Vous êtes sur la page 1sur 24

‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫سمطة المغة والتأويل والسياق في روايات الطيب صالح(قراءة سيميائية)‬

‫أ‪ /‬إسحق عمي محمد‬


‫باحث في النقد األدبي والثقافي‬
‫محاضر متعاون بكمية أفريقيا الجامعية‬

‫د‪ .‬محاسن الفحل‬


‫أستاذ مشارك بكمية المغات‬
‫جامعة السودان لمعموم والتكنولوجيا‬

‫ممخص الدراسة‬

‫ىذه القراءة –وىي تصنف في النقد الثقافي‪ -‬تتناول سمطة المغة‪ ،‬وقيودىا‪ ،‬وكيف تعامل معيا‬
‫الطيب صالح‪ ،‬وما ىي أساليبو في كسر ىذا السمطة‪ ،‬والتمرد عمييا؛ في سبيل ايصال رسالتو عبر‬
‫نصوص رواياتو‪ .‬ومن ثم أقف عند تأويل ىذه النصوص؛ استنادا إلى مرجعية ثقافية‪ ،‬يحكميا سياق‬
‫المفردات‪ ،‬والتراكيب‪ ،‬لكشف أثر الكاتب في اليوية السودانية‪ ،‬ومناقشة المسكوت عنو؛ ذلك "ألن‬
‫النسيج المغوي يعكس االنتماء المعرفي‪ ،‬والحضاري لممؤلف‪ ،‬وألن العالمة المغوية ـ مفردة ‪ ،‬أو جممة‪،‬‬
‫أو نص ـ تحيل إلى ثقافة‪ ،‬والى حضارة‪ ،‬والى مجتمع والى ىوية‪.‬‬

‫وذلك باستخدام ىيكل يحتوي عمى مقدمة‪ ،‬ومطمبين؛ المطمب األول في المصطمح‪ ،‬والمطمب‬
‫الثاني‪ :‬آليات الطيب صالح األسموبية لمخروج من أسر المغة‪ .‬وباعتماد منيج لغوي سيميائي يستدعي‬
‫مصطمحات البالغة العربية الى ساحة النقد الثقافي بوصفيا آليات أسموبية تخدم غرض الكاتب والناقد‬
‫في آن؛ ىي آلية التشبيو‪ ،‬وآلية المجاز‪ ،‬وآلية الكناية‪ ،‬وآلية التراسل‪ ،‬وآلية التقديم والتأخير‪ ،‬وآلية‬
‫الحذف والذكر والتكرار‪ .‬ثم خاتمة وتوصيات‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫مـقدمة‬

‫المغة مادة النص األدبي التي يستند إلييا في وظيفتو التعبيرية‪ ،‬التي يتعامل فييا مع‬
‫مضامين‪ ،‬ومعاني الكالم‪ ،‬ودالالت التركيب‪ ،‬حسب السياق الخاضع لرسالة الكاتب؛ المحكوم بقانون‬
‫المغة التي تدفع الكاتب أحيانا إلى التعامل معيا بطريقة تفرض أسموبو‪ ،‬وتكسر سمطة المغة المفروضة‬
‫عميو‪ ،‬باستخدام آليات التعبير‪ ،‬واألساليب المغوية؛ من تشبيو‪ ،‬ومجاز‪ ،‬وكناية‪ ،‬وتراسل‪ ،‬وتقديم‬
‫وتأخير‪ ،‬حذف وذكر وتكرار‪ ....‬الخ‪.‬‬

‫سوف أتناول سمطة المغة‪ ،‬وقيودىا‪ ،‬وكيف تعامل معيا الطيب صالح‪ ،‬وما ىي أساليبو في‬
‫كسر ىذا السمطة‪ ،‬والتمرد عمييا؛ في سبيل ايصال رسالتو عبر نصوص رواياتو‪ .‬ومن ثم أقف عند‬
‫تأويل ىذه النصوص؛ استنادا إلى مرجعية ثقافية‪ ،‬يحكميا سياق المفردات‪ ،‬والتراكيب‪ ،‬ولكشف أثر‬
‫الكاتب في اليوية السودانية‪ ،‬ومناقشة المسكوت عنو؛ ذلك "ألن النسيج المغوي يعكس االنتماء‬
‫المعرفي‪ ،‬والحضاري لممؤلف‪ ،‬وألن العالمة المغوية ـ مفردة ‪ ،‬أو جممة‪ ،‬أو نص ـ تحيل إلى ثقافة‪،‬‬
‫والى حضارة‪ ،‬والى مجتمع والى ىوية"(ٔ)‪.‬‬

‫يتماس مع الواقع‪ ،‬ويفسره أحيانا‪ ،‬ويعيد‬


‫ّ‬ ‫مع الوضع في االعتبار أن النص األدبي خيالي‪،‬‬
‫غض الطرف عن المتمقي‪ ،‬ودوره في إكمال رسالة الكاتب‪ ،‬ورؤيتو في‬
‫تركيبو عبر رؤية الكاتب‪ ،‬دون ّ‬
‫التواصل مع النص‪" .‬ألن المغة األدبية ال تستعيد مكونات الواقع الخارجي‪ ،‬إنيا تعبر عن وعي‪،‬‬
‫ومعان‪ ،‬ومدلوالت‪ ،‬ونظم فكرية شاممة‪ ،‬وتقوم بتخميق عوالم جديدة من تعالق الدالالت المغوية بعضيا‬
‫ببعض‪ ،‬ويقوم (المتمقي) القارئ‪ ،‬أو الناقد بكشف تمك العوالم الجديدة؛ حال االنتياء من قراءة‬
‫النص"(ٕ)‪ .‬وفي المركز المسكوت عنو؛ "فالجزء المسكوت عنو مركزي في النصوص األدبية‪ ،‬وىو‬
‫األصل في العممية التأويمية"(ٖ)‪ ،‬وفي النقد الثقافي الذي تصنف ىذه القراءة محاولة فيو‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫المطمب األول‪ :‬في المصطمح‬

‫سمطة المغة‪ :‬يقول روالن بارت‪" :‬ال نستطيع الفكاك من أسر المغة"(ٗ)‪ .‬ويعني قوانينيا‬ ‫ٔ‪.‬‬
‫المألوفة من حيث تركيب الجممة‪ ،‬ووضع المفردات فييا‪ ،‬والتذكير‪ ،‬والتأنيث‪ ،‬واإلفراد‪ ،‬والجمع‪،‬‬
‫وأنواع الضمائر‪ ،‬وغير ذلك من أنظمة المغة التي ىي قيود ـ في نظره ـ تحكم النصوص‪ ،‬ودالالتيا‪،‬‬
‫وتحد من قدرة المؤلف في التعبير عن مراده‪ .‬فالمغة إذن ال تمكننا من تبميغ أفكارنا كما نريد"(٘)‪.‬‬
‫والمغة والثقافة ضابطان يؤطران الفرد‪ ،‬ويمنحانو ىوية جماعية؛ حالما يستعمل الفرد تمك المغة‬
‫الخاصة بالجماعة(‪ ،)ٙ‬والجماعة ستعترف بالفرد باعتباره عضوا كامال فييا عبر المغة‪ ،‬والثقافة؛ فيو‬
‫(‪،)ٚ‬‬
‫فيو مأسور ليذه‬ ‫يخضع لقانون مقابل الحصول عمى اعتراف بيويتو التي تطابق ىوية القانون‬
‫السمطة الثقافية‪ ،‬والمغوية‪ ،‬ومحكوم وجوده بيا في التعبير عن نفسو‪ ،‬وفي تواصمو مع اآلخرين‪.‬‬

‫تأسيسا عمى ذلك فإن سمطة المغة ىي القانون الذي يجبر الكاتب‪ ،‬والمتمقي ـ عمى السواء ـ عمى‬
‫الخضوع لو‪ ،‬والتقيد بو في التعبير‪ ،‬وفي فيم مدولوالت النص‪ ،‬ومن ثم تأويميا‪ .‬ذلك ألن "المغة‬
‫بوصفيا نظاما رمزيا ال تمد الفرد بالمعاني‪ ،‬وانما تمده بالنظام الذي يعد الوسيمة المعينة عمى التعبير‬
‫عن المعاني وفيميا‪ ..‬وال حيمة لممتكمم إزاء تمك القوانين‪ ،‬فيو مجبر عمى العمل بيا"(‪ .)ٛ‬وىذا ما‬
‫أكده بارت بان اإلنسان خاضع لسيطرة سمطة المغة‪ ،‬وخاضع لمعناىا الداللي‪ ،‬أسير لمفيوم محدد‬
‫لمكممة‪ ،‬أو الجممة‪ ،‬أو الصورة‪ ،‬أو العالمة المغوية‪ ،‬مادام ينتمي لجماعة لغوية ذات مرجعية ثقافية‪،‬‬
‫وىوية ال تكتسب إال باالنتماء إلى قانونيا‪ .‬وليذا ال يجد الكاتب مف ار من التمرد عمى ىذه القيود‪،‬‬
‫لمتعامل مع الخيال األدبي بفرض أسموب يعطي مشروعية لوجوده ككاتب من خالل لغتو ىو؛‬
‫المعتمدة عمى أساليب المغة نفسيا‪ ،‬ليؤسس لمصداقية أفكاره وأنساقيا‪.‬‬

‫التأويل‪ :‬وضع معجم المصطمحات األدبية ثالثة معان لمكممة (تأويل)(‪ :)ٜ‬التأويل تفسير ما‬ ‫ٕ‪.‬‬
‫في نص ما من غموض بحيث يبدو واضحا جميا‪ ،‬ذا داللة يدركيا كل الناس‪ .‬وىو أيضا‪ :‬اعطاء‬
‫معنى معين لنص ما‪ ،‬كما ىي الحال في استنباط المغزى من قصة أو قصيدة رمزية مثال‪ .‬وىو‬
‫أيضا‪ :‬إعطاء معنى‪ ،‬أو داللة لحدث‪ ،‬أو قول ال يبدو فيو ىذه الداللة ألول وىمة‪ ،‬ويكون في‬
‫التأويالت السياسية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫فيو إما تفسير معنى بغية توضيحو‪ ،‬واما استنباط مضمون‪ ،‬أو اضافة معنى مدفون بين ثنايا‬
‫الكالم‪ .‬وجميعيا شغل عمى المغة‪ ،‬والنصوص يقوم بو المتمقي؛ الناقد والقارئ‪ ،‬في سبيل التواصل مع‬
‫النص عبر رسالتو المرجوة‪ .‬فالتأويل "نشاط فكري ولغوي يتعمق بالترجمة والتفسير‪ ...‬ىو النظر فيما‬
‫تؤول إليو األشياء‪ ،‬أي صيرورتيا‪ ،‬والقيم الوجودية‪ ،‬والمعرفية‪ ،‬والجماعية التي يمكن أن تتصف بيا‬
‫(ٓٔ)‬
‫وذلك بأخذ المعنى عمى غير معنى الكممات؛ بتجاوز الظاىر إلى الخفي‬ ‫لدى مآليا إلى أمر ما‪".‬‬
‫باالعتماد عمى قدرة المتمقي المغوية‪ ،‬والثقافية‪.‬‬
‫التأويل‪ :‬ىو طريقة في التعامل مع النصوص مباشرة من خالل المغة‪ ،‬تيدف إلى فيميا‪،‬‬ ‫ٖ‪.‬‬
‫والكشف عما وراء ىذه النصوص‪ ،‬مما لم يصرح بو الكاتب‪ ،‬ولكنو في ثنايا نصو‪ .‬ويعتمد عمى قدرة‬
‫المتمقي في التعامل مع النص استنادا إلى معرفة وثقافة ‪"-‬إذا اردت تأويل نص‪ ،‬فعميك أن تحترم‬
‫خمفيتو الثقافية‪ ،‬والمسانية"(ٔٔ)‪ -‬تفتح طريقا نحو النص بما يخدم بقية القراء‪" .‬فالتأويل ترميم‬
‫واصالح‪ ،‬واعادة تجميع المعنى"(ٕٔ)‪.‬‬
‫السياق‪" :‬ىو مجرى الكالم وتسمسمو‪ ،‬أو اتصال بعضو ببعض"(ٖٔ)‪ ،‬والكالم –ىنا‪ -‬ىو‬ ‫ٗ‪.‬‬
‫التركيب؛ (المفردات‪ ،‬والجمل‪ ،‬والنص)‪ ،‬فالمفردة داخل الجممة ليا معنى مكتسب من ىذا الوضع‬
‫استنادا إلى ما قبميا وما بعدىا‪ ،‬والجممة نفسيا تكون في سياق النص؛ المغوي‪ ،‬أو غير لغوي الذي‬
‫يعتمد عمى ما حول النص؛ من ظروف خارجية تفرض نفسيا عميو(ٗٔ)‪.‬‬
‫والداللة بيذا ىي وليدة سياقات لغوية‪ ،‬أو نفسية‪ ،‬أو فكرية‪ ،‬ألنو من الصعب أن يدرس التركيب‬
‫بعيدا عن داللتو التي يحكميا السياق الذي يفتح النص عمى الثقافة؛ بوصفيا مرجعية لمتواصل بين‬
‫الكاتب‪ ،‬والمتمقي من خالل لغة ىي عالمة اليوية األولى‪ .‬والسياق –بيذا‪ -‬أداة الزمة لمفيم‬
‫والتأويل(٘ٔ)‪ ،‬ألنو "يرشد إلى تبيين الجمل‪ ،‬وتعيين المحتمل‪ ،‬والقطع بعدم احتمال غير المراد‪،‬‬
‫وتخصيص العام‪ ،‬وتقييد المطمق‪ ،‬وتنوع الداللة‪ ،‬وىذا من أعظم القرائن الدالة عمى مراد المتكمم"(‪.)ٔٙ‬‬
‫وىذا شغل النقد الثقافي الذي يتجو الى "كشف وسائل الثقافة في تمرير انساقيا‪ ،‬وىذه االنساق‬
‫الثقافية؛ أنساق تاريخية ازلية وراسخة وليا الغمبة دائما‪ ،‬وعالمتيا ىي اندفاع الجميور الى استيالك‬
‫المنتوج الثقافي المنطوي عمى ىذا النوع من االنساق"(‪.)ٔٚ‬‬
‫الطيب صالح؟‪ :‬اسمو الكامل؛ الطيب محمد صالح أحمد‪ .‬ولد عام (‪ ٖٔٗٛ‬ىـ ـ ‪ٜٕٜٔ‬م)‬ ‫٘‪.‬‬
‫كول بالقرب من قرية دبة الفقراء؛ وىي إحدى قرى قبيمة‬
‫في إقميم مروي شمال السودان بقرية َك ْرَم ْ‬
‫الركابية التي ينتسب إلييا‪ )ٔٛ(.‬توفي في يوم األربعاء ‪ ٔٛ‬فبراير عام ‪ ٕٜٓٓ‬في لندن‪ .‬شيع جثمانو‬

‫‪28‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫يوم الجمعة ٕٓ فبراير في السودان‪ ،‬حيث حضر مراسم العزاء عدد كبير من الشخصيات البارزة‪،‬‬
‫(‪)ٜٔ‬‬
‫والكتاب العرب‪.‬‬
‫رواياته‪ :‬كتب الطيب صالح العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثالثين لغة‬ ‫‪.ٙ‬‬
‫وىي‪" :‬نخمة عمى الجدول ٖ٘‪ٜٔ‬م"‪ ،‬و"عرس الزين ٗ‪ٜٔٙ‬م" و"موسم اليجرة إلى الشمال ‪ٜٔٙٙ‬م"‬
‫و"منسى‪ :‬إنسان نادر عمى طريقتو"(ٕٔ)‪ .‬وتعتبر روايتو‬ ‫(ٕٓ)‬
‫و"ضو البيت ٕ‪ٜٔٚ‬م" و "مريودٖ‪ٜٔٚ‬م"‬
‫"موسم اليجرة إلى الشمال" واحدة من أفضل مائة رواية في العالم‪ .‬وقد حصمت عمى العديد من‬
‫الجوائز‪ .‬وقد نشرت ألول مرة في أواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت‪ ،‬وتم تتويجو‬
‫ك"عبقري األدب العربي"‪ .‬في عام ٕٔٓٓم تم االعتراف بكتابو من قبل األكاديمية العربية في‬
‫دمشق‪ ،‬عمى أنو صاحب "الرواية العربية األفضل في القرن العشرين‪.‬‬

‫في فبراير من العام ٕٔٔٓم تم اإلعالن عن جائزة الطيب صالح العالمية لإلبداع الكتابي‪،‬‬
‫تقدي ار لمدور الكبير الذي قام بو في الثقافة العربية(ٕٕ)‪ .‬وطبعت أعمالو في كتاب من منشورات مركز‬
‫عبد الكريم ميرغني الثقافي ٕٓٔٓم بعنوان‪( :‬الطيب صالح األعمال الكاممة ـ الروايات والقصص)‪.‬‬
‫في ٕٔ٘ صفحة‪ .‬وىو الكتاب الذي سوف نعتمد عميو في ىذه القراءة‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬آليات الطيب صالح األسموبية لمخروج من أسر المغة‬

‫يعول‬
‫عندما أتحدث عن سمطة النص‪ ،‬والتأويل‪ ،‬والسياق؛ اتحدث عن المغة بوصفيا نظاما‪ّ ،‬‬
‫عمى ثقافة ىي المجتمع‪ ،‬وليذا فيي تؤدي وظيفتيا التواصمية من خالل ىذه الثنائية‪" ،‬ومن ىذه الزاوية‬
‫ال يمكن حصر الداللة في المنطوق الممفوظ وحده‪ ،‬كما ال يمكن حصرىا في داللة الفحوى‪ ،‬بل البد‬
‫(ٖٕ)‬
‫وأتحدث عن آليات أسموبية‬ ‫أن تتسع لتشمل دائرة الصمت‪ ،‬والمسكوت عنو في بنية الخطاب"‪.‬‬
‫يستخدميا الكاتب لمخروج من أسر المغة‪ ،‬وتتيح لو مساحة لمتعبير أكبر‪ ،‬وتعين المتمقي في كشف‬
‫خبايا النص من خالل التأويل‪.‬‬

‫آلية التشبيه‪:‬‬

‫يستخدم الكاتب التشبيو ليصور الواقع عمى طريقتو‪ ،‬ويعيد ترتيبو‪ ،‬وفقا لرؤيتو‪ .‬ويستطيع‬
‫المتمقى أن يفيم الرسالة من خالل خمفيتو الثقافية‪ ،‬وسياق التركيب‪ ،‬مؤوال الدالالت الممكنة‪ ،‬ونابشا‬

‫‪29‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫المسكوت عنو من خالل العبارة‪/‬الصورة‪ ،‬التي ىي مألوفة في الثقافة العربية‪" :‬الحاجبان ىالالن"‪،‬‬
‫"ريشة في ميب الريح"‪" ،‬العالم رقعة شطرنج"‪" ،‬النيل أفعى"‪" ،‬الحسرة أشواك"‪" ،‬محجوب مثل الصخرة"‪،‬‬
‫"مثل الذباب يحط عمى شيء عفن"‪" ،‬فار مثل القدر"‪" ،‬محجوب مثل النمر"‪" ،‬أنيار الدم"‪" ،‬قطب‬
‫الرحى"‪" ،‬مثل بكاء الناقة عمى الفصيل"‪" ،‬مثل انقشاع الغمامة"‪ " ،‬يمم مثل االعصار"‪" ،‬كالبحر‬
‫المتالطم"(ٕٗ)‪.‬‬

‫ومع أن ىذه التشبييات مألوفة‪ ،‬فإن الكاتب يترك بصمتو في تعابيره وتصاويره‪ ،‬حين‬
‫يستخدم ىذه التشبييات في سياقات خاصة تكسبيا دالالت جديدة‪ ،‬تفسح المجال لممتمقي لتأويل‬
‫التركيب الجديد‪" :‬حاجباه متباعدان يقومان أىمة فوق عينيو"موسم‪ .ٖٛ/‬تعبير ورد في سياق وصف‬
‫شخصية مصطفى سعيد –بطل الرواية‪ -‬وسياق التركيب يفرض مفردتين؛ (متباعدان‪ ،‬وأىمة) يضيفان‬
‫داللة عمى المعنى المعجمي؛ ىي داللة السياق‪ ،‬حيث يفيم أن جبية مصطفى سعيد عريضة من‬
‫خالل ىذه الصورة‪ ،‬وىي من سمات الذكاء عند عمماء النفس‪" ،‬الجبية العريضة‪ ،‬الكبيرة والعالية يمتاز‬
‫صاحب ىذه الجبية بذكائو وقدراتو الذىنية؛ (التفكير‪ ،‬الفيم والحكم عمى األشياء)‪ ،‬وكذلك فإن ىذه‬
‫الجبية تميز صاحبيا بالحس العممي"(ٕ٘)‪.‬‬

‫ولم يصرح الكاتب بذلك فقط اكتفى بالصورة العالمة التي أفادت ىذا المعنى‪ .‬و(أىمة) جمع‬
‫ىالل‪ ،‬لمداللة عمى الكثرة‪ ،‬وىنا الكثافة‪ ،‬كثافة الشعر فوق العينين‪ ،‬عمى جبية عرضة‪ ،‬تعطي العينين‬
‫ىيبة وتبرزىما؛ (فوق عينيو)‪" ،‬الحاجبان الكثيفان ينبئان بالحيوية الجنسية‪ ،‬والقدرة عمى التحكم في‬
‫األشياء"(‪ .)ٕٙ‬وىو بمعايير الثقافة وسيم طالما ارتبط باليالل‪ ،‬الذي يخبئ داللة دينية تمنح بعض‬
‫الييبة والوقار‪.‬‬

‫"كان محجوب أعمقيم وأنضجيم‪ ،‬كان مثل الصخرة المدفونة تحت الرمل تصطدم بيا إذا‬
‫عمقت في حفرك"الزين‪ .ٕٖٓ/‬تشبيو مألوف القوة بالصخرة‪ ،‬ولكن سياق الجممة يفرض دالالت أخرى‬
‫ليا عالقة بثقافة المتمقي‪ ،‬تعينو عمى تأويل مراد الكاتب وحركة النص في إنتاج المعنى‪ ،‬ويفيم من‬
‫عبارة أعمقيم أنو مميء باألسرار‪ ،‬كاتم ليا‪ ،‬وحريص عمييا تصطدم بو إذا حاولت كشفيا‪ ،‬فيو بئر‬
‫أسرار البمد‪ ،‬ال يبوح‪ ،‬وال يصرح‪ .‬ثم داللة الرمل في سياق الحفر تدل عمى السيولة‪ ،‬فمحجوب سيل‬
‫يتواصل معك‪ ،‬ولكنو يكمن لك حيث محرم معرفة ما يخبئ –وىنا‪ -‬ربما رسالة تربوية أراد الكاتب أن‬

‫‪30‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫يتركيا بصمة في ثقافة السودان ؛ أن كن مرنا سيال‪ ،‬ولكن صمدا قويا في دواخمك‪ ،‬منفتحا لمثقافات‬
‫حولك‪ ،‬محتفظا بإرادتك‪ ،‬وثقافتك‪ ،‬متواصال مع اآلخرين‪ ،‬واقفا مع نفسك مقيما‪.‬‬

‫وبجانب التشبييات المألوفة‪ ،‬فإن الكاتب يبتكر تشبيياتو؛ معتمدا عمى ثقافتو في صور‬
‫مشحونة بالدالالت‪" ،‬وفي أعمالو تشبييات وعبارات واصفة مستمدة من التراث الشعبي السوداني‪ ،‬أو‬
‫نسجت عمى منوال ذلك التراث في التعبير"(‪" :)ٕٚ‬عقمي أسنان محراث"‪" ،‬كأنني قربة منفوخة"‪" ،‬أنا مثل‬
‫تمساح عجوز سقطت أسنانو"‪" ،‬مسبحة كقوارس الساقية"‪" ،‬النيد طبنجة"‪ " ،‬ما بين أفخاذىا صحن‬
‫مكفي"‪" ،‬كأنيا دوالب الساقية"‪" ،‬ريانة كعود قصب السكر"‪ " ،‬الدم حناء"‪" ،‬ذراعاه ذراعا قرد"‪" ،‬مثل‬
‫كمبة فقدت جراءىا"‪" ،‬شعره شجرة سيال"‪" ،‬إمام الجامع ضريح"‪" ،‬الزين صاري مركب"‪" ،‬الميل يمحو‬
‫البمد محوك الطباشير من السبورة"‪ " ،‬شطة نار اهلل الموقدة"‪" ،‬نيد طالع زي ثمرة الاللوب"‪" ،‬كأنو نخمة‬
‫إلى جانب دومة"‪" ،‬مثل السمكة في الماء"(‪.)ٕٛ‬‬

‫"كأنني قربة منفوخة"؛ جممة‪/‬صورة‪ ،‬ىي عالمة عمى ثقافة سودانية تؤشر إلى الخواء عمى‬
‫الرغم من ظاىر االمتالء‪ ،‬وعدم القدرة عمى الفعل‪ ،‬فقط مظير‪ ،‬وادعاء‪ ،‬لكن الكاتب وضعيا في‬
‫سياق حديث مصطفى سعيد عن نفسو‪ ،‬وىو يغادر القاىرة متجيا إلى لندن‪" :‬كنت في الخامسة عشر‬
‫يظنني من يراني في العشرين‪ ،‬متماسكا عمى نفسي كأنني قربة منفوخة"موسم‪ .٘ٗ/‬وىي ‪-‬ىنا‪-‬‬
‫عالمة تدل عمى غير ظاىرىا؛ خادعة‪ ،‬ولكن عبارة متماسكا تفيد معنى اإلصرار‪ ،‬والقدرة عمى‬
‫الخداع‪ ،‬وبقوة‪ ،‬وثمة دالالت مستمدة من ثقافة سودانية؛ ىي أن التعبير يدل عمى الضعف‪ ،‬عمى‬
‫الرغم من صورة القوة واالمتالء‪ ،‬وليس الضعف وحده‪ .‬وانما إيضا عدم القدرة عمى الصمود أمام‬
‫المحكاة‪ ،‬مجرد ثقب صغير يخرج كل اليواء‪ ،‬فعمى الرغم من مظير القوة‪ ،‬فيو يتوفر عمى ضعف‬
‫ميمول‪ .‬ولعل ذلك بالضبط مصطفى سعيد‪.‬‬

‫"النيد كأنو طبنجة"موسم‪ .ٜٗ/‬تشبيو ورد في سياق قصة يخبر فييا ود الريس جد الراوي أنو‬
‫اختطف بنتا‪ ،‬وىو يصفيا‪ ،‬وضمن ىذه الصفات ىذا التشبيو‪ .‬وىو تشبيو مستمد من الثقافة السودانية‪،‬‬
‫حيث يشبو النيد بالمدفع‪ .‬ولكن سياق الجممة يؤمن داللة الخطر‪( ،‬عمى رأي من يقول ال تمعب‬
‫بالنار)‪ ،‬ولكن في الثقافة السودانية يعني أن النيد لم يرضع بعد فيو قوي في مممسو‪ ،‬وفي استوائو‪،‬‬
‫ومقدمتو مدببة متجية إلى األمام مباشرة‪ ،‬مثمما يصوب السالح‪ /‬الطبنجة‪ .‬وىي سمة جمال‪ .‬ولعل‬

‫‪31‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫الكاتب شبو النيد بالطبنجة ليحذر من ىذا الفعل‪ ،‬ويجد الحل‪" :‬ابنك ىذا شيطان رجيم‪ ،‬واذا لم نجد لو‬
‫زوجة في ىذا النيار‪ ،‬أفسد البمد‪ ،‬وسبب لنا فضايح ال أول ليا‪ ،‬وال آخر‪ ،‬وفعال عقدوا لي في نفس‬
‫اليوم عمى بنت عمي" موسم‪.ٜ٘/‬‬

‫"كأنو نخمة إلى جانب شجرة دوم"منسي‪ .ٔٙ/‬ولما كانت النخمة معروفة بأنيا شجرة وال شيء‬
‫غير ذلك‪ ،‬فان الكاتب اضطر الى ادخال مفردة (شجرة) في المشبو بو (الدوم)‪ ،‬النيا غير معروفة في‬
‫الد ْوِم وىو‬
‫الثقافة العربية‪ ،‬وتحتاج الى الرجوع الى المعجم‪ ،‬جاء في المسان‪( ،‬مادة دوم)‪ :‬ىي واحدة َّ‬
‫وخوص مثل ليف النخل‪ .‬وليذا كفى الكاتب‬ ‫يف ُ‬‫الم ْق َل‪ ،‬ولو لِ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ضخام الشجر‪ ،‬يشبو النخل إال أنو ُيثْمر ُ‬
‫المتمقي مؤونة البحث‪ ،‬ووفرالمعني بإضافتيا إلى شجرة‪ .‬وىي مفردة عالمة عمى ثقافة سودانية‪ ،‬ألنيم‬
‫يعرفونيا ويأكمونيا‪ .‬وىو يشبو حال منسي بجانب النساء الالئي أحببنو وأحبين‪ .‬في مفارقة؛ الطول‪،‬‬
‫واالعتدال والرشاقة واألنفة‪ ،‬مقابل قصر القامة‪ ،‬والتقعر‪ ،‬والترىل‪ ،‬واالنكسار‪ .‬وفي الثقافة السودانية‪:‬‬
‫"شن جاب لي جاب"‪ .‬والمساحة مفتوحة لممتمقي ألنو يؤول النص من خالل مميزات النخمة‪ ،‬وثمارىا‪،‬‬
‫وأصميا‪ ،‬وكونيا مذكورة في القرآن‪ ،‬بجانب الدومة‪ .‬مما يدعم أن" الصورة البالغية عالمة بالغة‬
‫التركيب‪ ،‬وتستدعي جيدا ثقافيا‪ ،‬عمى عكس العالمات العادية"(‪.)ٕٜ‬‬

‫فبراعة التشبيو تَتَ َمثَّل في قدرتو عمـى إيقاع االئتالف بين األشياء المختمفة‪ ،‬مع وجود مشابية‬
‫ليا أصل في العقل‪ ،‬بيد أنيا خفية ال يستطيع أن يصل إلييا إال الميَرة في الفنون‪ ،‬ومن كان عميق‬
‫اإلحساس والذوق‪ ،‬وال ييمل دور االنفعاالت والمشاعر اإلنسانية في قيمة التشبيو‪ ،‬في مبادلة لألدوار‬
‫بين الكاتب‪ ،‬والمتمقي‪ ،‬وتكامل في بناء نص يحمل رسالة‪ ،‬وقيمة فنية(ٖٓ)‪.‬‬

‫آلية المجاز‪:‬‬

‫يخضع الكاتب لسمطة المغة في تركيب جممو‪ ،‬ولكنو يتجاوز قيودىا باحتيالو عمى التركيب‪،‬‬
‫وفرض طريقة أسموبية توفر معان جديدة‪ ،‬ودالالت تستجيب لقيد المغة‪ ،‬وتوصل أفكاره‪ ،‬ومشاعره إلى‬
‫المتمقي عن طريق صياغات جديدة؛ في تراكيب جديدة‪ ،‬يحكميا سياق جديد عبر المجاز‪ ،‬بوصفو آلية‬
‫أسموبية تكسر جمود المغة‪ ،‬وتيبيا حياة‪ ،‬وتعطي الكاتب خيارات جديدة لمعان‪ ،‬ومضامين جديدة؛‬

‫‪32‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫دالالت عبر سياق تحكمو القرينة التي تربطو بالمتمقي‪ ،‬المستند إلى ثقافتو في محاورة النص‪ ،‬وكشف‬
‫مدلوالتو وتأويمة‪.‬‬

‫المجاز "ىو إسناد المفظ إلى غير ما ىو لو‪ ،‬لعالقة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرداة المعنى‬
‫الحقيقي"(ٖٔ)‪ .‬فيو يستجيب لنظام المغة الضابط‪ ،‬وسمطتيا في التركيب‪ ،‬ولكنو يؤمن طريقة لدالالت‬
‫جديدة عبر ىذه اآللية األسموبية‪" :‬طغى الضعف"موسم‪" .ٗٓ/‬جرى السؤال"موسم‪" .ٗٓ/‬دفن‬
‫قامتو"موسم‪" .ٗٗ/‬القمر مقمم األظافر"موسم‪" .ٚٛ‬البحر شرير"موسم‪" .ٙٚ/‬مات الغضب"الزين‪.ٔٛٔ/‬‬
‫"تنفس النيل الصعداء"الزين‪" .ٜٔٓ/‬كانت البمد مشغولة بو عنيم"الزين‪" .ٕٕ٘/‬الميل يجمع‬
‫أطراف"ضو‪" .ٕ٘ٙ/‬يبس الضحك"ضو‪" .ٕٚٛ/‬القمر يبتسم"ضو‪" .ٕٜٛ/‬حامال يأسو"مريود‪.ٖٙٔ/‬‬
‫"يصطاد شعاع الشمس"مريود‪" .ٖٕٙ/‬النير يصرخ"مريود‪" .ٖٚٗ/‬النير يعوي"مريود‪" .ٖٚ٘/‬وجيو‬
‫يتكسر بضحك طفولي"منسي‪" .ٔٙ/‬األخطاء تشرئب بأعناقيا"منسي‪" .ٕٛ/‬يرفرف السالم‬
‫(ٕٖ)‬
‫بأجنحتو"منسي‪.ٚٚ/‬‬

‫"دفن قامتو"‪ .‬مجاز مرسل عالقتو الكمية‪ ،‬وىي جممة وردت في سياق يصف فيو الكاتب‬
‫مصطفى سعيد‪ ،‬وىو يجمس بعد أن دعاه محجوب إلى شراب بإلحاح‪ ،‬وبعد الكأس الرابعة؛ سكر‪،‬‬
‫ودفن قامتو في المقعد‪ .‬وىو تركيب سميم من ناحية المغة‪ ،‬لكنو مستحيل من ناحية المعنى؛ إذ كيف‬
‫يدفن ىو قامتو‪ ،‬وفي المقعد‪ .‬والصور مقبولة ثقافيا ودالليا‪ ،‬عن طريق المجاز؛ تجاوز المعني الحقيقي‬
‫لمتركيب‪ .‬فيو جمس عمى عجيزتو‪ ،‬وليس بكل جسمو‪ .‬ومفردة (دفن) توحي بدالالت كثيرة؛ أىميا‬
‫الغياب‪ ،‬والسكر غياب عن الوعي‪ .‬والصورة في سياقيا تعبر عن عادة متأصمة؛ ىي مجالس الخمر‪،‬‬
‫والدعوة ليا‪ ،‬وفييا تكريم لممدعو‪ .‬ويفيم أن شرب الخمر في جماعة غير مأمون الجانب؛ حال غياب‬
‫الشخص عن الوعي‪ ،‬فمربما تكمم بأشياء‪ ،‬ما كان سيتكمم بيا في صحوه‪ .‬مثل مصطفى سعيد الذي‬
‫أنشد شع ار إنجميزيا دفع الراوي إلى استجوابو‪.‬‬

‫"القمر مقمم األظافر"‪ ،‬وصف القمر بصفات كائن حي لو أظافر‪ .‬كان ذلك في سياق يتذكر‬
‫فيو الراوي ‪-‬وىو في رحمة من الخرطوم إلى األبيض بالقطار‪ -‬مصطفى سعيد وكيف أنو –الراوي‪-‬‬
‫خرج من غرفة مصطفى متأخرا‪ ،‬وقد دنا الصبح‪ ،‬وكان القمر في قامة الرجل وقد تخيل أنو مقمم‬
‫ثالث‬ ‫ِ‬
‫آخر َّ‬
‫الش ْي ِر‪ ،‬أو‬ ‫األظافر‪ .‬ووصفو بأنو ماحق‪ ،‬والماحق في القاموس المحيط‪ :‬وال ُ َّ‬
‫ُ‬ ‫محاق‪ُ ،‬مثَمثَةً‪ُ :‬‬

‫‪33‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ِ‬
‫الشمس فَ َم َحقَتْو"(ٖٖ)‪.‬‬ ‫آخ ِره‪ ،‬أو أن َي ْستَتَِّر القَ َم ُر فال ُي َرى ُغ ْد َوةً وال َع ِشَّيةً‪ُ ،‬س ِّم َي ألَنو طَمَ َع مع‬
‫يال من ِ‬
‫لَ ٍ‬
‫وفي ذلك داللة عمى قرب النياية؛ نياية فك تالطسم السر الذي كان يخفيو مصطفى سعيد‪ ،‬وفيو‬
‫داللة عمى الحيرة مكتسبة من األظافر المقممة‪ .‬وىي استعارة أسند فييا الخبر إلى غير مبتدئو‪ ،‬تعبر‬
‫عن واقع خيالي جديد؛ ىي قيمة االستعارة الفنية(ٖٗ)‪.‬‬

‫"يبس الضحك"؛ أسند الفعل إلى غير فاعمو‪ ،‬فالضحك ال ييبس‪ ،‬وانما ىذه صفة الشيء‬
‫السائل‪ ،‬الماء ونحوه‪ .‬وىي جممة وردت في سياق يصف فيو ود حميمة ود مفتاح الخزنية‪ ،‬وودرحمة‬
‫اهلل بعدما كانا في صف مختار‪ ،‬وىو يضرب الصبية بسوطو‪ ،‬أصبحوا في صفو ىو‪ ،‬وبين الموقفين‬
‫ساد صمت يعبر عن دىشة الناس من جراءة ودحميمة في التصدي لمختار‪ ،‬ومنازلتو‪ ،‬وىو الضعيف‬
‫البنية‪ .‬ومؤدى الداللة أنو بعد أن كانا يضحكان في استمتاع بالموقف‪ ،‬إذ األمر ينقمب في داللة عمى‬
‫التجمد‪ ،‬واليباس‪ ،‬يبس الضحك داللة عمى الصمت المطبق‪ ،‬وىو صمت لم يكن دفعة واحدة‪ ،‬وانما‬
‫رويدا رويدا‪ ،‬بدأ يتالشى الضحك‪ ،‬مثمما الماء ال يبس دفعة واحدة بفعل ح اررة الجو –وىنا ح اررة‬
‫الموقف‪ -‬كمما مرة يثبت فييا ودحميمة قدرتو‪ ،‬يغور الضحك في حمقي الشامتين‪ ،‬إلى أن ييبس تماما‪.‬‬
‫في تصوير يعتمد عمى صورة البيئة التي تمتين الزراعة‪ ،‬وتعرف كيف ييبس الماء‪ ،‬وما داللة ذلك‪.‬‬

‫"حامال يأسو" ىذا اليأس المحمول كأنو شيء ُي َح ُّس بثقمو‪ ،‬حممو محيميد‪ ،‬وىو يتأمل حياتو‪،‬‬
‫وما آلت أليو‪ ،‬وقد شاخ مثمما شاخت النخمة‪ ،‬وىو اليأس التام من الحياة‪ ،‬والقدرة عمى التواصل‬
‫والعطاء‪" :‬ىنا ىب واقفا بعزم وأعضاؤه بعضيا يأخذ بتالبيب بعض‪ ،‬األلم في قمبو أعظم كثي ار من‬
‫األلم في مفاصمو‪ ،‬وظيره‪ ،‬وساقيو‪ ...‬حامال يأسو صوب النير"ضو‪ .ٖٙٔ/‬النير رمز الحياة الخاد‪،‬‬
‫النير رمز المعاصرة والمجايمة الدائم‪ ،‬ومحل شكوى الميموم‪ ،‬والمغموب عمو يجد سموى‪.‬‬

‫"يرفرف السالم بجناحيو"منسي‪ .ٚٚ/‬السالم طائر يرفرف فوق رؤوس الناس‪ ،‬تركيب سميم‬
‫لغويا‪ ،‬مؤداه فكرة خيالية تعيد تشكيل الواقع‪ ،‬ورسمو حسب نظرة الكاتب‪ ،‬وحسب ثقافة المتمقي‪.‬‬
‫الرفيف داللة عمى الرقة‪ ،‬واليدوء‪ .‬والتركيب داللة عمى الحياة اآلمنة المطمئنة في فضاء الناس‪ ،‬حيث‬
‫السالم عصفور يرفرف في أمان‪ ،‬وقد طابت لو الحياة ‪،‬وأمن شر النسور‪ .‬وىي دعوة إلى السالم‪.‬‬
‫جممة استعارة مكنية‪ ،‬واالستعارة خمق عالم بديل من خالل المغة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫وعمى الرغم من القيمة األسموبية لمتشبيو والممجاز في كسر سمطة المغة‪ ،‬وتقديم دالالت‬
‫جديدة‪ ،‬فإن نظام المغة يظل محفوظا؛ حاض ار ومقيدا‪ ،‬فيو يفترض القرينة ضابطا في سياق الكالم‪،‬‬
‫تؤمن المعنى المحدد في المجاز‪ ،‬ويفرض وجو الشبو في طرفي التشبيو‪ ،‬عمى الرغم من مساحة التمرد‬
‫المتاحة في التركيب‪ ،‬فقد استغميا الطيب صالح أحسن استغالل في وصف شخصياتو‪ ،‬وفي التعبير‬
‫عن أفكاره‪ ،‬وتغميفيا عبر نصوص رواياتو‪.‬‬

‫آلية الكناية‪:‬‬

‫وىي لفظ أطمق وأريد بو الزم معناه‪ ،‬مع جواز إرادة المعنى الحقيقي(ٖ٘)‪ .‬من التعريف‬
‫نكتشف قدرة الكناية عمى الخروج عن سمطة المغة‪ ،‬بفتح المعنى عمى كل االحتماالت‪" :‬يسارع بذ ارعو‬
‫وقدحو في األفراح واألتراح"موسم‪" .ٖٛ‬بنت شفة"موسم‪" .ٕٙ/‬كنت أطوي ضموعي عمى ىذه القرية‬
‫"ضحكوا برىة عمى حافة‬ ‫الصغيرة"موسمٖ‪" .ٚ‬بضاعتك مثل عمقة األصبع"موسمٕٓٔ‬
‫القبر"موسمٖٓٔ‪" .‬العالم في طفولة ال تنيي"موسم‪" .ٔٓ٘/‬تجمس عمى سمتو ميابة"موسم‪.ٔٗٚ/‬‬
‫"مستودع األسرار"الزين‪" .ٔٙٚ/‬كان الخبر في فم كل واحد"الزين‪" .ٔٚ٘/‬عاش عمى حافة الحياة"‪.‬‬
‫الزين‪" .ٔٛٙ/‬ترعاه عيونيم"الزين‪" .ٕٕٗ/‬عيني مختار الضيقتين تتساعان بإجالل"ضو‪" .ٕٙٚ/‬ندت‬
‫جبيتو بالعرق"ضو‪" .ٕٜٚ/‬طويمة رموش العينين"مريود‪" .ٖٜٖ/‬في فميا مشتار عسل"مريود‪.ٖٜٖ/‬‬
‫(‪)ٖٙ‬‬
‫تغطس وتقمع"مريود‪" .ٗٓٙ‬قمب الدار رأسا عمى عقب"منسي‪" .ٜٔ/‬إنني أخو سفر"منسي‪.ٖٔٓ/‬‬

‫"كنت أطوي ضموعي عمى ىذه القرية الصغيرة"موسم‪ .ٖٚ/‬كناية عن صفة الشوق واالرتباط‬
‫باألرض‪ ،‬وليذا وضعيا حيث القمب‪ ،‬في مكان آمن محاط بالضموع‪ .‬ومؤدى الداللة أنو يخاف عمى‬
‫ىذه القرية بقدر حبو ليا‪ .‬ىي شيء منو‪.‬‬

‫والجممة في سياقيا توحي بأنو لم يقم فييا زمنا طويال‪ ،‬فكان يمم بيا في أوقات معينة‪ ،‬وليذا‬
‫فكأنو ىنا يدافع عن ارتباطو بيا‪ ،‬يرد تيمة االنتماء لغيرىا‪ .‬ويبث رسالة لممتمقي يوضح فييا فمسفتو؛‬
‫حسيا‪ ،‬وانما قد يكون معنويا‪ ،‬بل بالفعل معنوي‪ ،‬فيو عمى‬
‫ىي أن االرتباط بالمكان ليس بالضرورة ّ‬
‫الرغم من أنو لم يعش بينيم دائما عمى الحقيقة‪ ،‬ولكنو يعيش معيم دائما‪ ،‬بل ىم نبضو الذي يعيش‬
‫بو‪" .‬إنني من ىنا ‪ .‬أليست ىذه حقيقية كافية؟ لقد عشت معيم‪ ،‬لكنني عشت معيم عمى السطح‪ .‬ال‬

‫‪35‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫أحبيم وال أكرىيم‪ .‬كنت أطوي ضموعي عمى ىذه القرية الصغيرة‪ ،‬أراىا بعين خيالي أينما التفت‪.‬‬
‫أحيانا في اشير الصيف في لندن إثر ىطمة مطر‪ ،‬كنت أشم رائحتيا‪"...‬موسم‪ .ٖٚ/‬ىكذا يعبر السياق‬
‫عن ىذه المعاني‪ .‬ناقال الواقع إلى خيال محض‪ ،‬وفكرة تعيشيا في كل لحظات حياتك‪ .‬وىو يقدم‬
‫معنى جديدا لالنتماء‪ ،‬وربما لميوية بمعنى االنتماء إلى المكان‪ .‬فالمكان ىنا معنى‪ ،‬وليس وجود‬
‫حسي‪.‬‬

‫"ضحكوا برىة عمى حافة القبر"موسمٖٓٔ‪ .‬كناية عن صفة ىي دنو األجل‪( .‬الموت)‪،.‬‬
‫يعبر فييا الكاتب عن كيف يقير الناس في بمده الموت‪ ،‬ويتحدونو‪ .‬والنص في سياق يصف فيو‬
‫انفض سامرىم‪" :‬ونظرت إلييم ثالث شيوخ وامرأة شيخة’‪ ،‬ضحكوا برىة‬
‫ّ‬ ‫الراوي جده‪ ،‬وأصحابو عندما‬
‫عمى حافة القبر"موسم‪ .ٖٔٓ/‬مؤدى الداللة ىي فكرة الحياة نفسيا‪ ،‬ودعوة ألن تعيشيا ما دمت عمى‬
‫قيدىا‪ .‬فجد الراوي شجرة سيال تقير الموت‪.‬موسم‪ .ٜٗ/‬وودالريس يرشو الموت بالزواج‪.‬موسم‪.ٔٓٙ/‬‬
‫ودالالت أخرى يفيدىا التركيب؛ تدل عمى عمق العالقات بين الناس‪ ،‬في دعوة إلى الصداقة الحقيقية‬
‫ألجل اإلنسان‪ .‬ألنيا وحدىا التي تدوم‪ .‬وفي سياق آخر استخدم الكاتب‪" :‬عاش عمى حافة‬
‫الحياة"الزين‪ .ٔٛٙ/‬وىو يصف موسى األعرج بأنو منبوذ‪ ،‬ميمش‪ ،‬بسبب عاىتو‪ ،‬وىذا ما يرفضو‬
‫يقر فيو بحياتو‪ ،‬ولكنيا حياة عمى الحافة‪ ،‬حيث‬
‫الكاتب‪ ،‬ويمرر موقفو من خالل ىذا التعبير‪ ،‬الذي ّ‬
‫السقوط محتمل في أية لحظة‪ ،‬وال سند اجتماعي يقويو‪ ،‬ويمنحو القدرة عمى الحياة في العمق‪ ،‬وىو‬
‫حق لكل انسان‪ .‬في دعوة لمتكافل االجتماعي‪ ،‬واعتراف بحقوق ذوعي الحاجات الخاصة‪.‬‬
‫ّ‬

‫"عيني مختار الضيقتين تتسعان"ضو‪ .ٕٙٚ/‬كناية عن الدىشة‪" .‬ندت جبيتو‬


‫بالعرق"ضو‪ .ٕٜٚ/‬كناية عن الخوف والقمق‪ ،‬وكال الجممتين في سياق وصف مبارزة ودحميمة‪،‬‬
‫لمختار‪ ،‬حيث لم يتوقع أحد أن يقدم ودحميمة عمى نزال مختار القوي‪ ،‬ولكنو قمب كل التوقعات‪ ،‬ومن‬
‫فوسع حدقتييما ليرى بوضوح‪ .‬وضيق‬‫ىنا كانت دىشة مختار‪ ،‬والحاضرين‪ .‬فكأنو لم يصدق عينيو ّ‬
‫العينين يوحي بالصرامة‪ ،‬والجد‪ .‬ىي داللة ربما يوفرىا السياق‪ .‬وعمى الرغم من ىذه الصرامة‪ ،‬فإنو‬
‫انيار تحت سطوة ودحميمة‪ ،‬وعبر عن بداية االنييار بعرق الجبين‪ .‬و(ندت) تعبير دقيق؛ فالعرق‬
‫يخرج مثل الندى‪ ،‬ويرتسم عمى جبية مختار قبل أن يسيل‪ ،‬ويصبح عرقا يصب‪ .‬وىي داللة عمى‬
‫تباشير انتصار ودحميمة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫"تغطس وتقمع"مريود‪ .ٗٓٙ/‬كناية عن الغرق‪ ،‬وتدل عمى قوة التمسك بالحياة في سياقيا الذي‬
‫يحاول فيو الغريق النجاة بمقاومة الماء‪ ،‬وىي دعوة إلى التمسك باألمل والكفاح في سبيل تحقيقو‪.‬‬

‫"إنني أخو سفر"منسي‪ .ٖٔٓ/‬يتحدث الراوي عن نفسو‪ ،‬ووصفيا بأنو أخو سفر؛ كناية عن‬
‫نسبة ىي الترحال الدائم‪ .‬وىي كناية مألوفة‪ .‬ولكن الكاتب وضعيا في سياق تشعر فيو بالتعاطف‬
‫معو‪ ،‬عمى الرغم من خبرتو‪ ،‬فيو يحس بالوحدة ويحتاج لممتمقي أن يمنحو األمان‪ ،‬وربما ىي استغاثة‪،‬‬
‫فيو لم يأخذ لمبرد عدتو‪ ،‬وىو يشعر بالوحشو‪ ،‬وقد ذىب بعيدا ىذه المرة عن بيتو‪.‬‬

‫يستخدم الطب صالح الكناية‪ ،‬مستفيدا من قيمتيا البالغية‪ ،‬في موارة ما يريد قولو مباشرة‪،‬‬
‫ويعطي ما يمزم من المعنى‪ ،‬خاصة عندما يتحدث عن الجنس‪ ،‬ووصف األعضاء الجنسية‪" :‬مستوع‬
‫األسرار"موسم‪ .ٔٙٚ/‬وىو مكان العفة من المرأة (الفرج)‪ .‬كناية عن موصوف عف عن ذكره في ىذا‬
‫السياق ‪".‬وينزلق نظري عمى السطح األممس إلى أن يستقر ىناك في مستوع األسرار‪ ،‬حيث يولد‬
‫الخير والشر"‪ .‬وفييا مراعاة لمثقافة وتأدب مع المتمقي الذي يوجو إليو الكاتب رسالتو‪" .‬بضاعتك مثل‬
‫عمقة األصبع"موسم‪ .ٕٔٓ/‬يقصد الذكر‪ ،‬وىي عبارة عمى لسان بت مجذوب‪ ،‬فكأن البد أن تكني‬
‫عنو ‪ ،‬وىي تحادث رجال؛ ودالريس‪" :‬كان عنده شيء مثل الوتد حين يدخمو في أحشائي ال أجد أرضا‬
‫تسعني"موسم‪" .ٜٙ/‬وأغرس وتدي في قمة الجبل"موسم‪" .ٙٙ/‬أقبميا في منابع االحساس"موسم‪...ٜٙ‬‬
‫الخ‪.‬‬

‫ومع ذك فإن الكاتب يناقش المسائل الجنسية المسكوت‪ ،‬عنيا ألنو ال مفر من مناقشتيا‪،‬‬
‫وىو يقرر أنيا جزء من الحياة‪ ،‬ومادمنا نعيش الحياة فمنعيشيا كما ىي‪ ،‬بكل تفاصيميا‪ ،‬والحرج في‬
‫ذلك‪ ،‬ثم ما ما توفره المغة يمنحنا القدرة عمى تجاوز الداللة المباشرة‪ ،‬التي قد توقع التناقض في ثقافة‬
‫الناس في عالقتيم بالدين‪ ،‬أو بالتقاليد االجتماعية‪" .‬ما خرج الطيب صالح عن الطريقة العربية‬
‫وسننيا‪ ،‬وكان استخدامو لمرفث منسبكا مع روح الرواية‪ ،‬ونزعتيا اإلنسانية الرحبة‪ ،‬بل لعل جرأة‬
‫الطيب في تناوليا تميط الزيف الذي ران عمى الطريقة العربية‪ ،‬أو باألحرى التقميد األدبي والتعبيري‪.‬‬
‫يعيد القوم إلى سنة ألفتيا ثقافتيم‪ ،‬ومحمدة متجانسة مع سنن الحياة‪ .‬النفاق األوربي يعبر عن تخمف‬
‫في خوفو من التعامل المباشر عمى مستوى التعبير المغوي مع ظاىرة إنسانية ال حرج في مالمستيا‬
‫بالقول الواضح‪ ،‬وكذلك المزايدة المستحدثة التي ال يعصميا عمم وال حكمة"(‪.)ٖٚ‬‬

‫‪37‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫آلية التراسل‪:‬‬

‫ىو أن تصف مدركات حاسة من الحواس بصفات مدركات الحواس األخرى‪ .‬فتعطي‬
‫المسموعات ألواناً‪ ،‬وتصير المشمومات أنغاماً‪ ،‬وتصبح المرئيات عطرا(‪.)ٖٛ‬‬

‫فالتراسل –بيذا المفيوم‪ -‬يسيم في إثارة أكثر من إحساس في وقت واحد‪ ،‬مما يدفع المتمقي‬
‫إلى التفاعل مع النص‪ ،‬وتسميط أضواءه الكاشفة عميو أكثر من مرة‪ ،‬وبأكثر من تقنية قرائية‪ ،‬نظ اًر لما‬
‫يممكو النص من قدرات عمى التأثير واإلمتاع‪ ،‬ونظ اًر لغرابة التراسل وانعدام مألوفيتو في ذىن المتمقي‪،‬‬
‫وىو نوع من المجاز لو خصوصيتو في تبادل الحواس ىذه‪.‬‬

‫وقد استخدمو الطيب صالح في رواياتو بكثرة‪ ،‬جعمت محمد البدوي يصف رواية مريود بانيا‬
‫كميا قائمة عمى تراسل الحواس‪" :‬الرواية كميا نموذج لتراسل الحواس"(‪".)ٖٜ‬الضعف سال مع‬
‫الشراب"موسم‪" .ٖٗ/‬االصوات ليا وقع نظيف في اذني"موسم‪" ..٘٘/‬صوتيا مشرشر االطراف كورقة‬
‫الذرة"موسم‪" .ٔٓٛ/‬فجاءة سمعت صوت جدي يطفو فوق الماء"مريود‪" ٖٙٛ/‬غناء كأنو غاللة من‬
‫الحرير انتشرت بين الضفتين"مريودٕ‪" .ٖٚ‬شيق ضو المصابيح عمى حافة القبر"مريود٘ٓٗ‪" .‬بركة‬
‫ضو"مريود‪" .ٗٓٙ/‬لكنني اذكر ظالما رىيفا وضوءا ينسكب عمى وجيي من عينييا شربت منو حتى‬
‫بمغ مني الظمأ غايتو"مريود‪.ٗٓٙ/‬‬

‫وبذلك فإن التراسل يعطي الفرصة في استثمار حاستين أو أكثر من خالل ذكر حاسة‬
‫ومعنى ألنو يعني ضمناً نقل مفردات حاسة إلى أخرى‪ ،‬وبذلك‬ ‫واحدة‪ ،‬مما يثري المغة وينمييا لفظاً‬
‫ً‬
‫تتنوع أساليب التعبير عن الحاسة الواحدة‪ ،‬ويفتك الكاتب من محدودية التعبير‪ ،‬وأسر المغة‪ ،‬وسمطتيا‪.‬‬
‫ويمنح المتمقي مساحة لمتأويل‪.‬‬

‫آلية التقديم والتأخير‪:‬‬

‫يفتر لك عن بديعة‪ ،‬ويفضي بك‬


‫"ىو باب كثير الفوائد‪ ،‬واسع التصرف‪ ،‬بعيد الغية‪ ،‬وال يزال ُّ‬
‫إلى لطيفة‪ ،‬والتزال ترى شع ار يروقك مسمعو‪ ،‬ويمطف موقعو‪ ،‬ثم تنظر فتجد سبب أن راقك‪ ،‬ولطف‬
‫وحول من مكان إلى مكان"(ٓٗ)‪.‬‬
‫قدم فيو شيء‪ّ ،‬‬
‫عندك أن ّ‬

‫‪38‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫يستطيع الكاتب أن يستخدم آلية التقديم والتأخير األسموبية في التحايل عمى سمطة المغة‬
‫المقيدة‪ ،‬ليعبر عن أفكاره لما فييا من خيارات متعددة في ترتيب الكممات؛ حسب سياق الجممة‪،‬‬
‫ومؤدى الداللة‪" .‬إن الرتبة غير المحفوظة تجعل عناصر الجممة أكثر حرية في الحركة داخل التركيب‬
‫المغوي‪ ...‬إن الكممات المختمفة التركيب يكون ليا معنى مختمف‪ ،‬وان المعاني المختمفة يكون ليا‬
‫تأثيرات مختمفة"(ٔٗ)‪.‬‬

‫وقد استخدم الطيب صالح ىذه اآللية األسموبية في رواياتو‪"( :‬العفو‪ ،‬ىكذا قمت"موسم‪،ٖٜ/‬‬
‫"قرية مغمورة الذكر"موسم‪" ،ٜٓ/‬في قاعة المحكمة الكبرى‪ ،‬في لندن‪ ،‬جمست أسابيع استمع"موسم‪،ٜ٘/‬‬
‫"وأنا أشرب قيوة الصبح جاءني ودالريس"موسم‪" .ٕٔٔ/‬بدا من بعيد صبي ييرول الىث النفس‬
‫"الزين‪" ،ٖٔٚ/‬كل ما استطاع عممو أعمامو"الزين‪" ،ٕٓٚ/‬وفي ليمة من ليالي رمضان مات البدوي‬
‫عمى مصالتو "الزين‪" .ٕٓٙ/‬كان جميل الوجو‪ ،‬حسن الصورة‪ ،‬متناسق األعضاء"ضو‪" ،ٖٜٚ/‬عبد‬
‫الحفيظ كان أكثرىم تسامحا"ضو‪" ،ٖٙٓ/‬القوانين اهلل يطرى زمان القوانين"ضو‪ " ،ٕٚٛ/‬نيد مريم‬
‫يضغط عمى صدره"مريود‪" ٖٙٓ/‬خير الزاد أنا"مريود‪" .ٗٓٛ/‬في مثل ىذا الوقت من العام الماضي‬
‫توفى رجل"منسي‪" ،ٜ/‬قبل أن تتوقف صمتي بو‪ ...‬ازرني"منسي‪" ،ٕٔ/‬كان في منسي خصمتان‬
‫(ٕٗ)‬
‫حميدتان"منسي‪.ٕٔ/‬‬

‫القيمة الدالية لمتقديم والتأخير يحميا السياق‪ ،‬فحين يقدم المفعول بو (العفو) في سياق يمدح‬
‫فيو المخاطب‪ ،‬فإن الداللة ىي التواضع‪ ،‬عمى الرغم من أن المخاطب مزىوا بنفسو‪" :‬والحق يقال‪،‬‬
‫كنت تمك األيام مزىوا بنفسي‪ ،‬حسن الظن بيا"موسم‪ .ٖٜ/‬وتركيب الجممة يفرض ‪-‬حسب قانون‬
‫النحو‪ -‬أن يتقدم الفعل عمى الفاعل‪ ،‬ثم يميو المفعول بو‪( ،‬قمت العفو)‪ ،‬ولما قدم الكاتب كممة العفو‪،‬‬
‫فإنو أراد أن يشير إلى ما في داللة ىذه المفردة‪/‬العالمة من قيم السالم‪ ،‬والتسامح‪ ،‬واالطمئنان‪،‬‬
‫والتواضع‪ ،‬وىي عالمة ىوية لشعب السودان في الواقع‪ ،‬ثم يعقّب الكاتب بجممة "كنت مزىوا" ليؤكد‬
‫عمو قيمة التواضع‪ ،‬وىي رسالة ربما أراد أن يؤكدىا بتقديم المفعول بو (العفو) في سياق يمدح فيو‪،‬‬
‫ويولييا عناية خاصة؛ يميزىا بيذا التقديم‪ ،‬اكتسبتيا من ىذه اآللية األسموبية‪.‬‬

‫والكاتب يكثر من تقديم الصفة عى الموصوف‪ ،‬وىي –بالغيا‪ -‬تدل عمى االىتمام بالمقدم؛‬
‫الصفة‪ ،‬يتم إبرازىا ألىميتيا‪ ،‬وألنو يريد من خالل ذلك أن يمرر أفكاره‪ ،‬ورسالتو إلى المتمقي‪" .‬القرية‬

‫‪39‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫مغمورة الذكر" ىذه القرية ذكرىا مغمور‪ ،‬إمعانا من الكاتب في إبراز صفة أنيا (مغمورة)‪ ،‬ليدل عمى‬
‫تجاىميا‪ .‬جاء ذلك في سياق جولة مصطفى سعيد في العالم األول المشيور‪" :‬باريس‪ ،‬وكوبنياجن‪،‬‬
‫ودليي‪ ،‬وبانكوك"‪ ،‬والقيمة الداللية تعكس المفارقة‪ ،‬وىذا مؤدى الكالم‪ ،‬وكأن ذلك حمم‪ ،‬من‬
‫السماء‪/‬العمو‪ ،‬إلى األرض‪/‬األسفل‪ .‬في مقابل التحضر والتخمف‪ .‬والكاتب بيذه المفارقة يبطن سؤال‪:‬‬
‫ما لذي جاء بك إلى ىذه القرية التي ال تشبيك‪ ،‬والعالمة؛ كثرة الشكوك في مجيء مصطفى سعيد‬
‫إلى القرية‪ ،‬ومن ثم تدفع لإلجابة عن حمول بمشاركة المتمقي‪.‬‬

‫وىرولة الصبي تقتضي أن يميث نفسو؛ والصورة ىي االنتباه لحركة الصدر في صعوده‬
‫وىبوطة مع كل نفس‪ ،‬لذلك لم يقل نفسو الىث ىو يركز عمى الميث‪ ،‬فقدمو‪ ،‬وىو تقديم الصفة عمى‬
‫الموصوف‪ .‬والداللة ىي أن الطريفي ظل يركض زمنا‪ .‬وتقديم المفعول بو (عممو) عمى فاعمو‬
‫(أعمامو)‪ ،‬فيو تركيز عمى العمل‪ ،‬وىو تخميص نصيب أم سيف الدين‪ ،‬وأخواتو من قبضتو‪ .‬وىو‬
‫عالمة تؤشر إلى ضعف النساء‪ ،‬أو ىكذا رؤية المجتمع لين‪ ،‬وتشير إلى ضعف األعمام أمام سطوة‬
‫سيف الدين‪ ،‬فوضع يده عمى أموال أبيو‪ .‬يناقش الكاتب مسألة الميراث‪ ،‬وتربية األبناء‪ ،‬ومعايير‬
‫الصالح‪ ،‬والفساد‪ .‬وىي من المسكوت عنو في المجتمع‪ ،‬ألن الناس غالبا ما يقدمون العواطف في‬
‫مثل ىذه المواقف‪.‬‬

‫"كان جميل الوجو‪ ،‬حسن الصوت‪ ،‬متناسق األعضاء" ضو‪ ،ٖٜٚ/‬قدم الصفة عمى‬
‫الموصوف أيضا في سياق وصف بالل رواس مراكب القدرة صاحب الصوت الجميل‪ ":‬نزل من‬
‫السماء"ضو‪ .ٖٜٚ/‬وىنا الكاتب يركز عمى ثالث صفات إلبرازىا (الجمال الحسن التناسق) ثالث‬
‫صفات متتالية لوصف إنسان كأنو من كوكب آخر‪ ،‬فيو "لونو يتوىج‪ ،‬كثير السكينة‪ ،‬وقور السمت‪،‬‬
‫نبيل المالمح‪ ...‬قميل الكالم" ضو‪ ،ٖٛٓ-‬في تصوير الشخصية لممتمقي موسومة بصفات ليا دالالت‬
‫معجمية‪ ،‬وثقافية‪ ،‬وكأن الكاتب يكتشف أن "ألسموب التقديم سمة أسموبية بالغة األثر في معرفة‬
‫خواص تراكيب الكالم‪ ،‬وكشف خبايا النفس‪ ،‬والنفوذ إلى أعماقيا‪ ،‬وتصوير شخصيات المشيد في‬
‫تبين ما عمييا من فرح‪ ،‬أو ترح‪ ،‬أو اضطراب‪ ،‬أو توتر‪ ،‬أو إيمان‪ ،‬أو نفاق‪ ،‬أو نحو‬
‫صورة حضورية ّ‬
‫ذلك"(ٖٗ)‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫وبالل ىنا مؤذن يحمل دالالت دينية وصوفة في عالقاتو‪ ،‬وىو والد ودالرواسي‪ ،‬الذي أخذ‬
‫عنو الكثير في محبتو الصوفية‪ ،‬وىي قيم‪ /‬رسائل‪ ،‬يبثيا النص عبر ىذا التركيز عمى الصفات‪.‬‬

‫وفي منسي‪ " :‬في مثل ىذا الوقت من العام الماضي توفي رجل)منسي‪ .ٜ/‬والجممة في سياق‬
‫يعرف المتمقي أنو متأثر جدا ليذه الوفاة‪ ،‬فيو‬
‫الحديث عن منسي‪ ،‬وفي أثناء ىذا الحديث يريد أن ِّ‬
‫يحفظ تاريخ الوفاة عن ظير قمب‪ ،‬وىي عالمة عمى عالقة خاصة بالمتوفي‪" .‬كان في منسي‬
‫خصمتان حميدتان"منسي‪ .ٕٔ/‬قدم خبر كان عمى اسميا‪ ،‬وىو عالمة تخصيص لمنسي بخصمتين‬
‫حميدتين‪ ،‬وسياق الكالم يوحي بمعكوس بقية القيم السمحة التي يتوفر منسي فقط عمى اثنتين منيا‪،‬‬
‫وىو ما سكت عنو الكاتب‪ ،‬وفضحو سياق الجممة‪ .‬ألن سمطة المغة تفرض التركيب المنطقي؛ تقديم‬
‫المبتدأ عمى الخبر‪ ،‬والفعل عمى الفاعل‪ ،‬لكن الكاتب احتال عمى ذلك ليطرح دالالت ال تؤمنيا المغة‬
‫في قانوىا النحوي‪ ،‬وسمطتيا التي تسعى إلى تحديد المعنى‪ .‬عمى أال يتم تحريك أي جزء من أجزاء‬
‫التركيب المغوي –تقديما أو تأخي ار‪ -‬بطريقة عشوائية‪ ،‬وانما يجري ذلك وفق مقتضيات النظام المغوي‪،‬‬
‫وقواعده الموضوعة لو‪ ،‬لتنشأ عالقة تركيبية جديدة تسيم في إفراز الداللة المغوية المتعددة من التركيب‬
‫الجديد الذي فرضو الكاتب‪ ،‬ويسمح بالتأويل(ٗٗ)‪.‬‬

‫آلية الحذف والذكر والتكرار‪:‬‬

‫وىي آليات أسموبية بستخدميا الكاتب ليتحرر من سمطة المغة‪ ،‬وفق سياق يحدد مؤدى‬
‫داللتو ـقرينة‪ -‬ويفتح المجال لممتمقي في صناعة المعنى‪ ،‬استنادا إلى مرجعية ثقافية تضبط التأويل‪.‬‬
‫فحذف عنصر من عناصر التركيب المغوي يستدعي من المتمقي رصد موضعو‪ ،‬وتعقبو لكي يستقيم‬
‫السياق النحوي‪/‬القيد‪ ،‬والداللي‪ ،‬وبالتالي في تشويق واثارة‪ ،‬وفيو مساحة إلخفاء ما ال نرغب التصريح‬
‫بو‪ ،‬وبث رسائل مبطنة تفيم بقرائن األحوال والسياق‪ ،‬أو نعبر عن إعجابنا بالمذكرو تك ارره(٘ٗ)‪ ،‬أو‬
‫نكسر سمطة المغة بالتكرار لنؤكد فكرة ما‪ ،‬أو نخمق بو جوا موسيقيا تفيده داللة التكرار‪ ...‬ألخ‪.‬‬

‫"كان مخمصا وىو يقول ىذا‪ ...‬ولم ال‪ ،‬وجدي في واقع األمر أعجوبة"موسم‪.ٙٙ ،ٙٗ ،ٗٓ/‬‬
‫" وبعض التفاصيل لن تيمك كثي ار وبعضيا‪"...‬موسم‪" .ٗٛ/‬وانتظرنا ثم كان ما كان"موسم‪.ٜٔٓ/‬‬
‫"حتى قمت لو‪ :‬كيف تركتم ىذا يحدث؟ قال محجوب‪ :‬الذي كان‪ .‬الولدان بخير وىما‬

‫‪41‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫عندي"موسم‪ " .ٕٔٚ/‬قمت لمرجل ىل ألبس عمامة كيذه‪ ...‬فضحك الرجل‪ ...‬ثم قال الرجل حين‬
‫تكبر‪ ...‬قمت لمرجل‪ ...‬أردفني الرجل خمفو"موسم‪" .ٜٗ‬القبور أيضا أعرفيا زرتيا مع أبي‪ ،‬وزرتيا مع‬
‫أمي‪ ،‬وزرتيا مع جدي"موسم‪" .ٕٚ/‬في ىذا المكان نفسو في وقت مثل ىذا في ظالم مثل‬
‫ىذا"موسم‪" . "ٔٓٛ/‬وما تمبث اآلذان أن ترىف‪ ،‬وما تمبث العيون‪ ...‬وما تمبث يد فارس"الزين‪.ٖٔٛ/‬‬
‫"ونظر محجوب إلى عبدالحفيظ‪ ،‬ونظر سعيد‪ ....‬ونظروا كميم‪".‬الزين‪" .ٕٓٔ/‬لم يكن حمد ود الريس‬
‫موجودا‪ ،‬كان أحمد أبوالبنات‪"...‬ضو‪" .ٕ٘ٙ/‬عبدالحفيظ حكايتو حكاية"ضو‪" .ٖٚٚ‬ليو ال"مريود‪.ٖٜٚ/‬‬
‫"لما نادتو الحياة‪"...‬مريود‪" .ٗٓٛ/‬قمت ماىذا؟ ‪ ...‬ىدية‪.‬منسي‪" .ٕٔ/‬قال ضاحكا‪ :‬يعني"منسي‪.ٕٔ/‬‬
‫"منسي يضحك‪ ،‬ويضحك‪ ،‬ويضحك" منسي‪" .ٛٛ ،ٕٙ/‬يا صعيدي يا قبطي يا ابن‬
‫(‪)ٗٙ‬‬
‫ال‪".....‬منسي‪.ٜٔ/‬‬

‫"ولم ال" وردت ثالث مرات في سياقات مختمفة لتدل عمى محذوف يبين السياق لماذا حذف؛‬
‫في األولي كان مصطفى سعيد يمتدح جد الراوي‪ ،‬فعقّب الراوي‪ ،‬وحذف ألن الكالم معموم لممتمقي‪،‬‬
‫فقط أشار إليو‪ ،‬وفي ذلك إيجاز نقل عبره الميم في النص‪ ،‬ثم التساؤل ولم ال يكون جدي‪ ،‬كما قال‬
‫ىذا الرجل؟ في داللة عمى الفخر بالجد تبطن فخره بنفسو‪ ،‬خاصة وىو شديد االعتداد بجده‪ ،‬وىو‬
‫محل حظوة الجد ألن فيو شبو منو‪.‬‬

‫ثم الثانية في سياق الحديث عن ايزابيال سيمور؛حينما دعاىا إلى شراب خارج الزحام "ما‬
‫رأيك في شراب بعيدا عن ىذا الزحام "موسم‪.ٖٙ/‬ثم يكرر الحذف "ما رأيك في أن نتمشى‬
‫معا"موسم‪.ٙٙ‬فأجابت ولم ال‪.‬‬

‫وداللة ىذا الحذف والتكرار‪ ،‬ىو محاولة الكاتب أن يبرز من خالل ىذه اآللية األسموبية‬
‫صورة شخصية ايزابيال سيمور غبر المغة‪ ،‬دافعا المتمقي إلى إكمال طبيعة شخصيتيا‪ ،‬ولكي يرسخ‬
‫الصورة السمبية لمموصوف بأن ال حيمة لو –منقاد‪ -‬وال قدرة لو عمى الفعل والقرار‪ ،‬وعمى العكس من‬
‫النص األول حيث يفيم أن الكاتب يشارك المتكمم الرأي في محدح جده‪ ،‬ففيو افتخار باألصل‪ ،‬ألن‬
‫الجد مفردة عالمة عمى االنتماء‪/‬اليوية‪ ،‬وعمى األصل والجذور‪ ،‬ويمكن أن يكون الجد وطن‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وصورة ايزابيال سيمور من خالل ىذا المقطع المحذوف ‪-‬باإلضافة إلى ما سبق من صورة سمبية‪-‬‬
‫تد ل عمى التحرر وعدم الخوف وحب المغامرة‪( ..‬ولم ال أذىب معك‪ ،‬ال شيء يدعو لمخوف‪ ،‬ولكي‬

‫‪42‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫اكتشف عالما جديدا ربما ال يتوفر لي مرة أخرى)‪ ،‬يريد الكاتب أن يقول ىكذا يفكر أولئك الناس‪،‬‬
‫وليذا ىو يمسكون بالريادة في كل شيء اآلن‪ .‬وىذه قيمة النص التي تكسبيا ثقافة المتمقي معان‪،‬‬
‫حد التناقض‪.‬‬
‫وتأويالت لمضامين مفتوحة ّ‬

‫"كيف تركتم ىذا يحدث‪ ...‬الذي كان"‪ .‬نص يتحدث عن حوار بين الراوي ومحجوب‪ ،‬بعد أن‬
‫عاد الراوي عمى عجل إلى ود حامد‪ ،‬مستجيبا لبرقية محجوب‪ ،‬يعمنو فييا بموت ود الريس عمى يد‬
‫حسنة؛ زوج مصطفى‪ .‬كان رد محجوب مختص ار جدا‪ ،‬وفيو يخبئ كالما كثيرا‪" :‬الذي كان"؛ دالالت‬
‫يتصدرىا –حسب شخصية محجوب‪ -‬عدم الرغبة في الكالم ألنو يعتقد أن الراوي‪ ،‬ربما كان سببا في‬
‫كل ىذا بعد القضاء والقدر‪ .‬ثم إن محجوب يعتبر الذي كان فضيحة‪ ،‬وليس جريمة‪ ،‬ومن ىذا الباب‬
‫ينتقد الكاتب ىذه العقمية التي تتستر حتى عمى القتل‪ ،‬بحجة األصول‪ .‬ثم إلحاق الجممة بـ "الولدان‬
‫عندي" تؤشر إلى أن الموضوع انتيى‪ ،‬فمننصرف إلى األىم‪ ،‬وىو رعاية الولدين بوصفيا أمانة في‬
‫عنق الراوي‪ ،‬أما بقية ما حصل‪ ،‬فال ييم الراوي كثي ار ‪-‬بحسب محجوب‪.‬‬

‫وفي تكرار كممة (زرتيا) ثالث مرات‪ ،‬وىي جممة فعميا ماض وفاعميا الراوي ومفعوليا‬
‫القبور‪ ،‬فيي نحويا جممة مثالية وفق نظام المغة وسمطتيا‪ ،‬ولكن الكاتب رأى أنيا ال تعبر عما يريد في‬
‫جممة واحدة‪ ،‬ليذا كررىا ثالث مرات‪ ،‬ليقول أشياء كثيرة‪ ،‬وبالتركيب نفسو‪ ،‬خاضعا –ظاىريا‪ -‬لسمطة‬
‫المغة‪ ،‬ولكنو دالليا تمرد عمييا بإضفاء دالالت جديدة مكتسبة من ىذا التكرار‪ ،‬الذي أول ما يفيد تأكيد‬
‫فعل الزيارة‪ ،‬مما يدل عمى أنيا عادة‪ ،‬يشاركو فييا أبوه وأمو وجده‪ ،‬في اشارة لكل أفراد المجتمع وفي‬
‫مختمق االعمار‪ .‬وفي ترتيب يؤدي داللة‪ ،‬ىي أن الزيارة أوال مع األب‪ ،‬لتدل عمى التربية‪ ،‬فأبوه يأخذ‬
‫بيده‪ ،‬ويعممو أن زيارة القبور فييا تواصل مع االموات وفييا وانتماء لممكان وأىمو‪ ،‬بجانب –ربما‪-‬‬
‫القيمة الدينية‪ ،‬وترشح داللة جانبية تدل عمى امتعاض الولد من الشكل الجدي التعميمي‪ ،‬وربما يتيرب‬
‫من الزيارة مع أبيو ليذا‪ ،‬عمى عكس صحبة األم؛ عالمة العطف الكبرى‪ ،‬التي تدل عمى رغبة في‬
‫الصحبة‪ ،‬والتمذذ بالفعل‪ ،‬واالستمتاع بو‪ ،‬لتأتي الزيارة مع الجد لتدل عمى الشعور بالمسؤولية في‬
‫مراقبة الجد‪ ،‬والتعمم مع المتعة‪ ..‬الرسالة المبطة ىي الدعوة إلى التراحم‪ ،‬والتواصل مع األموت‬
‫واألحياء‪ ،‬وفييا قيمة دينية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ومن التكرار الواضح في موسم اليجرة إلى الشمال أن الكاتب يكرر جمال كاممة في سياقات‬
‫مختمفة‪" :‬لذت بالصمت‪ :‬موسم‪" .ٔٓٗ ،ٖٔٓ/‬إنك تتحدث المغة اإلنجميزية بطالقة مذىمة"موسم‪،ٖ٘/‬‬
‫‪" .٘ٙ‬كان عقمي كأنو مدية حادة"موسم‪.ٔٔٓ ،ٙٙ ،٘ٔ/‬‬

‫المعول عميو في فيم ىذه الجمل ىو السياق‪ ،‬فعمى الرغم من تكرار الجممة فإنو قد يختمف‬
‫و ّ‬
‫المعنى‪" :‬إنك تتحدث اإلنجميزية‪ ."...‬قاليا القسيس لمصطفى سعيد‪ ،‬وىو في القطار متوجيا إلى‬
‫القاىرة‪ ،‬وفييا داللة ‪-‬حسب السياق‪ -‬عمى اندىاش القسيس من لغة الصبي اإلنجميزية المتقنة‪،‬‬
‫وا لممفتة‪ ،‬والتي ال تتناسب وسنو‪ .‬أما تكرارىا لممرة الثانية‪ ،‬فقد كان فقد كان في ساق التذكر الذي كان‬
‫سببو مسز روبنسن‪ ،‬وقد اقترب مصطفى من لندن‪ ،‬فكأنو أراد ىنا ‪-‬بيذا التكرار‪ -‬أن يتأكد من قدرتو‬
‫عمى اقتحام ىذا العالم الجديد‪ ،‬حيث موطن المغة األصل‪" :‬المغة التي أسمعيا اآلن ليست كالمغة التي‬
‫تعممتيا في المدرسة‪ .‬ىذه أصوات حية‪ ،‬ليا جرس آخر"موسم‪ .٘ٙ‬وكأنو يطمئن نفسو حيث استشيد‬
‫بقول القسيس الذي حتما يعرف المغة اإلنجميزية كأىميا‪ ،‬وىو من منحو ىذه الشيادة؛ شيادة إجادة‬
‫المغة‪ .‬وىذه قيمة التكرار في السياق‪ .‬وثمة معنى ثان‪ ،‬ىو أن الكاتب مقتنع أن إجادة المغة االنجميزية‬
‫أىم سالح في التعامل مع العالم عموما‪ ..‬يكرر ذلك مع منسي الذي يركز الكاتب أنو يجيد‬
‫اإلنجميزية؛ "فدرس المغة االنجميزية في جامعة االسكندرية‪ ،‬فأتقنيا لفظا ومعنى‪ ،‬وبشكل الفت‬
‫لمنظر"منسي‪.ٖٔٓ ، ٔٙ ،ٔٔ/‬‬

‫وثمة نماذج كثيرة لمحذف‪ ،‬والذكر‪ ،‬والتكرار في أعمال الطيب صالح الروائية‪ ،‬وىي نماذج‬
‫تؤشر في سياقاتيا إلى دالالت‪ ،‬ومضامين متعددة اكتسبت قيمتيا الداللية‪ ،‬والتأويمية من سياق الكالم‪،‬‬
‫وثقافة المتمقي‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫الخاتمة‬

‫يستخدم الكاتب االليات االسموبية البالغية ليصور الواقع عمى طريقتو‪ ،‬ويعيد ترتيبو‪ ،‬وفقا‬
‫لرؤيتو‪ .‬كاس ار حاجز المغة‪ ،‬ويستطيع المتمقى أن يفيم الرسالة من خالل خمفيتو الثقافية‪ ،‬وسياق‬
‫التركيب‪ ،‬مؤوال الدالالت الممكنة‪ ،‬ونابشا المسكوت عنو من خالل العبارة‪/‬الصورة‪.‬‬

‫إن الطيب صالح استفاد من ثقافتو‪ ،‬وقدرتو المغوية في استخدام ىذه اآللية أسموبية في‬
‫نصوص رواياتو‪ ،‬ليعبر من خالليا عن أفكاره‪ ،‬متمردا عمى قوالب المغة الجامدة‪ ،‬ونظاميا المقيد‪،‬‬
‫وذلك بأن يحذف جزءا من الكالم في صمت يتحدث فيو المتمقي من خالل سياق الكالم‪ ،‬معتمدا عمى‬
‫مرجعية المتمقي الثقافية‪ ،‬وكذا يكرر المفردات‪ ،‬والجمل؛ ذاكرا‪ ،‬ليوضح أىمية المذكور‪ ،‬فاتحا المجال‬
‫لممتمقي ألن يتواصل مع النصوص؛ مؤوال‪ ،‬ليخرج بدالالت تخدم النص‪ ،‬وال تخرج عن دائرة المغة‬
‫العالمة التي تؤشر إلى اليوية باعتماد ثقافة مرجعية لمتفسير‪ ،‬والتأويل‪ ،‬وىو ما يسمح لمكاتب أن يبث‬
‫رسائمو بوضوح‪ ،‬أو مغمفة لكي يترك لممتمقي بصمتو عمى المغة‪ ،‬وعمى الثقافة‪ ،‬وعمى اليوية‪ .‬فإذا‬
‫حذف الكاتب كممة نابية في النص "يا ابن ال‪"...‬منسي‪ ،ٜٔ/‬فإن ذلك مراعاة لمذوق‪ ،‬ولمثقافة التي ال‬
‫تسمح بيذه المفظة النابية‪ ،‬والتي ىي مفتوحة عمى ألفاظ كثيرة‪ ،‬ومن ثم يؤسس الكاتب ألدب الحديث‪،‬‬
‫ويفرضو عمى الثقافة؛ بصمة في السموك‪ ،‬وشكال من أشكال التأشير إلى اليوية فيما بعد‪ .‬وىذا صميم‬
‫في النقد الثقافي الذي الذي ييتم بدور الثقافة والنظام الداللي في عممية المعرفة وطرائق التفكير‬
‫وتشكيل العواطف‪.‬‬

‫التوصيات‬

‫ٔ‪ .‬االىتمام بترجمة المنتوج الغربي في الدراسات النقدية مع توحيد المصطمح‪.‬‬


‫‪ .2‬فتح المجال لمدراسات السيميائية في الجامعات العربية وتدريب الطالب عمى النقد‬
‫المغوي عموما والنقد الثقافي عمى وجو الخصوص‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫الهوامش‬

‫ٔ‪-‬‬
‫حدود االنفتاح الداللي‪ ،‬قراءة النص االدبي‪ .‬عزيز محمد عدمان‪ .‬مجمة عالم الفكر‪ .‬ع‪ .٘:‬مج‪ ،ٖٚ:‬يناير‪،‬مارس‪،‬‬
‫‪ٕٜٓٓ‬م‪ .‬المجمس الوطني لمثقافة والفنون واالداب‪ .‬الكويت‪ .‬ص‪.ٜٚ ،ٜٙ‬‬
‫ٕ‪-‬‬
‫المتخيل السردي‪ .‬ص‪.ٛ‬‬
‫ٖ‪-‬‬
‫حدود االنفتاح الداللي‪ .‬عزيز عدمان‪ .‬ص‪.ٜٛ‬‬
‫ٗ‪-‬‬
‫روالن بارت‪ .‬درس السيميولوجيا‪ .‬صٕٔ‪.‬‬
‫٘‪-‬‬
‫نفسو‪.‬‬
‫‪-ٙ‬‬
‫جمبير غرونيوم‪ .‬ص٘‪.‬‬
‫‪-ٚ‬‬
‫نفسو‪ .‬صٖ‪.‬‬
‫‪-ٛ‬‬
‫نظام االرتباط والربط في تركيب الجممة العربية‪ .‬مصطفى حميدة‪ .‬الشركة المصرية العالمية لمنشر‪ٜٜٔٚ .،‬م‪.‬‬
‫صٕ٘‪.‬‬
‫‪-ٜ‬‬
‫معجم المصطمح ات العربية في المغة واالدب‪ .‬مجدي وىبة‪ ،‬وكامل الميندس‪ .‬مكتبة لبنان‪ .‬ط‪ٜٔٛٗ .ٕ:‬م‪ .‬ص‪.ٛٙ‬‬
‫ٓٔ‪-‬‬
‫المناىج الفمسفية الغربية المعاصرة‪ ،‬النقد‪ ،‬التأويل‪ ،‬الحفريات‪ ،‬التفكيك‪.‬مجمة عالم المعرفة‪ .‬ع‪ .ٖٗ:‬ص‪.ٔٚ‬‬
‫ٔٔ‪-‬‬
‫التأويل بين السيميائيات والتفكيكية‪ .‬امبرتوايكو‪ .‬ترجمة وتقديم‪ :‬سعيد بنكراد‪ .‬المركز الثقافي العربي‪ .‬ط‪./ٕٓٓٗ .ٕ:‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬بيروت‪ .‬ص‪.ٛٚ‬‬
‫ٕٔ‪-‬‬
‫المغة والتأويل"مقاربات في اليرمينوطيقا الغربية والتأويل العربي االسالمي"‪ .‬عمارة ناصر‪ .‬ط‪ ./ٕٓٓٚ .ٔ:‬منشورات‬
‫االختالف‪ .‬دار الفارابي‪ ،‬الجزائر‪ .‬ص‪.ٖٛ‬‬
‫ٖٔ‪-‬‬
‫الجممة العربية‪ .‬السامرائي‪ .‬صٖ‪.ٙ‬‬
‫ٗٔ‪-‬‬
‫التركيب والداللة والسياق‪ ،‬دراسات تطبيقية‪ .‬محمد احمد خضر‪ .‬المكتبة االنجمومصرية‪.‬القاىرة‪ٕٓٓ٘،‬م‪ .‬المفدمة‪.‬‬
‫٘ٔ‪-‬‬
‫مفاىيم ىيكمية في نظرية التمقي‪ .‬محمد اقبال عروي‪ .‬مجمة عالم الفكر‪ .‬مصدر سابق‪ .‬صٖ٘‪.‬‬
‫‪-ٔٙ‬‬
‫نفسو‪ .‬نقال عن‪ :‬بديع الفوائد ابن قيم الجوزية‪ .‬دار الكتاب العربي‪ .‬ج‪ .ٗ:‬ص‪.ٜ – ٚ‬‬
‫‪-ٔٚ‬‬
‫عبدالعزيزحمودة‪ .‬المرايا المحدبة‪ .‬المجمس الوطني لمثقافة‪ ،‬الكويت‪ٜٜٔٛ ،‬م‪ .‬صٕ‪.ٕٜ‬‬
‫‪ . http://ar.wikipedia.org/wiki -ٔٛ‬وانظر‪ :‬أحمد محمد البدوي‪ .‬الطيب صالح سيرة كاتب ونص ‪ .‬صٕٓ‪.‬‬
‫‪ -ٜٔ‬الطيب صالح‪http://ar.wikipedia.org/wiki‬‬
‫ٕٓ‪ -‬أحمد درويش‪ .‬الرؤية الفكرية والجمالية ـ (النيل مكانا روائيا في كتابات الطيب صالح)‪.‬جائزة الطيب صالح ٕٔٔٓم‪.‬‬
‫صٖ ‪.‬‬
‫ٕٔ‪" -‬يروق لبعض الميتمين بأدب الطيب صالح ـ وربما شاركيم الطيب نفسو ـ أن يجعل (منسي‪ :‬انسان نادر عمى‬
‫طريقتو) واحدة من رواياتو"‪ .‬انظر‪ :‬الطيب صالح األعمال الكاممة ـ الروايات والقصص ـ مركزعبدالكريم ميرغني الثقافي‪،‬‬
‫السودان‪ ،‬الخرطوم‪ .‬ط‪ٕٓٔٓ .ٔ :‬م‪ .‬ص‪.ٚ‬‬
‫ٕٕ‪ -‬الطيب صالح‪http://ar.wikipedia.org/wiki‬‬

‫‪46‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ٖٕ‪-‬‬
‫النص‪ ،‬السمطة‪ ،‬الحقيقة‪ .‬نصر حامد بوزيد‪ .‬ص ‪.ٜٔٓ‬‬
‫ٕٗ‪-‬‬
‫االعمال الكاممة‪ .‬انظر الصفحات‪،ٕٓٗ ،ٔٙٚ ،ٔٙٗ ،ٔٙٔ ،ٔ٘ٙ ،ٔ٘ٔ ،ٜٔٔ ،ٚٓ ،ٖٙ ،٘ٔ ،ٖٛ ،ٖٗ :‬‬
‫‪ .،ٖٛٓ ،ٖٕ٘ ،ٖٓٓ ،ٕٜ٘ ،ٕٜٕ ،ٕٛٛ ،ٕٚٙ ،ٕ٘٘ ،ٕٗٙ‬ومنسي‪ .‬الصفحات‪.ٛٔ ،٘ٗ :‬‬
‫ٕ٘‪ -‬االنترنيت‪ .‬نزار محمد شديد‪.http://www.emileٗu.com/ٔٔٔٙٓٛ.‬‬

‫‪ -ٕٙ‬االنترنيت‪ .‬نزار محمد شديد‪.http://www.emileٗu.com/ٔٔٔٙٓٛ.‬‬

‫‪-ٕٚ‬‬
‫الطيب صالح‪ ،‬سيرة كاتب ونص‪ .‬البدوي‪ .‬صٕٖٔ‪.‬‬
‫‪-ٕٛ‬‬
‫األعمال الكاممة‪ .‬انظر الصفحات‪،ٔٚٙ ،ٜٔٔ ،ٔٓٙ ،ٔٓٓ ،ٜٛ ،ٜٙ ،ٜٗ ،ٜٔ ،ٚٛ ،ٚٔ ،ٙٙ ،٘٘ ،٘ٗ :‬‬
‫ٓ‪،ٖٜٚ ،ٖٕٚ ،ٖٙٓ ،ٖٜ٘ ،ٖ٘ٚ ،ٖٕٕ ،ٖٓٓ ،ٕٜ٘ ،ٕٛٔ ،ٕ٘٘ ،ٕٕٗ ،ٕٕٛ ،ٕٕٔ ،ٕٔٔ ،ٔٛٛ ،ٔٛ٘ ،ٔٛ‬‬
‫ٓ‪ .ٖٜ٘ ،ٖٛ‬ومنسي‪ .‬الصفحات‪.ٔٛٚ ،ٜٔ ،ٛٔ ،ٕٚ ،ٖٙ ،٘٘ ،٘ٗ ،ٖٙ ،ٖٕ ،ٖٔ ،ٕ٘ ،ٕٗ ،ٔٙ :‬‬
‫‪-ٕٜ‬‬
‫العالمة‪ .‬امبرتوايكو‪ .‬مصدر سايق‪ .‬ص‪.ٜٙ‬‬
‫ٖٓ‪-‬‬
‫الصورة األدبية‪ ،‬الماىية والوظيفة"‪ .‬عبدالممك مرتاض‪ ،‬اإلصدار الدورى لمنقد "عالمات" جـٕٕ‪ .‬م‪ ،ٙ‬ديسمبر‬
‫‪ٜٜٔٙ‬م‪ ،‬ص ‪.ٕٕٔ - ٔٚٛ‬‬
‫انترنيت‪http://www.alukah.net/literature_language/ٓ/ٕٜٔٔ٘/#ixzzٕXٚtٜMoxp :‬‬
‫ٖٔ‪-‬‬
‫عمم البيان‪ .‬عبدالعزيز عتيق‪.‬‬
‫ٕٖ‪-‬‬
‫االعمال الكاممة‪ .‬انظر الصفحات‪،ٔٙٚ ،ٔٙٙ ،ٜٔ٘ ،ٜٔٓ ،ٔٓٙ ،ٜٔ ،ٚٚ ،ٙٔ ،ٗٓ ،ٖٜ ،ٖٙ ،ٖٗ ،ٖٖ :‬‬
‫ٗ‪،ٖٚٗ ،ٖٖٙ ،ٕٙٔ ،ٕٗٗ ،ٕٜٛ،ٖٓ٘،ٖٕٗ ،ٕٛٙ ،ٕٛٓ ،ٕٕٖ،ٕٕٙ ،ٕٔٓ ،ٕٓٗ ،ٕٓٔ ،ٜٖٔ ،ٔٛٔ ،ٔٚ‬‬
‫٘‪ .ٗٓٙ ،ٗٓ٘ ،ٖٚ‬ومنسي الصفحات‪.ٖٔٓ ،ٚٚ ،ٚٔ ،ٙٙ ،ٕٜ ،ٕٛ ،ٜٔ ،ٔٙ :‬‬
‫ٖٖ‪ -‬القاموس المحيط‪ .‬مادة محق‪.‬‬
‫ٖٗ‪-‬‬
‫لسانيات الخطاب وانساق الثقافة‪ .‬صٖ‪.ٔٚ‬‬
‫ٖ٘‪-‬‬
‫عمم البيان‪ .‬عبدالعزيز عتيق‪.‬‬
‫‪-ٖٙ‬‬
‫االعمال الكاممة انظر الصفحات‪ .ٔٚٛ ،ٔٚٗ ،ٕٔ٘ ،ٕٜٔ ،ٕٔٛ ،ٜٜ ،ٚٚ ،ٜٙ ،ٙٚ ،ٛ٘ :‬ومنسي‪.ٕٔٛ :‬‬
‫‪-ٖٚ‬‬
‫الطيب صالح‪ ،‬سيرة كاتب ونص‪ .‬البدوي‪ .‬صٖٔٔ‪.‬‬
‫‪-ٖٛ‬‬
‫في الرؤيا الشعرية المعاصرة ‪ ،‬أحمد نصيف الجنابي ‪ ،‬و ازرة اإلعالم الجميورية العراقية ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص ٕٕ‪.‬‬
‫‪-ٖٜ‬‬
‫الطيب صالح‪ ،‬سيرة كاتب ونص‪ .‬البدوي‪ .‬صٕٖٖ‪..‬‬
‫ٓٗ‪-‬‬
‫دالئل االعجاز‪ .‬عبدالقاىر الجرجاني‪ .‬صٖ‪.ٛ‬‬
‫ٔٗ‪-‬‬
‫الجممة االنشائية بين الركيب النحوي والمفيوم الداللي‪ .‬غياث محمد بابو‪ .‬رسالة دكتوراه‪ .‬جامعة تشرين‪ ،‬كمية االدار‬
‫والعموم االنسانية‪ .‬العراق‪ ٕٓٓٛ .‬ـ ‪ٕٜٓٓ‬م‪ .‬صٓ٘ٔ‪ .‬موقع تخاطب‪.‬‬
‫ٕٗ‪-‬‬
‫االعمال الكاممة‪ .‬انظر الصفحات‪،ٕٖٔ ،ٕٓٙ ،ٜٔٙ ،ٕٔٛ ،ٔٚٙ ٔ ،ٕٔٚ ،ٔٓٙ ،ٙٚ ،ٙٔ ،٘ٚ ،ٕ٘ :‬‬
‫ٕٕٕ‪.ٗٓٛ ،ٗٓٙ ،ٗٓ٘ ،ٖٛٛ ،ٖٛٔ ،ٖٜٚ ،ٖٕٚ ،ٖٓٙ ،ٖٓ٘ ،ٖٓٗ ،ٕٖٚ ،ٕٙٔ ،ٕ٘ٚ ،ٕ٘ٙ ،ٕٕٙ ،‬‬
‫ومنسي‪ .‬الصفحمت‪.٘٘ ،ٕٔ ،ٔ٘ ،ٕٔ ،ٔٔ ،ٔٓ ،ٜ :‬‬

‫‪47‬‬
‫العـــــــــــــــدد الثـــــامن عشـــــر‬ ‫مجمــــــــة كميــــــــة التربيــــــة‬

‫ٖٗ‪-‬‬
‫انترنيت‪ .‬موقع تخاطب‪.‬‬
‫ٗٗ‪-‬‬
‫الجممة االنشائية‪ .‬مصدر سابق‪ .‬صٓ٘ٔ‬
‫٘ٗ‪-‬‬
‫دالئل االعجاز‪ .‬الجرجاني‪ .‬ص‪ .ٕ٘ٛ‬وعبدالعزيز عتيق‪ .‬عمم المعاني‪.‬‬
‫‪-ٗٙ‬‬
‫االعمال الكاممة انظر الصفحات‪،ٔٛٛ ،ٔ٘ٛ ،ٕٔ٘ ،ٔٗٔ ،ٖٔٗ ،ٕٔ٘ ،ٔٔٓ ،ٔٓٛ ،ٜٜ ،ٛٚ ،ٕٙ ،٘ٙ :‬‬
‫‪ .،ٗٓٚ ،ٕٖٓ ،ٗٓٔ ،ٗٓٓ ،ٖٜٚ ،ٖٖٗ ،ٖٖٛ ،ٖٖٚ ،ٕٜٕ ،ٕٔٛ ،ٕٔٔ ،ٕٓٗ ،ٕٖٓ ،ٕٓٔ ،ٜٔٛ‬ومنسي‬
‫الصفحات ‪.ٔٓٔ ،ٗٓ ،ٖٛ ،ٖ٘ ،ٕٙ ،ٔٛ ،ٔٚ :‬‬

‫‪48‬‬

Vous aimerez peut-être aussi