‫المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية‬

‫طلبة السنة األولى ليسانس‬

‫مقياس‪ :‬مدخل إلى علم القانون‬
‫المحاضرة األولى‬
‫ماهية القانون‬
‫اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه فهو يعيش منذ األزل في عائالت وقبائل وجماعات‪،‬‬
‫فكان بذلك ضرورة لضبط هذه العالقات والتفاعالت االجتماعية بداية من قواعد الدين‬
‫واألخالق‪ ،‬وصوال إلى القانون لضمان تحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬فالقانون بحد ذاته مر بعدة‬
‫مراحل وعرف تطورا من حيث المكان والزمان عبر تراكمات تاريخية عديدة وهامة‪،‬‬
‫انطالقا من القوانين القديمة كقانون حمورابي والقانون الروماني مرورا بتجارب دول عملت‬
‫على تطوير القانون عبر اجتهادات فقهية وقضائية وصوال إلى التقنيات الحديثة‪ ،‬ولفهم‬
‫القانون ومعرفة مصادره ووظائفه وفروعه وعالقته بالعلوم االجتماعية االخري‪ ،‬وكيفية‬
‫تطبيق قواعده والى جانب ذلك البد من البحث عن أصله وهو ما سيتضح من العناصر‬
‫الموالية‪:‬‬
‫تعريف القانون وتحديد وظيفته‪:‬‬
‫القانون والمجتمع أمران متالزمان فوجود القانون لتنظيم وضبط العالقات االجتماعية‬
‫وبالتالي وجد القانون لحاجة المجتمع فال وجود لمجتمع دون قانون وال وجود للقانون دون‬
‫مجتمع بالتالي القانون والمجتمع وجهان لعملة واحدة‪.‬‬
‫‪ /1‬تعريف القانون‪ :‬كلمة قانون هي كلمة يونانية األصل ‪ KANUN‬ومعناها العصا‬
‫المستقيمة‪ ،‬ويقصد بها للداللة على االستقامة في القواعد والمبادئ القانونية‪ ،‬وانتقل هذا اللفظ‬
‫إلى عدة لغات لتعبر عن القانون ايضا مثل اللغة الفرنسية ‪ DROIT‬للداللة على االستقامة‪،‬‬
‫فكلمة القانون تعبر عن نوع من النظام الثابت‪ ،‬ويعتبر معيارا لقياس مدى االنحراف عن‬
‫الشيء الثابت‪.‬‬
‫فالقانون يحمل معنى االستقامة في المجال القانوني ومدى تعاطي الفرد اتجاه القاعدة‬
‫القانونية من احترام طواعية فهذا داللة على انه على الطريق المستقيم وإذا لم يكن ذلك‬
‫فسلوكه يعتبر منحرف‪.‬‬
‫فتعريف القانون من خالل هذا اللفظ اللغوي ومن خالل كونه ضرورة اجتماعية يمكن‬
‫أن نصل إلى التعريف بالشكل التالي‪ :‬القانون هو مجموعة القواعد القانونية التي تضبط‬
‫وتنظم عالقة األفراد داخل المجتمع في مكان معين وزمان معين وهذا التعريف يمكن اعتباره‬
‫المعنى الواسع للقانون وهو مجال دراسة مدخل العلوم القانونية‪ ،‬ويراد أو يقصد بالقانون‬
‫بمعناه الضيق مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية لتنظيم مسالة معينة‬
‫كقانون المحاماة وقانون العمل وعليه‪:‬‬
‫المعنى الواسع للقانون‪ :‬هو مجموعة القواعد التي تقرها الدولة لتحكم سلوك‬
‫األشخاص الملزمين باحترامها ولو بالقوة عند اللزوم‪.‬‬
‫المعنى الضيق للقانون‪ :‬مجموعة القواعد الملزمة التي تصدرها السلطة التشريعية‬
‫لتنظيم عالقات األفراد ببعضهم أو عالقتهم بالدولة في احد مجاالت الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫من خالل التعريفين يمكن القول بان القاعدة القانونية هي الوحدة المكونة للقانون‬
‫كما يلفظ بالقانون للداللة على فرع من فروع القانون مثل قانون العمل‪ ،‬القانون‬
‫التجاري‪ ،‬قانون األسرة‪ ،‬ويقصد به مجموعة القواعد القانونية التي تنظم عالقات األفراد في‬
‫مجال معين ( القانون التجاري‪ ،‬قانون العمل مثال )‬
‫ومن الضروري التمييز بين عدة مصطلحات في هذا المجال وهي‪ :‬القانون والتشريع‬
‫والتقنين فالقانون أوسع واشمل للتشريع والتقنين يعني أن كل تشريع وتقنين يعتبر قانون‬
‫والعكس غير صحيح‪ ،‬أي ال يمكن اعتبار كل قانون تشريع أو تقنين‪ ،‬الن كل من التشريع‬
‫والتقنين يجب أن يكون نصا مكتوبا وصادرا على السلطة التشريعية المختصة في الدولة‪،‬‬
‫لكن القانون يشمل ايضا القواعد الملزمة االخري من قواعد عرفية وقضائية وأخالقية ودينية‬
‫وهو ما سيتضح الحقا عند تناول موضوع مصادر القانون‪.‬‬
‫‪ /2‬أهداف القانون‪:‬‬
‫من خالل تعريف القانون نستخلص انه يهدف إلى ضبط وتنظيم المجتمع أي تنظيم‬
‫العالقات االجتماعية بقواعد قانونية وبتحقيق هذا التنظيم فهو أكيد سيضمن العدل واألمن‬
‫واالستقرار‬

‫أ ‪ /‬القانون وتنظيم المجتمع‪ :‬ال يمكن تصور مجتمع بدون قانون وال وجود للقانون‬
‫دون مجتمع فهما أمران متالزمان ومرتبطان ارتباطا وثيقا إذ يمكن اعتبار‪:‬‬
‫القانون حقيقة مطلقة‪ :‬فلكون القانون ضرورة اجتماعية فهذا يعني انه هو الذي يقيد‬ ‫‪-‬‬
‫أفراد المجتمع في استعمال حريتهم‪ ،‬وذلك بوجود سلطة تسهر على احترامه وحماية‬
‫األفراد‪ ،‬ومن جهة اخرى فالقانون يحدد حقوق األفراد ووسائل حمايتها‪ ،‬كما يحدد‬
‫واجبات األفراد اتجاه مجتمعهم(الدولة) وكيفية احتكاكهم مع الغير‪ ،‬فالقانون يحدد حدود‬
‫حريات األفراد ويزيل ما بينهم من تعارض ويوفق بين مصالحهم‪ ،‬ويحدد القانون بذلك‬
‫ما للفرد من حق وماهو واجب وبهذا يعتبر القانون حقيقة مطلقة أي مرتبط ارتباطا‬
‫بالمجتمع‪ ،‬فهو الزم من لوازم المجتمع وهو ثمرة المجتمع ينشأ تلقائيا فأينما توجد‬
‫جماعة يوجد قانون‪.‬‬
‫القانون حقيقة نسبية‪ :‬لكونه وليد البيئة االجتماعية فهو يترجم المجتمع وحضارته‬ ‫‪-‬‬
‫انطالقا من الظواهر الدينية واألدبية واألخالقية والفنية‪ ،....‬وبمرور الزمن يتضح أن‬
‫المجتمعات تتغير من وقت ألخر ومن مكان ألخر‪ ،‬وكذا المفاهيم انطالقا من مفهوم‬
‫القانون بحد ذاته وهذا وفقا لعدة اعتبارات وعوامل تتحكم في المجتمع‪ ،‬فنجد أن‬
‫المجتمعات تتغير وبالتالي القانون هو االخر في تغير مستمر وتطور حسب الظروف‬
‫والزمان والمكان حرصا منه ليحقق العدل‪ ،‬فان غابت عنه هذه الغاية يصبح بال غاية‬
‫ويعتبر مجحفا وظالما‪.‬‬