Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم األربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان
واستهل تعليمه األسبوعي بالقول إذ نتابع التعاليم حول "صالة األبانا" ننطلق اليوم من المالحظة بأنّه يبدو أ َّن
الصالة في العهد الجديد تريد أن تصل إلى الجوهري ،إلى أن تتركز في كلمة واحدة" :أَبَّا" ،أيها اآلب.
تابع األب األقدس يقول لقد سمعنا ما يكتبه القديس بولس في الرسالة إلى أهل روما" :لم ت َتلَقَّوا رو َح ُ
عبو ِديَّ ٍة
ِلت َعودوا ِإلى الخَوف ،بل رو َح ت َبَ ٍّن ِبه نُنادي :أَبًّا ،يا أ َ َبتِ!" ( .)١٥ ،٨ويقول الرسول إلى أهل غالطية" :والدَّلي ُل
يتكرر مرتين الرو َح الَّذي يُنادي" :أَبَّا"" ،يا أَبتِ" (ّ .)٦ ،٤ على َكونِ ُكم أَبناء أ َ َّن هللاَ أَر َ
س َل ُرو َح ابنِه إِلى قُلوبِناُّ ،
تعرف على يسوع واصغى إلى وعظه ،ال يعتبر الدعاء نفسه الذي تتر ّكز فيه حداثة اإلنجيل بأسرها .بعد أن ّ
المسيحي هللا بعدها كطاغية ينبغي أن نخاف منه ،فهو ال يخاف منه بعد اآلن بل يشعر بالثقة به تزهر في قلبه:
إن العبارة مه ّمة جدًّا بالنسبة للمسيحيين لدرجة أنّها غالبًا ما يمكنه أن يتكلّم مع الخالق ويناديه "أيها اآلب"َّ .
حافظت على شكلها األصلي" :أبا".
نادرا ما تتم ترجمة التعابير اآلرامية في العهد الجديد إلى اللغة اليونانية .علينا أن أضاف الحبر األعظم يقول ً
أن هذه الكلمات اآلراميّة قد " ُحفظت" بصوت يسوع عينه :لقد حافظوا على لغة يسوع .في الكلمة األولى نتخيّل َّ
من "صالة األبانا" نجد على الفور الحداثة الجذريّة للصالة المسيحية .ال يتعلّق األمر باستعمال رمز وحسب
بسر هللا؛ وإنما بأن نملك – بمعنى القول – عالم يسوع بأسره مسكوبًا – في هذه الحالة صورة األب – وبربطه ِ ّ
ي حقيقة "صالة األبانا" .أن نقول "أَبَّا" هو أمر حميمي ومؤثِ ّر في قلوبنا .إن قمنا بهذه العمليّة يمكننا أن نصلّ َ
مجرد تسمية هللا "أب" .لذلك نجد من اقترح ترجمة هذه الكلمة اآلراميّة األصل إلى لفظة "بابا"؛ ّ أكثر من
وبالتالي بدل أن نقول "أبانا" نقول "بابا" .ال زلنا نقول "أبانا" ولكننا مدعوون في قلوبنا لكي نقول "بابا" ونقيم
تولد عاطفة ودفئًا ،وشيئًا يعيدنا إلى إطار عالقة مع هللا كالطفل الذي يدعو أباه "بابا" .في الواقع هذه العبارات ّ
عمر الطفولة :صورة الطفل المغمور في عناق أب يشعر تجاهه بحنان ال متناهي .ولذلك أيها اإلخوة واالخوات
األعزاء لكي نصلّي جيّدًا علينا أن نتحلّى بقلب طفل؛ وال بقلب مكتفٍ ألنّه عندها لن نتم ّكن من الصالة جيّدًا.
وبالتالي فالموقف الذي ينبغي التحلي به هو موقف طفل بين ذراعي أبيه.
لكن األناجيل بالتأكيد هي التي تدخلنا بشكل أفضل في معنى هذه الكلمة .ماذا تعني تابع األب األقدس يقول َّ
هذه الكلمة بالنسبة ليسوع؟ تأخذ "صالة األبانا" معنى ولونًا إن تعلّمنا أن نصلّيها ،على سبيل المثال ،بعد قراءة
مثل األب الرحوم في الفصل الخامس عشر من إنجيل القديس لوقا (راجع لوقا .)٣٢-١١ ،١٥لنتخيّل هذه
الصالة يلفظها االبن الضال بعدما اختبر عناق أبيه الذي انتظره طويالً ،أب ال يذكر الكلمات ال ُمهينة التي قالها
وقوة .ونسألله ،أب يجعله اآلن يفهم ببساطة كم اشتاق إليه .فنكتشف عندها كيف تأخذ تلك الكلمات حياة ّ
أنفسنا :هل من ممكن يا هللا أنّك ال تعرف إال الحب؟ أال تعرف الحقد ،وسيجيبنا هللا :ال! أنا أعرف الحب فقط!
أين االنتقام فيك وطلب العدالة والغضب على شرفك المجروح؟ وسيجيبنا هللا :أنا أعرف الحب فقط!
تصرفه شيئًا يُذ ِ ّكرنا بروح أم .فاألمهات غالبًا
ّ أضاف البابا فرنسيس يقول إن األب في المثل يملك في طريقة
هن اللواتي يسامحن األبناء ويدافعنَ عنهم وال يقطعنَ التعاطف معهم ،ويثبتنَ في المحبّة حتى وإن كانوا ال َّ
يستحقون شيئًا .يكفي أن نستدعي هذه العبارة – "أَبَّا" – لكي نن ّمي صالة مسيحية .ويتبع القديس بولس في
قوةرسائله هذه الدرب عينها وال وجود لدرب غيرها ألنّها الدرب التي علّمنا إياها يسوع :في هذه الدعوة نجد ّ
إن هللا يبحث عنك حتى وإن لم تبحث عنه .هللا يحبّك حتى وإن كنت نسيته .هللا تجذب ما تبقّى من الصالةَّ .
ضا كأم ال تتوقّف يتنبّه للجمال فيك حتى إن كنت تعتقد أنّك بذّرت جميع وزناتك .هللا ليس أبًا وحسب بل هو أي ً
أبدًا عن محبّة طفلها .من جهة أخرى هناك "حمل" يدوم لألبد ،أكثر من حمل التسعة أشهر ،إنّه حمل يولّد
حلقة محبّة ال متناهية .وبالتالي فالصالة بالنسبة للمسيحي هي أن يقول ببساطة "أَبَّا" ،وأن يقول "بابا" بثقة
الطفل .
ضا أن نسير على دروب بعيدة عن هللا ،كما حصل مع وختم البابا تعليمه األسبوعي بالقول قد يحصل لنا أي ً
االبن الضال؛ أو أن نسقط في وحدة تجعلنا نشعر بأننا متروكون في العالم ،أو تجعلنا نخطئ ونسمح للشعور
القوة لنصلّي ،إذ نبدأ مجددًا من كلمة "أَبَّا" نقولها
ضا ّ بالذنب أن يشلّنا .في هذه األوقات الصعبة يمكننا أن نجد أي ً
أمورا
ً بحنان طفل صغير" :أبا"" ،أيها اآلب" وهو لن يخفي وجهه عنا .تذ ّكروا جيّدًا ربما قد نملك في داخلنا
سيّئة وال نعرف كيف نتخلّص منها ونشعر بالمرارة لشيء قمنا به ...لكنّه لن يخفي وجهه عنا ولن ينغلق في
يء "...ولكن لديك أب يحب ّّك الصمت .أدعه "أبّا" وسيجيبك ،نعم ألنّك تملك أبًا .قد تقول لي" :ولكنني شخص س ّ
أدعه "أبّا" وابدأ هكذا بالصالة في الصمت وسيقول لك إنّه لم يحد نظره عنك أبدًا .قد تقول له" :ولكن يا أب ِ
ت
لقد فعلت كذا وكذا "...وسيجيبك" :لم أحد نظري عنك أبدًا وبقيت هناك على الدوام قريبًا منك وأمينا ً لمحبّتي
لك" .فال تنسوا أبدًا إذًا أن تدعوه "أبّا ".