Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
حرص الدارسون لعلم التفسير على بيان مراحله التي مرا بها وعلى استكمال
حلقاته وأطواره منذ نشأة هذا العلم على يدي النبي األكرم صلى هللا عليه وسل ا
م
و قد كان نظرهم خّلل القرون الثّلث األولى متجها إلى مدارس التفسير في
الشرق اإلسّلمي فتتبعوا مؤلفاتهم و مناهجهم و اعتنوا بذكر سير و تراجم أعّلم
التفسير الذين برزوا في تلك المدارس و الحواضر .
وبقيت الفترة الفاصلة بين تفسير ابن جريج وتفسير الطبري غير مكتملة المّلمح
و النسيج و فقدت منها حلقة إفريقية و ما حملت من موروث علمي و فكري و لعل
بعد الشقة و عدم بلوغ ذروة االتصال بين المشرق و المغرب االسّلمي من
أسباب ذلك .
وسنسعى في هذا البحث إلى التعريف بصاحب هذا التفسير وإلى بيان أهم
مميازات كتابه و هللا الموفق.
ا
سّلم -1ترجمة يحيى بن
يحيى بن سّلم بن أبي ثعلبة ،التيمي بالوالء ،من تيم ربيعة ،البصري ثم
اإلفريقي القيرواني
دة شيوخه أكثر من ثّلث مائة رجل و جلهم مفسر ،فقيه ،عالم بالحديث واللغة ،ع ا
من تّلمذة الحسن البصري و قتادة بن دعامة و مجاهد بن جبر أدرك نحو عشرين
من التابعين حدث عن سعيد بن أبي عروبة ،وشعبة ،والثوري ،ومالك .ولد
بالكوفة سنة 124هـ ،وانتقل مع أبيه إلى البصرة ،فنشأ بها ونسب إليها .ورحل
إلى الكوفة و سمع من سفيان الثوري و منها إلى المدينة و حضر بها دروس
م إلى مصر و سمع بها الحديث من عبد هللا بن لهيعة ومن الليث بن اإلمام مالك ث ٌ
سعد ،ومنها إلى إفريقية فاستوطنها و مكث بها نحو عشرين عاما و ألاف بها كتابه
في التفسير ثم عاد إلى مصر .
وحج في آخر عمره ،فتوفي في عودته من الحج ،بمصر .قال أبو عمرو الداني «
روى الحروف عن أصحاب الحسن وغيره .وله اختيار في القراءة من طريق اآلثار ،
سكن إفريقية دهرا ،وسمعوا منه تفسيره الذي ليس ألحد من المتقدمين مثله
».
« كتاب التفسير »
« كتاب التصاريف »
« كتاب الجامع »
و ليحيى اختيارات في الفقه ذكرها صاحب معالم اإليمان.
شهد لي يحيى بالفضل الدبااغ في معالمه وابن أبي حاتم في كتابه الجرح و
التعديل و ضعفه ابن عدي في ميزان االعتدال و أجمعوا على علمه بالكتاب و
السنة و على إلمامه بلغة العرب .
تعليق
و يظهر لنا من خّلل مسيرة يحيى أناه مرا بأغلب مدارس التفسير في زمانه من
البصرة التي سمع بها من تّلميذ الحسن البصري إلى الكوفة التي جلس فيها
إلى الثوري إلى المدينة و عالمها اإلمام مالك إلى مصر و مفتيها الليث بن سعد
عّلوة عن مرويااته عن مجاهد و عكرمة و هما من أعّلم المدرسة المكياة فكل
هذه المراحل هياأت لظهور شخصياة يحيى العلمياة و هياأت لميّلد
تفسيره.بإفريقية فكان تفسيرا جامعا ألقوال من سبقه على المنهج األثري و لكن
أدخل فيه النقد و التعليق و االختيار.
فمثل ميّلدا لمرحلة وحلقة جديدة من حلقات تفسير القرآن.
مر تفسير القران بمراحل بدابة بعهد النبي صلى هللا عليه وسلم فقد كان صلى
اس مَا
ِ ذ ْك َر لِ ُتبَ ِي انَ لِل َّن المفسر األول للقرآن قال تعالى وَأَنز َْلنَا إِلَ ْي َ
ك ال ِا ا هللا عليه وسلام
ون النحل .44فكانت اآلية من القران تفسر باآلية أو بحديثه ك ُر َ م وَلَ َعلَّ ُه ْ
م يَ َت َف َّ ل إِلَ ْي ِه ْ
نُ ِزا َ
صلى هللا عليه فعن عبدهللا بن مسعود رضـي هللا عنه قال :لما نزلت هذه اآلية
ون) -األنعام 82 َهم م ْهت َُد َ نو ُ م األ َ ْم ُ م ُأ ْولَـئِ َ
ك لَ ُه ُ وا إِيمَانَ ُهم بِظُ ْل ٍ
س ْ م ي َْلبِ ُوا وَلَ ْ (الَّ ِذينَ آ َم ُن ْ
-شق ذلك علي الناس فقالوا :يا رسول هللا وأينا ال يظلم نفسه؟) .قال :إنه ليس
الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح إن الشرك لظلم عظيم -رواه البخاري
ومسلم .
ا
ففسر المصطفى الظلم بالشرك.
م َع ْ
ن َسلَّ َ
هو َ َّللا صَلَّى َّ ُ
َّللا َعلَ ْي ِ ل َّ ِ سو َ ت َر ُ سأَ ْل ُ و عن عائشة رضي هللا عنها قالتَ :
َش َر ُب َ
ون َّ
م ال ِذينَ ي ْ ه ْ َ
شة :أ ُ ُ ت َعائِ َ َ
جلة َقال ْ ٌ َ م َو ِ ون مَا آتَ ْوا و َُقلُو ُب ُه ْة :وَالَّ ِذينَ ُي ْؤتُ َ ه ِذ ِه ْاآليَ َِ
ون َو ُيصَل َ
ون صو ُم َ َّ
م ال ِذينَ يَ ُ يق ! وَلَ ِ
ك َّن ُه ْ صا ِ ا ل َ :ال يَا بِ ْن َون ؟ َقا َ ُ
َس ِرق َ م َر َوي ْ خ ْ ْال َ
د ُِ ت ال ِ
ون فِي ْال َ
خ ْي َراتِ ار ُع َ ك ال َّ ِذينَ ُي َ
س ِ م أولَئِ َ ل ِم ْن ُه ْون أَ ْن َال ُي ْقبَ َاف َ خ ُم يَ ََه ْ ص َّد ُق َ
ون و ُ َويَ َت َ
رواه الترمذي رقم3175/
وسلم ثم اشتهر جمع من الصحابة بالتفسير كالخلفاء االربعة وعبد هللا بن مسعود
وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعائشة وأبو هريرة وابن عباس وأبو موسى
األشعري ،وغيرهم وعنهم أخذ هذا العلم.
و كان شدة ورعهم و خوفهم من القول بالرأي في كّلم هللا من أسباب قلة
المروي عنهم من اجتهادات .
قال عبد هللا بن أبي مليكة :سئل أبو بكر الصديق رضي هللا عنه عن آية من كتاب
هللا عز وجل ،فقال :أيَّة أرض تقلني ،أو أيَّة سماء تظلني ،أو أين أذهب ،وكيف
أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب هللا بغير ما أراد هللا بها؟ .رواه سعيد بن منصور
ومن أمثلة اجتهادهم في التفسير :اجتهاد أبي بكر رضي هللا عنه في تفسير
الكّللة؛ فيما روي عنه من طرق أنه قال« :إني قد رأيت في الكّللة رأيا ،فإن كان
صوابا فمن هللا وحده ال شريك له ،وإن يكن خطأ فمني والشيطان ،وهللا منه بريء؛
إن الكّللة ما خّل الولد والوالد .
وفي منتصف القرن االول للهجرة صار ابن عب ااس قبلة الطالبين لعلم التفسير وبرع
في هذا الفن
ببركة دعوة النبي له ،فقد روى اإلمام أحمد والطبرانى عن ابن عباس أن الرسول
وع ِل ا ْ
م ُه التأويل م َفقهه في الدين َ
الله َّ
ُ دعا له فقال" :
فصار رضي هللا عنه الشمس التي يدور العلماء في فلكها وقد اضاف ابن عباس
الى جانب عنصر الرواية والتفسير بالمأثور عنصر أسباب النزول والجانب اللغوي
في فهم معنى المفرد.
و مثال رجوعه إلى لغة العرب لتفسير المفردات ما رواه إبراهيم بن مهاجر عن
مجاهد قال :كان ابن عباس ال يدري ما {فاطر السموات} حتى جاءه أعرابيان
يختصمان في بئر فقال أحدهما :يا ابن عباس بئري أنا فطرتها ،فقال :خذها يا
مجاهد {فاطر السموات}) .رواه ابن جرير والبيهقي
واتخذ من الشعر الجاهلي زادا لتفسير معاني المفردات فكان يقول رضي هللا
عنه اما سمعتم الشاعر يقول كذا وقد خرج له البخاري اقواال عنه في صحيحه
قال عبيد هللا بن عبد هللا بن عتبة« :شهدت ابن عباس ،وهو يسأل عن عربية
القرآن ،فينشد الشعر» رواه اإلمام أحمد في فضائل الصحابة
واضاف ابن عباس كذلك عنصر االخبار التي لم تكن في حديث النبي صلى هللا
عليه وسلم وتّلميذه كمجاهد بن جبر و عكرمة وسعيد بن جبير وطاووس
والضحاك بن مزاجم والسدي وعطاء بن أبي رباح فتناثرت هذه االخبار بين تّلميذ
ابن عباس وقد كانت التفاسير في هذه المرحلة منها ما يعتمد اعتمادا مطلقا
على االسانيد في سرد الرواية كما فعل مجاهد في تفسيره ومنها ما يتخلف
عنده هذا المنهج ومنها ما زاد على جانب الرواية علوم اللغة وعلوم القران وقد
كانت هذه التفاسير تتناول السور وفق ترتيب المصحف اال انها ال تتناول تفسير
جميع اآليات وقد اكتفى الثوري بتفسير جميع ما استشكل منها والسكوت عن
غيرها ولعله كان منهجه في ذ لك ومع بداية عصر التدوين في مستهل القرن
الثاني للهجرة جمع عبد الملك ابن جريج تلميذ عطاء بن رباح االخبار في كتاب هو
أول ما ألف من التفاسير وجمع فيه صاحبه الصحيح والسقيم من الروايات دون نقد
او تمحيص حتى جاء يحي بن سّلم فأسس لمرحلة جديدة سماها الشيخ محمد
الفاضل بن عاشور طريقة التفسير النقدي او االثر النظري التي سار عليها من
بعده ابن جرير الطبري فكان يحي يورد االخبار ذاكرا اسنادها ثم يتعقبها بالنقد
والترجيح معتمدا في ذ لك على المعنى اللغوي والتخريج االعرابي .
ي أو ال يأخذ به يحيى أو فيقول بعد ذكر األقوال و به يأخذ يحيى أو و هو أعجب إل ا
ي أراد بيانه. يقول و قال يحيى إذا كان عنده رأ ٌ
و من أمثلة ذلك ما أورده في تفسير قوله تعالى :
عبِينَ ( )16سورة األنبياء َاألَرْضَ َومَا بَ ْين َُهمَا َال ِ السمَا َء و ْ
َّ خلَ ْقنَا
َومَا َ
تفسير مجاهد ما خلقنا من جناة و ال نار و ال موت و ال بعث و ال حساب العبين
السدي أي إناا لم نخلقهما و ما بينهما باطّل ا و قال
قال يحيى أي إناما خلقناهما للبعث و الحساب و الجناة و الناار
ه َو ْالحَق ن َّ َ
َّللا ُ ون أَ َّ
م َ َق َوي َْعلَ ُم ْالح َّ م َّ ُ
َّللا ِدين َُه ُ وكذلك في قوله تعالى :يَ ْو َمئِ ٍذ ُيوَفِا ِ
يه ُ
ين ( )25سورة الناور ْال ُ
م ِب ُ
قال قتادة :أي عملهم الحق أهل الحق بحقهم و أهل الباطل بباطلهم
السدي حسابهم العدل ا وقال
قال يحي يدانون بعملهم
سي َْغ ِل ُب َ
ون م َ ن بَ ْع ِد َغلَ ِب ِه ْم ِم ْ َه ْ َ َ
ت الرو ُم ﴿ ﴾2فِي أ ْدنَى ْاألرْضِ و ُ و في قوله تعالىُ :غ ِلبَ ِ
﴿ ﴾3سورة الراوم
السدي يعني أرض األردن و فلسطين . ا في أدنى األرض قال
و قال يحي أدنى األرض يعني أرض الروم بأذرعات من الشام .
وقد رجحت الدكتورة هند شلبي أن يكون االمام الطبري قد اطلع على تفسير
يحي بن سّلم خّلل رحلته الى مصر نظرا للشبه الكبير بينهما في المنهج و
الروايات و االتفاق في كثير من األسانيد وفي ذ لك يقول الشيخ محمد الفاضل بن
عاشور اذا اعتبرنا يحي بن سّلم مؤسس طريقة التفسير النقدي أو االثري
النظري في القرن الثاني وانه لكذلك فان محمد بن جرير الطبري هو ربيب تلك
الطريقة وثمرة ذلك الغراس .
-3منهج ابن سّلم في التفسير
.1اعتنى يحيى في تفسيره بذكر المكي و المدني من اآليات والسور في كثير من
المواضع قال في تفسيره لسورة النحل ومن أولها إلى صدر هذه اآلية – وَالَّ ِذينَ
خ َر ِة أَ ْكبَ ُر ۚ
ج ُر ْاآل ِ َس َن ًة ۖ و ََأل َ ْ
م فِي الد ْنيَا ح َ موا لَ ُنبَ ِوائ َ َّن ُه ْ َّللا ِمن بَ ْع ِد مَا ظُلِ ُ ج ُروا فِي َّ ِ ها َ َ
ون (– )41مكي وسائرها مدني. م َ لَ ْو َكانُوا ي َْعل َ ُ
.2يذكر أسباب النزول في بعض المواضع فيسوق الحديث مسندا أو يكتفي بقوله
حدثني أو بلغني عن فّلن ومثاله ما ذكره عن الكلبي في أسباب نزول سورة
المسد قال إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خرج حتى قام على الصفا
وقريش في المسجد ثم نادى يا صباحاه ففزع الناس فخرجوا فقالوا مالك ياابن
عبد المطلب فقال يا آل غالب قالوا هذه غالب عندك ثم نادى يا آل لؤي ثم نادى
يا آل كعب ثم نادى آل مرة ثم نادى يا آل كّلب ثم نادى يا آل قصي فقالت
قريش أنذر الرجل عشيرته األقربين انظروا ماذا يريد فقال له أبو لهب هؤالء
عشيرتك قد حضروا فماذا تريد فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أرأيتم لو
أنذرتكم أن جيشا يصبحونكم أصدقتموني قالوا نعم قال فاني أنذركم النار واني ال
أملك لكم من الدنيا منفعة وال من اآلخرة نصيبا إال أن تقولوا ال إله إال هللا فقال أبو
لهب تبا لك فانزل هللا-تبت يدا أبي لهب -سورة المسد
كذلك في سورة األحزاب في قوله تعالى -وما جعل أدعياءكم أبناءكم-قال عاصم
بن حكم أن مجاهدا قال هذا في زيد بن حارثة تبناه محمد صلى هللا عليه وسلم
وكان الرجل في الجاهلية يكون ذليّل فيأتي الرجل ذا القوة والشرف فيقول أنا
ابنك فيقول نعم فإذا قبله واتخذه ابنا أصبح اعز أهلها وكان زيد بن حارثة ممن
كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تبناه على ما كان في الجاهلية وكان
مولى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فلما جاء اإلسّلم أمرهم أن يلحقوهم
م .سورة األحزاب اآلية .4 م أَ ْبنَاء َُك ْ عيَاء َُك ْ ل أَ ْد ِ ج َع َ
بآبائهم فقال – َومَا َ
حسان بن ثابت و مسطحا و ا ن عبد هللا ابن أبي ابن سلول و قال يحيى بلغنا أ ا
نحمنة ابنة جحش هم الذين تكلموا في ذلك ثم شاع ذلك في الناس فزعموا أ ا
ما أنزل هللا عذرها جلد كل واحد منهم الحد رسول هللا ل ا
َ
.3يفسر القرآن بالقرآن ومثاله قوله في تفسيره لآلية ( )44من سورة مريم -يا أبَتِ
صيًّا .قال بأن عبادة الوثن عبادة ن َع ِ م ِ ان لِل َّر ْ
ح َٰ َ ان َك َ الش ْيطَ َ َّ نان ۖ إِ َّ
الش ْيطَ َ َّ َال ت َ ْع ُب ِد
للشيطان الن الوثن لم يدعه إلى نفسه ولكن الشيطان دعاه إلى عبادته كقوله
ش ْيطَانًا م َِري ًدا. ون إِ َّال َ
ه إِ َّال إِنَاثًا وَإِ ْن ي َْد ُع َ ن ُدونِ ِ ون ِم ْ في سورة النساء -إِ ْن ي َْد ُع َ
النساء177
وقال في تفسير اآلية 47من مريم –سأستغفر لك ربي –قال فهو قوله – َومَا َك َ
ان
ِّل تَبَ َّرأَ ِم ْن ُه ۚ
ما تَبَيَّنَ لَ ُه أَنَّ ُه َع ُد ٌّو ا ِ َّ ِها إِيَّا ُه َفلَ َّ َع َد َ ع َد ٍة و َ ه إِ َّال َعن َّم ْو ِ م ِألَبِي ِ هي َ استِ ْغ َفا ُر إِ ْب َرا ِ ْ
في سورة التوبة أية .114
.4يفسر القران بالسنة وأقوال الصحابة ومثاله قوله في تفسير اآلية 59من سورة
مريم –فسوف يلقون غيا-قال حدثني شريك عن أبي إسحاق الهمذاني عن أبي
عبيدة عن عبدهللا بن مسعود قال وادي في جهنم من حميم وحدثني نصر بن
طريف عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال وادي في جهنم
بعيد القعر خبيث الطعم ،وحدثنا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن
مسعود قال نهر في جهنم من صديد أهل النار .وقال حدثني يونس بن أبي
إسحاق عن أبيه عن أبي االحوص عن عبد هللا بن مسعود في قوله –وإن منكم
إال واردها –سورة مريم آية 71قال الصراط على جهنم مثل حد السيف والمّلئكة
معهم كّلليب من حديد كلما وقع رجل اختطفوه فيمر الصنف األول كالبرق
والثاني كالريح والثالث كأجود الخيل والرابع كأجود البهائم والمّلئكة يقولون اللهم
سلم سلم.
قال وسمعت حماد بن سلمة يذكر عن عاصم بن بهدلة عن شمر بن حوشب أن
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أوصى معاد بن جبل بأشياء فقال في أخرذلك
والقيام من الليل ثم تّل هذه اآلية –تتجافى جنوبهم عن المضاجع
وقال حدثنا عثمان ابن نعيم عن عبد هللا عن أبي هريرة قال رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم أن هللا تبارك وتعالى قال أعددت لعبادي الصالحين ماال عين رأت وال
أذن سمعت وال خطر على قلب بشر اقرؤوا إن شئتم –فّل تعلم نفس ما أخفي
لهم من قرة أعين –السجدة اآلية 17
.5تفسير القران بأقوال التابعين قال في تفسيره وسمعت سعيدا يذكر عن قتادة
عن الحسن أنه قال –تتجافى جنوبهم عن المضاجع-سورة السجدة اآلية 16
قال هو قيام الليل.
قرة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم قال طه يا رجل وقال –أتى آمر هللا فّل
ا
السدي تستعجلوه –اية 1سورة النحل يعني القيامة وهو تفسير
.6لم يهمل يحي جانب التفسير باالعتماد على اللغة العربياة و شاع في كتابه هذا
ن فهم اآليات متوقف على شرح المنهج فكتاب هللا نزل بلغة العرب و ال يخفى أ ا
مفردات األلفاظ بحسب وضعها في لغة العرب و من أمثلة ذلك قال يحي :الدين
في اللغة الجزاء و من كّلم العرب دنته أي جازيته و أصل الصبر الحبس و لذلك
مي الصائم صابرا لحبس نفسه عن األكل و الشرب س ا
.7اهتم يحي في تفسيره بعلم القراءات فذكر في مواضع كثيرة القراءات الواردة
في بعض اآليات ولكن دون أن ينسب القراءة إلى صاحبها وقد يوجه القراءة التي
يذكرها ولم يخل تفسيره من ذكر الشاذ منها قال في تفسيره لسورة لقمان –
والبحر يمده من بعده سبعة أبحر وبعضهم قرأها بالنصب والبحر يمده من بعده
سبعة أبحر أي ولو أن البحر.
.8اهتم يحي بذكر األحكام الفقهية في تفسيره واعتنى بذكر أقوال الصحابة
والتابعين واختار منها ما رآه راجحا .
-4ما يستدرك على يحيى في تفسيره
درك على يحيى تكراراه لكثير من األحاديث و ذكره لمسائل يقوم علم اس ُت ِ .11
التفسير بدونها حتى طال الكتاب و هو ما دفع بعض الدارسين إلى إختصاره
كأبي عبد الرحمن محمد بن عبد هللا األندلسي المري األلبيري ،نزيل قرطبة،
المالكي المعروف بابن أبي زمنين (324ه399هـ) .و كذلك هود بن محكم
الهواري ،قاضي اإلباضية في قبيلة (هوارة) البربرية في الجزائر (ت 380هـ).
الخاتمة :
لقد كان لطول باع يحيى بن سّلم في علم الرواية و القراآت و علوم العربية عّلوة
على أخذه عن أشهر شيوخ زمانه و اطّلعاه على مرويات و أراء مدارس التفسير
كلاها كان لهذا كلاه أثر بالغ في تفسيره الذي جاء بحلاة لم يسبق إليها بل مثل
هدة لما بعدها و ال تخفى تفسيره بداية لحلقة جديدة مختلفة عن ما قبلها و مم ا
حاجة أهل إفريقية في ذلك الوقت إلى كتاب يجمع لهم أقوال السابقين و يزيد
في معرفتهم و إدراكهم للغة العرب التي نزل بها القرآن فهياأ هللا ليحيى الزمان و
المكان لتكون إفريقية هي األرض التي ولد بها تفسيره.
المصادر