Académique Documents
Professionnel Documents
Culture Documents
. 1مقدمة
. 2المبحث األول :تعريف االوقاف.
. 3المبحث الثاني :نشأة األوقاف.
. 4المبحث الثالث :أركان األوقاف و أنواعها.
. 5المبحث الرابع :اأهداف االوقاف.
. 6المبحث الخامس :أسهامات االوقاف.
. 7نماذج عن االوقاف في الجزائر.
. 8الخاتمة.
المقدمة:
تمثل األوقاف في العهد العثماني إحدى العناصر الحيوية التي شكلت أساسًا للحياة
االقتصادية واالجتماعية في هذه الفترة الزمنية الهامة .كانت األوقاف ،كمؤسسة دينية
دورا حيويًا في توجيه الثروة وتمويل المشروعات الخدمية واإلنسانية.
واجتماعية ،تلعب ً
صا دقيقًا للسياق التاريخي واالقتصادييستدعي فهم دور األوقاف في العهد العثماني فح ً
واالجتماعي الذي تأثرت به هذه المؤسسة.
في هذا البحث ،نسعى الستكشاف أعماق األوقاف في العهد العثماني وكيف أصبحت جز ًءا
ال يتجزأ من نسيج هذا اإلمبراطورية الرائعة .سنقوم برحلة عبر الزمن الستعراض السياق
التاريخي الذي شكّلت فيه األوقاف نسي ًجا حضاريًا .سنلقي الضوء على اإلطار التشريعي
الذي رافق تطوير األوقاف ،مركزين على كيف أدارت الدولة العثمانية هذه الثروة الدينية.
. 1المبحث األول :تعريف االوقاف:
تعريف الوقف : .I
لغة :الوقف في اللغة مصدر لفعل وقف يقف وقوفا ،وجمعه أوقاف ويطلق لفظ الوقف في
اللغة سوار من العاج يقال وقفت كذا ،أي حبسته وهو بمعنى الحبس و المنع ،وفي لسان
العرب يقال حبس أحبس ،1وقد جاء في مقاييس اللغة الواو والقاف و الفاء أصل واحد ،
حبسا وأحبست تعني وقفت يدل على تمكن في الشيء ثم يقاس عليه ومنه وقفت 2الدابة
ووقفت الكلمة وقفا وهذا متعمد فإنكان لزوما قلت وقفت وقوفا .3
اصطالحا :إن هذا التعريف أقرب التعريفات لمعنى الوقف ألنه مقتبس من قول النبي صلى
هللاا عليه وسلم أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر فأتى الرسول صلى هللاا عليه وسلم
يستأمره فيها فقال يارسول هللاا أني أصبت أرضا بخيبر ولم أصب ماال قط فما تأمر به قال
إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال فتصدق عمر في الفقراء وفي القريب وفي الرقاب
وفي سبيل هللاا وابن السبيل والضيف فال جناح عن من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو
يطعم صديقا غير متولى فيه .4
تعريف الوقف عند المالكية : . II
هو حبس العين عن التصرفات التمليكية مع بقائهاعلى ملك الواقف والتبرع الالزم بربعها
على جهة من جهات البر ،كما عرف المالكية الوقف على أنه التصدق بانتفاع بالشيء مدة
وجوده فالمالكية يجعلون الوقف عقد تصرف الزم ال يجوزالرجوع فيه وال التصرف فيه
بأي نوع من أنواع التصرفات التاقلة للملكية ،وتبقى العين الموقوفة ٕذا مات ال تورث عنه
ويجيزون الوقف مؤقتا على ملك الواقف مع منعه من التصرف بالبيع .
تعريف الوقف عند الحنفية : . III
هو حبس العين على الملك الواقف و التصرف بنفقتها على جهة من جهات البر في الحال
أو في المال ،فالواقف عندهم ال يخرج المال المحبس إن مات ينتقل عن ملك واقفة بل يبقى
على ملكه يجوز له التصرف فيه بكل أنواع التصرفات إلى ورثته من بعده ،حيث كل ما
يترتب عن الوقف هو التبرع بالمنفعة ويجو ز الرجوع عنه في كل وقت وبقوله حبس العين
على حكم الملك الواقف والتصدق بالمنفعة على جهات الخير.
1السيد سابق :فقه السنة ،ط ، 1دار اإلعالم العربي ،مصر 2004 ، ،ص .106
2ابن منظور :مصدر سابق ،ص .969
3ابن فارس :معجم مقاييس اللغة ،ج ، 6ص . 135
- 4ناصر الدين سعيدوني :دراسات تاريخية في الملكية و الوقف والجباية الفترة الحديثة ،دار الغرب االسالمي ،بيروت
، 2001 ،ص . 229
. 2المبحث الثاني :نشأة األوقاف:
عرف الوقف في الجزائر منذ القدم و هذا قبل مجيء العثمانيين،حيث كانت تركز
األوقاف في تشييد المساجد و تحبيس العقارات من أجل شتى الخدمات العلمية و
االجت ماعية المخولة لها و التي كانت الجزائر بحاجة إليها آنذاك و لحد اليوم،فضال عن
ذلك كان هناك إنفاق على الفقراء و المساكين و المحتاجين،حيث شهدت بالد
المغرب العربي الكبير تواجد عدة أوقاف و منها مسجد و مدرسة سيدي أبو مدين
شعيب،و كذلك حوالي ثالثة و عشرون( ) 23وقفا عقاريا داخل و خارج مدينة
تلمسان يرجع تاريخها إلى سنة- 906هــ 1500م،كما قدرت أوقاف جامع عبد هللاا صفر
المعروف ب جامع السفير بـ 100هكتار سنة 640هـ 1540م .5
انتشرت المؤسسات الوقفية في الجزائر أكثر منذ تواجد األتراك فيها حيث عملوا
على ذلك في كل الدوائر اإلدارية التابعة للحكم العثماني في الفتر ة الممتدة بين أواخر
1القرن 15م حتى مستهل القرن م .196
.كما اتصفت هذه الفترة بازدياد الطرق الصوفية و الزوايا ،خاصة في المدن أينما كان
هناك ما يسمى الو قف األهلي و الذي تتقاسمه المؤسسات الدينية،أما في األرياف فقد كان
يسودها الوقف الخيري إذ كان يعود مردودها للمساجد و الزوايا و ما يالحظ أنه في سنة
1750م تضاعفت األوقاف اثني عشرة ( ) 12مرة مقارنة بـسنة1600م حتى أصبحت
تشكل األوقاف 66%من مجموع الممتلكات العقارية و الزراعية و من خالل هذا يالحظ
بأن للعثمانيين آنذاك دور هام في تكريس نظاماألوقاف في الجزائر عبر عدة دوائر إدارية ،
و نظرا ألهميتها في الحياة االجتماعية للجزائريين أصبح االلتزام الضروري ،و هذا ما أدى
بتطور نظامها(األوقاف) بسرعة وجيزة و بنسبة البأس بها خالل 150سنة كما ساهمت
عدة عوامل في انتشار الوقف في الجزائر ،فباإلضافة إلى الوازع الديني ،حب الخير ،العلم
و إصالح المجتمع ،كانت هناك عوامل أخرى من بينها رغبة المحبسين في توفير مصدر
رزق دائم ألفراد أسترهم ،حفظ حقوق اليتامى ،األرامل و القصر با ...إلضافة إلى العامل
الرئيسي و هو كون الوقف صدقة جارية تبقى في ميزان حسنات األشخاص المساهمين في
ذلك .و هنا تظهر مكانة الجزائريين في تكريس مبدأ التعاون و التضامن و فعل الخير .
- 5عبد الرحمن بوسعيد ،األوقاف و التنمية االقتصادية و االجتماعية بالجزائر ،مذكرة ماجيستير ،تخصص الدين
و ا تمع ،قسم علم الفلسفة،كلي ة العلوم االجتماعية،جامعة وهران2012 ،2011 -ص .28
- 6خير الدين بن مشرنن ،إدارة الوقف في القانون الجزائري ،مذكرة ماجيستر في الحقوق ،تخصص قانون االدارة 1
المحلية،كلية الحقوق ،جامعة أبي بكر بلقايد-تلمسان 2011 -2012 ، - ،ص .11
أنظر كذلك : -صالح صالحي،نوال بن ع مارة،الوقف اإلسالمي و دوره في تحقيق التنمية المستدامة(عرض للتجربة
الجزائرية في تسيير األوقاف)،ا لة الجزائرية للتنمية االقتصادية،العدد 01 ،جامعة ورقلة ،ديسمبر2014 ،ص .159
" و من جانب آخر و في أواخر القرن الثامن عشر ق( )18عرفت الجزائر ظروف صعبة
أدت إلى تعسف الحكام و هو ما كان سببا بالنسبة للجزائريين إلى تحبيس أمالكهم تحت اسم
ال حبوس (الوقف) حتى ال تؤول إلى الهيئات التي كانت تستولي
على األمالك التي ال ورثة لهم و تضعها تحت إشراف بيت المال و هذا ما أدى إلى انتشار
الوقف بشكل كبير في هذه الفترة" إذ ما يالحظ من خالل هذا أن مبدأ عدم الثقة بين الحكام
و المحكومين آنذاك أدى إلى تكريس نظام الوقف ال بغية و إنما خوفا من االستيالء عليها و
لكن تبقى لكل نيته في ذلك.و هنا يتضح بأن الهيئة التي كانت تنظم الوقف في هذا الوقت
هي بيت المال .
. 3المبحث الثالث :أركان األوقاف و أنواعها:
أركان الوقف :إن العقود التي يبرمها اإلنسان والتي يترتب عليها أحكام شرعية إما أن
تكون ذات طرفين كالبيع و الشراء و اإلجازة وهذه العقود تتوقف على تبادل اإلرادة بين
المتعاقدين إ ما أن تكون وحيدة الطرف و الوقف يعتبر واحد من هذه العقود الوحيدة
باإليجاب و القبول وبهذا فإن الو قف كسائر التزامات العقود وتتمثل في :
صيغة العقد :هو عقد الوقف الذي يثبت بموجبه الوقف و يحمل جميع الشروط للوقف
بمعنى أن الصيغة هي كل ما بدل على تحبيس العين وال يحتاج إلى قبول الموقوف عليهم
خاصة إن كان الموقوف عليهم جهة خير كالمسجد وقد يكون أشخاصا غير معينين فقراء
ومساكين .7
الواقف :هو صاحب الشيء المراد وقفه.
الموقوف :وهو الشيء المراد وقفه " العين المحبوسة" من أراضي زراعية وعقار ...الخ
الموقوف عليه :وهو الجهة المستفيدة من الوقف.
أنواعه :ينقسم الوقف باعتبار الجهة األولى التي وقف عليها إلى عدة أنواع هي :
الوقف خيري – العام :-هو الذي يقصد به الواقف التصدي على وجه البر سواء أكان على
أشخاص معينين أو كان على جهة من جهات البر ويعتبر هذا الوقف هو النوع السائد الذي
حصل من الصحابة رضوان هللاا عليهم .8
7وهبة الرخيلي :الوصايا و الوقف في الفقه االسالمي ،دار الفكر ،دمشق ، 1993 ،ص .109
- 8محمد ابراهيم نقاسي :الصكوك الوقفية ودورها في التنمية االقتصادية من خالل تمويل برامج التأهيل وأصحاب المهن 49
و الحرف ،المؤتمر االسالمي للنمو المستدام و التنمية االقتصادية الشاملة من المنظور االسالمي ،قطر ، 2011 ،ص
.9
الوقف األهلي – الخاص -:هو الوقف الذي يكون ابتداءا على نفس الواقف أو ذريته أو
عليهما أو على شخص معين ثم من بعدهم إلى إحدى جهات البر.
الوقف المشترك :هو الذي يجمع بين الوقف األهلي و الذري ثم ابتداءا على الذرية وعلى
جهة من جهات البر في وقت واحد حيث يجعل فيه الواقف نصيبا من العين الموقوفة محددا
أو مطلقة و الباقي للذرية و البر .9
. 4المبحث الرابع :اأهداف االوقاف:
الهدف العام :إن الوقف يحفظ لكثير من الجهات العامة حياتها ،حيث أنه يضمن لقمة
العيش لكثير من طبقات األمة ،فهو يمتاز عن غيره من أوجه البر باالستمرارية و الديمومة
كما أن أغراض الخير فيه شاملة وواسعة . 10
الهدف الخاص :توجد هناك العديد من الدوافع التي تدفع االنسان للقيام بأعمال الخير منها:
الدوافع االجتماعية :التي تكون نتيجة الشعور بالمسؤولية تجاه الجماعة ،األمر الذي يدفعه
إلى تخصيص شيء من أمواله لتستفيد منه جهة معينة .
الدوافع العائلية :حيث يدفع الواقف الرغبة في تأمين مورد ثابث للعائلة يكون ضمانا
لمستقبلهم في حالة الحاجة و العوز فهو يغلب العاطفة النسبية على أي مصلحة شخصية .
دوافع أخرى :كالدافع الديني من أجل نيل ثواب اآلخرة و الدافع الغريزي و المتمثل في
الرغبة في المحافظة على ما تركه اآلباء و األجداد من اإلسراف وذلك من خالل حبس
العين عن إ باحة المنفعة و الذي ال يكون إال في معنى الوقف .11
. 9المبحث الخامس :أسهامات االوقاف:
لقد ساهمت العديد من الجهات في الوقف نذكر منها :
إسهام الحكام :أسهم العديد من الدايات و البايات في الوقف اسهاما كبير ا من خالل
إنشاء العيون و المساجد ( الجامع األعظم) و مؤسسة الحرمين الشريفين ،ففي سنة
1121ه1709 /م قام الداي محمد بقطاش( ) 1705-1707بتأسيس زاوية
األشراف 12
- 9خالدي خديجة :دور المؤسسة الو قفية في تحقيق التكافل االجتماعي ،مجلة كلية العلوم االقتصادية و التسير 50 ،
جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان 2006 ، ،ص . 289
- 10عبد هللاا بن ناصر السدحان :توجيه مصارف الوقف نحو تلبية احتياجات المجتمع ،بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني 51
لألوقاف الصيغ التنموية و الرؤى المستقبلية 2006 ، ،ص . 13
11المرجع نفسه ،ص .13 -14
12نصر الدين سعيدوني :دراسات في الملكية العقارية ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر ، 1986 ،ص .85
وكان أول من أوقف من الحكام العثمانيين هو أول بيلرباي على الجزائر خير الدين
بربروس الذي قام باعتقاق خادمه صفر بن عبد هللاا وبنى جامعا سماه على إسمه
13ويعرف حاليا باسم جامع السفير.
إسهام العلماء :من بين العلماء الذين أوقفوا ممتلكاتهم أحمد بن المرحوم محمد المبارك
الفقيه الذي حبس الدار الموجودة بكوشة علي و كذلك أحمد الزروق الذي حبس البساتين
بمنطقة بوزريعة .14
إسهام الجيش:
لقد اهتم العسكريون بالوقف و أسهم العديد منهم فيه باختالف رتبهم من األعلى إلى األدنى.
- 13عبد القادر دحدوح :مدينة قسنطينة خالل العهد العثماني ،دكتوراء ،معهد اآلثار جامعة الجزائر 54 2 009 - 2 ،
، 2010ص .133
14أبو القاسم سعد هللاا :تاريخ الجزائر الثقافي ،مرجع سابق ،ص .392
. 10نماذج عن االوقاف في الجزائر:
مؤسسة الحرمين الشريفين :يعود تأسيس األوقلف لصالح الحرمين الشريفين في الجزائر
إلى العهد اإلسالمي األول ،حيث ال تعرف أهميتها وال كيفية تسييرها اذ اننا نفتقر ل
معطيات دقيقة حول األوقاف التي خصصت في الجزائر للحرمين الشريفين في الفترة
السابقة للوجودالعثماني ،فإنه من المؤكد أنها وجدت ،ولكن تكاثرت بشكل كبير خالل
العهد العثماني وأصبحت إحدى المؤسسات الهامة من حيث اسهامها في الحياة االقتصادية و
االجتماعية و الثقافية .15
إن أموال أوقاف الحرمين الشريفين كانت توجه إلى فقراء مكة و المدينة في مطلع كل
سنتين ولضمان وصول المداخيل إلى عن طريق مبعوث شريف مكة بواسطة أمير ركب
الحجازالحرمين الشريفين وجدت قوائم مفصلة ألنواعها ترسل باسم داي الجزائر وتختم
بختم الحرمين داللة على وصولها كاملة بعد عودة وفد الحجيج إلى الجزائر العثمانية ،
وكذلك تقدم اإلعانات و المساعدات ألهالي الحرمين المقيمين بالجزائر أو المارين بها بعد
التأكد من صحة انتسابهم لألماكن المقدسة.
كانت أوقافها تتراوح مابين 1357و 1558ملكية عقارية حسب ما أورده دوفو اعتمادا
على سجالت :16
15صالح عباد :الجزائر خالل الحكم التركي ،دار هومة ،الجزائر 2005 ، ،ص .56
16نصر الدين سعيدوني :المرجع السابق ،ص .239
مؤسسة سبل الخيرات الحنفية :
لقد اكتسبت هذه المؤسسة أهمية خاصة في مدينة الجزائر أثناء العهد العثماني منذ
تأسيسها والذي يرجعه بعض المؤرخين إلى عام 999ه/1584م وهناك من يرجعه إلى
1590م تعود تسميتها إلى أوقاف األحناف بسبل الخيرات لتقوم بإدارة المساجد و
األوقاف الحنفية ،17مؤسسها هو شعبان خوجة ،تحتل المرتبة الثانية بعد مؤسسة
الحرمين الشريفين من حيث وفرة مداخيلها.
ونظرا النتمائها إلى المذهب الحنفي ونعني بذلك الطائفة التركية و جماعة كانت تشرف
على العديد من الكراغلة التي كانت توقف أمالكها لفائدة المساجد الحنفية
المساجد :مثل جامع صفر و جامع السيدة وجامع شعبان خوجة وجامع كتشاوة ،حيث
بلغ عدد المساجد .818
مؤسسة أوقاف بيت المال :
تعتبر هذه المؤسسة من التق اليد العريقة لإلدارة اإلسالمية في الجزائر والتي تدعمت في
العهد العثماني ،وهي مؤسسة ذات وظيفة رسمية وطبيعة اجتماعية خيرية فكانت تتولى
إعانة أبناء السبيل و اليتامى و الفقراء و المساكين و األسرى ،كما تهتم بشؤون الخراج
وشراء العتاد وتشرف على إقامة المرافق العامة من طرق وجسور وتشييد أماكن العبادة
كانت هذه المؤسسة بدورها توزع ما تتلقاه من صدقات وماتديره األوقاف من مداخيل
المسافرين في حالة الضرورة ،كما تنفق في سبيل الرقيق كما كانت تتصرف في الغنائم
التي تعود للدولة ،يشرف على هذه المؤسسة أمين يسمى يبت المالجي وأمانة بيت المال
وظيفة رسمية إذا قيست بوظيفة الوكالء لذلك كان الباشا يعين أحد القضاة ليساعد أمين
بيت المال في إدارة المؤسسة .19
مؤسسة أوقاف الجند و الثكنات:
أوقفت عدة أمالك داخل مدينة الجزائر وخارجها لإلنفاق على المعوزين من الجند وصيانة
بعض الثكنات و الحصون و األبراج ،فضال عن العديد من المرافق العامة كالطرق
والعيون و السواقي ،كل هذه المرافق كانت تخص بالعديد من األوقاف وخصص كل هذه
المرافق العامة وكيل خاص يرعى أوقافها ويتعهد بشؤونها مثل وكيل العيون و السواقي
- 17ناصر زكية زهرة :األهمية التاريخية ألوقاف األحناف بمدينة الجزائر ،مجلة دراسات انسانية ،جامعة الجزائر 63 ،
، 2001ص .152
18نصر الدين سعيدوني :الوقف في الجزائر ...مرجع سابق ،ص .92
- 19خير الدين موسى قنطاري :عقود التبرع الواردة على الملكية العقارية للوقف ،ج 1 ،ط 1 ،دار زهران للنشر و التوزيع 68 ،
عمان 2012 ، ،ص . 135
الذي كان مدخوله من األوقاف التي يشرف عليها يبلغ 150ألف في السنوات األولى من
اإلحتالل .20
في ختام هذا االستعراض السريع لدور األوقاف في العهد العثماني ،نجد أن هذه المؤسسة لم
مصدرا للدخل الديني ،بل كانت حجر الزاوية في بناء مجتمع راسخ القيم
ً تكن مجرد
والتضامن .كانت األوقاف ليست مجرد مؤسسة تمويل ،بل كانت أيضًا محركًا للتنمية
االقتصادية واالجتماعية ،تعزز التعليم وتوفير الخدمات الصحية للمجتمع.
تأتي أهمية دراسة األوقاف في العهد العثماني من قدرتها على الربط بين العناصر الدينية
ً
تفاعال حيويًا بين الفرد والمجتمع والدولة. واالقتصادية واالجتماعية ،حيث كانت تعكس
اال في تعزيز الحضارة وبناءدورا فعّ ً
بفضل هذا التفاعل ،استطاعت األوقاف أن تلعب ً
مستقبل مستدام.
مع مرور الزمن ،وكما هو الحال مع كل تطور تاريخي ،واجهت األوقاف تحديات
وتغيرات .استمرار تأثيرها اإليجابي يعتمد على قدرتها على التكيف مع التحوالت
االقتصادية واالجتماعية .إن استمرار االستثمار في هذه المؤسسة الدينية يعكس التزا ًما
بتعزيز الرفاهية وتحسين جودة حياة المجتمع.
في النهاية ،نرى أن دراسة دور األوقاف في العهد العثماني تعتبر أكثر من مجرد رحلة في
دورا حيويًا في بناء مجتمع
التاريخ ،بل هي استكشاف لكيف يمكن للقيم الدينية أن تلعب ً
مترابط ومزدهر.
قائمة المصادر و المراجع:
. 1ابن منظور جمال الدين محمد بن مكرم األنصاري :لسان العرب ،ج 18،دار صادر
للنشر ،ط ، 6بيروت .1997 ،
. 2ابن حموش مصطفى :مساجد مدينة الجزائر في العهد العثماني ،ط ، 10دار األمة
للنشرو التوزيع ،الجزائر.
. 3ناصر زكية زهرة :األهمية التاريخية ألوقاف األحناف بمدينة الجزائر ،مجلة دراسات
انسانية ،جامعة الجزائر .2001 ،
. 4نصر الدين سعيدوني :الوقف في الجزائر.
. 5ابن فارس :معجم مقاييس اللغة ،ج .6
. 6أبو مصطفى كمال :جوانب من حضارة المغرب اإلسالمية من خالل نوازل الونشريسي
،مؤسسة شباب الجامعة ،االسكندرية .1997 ،
. 7السدحان عبد هللاا بن ناصر :توجيه مصارف الوقف نحو تلبية احتياجات المجتمع ،
. 8بحث مقدم إلى المؤتمر الثاني لألوقاف الصيغ التنموية و الرؤى المستقبلية .2006 ،