Horizons/Théâtre

Revue d'études théâtrales 

7 | 2015
Corps, culture et apprentissage

‫الجسد والغروتيسك في االحتفاالت الشعبية األمازيغية‬

‫الثقافة األمازيغية والجسد‬

Fouad Azarual

Édition électronique
URL : https://journals.openedition.org/ht/716
DOI : 10.4000/ht.716
ISSN : 2678-5420

Éditeur
Presses universitaires de Bordeaux

Édition imprimée
Date de publication : 31 décembre 2015
Pagination : 96-101
ISSN : 2261-4591
 

Référence électronique
Fouad Azarual, « ‫الجسد والغروتيسك في االحتفاالت الشعبية األمازيغية‬ », Horizons/Théâtre [En ligne], 7 |
 2015, mis en ligne le 01 juin 2017, consulté le 17 mai 2022. URL : http://journals.openedition.org/ht/
716  ; DOI : https://doi.org/10.4000/ht.716

La revue Horizons/Théâtre est mise à disposition selon les termes de la Licence Creative Commons
Attribution - Pas d'Utilisation Commerciale - Pas de Modification 4.0 International.
Fouad Azarual
Fouad Azarual est chercheur et professeur habilité à l’Institut Royal de la Culture Amazighe.
Ses axes de recherches sont la culture, l’art et la littérature amazighe. Il a plusieurs publications
portant sur les arts du spectacle et les performances amazighe. Il est également auteur de livres
sur le théâtre amazighe. Parmi ses publications : La littérature amazighe contemporaine au Rif
(co-écrit), La littérature amazighe contemporaine au Maroc, Le comique amazigh : l’ironie dans
la culture amazigh.
Mail : azarual64@yahoo.fr

R ÉSUMÉ : Les spectacles et les festivités
dites « populaires » sont les moments les
plus privilégiés pour l’usage du corps dans
la culture amazigh. Ces usages sont soute-
nus à la fois par des prises de position et
aussi par des visions du monde propres à
la société amazigh. Lors de ces manifesta-
tions collectives, on assiste à l’émergence
d’un corps ironique et burlesque. Les tech-
niques utilisées s’apparente dans une large
mesure à l’art du grotesque. Tout comme
les carnavals « populaires » propre aux
différentes civilisations humaines, la teneur
anthropologique ainsi que la profondeur
significative de ces spectacles amazigh
sont ouvertement orientées contre les doxa
et les valeurs morales et religieuses de
leurs contextes réciproques.
MOTS-CLÉS : culture amazigh, fête, corps,
grotesque, masque, sacré, libération

A BSTRACT: The shows and festivities called
“popular” are the most special moments for
the use of the body in the Amazigh culture.
These usages are supported by both basic
attitudes and also by world views peculiar to
the Amazigh society. During these collective
manifestations, we witness the emergence
of an ironic and burlesque body. The tech-
niques used are, to a large extent, similar to
the art of the grotesque. Just like “popular”
carnivals specific to the various human civili-
zations, the anthropological content as well
as the significant depth of theseAmazigh
shows are openly directed against the doxa
and the moral and religious values of their
reciprocal contexts.
KEYWORDS: Amazigh culture, party, body,
grotesque, mask, sacred, liberation
 ‫الجسد والغروتيسك في االحتفاالت الشعبية األمازيغية‬

‫املراجع ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الكتب‬
‫ـ أوجست موليرياس‪ ،‬املغرب املجهول‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬اكتشاف الريف‪ ،‬ترجمة عزالدين الخطايب‪ ،‬منشورات تيفراز ن‬
‫أريف‪ ،‬مطبعة دار النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،7002 ،‬ط ‪.1‬‬
‫ـ بوعيل ياسني‪ ،‬الثالوث املحرم‪ ،‬دراسات يف الدين والجنس والرصاع الطبقي‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،8791 ،‬‬
‫الطبعة ‪.2‬‬
‫ـ جامع بنيدير‪ ،‬مهرجان ءميعشار بتزنيت‪ ،‬منشورات املعهد املليك للثقافة األمازيغية‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪،‬املغرب‪ ،7002 ،‬ط ‪.1‬‬
‫ـ حسن يوسفي‪ ،‬املرسح واألنرتبولوجيا‪ ،‬منشورات دار الثقافة‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪،0002 ،‬‬
‫ط ‪.1‬‬
‫ـ ريحان الروييل وسعد البازغي‪ ،‬دليل الناقد األديب‪ ،‬املركز الثقايف العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2002 ،‬ط ‪.3‬‬
‫ـ عبد الله حمودي‪ ،‬الضحية وأقنعتها‪ ،‬بحث يف الذبيحة واملسخرة باملغرب‪ ،‬ترجمة عبد الكبري الرشقاوي‪ ،‬دار توبقال‬
‫للنرش‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،0102 ،‬ط ‪.1‬‬
‫ـ فؤاد‪ ،‬ازروال‪ ،‬الضحك األمازيغي‪ ،‬السخرية يف الثقافة األمازيغية‪ ،‬مطبعة جسور‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪ ،4102 ،‬ط‪.1‬‬
‫ـ مرسيا‪ ،‬إلياد‪ ،‬املقدس واملدنس‪ ،‬ترجمة عبد الهادي‪ ،‬عباس املحامي‪ ،‬دار دمشق للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫‪ ،8891‬ط ‪.1‬‬
‫ـ الزهرة إبراهيم‪ ،‬األيروس واملقدس‪ ،‬دراسات أنرتبولوجية حديثة‪ ،‬الناي للدراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‬
‫‪.2000‬‬

‫‪2‬ـ املقاالت‬
‫ـ إبراهيم أزروال‪« ،‬مسخرة بوجلود‪ :‬نحو تاريخية للكرنفال األمازيغي»‪ ،‬مقال‪ ،‬املوقع اإللكرتوين ‪:‬‬
‫‪www.marocnews.ma‬‬
‫ـ سعدي عبد اللطيف‪« ،‬الضحك والحرية مليخاييل باختني»‪ ،‬إعداد وترجمة‪ ،‬مقال‪ ،‬املوقع اإللكرتوين ‪:‬‬
‫‪www. m.ahewar.org‬‬
‫ـ لحسن أيت لفقيه‪« ،‬دراسات حول الجنوب الرشقي‪ ،‬املوسيقار «بوغانيم» األمازيغي»‪ ،‬مقال‪ ،‬املوقع اإللكرتوين‪:‬‬
‫‪www.aitelfakih.blogspot.com‬‬
‫ـ لطيفة‪ ،‬بلخري‪« ،‬دفاع عن أطروحة جامعية‪« ،‬الجسد الكروتيسيك والكتابة اإلخراجية» بني التوثيق الجامعي والرسقة‬
‫األدبية»‪ ،‬مقال‪ ،‬املوقع اإللكرتوين‪www.maghress.com :‬‬

‫‪- 97 -‬‬
 ‫‪Corps, culture et apprentissage‬‬

‫والتعرض إىل األعضاء الجنسية بهذا الشكل الضاحك والساخر‪ ،‬هو يف األصل يتجاوز التعرض ملسألة الجنس إىل‬
‫التعرض ملسائل األخالق االجتامعية والدين والسياسة‪ ،‬ألن هذه املسائل كلها تتامهى أو تتداخل فيام بينها بشكل‬
‫معقد لدى الفرد يف املجتمع األمازيغي التقليدي‪ .‬ولذا نجد يف كثري من االحتفاالت األمازيغية موضوعات الجنس‬
‫والدين والسياسة ترتاكم وتتشابك‪ .‬ففي احتفال «باشيخ» بالريف يتورط الكل يف نقد الصالة والقضاء والدين بعد‬
‫تشويه رجاالتها بشكل مفرط يف البشاعة والقبح وباالنخراط يف مشاهد أو مواقف جنسية كاريكاتورية وفجة‪.‬‬
‫قد يكون هذا الغروتيسك الذي يركز عىل الجزء السفيل للجسد هو عودة إىل االنسجام مع أعامق النفس البرشية‬
‫البدائية باعتبارها آلية دفاعية يستخدمها املجتمع يف االحتفال لتفادي كل أشكال العنف التي قد تنتج عن قمع‬
‫الجسد ورغباته يف الحياة العادية‪ ،‬إذ يرصف من خاللها الطاقات السلبية املرتاكمة ويحقق التصالح مع الحالة البدئية‬
‫الطبيعية التي هي حقيقة وجود اإلنسان وأصله‪ .‬ومبعنى آخر ما هذا الظاهر املفرط يف القبح والعنف إال انعكاس‬
‫للقبح والعنف الداخيل اللذين يجب التخلص منهام‪.‬‬
‫وباإلضافة إىل الجزء السفيل‪ ،‬يتجه قسم كبري من التشويه أيضا إىل الوجه‪ ،‬يراكم مسوخاته‪ ،‬يغري كل مالمحه ومعامله‪،‬‬
‫يدفع به إىل أقىص درجات البشاعة‪ ،‬يجعله مثريا للضحك والرعب بشكل مثري‪ .‬يطمس هويته بالجمع فيه بني ما هو‬
‫إنساين وما هو حيواين وما هو نباين‪ ،‬يسوده بالرماد ويوسخه باألزبال‪ ،‬يزينه بالقاذورات واألشياء الوضيعة‪...‬‬
‫وهذا التشويه املراكم للوجه ينتهك كل القوانني االجتامعية والتعاليم الدينية‪ ،‬ويربك املنطق الفردي واالجتامعي‬
‫الذي يستند إىل فكرة املقدس‪ ،‬ويستحرض كل النشاطات اإلنسانية‪ ،‬ذات الطبيعة الحيوانية بصفة خاصة‪ ،‬من األعامق‬
‫وينرشها عىل أوضح صفحة يف الجسد‪.‬‬
‫وألن الوجه هو مفتاح األشخاص والنافذة التي ميكن من خاللها النظر إىل حقيقة دواخلهم‪ ،‬فإن الكثري من هذه‬
‫االحتفاالت تحاول أن تتوغل إىل تشخيص املعيش للناس يف املجتمع وإىل املفارقات التي يخفونها‪ ،‬ترسمها عىل‬
‫مالمحهم باألقنعة واملاكياج واإلكسسوارات‪ ،‬فتظهر فسادهم وتهورهم وظلمهم‪ ،‬وشبقهم وانحرافاتهم‪ ،‬وتجعلهم‬
‫مكشوفني أمام الجميع‪.‬‬
‫أما باقي الجسد الذي يتعاضد يف الطابع الغروتيسيك مع الوجه واألعضاء الجنسية‪ ،‬فهو يشري ـ كام يذهب أغلب‬
‫الدارسني ـ إىل آثار وثنية قدمية مرتبط بعبادة الكبش وتقديم القرابني لآللهة‪ ،‬ومرتبطة بطقوس استعادة الزمن األول‬
‫البديئ والنقي‪ ،‬الذي يتم خالله طرد الذنوب والشياطني والتطهري منها‪.‬‬
‫ولذلك فإن املواقف التهتكية التي ينخرط فيها هذا الجسد املمسوخ قد تكون رمزا "لالنكفاء يف الليل الكوين‪ ،‬ملا‬
‫سبق التشكل يف "األمواه"‪ ،‬لضامن إعادة التوالد الكيل للحياة وبالنتيجة خصب األرض ووفرة املحاصيل"‪.‬‬
‫إن االحتفاء بالجسد الغروتيسيك يف االحتفاالت الشعبية األمازيغية هو نوع من الخروج عن املألوف اليومي وعن‬
‫املقدس والواجب‪ ،‬إذ يسمح ب"قول املمنوع وخرق القانون‪ ،‬وإبراز األيروسية الثاوية تحت رماد الطهرانية‬
‫املجتمعية"‪ ،‬فينتج التجدد والتحول‪ ،‬ويخلق الفرص لالندماج والحفاظ عىل التامسك االجتامعي‪.‬‬

‫الخامتة‬
‫إن هذه املظاهر للجسد الغروتيسيك ودالالته يف االحتفاالت الشعبية األمازيغية ما هي إال جزء قليل من عموم‬
‫مظاهره ودالالته الواسعة‪ ،‬والتي ال ميكن الحديث عنها إال يف إطار بحث شامل وجامع‪ ،‬والتي ال ميكن فهم عنارصها‬
‫إال من خالل تفسري مقارن بني جميع الفرجات واالحتفاالت املغربية حتى ينري بعضها غوامض بعضها اآلخر‪ .‬كام أن‬
‫إدراكها ال يستقيم إال بإدراجها يف مسار زمني يرصد تحوالتها وتغرياتها عرب الحقب والعصور‪.‬‬
‫والشك أن هذه املظاهر ما هي‪ ،‬أيضا‪ ،‬إال جزء بسيط من نظام عام وشامل يف نسق الفنون التعبريية التي تفصح عن‬
‫املواقف واألفكار الجامعية يف التوق إىل التحرر واالنفالت من كل القوانني واألخالق السائدة‪ ،‬وما هي إال فقرة يف‬
‫خطاب شامل يشتغل عىل أساليب التنكر والتقنع واملبالغة من أجل إنتاج الضحك والسخرية من املقدسات‬
‫واملمنوعات‪ ،‬ومن أجل إنتاج فرجة هازلة يف فرصة خارجة عن الزمن االجتامعي بكل مكوناته العقدية والسياسية‬
‫واألخالقية‪.‬‬

‫‪- 98 -‬‬
 ‫الجسد والغروتيسك في االحتفاالت الشعبية األمازيغية‬

‫د‪ .‬اإلخفاء‪:‬‬

‫يف بعض الفرجات الشعبية األمازيغية‪ ،‬يعتمد اللعب عىل إخفاء كل معامل الجسد أو عىل محوها متاما‪ ،‬فتحوله‪ ،‬أي‬
‫الجسد "إىل يشء غامض هو عبارة عن "كتلة موحدة‪ ،‬غري مميزة األجزاء‪ .‬كام يف فرجة (قيبو) يف منطقة األطلس‪ ،‬حيث‬
‫يغطى الالعب أو املؤدي جسده كامال بإزار واحد‪ ،‬واضعا دلوا أو يقطينة يف آخر ظهره حتى ال مييز الرأس من الظهر‪،‬‬
‫ثم يبدأ يف الدوران واللعب والركض يف كل اتجاه بحركات بهلوانية‪.‬‬
‫وهذا النوع من التنكر أو التقنع هو أيضا شكل من أشكال التشويه الجسدي الذي تثري املتعة الساخرة والضاحكة‪،‬‬
‫وأيضا "الخوف والرهبة‪ ،‬لدى املشاهدين واملتفرجني"‪.‬‬

‫ه ـ التهجني‪:‬‬

‫تشتهر أغلب املهرجانات واالحتفاالت األمازيغية بنزوعها الشديد نحو تشكيل الجسد الالعب أو املشخص يف صورة‬
‫مهجنة‪ ،‬تجمع بني عنارص إنسانية وأخرى حيوانية أو نباتية‪.‬‬
‫ففي موكب الفنان بوغانيم يلبس العازف واملمثل الرئييس أزياء خاصة تحمل ألوانا زاهية‪ ،‬ويضع قلنسوة من ريش‬
‫الدجاج أو الطاووس حتى يبدو مظهره يف شكل الديك‪ .‬ويعتني بأن يكون رأسه حادا وشبيها برأس الديك‪.‬‬
‫ويف مسخرة «باشيخ» يرتدي البطل «أسامال ويضع حزاما من الحلقة حول خرصه وينتعل خفني مثقوبني ويلف ساقيه‬
‫بجلود املاعز‪ ،‬ويضع فوق رأسه قربة يابسة‪ ،‬وعل أذنيه ورقتني صغريتني من شجرية التني الوحيش‪ .‬أما الوجه فيختفي‬
‫داخل يقطينة محفورة من الداخل ومثقوبة يف أماكن العينني والفم‪ ،‬وعىل جانبي الفم هناك نابان لخنزير»‪.‬‬

‫الشك أن هذه املظاهر من الغروتيسك الجسدي يف االحتفاالت األمازيغية ما هي إال جزء بسيط من نظام عام وواسع‬
‫من تفجري الطاقات التعبريية عن املواقف واألفكار الجامعية يف التوق إىل التحرر واالنفالت من كل القيود‪ ،‬وما هي‬
‫إال مستوى جزيئ من خطاب شامل يف االشتغال عىل أساليب التنكر والتقنع واملبالغة واملزج لتجسيد مشاعر «الفظاعة‪،‬‬
‫والضحك والرعب‪ ،‬والبهجة واألمل‪ ،‬والحياة واملوت‪ ،‬والجد والهزل‪ ،‬والفيزيقي وامليتافيزيقي ‪« ...‬لرتسيخ» ثقافة ساخرة‬
‫تسعى إىل التجديد والتحول»‪.‬‬

‫‪3‬ـ الدالالت الثقافية واالنرتوبولوجية‪:‬‬

‫إن هذه األوضاع واألشكال من الفظاعة واملسخ للجسد يف االحتفاالت الشعبية األمازيغية تتأسس عىل ذلك املبدأ‬
‫اإلنساين العام الذي تقوم عليه كل الكرنفاالت‪ ،‬والذي هو مهاجمة املقدس والسخرية منه والتوجه ضد املمنوعات‬
‫وضد الطريقة التي يعرب بها عنها‪ .‬وذلك من خالل االنتفاض ضد «الجسد املستقيم خديم املؤسسة االجتامعية ذي‬
‫الهوية املعروفة‪ ،‬والفعالية املحسوبة‪ ،‬واالنضباط املراقب باستمرار»‪ ،‬ومن خالل العبث به وتشتيته وتشويهه‪ ،‬مام‬
‫يعكس ـ عىل املستوى الرمزي ـ عبثا بالقيم األخالقية والدينية واالجتامعية‪.‬‬
‫ويتجه القسم األكرب من مسخ الجسد يف هذه االحتفاالت إىل الجزء السفيل‪ ،‬الجزء املدنس ومركز التحريم والتجريم‪،‬‬
‫الجزء «الغرائزي» والحيواين‪ ،‬الجزء الذي كان السبب يف الخطيئة البرشية األوىل‪ ...‬فيقدم القضيب الرجويل يف وضع‬
‫مقلوب عىل الظهر‪ ،‬أو مضخام عىل شكل عصا طويلة ربطت به مثار بانذجان‪ ،‬أو مستقال يحمله شاب يف يده وهو‬
‫منتصب أو يتجول به أحد املمثلني وهو يضعه يف سلة‪ ...‬وتقدم مؤخرة املرأة ـ التي توقظ الغرائز ـ يف صورة توحي‬
‫بالشبق واإلغراء بحيث يبالغ يف تضخيمها وتحريكها واللعب بها‪ .‬ويدرج كل هذا يف سياق من اللعب التهريجي‬
‫الضاحك والساخر‪ ،‬ألن املجتمع التقليدي ال يسمح باستعراض هذه األعضاء أو الحديث عنها إال يف صيغة اللعب‬
‫واملزاح‪.‬‬

‫‪- 99 -‬‬
 ‫‪Corps, culture et apprentissage‬‬

‫والهزيل‪ ،‬واإلرساف واملغاالة‪ ،‬والتشويه الخارج عن املألوف»‪ ،‬وكانت تنترش يف كل أرجاء البالد بأريافها وحوارضها‪ ،‬مام‬
‫ينم عىل أنه مل يكن مجرد لعب أو مامرسة عابرة ومعزولة‪ ،‬وإمنا كان مجموعة الطقوس التي تعرب عن حالة ثقافية‬
‫عامة ورؤية اجتامعية واضحة لإلنسان والحياة‪.‬‬

‫‪2‬ـ املسخ وتقنباته‪:‬‬

‫تدفع االحتفاالت الشعبية األمازيغية الجسد إىل أبعد درجة ممكنة من الغرابة والبشاعة من خالل التشويه الذي‬
‫ميزج بني ما هو حيواين أو نبايت وما هو إنساين‪ ،‬وبني ما هو متصل من األعضاء وما هو منفصل منها‪ ،‬من خالل مسخ‬
‫شكله الخارجي من حيث اللباس والطريقة يف الترصف والتعبري بالحركة واإلمياء وسوى ذلك‪ .‬ويستخدم القناع ـ بكل‬
‫أمناطه وأبعاده ـ ليغري من معامل هذا الجسد أو ليخلق له شكال مغايرا‪ ،‬غريبا وبشعا يثري الرعب والضحك معا‪،‬‬
‫ويوظف من أجل ذلك تقنيات عدة منها القلب والتضخيم والتشذير واإلخفاء‪..‬‬

‫أ ـ القلب‪:‬‬
‫من أهم التقنيات التي تشتغل بها عملية املسخ والتشويه يف هذه االحتفاالت هي القلب الذي يعده ميخاييل باختني‬
‫أحد أهم ركائز الكرنفال‪.‬‬
‫ويروي عبد الله حمودي عن مهرجان بيلامون‪:‬‬
‫«يتجرد الرجل من مالبسه متاما‪ ،‬وال يحتفظ إال بكلسون‪ .‬إذ ينبغي له أن يلبس هذه الجلود‪ ،‬غري املغسولة وغري‬
‫املنقاة‪ ،‬عىل اللحم‪ .‬تخاط عليه أوال تلك التي ستكون «رسواال»‪ .‬جربات خصيتي وقضيب الذبيحة تجعل يف الخلف‪،‬‬
‫بحيث تتدىل عىل ردفيه‪ .‬يرشح لنا واحد أن األمر هكذا ألنهم يقلبون كل يشء «كيكلبو ليه كل يش»»‪.‬‬
‫ويف مهرجان ءميعشارن يتم قلب «امللبوس من األزياء‪ ،‬واستبدال خلفه بأمامه‪ ،‬ووجهه بظهره‪ ،‬وأسفله باعاله»‪...‬‬

‫ب ـ التضخيم‪:‬‬
‫تستعرض العديد من االحتفاالت األمازيغية مسخا ضخام للكثري من األعضاء الجسدية‪ ،‬السيام منها الجنسية‪ ،‬مثلام‬
‫كان األمر يف املوكب الديونيزويس املرتبط بطقوس الخصوبة‪ .‬كام أنها تركز عىل تضخيم األجزاء التي تزداد بشاعتها يف‬
‫الحجم واملظهر إذا ما انخرطت يف اللعب والحركة‪.‬‬
‫ففي كرنفال ءميعشارن يتم «حشو املالبس بعد ارتدائها وذلك عىل مستوى البطن‪ ،‬وعىل مستوى املؤخرة‪ ،‬أو الكاهل‪،‬‬
‫مبا يتيح إبراز انتفاخ كل منهام وتضخيمه‪ .‬فينتفخ البطن متدليا من عىل الحزام الذي يدعمه‪ .‬وتربز الحدبة وكذا‬
‫املؤخرة عىل نحو فظيع لكنه مثري وممتع إذا انخرط صاحبها يف مامرسة الرقص‪ ،‬جامعيا وفرديا»‪.‬‬
‫أما يف مسخرة بيلامون‪ ،‬فيتزيى أحد املشخصني برسوال»من املشمع األصفر الالمع‪ ،‬فوق مقاسه بكثري‪ ،‬يتجرجر عىل‬
‫األرض هكذا يوحي أنه مييش يف كيس»‪.‬‬
‫ج ـ التشذير‪:‬‬
‫يقوم املسخ عند الكثري من املشخصني يف االحتفاالت األمازيغية عىل تشذير الجسد وتفكيكه‪ ،‬وتصويره يف شكل‬
‫منحل ومفكك يوحي باستقاللية أعضائه عن بعضها‪ ،‬ومحمال بـ"دالالت االنقسام واملرونة والخفة والنزقية والحركية"‪.‬‬
‫يف مهرجان «بركاشو»‪ ،‬يغطى كل جسد املشخص الرئييس بواسطة الفدام‪»،‬وهو لفائف تشبه نسيج مصفاة‪ ،‬توجد‬
‫بني حراشف (‪ )écailles‬النخل الذكر الذي سبق قطعه وجف تحت حرارة الشمس طويال‪( ....‬و) يدىل رباط يحيط‬
‫بالخارصة إىل الدبر حتى يلف بدوره ليشكل ذنبا طويال كثا‪ ،‬حيث يتم إبراز األعضاء التناسلية»‪.‬‬
‫ويف احتفال "باشيخ" بالريف‪ ،‬يقوم بعض املمثلني بربط حوافر األكباش عىل أيديهم بطريقة تجعلها تتدىل وتتحرك يف‬
‫استقالل عن باقي الجسد‪ ،‬ويستعيدون التحكم فيها باملسك من حني آلخر كلام احتاجوا إليها للمس طفل أو شخص‬
‫ما أو للدفاع بها عن أنفسهم ضد املتفرجني أو املمثلني اآلخرين‪..‬‬

‫‪- 100 -‬‬

 ‫الثقافة األمازيغية والجسد‬

‫الثقافة األمازيغية هي الثقافة األصيلة لشعوب شامل إفريقيا‪ ،‬وتتميز بكونها تعتمد عىل اللغة األمازيغية‪/‬الرببرية‪،‬‬
‫وظلت لقرون طويلة شفهية تقوم عىل التعابري األدبية التقليدية كالحكاية واألمثال واأللغاز والشعر‪ ،‬وعىل التقاليد‬
‫املتوارثة كاالحتفاالت الجامعية الدينية واالجتامعية والزراعية‪ .‬وتتميز بتنوع شديد يف فنون الغناء والرقص‬
‫كاألحيدوس واألحواش والركادة‪ ...‬وتتميز أيضا بتنوع مؤثراتها التي جاءت من الديانات التي تعاقبت وعاشت يف‬
‫شامل إفريقيا كالوثنية واليهودية واملسيحية واإلسالم‪ ،‬أو التي جاءت من الحضارات التي احتكت بها مبارشة‬
‫كالرومانية واإلغريقية والعربية‪.‬‬
‫ومن أهم ما تتميز به العادات والتقاليد األمازيغية اهتاممها بالجسد كوسيلة للتعبري عن معتقداتها وتصوراتها‬
‫وانتامءاتها القبلية واالجتامعية‪ ،‬والتي كانت تظهر بوضوح يف الوشم عند النساء وتصفيف الشعر عند الرجال‪ ،‬ويف‬
‫شكل تقديم مظهره يف األعياد واالحتفاالت‪.‬‬
‫فكيف تم التعامل مع الجسد يف االحتفاالت الشعبية األمازيغية؟‬
‫وما هي التقنيات والوسائل املستعملة يف هذا التعامل؟‬
‫وما هي دالالت وغايات تسخري الجسد يف هذه االحتفاالت؟‬

‫‪1‬ـ الجسد يف االحتفاالت الشعبية األمازيغية‬

‫شكل الجسد يف العديد من االحتفاالت الشعبية األمازيغية التقليدية مجاال واسعا للتعبري عن متثالت جامعية‬
‫متناقضة ومتنافرة‪ ،‬فهو مجال للقوى الغيبية‪ ،‬وجامع لرموز دينية وروحية مختلفة ولتصورات ثقافية محلية خاصة‪،‬‬
‫ومحل للقداسة والنجاسة يف اآلن نفسه‪ ...‬تعطى له قيمة سامية ويصبح املركز يف اللعب‪ ،‬ويعامل أيضا خالل ذلك‬
‫بكثري من االحتقار واالزدراء‪ ،‬فهو مرة ميتلك قوى روحية طيبة تدفع الرش واألذى‪ ،‬ومرة تسكنه قوى شيطانية يجب‬
‫تجنبها واالحتامء منها‪ ،‬ومرة أخرى تختلط فيه كل هذه املعاين وسواها‪ .‬إنه جسد يعرب عن التعدد واالنفتاح‪ ،‬ويصالح‬
‫بني الدنيوي والغيبي وبني األريض والساموي‪ ،‬ويصنع لنفسه فرصا لالنعتاق والتحرر من قيود التحريم والتجريم‪.‬‬
‫ويعرب هذا الجسد عن نفسه وعام يدل عليه ـ من حيث املكان ـ يف الساحات العمومية للقرى واملدن‪ ،‬ومن حيث‬
‫الزمن ـ يف األعياد الدينية واملناسبات االجتامعية الكربى‪ ،‬ملا تتعطل ـ إىل حني ـ كل محرمات النظام الرسمي‬
‫وممنوعات التعاليم الدينية‪ ،‬فيخلق فضاء للحياة املتحررة الزاخرة بالصور الفانطازية والراديكالية الالمعقولة الباعثة‬
‫عن املرح واللعب الصاخب الذي يكرس الروتني الرسمي اليومي‪ .‬ويحرض ـ يف العديد من األحيان ـ يف صيغة املهرج‬
‫الساخر والقبيح الضاحك‪ ،‬ويف صور متتزج فيها سامت شخصيات أسطورية مع أخرى دينية وشعبية تحتفل وترقص‬
‫وتعربد‪.‬‬
‫تعددت االحتفاالت الشعبية األمازيغية التي يتوجه فيها الجسد إىل اللعب املتهتك واملتحرر‪ ،‬كـ ئيمعشارن وتشعالت‬
‫و قيبو وبركاشو‪ ..‬ويصل هذا اللعب يف بعضها إىل أقىص الدرجات املمكنة من «النشاز وعدم التناسق‪ ،‬املرعب‬