Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
شريط األخضر
ولد جاك بيرك Jacques Berqueبفرندا ( )1بالجزائر عام 1910و دون بكل عمق
العالقات الفرنسية العربية واملتوسطية كرجل ميدان وعقل .فلقد كان رجل امليدان منذ
ّ
1934في الغرب باملغرب .أنى أصبح مراقب مدني بعد عامين من الدراسة في السر بون .ولم تكن
هاتان السنتان الدراسيتان لتشفع له ما وراء اهتماماته .فلقد أدى الخدمة العسكرية في
املغرب الذي لم يغادره إال في سنة . 1939و عاد ثانية إلى الغرب .وباألطلس األعلى مكنه نشاطه
كإداري أن يقيم عالقات مع الشعب ،وهو أيضا الش يء الذي أثر في مساره الثقافي والعلمي،
فأخذ على عاتقه االهتمام بعلم االجتماع .وجاءت أطروحته املوسومة ب"البنيات االجتماعية
لألطلس األعلى " لترشحته بأن يسلك سبيل الدراسات اإلستشراقية ،حيث شده فيها تغليب
تفسير العصرنة عليها وتجلى ذلك واضحا من خالل البحوث التي كانت أنداك قد أثرت ليس
على الطلبة وحسب بل أيضا حتى على الباحثين املتخصصين .وكان على هذه العين األوروبية
أن تنظر إلى العرب من واقعهم الحاضر أنذاك.
ففي سنة 1953رافع ضد إسقاط السلطان باملغرب .وأتم رحالته إلى كل من مصر ولبنان
.وفي سنة 1956عين بالكوليج دو فرانس أنى تربع على كرس ي التاريخ االجتماعي لإلسالم املعاصر
ملدة تنيف عن ربع قرن .وهو الش يء الذي سيعمل معه في متابعاته للبحوث( )2وفي األسفار،
وبمرور الزمن كان ينسج شبكته الخارقة للعادة إذ هي شبه إعالمية ،متوسطية .كما عمل على
إثراء كل اللقاءات على جميع املستويات .حيث تخرج على يده طالب أصبحوا أساتذة
وسياسيين .ومع كل ذلك راح يترجم معاني للقرآن الكريم وله مجموعة هائلة من املؤلفات
نذكر من بينها اإلس الم في عصر العالم ،العرب من األمس إلى الغد،املغرب بين
حربين،مصر،اإلمبريالية والثورة .املغرب تاريخ ومجتمع ،اإلسالم في التحدي....إلخ من الكثير من
األعمال.
في الثقافة :التطور واملفهوم.
يكاد يجمع الباحثون أن األصل اللغوي لكلمة ثقافة روماني ،بل وحتى املعنى الداللي هو
اآلخر روماني :فكلمة Cultureمشتقة من Colereومعناها يفلح ،يقطن ،يتعهد بالعناية يرعى
ويحفظ -وتتصل قبل كل ش يء بالعالقة بين اإلنسان والطبيعة بمعنى الفالحة وتعهد الطبيعة
بالعناية حتى تصبح صالحة لسكنى اإلنسان .وهي بهذا تدل على موقف العناية املشفوعة
باملحبة ،مما يغاير جميع الجهود املبذولة إلخضاع الطبيعة لسيطرة اإلنسان .لذلك ال تقتصر
على معنى حرث األرض بل يمكن أن تعني أيضا (cultعبارة) اآللهة ،أي العناية بما يخصها دون
غيرها .ولعل شيشرون ( )3هو أول من استعمل الكلمة في أمور الروح والعقل .فهو يتحدث
عن Excolere animumفالحة العقل وعن cultura animiباملعنى الذي نتحدث فيه حتى
يومنا هذا عن العقل املثقف cultured mindلكننا لم نعد نحس باملعنى املجازي الكامل لهذا
االستعمال ...والسبب في عدم وجود مفهوم إغريقي مقابل ملفهوم الثقافة عند الرومان هو
غلبة فنون الصناعة في الحضارة اإلغريقية ،فبينما كان الرومان يميلون إلى اعتبار الفن نفسه
ضربا من الزراعة ،زراعة الطبيعة ،كان اإلغريق يميلون إلى اعتبار الزراعة نفسها جزءا ال
يتجزأ من الصنع تابعة للحيل البارعة الحاذقة ،حيل "التقنية " التي يروض بها اإلنسان ،
أكثر الكائنات جبروتا ،الطبيعة ويحكمها .وما نعتبره نحن الذين ال زلنا تحت تأثير سحر التراث
الروماني ،عمال طبيعيا جدا ومن أهدأ األعمال اإلنسانية ،أي حرث األرض ،كان اإلغريق
ينظرون إليه على انه عمل يتصف بالجرأة والعنف ،وينطوي على إزعاج األرض التي ال تنفد
وال تتعب واالعتداء عليها عاما بعد عام . )4( "....ورغم هذا التعريف الذي قدمته حنة
أرندت Hannah, Arendtإال أنها انتبهت إلى األزمة الثقافية بدالالتها االجتماعية والسياسية-
طبعا في البالد األوروبية.-وبا أنه ليس موضوعنا سوف لن نتطرق له.
وأما مالك بن نبي فيرى أن كلمة ثقافة لم تعرف للبالد العربية سبيال ال في القرآن وال في
القواميس وال عند ابن خلدون ولكن"ومع ذلك فإن تاريخ هذه الحقبة(يقصد العصر األموي
والعصر العباس ي) يدل على أن الثقافة العربية كانت آنئذ في قمة ازدهارها"()5
الثقافة املفهوم والداللة عند جاك بيرك
ففي تساؤل لجاك بيرك في كتابه اإلسالم في زمن العالم L'Islam au temps du monde
عن ما هي الثقافة؟ يحاول أن يجيب عليه اعتمادا على تفنيد قول بول فاليري Paul Valéry
الذي قال بعد الحرب العاملية األولى " حضاراتنا األخرى تعلم أننا متنا ( وهو يقصد الثقافات
) ،وهو أي جاك بيرك يرى أن ثقافاتنا اليوم لم تمت وحسب مع نهايات القرن العشرين ،بل
تأكد ذلك واضحا للعيان .و لكنه يعود فيرى في الحقيقة أن ميالدها ال ينتهي )6(.إن هذا القول
من بيرك يفيد أن الثقافة تتجدد وهذه األخيرة تنطوي على عدة معاني.
أوالها أن التجدد يمكنه أن يكون لش يء وجد باألصل ،ثم أتت عليه ظروف تاريخية
فأتلفت متغيراته العرضية ،في حين أن ثوابته أي جوهره ال يأتي عيه التلف .ومنه فإنه يعود
للحياة ثانية.
وثانيها أن املتغيرات الثقافة يمكنها أن تتجدد على األقل شكليا إذا كان الجوهر (أي
الثوابت قد صارت رميما بفعل االنتقام() 7الذي تمارسه األفكار في تاريخ ثقافة ما .ومن األمثلة
على ذلك ما حدث أخيرا للمجتمع السوفياتي من فقدانه للمبررات الثقافية( ،)8تجلى ذلك في
الخروج املفاجئ لصاحب الغالسنوست بإعالنه الشفافية واإلصالحات للمجتمع الذي أسلفنا
هذا سياسيا .كما عبر عن الصيغة ثقافيا بل علميا فرار بعض العلماء السوفيات نحو الغرب.
واألمثلة كثيرة في هذا املضمار.تعبر عن أن هذه الكتلة الثقافية قد فقدت مبررات وجودها منذ
1989وهو تاريخ سقوط جدار برلين.كما أن ظهور حركات مدمرة للثقافة في الغرب بات ينذر
بالخطر منذ ظهور حركات الهيبيز (.) hippies
يستعرض بيرك الكثير من األسباب والدواعي التي كانت سببا في النكوص واالضطراب
الثقافي في أوروبا .ولكننا وتماشيا مع هذا البحث املتواضع سوف ال نأتي عليها كلها بل سوف
نلمح للبعض منها مما يتماش ى ومنهجية هذا البحث .فهو مستاء جدا من الثورة التكنولوجية
ّ
التي في نظره خلفت مجتمع "الالثقافة" :املجتمع الذي عليه أن يساير الركب أي ركب التطور
الصناعي وعليه في الوقت نفسه أن يخلق ثقافته .تلك الثقافة التي أتت عليها الثورة الصناعية
يوما ما .وفي نظره فليس باإلمكان إعادة صياغتها من كالسيكيتها بل من املمكن أن نبتدئ من
208 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
ّ
منطلقات مخلفات هذه الثورة التقنية ،باعتبارها خلفت رصيدا هائال من القيم ومن املبادئ،
قد تكون مغايرة تماما لنظيرتها الكالسيكية .ولكنها ثقافة االتصال السريع واإلعالم اآللي وثقافة
التقنية بصورة إجمالية.
واملهم هو أن بيرك يكون قد انتبه إلى هذا الخطر الذي أصبح يداهم الثقافة األوروبية .
وعندما نقف قليال عند قوله السالف نجد أن الثقافة التي يمكنها أن تتجدد إنما بسبب أن
منعرجات التاريخ املعاصر هي التي رمت بها إلى املوات .فهو يتحدث عن اقتناع من أن الثقافة
الغربية أصبحت تعاني فقدانها ملبررات وجودها ( .طبعا بسبب ويالت الحربين العامليتين
وبسبب ويالت ديان بيان فو وبسبب دحر الثورة الجزائرية العتداء الجانب القيمي على الثوار
الجزائريين في الجبال ( وحين ينتبه رجل كبيرك ملسألة فقدان املبررات الثقافية للذات
األوروبية إنما يكون ذلك وليد فطانة رجل غربي ومستشرق! وهو الش يء الذي انتبهت له
الكاتبة اليسارية حنة أرندت Hannah Arendtحين قالت وهي تتكلم عن التحول الثقافي من
الفردانية إلى املجتمعية" ...ومن األسباب التي كثيرا ما حملت هؤالء األفراد على االنضمام إلى
أحزاب ثورية أنهم وجدوا في أولئك الذين لم يقبلهم املجتمع بعض الخصال اإلنسانية التي
انقرضت في املجتمع"(.)9
وفي رأي جاك بيرك فإن الثقافة تبحث عن تعريف أكثر تعزيزا لها بحيث يفتح لها أسسا
جديدة.واكتشافات جديدة(.)10ثم يتساءل عما إذا كان باإلمكان اقتراح تعريف لها يكون
بالحيوية وبالحركية التي هي عليها .وهل باإلمكان اقتراح تعريف للثقافة يكون مثلها حيوي
وحركي ؟ وهو يعني في ما يعنيه ،أن التعريف الذي يجب أن يحدد الثقافة عليه أن يأخذ بعين
االعتبار الخصائص املكونة لها .بحيث تكون الخصائص هذه ملمة من الناحية التعريفية بـأحد
األمرين :األول وهو أن يكون تعريف الثقافة تعريفا آخذا في الحسبان البناءات اللواتي يتربع
عليها العصر .بمعنى أن عوامل املتغيرات -وألنها عصرية -يجب أن تكون ثوابت فيها :الش يء
الذي نستنتج منه أن بيرك يغلب في هذا الجانب عامل العصرنة على العوامل األخرى.
ولتكن مثال عادات وتقاليد أمة ما نسميها ،س .إن هذه العادات وهذه التقاليد ال يمكنها
أن تساهم في عملية البناء الثقافي إال أن تصبح من عادات ومن تقاليد العصر انطالقا من أن
"لكل عصر ثقافته" .وهو يساهم في تكريس ":فكرة ثقافة الهيمنة أو العوملة التي ساهمت في
صهر بعض الثقافات لضرب الوحدة الثقافية وما يمثلها( .)11يقول حسن حنفي " :وانتشرت
واله ّويات والتعدديات
البحوث عن األقليات العرقية والطائفية من أجل إبراز الخصوصيات ُ
209 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
الثقافية للقضاء على وحدة الثقافة ووحدة الوطن ووحدة التاريخ ووحدة املصير املشترك"()12
.األمر الثاني أن تكون الثقافة بها من الحركية ما يمكنها أن تشكل خاصية من خصائص
ثقافة أي أمة .ومن هنا فإن الثقافة هذه هي تلك التي تأخذ في الحسبان عامل "األرض
املحروقة" .وعليه فال يمكن أن نتصور ثقافة يطلق عليها بثقافة التبعية ،أو ما يمكن أن يطلق
عليها بثقافة الخنوع والخ ضوع .وكل ما في األمر أن شكل الثقافة اإلهليلجي هو النموذج املنتقى
للثقافة التي ينادي بها بيرك .وعليه فمع منعرجات التاريخ تسكن ثقافة ما ،ومع منعرجات
العصر تسكن ثقافة أخرى أيضا.والنتيجة التي يمكننا أن نخلص إليها هنا أن بيرك يؤسس
ّ
لثقافة العصرنة على الالثقافة :ثقافة العصرنة هي في واقها ثقافة العوملة التي سبق وأن
ّ
أرشدنا إلى تفاصيلها أكثر في األطروحات العشر التي كتبها الجابري .وأما الالثقافة ( أي على كل
مجال حيوى-فطري -مصاب بما يمكن أن نطلق عليه بالفراغ الثقافي )فهي املجال الحيوي
الذي يتكلم عليه بيرك والذي كان يرى بأن البد من ملئه ثقافيا .ونس ي أن هناك مقولة مفادها
أن اإلناء ال يرشح إال بما فيه!
إال أن بيرك يعترف بأن هذا سيكون ش يء صعب املنال .وباملقابل فإن الشرطين الذين
يضعاهما بيرك كخصائص يدخالن في البناء الثقافي واللذان هما :الحيوية والحركية( .)13ال
يعتبراهما من املستحيالت التحقيق .بل يحتاجان من الراهن أن يبر هن عليهما ،برهنة علمية
ُ
بمعنى أننا يجب أن نستفيد –في نظره – من األخطاء التي تجاوزت مع القرنين املاضيين ،وهما
القرنان اللذان حاولت فيهما الوضعية واملثالية( )14أن تحتل بهما التفكير اإلنساني املبرهن عليه
علميا .و بيرك يرى بأنه كان لهما إخفاق كبير في هذا املجال .إذ لم تستطع ال الوضعية -انطالقا
من أنها كانت قد تطرفت في الطرح -أن تساعد على التحليل اإلبيستمولوجي ملشكلة املعرفة في
العلوم اإلنسانية.وأما املثالية فلقد كانت أيضا بشططها قد فتحت بابا للميتافيزيقا أكثر مما
يستحق .وعليه فكأنها أعادت التفكير الالهوتي والتفكير العلمي -على األقل -إلى ما قبل روجيه
بيكون وفرانسيس بيكون .
يقول بيرك في هذا املعنى " :وحتى تكون الثقافات أكثر حياة ،أكثر حركية أكثر مما كانت
عليه .فإنني ال أطلب سوى الدليل اإلبيستيمولوجي .لنرى كم كانت العلو م اإلنسانية
واالجتماعية مـتأثرة بالوضع القيمي للموجود وللمتخيل وللمتكلم بالخبرة )15(".إذن فإن شكل
الثقافات في نظره كان خاضعا لألذقان لوضع العلوم االجتماعية وهذه األخيرة كانت خاضعة
هي األخرى للوضع القيمي :الوضع الذي تحكمت فيه القيم ،وتحكمت فيه األخالق ،كما تحكم
210 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
فيه األدب ،وتحكم فيه إلى حد ما املجال العلمي .وبخالصة واحدة نقول ،في رأي بيرك فإن
التداخل كان بينا ،في ما يبن ما هو أخالقي وما هو أدبي وما هو علمي حتى بلغ أوسع معانيه.
إذن هي ثالث مقوالت ثقافية "ويستطرد قائال "وال نرى كيف أن الوضعية الجافة و
الروحانية املبللة قد سيطرت على مفكري القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بصفة
جيدة)16(.وهو اعتراف آخر من بيرك بالفشل الذي منيت به فلسفات القرن التاسع عشر
والقرن العشرين .في صقل الذات األوروبية صقال ثقافيا يجعلها تؤسس النتشار معالم الثقافة
من فن وعلم وقيم .من فن :ألن الفن األوروبي سقط في متاعب "األيادي القذرة"( )17ذاك الذي
بطلها راح يبحث عن غثيانه بعد الحرب العاملية الثانية(أعني الفن الذي لطخته "الوجودية
كمذهب إنساني" حاول أن ينقذ البشرية من ويالت الحرب باالعتماد هو اآلخر على "دفاعا عن
املثقفين".باعتبار املثقفين الطليعة يحاولون أن يلعبوا الدور املنوط بهم من أجل إنقاذ البشرية
ولكن هيهات!
ثم يحاول بيرك أن يعالج املسألة الثقافية التي كما قلنا -يريد أن يؤسس لها من خالل
نقده للثقافة التي سادت وولت ،من جهة .ومن جهة أخرى من خالل اعترافه بفشل املشروع
الثقافي للذات األوروبية كما قلنا أيضا -من زاوية لغوية بحته ألنه يعتبر أن اللغة مكون أساس ي
بل رئيس في الثقافة بل وفي كل ثقافة فيقول..." :إنني بصدد التكلم عن لغة هي بالتمام وليدة
علوم اللغات وتطبيقاتها ،حيث تولدت ثورات اإلعالم اآللي التي عينت بكل فخر الخلق
الصناعي ،واقترحت بل مارست تحويرا جذريا لإلنسان نفسه .ولم يعد في االجتماع مصطلح
الهوية أو الخصوصية مطروح للتفكير حوله"()18
إن بيرك هنا يتعامل مع الواقع الذي أصبح مفروضا من التكنولوجيا الجديدة تلك
التكنولوجية التي ذهبت إلى التأكيد على أن اللغة يمكنها أن ترتقي لتصبح لغة للذكاء
االصطناعي وهي اللغة التي أسس لها من الناحية الفلسفية كل من فيتجنشتاي1954-1889
وبرتراند راسل 1970-1872في اتجاه عرف في ما بعد باتجاه الفلسفة اللغوية.و( ملخص الفكرة
هذه أن اللغة الطبيعية لم يعد لها مكان في اللغة العلمية واملقصود باللغة العلمية اللغة التي
تستعمل الرموز في التعبير عن العبارات عن القضايا .وهي اللغة التي اصطلح على تسميتها
باللغة االصطناعية) .ومنه فإن بيرك يرى بأن االستفادة من هذا اللون اللغوي أصبح من
متطلبات العصر ألن هذا األخير قد فرضه العصر نفسه .وذلك من أجل غرضين اثنين:
األول أن التعبير باللغة الفصحى لم يعد يساير العصر وثانيه أن االستعمال للغة
الدارجة يسهل من مهمة التقارب بين األفكار أكثر وهو تبرير في نظرنا من أجل تغليب سيادة
العوملة الثقافية ليس أكثر .ألن مسألة اللغة العصرية الجديدة أكدت الدراسات العلمية اليوم
أنه ال خيار للمجتمعات البشرية عن اللغة الطبيعية ألن ما اصطلح عليه باللغة االصطناعية
مشروع اعترضت سبيله صعوبات .حتى أن برتراند راسل قال أما عن نفس ي فإني سوف
استعين باملصطلحات الفنية العلمية لتهذيب اللغة العادية .وأما فيتجنشتين فلقد عاد عن
مشروع اللغة االصطناعية ملا صادفه هو اآلخر من صعوبات برهن عليها النقد املوجه له ،تارة
وباعتراف منه بفشل املشروع تارة أخرى ال سيما مسألة أن اللغة تصوير دقيق للواقع .ومن هنا
فإن استعمال اللغة غير اللغة الطبيعية ال يؤتي ثماره على املستوى الثقافي والذي هو مجموع
العادات والتقاليد والفنون والعلوم.
و بيرك يعلن موقفه املؤسس لثقافة العوملة – في نظرنا -فيقول و ....وهي املصطلحات -
(يقصد مصطلحات الهوية والخصوصية) التي كان باإلمكان الحكم عليها بالبطالن قبل فقط
عشرين سنة .وهي التي جلبت لصاحب هذا املؤلف (يقصد كتابه L'Islame au temps du
) monde,جدل وعداوة .فمفاهيم (الهوية والخصوصية) تتنموا على الفوارق أو االختالفات
حيث الصوتيات أو الدالالت لها استعمال معرف لدينا( . )19وها هو رأيه الواضح كالنهار
بخصوص هذه الفكرة أي فكرة عوملة الثقافة يقول" إن بناء اللغة والقيم املرتبطة بها ،هذه
التأثيرات اللغوية والتي تمتد شيئا فشيئا حتى ميادين العلوم الدقيقة دون أن نتكلم على
العلوم اإلنسانية وعلى العلوم االجتماعية تشكل حينئذ الظاهرة األخرى األكثر قوة).....أي
ظاهرة انتشار ثقافة غياب مصطلحات الهوية والخصوصية .ويقترح تعريفا بعد التساؤل عن
ما هي الثقافة ؟ فيقول بان األنتروبولوجيين األمريكيين قد نشروا كتابا جمعوا من خالله
التعريفات التي قدمت :العشرات أو املئات وال وجود بعد لـ"ثورة ثقافية "وبدورنا حينئذ أن
نقدم تعريفا واحدا ...ويضيف قائال" :إن الثقافة حسبنا هي حركية املجتمع التي يبحث من
خاللها عن معاني وعن عبارة"() .وهو بذلك يخالف التعريف اإلتنولوجي األنجلوسكسوني
الذي مفاده أن(الثقافة =مستعمالت +مؤسسات +إشارات).
هذا التعريف الذي يقدمه بيرك للثقافة هو حصيلة التأسيس أو اإلنشاء الذي أقامه
انطالقا من نقده للمشروع الثقافي الذي فقد مبررات وجوده في الذات األوروبية إلى إرساء
القواعد األولى لهذا النوع من الثقافة التي يتكلم عنها بيرك والتي -كما قلنا نحن عنها -بها
212 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
يؤسس لثقافة العوملة التي بدأت في بسط سلطانها اليوم على عالم أفكار املفكرين والسياسيين
منهم ال سيما في الغرب .والتي من خصائصها ما أسماه بالحركية والحيوية (أو الحياة
واملرونة).تلك الحركية التي تتوجه صوب غايات في نظره مثلى .وهي غايات جمع العالم على
فكرة التفعيل الثقافي .بمعنى أن يصبح العالم بما يملك من ثروة تقنية وثروة فكرية (الخبرات
التجريبية املادية)مؤهل لقيادة الثقافة العاملية .و نستنتج أنه بذلك يكون مجتمعا عصريا بهذا
النوع من الثقافة .يقول في هذا املعنى " ..علينا أن نضبط الثقافي وندققه ونجعله منطقيا....
إن حضارة ما هي ثقافة في االعتبار الذي تكسر "اسمنتها املتحجر" .و عليها أن تكون
مؤسسة ،من التفكير ،ومن اللغة)20("...
وها هو اآلن يجسد فكرته التي راح يجهد نفسه في التعريف لها إنها التأسيس لفكرة العوملة
الثقافية .وهو يرى عين الواقع على النحو التالي :لقد تكلمنا عن املجتمع باعتباره مجتمعا فعاال
ومنفعال من الثقافي .وإال فإنه ال يوجد مجتمع واحد منا نحن وهو محيط بنا .بصراحة فإنه
يوجد مجتمع املجموعة املدعوة :اإلفريقية وبذلك فهي اإلسالمية .وحيث تتباين باللغة لعربية،
باللغة الصينية باللغة لفرنسية ،الخ :ومنه فإنها باألقل مجتمع املجموعة املوسعة .وهو يريد أن
يقول بأنها خليط من اللغات .و في نظر بيرك العالم هو مجموعتين ال ثالثة لهما .ما سماه
باملجموعة اإلفريقية اإلسالمية بلغاتها املتباينة .ومجموعة مجتمع العالم" ،غير أنه وبعيدا عن
املجموعة يتأكد مجتمع العالم والنظير له من مجتمعات صغيرة.والتي هي األكثر تجسيدا بسبب
أنها أقل امتدادا.إنها دوائر التقارب أين تتشابك)21(.
وبتبرير فلسفي يستند فيه على دعامات تعود إلى الفلسفة االجتماعية ،يقدم موقفه من
الت فاعل الحاصل بين املجتمعين السالفي الذكر .ما أطلق عليه مجتمع القلة وما أطلق عليه
مجتمع الكثرة .ليستنتج أن هذا التفاعل هو فعال بما لشخص الكثرة أو القلة فيه ( وهي لفتة
منه إلى الواقع ولكن أي واقع ببساطة إنه واقع شعوب ما بعد االستعمار ،وشعوب االستعمار
وشتان بين الصورتين .ومنه فإن نظرة ابن خلدون كما يرى تكون غير معبرة في نظره ألنها يمكنها
أن تصح في عصر ما بعد املوحدين) يقول" :لقد ميز ابن خلدون بعد اإلغريق إنسان القلة عن
إنسان الكثرة ،الشخص بسيط ،العالم مركب قبل أن يصبح شخصا .ومن هنا فإن املجتمعات
تتحرك في مكان ما فيما بين االثنين ،أقول أنه كي نصل إلى املسألة الدراماتيكية لعصرنا ،عصر
به الشخص والجماعات تتجاوز مكبالت هويتها .هذه الشخصية الحقة تلخص العالقة بينه
وبين كيانه ،من جهة .وبينه وبين من هو على عالقة بهم ،من جهة أخرى .وبينه وبين العالم في
مجموعه"()22وهو رأي كما قلنا يؤسس لثقافة العوملة.
بيرك والثقافة العربية :التشخيص والحل.
)1في العادات والتقاليد
ففي كتابه العرب من األمس إلى الغد يقدم لنا بيرك وجه العرب وكيف أنهم دائما وإلى
األبد قوم مترهلون من طبائعهم فلقد كتب تحت عنوان البدوي األبدي ليظهر أن هؤالء القوم
حالة بهم البداوة أين ما كانت مواقعهم وفي كل األقطار ال سيما املشرقية منها .وهو يصور هذه
الطبائع حتى يعتقد الظان أن الصورة الحقيقية للعرب هي كذلك وليست شيئا آخر
يقول".....هذا هو الحال في لبنان والعراق ومصر خاصة حيث يسود تناسب دقيق بين وحي
القرية وثقافة األزهر .وقد بلغ من ذلك أن الجامعة املغرقة في القدم أصبحت تظهر نفسها
موئال لألدب الريفي .ومع ذلك أنا ألح على هذه املواضيع التي اكتسبت ،فيئ عملية إنقاذ ،حقها
بالتربع في التدريس الجامعي ،وفي العمل الحكومي ،في مصر اليوم .يكفيني أن طراز اإلنسان
الذي يتجلى ،وربما ه نا أكثر منه في أي مكان آخر ،لصق السطح من الجبلة ،وممتزجا كليا
بالجهد املتواضع وباملباهج الساذجة التي يمنحها العمل ،هذا الطراز يبدي كلية لم تفث في
عضدها حتى اآلن ،ال ثقافة املدن ،سواء حركتها نزعة املحافظة على تقاليد التقوى أو النزعة
التجديدية الغربية ،وال قسوة الحياة االقتصادية املتنامية ")23(.
ونحن نقول أن هذه السمة أي سمة البداوة ليس صفة الصقة بالعرب وحدهم من دون
الناس ففي رأينا أن البداوة تضرب كل الشعوب التي لم تمسسها الحضارة ألن الحضارة ثقافة
وبما أن العرب هم في مرحة ما قبل الحضارة فإن هذه السمات متوفرة في بعضهم وهي املرحلة
التي عايشها أيضا العالمة املسلم ابن خلدون في معالجته للعرب (أنظر املقدمة) .ثم ألن البداوة
تتأسس لدى الشعوب التي عمل فيها فعل االستعمار ممارسة املوت البطيء عليها .أما أن تكون
سمة طبيعية فإن لوي ماسينيون(24) 1982-1882حقيقة أنه أكد على ذلك لكن هذا النوع من
الدراسات أكد التاريخ بأنها من إنتاج املعامل االستعماري أعني أنها دراسات أنشئت بغرض بث
في نفسية هذه الشعوب وكيف أنها غير قابلة للتحضر .ومنه فنحن نقول أن حظ الشعوب في
التحضر أو التبدي يخضع ملعامل عملية التثقيف لدى أي شعب من الشعوب ما إذا كان
نشطا أم أنه يعيش السبات.وتحت عنوان طرا فات عربية وقوا سم مشتركة عاملية ينتهي بيرك
منها إلى استغالل بل واستعمال محي الدين صابر في املؤتمر الثالث لألدباء العرب 1957ليعب
214 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
على قوله بأن به تناقضا عن القومية ألن برأي بيرك فإن هذا الطرح "مطلب متناقض"وإلى
القارئ تعليق بيرك عن فكرة القومية يقول "فالقومية إذن هي جهد العرب لكي يتوافقوا مع
اآلخرين دون أن يتخلوا عن أماناتهم لذاتهم .وال يهم أن ال يكون الحوار دائما مطروحا بوضوح،
وال موضوع اإلحساس الجلي .وهذا املطلب املتناقض يعيدنا إلى قلب الواقع الذي يدوسه.فعبر
امل باشر وتناقضا ته وعبر النصيب من الحقيقة الذي توصلنا إليه هذه التناقضات ،يكشف
هذا املطلب كثيرا من الخصائص التي التمست فيها اقترابا أوليا من العرب ،في مناظرة
مزدوجة ،بين الخاص املميز والعالمي ،وبين التاريخي واملقدس)25(.
)2في اللغة :أو في "مغامرات الكلمة".
ينطلق بيرك في تحليالته عن اللغة أو ما سماه بمغامرات الكلمة من مقدمة كبرى ضمنها
أن اللغة العربية ":تظل وفية لتحديدها الذي يتضمن النزول( ويشير في الهامش إلى أن كلمة
"التنزيل" (في املعاجم اللغوية) بمعنى هبوط الوحي).وهو يريد أن يقول بأن اللغة العربية
الفصحى عليها هالة التقديس ليتساءل بعد ذلك "كيف سمت اللغة*الفصحى ،األمينة للقرآن
الكريم ،الذي يشكل نموذجها ...ألن تتحول من سبيل لهبوط الوحي واالتصال مع هللا جل
وعال إلى أداة لتبادل الشؤون الدنيوية ووسيلة للثقافة ،واألنباء والتعبير ،وما هو املدى الذي
نجحت فيه ببلوغ هذه الغاية )26("...ثم يقدم اللغة العربية على أنها "ليست اللغة األم ألي أحد
،وذلك ملا يتجلى فيها من تقسيم الذي يقرأ وهو يقرأ لغة القرآن والذي ال يقرأ ولكنه من األم (
وراح يختلق أن لفظة أمي بمعنى مأخوذة من األم وفي هذه الحالة يتساوى الكل في أنهم من األم
كذاك الذي يقرأ وذاك الذي ال يقرأ وشهادته في الحالة األولى "أن التعليم االبتدائي كان يزدهر
في البلدان العربية قبل االستعمار".ولكن صفة األمي تجعل الكل يعود إلى العربية كما أسلفنا.
ليتساءل بعد ذلك عن ملاذا تعطى اللغة الكبرى التي ظلت مكتوفة في مستودعها الطفو لي
واإللهي ،رمزا اجتماعيا هائل الفعالية والعمق .واالنحطاط املعنوي والتشتت السياس ي،
والتدهور االقتصادي للعالم اإلسالمي في القرن التاسع عشر .
وأفتح قوسا عن تساؤالت بيرك هذه ،ألقول أن اللغة العربية في رأيه كانت مسؤولة عن ما
لحق بالعالم اإلسالمي من تدهور وانحطاط .وهذا التساؤل من بيرك منطقي ألنه انطلق من
مقدمة كنا قد أشرنا إليها أال وهي أن الفصحى منزلة من "التنزيل" .فإذا استخدمنا هذه املقدمة
في حقيقتها سنقول أن العربية كانت منذ أن وجد قوم اسمهم العرب فهي موجودة قبل مجيء
اإلسالم .وهي بهذا أو بذاك عرفت نماذج ممن عبر بها من أشعار املعلقات في الجاهلية مثال،
215 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
ومن آداب عرفت بالعربية قبل "التنزيل" ومنه فالفصحى أو غير الفصحى ليست بأب ألحدكم وال
بأم ألحدكم بل "من تكلم العربية فهو عربي".
ودليلنا الثاني أن العربية بقيت دائما وأبدا وعاءا تخدم الثقافات املتناثرة حتى في البالد
ُ
التي ترسم جغرافيا بأنها البالد العربية ،ومنه فالفصحى وإن كان " الثقافي " وهو هنا القرآن
الكريم قد أنزل "بلسان عربي مبين" .فإن الثقافي اآلخر أي الدين املسيحي له إبداعات من اللغة
العربية )كما اعترف بيرك نفسه بذلك فقال " :والحق يقال إذ أن املسيحيين هم الذين
يتخذون وجه الرواد"( )27ويزيد ليقول ":وال شك أن هناك ترابطا زمنيا على األقل ،بين نمو
بيروت كمدينة وكمركز تجاري ،خاصة منذ شق برزخ السويس ،ونموها كمركز تجاري ثقافي
ولكن هذا الترابط ال يمكن تحليله وتفسيره بأي ش يء واضح "()28وهذا تأكيد منه على أن نمو
بيروت وتطورها كمركز تجاري وثقافي في التاريخ املعاصر منذ 1890كان بالعربية )29(.وكله كالم
بل استشهادا يتناقض وأطروحة أن العربية من "التنزيل" ولكنها كانت مسؤولة عن االنحطاط
املعنوي والتشتت السياس ي والتدهور االقتصادي .كما أن الفعل الثقافي يهودي هو اآلخر مدين
لها ،ويجري الحال على املجوس ي وعلى الناري وعلى الوثني وعلى أقوام صنعوا باللسان العربي
أجمل أشعار الدنيا .ومنه فإن التناقض يكتنف تساؤالت بيرك .إذن ليست اللغة إال وعاء
(كأس)فيها يصب اللبن أو الخمر أو العسل أو غير ذلك ،وال يمكنها بأي حال من األحوال أن
تكون مسؤولة عن تطور أو تدهور قوم ألننا نعلم أن اللغة هي التعبير عن منتجات الحضارة
وكلما كان املستوى الحضاري راق كلما كانت لغته راقية والعكس صحيح :وعندما نكون
منصفين للحضارة العربية اإلسالمية في صورتها الحالية نقول أن القوم فيها يعيشون مستواها
الحضاري :والذي هو في حقيقة األمر مستوى يقف وسطا مابين التفسخ الحضاري ومستوى
اإلمكان الحضاري.أو بتعبير أدق مستوى الذي خرج من الحضارة ومستوى الذي يلملم لإلقالع
الحضاري من جهة ثانية .ومنه فإن الفعل الثقافي يخضع في تناسبه ألطردي لهذه املعادلة .ومن
ثمة فإن وعاء هذا الفعل (أي اللغة ) هو اآلخر يخضع لنفس التناسب في املعادلة .
ويخرج بيرك من مغامرته للغة برأي يكاد يكون رأيه املتميز وذلك من إيراده ملفهوم أو
مصطلح من الكلمة إلى اللغة وفحوى رأيه هذا ،أن استعمال اللغة الثالثة على رأي توفيق
الحكيم أفيد ال سيما في املسرح .ورأي أيضا كل من فكرة تعمي م اللغة التي جاء بها أنيس
فريحة تفيد في املسرح ومحاولة عبد العزيز األهواني وهو يقلل من أهمية االنتقادات التي
وجهت لهذه األفكار ولغيرها من األفكار التي كانت تتناول ما يمكننا نحن أن نطلق عليه لغة غير
216 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
لغة الكلمة.هذه األخيرة التي يقول عنها بيرك "أما الكلمة بمراجعها فوق الحسية وبقيمها
املشاعة بين أفراد الجماعة بأوسع معانيها ،وبمعينها الذي ال ينضب من املفردات وبمرونتها
التعبيرية ،فقد كانت على العكس قادرة على االضطالع بهذه املهام كاملة .وقد سبق ملنطق علم
النحو الصارم ،املتشدد ،الذي ترتكز عليه والذي يتميز بتشبعه بالعقالنية أن وضعها في حالة
استعداد لنضاالت العصر الحديث ،والدنيا الجديدة....فكان أن أضحت اللغة العربية مهيأة
ملواجهة كل الظروف :تنافس الثقافة العاملية ،لطاقات املساومة السياسية أو الحركة امللهبة
للحماسة في املعارضة السياسية .لقد أصبحت اللغة العربية الوجدان الخطابي
للشرق".30فالكلمة هنا متعالية من امليتافيزيقا ومنطق نحوها صارم ومتشدد ولم تكن لتتجرد
من الطاقات الغنائية والنغمية وهي وكذا هي امللهبة للحماسة في املعارضة السياسية .من هذه
الواقعية فإن بيرك يحاول أن يعري الكلمة ليكشف عن سوءاتها وهي التي عرض بعضها هنا
ليخلص إلى رأيه فيها فيقول" ....هذه العربية التي تسمى العربية "الحديثة والتي أود تسميتها
العربية الوسطى" أي وسيطة بين الشعوب ،ووسيطة بين األدب والحياة .وهذه الوساطة
تتضمن خطر فشلها ،وهذه لقدرة تتطلب ضريبتها)31("...
بيرك و الفنون:
وكتب بيرك ليرى هذه املرة أن الفن الشعبي من موجبات الحياة في البالد العربية ال سيما
وأنه يتم باللغة العامية الدارجة .في نظره ال بد من إعادة االعتبار له .ومن هنا فإن هذا النوع
من الفنون ال سيما الفلكلور منه لم يتعرض لهجمات املدينة ألنه يتمركز بل يأخذ طابع
الثقافة السفلى L'Infracultureأو الثقافة األساسية في املناطق غير الساحلية.ومن هنا "فال
يمكن تصور الفلكلور دون تصور اللغة العامية مرتبطة به "(.)32
وينتقد بيرك أولئك الذين كتبوا للمسرح باللغة الفصحى ليرى أن هؤالء كانوا أقرب منهم
لألدب إلى اللغة ،التي هي ملك الطبقات الشعبية ويبدي وجهة نظره فيه بعد أن يتعرض للذين
أسهموا باملسرحيات العامية في التنوير وهو يقول عنهم "وفي نظرنا ،ال تنحصر األهمية
التاريخية للمعارك التي تثيرها آثار توفيق الحكيم ،ككل اآلثار الكبيرة ،في هذه النزاعات بين
األجيال واملدارس املتنافسة .ففي ملحق ملسرحية عنوانها "الصفقة"هو يعرض نظريته حول لغة
املسرح .وفي هذا البحث ما هو كثير األهمية بالنسبة لدراستنا .إذ أن املسرح العربي قد
استوقفنا خاصة بصفته انتصارا ( خارجا عن الدين )على الكلمة"( .)33وفي رأينا فإن هذا
(االنتصار الخارج عن الدين )للمسرح العربي يعود لتالزم هذا الفن بالحركات املدرسية الحديثة
217 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
من جهة ،ومن جهة أخرى يعود إلى الوضع الذي عانته الثقافة العربية على أيام محنتها مع
التحرر السياس ي واالجتماعي ولم ال حتى الثقافي.
وفي الفن العربي ونفوره من التصوير كتب جاك بيرك ".....يبدوا اإلسالم انعداما للوجه
املرسوم ،وبحيرة من ضياء أسود :أو من اللون األخضر إذ أن األخضر هو لون "الخضر" ،هذا
النبي املتوسط ،الذي وصفه لوي ماسينيون " بالخضرة "والذي يطوف عبر التاريخ ،ولكن دون
التاريخ بين اإلنسان واإلله ،الفن الغربي ينافس الواقع.لقد أصبح نصف إلهي ،وهو ربما يتحدر
من املحاولة أو لالشتفاء أو إلرواء الغليل " Assouoissanceكما يريد مالرو ، Malrauxولكنه
يتوق أيضا إلى إعادة صنع العالم .وهذا الصنع الجديد للعالم ،وخاصة للكائنات ،هو ما ال
يريده اإلسالم)34(".
إن جاك بيرك وهو بصدد طرحه لفكرة الفن هنا -وهو أحد الدعائم التي تقوم عليها أي
ُ
سقط ما تشبعت ثقافة -ينظر إللى ما سماه بفن التصوير من العين األوروبية ،هذه العين التي ت ِ
به من ثقافتها الخاصة على ثقافة غيرها ،وبالضبط هنا في مجال الفن .هذا أوال .
وثانيا أن ربط فن التصوير بصورة لون ما ،وليكن هذه املرة اللون األخضر ،ال نعتقد أن
أي عاقل يربط اللون باملسميات .فما بالك إذا كان هذا املسمى نبيا كما قال عن "الخضر" ألننا
نعتقد أن املسميات هي أيضا مشتقات ،ولكن أسماء األعالم ال يمكنها أن تسحب على لون ما،
قيل أنه طبع فنا ما ،وهو هنا اللون األخضر .ألن اللون نعتقد جازمين أنه خلق بالطبيعة قبل
خلق "الخضر" .ومن هنا فال يمكن سحب املخلوق باملحل الثاني على املخلوق باملحل األول.
وثالثا أن فن التصوير في اإلسالم فن ممقوت من جانب واحد هذا الجانب هو الجانب
ُّ ُ ّ
ذكر باألصنام( )35في وقت ُجعل فيه التذكر هلل وحده .أما بقية الحاالت فهي التي دونتها الذي ي ِ
الحضارة اإلسالمية كما ذكر بيرك نفسه فقال "ومع ذلك فإننا نعثر على طول التاريخ الفني في
اإلسالم على الكثير من التشخيصات التي تمثل بها كائنات حية "( )36وذكر الكثير منها وجدت
بمتحف بغداد ،وفي الكوفة ،وفي القاهرة ،وفي الخرطوم....لكن بيرك يرى في األمثلة التي سردها
ش يء قليل فقال " وكأنه( أي فن التصوير ) مضيق عليه عند الزوايا" :إنه يبدوا تصويرا نابعا
من ضمير غير مطمئن)37(".لكن الضمير الغير املطمئن الذي برز لبيرك هو الذي أحس به في وقت
غدا فيه الفن حبيس أو سجين القوى االستعمارية الغربية التي حدثانا التاريخ أنها ال تبقي وال
تذر مع األسف في كل امليادين وال سيما تلك التي كانت تمس من قريب أو من بعيد ثقافة القوم
.وفي كتابه القلق العربي في األزمنة املعاصرة يخلص إلى أن هذا القلق وهذه الحيرة
218 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
للعربي سوف تنتهي بأن ال يكترث هذا العربي ملا مزق أوصاله من ماضيه السحيق ومن ما
أوجده على وجه البسيطة( فشأنه شأن ذاك الذي راح يبحث عن معناه في هذا الوجود إلذي
صوره أيضا صاحب كتاب الالمنتمي كولون ويلسون) حتى أن هذا العربي املمزق األوصال ال
يستطيع أن يعالج أموره التي هي على صلة بماضيه من جهة ومن جهة أخرى فهو ال يمكنه أن
يسير حتى واقعه ال شخص ي بل الفردي حتى " الكائن العربي املؤقت ال يلتف من اآلن فصاعدا
على نفسه في استرداد غير محدد للماض ي " كالثعبان الذي يعض ذيله") 38(.
نالحظ من تصوير جاك بيرك أن هذا العربي الذي يتكلم عليه هو في أشنع صورة ،إنها
الصورة التي هي على النحو التالي:
أوال وحسب النص فإن هذا العربي هو دنيوي ( لسنا ندري ما إذا يخلفه اآلخر أم ال
– مع العلم أن النص هذا مكتوب في سنة -1958هذا أوال.
وثانيا هي صورة عن هذا العربي الذي في رأيه هو غير قادر حتى على أن يلتف على نفسه.
وثالثا إنه الكائن الذي ال يمثل – في نظر جاك بيرك -سوى مصدر الكينونة( .نفهم هذا
من تعبيره على العربي بالكائن).
ورابعا إنه يشبه في ما يشبه -دائما حسب بيرك -الثعبان الذي عض ذيله بمعنى أن العربي
لم يعد أي ش يء يربطه بماضيه فهو العربي الذي فقد –حسب تصويره -كل أواصر وكل روابط
بماضيه .ومنه فهو العربي الذي ربما -في رأيه -بال تاريخ ،بل نقول بال ماض ي .
إن هذه الصورة من بيرك تعبر عن نفسية رسمت للعربي صورة في ظروف تاريخية
استثنائية .إنها صورة ملتقطة عن فترة االحتالل عن فترة االستعمار عن فترة الثورة الجزائرية
في أوج جبروت عدوها .وهي الصورة التي يمكننا أن نلتمس من مثلها في املتاهة التي أقامه عالم
النفس "ثورندايك" لفئرانه ليستخلص منها قوانين التعلم والفرق هنا هو استخالص النتائج!
فبالنسبة لبيرك تجري الرياح بما ال تشتهي السفن ..ويضيف بيرك صورة أخرى فيقول " :أن
النظرة التي نعطيها له(أي للعربي) هي تاريخية لقد تربع على أطول الظلمات ،مابين ناهشات من
الكالسيكية وصرا مات الحاضر)39(...
وبصدد حديثه عن املثقف العربي فإنه يصوره في تلك الصورة التي يعتبرها معبرة عن
الراهن .وهي الصورة التي ال يرى منها املثقف العربي ،إال فاقدا لهويته .ألنه في رأيه ال يمكنه أن
يجسد واقعه من خالل أنه فرد نمى قدراته على مفاهيم الحداثة .وعمل في اآلن نفسه مع
محيط لم يكن في ش يء ليساعده على تطوير وسائله العلمية والثقافية .ال سيما منها الوسائل
219 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
التي مكنته من ممارسة عمله كمتعلم ،من جهة ووسائله التي قطعت بينه وبين ماضيه العتيق.
إنه محطم ومهشم األوصال .كأنه ذاك املثقف الذي تكلم عليه أحد الكتاب فقال بأنه يمثل
صورة الرجل املتعيلم صاحب األرجل الفخارية الذي رجاله في األرض ورأسه في السماء .بمعنى
أنه املثقف الذي تقطعت به األسباب بين ماضيه السحيق وحاضره املترمل فيه .فيقول "إن
العربي وال سيما منه املثقف الذي اسند ت له املهمة يتساءل ويتساءل عن هويته ذاتها في
اللحظة التي يختلف فيها عن اآلخرين.إنه يعاكس’ فلم يقدر على املخالفة إبان كل فترة العتق أو
التحرر الوطني ....وأن قوته وكل قوته املمزقة يصرفها في الصياح()40
ومن مؤيدي جاك بيرك في رأيه في الثقافة العربية ألجيردا جوليان غريماس Algirdas
Julien Greimasفلقد كتب تحت عنوان لقاءات ": Rencontresماهو الحدث في املضمون
الثقافي العربي ؟إنه غير موجود إذا لم يكن متكلم ،غير أنه يمكن له في أي لحظة أن يطفو مع
الكلمات)41(...
هل بإمكاننا أن نحول الكالم الفاعل في الحين إلى خطاب مطول ؟ إنه مناقشة حول
السائر في طريق التنمية والفكر التقني :فكيف نسير دون مخاطر هذا األخير ،العامل على
املنوال اللوغاريتمي املتشكل بكيفية ما ،انطالقا من النتائج املتحصل عليها مع تفكير اتفاقي ،
ومفتوح على املستقبل ،حيث الحرية تخش ى الطريق على امتداد األوامر املعللة واملهيأة رافضة
التعليالت اآللية ؟ و ما معنى قول النهضة مقابل لإلسالم األبدي ؟ إنه التماس لطرح مركب
مستحيل :من هنا يبدوا أن تفكير جاك بيرك ينطلق بصفة دائمة من النظري ليجد تطبيقه
اليومي ،في البحث الغير القابل للملل في التخصص العميق للثقافة العربية (42).
إن التساؤل حول الفعل ....يطرح حينئذ مشكل ما بعد الثقافي ،إنه الخاص بعادات ثقافة
مقارنة بسماتها الحقيقية.الثقافة التي بإمكانها االنظر في سمة" الش يء وضده"وال تطرحه ليس
وحسب على وضعيتنا وعلى سمتها الطبيعية هذا هو الذي يخصصه جيدا أكثر بالنسبة للثقافة
املتوسطية وسماتها املميزة ،تظاهرات شاهدة غائبة للشمولية الفضاء الفسيح أليس هللا الذي
ألنه واحد هو وحده القادر على أن يتولى أمر التالقي بين املتناقضات ؟ نقطة انطالق لتدبر
آخر قول مأثور لبيرك " إله اإلسالم يبرهن هو نفسه على وجوده " لنقول أن كل فيلسوف
يبحث عن اختتام أعماله بعمل جمالي أال يمكن أن يكون غير جاك بيرك الذي أراد إعادة بناء
الثقافة العربية في أصولها املثالية ،في جماليتها النموذجية األصلية؟ )(43
وأهم النتائج املتوصل إليها في هذا البحث ما يلي:
220 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
-أن بيرك جاء بمفهوم يمكن القول أنه مغاير للمفاهيم املتداولة للثقافة ،هذا
املفهوم الذي رآه من املمكن أن يكون بديال للثقافة كمفهوم كالسيكي .
-أن مفهوم الثقافة هو ذاك املستوحى مما يمليه العصر بكل وسائله اإلعالمية
والتقنية وحتى املادية.
-أن الثقافة طرحت إشكاال كب يرا في البلد العربية هذا اإلشكال هو أن هذه البالد
ّ
عرفت ما يمكننا أن نطلق عليه نحن بإيجاد مجتمع "الالثقافة" هذا الوضع خلف قلقا في
الثقافة العربية ،أتراها تهيم في العصرنة أم أنها تتحجر على كالسيكيتها؟
-رأى بيرك أنه ال من اعتماد املفهوم الراهن للثقافة وال بد من االبتعاد عن املفاهيم
الكالسيكية التي – حسبه -عانت منها البالد العربية.
-لقد أوجد بيرك عدة حلوال لهذه الوضعية .فبخصوص العادات والتقاليد يدعوا
بيرك إلى ضرورة التخلص منها بالشكل الذي هي عليه وال بد من االندماج في الثقافة
املتوسطية .وبخصوص الفنون الشعبية يرى بأنه ال بد من العناية بها ال سيما أنها تراث معبر
عنه باللغة العامية.
-يشخص بيرك عورات الفن التصويري في الثقافة العربية ليوجد أن هناك تعارضا
بين ما يمليه النظري في هذه املسألة (حسب نظرته فن التصوير ال تبيحه هذه الثقافة
العربية)وبن الواقع الحضاري للحضارة العربية اإلسالمية الذي عرف بعضا من الفنون
التصويرية.وفي رأيه للخروج من هذا التعارض ال بد من حسم املسألة بإتباع الثقافة
املتوسطية في هذه املسألة.
وعن مسألة اللغة العربية يدعوا بيرك إلى اعتماد اللغة املتوسطة والتي هي لغة بين -
العامية وبين لغة الكلمة .وفي نظره فإن التوسط يطبع دائما هذه املسائل .فلماذا ال نكون
وسطيين في اعتماد هذا النوع من اللغة العربية واالبتعاد قدر اإلمكان عن اللغة الفصحى؟ وهي
نظرة برهن التاريخ على صدقها أو كذبها.
الهوامش:
) 1هي اآلن مقاطعة دائرة من دوائر والية تيارت الجزائرية في الغرب الجزائري
) 2قدم الكثير من البحوث ألكثر تفاصيل أنظر Rivages et déserts,Hommage à JacquesBerque, edition
SinddbadPP275-297
) 3شيشرون 43 -106 ( Cicéronق م) كاتب وخطيب ورجل دولة روماني
)4حنه أرندت ،بين املاض ي واملستقبل ،ترجمة عبد الرحمن بشناق ،دار نهضة مصر للطباعة والنشر ،القاهرة
،1974ص.230-229
5مالك بن نبي ،مشكلة الثقافة ،إصدار ندوة مالك بن نبي دار الفكر دون تاريخ،ص20
Jacques Berque, L'Islam au temps du monde, sindbad, Paris, 1984, P.102-) 6
) 7ملزيد من التفاصيل حول هذه الفكرة راجع Malek Ben nabi Le problème des idée dans le monde :
musulman
) 8ملزيد وللتوسع حول الفكرة راجع :مالك بن نبي دور املسلم ورسالته في الثلث األخير من القرن العشرين ،دار
الفكر دمشق1983 ،
) 9حنة أرندت ،بين املاض ي واملستقبل ،ص216
Jacques Berque, L'Islam au temps du monde .P102 ) 10
)11لتفاصيل أكثر أنظر محمد عابد الجابري ،العوملة والهوية الثقافية ،مجلة املستقبل العربي مركز دراسات
الوحدة العربية بيروت عدد228فبراير1998
.12حسن حنفي ،صادق جالل العظم ،ما العوملة؟الطبعة األولى دار الفكر دمشق 1999ص47
Jacques Berque, L'Islam au temps du monde ) 13
) 14وهي إشارة من بيرك إلى أن هذه املفاهيم الفلسفية فقدت مبررات وجودا كثقافة وهو الش يء الذي يتماش ى
وتحليلنا السابق.
Jacques Berque, L'Islam au temps du monde P103) 15
Ibid,P102) 16
) 17عنوان مسرحية لألديب ولفيلسوف الوجودي الفرنس ي جان بول سارتر.
Jacques Berque, L'Islam au temps du monde P103,) 18
Ibid P103 ) 19
Ibid, P104) 20
Ibid,P104 ) 21
Ibid,P104 ) 22
)23جاك بيرك ،العرب من األمس إلى الغد ،ترجمة علي سعد ،مكتبة املدرسة ودار الكتاب اللبناني للطباعة
والنشر ،بيروت ،دون تاريخ ،ص.30
) 24لويس ماسينيون مستشرق فرنس ي 1962-1883ظل على رأي ميشال دوفوكوا بخصوص الثورة الجزائرية
وقضية نفي سلطان املغرب محمد الخامس لتفاصيل أكثر أنظرMicrossoft,Encarta2004::
222 Dialogue Méditerranéen, Algérie n° 11-12 Mars 2016
احلوار املتوسطي ،العدد 12- 11مارس 2016ص 224 - 206 من تأويالت "جاك بريك" للثقافة واحلضارة شريط األخضر
(3جـاك بيـرك ،العـرب مـن األمـس إلـى الغـد ،ترجمــة علـي سـعد ،مكتبـة املدرسـة ودار الكتـاب اللبنـاني للطباعــة
والنشر ،بيروت ،دون تاريخ
Rivages et déserts,Hommage à Jacques Berque, édition Sindbad (4
Microssoft,Encarta2004 (5
Algirdas Julien Rencontres,In,Rivages et déserts,Sindbad Paris18,1988 (6
(8مالـك بـن Malek,Bennabi, Le problème des idée dans le monde islamique (7
نبي ،دور املسلم ورسالته في الثلث األخير من القرن العشرين ،دار الفكر ،دمشق1983 ،
(9مالك بن نبي ،مشكلة الثقافة ،إصدار ندوة مالك بن نبي دار الفكر دون تاريخ،ص20
(10الراغب االصفهاني ،معجم مفردات ألفاظ القرآن ،تحقيق نديم مرعشلي دار الكتاب العربي 1972
(11حن ــه أرن ــدت ،ب ــين املاضـ ـ ي واملس ــتقبل ،ترجم ــة عب ــد ال ــرحمن بش ــناق ،دار نهض ــة مص ــر للطباع ــة والنش ــر ،
القاهرة 1974
(12حسن حنفي ،صادق جالل العظم ،ما العوملة؟الطبعة األولى دار الفكر دمشق1999
(13محم ــد عاب ــد الج ــابري ،العومل ــة والهوي ــة الثقافي ــة ،مجل ــة املس ــتقبل العرب ــي مرك ــز دراس ــات الوح ــدة العربي ــة
بيروت عدد228فبراير1998