Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
َّ ال
ما إ
الدرا�سات والبحوث
ما ا إلب�ستمولوجيَّة؟
�أ�سعد طرابيه
إالب�ستمولوجيا والفل�سفة
الدارية والجامعية فرعاً من فروع الفل�سفة.
ب�ستمولوجية على �صعيد المنظمات إ
َّ ال
ماتزال إ
ولكنها على الرغم من ذلك �أخذت منذ قرن ت�ؤكد بالتدريج �أنها مبحث مت�سق تنزع لالنف�صال
ع� � ��ن الفل�سفة و�أنها علم حقيقي� .إنها تفكير في العلم كما � أ َّن علم الجمال تفكير في الجمال.
�إن عال� � ��م �أر�سطو يختلف عن عالمنا ألن �أر�سطو اختار لغ� � ��ة ال�صفات الح�سية ولم يطرق باب
الريا�ضي� � ��ات ك�أ�ست� � ��اذه �أفالطون .فال بد من تحلي� � ��ل لغة العلم حتى يت�س ّنى لن� � ��ا �إدراك البنية
العميق� � ��ة ،لذلك لم يب َق مو�ضوع الريا�ضيات درا�سة العدد والطول فح�سب ،وال الفيزياء درا�سة
الظواهر الح�سية ،وال علم النف�س درا�سة ظواهر ال�شعور� .إن ما يواجه العلماء اليوم هو توظيف
العلم ل�صالح المنفع� � ��ة البيولوجية واالجتماعية .يقول با�شالر :كل علم موعظة ،علم ينفي كل
تو�صل العلماء إلجماع كامل .ويلخ�صالخ�صوم� � ��ات حوله والتي تكون من طبيعة فل�سفية ،وقد َّ
الق�ضي� � ��ة (ر .مارتان) في كتابه «المنطق المعا�صر و�إ�سباغ ال�صبغة ال�صورية» :بما �أن الفل�سفة
ق� � ��د �أقلعت منذ زمن بعيد عن �أن تُملي على العلوم مبادئها وطرائقها ف�إ َّن ثروتها الوحيدة هي
�أن تتخذ الفكر العلمي الناجز مو�ضوعها.
إ�ب�ستمولوجيا االختزال
يت�صل م�صطلح االختزالية بم�صطلح الرد� ،أي رد �شيء �إلى �شيء �آخر ،ريا�ضياً كرد الك�سور
�إل� � ��ى مخرج واح� � ��د .وعند الفيل�سوف هو�سرل ه� � ��و �إرجاع ال�شيء �إلى حقيقت� � ��ه وتخلي�صه من
الزوائ� � ��د التي لحقت به .وهو ق�سمان الرد �إل� � ��ى الماهيات والرد �إلى الظواهر �أي الفكر الذي
يعد معطيات التجرب� � ��ة الداخلية والخارجية هي ظواهر ،وي�ستمر في ر ّد الظواهر حتى ن�صل
ّ
لظاهرة ال رد لها وهي ا ألنا المتعالية.
يميز �إرن�ست ماير �أحد �أن�صار االختزالية بين ثالثة �أنواع من االختزالية:
ّ
-1االختزالية التكوينية :وهي طريقة لدرا�سة المكونات ا أل�سا�سية أ
لل�شياء.
-2االختزالية النظرية :وهي تف�سير نظري في �إطار نظرية �شاملة.
-3االختزالية التف�سيرية :التي تع ُّد مجرد معرفة المركبات النهائية لمنظومة ما ،يكفي لتف�سيرها.
يميز �ستيفن واينبرغ بين االختزالية كو�صفة عامة للتقدم في العلم �أي المقوالت المركزية
ّ
تعد مفتاح علم من العل� � ��وم .واالختزالية كمقولة في نظام الطبيعة وهذا ما والجوهري� � ��ة التي ّ
نجده عند الماديين والو�ضعيي� � ��ن والمارك�سيين ،الذين يع ُّدون الفكر انعكا�ساً لقوانين الطبيعة
المو�ضوعية بعيداً عن العواط� � ��ف والم�شاعر .ومن َّ
ثم يمكن التفريق بين �إب�ستمولوجيا داخلية
تنب� � ��ع من عمل العالم في �أثناء عمله العلم� � ��ي ،و�إب�ستمولوجيا خارجية تكون ذات فائدة نظرية
وهي �أقرب �إلى الفل�سفة.
إ�ب�ستمولوجيا الع�شواء
كت� � ��ب �أين�شتاين �إلى ماك�� � ��س بورن ر�سالة قال فيها�« :أنت ت�ؤمن ب�إله يلعب النرد و�أنا �أ�ؤمن بقانون
زت النظام والنظام بدوره ي�ؤدي �إلى ونظ� � ��ام كاملين» �إال �أن الفيزياء الميكروية قالت �إن الفو�ضى غَ ِ
�أ�ش� � ��كال جديدة من الفو�ضى .منذ بدايات الجن�س الب�شري ُع َّدت الطبيعة مخلوقاً متقلباً ال انتظام
في� � ��ه ،و ُع َّد غياب النظام ناتجاً عن نزوات �آلهة تنزع �إلى الفو�ضى .وبالتدريج نما اتجاه يدرك
ا أل�سب� � ��اب وراء الظواه� � ��ر ووراء الكثرة المبعث� � ��رة .وما �إ ْن �أطل القرن التا�س� � ��ع ع�شر ب�إطاللته
ال�صارم� � ��ة حتى تو�صل العلماء �إلى �صياغة قوانين الطبيع� � ��ة ،و�سمي قرن الحتمية .واليوم مع
ظهور ميكانيك الكم �أ�صبحت حوادث الطبيعة تخ�ضع لل�صدفة ال قانون محدد لها ،مثل تفكيك
الذرة الم�شعة ودوامات التدفق ف� � ��ي ال�سوائل ،وتقلبات الحقل المغناطي�سي ا ألر�ضي ،واهتزاز
اللكترونية وحركة كرات البلياردو وا�صطدام ذرات الغاز� .إذ �أ�صبحت الفيزياء تنو�س
الدارات إ
بين ع�شوائية ال�صدفة وتحديدات القانون.
عل� � ��ى م�ست� � ��وى الكبائر وال�صغائر النظم غي� � ��ر خا�ضعة لقوانين دقيق� � ��ة �صارمة فالقوانين
الب�سيط� � ��ة قد تقود �إلى �سلوك ع�شوائي .لقد دخل القانون التفا�ضلي للداللة على عدم القدرة
على ال�ضبط الكامل للظواه������ر .والمعادالت التفا�ضلية تعتمد على وجود ثوابت �إ�ضافية
ال نهائية.
إ�ب�ستمولوجيا الزمان
كثير من الفيزيائيين والفال�سفة على حد �سواء، �شكَّل الزمان �إ�شكالية ومعرفية وعلمية لدى ٍ
فقد كتب �إ�سحق نيوتن في كتابه «الفل�سفة الطبيعية للمبادئ الريا�ضية» عن الزمان ب�أنه زمان
مطلق حقيقي ريا�ضي ين�ساب من تلقاء نف�سه وم�ستقل ب�شكل تام عن � أ ٍّي من ا ألحداث ،كما �أنه
متناه بالفعل ألن لحظاته متجان�سة تجان�س � � �اً تاماً ،والزمان المطلق م�ستقل عن القوانين غي� � ��ر ٍ
الت� � ��ي ت�سير بموجبه� � ��ا الحركات ،لذلك يمكن الحديث عن التزامن عل� � ��ى الم�ستوى الكوني �أي
ا ألح� � ��داث مت�أنية في لحظة محددة .و�أن الزمان المطلق يتدفق ب�سرعة مت�ساوقة خالل الكون
ول� � ��دى كل الرا�صدي� � ��ن في الدفق نف�سه .ه� � ��ذا الفهم الزماني �شكَّل عقب� � ��ة �إب�ستمولوجية حتى
مجيء النظرية الن�سبية في �أواخر القرن التا�سع ع�شر .التي وجهت �ضربة قوية لمفهوم الزمن
المطل� � ��ق .لقد بينت النظرية الن�سبية ألين�شتاين ب�أن مفه� � ��وم الحوادث المتزامنة التي تقع في
اللحظ� � ��ة نف�سها غير �صحيح �إذ ال وجود للحظة �شاملة ت�سود الكون كله ،وذلك ب�سبب اختالف
المراجع العطالية .كما �أن الزمان ين�ساب على ا أل�شياء �سريعة الحركة ب�سرعة �أبط� أ مما لو كان
عل� � ��ى ا أل�شياء الثابتة .وكلما اقترب ج�سم متحرك من �سرعة ال�ضوء كان تمدد الزمن وا�ضحاً،
فلكل را�صد له زمانه الخا�ص وهو �أ�سير هذا الزمن.
ترب� � ��ط النظرية الن�سبية الزمان بالمكان فيما ي�سمى الزمكان وهذا الزمكان لي�س م�سطحاً
�أو م�ستقيم � � �اً .فالمادة تخل� � ��ق ن�سيج الزمكان ثم يعود الزمكان ب� � ��دوره ليتحكم ب�سلوك المادة.
وعلى هذا ف�إ َّن عمر الكون من على نجم نيوتروني يبلغ ملياري �سنة ،في حين عمر الكون في
مرج� � ��ع �آخر �أربعة ع�شر مليار �سنة� ،أي �أن الزمان تم� � ��دد ألن الجاذبية عالية جداً على النجم
النيوترون� � ��ي .ولما كانت الجاذبية ت�شوه الزم� � ��ان والمكان ف�إن الخط الم�ستقيم مجرد افترا�ض
من افترا�ض� � ��ات الفيزياء التقليدية� .إن الزمكان لي�س واح� � ��داً ،فعند دخول �أفق الحدث لثقب
يتم الولوج �إلى كون �آخر ب�شرط �أن نتحرك ب�سرعة �أعلى ثم ُّ �أ�سود ف�إ َّن زمكاناً � آ َ
خر يت�شكل ،ومن َّ
من ال�ضوء� .أكد �أين�شتاين �أن �سرعة ال�ضوء ثابتة في كل مكان ولكل �شخ�ص وم�ستقلة عن المنبع
الذي انطلقت منه و�إال �أتت �إلينا المعلومات ب�سرعات مختلفة واختلط الحابل بالنابل وتداخل
الدراك� .أخيراً �إن مفاهيم الزمان والمكان لي�ست الما�ضي م� � ��ع الحا�ضر مع الم�ستقبل وت�شوه إ
�صلبة ثابتة بل مفاهيم مائعة مطاطة ن�سبية .كما �أن تعاقب ا ألحداث محكوم بقانون ال�سبيبة،
لذلك ال ن�ستطيع ر�ؤية النتيجة قبل �سببها .ولكن حينما ن�سير ب�سرعة تفوق �سرعة ال�ضوء نرى
معلوم� � ��ات الم�ستقبل قبل حدوثها بالحا�ضر ور�ؤية النتيج� � ��ة قبل ال�سبب� .إن �أفكارنا قد ت�سبق
ال�صيرورة وما عليها �إال � أ ْن تنتقل من حقل الالزمان �إلى حقل الزمان بحد�س عبقري خلاّ ق.
الخيال والعلم
الن�س� � ��ان المعطى الح�سي المبا�ش� � ��ر �إلى التخيل حينما يري� � ��د �أن يقونن عمله �أو
يتج� � ��اوز إ
الن�سان الريا�ضيات عندما يعجز عن الو�صول �إلى نتيجة عبر �أدواته المعرفية الح�سية .اخترع إ
ك� � ��ي يف�سر ظواهر ال ي�ستطيع فهمها ب�أدواته الح�سية .فاخت� � ��رع ريا�ضيات التكامل كي يح�سب
الم�ساح� � ��ات الممتدة �إلى الالنهاية ،واخترع ريا�ضي� � ��ات ت�ستخدم العدد ال�سالب و�أ�سماها حقل
ا ألع� � ��داد العقدي� � ��ة كي يف�سر عدداً من الظواهر مثل تغيرات التي� � ��ار وفرق الكمون في كل من
للن�سان �أن يفهم ا أل�شياء بعقله وهوية المك ّثف� � ��ة والملف .هنا يطرح ال�س�ؤال ا آلتي :كيف يمكن إ
عقله الفكر ولي�س ا أل�شياء؟ فالمطابقة هي مطابقة الهوية للهوية �أي ا أل�شياء أ
لل�شياء ،والفكر
للفك� � ��ر� .أم� � ��ا �أن يتعامل الفكر م� � ��ع ا أل�شياء فهذا لي�س مطابقة بل مقارب� � ��ة و�أداتها الخيال� .إن
للفاق المحدودة للت�صورات ،فالمعقولية الخي� � ��ال يقوم على بناء المفاج�أة والتخطي الم�ستمر آ
عن� � ��د با�شالر ت�أتي من الم�ستقبل �إلى الما�ضي .هك� � ��ذا يتيح الخيال للفيل�سوف �أن ي�ضم الواقع
الدراك ويتكون المعنى بالتكامل بين الواقع والعقل. �إلى الممكن ،فيتو�سع إ
ستمولوجية
َّ مفهوم العقبة والقطيعة إالب�
�إن �إب�ستمولوجيا العلم تطرح م�شكالت تت�أتى من العلم نف�سه .بما ي�شكل عقبة �إب�ستمولوجية
في وجه تطور العلم .ويكون هنا مهمة �إب�ستمولوجيا العلم النقدية البحث فيما �إذا كانت نتائج
التفكير العلمي عقبة في وجه العلم نف�سه �أو تف�سح المجال �أمام تطوره� .ساد قروناً عديدة �أن
ا ألر�� � ��ض مركز الكون وهذا الت�صور مبني َوف َق اعتب� � ��ارات نف�سية واجتماعية معاً ،تتجلى فكرة
المركزي� � ��ة على الم�ست� � ��وى النف�سي في عدم القدرة على قبول معرفة جديدة تتنافى مع طبيعة
المع� � ��ارف الت� � ��ي اعتدنا عليها .وعل� � ��ى الم�ستوى االجتماعي نبذ كل م� � ��ن ي�سمح له عقله بنقد
المعارفة ال�سائدة ،لذلك لم تكن نهاية كوبرنيكو�س �سعيدة فقد توفي والبابا �ساخطٌ عليه ،وقد
حكم� � ��ت محاكم التفتي�ش على غاليليو بالعزل مدة ثمان� � ��ي �سنوات .وكذلك نموذج نيوتن الذي
�سيطر على العلم قرابة ثالثمئة �سنة �شكّل عقبة �إب�ستمولوجية �أمام نموذج �أين�شتاين.
ومث� � ��ال وا�ض� � ��ح على العقبة النف�سي� � ��ة ي�أتي من فكرة ال�سفر عبر الزم� � ��ن ،هذه الفكرة غير
مقبول� � ��ة على الم�ست� � ��وى العام� ،إال �أن الح�سابات العلمية التي قام به� � ��ا �أين�شتاين ت�ؤكد �إمكانية
االرتح� � ��ال بالزم� � ��ن �إلى الما�ضي �أو ال�سفر عب� � ��ر الزمن �إلى الم�ستقبل �إذا م� � ��ا �سرنا �أ�سرع من
بت�صور العودة �إلى الما�ضي �أو ال�سفر �إلى
ّ للن�سان ال ي�سمح له ال�ض� � ��وء .لكن التركي� � ��ب النف�سي إ
الم�ستقب� � ��ل� .إن العادات النف�سية تقف عائقاً �أمام �أي تح� � ��ول �أو تغيير �أو فكرة جديدة .فزمنه
المعي�ش هو الزمن الحقيقي الوحيد .فهو يرف�ض فكرة ال�سفر عبر الزمن ويفتر�ض �أنها فكرة
خيالية مع �أن تجارب علمية ت�ؤكد �أن الوقوع في حقل الدوامات الكهرومغناطي�سية ي�ؤخر الزمن
�أو يقدمه ،وكذلك ا ألمر مع فكرة ا ألكوان المتوازية ،كما �أن الفيزياء الكونية �أثبتت وجود ن�سخ
الن�سان وا أل�شياء في �أمكنة و�أزمنة مختلفة وهو م� � ��ا ترف�ضه الذات النف�سية واالعتيادية ع� � ��ن إ
وه� � ��و ما ي�شكل عقبة �أمام تطور الفيزي� � ��اء الكوانتية .فالمعرفة �إذن من حيث هي ذاتية نف�سية
تحولت �إلى عقبة �إب�ستمولوجية ال تف�سح المجال �أمام ر�ؤية تطور العقل. َّ
ب�ستمولوجية تكمن في �أن العلم ل� � ��ه مو�ضوعه وفائدته
َّ �أم� � ��ا الجانب ا آلخر من العقب� � ��ة إ
ال
الن�سان ،و�أن المعرفة النظرية مرتبطة بتطبيقاتها العملية ونتائ� � ��ج مادية وتقنية ي�ستفيد منها إ
لذلك من ال�صعب التخلّي عن تلك المعرفة مادامت �أنتجت نموذجاً تقنياً نافعاً .بكالم �آخر كل
�إنتاج علمي معرفي ي�شكل عقبة �إب�ستمولوجية �أمام تطور المعرفة.
�أنواع العقبات
يرى با�شالر �أن تاريخ العلوم ال ي�سير وفقاً إليقاع الزمن ا ألفقي ،فالعلوم عندما تُنتج تخلق
ب�ستمولوجية ،وكي يتجاوزها الفكر العلمي
َّ عقبات �أمام تطورها ،هذه العقبات هي العقبات إ
ال
ي�أتي الخيال كي يحدث قطيعة �إب�ستمولوجية معها ،فيتجاوزها ويتقدم العلم.
الب�ستمولوج َّية: -العقبة إ
ب�ستمولوجية في �صميم المعرفة العلمي� � ��ة ،ألن المعرفة تقيم بناءاتها �إذ
َّ ال
تكم� � ��ن العقب� � ��ة إ
ع�صر ما تف�سيرها تظل عقبة.ٌ معرفة � أ َ
�ساء ٍ تحجب ما لم يُفكَّر فيه ،فكل معرفة �آ�سرة .وكل
ستمولوجية
َّ القطيعة إالب�
الفقي وت�سيرالب�ستمولوج َّية هي المعرف� � ��ة ال�شائعة التي ت�سير في الزمن أ
�إن �أول� � ��ى العقبات إ
الب�ستمولوحية التي تح�صل ال تح�صل ب�شكل كامل� ،أي ال يوجد معارفنا �سيراً �أفقياً .و�إ َّن القطيعة إ
قط� � ��ع كام� � ��ل� .إن القطيعة تح�صل في الزمن العمودي� ،أي �أن الزم� � ��ان الذي كانت تن�ساب فيه
المعرف� � ��ة ال�سابقة لم يعد موجوداً ،لقد تمت القطيعة معه ليتحول بدوره �إلى زمن �أفقي ي�شكل
ب�ستمولوجياً �أمام �أهمية
ّ عقب� � ��ة في وجه تطور المعرفة .فالتجربة والنظرية �أ�صبحتا عائق � � �اً �إ
ب�ستمولوجية:
َّ الحد�س في المعرفة العلمية .وهناك �أنواع للقطيعة إ
ال
القط ��ع الت ��ام :انقطاع المعرفة الالحقة عن المعرفة ال�سابقة انقطاعاً كلياً .كالقطع التام
بين كوبرنيكو�س الذي قال بمركزية ال�شم�س ،وبطليمو�س الذي قال بمركزية ا ألر�ض.
القطع باالحتواء :كالقطيعة بين فيزياء نيوتن وفيزياء �أين�شتاين �إذ �أ�صبحت قوانين نيوتن
حالة خا�صة من قوانين �أين�شتاين.
القطع بالتعاي�ش والت�ضايف :كالقطع بين نظرية ماك�سويل حول الطبيعة التموجية لل�ضوء
والت� � ��ي تف�سر ظواه� � ��ر االنعراج في ال�ضوء ،والطبيع� � ��ة الج�سمية لل�ضوء الت� � ��ي قال بها نيوتن
بع ِّد
وظهرت في نظرية ماك�س بالنك وتم القطع بالجمع الت�ضايفي والتعاي�شي بين النظريتين َ
ال�ضوء ج�سيمات تموجية.
الن�س� � ��ان وحده ،هو الذي يقيم العالقات بين الظواهر عن الحتمي� � ��ة ال�شاملة ال معنى لها� .إ َّن إ
طري� � ��ق القيا�س والك�شف والتحليل وبناء نظرية ريا�ضية وتقني� � ��ة لل�سببية .ينقد با�شالر مفهوم
الن�س� � ��ان ال�صانع ألنه متك ِّيف مع الحياة العامة ،وال يتالءم مع المفهوم الثوري للتفكير العلمي إ
الذي يقيم القطيعة مع التفكير العامي.
�أخي� � ��راً على الفال�سفة �أن يختاروا مواقفهم ،ف�إذا كان العلم عم� �ل � ً
ا وممار�سة و�إنجازاً ،فلم يعد
من الممكن �أن تكون الفل�سفة فراغاً و�ضياعاً وتنظيراً في �سماء الالمعنى المتخارج عن تعين العلم
المعا�صر.
المراجع
الب�ستمولوجي� � ��ا وبع�� � ��ض م�سائلها ،عماد فوزي �شعيب� � ��ي ،من�شورات جامعة دم�شق ،كلي� � ��ة ا آلداب والعلوم
( -)1إ
الن�سانية2010 ،م. إ
( -)2ا ألوت� � ��ار الفائق� � ��ة ،نظرية لكل �شيء ،ب� � ��ول ديفي�س وجوليان براون ،ترجمة د� .أده� � ��م ال�سمان ،دار طال�س،
المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجية ،دم�شق ،ط1993 ،1م.
(-)3محمد وقيدي ،فل�سفة المعرفة عند غا�ستون با�شالر ،دار الطليعة ،بيروت ،ط1980 ،1م.
( -)4غا�ست� � ��ون با�ش� �ل��ار ،تكوين العقل العلمي ،ترجم� � ��ة :د .خليل �أحمد خليل ،الم�ؤ�س�س� � ��ة الجامعية للدرا�سات
والن�شر والتوزيع ،بيروت ،ط1982 ،2م.
( -)5غا�ستون با�شالر ،الفكر العلمي الجديد ،ترجمة :د .عادل العوا ،وزارة الثقافة ،دم�شق1969 ،م.
¥µ