Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
عنوان المقال :النظام القانوني لمسطرة اإلنقاذ وفق القانون الجديد 73.17القاضي بنسخ وتعويض
الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة،فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة.
مقدمة:
تلعب المقاولة دورا أساسيا في إرساء البناء االقتصادي وترسيخ الدعائم الحقيقية لالستقرار االجتماعي ،إال ان
شبح اإلفالس قد يتهددها في كل وقت وحين نتيجة األمراض التي قد تطال الشركات والمقاوالت العمالقة في
الدول المتقدمة والمتخلفة على السواء ،وال شك ان النظام الليبرالي وإن كان يفسح المجال واسعا لالستثمار وخلق
فرص الشغل ،فإنه بالمقابل يسمح بخلق جو من المنافسة الشرسة التي تتطلب من المقاوالت تحسين أدائها وتقوية
][1
إمكانياتها الذاتية لمجابهة التحديات المطروحة.
وفي هذا اإلطار يشبه أحد الفقه ][2المقاولة بالشخص الطبيعي الذي يعيش سليما ثم
يتعرض ألمراض تحتاج لتدخل سريع من أجل إنقاذه،
فخالل حياتها يمكن أن تتعرض لبعض الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاطها ،وقد تكون هذه
الصعوبات داخلية تتعلق بحكامة التسيير أو الخالفات بين الشركاء ،أو خارجية مرتبطة بالممولين (األبناك،
الزبناء… ).أو مشاكل مرتبطة بالتسويق ،ومن هنا يمكن القول أن تعرض المقاولة لصعوبة معينة يمثل خطرا
ال على مالكها فقط بل على المحيط االقتصادي واالجتماعي المرتبطة به.
ولهذا نجد التشريعات الدولية تسارع إلى وضع ترسانة قانونية صلبة من أجل تفادي االختالالت والصعوبات
التي تعترض المقاولة التي تعتبر صمام األمان لضمان استقرار مناصب الشغل والحفاظ عليها واالستمرار في
إنتاج الثروة وخلق المزيد من فرص الشغل.فمن خالل اطالعنا على الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق
بصعوبات المقاولة لسنة [3] 1996والذي تم اقتباسه من التشريع الفرنسي اعتبره الكثير أنه خطوة إيجابية من
زاوية تحديث الترسانة القانونية المغربية ولعلها تستجيب للمعايير الدولية ،لكن بعد مرور 22سنة من التطبيق
(من سنة 1996إلى سنة ) 2018تبين أن النتائج المحصل عليها لم تكن في المستوى المطلوب ،حيث كانت
المقاوالت المغربية تنتهي 90 %منها بالتصفية القضائية ،األمر الذي حذى بالمشرع إلى اتخاذ خطوات أكثر
عملية تستجيب للمحيط االقتصادي واالجتماعي المغربي الذي يتميز بخصوصيات وعقليات معينة ،ومن بين
أهم خطوة قانونية قام بها هي نسخهوتعويضه للكتاب الخامس من مدونة التجارة بالقانون 73.17الصادر بـ 19
][4
أبريل .2018
فمن خالل اطالعنا على هذا القانون نجد أن المشرع المغربي قطع أشواطا مهمة
وعمل بآراء الفقهاء والمهنيين واالجتهاد القضائي وتم التنصيص ألول مرة على
إحداث مسطرة لإلنقاذ و تخليه عن مسطرة المعالجة ألن هدفه األساسي هو بقاء
المقاولة حية بجميع الوسائل الممكنة وإنقاذها قبل أن تتوقف عن الدفع،
فهي مسطرة إرادية يلجأ إليها رئيس المقاولة إلنقاذ مقاولته قبل وصولها إلى حالة التوقف عن سداد خصومها،
وقد أورد المشرع لهذه المسطرة القسم الثالث كامال من الكتاب الخامس من مدونة التجارة ،وعليه فإن دراستنا
لهذه األخير تتطلب أوال معرفة شروط افتتاح المسطرة (الفقرة األولى )ثم اإلجراءات التي يجب اتباعها من
أجل فتحها وإعداد مخطط الحل (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :شروط فتح مسطرة اإلنقاذ (Les conditions d’ouverture de la procédure du
)sauvegarde
بالرجوع إلى المادة 560من مدونة التجارة نجدها تنص على أن مسطرة االنقاذ تهدف إلى تمكين المقاولة من
تجاوز االختالالت التي تحد من استمراريتها في النشاط والمالحظ أن التجربة العملية السابقة أبانت على أن
المقاولة ال تستطيع االستمرار وبالتالي تسريح مجموعة العمال الشيء الذي أدى بالمشرع إلى اعتماد هذه
المسطرة المأخوذة من التشريع الفرنسي فقد نصت المادة 620-1من مدونة التجارة الفرنسية ][5على أنه“ :تفتح
مسطرة اإلنقاذ بناء على طلب المدين المشار إليه في المادة 620-2بدون أن يكون في وضعية توقف عن الدفع
ويبرر الصعوبات التي يمكنه التغلب عليها.
هذه المسطرة تهدف إلى تسهيل إعادة تنظيم المقاولة من أجل ضمان استمرارية النشاط االقتصادي والحفاظ
على مناصب الشغل وتصفية الخصوم…” ،فليس بالغريب علينا أن المشرع المغربي يحذو حذو التشريع
الفرنسي وبالتالي تم نسخ هذه المادة 620-10حرفيا ،والتي تقابلها المادة 561من مدونة التجارة التي تنص
على أنه“ :يمكن أن تفح مسطرة اإلنقاذ بطلب من كل مقاولة ،دون أن تكون في حالة التوقف عن الدفع…”
والتي من شأنها أن تؤدي في أجل قريب إلى توقفها عن سداد الخصوم والحيلولة دون استمرارية نشاط المقاولة،
ولفتح مسطرة اإلنقاذ يجب وضع الطلب لدى كتابة الضبط بالمحكمة التجارية من طرف رئيسها أو ممثله
القانوني وإرفاقه بمجموعة من الوثائق منصوص عليها في المادة 577من م.ت وهي كالتالي:
1.القوائم التركيبية آلخر سنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات إن وجد.
2.جرد وتحليل قيمة جميع أموال المقاولة المنقولة والعقارية.
3.قائمة بالمدينين مع اإلشارة إلى عناوينهم ومبلغ مستحقات المقاولة والضمانات الممنوحة لها بتاريخ
التوقف عن الدفع.
4.قائمة بالدائنين مع اإلشارة إلى عناوينهم ومبلغ ديونهم والضمانات الممنوحة لهم بتاريخ التوقف عن الدفع.
5.جدول التحمالت.
6.قائمة األجراء وممثليهم إن وجدوا.
7.نسخة من النموذج 7من السجل التجاري.
8.وضعية الموازنة الخاصة بالمقاولة خالل األشهر الثالثة األخيرة.
مقال قد يهمك :نص اتفاقية بشأن تنفيذ أحكام قضائية بين المحكمة اإلدارية بالرباط و وزارة التربية الوطنية
و في األخير يجب أن تكون الوثائق المقدمة مؤرخة ومؤشرا عليها من طرف رئيس المقاولة وفي حالة تعذر
تقديم إحدى هذه الوثائق أو باإلدالء بها بشكل غير كامل يجب على التاجر أن يبين األسباب التي حالت دون
ذلك.
باإلضافة إلى هذه الوثائق فإن التاجر يجب أن يبين في الطلب األسباب التي أدت بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع
وعند تقديم الطلب والوثائق يجب أداء الرسوم القضائية من أجل تغطية مصاريف اإلشهار وتسيير المسطرة
يودع فورا بصندوق المحكمة.
ونظرا للدور الذي يلعبه رئيس المقاولة العارف بخباياها وما تحتاج إليه من اجل إنقاذها قبل فوات األجل فإن
المشرع فرض عليه إرفاق طلبه بمشروع مخطط اإلنقاذ وإال اعتبر طلبه غير مقبوال من األساس حسب مدلول
المادة 562مع توضيحه في هذا المشروع طريقة الحفاظ على نشاط المقاولة في االستغالل وكذا طريقة تحويلها
وكيفيات تصفية الخصوم مع منح ضمانات معينة لتنفيذ المخطط.
فبعد تقديم الطلب مرفق بالوثائق المومأ إليها سابقا وكذا مشروع مخطط اإلنقاذ فإن المحكمة تمر مباشرة إلى
االستماع لرئيس المقاولة بغرفة المشورة خالل أجل خمسة عشر يوما تبتدئ من تاريخ تقديمه الطلب إليها ،وإذا
رأت المحكمة أن المعلومات المقدمة من طرف رئيس المقاولة غير كافية لمعرفة الوضعية االقتصادية والمالية
واالجتماعية للمقاولة فإنها تستعين بخبير عند االقتضاء قصد االضطالع الدقيق لوضعية المقاولة ،كما يجب
التأكيد على أن رئيس المقاولة ال يمكنه التشبث بالسر المهني أمام المحكمة طالمايريد إنقاذمقاولته من الصعوبات.
أما فيما يخص الحكم القاضي بفتح المسطرة فإن المشرع المغربي تدخل بنص صريح في المادة 584والتي
تنص على أنه يسري أثر الحكم ابتداء من تاريخ صدوره ويشار إليه في السجل التجاري المحلي والسجل
التجاري المركزي فور النطق به ،وتجدر اإلشارة أن السجل التجاري يشمل مجموع المعلومات المتعلقة
باألشخاص الطبيعيين واألشخاص المعنويين الذين يقومون بنشاطات ذات طبيعة تجارية أو التي لديها بنية
تجارية ويمسك السجل التجاري المركزي بالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية » «[6]OMPICبينما
السجل التجاري المحلي يتم مسكه من طرفالمصلحة اإلدارية التي توجد في كل محكمة تجارية أو محكمة ابتدائية
حيث ال توجد محكمة تجارية يشرف عليها قاضي ينتدب لهذه المهمة في بداية كل سنة قضائية ،يراقب مسكه
واتباع الشكليات القانونية المتعلقة بالتقييدات التي تسجل فيه وفق ما جاء في المادة 28من م ت التي تنص على
أنه:
“يمسك السجل المحلي من طرف كتابة ضبط المحكمة.
يراقب مسك السجل التجاري ومراعات الشكليات الواجب اتباعها في شأن التقييدات التي تباشر فيه ،رئيس
المحكمة أو القاضي المعين من طرفه كل سنة لهذا الغرض”.
بعد اإلشارة إليه في الحكم القاضي بفتح المسطرة في السجل التجاري فإن كاتب الضبط يشرع فينشر اإلشعار
بالحكم الذي يتضمن اسم المقاولة كما هي مقيدة في السجل التجاري مثال ذلك “شركة حمورابي لألشغال
ش.ذ.م.م رقم تسجيلها ”20950في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية والقضائية واإلدارية وفي
الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ صدوره ثم إعالم الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك
المعين ،ويعلق هذا اإلشعار على اللوحة المعدة لهذا الغرض بالمحكمة المصدرة للحكم فور النطق به كما يبلغ
الحكم إلى رئيس المقاولة والسنديك داخل أجل ثمانية أيام ،والهدف من قصر هذه المدة هو خلق التوازن بين
الدائنين والمدينين ثم التسريع بإجراءات إنقاذ المقاولة قبل توقفها عن الدفع بشكل يتعسر معها اتخاذ الوسائل
الضرورية لإلنقاذ ،فما هي إذن إجراءات فتح مسطرة اإلنقاذ.
مقال قد يهمك :شروط حماية االسم التجاري وفقا لقرارات محكمة النقض
فبخصوص تحويل مسطرة اإلنقاذ إلى تسوية قضائية فإنه يمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من إعداد الحل
الذي يعده السنديك إلى أربعة أشهر من تاريخ فتح المسطرة طبقا للمادة 595من م ت ،وكذا المادة 563التي
تنص على أن السنديك يقترح على المحكمة إما المصادقة على مشروع مخطط اإلنقاذ المعد سلفا من قبل رئيس
المقاولة الذي يختص هذا األخير بعمليات التسيير ولكن تحت رقابة السنديك الذي بدوره يرفع تقريره واقتراحاته
للقاضي المنتدب ،أو اقتراح يقضي بتعديل المخطط كإضافة آليات جديدة لإلنقاذ يتضمنها المشروع الذي قدمه
رئيس المقاولة ،وتجدر اإلشارة إلى أن الدائنين الذين نشأت ديونهم بصفة قانونية بعد صدور الحكم بفتح مسطرة
اإلنقاذ تؤدي ديونهم خالل فترة إعداد الحل وفي تواريخ استحقاقها ألن هؤالء لعبوا دورا كبيرا في إنقاذ المقاولة،
أما إذا تعذر على المقاولة الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين فإن الديون تؤدي باألسبقية على كل الديون األخرى
مهما كان نوعها باستثناء األفضلية المنصوص عليها في مسطرة المصالحة طبقا للمادة 558من م ت وعند
تزاحم الدائنين فإن المشرع تدخل بنص صريح وذلك في الفقرة األخيرة من المادة 565على أنه “تؤدى الديون
المشار إليها في الفقرة األخيرة من هذه المادة عند تزاحمها ،وفقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل”.
والمالحظ أن هذه الفقرة غامضة ،فكثيرة هي النصوص التشريعية التي عددت تزاحم الدائنين هل يقصد المشرع
بها قانون االلتزامات والعقود ][7أم مدونة التحصيل العمومية ][8التي أحالت في المادة 107على قانون
االلتزامات والعقود أم مدونة الحقوق العينية] ،[9فالمادة 142من هذه المدونة نصت على أن“ :االمتياز حق
عيني تبعي يخول للدائن حق األولوية على باقي الدائنين ولو كانوا مرتهنين” نعتقد جليا أنه كان عليه اإلحالة
على قانون االلتزامات والعقود باعتبار الشريعة العامة للقوانين المدنية ،والذي جاء في الفصل 1242على
أن”:األسباب القانونية لألولوية هي االمتيازات والرهون وحق للحبس”.
و رما هذا ما كان قصد المشرع من عبارة القوانين الجاري بها العمل ،فعند تزاحم دائن له رهن حيازي مع دائن
عادي فإن األولوية تكون لصاحب الرهن بصريح الفصل 1184من قانون االلتزامات والعقود الذي ينص على
أن“ :الرهن الحيازي للمنقول يخول للدائن الحق في أن يحبس الشيء المرهون إلى تمام الوفاء بالدين ،وأن يبيعه
عند عدم الوفاء به وأن يستوفي دينه من ثمن المرهون عند بيعه” وهكذا فإن المادة 565ال تمثل امتيازا حقيقيا
للدائنين طالما يتم االستناد إلى نصوص االلتزامات والعقود ،وبالتالي ستظهر محدودية هذه المادة أثناء التطبيق
العملي والقضائي.
وفي ختام هذه الدراسة يمكن الجزم أن مسطرة اإلنقاذ تعتبر صمام األمام لضمان
استمرارية المقاولة في النشاط ،حيث بينت التجربة الفرنسية نجاحها على المستوى
العملي ،ألن التدخل السريع إلنقاذ المقاولة قبل تعرضها للمرض االقتصادي والمالي
خير لها من العالج،
و كما الحظنا أن المشرع المغربي تخلى تماما عن نظام المعالجة واستبدله باإلنقاذ وخير ما يفعل ،فالعالج ال
ينفع إذا تمكن من جسم المقاولة ،المضطربة ،ألنه كما يقول المثل “الوقاية خير من العالج” وأعتقد أن التجربة
العملية المستقبلية ستظهر نجاعة هذه المسطرة وفعاليتها ،ضمانا الستقرار المقاولة أوال ثم األجراء ثانيا والذين
استثناهم المشرع من السلطة التقديرية للسنديك على غرار المشرع الفرنسي ،وهي نقطة جديرة بالدراسة
والتحليل ألن التجربة أبانت أنه ال يعقل في عز األزمات المالية و االجتماعية التي تمر بها المنظومة االقتصادية
المغربية أن تبقى عقود الشغل خاضعة للسنديك.