Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
مقــــدمة:
تع ّد قواعد التّهيئة و التّعمير في تاريخ البشرية حضارة ،علم ,فن وأخالق وهي التعبير عن مجموعة من المعارف
والمهارات وإنبعاث لثقافة حضارة التمدن الّتي تساهم في تطوير اإلنسان وأفكاره و حياته االجتماعية و ترجمة لها من
خالل فن تنظيم البناء و العمران.
ّ
وتع ّد نوعية البنايات وشكلها وإدماجها في المحيط و إحترام المناظر الطبيعية والحضرية و حماية الثرات الثقافي و
التاريخي منفعة عمومية لكامل أفراد المجتمع والدولة على السواء.
الرامية إلى كيفية تنظيم المدن وإنجاز تطورت هذه المفاهيم لتصبح قوانين قائمة بذاتها تشمل وضع القواعد القانونية ّ و قد ّ
التّجمعات السكنية العمرانية ،تنظيم إنتاج األراضي القابلة للتّعمير ,إنجاز وتطوير المباني حسب التّسيير العقالني لألرض ,
تحقيق التوازنات بين مختلف األنشطة االجتماعية ( زراعة ,صناعة ,سكن ) ,المحافظة على المحيط والبيئة والمنظر العام
الحضاري و هذا بموجب سياسة وإستراجية عامة تحدّد على أساسها القوانين وتنفذ عن طريق أدوات التهيئة و التّعمير.
مرت بعدّة مراحل حاولت من خاللها الحكومات المتعاقبة ومنذ االستقالل التحكم في إنّ سياسات التهيئة والتعمير في الجزائر ّ
قواعد البناء و التّوسع العمراني ورغم أنّها وإن غيّرت شيئا من مظاهر الحياه العمرانية واالجتماعية إالّ أنّ هذه القواعد
صلت إليه الحضارات اإلنسانية المقارنة ألسباب موضوعية أهمها :التّخلف ظلّت ناقصة وغير كافية ولم تواكب ما تو ّ
االقتصادي والنزوح الريفي و النمو الدّيمغرافي المفرط وعدم فعالية القوانين والتنظيمات الّتي طبقّت في هذا المجال تنفيذا
طأ الجهات اإلدارية و كذا المستوى الثقافي السائد آنذاك. لسياسة معيّنة األمر الذي أدّى إلى تو ّ
وعليه ترتب ظهور مدن بأكملها وأحياء وبنايات كبيرة و منشآت من العدم تفتقر ألدنى قواعد التهيئة العمرانية والصحية
ودون إحترام ألدنى المقاييس والشروط المطبقة في هذا المجال أوعلى أراضي زراعية جد خصبة أو في مناطق تسمى اليوم
محمية و مصنفة دوليا وداخليا ،كما أطلق على نوع منها إسم البناءات الفوضوية والتي فرضت وجودها كحتمية مما يتطلب
األمر ظهور قانون لتصحيح هذه األوضاع واالعتراف بها بموجب مرسوم 85 - 211المتعلق بتسوية البناءات الفوضوية.
وإذا أردنا مسايرة التطور التاريخي لقوانين التهيئة العمرانية في الجزائر منذ اإلستقالل:
سائدة بإستثناء ينص على مواصلة العمل بالقوانين الفرنسية ال ّ ّ فقد صدر األمر 157 / 62المؤرخ في 1962 12// 31الّذي
ما يتعارض مع السيادة الوطنية أو يشمل قواعد التّ ّّ مييز العنصري.
المؤرخ فيّ و بذلك تم اإلستمرار في العمل بالمرسوم الفرنسي الصادر في 31/12/1958إلى غاية صدور األمر75-67
أول نص تشريعي يصدر عن الدولة الجزائرية في هذا المجال 26/09/1975المتعلّق برخصة البناء رخصة التجزئة وهو ّ
المشرع التدّخل و عالج المسائل المتعلقة بالبناء أمام ّ وبعدها صدرت مجموعة من النصوص القانونية حاول من خاللها
المؤرخ فيّ سع العمراني الضخم والبناء الفوضوي الالمسؤول فصدر القانون 82-02 ظاهرة النمو الديمغرافي الكبير والتو ّ
06/02/1982المتعلّق برخصة البناء و رخصة التّجزئة والّذي ألغى جميع األحكام القانونية المخالفة له وكذا القانون -3 0
المؤرخ في 05/02/1983المتعلق بحماية البيئة. ّ 83
المؤرخ
ّ المشرع الجزائري إنتقاليا قواعد شغل األراضي قصد المحافظة عليها وحمايتها بموجب األمر 85-01 ّ ث ّم بعدها حدّد
ّ ّ
في 13/08/ 1985ليصدر في نفس التاريخ األمر 85-211الذي يحدّد كيفية تسليم رخصة البناء ورخصة تجزئة األراضي
المؤرخ في
ّ صصة للبناء والمرسوم 85-212المتعلّق بتسوية البناءات الفوضوية ث ّم صدر قانون 87-03 المخ ّ
ّ
27/01/1687والمتعلق بالتهيئة العمرانية.
ّ
و في بداية التّسعينات ,وفي ظ ّل اإلصالحات العا ّمة التي شرع فيها تطبيقا للدستور , 1989عرفت القواعد المطبقة في مجال
سد بصدور قانون الوالية و البلدية 08 / 90و 09 / 90 تحوال كبيرا وعميقا تج ّ التهيئة والتّعمير ّ
الرقابة و المؤرخين في ,07/04/1990و الّذان حدّدا الصالحيات و مجال تدخلهما في هذا المجال كهيئات إدارية لضمان ّ ّ
ّ ّ
المؤرخ في 18/11/1990المتعلق بالتوجيه العقاري ,الذي صنف األراضي من حيث طبيعتها ووضع ّ صدور قانون 90-25
ّ
المؤرخ في 01/12/1990المتعلق ّ األحكام الّتي تنظم اإلطار العام للتّحكم في العقار الحضاري ثم يليه القانون 29-90
بالتهيئة والتعمير والمراسيم التنفيذية المطبقة له والّذي يع ّد بداية لمرحلة جديدة فعلية وحاسمة لتطبيق تو ّجه جديد يضبط
قواعد النشاط العمراني بوضع قواعد وآليات للرقابة وال سيما تلك المتعلّقة بالرقابة وتقنين أدوات التهيئة والتّعمير.
غير أن األزمة األمنية الحادة واألوضاع التي عاشتها البالد أفرزت تعقيدات كبيرة حالت دون اإلستمرار في تطبيق السياسة
العمرانية الجديدة ,مما جعل بعض القوانين الهامة السيما المتعلقة بالرقابة البعدية وكذا ضبط قواعد البناء في المناطق
المحمية تتأخر عن الصدور طيلة 8سنوات إنجر عنه فراغ تشريعي كبير حتّى عام 1998و هي كمايلي:
?القانون رقم 98-04المؤرخ في 1998-06-05يتعلق بحماية الثرات الثقافي.
?القانون رقم 99-01المؤرخ في 06-12-1999محدد لقواعد الفندقة المواد 46-51المتعلقة بقواعد بناء المؤسسات
الفندقية
?القانون 01 - 02المؤرخ في 24-04-2000المتعلق بتهيئة اإلقليم وتنميته المستدامة.
?القانون 02-02المؤرخ في 05-02-02المتعلق بحماية الساحل و تثمينه.
? -القوانين 03-01المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة.
ق 03-02يحدد القواعد العامة لإلستعمال و اإلستغالل السياحين للشواطئ.
ق 03-02يتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية و المؤرخة في 17-02-2003
?المرسوم التنفيذي 2000-90المؤرخ في -04-2000 24يتضمن التنظيم الحراري في البنايات الجديدة.
إن هذه الترسانة و الحجم الكبير من القوانين فإن دلت فإنما تدل على أهمية مجال التهيئة و التعمير وإحتالله مكانة بارزة
من حيث صدور القوانين واألهمية الكبرى التي توليها الدولة لهذا المجال.
لكن من المؤكد أنه بعد زلزال 21ماي 2003و ما أحدثه من أضرار كبيرة في األرواح البشرية وحجم البنايات المنهارة
سوف يعاد النظر في ك ّل القوانين والتنظيمات المتعلقة بالتهيئة والتعمير نظرا لما أبرزته هذه الكارثة من نقائص في
التشريع ومحدودية ميكانزمات الرقابة القبلية و البعدية ولع ّل أهمها هو صدور األمر 12-03المؤرخ في2003 / 08 / 26
يتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية و بتعويض الضحايا.
ومن هذا المنطلق يتبين لنا أن قواعد التهيئة و التعمير هي قواعد آمرة جوهرية و من النظام العام و تفرض عقوبات على
مخالفتها بإعتبارها تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة سياسية وإجتماعية وإقتصادية و ثقافية تعلو على المصالح الذاتية
لألشخاص كما يتبين أن قوانين التهيئة و التعمير تهدف في األخير إلى التوفيق و المعادلة بين أمرين:
أولهما :التوفيق بين الحق في النشاط العمراني إبتداءا من جميع عملية البناء إلى الهدم و من ناحية ثانية المحافظة على
النظام العام في مجال التهيئة و التعمير بك ّل أبعاده و هذا بوضع قواعد قانونية موضوعية تضمن ذلك وال تكون عائقا أو
حائال أمام مبادرات االستثمار وكذا االستجابة للتضخم السكاني الكبير.
ثانيهما :التوفيق بين آليات الرقابة الممنوحة لإلدارة في مجال التهيئة و التعمير كسلطة عامة ضابطةو مدى تدخل الجهات
القضائية تطبيقا للمبدأ خضوع اإلدارة للقانون وإحتراما للمبدأ الشرعية كما يتجلى ذلك من خالل المظاهر األتية:
?مدى إمتياز اإلدارة في التنفيذ اإلداري المباشر دون اللّجوء إلى القضاء كما في عمليات الهدم عند معاينة المخالفات من
قبل الموظفين المؤهلين.
?مدى تأهيل القاضي و صالحياته في مراقبة وتوجيه أعمال اإلدارة تماشيا مع مبدأ الشرعية و بإعتبار أن قواعد التعمير
هي قواعد تنظيمية و تقنية بحتة.
?مدى جواز القاضي اإلداري توجيه أوامر اإللزام لإلدارة في ذلك.
?مدى صالحية القاضي الجزائي في إتحاذ التدابير العينية إلى جانب الحكم بالعقوبات الجزائية.
و من هنا يثور التساؤل عن اآلليات و الوسائل القانونية و اإلدارية الممنوحة لإلدارة من أجل مراقبة الحركة العمرانية و
الحفاظ على النظام العام و من ناحية ثانية مدى تدخل القضاء ال سيما في المنازعات المتعلقة برخصة البناء بشتى مظاهرها
وأنواعها.
ومن ثمة فإننا نعالج هذا الموضوع و نتناوله وفقا للحظة المقترحة كمايلي وباإلعتماد على المنهج التحليلي:
الفرع الرابع :منح رخصة البناء و غيرها من الشهادات متوقف على الموافقة المسبقة للوزارات المعينة:
يمس بالتراث الطبيعي أو التاريخيّ نصت المادة 69من قانون 90-29على أنه " ال يرخص بأي بناء أو هدم من شأنه أن
أو الثقافي أو يشكل خطر إالّ بعدإستشارة و موافقة المصالح المختصة في هذا المجال " و عليه فإنّه ال ب ّد من إستشارة و
موافقة الوزارات المعنية كوزارة السياحة عندما يتعلق األمر بواقع التوسع السياحي أو المواقع السياحية.
ووزارة الفالحة فيما يخص األراضي الفالحية و كذا وزارة الثقافة عندما يتعلق األمر بمناطق التراث الثقافي و هذا قبل
تسليم رخصة البناء أو الهدم من قبل المصالح المختصة.
الفرع الثالث :اجراءات رفع الدعاوى اإلدارية أمام القضاء اإلداري فيما يخص رخصة البناء:
نتعرض الجراءات رفع دعوى المنازعة في رخصة البناء من حيث ما يلي:
أوال-صفة المدعي:
األصل أن الدعوى ترفع من قبل طالب رخصة البناء المعني الذي قوبل طلبه بالرفض -الصريح أو الضمني – أو الذي لحقه
ضرر من قبل اإلدارة ،إال أنه يجوز للغير كذلك رفع هذه الدعاوى عند المنازعة في القرار المتضمن تسليم رخصة البناء و
منه:
1-الغير صاحب المصلحة:
إن منح رخصة البناء يجب أن يراعي حقوق الغير و إن الغير هو صاحب المصلحة المباشرة و المشروعة في طلب إبطال
الترخيص عندما يمس بحالة يحميها القانون فقد يكون من جيران المستفيد كحرمانه من حق المطل أو األشعة الشمس أو
عدم احترام العلو المسموح به…
2-الشريك في الشيوع:
إن الشريك في األرض الشائعة ال يمكنه البناء على جزء مفرز من األرض الشائعة قبل قسمتها ولو حصل على رخصة
للبناء إال بعد موافقة أصحاب ثالث أرباع األرض و الحكم االبتدائي اآلتي جاء في حيثياته ما يلي «:حيث يستخلص من
المادة 717من القانون المدني بأنه إذا قام أحد الشركاء المشاعيين ببناء على جزء فرز من األرض الشائعة قبل قستهما
فإن هذا الشريك يكون قد أتى بعمل من أعمال اإلدارة الغير معتادة و يترتب على ذلك أن هذا العمل يقتضي موافقة أصحاب
ثالث أرباع األرض المشاعة حيث أنه والحالة هذه فإن المدعية محقة في منع المدعي عليه من مواصلة أشغال البناء
الجارية فوق القطعة المشاعة بينهما رفقة شركاء آخرين …»1
3-الجمعيات:
كما يمكن للجمعيات المشكلة بصفة قانونية و تنشط في اطار التهيئة التعمير و كذا حماية البيئة بموجب قانونها األساسي
طلب ابطال قرار ترخيص .طبقا لمادة 74قانون 29-90وكذا القوانين المتعلقة بالمناطق المحمية.
كما يمكن لهؤالء اللجوء إلى طلب وقف تنفيذ رخصة البناء طبقا للمادة 13-12-11/170من قانون اإلجراءات المدنية .و
هذا نظرا لصعوبة تفادي األضرار واصالح األوضاع الناجمة عن رخصة البناء المنشوبة بأية مخالفة للحيلولة دون اتمام
البناء بأكمله.
«إن وقف األشغال من قبل الجهة اإلستعجالية ال يمس بأصل الحق فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم
عن مواصلة البناء في انتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى».2
ثانيا :مدى شرط التظلم اإلداري المسبق.
إنه بعد تعديل قانون اإلجراءات المدنية بموجب القانون 23-90المؤرخ في 1990-08-18تم إلغاء نظام التظلم اإلداري
المسبق عندما يتعلق األمر بالقرارات اإلدارية الالمركزية وتعويضه بإجراء الصلح كبديل له و عليه أصبح هذا الشرط –
التظلم – وجودي فقط فيما يخص الدعاوى المرفوعة ضد القرارات اإلدارية المركزية.
إال أنه بعد صدور القانون 29-90أبقى على نظام التظلم المسبق و جعله جوازيا للمعني و الذي يكون له الخيار إما القيام به
أو رفع الدعوى مباشرة أمام القضاء المختص حيث تنص المادة 69منه على أنه:
«يمكن طالب رخصة البناء أو التجزئة أو الهدم الغير مقتنع برفض طلبه أن يقدم طعنا سلميا».
1-التظلم اإلداري المسبق ضد قرار رخصة البناء الصادر عن الوزير المكلف بالتعمير.
طبقا للنص المادة 275من قانون اإلجراءات المدنية فإن هذا اإلجراء هو شرط جوهري من أجل قبول الدعوى القضائية أما
مجلس الدولة و ميعاد رفعه هو شهريين من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه أو نشره كما على مستوى البلدية أو على
مستوى الورشة.
2-التظلم اإلداري ضد رخصة البناء الصادرة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي أو عن الوالي:
إن هذا اإلجراء قد تم إلغاءه و استبداله بنظام الصلح وفقا للتعديل الذي جاء به القانون 23-90المذكورة أعاله و هو إجراء
جوازي حسب القانون 29-90فيمكن للمعنى إما القيام به أو توجيه دعواه مباشرة أمام الجهة القضائية المختصة.
ثالثا :ميعاد الطعن القضائي:
يختلف ميعاد الطعن القضائي تبعا لمصدر القضائي اإلداري المتعلق برخصة البناء أي الجهة اإلدارية المصدرة له إما
الوزير المكلف بالتعمير أو الجهات األخرى.
1-ميعاد الطعن القضائي في قرار الوزير المكلف بالتعمير:
طبقا للمادة 280من قانون اإلجراءات المدنية فإن ميعاد الطعن القضائي سواء بالنسبة لطالب رخصة البناء أو للغير هو
شهران من تاريخ تبليغ قرار رفص التظلم اإلداري الكلي أو الجزئي أو ثالثة أشهر من تاريخ توجيه التظلم اإلداري في حالة
سكوت الوزير أو امتناعه عن الرد.
2-ميعاد الطعن القضائي في قرار الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي:
فطبقا للنص المادة 169مكرر قانون اإلجراءات المدنية فإن ميعاد الطعن القضائي في هذه الحالة هو أربعة أشهر تسري
انطالقا من تبليغ القرار بالنسبة للطالب الرخصة أو النشر بالنسبة للغير.