‬
‫شأن المم التى عاصرتهم وهو نفس النجم)سيريوس( المعروف عند العرب باسم)نجاام‬
‫الشعري اليمانية ( ولما كان الشهر العربي تارة ‪ 29‬وأخرى ثلثون فكان يصعب تقساايمه‬
‫أقسام اا متساوية لذا فقد عدلوا عن اتخاذ القمر أساسااا لتقااويمهم‪ .‬وكااانوا كهااان مدينااة‬
‫أون)هليوبوليس( أول من عنوا برصد النجوم في مصر وقد اشااتهرت هااذه المدينااة–عياان‬
‫شمس الحالية‪ -‬بنفوذها الديني والعلمي وتعتبر اقضم جامعة عرفها التاريخ)‪.(26‬‬

‫التقويم المصرى القديم‬


‫كيف قسم المصرى القديم فصول السنة‬
‫كانت فصول السنة فى مصر أساسا لتنظيم أعمال سكانها‪ ،‬ول تقتصر أثر هذه الظاااهرة‬
‫الطبيعية على شاائون الزراعااة فقااط ولكنهااا كااانت تشاامل المظاااهر المختلفااة للنشاااط‬
‫البشرى‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أنه كان يوجد آنذاكا فترة جفاااف شااديدة وجاادب يشاامل البلد‬
‫من أقصها إلى أقصاها‪ ،‬تتبعها فترة يفيض فيها ماء النيل ‪،‬يعقبها نماااء ومحاصاايل كااثيرة‪،‬‬
‫ولقد عرف المصري القديم من تجارية الطويلة تلك المواعيد‪(27).‬‬
‫فقد كان المصري القديم يقسم السنة الزراعية إلى ثلث أقسام متساوية‪ ،‬تقاباال ثلث‬
‫مراحل مختلفة في زراعة الرض‪ ،‬فالفصل الول الشتاء ويبدأ من أوساط أكتااوبر إلاى أول‬
‫فبراير‪ ،‬وكانت تبذر فيه الحبوب فى الرض بعد انسلخ ماء الفيضان‪ ،‬وكان يسمى‬

‫)برت(‬
‫أي الخروج أي ظهور الرض من تحت ماء الفيضان‬
‫والفصل الثاني يبدأ من أول شهر فبراير حتى إلى يونيه وهو فصل الحصاد وكان يسمى‬

‫)شمو(‬
‫أي أنسلب المياه من على الرض‬
‫والفصل الثالث فصل الفيضان وكان يسمى‬

‫)أخت(‬
‫من منتصف يونيو إلى منتصف أكتوبر‪ ،‬وكان كل شهر أربع شهور‪ ،‬وكل شهر ثلثون يوماااا‪،‬‬
‫وتتم السنة بإضافة خمسة أيام النسئ‪ ،‬ولم يكن المصااريون يساامون الشااهور بأسااماء‬
‫خاصة بل كانوا يطلقون عليها عدا مضافا إلى فصلها‪ (28).‬فيقولون مثل الشهر الول ماان‬
‫فصل الحصاد‪ ،‬والشهر الثالث من فضل الفيضان وهكذا‪ ،‬ولم تسمى بأسمائها المعروفااة‬
‫لنا إل في القرن السادس‪ ،‬وهى أسماء معبودات مصرية‪(29).‬‬
‫أسماء أشهر السنة الزراعية‬
‫ل تزال الشهر المصرية القديمة تستعمل إلااى الن فااى صااعيد وأرياااف مصاار‪ ،‬أرتبااط كل‬
‫منها بطقس معين أو ظاهرة معينة‪ ،‬صاغها المصري فى شكل مثل سهل يوضح طبيعااة‬
‫الشهر والظواهر الخاصة به والمميزات‪ ،‬وفيما يلى عرض بسيط ومختصر لشهور الزراعااة‬
‫المصرية‪.‬‬
‫هااتور‪ :‬ويبدأ من ‪ 10‬نوفماابر إلاى ‪ 9‬ديساامبر‪ ،‬ومعنااه”حتحاور” إلهااة الخصااب والجماال‪،‬‬
‫ويقول المثل العامي‪”:‬هاتور أباو الادهب المنتاور” كناياة عان زراعااة القماح الاذي يشابه‬
‫حبوبه الذهب‪.‬‬
‫كيهك‪ :‬ويبدأ من ‪ 10‬ديسمبر حتى ‪ 8‬يناير‪ ،‬ومعناه” كااا هااا كااا” أي اجتماااع الرواحا وهااو‬
‫أحد العياد الدينية‪ ،‬ويقول المثل العامي‪”:‬كيهك صباحك مساكا شاايل اياادكا ماان غااداكا‬
‫وحطها فى عشاكا” إشارة الى قصر النهار وطااول اللياال وقااد اعتاااد الفلحا أن ياكاال فيااه‬
‫وجبتين من الطعام‪ .‬وقد قيل أيضا فى المثل الشعبى عندنا فى الصعيد‪”:‬كيهك برد فوق‬
‫وبرد تحت” دليل على شدة البرودة فى هذا الشهر‪.‬‬
‫طوبة‪ :‬ويبدأ من ‪9‬يناااير حااتى ‪ 7‬فاابراير‪ ،‬ومعناااه العلااى أو الساامى وهااو عيااد القمااح‪.‬‬
‫ويقول المثل العامي‪”:‬طوبة نزيد فيااه الشاامس طوبااة” أشااارة إلااى طااول النهااار بمقاادار‬
‫طوبة وأيضا من المثال الدارجة عندنا في الصعيد‪”:‬طوبة أبااو الاابرد والعقوبااة” كنايااة عاان‬
‫شدة البرد‪.‬‬
‫أمشير‪ :‬ويبدأ من ‪ 8‬فبراير إلى ‪ 9‬مارس‪ ،‬ومعناه ” مشير ” اله الريح والعواصف وأظن انه‬
‫المعبود شو ويقول المثل العامي‪”:‬أمشير أبو الزوابع الكتير‪ ،‬ياخد العجوزة ويطياار” أشااارة‬
‫إلي كثرة الزوابع وأيضا يقال فااى الصااعيد أيضااا”أمشااير أبااو الاابرد والزعااابير” إشااارة إلااى‬
‫استمرار البرد وشدة الرياحا‪.‬‬
‫برمهات‪ :‬ويبدأ من ‪ 10‬مارس إلى ‪ 8‬ابريل وينسب إلى الفرعون أمنحتب‪ .‬ويقااول المثاال‬
‫العامي”برمهات روحا الغيط وهات” كناية عما يجمعه الفلحا من المحاصيل الزراعية الااتي‬
‫تنضج في هذا الشهر وأيضا يقال فى الصعيد”برمهات فركا وهات من كل الحاجات” كناية‬
‫على ظهور ونضوج معظم المحاصيل فى هذا الشهر‪.‬‬
‫برموداة‪ :‬ويباادأ ماان ‪ 9‬أبرياال حااتى ‪ 8‬مااايو‪ ،‬ومعناااه”رنااودة” أو” نوتااة” إلااه الحصاااد عنااد‬
‫المصريين ويقول المثل الشعبي”برماودة دق باالمعمودة” كنايااة عاان دق سانابل القماح‬
‫والشعير بعد نضوجها‪ ،‬وفصل القمح عن السنابل بالعصا الغليظة‪.‬‬
‫بشنس‪ :‬ويبدأ من ‪ 9‬مايو إلى ‪ 7‬يونيو‪ ،‬ومعنااه إلااه”خنسااو” إلااه القماار عنااد المصااريين‪.‬‬
‫ويقول المثل العامي”بسني يكنس الغيط كنس” أشارة إلى خلااو الرض ماان المحاصاايل‬
‫بعد حصادها‪.‬‬
‫بؤونة‪ :‬ويبدأ من ‪ 8‬يونيو إلى ‪ 7‬يوليو‪ ،‬ومعناه شهر”با أونااى” وهااو وادي الحجااارة بطيبااة‬
‫أي عيد جبانة وادي الملوكا‪ .‬ويقول المثل الع امي”بؤوناة نقال القماح وتخزيناه للمؤوناة”‬
‫إشارة إلى درس القمح فى هذا الشهر ونقله وتخزياان المقاادار المخصااص للمئونااة كمااا‬
‫يقال”بؤونة الحجر ينشف الميه فى الشجر” وكانت ليلة ‪ 11‬بؤونااة ‪ 17‬يونيااو توافااق ناازول‬
‫النقطة فتميل مياه النيل إلى الخضرة وتكون بشيراا ببدء الفيضان‪.‬‬
‫أبيب‪ :‬ويبدأ من ‪ 8‬يوليو إلى ‪ 6‬أغسطس وهو عيد الله”ابيبى”‪ ،‬ومعناه فرحا السماء فقد‬
‫كان المصريين القدماء يعتقدون ان الله حورس انتقم لبيااه أوزيريااس الااذي يمثاال الخياار‬
‫من عاادوة ساات إلااه الشاار الااذي بمثاال الرض الجاارداء اى انتصااار الخياار علااى الشاار أو‬
‫الفيضان ضد التحاريق ويقول المثل العامي”أبياب فياة العناب يطياب” و”أبياب مااء النيال‬
‫يدب فيه دبيب” أي يزداد فيه ماء الفيضان المتدفق بصوته ورنينه‪.‬‬
‫مسرى‪ :‬ويبدأ من ‪ 7‬أغسطس حتى ‪ 5‬سبتمبر أصله”مس رع” ومعناه اباان رع)ساا رع(‬
‫إله الشمس ويقول المثل العامي”مسرى تجرى فيه كل ترعة عسرة” وأيضااا يقااال فااى‬
‫الصااعيد”إن فاتااك مساارى ماا تلقاااش ول كساارة”)الكساارة( هااى قطعاة الخاابز باللهجااة‬
‫الصعيدية)‪.(30‬‬
‫الفلحا والرض‬
‫يتركا ماء الفيضان بعد انسلخه عن الرض طبقااة ماان الغرياان المخصااب عليهااا‪ ،‬وعناادما‬
‫تأخذ تلك الراضي فى الجفاف وتتحمل ثقل النسان‪ ،‬يخرج كاال فلحا إلااى أرضااه‪ ،‬ويبااذر‬
‫فيها الحب‪ ،‬ويغطيه بآلة ابتدعها يطلق عليها أهل الصعيد الن اللوحا‪ ،‬ول يمضي أكثر من‬
‫أسبوعين حتى تبدو الرض مخضرة الجنبات‪ ،‬وكانت تلك الظاهرة تعتبر التباشااير للفصاال‬
‫الول من فصول السنة‪ ،‬وهااو فصاال النماااء والنبااات‪ (31).‬وفااى أثنااائه يخاارج الاازراع ماان‬
‫قراهم بمواشيهم‪ ،‬ويقيمون فى حقولهم أكواخ من عيدان البوص)‪.(32‬‬

‫صورة توضح الب والبن فى الحقل‬


‫وبخاصة فى حقول البرساايم‪ ،‬وكااانوا يربطااون ماشاايتهم فااى أثناااء النهااار بحبااال طويلااة‬
‫متصلة بأوتاد لتأكل من نبات البرسيم‪ ،‬من غير أن تطأه بأقدامها فتهلكه‪(33).‬‬
‫وكما هو الشأن اليوم فى غضون شهر ابريل يتم الحصاد‪ ،‬وعندئذ بصاابح الرض جاارداء ل‬
‫نبات فيها ول ماء‪ ،‬ذات تربة طينية سوداء صلبة تتخللها شقوق عميقة‪ ،‬وعند ذلك الزراع‬
‫ل يجدون عمل يعملونه غير رعى الماشية‪ ،‬وقد دفع ذلك الفااراغ بعضااهم القيااام بزراعااة‬
‫مساااحات محاادودة ماان الرض العاليااة الااتى تحااف الااترع والقنااوات‪ ،‬ويرفعااون الماااء لهااا‬
‫بالشادوف‪ ،‬وفى الوقت الذى تبلغ فيه الحرارة ذروتها‪ ،‬وينخفض ماء النيل إلى أقصى حد‬
‫له‪ ،‬يبدأ ماؤه فى الزيادة فتبدأ تباشير حياة جديدة‪(34).‬‬
‫الداوات التى استخدمت فى الزراعة‬
‫قبل أن يظهر الحديد والمعادن في مصر كان يستخدم المصري القديم كل ما هو موجااود‬
‫حوله في الطبيعة ويعيد تشكيل البعض كااأدوات تساااعده فااي عمليااة استصاالحا الرض‬
‫وزراعتها‪ ،‬فصنع من الظران والحجر الفؤوس وغيرة من الدوات الزراعية‪ ،‬وتدل لنا الحفااائر‬
‫التى أقيمت فى مناطق مااا قباال التاريااخ مصاال مرماادة بنااي ساالمة والباادارى والفيااوم‬
‫والمعادى‪ ،‬كل تلك الحفائر خرج منها أدوات مصنوعة ماان الظااران والحجاار أسااتخدم فااي‬
‫الزراعة قبل اكتشاف المعادن والثورة الصناعية المترتبة على تلك المعادن المستخرجة‪.‬‬
‫وبعد أن عرف النسااان المعااادن قااام الفلحا المصااري القااديم باسااتبدال أدواتااه القديمااة‬
‫المصنوعة من الحجاار والظااران إلااى الحديااد والنحاااس وغياارة ماان المعاادن‪ ،‬بعااد أن قااام‬
‫بتطويعها وتشكيلها على حسب الغرض المستعملة من أجلااه تلااك الدوات‪ ،‬فصاانع ماان‬
‫الحديد مثل سلحا المحاريث‪ ،‬وكذلك الفؤوس وأدوات الحصيد مثل المنجل وغيارة‪ .‬وفيماا‬
‫يلي سوف نستعرض بعض تلك الدوات المستخدمة في الزراعة‪ ،‬موضحين الغرض منهااا‬
‫وبعض المميزات والعيوب بها‪.‬‬
‫الفأس‬
‫يعتبر الفأس أول أداة ابتكرها المصريون القدماء فهي أقدم آلت الزراعة‪ ،‬وكانت وما تاازال‬
‫عدة الفلحا المصري‪ ،‬وقد استعان بها على عزق الرض منذ عصر ما قبل التاريخ‪ ،‬وحلاات‬
‫محل اليد عندما أراد حفر الرض لزراعتها‪ .‬وقد شاع استعمالها منذ عهد الساارة الولااي‬
‫في أعمال الحقول والبناء‪ ،‬وكان الحرث بالفأس عمل ا مضاانياا وبطيئاااا ممااا جعاال مساااحة‬
‫الرض المزروعة محدودة)‪.(35‬‬
‫صورة تبين شكل الفأس‬
‫المحراث‬
‫كان المصريون القدماء يسمون المحراث”سكا”‪ ،‬ولقااد أدركااوا أنهاام أذا أطااالوا يااد الفااأس‬
‫طول كافيا فأنه يمكنهاام أن يربطااوا طرفهااا إلااى قااائم يثبتااونه بياان رأسااي ثااورين‪ .‬وكااان‬
‫الحارث يعنى بالقائمين لتوجيه المحراث حينما يشاء‪ ،‬وكان يثبتان بحيث يلتقي المحراث‬
‫بسن المحراث الذي حل محل سن الفأس‪ ،‬ولم يكن لقادم المح اريث غيار قاائم واحاد‪،‬‬
‫ولم يمضى وقتا طويل حتى يعرفوا أن وجود قائمين أفضل‪(36).‬‬

‫مشهد لحرث الرض‬


‫المنجل‬
‫ابتكر المصريون القدماء المنجل على غرار فك الثور وهو يأكل الحشائش‪ ،‬فأساانانه هااي‬
‫أسنان الحيوان وقد استعاضوا عن العظم بالخشب وعن السنان بالظران‪ .‬وكان المنجاال‬
‫فى بادئ المر يتكون من قطعة من الخشب مصقولة ومقوسة‪ ،‬ثصبت فى جانبها المعد‬
‫للقطع شظايا من الظران رفيعة ومشرشرة‪(37).‬‬
‫المذارة‬
‫تتكون المذراة من قطعة من الخشب فى هيئاة الك ف ي ذرى بهاا الحصايد فينفصال عان‬
‫الحب‪ ،‬وتبين أصابعها أن النسان قد أخذ شااكلها ماان ياده عناادما كااان فااى باادئ الماار‬
‫يستخدمها لهذا الغرض اقتصاداا فى الوقت والجهد‪(38).‬‬

‫مشهد لشكل المذارة‬


‫البلطة‬
‫كانت البلطة تستخدم منذ العصر الحجري القاديم لتنظياف الرض مان الحشاائش الاتى‬
‫تضر الزرع‪ ،‬وقد صنعت فاى باادئ المار مان الظااران ثام مان النحااس فااي عصاار الدولااة‬
‫القديمة‪ ،‬كما يشاهد ذلك على آثار ميدوم‪(39).‬‬
‫السكين أو المدية‬
‫ا‬
‫كانت السكين تصنع من الظران ويهذب سلحها حتى يصير قاطعا‪ ،‬أما اليد فكانت تصاانع‬
‫من الخشب‪ ،‬وقد وجدت السكين بين النقوش الهيروغليفية وعثر علااى نماااذج لهااا ماان‬
‫السرة الخامسة‪(40).‬‬
‫النورج‬
‫لاام يسااتخدم المصااريون القاادماء النااورج لاادرس الغلل وقااد استعاضااوا عنااه بااأظلف‬
‫الماشية‪ ،‬كما هو الحال فى بعض بلد مصر والنوبة والسودان‪ ،‬وقد بدءوا فااى اسااتخدام‬
‫النورج فى العصر اليوناني الروماني‪ .‬وقد استخدم المصريون إل ى ج انب ماا ذكرنااه آلت‬
‫وأدوات أخاارى كالمجااارف والحبااال لمسااح الرض والمكايياال الخشاابية والمضااارب الااتى‬
‫استعملوها لفصل الحب عن أغلفته)‪.(41‬‬
‫أساليب الزراعة‬
‫لكي تصاابح الرض جاااهزة للزراعااة أن هناااكا خطااوات يأخااذها الفلحا قباال زراعتااه‪ ،‬مثاال‬
‫تمهيد الرض وتسااويتها والهتماام باالترع وتطهيرهاا وغياارة ماان الشااياء الخارى الااتي‬
‫تعتمد عليها الزراعااة‪ ،‬وفيمااا يلااي الخطااوات الااتي كااان يأخااذها الفلحا قباال وأثناااء وبعااد‬
‫الزراعة‪.‬‬
‫تمهيد الرض وأعداداه للزراعة‬
‫عقب انخفاض ماء الفيضان كان الفلحا يشرع في تمهيد الرض وإعاادادها للزراعااة وكااان‬
‫ذلك يتطلب شق الترع والقنوات تتخللها والسهر على سلمتها‪.‬‬
‫الحرث‬
‫كان الفلحا يقوم بعد ذلك بحرث الرض وتفتيت ما عليها ماان كتاال الطمااي الكاابيرة‪ ،‬وقااد‬
‫استخدم الثيران والبقار لهذا الغرض‪ .‬ونشاهد على جدران قبور”بنى حساان” ماان عصاار‬
‫الدولة الوساطى صاورة تمثاال حاارث الرض وعزقهااا بينماا العماال يتباادلون الحاديث ماع‬
‫بعضهم أثناء العمل كخلفهم المصريين الحاااليين‪ .‬وهناااكا صااور أخااري علااى أحااد جاادران‬
‫قبر”نخت” فى طيبة‪.‬‬

‫التسميد‬
‫كان القوم يسااتخدمون روث البهاائم فاى صااناعة الساماد البلادي الاذي يفيااد فااي نماو‬
‫النباتااات ومااده بالعناصاار الغذائيااة ويساااعد علااى وفاارة محصااول الرض‪ .‬ويعتاابر زرق‬
‫الحمام)الزبل( أجود أنواع السماد بسبب غناه ووفرته وحرارته فهو يفيااد الرض الضااعيفة‬
‫وساعدها على نمااو ثمرهاا‪ ،‬ويمكاان القااول أن روث جميااع الحيواناات مفيااد للرض)‪.(42‬‬
‫ويذكر” بلينى” أن المصريين القدماء كانوا يستخدمون سمادا ازوتيااا خاصااا سااذرونه فااى‬
‫الرض المراد تسميدها فتزداد خصباا وأن استعماله كان قاصراا على بعض الخضرة‪.‬‬
‫العزق‬
‫ويقوم الفلحا بعزق الرض بالفأس وإذا بقيت مياه الفيضان مادة طويلاة ولام تجاف الرض‬
‫تماماا فيكتفي فى هذه الحالة بعزق الرض عزقاا خفيفاا‪.‬‬
‫البذر‬
‫ثم تبدأ عملية البذر ويقااوم عمااال يحملااون جعااب البااذور فااي أيااديهم أو يعلقونهااا علااى‬
‫أكتافهم وينثرون الحب ثم يطلقون الغنام التي تدوسها بأقدمها فتدعها في ثنايا الرض‪.‬‬
‫)‪(43‬‬
‫مسح الرض‬
‫كان المصريين يسااتخدمون الحبااال ذا العقااد لمعرفااة مساااحة الرض الااتى كااانت تعتاابر‬
‫أساسا فى تقدير الثروة الزراعية فى مصر توطئة لجباية الضرائب عليها من جهة وللتأكد‬
‫من عدم التلعب فى الحدود من جهااة أخااري‪ .‬ونشاااهد فااى أحاادى الصااور فلحاااا فااى‬
‫حقله وقد نقش بجاواره القساام التاالي‪”:‬أقساام باال العظياام رب السااموات أن الحادود‬
‫الصحيحة فى مكانها” ونشاهد فى مقبرة”منا ” بطيبة من عصار الدولاة الحديثاة عمليااة‬
‫مسح الرض يجريها المساحين بحبال ذات عقد)‪.(44‬‬
‫غرس البذور والجمع‬
‫الحصادا وجمع المحصول‬
‫يوجد على مناظر مقبرة تى فى سقارة مناظر للحصد وجمع الغلل حيث كان النبات بعد‬
‫أن يتم حصده يربط حزما ويعبأ‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا أيضا فى الصورة التى عثر عليهااا علااى‬
‫أحد مقابر الشيخ سعيد من عصر الدولة القديمة‪ ،‬أما باقي النباتات كااان يقتلااع بالياادي‬
‫ويربط حزما ويقدم علفا للماشية‪.‬‬

‫مراحل مختلفة من عمليات الزراعة‬


‫ثم تحمل الحزمة على الحمير وتنقل إلااى الجاارن‪ ،‬فااإذا مااا وصاالت الحمياار إلااى الجاارن‬
‫تلقى على الرض ثم تضاف إلى الكومة العالية من الحصاد بأن يقذف بكل ربطة فتستقر‬
‫فى أعلها ويقوم أحد العمال الساقطة من السنابل‪.‬‬
‫الدراس‬
‫ظهر فى أحد المشاااهد علااى المقااابر منظاارا لجمااع الغلل يباادأ بنقاال المحصااول فكااان‬
‫العمال يسوقون قطيعا من الحمير المحملة فى طريقها إلى الجاارن‪ ،‬وإذا مااا اقااتربوا ماان‬
‫مكان الحصاد نشاهد حمارا وقد جمح‪ ،‬فيسرع العامل من شده من ساقه قائل لااه”اجاار‬
‫قدر استطاعتك” وكان للجرن مكاناا فسيحاا مستديراا هعبدت أرضه حيث هتنشر فيه سيقان‬
‫القمح‪ ،‬وكان العمال يسيقون الحمير لتدوس السنابل ليخلص الحب من سنابله‪ ،‬ويعتاابر‬
‫الحمار غالبا هو الحيوان المستخدم لهذا الغرض في عصر الدولة القديمة‪ ،‬كما اسااتخدم‬
‫البقر أو الثور أحيان اا ونشاهد ذلك في صااور ماان أحاادى قبااور طيبااة‪ ،‬وابتااداء ماان الساارة‬
‫السادسااة كااان العماال قاصاارا علااى اسااتخدام البقااار أو الااثيران فحسااب بساابب ثقاال‬
‫أجسااامها وتركيااب أظلفهااا‪ (45).‬إلااى جااانب ذلااك اسااتخدمت قطعااان الغناام فااى تلااك‬
‫المهمة كما سيأتي ذكرها عندما نتعرض لذكر الحيوانات المساااعدة للفلحا فااى الحقاال‬
‫بالتفصيل‪.‬‬
‫وقد عثر على أغنية على أحد مقابر جادران قابر”ب احري” بالكااب تقاول‪ ”:‬أدرساي أيتهاا‬
‫الثيران فإن التبن سيكون علفا لك‪ ،‬والحب من نصيب أسيادكا‪ ،‬فليطمئن قلبك ان الااوقت‬
‫صحو جميل” وكانت عملية الدريس يلزمها عشرة حمير او مااا بياان ثلثااة ثيااران أو أربعااة‬
‫تساق وتدور فى شكل دائري فوق الجرن‪.‬‬
‫الثيران تدوس على الغلل لفصلها من سنبلها‬
‫وإذا ما انتهت عمليااة الاادراس جمااع التباان فااى كومااة عاليااة بمااذارة ماان الخشااب ذات‬
‫أساانان ثلث‪ -‬تشاابه الشااكوة الااتى تسااتخدم فااى الطعااام حاليااا وحجمهااا مثاال حجاام‬
‫الفأس– ويصعد عاملن على الكومة ليزيدا من حبكتها‪(46).‬‬
‫التذرية‬
‫ثم تبدأ عملية تذرية الحبوب من التبن وما علق بها من قاذورات‪ ،‬وقد عهااد إلااى النساااء‬
‫القيااام لتلااك المهمااة فعلااى الرغاام ماان سااهولتها إل أنهااا تحتاااج إلااى صااير ومثااابرة‪،‬‬
‫فنشاااهدهن يقماان بهااا وقااد عقاادت علااى رءوسااهن عصااائب ماان كتااان تقيهاام حاارارة‬
‫الشمس وتحميهما من الغبار‪ ،‬ويسااتخدمن لااذلك مااذاري ماان الخشااب قليلااة التقااوس‬
‫تشبه راحة اليد”الكف” يملن بها على المدروس ثم يعتدلن رافعات أذرعهاان إلااى أعلااي‬
‫فبتساقط القمح مع التبن الذي تذروه الرياحا فى حين تحمل الرياحا التبن والمواد الخاارى‬
‫بعيدة عن الحب‪(47).‬‬

‫الغربلة والكيل و تسجيل المحصول‬


‫تقوم النساء بعد ذلك بتكويم القمح وغربلته بغرابيل مربعة حتى يتم تنقيتااه ماان التباان‪،‬‬
‫ثم يكال القمااح ويسااجل”كاااتب حسااابات الغلل” الااذى يقبااع علااى قمااة الكومااة مقاادر‬
‫المحصول فى لفائف من ورق ى البردي‪(48).‬‬
‫أداوات الري‬
‫كان الري فى مصر القديمة كله معتمد فااى السااس علاى مااء النيال والااترع والقناوات‬
‫المشتقة منه‪ ،‬إلى جانب بعض الراضي القليلة التى كانت تعتمااد فااى ريهااا علااى ماااء‬
‫المطار‪ .‬وأستخدم المصري طرق عدة للري منها‪:‬‬
‫الري عن طريق مياه النيل مباشرتا وهاذا للرض التي تقع على مستوى واحد‬
‫من النيل‪ ،‬ويسمى ري الحياض‪.‬‬
‫أستخدم الشاداوف لري المناطق المرتفعة على النيل‪.‬‬
‫أستخدم السواقي ولكن في مرحلة متأخرة من التاريخ الفرعوني ومبكرة من‬
‫التاريخ اليوناني الروماني‪.‬‬
‫وفيما يلي سوف نستعرض كيف كان الري عند الفراعنة‪ ،‬والدوات التي استخدمت فااي‬
‫الري وشكلها‪:‬‬
‫الشاداوف‬
‫توصل المصريين القدماء إلى اختراع الشادوف الذى يعتبر أقدم آلااه للااري فااى مصاار‪ ،‬ول‬
‫يزال يستخدم حااتى الن وخاصااتا فااى المناااطق المرتفعااة عاان النياال والااترع والقنااوات‪،‬‬
‫والراضي ذات المساحات الصغيرة التى يصعب وصول اللة الحديث إليها‪ ،‬وبخاصة علااى‬
‫ضفاف المنافع العامة كالطرق السريعة وخط السااكك الحديديااة‪ .‬ويتكااون ماان قااائم فااى‬
‫نهايته كتلة كبيرة من الطين لتثقله وإيجاد التوازن‪ ،‬ويتدلى منااه دلااو مصاانوع ماان الجلااد‬
‫كما يوجد قائم آخر لتثبيت الشادوف‪ ،‬ويقوم الرجل برفع المياه ليضعها فى حااوض صااغير‬
‫من الطين أعلى منه تسير المياه فى القنوات المتفرعة فى أرجاء الحقل‪(49).‬‬

‫الشادوف‬
‫الجرار‬
‫استخدمت الجرار منذ عصاار الدولااة القديمااة‪ ،‬ونشاااهد علااى أحااد جاادران قاابر”مرروكااا”‬
‫بسقارة من السرة السادسة صورة تمثل عمال ا يقومون بزراعة الخص في أحواض وريااه‬
‫بالجرار‪ ،‬كما نشاهد في صورة أخري على كفن ملون عثر عليه فااي سااقارة ماان العصاار‬
‫الروماني تمثل عامل يحمل على كتفة جرتان فيهما ماء لري الحدائق والبساتين‪(50).‬‬
‫الطنبور‬
‫أخااترع الطنبااور العااالم الروماااني أرشااميدس الااذي عاااش فااي الفااترة ماان عااام) ‪-287‬‬
‫‪212‬ق‪.‬م( ويعرف باسم بريمة أرشميدس أو”لولب أرشميدس” واستخدم لااري الراضااي‬
‫المرتفعة في العصر البطلمااي‪ ،‬ولاام يعااثر علااى رساام لااه علااى جاادران القبااور ول ياازال‬
‫يستخدم في مصر حتى الن‪.‬‬

‫صورة حديثة للطنبور‬


‫الساقية‬
‫لم يعثر على رسم للساقية في القبور ويظن العالم”دارسي” أنه شاهد ساااقية عناادما‬
‫كان ينظف بئرا في الدير البحري بطيبة من عصر الدولاة الحديثاة‪ .‬وأقادم سااقية مصارية‬
‫معروفة تلك التى كشف عنها الدكتور سامي جبرة فى حفااائر تونااة الجباال عااام ‪1931‬م‬
‫من العصر الروماني ول تزال باقية هناكا إلى الن‪.‬‬

‫الساقية الرومانية بتونة الجبل‬


‫التخزين وصوامع الغلل‬
‫كان العمال يعبئون القمح فااى غرائااز ويحملااونه إلااى صااوامع الغلل‪ ،‬وكااانت مصاار تعتاابر‬
‫مخزنا لتموين الشرق القديم تلجأ إلياه القط ار المجااورة لمادادها بماا تحتااج إلياه مان‬
‫القمح‪ ،‬ويبدو ذلك جليا فى قصة السنوات السبع العجاف التى جاااء ذكرهااا فااى الكتاااب‬
‫المقدس خلل سيرة سيدنا يوسف عليه السلم– كما جاء ذكرها في القرآن فى سورة‬
‫يوسف عليه السلم‪ .‬وقد عرف المصريون القاادماء تحميااص الحبااوب قباال تخزينهااا وذلااك‬
‫بوضعها فى أونى من الفخار تقام على أفران تحمى بالوقود لدرجة خاصة لتطهيرها ماان‬
‫الحشرات وتخليصها من الرطوبة‪ ،‬ومعنااى ذلااك أنهاام قااد فطنااوا إلااى تااأثير الحاارارة فااى‬
‫تطهير الحبوب المخزنة‪(51).‬‬

‫تخزين الغلل‬
‫أنواع المخازن‬
‫حظائر مخروطية الشكل مبنية من الطوب‪ ،‬وكانت تستخدم لتخزين السنابل‪.‬‬
‫حجرات سقفها على هيئة قباب‪ ،‬وكانت تستخدم لخزن الحبوب‪.‬‬
‫ولقد كانت تلك المخازن تغطي أرضها بطبقة سميكة من فتات الحجاار منعااا ماان تساارب‬
‫الفئران إليها‪.‬‬
‫أنواع المحاصيل فى مصر القديمة‬
‫اشتهرت مصر بتنوع المحاصيل الزراعية سواء كانت المحاصيل حبوب أو بقول أو فواكه أو‬
‫خضروات‪ ،‬فقد كان الفلحا المصري القديم يجلب كل ما هو جديد من الزراعات في البلد‬
‫المجاورة‪ ،‬والاتي يشابه جوهاا وطقسااها جااو وطقاس مصاار‪ .‬وفيماا يلاي بعاض الحباوب‬
‫والبقول والخضروات والفاكهة التي كان يزرهااا المصااري القااديم‪ ،‬وظهاارت علااى مشاااهد‬
‫القبو‪،‬سواء فى مناظر للحياة اليومية‪ ،‬أو كقربان على مائدة القرابين التي رسمت أنااواع‬
‫الطعااام الااذي ساايقدم قربااان للمتااوفى بعااد وفاااته‪ ،‬وبااالطبع كااان يشااملها الحبااوب‬
‫والخضروات والفاكهة والبقول‪.‬‬

‫تنوع المحاصيل الزراعية‬


‫القمح‬
‫القمح من أهم المحاصيل التي زرعها المصري القديم لسد حاجته ماان الغاذاء‪ ،‬باال وقااد‬
‫غطى حاجته وصادر لادول العاالم القااديم أجمااع‪ ،‬فكاانت مصاار تعتاابر سالة غلل العاالم‬
‫القديم‪ .‬وكان للقمح أهمية حيث كان الطعام اليومي الرئيسي للمصري القديم هو خاابز‬
‫القمح أو الشعير مع الجعة‪ ،‬إلى جانب أي نوع أخر من الطعام ولكن فى الساس الخاابز‬
‫أساسي فى أي مائدة‪ ،‬ول تزال المائدة المصرية إلى الن ل تخلوا من خبز القمح‪.‬‬
‫وللقمح أسماء عده منها ‪:‬‬
‫بوتت‪ :‬كما ظهر فى نقوش من السرة الخامسة‪.‬‬
‫برت‪ :‬والذى أشتقت منه الكلمة العربية “هبر” بمعنى قمح‪.‬‬
‫قمحو‪ :‬وقد ذكرت فى بعض المتون ‪ ،‬وقد أخذت منها العربية كلمة قمح الحالية‪.‬‬
‫بدت أو بتت‪.‬‬
‫سوت‪ :‬وتحورت الكلمة فى القبطية أي”سوو”‪.‬‬
‫الشعير‬
‫كان الشعير ذا أهمية كبيرة فى مصر القديمة‪ ،‬فمن الشعير صاانع المصااري القااديم خاابز‬
‫الشعير والذي كان معروف جدا وقتها‪ ،‬ومن الشعير أيضا صنعوا الجعة)البيرة( والااتي كمااا‬
‫قلنا أنها كانت من أساسيات المائدة عند المصري القديم‪ ،‬وكانت تقدم كقرابين للمعابااد‬
‫وفى المقابر‪.‬‬
‫وقد عرف الشعير بعدت أسماء منها ‪:‬‬
‫جت‪ :‬كما جاء فى نقوش من عصر السرة السادسة‪.‬‬
‫ايت‪ :‬كما ذكر فى المتون القديمة ‪.‬‬
‫جت أو جوت كما أطلق عليه بالقبطية ‪.‬‬
‫البقول‬
‫اشتهرت مصر بزراعة البقول من عصر ما قبل السرات وكانت تسمي”بكن” ولعل السم‬
‫الحالي”بقل” مشتق منها‪ ،‬وقد زاغ صيتها فى العالم القديم حتى ان قوم موسى عليااه‬
‫السلم قد اشتاقوا إليها بعد خروجهم من مصر كما ورد في الية الكريمااة‪ ”:‬وإذ قلتاام يااا‬
‫موسى لن نصبر على طعام واحد فأدع لنااا ربااك يخاارج لنااا ممااا تنباات الرض ماان بقلهااا‬
‫وقثائها وفومها وعدسها وبصلها”)‪.(52‬‬
‫الفول‬
‫غذاء المصري من قديم الزل إلى الن‪ ،‬حيث عرف الفول من العصااور الفرعونيااة الولااى‪،‬‬
‫فقد كان يقدم كقاربين للمتوفى‪ .‬وذكر في البرديات الطبيااة مثاال برديااة اياابرس وكاااهون‬
‫وهاريس بأسماء مختلفة مثل”أوريت” و”أور” و”أورى” و”فور” ولعلى السم الحااالي فااول‬
‫مشتق منها بعد أن قلبت الراء لما ‪ ،‬كما ورد فااي القبطيااة باساام”أورو” و”أور” و”فاباااو”‪.‬‬
‫وقد ورد في المتون القديمة أن رمسيس الثالث وزع كثيراا منه على مخاازن معاباد اللاه‬
‫آمون بطيبة‪.‬‬
‫ولكن ما هاي حكاية الطعمية الفرعونية ؟‬
‫مما يلفت النظر ما نشاهده من صنع أربع فط ائر مان ه ذا الفاول‪ ،‬وقاد مزجات عجينتهاا‬
‫بالماء في حوض‪ ،‬ويذكر المتن ما يأتي‪”:‬خبز أرغفة يوميا للله آمون واللهة التابعين له”‪.‬‬
‫ويلحظ أن هذه العجينة قد أخذت من الحوض وقطعت إلى أجزاء في هيئة أقماع‪ ،‬وذلااك‬
‫بدحرجتها على لااوحا ثاام أعطائهااا الشااكل النهااائي باليااد‪ ،‬ولبااد أن هااذه الفطااائر كااانت‬
‫تسوى على النار والدليل الوحيد على ذلك هو وجود فرن لم يوقد بعد‪ ،‬وماان المرجااح أن‬
‫هذه الرغفة هي”الطعمية” التي تعمل من الفول في الوقت الحالي‪(53).‬‬
‫طرفة‬
‫وماان الطريااف أن الفااول أيضااا كاانت تصاانع منااه”البصااارة” المسااتخدمة فااي مصاار اليااوم‬
‫واسمها بالقبطية”بسى‪ -‬أورو” أي فول مطبوخ كما يعمل الفول النابت والفول المدمس‪.‬‬
‫العدس‬
‫وقد ذكر العدس في الوراق البردية من عصر الدولة الحديثة باساام “عرشااا” و”عرشااانا”‬
‫وعرف في القبطية باسم “أرش” و”أرشان” ووجدت رسومه لول مرة على أحدي جدران‬
‫معابد السرة التاسعة عشر‪.‬‬
‫الحمص‬
‫ذكر الحمص في الوراق البردية وبخاصة بردية”ايبرس” الطبية من عصاار الدولااة الحديثااة‬
‫باسم”حنبت”‪ ،‬وعثر على اسم آخر له هو”حر‪-‬بيك” مما يدل على دقة المصااري القااديم‬
‫فى الملحظة لن “حر” معناها رأس و”بيك” معناها صااقر أي”رأس الصااقر” الااتي تشاابه‬
‫بذرت الحمص‪ ،‬وقد عرف فى القبطية باسم”حوف”‪.‬‬
‫الفاكهة والخضروات‬
‫عرف المصري القديم أنواع كثيرة من الفاكهة ورسم معظمها علااى موائااد القرابياان فااي‬
‫مقابره ومعابده‪ ،‬فقد عرف المصااري القااديم الااتين والعنااب والااذي كااان ياازرع فااي الاادلتا‬
‫بشكل كبير‪ ،‬وأيضا عرف فاكهة الجميز والتي أكل ثمرها وأستخدم خشبها وفى النهايااة‬
‫سارت شجرة مقدسة قدسااها المصااري القااديم ومثاال عليهااا المعبااودة”حتحااور” واقفااة‬
‫فوقها‪ ،‬لذلك أرتبط الجميز بالمعبودة حتحور على مر التاريخ الفرعوني القديم‪.‬‬
‫وأيضا من الفواكه التي عرفها المصري القديم وذكرها في بردياته الطبية الرومااان والااذي‬
‫ذكر أنه يعالج أمراض المعدة واضطرابات المعدة والقولون‪ ،‬وعرف أيضا البلح”التمر” والذي‬
‫زرع بكثافة في الواحات المصرية‪ ،‬وعرف النبق وذكر فوائدة كمطهر معااوي فااي البرديااات‬
‫السالف ذكرها‪.‬‬
‫أما الخضروات فقد عرف المصري القديم معظم الخضروات التى ل نزال نزرعهااا إلااى الن‬
‫فى مصر مثل الخص والاذي كاان يقادم للمعباود”ميان” المعباود الرسامي لمديناة فقاط‬
‫وأخمياام فااى الصااعيد‪ ،‬وقااد ذكاار فااي البرديااات أن الخااص يقااوى الخصااوبة لااذلك نسااب‬
‫للمعبود”مين” معبود الخصوبة عند المصريين القدماء‪.‬‬
‫وعرف أيضا المصري القديم البطيخ ورسمه بكثرة على موائد القرابياان فااى المقااابر كمااا‬
‫فى مقبرة”خنوم حتب” ببني حسن بالمنيا ‪ ،‬وأيضا زرعوا الكاارات والفجاال والااذي ذكاارت‬
‫فوائدة فى بردية “ايبرس” كما عرفوا الملوخية وزرعوها إل أنهم لم يأكلوها إل بعد دخول‬
‫الهكسوس مصر‪ ،‬وذلك ظنا منهم أن الملوخيااة نبااات سااام‪ .‬وأيضااا عرفااوا البصاال والثااوم‬
‫والتي ذكرت أيضا فوائدهما في البرديات الطبية‪ ،‬وكذلك عرفوا الكوسة‪ ،‬هذا إلااى جااانب‬
‫النباتات التي زرعت لتسمين الماشية مثل البرسيم الحجاازي وغياره‪ .‬وتوضاح لناا الياة‬
‫القرآنية من سورة البقرة والتي تقول‪”:‬وإذ قلتم ياا موس ى لان نصابر علاى طعاام واح د‬
‫بأدع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها”‪.‬‬
‫على تنوع المحاصيل الزراعية فى مصر القديمة‪ ،‬وثراء أرضها بتلااك المنتجااات الااتي كااان‬
‫معظم الممالك فى العالم القديم تفتقر إليها وتستوردها من مصر‪ ،‬بل وجعلت بعض تلك‬
‫الممالك تطمع فى احتلل مصر‪ ،‬وذلك لااوفرة المنتجااات الغذائيااة الااتى تجااود بهااا الرض‬
‫المصرية الكريمة‪ ،‬والاتى سااتوفر بطبيعاة الحاال الغاذاء لشاعوب وجيااوش تلااك الممالاك‬
‫القديمة‪ ،‬ولكن هيهات هيهات فمصر”مقبرة الغزاة” كما يقال‪ ،‬وكم أثبت لنا التاريخ‪ .‬وأيضا‬
‫ماان الخضااروات الااتي عرفاات فااى العصااور الفرعونيااة المختلفااة وزرعهااا الفلحا المصااري‬
‫القديم الباذنجان والجلة والسلق والخيار والكرنب والقتا واللفت والبسلة بأنوعها)‪.(54‬‬
‫الزهاور‬
‫ومن الزهور المعروفة عند المصري القديم‪ :‬حصا اللبااان– الاورد بأنوعاة– الريحاان– غصاان‬
‫ألبان‪ -‬النرجس– عباد الشمس– التمر حنة– الس)‪ (55‬هااذا الااى جااانب زهاارة اللااوتس‬
‫رمز الملكية المصرية عبر جميع عصورها القديمة‪.‬‬
‫القطن‬
‫كان شجر القطن يورع فى الراضي المصرية وقد ذكر العلمة”بولوكس” فى صااحيفة ‪75‬‬
‫و ‪ 76‬من المجلد السابع لكتابة أن شجرة القطن كانت تسمى عندهم بشااجرة الصااوف‪،‬‬
‫وان المصريين كانوا يزرعونها فى مصر)‪.(56‬‬
‫الكتان‬
‫هذا إلى جانب الكتان الذي كان يصنع منه الملبس البيضاء الجميلة‪ ،‬والتي تتميز برقتها‬
‫ونعومتها ومقاومتها للشمس والبرد فى نفس الوقت‪ ،‬وبالكتان وصااناعته ساااد المصااري‬
‫القديم دول العالم وممالكه القديمة‪ ،‬إلى جانب أوراق البردي المسااتخدمة فااى الكتابااة‬
‫والتى كان ل يعرفها ول يصنعها فى العالم القديم إل المصريين‪.‬‬
‫وقد ذكر عالم المصريات”شونفورت” أن القطن المصري كان ماان النااوع المساامى”لينااوم‬
‫هيمبلة” الجاري زراعته فى مصر الااى وقتنااا هااذا‪ ،‬وقااد وجااد فلناادرس بااثرى بااذورا ماان‬
‫الكتان فى مقبرة بهااوارة بااالفيوم‪ ،‬وكااذلك فااى مقااابر كاااهون ماان عصاار الساارة الثانيااة‬
‫عشر)‪.(57‬‬
‫قصب السكر‬
‫ذكر عالم المصااريات”شااونفورت” أن جميااع القلم الااتي وجاادت فااى التااوابيت المصاارية‬
‫كانت مأخوذة من عيدان قصب السكر‪ ،‬وقد عثر عالم المصريات الشهير”فلناادرس بااترى”‬
‫على بقايا من هذا الصنف فى الحفائر التى كان يقوم بها)‪.(58‬‬
‫الحيوانات المساعدة فى الحقول‬
‫أستخدم المصااري القااديم الحيواناات الليفااة فااى الحقاال‪ ،‬وذلااك لتساااعده فااى العمال‬
‫وتعمل على سرعة انجازه فهو محكوم بقوت قليل للزراعة‪ ،‬وهاى الشااهر الااتى ينحصاار‬
‫فيها النيل وفيضانه‪ ،‬مما جعل المصري القديم يفكاار فااى ترويااض الحيوانااات واسااتغللها‬
‫فى أعمال الحقل‪ ،‬فمعظاام تلااك الحيوانااات كااانت فااى العصااور الحجريااة متوحشااة غياار‬
‫أليفة‪ ،‬بل كان عدوها الول هو النسان‪ ،‬وسوف نتعرض بعض الحيوانات المساااعدة فااى‬
‫الحقل على سبيل المثال ذاكرين الغرض التى كانت تستخدم فيه تلك الحيوانات‪.‬‬
‫الثيران‬
‫كانت الثيران فى مصر القديمة نوعين‪ :‬الزيبو الفريقي وله قرون طويلة‪ ،‬والنوع الثانى ذو‬
‫قرون قصيرة‪ ،‬ولم يكن النوع الفريقي ذو القرون الطويلة قوى البنية متيناا‪ ،‬ولذلك تعاارض‬
‫للنقراض سانة ‪ 1863‬م‪ .‬وكااانت تسااتخدم الااثيران فااى جاار المحاااريث الااتى تعااد الرض‬
‫للزراعة وتعمل على تهويتها وتقليبها)‪.(59‬‬
‫الغأنام والماعز‬
‫المعروف أن المصري القديم قد قدس الغنام‪ ،‬فقد كانت تمثل المعبود آمون فى شااكله‬
‫الحيواني‪ ،‬كما استخدمها فى اللغة المصرية القديمة كمخصص لكلمة محترم‪ ،‬ماان هنااا‬
‫جاء احترام المصري لتلك الفصاايلة ماان الحيوانااات‪ ،‬وعماال علااى تربيتهااا وإكرامهااا أيضااا‪.‬‬
‫وكانت هناكا سللة من الغنام ذات قرون أفقية متلوية‪ ،‬وكاانت أكاثر انتشاارا فاى عصار‬
‫الدولة الوسطى‪ ،‬ولكنها لم تلبث أن انقرضت‪ ،‬وكانت في مصر سللة أخرى من الغنااام‬
‫ذات قرون مقوسااة‪ ،‬وهااو النااوع الااذى نشاااهده فااي تمثااال جوبااتر آمااون‪ ،‬ول تاازال تلااك‬
‫السللة موجودة فى مصر المعاصرة)‪.(60‬‬
‫أما الماعز فقد كان منتشرا فى عصور مصر المختلفة منذ قديم الزل‪ ،‬ونرى الماعز على‬
‫رسوم المقابر متسلقا الجبال والشجر‪ ،‬ويظهر هااذا واضااحا جليااا فااى مقاابرة باااكت فااي‬
‫بنى حسن ومقبرة خنوم حتب أيضا ببني حسن‪.‬‬
‫وقااد اسااتخدمت الغنااام فااى عمليااات درس الغلل‪ ،‬فقااد كااانت تنشاار الساانابل علااى‬
‫الرض‪ ،‬ومن بعدها يمر عليها الغنم فى جماعات بشكل منتظم ذهبا وعودة على الجرن‬
‫المراد درسه‪ ،‬فيعمال علاى تفكاك الحباة مان السانابل إلاى الرض‪ ،‬ومان بع دها يقاوم‬
‫الفلحا بجمعها بعد تذريتها‪.‬‬
‫الحمير‬
‫لقد كان الخنزير موجود اا فى مصر فى عصورها المختلفة‪ ،‬ولكن المصااريون كااانوا يعزفااون‬
‫عن اقتنائه فكانت تقوم بااتربته إحاادى قبائاال الباادو علااى حافااة الصااحراء ‪ ،‬ولعاال ساابب‬
‫عزوفهم عن اقتنائه أنهم كانوا يعدونه مكرسااا لخدمااة اللااه ساات الشاارير ‪ ،‬أمااا الحمااار‬
‫فعلااى الرغاام ماان أن المصااريين كااانوا يعتقاادون أن اللااه ساات يتقمصااه ‪،‬فكااان لااذلك‬
‫مكروها ‪ ،‬فإن حاجتهم إليه لحمل أثقالهم حالت دون نبذه والتقليل من شأنه ‪ ،‬ويبدو أنه‬
‫جئ به من ليبيا اذ كان موجودا فيها من قبل عصاار الساارات الولااى ‪ ،‬ومااا لبااث أن عاام‬
‫استخدامه ‪(61).‬‬
‫الجمل‬
‫أما الجمل فكان عدة البدو الذين كانوا يقيمون فى الجه ات الاتي تحاف مصار‪ ،‬ولقاد عام‬
‫استخدامه في حمل المحاصيل والبضائع وزاد المسافر وبخاصة فى عهد السرة الولااي‬
‫والسرة التاسعة عشرة والسرة الخامسة والعشرون‪ ،‬وكذلك فى العهد الروماني)‪.(62‬‬
‫الخيل‬
‫هناكا مقولة خاطئة تقااول أن مصاار لاام تعاارف الخياال علااى وجااه الطلق إل بعااد دخااول‬
‫الهكسوس إلى مصر‪ ،‬ولكن ثبت عكس ذلك حيااث عااثر فااى مقاابرة بالنوبااة تعااود لعصاار‬
‫الدولااة القديمااة علااى جسااد حصااانين محنطياان‪ ،‬ولكاان المعااروف أن المصااريين لاام‬
‫يستخدموا إل بعد دخول الهكسوس إلى مصار‪ ،‬وذلاك لن مان المعاروف تاريخياا أن أول‬
‫من روض الخيل هو إيساف بن سيدنا إسماعيل بن خليل ا إبراهيم”عليهما السالم”‪،‬‬
‫وكان ذلك في الجزيرة العربية فى زمن الدولة الوسطى فاى مصار تقريباا‪ .‬وبادأ ظهورهاا‬
‫فى مصر على جدران المقابر من بداية السرة الثامنة عشر‪ .‬وقد استخدمت آنذاكا فااى‬
‫جر العربات الحربية ‪ ،‬ويبدو أنها كانت ضئيلة الجسم غير صاالة للركااوب عناادما جاائ بهاا‬
‫أول مرة‪.‬‬
‫الكلبا‬
‫كانت الكلب مصر ول زالت حتى اليوم سااللت كااثيرة ماان الكلب‪ ،‬ممااا ياادل علااى أنااه‬
‫جئ بها من مناطق وبيئات جغرافية مختلفة اختلفاا يبنا فى طرق المعيشة‪ ،‬وكان النوع‬
‫ذو الحجم الكبير يستخدم فى الصيد والقنص‪ ،‬وكان النوع المتوسط منبوذاا يعيااش علااى‬
‫فضلت الطعام‪ ،‬أما النواع الصغيرة فقد كانت يحتفظ بها فى المنازل ليأنس بها أصااحابها‬
‫ويدللوها)‪ .( 63‬وقد أستخدم الفلحا المصري أيضا الكلب فااى أمااور عديااده‪ ،‬مثاال الرعااي‬
‫للحفاظ على الغنم ماان خطاار الااذئاب‪ ،‬وأيضااا فااى الحقاال وذلااك لحراسااة الماشااية ماان‬
‫السرقة‪ ،‬والتى كانت تظل فى الحقل أيام الزراعة وحتى الفيضان كما ذكرنا سابقا‪.‬‬
‫والكلب الرمنتى )الكلب الفرعوني( هو من أشهر الكلب فى العالم‪ ،‬وهو ما ظهر علااى‬
‫نقوش المقابر مع الملوكا والمراء فى رحلت صيدهم‪ ،‬والجدير هنا بالذكر أن هذا الكلااب‬
‫كان موجود فى مصر حتى دخول النجليااز مصاار‪ ،‬وكعااادة الحتلل البغيااض عملااوا علااى‬
‫ترحيل جزء كبير من تلك الكلب لبريطانيا ‪ ،‬مع التخلص من الجاازء الباااقي فااى مصاار عاان‬
‫طريق القتل أو التهجين‪ ،‬والطريف أيضا أن تلك الكلب ل يملكها إل السارة الملكياة فاى‬
‫بريطانيا‪ ،‬يستخدمونها فى الصيد‪ ،‬وقد بلغ ثماان الكلااب ماان تلااك الفصاايلة لن أكااثر ماان‬
‫مليون دولر!!!‬
‫الطيور‬
‫بسبب موسم الفيضان الطويل عمااد الفلحا المصااري القااديم إلااى تخزياان الغلل‪ ،‬وإلااى‬
‫جانب ذلك كان عليه أن يوفر البروتين الذي يساعده علااى العيااش فااى أشااهر الفيضااان‬
‫الطويلة‪ ،‬فقام بتربية الطيور وبخاصتا الطيور الداجنة‪ ،‬ومن أشهر تلااك الطيااور الوز والااذى‬
‫زين المقابر المصرية بأشكاله البديعة‪ ،‬هذا الى جااانب البااط والاادجاج وغياارة ماان الطيااور‬
‫الخرى والتى كان يذبحها الفلحا المصري فى العياااد والمناساابات وأيضااا يسااتفيد ماان‬
‫بيضها‪.‬‬
‫ولقد كان التفريخ الصناعى للبيض من مبتدعات المصريين‪ ،‬وكان غير معروف فى القطار‬
‫الخرى‪ ،‬ولقد كان المصريين يعدون للفراخ حظائر مصنوعة من الفخار ذات أبواب لوقااايته‬
‫من البرد والثعالب ليل)‪.(64‬‬
‫الداارات الحكومية الخاصة بالزراعة‬
‫كان يوجد فى عهد القدماء المصريين إدارة خاصة ياديرها رئياس تسامى)إدارة الشاونة(‬
‫كانت تشرف على خزن الغلل وتملك شون اا كااثيرة ‪،‬تنشااأ فااى مختلااف المقاطعااات كاال‬
‫واحدة منهم تحت إدارة خاصة يساعدها بعااض الكتبااة والعمااال‪ ،‬كمااا يشاااهد ذلااك فااى‬
‫نقااوش قاابر العظياام”متاان” ماان عصاار الدولااة القديمااة‪ .‬وكااانت توجااد أيضااا إدارة هامااة‬
‫تسمي”إدارة التموين” للمحافظة على المحاصيل القابلة للتلف‪ ،‬يرأسها مدير لهااا فااروع‬
‫تدير المخازن المحلية يسمى رئيس كل منها”مدير إدارة التموين”‪.‬‬
‫وكانت هناكا مخازن فساايحة فاى عاصامة كال إقلياام‪ ،‬تجمااع فيهااا المحاصاايل‪ ،‬ويرساال‬
‫معظمها إلى العاصمة‪ ،‬حيث كانت تخزن فى مخازن بنيت بجوار قصاار الفرعااون خصيصااا‪،‬‬
‫وذلك لتوينه هو وجيشه مما جعل منه مدينة قائمة بذاتها تشمل كل ما يحتاج إليااه ماان‬
‫طعام وشراب‪ ،‬وتصرف منها أجور العماال‪ ،‬وي دخر ماا تخل ف بعاد ذلاك لساتخدامه وقات‬
‫الحاجة)‪.(65‬‬
‫الصلحات الزراعية فى عصر الدولة الوسطى‬
‫كانت الزراعة وخاصة فى الصعيد‪ ،‬المصدر الساسي للدخل بالنساابة لغالبيااة السااكان‪،‬‬
‫وقد أولي حكام الدولة الوسطى‪ ،‬وخاصااتا فااى عهااد الساارة ‪ ،12‬الزراعااة عنايااة بالغااة‪،‬‬
‫شملت طرق الزراعة‪ ،‬وأدوات النتاج الزراعي‪ ،‬وفن إدارة المزارع‪ ،‬والرقابة على العمليات‬
‫الزراعية‪ ،‬وتجميع وحفظ النتاج الزراعي‪ ،‬اذ كانت الدولة وخاصاتا فاى عه د تلاك السارة‬
‫توزع الراضي الزراعية على السر بالتساوي وتراقب عملية استغللها‪ ،‬وكااانت تسااتعيد‬
‫الراضي من السرة التي تهماال زراعتهااا ‪،‬كمااا كااان النتاااج الزراعااي يخضااع إلااى حصاار‬
‫وإحصاء دقيق حفظا لم تم إنتاجه من حاصلت)‪.(66‬‬
‫وقد سااار ملااوكا الدولااة الوسااطى علااى درب أساالفهم فااى الهتمااام بالنياال والزراعااة‬
‫واهتموا اهتماما بالغا بمشروعات الري‪ ،‬بهدف الستفادة من ماء النيل والسيطرة عليه‪،‬‬
‫فحرصوا على تسجيل منسااوب مياااه النياال‪ ،‬كمااا اشااتهروا بمشااروعات الااري العظمااى‬
‫‪،‬خاصة فى إقليم الفيوم‪ ،‬ففي عهد الملك”سنوسرت الثاني”باادأ الهتمااام بمشااروعات‬
‫الري في الفيوم‪ ،‬وفى عهد”أمنمحات الثالث” أقيم سد عند ماادخل الفيااوم بااالقرب ماان‬
‫قرية الهون‪ ،‬لمنع الفيضان من إغراق أراضااي هااذا القلياام‪ ،‬وتخزياان المياااه للسااتفادة‬
‫منها عندما تاادعوا الحاجااة إليهااا‪ ،‬وقااد اقااترن هااذا المشااروع العظياام بشااق الكااثير ماان‬
‫القنوات والمصارف والجسور فى إقليم الفيوم‪ ،‬وقاد مكان هاذا المشااروع ماان استصاالحا‬
‫أكثر من ‪ 27‬ألف فدان‪ ،‬ولكن يبدو أن الهتمااام بمشااروعات الااري لاام يقتصاار علااى هااذا‬
‫القليم فقط بدل امتد إلى جميع البلد كلها)‪.(67‬‬
‫وقد ظل سد اللهون قائما على اقل التقدير إلى عام ‪ 24‬ق‪.‬م كذلك عمد ملااوكا الدولااة‬
‫الوسطى على توفير المياه النقية لبعااض المناااطق النائيااة‪ ،‬والمثااال علااى ذلااك مخااازن‬
‫المياه والبار الااتى أقامهاا”منتااوحتب الثاااني” فااى الطرياق الموصاال للبحاار الحماار ماااراا‬
‫بالحمامات‪ ،‬وذلك لتوفير المياه للقوافل التجارية‪ ،‬التى كانت تذهب إلى بلد”بااونت” عاان‬
‫طريق البحر الحمر)‪.(68‬‬

‫موقع‪ :‬حراس الحضارة‬

Vous aimerez peut-être aussi