Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
مشروع الجهوية المتقدمة مستمد من ثقافتنا وقيمنا ومن تجاربنا التاريخية ومستجيب لتطلعاتنا
تمهيد
يعرض هذا القسم التمهيدي بإيجاز للقيم المؤسسة للنموذج المقترح للجهوية المتقدمة وللغايات
المتوخاة منه ،مشيرا إلى خطوطه العريضة وإلى المقاربة التي انبنى عليها إعداده وآفاق
.تفعيله
ا -يتطلع هذا المشروع إلى بلورة الرادة الملكية السامية الرامية لتمكين المغرب من جهوية
متقدمة ،ديمقراطية الجوهر مكّرسة للتنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا
و بيئيا ،تكون مدخل لصلح عميق لهياكل الدولة من خلل السير الحثيث المتدرج على
درب اللمركزية واللتمركز الفعليين النافذين ،والديمقراطية المعمقة ،والتحديث الجتماعي
.والسياسي والداري للبلد ،والحكامة الجيدة
ب -تكتسي التوجيهات السامية لجللة الملك محمد السادس الواردة في خطبه بشأن هذه
الهداف دللة قوية من حيث العزم والقدام والواقعية ،1فهي تمثل بالنسبة للدولة والمواطنين
والفاعلين السياسيين والهيئات المنتخبة على كل المستويات مرجعية فلسفية وتاريخية وعملية
للجيل الحاضر وللجيال اللحقة .وقد جعلتها اللجنة الستشارية للجهوية مصدر إلهام لها،
فمن تحليل مضامينها المتبصر انطلقت وعلى التفكير المسترسل في أبعادها اعتمدت ،وبتبني
.مراميها التزمت ،ساعية لبلورتها في جملة من المقترحات الواضحة الملموسة قدر المكان
ت -كما أن الشعب المغربي ،القوي بوحدته التي ل تنفصم والمتشبع بروافده المتنوعة والغنية،
سيظل
في تلحم تام مع العرش ،متمسكا بالقيم المقدسة والثوابت الواردة في الدستور والتي تعارفت
.وتعاقدت عليها المة المغربية على امتداد تاريخها
ث -وغني عن البيان أن الدولة المغربية ،وهي تدخل درب الجهوية المتقدمة ،تبقى متمسكة،
تحت قيادة صاحب الجللة الملك الممثل السمى للمة ،بكامل سيادتها وبوحدة ترابها الوطني
وبوحدتها السياسية والتشريعية والقضائية ،فل محيد بأي وجه من الوجوه عن ممارسة الدولة
.لجميع الوظائف التي هي حصريا من اختصاصها ،كما هو الحال في كل الدول الموحدة
ج -يتوخى من الجهوية المتقدمة أن تساهم بشكل حاسم في التنمية القتصادية والجتماعية
للبلد وفي الستثمار المثل للمؤهلت والموارد الذاتية لكل جهة واستنهاض همم مختلف
الفاعلين المحليين والمشاركة في إقامة وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى وتقوية جاذبية
الجهات .وإلى جانب هذا المرمى الساسي ،فإن الجهوية المتقدمة ،المقرونة باللمركزية
وباللتمركز النافذين ،تحدوها إرادة تأصيل فضائل أخرى منها تّفتح كافة المغاربة من خلل
المساهمة المواطنة في السعي المتواصل لخدمة ما فيه خير جماعتهم وجهتهم وأمتهم .وهكذا
:فإن الجهوية المتقدمة ترمي إلى تحقيق المقاصد التالية
تعزيز روح المبادرة وتحرير الطاقات الخلقة لدى المواطنين والمواطنات ولدى منتخبيهم ؛ -
الحد من المثّبطات والعراقيل البيروقراطية ومعالجة سلبياتها؛ -
نهج سياسة القرب وتضافر الجهود بين القطاعات وأخذ البعد الترابي بعين العتبار في -
السياسات العمومية وفي تدخلت الدولة والجماعات الترابية ،بغية الرفع من نجاعة الفعل
العمومي؛
تعزيز المناخ الديمقراطي وتوسيع نطاق الممارسة التشاركية بما يواتي الحكامة الجيدة -
ويغذي روح المسؤولية ويعمم إلزامية تقديم الحساب من طرف المصالح الدارية وموظفي
.الدولة والمنتخبين على جميع المستويات
ح -أول ما يتميز به النموذج المقترح أنه "ديمقراطي الجوهر" ،بناء على نداء صاحب
الجللة محمد السادس الذي استجابت له كل الفعاليات السياسية المعنية وهكذا سيتعزز التدبير
الديمقراطي لشؤون الجهة بما هو مقترح من تدعيم الديمقراطية التمثيلية وتوسيع المشاركة
النسائية ومشاركة المواطنين وتطوير علقات الشراكة مع النسيج الجمعوي والقطاع الخاص
.وتقوية الختصاصات التقريرية والتنفيذية للمجالس المنتخبة بشكل منفتح متدرج
خ -يهدف النموذج إلى ضمان التصور والتفعيل المتضافرين والمتناسقين للتنمية القتصادية
المندمجة في المجال الجهوي ،وذلك بإبراز الجماعة الجهوية كشريك ممّيز للدولة في هذا
الصدد ،وإقرار صدارتها في تنسيق ودمج تصورات ومخططات وبرامج باقي الجماعات
.الترابية ،مع احترام المساواة القانونية بين هذه الجماعات والختصاصات المخولة لكل منها
د -ولتمكين الجماعة الجهوية وباقي الجماعات الترابية من التكفل بتلك الختصاصات ،وردت
سلسلة من المقترحات الرامية إلى تقوية قدراتها في التدخل والتدبير وجعلها تعتمد الساليب
.الحترافية وتكّرس مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة
ذ -وارتباطا بالتقدم المنتظر تحقيقه على هذا النهج ،يفتح النموذج المقترح السبيل لرساء
علقات جديدة بين الدولة والجماعات الترابية ،مبنية على الشراكة وعلى الشراف والمراقبة
المرنة عوض الوصاية .وعلوة على حقوق هذه الجماعات وواجباتها المضبوطة في
القوانين ،فإن التعاقد سيكون هو النهج المعتمد لقامة هذه الشراكة ،في إطار مرجعيات
مجددة ،تحدد بدقة الهداف والوسائل ومعايير تتبع وتقييم اللتزامات المتبادلة بين الدولة
والجماعات الترابية في كل شأن .ويندرج كذلك في هذا التجاه الكثار من فرص الصغاء
وتبادل الرأي والحرص على تنسيق السياسات العمومية الوطنية والترابية ،ومراجعة آليات
المراقبة من طرف الدولة بتفضيل اللجوء إلى التقييمات البعدية على المراقبة القبلية التي ل
.يلجأ إليها إل في حالت محددة
ر -يعد إحداث صندوق للتأهيل الجتماعي وصندوق للتضامن الجهوي مع تقوية موارد
الجهات بشكل ملموس ،طفرة كبيرة في النموذج المقترح .ففي سياق المجهود الجبار من أجل
التنمية الجتماعية والبشرية الذي يقوده جللة الملك محمد السادس والذي تعتبر المبادرة
الوطنية للتنمية البشرية إحدى معالمه البارزة ،تلتزم الدولة بإقامة صندوق للتأهيل الجتماعي
للجهات وتكريسه قانونا لمعالجة العجز الملحوظ في قطاعات حيوية من البنيات التحتية
والخدمات الجتماعية ،وذلك على مدى اثنتي عشرة سنة .وبموازاة ذلك ،يحدث صندوق
.للتضامن الجهوي تساهم فيه كل جهة بقسط من مواردها الضافية
وأخيرا سترفع الدولة بشكل ملموس من الموارد المالية التي تحولها للجهات بقصد تقوية
قدراتها على العمل وعلى المبادرة في مجالت التنمية القتصادية والجتماعية والثقافية
.والبيئية
ز -ومن مميزات النموذج المقترح أن التقطيع الجديد لجهات المملكة يجعل منها وحدات
وظيفية ومؤسساتية مكّرسة أساسا للتنمية المندمجة .وحيث إن وحدة المملكة واستمراريتها
التاريخية لزيد من ألف سنة ،انصهر خللها السكان وتآلفوا بشكل وثيق ،فقد انبنى التقطيع
على اعتبارات موضوعية مثل الوظائف القتصادية وأقطاب التنمية المندمجة والعلقات
والتفاعلت الحيوية النية والمستقبلية بين السكان المعنيين .ولم يكن لهذا التقطيع أن يعاني من
مثبطات تاريخية صعبة التجاوز ول من إكراهات أو نعرات مخلة بالنهج العقلني والوظيفي
المنشود .هذا ،ومن مميزات المشروع أيضا أنه يراعي ،مع ذلك ،الكراهات البيئية
والتحديات المرتبطة بها ،خاصة في المناطق الشاسعة من التراب الوطني التي ساكنتها قليلة
وأرضها شبه صحراء تتخللها بعض الواحات .وقد ذهب الختيار إلى إقامة جهات تؤخذ فيها
هذه الكراهات ذاتها بعين العتبار لتحظى ،عن قصد ،بتضامن وطني ذي نفس جديد فاعل
.وملموس ،حتى تتمكن بنفسها من النهوض بما لها من المؤهلت
س -ومع الحتفاظ في الظروف الراهنة بمجالس العمالت والقاليم ،يقترح في المستقبل
إجراء تقييم شمولي لمنظومة الجماعات الترابية لتجنب الزدواجية العضوية للمجالس
،المنتخبة ولتطوير التجمع وذلك استجابة لضرورة إلغاء أسباب التداخل والتنازع في
البيني للجماعات الختصاصات بين المجالس المنتخبة المتراكبة في )(intercommunalité
مجال ترابي واحد ،وللحاجة إلى تعضيد المشاريع والوسائل لدى الجماعات في إطار تنظيمها
.البيني الديناميكي
ش -ول يتميز هذا النموذج المغربي للجهوية المتقدمة فقط بمحتواه الذي سبق تلخيصه أعله،
ولكن أيضا بمنبعه وبدوافعه .فهو نابع من إرادة ملكية صريحة ومن التزام حر سيادي للدولة
المغربية الموحدة ،ولم يفرضه توفيق ما ،بين نعرات إثنية أو ثقافية أو عقائدية تزيد أو تنقص
غلّوا .ومع كون المشروع ورشا مؤسسا جديدا ،فقد جاء في سيرورة متدرجة للمركزية
وللديمقراطية المحلية مّرت عليها خمسون سنة .وتم وضعه وسوف يكّرس في جّو هادئ
رصين من التفكير الجماعي ومن الستشارات الواسعة في إطار نقاش وطني مفتوح وملتزم،
يستند إلى توجهات كبرى يتقاسمها الفاعلون المعنيون .والواقع أن المقترحات الوجيهة
المستخلصة من استشارة هؤلء الفاعلين سواء منهم الوزارات المعنية وممثلو المنتخبين
ومجموع الحزاب السياسية والنقابات والمنظمات المهنية وبعض الشبكات الجمعوية أسهمت
.منذ النطلق في بلورة هذا المشروع المغربي للجهوية المتقدمة
ص -بمجرد تنصيبها كرست اللجنة الستشارية للجهوية أولى جلساتها لدراسة الخطاب
الملكي ليوم 3يناير 2010دراسة معمقة ،جاعلة منه مرجعها السمى وخارطة طريقها نحو
.تصور الجهوية المتقدمة ،مستلهمة مما يتضمنه من أحكام سديدة أهداف ومنهج عملها
ض -وبناء على ما أنيط بها من مهام التزمت اللجنة بوضع نموذج للجهوية ينطبق على
مجموع التراب الوطني في انتظار ما ستنتهي إليه المفاوضات حول مشروع نظام الحكم
.الذاتي لقاليم الجنوب
ط -وللسير صوب هذه المقاصد ،اختارت اللجنة البناء على مكتسبات التجربة الوطنية في
اللمركزية بما لها وعليها ،معززة ما فيها من اليجابيات وطارحة ما فيها من النقائص،
ساهرة على جعل مضامينها ومظاهرها مستجيبة لمتطلبات اللحظة التاريخية والغايات
المنشودة ،مما استلزم تسليط أضواء التقييم على المراحل السابقة واستشراف المستقبل
.استجابة للطموحات والتطلعات للتغيير
ظ -وسعيا لهذه الغاية وعمل بمنطوق المهام المناطة بها ،قامت اللجنة باستشارات واسعة
النطاق شملت كل الهيئات الكفيلة بالسهام في البناء المنشود ،أحزابا سياسية ومنظمات نقابية
ومنتخبين في الجماعات والعمالت والقاليم والجهات ومنظمات مهنية وشبكات جمعوية
للمجتمع المدني وقطاعات .وزارية وهيئات مكلفة بالتنمية وأجهزة عمومية مكلفة بالدراسات
.والتقييم والمراقبة
ع -وقد تمت هذه الستشارات إما مشافهة لتقييم الوضاع الراهنة واستشراف آفاق المستقبل،
وإما
مكاتبة من خلل تقارير تعرض التشخيصات وتقدم المقترحات ،3وإما بكلتي الطريقتين.
وبناء على ما
توصلت به اللجنة من معطيات فإنها قامت بتحليل معمق لستجلء مواقف الهيئات المعنية عن
مختلف
.مكونات البنيان المنشود
غ -وبفضل حسن استعداد الهيئات المستشارة وتجاوبها ،أتت هذه الستشارات أكلها إذ زودت
اللجنة بمعطيات ثمينة سواء عن نقائص التجربة الحالية أو عن مدى التطلعات ،شاهدة بجلء
.على أن الجهوية المتقدمة تحظى بالجماع في مبدئها وتثير آمال عريضة
ف -أما عن المنهجية المتبعة ونظرا لما بين نماذج الجهوية من التفاوت الناجم عن اختلف
ظروف قيام الدول وتطورها في التاريخ ،فإن اللجنة الستشارية للجهوية سارت على خط
:رئيسي في التفكير واستأنست بمصادر تكميلية
اعتمادا على التوجيهات الملكية الواردة في خطاب صاحب الجللة ليوم 3يناير _ ، 2010
كان على اللجنة أن تضع مشروعا مغربيا مستمدا من ثقافتنا وقيمنا ،من مؤسساتنا وتجاربنا،
من تاريخنا وجغرافيتنا ،من خصوصياتنا ومميزاتنا ،من تطلعاتنا وطموحاتنا .وقد عملت على
بناء المشروع ،لبنة لبنة ،وفق ما بدا لها
مستجيبا بأكثر ما يمكن من الدقة لواقع المغرب ولطموح أبنائه ،وكفيل ببلوغ مقاصد الجهوية
المتقدمة ،مستلهمة ذلك من التوجيهات الملكية السامية ومن الماني والمقترحات الملئمة لكل
من تمت استشارته من الفاعلين المغاربة ،وفي مقدمتهم الحزاب السياسية الوطنية بدون
.استثناء
بيد أن المتناع عن التقليد العمى وعن نقل النماذج لم يعف اللجنة من الطلع على _
التجارب الجنبية للوقوف على ما جاءت به من الحلول في قضية أو في أخرى ،حيث أجرت
بعض المقارنات المركزة أساسا على النماذج المعمول بها في الدول الموحدة ،واستشارت
عددا من الهيئات الدولية والخبراء الجانب .ولم تتردد عند القتضاء من اقتباس بعض الليات
.التي ثبتت فائدتها وبدت قابلة لملءمة الواقع المغربي
ق -انكبت اللجنة على الدراسة المتواصلة ،سواء في الجلسات العامة أو في إطار فرق العمل
الموضوعاتية ،للقضايا الجوهرية المتعلقة بالجوانب المؤسساتية والديمقراطية،
وباختصاصات المجالس المنتخبة وأنماط المراقبة من طرف الدولة ،والتنمية القتصادية
والجتماعية بما في ذلك من تمويل التضامن ،وبالحكامة وتحديث هياكل الدولة ،وباللتمركز
وبالتقطيع الجهوي .وفي نهاية المطاف فإن نتائج هذا العمل قد أدرجت في التقارير
.الموضوعاتية الواردة في الكتابين الثاني والثالث من تقرير اللجنة
ك -في ما يرجع للتمركز الداري ،كجانب متلزم مع الجهوية المتقدمة ،واعتبارا لتوجيهات
جللة الملك للحكومة في خطاب 20غشت 2010بقصد وضع ميثاق في هذا الصدد ،تقدم
.اللجنة إسهاما في هذا الورش
ل -كما جاء في خطاب جللة الملك ليوم Oغشت ، 2010سيكون التصّور العام للجهوية 2
.المتقدمة موضوع نقاش وطني تحسيسي لضمان أوسع انخراط للمواطنين فيه وتّملكهم له
م -تقتضي طبيعة المشروع تفعيله تدريجيا على مراحل ،وفق خارطة طريق مضبوطة ترسم
له ،كما أشار بذلك جللة الملك ،وقيادة من مستوى عال .ويرافق التفعيل تقييم مستمر كفيل
بأن يمنحه الوتيرة المثلى ،مع إجراء ما يلزم من التصويب على المشروع ،كلما اقتضى المر
:ذلك في ضوء الممارسة العملية .ويتجلى هذا التدرج خاصة في الجوانب التالية
على الصعيد المؤسساتي ،وبالرغم من كون بعض مقترحات المشروع تستدعي مراجعة -
الدستور ،فإن الجهوية المتقدمة يمكن الشروع في تفعيلها بمجرد إعادة النظر في اللزم من
المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها .وينبغي معالجة ما تعاني منه بعض هذه
المقتضيات من تعثر في التطبيق رغم إيجابيتها ،وذلك بسبب المثبطات الدارية وقلة الموارد
المالية وضعف ملءمة الموارد البشرية والحاجة إلى تأهيل المنتخبين لسيما في مجالت
.التدبير العمومي
من حيث اختصاصات الجهات الجديدة ومنها أساسا اختصاصات مجالسها المنتخبة ،فإن -
المشروع الحالي يفتح أمامها آفاقا عريضة للتدخل في كل مجالت التنمية القتصادية
والجتماعية والثقافية والبيئية ،موفرا لها قاعدة من الختصاصات الذاتية ومزيدا من الموارد،
فضل عن آليات للتضامن تفتح لها مجال رحبا للمبادرة ،من شأنه أن يساعدها على النطلق
تّوا في عملها .كما يقترح المشروع النقل التدريجي لختصاصات تزداد اتساعا وتقترن بنقل
.الموارد المعتمدة لها على أساس تفاوضي وتعاقدي بين الحكومة والمجالس الجهوية
يتم تدريجيا جعل المراقبة من طرف الدولة أكثر مرونة على أن يقترن ذلك بتطور القدرة -
.على التدبير الجهوي وبالمؤشرات الملئمة للشفافية وللداء الجيد
ن -وعلى العموم فإن الجهوية المتقدمة تمثل جانبا من المسار الديمقراطي للبلد ،وطنيا
وجهويا ومحليا .ومن شأن عدة عوامل أن تؤثر في مصداقيتها وتعميقها وإشعاعها المستمر،
من ذلك اتساع مشاركة السكان في الستحقاقات النتخابية ،واتسام النظمة والمسارات
النتخابية بالمزيد من النزاهة والشفافية والمنافسة الشريفة ،وبروز نخب جهوية ومحلية
.رفيعة الكفاءات ومخلصة للمصلحة العامة ومؤهلة للحكامة الجيدة وتقديم الحساب
ه -ومن ضمانات نجاح المشروع كما أطلقه ووضع خطوطه الساسية جللة الملك ،النخراط
التلقائي والفوري من قبل مجموع القوى الحية للمة فيه .فقد ساهمت الحزاب السياسية ،كما
ذكر سابقا ،في وضع هذا النموذج المغربي بما تقدمت به من آراء فورية ومتينة ،معبرة عن
وعيها التام بما لها من الدوار ومن المسؤولية في إنجاح هذا المشروع الوطني .وبناء على
:الرسالة التي أناطها الدستور بالحزاب ،فقد أكدت التزامها بما يلي
المساهمة بشكل نافذ في إخراج الجهوية المتقدمة إلى حيز التطبيق وفي تنشيطها في -
الممارسة السياسية والمؤسساتية والتدبيرية وبالتالي إنجاحها ؛
تطوير وتأهيل هياكلها وبرامجها وأساليب عملها ،خاصة في الجهات ،لجلب اهتمام السكان -
وإشراكهم على أوسع نطاق؛
المساهمة في تنقية كل جوانب الحياة السياسية وفي المنافسة الديمقراطية؛ -
العمل على إبراز نخب جهوية ومحلية جديدة بإعداد وتقديم أطر ومرشحين ومنتخبين -
يكونون في مستوى ما يطمح إليه المشروع؛
التزام اليقظة المسؤولة والخلقة بما يضمن حسن اشتغال الجهات وباقي الجماعات الترابية -
.ومواصلة تطوير المنظومة المؤسساتية الجديدة
المقترحات
تعرض المقترحات المكونة للتصور العام للنموذج المغربي للجهوية المتقدمة فيما يلي وذلكُ
بشكل مباشر مقتضب وبأسلوب "توصيفي " ) ،(prescriptifتيسيرا لدراكها الجمالي
ولدراجها المحتمل لحقا ضمن نصوص معيارية .ولم يبد من المفيد تكرار المبررات
المدعمة لكل مقترح لكونها مشتركة بين عدة مقترحات ومستمدة في أبعادها العامة من
التوجيهات الملكية السامية ومن المعايير الجاري بها العمل في الديمقراطية والحكامة الجيدة.
وعلوة على ذلك فإن التقاريرالموضوعاتية المدرجة في الكتاب الثاني لهذا التقرير تتضمن
براهين ومبررات أكثر دقة .بيد أن خصوصيات بعض القضايا استوجبت بيانا وجيزا ضمن
.هذا الكتاب الول للمبادئ والمناهج المعتمدة بشأنها
وتتعلق المقترحات على التوالي بالحياة الديمقراطية الجهوية و توزيع الختصاصات
وتمفصلها وأدوار الجهات في التنمية المندمجة والموارد المرتبطة بها و الحكامة والمراقبة
من طرف الدولة واللتمركز الداري و التقطيع الجهوي الجديد وأخيرا التدابير الدستورية
.والتشريعية والمواكبة لتفعيل المشروع
ترمي المقترحات المدرجة في هذا المحور إلى تقوية التمثيلية والمشروعية الديمقراطية
للمجالس الجهوية ،وإلى اعتماد مقاربة النوع ،تشجيعا للنساء على ولوج الوظائف التمثيلية
والمشاركة في تدبير شؤون الجهة ،وإلى تنظيم مشاركة المواطنين والمجتمع المدني والقطاع
..الخاص في النقاش العمومي حول قضايا الجهة وكيفية تدبيرها على الوجه الحسن