Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
صلب ال مسيح و مات ،وال مسيح ھو ﷲ ... .ﷲ ورسول ه ولم يقل أبد اً أنا ﷲ ولم يقل اعبدون ي أدل ة النصار ى على ألوھي ة ال مسيح ...واحد قال في ه عيسى عن ن فس ه :أنا إل ه .أو قال :اعبدوني *** يزعم النصار ى ھيفاء أن قول ال مسيح ) ) :أناو ...في ه أنا ﷲ أنا رب كم أنا إل ھ كم أو قال اعبدوني ؟ ھل قال ال مسيح :أنا ﷲ اع بدوني ؟ نص واحد قال في ه عيسى عن نفس ه :أنا إل ه .أو *** قال :اعبدوني ھل ق ال ال مسيح أنا ﷲ أو أعبدوني ب كل ھل خ اطب ال مسيح اتباع ه وقال ل ھم اعبدوني او قال ل ھم انا ال ه ھل يوجد في االنج يل ا ي شيء من ھذا القبيل يا مرھم بان ي عبدوة او صر ح بالوھيت ه أين،قال،ال مسيح،"،. ،.،اعبدون ي، !،"،؟،وھبي،. ..لسان،ال مسيح ،)،أنا،اب ن،ﷲ ،(،أو،) ،أنا ،ﷲ،(،ف اعبدون ي،؟ ، !،صلب،ال مسيح ،و مات،وال مسيح،ھو،ﷲ،...،.ﷲ،ورسول ه،ولم،ي قل،أبد اً،أن ا،ﷲ،ول م،يقل،اع بدوني،أدل ة،ال نصار ى
،على،ألوھي ة،ال مسيح،...،واح د،قال،في ه،ع يسى ،عن،نفس ه،:أن ا،إل ه،.أو،قال،:اعبدو ني،* **،يزع م،النصار ى،ھيفاء،أن،قو ل،ال مسيح )،أناو، ...،في ه،أنا،ﷲ،أنا ،رب كم،أنا،إل ھ كم،أو،قال،اع بدوني ،؟،ھ ل،قال،ال مسيح،:أنا ،ﷲ،اع بدوني ؟،ن ص،واحد،قا ل،في ه،عي سى،ع ن،نفس ه،:أنا،إل ه،.أو، ***،قال،:اع بدوني،ھل ،قال،ال مسيح،أنا ،ﷲ،أو،أعبدو ني،ب كل،ھل ،خاطب،ال مسيح،اتباع ه،وقا ل،ل ھم،اعبدو ني،او،قال،ل ھ م،انا،ال ه،ھل،يوج د،في ،االنجيل،ا ي ،شيء ،من،ھذا،القبي ل،يا مرھم،بان،ي ع بدوة،او،ص رح،بالوھيت ه ،أين,قال,ال مسيح,,,.,.,اعبدو ني, !,,,؟,وھبي,...لسان,ال مسيح ,),أن,ابن,ﷲ ,(,أو,),أن,ﷲ ,(,فاعبدو ني,؟ !,صلب,ال مسيح,و مات,وال مسيح,ھو,ﷲ,...,.ﷲ,ورسول ه,ولم,يقل,أبد,أن,ﷲ,ولم,يقل,اع بدوني ,أد ل ة,النصار ى,على,ألوھي ة,ال مسيح,...,واحد,قال,في ه,عي سى,عن,نفس ه,:أن,.,أو,قال,:اع بدوني,***,ي زعم,النصار ى,ھيفاء,أن,قول ,ال مسيح),أناو,...,في ه,أن,ﷲ,أن,رب كم,أن,إل ھ كم,أو,قال,اعبدوني,؟,ھل ,قال,ال مسيح,:أن,ﷲ,اع بدوني؟ ,نص,واحد,قا ل,في ه,عيسى ,عن,نفس ه,:أن,إل ه,.أو, ***,قال,:اعبدوني,ھل,ق ال,ال مسيح,أن,ﷲ,أو,أعبدوني,ب كل,ھل,خ اطب,ال مسيح,اتباع ه,وقال,ل ھم,اعبدوني,او,قال,ل ھم,ان,ال ه,
ھل,يوجد,في,االنج يل,ا ي,شيء ,من,ھذ,القبيل,يا مرھم,بان,ي عبدوة,او,ص رح,بالوھيت ه,
The link ed image cannot be display ed. The file may hav e been mov ed, renamed, or deleted. Verify that the link points to the correct file and location.
أرﻨﻲ
”أﻨﺎ ﻫو اﷲ
ﻓﺎﻋﺒدوﻨﻲ“؟
أين قال ال مسيح " . .اعبدوني " ! ؟ وھبي ...لسان ال مسيح ) أنا ابن ﷲ ( أو ) أنا ﷲ ( فاع بدوني ؟ ! صلب ال مسيح و مات ،وال مسيح ھو ﷲ ... .ﷲ ورسول ه ولم يقل أبد اً أنا ﷲ ولم يقل اعبدون ي أدل ة النصار ى على ألوھي ة ال مسيح ...واحد قال في ه عيسى عن ن فس ه :أنا إل ه .أو قال :اعبدوني *** يزعم النصار ى ھيفاء أن قول ال مسيح ) ) :أناو ...في ه أنا ﷲ أنا رب كم أنا إل ھ كم أو قال اعبدوني ؟ ھل قال ال مسيح :أنا ﷲ اع بدوني ؟ نص واحد قال في ه عيسى عن نفس ه :أنا إل ه .أو *** قال :اعبدوني ھل ق ال ال مسيح أنا ﷲ أو أعبدوني ب كل ھل خ اطب ال مسيح اتباع ه وقال ل ھم اعبدوني او قال ل ھم انا ال ه ھل يوجد في االنج يل ا ي شيء من ھذا القبيل يا مرھم بان ي عبدوة او صر ح بالوھيت ه أين،قال،ال مسيح،"،. ،.،اعبدون ي، !،"،؟،وھبي،. ..لسان،ال مسيح ،)،أنا،اب ن،ﷲ ،(،أو،) ،أنا ،ﷲ،(،ف اعبدون ي،؟ ، !،صلب،ال مسيح ،و مات،وال مسيح،ھو،ﷲ،...،.ﷲ،ورسول ه،ولم،ي قل،أبد اً،أن ا،ﷲ،ول م،يقل،اع بدوني،أدل ة،ا ل نصار ى
،على،ألوھي ة،ال مسيح،...،واح د،قال،في ه،ع يسى ،عن،نفس ه،:أن ا،إل ه،.أو،قال،:اعبدو ني،* **،يزع م،النصار ى،ھيفاء،أن،قو ل،ال مسيح )،أناو، ...،في ه،أنا،ﷲ،أنا ،رب كم،أنا،إل ھ كم،أو،قال،اع بدوني ،؟،ھ ل،قال،ال مسيح،:أنا ،ﷲ،اع بدوني ؟،ن ص،واحد،قا ل،في ه،عي سى،ع ن،نفس ه،:أنا،إل ه،.أو، ***،قال،:اع بدوني،ھل ،قال،ال مسيح،أنا ،ﷲ،أو،أعبدو ني،ب كل،ھل ،خاطب،ال مسيح،اتباع ه،وقا ل،ل ھم،اعبدو ني،او،قال،ل ھ م،انا،ال ه،ھل،يوج د،في ،االنجيل ،ا ي ،شيء ،من،ھذا،القبي ل،يا مرھم،بان،ي ع بدوة،او،ص رح،بالوھيت ه ،أين,قال,ال مسيح,,,.,.,اعبدو ني, !,,,؟,وھبي,...لسان,ال مسيح ,),أن,ابن,ﷲ ,(,أو,),أن,ﷲ ,(,فاعبدو ني,؟ !,صلب,ال مسيح,و مات,وال مسيح,ھو,ﷲ,...,.ﷲ,ورسول ه,ولم,يقل,أبد,أن,ﷲ,ولم,يقل,اع بدوني ,أدل ة,النصار ى,ع لى,ألوھي ة,ال مسيح,...,واحد,قال,في ه,عي سى,عن,نفس ه,:أن,.,أو,قال,:اع بدوني,***,ي زعم,النصار ى,ھيفاء,أن,قول ,ال مسيح),أناو,...,في ه,أن,ﷲ,أن,رب كم,أن,إل ھ كم,أو,قال,اعبدوني,؟,ھل ,قال,ال مسيح,:أن,ﷲ,اع بدوني؟ ,نص,واحد,قا ل,في ه,عيسى ,عن,نفس ه,:أن,إل ه,.أو, ***,قال,:اعبدوني,ھل,ق ال,ال مسيح,أن,ﷲ,أو,أعبدوني,ب كل,ھل,خ اطب,ال مسيح,اتباع ه,وقال,ل ھم,اعبدوني,او,قال,ل ھم,ان,ال ه,
ھل,يوجد,في,االنج يل,ا ي,شيء ,من,ھذ,القبيل,يا مرھم,بان,ي عبدوة,او,ص رح,بالوھيت ه,
The link ed image cannot be display ed. The file may hav e been mov ed, renamed, or deleted. Verify that the link points to the correct file and location.
دمאא
ض
محتويات الكتاب
تقديم
تقديم
في ھذه اآلية يذكر الرسول لنا أمرين ھامين وجديرين باالنتباه ولو
أنھما متميزان:
-١من ھو المسيح في ذاته من األزل وإلى األبد .إذ يقول عنه إنه
”كان في صورة ﷲ“ ،وأنه ”لم يحسب خلسة أن يكون
معادال ً _“ ،ذلك ألنه ھو ﷲ.
-٢ما َق ِبل المسيح أن يصيره ،بكامل إرادته ،طاعة ألبيه وح ًبا لنا،
إذ يقول عنه إنه »أخلى نفسه« ،التعبير الذي يتضمن أنه
أخفى مجده اإللھي في حجاب الناسوت .ثم إنه إذ وجد
قا العظمة في الھيئة كإنسان ،فإنه لم يكن قصده إطال ً
رغم أنه ھو العظيم ،بل يستطرد الرسول قائالً :إنه »وضع
نفسه ،وأطاع حتى الموت موت الصليب«.
فھل الذي أخلى نفسه ،آخ ًذا صورة عبد ،ننتظر منه أن
يقول في كل مجلس :أنا ربكم؟ أو أن يقول أمام كل
حشد :ألني ﷲ فاسجدوا لي واعبدوني؟! أ ألجل ھذا
أتى المسيح إلى العالم؟ كال على اإلطالق كما سنفھم
ونحن ندرس ھذا األمر في ھذا الكتاب.
لقد كان له المجد مثل خيمة االجتماع التي نصبھا موسى النبي،
بناء على أمر الرب .لقد كانت ھذه الخيمة ترمز وتشير إليه .ولكن
ھذه الخيمة لم يكن لھا المنظر الخارجي الجذاب على اإلطالق،
إذ كانت مغطاة من الخارج بجلود ”التخس“ الذي ال يشد إليه
الناظرين ،لكنھا كانت تحوي من الداخل الذھب النقي .والذھب،
الذي ھو أنقى المعادن كلھا ،يعطينا تصوي ًرا بسيطًا لالھوت
سر كل الملء أن يحل )كولوسي،(١٩ :١ المسيح .ففي المسيح ُ
ولو أنه بدا للعين البشرية الطبيعية ،التي لم يجلھا روح ﷲ
القدوس ،أنه مجرد إنسان فقير ومسكين!
ما سمعت ملك سبأ عن مجد سليمان وحكمته ،ولكنھا لم قدي ً
تصدق الخبر حتى أتت ورأت ،وعندئذ قالت» :صحيحًا كان الخبر
الذي سمعته في أرضي عن أمورك وعن حكمتك ،ولم
أصدق األخبار حتى جئت وأبصرت عيناي ،فھوذا النصف لم
أخبر به« )١ملوك .(٧ ،٦ :١٠وفي العھد الجديد لم يصدق
حا يمكن أن يخرج نثنائيل ،واحد من تالميذ المسيح ،أن شي ًئا صال ً
من الناصرة ،إلى أن التقاه ،فھتف قائالً» :يا معلم أنت ابن ﷲ.
أنت ملك إسرائيل« )يوحنا .(٤٩ :١فھل تكلف خاطرك أيھا
القارئ العزيز أن تعمل معنا سياحة في الكتاب المقدس
نحو ذلك الشخص العظيم ،لنعرف شي ًئا عن مجد من ھو
”أعظم من سليمان“؟ أ تذھب معنا لكي تبصر شي ًئا عن ذاك
الذي قال عنه يوحنا »رأينا مجده مجدًا ،كما لوحيد من اآلب،
مملوءًا نعمة وح ً
قا« )يوحنا(١٤ :١؟
)(١
ھذا ما قاله المسيح
»فقال لھم يسوع :أنا من البدء ما أكلمكم أيضًا به«
)يوحنا.(٢٥ :٨
****
دعني قبل أن أذكُر لك معناھا ،أذ ِّكرك بما قاله يوحنا المعمدان عن
المسيح» :إن الذي يأتي بعدي صار قدامي ألنه كان قبلي«
)يوحنا .(١٥ :١ومعروف أن يوحنا ولد قبل المسيح بنحو ستة
أشھر ،وھذا معنى قول المعمدان »الذي يأتي بعدي« .لكن
المعمدان يقول عن ھذا الشخص» :صار قدامي ،ألنه كان قبلي«.
فكيف يمكننا فھم أن المسيح الذي ولد بعد يوحنا المعمدان بنحو
ستة أشھر ،كان قبل يوحنا ،إن لم نضع في االعتبار الھوت
المسيح؟
واآلن ما الذي يعنيه قول المسيح” :أنا كائن“ قبل إبراھيم .الحظ
أن المسيح ال يقول لليھود ” :قبل أن يكون إبراھيم أنا كنت“ ،بل
أرجو أن تالحظ عظمة قول المسيح» :قبل أن يكون إبراھيم” ،أنا
كائن“« .إنھا كينونة ال عالقة لھا بالزمن ،كينونة دائمة!
إن عبارة ”أنا كائن“ تعادل تماما القول ”أنا ﷲ“ أو ”أنا الرب“ أو ”أنا
يھوه“ الذي ھو اسم الجاللة بحسب التوراة العبرية .فھذا التعبير
”أنا كائن“ ھو بحسب األصل اليوناني الذي كتب به العھد الجديد
”إجو آيمي“ ،وتعني الواجب الوجود والدائم ،األزلي واألبدي .فمن
يكون ذلك سوى ﷲ؟
وعبارة ”أنا كائن“ مشتقة من الفعل ”أكون“ ،والذي منه جاء اسم
الجاللة ”يھوه“ .وقد تكررت ھذه العبارة ”إجو آيمي“ عن المسيح
في إنجيل يوحنا ٢١مرة ) .(٧×٣كأن المسيح يرى في نفسه
بحسب ما أعلن عن ذاته ،أنه ھو ذات اإلله القديم الذي
ظھر لموسى في العليقة في جبل حوريب .والذي أرسل
موسى ليخرج بني إسرائيل من أرض مصر.
ولقد فھم اليھود جي ًدا ماذا كان المسيح يقصد من ھذه األقوال،
ولم بكن ممك ًنا التجاوب مع ذلك اإلعالن العظيم إال بأسلوب من
اثنين ،إما أن ينحنوا أمامه بالسجود باعتباره ﷲ ،أو أن يعتبروه
مجد ًفا .ولألسف ھم اختاروا األسلوب الثاني المدمر لھم! ويذكر
البشير أن اليھود عندما سمعوا من المسيح ھذا اإلعالن »رفعوا
حجارة ليرجموه ،أما يسوع فاختفى ،وخرج من الھيكل مجتا ًزا في
وسطھم ،ومضى ھكذا« ،مما يدل على أنھم فھموا ما كان يعنيه
المسيح تما ًما ،أنه ھو ﷲ.
واآلن أرجو -عزيزي القارئ -أن تالحظ ھذين األمرين اللذين ال
يجب أن يمرا بدون تعليق من الكاتب ،ودون انتباه من القارئ.
األمر األول :أن الجميع سيكرمون االبن ،وليس فريق من الناس
دون غيرھم .واألمر الثاني :أنھم سيكرمون االبن كما يكرمون
اآلب ،وليس بمستوى أقل أو بأسلوب أضعف.
ھذه اآلية إ ًذا توضح بأسلوب قاطع وصريح أن االبن له ذات الكرامة
والمجد الذي لآلب ،ويستحيل أن يكون ھذا مع أي مخلوق أيا
كان .لقد قال ﷲ في العھد القديم مجدي ال أعطيه آلخر .وﷲ
طبعا لم يتراجع عن ذلك عندما أعلن المسيح أن اآلب يريد إكرام
االبن بذات الكرامة التي لآلب ،وذلك ألن اآلب واالبن واحد
)يوحنا.(٣٠ :١٠
»ألنه ھكذا أحب ﷲ العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي ال
يھلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة األبدية .ألن لم
يرسل ﷲ ابنه إلى العالم ليدين العالم ،بل ليخلص به
العالم .الذي يؤمن به ال يدان ،والذي ال يؤمن قد دين ألنه
لم يؤمن باسم ابن ﷲ الوحيد« )يوحنا.(١٦ :٣
على أن اآلية التي نتحدث عنھا ھنا قاطعة الداللة ،فھي تقول
عن المسيح إنه ”ابن ﷲ الوحيد“ )ارجع أي ً
ضا إلى يوحنا١٤ :١و
١٨؛ ١٨ :٣؛ يوحنا األولى .(٩ :٤وعندما يقول إنه ابن ﷲ الوحيد،
فھذا معناه أنه ليس له شبيه وال نظير .ولقد كرر المسيح الفكر
عينه في أحد أمثاله الشھيرة ،حيث ذكر المسيح أن اإلنسان
صاحب الكرم )الذي يرمز في المثل إلى ﷲ( أرسل عبي ًدا كثيرين
إلى الكرامين ليأخذوا ثمر الكرم ،لكن الكرامين أھانوا العبيد
وأرسلوھم فارغين ،لكنه أخي ًرا أرسل إليھم ابنه .يقول المسيح:
ضا إليھم أخي ًرا ضا ابن واحد حبيب إليه ،أرسله أي ً »إذ كان له أي ً
قائال ً إنھم يھابون ابني« )مرقس .(٦ :١٢وواضح أن العبيد
الكثيرين ھم األنبياء ،وأما االبن الوحيد الذي أرسله إليھم أخي ًرا
فھو الرب يسوع المسيح.
ضح كاتب رسالة العبرانيين ھذا األمر عندما يقول» :ﷲ بعدما ويو ِ ّ
ما بأنواع وطرق كثيرة ،كلمنا في ھذه األيامكلم اآلباء باألنبياء قدي ً
األخيرة في ابنه ..الذي به أي ً
ضا عمل العالمين .الذي وھو بھاء
مجده ورسم جوھره وحامل كل األشياء بكلمة قدرته« )عبرانيين
.(٣-١ :١
واليھود الذين كان المسيح يوجه كالمه إليھم فھموا تما ًما كالم
المسيح ،بدليل عزمھم على رجمه باعتباره مجد ًفا .أن تلك
الحجارة التي رفعھا أولئك اآلثمون تصرخ .نعم إنھا تصرخ في وجه
من ينكر أن المسيح قال إنه ﷲ .فلماذا -لو كان المسيح يقصد
أي شيء آخر – أراد اليھود رجمه؟!
»أنا معكم زمانًا ھذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس .الذي رآني فقد
رأى اآلب ،فكيف تقول أنت أرنا اآلب .أ لست تؤمن أني أنا في
اآلب واآلب في؟« )يوحنا.(١٠-٨ :١٤
ھذه األقوال قالھا المسيح ردا على فيلبس عندما قال له» :يا
سيد أرنا اآلب وكفانا« .الحظ أن فيلبس لم يقل ”نريد أن نرى
المسيا“ أو ”المسيح“ ،بل قال» :أرنا اآلب« .فكانت إجابة المسيح
بما معناه :كيف لم تعرفني حتى اآلن يا فيلبس ،رغم أنك من
أوائل تالميذي؟ ليس معنى ذلك أن فيلبس لم يعرف أن يسوع ھو
المسيح ،كال ،لقد عرفه كذلك ،وعرفه من أول لقاء له معه ،إذ قال
لنثنائيل» :وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس واألنبياء«
)يوحنا .(٤٥-٤٣ :١أي وجدنا المسيح المنتظر ،لكن المسيح ھنا
كان ينتظر من فيلبس ،ومن باقي التالميذ ،أن يدركوا من
معاشرتھم للمسيح على مدى أكثر من ثالث سنين ،أنه ابن
اآلب ،المعبر عنه .ألنه ھو واآلب واحد )يوحنا.(٣١ :١٠
لقد قال المسيح له» :أ لست تؤمن أني أنا في اآلب واآلب
في؟« .وكون االبن في اآلب ،واآلب في االبن ،فھذا يدل على
المساواة في األقنومية والوحدة في الجوھر.
وإننا نقول كما قال أحد المفسرين :إن إنكار الھوت المسيح إزاء
ھذه الكلمات يظھر رعب ظالم الذھن الطبيعي .فكيف يمكن
لشخص ،أثبت -في كل أعماله وأقواله -أنه كامل ،أن يقول مثل
ھذه العبارات ،إن لم يكن ھو ﷲ؟! ال يمكن لشخص مسيحي
اليوم ،مھما بلغت درجة كماله ،أن يقول إن من رآه فقد رأى
المسيح ،إال إذا كان مدع ًيا ،فكم بالحري لشخص يھودي أن يقول
إن من رآه فقد رأى اآلب!
سبق أن رأينا )في البند (٤كيف قال المسيح إنه يعطي خرافه،
أي المؤمنين باسمه ،الحياة األبدية )يوحنا .(٢٨ ،٢٧ :١٠والمسيح
ھنا في حديثه الجامع المانع يؤكد على ھذا الحق ذاته .وھذا
الحديث كان المسيح قد قاله لليھود بعد أن شفى رجل بركة بيت
حسدا من مرض دام ٣٨سنة ،وشفاه المسيح بكلمة واحدة منه.
ثم أوضح المسيح في حديثه التالي مع اليھود أن ھذه الكلمة
عينھا تھب الحياة األبدية لمن يسمعھا.
ونحن نعلم أنه ليس سوى ﷲ يميت ويحيي )تثنية ٣٩ :٣٢؛
١صموئيل٦ :٢؛ ١تيموثاوس .(١٣ :٦لكن في ھذه اآليات يقول
المسيح إن صوته يعطي الحياة.
ثم الحظ وسيلة اإلحياء التي يذكرھا المسيح ھنا ،إنھا في
منتھى البساطة ،كما أن لھا داللة عظمى ،إذ قال المسيح بعد
ذلك» :تأتي ساعة وھي اآلن ،حين يسمع األموات صوت ابن
ﷲ والسامعون يحيون« .إن ھذه الكلمة التي تھب الحياة ھي
كلمة ﷲ )مزمور ،(٥٠ :١١٩وھذا الصوت المحيي ال يمكن إال أن
يكون صوت ﷲ )إشعياء .(٣ :٥٥
قال المسيح أي ً
ضا لليھود:
ھنا نحن نجد شي ًئا أكثر عج ًبا مما ذكرناه اآلن! فليس أن صوت ابن
ﷲ يحيي الموتى روح ًيا فقط ،بل إن ما ال يحصى من الباليين
الذين دخلوا القبور ،سيخرجون من القبور بمجرد سماعھم لصوته!
والمسيح لم يقل ذلك فقط ،بل برھنه عمل ًيا إذ أقام الرميم فعالً،
كما حدث عند إقامته للعازر من األموات وھو ما سنوضحه في
الفصل الثالث .وذلك الصوت الذي دعا لعازر فخرج فو ًرا بعد أن كان
قد أنتن ،سيخترق في يوم قادم قبور البشر جميعھم ،ويأمر
األرواح أن تلبس أجسادھا من جديد لتقوم من موتھا.
وفي مناسبة أخرى قال المسيح لليھود» :أنتم من أسفل ،أما أنا
فمن فوق .أنتم من ھذا العالم ،أما أنا فلست من ھذا العالم«
)يوحنا .(٢٣ :٨وھو عين ما أكده لنيقوديموس قبل ذلك» :وليس
أحد صعد إلى السماء ،إال الذي نزل من السماء ،ابن اإلنسان
الذي ھو في السماء« )يوحنا.(١٣ :١٣
وعن ھذا األمر عينه قال يوحنا المعمدان» :الذي من األرض ھو
أرضي ،ومن األرض يتكلم ،الذي يأتي من السماء ھو فوق
الجميع« )يوحنا .(٣١ :٣ترى ما الذي دفع المعمدان أن يقول ذلك؟
لماذا اعتبر المعمدان أن الذي يأتي من السماء ھو فوق الجميع؟
اإلجابة ألن الذي يأتي من السماء ال يمكن أن يكون مجرد إنسان.
فاإلنسان مصدره أرضي .فإن لم يكن إنسانًا .فمن يكون إ ًذا؟
إذا كان المسيح قال إنه أزلي ،ونحن نعرف أنه ليس أزلي سوى
ﷲ ،أ ال يكون المسيح بھذا قد قال أي ً
ضا أنا ھو ﷲ؟ وھذا الحق
ُذكر في العديد من الفصول في اإلنجيل ذاته مثل ١ :١؛ ،٥ :١٧
٢٤
-٩قال المسيح إن روحه اإلنسانية ملكه وتحت سلطانه:
فقال لليھود:
ضا ،أنه »ليس حقيقة يعملھا الجميع ،و ُيع ِل ّم بھا الكتاب المقدس أي ً
إلنسان سلطان على الروح« )جامعة .(٨ :٨أما المسيح فكان له
السلطان على روحه ،نظ ًرا ألنه لم يكن مجرد إنسان .وھو لم يقل
ضا ،فلقد مات ليس ألن قواه نفدت ،أو ألن ذلك فقط ،بل نفذه أي ً
السر اإللھي خرج منه ،بل يقول الوحي» :فصرخ يسوع بصوت
عظيم ،وأسلم الروح« )متى .(٥٠ :٢٧الحظ عبارة ”أسلم الروح“،
وھي عيارة – نظ ًرا ألھميتھا -تكرر ذكرھا في البشائر األربع
)متى٥٠ :٢٧؛ مرقس٣٧ :١٥؛ لوقا٤٦ :٢٣؛ يوحنا.(٣٠ :١٩
والمسيح يقول عن نفسه إنه ”النور“ ،في الوقت الذي يقول فيه
عن يوحنا المعمدان النبي العظيم ،بل الذي ھو أفضل من نبي،
إنه ”السراج الموقد المنير“ )يوحنا .(٣٥ :٥الحظ الفراق الكبير بين
”النور“ ومجرد ”السراج“ .بكلمات أخرى ،بين المطلق )النور(
والنسبي )السراج(.
والمسيح لم يقل ذلك فقط ،بل برھن عليه فورا ،في المعجزة
العظيمة التي فعلھا بعد ذلك مباشرة ،إذ منح نعمة البصر لمولود
أعمى ،وسنتأمل – بمشيئة الرب -تلك المعجزة في الفصل
الثالث.
فلقد قال لمرثا» :أنا ھو القيامة والحياة ،من آمن بي ولو مات
فسيحيا ،وكل من كان ح ًيا وآمن بي فلن يموت إلى األبد«
)يوحنا.(٢٦-٢٤ :١١
قيلت ھذه العبارة عندما ذھب الرب يسوع إلى بيت عنيا ليقيم
لعازر من األموات .ونحن نعلم أنه لم يقل كلمات مثل ھذه أي نبي
قبل المسيح ،وال أي رسول بعده ،مع أن بعضھم أقام موتى .إنھا
عبارة مملوءة بالجالل ،بحيث ال يمكن لشخص بشري أن يقول
نظيرھا ،ما لم يكن مدع ًيا .فالمسيح يوضح بتلك الكلمات أنه ليس
ما بشر ًيا يتحدث عن القيامة ،بل ھو المصدر اإللھي لكل
معل ً
قيامة ،سواء كانت روحية اآلن ،أو حرفية في أوانھا .كما أنه أصل
وينبوع كل حياة ،طبيعية كانت أم روحية أم أبدية.
في ھذه األقوال ينسب الرب يسوع لنفسه القوة والقدرة على
كل شيء .ونالحظ أن الرب قال ھذا لتالميذه ،ليس في بداية
تواجده معھم ،بل في نھايته ،وفي نفس ليلة آالمه .فھو كان
ق معھم .وعليھم مزمعًا أن يتركھم ،لكنه يؤكد لھم أنه بالھوته با ٍ
أن يدركوا أنھم لن يقدروا أن يعملوا أي شيء بدونه .وھذا معناه
أنه ليس مجرد إنسان ،غيا ُبه عنھم ينھي عمله ،بل إن الھوته
ظاھر في أقواله ھنا ،وھم بدونه لن يقووا على عمل أي شيء.
والعكس أي ً
ضا صحيح ،فلقد قال الرسول بولس» :أستطيع كل
شيء في المسيح الذي يقويني« )فيلبي.(١٣ :٤
وفي ھذا قال الرب في العھد القديم» :أني أنا الرب إلھكم وليس
غيري ..ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر«
)يوئيل٢٧ :٢و.(٢٨
حس ًنا علﱠق القديس لوثر على ھذه اآلية بالقول” :قد يمكن ألي
مؤمن أن يقول الجزء األول من ھذه اآلية العظيمة» :كل ما ھو لي
فھو )لآلب(« ،ولكن من ذا الذي يقدر أن يضيف قائالً» :وما ھو
)لآلب( ھو لي«؟“.
ثم إن ھذه العبارة ال تعني مجرد معادلة ومساواة االبن باآلب ،بل
ھي في الواقع تعني شي ًئا أكثر من ذلك ،إذ إنھا تستلزم أي ً
ضا
الشركة والوحدة الكاملة في كل شيء ،كقول المسيح» :أنا
واآلب واحد« )يوحنا (٣٠ :١٠وھذا ھو تعليم الكتاب المقدس
بخصوص أقانيم الالھوت .مساواة في األقنومية ووحدة في
الجوھر!
»واآلن مجدني أنت أيھا اآلب عند ذاتك ،بالمجد الذي كان
لي عندك قبل كون العالم« )يوحنا٤ :١٧و.(٥
ما أقوى ھذه العبارة» :المجد الذي لي عندك قبل كون العالم«!
إننا نتفق مع أحد الشراح الذي قال لو لم يكن لدينا سوى ھذه
اآلية ،تحدثنا عن الھوت المسيح ،لما أمكننا أن نطعن في الھوته.
فھي تقول لنا صراحة إن المسيح كان من األزل مع اآلب ،وليس
ذلك فقط ،بل تحدثنا أن له مج ًدا أزل ًيا يتمتع به مع اآلب في األزل!
ونحن طبعًا ال يمكننا أن ندرك كنه ھذا المجد األزلي ،فھو من
ناحية غير معلن ،ومن ناحية أخرى يفوق عقولنا المحدودة .ولكن
ما ال نقدر أن نستوعبه ونفھمه ،يمكننا أن نؤمن به ونسجد ألجله.
)(٢
المزيد من أقوال المسيح
»ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تالميذه
قائالً :من يقول الناس إني أنا ابن اإلنسان؟« )متى:١٦
.(١٣
****
وفي ھذا االتجاه قال المسيح في عظة جبل الزيتون ،إنه متى
جاء في مجده وجميع المالئكة القديسون معه ،سيجمع أمامه
جميع الشعوب ،ويقول للذين عن يمينه» :تعالوا يا مباركي أبي،
رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم ..ثم يقول للذين عن
اليسار اذھبوا عني يا مالعين إلى النار األبدية المعدة إلبليس
ومالئكته .فيمضي ھؤالء إلى عذاب أبدي واألبرار إلى حياة أبدية«
)متى .(٤٦ -٣١ :٢٥ھذه اآليات تؤكد لنا أيضا أن المسيح ھو
الديان .ومن ھذه اآليات نفھم أن مصائر جميع الشعوب سيحدده
المسيح ،وذلك عندما يأتي كالديان في مجده ،ومعه ال جمھور
كبير من المالئكة ،بل جميع المالئكة .ويومھا سيجتمع أمامه ال
جنس واحد من البشر ،وال مجموعة محدودة ،بل جميع الشعوب،
وسيقوم ھو باعتباره الديان بمحاسبتھم.
وبحسب أقدم نبوة في الكتاب المقدس ،وھي تلك التي نطق بھا
أخنوخ السابع من آدم ،فإن الذي سيدين الجميع ھو الرب ،فلقد
قال أخنوخ» :ھوذا قد جاء الرب في ربوات قديسييه ليصنع دينونة
على الجميع ،ويعاقب جميع فجارھم ،على جميع أعمال
فجورھم التي فجروا بھا ،وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم
بھا عليه خطاة فجار« )يھوذا.(١٤
ومن ھذا نفھم أن الرب الديان كان في ذات يوم محتق ًرا ومخذوال ً
من الناس ،ولذلك فقد تكلموا عليه الكلمات الصعبة .إنه ھو الرب
يسوع المسيح الذي ُرفض لما كان ھنا على األرض ،وما زال
مرفوضًا من عدد كبير من البشر ،لكنه مع ذلك سيأتي عن قريب
باعتباره الرب الد ﱠيان ،وسيدين جميع البشر!
لكن المسيح لم يذكر فقط إنه أعظم من الھيكل ،بل قال إنه ”رب
السبت أي ً
ضا“ .وھذا القول يتضمن اإلعالن عن الھوته .فلو عرفنا
ماذا قال الرب في العھد القديم عن يوم السبت ،ألمكننا أن نفھم
بصورة أفضل معنى قول المسيح إنه ”رب السبت“.
وھناك عبارة نطق بھا المسيح توضح كيف أنه يمأل الكل ،فلقد
قال لنيقوديموس» :وليس أحد صعد إلى السماء ،إال الذي
نزل من السماء ،ابن اإلنسان الذي ھو في السماء«
)يوحنا .(١٣ :٣لقد كان المسيح يتكلم مع نيقوديموس في
أورشليم ،لكنه يعلن أن السماء ال تخلو منه .فھو موجود على
ضا في السماء .وھذه واحدة من الخصائص األرض وموجود أي ً
اإللھية ،فا§ وحده يمأل السماء واألرض ،كقول الرب إلرميا» :أ ما
أمأل أنا السماوات واألرض يقول الرب؟« )إرميا.(٢٤ :٢٣
والمسيح -كما يعلن الوحي -ھو ابن داود ،ولكنه ليس مجرد ابن
لداود ،وإال الستحال أن يدعوه داود ر ًبا .إنه ابن داود بالجسد،
ولكنه في الوقت نفسه ھو رب داود بالھوته .ونحن نعرف أن
الفريسيين واليھود لم يستطيعوا اإلجابة عن سؤال المسيح الذي
تركه معھم ليفكروا فيه .وھم إلى اآلن ،وبعد نحو ألفي عام لم
يصلوا إلى اإلجابة عنه.
م
م ْن ُھ ْ ة َ
ف ِ ك َت َب ً
ما َء َو َ ُم أَ ْن ِب َيا َء َو ُ
ح َ
ك َ ل إِلَ ْيك ْ س ُھا أَنَا أُ ْر ِك َ »لِ َذلِ َ
ُم َوتَ ْ
ط ُر ُدونَ عك ْ م ِ جا ِم ََج ِل ُدونَ فِي َ مت ْ ص ِل ُبونَ َو ِ
م ْن ُھ ْ تَقْ ُتلُونَ َوتَ ْ
ة« )متى (٣٤ :٢٣ دي َن ٍ
م ِ
ة إِلى ََ دي َن ٍ
م ِن َ م ْ
ِ
لقد قال المسيح ھذه الكلمات لليھود ،قبيل صلبه بأيام أو ساعات
معدودة ،قال إنه سيرسل إليھم أنبياء وحكماء وكتبة .فمتى
أرسلھم؟ يقي ًنا أرسلھم بعد قيامته من األموات ،وصعوده فوق
جميع السماوات.
ھذه األقوال تؤكد أن المسيح ليس مجرد نبي وال مجرد رسول،
بل إنه ھو الذي يرسل الرسل واألنبياء .وعليه فإن من يظن أن
المسيح مجرد رسول أو نبي ،يكون قد فاته مدلول ھذه العبارة
العظمى .فمن الذي يرسل األنبياء والحكماء؟ أليس ھو ﷲ؟
)ارجع إلى إشعياء ٨ :٦؛ يوحنا .(٦ :١إ ًذا قول المسيح ھنا يتضمن
أنه ھو بنفسه الرب ”إله األنبياء القديسين“ )رؤيا .(٦ :٢٢ولقد
تمم المسيح كالمه ھنا بعد قيامته من األموات وصعوده إلى
السماوات ،حيث أرسل إلى تلك األمة العاصية أنبياء وحكماء
وكتبة.
ضا في موعظة جبل الزيتون ھذا وفي ھذا الصدد يقول المسيح أي ً
القول المبارك والمحمل بالمعاني »تظھر عالمة ابن اإلنسان ...
فيبصرون ابن اإلنسان ...فيرسل مالئكته ببوق عظيم الصوت
فيجمعون مختاريه« )متى .(٣١ :٢٤ھذا معناه أن المالئكة ھم
مالئكة ابن اإلنسان ،وأنه يملك السلطان على إرسالھم ،وكذلك
فإن المختارين ھم مختاروه .فھذا الذي اتضع وافتقر لم يكن ،كما
نفھم من األصحاح األول في ھذه البشارة سوى ”عمانوئيل الذي
تفسيره ﷲ معنا“ ).(٢٣ :١
ومن الجميل أن نذكر أن المسيح قال ھذا الكالم قبيل آالمه وموته
بساعات معدودة .وكانت األيام التالية ستحمل الكثير من
المفاجآت غير السارة لتالميذه ،ومع ذلك فقد ثبت أن كل ما قاله
المسيح تم ،وتم حرف ًيا.
إن طريقة موته تمت كما قال ،فمات فوق الصليب )قارن يوحنا:١٨
،٣٢مع يوحنا .(٣٣ :١٢لقد كان قصد قادة اليھود األشرار أنه
بموته فوق الصليب ،وھي ميتة اللعنة والعار ،ستنتھي إلى األبد
شعبيته )ارجع إلى مزمور ،(٥ :٤١ولكن العجيب أن العكس ھو ما
حصل ،وبعد نحو خمسين يو ًما بدأت الكرازة به ،وآمن في عظة
واحدة ثالثة آالف نفس ،وما زال ھذا يحدث يوم ًيا في كل بقاع
العالم .ھناك ماليين لم تكن لھم به أية عالقة ،والبعض كان ينكره
ويبغضه ،لكن الصليب غيرھم فأحبوه وعبدوه ،وذلك إتما ًما لقوله:
»وأنا إن ارتفعت عن األرض أجذب إلي الجميع« )يوحنا.(٣٢ :١٢
ضا إنه سيقوم في اليوم الثالث .وھو ما حدث فعال، ولقد قال أي ً
فعندما ذھبت المرأتان إلى القبر في فجر أول األسبوع ،وجدن
الحجر مدحرجا عن باب القبر ،وسمعن صوت مالك السماء يقول
لھما» :إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب ،ليس ھو ھھنا
ألنه قد قام كما قال« )متى .(٦ ،٥ :٢٨ولقد ظھر لتالميذه في
ضا )متى ٣٢ :٢٦؛ .(٧ :٢٨وقال إن الھيكل الجليل كما قال أي ً
سيدمر تما ًما ،بحيث ال يترك حجر على حجر فيه إال وينقض ،وحدد
المدة قائالً» :الحق أقول لكم :ال يمضي ھذا الجيل حتى يكون
ھذا كله« )متى .(٣٤ ،٢ :٢٤وھو ما تم فعالً ،ويخبرنا التاريخ أنه
رغم تعليمات تيطس القائد الروماني بعدم المساس بمبنى
الھيكل ،واإلبقاء عليه كأثر تاريخي ،إال أن كالم المسيح ،وليس
كالم تيطس ،ھو الذي تم.
وقبل ذلك كان قد قال» :على ھذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب
الجحيم لن تقوى عليھا« )متى (١٨ :١٦وھو ما تشھد به القرون
العشرون الماضية .فكم حاولت معاول الھدم أن تھدم كنيسة
المسيح ،ولكن طاش سھمھم! واتضح أن كالم المسيح ھو أشد
ثباتًا من السماوات بقوانينھا الثابتة ،وأكثر رسوخا من األرض
بجبالھا الراسخة.
إذا فكالم المسيح أبدي وإلھي ،معصوم وصادق .إن كالمه له ذات
صفات كالم ﷲ ،ألنه ھو ﷲ.
قال أحد المفسرين” :أن ُيعطى مجرد مخلوق ،مھما سما ،كل
السلطان في السماء وعلى األرض ،ھو تعليم أكثر صعوبة بما ال
يقاس ،من التقرير بأن المسيح ھو ﷲ .فإن العبارة األولى تتضمن
فكرين متنافرين وال يمكن جمعھما معًا على اإلطالق“.
-٩المسيح قال إنه واحد مع اآلب والروح القدس:
من ذا الذي يمأل الزمان والمكان سوى ﷲ كلي التواجد .فأن يعد
المسيح تالميذه بأنه معھم كل األيام ،إلى انقضاء الدھر ،فھذا
معناه أن »يسوع المسيح ھو ھو أمسا واليوم وإلى األبد«
)عبرانيين .(٨ :١٣
ومن ھذا فإننا نرى أن األقوال الختامية إلنجيل متى تحمل لنا أدلة
متنوعة على الھوت المسيح ،فيذكر أوال ً أنه موضوع سجود
األتقياء ،إذ يقول عن تالميذه إنھم لما رأوه سجدوا له .وثان ًيا :أنه
كلي السلطان ،ليس في السماء فقط وال على األرض فحسب،
ضا واحدة من خصائص ﷲ. بل في السماء وعلى األرض ،وھذه أي ً
وثال ًثا :ھو كلي التواجد ،ال يخلو منه زمان وال مكان ،إذ قال
لتالميذه» :أنا معكم كل األيام إلى انقضاء الدھر« ،ونعلم أن ھذه
ضا واحدة من الخصائص اإللھية .فليس مالك وال إنسان يقال أي ً
عنه إنه موجود في كل مكان وكل زمان.
ومن الجميل أن إنجيل متى يبدأ بمولد ابن العذراء الذي ُدعي
»اسمه عمانوئيل ،الذي تفسيره ﷲ معنا« )متى ،(٢٣ :١ويختم
اإلنجيل بقول عمانوئيل نفسه إنه مع تالميذه كل األيام إلى
انقضاء الدھر!
ترى كيف فھم الرجل الذي شفاه المسيح ھذا التعبير» :أخبرھم
كم صنع بك الرب ،ورحمك«؟ من ھو الرب الذي أنقذ ھذا
المجنون من الشياطين التي كانت تسكنه؟
نرى اإلجابة على ذلك من كلمات البشير مرقس التي تلت عبارة
المسيح ھذه» :أما ھو )أي الرجل الذي كان مجنونًا ورحمه الرب
وشفاه( فمضى ونادى في العشر المدن كم صنع به يسوع«.
وھذا معناه أن يسوع الذي خلص الرجل من الشياطين ،ھو الرب.
ونحن نعرف أن ھذا ھو التعبير الذي ارتبط بالنسيح من يوم مولده،
عندما قال مالك السماء للرعاة» :ولد لكم اليوم في مدينة داود
مخلص ھو المسيح الرب« .فلم يكن يسوع ھذا مجرد مسيح ،وال
مجرد رب ،بل ھو ”المسيح الرب“.
وفي العھد الجديد بعد قيامة المسيح وصعوده ،اربتط لقب الرب
بأقنوم االبن ،واستخدم فيما ندر عن اآلب أو الروح القدس ،لكنه
استخدم عن االبن حوالي ٦٥٠مرة!
في محاكمة المسيح أمام قيافا رئيس الكھنة ،طرح رئيس الكھنة
سؤاال ً محد ًدا ،ليجيب المسيح عنه بنعم أو ال ،إن كان ھو ”ابن
ﷲ“ ،فأجابه المسيح قائال ً له» :أنا ھو« .فكانت النتيجة أن »مزق
رئيس الكھنة ثيابه وقال :ما حاجتنا بعد إلى شھود؟ قد سمعتم
التجاديف .ما رأيكم؟ فالجميع حكموا عليه أنه مستوجب الموت«
ھذا التعبير الذي أثار حنق رئيس الكھنة الشرير ھو وبطانته ،ورد
عن المسيح في العھد الجديد ما ال يقل عن خمسين مرة .ومع
أن المسيح بصفة عامة لم يشر إلى شخصه أنه ابن ﷲ ،إال فيما
ندر ،ومع ذلك فقد عرفه الكثيرون كذلك ،إذ الحظوا عظمة شخصه
وسمو أمجاده.
ومرة أخرى سأل الرب تالميذه قائالً» :من يقول الناس عني إني
أنا ابن اإلنسان؟« .ومن ردود التالميذ نفھم أن البشر قالوا عن
المسيح كال ًما حس ًنا ،في مجمله أنه ”واحد من األنبياء“ ،لكن
المسيح لم تسره ھذه اإلجابة ،وكأنه كان ينتظر شي ًئا أفضل بعد
كل ما عمله بينھم .لذلك فإنه سأل تالميذه» :وأنتم من تقولون
إني أنا ھو؟« ،فأجابه بطرس قائالً» :أنت ھو المسيح ابن ﷲ
الحي« .والرب ط ﱠوب بطرسا ألن اآلب أعلن ھذا له ،مما يدل على
أن ھذا اإلعالن” :المسيح ابن ﷲ الحي“ يختلف تما ًما عما وصل
م
َ فعال إليه باقي الناس من أن المسيح ”ھو واحد من األنبياء“ ،وإال
كان التطويب لبطرس؟
· فاآلب شھد له بأنه ابنه ،وفعل ذلك ٧مرات )متى١٧ :٣؛ ٥ :١٧؛
مرقس ١١ :١؛ ٧ :٩؛ لو٢٢ :٣؛ ٣٥ :٩؛ ٢بط.(١٧ :١
· والروح القدس شھد عنه كذلك )مرقس،(١:١
· وھو قال كذلك عن نفسه سواء قبل الصليب )يوحنا٣٥ :٩؛ :١٠
،(٣٦أو بعد القيامة )رؤيا.(١٨ :٢
· والتالميذ أقروا بھذا األمر أكثر من مرة )متى ٣٣ :١٤؛ ١٦ :١٦؛
يوحنا ٣٤ :١و ٤٩؛ ،(٢٧ :١١
· بل وحتى الغرباء عرفوا ذلك واعترفوا به ،كما حدث مثال ً من قائد
المئة األممي الذي كان عند الصليب ،الذي لما رأى أعاجيب
الجلجثة قال» :ح ًقا كان ھذا ابن ﷲ« )متى٥٤ :٢٧؛ مرقس:١٥
.(٣٩
كما قال أي ً
ضا:
وقال أي ً
ضا لليھود:
لو كان المسيح مجرد نبي ما كان يمكنه مطل ًقا أن يكون الطريق
الوحيدة للخالص ،بل في ھذه الحالة يكون إحدى طرق ﷲ
لخالص البشر .أما أن يكون ھو الطريق الوحيد للخالص ،فليس
لھذا من تفسير معقول سوى أنه ليس نب ًيا ،من األنبياء الذين أتوا
ورحلوا ،بل ھو ﷲ ،إذ ھو ”المخلص الوحيد“.
»ھذا يقوله األول واآلخر .الذي كان ميتًا فعاش« )رؤيا(٨ :٢؛
ومرة أخرى:
كما قال أي ً
ضا:
لقد قال الرب ھذا ليوحنا »أنا ھو األول واآلخر« ،عندما سقط يوحنا
عند رجليه كميت .ونحن نجد في العھد القديم تأثي ًرا مشاب ًھا لھذا
حدث في ظھورات إلھية سابقة ،مع إبراھيم )تكوين،(٣ :١٧
ومنوح )قضاة(٢٠ :١٣؛ وحزقيال )حزقيال٢٣ :٣؛ ٣ :٤٣؛ ،(٤ :٤٤
ودانيآل )دانيال١٧ :٨؛ .(١٧-١٥ ،٩ ،٨ :١٠
لكن ،إن كان -من جانب يوحنا – حدث الخوف والفزع ،فمن جانب
المسيح أتت تلك اإلعالنات السامية عن شخصه ،مستخد ًما
التعبيرات الخاصة با§ دون سواه .فمن سوى ﷲ يمكن أن يكون
»األول واآلخر ،البداية والنھاية ،األلف والياء« .ھذا التعبير ال يرد
في كل الكتاب سوى في نبوة إشعياء ،ويرد فيھا ثالث مرات )في
ص٤ :٤١؛ ٦ :٤٤؛ (١٢ :٤٨كلھا عن الرب )يھوه( مما يدل على
عبر إشعياء في اآلية أن ھذا التعبير إلھي .فا§ ھو وحده – كما ﱠ
األولى ) (٤ :٤١الذي يقف خارج التاريخ ،خارج تاريخ الفداء
)إشعياء ،(٦ :٤٤وخارج تاريخ الخليقة )إشعياء .(١٢ :٤٨إن الزمان
ضيف عليه! ھو األول وال شيء قبله .ھو علة كل شيء وليس له
علة .ثم إنه ھو اآلخر ،وليس بعده شيء ،ھو المآل لكل خليقته.
وعندما يكرر الوحي ھذا الفكر ثالث مرات :األول واآلخر ،البداية
والنھاية ،األلف والياء ،فإن ھذا ال يمكن أن ينطبق إال على ﷲ
وحده.
في اآلية السابقة كان الرب قد قال ليوحنا» :أنا ھو األول واآلخر«.
واآلن يضيف له أنا ”الحي“ ،وأيضا ”أنا حي إلى أبد اآلبدين“ .فا§
يسمى في الكتاب المقدس بأنه الحي .بينما الكل عداه أموات.
قال اليھود للمسيح عن إبراھيم وعن باقي األنبياء» :ألعلك أعظم
من أبينا إبراھيم الذي مات ،واألنبياء ماتوا جميعًا« .نعم كل األنبياء
ماتوا ألنھم بشر ،أما ﷲ فال يموت .وھنا يقول المسيح عن نفسه
إنه ھو الحي .بل ھو الذي قيل عنه» :فيه كانت الحياة« )يوحنا:١
.(٤
ففي اآلية السابقة استطرد المسيح متحدثًا إلى يوحنا فقال له:
يقال ھذا التعبر عن الرب يھوه أكثر من مرة في نبوة إرميا .فلقد
قال» :القلب أخدع من كل شيء وھو نجيس من يعرفه؟«
ويجيب» :أنا الرب فاحص القلوب ومختبر الكلى« )إرميا١٠ :١٧
انظر أيضا ص٢٠ :١١؛ ،(١٢ :٢٠بمعنى أنه ال يوجد من يعرف
قلوب البشر إال ﷲ .وھو عين ما قاله سليمان الحكيم» :ألنك أنت
وحدك عرفت أفكار جميع بني البشر« )١ملوك .(٣٩ :٨وال يوجد
مطل ًقا من يعلم ما في صدور الناس سوى ﷲ »ألنه ھو يعرف
خفيات القلب« )مزمور .(٢١ :٤٤ھذا مجد يخص الرب )يھوه( وحده
دون سواه.
لكن المسيح ھنا يقول إنه ھو »فاحص الكلى والقلوب« ،بمعنى
إنه يعرف األفكار والنيات ،ويعلم أعماق اإلنسان .يدرك الدوافع
واألفكار ،ويفحص العواطف الداخلية والرغبات في األعماق.
بكلمات أخرى ھو الكلي العلم .كيف ال وھو الديان!
والمقطع األول من اآلية السابقة ليس أحجية ،بل إنه إجابة عن
أحجية المسيح التي قالھا كآخر سؤال وجھه لليھود قبل أن ينطق
عليھم بمرثاته .عندما سألھم »ماذا تظنون في المسيح؟ ابن من
ھو؟ فقالوا ابن داود .فقال لھم يسوع :فكيف يدعوه داود بالروح ر ًبا
قائال :قال الرب لربي حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك؟ فإن كان
ھو ابنه فكيف يكون ربه؟« )متى.(٤٥-٤٣ :٢٢
)(٣
ماذا قالت أعمال المسيح؟
»صدقوني ..وإال فصدقوني بسبب األعمال نفسھا«
)يوحنا ٣٧ :١٠و.(٣٨
****
-١تطھير األبرص:
لقد اخترت ھذه المعجزة ألتحدث عنھا في البداية ،ألنھا كانت أول
معجزة مسجلة للمسيح في البشائر األربع .وھي معجزة عظيمة
في نظر اليھود الذين عملت المعجزة بينھم ،والذين كتب متى
البشير إنجيله إليھم ،وذلك لجملة أسباب:
ثان ًيا :كان ھذا المرض -بحسب شريعة موسى – يعتبر نجاسة،
تحرم صاحبھا ليس فقط من ممارسة العبادة في ھيكل ﷲ ،بل
حتى من االختالط مع شعب ﷲ ،فكان يتم عزله خارج أماكن
إقامة الشعب .وعن ھذا المرض اللعين أفرد الناموس أصحاحين
كاملين لشرحه وشرح كيفية التعامل مع المصابين به )الويين ١٣؛
.(١٤
ثال ًثا :إنه كان يستحيل الشفاء من ھذا المرض .ولھذا فإنه عندما
رئيس جيشه نعمان السريانيَ أرسل ملك أرام إلى ملك إسرائيل
ليشفيه من برصه ،مزق الملك ثيابه ،وقال» :ھل أنا ﷲ لكي
ي أن أشفي رجال ً منأميت وأحيي ،حتى أن ھذا يرسل إل ﱠ
برصه؟« )٢ملوك .(٧ :٥مما يوضح لنا نظرة الناس إلى خطورة ھذا
المرض ،واستحالة الشفاء منه.
وعندما أتي ذلك األبرص فقد قال للمسيح» :يا سيد :إن أردت
تقدر أن تطھرني« ،فقال له يسوع» :أريد فاطھر« .الحظ أن
المسيح لم يقل له” :كل شيء بإذن ﷲ“ ،بل قال” :أريد“ .ونقرأ:
”ففي الحال طھر برصه“!
ترى من الذي له سلطان أن يقول ”أريد“ .وال يقولھا فقط ،بل يفعل
ضا .ح ًقا لقد أثبت المسيح بھذا أنه ھو ﷲ الذي يعمل كلأي ً
شيء حسب رأي مشيئته« )أفسس.(١١ :١
-٢شفاء المرضى:
لقد قام بعض األنبياء والرسل بعمل معجزات شفاء ،لكنھم عملوا
تلك المعجزات بقوة استمدوھا من ﷲ عن طريق الصالة ،أو
بسلطان أخذوه من الرب يسوع المسيح نفسه ،أما المسيح -
بخالف كل من سبقه وكل من لحقه -فعل تلك المعجزات بقوته
ھو وسلطانه الشخصي .وليس ذلك فقط بل إنه أعطى ھذا
السلطان آلخرين )متى .(٨-٥ :١٠وواضح أن من يعطي السلطان
لغيره ،يملك ھو شخص ًيا ھذا السلطان.
ثم الحظ أنه لم تكن ھناك أنواع من األمراض متخصص فيھا الرب
يسوع ،بل يقول عنه متى البشير إنه »كان يشفي كل مرض
وكل ضعف في الشعب ..فأحضروا إليه جميع السقماء
المصابين بأمراض وأوجاع مختلفة والمجانين والمصروعين
والمفلوجين فشفاھم« )متى ٢٣ :٤و .(٢٤ومرة ثانية يقول:
»وكان يسوع يطوف المدن كلھا والقرى يعلم في مجامعھم...
ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب« )متى.(٣٥ :٩
ضا إلى متى ٣٥ :١٤و٣٦؛ ٣٠ :١٥و٣١؛ مرقس٣٤-٣٢ :١؛ ارجع أي ً
١٠ :٣؛ ٥٥ :٦و٥٦؛ لوقا٤٠ :٤؛ ١٩ :٦
وأما كيف كان الرب يشفي المرضى ،فإن المسيح أحيانًا كان
يشفي بكلمة ،مجرد كلمة يقولھا ،وكانت كلمته تحمل معھا
السلطان ،فيھرب المرض من المريض الذي أمامه .ومرات كان
المسيح يشفي بكلمة ،لكن من على بعد ،دون أن يقابل المريض
شخص ًيا ،لكن كلمته وأمره كانا يحمالن معھما السلطان؛ وأحيان ًا
كان الذين يلمسونه ينالون الشفاء.
لقد شفى المسيح بكلمة .فھو مثال ً قال للمفلوج الذي ُق ِدم
إليه يحمله أربعة» :قم واحمل سريرك ،واذھب إلى بيتك .فقام
للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل« )مرقس.(١٢ ،١١ :٢
ولمريض بركة بيت حسدا الذي ظل مقع ًدا لمدة ثماني وثالثين
سنة ،يرجو الحصول على الشفاء عن طريق نزوله في البركة
متى تحرك الماء ،كلمة واحدة من فم المسيح جعلت ذلك الرجل
صاحب أقدم مرض ،يحمل سريره ويمشي« )يوحنا.(٩-٥ :٥
ولحماة بطرس نقرأ أنه انتھر الحمى فتركتھا ،بل نقرأ إنھا في
الحال قامت وصارت تخدمھم )لوقا .(٣٩ ،٣٨ :٤ومع الرجل ذي اليد
اليابسة قال المسيح له مد يدك فعادت صحيحة كاألخرى
)متى.(١٣ :١٢
ومرات كان المسيح يشفي بدون كلمة يقولھا ھو ،وال كلمة
يقولھا المريض ،كل ما في المسألة أن يأتي المريض ويلمس
ھدب ثوب المسيح فينال المريض الشفاء في الحال .ويخبرنا
الوحي عن امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة ،تألمت كثي ًرا
من أطباء كثيرين ،وأنفقت كل ما عندھا ،ولم تنتفع شي ًئا بل صارت
إلى حال أردأ .ما أن سمعت عن يسوع حتى أتت إليه ألنھا قالت
إن مسست ولو ھدب ثوبه شفيت ،وقد كان .ولقد صارت ھذه
المرأة رائدة ،اقتدى بھا الكثيرون .ففي مرقس ٢٨ :٥يذكر لنا
لمسة ھذه المرأة للمسيح وشفائھا ،وفي مرقس ٥٦ :٦يذكر
كيف أن مرضى كثيرين طلبوا أن يلمسوا ولو ھدب ثوبه ،وكل من
لمسه شفي!
فإيمان ھذه المرأة شفاھا ،ولكن كلمة الرب مألت قلبھا بالثقة.
قارئي العزيز إنه أيضا يراك ويعرفك ،فھل لديك إيمان؟ »إيمان
مختاري ﷲ«؟ )تيطس .(١ :١مكتوب» :ولكن بدون إيمان ال يمكن
إرضاؤه )أي إرضاء ﷲ( .ألنه يجب أن الذي يأتي إلى ﷲ يؤمن بأنه
موجود ،وأنه يجازي الذين يطلبونه« )عبرانيين .(٦ :١١
ھذه اآلية لم يقم بعمل نظيرھا نبي من قبل المسيح ،وال رسول
من بعده .وكان معرو ًفا بين معلمي اليھود أن آية تفتيح أعين
العميان تخص المسيح وحده دون سواه ،بحيث أن من يفتح أعين
العميان يكون بالتأكيد ھو المسيح من َتظَر األمة .ولھذا فلما أرسل
يوحنا المعمدان اثنين من تالميذه إلى الرب ليسأله» :أنت ھو
اآلتي أم ننتظر آخر؟« فإن المسيح في إجابته على المعمدان،
أشار على رأس ما أشار ،إلى معجزات تفتيح أعين العميان قائالً:
»إذھبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران .العمي يبصرون ،والعرج
يمشون ،والبرص يطھرون ،والصم يسمعون ،والموتي يقومون،
في« )متى .(٥ ،٤ :١١ ﱠ والمساكين يبشرون .وطوبى لمن ال يعثر
ولھذا فآية تفتيح أعين العميان برھنت لكل ذي بصيرة داخلية أن
يسوع ھو المسيح ،وأنه ھو الرب اإلله.
ولقد ذكرت البشائر األربع قيام المسيح بإعطاء نعمة البصر لسبعة
أشخاص مذكورين بالتفصيل ،ھم بترتيب ذكرھم في الكتاب:
األعميان اللذان شفاھما المسيح في بداية خدمته )متى -٢٧ :٩
بؤسا
ً (٣١؛ ثم أعمى آخر مذكور في متى ،٢٢ :١٢وكانت حالته
مرك ًبا ،إذ كان أعمى وأخرس ومجنونًا؛ ثم أعميان شفاھما الرب
بقرب أريحا ،في نھاية خدمته تقري ًبا )متى ،(٣٤-٢٩ :٢٠
والسادس ھو األعمى الذي من بيت صيدا والذي ذكر في مرقس
،٢٦-٢٢ :٨والسابع ھو رجل أعمى منذ والدته ،مذكورة قصته في
يوحنا٩
ثم العصب البصري ،وھو يحول طاقة الضوء إلى نبضات عصبية ،من
ثم ينقل تلك النبضات من العين إلى الدماغ ليترجمھا المخ.
ولقد كان معظم التالميذ صيادين مھرة ،لھم خبرة كبيرة في
البحر ،وبال شك حاولوا بكل مھارتھم مواجھة العاصفة ،دون أن
ُيقلقوا معلمھم .لكن انطبقت عليھم كلمات المزمور أمام الريح
العاصفة ،واألمواج المتالطمة» :يصعدون إلى السماوات ،يھبطون
إلى الھاوية ،ذابت أنفسھم بالشقاء .يتمايلون ويترنحون مثل
السكران ،وكل حكمتھم ابتلعت« )مزمور .(٢٧ ،٢٦ :١٠٧فماذا
يفعلون؟
ما أعجب ھذا! الرياح سكنت ،واألمواج وقفت ،والجو صفا ،والماء
صار كصفحة الزجاج .ومع أن العاصفة عادة تتوقف تدريج ًيا ،لكن ما
حدث ھنا كان خال ًفا لھذا ،فكلمته حملت معھا الھدوء التام
للعاصفة!
من ذا الذي له سلطان على الريح؟! لقد كان ھذا السؤال »من
جمع الريح في حفنتيه؟« )أمثال ،(٤ :٣٠إحدى األحاجي التي
ذكرھا أجور بن متقية مسا ،ال إجابة عنھا سوى »ﷲ«.
والبحر ..من يتحكم فيه؟ إن أحجية أجور تستطرد قائلة» :من صر
المياه في ثوب؟« .وﷲ وھو يحاج أيوب مظھ ًرا له ضعفه التام إزاء
قدرة ﷲ المطلقة ،قال له» :من حجز البحر بمصاريع ،حين اندفق
..جزمت عليه حدي وأقمت له مغاليق ومصاريع ،وقلت إلى ھنا
تأتي وال تتعدى ،وھنا ت ُتخم كبرياء لججك« )أيوب.(١١-٨ :٣٨
ليس عجيبًا إ ًذا أن سيدنا يدعى اسمه ”عجي ًبا“؛ فذاك الذي قب َ
ل
ما من اإلعياء ،قام وانتھر قوى الطبيعة الثائرة! وھو
لحظات كان نائ ً
إن كان قد ذكر قبل تلك المعجزة مباشرة أنه ”ليس له أين يسند
رأسه“ )متى ،(٢٠ :٨لكن دعنا ال ننسى أنه ھو المتسلط على
كبرياء البحر ،الرب يھوه .إنھا واحدة من المشاھد التي تظھر لنا
بوضوح الطبيعتين في الشخص الواحد يسوع المسيح :الطبيعة
الالھوتية ،والطبيعة البشرية.
دعنا نتوقف عند توبيخ المسيح لتالميذه ،ليس ألنھم أقلقوه في
نومه ،بل ألنھم ھم أنفسھم قلقوا .لقد قال لھم» :ما بالكم
خائفين ھكذا يا قليلي اإليمان؟« .والسؤال الذي يفرض نفسه :أ
لم يكن من الواجب عليھم أن يوقظوه ألنھم صاروا بالفعل في
خطر؟ اإلجابة :إنه كان قد أمر بالذھاب إلى العبر .وكأنه يقول لھم:
”طالما أني قلت ذلك ،فال بد أنكم ستصلون إلى العبر كما قلت
لكم .مھما حدث في البحر“!
ھناك آيات كثيرة في العھد القديم تعرفنا أكثر بحقيقة شخص ربنا
يسوع المسيح ،كما نراه في ھذه المعجزة ،فيقول المرنم عن
الرب» :يجمع كند أمواج اليم ،ويجعل اللجج في أھراء« )مزمور:٣٣
رب وحقكقوي ٌ
ٌ ضا» :يا رب إله الجنود من مثلك، ،(٧ويقول أي ً
من حولك .أنت متسلط على كبرياء البحر ،عند ارتفاع لججه أنت
ضا »من أصوات مياه كثيرة ،منتسكنھا« )مزمور .(٩ ،٨ :٨٩وأي ً
غمار أمواج البحر ،الرب في العلى أقدر« )مزمور.(٤ :٩٣
والمسيح حين صار إنسان ًا ،لم يكف عن كونه ﷲ ،وال تخلى عن
أية صفة من صفات الالھوت ،فكان ھو كلي العلم وكلي القدرة
ومعجزاته تظھر لنا ذلك.
-٦إخراجه للشياطين.
في المعجزة الثالثة ،حيث خلص الرب رجال ً فيه روح نجس في
مكان العبادة )المجمع( فإننا نقرأ عن اعتراف الشياطين التي
قالت للمسيح» :آه ،ما لنا ولك يا يسوع الناصري! أتيت لتھلكنا؟«
)مرقس ،(٢٤ :١مما يدل على أن »الشياطين يؤمنون
ويقشعرون« )يعقوب ،(١٩ :٢كما يدل على أنھا تعرف من ھو
الذي سيدينھا ،إنه ھو المسيح! في مناسبة أخرى اعترفت
الشياطين أن المسيح ھو ابن ﷲ ،وعرفت أنه معذبھا ،إذ قالوا له:
»ما لنا ولك يا يسوع ابن ﷲ؟ أ جئت إلى ھنا قبل الوقت
لتعذبنا؟« )متى .(١٩ :٨فمن يكون ھذا؟
-٧تكثير الخبز:
والمسيح كان يعرف أنه سيعمل تلك العجيبة .ويوضح لنا البشير
يوحنا أن المسيح أمسك بزمام المبادأة عندما سأل فيلبس» :من
أين نبتاع خب ًزا ليأكل ھؤالء؟ وإنما قال ھذا ليمتحنه ألنه علم ما
ھو مزمع أن يفعل«.
ولقد أكل الجميع وشبعوا ،وليس كما قال فيلبس »يأخذ كل واحد
شي ًئا يسي ًرا« .لقد أعطاھم الرب »بقدر ما شاءوا« )يوحنا،(١١ :٦
و”فضل عنھم“!
ثم كرر المسيح مرة ثانية ھذه المعجزة عندما أشبع نحو أربعة
آالف ،ما عدا النساء واألوالد ،وھي المعجزة التي وردت في
بشارتي متى ،٣٩-٣٢ :١٥ومرقس .١٠-١ :٨فأكل الجميع
وشبعوا ،ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سالل مملوءة«!
-٨إقامة الموتى
الحظ أحدھم أن المسيح لما كان ھنا على األرض لم يعظ في أية
جنازة ،وذلك ألنه إذ كان يوجد في مكان ،كان الموت يھرب من
أمامه! ولقد أقام المسيح في أثناء خدمته الكثيرين من الذين كانوا
قد ماتوا .وتسجل لنا البشائر األربع ثالثة أشخاص بالذات أقامھم
المسيح من األموات :وھم كاآلتي :ابنة يايرس )متى،٢٦-٢٣ :٩
مرقس ،٤٣-٣٥ :٥لوقا(٥٦-٤٩ :٨؛ ثم ابن أرملة نايين )لوقا-١١ :٧
(١٧؛ وأخي ًرا أقام المسيح لعازر الذي من بيت عنيا )يوحنا-١ :١١
.(٤٤
في المعجزة األولى أقام المسيح ابنة يايرس بعد موتھا بفترة
وجيزة ،حيث كانت ما تزال على فراشھا وفي غرفتھا.
عندما وصل الرب إلى البيت ،وجد ھناك الضجيج والبكاء .وھذا
يؤكد كم اإلنسان ضعيف أمام ھذا العدو اللعين الموت ،والذي
ُيسمى في الكتاب ”ملك األھوال“! لكن األمر ليس كذلك بالنسبة
للرب يسوع .لقد قھر المسيح عدو البشرية األول ،أعني به
الموت .وكان ھذا برھانًا على أنه ھو الرب ،إذ »عند الرب السيد
للموت مخارج« )مزمور.(٢٠ :٦٨
وعندما قال المسيح »لم تمت الصبية لكنھا نائمة« .فإنھم في
عدم إيمانھم استھزئوا به” .ضحكوا عليه“ .ومن ضحك ھؤالء
األشرار نتيقن أن البنت كانت قد ماتت فعالً ،فلقد خدمت
حا ،وكانت بمثابة شھادة وفاة للبنت،ضحكاتھم الشريرة قص ًدا صال ً
تعلن أن البنت كانت قد ماتت فعالً.
لكننا ھنا نرى باإلضافة إلى قوة الرب ونصرته على الموت ،ترفق
المسيح وحنانه على األرملة المحطمة التي انكسر عكازھا،
وانطفأت شمعتھا ،وھي ماضية لتدفن آخر أمل لھا في الحياة.
لكن القوي الحنان تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون ،وبكلمة
حا
واحدة منه انتھر الموت ،وأعاد الشاب الميت إلى أمه صحي ً
معافى!
ھذا ھو طابع إنجيل لوقا الذي انفرد بذكر ھذه المعجزة .ولھذا فإنه
بخالف ابنة يايرس التي حضر أبوھا يدعو المسيح ليشفي ابنته
من المرض ثم ليقيمھا من الموت ،وبخالف لعازر الذي أرسلت
أختاه تطلب من المسيح ليحضر ليشفيه من مرضه ،فإن المسيح
في ھذه المعجزة لم يرسل إليه أحد وال طلب منه أحد شي ًئا .إنھا
النعمة التي تأخذ زمام المبادرة وتقيم الميت.
ولما جاء إلى القبر قال» :ارفعوا الحجر« .وھنا اعترضت مرثا،
وقالت له» :يا سيد قد أنتن ،ألن له أربعة أيام« .كأنھا أرادت أن
ك إنتقول” :ال فائدة من المحاولة“ .قال لھا الرب» :أ لم أقل ل ِ
آمنتِ ترين مجد ﷲ؟«.
ثم رفع المسيح الشكر لآلب ،وبعدھا صرخ بصوت عظيم ،ال
ليسمعه لعازر ،بل »ألجل ..الجمع الواقف« ،وقال” :لعازر ھلم
جا“ .وھي المرة الوحيدة التي فيھا نادى الرب الميت باسمه. خار ً
ولقد أصاب القديس أغسطينوس عندما قال” :لو لم يكن الرب في
ھذه المعجزة قال »لعازر« ،لكان كل األموات الذين في المدفن قد
قاموا“.
عند القبر لم يقل المسيح :في اسم اآلب قم أيھا الرجل ،وال قال
أرجوك يا أبي أن تقيم لعازر ،بل أصدر أم ًرا للميت» :لعازر ھلم
جا ،فخرج الميت ويداه ورجاله مربوطات بأقمطة ،ووجھه خار ً
ملفوف بمنديل« )يوحنا .(٤٤ ،٤٣ :١١حدث ھذا في وضح النھار،
وأمام شھود قد يعدوا بالعشرات أو بالمئات .ونحن ال يمكننا أن
نتخيل معجزة ممكن أن تكون أوضح أو أقوى من تلك التي عملھا
المسيح ،كآخر معجزة مسجلة له في إنجيل يوحنا .وأن يسمع
الميت الصوت الذي يناديه ،ويطيعه ،ويخرج الميت أمام جمع
حاشد في المدفن ،فھذا برھان أكيد على الھوت المسيح.
وكما انفرد لوقا بذكر المعجزة السابقة ،معجزة إقامة الشاب ابن
أرملة نايين ،فقد انفرد يوحنا بذكر ھذه المعجزة ،فيوحنا في
إنجيله يحدثنا عن المسيح ”ابن ﷲ“ .ويوحنا اكتفى من معجزات
إقامة األموات بذكر ھذه المعجزة وحدھا ،فھي األصعب .فإقامة
الميت بعد أن أنتن ،ال تقل عظمة عن الخلق نفسه ..أن يجمع
ﷲ ذرات جسد اإلنسان بعد تحلله ،ھذا – بكل تأكيد -يتطلب
عظمة قدرة ﷲ الفائقة )أفسس ،٢٠ ،١٩ :١فيلبي.(٢١ ،٢٠ :٣
)(٤
آيات مؤيدة لالھوت المسيح
يعلن الكتاب المقدس ،كتاب ﷲ ،أن المسيح ھو ﷲ منذ األزل،
لكنه َق ِبل أن يصير إنسانًا ،فولد وعاش ومات كما يحدث مع البشر،
وذلك لكي يتمم قصد ﷲ من جھة مشروع الفداء .لكنه لم يولد
كما يولد باقي البشر ،ولم يعش كما يعيشون ،وال مات كما
يموتون ،وذلك ألنه مع كونه اإلنسان ،لكنه ليس مجرد إنسان ،بل
ھو أعظم بما ال يقاس.
oثم نختم ببعض آيات الكتاب المقدس التي تؤكد الحقيقة ذاتھا
آيات مولده:
لكن بعد حادثة خلق آدم وحواء ،فإن ﷲ جعل طريقة الدخول إلى
العالم ھي طريقة واحدة ،ال يمكن أن يحدث دخول إلى العالم
بغيرھا ،وھي تزاوج رجل بامرأة .واستمر ھذا األمر آال ًفا من
السنين ،فيھا ُولد ماليين وباليين البشر بھذه الطريقة الوحيدة.
فولد ،ولكنه ُولد بطريقة مختلفة تما ًما عن
إلى أن جاء المسيحُ ،
سائر البشر.
لماذا؟
وآدم قبل خلقه لم يكن له وجود ،وال حواء كانت موجودة قبل
خلقھا ،لكن المسيح كان موجو ًدا قبل والدته .قال المسيح في
إنجيل يوحنا » ٥٨ :٨قبل أن يكون إبراھيم أنا كائن«.
إذاً فمسألة الميالد العذراوي ،لھا أبعاد تختلف عن مجرد قدرة ﷲ،
التي نحن نؤمن بھا تما ًما ،بل إنھا تؤكد سمو شخص المسيح.
فھذا العظيم عندما دخل إلى العالم ،لم يدخله بالطريق الذي
دخل منه سائر البشر.
عندما وصل ابن ﷲ إلى العالم ،فقد أعلنت السماء لسكان األرض
ھذا الخبر العظيم ،ميالد المسيح .ولقد وقع اختيار السماء على
قوم من الرعاة البسطاء ،كانوا محط اھتمام السماء ،ألنھم أتقياء،
رغم أنه ال وزن لھم أو تقدير عند العظماء .وكان ھؤالء الرعاة
الفقراء أول من سمع بخبر ميالد الفادي ،في ذات ليلة الميالد.
لقد أتى مالك السماء لھؤالء الرعاة يقول» :ال تخافوا فھا أنا
عظيم يكون لجميع الشعب ،إنه ُولد لكم اليوم في ٍ أبشركم بفرحٍ
مدينة داود مخلص ھو المسيح الرب .وھذه لكم العالمة؛ تجدون
طفال ً مقمطًا مضجعًا في مذود« )لوقا.(١٢-١٠ :٢
من ھو ھذا الذي بمولده تتحرك السماء ،وتعلن خبر مولده؟ قبل
أن يولد يوحنا المعمدان قال المالك جبرائيل لزكريا أبيه» :كثيرون
سيفرحون بوالدته« ،وأما عند مولد المسيح فكانت كلمات المالك
للرعاة أن الفرح العظيم سيكون ”لجميع الشعب“! وذلك ألنه ولد
لھم ”مخلص ھو المسيح الرب“!
إ ًذا فلقد أعلن مالك السماء لھؤالء البسطاء مج ًدا ثالث ًيا عن
المسيح :فالذي ولد ھو المخلص ،وھو المسيح ،وھو الرب!
ضا بظھور نجم في السماء لمجوس من لقد ارتبط مولد المسيح أي ً
بالد المشرق .كان ھؤالء المجوس علماء في الطبيعة والفلك.
ما يدل على مولد المسيح ،فأتوا ليسجدوا له .فكماولقد رأوا نج ً
كلم ﷲ الرعاة باللغة البسيطة التي يفھمونھا ،فقد كلم المجوس
ضا بلغة الفلك التي يفھمونھا. أي ً
آيات حياته
قال واحد أنا أومن بالھوت المسيح ألن كمال ناسوته ھو الحجة
على كمال الھوته .فبخالف جميع البشر ،لم يعتذر المسيح على
تصرف عمله ،ولم يسحب كلمة قالھا .لقد قال المسيح لليھود
أعدائه» :من منكم يبكتني على خطية؟« )يوحنا .(٤٦ :٨فلم
يستطع واحد منھم أن ينبس ببنت شفة!
لقد عاش المسيح ھنا فوق األرض أكثر من ثالثين سنة ،وتكالبت
ضده كل قوى الشر ،وتجرب بكل التجارب نظيرنا تما ًما ،ولكن يؤكد
الوحي أنه تجرب بال خطية .لقد سقط آدم في الخطية والتعدي
فو ًرا عندما تجرب من امرأته ،وسقطت حواء في الغواية عندما
غرتھا الحية ،وأما المسيح القدوس فلقد تجرب من كل حدب
وصوب ،ولكنه قط لم يسقط أمام التجربة.
لقد قال عنه الرسول بطرس» :لم يفعل خطية« )١بطرس،(٢٢ :٢
وقال عنه الرسول بولس» :لم يعرف خطية« )٢كورنثوس،(٢١ :٥
وقال عنه الرسول يوحنا» :ليس فيه خطية« )١يوحنا.(٥ :٣
الشياطين نفسھا اعترفت بأنه القدوس فقالت» :أنا أعرفك من
أنت ،قدوس ﷲ« )مرقس ،(٢٤ :١والوالي الذي فحص قضيته
وحكم عليه بالصلب اعترف سبع مرات أنه لم يجد فيه علة واحدة
)متى :٢٧؛ ؛ (؛ ويھوذا الخائن الذي أسلمه ،رد الفضة بندم قائالً:
»أخطأت إذ سلمت د ًما بري ًئا ...ثم مضى وخنق نفسه« )متى:٢٧
(٥ ،٤؛ واللص الذي كان مصلو ًبا إلى جواره قال» :ھذا ..لم يفعل
شي ًئا ليس في محله« )لوقا(٤١ :٢٣؛ وقائد المئة الذي كُلف
بعملية صلب يسوع وحراسته ،قال» :ح ًقا كان ھذا اإلنسان با ًرا«
)لوقا .(٤٧ :٢٣وأما المسيح فقد شھد ھو عن نفسه قائالً» :اآلب
معي ،ألني في كل حين أفعل ما يرضيه« )يوحنا.(٢٨ :٨
رأينا أنه عند والدة المسيح حدثت آيتان عظيمتان ،واحدة في
السماء األولى )عندما ظھر للرعاة جمھور من الجند السماوي
مسبحين ﷲ( ،واألخرى في السماء الثانية )عندما ظھر للمجوس
نجم خاص به ،قادھم إلى حيث كان المسيح الملك( ،ولكن في
حياة المسيح حدثت آيتان في السماء الثالثة ،فا§ لم يكتف
ظھره ،بل في بداية خروج المسيح
بمالئكته يرسلھم ،وال بنجم ُي ِ
للخدمة ،ثم قرب نھايتھا ،أعلن ﷲ بنفسه من سماواته أنه وجد
سروره بھذا الشخص الكامل الفريد .حدث ذلك في مياه نھر
األردن ،ثم مرة ثانية من فوق جبل التجلي.
لقد أخطأ بطرس عندما قال للمسيح» :يا رب ،جيد أن نكون ھھنا!
فإن شئت نصنع ھنا ثالث مظال :لك واحدة ،ولموسى واحدة،
وإليليا واحدة« .نعم أخطأ بطرس حينما ساوى الخالق بالمخلوق،
واالبن بالعبد ،والسيد بالخادم .لذلك نقرأ» :وفيما ھو يتكلم إذ
سحابة نيرة ظللتھم ،وصوت من السحابة قائالً :ھذا ھو ابني
الحبيب الذي به سررت .له اسمعوا .ولما سمع التالميذ سقطوا
على وجوھھم وخافوا ج ًدا .فجاء يسوع ولمسھم وقال :قوموا ،وال
تخافوا .فرفعوا أعينھم ولم يروا إال يسوع وحده«
آيات موته:
ذكرنا أن المسيح لم يولد كما يولد باقي البشر ،بل ولد بمعجزة،
ولم يعش كما يعيشون ،فعمل ما ال يحصى من العجائب
والمعجزات وشھدت له السماء باآليات ،ثم إنه لم يمت كما يموت
اآلخرون ،وذلك ألنه مع كونه إنسانًا ،ولد وعاش ومات ،لكنه ليس
مجرد إنسان ،بل ھو أعظم بما ال يقاس.
قال أحد األفاضلَ ” :من فينا يذھب ولو إلى النوم ،وينام بإرادته كما
فعل ھو -تبارك اسمه -عندما مات؟ َمن فينا يخلع مالبسه
بسھولة ويسر ،بمطلق رغبته ،كما فعل يسوع عندما خلع
جسده؟ من فينا يخرج من باب غرفته عندما يريد ،كما فعل سيدنا
عندما خرج من ھذا العالم وقت أن أراد؟“
يقول الوحي:
عالمات طبيعية
عالمات روحية
ومن الجميل أن نتذكر أنه منذ ذلك اليوم وإلى اآلن فإن قلو ًبا
أقسى من الحجر تشققت في توبة حقيقية ،وتخلصت من قوة
الموت والخطية!
يا لروعة ھذه العجيبة .لقد تفتحت القبور التي كانت تضم رفات
القديسين ،ودخلت في الجثث حياة جديدة! وبعد قيامة ”باكورة
ضا منالراقدين“ ،الذي ھو ربنا يسوع المسيح ،خرج ھؤالء أي ً
مخادعھم ،وظھروا لكثيرين في المدينة المقدسة .ويخبرنا الوحي
أن الذين قاموا كانوا كثيرين ،وأنھم ظھروا في أورشليم لكثيرين.
وھذا معناه أن المسيح بموته كسر شوكة الموت ،ووضع األساس
إلبادة ذاك الذي كان ”له سلطان الموت أي إبليس“ )عبرانيين:٢
.(١٤
****
ويعلق كتبة البشائر على ھذا األمر بالقول» :وأما قائد المئة
والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا ج ًدا
وقالوا حقا كان ھذا ابن ﷲ«.
آية القيامة
فالمسيح ليس فقط مات بكامل إرادته ،وعندما أراد وكما حدد ،بل
أيضا قام بكامل إرادته عندما أراد وكما حدد .فالعجب أن يعلق
الرسول بولس على ھذه آية قيامته بالقول» :تع ﱠين )تبرھن( ابن
ﷲ بقوة من جھة روح القداسة بالقيامة من األموات« )رومية:١
.(٤فإقامة المسيح لنفسه من بين األموات من أقوى األدلة على
الھوته.
ما زال الموت في نظر الكثيرين عدو مخيف ،أمامه تنحني كل
سمى في الكتاب المقدس »ملك الجباه ،وتصمت كل األفواه .لذا ُ
األھوال« )أيوب .(١٤ :١٨لقد »وضع للناس أن يموتوا مرة ،ثم بعد
ذلك الدينونة« )عبرانيين .(٢٧ :٩من ذا الذي يستطيع أن يھزم
ذلك الملك الرھيب ،العدو األول للبشرية؟ إنه ليس مجرد إنسان.
صحيح ھو إنسان ،ولكنه أكثر من ذلك بكثير .وإقامته لنفسه من
بين األموات دلت على أنه ھو »ﷲ )الذي( ظھر في الجسد«.
نحن نقرأ أقوال المسيح عن إقامته لنفسه ،في آيتين وردتا في
إنجيل يوحنا؛ األولى في بداية خدمته ،والثانية قرب ختامھا.
واآلية الثانية كانت ضمن حديث الرب الشامل مع اليھود بعد أن
شفى الرجل المولود أعمى ،ووھبه البصر ،فكانت النتيجة أن
طردوه خارج المجمع .ولقد تحدث الرب عن خرافه ومحبته لھا،
وكذلك عن محبته لآلب ،وكان من ضمن ما قاله في ھذا الحديث:
ضا .ليس أحد»لھذا يحبني اآلب ،ألني أضع نفسي آلخذھا أي ً
يأخذھا )أي نفسي( مني ،بل أضعھا أنا من ذاتي .لي سلطان أن
ضا« )يوحنا.(١٧ :١٠أضعھا ولي سلطان أن آخذھا أي ً
ھا ا ْلع ْ
َذ َرا ُء ه آ َي ً
ةَ : الس ِي ّ ُد نَفْ ُ
س ُ ﱠ ُم
طيك ُ ن ُيعْ ِ يقول إشعياءَ » :ولَ ِ
ك ْ
ل« )إشعياء.(١٤ :٧ ما ُنوئِي َ ع ﱠه» ِ م ُ ل َوتَ ِل ُد ا ْبناً َوت َْدعُ و ْ
اس َ َح َب ُ
ت ْ
وعندما يقول إشعياء” :ھا العذراء“ ،فكأنه يتطلع بمنظار النبوة عبر
القرون واألجيال الممتدة أمامه ،ويقول :ھا ھي .إني أراه ولكن
ليس قري ًبا ،وأبصره ولكن ليس اآلن .وقوله ”العذراء“ ،فالكلمة ھنا
تدل بحسب األصل العبري أنه كان يقصد عذراء بذاتھا ،وليس أي
عذراء في إسرائيل ،حيث ترد في األصل معرفة وليس نكرة .ھذه
العذراء المقصودة بذاتھا ستحبل وتلد اب ًنا وتدعو اسمه عمانوئيل.
وللتأكيد على ھذا المعنى ،وأن ھذا ليس مجرد اسم لشخص
عادي يدعى عمانوئيل ،كما قد يحدث في أيامنا ،وال ھو ابن النبي
إشعياء كمما ادعى البعض ،فإن األصحاح التالي تحدث عن أرض
الرب التي سيغزوھا ملك أشور .وفيه يقول النبي ،كأنه يستغيث
بالمولى صارخًا» :يكون بسط جناحيه ملء عرض بالدك يا
عمانوئيل« )إشعياء.(٨ :٨
إذا فعمانوئيل ليس أحد آخر غير المسيا ،الذي األرض أرضه،
والذي »إلى خاصته جاء ،وخاصته لم تقبله« )يوحنا.(١١ :١
عمانوئيل ھو صاحب األرض ،عمانوئيل ھو يھوه الذي يملك األرض.
و”يھوه“ ھو مولود العذراء!
أن تحبل العذراء ،ھذا منتھى العجب! لكن كون الطفل المولود ھو
”عمانوئيل“ ،ﷲ معنا .فھذه آية أروع من أن العذراء تحبل ،وكانت
ھذه الطريقة المعجزية في الميالد ،تليق بمقدم »الكائن على
الكل ﷲ المبارك إلى األبد« )رومية.(٥ :٩
ما
واآلية الثانية وردت في إشعياء ٩حيث يقدم النبي اس ً
خماس ًيا للمسيا فيقول:
»ألنه يولد لنا ولد ونعطى ابنًا وتكون الرياسة على كتفه.
ويدعى اسمه عجي ًبا مشيرًا إلھًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس
السالم« )إشعياء.(٦ :٩
ھنا نقرأ عن ناسوت المسيح عندما يقول النبي» :ألنه يولد لنا
ولد« .فالذي ولد ھو اإلنسان ،ولكنه أيضا يحدثنا عن الھوته عندما
يقول» :نعطى اب ًنا« ،فھو كابن اإلنسان ولد ،وكابن ﷲ أعطي لنا!
من ثم يذكر ھذا االسم الخماسي للمسيح ،وھذه الخماسية
كلھا تدل على عظمته وسموه.
”ويدعى اسمه عجي ًبا“ .ولعل وجه العجب ح ًقا أنه يجمع في
نفسه صفات الالھوت كلھا وصفات الناسوت كلھا .كيف؟ ھذا سر
يفوق العقول» .وباإلجماع عظيم ھو سر التقوى ﷲ ظھر في
الجسد« )١تيموثاوس.(١٦ :٣
اآلية األولى:
واآلن تفكر عزيزي القارئ في ھذا األمر السامي العجيب :أ يمكن
أن تتصور أن ﷲ يحبك؟ يحبك أنت .وإلى أي درجة ھو يحبك؟ إلى
الدرجة التي فيھا يضحي بابنه الوحيد ألجلك؟
اآلية الثانية:
يقال عن المسيح ھنا إنه ﷲ ،تما ًما كما قيل عنه ”ﷲ العظيم“
)تيطس ،(١٣ :٢و ”ﷲ القدير“ )إشعياء ،(٦ :٩و ”ﷲ الحقيقي“
)يوحنا األولى ،(٢٠ :٥و ”ﷲ معنا“ )متى .(٢٣ :١له كل المجد.
)(٥
ل السجود المسيح َ
ق ِب َ
لم يطلب المسيح -لما كان ھنا على األرض -من أحد أن يسجد
له ،فھو الذي أخلى نفسه بمحض اختياره ،آخ ًذا صورة عبد ،وھو
الوديع الذي لم يكن يحاول أن يلفت األنظار إلى نفسه؛ بل عندما
أراد األشرار ،سواء في اليھودية أو الجليل ،قتله ،ترك المكان
واجتاز في وسطھم ومضى )متى ١٥ ،١٤ :١٢؛ يوحنا،(٥٩ :٨
وعندما رفضوا قبوله في قرية للسامريين واقترح عليه تالميذه
إبادة تلك القرية ،انتھرھما قائالً» :لستما تعلمان من أي روح
أنتما .ألن ابن اإلنسان لم يأت ليھلك أنفس الناس ،بل ليخلص«
)لوقا .(٥٦ ،٥٥ :٩نعم إنه لم يفعل مثل إيليا :يأمر بنزول نار
السماء لتأكل أعداءه )٢ملوك ،(١٢ ،١٠ :١وال مثل موسى الذي
دعا أن تفتح األرض فاھا لتبتلع مقاوميه )عدد!(٣٠-٢٨ :١٦
كال ،إن المسيح لم يطلب من الناس السجود له ،ولكن اآلب قال
ذلك ،والروح القدس قاد إلى ذلك ،وھو – تبارك اسمه -قبل ذلك!
وسنقسم حديثنا في ھذا الفصل إلى أربعة أفكار ھامة تقود كلھا
إلى النتيجة ذاتھا ،أن المسيح ھو ﷲ:
oأن المسيح ھو موضوع سجود جميع الخالئق ،ونحن نعلم أن
السجود ال يليق إال با§ وحده ال سواه.
ثم نقرأ مرة ثانية على السجود للمسيح من األبرص الذي طھره
المسيح وشفاه .لقد وثق ھذا األبرص في قدرة المسيح على
شفائه ،وال يوجد من يشفي من البرص غير ﷲ .ولھذا فإن ھذا
الرجل أول ما جاء للمسيح سجد له قبل أن يطلب منه أي
شيء .وسجود األبرص للمسيح ،وقبول المسيح ھذا السجود
منه ،له داللة ھامة .ففي أصحاح ،٤قبل موعظة الجبل مباشرة،
رفض المسيح في التجربة تقديم السجود للشيطان ،الذي وعده
أن يعطيه في المقابل كل ممالك العالم .والمسيح رفض السجود
لليطان ليس ألنه شيطان ،بل »ألنه مكتوب للرب إلھك تسجد،
وإياه وحده تعبد« )متى(١٠ :٤؛ وفي ھذا األصحاح ،وبعد الموعظة
مباشرة ،قبل ھو نفسه السجود من ھذا الرجل األبرص .أ ليس
لھذا مدلول ھام؟
ثم نقرأ في متى ٩عن رئيس مجمع اليھود ،كيف أتى ليسوع
وسجد له ،وطلب منه أن يأتي معه ليقيم ابنته من الموت ،وھو ما
حدث فعالً .ومن ذا الذي يقيم الموتى إال ﷲ وحده؟ فال عجب أن
يسجد رئيس المجمع له.
دم فيھا السجود للمسيح، وإنجيل يوحنا يتضمن مناسبة واحدة ُق ِّ
لكن ھذه الحادثة لھا جمالھا األخاذ ،وأعني بھا تلك المرة التي
سجد فيھا الرجل الذي كان أعمى فأعطاه الرب نعمة البصر،
بحسب إنجيل يوحنا .٩والحقيقة إن ما عمله المسيح مع ھذا
الرجل ،يعتبر أحد األدلة على الھوت المسيح ،وھو موضوع إنجيل
يوحنا الرئيس .فا§ خلق اإلنسان في البداية من الطين )انظر
أيوب ،(٦ :٣٣وھا المسيح ،بوضعه الطين على عيني األعمى،
كأنه يكمل ما نقص من خلقة ذلك الرجل!
لقد خسر صاحبنا مكان ًا يمكنه أن يقترب فيه ،لكي يسجد سجو ًدا
صا يمكنه عنده أن يسجد السجود طقس ًيا ،لكنه وجد شخ ً
الحقيقي .ونالحظ أن ذلك الرجل لم يسجد أمام ”إنسان يقال له
ضا لم يسجد ،ولكن لما عرف أن المسيح يسوع“ ،كما أنه لنبي أي ً
ھو ابن ﷲ فقد سجد له!
ضا بعد القيامة منذكرنا أن التالميذ ليس فقط قبل الصليب ،بل أي ً
األموات سجدوا للمسيح .ونالحظ أن المسيح بحسب مرقس :١٦
١٤وبخ عدم إيمان تالميذه ،لكننا ال نقرأ في أي مكان أنه وبخھم
على سجودھم له .كما أنه وبخ توما على عدم إيمانه بقيامته
)بحسب يوحنا ،(٢٧ :٢٠ولكن لما قال له توما” :ربي وإلھي“
وھي األلقاب التي ال ينبغي أن تقال سوى § ،فإن المسيح لم
يوبخه على تجديف قاله ،بل قبل منه اللقبين ،فھو فعال ربه وإلھه،
بل ھو ربنا وإلھنا ،كما يشھد عنه ”كل الكتاب“.
ثم بعد األناجيل تأتي الرسائل وسفر الرؤيا لتواصل الحديث عن
ذلك المجد الذي يخص ﷲ دون سواه ،فتحدثنا إنه ال بد أن يأتي
اليوم الذي فيه كل الخالئق ،بشرية كانت أم مالئكية ،أم جھنمية،
ستسجد له .فيخبرنا كاتب العبرانيين أنه سيأتي اليوم عن قريب
الذي فيه ستجثو للمسيح كل المالئكة .فھذا ھو كالم الوحي
الصريح في افتتاحية الرسالة» :عند دخول البكر إلى العالم )مرة
ثانية( يقول ولتسجد له كل مالئكة ﷲ« )عبرانيين .(٦ :١وھذه
اآلية مقتبسة من مزمور ١ :٩٧و ٧حيث ترد ھناك عن الرب )يھوه(
الملك ،فيقول» :الرب قد ملك ..اسجدوا له يا جميع اآللھة«.
فيقتبسھا كاتب العبرانيين مطب ًقا إياھا على المسيح ابن ﷲ.
لكن ليس المالئكة فقط ،بل كما يقول الرسول بولس إنه سوف:
»تجثو باسم يسوع كل ركبة من في السماء ،ومن على األرض،
ومن تحت األرض ،ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح ھو رب
لمجد ﷲ اآلب« )فيلبي١٠ :٢و.(١١
وبعد القيامة ظھر الرب للتالميذ وھم مجتمعين ،على نحو ما
يخبرنا به البشير يوحنا .ظھر لھم في المرة األولى ،ولم يكن توما
الرسول معھم .فلما أخبره زمالؤه الرسل بأن المسيح قام من
سا ِميرِ م َ ه أَثَ َر ا ْل َ ص ْر فِي َي َد ْي ِ م أُ ْب ِم» :إِنْ لَ ْ ل لَ ُھ ْاألموات ،وأنھم رأوهَ ،قا َ
ن« ِ ْ م و ُ أ َ ال ه ب
َْ ِ ِنج ي ِ ف ي ص ِب ِعي فِي أَثَرِ ا ْل َ َ ِ ِ َ َ ْ َ ِ
د ي ع ض َ أو ير م ا س م َوأَ َ
ض ْع إِ ْ
م َكانَ ة أ ﱠيا ٍ َ مانِيَ ِ )يوحنا .(٢٥ :٢٠ويستطرد البشير قائالَ » :و َب ْع َد ثَ َ
ف َ
ة َو َوق َ ﱠ
اب ُم َغل َق ٌ وع َواألَ ْب َو ُ س ُ جا َء َي ُ مَ .ف َ يذ ُه أَ ْيضاً َدا ِ
خال ً َو ُتو َما َم َع ُھ ْ تال َ ِم ُ
ُم« .واتجه الرب فو ًرا إلى توما بالقول: َم لَك ْ ل» :سال ٌ ط َو َقا َ س ِ فِي ا ْل َو َ
ج ْنبِي ض ْع َھا فِي َ ك َو َ
ھاتِ َي َد َ ي َو َص ْر َي َد ﱠ َ
ھ َنا َوأ ْب ِ ك إِلى َُ ص ِب َع َھاتِ إِ ْ » َ
اب ُتو َما وقال لهَ ” :ربِّي َوإِلَ ِھي“. َ َ ج َ أ «. ً ا ن م
ِ ؤ
ْ م ل ب
ٍ َ ْ ُن م
ِ ؤ
ْ َوال َ َ ْ ْ َ ُ
م ر ي غَ ُن ك ت
ين آ َم ُنوا َولَ ْ
م ت! طُو َبى لِل ﱠ ِذ َ ك َرأ ْي َت ِني َيا ُتو َما آ َم ْن َ َ َ
ع» :ألنﱠ َ سو ُ ل لَ ُه َي ُ َقا َ
َي َر ْوا«.
بعض المزوِّرين ،ليتحاشوا ھذا الكالم الصريح الذي فيه قال واحد
من التالميذ للمسيح إنه ربه وإلھه ،قالوا إن توما وقد أخذ
بالمفاجأة ،كيف عرف المسيح ما قاله ،رغم عدم وجود المسيح
معھم عندما نطق بھذه الكلمات ،فإنه ھتف قائال” :يا إلھي“ ،كما
مدھشا وعجي ًبا!
ً تفعل نحن أحيانا عندما نقابل شي ًئا
وللرد على ذلك نقول أوال ً إن معرفة المسيح لما حصل ،رغم عدم
وجوده مع التالميذ ،يؤكد لنا أنه ھو الحاضر الغائب ،الذي ال تراه
عيوننا لكنه ھو يرانا ويسمعنا .وھذه واحدة من صفات الالھوت ال
يشاركه فيه سواه.
وثان ًيا :كان اليھود يتحاشون تما ًما استخدام اسم الجاللة في
نطقھم العادي ،فھم ليسوا نظيرنا اآلن ينطقون باسم ﷲ في كل
مناسبة وفي غير مناسبة ،بل إذ كانوا يوقرون اسم ﷲ كانوا
يستبدلونه ما أمكنھم بغيره من المسميات ،مثل تعبير ”ملكوت
السماوات“ بدال ً من التعبير ”ملكوت ﷲ“ ،والقول ”أخطأت إلى
ضا قولھمالسماء“ بدال ً من ”أخطأت إلى ﷲ“ )لوقا ،(١٨ :١٥وأي ً
للمسيح” :ھل أنت ابن المبارك“؟ بدال ً من قولھم” :ھل أنت ابن
ﷲ؟“ ،وھكذا .ومع أننا كثي ًرا ما نستعمل التعبير يا إلھي اليوم
للتعبير عن الدھشة ،لكن ال يوجد أدنى دليل تاريخي على
اإلطالق في أن اليھود كانوا معتادين على استخدام ھذا اللفظ
كتعبير عن التعجب.
وثال ًثا :النص ال يدعنا نذھب إلى ھذا االستنتاج مطل ًقا ،فالنص
يقول» :أجاب توما وقال له :ربي وإلھي« .فليس أن توما قال ربي
وإلھي ،بل ”قال له“ ،أي قال ھذا للمسيح.
وليس توما وحده الذي اعتبر أن الرب يسوع ربه وأنه ھو عبده ،بل
جميع الرسل ،فيقول بولس» :بولس عبد ليسوع المسيح«
ضا» :بولس وتموثاوس عبدا يسوع )رومية ،(١ :١ويقول أي ً
ً
المسيح« )فيلبي .(١ :١والرسول يعقوب يكتب قائال :يعقوب عبد
ﷲ والرب يسوع المسيح« )يعقوب .(١ :١وكذلك فعل الرسول
بطرس إذ كتب يقول» :سمعان بطرس عبد يسوع المسيح
ضا يھوذا إذ كتب قائالً» :يھوذا ورسوله« )٢بطرس .(١ :١وكذلك أي ً
عبد يسوع المسيح« )يھوذا .(١وكما فعل الرسل ھكذا فعل
باقي المؤمنين ،فنقرأ عن أبفراس» :يسلم عليكم أبفراس الذي
ھو منكم ،عبد للمسيح ،مجاھد كل حين ألجلكم بالصلوات«
)كولوسي .(١٢ :٤وقيل عن باقي المؤمنين» :ألن من دعي في
ضا الحر المدعو ھو عبد الرب وھو عبد فھو عتيق الرب ،كذلك أي ً
للمسيح .قد اشتريتم بثمن ،فال تصيروا عبي ًدا للناس«
)١كورنثوس .(٢٣ ،٢٢ :٧والعبارة األخيرة تؤكد لنا أن المسيح ليس
واح ًدا من الناس.
م َربِّ َنا
اس ُ
ج َد ْم ﱠ
ي َي َت َ وعن تمجيد الرب يسوع نقرأ قول الرسول» :لِ َك ْ
عسو َ
ب َي ُ ة إِلَ ِھ َنا َوال ﱠر ّ ِ
م ِ
ه ،ب ِ ِن ْع َ ُمَ ،وأَ ْن ُت ْ
م فِي ِ سيحِ فِيك ْ ع ا ْل َ
م ِ سو َ
َي ُ
سيحِ« )٢تسالونيكي .(١٢ :١ م ِا ْل َ
ات َواألَ ْر َب َع ُةح َي َوانَ ُ خ ﱠرتِ األَ ْر َب َع ُة ا ْل َ الس ْف َر َ ِّ خ َذ ما أ َ َ ضاَ » :ولَ ﱠ ويقول أي ً
ن م ات م ا ج و
ِّ َ ِ ٍ ِ َ ٌ َ َ َ ٌ ِ ْ ت ار َاث ي ق د ح او ل ك
ُ م ھ َ
َ َ ِ َ ُ ْ ل و ، ل م ح ْ
ل ا م
َ َ ا مَ أ ً ا خ ي ش
َ ْ ونَ ش ُر َوا ْل ِع ْ
م ًة مونَ تَ ْرنِي َ م يَ َت َرن ﱠ ُ ھ ْ ينَ .و ُ س َ دي ِ ات ا ْل ِق ِّ صلَ َو ُ ي َ ھ َ خوراً ِ م ُل ﱠو ٌة َب ُ ھبٍ َم ْ َذ َ
ك َ
خ ُتو َم ُه ،ألنﱠ َ ح ُ الس ْف َر َوتَ ْف َت َ ِّ خ َذ ْ
ت أنْ تَأ ُ َ َ
حقﱞ أ ْن َ س َت ِ ينُ » :م ْ َ
ج ِدي َدة قائِلِ ًَ َ
ة، م ُ أو ب ع ش
ِّ ِ ٍ َ َ ٍ َ َ ْ ٍ َ ﱠ ٍ و ن ا س ِ لو ة َ لي ب قَ ل كُ ن م
ِ
ِ َ َ ْ ك م
ِ د ب ه ِ ﱠ ل ِ ل ا ُذ ِ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ
ن ت ي ر ت اش و ت ح ب
ض« )رؤيا -٨ :٥ َ
علَى األ ْر ِ ك َ م ِل ُ س َن ْ ً
ج َع ْل َت َنا ِ ِإللَ ِھ َنا ُملُوكا َو َك َھ َن ًةَ ،ف َ َو َ
.(١٠
يم
ظ ٍ ص ْوتٍ َع ِ خونَ بِ َ ص ُر ُ م َي ْ ھ ْ ومرة أخرى نقرأ في رؤيا َ » ١٧- ١٠ :٧و ُ
مي ُع ج ِ َ َ و «. لعلَى ا ْل ْ ِ َ َ َ ِ
م ح ْ
ل ِ ل و ش ر ع
َ جالِسِ َ َص ِإللَ ِھ َنا ا ْل َ خال ُ ين» :ا ْل َ َقائِلِ َ
ة، َ
ح َي َوانَاتِ األ ْر َب َع ِ الش ُيوخِ َوا ْل َ ل ا ْل َع ْرشِ َو ﱡ ح ْو َ ين َ ة َكا ُنوا َواقِ ِف َ مالَئِ َك ِ ا ْل َ
ين! ِ َ م آ » : ين ل ئ ا قَ ه
ُ ُ ِ ِ ْ َ َ َ ُ ِ ِ ِِ َ ﱠ ل ل وا د ج س و م ھ ھ و ج و ى َ ل ع ش
َ َ َْ ِ َ ر ع ْ
ل ا م ا م َ أ وا رَو َ ﱡ
خ
الشك ُْر َوا ْل َك َرا َم ُة َوا ْل ُق ْد َر ُة َوا ْل ُق ﱠو ُة ِإللَ ِھ َنا إِلَى م ُة َو ﱡ ح ْك َ ج ُد َوا ْل ِ م ْ ا ْل َب َر َك ُة َوا ْل َ
ھ ُؤال َ ِءالش ُيوخَِ » : ﱡ ن
ح ٌد ِم َ سأل ِني َوا ِ َ َ ين« َو َ ين .آ ِم َ أَ َب ِد اآلبِ ِد َ
ت ل َ ُهَ » :يا ن أَ ُتوا؟« َف ُق ْل ُ ن أَ ْي َ م َو ِم ْ ھ ْ ن ُ يضَ ،م ْ ب ا ْلبِ ِ س ْربِلُونَ بِالثِّ َيا ِ م َت َ ا ْل ُ
ةضي َق ِ ن ال ِ ّ ين أ ُتوا ِم َ َ م الﱠ ِذ َ ھ ُ ھ ُؤال َ ِء ُ ل لِيَ » : م«َ .فقَا َ ت تَ ْعلَ ُ َ
س ِي ّ ُد أ ْن َ َ
لج ِ نأ َْ لِ .م ْ م ِ ح َ ْ
ھا فِي َد ِم ال َ ضو َ م َو َب ﱠي ُ غَسلُوا ث ِ َيا َب ُھ ْ ﱠ َ
ةَ ،وق ْد م ِ ظي َ ا ْل َع ِ
س
جالِ ُ هَ ،وا ْل َ ھ ْي َك ِل ِ خ ِد ُمونَ ُه نَ َھاراً َولَ ْيال ً فِي َ ش ﷲِ َو َي ْ م َع ْر ِ م أ َما َ َ ھ ْ ك ُ َذلِ َ
شوا َب ْع ُد َوال َ تَق ُ
َع ن َي ْعط َ ُ وعوا َب ْع ُد َولَ ْ ج ُ ن َي ُ م .لَ ْ ل َف ْو َق ُھ ْ ح ﱡ َعلَى ا ْل َع ْرشِ َي ِ
ط
س ِ ل الﱠ ِذي فِي َو َ م َح َح ِّر ،ألَنﱠ ا ْل َ
ن ا ْل َ
ي ٌء ِم َ ش ْ س َوال َ َ م ُ الش ْ
ﱠ َعلَ ْي ِھ ِ
م
لﷲ ُك ﱠح ُس ُ
م َةَ ،و َي ْح ﱠي ٍم إِلى يَ َنابِيعِ َما ٍء ََ ھ ْمَ ،و َي ْق َتا ُد ُاھ ْ ع ُ ا ْل َع ْرشِ َي ْر َ
م«. ن ُ ُ ِ ْ
ھ ِ ن و ي ع ة ِم ْ َد ْم َع ٍ
خ ِد ُمونَ ُه«
يد ُه َي ْ
ُون فِي َھاَ ،و َعبِ ُ
ل َيك ُ
م ِ ش ﷲِ َوا ْل َ
ح َ ونقرأ أي ً
ضاَ » :و َع ْر ُ
)رؤيا .(٣ :٢٢ونالحظ في اآلية األخيرة أنه ال يقول يخدمونھما ،بل
يخدمونه .قواعد اللغة ترجع الضمير إلى آخر اسم في الجملة،
فإذا اتبعنا قواعد اللغة ،فإن الخدمة تكون منسوبة للحمل ،وفي
ھذه الحالة يكون ”الحمل“ ،أي الرب يسوع المسيح ھو ھدف
العبادة ،مما يدل على أنه ﷲ ،ألنه »للرب إلھك تسجد ،وإياه
وحده تعبد )أي تخدم(« )متى .(٦ :٤ولكن الفھم الروحي يعيد
الضمير في الجملة إلى ”ﷲ والحمل“ ،وذلك لسبب بسيط قاله
المسيح وذكرناه قبال» :أنا واآلب واحد« .وفي الحالتين نصل إلى
النتيجة نفسھا أن المسيح ھو ﷲ؟
ونالحظ أن سجان فيلبي عندما سأل بولس وسيال عما ينبغي أن
يفعل لكي يخلص ،أجاباه قائلين» :آمن بالرب يسوع المسيح
فتخلص أنت وأھل بيتك« )أعمال .(٣١ ،٣٠ :١٦ما أعظم ھذا!
مجرد اإليمان بالرب يسوع المسيح يأتي بالخالص للشخص،
وألھل بيته .لكن التعليق الذي يكتبه لوقا الطبيب الحبيب الفت
للنظر ،إذ يقول عن السجان» :وتھلل مع جميع أھل بيته ،إذ كان
قد آمن با_« )أعمال .(٣٤ :١٦ومن ھذا أي ً
ضا يتضح لنا أن
المسيح ھو ﷲ.
صا؟
وما أكثر البركات التي تصير لنا عندما نؤمن بالمسيح ر ًبا ومخل ً
يقول الرسول بطرس» :له يشھد جميع األنبياء أن كل من يؤمن
به ينال باسمه غفران الخطايا« )أعمال .(٤٣ :١٠مرة أخرى نقول:
ما أعجب ھذا! مجرد اإليمان بالرب يسوع يمتع النفس
بغفران جميع الخطايا ،وھذه ھي شھادة ،ال واحد من
األنبياء وال مجموعة منھم ،بل جميع األنبياء!
وإن كان الرسول بطرس ذكر ھنا أن غفران الخطايا يناله المؤمن
”باسمه“ ،إال أننا من باقي أجزاء الوحي نعرف أن في ھذا االسم
الكريم ،اسم ربنا يسوع المسيح ،ينال المؤمن العديد من
البركات:
-٣الحياة األبدية» :آيات أخر كثيرة عملھا يسوع قدام تالميذه لم
تكتب في ھذا الكتاب ،وأما ھذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع ھو
المسح ابن ﷲ ،ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه« )يوحنا
.(٣١ :٢٠
لو كان المسيح مجرد إنسان ،أ كان يمكن أن ترتبط باسمه كل
ھذه البركات العظمى والثمينة؟
ولذلك ،وبالنظر إلى كل ما سبق ،ال عجب إطال ًقا أن قال الرسول
بولس» :أرجو في الرب يسوع ..وأثق بالرب« )فيلبي،١٩ :٢
.(٢٤
راب ً
عا :إليه ُترفع الصلوات ،وھو يستجيبھا
-٦الرسول بولس قدم صالة موج ًھا صالته للمسيح مقرونًا باآلب،
فيقول» :وربنا يسوع المسيح نفسه ،وﷲ أبونا يعزي قلوبكم،
ويثبتكم في كل كالم وعمل صالح« )٢تسالونيكي١٦ :٢و.(١٧
والحظ أنه بعد أن وجه الكالم إلى الرب يسوع وإلى ﷲ اآلب ،لم
يستخدم صيغة المثنى بل المفرد ،فلم يقل ”يعزيان“ ،بل ”يعزي
قلوبكم“؛ وذلك التحاد الجوھر ،رغم تعدد األقانيم في الالھوت
األقدس.
ماس ِ ين بِ ْ م ا ْل ُ
م ْؤ ِم ِن َ ُم أَ ْن ُت ُ
ھذَا إِلَ ْيك ْ ت َ -٨يقول الرسول يوحناَ » :ك َت ْب ُ
ن م ا ْب ِ اس ِ ي ُت ْؤ ِم ُنوا بِ ْ َ
ح َيا ًة أ َب ِد ﱠي ًةَ ،ول ِ َك ْ ُم َ موا أَنﱠ لَك ْ ي تَ ْعلَ ُن ﷲِ ل ِ َك ْ ا ْب ِ
ب
س َ ح َ ً
ش ْيئا َ َ َ َ
ع ْن َد ُه :أنﱠ ُه إِنْ طل ْب َنا َ َ
َة ال ِتي ل َنا ِ ﱠ ي ال ِّثق ُ ھ َ ھ ِذ ِه ِ ﷲِ َ .و َ
م
ْ َُ ل ع َ ن ا، ن َ ل ع م
َْ َ ْ َ ُ َ س ي ا ن ب َ لَ ط ا م ھم ه ن
ﱠ ْ ُ ﱠ ُ َ ْ َ َ أ م َ ل عَ ن ا ن ك
ُ نْ َ
شي َئ ِت َ ْ َ ُ َ َ ِ
إو ا. ن ل ع م س ي ه
ِ َم ِ
ھا ِم ْن ُه« )١يوحنا .(١٥-١٣ :٥الضمير في ط ّ ْل َباتِ الﱠتِي طَلَ ْب َنا َ أَنﱠ لَ َنا ال ِ
العبارات السابقة كلھا يعود على ابن ﷲ ،الذي ھو المسيح مما
يدل على ضرورة موافقة صلواتنا لمشيئته ،وأنه ھو الذي يسمع
نوجه الصلوات للمسيح ابن ِّ لنا ،وثالثا أننا نطلب منه ،بمعنى أننا
ﷲ.
ُ -٩يختم العھد الجديد بنداء ودعاء للرب يسوع ،إذ يقول يوحنا
الرائي بلسان كل القديسين» :آمين تعال أيھا الرب يسوع« )رؤيا
.(٢٠ :٢٢
)(٦
أھمية ھذا الحق
لقد تأكد لنا اآلن ،بعد ھذا الذي شرحناه في الفصول السابقة من
الكتاب ،أن المسيح قال عن نفسه بطرق متنوعة وعديدة ،أنه ھو
ﷲ .وإني أتذكر ھنا كلمات أحد الفالسفة المسيحيين قال ما
معناه :إنه في ضوء تلك اإلعالنات الواضحة التي قالھا المسيح
عن نفسه ،يستحيل أن يكون المسيح مجرد إنسان صالح ،بل من
مح ﱠتم أن نصل إلى قناعة من ثالث :أن تقول إنه كاذب يستحق ال ُ
االحتقار ،أو مجنون يستحق الرثاء) ،وأنا أنأى بنفسي وبقارئي
تما ًما عن ھذه األقوال المھلكة( ،وأما االفتراض الثالث ،الذي ال
محيص عنه ،فھو أن نؤمن بأنه ھو ﷲ الي ظھر في الجسد،
ونتعامل معه على ھذا األساس ،بما يليق به من تقدير وإكرام،
ومن عبادة وسجود.
اعتراضات
ومع ذلك فإننا لسنا في حيرة وال ظالم ،وال نحن -مثل الوثنيين –
نتعبد ”إلله مجھول“ )أعمال .(٢٣ :١٧لقد أعطانا ﷲ كلمته
الصالحة التي عرفتنا من ھو ﷲ ،ويمكننا أن نقول له ،مع عبد
الرب داود» :بنورك نرى نو ًرا« )مزمور.(٩ :٣٦
ونظ ًرا لبركة العقل واالختيار الحر ،فإن اإلنسان إن شاء أن يرفض
الكتاب المقدس والتعاليم اإللھية التي يحويھا ،فھو حر في ذلك،
وأما إن قبل تعليم الكتاب المقدس ،فإنه من المستحيل – كما
أوضحنا في ھذا الكتاب -التملص من اإلقرار بأن يسوع الكتاب
المقدس ھو ﷲ .نعم ھو ﷲ الذي ظھر في الجسد .إن اإليمان
بالھوت المسيح – كما رأينا ونحن ندرس جانبًا من ھذا الموضوع
العظيم -ھو في صلب نسيج الكتاب المقدس ،في لحمته
وسداه .بل إننا إذا نزعنا من المسيحية الھوت المسيح ،ال يبقى
منھا شيء .ثم كيف يمكن أن يكون لموت إنسان واحد كل ھذا
التأثير على جميع الناس ،وھو األمر الذي نحسه وندركه ممن
ضا ُمعلَن في كل أجزاء العھد الجديد.
حولنا ،كما أنه أي ً
صرخ أيوب قائالً» :ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا« )أيوب
.(٣٣ :٩وأين نجد ذلك الوسيط العظيم الذي يمكن أن يضع يده
على كل من ﷲ والناس في آن .ھل مالئكة السماء يصلحون ألن
يفعلوا ذلك؟ ھل الكروبيم أو السرافيم يصلحون لھذا العمل؟ أ
يمكن للكروب أو للسراف أن يضع يده في يد ﷲ؟ ماذا نقرأ عن
”سرافيم“ إشعياء ٦؟ إنھم ال يقدرون أن ينظروا وجه ﷲ ،وال أن
ُي َروا منه! إنھم عبيده ،وھو خلقھم ،فكيف يمكنھم أن يضعوا
أيديھم في يده تعالى؟ كنا نحتاج إ ًذا إلى شخص يكون ن ًدا §،
ويكون ن ًدا للبشر ،ليمكنه أن يقوم بعمل الوسيط بين ﷲ والناس،
فيضع يده على كل من ﷲ واإلنسان .ولم يوجد في كل الكون من
يقدر أن يفعل ھذا سوى المسيح ،وذلك نظ ًرا التحاد الھوته
بناسوته.
لكن توسط المسيح استلزم منه أن يقوم بعمل الفداء ،فبعد أن
قال الرسول» :ألنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين ﷲ والناس،
اإلنسان يسوع المسيح« ،استطرد قائالً» :الذي بذل نفسه فدية
ألجل الجميع« )تيموثاوس األولى ،(٦ ،٥ :٢وھو ما سنتحدث عنه
اآلن
راب ً
عا :أن يقوم بعمل الفداء.
المسيح الذبيح
لكن إذا لم يكن لتلك الذبائح الحيوانية -في ذاتھا -أية قيمة
تكفيرية عن مقدميھا ،فليس معنى ذلك أنه لم يكن لھا أية قيمة
دمھا باإليمان )عبرانيين،(٤ :١١ على اإلطالق .فھي بررت من ق ّ
وذلك لقيمتھا الرمزية ،إذ كانت تشير إلى ذبيحة المسيح المعروف
سابقاً قبل تأسيس العالم )١بطرس .(١٨ :١ومن ھذه الزاوية
فإنھا كانت تشبه إلى حد ما بطاقات االئتمان التي نتعامل بھا
اليوم .إن القيمة الحقيقية لھذه البطاقات ليس في قطعة
البالستيك المصنوعة منھا ،بل لما لھا من رصيد نقدي في البنك
الذي أصدر تلك البطاقة .ھكذا كانت تلك الذبائح مقبولة عند ﷲ
ألن لھا رصي ًدا في دم المسيح ،الذي وإن لم يكن قد مات بعد،
لكن ﷲ ليس عنده ماضٍ وحاضر ومستقبل نظير البشر ،فھو يرى
ما لم يحدث كأنه حدث ،بل يرى النھاية من البداية.
إ ًذا فلم تكن كل ذبائح العھد القديم التي قدمت ،سوى رمز باھت
لذبيحة ربنا يسوع المسيح العظمى .وما إن ولد المسيح في ملء
الزمان ،ثم خرج للخدمة ،فإن يوحنا المعمدان أشار إليه بالقول:
»ھوذا حمل ﷲ الذي يرفع خطية العالم« )يوحنا.(٢٩ :١
-٢ھل ينفع إنسان عادي؟ يجب أن يكون الفادي خال ًيا من
الخطية .فلو كان خاط ًئا ،الحتاج ھو نفسه لمن يك ِ ّفر عنه وما َ
صلُح
لكي يفدي غيره .وعليه فإن اإلنسان العادي ،نظراً ألنه مليء
بالعيوب ،ال يصلح لكي يك ِ ّفر عن البشر.
قا سماويًا عظيمًا؟ ھب كا أو مخلو ً -٤ھل ينفع أن يكون مال ً
ما ،خال ًيا من الخطية ،وقيمته أكبرأننا وجدنا مخلو ًقا سماويًا عظي ً
ضا ما كان يصلح ليفدي البشر ،ذلك ألن من قيمة الناس ،فإنه أي ً
نفسه ليست ملكه ھو ،بل ملك ﷲ خالقھا ،وبالتالي فال يصح أن
يقدم § شي ًئا ھو ملك ﷲ أصالً. ِّ
ومع ذلك فإنه ينبغي ويتحتم أن يكون الفادي إنسانًا لكي يمكنه
أن ُيم ِّثل اإلنسان أمام ﷲ .فيا لھا من معضلة!
من أين لنا بمثل ھذا الشخص العجيب الذي يجمع كل ھذه
ل من الخطية ،غير مخلوق ،وقيمته
المواصفات معًا :إنسان ،وخا ٍ
أكبر من كل البشر مجتمعين!!
أحجية وحلھا
ل أن يموت فوق الصليب نيابة عن إ ًذا فلقد تجسد ابن ﷲ ،و َق ِب َ
أساسا با ًرا وعادال ً لتبرير
ً الخطاة ،ليمكن § القدوس أن يقدم
المذنب األثيم .ھذا المذنب األثيم ليس أح ًدا آخر بخالفنا ،أنا
وأنت ،أيھا القارئ العزيز!
لقد سبق الرب وأعلن لموسى قائالً» :الرب إله رحيم ورؤوف،
بطيء الغضب ،وكثير اإلحسان والوفاء .حافظ اإلحسان إلى ألوف،
غافر اإلثم والمعصية والخطية ،ولكنه لن يبرئ إبراء« )خروج٦ :٣٤و
.(٧وھذه العبارة تدل على أن غفران ﷲ للبشر ال يمكن أن يكون
من دون أساس ،فھذا األمر يتعارض مع عدل ﷲ ،وليس بقبول
الخاطئ على حاله ،فھذا األمر يتعارض مع قداسة ﷲ!
ج ِّنبًا عن ﷲ
وشره ،مت َ
ِّ ولألسف ،كان اإلنسان نتيجة سقوطه
بسبب ضمير الخطايا الذي كان يشعره بالرعب من ﷲ )عبرانيين
،(٢٢ ،٢ :١٠وﷲ كان متجن ًبا عن اإلنسان بسبب الغضب ،غضب
ﷲ على جميع فجور الناس وإثمھم )رومية .(١٨ :١وموت المسيح
الكفاري والنيابي رفع الخطايا وسكﱠن الغضب ،فأصبح بإمكان ﷲ
أن يتقابل مع اإلنسان الخاطئ .في كلمات أخرى ،فإنه بناء على
كفارة المسيح أمكن § أن ينظر إلى اإلنسان بدون غضب ،وأمكن
لإلنسان أن ينظر إلى ﷲ بدون خوف .إذ إن الخطية تغطت ،وﷲ
ترضى !.أ يوجد خبر أروع من ھذا!
غفران ﷲ وفداؤه
كما يقول أيضا على لسان إرميا النبي» :يقول الرب ..أني أصفح
عن إثمھم ،وال أذكر خطيتھم بعد« )إرميا.(٣٤ :٣١
وفي نبوة ميخا يناجي النبي ربه بالقول» :من ھو إله مثلك غافر
اإلثم وصافح عن الذنب« )ميخا.(١٨ :٧
والسؤال الذي يفرض نفسه :لماذا لما كان على األرض قدم
الغفران للخطاة ،ولم يعمل الشيء ذاته وھو فوق الصليب؟
واإلجابة البسيطة على ذلك :إن المسيح في حياتهَ ،ق ﱠدم غفرانًا
للخطايا ،كما لو كانت الخطايا موجھة إليه ھو؟ وقال ”مغفورة لك
خطاياك“ باعتبار أن في سلطانه أن يفعل ذلك .ونحن حقا بوسعنا
أن نغفر الخطايا التي يرتكبھا الناس في حقنا ،ولكن ال يستطيع
أحد بحال من األحوال أن يغفر الخطايا المرتكبة ضد ﷲ غير ﷲ.
فغفران المسيح إ ًذا لخطايا الخطاة ،لھو دليل أكيد على أن
المسيح ھو ﷲ .ولقد قال الرسول بطرس عنه» :له يشھد جميع
األنبياء أن كل من يؤمن به ،ينال باسمه غفران الخطايا« )أعمال
.(٤٣ :١٠
وأما عندما كان المسيح فوق الصليب فقد كان يدفع ثمن جرمنا.
ولذا فإنه لم يقل أنا أغفر لكم ،فھو كان ھناك يدفع الغرم وليس
يغفره .أو بكلمات أخرى كأنه قال § :اغفر لھم وأنا على أتم
استعداد أن أدفع الحساب .وفي ھذا قال النبي في العھد القديم:
»وھو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين« )إشعياء :٥٣
.(١٢والحقيقة إنه لو لم يحمل خطية الكثيرين ،لما أمكنه أن يغفر
خطايا الخطاة على أساس عادل .وفي ھذا يتفق تعليم العھد
ضا إذ يقول عن المسيح» :إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الجديد أي ً
اآلب يسوع المسيح البار .وھو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط
بل لخطايا كل العالم أيضا« )١يوحنا.(٢ :٢
الكتاب إ ً
ذا يعلن لنا أن غفران ﷲ ليس بغير أساس ،بل
أساسه في تلك الكفارة العظمى التي قدمھا المسيح
على الصليب.
إ ًذا فكيف أمكن للمسيح أن يغفر الخطايا لما كان ھنا على
األرض؟ كيف أمكن للمسيح أن يحل ھؤالء األشخاص من
خطاياھم ودينھا الرھيب؟ اإلجابة أنه مضى إلى الجلجثة ودفع
عقوبة خطايانا عندما مات ألجلنا.
لكن الوحي اإللھي يقدم لنا اإلجابة السديدة عندما يقول» :إن
المسيح تألم مرة واحدة من أجل الخطايا ،البار من أجل األثمة،
لكي يقربنا إلى ﷲ« )١بطرس .(١٨ :٣فبالخطية تم طرد اإلنسان
من محضر ﷲ ،وبالكفارة تتم إعادته من جديد.
وفكرة الموت النيابي ،أو موت كائن بديال ً عن كائن آخر ،ھي فكرة
محفورة بعمق في أعماق التاريخ المقدس القديم .ولعل أوضح
إشارة إليھا ھي ما ورد في سفر التكوين ،٢٢عندما طلب ﷲ من
إبراھيم أن يقدم ابنه الذي يحبه ،فنحن نعرف كيف أن ابن إبراھيم
يمت ،إذ افتداه ﷲ من الموت ،وكانت الفدية بذبح عظيم! لم ُ
قال أحد األفاضل” :ال يدرك كثير من الناس أنه حينما يوجد غفران
يوجد ثمن ُيدفع .ولنفرض مثال ً أن ابنتي كسرت مصبا ً
حا .فإني
بذراعي
َ كأب محب ومسامح ،أجلسھا على ركبتي وأطوقھا
الحنان ،وأقول لھا ال تبكي يا حبيبتي ،فأبوك يحبك ويغفر لك.
وحين يسمع الشخص الذي أقص عليه ھذا المثل يقول لي :ھذا
ما يتوجب على ﷲ ببساطة أن يفعله معنا عندما نخطئ .وعندھا
أسأل :ومن سيدفع ثمن المصباح المكسور؟ حقيقة األمر
أني أنا الذي سأدفعه.
قصتان
لكنه عندما ذھب إلى بيته لم يستطع أن ينام وال أن يھدأ له بال.
لقد كان في المحكمة يمثل القانون ،ولكن في بيته تغلبت عليه
نوازعه اإلنسانية ،فماذا يفعل؟ إنه ال يستطيع أن يوقف الحكم
القانوني العادل الذي أصدره على المرأة ،وال يملك أن يتجاھل
دموع تلك المرأة البائسة .وقبل وصول الشرطة لتنفيذ الحكم ضد
المرأة وابنھا ،كان سبقھم ھو ومعه عقد تمليك لشقة متواضعة
اشتراھا بماله ھو ،وأھذاھا للمرأة المعدمة ،لكي تكمل بقية
عمرھا فيه.
لقد كان ھذا القاضي أباھا .وھو أحب ابنته ،غير أنه كان قاض ًيا
عادالً .كسرت ابنته القانون ،فلم يستطع أن يقول لھا ”اذھبي
بسالم“ .طالما أنتِ بنت القاضي فال خطر ممكن أن يصيبك ،ألنه
لو فعل ذلك لما كان قاض ًيا عادالً ،ولما كان أمي ًنا على تنفيذ
ضا أحب ابنته إلى القانون الذي أقسم يو ًما بأن يحترمه .لكنه أي ً
الدرجة التي كان فيھا مستع ًدا أن يخلع ثوبه القضائي ،ويتقدم
إلى األمام ليمثلھا كأب ،ويدفع عنھا الغرامة.
ھذا يصور لنا إلى حد ما ما فعله الرب يسوع معنا .فإذ كانت أجرة
ما على كل الخطاة غير التائبين الخطية موت ،وھو ما سيقع حت ً
والذين لم يؤمنوا بالرب يسوع المسيح ،فلكونه إل ًھا مح ًبا فقد نزل
من عرشه في ھيئة إنسان ،بل استمر في طريقه إلى أن وصل
إلى الجلجثة ليمثل المذنبين أمام ﷲ ويدفع نيابة عنھم أجرة
معصيتھم وخطاياھم .وليعطيھم عطية الحياة األبدية مجانا .وكان
ثمن ھذا كله موت الصليب .فاستعلن أروع ما في قلب ﷲ أعني
محبته .ﷲ بين محبته لنا ألنه ونحن بعد خطاة مات المسيح
ألجلنا.
مجيئان:
عزيزي القارئ :لقد أتى المسيح مرة من ألفي عام ،وصنع
بنفسه تطھي ًرا لخطايانا )عبرانيين ،(٣ :١وبناء عليه أمكن
للمبشرين أن يتجھوا باألخبار السارة لكل ربوع األرض ،فلقد أكمل
المسيح العمل )يوحنا .(٣٠ :١٩وكل المطلوب أن تأتي للمسيح
كما أنت ،فتنال عطية الغفران والحياة األبدية .يقول الوحي الكريم:
»كل من يدعو باسم الرب يخلص« )رومية .(١٣ :١٠
لقد أتى مرة متضعًا ليتألم ويموت ،وسيأتي ثانية بقوة ومجد كثير
)متى.(٣٠ :٢٤
في مجيئه األول حمل مبذر الزرع وذھب ذھا ًبا بالبكاء ،وفي
مجيئه الثاني سيحمل حزمه ويمتلئ فمه بالترنم )مزمور :١٢٦
!(٦
إن ذاك الذي أتى في المرة األولى ليموت نيابة عن الخطاة الذين
أحبھم ،سيأتي في المرة الثانية ليدين الخطاة الذين رفضوه
واحتقروه .ومن ذا الذي يشك أن ھذه اللحظة التي فيھا يظھر
المسيح للعالم ستكون أعظم لحظة في كل التاريخ .والرب
بنفسه ھنا يصف تلك الحادثة بأسلوب بسيط وواضح وقاطع.
وأختم حديثي بسؤال :إن كان المسيح سوف يأتي وسوف يظھر
قوته العظيمة ،فما الذي منعه أن يفعل ذلك حتى اآلن؟
ليتك تسرع بالتوبة واإليمان ،نحو ذاك الذي أتى من قمة مجده
إلى األرض ليبحث عنك ،والذي مات فوق الصليب ليخلصك.
-----------
] [١يرد ھذا االسم كثيرا في نبوة إشعياء .فمثال يقول الرب :أنتم
شھودي يقول الرب ،وعبدي الذي اخترته ،لكي تعرفوا وتؤمنوا بي
وتفھموا أني أنا ھو )إجو آيمي( ،قبلي لم يصور إله ،وبعدي ال
يكون« )إش(١٠ :٤٣؛ و »أيضا من اليوم أنا ھو )إجو آيمي( وال
منقذ من يدي .أفعل ومن يرد« )إش .(١٣ :٤٣أنظر أيضا إشعياء
٤ :٤١؛ ٢٥ :٤٣؛ ٤ :٤٦؛ .١٢ :٤٨
] [٢ير ِّكز كثير من أصحاب البدع على قول المسيح للشاب الغني:
حا إال واحد وھو ﷲ« )متى حا؟ ليس أحد صال ً »لماذا تدعوني صال ً
ً
،(١٧ :١٩معتبرين ذلك دليال على أن المسيح نفى صفة األلوھية
عن نفسه .لكن نالحظ أن المسيح لم يقل لذلك الشاب” :ال
تدعني صالحًا“ ،بل قال له» :لماذا تدعوني صالحًا؟« .والفارق
كبير .فالمسيح ھنا لم يكن ينفي األلوھية عن نفسه ،بل كان
حا ،كما ذكر ھو عن نفسه ينفى الصالح عن البشر .وأما كونه صال ً
ف َ
حَ «،وأعْ رِ ُ
صالِ ُ
عي ال ﱠ ما أَنَا َ
فإِنِ ّي ال ﱠرا ِ في يوحنا »،١٤ :١٠أَ ﱠ
ر ُف ِني ،فليس لذلك من سبب سوى أنه ص ِتي تَعْ ِخا ﱠ
ص ِتي َو َ
خا ﱠ
َ
ليس مجرد إنسان.
] [٤أحيانًا يحدث ھذا قبل موتھم ،إذ بمجرد عزلھم يزول عنھم
الجاه والصولجان ،ويمسي أسي ًرا ال يملك من أمر نفسه شي ًئا!
-------
] [١ھذه الحقيقة وإن كنا نجد إشارات عديدة لھا في العھد
القديم ،لكنھا لم تكن معلنة بالوضوح الكافي في ذلك الوقت ،ألن
ﷲ كان ما زال محتج ًبا )قارن ١ملوك ١٢ :٨؛ إشعياء ١٥ :٤٥مع
يوحنا ،(١٨ :١وأما وقد جاء المسيح” ،الكلمة“ ،المعلن § ،وبدأ
خدمته ،فإننا ھنا ،وللمرة األولى ،نرى أوضح إعالن لھذه الحقيقة
في الوحي.
] [٢انظر تعليقنا على قول المسيح» :قبل أن يكون إبراھيم أنا
كائن« )يوحنا ،(٥٨ :٨في الفصل األول؛ وأي ً
ضا »أنا ھو األول
واآلخر« )رؤيا١٧ :١؛ في الفصل الثاني.
] [٣نالحظ أن إنجيل لوقا يحدثنا عن تفوق المسيح وربوبيته وھو
بعد جنين في بطن العذراء مريم .فلقد قالت لھا أليصابات» :من
أين لي ھذا أن تأتي أم ربي إلي .فھوذا حين صار صوت سالمك
في أذني ،ارتكض الجنين بابتھاج في بطني« )لوقا٤٣ :١و.(٤٤
The link ed image cannot be display ed. The file may hav e been mov ed, renamed, or deleted. Verify that the link points to the correct file and location.
جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٠٥-١٩٩٨لموقع بيت ﷲ.كوم راجع اتفاقية استخدام الموقع.
٣٢١
hristia
يزعم النصارى أن قول المسيح ) ) :أناو ...فيه أنا ﷲ أنا ربكم أنا إلھكم أو قال اعبدوني ؟
نص واحد قال فيه عيسى عن نفسه :أنا إله .أو ھل قال المسيح :أنا ﷲ اعبدوني؟
أين قال المسيح " . .اعبدوني " ! ؟ ...لسان المسيح ) أنا ابن ﷲ ( أو ) أنا ﷲ ( فاعبدوني ؟ !
صلب المسيح ومات ،والمسيح ھو ﷲ ... .ﷲ ورسوله ولم يقل أبداً أنا ﷲ ولم يقل اعبدوني
أدلة النصارى على ألوھية المسيح ...واحد قال فيه عيسى عن نفسه :أنا إله .أو قال :اعبدوني
قال :اعبدوني ھل قال المسيح أنا ﷲ أو أعبدوني بكل شفافية ھل خاطب المسيح اتباعه وقال لھم
اعبدوني او قال لھم انا اله
ھل يوجد في االنجيل اي شيء من ھذا القبيل يامرھم بان يعبدوة او صرح بالوھيته