Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
زلمد وعلى آلو وصحبو أمجعٌن.السالم على سيِّد ادلرسلٌن ،نبيِّنا َّ
الصالة و َّ
رب العادلٌن ،و َّ
احلمد هلل ِّ
اخللق لعبادتو اجلامعة لتوحيده وزلبَّتو ومعرفتو ،ولتحقيق ىذه الغاية العظيمة ،شرع ذلم من األحكام
وجل َخلَ َق َ
عز َّ َّأما بعدَّ ،
فإن اهلل َّ
السليمة والفطر ادلستقيمة
استقرت العقول َّ
ما فيو صالح العباد يف ادلعاش وادلعاد إحسانًا إليهم ورمحةً هبم ومتام نعمتو عليهم ،وقد َّ
الرمحة.
الشريعة واشتماذلا على احلكمة وادلصلحة والعدل و َّ على حسن َّ
وجل يف شهر رمضان ،وجعلو النَّيب ﷺ أحد أركان اإلميان ،وما شرعو عز َّ الصوم ،فقد فررو اهلل َّ
ومن زلاسن التَّشريي مشروعيَّة َّ
اهلل تعاىل من أجل تعذيب خلقو باجلوع والعطش ،وحتميلهم مشقَّتو ،بل شرعو سبحانو حلِ َك ٍم عُظْ َمى وفوائد كربى يتجلَّى فيها
مدى حسنو:
وجل ،وىي فعل ما أمر ،وترك ما هنى عنو وزجر ،وىي احلكمة الَّيت ذكرىا اهلل َّ
عز عز َّ من أعظمها وأجلِّها أنَّو يوجب تقوى اهلل َّ
ين ِمن قَ ْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم َّ ِ
ب َعلَى الذ َ
ِ
ام َك َما ُكت َ
الصيَ ُ
ب َعلَْي ُك ُم ِّ ِ
آمنُواْ ُكت َ
ين َ
َّ ِ
وجل يف كتابو حيث قال﴿ :يَا أَيُّ َها الذ َ
َّ
فإهنا ترجي إىل أصل التَّقوى ،فهي رأس األمر ومجاع اخلًن، الصوم َّ كل احلِ َكم الَّيت تستفاد من َّ أن َّاحلق َّ تَتَّ ُقون﴾[البقرة ،]183:و ُّ
الصوم وقاية من عذاب اهلل
الصوم ،وذلذا كان َّوجل وحفظ حدوده ،واجتناب زلارمو مبثل َّ عز َّ فما استعان أحد على تقوى اهلل َّ
إمساك عن الشَّهوات ،والنَّار زلفوفة َّ
بالشهوات. ٌ َّيب ﷺَّ « :
الص ْو ُم ُجنَّ ٌ»؛ أي وقاية من النَّار ،ألنَّو تعاىل ،كما قال الن ُّ
الصرب الثَّالثة:
وجل ،فهو جيمي أنواع َّ
عز َّ ِّ
ادلشاق يف سبيل اهلل َّ حتمل
ويعودىا على ُّ
الصربِّ ، الصوم أنَّو ِّ
يرِّب النَّفس على َّ ومن محاسن َّ
والصبر على المقدور ،ومن استكمل ىذه األنواع فقد استكمل حقيقة َّ
الصرب، والصبر على المحظور َّ ، الصبر على المأمورَّ ، َّ
الصائم جيتنب بالصوم؛ وعلى احملظور؛ َّ
ألن َّ الصائم حيبس نفسو على امتثال أمر اهلل لو َّ
ألن َّص ًربا على ادلأمور؛ َّ
وبلغ ذروتو؛ فيكون َ
الررى مبا ق ّدر عليو من أمل اجلوع والعطش.
الصائم حيبس نفسو على ِّ وصربا على ادلقدور؛ َّ
ألن َّ حرم عليو؛ ً ما ِّ
ضا َن إِ َ
يمانًا ام َرَم َ
صَ وجل وإخالص العمل لو ،ورجاء ثوابو ،لقولو ﷺَ « :م ْن َ عز َّ
يعود النَّفس على امتثال أوامر اهلل َّ ومنها :أنَّو ِّ
السمعة. الرياء و ُّ
يدا بذلك وجو اهلل ،بريئًا من ِّ ااتِ َ ابًا ُ ِ َر لَوُ َما تَ َق َّد َم ِم ْن َنْبِ ِو »( ،)1يعينِّ :
مصدقًا بفرض صيامو ،وزلتسبًا مر ً َو ْ
ومنها :أنَّو وسيلة لالستعفاف ،وربط النَّفس عن ىيجاهنا ،وإطفاء نار شهوهتا ،وتضييق مسالك الشَّياطٌن من وساوسها ،وذلذا
الشبَ ِ
اب َم ْن ش َر َّ الزواج ،وخشوا على أنفسهم من الفتنة أن يصوموا فقال « :يَا َم ْع َ تعذر عليهم َّ َّيب ﷺ الشَّباب الَّذين َّ حث الن ُّ
َّ
الص ْوِم َِ نَّوُ لَوُ ِو َجااٌ »( ،)2قال اإلمام
ص ُن لِ ْل َ ْر ِ َوَم ْن لَ ْم يَ ْ تَ ِ ْ َ َعلَْي ِو بِ َّ ص ِر َوأ ْ
َا َ
ِ
اا َة َلْيَتَ َ َّو ْ َِ نَّوُ أَ َ ُّ للْبَ َ
است َ ِ
اا م ْن ُك ْم الْبَ َ
َْ َ
الدواء الشَّايف الَّذي ُوري ذلذا األمر ،مثَّ نقلهم عنو عند العجز إىل ابن القيِّم رمحو اهلل يف «رورة احملبٌِّن» (« :)239فأرشدىم إىل َّ
فإن ىذه الشَّهوة تقوى بكثرة الغذاء وكيفيَّتو ،فكميَّة الصوم ،فإنَّو يكسر شهوة النَّفس ،ويضيِّق عليها رلاري الشَّهوةَّ ، البدل ،وىو َّ
الصوم َّإَّل وماتت شهوتو أو الصوم يضيِّق عليها ذلك ،فيصًن مبنزلة ِوجاء ال َفحل ،وقَ َّل من أدمن َّ الغذاء وكيفيَّتو يزيدان يف توليدىا ،و َّ
الصوم ادلشروع يُعدِّذلا». رعفت جدِّا ،و َّ
3
ومنها :أنَّو وسيلة عظيمة جلهاد النَّفس الذي ىو أعظم من جهاد الكفَّار وادلنافقٌن ،وذلك حلملها على فعل ما أمرت بو وترك ما
َجلِي »، ِ
وإيثارا دلرراتو ،وىذا معىن قولو « :يَ َداُ طَ َع َاموُ َو َش َرابَوُ م ْن أ ْ
هنيت عنو ،ومنعها من حظوظها وشهواهتا زلبَّةً هلل وطاعةً لوً ،
حَّت تنقاد ألمر موَّلىا وسلالفة ىواىا.
الصائم على قهر نفسو وغلبتو عليها َّ
يتعود َّ
كي َّ
الشراب واجلماع أحب األشياء إليو من الطَّعام و َّ الصائم يدع َّ ومنها :أنَّو وسيلة لتزكية النَّفس من شهواهتا وتطهًنىا من أدراهنا؛ َّ
ألن َّ
َج ِي بِ ِو يَ َداُ َش ْه َوتَوُ َوطَ َع َاموُ ِم ْن ِ
الص ْو َم َِ نَّوُ لي َوأَنَا أ ْ
من أجل اهلل تعاىل ،وىذا معىن قولو تعاىل يف احلديث القدسيَّ « :إَّل َّ
َجلِي»(.)3 أْ
ويعودىا على َكظْ ِم الغيظ وسكون الغضب ،لقولو حتمل إيذاء النَّاسِّ ، يرِّب النَّفس على حسن اخللق واحللم واألناة ،و ُّ ومنها :أنَّو ِّ
صااِ ٌم »، َصب أَا ُد ُكم ي وما صااِما َ َال ي ر ُ ْ وََّل ي ْ َه َِ ِن ْامرٌؤ َشاتَموُ أَو قَاتَلَوُ َلْي ُق :إِنِّي ِ
صاا ٌم إِنِّي َ
َ َ ْ َ ْ ُ َْ َ َ ْ ﷺ« :إِ َا أ ْ َ َ َ ْ َ ْ ً َ ً
الصائم نفسو من أن متضي ما ىي قادرةٌ على إمضائو ،باستمكاهنا شلَّن غاظها ،وانتصارىا شلَّن ظلمها. فيحفظ َّ
ُّح والبخل ،ويربِّيها على اجلود والكرم ،كما قال ابن عبَّاس رري اهلل عنهماَ « :كا َن رسو ُ ِ
اهلل ومنها :أنَّو ِّ
َُ يطهر النَّفس من الش ِّ ُ
ين يَ ْل َقاهُ ِج ْب ِري ُ َوَكا َن يَ ْل َقاهُ ِي ُك ِّ لَْي لَ ٍ ِم ْن َرَم َ
ضا َن َيُ َدا ِر ُسوُ الْ ُق ْرآ َن َّاس وَكا َن أَجود ما ي ُكو ُن ِي رم َ ِ
ضا َن ا َ ََ َْ ُ َ َ َج َو َد الن ِ َ
ﷺأ ْ
وإَّنا كان يعظم جوده يف رمضان؛ ألنَّو موسم اخلًنات ،وفيو تتضاعف الم ْر َسلَ ِ »(َّ ،)6 َج َو ُد بِال َل ْي ِر ِم ْن ِّ
الري ِ ُ اهلل ﷺ أ ْ َلَرسو ُ ِ
َُ
الصائم أمل اجلوع والعطش دعاه ذلك إىل الصائمٌن على صومهمَ ،وليُفطَِّرىم ،فيحصل لو مثل أجورىم ،وإذا ذاق َّ احلسنات ،وليعٌن َّ
السنة ،فبادر إىل التَّصدُّق عليو واإلحسان إليو. التفكر يف البائس الفقًن الَّذي يبيت على الطّوى طول َّ ُّ
الصاحلات ،لقولو ﷺ« :إِ َا َكا َن أ ََّو ُ لَْي لَ ٍ ِم ْن َش ْه ِر ومنها :أنَّو حيمل النَّفس على التَّسابق يف اخلًنات ،والتَّنافس يف األعمال َّ
ِ ِ ِ ين َوَم َر َدةُ الْ ِ ِّن َو ُلِّ َق ْ ت َّ ِ
اب ال َ نَّ َلَ ْم يُغْلَ ْق م ْن َها بَ ٌ
اب ت أَبْ َو ُِّح ْ اب النَّا ِر َلَ ْم يُ ْ تَ ْ م ْن َها بَ ٌ
اب َو ُت َ ت أَبْ َو ُ الشيَاط ُ ص ِّ َد ْ
ضا َن ُ
َرَم َ
هلل عُتَ َقااُ ِم ْن النَّا ِر َو َ َ
لل ُك ُّ لَْي لَ ٍ »(.)7 ْصر و ِ اد :يا با ِ ي ال َل ْي ِر أَقْبِ ويا با ِ ي َّ ِ
الش ِّر أَق ْ َ ْ ََ َ َ
ٍ ِ
َويُنَادي ُمنَ َ َ َ
السيِّئة ادلدمن عليها ،كمن بُلي بشرب اخلمر أو الدُّخان
احملرمات والعادات َّ
نفسو وتطهًنىا من َّ ومنها :أنَّو يعٌن اإلنسان على تزكية ِ
الصوم خًن عون لو على التَّخلِّي عنها.فإن َّأو العادة السريَِّةَّ ،
لالصوم يف تزكية نفوسنا وهتذيب سلوكنا وتربية أجيالنا ،وذلذا قال ﷺَ « :علَْي َ فهذه بعض احلِ َكم وادلعاين الَّيت صلنيها من َّ
الص ْوِم َِ نَّوُ َّل ِم ْ َ لَوُ»( .)8وباهلل التوفيق ،واحلمد هلل رب العادلٌن.
بِ َّ
4
( )1رواه البخاري ( ،)38ومسلم ( )1817عن أِّب ىريرة رري اهلل عنو.
( )2رواه البخاري ( ،)4778ومسلم ( )1400عن ابن مسعود رري اهلل عنو.
( )3رواه مسلم (.)1151
( )4رواه البخاري ( ،)1795ومسلم ( )1762عن أِّب ىريرة رري اهلل عنو.
( )5رواه البخاري ( )5710 ،1804عن أِّب ىريرة رري اهلل عنو.
( )6رواه البخاري ( ،)1803ومسلم (.)2308
السنن».
وصححو الشَّيخ األلباين يف «صحيح ُّالرتمذي ( ،)682وابن ماجو (َّ ،)1642( )7رواه ِّ
وصححو الشَّيخ األلباين ـ رمحو اهلل ـ يف «صحيح اجلامي»
( )8رواه النَّسائي ( ،)2223وأمحد ( )248/ 5عن أِّب أمامةَّ ،
(.)4044
5